إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التكامل والتوازن في الحياة .. ركيزتا التغيير

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التكامل والتوازن في الحياة .. ركيزتا التغيير

    المحاضرة الاسبوعية لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله)




    بسم الله الرحمن الرحيم


    ‏‏" يَا أَيُّهَا‎ ‎الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ‎ ‎أَلِيمٍ‎ ‎‏*‏‎ ‎تُؤْمِنُونَ‎ ‎بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي ‏سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ‎ ‎وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‎ ‎‏*‏‎ ‎يَغْفِرْ لَكُمْ‎ ‎ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ ‏تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‎ ‎وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‎ ‎‏*‏‎ ‎وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا‎ ‎نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ ‏وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"‏
    صدق الله العلي العظيم
    هل لهذا الليلِ الطويلِ ان ينجلي؟ ‏
    وهل لهذهِ المآسي وهذهِ الكوارثِ من نهايةٌ؟
    الى متى نشمُ رائحةَ البارودِ، ونسمعُ اصواتِ الانفجاراتِ، ونعيش في كابوس الارهاب؟‏
    ومتى تزول حالة الإحباط المتفشية بين الشعوب الاسلامية إلى حدّ اعتقد الجميع أن الظروف القاسية مادامت ‏لم تنتهِ في الفترة الماضية فانها سوف لم تنتهِ ابداً؛ وأخذوا يتساءلون ماذا نصنع حتى نحول هذه المآسي الى ‏آمال والاحباطات الى طموحات والوضع المتردي الى أمن ورفاهية في وقت نرى فيه العالم كله يتقدم ويصل ‏الى ما كان يصبو اليه او دون ذلك بقليل ولكن نحن لا زلنا نعيش الكوابيس الواحدة تلو الاخرى.‏
    من الممكن جدا ان يتحول الوضع الى ما لا نتوقعه ومثل ما حدث في السابق ألم نطلع على ما حدث في ‏الجزيرة العربية قبل وبعد بعثة الرسول (ص) الم تكن تلك الشراذم من البشر تعيش في شغف من العيش ‏تأكل القدة والورق وتشرب ماء الطرق ويلفها كابوس عظيم بعيدا عن الحضارات وبعيدا عن العلم والمعرفة ‏فكيف حولهم النبي (ص) الى تلك الامة الحضارية المنفتحة والتي طوت الحضارات واستطاعت هذه القبائل ‏المتناثرة في الجزيرة العربية في ربع قرن –وبالرغم من إن الدواب كانت وسيلتهم في التنقل والسفن الشراعية ‏كانت وسيلتهم للإبحار في ذلك اليوم- ان تحوّل المنطقة الإسلامية إلى خير امةٍ اخرجت للناس وتبتلع ‏الحضارات البشرية وتصنع حضارة خالدة لا تزال البشرية مدينة لها حتى اليوم.‏
    والسؤال؛ كيف حدث ذلك؟
    ونحن عشنا فترات طويلة نتطلع فيها الى المستقبل. ولكن الاوضاع كما هي تدور في حلقة مفرغة، فمثلاً ‏لعل الشعب الباكستاني اليوم يطرح تساؤلاً فيقول: نحن انفصلنا عن الهند وكونا دولة سميناها بالباكستان أي ‏‏(المنطقة الإسلامية الطاهرة)، ولكن الأمور لم تتحسن بل نجد الظروف الامنية تزداد سوء يوماً بعد يوم، ‏والحال كذلك بالنسبة للجزائر بالرغم من إن الشعب الجزائري –كما تعرفون- أعطى مليون شهيد في ‏حرب التحرير، هذه فلسطين لازالت ترزح تحت وطأة الاحتلال وتمرّ في ظروف غامضة، فاين هو الاسلام؟‏
    اقول بصراحة ان المنهج الذي اتبعه الرسول (ص) في تغيير المعادلة وفي تحويل تلك القبائل المتناثرة في الجزيرة ‏العربية الى امة خالدة هو المنهج الصحيح والمطلوب وبالرغم من إن الرسول (ص) قد ارتحل عنا الا إن نور ‏رسالته وعطر سيرته والقرآن المجيد الذي كان منهجه في الحياة وبرنامجه في التغيير والتطوير والاصلاح كل ‏ذلك لا زال متاحاً لنا ويمكننا أن نتمتع به ونستفيد منه إن أردنا، فالقرآن هو ذات القرآن لم يتغير؛ فلنستمع ‏إلى الآيات المباركة من سورة الصف ونستفيد من تلك الدروس والعبر التي تحتويها ونحولها الى برنامج لحياتنا ‏وبالذات في المناطق الساخنة والمناطق المتوترة في العراق يقول تعالى (يا ايها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة ‏تنجيكم من عذابٍ اليم).‏
    حينما تتدبر وتتأمل في هذه الاية الكريمة تجد ان هناك عذاب اليم ينتظر الناس، فما هو ذلك العذاب ياترى؟
    إن عذاب الدنيا يتمثل في الكوارث الطبيعية من حروب ومن مآسي ومن ارهاب ومن تشتت ومن فقر الى ‏اخره، بينما عذاب الاخرة يتمثل في النار التي يدخلها كل انسان عاش في الجاهلية ولم يتغير ولم يصلح حاله ‏ولم يعمل بما امره الله.‏
    إن الناس في كثير من البلاد سيلاقون الامرين معاً فهم يعيشون بداية في الظروف الصعبة التي كتبتها ‏السياسيات الباطلة ثم ينتقلون إلى حياة صعبة اخرى لا يموتون فيها ولا يحيون والسبب أنهم سكتوا على ‏الظلم أو شاركوا الظالمين ولم يعملوا بما امرهم الله سبحانه وتعالى، حيث يقول الحديث الشريف (من شارك ‏في قتل نفس محترمة بشطر كلمة ‏‎]‎كما لو كتب وشاية تسببت في قتل إنسان ما‎[‎‏ بعث يوم القيامة مكتوب ‏على جبهته آيسُ من رحمة الله).‏
    فلعل البعض كان يوماً ما جزءاً من منظومة الدكتاتورية السابقة؛ ولاعتبارات أخرى كان ملاحقا من نفس ‏الدكتاتور، وبالتالي فهو غير مرتاح في الدنيا وسوف يقف مسؤولاً يوم القيامة، وهذا ما حدث لكثير من ‏الناس.‏
    وهذه المسؤولية لا تقتصر على هذا النمط من الناس بل تشمل أيضاً من تقاعس عن الجهاد في عهد ‏الطاغوت لأن القرآن الكريم يقول: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله باموالكم) فلا يكفي ان ‏تؤمن بالله في ايام الطاغوت وتقول آمنت بالله وبالرسول واتوب الى الله بل لا بد ان تجاهد أيضاً.‏
    من كان -يوم ما- جزءاً من النظام الفاسد وجزءاً من المجموعة التي كانت تسير في الاتجاه الخاطئ فلا يكفيه ‏اليوم ان يتوب توبةً واحدة لا بد ان يتحول الى مجاهد حتى يقبل الله توبته وهذه البصيرة والثقافة الالهية هي ‏التي حولت اهل الجزيرة العربية من أناسٍ كانوا يعيشون حالة من الطغيان ومزاولة الذنوب والركون إلى ‏اسفل السافلين الى ارقى ما يمكن أن تتحول إليه الأمم؛ فإذا اردنا التخلص من النار والعذاب الأليم فلابد أن ‏نتحوّل تحولاً كلياً وهذه هي التجارة المربحة التي تحدث عنها القرآن الكريم؛ فالسؤال ماذا ستدفع أنت لله في ‏هذه التجارة العظيمة، الذي تدفعه هو الجهاد والذي تحصل عليه هو غفران الذنوب.‏
    فالتوبة ليست باللسان فقط إنما بالعمل والاخلاص واصلاح ما فسد، فلو أكلت حق شخص ما –على سبيل ‏المثال- فلا يكفي أن تتوب إلى الله والله لا يقبل توبتك قبل أن ترجع حق هذا الشخص، وكذلك الحال ‏بالنسبة إلى الشخص الذي كان يعيش في العراق او الجزائر او باكستان ومسانداً لأفعال الطاغوت ومسانداً ‏بصورة او بأخرى في تكريس الفساد فلا يكفي أن يتوب إلى الله بل عليه ان يردم الفجوات التي صنعها ‏الطاغوت وان يصلح ما افسده الطاغوت وبذلك تتم التوبة الصادقة فإذا جاهدت في سبيل الله فأن الله ‏سبحانه وتعالى سوف يغفر لك كل الذنوب ويدخلك جنات تجري من تحتها الانهار؛ وهذا ما يحدث في ‏الاخرة؛ اما في الدنيا فهو تحقيق ما نتوق إليه من النصر الإلهي والفتح القريب؛ ولا يتوقف الأمر على هذا ‏الحد بل ولابد من بشارة المؤمنين بهذا الأمر أي أن المجتمع الذي كان يعيش في عصر الطاغوت وكانت ‏المفاسد الاجتماعية تحيط به من كل جانب ومكان اذا تحول هذا المجتمع الى مجتمع جهادي اي يتوحد ابناءه ‏في العمل في سبيل الله، فان الله لا يغفر لهم ويعتق رقابهم من نار جهنم ويدخلهم الجنة فحسب بل ويغفر ‏لابناء هؤلاء أيضاً.‏
    وعندما نتدبر في هذه الآيات القرآنية فإننا نجد أن الله تعالى لم يعبر عن هذه التجارة بالقتال بل بالجهاد على ‏الرغم من أنه يأمر في آيات أخرى بالقتال بدلاً من الجهاد.‏
    فمالفرق بين الجهاد والقتال يا ترى؟
    الواضح أن كل قتالٌ جهادُ لكن ليس كل جهاد قتال فالجهاد قد يكون بالكلمة الطيبة وبالتالي فإن معارضة ‏الطاغوت هو جهاد، حيث يقول الحديث الشريف: (افضل جهاد كلمة حق عند امام جائر).‏
    إن الكلمة الطيبة والكلمة المنبعثة من الايمان والبعيدة عن الهوى والكلمة التي تعارض الطغيان والانحراف ‏وكلمة النهي عن المنكر كلها جهاد وكذلك الحال بالنسبة لمن يكد على عياله ويعمل من اجل أسرته ‏ويسعى نحو بناء وطنه فهو مجاهد وعليه أن يستعذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول البسملة قبل أن يدخل ‏دائرته أو يستقر وراء مكتبه من اجل خدمة الناس وليس من اجل تعطيل أعمالهم أو تأخيرها أو لاستقبال ‏الرشاوى والهدايا.‏
    لذلك ترى المجتمع الاسلامي الذي بناه النبي ((ص)) كان مجتمعاً مجاهداً لم يكن كلهم مقاتلين لكن كان ‏اغلبهم مجاهدين فالمرأة في بيتها كانت مجاهدة والرجل الصالح كان مجاهداً من اجل خدمة الناس ومن اجل ‏تحقيق تطلعاته، ونحن بحاجة إلى ذلك وبحاجة إلى ان نحول الشعب العراقي كله الى مجاهدين.‏
    فالمهم هو العمل الخيري والعمل الجهادي وهو ما قد ينفعنا في المستقبل لأن (نية المؤمن خير من علمه) –‏كما يقول الرسول (ص)- فاعملوا الخير حتى وإن لم تحصلوا عليه لأن هذه النبتة تعتبر عملاً صالحاً من ‏اعمالكم وهو ما كان عليه حال المجتمع في زمن النبي (ص) حيث كان كل انسان يريد ان يخلص نفسه من ‏النار خاصة وقد كان يرتكب الآثام والمعاصي في عهد الطاغوت والجاهلية ولكنه أصبح في ظل الإسلام ‏رهباني يوصل الليل بالنهار بالصلاة وتلاوة القرآن لكن النبي (ص) نهاهم عن ذلك وامرهم بأن تكون لديهم ‏حالة تكاملية وتوازن بين العبادة.. وبين واجباتهم تجاه أهلهم وأولادهم وواجباتهم الأخروية.‏
    إننا بحاجة الى مثل هذا التكامل والتوازن في الواجبات وأن نحوّل طهارة النفوس الى عمل دؤوب مقبول عند ‏الله كما إن الاسلام ليس كلمات فارغة وشعارات تطلقها هنا وهناك وإنما الاسلام روح ونية صادقة ‏والاسلام محتوى وعمل فإذا وجدت بلداً اسس باسم الاسلام ولكنه بلد يعيش حالة تخلف فاعلم ان ابناءه ‏اكتفوا بإصول محدودة من الاسلام الذي هو كل لا يتجزأ فهو اخلاقٌ ومعارفٌ وثقافةٌ.‏
    المجتمع العراقي اليوم بحاجة الى رؤية شمولية اخلاقية تشريعية وذلك لكي يحقق رضا الله عليه فتشمله رحمته ‏الواسعة.‏
    نسأل الله ان يوفقنا واياكم بما فيه الخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • #2
    مشكور أخي صدى الفكر لنقلكم لمحاضرةالسيد محمد تقي المدرسي متعنا الله بوجوده الكريم

    وجزاكم الله كل خير

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة درع حيدر
      مشكور أخي صدى الفكر لنقلكم لمحاضرةالسيد محمد تقي المدرسي متعنا الله بوجوده الكريم

      وجزاكم الله كل خير

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X