
تبدأ العناية بالخديج حقيقة قبل مرحلة الولادة، حيث انه لا بد أن يُحدد العمر الحملي بدقة من خلال الأشعة الصوتية، كما أن العناية بالأم الحامل والجنين لا بد أن تكون من قبل المتخصصين في طب النساء والولادة، والذين لهم خبرة كافية في هذا المجال (Obstetric Perinatologest) إن الطبيب المتخصص عليه أن يحدد بالضبط العوامل التي ساعدت على بداية الولادة المبكرة كما عليه أن يدرس وضع الجنين والأغشية المحيطة به، وهل هناك التهابات في الأغشية والسائل الأمينوسي حول الجنين.
وإن على الطبيب أيضاً أن يقرر عن جدوى استعمال الأدوية التي تمنع انقباض الرحم وتأخير الولادة لأنه كما ذُكر سابقاً في أن بقاء الجنين في رحم الأم هو أفضل عناية له إلا إذا كان هناك خطر على الأم الحامل أو الجنين مما يجعل التعجيل بالولادة أمراً ضرورياً.
الجدير بالذكر أن الوالدين لا بد أن يكونا في الصورة وعلى علم كامل عن الخطة العلاجية، وهل هناك حاجة إلى الولادة عن طريق العملية القيصرية أم لا، وانَّه من المناسب أن يجتمع طبيب الولادة وطبيب العناية المشددة للمواليد مع الوالدين لاعطائهم المعلومات الوافية والصحيحة عن المتوقع والخبرة لهذه المرحلة الحرجة من الحياة وبالامكان تزويدهم بكتيبات أو مطويات تشرح بشكل مبسط المعلومات المهمة في هذه المرحلة.
في غرفة الولادة
أما المرحلة الثانية من العناية فهي العناية الخاصة التي تكون في الساعات الأولى من الحياة والتي تكون في غرفة الولادة.
إنَّ أهم عنصر في هذه المرحلة هو وجود فريق عمل متدرب وجاهز لمثل هذه الحالات ويُقاد هذا الفريق من قبل استشاري العناية المركزة للمواليد. كما أنَّ وجود غرفة الولادة المجهزة بالأدوات الطبية والإسعافية اللازمة تعتبر أيضاً من الأمور المهمة في التعامل مع المولود الذي يقل وزنه في كثير من الأحيان عن كيلوجرام واحد.
إنَّ المعايير التي لا بد أن تتواجد في غرف الولادة والعنايات المركزة يجب أن تكون موافقة للمعايير العالمية مثل جمعية القلب الأمريكية .
إن أهم خطوة في هذه المرحلة هي العناية بالجهاز التنفسي وذلك بالتأكد من سرعة وكيفية التنفس ولون الجلد أيضاً ومن ثم التدخل السريع لاعطاء الأكسجين، ودفع الهواء إلى رئتي المولود، وأيضاً وضع الأنبوب في القصبة الهوائية، ومن ثم نقله إلى العناية المركزة لوضعه تحت جهاز التنفس.
ومن المفضل أن تكون العناية المركزة للمواليد قريبة من غرفة الولادة حتى يتم نقل المولود بسرعة.
في العناية الخاصة بالمواليد
والعناية الخاصة تتلخص بمراقبة المولود مراقبة مستمرة، ويشتمل على السرير أو الحاضنة، وهذا السرير خاص حيث إن طوله لا يتجاوز المتر وهو مفتوح من الأعلى ويمكن التحكم في جوانبه حتى يسهل التعامل مع هذا المريض الذي لا يتجاوز وزنه كيلوغراما واحدا في أكثر الأحيان، كما أن المولود يكون تحت الأجهزة التي تراقب ضربات القلب وسرعة التنفس وضغط الدم وحرارة الجسم.
كما أن العناية تضم جهازا مشعا للحرارة لاستعماله في حفظ درجة حرارة الخديج في المعدل الطبيعي.
ويمكن أن نقسم العناية بالخديج إلى عدة أقسام لتشمل العناية بالجهاز التنفسي والعناية بالقلب والجهاز الدوري والعناية بالسوائل والأملاح والعناية بالتغذية والعناية بالجلد والعناية بالكبد.
أولاً: العناية بالجهاز التنفسي:
إن الجهاز التنفسي للخديج لم ينم وظيفياً، وذلك بسبب نقص مادة تسمى "السيرفاكتنت" ووظيفة هذه المادة هي المساعدة على انتفاخ الرئتين عند دخول الهواء، كما أن أنسجة الرئة الرقيقة في هذا العمل تجعلها عرضة للنزيف والالتهابات الرئوية المختلفة.
ومن أجل الأسباب السابقة كانت العناية بالجهاز التنفسي من أهم الأمور، وتبدأ هذه العناية باختيار أنبوب التنفس بحيث يكون قطره مناسبا للقصبة الهوائية، حيث إن استعمال أنابيب أكبر حجماً قد يؤدي إلى جرح القصبة الهوائية ومن ثم ضيق مجرى التنفس في المستقبل، وفي هذه المرحلة ينبغي استعمال أجهزة التنفس المساعدة لمدة من الزمن، حيث إن الخديج لا يستطيع التنفس بطريقة منتظمة لحفظ مستوى الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم طبيعياً. ولمراقبة مستوى الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، واعطاء السوائل والعلاجات المختلفة وأخذ عينات الدم لا بد من وضع قسطرات من خلال الشريان والوريد السريري أو الأوعية الدموية في اليدين أو الرجلين. كما ان الوضع يستدعي عمل أشعات متكررة للصدر لمراقبة الرئتين والقلب.
إنَّ هناك استراتيجيات مختلفة في العلاج التنفسي باستخدام أجهزة وطرق مختلفة يعرفها المختصون في هذا المجال والتي تختلف بعض الشيء من مركز لآخر.
إن وجود مادة "السيرفاكتنت" كعلاج يُعطى مباشرة إلى الرئتين من خلال أنبوب التنفس في هذه المرحلة قد أدى إلى نقلة نوعية في تخفيف مشاكل الجهاز التنفسي كما أثبتت الدراسات ولكن يبقى توفر هذا العلاج محدوداً في بعض المراكز وذلك لارتفاع أسعارها.
ثانياً: العناية بالقلب والجهاز الدوري:
إنَّ أكبر مشكلة خاصة بالقلب والجهاز الدوري للمواليد الخدج هو بقاء القناة التي تربط بين الدورة الرئوية والدورة الجسمية وتسمى القناة الشريانية (PDA).
إن هذه القناة لها أهمية في حياة الجنين حيث يتم انتقال الدم المؤكسد من الأم إلى المشيمة ثم القلب ومنه إلى الدورة الجسمية بدون المرور على الرئة، ولكن بعد الولادة وانتقال عملية التنفس إلى الرئة في الوليد الجديد فإن هذه القناة تقفل طبيعياً.
إنَّ هذه القناة تبقى مفتوحة في أكثر من 50% من الخدج مما يؤدي إلى فشل القلب في ضخ كمية كافية إلى أجهزة الجسم المختلفة مثل الجهاز الهضمي والكلى مما يؤدي إلى زيادة المضاعفات في تلك الأجهزة الحيوية، كما أن وجود القناة يؤدي إلى زيادة كمية الدم المندفعة إلى الرئة، وبالتالي زيادة مضاعفات الجهاز التنفسي التي تكون قد بدأت للأسباب المذكورة في الحديث عن العناية بالجهاز التنفسي.
وأهم نقطة في العناية بهذه المشكلة هو توقعها وتشخيصها مبكراً عن طريق الأشعة الصوتية للقلب.
وإذا أثبتت وجودها فإن العلاج يبدأ بالأدوية التي تساعد على اقفالها مثل علاج الاندوميتاسين، وإذا لم ينفع العلاج الدوائي أو كانت هناك موانع لاستعماله فلا بد من التدخل الجراحي لربط وإقفال هذه القناة.
ثالثاً: العناية بالسوائل والأملاح:
تشكل العناية بالسوائل والأملاح تحدياً كبيراً لفريق العلاج، حيث إن الخديج له قابلية لفقد السوائل من خلال الجلد، كما أن نقص نمو وظائف الكلى يؤدي إلى زيادة فقدان السوائل مع البول وعدم تركيزه، وبالتالي التعرض للجفاف وارتفاع نسبة أملاح الدم مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والفسفور.
وتتم العناية بالسوائل والأملاح عن طريق ضبط السوائل التي تعطى وقياس السوائل التي تفقد وتعويضها بحيث يكون هناك اتزان لا يؤدي إلى الجفاف ولا إلى زيادة السوائل في الجسم.
كما أن الوضع يقتضي وزن المولود أكثر من مرة يومياً ومراقبة أملاح الدم عن طريق فحص الدم المتكرر، ومن ثم علاج حالات النقص أو الزيادة بالطرق الصحيحة المعروفة طبياً.
الجدير بالذكر أنه لا بد من مراقبة سكر الدم والاتزان الحمضي - القلوي، والتدخل العلاجي في حالة عدم استقرارها.
رابعاً: العناية بالتغذية
إن الخديج يفتقد إلى المخزون من المواد السكرية والدهنية، كما أن له قابلية لنقص الكالسيوم والفسفور والحديد والأملاح النادرة مثل الزنك والفيتامينات.
إن الهدف من التغذية هو منع الهدم الاستقلابي واعطاء السعرات الحرارية للنمو وزيادة الوزن.
إن الحليب ليس كافياً في هذه المرحلة وكان البديل هو اعطاؤه التغذية الكافية عن طريق التغذية المركزية التي يُمد المولود بكل المواد الضرورية التي تشتمل الماء والأملاح والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية والسكر والفيتامينات وغيرها.
وفي هذه المرحلة بالامكان استعمال التغذية عن طريق الجهاز الهضمي بنسبة ضئيلة ومن ثم الزيادة التدريجية، ولكن لا بد من الانتباه تشخيص مشكلة الالتهاب المعوي (NEC) وعلاجه مبكراً كما ذكر سابقاً في المشكلات التي تواجه الخديج.
خامساً: العناية بالجلد:
إنَّ نمو الجلد الكامل بطبقاته المختلفة لا يكتمل إلا في المولود الذي يتجاوز 32أسبوع حملي، فالخديج الذي يولد قبل هذا العمر تكون طبقات جلده غير مكتملة مما يزيد من فقدان السوائل من خلاله، كما أنه يكون عرضة للخدش والالتهابات وامتصاص المواد السامة من خلاله.
ومن هنا يجب العناية بالجلد بطريقة لينة عند الحمل أو عند تحريك الخديج في العناية المركزة، كما يمكن استعمال الحاضنات المغلقة أو استعمال غطاء بلاستيكي لتقليل فقدان الماء من خلال الجلد.
سادساً: العناية بالكبد:
يعتبر الكبد المصنع الأساس لكثير من المواد المهمة في الجسم، كما أنه مكان للتخلص من المواد السامة مثل المادة الصفرء. ونظراً لعدم اكتمال نضوج وظائف بعض انزيمات الكبد في المواليد الخدج ولعوامل اخرى فإن المادة الصفراء تزداد في الجسم، الشيء الذي قد يؤثر على الدماغ والعصب السمعي.
لذلك فإن من المهم متابعة وظائف الكبد بعمل فحوصات لبعض انزيمات الكبد وبروتينات الدم والمادة الصفراء في الدم، ومن المهم أيضاً عمل أشعة صوتية للكبد إذا اقتضى الحال وذلك لمتابعة حجم وطبيعة الكبد التشريحية.
وأخيراً فإن العناية بالخديج لا بد أن تكون شاملة ومتزنة ومن قبل المختصين في هذا المجال وبوجود الأجهزة الحديثة المتطورة. هذا أهم النقاط للعناية بالمواليد الخدج أثناء وجودهم في المستشفى، وسنتكلم لاحقاً عن أهم المشكلات المستقبلية وكيف يعتني الآباء الأمهات بهم عند الخروج من المستشفى.
منقوووووووووول