الحكومة الاسلامية بين العصمة وولاية الفقيه
المقالة الاولى
بقلم : بهاء زهير الصالح
اختلف ( الذين امنوا ) بالنبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم حول مواضيع متعددة محورها الاساس هو
اصل ومستند نظرية الحكومة في التشريع الاسلامي و ماهية الجهة المخولة بها ونوع وحجم الصلاحيات الممنوحة لها .
اتجه اتباع الصحابة الى تعميم فكرة الاستحقاق بالنسبة للشخوص بعد وفاة النبي ونفوا وجود نص يحدد شخص ما لذالك . وكان مدار احتجاجهم هو ادعاء اجتماع الامة على احد يبرر بل يشرع جواز حكومته على المسلمين , ولم يبقى هذا الاستناد ثابتا بل تطور باطراد تبعا لتبدلات الوضع السياسي ولشدة الصراع الاني الذي يواجهه الممسك بزمام السلطة حيث انتقل من مرحلة شرط الصحبة للنبي الى مرحلة شرعنة الغلبة بالسيف ووجوب الطاعة وان كان الحاكم ظالما وجائرا .
على اية حال ليس موضوع بحثنا هذا هو تطور هذه النظرية لدى اتباع الصحابة لان الكلام حولها سيكون طويلا ؛ ولكن مااريده هنا هو طبيعة فكرة الحكومة لدى اتباع ال البيت المرتكزة على مبدا العصمة وكيفية انتقالها الى الصيغة المعروفة حاليا في ايران التي تعتمد نظرية ولاية الفقيه
التي منحها بعض الاصوليون الشرعية بل والقداسة المطلقة .
نعرف جميعا خلاف الشيعة لغيرهم بادعائهم وجود نصوص مستفيضة بولاية امير المؤ منين علي ابن ابي طالب دون غيره وقالوا بامامته على الناس وبوجود مبدا العصمة فيه ؛ ولم يتم تعميم هذا الادعاء من بعده بل ادعى الشيعة خصوصية هذا المبدا واقتصاره على مجموعة محددة من اولاده ومن نسل فاطمة دون غيرهم .
بعد نفي شاه ايران للسيد الخميني في الستينات من القرن الماضي بدا السيد رحمه الله باعطاء سلسلة من الدروس في احقية الحكومة وصفات الحاكم اللازمة التي تمحورت حول تولي الفقيه الاصولي لها دون غيره من الاشخاص ودون فقهاء فرق الشيعة الاخرين , وقبل ان ابدا بمناقشة بعض الفقرات في كتابه رحمه الله لابد من ايراد بعض الملاحظات الاستباقية ..
الملاحظة الاولى : ان هذه الدروس كانت تلقى باللغة الفارسية فلم يعرف عن السيد انه يلقى دروسه بالعربية ؛ولهذه الحقيقة محاذير متعددة وذالك لكون اصل المبحث يقوم على مناقشة نصوص قرانية ونصوص معصومة
عربية يقوم السيد بمعالجة دلالتها بالفارسية وبطريقة سريعة ومحسومة مسبقا . ان اصل فعل الترجمة لهذه النصوص يحتوي اساسا على مصادرة دلالية مفرطة يتم فيه استبدال قصد المتكلم التام الذي مادته اللسان العربي بمعاني مقابلة من لسان اخر تفتقر الى البعد الصوتي والمعنوي الاصلي هذا من جهة (1 هامش ) ؛ الجهة الثانية هو الاستدلال الخلافي والغريب حتى على الساحة الاصولية لمدلولات النصوص التي تحتمل كلاما طويلا تم حسمه بالفارسية البعيدة عن روح النص دون العربية .
كان الاولى ان يتم حسم دلالة النصوص ضمن منظومة اللسان العربي قبل الاقدام على نقل قيمها المعنوية الى الفارسية .
فمثلا ستخلو محاولة النظر في القيم البلاغية والصرفية للنص التوراتي الى الامانة العلمية عندما تكون مادة المعالجة هي اللغة الالمانية قبل حسمها داخل اللسان العبري اولا .
الملاحظة الثانية : رغم محدودية الكتاب من جهة حجمه الا ان فترة القائه على الطلبة كانت طويلة نسبيا امتدت لاكثر من عشر سنوات ؛لذالك نرى فيها اشارات الى احداث متباعدة زمانيا حصلت في العقدين السادس والسابع من القرن الماضي أي ان السيد رحمه الله لم يكن متواصلا مع هذا المبحث بشكل منتظم ؛ بينما اجزم ان فقرات كتاب الحكومة الاسلامية تم تجميعه من اشارات متباعدة وغير مترابطة بطريقة مقصودة في الاساس من قبل المؤلف .
الملاحظة الثالثة : ان السيد رحمه الله لم يشتهر عنه وقتذاك انه مجتهد وفق القياسات الاصولية بل كان لقبه العلمي في النجف هو حجة الاسلام ( كما سنرى من تسميته لنفسه ) ومع هذا فقد تخطى السيد الصلاحيات الوضعية لاقرانه وانتقد عددا من المرجعيات العراقية والايرانية الشهيرة على حد سواء .
الملاحظة الرابعة : على الرغم من حساسية البحث الا ان النصوص الواردة في اصل الاستدلال كانت قليلة ومجتزئة .
في هذه المتابعة النقاشية سيتم التركيز على النصوص الرئيسة في اصل البحث دون متابعة استطرادات السيد رحمه الله التي تبعدنا عن اصل موضوعنا .
الحديث الاول : قال امير المؤمنين علي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( اللهم ارحم خلفائي – ثلاث مرات – قيل يارسول الله
ومن خلفائك قال الذين ياتون من بعدي يروون حديثي وسنتي فيعلمونها الناس ) .
قال السيد الخميني ( ثانيا : نفرض ان هناك روايتين احدهما تخلو من جملة – فيعلمونها – والاخرى تشتمل عليها ولنفرض ان هذه الجملة موجودة فالحديث لايشمل – قطعا – اولئك الذين يكون شغلهم الشاغل نقل الحديث فقط من دون امعان ونظر واجتهاد واستنباط وقدرة على التوصل الى الحكم الواقعي ،فلا يمكننا ان نصف امثال هؤلاء الرواة باهليتهم للخلافة ما داموا مجرد نقلة للحديث او كتبة له ، يسمعون الرواية فينقلونها الى الناس ،هذا مع اعترافنا بقيمة خدمتهم التي يقدمونها للاسلام. فمجرد نقل الاحاديث وروايتها ليس امرا يؤهل الناقل او الراوي لخلافة الرسول لان بعض الرواة والمحدثين قد يكون مصداقا لعبارة ( رب حامل فقه ليس بفقيه ) .
اقول : دعنا نبدا بالرواية نفسها التي نعدها مما يحتج به الشيعة على مخالفيهم ومن جهات عدة
الجهة الاولى : تصريح النبي بموضوع الخلافة بعده ، أي ان النبي لم يسكت عنها كما يقول غيرنا .
الجهة الثانية : قوله –خلفائي – نستفيد منها
اولا : انهم مجموعة وهو الامر الذي يثير لدى السامع فضولا اكبر للسؤال عنهم ،وذالك لكون الامر غير مرتبط بشخص واحد ينتفي لموته او مقتله بل ان القضية مستمرة مع هؤلاء الشخوص كذالك .
ثانيا : انهم اشخاص محددين ومعروفين للنبي بحيث انه يحدث الناس عن حالهم وصفاتهم .
الجهة الثالثة : اختصاص ائمة ال البيت بهذا الحديث هو امر لايحتمل كلام طويل لان الجهة العارفة بسنة النبي حقا وصدقا هم اهل بيته اما الناس فلها مقدار ما سمعت او فهمت عنهم .
حيث ورد عنهم عليهم السلام ( نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون ) .
ولكن السيد رحمه الله قد عمم مصداق الخلافة لتشمل برايه كل من روى السنة النبوية ، بيد انه واجه عقبة كبيرة من البداية في دلالة الشخوص المناسبين حيث اشتهر الاخباريون بانهم الفرقة الشيعية الرائدة التي حفظت مؤلفاتها السنة النبوية والمعصومة ، حتى ان اكابر الاصوليين لايجدون مفرا من الاخذ بها لانعدام البديل المحفوظ بهذه الشاكلة .
لذالك سنرى ان سماحته كان قد بذل جهدا كبيرا في محاولته استثناء الرواة الاخباريين من هذا المنصب المزعوم كقوله (فالحديث لايشمل قطعا اولئك الذين يكون شغلهم الشاغل نقل الحديث فقط) وبما ان سماحته قد نفى عن الاخباريين هذه الصلاحية فقد وضع الجهة المناسبة من وجهة نظره – لخلافة – النبي وهي التي لها ( امعان ونظر واجتهاد واستنباط وقدرة على التوصل الى الحكم الواقعي ، فلا يمكننا ان نصف امثال هؤلاء الرواة باهليتهم للخلافة ما داموا مجرد نقلة له او كتبة ) .
قد يستغرب البعض ويتسائل لماذا كل هذا التاكيد من السيد على نفي – الخلافة – عن نقلة الحديث مع انه لايوجد أي من الفقهاء الاخباريين المعاصرين له من الذين لديهم قدرة على التاثير على الشارع الشيعي سواء من قريب او من بعيد ، هذا مع تحرج الاخباريين من ادخال الراي الشخصي في منظومة الحكم الشرعي وهو اقل فعل اهل الاصول حيث وصل الامر ببعض الفقهاء الاخباريين الى غسل اليد او اعادة الوضوء بعد لمس احد مصنفات الاصوليين بسبب اعتمادهم للظن – المعتبر – في الحكم الشرعي ، فانى لهم القول بدعوى خلافة النبي فلم يدعي ذالك احد منهم .
أي لايوجد من ينافس السيد على هذه الدعوى من رواة الحديث ونقلته .
ان الجواب الوحيد على كثرة تاكيدات السيد التكررة هو بسبب انحصار هذه التسمية – رواة ونقلة الحديث – بالاخباريين دون غيرهم سواء على مستوى التبادر الذهني او على مستوى التطبيق الواقعي لكثرة مؤلفاتهم في هذا المجال ، فلم يعرف عن الاصوليين انهم يتعاطون نقل او ايصال الحديث الى الناس ، حتى بالنسبة للاحاديث المحدودة التي يتعاطون البحث حولها في كتاب العروة الوثقى او كتاب المكاسب فانهم يتعاطون اجرائين شهيرين :
الاجراء الاول : التاويل الدلالي المجحف للنصوص المعصومة بعيدا عن القصد العام للقائل ، مع رفض جانب غير محدد من هذه النصوص القليلة –تبعا لذوق المجتهد – بما يضيق بشكل حاد المساحة الروائية المتاحة للفقيه الاصولي .
الاجراء الثاني : ان الاصولي بعد كل ذالك لاينقل نص الحديث – الذي يوافق عليه هو - للمتلقي الشيعي بل يقوم بنقل رايه الشخصي المتاتي –فرضا – من دراسة دلالة الرواية وسندها، وعلى العكس فان الاصولي يانف بشدة من ان يتم نعته بانه ناقل او راوي للحديث كما تلاحظ من حديث السيد هذا .
أي ان سماحته حاول اعتراض تبادر الفكرة المالوف عن صفة وعمل الاخباريين بواسطة اتهامهم بالسطحية وعدم الدقة وانهم مجرد كتبة حديث لاغير .
وقبل ان استمر بدراسة منهج السيد رحمه الله في معالجة دلالة الحديث الاول دعنا نتعرف على مفهوم الفقه لدى ائمة اهل البيت عليهم السلام ، وما هو اقل ما يمكن التحصل عليه لاطلاق صفة الفقاهة .
عن ابي الحسن عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (من حفظ من امتي اربعين حديثا مما يحتاجون اليه من امر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ) .
لاحظ رواية المعصوم عن رسول الله عن طريق ابائه عليهم السلام وهو ما تعارفت الشيعة على تسميته بسلسلة الذهب .
عن حنان بن سدير قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ( من حفظ عنا اربعين حديثا من احاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ولم يعذبه ).
اما ما يجب طلبته على المؤمن فهو
عن عمر بن شمر عن جعفر بن محمد عليه السلام قال ( سارعوافي طلب العلم والذي نفسي بيده لحديث واحد تاخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة ) .
اقول اولا : ان كان فضل حديث واحد كل هذا فما يكون شان الاربعين
ثانيا : تسمية طلب الحديث بالعلم فيه فائدتان
الاولى : التردد في تسمية المباحث الاخرى التي يتعاطاها اهل الاصول وغيرهم بانها - علم - على مبنى التعريف المعصوم .
الثانية : تنزيه رواة الحديث عن تهمة السطحية وعدم الدقة ، حيث ان فقهاء الاخباريين الكبار كانوا قد حققوا ونقلوا الاف بل عشرات الالاف من النصوص المعصومة خذ البحار والوسائل ومن لايحضره الفقيه .
راينا انفا احاديث المعصومين في حد الفقاهة اللازمة وتحديدها ، ولكن السيد كان قد رفض هذا المعنى الذي اعتبره معنى سطحيا حيث يقول انها ( لاتعني المحدث الذي لايفقه ماينقل ، ولعله ينقل الى من هو افقه منه ، وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلام الواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ، ويستنبطها من مصادرها على الموازين التي رسمها له الاسلام نفسه والائمة انفسهم ، هؤلاء المجتهدون هم خلفاء رسول الله الذين ينشرون السنة وعلوم الاسلام ويبلغونها ويعلمونها الناس ، وبذلك يستحقون ان يدعو الرسول بالرحمة من عند الله (اللهم ارحم خلفائي ) .
فلا شك اذن ان رواية (اللهم ارحم خلفائي) لاعلاقة لها بنقلة الحديث ورواته المجردين عن الفقه ، لان كتابة الحديث وحدها لا تؤهل الشخص لخلافة الرسول ) .
من الافضل لي وللقارىء ان اجعل مجمل ملاحظاتي على كلام السيد الخميني الانف الذكر على هيئة نقاط :
الملاحظة الاولى : رغم توجه السيد العام الذي يقلل من اهمية رواية الاربعين هنا الا انه كان قد اعتمد هذا الحديث في مكان اخركاساس في كتابه الشهير الاربعين حديثا ، عندما اعتمد دلالة النصوص الاربعينية كدليل على فقهه وعلمه .
الملاحظة الثانية : قوله (لعله ينقل الى من هو افقه منه ) فيه اشارة الى وراثة اهل الاصول لهذه النصوص بعد غياب الطرف الاخباري المقابل ، لان الاصوليين يعتبرون انفسهم اكثر دقة في موارد التحقيق من اصحاب المصنفات انفسهم .
الملاحظة الثالثة : قوله رحمه الله ( وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلام الواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ) . اقول لو علمنا جملة من الامور المتعلقة بهذه العبارة ومنها :
اولا : ان علم الاصول ضل بعيدا عن الية استخراج الحكم الشرعي لدى الامامية ، حيث انهم لم يعرفوه الا في حدود القرن السابع الهجري كما اقر بذلك السيد محمد باقر الصدر رحمه الله ، وحيث ان فقهاء الشيعة قبل هذا كانت معنية بنقل الحديث المرتبط بسؤال او شان الفرد الامامي ، بعيدا عن مايعرفه اهل الاصول في وقتنا ، اذن – وعلى فرض السيد هذا – فقد كانت الشيعة تعيش قبل الاصول ازمة حادة في معرفة الحكم الواقعي لديها .
ثانيا : في ادعاء ان الحكم الاصولي هو عين الحكم الواقعي كقوله ( وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه .. ) اقول فيه مصادرة كبيرة من ناحيتين
الناحية الاولى : تصنيف الحكم الاصولي على الواقعية لم يصدر عن معصوم حيث يتوقف على حكمه مدار الجزم بهذا ، وانما اورده السيد وكانه احدى المسلمات العامة التي لايختلف عليها رجلان و لايتناطح عليها كبشان .
متناسيا مناهج الاستنباط الاخرى المعمول بها حاليا لدى الشيعة او التي تم العمل بها سابقا لديهم .
الناحية الثانية : من النادر جدا ان تجد المجتهدين الاصوليين في حاضرة من حواضر الشيعة قد اتفقت ارائهم على احد الاحكام الفرعية سواء كانت
متعلقة بالعبادات او المعاملات ، فضلا عن اتفاق اقرانهم في الحواضر الاخرى ، فهل نستطيع ان نعد هذا التباين الصارخ دليل على الواقعية الشرعية .
قوله رحمه الله ( ان رواية اللهم ارحم خلفائي لاعلاقة لها بنقلة الحديث ورواته المجردين عن الفقه ) .
لقد راينا سابقا في الاحاديث التي اوردناها تعلق حفظ اربعين حديثا بالفقاهة -بحدوده الشخصية الدنيا – اذن رواية الحديث والاشتهار بها – الذي ياتي من كثرة ممارسة الرواية - مرتبطة لزاما بالفقاهة المتحددة بدورها بمقدار رواية الشخص ومعرفته بالحديث .
ان رواة الحديث ومهما كثر اشتغالهم فيه وروايتهم له هم فقهاء وليسوا خلفاء ، فهم لم ينالوا هذا الفقه الا عن طريق الاستماع والاخذ عن الخلفاء المعصومين . فهذا شيخ الرواة المجلسي رحمه الله اشتغل لعقود طويلة في رواية الحديث وكتابته وصنف في ذلك ما يربو على المئة جزء من كتاب واحد ضمنه عشرات الالاف من الاحاديث التي صحت لديه لم يصرح او يشر الى قضية الخلافة من قريب او بعيد .
هامش
( 1 ) : لو طلبنا ترجمة عشرة اوراق من عشرة مترجمين معروفين ، ثم اردنا منهم اعادة الترجمة بدقة اكبر ولعشرة مرات فما هي نسبة تطابق هذه النصوص المترجمة مع بعضها اولا ، وما مقدار اقتراب كل من المترجمين من قصد صاحب النص . في كل الاحوال لن تكون النتيجة هي مائة بالمائة ان لم تكن اقل من ذلك بكثير .
المقالة الاولى
بقلم : بهاء زهير الصالح
اختلف ( الذين امنوا ) بالنبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم حول مواضيع متعددة محورها الاساس هو
اصل ومستند نظرية الحكومة في التشريع الاسلامي و ماهية الجهة المخولة بها ونوع وحجم الصلاحيات الممنوحة لها .
اتجه اتباع الصحابة الى تعميم فكرة الاستحقاق بالنسبة للشخوص بعد وفاة النبي ونفوا وجود نص يحدد شخص ما لذالك . وكان مدار احتجاجهم هو ادعاء اجتماع الامة على احد يبرر بل يشرع جواز حكومته على المسلمين , ولم يبقى هذا الاستناد ثابتا بل تطور باطراد تبعا لتبدلات الوضع السياسي ولشدة الصراع الاني الذي يواجهه الممسك بزمام السلطة حيث انتقل من مرحلة شرط الصحبة للنبي الى مرحلة شرعنة الغلبة بالسيف ووجوب الطاعة وان كان الحاكم ظالما وجائرا .
على اية حال ليس موضوع بحثنا هذا هو تطور هذه النظرية لدى اتباع الصحابة لان الكلام حولها سيكون طويلا ؛ ولكن مااريده هنا هو طبيعة فكرة الحكومة لدى اتباع ال البيت المرتكزة على مبدا العصمة وكيفية انتقالها الى الصيغة المعروفة حاليا في ايران التي تعتمد نظرية ولاية الفقيه
التي منحها بعض الاصوليون الشرعية بل والقداسة المطلقة .
نعرف جميعا خلاف الشيعة لغيرهم بادعائهم وجود نصوص مستفيضة بولاية امير المؤ منين علي ابن ابي طالب دون غيره وقالوا بامامته على الناس وبوجود مبدا العصمة فيه ؛ ولم يتم تعميم هذا الادعاء من بعده بل ادعى الشيعة خصوصية هذا المبدا واقتصاره على مجموعة محددة من اولاده ومن نسل فاطمة دون غيرهم .
بعد نفي شاه ايران للسيد الخميني في الستينات من القرن الماضي بدا السيد رحمه الله باعطاء سلسلة من الدروس في احقية الحكومة وصفات الحاكم اللازمة التي تمحورت حول تولي الفقيه الاصولي لها دون غيره من الاشخاص ودون فقهاء فرق الشيعة الاخرين , وقبل ان ابدا بمناقشة بعض الفقرات في كتابه رحمه الله لابد من ايراد بعض الملاحظات الاستباقية ..
الملاحظة الاولى : ان هذه الدروس كانت تلقى باللغة الفارسية فلم يعرف عن السيد انه يلقى دروسه بالعربية ؛ولهذه الحقيقة محاذير متعددة وذالك لكون اصل المبحث يقوم على مناقشة نصوص قرانية ونصوص معصومة
عربية يقوم السيد بمعالجة دلالتها بالفارسية وبطريقة سريعة ومحسومة مسبقا . ان اصل فعل الترجمة لهذه النصوص يحتوي اساسا على مصادرة دلالية مفرطة يتم فيه استبدال قصد المتكلم التام الذي مادته اللسان العربي بمعاني مقابلة من لسان اخر تفتقر الى البعد الصوتي والمعنوي الاصلي هذا من جهة (1 هامش ) ؛ الجهة الثانية هو الاستدلال الخلافي والغريب حتى على الساحة الاصولية لمدلولات النصوص التي تحتمل كلاما طويلا تم حسمه بالفارسية البعيدة عن روح النص دون العربية .
كان الاولى ان يتم حسم دلالة النصوص ضمن منظومة اللسان العربي قبل الاقدام على نقل قيمها المعنوية الى الفارسية .
فمثلا ستخلو محاولة النظر في القيم البلاغية والصرفية للنص التوراتي الى الامانة العلمية عندما تكون مادة المعالجة هي اللغة الالمانية قبل حسمها داخل اللسان العبري اولا .
الملاحظة الثانية : رغم محدودية الكتاب من جهة حجمه الا ان فترة القائه على الطلبة كانت طويلة نسبيا امتدت لاكثر من عشر سنوات ؛لذالك نرى فيها اشارات الى احداث متباعدة زمانيا حصلت في العقدين السادس والسابع من القرن الماضي أي ان السيد رحمه الله لم يكن متواصلا مع هذا المبحث بشكل منتظم ؛ بينما اجزم ان فقرات كتاب الحكومة الاسلامية تم تجميعه من اشارات متباعدة وغير مترابطة بطريقة مقصودة في الاساس من قبل المؤلف .
الملاحظة الثالثة : ان السيد رحمه الله لم يشتهر عنه وقتذاك انه مجتهد وفق القياسات الاصولية بل كان لقبه العلمي في النجف هو حجة الاسلام ( كما سنرى من تسميته لنفسه ) ومع هذا فقد تخطى السيد الصلاحيات الوضعية لاقرانه وانتقد عددا من المرجعيات العراقية والايرانية الشهيرة على حد سواء .
الملاحظة الرابعة : على الرغم من حساسية البحث الا ان النصوص الواردة في اصل الاستدلال كانت قليلة ومجتزئة .
في هذه المتابعة النقاشية سيتم التركيز على النصوص الرئيسة في اصل البحث دون متابعة استطرادات السيد رحمه الله التي تبعدنا عن اصل موضوعنا .
الحديث الاول : قال امير المؤمنين علي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( اللهم ارحم خلفائي – ثلاث مرات – قيل يارسول الله
ومن خلفائك قال الذين ياتون من بعدي يروون حديثي وسنتي فيعلمونها الناس ) .
قال السيد الخميني ( ثانيا : نفرض ان هناك روايتين احدهما تخلو من جملة – فيعلمونها – والاخرى تشتمل عليها ولنفرض ان هذه الجملة موجودة فالحديث لايشمل – قطعا – اولئك الذين يكون شغلهم الشاغل نقل الحديث فقط من دون امعان ونظر واجتهاد واستنباط وقدرة على التوصل الى الحكم الواقعي ،فلا يمكننا ان نصف امثال هؤلاء الرواة باهليتهم للخلافة ما داموا مجرد نقلة للحديث او كتبة له ، يسمعون الرواية فينقلونها الى الناس ،هذا مع اعترافنا بقيمة خدمتهم التي يقدمونها للاسلام. فمجرد نقل الاحاديث وروايتها ليس امرا يؤهل الناقل او الراوي لخلافة الرسول لان بعض الرواة والمحدثين قد يكون مصداقا لعبارة ( رب حامل فقه ليس بفقيه ) .
اقول : دعنا نبدا بالرواية نفسها التي نعدها مما يحتج به الشيعة على مخالفيهم ومن جهات عدة
الجهة الاولى : تصريح النبي بموضوع الخلافة بعده ، أي ان النبي لم يسكت عنها كما يقول غيرنا .
الجهة الثانية : قوله –خلفائي – نستفيد منها
اولا : انهم مجموعة وهو الامر الذي يثير لدى السامع فضولا اكبر للسؤال عنهم ،وذالك لكون الامر غير مرتبط بشخص واحد ينتفي لموته او مقتله بل ان القضية مستمرة مع هؤلاء الشخوص كذالك .
ثانيا : انهم اشخاص محددين ومعروفين للنبي بحيث انه يحدث الناس عن حالهم وصفاتهم .
الجهة الثالثة : اختصاص ائمة ال البيت بهذا الحديث هو امر لايحتمل كلام طويل لان الجهة العارفة بسنة النبي حقا وصدقا هم اهل بيته اما الناس فلها مقدار ما سمعت او فهمت عنهم .
حيث ورد عنهم عليهم السلام ( نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون ) .
ولكن السيد رحمه الله قد عمم مصداق الخلافة لتشمل برايه كل من روى السنة النبوية ، بيد انه واجه عقبة كبيرة من البداية في دلالة الشخوص المناسبين حيث اشتهر الاخباريون بانهم الفرقة الشيعية الرائدة التي حفظت مؤلفاتها السنة النبوية والمعصومة ، حتى ان اكابر الاصوليين لايجدون مفرا من الاخذ بها لانعدام البديل المحفوظ بهذه الشاكلة .
لذالك سنرى ان سماحته كان قد بذل جهدا كبيرا في محاولته استثناء الرواة الاخباريين من هذا المنصب المزعوم كقوله (فالحديث لايشمل قطعا اولئك الذين يكون شغلهم الشاغل نقل الحديث فقط) وبما ان سماحته قد نفى عن الاخباريين هذه الصلاحية فقد وضع الجهة المناسبة من وجهة نظره – لخلافة – النبي وهي التي لها ( امعان ونظر واجتهاد واستنباط وقدرة على التوصل الى الحكم الواقعي ، فلا يمكننا ان نصف امثال هؤلاء الرواة باهليتهم للخلافة ما داموا مجرد نقلة له او كتبة ) .
قد يستغرب البعض ويتسائل لماذا كل هذا التاكيد من السيد على نفي – الخلافة – عن نقلة الحديث مع انه لايوجد أي من الفقهاء الاخباريين المعاصرين له من الذين لديهم قدرة على التاثير على الشارع الشيعي سواء من قريب او من بعيد ، هذا مع تحرج الاخباريين من ادخال الراي الشخصي في منظومة الحكم الشرعي وهو اقل فعل اهل الاصول حيث وصل الامر ببعض الفقهاء الاخباريين الى غسل اليد او اعادة الوضوء بعد لمس احد مصنفات الاصوليين بسبب اعتمادهم للظن – المعتبر – في الحكم الشرعي ، فانى لهم القول بدعوى خلافة النبي فلم يدعي ذالك احد منهم .
أي لايوجد من ينافس السيد على هذه الدعوى من رواة الحديث ونقلته .
ان الجواب الوحيد على كثرة تاكيدات السيد التكررة هو بسبب انحصار هذه التسمية – رواة ونقلة الحديث – بالاخباريين دون غيرهم سواء على مستوى التبادر الذهني او على مستوى التطبيق الواقعي لكثرة مؤلفاتهم في هذا المجال ، فلم يعرف عن الاصوليين انهم يتعاطون نقل او ايصال الحديث الى الناس ، حتى بالنسبة للاحاديث المحدودة التي يتعاطون البحث حولها في كتاب العروة الوثقى او كتاب المكاسب فانهم يتعاطون اجرائين شهيرين :
الاجراء الاول : التاويل الدلالي المجحف للنصوص المعصومة بعيدا عن القصد العام للقائل ، مع رفض جانب غير محدد من هذه النصوص القليلة –تبعا لذوق المجتهد – بما يضيق بشكل حاد المساحة الروائية المتاحة للفقيه الاصولي .
الاجراء الثاني : ان الاصولي بعد كل ذالك لاينقل نص الحديث – الذي يوافق عليه هو - للمتلقي الشيعي بل يقوم بنقل رايه الشخصي المتاتي –فرضا – من دراسة دلالة الرواية وسندها، وعلى العكس فان الاصولي يانف بشدة من ان يتم نعته بانه ناقل او راوي للحديث كما تلاحظ من حديث السيد هذا .
أي ان سماحته حاول اعتراض تبادر الفكرة المالوف عن صفة وعمل الاخباريين بواسطة اتهامهم بالسطحية وعدم الدقة وانهم مجرد كتبة حديث لاغير .
وقبل ان استمر بدراسة منهج السيد رحمه الله في معالجة دلالة الحديث الاول دعنا نتعرف على مفهوم الفقه لدى ائمة اهل البيت عليهم السلام ، وما هو اقل ما يمكن التحصل عليه لاطلاق صفة الفقاهة .
عن ابي الحسن عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (من حفظ من امتي اربعين حديثا مما يحتاجون اليه من امر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ) .
لاحظ رواية المعصوم عن رسول الله عن طريق ابائه عليهم السلام وهو ما تعارفت الشيعة على تسميته بسلسلة الذهب .
عن حنان بن سدير قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ( من حفظ عنا اربعين حديثا من احاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ولم يعذبه ).
اما ما يجب طلبته على المؤمن فهو
عن عمر بن شمر عن جعفر بن محمد عليه السلام قال ( سارعوافي طلب العلم والذي نفسي بيده لحديث واحد تاخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة ) .
اقول اولا : ان كان فضل حديث واحد كل هذا فما يكون شان الاربعين
ثانيا : تسمية طلب الحديث بالعلم فيه فائدتان
الاولى : التردد في تسمية المباحث الاخرى التي يتعاطاها اهل الاصول وغيرهم بانها - علم - على مبنى التعريف المعصوم .
الثانية : تنزيه رواة الحديث عن تهمة السطحية وعدم الدقة ، حيث ان فقهاء الاخباريين الكبار كانوا قد حققوا ونقلوا الاف بل عشرات الالاف من النصوص المعصومة خذ البحار والوسائل ومن لايحضره الفقيه .
راينا انفا احاديث المعصومين في حد الفقاهة اللازمة وتحديدها ، ولكن السيد كان قد رفض هذا المعنى الذي اعتبره معنى سطحيا حيث يقول انها ( لاتعني المحدث الذي لايفقه ماينقل ، ولعله ينقل الى من هو افقه منه ، وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلام الواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ، ويستنبطها من مصادرها على الموازين التي رسمها له الاسلام نفسه والائمة انفسهم ، هؤلاء المجتهدون هم خلفاء رسول الله الذين ينشرون السنة وعلوم الاسلام ويبلغونها ويعلمونها الناس ، وبذلك يستحقون ان يدعو الرسول بالرحمة من عند الله (اللهم ارحم خلفائي ) .
فلا شك اذن ان رواية (اللهم ارحم خلفائي) لاعلاقة لها بنقلة الحديث ورواته المجردين عن الفقه ، لان كتابة الحديث وحدها لا تؤهل الشخص لخلافة الرسول ) .
من الافضل لي وللقارىء ان اجعل مجمل ملاحظاتي على كلام السيد الخميني الانف الذكر على هيئة نقاط :
الملاحظة الاولى : رغم توجه السيد العام الذي يقلل من اهمية رواية الاربعين هنا الا انه كان قد اعتمد هذا الحديث في مكان اخركاساس في كتابه الشهير الاربعين حديثا ، عندما اعتمد دلالة النصوص الاربعينية كدليل على فقهه وعلمه .
الملاحظة الثانية : قوله (لعله ينقل الى من هو افقه منه ) فيه اشارة الى وراثة اهل الاصول لهذه النصوص بعد غياب الطرف الاخباري المقابل ، لان الاصوليين يعتبرون انفسهم اكثر دقة في موارد التحقيق من اصحاب المصنفات انفسهم .
الملاحظة الثالثة : قوله رحمه الله ( وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلام الواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ) . اقول لو علمنا جملة من الامور المتعلقة بهذه العبارة ومنها :
اولا : ان علم الاصول ضل بعيدا عن الية استخراج الحكم الشرعي لدى الامامية ، حيث انهم لم يعرفوه الا في حدود القرن السابع الهجري كما اقر بذلك السيد محمد باقر الصدر رحمه الله ، وحيث ان فقهاء الشيعة قبل هذا كانت معنية بنقل الحديث المرتبط بسؤال او شان الفرد الامامي ، بعيدا عن مايعرفه اهل الاصول في وقتنا ، اذن – وعلى فرض السيد هذا – فقد كانت الشيعة تعيش قبل الاصول ازمة حادة في معرفة الحكم الواقعي لديها .
ثانيا : في ادعاء ان الحكم الاصولي هو عين الحكم الواقعي كقوله ( وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه .. ) اقول فيه مصادرة كبيرة من ناحيتين
الناحية الاولى : تصنيف الحكم الاصولي على الواقعية لم يصدر عن معصوم حيث يتوقف على حكمه مدار الجزم بهذا ، وانما اورده السيد وكانه احدى المسلمات العامة التي لايختلف عليها رجلان و لايتناطح عليها كبشان .
متناسيا مناهج الاستنباط الاخرى المعمول بها حاليا لدى الشيعة او التي تم العمل بها سابقا لديهم .
الناحية الثانية : من النادر جدا ان تجد المجتهدين الاصوليين في حاضرة من حواضر الشيعة قد اتفقت ارائهم على احد الاحكام الفرعية سواء كانت
متعلقة بالعبادات او المعاملات ، فضلا عن اتفاق اقرانهم في الحواضر الاخرى ، فهل نستطيع ان نعد هذا التباين الصارخ دليل على الواقعية الشرعية .
قوله رحمه الله ( ان رواية اللهم ارحم خلفائي لاعلاقة لها بنقلة الحديث ورواته المجردين عن الفقه ) .
لقد راينا سابقا في الاحاديث التي اوردناها تعلق حفظ اربعين حديثا بالفقاهة -بحدوده الشخصية الدنيا – اذن رواية الحديث والاشتهار بها – الذي ياتي من كثرة ممارسة الرواية - مرتبطة لزاما بالفقاهة المتحددة بدورها بمقدار رواية الشخص ومعرفته بالحديث .
ان رواة الحديث ومهما كثر اشتغالهم فيه وروايتهم له هم فقهاء وليسوا خلفاء ، فهم لم ينالوا هذا الفقه الا عن طريق الاستماع والاخذ عن الخلفاء المعصومين . فهذا شيخ الرواة المجلسي رحمه الله اشتغل لعقود طويلة في رواية الحديث وكتابته وصنف في ذلك ما يربو على المئة جزء من كتاب واحد ضمنه عشرات الالاف من الاحاديث التي صحت لديه لم يصرح او يشر الى قضية الخلافة من قريب او بعيد .
هامش
( 1 ) : لو طلبنا ترجمة عشرة اوراق من عشرة مترجمين معروفين ، ثم اردنا منهم اعادة الترجمة بدقة اكبر ولعشرة مرات فما هي نسبة تطابق هذه النصوص المترجمة مع بعضها اولا ، وما مقدار اقتراب كل من المترجمين من قصد صاحب النص . في كل الاحوال لن تكون النتيجة هي مائة بالمائة ان لم تكن اقل من ذلك بكثير .
تعليق