إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ليلة العاشر / يوم العاشر من محرم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ليلة العاشر / يوم العاشر من محرم

    بسمه تعالى خالق الانس والجان المعبود المتكبر الجبار

    والصلاة والسلام على رسوله خاتم الانبياء والمرسلين محمد
    وعلى اله الطاهرين وعجل فرجهم
    واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام الدين
    والله لو قطعتموا يميني اني احامي ابدا عن ديني
    عظم الله لكم الاجر باستشهاد مولانا وسيدنا الحسين سيد شباب اهل الجنة (ع)
    مقتل الحسين عليه السلام::.

    عن الإمام العسكري عليه السلام في
    (تفسيره) المشهور:
    أنّ الحسين عليه السلام قال لعسكره ليلة العاشر:
    أنتم في حلّ من بيعتي،
    فالحقوا بعشائركم ومواليكم، وقد أبحت لكم مفارقتي، فأنتم لا تطيقونهم لتضاعف
    أعدادهم وقِواهم، وما المقصود غيري فدعوني والقوم، فإنّ الله يعينني
    ولا يخليني من حسن نظره كعادته في أسلافنا الطيّبين(1).
    قال الإمام عليه السلام:
    فأمّا عسكره ففارقوه، وأمّا أهله الأدنون
    من أقربائه وخاصّته فأبوا ولازموه، فقا عليه السلام لهم:
    فإن كنتم وطّنتم أنفسكم على ما وطّنت عليه نفسي، فاعلموا أنّ الله تعالى
    إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره.
    وأنّ الله تعالى إن كان قد خصّني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءً
    في الدنيا من الكرامات بهما يسهل عليّ معها احتمال المكاره فإنّ لكم
    شطر ذلك من كرامات الله، واعلموا أنّ الدنيا مرّها وحلوها حلم، والانتباه
    في الآخرة، والفائز من فاز فيها، والشقي من شقى فيها(2).

    ليلة العاشر من المحرم
    قال السيّد (رضوان الله عليه)(3): وبات الحسين عليه السلام
    وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدوي النحل، ما بين راكع وساجد
    وقائم وقاعد، فعبر عليهم في تلك الليلة من معسكر ابن سعد
    اثنان وثلاثون رجلاً(4).
    يوم العاشر من المحرم
    ثمّ لمّا انشق أديم الليل عن صبحه كان مؤذّن الحسين
    عليه السلام الحجّاج بن مسروق الجعفي(5)،
    ولكنّه عليه السلام قال لولده عليّ الأكبر عليه السلام:
    يا بني، قم أنت في هذا اليوم، فأذَّن ثمّ تيمّم هو وأصحابه
    «سلام الله عليهم)، فأدّوا السنّة وأقاموا الفرض جماعة.
    لمّا سلّم قال عليه السلام:
    أنت ثقتي في كلّ كرب، ورجائي في كلّ شدّة... إلى آخره(6).
    وقبل أن يتمّوا تعقيبهم ارتفعت أصوات الطبول والمزامير
    من عسكر أهل الكوفة، وأقبلوا إلى ناحية معسكر الحسين
    عليه السلام يجولون عدّة زرافات ووحداناً رجّالة وفرساناً.
    تعبئة الحسين عليه السلام لأصحابه
    فقام سيّد أهل الإبى وخامس أصحاب العبا، فعبّأ أصحابه
    وانتظمت الصفوف من الجانبين ميمنة وميسرة.

    عدد أصحاب الإمام عليه السلام

    وقد اختلف(7) في عدد أصحابه سلام الله عليه،
    بين مكثر مفرط ومقلّ مفرط، فأكثر ما قيل فيهم ما ذكره
    المسعودي في «مروجه»:
    أنهم ألف فارس، ومائة راجل(8)، وأقلّ ما قيل:
    إنّهم لا يزيدون عن اثنين وسبعين(9).
    ولكن ورد النصّ المعتبر عن الباقر سلام الله عليه برواية
    السيّد رضي الله عنه(10): أنّهم مائة راجل وخمسة وأربعون فارساً.
    كما أنّ عدد أصحاب ابن سعد (لعنه الله) ـ
    على رواية الصادق عليه السلام ـ ثلاثون ألفاً(11)،
    وقيل: سبعون ألفاً(12).

    أمر الإمام عليه السلام بحفر الخندق

    وكان الإمام عليه السلام أمر أن يحفر تلك الليلة خندق
    وراء الخيام ويلقى فيه الحطب والقصب، وتشعل فيه النار؛
    كي لا يبقى للعدو مجال للاقتحام من وراء الخيام ويكون
    القتال من وجه واحد(13)، ولا يكون سبيل للهجوم على حرم
    الرسالة، فإنّ أنصار الله صفّوا صفوفهم أمام البيوت المطهّرة.
    وأقبل عسكر ابن سعد ليستديروا على معسكر الحسين عليه السلام
    ويحيطوا بهم، فلمّا رأوا النار تضطرم نادى شمر(14) (لعنه الله):
    يا حسين، تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة.
    فقال عليه السلام: يابن راعية المعزى، أنت أولى بها منّي صِليّا.
    وأخذ مسلم بن عوسجة سهماً ليرميه،
    فقال له الحسين عليه السلام: لا ترمه فإنّي أكره أن أبدأهم بقتال
    (15).

    معجزة وكرامة للإمام الحسين عليه السلام

    ونادى ابن أبي جويرية المزني: يا حسين، أبشروا بالنار،
    فقد تعجّلتموها في الدنيا.
    فقال الحسين عليه السلام: اللّهمّ أذقه عذاب النار في الدنيا،
    فما مضى غير خطوات حتى حرنت به فرسه ثمّ نزت به وألقته
    من فوق ظهرها وبقيت إحدى رجليه في الركاب، والأُخرى مرفوعة.
    ومرّ الفرس يضرب برأسه الأرض حتى ألقته في الخندق
    والنار تضطرم فيه(16).
    فكبّر عسكر الحسين عليه السلام ونادوا: يا لها من دعوة
    ما أسرع إجابتها فلتهنك الإجابة يابن رسول الله.
    قال مروان بن وائل: كنت في عسكر عمر بن سعد، فلمّا
    رأيت ذلك رجعت ناكصاً عن الحرب.
    فقال لي ابن سعد: ما لك تركت القتال؟
    قلت: رأيت من أهل هذا البيت ما لم تره عين، ووالله ما أنا
    بمقاتل أحدٍ منهم أبداً(17).
    كرامة أُخرى للحسين عليه السلام
    قال تميم بن حصين الفزاري: يا حسين ويا أصحاب الحسين،
    أما ترون ماء الفرات يلوح كبطون الحيّات؟ فوالله لا ذقتم منه
    قطرة، حتى تذوقوا الموت جرعاً.
    فقال الحسين عليه السلام: اللّهمّ اقتل هذا عطشاٍ في هذا اليوم.
    فاشتدّ به العطش من ساعته وذهب ليشرب فألقته الفرس
    تحت حوافر الخيل حتى هلك (لعنه الله)(18).
    كرامة أُخرى للحسين عليه السلام
    وقال له محمّد بن الأشعث الكندي (لعنه الله):
    يا حسين بن فاطمة، أي حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك؟
    فتلى: (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ
    عَلَى الْعَالَمِينَ)(19). وإنّ محمّداً لمن آل إبراهيم، والعترة
    الهادية من آل محمّد.
    ثمّ قال عليه السلام: من السائل؟ فقيل له: ابن الأشعث.
    فرفع يديه، وقال: اللّهمّ أذلّ محمّد بن الأشعث في هذا اليوم
    ذلاًّ لا تعزّه بعده.
    فذهب ليبول فسلّط الله عليه عقرباً فلسعته في دبره،
    فولّى يصيح وهو مكشوف العورة بين الجموع(20).
    ولم تزل أمثال تلك الآيات الباهرات منه (صلوات الله عليه)
    في ذلك اليوم تترى وتشع كرامة وفخراً.
    ولكن قد حقّت عليهم كلمة العذاب، فلم ينتفعوا بعظة بالغة
    ولا بمعجزة دامغة.
    السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين
    وعلى اصحاب الحسين




    ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما

  • #2
    السلام عليك يا ابا عبد الله

    نصيحة الحسين عليه السلام وخطبته الأُولى
    ثمّ إنّ الحسين عليه السلام: بعد التئام الصفوف وجلّهم سامعون وقوف.
    ركب راحلته واستنصتهم فأنصتوا له، فنادى بأعلى صوته:
    يا أهل العراق، اسمعوا قولي ولا تعجلوا، حتى أعظكم بما يحّق لكم
    عليّ، وحتى أعتذر فيكم، فإن أعطيتموني النَصَفَ من أنفسكم،
    وإلاّ فاجمعوا أمركم، ثمّ لا يَكُنْ أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليَّ
    ولا تنظرون، (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحينَ)(21).
    ثمّ قال: أمّا بعد فانسبوني وانظروا من أنا، ثمّ راجعوا أنفسكم وعاتبوها،
    وانظروا هل يصلح لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم،
    وابن وصيه وابن عمّه، وأوّل مصدِّق به؟ أوَليس حمزة سيّد الشهداء عمّي؟
    أوَليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمّي؟
    أوَلم يبلغكم قول رسول الله صلّى
    الله عليه وآله وسلم لي ولأخي هذان سيّدا شباب أهل الجنّة،
    فإن صدّقتموني فيما أقول وهو الحقّ، والله ما تعمّدت الكذب منذ علمت
    أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذبتموني فإنّ فيكم مَن إن سألتمو
    عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري،
    وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، يخبروكم
    أنّهم سمعوا تلك المقالة من رسول الله لي ولأخي.
    أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي، ثمّ قال: فإن كنتم تشكّون في ذلك،
    أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟ والله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت
    نبي غيري فيكم، ولا في غيركم. ويحكم، أتطلبونني بقتيل منكم قتلته؟
    أو بمال استهلكته أو بقصاص جراحة؟ فأخذوا لا يكلّمونه.
    فنادى: يا شبث بن ربعي، ويا حجّار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث،
    ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إليَّ أن اقدم، فقد أينعت الثمار،
    واخضرّ الجناب، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة؟
    فقال ابن الأشعث: ما ندري ما تقول، ولكن انزل على حكم بني عمّك
    فإنّهم لم يروك إلاّ ما تحبّ.
    فقال له الحسين عليه السلام لا والله لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل،
    ولا أقرُّ إقرار العبيد. ثمّ إنّه عليه السلام أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان
    أن يعقلها فعقلها(22).
    وذكر العلاّمة التستري(23) (قدّس الله روحه): إنّ تلك الناقة بقيت
    معقولة حتى قتل الحسين عليه السلام، فلم تزل تضرب
    برأسها الأرض حتى ماتت!!
    وابن سمعان هذا هو الذي نقل عنه ابن الأثير(24) أنّه قال:
    كنت ملازماً لخدمة الحسين عليه السلام من حين خروجه من المدينة
    إلى مكّة،
    ومن مكّة إلى الكوفة، ولم اُفارقه إلى حين شهادته، وسمعت جميع
    محاوراته وكلماته وكتبه، فوالذي نفسي بيده أنّي لم أسمع منه
    قطّ أنّه قال لأهل الكوفة:
    أضع يدي في يد يزيد، أو امضي إلى ثغر من ثغور المسلمين.
    نعم، كان يقول: حتى أرجع إلى المكان الذي جئت منه، أو أمضي
    في أرض الله الواسعة، حتى أرى ما يكون من أمر الناس.
    وهم لم يجيبوه إلى شيء من الأمرين.
    ثمّ إنّه عليه السلام دعى فرس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم
    (المرتجز) وركبها وتوجّه نحو عسكر ابن سعد، وبين يديه
    جماعة من أصحابه، وفيهم برير بن خضير.
    نصيحة برير لعسكر ابن سعد
    فلمّا قربوا منهم ناداهم برير: ياقوم،
    اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم أصبح بين أظهركم،
    هؤلاء ذرّيّته وعترته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما تريدون أن تصنعوا بهم.
    فقالوا: نريد أن نأتي بهم الأمير عبيد الله بن زياد.
    قال لهم: أفلا تقبلون أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه،
    ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها، وأشهدتم الله عليها،
    ويلكم يا أهل الكوفة دعوتم أهل بيت نبيّكم، وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم
    دونهم! حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، ومنعتموهم عن ماء الفرات!
    بئس ما خلفتم نبيّكم في عترته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم.

    فقالوا: أكفف يا برير فما ندري ما تقول؟!!
    فقال: الحمد لله الذي زادني بصيرة فيكم،
    اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من أفعال هؤلاء القوم، اللّهمّ ألقِ بأسهم بينهم،
    حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان(25).

    خطبة الحسين عليه السلام الثانية
    ثمّ دنى الحسين عليه السلام، وخطب خطبته الثانية التي يقول في أوّلها:
    أنشدكم الله، هل تعرفونني من أنا؟
    قالوا: نعم، أنت ابن بنت رسول الله وسبطه، إلى آخرها.
    وكان آخر جوابهم في هذه الخطبة: وقد علمنا كلّ ذلك،
    ونحن غير تاركيك أبا عبد الله حتى تذوق الموت عطشاً،
    فلمّا سمع ذلك، دمعت عيناه وضرب على لحيته المقدّسة،
    وقال: اشتدّ غضب الله على اليهود، حين قالوا: عزير ابن الله، وعلى النصارى؛
    إذ قالوا: المسيح ابن الله، وعلى المجوس؛ إذ عبدوا النار دونه، واشتدّ غضبه
    على هذه العصابة التي قد اجتمعت على قتل ابن بنت نبيّهم،
    أما والله لا أُجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتى ألقى الله مخضّباً بدمي(26).
    فلمّا آيس الحسين عليه السلام من نزوعهم عن بغيهم، ورجوعهم
    عن غيّهم. وطّن نفسه على الشهادة، والفوز بتلك السعادة،
    فأراد أن يعزّي نسائه وأهل بيته قبل موته.
    قالت زينب (سلام الله عليها):
    لمّا رجع الحسين عليه السلام من محاورته مع القوم، جاء فدخل خيمتي،
    وكنت خلف الخيمة، فنادى: أين زينب؟ فقلت: لبّيك، فقال:
    أحضري رقية وأُمّ كلثوم وصفيّة وسكينة وفاطمة وباقي بنات رسول
    الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فلمّا حضرن قلنا: فديناك ما حاجتك؟
    قال: حاجتي أن أُوصيكنّ إذا أنا قتلت فلا تشققن عليَّ جيباً،
    ولا تلطمن عليَّ خدّاً، ولا تخمشن عليَّ وجهاً(27).
    فقالت زينب: يا أخي
    ، هذا كلام من أيقن بالموت.

    فقال لها: نعم يا أُختاه.
    فصاحت:
    وا ثكلاه، وا محمّداه، وا عليّاه، وا ضعفاه، وا غربتاه،
    وا قلّة ناصراه.

    فقال لها الحسين عليه السلام: يا أُختاه تعزّي بعزاء الله،
    فإنّ أهل الأرض يموتون، وسكان السماء لا يبقون، ولا يبقى
    إلاّ وجهه فلا يذهبنّ بحلمك الشيطان.
    فقالت:
    جعلت فداك ردّنا إلى حرم جدّنا، فاختنق (صلوات الله عليه) بعبرته وقال:
    هيهات لو ترك القطا لغفى ونام(28).
    ثمّ رجع الحسين عليه السلام إلى الميدان، فنظر إلى تلك الصحراء
    وقد غصّت بجنود الشيطان، كأنّها السحاب المتراكم
    وقد أظلم الجو، وانسدت الأقطار بالغبار(29).
    نصيحة زهير بن القين للقوم
    فتقدّم الإمام عليه السلام وزهير بن القين أمامه، فنادى: أيّها الناس،
    إنّ من حقّ المسلم على المسلم النصيحة، ونحن وأنتم على دين واحد،
    وقد ابتلانا الله بذرّيّة نبيّنا، لينظر ما نحن وأنتم صانعون؟
    وأنا أدعوكم إلى نصرتهم وخذلان الطغاة.
    فقالوا: نحن لا ندع صاحبك وأتباعه حتى يكونوا عرضة للسيوف،
    أو يبايعوا يزيد وابن زياد.
    فقال ويحكم
    إنّ الحسين عليه السلام أولى بالنصرة
    والمودّة من ابن هند أو ابن سميّة، فإن كنتم غير ناصريه
    ولا مؤدّين حقّ الله فيه، فلا تعينوا على قتله.
    فأخذ الشمر

    سهماً ورماه وقال: قد أكثرت يا زهير في كلامك فاكفف.
    التعديل الأخير تم بواسطة دمعــ الحوراء ــة; الساعة 19-01-2008, 06:11 AM.

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      أميري حسين ونعم الامير سرور فؤاد البشير النذير
      علي وفاطمة والده فهل تعلمون له من نظير
      له طلعة مثل شمس الضحى له غرة مثل بدر منير

      خطبة الحسين عليه السلام الثالثة
      ثمّ تقدّم الحسين عليه السلام وخطب خطبته الثالثة، فقال:
      الحمد لله الذي خلق الدنيا، فجعلها دار فناء وزوال،
      متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرّته، والشقي من فتنته،
      فلا تغرّنكم هذه الدنيا، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيّب طمع من
      طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم،
      وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنّبكم رحمته، فنِعمَ
      الربّ ربّنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول، ثمّ زحفتم
      إلى ذرّيته وعترته، تريدون قتلهم، قد استحوذ عليكم الشيطان
      فأنساكم ذِكر الله العظيم، فتبّاً لكم ولما تريدون، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
      هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين.
      فخشي ابن سعد أن تقع الفتنة في عسكره، وترجع إلى الحقّ زعمائهم،
      فقطع على الحسين عليه السلام كلامه، وقال لهم: هذا ابن أبي طالب
      أُقسم بالله لو وقف فيكم سحابة يومه خطيباً ما كلّ ولا انقطع.
      فتقدّم شمر (لعنه الله) وقال: ما تقول يا حسين؟ أفهمنا ما تريد؟
      فقال عليه السلام: أقول: اتّقوا الله ربّكم ولا تقتلوني، فإنّه لا يحلّ لكم
      قتلي وانتهاك حرمتي، وأنا ابن بنت نبيّكم.
      وكان (سلام الله عليه) في جميع خطبه يتدرّج في اللين
      والشدّة
      من
      درجة إلى أُخرى، ومن مرتبة إلى أشدّ منها، وكلّ غرضه إتمام الحجّة
      وقطع المعذرة، وسوق من سبقت له العناية إلى جانبه.
      ولمّا رأى ابن سعد أنّ كلماته وخطبه عليه السلام كادت أن تلين لها الصخور،
      نادى بعسكره فأحاطوا بالإمام عليه السلام وجعلوه في مثل الدائرة،
      وأحدقت به الخيل والأعنّة، وأُشرعت نحوه السيوف والأسنّة، وأرادوا
      أن يناجزوه القتال، فقال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إليَّ وتسمعوا
      قولي، وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من الفائزين،
      ومن عصاني كان من الهالكين، فتلاوم العسكر ما بينهم،وقال بعضهم لبعض:
      ما عليكم لو سمعتم ما يقول.
      خطبة الحسين عليه السلام الرابعة
      فخاطب (سلام الله عليه) خطبته الرابعة في ذلك اليوم، وهي أشدّ خطبة
      في تقريعهم، وبيان عذرهم ونفاقهم وكفرهم ومكرهم، التي يقول في أوّلها:
      تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم
      موجفين(30)، سللتم علينا سيوفاً كانت لنا في أيمانكم، وحششتم(31)
      علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم ألبّاً(32) لأعائكم
      على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم.
      إلى أن قال: فسحقاً لكم يا عبيد الأُمّة وشذّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب،
      ومحرّفي الكلم، وعصبة الآثام، ونفثة الشيطان، ومطفي السنن.
      دعاء الحسين عليه السلام على عسكر ابن سعد
      ثمّ ختم خطبته هذه بالدعاء عليهم، فقال: اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء،
      وابعث عليهم سني كسني يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف(33)
      يسقيهم كأساً مصبّرة، فإنّهم كذّبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكلّنا
      وإليك أنبنا وإليك المصير(34).
      وقوفه عليه السلام مع ابن سعد
      ثمّ دعى بعمر بن سعد(35) (لعنه الله)، فجاءه على كراهة منه
      فقال: يا عمر، أنت تقتلني وتزعم أن يولّيك الدعي ابن الدعي بلاد الري
      وجرجان؟! والله لا تهنأ بذلك أبداً، عهداً معهوداً، فاصنع ما أنت صانع
      فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة وكأنّي برأسك على قصبة قد نصب في الكوفة،
      يتراماه الصبيان، فصرف اللعين وجهه الخبيث عنه،
      وقد امتلأ غيضاً وغضباً، ثمّ صاح بغلامه: يا دريد، ادن رايتك،
      فأدناها.
      ثمّ وضع سهماً في كبد قوسه، ثمّ رمى وقال: اشهدوا
      لي عند الأمير أنّي أوّل من رمى. ثمّ أقبلت السهام من تلك الجموع
      كأنّها السيل(36).
      قال العلاّمة التستري(37)(أعلى الله مقامه):
      قتل بهذه السهام التي انصبّت كالمطر ما قرب النصف مع عسكر الحسين
      عليه السلام الواقفين في الميمنة والميسرة. وكانت كلّ الخطب المتقدّمة
      قبل الشروع في الحرب، لا للاعذار والانذار وإتمام الحجّة فقط،
      ولا تفاديا من الحرب وخوفاً من الموت وركوناً إلى حبّ الحياة ـ
      معاذ الله ـ، ولكنّه (سلام الله عليه) بما أنّه باب الوسيلة،
      ومفتاح خزائن الرحمة، وينبوع مجاري النجاة، لا جرم أنّ غرائز الحنان
      والرحمة كانت تدفعه إلى مدافعة ذلك الخلف التعوس عمّا حاولوه،
      وصمّموا عليه من قتله الذي فيه هلاكهم المؤبّد.
      وغير بعيد أنّ أكثر تلك الرقّة والاستعبار والطلب والاصرار
      في أن يتركوه ولا يقتلوه كان إشفاقاً عليهم من ارتكاب تلك الجرائم
      الفظيعة التي ارتكب واحدة منها أشقى أُمّة من الأُمم.
      ولعلّ هذا هو السرّ أيضاً في تكرّر الاستغاثة وطلب الناصر والمعين،
      فإنّه ليس حرصاً في البقيا على نفسه المقدّسة، بل للبقيا عليهم
      وطلباً لنجاة بعضهم على الأقلّ بعد أن تعذّرت نجاة كلّهم.
      الاستغاثة الأُولى للحسين عليه السلام
      فأوّل استغاثة صدرت منه عندما رأى تصميم القوم على قتاله،
      وعدم انتفاعهم بتلك المواعظ والخطب، فلمّا أقبلت السهام منهم
      كقطع الغمام، وقُتل من أصحابه من قتل، نادى:
      أما من مغيث يغيثنا؟! أما من ذابّ يذبّ عنّا؟
      التحاق الحرّ بعسكر الحسين عليه السلام
      فأثّرت هذه الاستغاثة في ثلاثة نفر ممّن سبقت لهم العناية وأدركتهم
      السعادة، وهم الحرّ(38)، وولده عليّ، وأخوه مصعب(39).
      فجاء الحرّ إلى ابن سعد وقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ فقال:
      إي والله قتالاً أيسره أن تطير الرؤوس وتطيح الأيدي.
      فقال: أما لكم فيما عرضه عليكم رأي؟
      فقال: لو كان الأمر إليَّ لفعلت، ولكن أميرك قد أبى. فمضى الحرّ
      ووقف ناحية وأخذه مثل الإفكل(40). وهذه هي الإنابة إلى الله
      والهزّة الإلهية، فقال له المهاجر بن أوس: والله ،ّ أمرك لمريب.
      ولو قيل من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟!!
      فقال: والله إنّي اُخيّر نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار
      على الجنّة شيئاً، ولو قطّعت وأُحرقت(41)، ثمّ التفت إلى ولده علي،
      وقال: يا بني، لا صبر لي على النار فسر بنا إلى الحسين
      عليه السلام لننصره، ونقاتل بين يديه لعلّ الله يرزقنا الشهادة
      والسعادة التي لا انقطاع لها.
      ثمّ ضرب فرسه وأقبل نحو عسكر الحسين عليه السلام
      واضعاً يده على رأسه وهو يقول:
      اللّهمّ إليك اُنيب فَتُبْ عليَّ، فقد أرعبتُ قلوب أوليائك(42).
      فلمّا قرب من الحسين عليه السلام، وقف قريباً منه مطأطئاً رأسه(43)،
      فقال عليه السلام: من أنت؟ ارفع رأسك، فرفع رأسه وقال:
      سيّدي أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع، وجعجع بك في
      هذا المكان الموحش، وما ظننت أن القوم يبلغون بك ما أرى،
      وأنا تائب إلى الله، فهل ترى لي من توبة؟
      فقال عليه السلام: نعم، يتوب الله عليك، انزل. فقال: أنا فارس
      خير لك منّي راجلاً(44).

      تعليق


      • #4
        السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين

        وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين

        نصيحة الحرّ لعسكر ابن سعد
        يا أهل الكوفة، لأُمّكم الهَبَل والعبر(45)، دعوتم هذا العبد الصالح
        حتى إذا جاءكم أسلمتموه وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه
        ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكلكله(46)،
        وأحطتم به من كلّ جانب، لتمنعوه التوجّه إلى بلاد الله العريضة
        فصار كالأسير في أيديكم، لا يملك لنفسه نفعاً، ولا يدفع عنها ضرّاً،
        وحلأتموه(47) ونسائه وصبيته عن ماء الفرات الجاري، تشربه اليهود
        والنصارى والمجوس وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وها هم
        قد صرعهم العطش فبئسما خلفتم محمّد في ذرّيّه، فلا سقاكم الله يوم
        الظمأ، فقطعوا كلامه برشق النبال ورمي النصال، فرجع
        ووقف أمام الحسين عليه السلام ينتظر الرخصة، وكانت الوجوه والقواد
        والأعيان من عسكر ابن سعد (لعنه الله) متثاقلين عن المبارزة،
        لأنّهم أجمع ممّن كتب إلى الحسين عليه السلام، وألحّ عليه بالتوجّه
        وإعطاء البيعة، لذا بقي الحال برهة من النهار على المصاف،
        والترامي بالنبال دون المكافحة والنزال.
        بدء القتال بين العسكرين
        ولكن أوّل من تقدّم من عسكر ابن سعد يسار غلام زياد فطلب المبارزة،
        فتقدّم إليه عبد الله بن عمير الكلبي(48)، فسأله يسار عن نسبه،
        فانتسب له، فقال له يسار: لا أعرفك ارجع وليبرز زهير بن القين(49)
        أو حبيب بن مظاهر(50)،
        فإنّ هؤلاء أقراني لا أنت، فقال له عبد الله:
        يابن الفاعلة أوَبك رغبة عن مبارزتي؟ ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه
        حتى بدره وانّه لمشتغل بضربه شدّ عليه سالم مولى عبيد الله، فصاحوا
        به قد رهقك، فلم يشعر به حتى بدره بضربة اتّقاها ابن عمير بكفّه
        اليسرى فأطارت أصابعه، ثمّ شدّ عليه حتى قتله،
        وأقبل ابن عمير وقد قتلهما وهو يرتجز ويقول: إن تنكروني فأنا ابن الكلبي(51).
        وعندما أتى الحرّ إلى الحسين عليه السلام وقال: يابن رسول الله،
        إنّي حين خرجت من الكوفة مع عسكر هذا الطاغي
        سمعت منادياً ينادي من خلفي:

        أبشر يا حرّ بخير، فالتفتُّ فلم أرَ أحداً، فقلت:
        والله ما هي ببشارة،

        أخرج إلى حرب ابن رسول الله وأُبشّر بخير
        .
        والآن علمت صواب ذلك القول.
        ولمّا كنت أوّل خارج عليك، فأذن لي أكون أوّل شهيد بين يديك.
        والصحيح أنّه لم يكن قد قتل من أصحاب الحسين عليه السلام أحد.
        حملة الحرّ وولده وأخيه على العسكر
        نعم، قد أُصيب بالجراحات جماعة، فأذن له الحسين عليه السلام،
        فحمل حملة الليوث المغضبة(52)، فلم يحصر عدد من قتله الحرّ(53).
        أمّا ولده عليّ فقتل برواية أبي مخنف سبعين فارساً
        ثمّ استشهد، فلمّا رآه أبوه الحرّ، قال: الحمد لله الذي رزقك الشهادة،
        وكان مصعب أخ الحرّ حينئذٍ في عسكر ابن سعد،
        فلمّا رأى حملات الحرّ وتكالب القوم عليه، وشهادة ابن أخيه
        كرّ على الحرّ بفرسه، فحسبوه قد حمل على أخيه ليقاتله،
        فلمّا وصل إليه عانقه وبكى، وجاء به إلى الحسين عليه السلام،
        فتاب وأناب ورجع إلى الميدان، فقاتل حتى قتل.
        وبقي الحرّ يدير رحى الحرب وحده يحصد الرؤوس ويخمد النفوس،
        حتى قَتل في حملته الأخيرة ثمانين فارساً من أبطالهم، فضجّ العسكر
        وصعب عليهم أمره، فنادى ابن سعد بالرماة والنبّالة فأحدقوا به
        من كلّ جانب حتى صار درعه كالقنفذ، هنالك اتّقدت نار الغيرة
        في كانون فؤاده، ووقف وقفة المستميت فنزل عن فرسه
        وعقرها لأنّها لم تستطع الاقتحام من كثرة السهام. وأخذ يكرّ عليهم
        راجلاً إلى أن سقط على الأرض وبه رمق، فكّر عليه أصحاب الحسين
        عليه السلام واحتملوه حتى ألقوه بين يدي الحسين عليه السلام،
        فجعل الحسين يمسح الدم والتراب عن وجهه وهو يقول:
        ما خطأت أُمّك إذ سمّتك حرّاً، أنت الحرّ في الدنيا والحرّ
        في الآخرة(54)، ثمّ استعبر عليه السلام.
        التحاق غلام الحرّ بعسكر الحسين عليه السلام
        وكان للحرّ غلام اسمه عروة تخلّف في جيش ابن سعد، فلما
        رأى شهادة مولاه وابنه وأخيه، وتفانيهم في الحرب، أخذه
        مثل الجنون والحيرة لا بالإيمان والغيرة، فجعل يضارب ويقاتل
        في وسط عسكر ابن سعد. وقيل: إنّه قَتل مَن عن يمينه ويساره
        حتى أتى الحسين عليه السلام فاستأذنه، فأذن له فقاتل حتى قتل.
        هنالك استعرت نار الحرب وألقت بأمراسها وعضّت بأضراسها.
        شهادة برير
        فتقدّم برير بن خضير(55)، وكان سيّد القرّاء، ومن أعبد أهل زمانه،
        فاستأذن الحسين عليه السلام فأذن له فحمل(56) كالليث الضاري
        والصاعقة النازلة، ففرّوا من بين يديه، فجعل يناديهم:
        اقتربوا منّي يا قتلة أولاد النبيّين، فبرز إليه
        يزيد بن معقل، فتباهلا أن يقتل الله المبطل منهما على يد المحقّ فتجالدا،
        ولم يلبث برير أن ضرب يزيد بالسيف على المغفر، فقدَّ المغفر
        وفلق هامته نصفين حتى سال مخّ دماغه وسقط إلى الأرض(57)،
        فكبّر العسكران، وحمل منقذ بن مرّة العبدي فاعتنقا وتصارعا فصرعه
        برير وجلس على صدره ولم يكن معه سيف ليقتله فشدّ عليه من ورائه
        كعب بن جابر، فطعن بريراً في ظهره، فلمّا احسّ بحرّ السنان عضّ أنف
        ابن منقذ فقطعه، وقام عنه.
        فوجد كعب بن جابر فرصة فعلاه بالسيف، ففاضت نفسه الطيّبة،
        وولّى منقذ منهزماً.
        قال ابن الأثير: لمّا رجع ابن جابر (لعنه الله) إلى زوجته قالت له:
        أعنت على ابن فاطمة، وقتلت بريراً سيّد القرّاء، فلا كلّمتك بعدها أبداً(58).

        تعليق


        • #5
          الا من ناصر ينصرنا

          شهادة وهب بن عبد الله الكلبي

          ثمّ خرج وهب بن عبد الله الكلبي(59)، وكانت معه أُمّه وزوجته.
          ويظهر من أنّ في أصحاب الحسين عليه السلام رجل آخر يسمّى وهب
          بن وهب، وكان نصرانياً، أسلم على يد الحسين عليه السلام في الطريق.
          وكانت أُمّ وهب تحثّه على القتال وتقول له قم يا بنيّ، فانصر ابن بنت
          رسول الله، فاستأذن الحسين عليه السلام وانحدر إلى المعركة،
          فقاتل حتى قَتل جماعة ورجع إلى أُمّه، وقال: أرضيتي يا أُمّاه فقالت:
          لا أرضى حتى تُقتل بين يدي أبي عبد الله. فرجع من فوره
          وقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً.
          وفي ناسخ التواريخ(60): أنّهم قطعوا يمينه، فصار يقاتل بشماله،
          فقطعوا شماله.
          زوجة وهب (أوّل شهيدة) فأخذت زوجته
          عموداً من حديد وانحدرت إلى المعركة تقاتل، فقال لها وهب:
          الآن كنت تنهينني عن القتال، وتقولين لي: لا تفجعني بنفسك، فما بدا لكِ؟ فقالت: سمعت
          من الحسين عليه السلام كلاماً قطّع نياطَ جناني، وهدّ أركاني، ورغبت معه
          عن الحياة، سمعته ينادي
          :
          واغربتاه، وا قلّة ناصراه، وا وحدتاه، أما من مجير يجيرنا، أمّا من ذابٍ يذبّ عنّا.
          وسمعت أصوات نسائه قد ارتفعت بالبكاء في الخيمة،
          وخرجت لاُِقتل معك وأنال السعادة. يقول صاحب
          الناسخ(61): ولمّا لم تكن له يد أنّه عضّ بأسنانه على ثيابها ليرجعها إلى الخيمة،
          فأفلتت نفسها منه، وعادت إلى الحرب، فاستغاث وهب بالحسين عليه السلام، فقال:
          جزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي إلى النساء بارك الله فيكِ فإنّه ليس عليكن قتال،
          ولم يزل بها حتى أرجعها، فوقفت تنظر ما يكون من زوجها حتى قتل، فجائت
          وجعلت تخضب شعرها بدمه، وتمسح جبينها بنحره،
          فأمر الشمر (لعنه الله) غلاماً له يقال له رستم، فضربها بعمود من الحديد،
          فصرعت إلى جنب زوجها(62).

          قال: وهي أوّل امرأة قُتلت في عسكر الحسين عليه السلام، ويظهر من هذا
          أنّه قتل في عسكره عليه السلام عدّة نساء.
          وحُمِل جسد وهب إلى ابن سعد (لعنه الله)، فجعل ينظر إليه ويقول:
          ما أشدّ صولتك، وأمر فقُطع رأسه ورُمي به إلى معسكر الحسين(63).
          اُمّ وهب
          فأخذته اُمّه، وجعلت تمسح الدم والتراب عنه وتقول:
          الحمد لله الذي بيّض وجهي بشهادتك بين يدي أبي عبد الله عليه السلام،
          ثمّ قالت: الحكم لله يا أُمّة السوء.
          إنّ النصارى في كنايسها، واليهود في بِيعها لخير منكم، ثمّ رمت
          برأس ولدها نحو عسكر ابن سعد(64).
          ويقول صاحب الناسخ(65): فمن عجيب الاتّفاق أنّه أصاب صدر قاتل وهب وقتله.
          ثمّ أخذت عمود خيمة وتوجّهت إلى المعركة، فقتلت نفرين، وجاء الحسين عليه السلام
          وردّها إلى الخيمة.

          تعليق


          • #6
            اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم و العن عدوهم

            عظم الله أجوركم بمصابنا بمولانا سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام

            جزاكم الله خيرا و أحسن الله لكم العزاء


            آجرك ِ الله اختاه

            تعليق


            • #7
              لبيك ياحسين
              مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال
              وبرز مسلم بن عوسجة(66)، ونافع بن هلال(67)، فلم يبرز إليهم رجل إلاّ قتلوه
              . فنادى عمرو بن الحجّاج بأصحابه: يا حمقاء،
              أتدرون مَن تقاتلون؟
              هؤلاء شجعان العصر

              وفرسان المصر، إنّهم قوم مستميتون، فلا يبرز إليهم منكم أحد،
              وإنّهم لقليل وقليل ما يبقون. والله لو لم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم.
              فقال ابن سعد: الرأي ما رأيت.
              ثمّ دنى ابن الحجّاج إلى صفّ السعداء بأصحابه الأشقياء، وهو يحرّضهم
              على الصبر ورشق النبل، ويقول لهم: لا تخرجوا عن طاعة إمامكم،
              ولا تفرّقوا الحوزة المجتمعة، ولا يكن خروج هذه الشرذمة القليلة
              عن الدين وعصيانها للإمام يدخل بالشكّ عليكم.
              فقال له الحسين عليه السلام: يابن الحجّاج، أعليَّ تحرّض الناس؟
              وأنا الخارج عن الدين زعمت وأنت الثابت عليه؟!! أُقسم بالله لتعلمنّ
              من المارق من الدين، إذا انتزع ملك الموت نفسك(68).
              ثمّ حمل ابن الحجّاج بالميمنة من جانب الفرات على أصحاب الحسين
              عليه السلام فاقتتلوا ساعة، ثمّ انجلت الغبرة وإذا بمسلم بن عوسجة
              صريع في المعركة(69).
              فجاء الحسين عليه السلام وحبيب وجلسوا عنده، وتكلّموا بما هو معروف(70).
              وصرخت جارية مسلم: واسيّداه، يابن عوسجتاه(71)،
              فعلم أصحاب ابن سعد أنّهم قتلوا مسلم فتباشروا.
              فقال شبث بن ربعي (لعنه الله): ثكلتكم أُمّهاتكم تقتلون أنفسكم بأيديكم،
              وتفرحون بذلك، أوَ يفرح مسلم بقتل مسلم، أُقسم لقد رأيت له مع
              جيوش المسلمين في حروب المشركين مواقف عظيمة،
              ومقامات كريمة(72).
              ثمّ حمل شمر (لعنه الله) بالميسرة على أصحاب الحسين عليه السلام،
              فثبتوا رضوان الله عليهم، وقاتلوا بقلب ثابت وجأش رابط
              وهم مع ذلك لم يكونوا بأكثر من اثنين وثلاثين فارساً.
              وقد ذكرهم أرباب المقاتل بهذه العبارة، قالوا: فلا يحملون على جانب
              من خيل الكوفة إلاّ كشفوه.
              وأرسل عروة بن قيس ـ وكان أميراً على فرسان أهل الكوفة ـ
              إلى ابن سعد يقول: أما ترى إلى ما تلقى خيلي من هذه العدِّة اليسيرة،
              ابعث إليهم الرجّالة والرماة.
              فقال ابن سعد لشبث ـ وكان أميراً على الرماة ـ: ألا تذهب إليهم
              وتكفينا أمرهم، فأظهر شبث الكراهية، ولم تزل آثار كراهيّة
              القتال ظاهرة عليه، فقال: سبحان الله، أكبر قبائل مضر وشيخ كافة
              أهل الكوفة ألم تجد من جملة هذه
              الشجعان ومشاهير الفرسان وسائر الرماة والنبالة أشجع
              ولا أقوى منّي، فعندها نادى ابن سعد الحصين بن نمير
              وانتخب له خمسمائة من الرماة فرموا أصحاب الحسين عليه السلام
              فثبتوا لرشق النبال، وشقّ الأنصال، وقد تتابعت كالقطر والمطر،
              فما مضى غير قليل إلاّ وحمل أصحاب الحسين عليه السلام عليهم
              حملة الليوث الضواري وفرّقوهم تفريق الجراد المنتشر.
              وقال ابن الأثير(73): إنّ أشدّ قتال أوجده الله في العالم ما برز
              من أصحاب الحسين عليه السلام في ذلك اليوم، وكان عليه السلام أمر
              أن تجعل بيوته وخيامه وخيام أصحابه كلّها بعض إلى بعض، حتى يصير كشيء
              واحد، وأن تجعل خلف ظهورهم وعن أيمانهم وشمائلهم ويستقبلوا بوجه
              واحد، رأى ابن سعد ما أعياه من صبرهم وثباتهم وشجاعتهم أراد أن يأتيهم
              من ورائهم ويحيط بهم من جميع جوانبهم، فأمر ابن سعد أن تقوّض
              الخيام وتقطّع الأطناب، فأمر الحسين عليه السلام بعض أصحابه فوقف
              بين الأطناب يدافع عن الخيام، فإذا دنى الفارس عقر فرسه،
              وإذا أبعد شُكّ بالنبل في فؤاده، لذا أمر ابن سعد أن تحرق الخيام على مَن فيها
              من ودايع النبوة، لينفتح لهم طريق العبور إلى أصحاب الحسين عليه السلام
              من خلفهم.
              فقال عليه السلام: لا ضير عليكم من إحراقها فإنّها تكون خندقاً بينكم
              وبينهم تمنعهم الوصول إليكم، ثمّ إنّ أصحاب النار أحرقوا جملة من الخيام
              التي على اليمين واليسار ولم يمكّنهم العبور، كما قال الإمام.
              وجاء شمر (لعنه الله) مع عدّة من زبائنه، فوقف على
              فسطاط الحسين

              وهو مضروب السرادق على حرم الرسالة وكبرياء العصمة ومخدّرات العزّة،
              فقال:
              عليَّ بالنار لأُِحرقه على مَن فيه، فخرجت الجواري
              وهنّ صوائح،
              فقال الإمام عليه السلام للشمر:
              أنت تحرق بيتي على أهلي،
              أحرقك الله بالنار، فمنعه حميد بن مسلم فلم يمتنع،
              وما انفكّ يطلب النار حتى جاءه شبث بن ربعي فصرفه عن ذلك.

              تعليق


              • #8
                تقبل الله منك عزيزتي وعظم الله لك الاجر واجزل الثواب

                رزقك الله الجنان

                تعليق


                • #9
                  بأبي انت وامي يا ابا عبد الله
                  اهتمام الحسين عليه السلام بصلاة الجماعة في المعركة
                  ثمّ إنّ الإمام عليه السلام صلّى صلاة الزوال بأصحابه صلاة الخوف
                  وتقدّم سعيد بن عبد الله الحنفي(74)، وجعل بدنه وقاية للإمام عليه السلام
                  وقف يقيه بنفسه ما زال ولا تخلّى حتى سقط على الأرض وهو يقول:
                  اللّهمّ العنهم لعن عاد وثمود، اللّهمّ أبلغ نبيّك عنّي السلام وأبلغه
                  ما لقيت من الجراح(75)، ثمّ قضى (رضوان الله عليه) والذين جعلوا
                  أنفسهم للحسين وقاية ومجناً جماعة من أصحابه، منهم:
                  حنظلة بن سعد الشبامي(76)، وعمرو بن قرظة الأنصاري(77)،
                  فكان لا يأتي الحسين عليه السلام سهم إلاّ اتّقاه، ولا سيف إلاّ تلقّاه،
                  فلم يكن يصل إلى الحسين عليه السلام سوء، حتى أُثخن بالجراح،
                  فالتفت إلى الحسين عليه السلام وقال: أوفيت يابن رسول الله؟!
                  فقال: نعم أنت أمامي في الجنة، فاقرأ جدّي السلام واعلمه أنّي بالأثر(78).
                  والغرض أنّه قد ظهرت ذلك اليوم من تلك الليوث الضواري والبدور
                  السواري شجاعة خارقة وجلادة صادقة، وقد أثر عن ثقات المحدّثين
                  أنّ شجاعة تلك الفئة القليلة وبسالتهم في ذلك الموقف قد أدهشت
                  عقول ذوي المعرفة وفاتت حدّ النعت والصفة(79).
                  حتى إنّ زهير بن القين رضى الله عنه ما سقط ولا قتل حتى قتل
                  منهم مائة وعشرين فارساً(80).
                  وحبيب بن مظاهر اثنين وستّين من أبطالهم(81).
                  شهادة نافع بن هلال
                  وكان نافع بن هلال كتب اسمه على أفواق سهامه وسقى نصاله
                  السمّ، فقتل بسهم واحد اثنى عشر رجلاً، ولما خلت كنانته من السهام،
                  قاتل بسيفه حتى تكسّرت عضداه وأُخذ أسيراً إلى ابن سعد فقتله الشمر صبراً(82).
                  قال ابن الأثير(83): إنّ أبا الشعثاء الكندي المعروف بيزيد
                  بن زياد جثا بين يدي الإمام عليه السلام على ركبتيه،
                  ورمى مائة سهم فأصاب مائة رجل ما أخطأ سوى أربعة.
                  عابس بن شبيب(84)
                  وقال ربيع بن تميم: لمّا دخل المعركة عابس بن شبيب أشجع فارس،
                  ناديت: هذا أسد الأُسود، هذا ابن شبيب، فلا يبارزنّ إليه أحد،
                  فوقف يطلب المبارزة، وينادي ألا رجل؟ فلا يجاب، وقد أحجم ذلك
                  الجمع الغفير كلّهم عنه، فنادى ابن سعد: ويحكم ارضخوه بالحجارة(85)،
                  فأحاطوا به وجعلوا يرضخونه بالصخور، فلمّا رأى عابس (رضوان الله عليه)
                  ذلك نزع درعه ومغفرته وألقاهما وشدّ عليهم شدّة الصقر على الرخم،
                  فاُقسم بالله لقد رأيته طرد أكثر من مائتين، ثمّ رأيت رأسه بعد ذلك
                  بين جماعة كلّ يقول أنا قتلته، فقال لهم ابن سعد: لا تختصموا
                  فإنّ عابس لم يك ليقتله رجل واحد، بل كلّ العسكر قتله.
                  شوذب مولى شاكر(86) ثمّ تقدّم شوذب
                  مولى شاكر، فقال:
                  يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسى على وجه الأرض
                  قريب ولا بعيد أعزّ عليَّ ولا أحبّ إليَّ منك،
                  ولو قدرت أن أدفع الضيم
                  عنك أو القتل بشيء أعزّ من نفسي وروحي لفعلت، السلام عليك
                  يا أبا عبد الله، اشهد الله أنّي على هداك وهدى أبيك.
                  ثمّ استأذن وبرز، فقاتل حتى قُتِل.
                  وعلى مثل هذا جلّهم، بل كلّهم.

                  تعليق


                  • #10
                    ياحسين
                    حبيب بن مظاهر
                    ففي بعض الأخبار87) إنّ حبيب بن مظاهر أحد السبعين
                    الذين لاقوا جبال الحديد، واستقبلوا السيوف والرماح بوجوههم
                    وصدورهم والأموال تبذل لهم، والأمان يعرض عليهم،
                    والبلاء المحدق بهم وبأهاليهم وهم يمتنعون أشدّ الامتناع ويقولون
                    لا عذر لنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أن يصل إلى الحسين
                    سوء وفينا عين تطرف، ولم يزالوا يبرز إلى الحرب واحد بعد واحد حتى قُتلوا جميعاً.
                    أهل البيت عليهم السلام في الميدان
                    ولم يبق مع الحسين عليه السلام سوى لحمته من أولاده وخاصّة أهل بيته،
                    فاجتمعوا وجعل يودّع بعضهم بعضاً ويبكون(88).
                    فقيل: وّل من تقدم من بني هاشم بنو عقيل، بدأهم بذلك عبد الله بن مسلم،
                    ثمّ أخوه محمّد، ثمّ عمّه جعفر بن عقيل، ثم أولاد جعفر بن أبي طالب،
                    ثمّ أولاد الحسين عليه السلام، ثمّ أولاد أمير المؤمنين، وهم يناهزون العشرة.
                    ولكن الأصحّ أوّل من تقدّم من بني هاشم عليّ الأكبر(89)
                    (سلام الله عليه)، كما في نصّ زيارة الناحية:
                    السلام عليك يا أوّل قتيل من نسل إبراهيم الخليل(90).
                    وعلى الجملة: فبعد شهادة أنصار الحسين عليه السلام، تقدّم إلى
                    مكافحة الأهوال ومناطحة الأبطال أولاده وأولاد عمّه جعفر وعقيل،
                    وأولاد اخوته، فأبدوا من الشهامة والكرامة والبراعة والشجاعة
                    والبسالة والنجدة ما أدهش العقول والألباب وفات حدّ العجب
                    والاعجاب، كما هو مقتضى شرف عنصرهم، ونفاسة جوهرهم،
                    وقداسة ذواتهم، وجدّوا واجتهدوا في إعلاء كلمة الله ومواسات ولي الله.
                    وإن الأُولى بالطفّ من آل هاشم
                    تأسّوا فسنّوا الكرام التأسيّا
                    علي الأكبر عليه السلام
                    أمّا عليّ الأكبر، فقد قال أرباب المَقاتل أنّه لم يزل يقاتل حتى ضجّ
                    العسكر من كثرة القتلى(91)، ولذا لمّا صرع بضربة منقذ
                    بن مرّة العبدي وحمله الفرس إلى معسكر الأعداء قطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً(92).

                    تعليق


                    • #11
                      يامظلوم كربلاء
                      مصرع العبّاس عليه السلام
                      وأمّا العباس: فناهيك من شجاعته أنّه كان حامل لواء
                      الحسين عليه السلام
                      (93).
                      وهذا اللواء حمل مع السبايا والصفايا إلى يزيد (لعنه الله)،
                      فلمّا نشره لم يجد فيه موضعاً سالماً من رشق السهام،
                      وطعن الرماح، وضرب السيوف، سوى موضع قبضة كفّ العباس.
                      فلما نظر إليه بهذه الصفة أخذه العجب وجعل يقوم ويقعد ويقول:
                      أبيت اللعن أبا الفضل، هكذا يصنع الأخ لأخيه؟!!
                      وأعظم من ذلك قول بني أسد(94) أنّ على المسناة بطلاً كلّما حملنا
                      منه جانباً سقط الآخر. ولم يختصّ ذلك برجالهم وأبطالهم،
                      بل ما بدى من غلمانهم وأطفالهم أدهى وأدهش.

                      تعليق


                      • #12

                        هيهات منا الذلة
                        إن تنكروني فأنا نجل الحسن
                        سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن

                        القاسم بن الحسن عليه السلام
                        فهذا القاسم بن الحسن، وهو غلام لم يبلغ الحلم.
                        وقال أرباب المَقاتل: لمّا نظر الحسين عليه السلام قد برز، اعتنقه
                        وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما(95)، فلمّا أفاقا استأذن عمّه،
                        فأبى أن يأذن له، فلم يزل يقبّل يديه ورجليه ويبكي حتى أذن له(96).
                        فانحدر إلى الميدان ودموعه تسيل على خدّيه وهو يقول:
                        إن تنكروني فأنا نجل الحسن
                        سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن
                        هذا حسين كالأسير المرتهن
                        بين اُناس لا سقوا صوب المزن
                        وكان جبينه كالكوكب الدرّي، ووجهه كفلقة قمر.
                        قالوا: فقاتل قتالاً شديداً حتى قَتل على صغر سنّه اثنين وثلاثين
                        فارساً، وقيل سبعين(97).
                        وفي الناسخ(98): أنّهم وجّهوا لمبارزته فارساً يعدّ بألف، فما لبث
                        القاسم عليه السلام أن قسّه إلى نصفين.
                        وبرز هذا الغلام، وهو على اُبّهته ووقاره وشارته وشعاره، عليه رداءان،
                        وفي رجليه نعلان، يتهادى إلى منيّته كأنّه يزفّ إلى حجلته. ثمّ لما انقطع
                        شسع نعله وهو بين الاسنة والسيوف كالبدر في هالته، وقف يشد شسع
                        نعله غير ميّال ولا مكترث، كأنّ نقيبته الزكية وجنانه الثابت أبى له أن
                        يمشي في ميدان البسالة والاقدام حافي الأقدام(99)، فبينا هو منحنٍ يشدّ
                        نعله إذ شدَّ عليه عمر بن سعد الأزدي (لعنه الله)، فضربه بالسيف
                        على اُمّ رأسه، فوقع لوجهه(100) ونادى: يا عمّاه، فانقضّ عليه كالصقر،
                        وشدّ على الصفوف شدّ الليث في الحرب، وضرب عمراً قاتله بالسيف،
                        فاتّقاه بيده فأطنّها(101) من المرفق، فصاح صيحة سمعها العسكر،
                        وحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه، فاستقبلته بصدورها ووطأته بحوافرها،
                        حتى هلك(102)، فانجلت الغبرة وإذا بالحسين عليه السلام قائم على
                        رأس الغلام وهو يفحص برجليه. والحسين عليه السلام يقول:
                        يعزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك (فلا يغني عنك)،
                        هذا والله يوم كثر واتره وقلّ ناصره(103).
                        ثمّ احتمله وقد وضع صدره على صدره، فجاء به وألقاه بين القتلى
                        من أهل بيته(104).
                        هذا حال أطفالهم، وتلك حال أبطالهم، فعلى مثلهم فليبك الباكون
                        وليندب النادبون(105).

                        وحدة الحسين عليه السلام

                        ثمّ إنّ الحسين عليه السلام لمّا نظر إلى مصارع أنصاره وأهل بيته والتفت
                        يميناً فلم ير أحداً، والتفت شمالاً فلم ير أحداً، استعبر باكياً واستغاث
                        استغاثته الثانية ونادى: هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟
                        هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في اغاثتنا(106)؟
                        فلم يجبه سوى زين العابدين عليه السلام، فمنعته أُمّ كلثوم لما به من المرض،
                        فقال: دعيني يا عمّتاه اُقاتل بين يدي ابن رسول الله.
                        فصاح الحسين عليه السلام:خذيه يا أُختاه لئلاّ تبقى الأرض خالية
                        من نسل آل محمّد(107).
                        توديع الحسين عليه السلام للعيال
                        ثمّ عزم على لقاء القوم بنفسه، فجاء إلى الخيام للتوديع ثاني مرّة، فنادى:
                        يا زينب، يا أُمّ كلثوم، يا سكينة، يا فاطمة، عليكنّ منّي السلام،
                        ثمّ جعل يوصيهنّ بالصبر والسكينة والتسليم لقضاء الله.
                        وقال لهنّ: استعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ الله حافظكم وحاميكم،
                        وسينجّيكم من شرّ الأعداء، ويعِّذب أعدائكم بأنواع العذاب،
                        ويعوّضكم عن هذه البلية بأنواع النِعم والكرامة، فلا تشكّوا
                        ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقص قدركم ويحبط أجركم(108).
                        فقالت سكينة: يا أبة، استسلمت للموت فإلى من تكلنا؟
                        فقال: يا نور عيني، كيف لا يستسلم للموت
                        من لا ناصر له ولا معين؟

                        ورحمة الله ونصرته لا تفارقكم في الدنيا ولا في الآخرة، فاصبري
                        لقضاء الله ولا تشكّي، فإنّ الدنيا فانية والآخرة هي باقية(109).
                        ثمّ بعد أن فرغ من وداع حرائر النبوة ووداع الرسالة انحدر
                        إلى المعركة موطّناً على مجالدة القوم بنفسه.

                        تعليق


                        • #13
                          خطبة الحسين عليه السلام الخامسة
                          وقبل أن يضع السيف فيهم ألقى خطبته الخامسة عليهم وهي التي يقول فيها:
                          إيه أيّتها الجماعة، هذا آخر مقام أقرع فيه أسماعكم، واحتجّ به عليكم...
                          إلى آخرها.
                          خطب تلك الخطب الأربع قبل الظهر، وخطب هذه الخطبة بعد الظهر،
                          وليس معه أحد، ثمّ تقدّم للمكافحة(110).
                          الحسين عليه السلام في الميدان
                          روى جميع أرباب المَقاتل واثبات المؤرّخين الأفاضل أنّه (صلوات الله عليه)
                          حين بقي وحيداً وتقدّم للحرب صار يتقدّم إليه من جند ابن سعد
                          من صناديد الأبطال وفرسان الرجال واحداً بعد واحد فيقتله(111).
                          فصاح ابن سعد بأصحابه: الويل لكم أتدرون لمن تقاتلون؟
                          هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتّال العرب،
                          فاحملوا عليه
                          بأجمعكم حملة رجل واحد(112).
                          فحملوا عليه من كلّ جانب حتى جعلوه في مثل الدائرة، وجعل هو
                          (سلام الله عليه) يغوص في الأوساط، ويقلب الميمنة على الميسرة
                          حتى قتل عامّتهم، وأقام قيامتهم، ولم يزل يقتل في كلّ حملة جملة،
                          وفي كلّ كرّة كثرة، وفي كلّ زحوف أُلوف(113).
                          قال حميد بن مسلم: فوالله ما رأيت مكثوراً قط قد قُتل ولده وأصحابه
                          أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أشدّ إقداماً منه قطّ(114)،
                          وإن كانت الرجال لتشدّ عليه، فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عنه
                          انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب، ولقد كان يحمل فيهم،
                          وقد تكملوا ثلاثين ألفاً، فينهزمون من بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر(115).
                          وكان (سلام الله عليه) في كلّ تلك البرهة يقاتل فارساً تارة على
                          (المرتجز)، وأُخرى على غيره.
                          ولكنّ الظاهر أنّ الحجر المشوم والسهم المسموم ذو الثلاث شعب
                          وطعنة صالح بن وهب، أوجبت في وجوده المقدّس ما لا يستطيع
                          القلم أن يسطره ولا اللسان أن يذكره.
                          ولكن لمّا خلا سرج ذي الجناح من هيكل الوحي والتنزيل،
                          أو فقل هوى على الأرض عرش الملك الجليل(116)، وفي المَثَل
                          (عرش بر زمين افتاد)(117) جعل (صلوات الله عليه) يقاتل،
                          وهو راجل في الأرض قتالاً أقعد الفوارس، وأرعد الفرائص،
                          وأذهل عقول فرسان العرب، وأطار عن الرؤوس والألباب واللبيب.
                          يقول عزّ الدين ابن الأثير(118):
                          قاتل (سلام الله عليه) راجالاً قتال الفارس الشجاع يتّقي الرمية،
                          ويتفرس العودة، ويشدّ على الخيل وهو يقول: ويحكم إلى قتلي
                          تجتمعون؟! ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله(119).
                          قال المجلسي (رحمه الله)(120):
                          ثمّ حمل عليهم كالليث المغضب فجعل لا يلحق أحداً إلاّ بعجه بسيفه
                          فقتله، والسهام تأخذه من كلّ ناحية وهو يتّقيها بنحره وصدره، ويقول:
                          يا أُمّة السوء بئسما خلّفتم نبيّكم محمّداً في عترته.
                          ولم يزل عليه السلام على هذا ومثله حتى اقتطعوه وحالوا بينه
                          وبين رحله فصاح: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم
                          دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم،
                          وارجعوا إلى أحسابكم وأنسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون.
                          فناداه شمر: ما تقول يابن فاطمة؟
                          قال: أقول:
                          أنا الذي أُقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهنّ جناح،
                          فامنعوا عتاتكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّاً
                          (121).
                          فقال: لك ذلك يابن فاطمة، ثمّ قال:
                          اقصدوه بنفسه فلعمري لهو كفو كريم
                          (122).
                          ثمّ جعل يحمل ويحملون عليه.
                          وهو في ذلك يطلب شربة من الماء،
                          ويتلظّى كبده من الظمأ، ويلوك بلسانه من شدّة العطش،
                          وقد صار كالخشبة.
                          ثمّ لمّا اشتدّ به الاعياء والعناء،
                          وضعف منه الحال عن القتال، وقف ليستريح هنيئة ولكن سنان
                          ابن أنس، وسيف زرعة بن شريك لم يتمكّن معهما حتى من الوقوف
                          على الأرض، وكان قد أعيا فقعد.

                          تعليق


                          • #14
                            أنا الحسين بن علي آليت ان لا أنثني
                            غلام للإمام الحسن عليه السلام
                            وبينا (سلام الله عليه) هو جالس على الرمضاء،
                            خرج من الخيام غلام(123) كأنّ وجهه
                            فلقة قمر، وفي أُذنيه قرطان يتذبذبان على خدّيه.
                            فجعل يعدو ويركض حتى جاء إلى عمّه الحسين عليه السلام
                            وكأنّه لمّا رأى عمّه على تلك الحال والدماء تسيل من جميع
                            جوانبه وجوارحه أدهش وذهل، وبينا هو واقف ينظر إلى عمّه
                            مبهوتاً أهوى بحر بن كعب إلى الحسين عليه السلام بسيفه ليضربه.
                            فقال له الغلام: أتضرب عمّي؟ يابن الخبيثة، فعدل بضربته
                            إلى الغلام فأصابت يده فأطنّها من المرفق وبقيت معلّقة(124)،
                            فصاح الغلام:
                            واعمّاه فأخذه عمّه وضمّه إليه وأجلسه في حجره،
                            فرماه حرملة بن كاهل فذبحه وهو في حجر عمّه(125)
                            فاحتسبه عند الله وقال:
                            هوّن عليَّ ما نزل بي أنّه بعين الله.
                            ثمّ جعل يبكي بكاءً عالياً(126)، ثمّ انتهى به الحال (سلام الله عليه)
                            أنّه من كثرة نزف الدماء، ومن
                            شدّة العطش والظمأ،
                            ومن حرارة الشمس
                            ولفح الهجير،
                            وترادف المصائب والرزايا، لم يتمكّن حتى البقاء
                            جالساً على الأرض فصنع له وسادة من الرمل ونام عليها.
                            ولكن احسب السهام التي في درعه الذي بنى عليه بنياناً وصار كالقنفذ منعته
                            حتى من النوم، فجعل (أرواح العالمين له الفداء) ينوء ويكبو
                            ويضطجع(127) ثمّ يرتفع، حتى اُغمي عليه وصار فرسه النجيب يحامي
                            عنه وعليه يحوم، والإمام تارة يقعد واُخرى يقوم.
                            فرس الحسين عليه السلام
                            قال ابن شهرآشوب(128):
                            لمّا صرع الحسين عليه السلام جعل فرسه يحامي عنه، فيثبّ
                            على الفارس فيخبطه على سرجه ويدوسه برجله، حتى قتل الفرس
                            أربعين فارساً. ثمّ تمرّغ في دم الحسين عليه السلام وولّى.
                            وكأنّ ذلك الفرس، بل الفارس، لمّا رأى أن قد غلب عليه،
                            وأنّ الأمر قد خرج من يديه، وأنّ الشرّ قد تفاقم أو زاد،
                            وأنّ سخط الله قد وقع على العباد أو كاد، قصد الخيمة وله صهيل عال(129)،
                            وهو يضرب بيديه الأرض، ويقول في صهيله:
                            الظليمة الظليمة من اُمّة قتلت ابن بنت نبيّها!!
                            قال: فخرجت زينب بنت عليّ من الفسطاط تنادي:
                            وا أخاه، واسيّداه، ليت السماء أُطبقت على الأرض(130)،
                            وليت الجبال تدكدكت على السهل(131)، يابن سعد أيقتل
                            أبو عبدالله وأنت تنظر إليه؟!
                            فصرف وجهه الخبيث عنها ودموعه تسيل على لحيته المشؤومة(132).
                            والحسين عليه السلام في كلّ ذلك مغمىً عليه، تحاماه
                            الناس وكلّ من أقبل عليه انصرف عنه مخافة أن يلقى الله بدمه
                            (133)، فتركوه قليلاً، ثمّ عادوا إليه.
                            ونادى شمر (لعنه الله): ويلكم ما تنتظرون بالرجل؟
                            فلم يجسر عليه أحد؟
                            فنزل هو إليه بنفسه(134) (وكان ما كان من انفاذ مسطور).
                            ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله
                            عظم الله لكم الاجر ياموالين واثابكم بحق الحسين
                            انا لله وانا اليه راجعون

                            http://www.annajat.org/v4_2/pages/oc...subindex01.htm

                            تعليق


                            • #15
                              إنا لله وإنا اليه راجعون

                              السلام على المنحور المكروب
                              قطعوا رأس ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطشانا
                              حرقوا الخيام بعده وسبوا النساء واعتقلوهم مع الإمام زين العابدين عليه السلام وعلقوا رأسه على أسنة الرماح أمام أعينهم
                              التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 16-07-2024, 10:25 PM.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X