اللهم صل على محمد وآل محمد
و عجل فرجهم

دع بكاء الانبياء والاوصياء، ودع عنك ما كان من ملائكة السماء، وقل لي:
هل جهلت نوح الجن في طبقاتها، ورثاء الطير في وكناتها، وبكاء الوحش في فلواتها، ورسيس حيتان البحر في غمراتها؟
وهل نسيت الشمس وكسوفها، والنجوم وخسوفها، والارض وزلزالها، وتلك الفجائع وأهوالها؟
أم هل ذهلت عن الاحجار ودمائها، والاشجار وبكائها، والافاق وغبرتها، والسماء وحمرتها، وقارورة أم سلمة وحصياتها، وتلك الساعة وآياتها؟
ألم يرو الملاّ عن أم سلمة ـ كما في الصواعق وغيرها ـ: أنّها قالت:
سمعت نوح الجن على الحسين؟
وروى ابن سعد ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّها بكت حينئذ حتّى غشي عليها.
وأخرج أبو نعيم الحافظ في الدلائل عنها ـ كما نقله السيوطي ـ قالت: سمعت الجن تبكي على الحسين وتنوح عليه.
وأخرج ثعلب في أماليه ـ كما في تاريخ الخلفاء أيضاً ـ عن أبي خباب الكلبي، قال: أتيت كربلاء، فقلت لرجل من أشراف العرب: أخبرني بما بلغني أنكم تسمعونه من نوح الجن؟ فقال: ما تلقى أحداً إلاّ أخبرك أنه سمع ذلك، قال: فأخبرني بما سمعت أنت؟ قال سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه____ فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش ____ وجده خير الجدود
وأخرج أبو نعيم الحافظ في كتابه دلائل النبوة عن
نصرة الازدية قالت:
لما قتل الحسين بن علي أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وحبابنا وجرارنا مملوءة دماً
.
قال ابن حجر ـ بعد إيراده في الصواعق ـ: وكذا روي في أحاديث غير هذه.
قال: وممّا ظهر يوم قتله من الايات أيضاً: أنّ السماء اسودت اسوداداً عظيماً حتى رؤيت النجوم نهاراً.
قال: ولم يرفع حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط .
وأخرج أبو الشيخ ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّ السماء احمرت لقتله (عليه السلام)، وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النار، وظنّ الناس أن القيامة قد قامت.
قال: ولم يرفع حجر في الشام إلاّ رؤي تحته دم عبيط .
وأخرج عثمان بن أبي شيبة ـ كما في الصواعق وغيرها ـ:
أنّ الشمس مكثت بعد قتله (عليه السلام) سبعة أيام ترى
على الحيطان كأنها ملاحف معصفرة من شدة حمرتها، وضربت الكواكب بعضها بعضاً.
قال في الصواعق: ونقل ابن الجوزي عن ابن سيرين: أنّ الدنيا اظلمت ثلاثة أيام، ثم ظهرت الحمرة في السماء.
إلى آخر ماهو مذكور في كتب السنة، مما يدلّك على
انقلاب الكون بمقتله (عليه السلام)، وأنّه قد بكته السماء وصخور الارض دماً.
ولو فرض خصمنا جاهلاً بما في تلك الكتب مما سمعت بعضه، فهل يجهل ما قام به ابن نباته خطيباً على أعواده، وتركه سنة لخطباء المسلمين في الجمعة الثانية من المحرم في كلّ سنة، وإليك ما اشتملت عليه تلك الخطبة بعين لفظه:
قال: بكت لموته الارض والسموات، وأمطرت دماً، وأظلمت الافلاك من الكسوف، واشتدّ سواد السماء، ودام ذلك ثلاث أيام، والكواكب في أفلاكها تتهافت، وعظمت الاهوال حتى ظنّ أنّ القيامة قد قامت.
قال: كيف لا وهو ابن السيدة فاطمة الزهراء، وسبط سيد الخلائق دنياً وآخرة، وكان عليه الصلاة والسلام من حبّه في الحسين يقبل شفتيه، ويحمله كثيراً على كتفيه، فكيف لو رآه ملقى على جنبيه، شديد العطش والماء بين يديه، وأطفاله يصيحون بالبكاء عليه؟؟ لصاح عليه الصلاة والسلام، وخرّ مغشياً عليه.
قال: فتأسفوا رحمكم الله على هذا السبط السعيد الشهيد، وتسلّوا بما أصابه عما سلف لكم من موت الاحرار والعبيد، واتقوا الله حق تقواه.
قال: وفي الحديث: إذا حشر الناس في عرصات القيامة، نادى مناد من وراء حجب العرش: يا أهل الموقف، غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمد، فتجوز وعليها ثوب مخضوب بدم الحسين، وتتعلّق بساق العرش وتقول: «أنت الجبار العدل، اقضي بيني وبين من قتل ابني»، فيقضي الله بينها وبينه، ثم تقول: «اللّهم شفّعني فيمن بكى على مصيبتي»، فيشفعها الله تعالى فيهم... إلى آخر كلامه.
[ إبك لبكاء الشمس والقمر ]
فهلـ بعد هذا كلّه ـ تقول: إنّ البكاء على مصائب أهل البيت بدعة؟!
وهب أنّك لا ترجوا شفاعة الزهراء، ولا تبكي
لبكاء الانبياء والاوصياء، فابك لبكاء الشمس والقمر، ولا يكن قلبك أقسى من الحجر، إبك لبكاء عمر بن سعد أو عمرو بن الحجاج والاخنس بن يزيد ويزيد بن معاوية أو خولي والسالب لحليّ فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، إبك لبكاء العسكر بأجمعه، فقد شهدت كتب السير بكاءهم مع خبث أمهاتهم وآبائهم.
أيحسن منك ـ وأنت مسلم ـ أن يصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)بهذه الفجائع، وتحل بساحته تلك القوارع، ثم تتخذها ظهرياً، وتكون عندك نسياً منسياً؟! ما هذا شأن أهل الوفاء، ولا بهذا تكون المواساة لسيد الانبياء (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن الانقلاب الهائل، وتلك الاحوال المدهشة ـ من الخسوف، والكسوف، ورجف الارض، وظلمة الافق، وتهافت النجوم، وحمرة السماء، وبكاء الصخر الاصم دماً ـ لم تكن إلاّ إظهاراً لغضب الله عز وجل، وتنبيهاً على فظاعة الخطب، وتسجيلاً لتلك النازلة في صفحات الافق، لئلاّ تنسى على مرّ الليالي والايام، وفيها من بعث الناس على استشعار الحزن وادثار الكآبة ما لا يخفى على أولي الالباب.
المصدر : مقتطف من كتاب المأتم الحسيني

عظم الله لنا و لكم الاجر بمصاب الحسين عليه السلام
واحســــــــــــــــــــــــيناه
و سيـــــــــــــــــــــــــداه
و عجل فرجهم

دع بكاء الانبياء والاوصياء، ودع عنك ما كان من ملائكة السماء، وقل لي:
هل جهلت نوح الجن في طبقاتها، ورثاء الطير في وكناتها، وبكاء الوحش في فلواتها، ورسيس حيتان البحر في غمراتها؟
وهل نسيت الشمس وكسوفها، والنجوم وخسوفها، والارض وزلزالها، وتلك الفجائع وأهوالها؟
أم هل ذهلت عن الاحجار ودمائها، والاشجار وبكائها، والافاق وغبرتها، والسماء وحمرتها، وقارورة أم سلمة وحصياتها، وتلك الساعة وآياتها؟
ألم يرو الملاّ عن أم سلمة ـ كما في الصواعق وغيرها ـ: أنّها قالت:
سمعت نوح الجن على الحسين؟
وروى ابن سعد ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّها بكت حينئذ حتّى غشي عليها.
وأخرج أبو نعيم الحافظ في الدلائل عنها ـ كما نقله السيوطي ـ قالت: سمعت الجن تبكي على الحسين وتنوح عليه.
وأخرج ثعلب في أماليه ـ كما في تاريخ الخلفاء أيضاً ـ عن أبي خباب الكلبي، قال: أتيت كربلاء، فقلت لرجل من أشراف العرب: أخبرني بما بلغني أنكم تسمعونه من نوح الجن؟ فقال: ما تلقى أحداً إلاّ أخبرك أنه سمع ذلك، قال: فأخبرني بما سمعت أنت؟ قال سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه____ فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش ____ وجده خير الجدود
وأخرج أبو نعيم الحافظ في كتابه دلائل النبوة عن
نصرة الازدية قالت:
لما قتل الحسين بن علي أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وحبابنا وجرارنا مملوءة دماً
.
قال ابن حجر ـ بعد إيراده في الصواعق ـ: وكذا روي في أحاديث غير هذه.
قال: وممّا ظهر يوم قتله من الايات أيضاً: أنّ السماء اسودت اسوداداً عظيماً حتى رؤيت النجوم نهاراً.
قال: ولم يرفع حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط .
وأخرج أبو الشيخ ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّ السماء احمرت لقتله (عليه السلام)، وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النار، وظنّ الناس أن القيامة قد قامت.
قال: ولم يرفع حجر في الشام إلاّ رؤي تحته دم عبيط .
وأخرج عثمان بن أبي شيبة ـ كما في الصواعق وغيرها ـ:
أنّ الشمس مكثت بعد قتله (عليه السلام) سبعة أيام ترى
على الحيطان كأنها ملاحف معصفرة من شدة حمرتها، وضربت الكواكب بعضها بعضاً.
قال في الصواعق: ونقل ابن الجوزي عن ابن سيرين: أنّ الدنيا اظلمت ثلاثة أيام، ثم ظهرت الحمرة في السماء.
إلى آخر ماهو مذكور في كتب السنة، مما يدلّك على
انقلاب الكون بمقتله (عليه السلام)، وأنّه قد بكته السماء وصخور الارض دماً.
ولو فرض خصمنا جاهلاً بما في تلك الكتب مما سمعت بعضه، فهل يجهل ما قام به ابن نباته خطيباً على أعواده، وتركه سنة لخطباء المسلمين في الجمعة الثانية من المحرم في كلّ سنة، وإليك ما اشتملت عليه تلك الخطبة بعين لفظه:
قال: بكت لموته الارض والسموات، وأمطرت دماً، وأظلمت الافلاك من الكسوف، واشتدّ سواد السماء، ودام ذلك ثلاث أيام، والكواكب في أفلاكها تتهافت، وعظمت الاهوال حتى ظنّ أنّ القيامة قد قامت.
قال: كيف لا وهو ابن السيدة فاطمة الزهراء، وسبط سيد الخلائق دنياً وآخرة، وكان عليه الصلاة والسلام من حبّه في الحسين يقبل شفتيه، ويحمله كثيراً على كتفيه، فكيف لو رآه ملقى على جنبيه، شديد العطش والماء بين يديه، وأطفاله يصيحون بالبكاء عليه؟؟ لصاح عليه الصلاة والسلام، وخرّ مغشياً عليه.
قال: فتأسفوا رحمكم الله على هذا السبط السعيد الشهيد، وتسلّوا بما أصابه عما سلف لكم من موت الاحرار والعبيد، واتقوا الله حق تقواه.
قال: وفي الحديث: إذا حشر الناس في عرصات القيامة، نادى مناد من وراء حجب العرش: يا أهل الموقف، غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمد، فتجوز وعليها ثوب مخضوب بدم الحسين، وتتعلّق بساق العرش وتقول: «أنت الجبار العدل، اقضي بيني وبين من قتل ابني»، فيقضي الله بينها وبينه، ثم تقول: «اللّهم شفّعني فيمن بكى على مصيبتي»، فيشفعها الله تعالى فيهم... إلى آخر كلامه.
[ إبك لبكاء الشمس والقمر ]
فهلـ بعد هذا كلّه ـ تقول: إنّ البكاء على مصائب أهل البيت بدعة؟!
وهب أنّك لا ترجوا شفاعة الزهراء، ولا تبكي
لبكاء الانبياء والاوصياء، فابك لبكاء الشمس والقمر، ولا يكن قلبك أقسى من الحجر، إبك لبكاء عمر بن سعد أو عمرو بن الحجاج والاخنس بن يزيد ويزيد بن معاوية أو خولي والسالب لحليّ فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، إبك لبكاء العسكر بأجمعه، فقد شهدت كتب السير بكاءهم مع خبث أمهاتهم وآبائهم.
أيحسن منك ـ وأنت مسلم ـ أن يصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)بهذه الفجائع، وتحل بساحته تلك القوارع، ثم تتخذها ظهرياً، وتكون عندك نسياً منسياً؟! ما هذا شأن أهل الوفاء، ولا بهذا تكون المواساة لسيد الانبياء (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن الانقلاب الهائل، وتلك الاحوال المدهشة ـ من الخسوف، والكسوف، ورجف الارض، وظلمة الافق، وتهافت النجوم، وحمرة السماء، وبكاء الصخر الاصم دماً ـ لم تكن إلاّ إظهاراً لغضب الله عز وجل، وتنبيهاً على فظاعة الخطب، وتسجيلاً لتلك النازلة في صفحات الافق، لئلاّ تنسى على مرّ الليالي والايام، وفيها من بعث الناس على استشعار الحزن وادثار الكآبة ما لا يخفى على أولي الالباب.
المصدر : مقتطف من كتاب المأتم الحسيني

عظم الله لنا و لكم الاجر بمصاب الحسين عليه السلام
واحســــــــــــــــــــــــيناه
و سيـــــــــــــــــــــــــداه
تعليق