إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

عندمـــا نكــونُ ظلامــاً ..

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عندمـــا نكــونُ ظلامــاً ..


    الإهداء :

    عندما تذبل الأحلام و ينزف عطرها .. تبقى تساؤلاتي في زمان البؤس .. أين الربيع ؟

    أين الآس ؟ و أين السوسن ؟

    عندما يجن الليل القاتم .. ـــو تزداد حلكة الظلام .. من ذا الذي يقدم رغيف خبز لتلك الأفواه

    الجائعة ؟ و من ذا الذي يبعد رداء الليل قليلاً عن ذاك الكوخ المظلم ؟

    عندما تنطفئ الشمعة الأخيرة التي أذلت لنا برد الشتاء .. أين هو بروموثيوس ؟ ذاك

    الذي يزعم بأنه آلهة ؟

    إلـــــى كل من يضيف إلى الآلام آلاماً .. و إلى الشقاء شقاءً ..

    إلى كل من يمسك برأس بوحنا و هو يرقص بين أكف الظلام الموحش !

    إلى كل من يبتسم كالأطفال و يلتهم كالوحوش

    أهدي ما أسطره من كلمات ليعرف الألم و العذاب الذي يعانيه ضحاياه و يتذكر المصير المؤلم

    الذي قدمه لهم !

    ( عندمــــا نكون ظلاماً ! )

    أو ليس بروموثيوس آلهة النار ؟ هذا ما تخبرنا به الكتب التاريخية ! ان بروموثيوس قد

    ناضل كي يشعل لنا شمعة ! ناضل كي يبث الدفء ! بروموثيوس حارب من أجل البشرية !

    أي بروموثيوس كم عانيت لتضيء لنا الكهوف المظلمة .. كم عانيت لتبدد الظلام ! و تبعد

    وحوش الليل قليلاً .. كم عانيت لتذل لنا برد الشتاء ! لكنك كنت أحمقاً باكتشافك لتلك الزهرة

    المتوهجة ! نعم أحمق .. ان النار التي قمت باشعالها لم توقد ضمائر البشر الخاوية .. بل ان

    البشر يحرقون بذبالة تلك الشمعة بعضهم بعضاً ! و يأكلون وجبة دسمة من لحمهم المشوي !

    ان النار التي أشعلتها كالجحيم المستعر الذي يلتهم بنهم أحلاماً بريئةً ترتدي معطف الصبر في

    شتاء الأمنيات .. انها الشمعة الأخيرة التي ترقص بغنج رقصة السالومي و قد أحرقت أطراف

    تلك الأوراق البالية .. إن ذبالة الشمعة قد انطفأت عندما رنت أجراس الظلام ! معلنةً انتشار

    السواد و الغموض .. هنا عندمـــا نكون ظلاماً !

    يترنح بعنف شديد .. و يحاول أن يتشبث بأي شيء يساعده على الوقوف بثبات لقد كان عائداً

    إلى منزله ذاك الذي يشبه الكوخ الآيل للسقوط .. ـــــو هو يهذي .. ! و يغني بأعلى صوته

    بعد حفلة صاخبة ككل ليلة .. !

    لقد كان ممسكاً بذاك الكأس الذي تفوح منه رائحة كريهة .. رائحة ماجنة كذاك الكبرياء

    القبيح الذي يلجم لساني !

    شعر بيد صغيرة تدفعه بقوة على الأرض .. كانت يداً ضعيفة لكنها كفيلة بإسقاطه !!

    تساقطت الكلمات .. من فمه غير مستقرة .. تتراقص مع جسده الذي يتمايل مع ذاك الشراب !

    رمى ذاك الكأس على الحائط .. حتى تهشم و تناثر رذاذاً .. مشى و هو يترنح بعنف .. و يشتم

    ذاك الظل القصير .. وقف بقربه لتمتد يده و تغرس مخالبها كالعقاب الغاضب في ذاك

    الجسد النحيل ! لم ترحم نحالة ذاك الجسد .. أخذت تهشم و تكسر ما بداخله لتحيله إلى

    قطع متناثرة كذاك القلب المتصدع ألماً و حزناً شديدين ! و سرعان ما سال الدم عبيطاً و

    بلذعة لكأنه سعيد بتحرره من القيود التي كانت تكبله و تمنعه من الحراك ! ليلطخ صفحة

    وجهه الحزين و يصبح رداءً يغطي ثيابه البالية التي تقطر وحلاً و دماً قاتمين !

    بعد أن أكلت تلك اليد من لحم جسده و شربت نخب تلك الوجبة الدسمة .. ابتعد عن بركة

    الدماء تلك و هو يغني مجدداً و كان شيئاً لم يكن !! و يقولون إن دراكولا قد فارق الحياة !

    لقد فر الدمع حزيناً يعانق خده الذابل .. و يهديه قبلة الحياة فيتلاشى مستنقع الموت !

    فر الدمع حزيناً ليسطر بعد ان امتزج مع ذاك الدم القاتم آهات مبعثرة على جدار ذاك الزمن

    الأغبر .. لذا أخبروني أو تعلمون أي حزن يبعث المطر ؟

    المـطر !! لقد أذاب قلوب الثكالى ! نوح الظلام يتعالى ! حتى اليتامى توقفوا عن البكاء

    ينصتون إليه و جسده يكتوي من الألم ..

    إذاً تمرد القدر و ثار الزمن في وجه ذاك الصبي .. ؟ لقد كبله الظلام و أخرسه الأسى .؟

    أجراس الظلام ترن لتمزق غياهب الظلمة .. فتصبح الصور مبعثرة .. جرح بملامح إنسان !

    ذاك الجرح أزرق العينين .. معقود الفم ! و حاجبان منكوسان .. جورب بالي و ثقوب في

    رئة المدينة .. ! جرح غرس عشر أقحوانات في حقل الألم !

    الأقحوان بقايا بعد الربيع .. نكتب ذكرياتنا فيه .. نكتب حياتنا .. و نرميه لينفلت و يتطاير في

    الهواء .. لكنه يعود رماداً .. فقد احترق في الجحيم مع كل الأحلام و الآمال .. !

    اتكأ بيده على الحائط .. ليحاول جاهداً أن يقف على قدميه .. لكنه لم يستطع .. فقد تهاوى

    على الأرض صارخاً أوجاعه و آلامه .. و هو يذرف ذاك الدمع عله يضمد جراحه .. و يخفف

    من تلك المشاعر .. التي تثقل كاهله .. نعم عانقني أيها الدمع .. عانقني عناقاً أبدياً لربما

    تحيلني إلى دموع !!

    لقد كانت تقف فوق رأسه .. و هي تمسح دموعاً قد ناضلت لتسيل متأرجحة على ذاك الخد

    الذي أنهكته السنون .. امرأة !! تطمح إلى الخلود و روحها تتعذب في سجن الجسد ! عبث

    الزمان بها حتى أحنى ذاك الظهر .. و ظهرت الندوب على وجهها .. لتحكــــي لكم حكاية

    الألم .. و صديقه الدمـــــع السرمدي ..

    وضعت رأسه في حجرها و هي تحملق في تلك المساحات الخالية من الألوان التي تنتشر فيها

    أبجدية حزينة .. تعزف إحدى سمفونيات الليل الأسود .. ! أشعلت ببكائها قناديل الألم .. علها

    تكفر عن ذنبها اتجاهه .. لكـن عندما يخرس الحق و تصبح آذانه صماء و يزمجر الباطل و

    يرعد ! يكون الصمت أفضل .. أفضل دائمــــاً ..

    أسدل ستار عينيه .. بصمت .. ينصت بألم لعويل والدته .. و اخوته الذين تجمعوا حوله كما

    يحوم الفراش حول ضوء المصباح .. ـــو سرعان ما غرق في عالم .. آخر هناك حيث تقبع

    الأحلام .. و منذ متى كانت الأحلام تتحقق ؟؟

    انه الصبــــاح .. صباح أشعث .. أغبر .. ممزق الأطراف ! ـــو كسى الضعف الأحشاء !

    صباح الظلام .. و صباح المفاجآت .. صبـــاح يخفي تعاريج وجهه المكفهر ! فقد مات النهار !

    ذاك النهار الجميل .. ابن الصباح ! و ارتدى الصباح ثوب السـواد حداداً على ذاك النهار !

    يا لها من محزنة ! تلك الفاجعة ! الغيوم نشرت خمارها .. تصـــــلي الفجيعة .. الغيث يبكي !

    ليرغــــم الكون على ارتداء ثوب الحداد تخليداً لذكرى ذاك النهار .. ذو الشعر الأصهب .. و

    العينين الـــحارقتين ! الرياح قد انخرطت للتو في بكاء مرير ! ـــو السماء تهدد بنزول

    جيوشها الماطرة .. لترشق الزجاج .. و تصطف على سطــــور الذكرى بعد أن تتجمع فيها

    تأوهات الألم ! ذاك هو الصباح .. الصباح الذي كان يدفن في فجاج الردى ألمه علـــى ابنه

    الوحيد !

    بالرغم من جروحه التي لم تنضب بعد .. خرج من منزله حزيناً يشارك هذا الصباح حزنه و

    ألمه بصمت قاتل ـــو هدوء كئيب .. خـــرج من منزله قبل أن تستيقظ تلك اليد مرة أخرى !

    و تكون نهايته عليهــــا !

    تلك اليد التي لم تمسح عليه برفق يوماً ! بــــــأي ذنب قتلت ؟ بأي ذنب قتلت تلك الابتسامة

    البريئة ؟ بأي ذنب ؟ لا بد أن الأمل قد غط في سبات عميق !

    أخذ يحدق في السماء لبــرهة .. السمــــاء ! أحلام العاشقين و آمال المشردين .. تلك التي

    تبتلع كرة الشمس و تنثر بقايا النور المعتم !

    من سيمد يده ليخرجه من أعماق الظلام ؟ ان الدهاليز تضيق به .. لا عجب أن المشاعر

    تعلن تمردها ! يـــــا لشقاء تلك الغصون المنكسرة .. و يا لتعاسة تلك الزهور الذابلة !

    نعم سيتحدث الغيث ململماً بقايا الشتـــات .. و سيندثر الربيع في سويداء القلوب !

    بدمـــع تلك الأهداب .. سنكتب النهايات .. و بدايات حلم كله أوهام .. !

    بدمـــع الأهداب .. سنخط الألمــ بعد الألمـــ .. و سنسطر رســـالة اللحن الأخير !

    لأننا نستسلم لتلك المشـــاعر .. ـــو نرتدي الغلائل الممزقة كي نبيع ذكريات الأمس .. و

    نشتري فصولاً جديدة من الأحزان .. !

    لأننا نلعق الدمـــــاء .. حتى نصل إلى الثمــــالة .. فنتوه ! و نعشق الخريـف !

    لأننا نتمايل على ضوء خافت من الأعماق .. فالقمر قد هجر السماء من أجل حمرة مزيفة !

    المشـــــاعر ! ليست ســـوى قصـــور من طين ! ــــو وجوه من زجــاج !

    المشـــاعر ! ليســـت سوى مصيـر أصفر يرقص في كف الشيطان !

    أمسك بيده .. تلك التي كانت تنبض بالألم .. مسح عليها برفق .. و رحـــــل .. حيث

    المصيـر ! رحـــــل هناك حيـث تنتظره الدمـوع لتحمل نعشه فوق أكتـــافها .. و تشيع

    جثمــــانه الطاهرة ! رحــــل إلــــى المكان الذي ينتظر ســـواعده الضئيلة .. ! رحـل إلى

    عمـــله !

    فكيــــف يعود لمنزله دون أن يسكت تلك الأعين التي باتت ساهرةً تنتظر من يمد يده اليها ؟

    و تطعمهـــا ؟ فهي لم تذق الطعام منذ عدة أيـــــام ..

    آه نعـــم .. انه الألم .. الـــذي يفتت ما بداخلنـــا .. الجـوع .. هل جربتم طعمه اللاذع يوماً ؟

    هل شعرتـــم بلسعته في أحد أيام الشتاء القارس ؟ ـــو بوخزته في أيـــام الصيف الحارق ؟

    الحيـــــاة ! كم تثير حنقي ! فهـــي الحيـــاة !! التـــي نقاسي فيها حر الصيف ـــو برد الشتاء

    من أجل إطعام من نــام فوق وســادة محشوة بالحجر القاسي ! الحياة ! التـي نحمل فيها

    جثمان ابتسامتنا و نخنق بأيدينا .. تلـــك السعادة ! الحيــــاة !! التي نقتلـع فيها جذور الأمل !

    ـــو نحن لم نتخط أعتاب الطفولة ! الحيـــاة التي نـــرشف فيها خمرة الحزن و الألم لنصبح

    متسكرين بها !!

    رمــــى بجسده المنهك .. علـــى أحد الأرصفـــة .. و وضع يده تحت رأسه ..

    امتد بصــــره نحو السمـــاء .. و ابتسـم بألم .. ـــو هو يشعر بآلام ذاك الجسد ..

    فخلايا جسده تتنافس .. .. ـــو تتسابق .. لتصـــرخ .. و تأن .. لكنها تتعثر ! و تقف

    مجدداً .. تســــاءل بداخلـــه أأبكـــي الآن بصرخة أم بدموعـــ ؟

    التفــــت حولـه الأطيـــاف .. كما تلتف قطرات الندى القرمزية حـــول الزهور في الصبـاح ..

    ســـمع هـــاتف جـاء من بعيـــد : متــــى ستجد النور ؟!

    فأجــــاب و هو يلفظ أنفـــاسه الأخيرة : عندمــــــــــا نكون ظلاماً !!!

    نعم عندمـــــا نكون نحن و الظلام .. كتلة واحدة لا تتجزأ .. سنجد النور

    عندمـــــا نكون ظلاماً !

    تمـــــت



  • #2
    يسلمو اختي العاشقه
    على روعة بوحك

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وآل محمد

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      رائع ماخطته اناملك ..

      عندما نكون ظلاماً .. قصة رائعه واسلوب اروع

      لكن .. مافي طياتها يبث بالحزن ..

      شكراً لطرحكِ المميز

      تحياتي

      تعليق


      • #4
        .. شكراً على المرور الطيب و سلمت لنا الأنامل

        ..

        تعليق


        • #5
          بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
          اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ

          نحن في ظلام..
          لكن هنا كنا ظلامًا !!

          لـ بشاعة الظالمين
          وقبح المعتدين!

          اسلوب رائع..
          ينم عن يد فنانة وحِسٍّ راق

          دام للقلم مداده

          تعليق


          • #6
            روح الحيــاة ..

            لــحروفــك إحســاس فريد ..

            يشــعرني بالحبــور ..

            بروحــك المتوهجـة ..

            و بقاياها العالقة بيــن السطور ..

            سلمتِ ..

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X