بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
قال تعالى : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل
القرآن الكريم لم يغفل أهمية الحوار بين الفرقاء المختلفين في الفكر والعقيدة والاجتماع والسياسة والاقتصاد بل أولاه الاهتمام الكبير في ذلك وركز على الحكمة وهي وضع الأشياء في مواضعها ، والأساليب العلمية التي تتخذ في هذا الجانب كما لم يغفل الجانب الأخلاقي والذي عبر عنه بالموعظة الحسنة والمجادلة والحوار بالتي هي أحسن .
نحن لسنا هنا بصدد الحديث عن عناصر الحوار في القرآن الكريم وأساليبه الجذابة فهذا ما يحتاج إلى أبحاث متعددة ومجال آخر .
والذي أريد أن أشير إليه أن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام هم الذين تقمصوا الحوار القرآني وطبقوه أحسن تطبيق وأخذوا به في مختلف حواراتهم مع مواليهم ومخالفيهم حيث كان خلقهم القرآن الكريم وهم عدله ولن يفترقوا عنه حتى يردوا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وآله الحوض .
والذي ينبغي التركيز عليه والالتفات إليه أن منهج الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في التعامل مع مخالفيهم وحوارهم إياهم قد ضاع الكثير منه ضمن التراث الأصيل الذي قد ذهب والباقي منه قد اختلط الحابل بالنابل والغث بالسمين حتى انقلبت المفاهيم وصار الحق باطلاً والباطل حقاً .
منهج أهل البيت غريب على المجتمع
منهج أهل البيت عليهم السلام في التعامل مع مخالفيهم ومع من ظلمهم كما حكاه جدهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله بقوله : ( أوصاني ربي بتسع : ..- إلى أن قال – وأن أعفو عمن ظلمني ، وأعطي من حرمني ، وأصل من قطعني ....)[1]
وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم

نعم أصبح هذا المنهج القرآني الأصيل غريباً على المسلمين بل وعلى المؤمنين وتابعهم عدد كبير من أهل العلم والفضل وأصبح الكثير من أهل الاختصاص لا يطيقه ولا يتحمله .
المعروض منهج غيرهم
بينما نجد المعروض على الساحة الاجتماعية هو منهج أعدائهم ويحمل اسم منهج أهل البيت عليهم السلام في التعامل مع مخالفيهم في الفكر والعقيدة أو مع من ظلمهم في الجوانب الحياتية واعتدى على حقوقهم ، وهذا المنهج هو مقابلة الموقف بالشدة والغلظة والانتقام واستعمال ألفاظ الفحش والسب والشتم وكيل الصاع الصاعين وهذا لا يتناسب مع أخلاقية أهل البيت ومنهجيتهم ، ويحاول البعض أن يبرر هذا المنهج ويلصقه بأئمة الهدى عليهم السلام ، وبدل أن يخضع هو لتعاليم أهل البيت ويتبع أساليبهم ويهتدي بهديهم وبغض النظر أنها تحكي هواه ورغبته أو تصطدم معها ، فبدل من ذلك يقوم البعض بعملية أخرى وهو أن يُطوع ويُخضع أقوالهم وأفعالهم عليهم السلام لما يحمله في ذهنه من ترسبات فكرية وأخلاقية واجتماعية وأنانية . ويؤول كل ما لا يتناسب مع رغباته هذه ، وما درج عليها المجتمع الذي يعيش فيه حتى ينسبه إليهم . إن هذا المنهج أقرب ما يكون من منهج أعدائهم ومن ظلمهم وغصب حقوقهم ولا يمت بصلة لأهل البيت وتعاليمهم .
تعليق