بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين وآله الطاهرين، وبعد:-
أخي العزيز فرسان الهيجاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا جواب على استفساراتك القيمة التي سألتني عنها في موضوع:- حوار راقي بين أهل السنة والشيعة الزيدية الذي فتحه الأخ العزيز بلوزداد، في العنوان التالي:-
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=93517
والتي هي باللفظ:-
وقد آثرت أن أجيبك في موضوع مستقل لكي لا يتشتت الموضوع هناك، وإليك الجواب مفصلا، راجيا في جوابي لك الفائدة، وفي استفساراتك لي النفع.
قولك أخي العزيز:-
وعليكم السلام أخي العزيز ورحمة الله وبركاته
قولك أخي العزيز:-
جوابه:- أخي العزيز، أما غضب الزهراء، وتقدم الشيخين على الإمام علي فهو ثابت لا ننكره، ولكن السب من الإمام علي أو اللعن أو من فاطمة الزهراء أو غيرهما من متقدمي أهل البيت -صلوات الله عليهم بعد رسول الله- فقد قلت سابقا إنه لم يثبت بطرق قطعية، وأضع خطا تحت قولي قطعية، وبالرغم من كل ذلك فكلامي لم يتناول شيئا من ذلك، كل ما تناوله كلامي هو جانب النظر في المصلحة الإسلامية لا غير، وقلت إن السب أو التوقف أو الترضية مواقف شخصية، وإذا أردت أن تسب أو تلعن فافعل ما شئت، لكن عليك أن تجد فيما بينك وبين الله تفسيرا لموقف الإمام علي المخالف لمنهجك فيما روي بطرق متفق عليها، وعليك أن تجد تفسيرا لقوله تعالى:- {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ }[الأنعام: 108].
قولك أخي العزيز:-
جوابه:-
اعلم أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أن الذي قال لك هذا الكلام كذاب مدلس، ولو تحريت لدينك بعد سماعك لهذا الدجال فذهبت لقراءة الكتب التي ذكرتَها في كلامك لوجدت أن الوصف بالدجل والتدليس قليل على هذا المفتري، وأظن أني أعرف هذا الشخص جيدا، فقد استعمل نفس الأسلوب لنشر أغراضه المشبوهة، وقد لقينا الكثير ممن أثر عليهم وأريناهم الكتب وكيف يدس النصوص والأقوال على الأئمة افتراء وكذبا، وقد تعجب الكثير من أسلوبه، وسأبين لك أخي العزيز كذب هذا الكلام بالتفصيل:-
التفصيل الأول:- الرد على ما ذكرتَه في كتاب التحف شرح الزلف، وكتاب تتمة الاعتصام، وكتاب الشافي، وسأجمعها في الرد لأن ما جاء فيهما هو نفس الرواية باللفظ:-
فأقول أخي العزيز والكريم (فرسان الهيجاء) اعلم وفقنا الله لمرضاته، وهدانا لمستقيم صراطه أن وجه الكذب والدجل فيما نسبتَه إلى كتابَي التحف وتتمة الاعتصام، يتمثل فيما يلي:-
الوجه الأول:- أن هذه الرواية هذه ليس موضوعها الإمامة أصلا، بل موضوعها ذكر من خرجت منه ذريةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عموما، وممن استمر نسلهم من أولاد الحسنين صلوات الله عليهما.
الوجه الثاني:- هذه الرواية ليست حديثا نبويا، إنما هي كلام علي بن موسى الرضا عليهما السلام.
الوجه الثالث:- قولك:- (ولكنه يفسّر الإثنى عشر من ولد الحسين بأنهم ستة من ولد الحسين)، وهذا خطأ، فهو لا يفسرهم بستة من أولاد الحسين فقط، بل يفسرهم بستة من أولاد الحسين وستة أيضا من أولاد الحسن، فتأمل جيدا فهذا دين.
أخي العزيز ولإثبات هذا فهذه الرواية بلفظها، كما نقلها سيدي المولى العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي، في كتاب التحف شرح الزلف:-
انتهى كلام المولى العلامة السيد مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي رحمه الله تعالى بلفظه من كتاب التحف شرح الزلف، طبعة مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية صفحة 442، وهي نفس الرواية التي في تتمة الاعتصام الجزء الخامس، ونفس الرواية التي في الشافي للإمام عبد الله بن حمزة، والمعنى فيه واضح، فهو يتناول وجوب تولِّي الأئمة من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم استظهر بالحديث النبوي الموجب لذلك، ثم انتقل بقوله (واعلم) إلى ذكر كلام علي بن موسى الرضا عليهما السلام في بيان من هم الذرية عموما الذين منهم الأئمة، حيث تذكر الرواية ستة من أولاد الإمام الحسن وستة من أولاد الإمام الحسين الذين بقيت ذريتهم واستمرت إلى يومه، وذكر أسماءهم كما ترى، ولا يوجد فيها ذكر أسماء من تصفهم الاثنا عشرية بـ (الأئمة الاثنا عشر)، وبذلك يتجلى الإشكال الذي غمض عليك في قولك:- (فأين ذهب الحسنان (ع) إذن؟ وكيف خرجا من الحديث بل كيف خرج منه السجاد (ع) والباقر (ع) وغيرهم وبأي دليل).
أخي العزيز: احذر أن تصدق من نقل لك هذا الكلام بالصورة التي ذكرتَها، فقد بينت لك كذبه وتدليسه، وقد قال الله تعالى:- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات6، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) بقي أن نذكر بقية التفاصيل المبينة لجرأة وكذب من نقلتَ لنا كلامه، فأقول وبالله أصول:-
التفصيل الثاني لبيان كذب ناقل هذا الكلام، في بيان دجله وافترائه على ما جاء في كتاب المجموعة الفاخرة لمولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين الإمام يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق المبين، وهو ما جاء في قولك أخي العزيز:-
وجوابه أخي الكريم (فرسان الهيجاء):- إن الكذب هنا لا يقل عن سابقه، ولكنه هنا أشد افتضاحا، وبيان ذلك في الوجهين التاليين:-
الوجه الأول:- أن الإمام الهادي صلوات الله عليه لم يذكر في المجموعة الفاخرة ولا في غيرها من كتبه الشريفة، ورسائله المنيفة، أن الأئمة اثنا عشر أصلا، ولم ينسب الإمامة إلى أحد منهم غير الإمام علي والحسنين، وكلامه في إثبات الإمامة بالقيام والدعوة واضح جلي لا يخفى على من له فهم وعقل، إلا على أصحاب الهوى وحملة الكذب والردى، يخفونه هم في جعب جرأتهم ويحرفونه من وحي شياطينهم.
الوجه الثاني:- أن كلام الإمام الهادي صلوات الله عليه قبل ما نقلتَه أنت في كلامك يتضمن العكس تماما، وهو إثبات إمامة الإمام الولي بن الولي زيد بن علي بن الحسين بن علي، وغيره من الأئمة المجاهدين، ويرد على من لم يقل به، وأتى بالروايات المثبتة لذلك، فيا سبحان الله، كيف صير هذا الدجال كلام الإمام الهادي عكسا، وجعله بجرأته على الله غيرا.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) وإليك كلام مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين الذي ذكرتَه بتمامه، لكي يتبين لك شدة الكذب والافتراء هنا وصدق كلامي، فهذا كلامه صلوات الله عليه، وسأجعل ما أدرجته أنت باللون الأحمر لكي يتبين لك موضعه.
أخي العزيز فرسان الهيجاء إلى هنا ينتهي كلامي في بيان كذب وتدليس من نقل إليك الكلام السابق، لأنه لا يوجد ذكر أسماء من تسميهم الاثنا عشرية بـ (الأئمة الاثني عشر)، في كل كلامه صلوات الله عليه، فمن أين أتى به صاحبك هذا، فأرجو أن تعيد النظر فيما نقله إليك المغرضون، وأن تتعقل يا أخي العزيز وسيدي الكريم، فالمسألة أخطر وأهم من أن نسلم أنفسنا وأسماعنا وأبصارنا للمغرضين الكاذبين الذين بينت لك كذبهم وتدليسهم.
وأظن يا أخي العزيز أن الشخص الذي ينشر هذا الكلام في أوساط الزيدية معروف لدي، بل و معروف للجميع، إن لم يكن أحد السائرين على نهجه من الكذب والتدليس، وقد دلس على الكثير بنفس هذا الأسلوب، وقد لقينا الكثير من العوام ينقلون لنا هذا الكلام، ولما بينا لهم وأريناهم الكتب بألفاظها تعجبوا كثيرا من جرأته، وما أظن هذا الشخص إلا مغرضا ومندسا على الزيدية والاثني عشرية، فأرجو الحذر منه أشد الحذر، فالعلم دين يا أخي العزيز وعلينا أن ننظر فيمن نأخذ عنه ديننا، وفقني الله وإياك لكل خير.
أخي العزيز وسيدي الكريم (فرسان الهيجاء)، بقي لي أن أعلق على بقية كلامك، راجيا من الله تعالى أن يجمعني وإياك على الهدى، وأن يجنبنا الضلالة والردى، وأن يحشرنا في زمرة محمد المصطفى وآله المصطفين الحنفا، وأن يبعد عنا الشيطان والهوى، وأن ينفعني بكلامك القيم الثمين، وأن ينفعك بكلامي.
قولك أخي العزيز:-
جوابه:-
أولا:- اعلم أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أنه ليس في هذه الروايات أي دليل للاثني عشرية على الزيدية، فموضع الخلاف بين الزيدية والاثني عشرية بالتحديد هو على تعيين النبي للأئمة بأسمائهم، وليس في كل هذه الروايات التي ذكرتَها تعيينا لأحد منهم بالإمامة ولا ذكر لاسم أي منهم في موضع الزعامة، وأن كل ما تضمنته تقول به الزيدية ولا يحسم موضع الخلاف، لسببين:
السبب الأول:- أن ما تثبته هذه الروايات من أفضلية لزين العابدين وغيره من رجال أهل البيت صلوات الله عليهم تقول به الزيدية وتعتمده وتصرح به، لكنه كما ذكرت ليس موضع الخلاف، فتدبر أخي العزيز لذاك، وفقني الله وإياك.
السبب الثاني:- أنه توجد روايات بالمقابل في كتب الاثني عشرية في الإمام زيد بن علي وغيره من أئمة أهل البيت، يمكن بنفس الطريقة التي اعتمدتَها لإثبات إمامة الاثني عشر المختلَف فيهم أن نعتمدها لإثبات إمامة الإمام زيد من كتب الاثني عشرية، مثل ما روى عن جعفر الصادق في كتب الإمامية:- (قال حدثني أبي عن جدي أنه يخرج من ولده رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره نبشا تفتح لروحه أبواب السماء يبتهج به أهل السماوات الحديث . وروي مثله عن الصدوق في العيون . وفي أمالي الصدوق في المجلس 53 الحديث 9 حدثنا أحمد بن هرون الفامي رضي الله عنه حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان عن عمرو ابن ثابت عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسين يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطأ هو أصحابه رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب وروي مثله عن الصدوق في العيون أيضا.
ثانيا:- قولك:- (وحديث الإثنى عشر في الإعتصام بحبل الله المتين المجلد الخامس باب السير والشافي للإمام عبدالله بن الحمزة الجزء الأول الصفحة 140 وفي لوامع الأنوار المجلد الثاني الصفحة 493 ، وفي الحدائق الوردية : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان )
جوابه:- أخي العزيز ليس في أي من المصادر التي ذكرتها أي ذكر لإمامة الاثني عشر، فما جاء في الاعتصام والشافي قد سبق أن أجبت عليه، وأما ما جاء في الحدائق الوردية ولوامع الأنوار، فكما ذكرت أنت بلسانك أن الحديث يقول: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان)، كيف تقول (وحديث الإثنى عشر)، ثم تذكر بعد هذا ما ليس فيه كلمة اثنا عشر أصلا، يا سبحان الله، أرجو أن تنتبه أخي العزيز جيدا للعبارات ففيها إيهام كبير، وللمثال فهذا ما جاء في لوامع الأنوار المجلد الثاني صفحة 493 بلفظه، قال سيدي مجد الدين المؤيدي رحمه الله تعالى:-
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) يا سبحان الله أين ذكر الاثني عشر هنا، بل ألم تلاحظ أن الكلام خلاف ما تقول به الاثنا عشرية تماما، أخي العزيز تأمل جيدا ولا تتسرع، ولا تصغ لمن يتجرأ بالكذب والبهتان، وربما يسميه تقية.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، وأما قولك:-
فجوابه:- هذا الكلام ليس صحيحا، وخال عن الأدلة، وإذا كانت القضية نثر الكلام هكذا، فسأقول لك إنا لم نر تطبيقا لهذا الكلام إلا في ضمن نظرية الإمامة الزيدية.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، وأما قولك:-
جوابه:-
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، الإمامة ليست بالقرب فقط، ولو تكلمنا هكذا للزمك أن تكون الإمامة في الإمام الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أولى منها في محمد الباقر، وأولى منها من باب أولى في الحسن العسكري، وليس هذا فحسب، بل لا تنس أنكم ترفضون إمامة الإمام الولي بن الولي زيد بن علي، وتنسبونها بكل بساطة للإمام الخميني والإمام الخامنائي، ويمكن بنفس الصيغة أن نقول لك كلامك:- (واعجباه ابن رسول الله (الحسن بن الحسن، والإمام زيد بن علي) ليسا بامامين وحفيد احفاد احفاده (الحسن العسكري أو الخميني أو الخامنائي) ومن هو ليس في رتبته تقولن عليه امام؟؟؟؟
أخي العزيز فرسان الهيجاء مسائل أصول الدين ليست بالتعجب، بل بالدليل.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، أما قولك:-
جوابه:- اعلم أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أن جعفر الصادق لم يتخاذل عن الإمام زيد، بل إنه عندنا لم يتخلف إلا بإذنه بل بأمره، فقد روى الإمام الهادي صلوات الله عليه أن الإمام زيدا لما أراد الخروج إلى الكوفة من المدينة؛ قال له جعفر: أنا معك يا عم. فقال له زيد: أوما علمت يا ابن أخي أن قائمنا لقاعدنا وقاعدنا لقائمنا، فإذا خرجت أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا، فتخلف جعفر بأمر عمه زيد.
وكما روى صلوات الله عليه عن جعفر أيضاً لما أراد يحيى بن زيد اللحوق إلى أبيه، قال له ابن عمه جعفر أقرئه عني السلام، وقل له: فإني أسأل اللّه أن ينصرك ويُبقيك، ولا يرينا فيك مكروهاً، وإن كنت أزعم أني عليك إمام فأنا مشرك.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أما قولك:-
فجوابه أخي العزيز (فرسان الهيجاء) من ناحيتين،
الناحية الأولى:- أن هذه صورة أخرى من صور تدليس وكذب صاحبك الذي نقل لك هذه المعلومات، فهذا الكلام الذي نقلتَه هنا ليس في الصحيفة السجادية، بل في مقدمة التحقيق للصحيفة السجادية، والذي صح عندنا هو الصحيفة السجادية ذاتها، وليس مقدمة التحقيق التي ألفت بعدها بمئات السنين، ومؤلفها (مقدمة التحقيق) اثنا عشري، والفرق واضح بين الكتاب ومقدمة التحقيق أو مقدمة دار الطباعة، وإن كنت تريد أن تعرف مقدار خيبة أمل صاحبك المدلس هذا فواجهه بهذا الكلام وسترى مقدار اللامبالاة لديه بفعلته المخزية، وقد يبتسم لك ابتسامة صفراء، ويقول لك لا تبالغ أخي (فرسان الهيجاء) فهذه تقية قلتها لكي أنصر الحق وأخذل الباطل.
الناحية الثانية:- إذا أردت رواية من الصحيفة السجادية فعلا، وليس من مقدمة المحقق للصحيفة السجادية، فإليك هذا الدعاء من الصحيفة السجادية التي صحت عندنا وعندكم، قال زين العابدين صلوات الله عليه في الصحيفة السجادية باب دعاؤه يوم عرفة:-
تأمل في قوله صلوات الله عليه:- (أوزع لوليك، وأوزعنا)، وقوله:- (هب لنا رأفته ورحمته وتعطفه وتحننه)، وقوله:- (واجعلنا له سامعين مطيعين، وفي رضاه ساعين، وإلى نصرته والمدافعة عنه مكنفين)، كما أرجو أن تتأمل المهام التي أثبتها للإمام في قوله:- (وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الاَغْلَبِ وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ، وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأَبِنْ بِهِ الضَّرَّآءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ جَانِبَهُ لاَِوْلِيَآئِكَ، وَابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ)، التي عطلت ألفا ومائتي سنة تحت مظلة نظرية الغيبة.
أخي العزيز فرسان الهيجاء، هذا بالنسبة لما طرحته من تساؤلات على المذهب الزيدي الشريف، أما بالنسبة للتساؤلات العامة الأخرى فيمكنك أن تطلع على نقاش دار في هذا المنتدى بين الأخ الفاضل عبد الله (الزيدي)، والأخ الفاضل (سليل الرسالة) الاثني عشري، وأظنه أهم نقاش بين الزيدية والاثني عشرية في عصرنا هذا، كما أرجو أن تطلع على النقاش بيني وبين الأخ سليل الرسالة أيضا حول العصمة، وإليك عناوين النقاش:
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=1
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=2
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=3
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=4
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=5
http://y1395h.jeeran.com/alesmh.htm
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أرجو أن يكون في جوابي شفاء لغليل صدرك، وبيان لما غمض عليك، وأرجو الله تعالى أن ينفعني بك وينفعك بي، وأرجو من الله تعالى أخي العزيز أن يحشرني وإياك في زمرة الحق والمحقين، وأن يجعلنا من الفائزين برضوانه وبولاية أوليائه، وأستمد منك الدعاء أخي العزيز كما هو لك مني مبذل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين وآله الطاهرين، وبعد:-
أخي العزيز فرسان الهيجاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا جواب على استفساراتك القيمة التي سألتني عنها في موضوع:- حوار راقي بين أهل السنة والشيعة الزيدية الذي فتحه الأخ العزيز بلوزداد، في العنوان التالي:-
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=93517
والتي هي باللفظ:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
قولك أخي العزيز:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
قولك أخي العزيز:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
قولك أخي العزيز:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
اعلم أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أن الذي قال لك هذا الكلام كذاب مدلس، ولو تحريت لدينك بعد سماعك لهذا الدجال فذهبت لقراءة الكتب التي ذكرتَها في كلامك لوجدت أن الوصف بالدجل والتدليس قليل على هذا المفتري، وأظن أني أعرف هذا الشخص جيدا، فقد استعمل نفس الأسلوب لنشر أغراضه المشبوهة، وقد لقينا الكثير ممن أثر عليهم وأريناهم الكتب وكيف يدس النصوص والأقوال على الأئمة افتراء وكذبا، وقد تعجب الكثير من أسلوبه، وسأبين لك أخي العزيز كذب هذا الكلام بالتفصيل:-
التفصيل الأول:- الرد على ما ذكرتَه في كتاب التحف شرح الزلف، وكتاب تتمة الاعتصام، وكتاب الشافي، وسأجمعها في الرد لأن ما جاء فيهما هو نفس الرواية باللفظ:-
فأقول أخي العزيز والكريم (فرسان الهيجاء) اعلم وفقنا الله لمرضاته، وهدانا لمستقيم صراطه أن وجه الكذب والدجل فيما نسبتَه إلى كتابَي التحف وتتمة الاعتصام، يتمثل فيما يلي:-
الوجه الأول:- أن هذه الرواية هذه ليس موضوعها الإمامة أصلا، بل موضوعها ذكر من خرجت منه ذريةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عموما، وممن استمر نسلهم من أولاد الحسنين صلوات الله عليهما.
الوجه الثاني:- هذه الرواية ليست حديثا نبويا، إنما هي كلام علي بن موسى الرضا عليهما السلام.
الوجه الثالث:- قولك:- (ولكنه يفسّر الإثنى عشر من ولد الحسين بأنهم ستة من ولد الحسين)، وهذا خطأ، فهو لا يفسرهم بستة من أولاد الحسين فقط، بل يفسرهم بستة من أولاد الحسين وستة أيضا من أولاد الحسن، فتأمل جيدا فهذا دين.
أخي العزيز ولإثبات هذا فهذه الرواية بلفظها، كما نقلها سيدي المولى العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي، في كتاب التحف شرح الزلف:-
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سره أن يحيا حياتي، ويموت مِيتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، فليتول علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين أئمة الهدى، ومصابيح الدجا من بعدي، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة)) رواه عبدالله بن العباس رضي الله عنهما، فهذه صفاتهم.
واعلم أن الله عز وجل جعل خلف النبوة من أبناء نبيه في اثني عشر سبطاً، قال الإمام علي بن موسى الرضا عليهم السلام: إن الله عز وجل أخرج من بني إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم اثني عشر سبطاً، ثم عد الاثني عشر من ولد إسرائيل صلوات الله عليه، وكذلك أخرج من ولد الحسن والحسين عليهما السلام اثني عشر سبطاً، ثم عد ذلك الاثني عشر من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، فقال: أما الحسن بن علي عليهما السلام: فانتشر منه ستة أبطن وهم: بنو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين، وبنو جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام ؛ فعقب الحسن بن علي عليهم السلام من هذه الستة الأبطن، لا ينقطع عقبهم أبداً، ثم عد ولد الحسين بن علي عليهم السلام، فقال: بنو محمد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو عبدالله بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، بنو عمر بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو زيد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو الحسين بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو علي بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام ؛ فهؤلاء ستة أبطن من ولد الحسين عليهم السلام لا ينقطع عقبهم إلى انقطاع التكليف، وهم بمنزلة أسباط بني إسرائيل، وهم حجة الله على خلقه، وأمان أهل الأرض من استئصال عذابه.
واعلم أن الله عز وجل جعل خلف النبوة من أبناء نبيه في اثني عشر سبطاً، قال الإمام علي بن موسى الرضا عليهم السلام: إن الله عز وجل أخرج من بني إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم اثني عشر سبطاً، ثم عد الاثني عشر من ولد إسرائيل صلوات الله عليه، وكذلك أخرج من ولد الحسن والحسين عليهما السلام اثني عشر سبطاً، ثم عد ذلك الاثني عشر من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، فقال: أما الحسن بن علي عليهما السلام: فانتشر منه ستة أبطن وهم: بنو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين، وبنو جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام ؛ فعقب الحسن بن علي عليهم السلام من هذه الستة الأبطن، لا ينقطع عقبهم أبداً، ثم عد ولد الحسين بن علي عليهم السلام، فقال: بنو محمد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو عبدالله بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، بنو عمر بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو زيد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو الحسين بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، وبنو علي بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام ؛ فهؤلاء ستة أبطن من ولد الحسين عليهم السلام لا ينقطع عقبهم إلى انقطاع التكليف، وهم بمنزلة أسباط بني إسرائيل، وهم حجة الله على خلقه، وأمان أهل الأرض من استئصال عذابه.
أخي العزيز: احذر أن تصدق من نقل لك هذا الكلام بالصورة التي ذكرتَها، فقد بينت لك كذبه وتدليسه، وقد قال الله تعالى:- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات6، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) بقي أن نذكر بقية التفاصيل المبينة لجرأة وكذب من نقلتَ لنا كلامه، فأقول وبالله أصول:-
التفصيل الثاني لبيان كذب ناقل هذا الكلام، في بيان دجله وافترائه على ما جاء في كتاب المجموعة الفاخرة لمولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين الإمام يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق المبين، وهو ما جاء في قولك أخي العزيز:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
الوجه الأول:- أن الإمام الهادي صلوات الله عليه لم يذكر في المجموعة الفاخرة ولا في غيرها من كتبه الشريفة، ورسائله المنيفة، أن الأئمة اثنا عشر أصلا، ولم ينسب الإمامة إلى أحد منهم غير الإمام علي والحسنين، وكلامه في إثبات الإمامة بالقيام والدعوة واضح جلي لا يخفى على من له فهم وعقل، إلا على أصحاب الهوى وحملة الكذب والردى، يخفونه هم في جعب جرأتهم ويحرفونه من وحي شياطينهم.
الوجه الثاني:- أن كلام الإمام الهادي صلوات الله عليه قبل ما نقلتَه أنت في كلامك يتضمن العكس تماما، وهو إثبات إمامة الإمام الولي بن الولي زيد بن علي بن الحسين بن علي، وغيره من الأئمة المجاهدين، ويرد على من لم يقل به، وأتى بالروايات المثبتة لذلك، فيا سبحان الله، كيف صير هذا الدجال كلام الإمام الهادي عكسا، وجعله بجرأته على الله غيرا.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) وإليك كلام مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين الذي ذكرتَه بتمامه، لكي يتبين لك شدة الكذب والافتراء هنا وصدق كلامي، فهذا كلامه صلوات الله عليه، وسأجعل ما أدرجته أنت باللون الأحمر لكي يتبين لك موضعه.
وأن الإمام من بعد(1) الحسن والحسين من ذريتهما من سار بسيرتهما، وكان مثلهما، واحتذى بحذوهما، فكان ورعاً تقياً، صحيحاً نقياً، وفي أمر اللّه سبحانه مجاهداً، وفي حطام الدنيا زاهداً، وكان فَهِماً لما يحتاج إليه، عالماً بتفسير ما يرد عليه، شجاعاً كَمِياً(2) بذولاً سخياً، رؤوفاً بالرعية، متعطفاً محسناً(3) حليماً، مساوياً لهم بنفسه، مشاوراً لهم في أمره، غير مستأثر عليهم، ولا حاكم بغير حكم اللّه فيهم، قائماً شاهراً لنفسه، رافعاً لرايته، مجتهداً، مفرقاً للدعاة في البلاد، غير مقصر في تأليف العباد، مخيفاً للظالمين، مؤمِّناً للمؤمنين، لا يأمن الفاسقين ولا يأمنونه، بل يطلبهم ويطلبونه، قد باينهم وباينوه، وناصبهم وناصبوه، فهم له خائفون، وعلى إهلاكه جاهدون، يبغيهم الغوائل، ويدعو إلى جهادهم القبائل، متشرداً عنهم، خائفاً منهم، لا يردعه عن أمور الله ولا يمنعه عن الاجتهاد عليهم كثرةُ الإرجاف، شمري(4) مشمر، مجتهد غير مقصر.
فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو الإمام المفترضة طاعته، الواجبة على الأمة نصرته، مثل من قام من ذريتهما من الأئمة الطاهرين، الصابرين لله المحتسبين، مثل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه(1) إمام المتقين، والقائم بحجة رب العالمين، ومثل ابنه يحيى المحتذي بفعله، ومثل محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي جاء فيه الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، أنَّه خرج ذات يوم إلى باب المدينة، فوقف في موضع ومعه جماعة من أصحابه، فقال لهم: (( ألا أنَّه سيقتل في هذا الموضع رجل من ولدي، اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، يسيل دمه من ها هنا إلى أحجار الزيت، وهو النفس الزكية، على قاتله ثلث عذاب أهل النار ))(2).
ومثل أخويه إبراهيم(1) ويحيى(2) ابني عبد الله، ومثل الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو صاحب فخ(3)، ومثل محمد(4) والقاسم(5) ابني إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو إمام لجميع المسلمين، لا يسعهم عصيانه، ولا يحل لهم خذلانه، بل يجب عليهم موالاته وطاعته، ويعذب اللّه من خذله، ويثيب من نصره، ويتولى من تولاه، ويعادي من عاداه.
ومما روى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: أخبرني أبي، قال: قال جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، قال(1)
( إنه سيخرج منا رجل يقال له زيد، فينتهب ملك السلطان فيقتل، ثم يصعد بروحه إلى السماء الدنيا، فيقول له النبيون: جزى اللّه نبيك عنا أفضل الجزاء كما شهد لنا بالبلاغ، وأقول أنا: أقررت عيني يا بني، وأديت عني، ثم يذهب بروحه من سماء إلى سماء حتى ينتهى به إلى اللّه عزَّ وجل، ويجيء أصحابه يوم القيامة يتخللون أعناق الناس بأيديهم أمثال الطوامير(2) فيقال: هؤلاء خلف الخلف، ودعاة الحق إلى رب العالمين )).
وفيه (3)، عن محمد بن الحنفيَّة(4) أنَّه قال: (( سيصلب منا رجل يقال له زيد(5) في هذا الموضع ـ يعني موضعاً بالكوفة يقال له الكناس(6) ـ، لم يسبقه الأولون ولا الآخرون فضلاً.
وفيه عن محمد بن علي بن الحسين باقر العلم(1)، أن قوماً وفدوا إليه فقالوا: يا ابن رسول الله، إن أخاك زيداً فينا، وهو يسألنا البيعة، أفنبايعه؟ فقال لهم محمد: بايعوه، فأنه اليوم أفضلنا. وعنه أيضاً أنَّه اجتمع زيد ومحمد في مجلس، فتحدثوا، ثم قام زيد فمضى، فأتبعه محمد بصره، ثم قال: لقد أنجبت أمك يا زيد.
وفيه ما قال جعفر بن محمد الصادق رحمة اللّه عليه(2)، لما أراد زيد الخروج إلى الكوفة من المدينة؛ قال له جعفر: أنا معك يا عم. فقال له زيد: أوما علمت يا ابن أخي أن قائمنا لقاعدنا وقاعدنا لقائمنا، فإذا خرجت أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا، فتخلف جعفر بأمر عمه زيد.
وعن جعفر أيضاً لما أراد يحيى بن زيد اللحوق إلى أبيه، قال له ابن عمه جعفر أقرئه عني السلام، وقل له: فإني أسأل اللّه أن ينصرك ويُبقيك، ولا يرينا فيك مكروهاً، وإن كنت أزعم أني عليك إمام فأنا مشرك.
وعنه أيضاً لما جاءه خبر قتل أبي قرة الصقيل بين يدي زيد بن علي، تلا هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[النساء: 100]، رحم اللّه أبا قرة. وعنه أيضاً، لما جاءه خبر قتل حمزة بين يدي زيد بن علي تلا هذه الآية: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: 23]. وعنه لما جاءه خبر قتل عمه زيد وأصحابه، قال: ذهب والله زيد بن علي كما ذهب علي بن أبي طالب والحسن والحسين وأصحابهم شهيداً(1) إلى الجنة، التابع لهم مؤمن، والشاك فيهم ضال، والراد عليهم كافر.
وإنما فَرَّق بين زيد وجعفر قوم كانوا بايعوا زيد بن علي، فلما بلغهم أن سلطان الكوفة يطلب من بايع زيداً ويعاقبهم، خافوا على أنفسهم، فخرجوا من بيعة زيد ورفضوه مخافة من هذا السلطان، ثم لم يدروا بم يحتجون على من لامهم وعاب عليهم فعلهم، فقالوا بالوصية حينئذ، فقالوا: كانت الوصية من علي بن الحسين إلى ابنه محمد، ومن محمد إلى جعفر، ليموهوا(2) به على الناس، فضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، ابتغوا(3) أهواء أنفسهم، وآثروا الدنيا على الآخرة، وتبعهم على قولهم هذا من أحب البقاء وكره الجهاد في سبيل الله.
ثم جاء قوم من بعد أولئك فوجدوا كلاماً مرسوماً في كتب ودفاتر، فأخذوا بذلك على غير تمييز ولا برهان، بل كابروا عقولهم، ونسبوا فعلهم هذا إلى الأخيار منهم؛ من ولد الرسول عليه وعليهم السلام، كما نسبت الحشوية ما روت من أباطيلها وزور أقاويلها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ليثبت لهم باطلهم على من اتخذوه مأكلة لهم، وجعلوهم خدماً وخولاً، كما قال اللّه عزَّ وجل في أشباههم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيهِمْ مِيثَاقُ الكِتَابِ أَلاَّ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ}[الأعراف: 168].
وكذلك هؤلاء الذين رفضوا زيد بن علي وتركوه، ثم لم يرضوا بما أتوا من الكبائر؛ حتى نسبوا ذلك إلى المصطفين من آل الرسول. فلما كان فعلهم على ما ذكرنا، سماهم حينئذ زيد روافض ورفع يديه فقال: اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حرورى(1) علي ابن أبي طالب عليه السلام حتى حاربوه.
فهذا كان خبر من رفض زيد بن علي وخرج من بيعته.
وروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، أنَّه قال لعلي بن أبي طالب: (( يا علي، إنَّه سيخرج قوم في آخر الزمان، لهم نَبْر(2) يعرفون به، يقال لهم: الرافضة، فإن أدركتهم فاقتلهم، فإنهم مشركون، فهم لعمري شر الخلق والخليقة )).وأما الوصية فكل من قال بإمامة أمير المؤمنين ووصيته فهو يقول بالوصية، على أن اللّه عزَّ وجل أوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي، ثم الأئمة فيما بينهما.
وذلك أن تثبيت الإمامة عند أهل الحق في هؤلاء الأئمة من اللّه عزَّ وجل على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، فمن ثَبَّت اللّه في الإمامة، وأختاره واصطفاه، وبيَّن فيه صفات الإمام؛ فهو إمام عندهم مستوجب للإمامة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ يقول: (( من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة اللّه في أرضه، وخليفة كتابه، وخليفة رسوله )). قال: من ذريتي. فولد الحسن والحسين من ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله. ثم قال: (( عليكم بأهل بيتي، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ردى )). وقال: (( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى ))، وقال: (( النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون )) يعني في جميع ذلك: الصالحين من ولده، وقال صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته: (( من سمع داعيتنا(1) أهل البيت فلم ينصره لم يقبل اللّه له توبة حتى تلفحه جهنم )). ثم قال: (( من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية )).
والله عزَّ وجل قد جعل الأمر والنهي في خيار آل محمد عليه وعلى آله السلام، وزواه (1) عن ظالميهم وظالمي غيرهم، ومكن أهل الحق منهم وأجازه لهم، وذلك قوله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[الحج: 41]، ثم قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}[النور: 55]، وقال سبحانه لرسله: {وَأَوْحَى إِلَيهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}[إبراهيم: 14 ـ 15]، وقوله لإبراهيم صلى الله عليه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة: 124]. وعلى هذا النحو قال تبارك وتعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، يعني الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين، كقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: 119]، وكقول إبراهيم عليه السلام: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم: 36]، ثم قال: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، فقد نزع الملك من الفراعنة والجبابرة، وإنما الملك هو الأمر والنهي، لا المال والسعة والجِدَة، كما قال عزَّ وجل عندما قالوا: {أنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ
بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: 247]، فقد بين عزَّ وجل في هذه الآية، أن الملك هو الأمر والنهي، لا سعة المال، ثم قال: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]فقد أعز الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين وأوليائهم الصالحين، وذلك قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، والمؤمن لا يملك من متاع الدنيا شيئاً، فسماه اللّه عزيزاً؛ إذ فعله ذلك يوصله إلى دار العزِّ أبد الأبد، ثم قال: {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، فقد أذل الفراعنة ومن تبعهم من الظالمين؛ لأنهم معتدون غير محقين. فكل من كان في يده أمر ونهي وكان فعله مخالفاً للكتاب والسنة فهو فرعون من الفراعنة، وكل عالم متمرد فهو إبليس من الأبالسة، وكل من عصى الرحمن من سائر الناس فهو شيطان من الشياطين، وذلك قوله: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ}[الأنعام: 112]، ثم قال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس: 6].
فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو الإمام المفترضة طاعته، الواجبة على الأمة نصرته، مثل من قام من ذريتهما من الأئمة الطاهرين، الصابرين لله المحتسبين، مثل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه(1) إمام المتقين، والقائم بحجة رب العالمين، ومثل ابنه يحيى المحتذي بفعله، ومثل محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي جاء فيه الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، أنَّه خرج ذات يوم إلى باب المدينة، فوقف في موضع ومعه جماعة من أصحابه، فقال لهم: (( ألا أنَّه سيقتل في هذا الموضع رجل من ولدي، اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، يسيل دمه من ها هنا إلى أحجار الزيت، وهو النفس الزكية، على قاتله ثلث عذاب أهل النار ))(2).
ومثل أخويه إبراهيم(1) ويحيى(2) ابني عبد الله، ومثل الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو صاحب فخ(3)، ومثل محمد(4) والقاسم(5) ابني إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو إمام لجميع المسلمين، لا يسعهم عصيانه، ولا يحل لهم خذلانه، بل يجب عليهم موالاته وطاعته، ويعذب اللّه من خذله، ويثيب من نصره، ويتولى من تولاه، ويعادي من عاداه.
ومما روى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: أخبرني أبي، قال: قال جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، قال(1)

وفيه (3)، عن محمد بن الحنفيَّة(4) أنَّه قال: (( سيصلب منا رجل يقال له زيد(5) في هذا الموضع ـ يعني موضعاً بالكوفة يقال له الكناس(6) ـ، لم يسبقه الأولون ولا الآخرون فضلاً.
وفيه عن محمد بن علي بن الحسين باقر العلم(1)، أن قوماً وفدوا إليه فقالوا: يا ابن رسول الله، إن أخاك زيداً فينا، وهو يسألنا البيعة، أفنبايعه؟ فقال لهم محمد: بايعوه، فأنه اليوم أفضلنا. وعنه أيضاً أنَّه اجتمع زيد ومحمد في مجلس، فتحدثوا، ثم قام زيد فمضى، فأتبعه محمد بصره، ثم قال: لقد أنجبت أمك يا زيد.
وفيه ما قال جعفر بن محمد الصادق رحمة اللّه عليه(2)، لما أراد زيد الخروج إلى الكوفة من المدينة؛ قال له جعفر: أنا معك يا عم. فقال له زيد: أوما علمت يا ابن أخي أن قائمنا لقاعدنا وقاعدنا لقائمنا، فإذا خرجت أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا، فتخلف جعفر بأمر عمه زيد.
وعن جعفر أيضاً لما أراد يحيى بن زيد اللحوق إلى أبيه، قال له ابن عمه جعفر أقرئه عني السلام، وقل له: فإني أسأل اللّه أن ينصرك ويُبقيك، ولا يرينا فيك مكروهاً، وإن كنت أزعم أني عليك إمام فأنا مشرك.
وعنه أيضاً لما جاءه خبر قتل أبي قرة الصقيل بين يدي زيد بن علي، تلا هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[النساء: 100]، رحم اللّه أبا قرة. وعنه أيضاً، لما جاءه خبر قتل حمزة بين يدي زيد بن علي تلا هذه الآية: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: 23]. وعنه لما جاءه خبر قتل عمه زيد وأصحابه، قال: ذهب والله زيد بن علي كما ذهب علي بن أبي طالب والحسن والحسين وأصحابهم شهيداً(1) إلى الجنة، التابع لهم مؤمن، والشاك فيهم ضال، والراد عليهم كافر.
وإنما فَرَّق بين زيد وجعفر قوم كانوا بايعوا زيد بن علي، فلما بلغهم أن سلطان الكوفة يطلب من بايع زيداً ويعاقبهم، خافوا على أنفسهم، فخرجوا من بيعة زيد ورفضوه مخافة من هذا السلطان، ثم لم يدروا بم يحتجون على من لامهم وعاب عليهم فعلهم، فقالوا بالوصية حينئذ، فقالوا: كانت الوصية من علي بن الحسين إلى ابنه محمد، ومن محمد إلى جعفر، ليموهوا(2) به على الناس، فضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، ابتغوا(3) أهواء أنفسهم، وآثروا الدنيا على الآخرة، وتبعهم على قولهم هذا من أحب البقاء وكره الجهاد في سبيل الله.
ثم جاء قوم من بعد أولئك فوجدوا كلاماً مرسوماً في كتب ودفاتر، فأخذوا بذلك على غير تمييز ولا برهان، بل كابروا عقولهم، ونسبوا فعلهم هذا إلى الأخيار منهم؛ من ولد الرسول عليه وعليهم السلام، كما نسبت الحشوية ما روت من أباطيلها وزور أقاويلها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ليثبت لهم باطلهم على من اتخذوه مأكلة لهم، وجعلوهم خدماً وخولاً، كما قال اللّه عزَّ وجل في أشباههم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيهِمْ مِيثَاقُ الكِتَابِ أَلاَّ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ}[الأعراف: 168].
وكذلك هؤلاء الذين رفضوا زيد بن علي وتركوه، ثم لم يرضوا بما أتوا من الكبائر؛ حتى نسبوا ذلك إلى المصطفين من آل الرسول. فلما كان فعلهم على ما ذكرنا، سماهم حينئذ زيد روافض ورفع يديه فقال: اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حرورى(1) علي ابن أبي طالب عليه السلام حتى حاربوه.
فهذا كان خبر من رفض زيد بن علي وخرج من بيعته.
وروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، أنَّه قال لعلي بن أبي طالب: (( يا علي، إنَّه سيخرج قوم في آخر الزمان، لهم نَبْر(2) يعرفون به، يقال لهم: الرافضة، فإن أدركتهم فاقتلهم، فإنهم مشركون، فهم لعمري شر الخلق والخليقة )).وأما الوصية فكل من قال بإمامة أمير المؤمنين ووصيته فهو يقول بالوصية، على أن اللّه عزَّ وجل أوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي، ثم الأئمة فيما بينهما.
وذلك أن تثبيت الإمامة عند أهل الحق في هؤلاء الأئمة من اللّه عزَّ وجل على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، فمن ثَبَّت اللّه في الإمامة، وأختاره واصطفاه، وبيَّن فيه صفات الإمام؛ فهو إمام عندهم مستوجب للإمامة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ يقول: (( من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة اللّه في أرضه، وخليفة كتابه، وخليفة رسوله )). قال: من ذريتي. فولد الحسن والحسين من ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله. ثم قال: (( عليكم بأهل بيتي، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ردى )). وقال: (( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى ))، وقال: (( النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون )) يعني في جميع ذلك: الصالحين من ولده، وقال صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته: (( من سمع داعيتنا(1) أهل البيت فلم ينصره لم يقبل اللّه له توبة حتى تلفحه جهنم )). ثم قال: (( من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية )).
والله عزَّ وجل قد جعل الأمر والنهي في خيار آل محمد عليه وعلى آله السلام، وزواه (1) عن ظالميهم وظالمي غيرهم، ومكن أهل الحق منهم وأجازه لهم، وذلك قوله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[الحج: 41]، ثم قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}[النور: 55]، وقال سبحانه لرسله: {وَأَوْحَى إِلَيهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}[إبراهيم: 14 ـ 15]، وقوله لإبراهيم صلى الله عليه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة: 124]. وعلى هذا النحو قال تبارك وتعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، يعني الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين، كقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: 119]، وكقول إبراهيم عليه السلام: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم: 36]، ثم قال: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، فقد نزع الملك من الفراعنة والجبابرة، وإنما الملك هو الأمر والنهي، لا المال والسعة والجِدَة، كما قال عزَّ وجل عندما قالوا: {أنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ
بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: 247]، فقد بين عزَّ وجل في هذه الآية، أن الملك هو الأمر والنهي، لا سعة المال، ثم قال: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]فقد أعز الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين وأوليائهم الصالحين، وذلك قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، والمؤمن لا يملك من متاع الدنيا شيئاً، فسماه اللّه عزيزاً؛ إذ فعله ذلك يوصله إلى دار العزِّ أبد الأبد، ثم قال: {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: 26]، فقد أذل الفراعنة ومن تبعهم من الظالمين؛ لأنهم معتدون غير محقين. فكل من كان في يده أمر ونهي وكان فعله مخالفاً للكتاب والسنة فهو فرعون من الفراعنة، وكل عالم متمرد فهو إبليس من الأبالسة، وكل من عصى الرحمن من سائر الناس فهو شيطان من الشياطين، وذلك قوله: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ}[الأنعام: 112]، ثم قال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس: 6].
وأظن يا أخي العزيز أن الشخص الذي ينشر هذا الكلام في أوساط الزيدية معروف لدي، بل و معروف للجميع، إن لم يكن أحد السائرين على نهجه من الكذب والتدليس، وقد دلس على الكثير بنفس هذا الأسلوب، وقد لقينا الكثير من العوام ينقلون لنا هذا الكلام، ولما بينا لهم وأريناهم الكتب بألفاظها تعجبوا كثيرا من جرأته، وما أظن هذا الشخص إلا مغرضا ومندسا على الزيدية والاثني عشرية، فأرجو الحذر منه أشد الحذر، فالعلم دين يا أخي العزيز وعلينا أن ننظر فيمن نأخذ عنه ديننا، وفقني الله وإياك لكل خير.
أخي العزيز وسيدي الكريم (فرسان الهيجاء)، بقي لي أن أعلق على بقية كلامك، راجيا من الله تعالى أن يجمعني وإياك على الهدى، وأن يجنبنا الضلالة والردى، وأن يحشرنا في زمرة محمد المصطفى وآله المصطفين الحنفا، وأن يبعد عنا الشيطان والهوى، وأن ينفعني بكلامك القيم الثمين، وأن ينفعك بكلامي.
قولك أخي العزيز:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
أولا:- اعلم أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أنه ليس في هذه الروايات أي دليل للاثني عشرية على الزيدية، فموضع الخلاف بين الزيدية والاثني عشرية بالتحديد هو على تعيين النبي للأئمة بأسمائهم، وليس في كل هذه الروايات التي ذكرتَها تعيينا لأحد منهم بالإمامة ولا ذكر لاسم أي منهم في موضع الزعامة، وأن كل ما تضمنته تقول به الزيدية ولا يحسم موضع الخلاف، لسببين:
السبب الأول:- أن ما تثبته هذه الروايات من أفضلية لزين العابدين وغيره من رجال أهل البيت صلوات الله عليهم تقول به الزيدية وتعتمده وتصرح به، لكنه كما ذكرت ليس موضع الخلاف، فتدبر أخي العزيز لذاك، وفقني الله وإياك.
السبب الثاني:- أنه توجد روايات بالمقابل في كتب الاثني عشرية في الإمام زيد بن علي وغيره من أئمة أهل البيت، يمكن بنفس الطريقة التي اعتمدتَها لإثبات إمامة الاثني عشر المختلَف فيهم أن نعتمدها لإثبات إمامة الإمام زيد من كتب الاثني عشرية، مثل ما روى عن جعفر الصادق في كتب الإمامية:- (قال حدثني أبي عن جدي أنه يخرج من ولده رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره نبشا تفتح لروحه أبواب السماء يبتهج به أهل السماوات الحديث . وروي مثله عن الصدوق في العيون . وفي أمالي الصدوق في المجلس 53 الحديث 9 حدثنا أحمد بن هرون الفامي رضي الله عنه حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان عن عمرو ابن ثابت عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسين يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطأ هو أصحابه رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب وروي مثله عن الصدوق في العيون أيضا.
ثانيا:- قولك:- (وحديث الإثنى عشر في الإعتصام بحبل الله المتين المجلد الخامس باب السير والشافي للإمام عبدالله بن الحمزة الجزء الأول الصفحة 140 وفي لوامع الأنوار المجلد الثاني الصفحة 493 ، وفي الحدائق الوردية : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان )
جوابه:- أخي العزيز ليس في أي من المصادر التي ذكرتها أي ذكر لإمامة الاثني عشر، فما جاء في الاعتصام والشافي قد سبق أن أجبت عليه، وأما ما جاء في الحدائق الوردية ولوامع الأنوار، فكما ذكرت أنت بلسانك أن الحديث يقول: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان)، كيف تقول (وحديث الإثنى عشر)، ثم تذكر بعد هذا ما ليس فيه كلمة اثنا عشر أصلا، يا سبحان الله، أرجو أن تنتبه أخي العزيز جيدا للعبارات ففيها إيهام كبير، وللمثال فهذا ما جاء في لوامع الأنوار المجلد الثاني صفحة 493 بلفظه، قال سيدي مجد الدين المؤيدي رحمه الله تعالى:-
بحث في خبر: (لايزال هذا الأمر في قريش)
هذا، وقد اختبط أهل الحديث في معنى قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم.
قال: من حيث أن الأمر لم يبق فيه أحد من قريش، /594
وعموا عَمَّا ملأ الأرض من أنوار العترة المرضية، والسلالة المصطفوية، من قيام قائمهم في كل بلاد، ولا سيما في الحجاز والعراق، واليمن وجيلان وديلمان، ظاهراً في أغوارها والأنجاد، مجدداً للشريعة بالسيوف الحداد؛ فما يمر عصر من العصور، إلا وقائمهم يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - ظاهراً غير مستور، فتلزم إجابته كل خلق الله، وتظهر حجته على جميع عباد الله؛ فماذا علينا إذا تصامم من نسميهم بالخوارج، وتعمَّى عن أنوارهم من هو في الحقيقة عن الدين خارج؟ فما أنت بمسمع من في القبور؛ حتى ألجأتهم الضرورة إلى ما تنبه له ابن حجر.
قلت: أي العسقلاني في الفتح شرح البخاري، قال ما لفظه: فإن بالبلاد اليمنية ـ وهي النجود منها ـ طائفة من ذرية الحسن بن علي، لم تزل مملكة تلك البلاد معهم، من أواخر المائة الثالثة ـ وهو عهد الإمام الهادي إلى الحق ـ.
...إلى قوله: فبقي الأمر في قريش بقطر من الأقطار في الجملة، وكبير أولئك ـ أي أهل اليمن ـ يقال له: الإمام؛ ولا يتولى الإمامة فيهم، إلا من يكون عالماً متحرياً للعدل، انتهى.
وقد أوردته بلفظه، وليس في الفرائد كذلك.
قال إمام الأئمة، وفاتح باب الجنة، الإمام زيد بن علي (ع) ـ وقد كَسّل عليه بعض من عنده ـ: إنما أريد إقامة الحجة على هذه الأمة، ولو يوماً واحداً؛ لئلا يقولوا يوم القيامة: لم يأتنا أحد منهم.
وروى حديثاً في ذلك، هذا معنى كلامه؛ رواه في مناقب محمد بن سليمان الكوفي ـ رحمه الله ـ.
وحديث: ((لا يزال هذا الأمر... إلخ)) نظير الحديث الآخر: ((لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس))، أخرجه البخاري ومسلم.
وفي بعض رواياته: ((يقاتلون على الحق... إلخ))، وفي بعضها: ((قوّامة على أمر الله))، وفي بعضها: ((يقاتلون عن هذا الدين، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال))، الحديث بألفاظه وسياقاته.
فالإشارة التي في حديث قريش، والتي /595
في أحاديث الطائفة والأوصاف، وقوله: ((قائمة بأمر الله))، وقوله: ((على الحق))، و((قوامة على أمر الله))، إنما هي إلى دينه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأمره، الذي جاء به من عند الله - سبحانه - والصفات كذلك، لا إلى من هو يخالفه؛ ولا يجوز صرف تلك الأحاديث النبوية، إلى ما عليه الظلمة الفجار، والجورة الأشرار.
وانظر إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وقد سُئل عن الجماعة ما هي؟ فقال: ((ما أنا عليه وأصحابي اليوم))؛ فقيدها - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - باليوم ـ يعني حياته صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ما ذاك إلا لأمر عظيم، أعلمه به الخبير العليم، من اختلاف الصحابة، كما في الحديث المتفقة عليه الأمة، المتواتر، القطعي لفظاً، من ردّ بعضهم عن الحوض، وسوقهم إلى النار، وأخذهم إلى ذات الشمال، وأنّهم غيّروا وبدّلوا، وجوابه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عليهم: ((سحقاً سحقاً))؛ وقد تَصَلَّف مَنْ أَوَّلَ الحديث هذا بالمرتدين عن جملة الإسلام.
قلت: وتأويله ذلك لا يفيده شيئاً فيما يروم، كما هو معلوم.
قال: وقد كشف الله الحقيقة برواياتهم مثل لفظ: ((أصحابي أصحابي))، و((أصيحابي أصيحابي))، و((منكم))، و((من عرفني))، وغير ذلك، حتى روى البخاري أنه لا يخلص منهم إلا مثل همل النعم.
هذا، وقد اختبط أهل الحديث في معنى قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم.
قال: من حيث أن الأمر لم يبق فيه أحد من قريش، /594
وعموا عَمَّا ملأ الأرض من أنوار العترة المرضية، والسلالة المصطفوية، من قيام قائمهم في كل بلاد، ولا سيما في الحجاز والعراق، واليمن وجيلان وديلمان، ظاهراً في أغوارها والأنجاد، مجدداً للشريعة بالسيوف الحداد؛ فما يمر عصر من العصور، إلا وقائمهم يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - ظاهراً غير مستور، فتلزم إجابته كل خلق الله، وتظهر حجته على جميع عباد الله؛ فماذا علينا إذا تصامم من نسميهم بالخوارج، وتعمَّى عن أنوارهم من هو في الحقيقة عن الدين خارج؟ فما أنت بمسمع من في القبور؛ حتى ألجأتهم الضرورة إلى ما تنبه له ابن حجر.
قلت: أي العسقلاني في الفتح شرح البخاري، قال ما لفظه: فإن بالبلاد اليمنية ـ وهي النجود منها ـ طائفة من ذرية الحسن بن علي، لم تزل مملكة تلك البلاد معهم، من أواخر المائة الثالثة ـ وهو عهد الإمام الهادي إلى الحق ـ.
...إلى قوله: فبقي الأمر في قريش بقطر من الأقطار في الجملة، وكبير أولئك ـ أي أهل اليمن ـ يقال له: الإمام؛ ولا يتولى الإمامة فيهم، إلا من يكون عالماً متحرياً للعدل، انتهى.
وقد أوردته بلفظه، وليس في الفرائد كذلك.
قال إمام الأئمة، وفاتح باب الجنة، الإمام زيد بن علي (ع) ـ وقد كَسّل عليه بعض من عنده ـ: إنما أريد إقامة الحجة على هذه الأمة، ولو يوماً واحداً؛ لئلا يقولوا يوم القيامة: لم يأتنا أحد منهم.
وروى حديثاً في ذلك، هذا معنى كلامه؛ رواه في مناقب محمد بن سليمان الكوفي ـ رحمه الله ـ.
وحديث: ((لا يزال هذا الأمر... إلخ)) نظير الحديث الآخر: ((لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس))، أخرجه البخاري ومسلم.
وفي بعض رواياته: ((يقاتلون على الحق... إلخ))، وفي بعضها: ((قوّامة على أمر الله))، وفي بعضها: ((يقاتلون عن هذا الدين، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال))، الحديث بألفاظه وسياقاته.
فالإشارة التي في حديث قريش، والتي /595
في أحاديث الطائفة والأوصاف، وقوله: ((قائمة بأمر الله))، وقوله: ((على الحق))، و((قوامة على أمر الله))، إنما هي إلى دينه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأمره، الذي جاء به من عند الله - سبحانه - والصفات كذلك، لا إلى من هو يخالفه؛ ولا يجوز صرف تلك الأحاديث النبوية، إلى ما عليه الظلمة الفجار، والجورة الأشرار.
وانظر إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وقد سُئل عن الجماعة ما هي؟ فقال: ((ما أنا عليه وأصحابي اليوم))؛ فقيدها - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - باليوم ـ يعني حياته صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ما ذاك إلا لأمر عظيم، أعلمه به الخبير العليم، من اختلاف الصحابة، كما في الحديث المتفقة عليه الأمة، المتواتر، القطعي لفظاً، من ردّ بعضهم عن الحوض، وسوقهم إلى النار، وأخذهم إلى ذات الشمال، وأنّهم غيّروا وبدّلوا، وجوابه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عليهم: ((سحقاً سحقاً))؛ وقد تَصَلَّف مَنْ أَوَّلَ الحديث هذا بالمرتدين عن جملة الإسلام.
قلت: وتأويله ذلك لا يفيده شيئاً فيما يروم، كما هو معلوم.
قال: وقد كشف الله الحقيقة برواياتهم مثل لفظ: ((أصحابي أصحابي))، و((أصيحابي أصيحابي))، و((منكم))، و((من عرفني))، وغير ذلك، حتى روى البخاري أنه لا يخلص منهم إلا مثل همل النعم.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، وأما قولك:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، وأما قولك:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، الإمامة ليست بالقرب فقط، ولو تكلمنا هكذا للزمك أن تكون الإمامة في الإمام الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أولى منها في محمد الباقر، وأولى منها من باب أولى في الحسن العسكري، وليس هذا فحسب، بل لا تنس أنكم ترفضون إمامة الإمام الولي بن الولي زيد بن علي، وتنسبونها بكل بساطة للإمام الخميني والإمام الخامنائي، ويمكن بنفس الصيغة أن نقول لك كلامك:- (واعجباه ابن رسول الله (الحسن بن الحسن، والإمام زيد بن علي) ليسا بامامين وحفيد احفاد احفاده (الحسن العسكري أو الخميني أو الخامنائي) ومن هو ليس في رتبته تقولن عليه امام؟؟؟؟
أخي العزيز فرسان الهيجاء مسائل أصول الدين ليست بالتعجب، بل بالدليل.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء)، أما قولك:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
وكما روى صلوات الله عليه عن جعفر أيضاً لما أراد يحيى بن زيد اللحوق إلى أبيه، قال له ابن عمه جعفر أقرئه عني السلام، وقل له: فإني أسأل اللّه أن ينصرك ويُبقيك، ولا يرينا فيك مكروهاً، وإن كنت أزعم أني عليك إمام فأنا مشرك.
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أما قولك:-
المشاركة الأصلية بواسطة فرسان الهيجاء
الناحية الأولى:- أن هذه صورة أخرى من صور تدليس وكذب صاحبك الذي نقل لك هذه المعلومات، فهذا الكلام الذي نقلتَه هنا ليس في الصحيفة السجادية، بل في مقدمة التحقيق للصحيفة السجادية، والذي صح عندنا هو الصحيفة السجادية ذاتها، وليس مقدمة التحقيق التي ألفت بعدها بمئات السنين، ومؤلفها (مقدمة التحقيق) اثنا عشري، والفرق واضح بين الكتاب ومقدمة التحقيق أو مقدمة دار الطباعة، وإن كنت تريد أن تعرف مقدار خيبة أمل صاحبك المدلس هذا فواجهه بهذا الكلام وسترى مقدار اللامبالاة لديه بفعلته المخزية، وقد يبتسم لك ابتسامة صفراء، ويقول لك لا تبالغ أخي (فرسان الهيجاء) فهذه تقية قلتها لكي أنصر الحق وأخذل الباطل.
الناحية الثانية:- إذا أردت رواية من الصحيفة السجادية فعلا، وليس من مقدمة المحقق للصحيفة السجادية، فإليك هذا الدعاء من الصحيفة السجادية التي صحت عندنا وعندكم، قال زين العابدين صلوات الله عليه في الصحيفة السجادية باب دعاؤه يوم عرفة:-
أللَّهُمَّ إنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَان بِإمَام أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَّمَنارَاً فِي بِلاَدِكَ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلَى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَالانْتِهَآءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَلاَّ يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلاَ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاَّئِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ. أللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الاعَزِّ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الاَغْلَبِ وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ، وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأَبِنْ بِهِ الضَّرَّآءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ جَانِبَهُ لاَِوْلِيَآئِكَ، وَابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإلَى نُصْرَتِهِ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإلَيْكَ وَإلَى رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ.
أخي العزيز فرسان الهيجاء، هذا بالنسبة لما طرحته من تساؤلات على المذهب الزيدي الشريف، أما بالنسبة للتساؤلات العامة الأخرى فيمكنك أن تطلع على نقاش دار في هذا المنتدى بين الأخ الفاضل عبد الله (الزيدي)، والأخ الفاضل (سليل الرسالة) الاثني عشري، وأظنه أهم نقاش بين الزيدية والاثني عشرية في عصرنا هذا، كما أرجو أن تطلع على النقاش بيني وبين الأخ سليل الرسالة أيضا حول العصمة، وإليك عناوين النقاش:
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=1
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=2
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=3
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=4
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...t=21955&page=5
http://y1395h.jeeran.com/alesmh.htm
أخي العزيز (فرسان الهيجاء) أرجو أن يكون في جوابي شفاء لغليل صدرك، وبيان لما غمض عليك، وأرجو الله تعالى أن ينفعني بك وينفعك بي، وأرجو من الله تعالى أخي العزيز أن يحشرني وإياك في زمرة الحق والمحقين، وأن يجعلنا من الفائزين برضوانه وبولاية أوليائه، وأستمد منك الدعاء أخي العزيز كما هو لك مني مبذل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليق