بسم الله الرحمن الرحيم
المرجعية المعاصرة والعلوم الحديثة*
المرجعية المعاصرة والعلوم الحديثة*
لقد تعود المتابعون للحدث العراقي ما بعد أحداث 9/نيسان/2003 على مصطلح جديد ألا وهو تسمية المرجعية الدينية (بالمرجعية الرباعية)أو المراجع الأربعة حيث لم نسمع في تاريخ الحوزة العلمية هو أن يحدد المراجع العظام بإطار عددي معين غير قابل للزيادة ولكنه قابل للنقصان في حالة موت احدهم،وهنا تنفى الصفة الأساسية.
ولو أجرينا قراءة سريعة على متوسط أعمار المراجع الأربعة لخرجنا بحصيلة أن متوسط أعمار المراجع هو (السبعين من العمر)!فهنا يطرح سؤال موضوعي هو يا ترى هل أصبحت النجف الأشرف الولود التي شهد لها العدو قبل الصديق من ناحية عطائها الروحي وقابليتها على تهيئة القيادات الدينية والروحية في مترات متلاحقة عاقراً؟.
بحيث لم نجد في تلك العقود المنصرمة مرجعاً جديداً ومجدداً،لذى يتضح لنا إلى أن تسمية المرجعية الرباعية بهذا الأسم ما هو إلا محاولة قولبة العقل العراقي عامة والنجف الأشرف خاصة.
وهنا نؤكد بأن المرجعية الدينية في النجف الأشرف موجودة وشامخة وواضحة كالشمس في رابعة النهار ولا يمكن تأطيرها بعدد معين فهناك الكثير من العلماء الصالحين البارزين لمذهبهم الذي يعود أليهم الفضل في كافة مجالات الحياة،لأن المرجع الديني يحوي الأمة فنجده يعالج المشاكل الأجتماعية والسياسية والأقتصادية فضلاً عن إحاطته للجانب الديني الذي يختص به.
ومع شديد الأسف نجد أن ظلامة أهل بيت رسول الله لم تفارق الصالحين والمصلحين من العلماء والعاملين فنجد أن الإعلام قد غضّ الطرف عنهم من ناحية رفدهم اللا محدود وعطائهم للأمة من أفكار وتوجيهات ونصائح،إلى حد أن تنسب تلك الجهود إلى غيرهم !وحسب إعتقادي أن هذه الأعمال مقصودة وتديرها مؤسسات وهيئات تدار على مستوى دول إقليمية غايتها تسقيط العقل العراقي والتعتيم عليه وكذلك غلق تلك الأفواه التي تنادي بنصرة الحق والدفاع عن المظلومين.
هذا يعود إلى نظرتهم الضيقة والمحددة ومقصدهم الدنيوي ولا يعلمون بأن الله تبارك وتعالى له أسباب ومسببات غيبية لا يحسب لها أي حساب فهم(يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
إن التجربة التي عشناها مع الشهيد الصدر خير دليل على أن تأييد الله تبارك وتعالى للصالحين والمصلحين لا يقوم من قبل المغرضين والحاقدين مهما أعدوا من تهم ودسائس(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)أي أن العمل المندرج تحت إطار مرضات الله فإنه يحظى بتأييد الله عز وجل ونصره.
وفي الآونة الأخيرة تتهم المرجعية الدينية الواعية المعاصرة الحديثة بأنها قد أستقطبت الجماهير بواسطة أمور خارجة عن المألوف من ناحية وجهها الحسِن أم من حملها شهادة أكاديمية عالية معترف بها دولياً ! ولا أدري هل أن حامل هذه الصفات لا يؤهل في مجال العمل الديني ولا يمكن له التصدي للمرجعية وهل أصبحت هذه الصفات في وقتنا الحالي صفة ذميمة وصفحة سوداء في تاريخ المرجع أم سُبة.
ونحن في هذه الفترة بالذات وفي عصر التطور والانفتاح بحيث أنفتح العراق على جميع الدول بعد الغزو الأمريكي خصوصاً.
فأصبح المشهد العراقي هو الأبرز في الساحة وهذا كله يفرض مستجدات أكثر وتحديات أكثر وإن معظم هذه المستجدات تحمل إطاراً علمياً وأكاديمياً متطوراً فلا بد للفقيه العالم أن يكون ملماً بالعلوم الحديثة كالكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك وغيرها من العلوم،وأرى أن المرجعية الحاوية لتلك العلوم الحديثة المعاصرة هي مرجعية وليدة في وقتنا الحاضر ولم يسبقها أحد في هذا المجال أي أنها تختلف عن ما هو مألوف في الوسط الديني الحوزوي من ناحية وقوة الدليل العلمي الرصين وربطه في المجال الفقهي والديني وهذا ما لم يتوفر في المرجعيات الدينية السابقة،فإن وجدود مرجعية دينية تحمل هكذا مواصفات بالتأكيد ستكون سنداً للمذهب ولتلك المرجعيات الأخرى .
فالتعدد المرجعي نعمة ورحمة لأن كل عالم ينظر ضمن رؤيته الثقافية إلى المسألة بزاوية معينة ويقوم بالخوض في ذلك المجال أي أن هناك منهج تعددي ووحدة هدف،فكما ورد عن والد الشهيد محمد محمد صادق الصدر بأنه قال لو بُعث الأنبياء والمرسلين في زمن واحد لما أختلفوا لأن الهدف الأسمى هو الله عز وجل،فالمرجعية الدينية هي كنز الأمة،فغنى الأمة يُقاس بما تمتلك من موارد طبيعية بل أن غناها بما حوت من علماء ومفكرين وباحثين بشتى المجالات،فمن أولويات عمل المرجعية هو درء الأفكار الفاسدة والمنحرفة التي يتعرض لها أبناء الأمة في دينهم ودنياهم فكانت المرجعية الدينية صمام أمان الأمة.
فعلى الأمة أن تكون على مستوى واضح من المسؤولية بإتجاه المرجعية من ناحية الأرتباط الوثيق بها والالتفاف حولها والألتزام بأقوالها،أن الأمة في هذه المرحلة تمر بأحلك الظروف حيث تنهال علينا الفتن من كل حدبِ وصوب لذى فلا بد للأمة من الرجوع إلى حصنها المنيع ألا وهو المرجعية الدينية لأنها أخذت ميثاق على نفسها أن تقود الأمة إلى ساحل البر والأمان جعلنا الله من السائرين على الأطهار من أهل بيت محمد وآله الطيبين الطاهرين.
*مستل من جريدة الفضيلة العدد(134)
تعليق