إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التحريف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التحريف

    الحمد لله
    أما " سورة الولاية " فقد أقر بعض علماء الشيعة وأئمتهم بوجودها ، ومن أنكر ذلك منهم فإنما يفعل ذلك تقية ، وممن صرَّح بوجودها المسمَّى " ميرزا حسين محمد تقي النوري الطبرسي " – توفي سنة 1320 هـ - فقد ألف كتاباً زعم فيه أن القرآن الكريم قد حرف ، وأن الصحابة قد أخفوا منه أشياء منها سورة الولاية ، وقد أكرمه " الرافضة " بعد موته بدفنه في " النجف " ، وقد طبع كتاب الطبرسي هذا في إيران سنة 1298هـ ، وعند طبعه قامت حوله ضجة لأنهم كانوا يريدون أن يبقى التشكيك في صحة القرآن محصوراً في خاصتهم ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم ، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد ، قال في بداية كتابه :

    هذا كتاب لطيف وسفر شريف ويسمى ، بـ" فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ... وقد ذكر آيات وسوراً يزعم أن الصحابة حذفوها وأخفوها ، ومنه " سورة الولاية " ونصها عندهم – كما في الكتاب - :

    " يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي الذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير ... " ، وسورة أخرى عندهم يسمونها سورة النورين : " يأيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم . بعضهما من بعض وأنا السميع العليم . إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات النعيم . والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم . ظلموا أنفسهم وعصوا وصية الرسول أولئك يسقون من حميم ...

    إلى آخر هذه السخافات .

    ويمكنك مشاهدتها كاملة مع صورة التلغراف من المصحف الفارسي :

    http://arabic.islamicweb.com/shia/nurain.htm

    وقد اطلع الأستاذ محمد علي سعودي - الذي كان كبير خبراء وزارة العدل بمصر - على مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق " براين " فنقل منه هذه السورة بالتلغراف ، وفوق سطورها العربية ترجمتها باللغة الإيرانية.

    وكما أثبتها الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " فإنها ثابتة أيضاً في كتابهم " دبستان مذاهب " باللغة الإيرانية لمؤلفه محسن فاني الكشميري ، وهو مطبوع في إيران طبعات متعددة ، ونقل عنه هذه السورة المكذوبة على الله المستشرق " نولدكه " في كتابه " تأريخ المصاحف " ( 2 / 102 ) ، ونشرتها " الجريدة الآسيوية الفرنسية " سنة 1842 ( ص 431 – 439 ) .

    وقد ذكرها – أيضاً - : ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي في كتابه " منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة " ( 2 / 217 ) ، و محمد باقر المجلسي في كتابه " تذكرة الائمة " ( ص 19 ، 20 ) باللغة الفارسية منشورات مولانا- ايران .

    انظر كتاب : " الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة " لمحب الدين الخطيب

    وهذا الزعم منهم تكذيب لقول الله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر / 9 ، ولذلك أجمع المسلمون على كفر من زعم أن في القرآن تبديلاً وتحريفاً .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

    وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك ، وهؤلاء يسمَّون القرامطة والباطنية ، ومنهم التناسخية ، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم .

    " الصارم المسلول " ( 3 / 1108 – 1110 ) .

    قال ابن حزم :

    القول بأن بين اللوحين تبديلا : كفر صحيح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

    " الفِصَل في الأهواء والملل والنِّحَل " ( 4 / 139 ) .



    نسأل الله السلامة والعافية.

  • #2
    الاخ قاهر الكفرة انشاء الله ... السلام عليكم
    وهل يوجد من علماء الشيعة المعاصرين من يقول بتحريف القرآن؟
    ان كان كذلك فمن هو ؟ وان لم يكن فهو خطوة على طريق الاصلاح والتقارب بين اخوة الدين ... واعتقد بانك تعلم حكم من قال بتحريف القرآن من مثل فتوى ابي القاسم الخوئي والذي انكر على من قال بذلك ... اما اذا فتحنا مسالة التقية تلك ... فلن نصل الى اي دليل من جوف اي من الرجال مالم يصرح ... واذا رايتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان ... وأمره الى الله

    تعليق


    • #3
      اولا اشكرك على أخلاقك الطيبه .

      ثانياً حديث واذا رايتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان ... وأمره الى الله


      حديث ليس صحيح .

      مسألة التقيه مسألة مهمه عندهم بل هي من العقيدة عندهم.

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

        الإخوة الكرام ,
        أولا إعذرونى على عدم مقدرتى على مواصلة الردود دائما وذلك لإنشغالاتى ولكن أحببت أن أضع موضوع تحريف القرآن وعقيدة الشيعة لكم حتى تتضح الصورة لمن كان عنده التباس ولتسكت كل من هو معاند ناصبى ...

        بسم اله الرحمن الرحيم
        وعلى بركة الله

        بسم الله الرحمن الرحيم
        الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
        فى الوقت الحالى أجمع المسلمون بأن القرآن النازل على نبيه هو كتاب واحد ولا ينقص كلمة أو حرف ، وما يزعمه النواصب من التشنيع بأن الشيعة يقولون بالتحريف فليضربوا رأسهم بعرض الجدار ..

        القرآن الكريم كتاب الله المنزّل على رسوله النبي الاَمين صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو دستور الاِسلام الخالد ( لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ ولا مِنْ خَلفِهِ ) ، وقد أجمع المسلمون على أنّه المصدر الاَوّل في التشريع الاِسلامي ، والمرجع الاَساس في استقاء الفكر والعقيدة والنظم والمفاهيم الاِسلامية ؛ ولذلك كلّه حرصَ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم على سلامة هذا القرآن وتبليغه كما أُنزل حرفاً بحرف وكلمة كلمة ، وكيف لا يحرص على ذلك وهو برهان نبوته، ومعجزة الاِسلام الخالدة .
        !؟ فالظروف التي أحاطت بنزول القرآن الكريم تقتضي سلامته من مزعومة التحريف ؛ لاَنَّ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بتدوين النصّ القرآني أوَّلاً بأوَّلٍ ، وقد اتخذ كُتّاباً يكتبون الوحي حين نزوله ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه على وضع كلِّ آيةٍ في موضعها من السورة ، ولم يكتفِ بذلك ، بل كان يأمر باستظهار القرآن الكريم وتعلُّمِه لينضمَّ الاستظهار إلى التدوين في حفظ القرآن الكريم وسلامته .
        هذا زيادة على حرص المسلمين وعنايتهم البالغة وتفانيهم من أجل أن لا تمتد إلى القرآن الكريم يد التغيير أو التبديل حتى ولو بحرف واحد ؛ لاَنّه دستورهم المقدس ، وكتاب ربهم تعالى الذي خاطب فيه نبيهم الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى : ( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينا بَعضَ الاَقاوِيلِ *لاخذنا مِنهُ باليَمِينِ* ثم لَقَطعنَا مِنهُ الوَتِينَ ) .
        وقد صرّح أهل البيت عليهم السلام ـ الَّذين هم عدل الكتاب كما نطق الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين ـ بسلامة القرآن ، من الزيادة والنقصان ، وتابعهم على ذلك أئمة أعلام الشيعة ومحققو علماء أهل السنة ، وشذّ من شذّ لروايات لم تثبت ولم تصح سنداً ، وأمّا ما صحَّ منها فمؤول بوجه مقبول ، ومصروف عن ظاهره قطعاً ؛ لمخالفته الاَدلة القاطعة والبراهين الساطعة على سلامة القرآن من الزيادة والنقصان .
        ( الحمدُ للهِ الّذي أنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الكِتابَ وَلَم يَجْعَل لَهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِيُنذِرَ بأساً شَدِيداً مِن لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَعمَلُون الصَّالحاتِ أنَّ لَهُم أجْراً حَسَناً ) ، (الكهف 18 : 2 ـ 1)
        وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على رسوله الذي أرسله بالهُدى ودين الحقّ ليُظهِرهُ على الدين كُلّه ولو كرِه المشركون ، وعلى أهل بيته المنتجبين ، حَمَلة القُرآن وقُرنائه إلى يوم الدين .
        ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبيرٍ ) (هود 11 : 1).
        ( لايَأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَميدٍ) (فصلت 41: 42).
        ( ذلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) . (البقرة 2: 2).
        ( نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمينَ ) . (النحل16: 102)
        ( ما كانَ حَدِيثاً يُفْترَى وَلكِن تَصْدِيِقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفصِيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤمِنُونَ ) . (يوسف12: 111.)
        وبعد :
        فإنّ القرآن الكريم الموجود بين أيدينا هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم للاعجاز والتحدّي ، وتعليم الأَحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وقد كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوة على ما هو عليه الآن من عدد سوره وآياته ، وهو متواتر بجميع سوره وآياته وكلماته تواتراً قطعياً باتفاق كلمة مذاهب المسلمين وفرقهم .
        وقد توهّم البعض وقوع التحريف في كتاب الله العزيز استناداً إلى جملة من الاَخبار الظاهرة في نقص القرآن ، وهي إمّا أخبار غير معتبرة سنداً ، أو إنّها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، أو إنّها مؤوّلة بنحوٍ من الاعتبار ، وإلاّ فقد نصّ المحقون من علماء المسلمين على أن يُضْرَب بها الجِدار .
        التحريف لغةً :
        حرف الشيء : طرفه وجانبه ، وتحريفه : إمالته والعدول به عن موضعه إلى طرفٍ أو جانب . قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ) . (الحج 22: 11) قال الزمخشري : أي على طرفٍ من الدين لافي وسطه وقلبه ، وهذا مثلٌ لكونهم على قلقٍ واضطرابٍ في دينهم ، لاعلى سكونٍ وطمأنينة (الكشاف 3 : 146 .).

        التحريف اصطلاحاً :
        أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة :
        منها : التحريف الترتيبي : أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر ، سواء كان هذا النقل بتوقيف أو باجتهاد ، فلا خلاف في وقوعه ، إذ كم من آية مكّية بين آيات مدنيّة ، وبالعكس .
        ومنها : التحريف المعنوي : ويراد به حمل اللفظ على معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره ، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره ، وهذا النوع واقع في القرآن ، وذلك عن طريق تأويله من غير علم ، وهو محرّم بالاِجماع
        لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار (التبيان للطوسي 1 : 24 ، الاِتقان للسيوطي 4 : 210 )« وهو من التفسير بالرأي المنهي عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ (2التبيان للطوسي 1 : 4 .)« وهذا المعنى منحدر عن الاَصل اللغوي لتحريف الكلام .

        ومنها : التحريف اللفظي ، وهو على أقسام :
        منها : التحريف بالزيادة والنقصان ، وهو على ثلاثة أنحاء :
        أ ـ تحريف الحروف أو الحركات ، وهذا راجع إلى القراءات القرآنية ، وهو باطل إلاَّ في ألفاظ قليلة كقراءة قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُسِكُمْ وَأرْجُلَكُمْ) (المائدة 5 : 6 )بكسر لفظة الاَرجل ونصبها ، وغيرها ممّا لم يخالف أُصول العربية وقراءة جمهور المسلمين ، وورد به أثر صحيح .
        ب ـ تحريف الكلمات ، وهو إمَّا أن يكون في أصل المصحف ، وهو باطل بالاِجماع ، وإمَّا أن تكون زيادة لغرض الاِيضاح لما عساه يشكل في فهم المراد من اللفظ ، وهو جائز بالاتفاق .
        ج ـ تحريف الآيات أو السور ، وهو باطل بالاِجماع .
        1 ـ التحريف بالزيادة : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطلٌ بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا عُلِم بطلانه بالضرورة ، لاَنّه يعني أنّ بعض مابين الدفّتين ليس من القرآن ، ممّا ينافي آيات التحدّي والاعجاز ، كقوله تعالى : ( قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (1)(‎لإسراء17: 88).

        2 ـ التحريف بالنقص : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لايشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً ، أو نسياناً ، وقد يكون هذا البعض كلمةً أو آية أو سورة ، والتحريف بهذا المعنى هو موضوع البحث حيثُ ادّعى البعض وقوعه في القرآن الكريم استناداً إلى أحاديث هي بمجملها إمّا ضعيفة سنداً ، أو مؤولة بوجهٍ يُخْرِجها عن إفادة ذلك ، وإلاّ فهي أحاديثٌ وأخبارٌ مدسوسةٌ وباطلةٌ ، قد أعرض عنها محققو المسلمين على مرّ العصور ، على ما سيأتي بيانه في ثنايا هذا البحث .

        أدلّة نفي التحريف

        إنّ مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعنى النقيصة هي من الاَُمور البديهية الثابتة على صفحات الواقع التاريخي ، والتي لا تحتاج إلى مزيد استدلالٍ وتوضيحٍ وبيان ، حتّى إنّ بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرّحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم ؛ فالاستاذ لوبلو يقول : «إنّ القرآن هو اليوم الكتاب الربّاني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر» (1 تاريخ القرآن للصغير : 94 عن كتاب : المدخل إلى القرآن لمحمد عبدالله دراز : 39 ـ 40 ) .
        ويقول السير وليام موير : «إنّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يدٍ ليدٍ حتّى وصل إلينا بدون تحريفٍ ، وقد حُفِظ بعنايةٍ شديدةٍ بحيث لم يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكَر ، بل نستطيع القول أنّه لم يطرأ عليه أيّ تغييرٍ على الاطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الاِسلامية الواسعة» ( تاريخ القرآن للصغير : 93 .). وبمثل ذلك صرّح بلاشير أيضاً (القرآن نزوله ، تدوينه ، ترجمته وتأثيره لبلاشير : 37 ).
        وقد أستدلّ العُلماء المحقّقون على عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الاَدلّة الحاسمة ، هي من القوّة والمتانة بحيث يسقط معها ما دلّ على التحريف بظاهره عن الاعتبار ، لو كان معتبراً ، ومهما بلغ في الكثرة ، وتدفع كلّ ما أُلصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف وتُفنّد القول بذلك وتُبطِله حتّى لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلّة النادرة الشاذّة ، وفيما يلي نذكر أهمّها :
        1 ـ حِفظ الله سبحانه للقرآن الكريم ، ولذا لم يتّفق لاَمرٍ تاريخي من بداهة البقاء مثلما اتّفق للقرآن الكريم ، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهّدت المشيئة الاِلهية ببقائه مصوناً من تلاعب أهل الاَهواء ومن التحريف وإلى الاَبد حيثُ قال تعالى : ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر15: 9).
        فالمراد بالذكر ـ كما يقول المفسّرون ـ في هذه الآية : القرآن الكريم ، وصيانة القرآن من التحريف من أبرز مصاديق الحفظ المصُرّح به في هذه الآية ، ولولا أن تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وصيانته عن الزيادة والنقصان لدُسّ فيه ما ليس منه ، كما دُسّ في الكتب المتقدّمة المنزلة من عند الله ، فلم يبقَ فيها سوى مادخل عليها من ركيك الكلام وباطل القول ، ولكن الكتاب الكريم قد نفى كلّ غريب ، وسلم من الشوائب والدخل ، فلم يبق إلاّ كلام الربّ سليماً صافياً محفوظاً .
        2 ـ نفي الباطل بجميع أقسامه عن الكتاب الكريم بصريح قوله تعالى : ( وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (فصلت 41: 41 ـ 44).
        والتحريف من أظهر مصاديق الباطل المذكور في الآية ، وعليه فالقرآن مصونٌ عن التحريف وعن أن تناله يد التغيير منذ نزوله وإلى يوم القيامة ، لاَنّه تنزيلٌ من لدن حكيم حميد ، ويشهد لدخول التحريف في الباطل الذي نفته الآية عن الكتاب ، أنّ الآية وصفت الكتاب بالعِزّة ، وعزّة الشيء تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع والتلاعب ، ومن التصرف فيه بما يشينه ويحطّ من كرامته وإلى الاَبد .
        3 ـ قوله تعالى : ( إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ * فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ ) (القيامة 75: 17 ـ 19).
        فعن ابن عباس وغيره : إنّ المعنى : إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ عليك حتّى تحفظه ويمكنك تلاوته ، فلا تخف فوت شيءٍ منه ( مجمع البيان 10 : 600 ).
        يتبع
        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        تعليق


        • #5
          4 ـ حديث الثقلين ، حيث تواتر من طرق الفريقين أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : كتابُ الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي » (هذا الحديث متواتر مشهور ، رواه الحفّاظ والمحدّثون عن نحو ثلاثين صحابياً ، وللحافظ ابن القيسراني (448 ـ 507 هـ) كتاب في طرق هذا الحديث ، وقد بحث السيد علي الميلاني هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابه (نفحات الازهار في خلاصة عبقات الاَنوار في إمامة الاَئمة الاَطهار) ، وأُنظر أهل البيت في المكتبة العربية رقم 298 للسيد عبدالعزيز الطباطبائي رضي الله عنه ).
          وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلى الله عليه وآله وسلم بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه ، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن كما كان عليه على عهده صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة لتتمّ به ـ وبالعترة ـ الهداية الاَبدية للاَُمّة الاِسلامية والبشرية جمعاء ماداموا متمسّكين بهما ، وإلاّ فلا معنى للاَمر باتّباع القرآن والرجوع إليه والتمسّك به ، إذا كان الآمر
          يعلم بأنّ قرآنه سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما !
          5 ـ الاَحاديث الآمرة بعرض الحديث على الكتاب ، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به ، والسقيم فيُتْرَك ويُعْرَض عنه ، وهي كثيرة ، منها : حديث الاِمام الصادق عليه السلام ، قال : « خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى فقال : أيُّها الناس ، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قُلتُه ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقُله » (الكافي 1 : 69 | 5 .).
          وعنه أيضاً بسندٍ صحيح ، قال عليه السلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه » (الوسائل 27 : 118 | 62 ،333 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام ) .
          وهذه القاعدة تتنافى تماماً مع احتمال التحريف في كتاب الله ، لاَنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعاً به ، لاَنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل ، فلا موضع للشكّ في نفس المقياس ، ولولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان منذ عصر الرسالة الاَوّل وإلى الاَبد ، لما كانت هذه القاعدة ، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها .
          قال المحقق الكركي المتوفّى سنة (940 هـ) في رسالته التي أفردها لنفي النقيصة عن القرآن الكريم : «لا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه غير هذا المتواتر الذي بأيدينا وأيدي الناس ، وإلاّ لزم التكليف بما لايطاق ، فقد وجب عرض الاَخبار على هذا الكتاب ، وأخبار النقيصة إذا عُرِضت عليه كانت مخالفة له ، لدلالتها على أنّه ليس هو ، وأيّ تكذيب يكون أشدّ من هذا» (1أورده السيد محسن البغدادي في (شرح الوافية) عن المحقق الكركي ، أُنظر البرهان ، للميرزا مهدي البروجردي : 116 ـ 117 .).
          6 ـ إنّ ثبوت قرآنية كلّ سور القرآن وآياته ، لا يتمّ إلاّ بالتواتر القطعي منذ عهد الرسالة وإلى اليوم ، ممّا يقطع احتمال التحريف نهائياً ، لاَنّ ماقيل بسقوطه من القرآن نقل إلينا بخبر الواحد ، وهو غير حجةٍ في ثبوت قرآنيته ، حتّى مع فرض صحّة إسناده .
          قال الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 هـ) : «إنّ من تتبّع أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وتصفّح التأريخ والآثار ، عَلِم علماً يقينياً أنّ القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر ، فقد حِفِظه الاَُلوف من الصحابة ونقله الاَُلوف ، وكان منذ عهده صلى الله عليه وآله وسلم مجموعاً مؤلّفاً».(الفصول المهمة ـ للسيد شرف الدين: 166)
          وقال الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفّى سنة (1352 هـ) : «ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامّة المسلمين جيلاً بعد جيل ، استمرّت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحوٍ واحد» (3آلاء الرحمن 1 : 29 ، المقدمة ).
          7 ـ إجماع العلماء على عدم التحريف إلاّ من لا اعتداد به ، كما صرّح بذلك المحقّق الكلباسي المتوفى سنة (1262 هـ ) بقوله : «انّ الروايات الدالّة على التحريف مخالفةٌ لاجماع الاَُمّة إلاّ من لا اعتداد به» (4البيان في تفسير القرآن : 234 ).
          وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ) في (كشف الغطاء) : «جميع ما بين الدفّتين ممّا يُتلى كلام الله تعالى ، بالضرورة من المذهب ، بل الدين وإجماع المسلمين ، وأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة الطاهرين عليهم السلام ، وإن خالف بعض من لايُعتدّ به» (1 كشف الغطاء : 298 ).
          8 ـ إنّ التحريف ينافي كون القرآن المعجزة الكبرى الباقية أبد الدهر .
          قال العلاّمة الحلّي المتوفّى سنة (726 هـ ): «إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» (2أجوبة المسائل المهناوية : 121). وذلك لفوات المعنى بالتحريف ، ولاَنّ مدار الاِعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى ، وبالنتيجة لا إعجاز حينما يوجد التحريف. فاحتمال الزيادة أو التبديل باطل ، لاَنّه يستدعي أن يكون باستطاعة البشر إتيان ما يماثل القرآن ، وهو مناقض لقوله تعالى : ( وَإن كُنْتُم في رَيْبٍ ممّا نَزَّلنا عَلى عَبْدِنا فأتُوا بسورَةٍ من مِثْلِهِ )(البقرة2: 23 )ولغيرها من آيات التحدي . وكذلك احتمال النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملةٍ واحدةٍ منتظمةٍ في أُسلوب بلاغي بديع ، فإنّ حذف كلمات منها سوف يؤدّي إلى إخلال في نظمها ، ويذهب بروعتها الاَُولى ، ولايَدَع مجالاً للتحدّي بها .
          9 ـ ثبوت كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما يدلّ على ذلك كثيرٌ من الاَخبار في كتب الفريقين، حيث كان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر أصحابه بقراءة القرآن وتدبّره وحفظه ، وعرض مايُروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم عليه ، كما أنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده وتلوه وحفظوه، وأنّ جبرئيل عليه السلام كان يعارضه صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن كلّ عامٍ مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين ، وهذا الدليل يُسقِط جميع مزاعم القائلين بالتحريف والتغيير ، وما تذرّعوا به من أنّ كيفية جمع القرآن ومراحل ذلك الجمع ، تستلزم في العادة وقوع هذا التحريف والتغيير فيه ؛ وسنأتي على تفصيل ذلك في موضوع جمع القرآن بإذن الله تعالى .

          تعليق


          • #6
            10 ـ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين بالقرآن ، فقد كان (ص) حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها ، مؤكّداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها ، مبيّناً فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة ، وقد بذل المسلمون عناية فائقة واهتماماً متواصلاً بكلام الله المجيد بشكل لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية السابقة ، فكان كلّما نزل شيءٌ من القرآن هَفَت إليه القلوب ، وانشرحت له الصدور ، وهَبَّ المسلمون إلى حفظه وتلاوته ، بما امتازوا به من قُوّة حافظة فطرية ، لاَنّ شعار الاِسلام وسمة المسلم حينئذٍ هو التجمّل والتكمّل بحفظ القرآن الكريم ، معجزة النبوّة الخالدة ، ومرجع الاَحكام الشرعية ، واستمروّا على ذلك حتّى صاروا منذ صدر الاِسلام يُعَدّون بالاَُلوف وعشراتها ومئاتها ، وكلّهم من حَمَلة القرآن وحُفّاظه وكُتّابه ، فكيف يُتَصوّر سقوط شيءٍ منه والحال هذه؟!
            11 ـ دقّة وتحرّي المسلمين لاَي طارىءٍ جديدٍ في القران ، حيثُ إنّ العناية قد اشتدّت ، والدواعي قد توفّرت لحفظ القرآن وحراسته حتّى في حروفه وحركاته ، ويكفي أن نذكر أنّ عثمان حينما كتب المصاحف ، أراد حذف حرف الواو من (والَّذِينَ) في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَها في سَبِيلِ اللهِ...(التوبة9: 34 ) . فقال أُبيّ : لتلحقنّها أو لاَضعنّ سيفي على عاتقي ؛ فألحقوها (1الدرّ المنثور 4 : 179 ).
            وروي أيضاً أنّ عمر بن الخطّاب قرأ ( والسَّابقُونَ الاولُونَ مِن المُهاجِرينَ وَالاَنْصَار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )(التوبة9: 100) فرفع (الانصار) ولم يلحق الواو في (الذين) فقال له زيد بن ثابت : ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )! فقال عمر : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ) . فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم . فقال عمر : ائتوني بأُبيّ بن كعب ، فأتاه فسأله عن ذلك ، فقال أُبيّ : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهم باحْسَانٍ ) فقال عمر : فنعم ، إذن نتابع أُبيّاً ( تفسير الطبري 11 : 7 ، الدر المنثور 4 : 268 ). فإذا كان الخليفة لا يستطيع أن يحذف حرفاً ، فهل يجرؤ غيره على التصرّف بزيادةٍ أو حذفِ آياتٍ أو سورٍ من القرآن وتحريفها ؟!
            12 ـ ويمنع من دعوى التحريف ، الواقع التاريخي أيضاً ، فإنّه إن كان التحريف في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو غير معقول بعد أن كان يشرف بنفسه على كتابته وحفظه وتعليمه ، ويُعْرَض عليه مرات عديدة .
            وإنّ كان بعد زمانه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى يد السلطة الحاكمة ، أو على يد غيرها ، فلم يكن يسع أمير المؤمنين عليه السلام والخيرة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم السكوت على هذا الاَمر الخطير الذي يمسّ أساس الاِسلام ، ويأتي على بنيانه من القواعد ، ولو كان ذلك لاحتجّ به الممتنعون عن بيعة أبي بكر وعمر والمعترضون عليهما في أمر الخلافة ، كسعد بن عبادة وأصحابه ، ولكان على أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الصحابة أن يُظْهِروا القرآن الحقيقي ، ويبيّنوا مواضع التحريف في هذا الموجود وإن حدث ما حدث ، لكنّنا لم نجد ذكراً لذلك ، لا في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة بالشقشقية ، ولافي غيرها من خُطبَهِ وكلماته وكتبه التي اعترض بها على من تقدّمه ، ولافي خطبة الزهراء عليها السلام المعروفة بمحضر أبي بكر ، كما لم نجد أحداً من الصحابة أو من غيرهم ، قد طالبهما بإرجاع القرآن إلى أصله الذي كان يُقْرَأ به في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو نبّه على حدوث التحريف ومواطنه ، وفي ترك ذِكر ذلك دلالةٌ قطعيةٌ على عدم التحريف .
            أمّا دعوى وقوع التحريف في زمن عثمان ، فهو أمر في غاية البُعد والصعوبة ، لاَنّ القرآن في زمانه كان قد انتشر وشاع في مختلف أرجاء البلاد ، وكثر حُفّاظه وقُرّاؤه ، وإنّ أقلّ مساسٍ بحرمة القرآن لسوف يُثير الناس ضدّه ، ويُوجِب الطعن عليه وإدانته بشكلٍ قويّ ومعلنٍ ، ولا سيما من الثائرين عليه الذين جاهروا بإدانته فيما هو أقلّ أهميةً وخطراً بكثير من التحريف ، لكنّنا لم نسمع أحداً طعن عليه في ذلك ، فهل خفيت هذه الآيات أو السور التي يُدّعى سقوطها من القرآن ، على عامّة المسلمين ، ولم يطّلع عليها سوى أفراد قلائل ؟!
            ولو كان ذلك لكان على أمير المؤمنين عليه السلام إظهار هذا الاَمر ، وإرجاع الناس إلى القرآن الحقيقي بعد أن صار خليفةً وحاكماً ، ولم يعد ثمّة مايمنع من ذلك ، وليس عليه شيء يُنْتَقَد به ، بل ولكان ذلك أظهر لحُجّته على الثائرين بدم عثمان . فكيف صحّ منه عليه السلام وهو الرجل القويّ الذي فقأ عين الفتنة أن يهمل هذا الاَمر الخطير ، وهو الذي أصرّ على إرجاع القطائع التي أقطعها عثمان ، وقال في خطبةٍ له عليه السلام : « والله لو وجدته قد تُزوِّج به النساء وُملِك به الاِماء لرددته ، فانّ في العدل سَعَة ، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق » (1نهج البلاغة ـ صبحي الصالح : 57 الخطبة 15 ). مع أنّ ذلك أقلّ أهمية وخطورة من أمر تحريف القرآن بكثير ؟! إذن فإمضاؤه عليه السلام للقرآن الموجود في عصره دليلٌ قاطعٌ على عدم وقوع التحريف فيه .
            13 ـ اهتمام أهل البيت عليهم السلام البالغ في القرآن الكريم وحثُّ أصحابهم على تلاوة القرآن الكريم وختمه ، وبيانهم عليهم السلام لمنزلة قارىء القرآن تارة ، وفضائل القرآن تارة أُخرى ، كُلّ ذلك يدلُّ على نفي التحريف ، لعدم توجّه مثل هذه العناية إلى كتاب محرّف .
            14 ـ اعتقاد الكل بكون القرآن حجّة بالغة ينافي التحريف من كلِّ وجه، ولا يعقل اتخاذ ماهو محرّف حجة ، ولو فرض حصول التحريف لسقط الاستدلال به لاحتمال التحريف بالدليل ، ولا يوجد فرد واحد قط استدل بالقرآن وأشكل عليه آخر بتحريف الدليل .
            15 ـ وأخيراً فإنّ صلاة الاِمامية بمجرّدها دليلٌ على نفي التحريف في كتاب الله العزيز ؛ لاَنّهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب ـ في كلِّ من الركعة الاَولى والركعة الثانية من الفرائض الخمس ـ سورةً واحدةً تامّة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين ، وفقههم صريح بذلك ، فلولا أنّ سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسنّى لهم هذا القول ، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل.

            يتبع
            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            تعليق


            • #7
              رأى علماء الشيعة بالتحريف
              بسم الله الرحمن الرحيم
              الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

              إنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم ، والمتسالم عليه بينهم ، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم ، وقد نصّوا على أنّ الذي بين الدفّتين هو جميع القرآن المُنْزَل على النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان ، ومن الواضح أنّه لا يجوز إسناد عقيدةٍ أو قولٍ إلى طائفةٍ من الطوائف إلاّ على ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة ، وباعتماد مصادرها المعتبرة ، وفيما يلي نقدّم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الاِمامية منذ القرون الاُولى وإلى الآن ، لتتّضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي :
              1 ـ يقول الاِمام الشيخ الصدوق ، محمّد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفّى سنة (381 هـ) في كتاب (الاعتقادات) : «اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم هو مابين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب» (الاعتقادات : 93 .).
              2 ـ ويقول الاِمام الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، المتوفّى سنة (413 هـ) في (أوائل المقالات) : «قال جماعة من أهل الاِمامة : إنّه لم ينقص من كَلِمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حُذِف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وعندي أنّ هذا القول أشبه ـ أي أقرب في النظر ـ مِن مقال من أدّعى نقصان كَلِمٍ من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل» ( أوائل المقالات : 55 ) .
              وفي (أجوبة المسائل السروية) ، قال : «فان قال قائل : كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولانقصان ، وأنتم تروون عن الاَئمّة عليهم السلام أنّهم قرأوا «كنتم خير أئمّة أُخرجت للناس» ، «وكذلك جعلناكم أئمّة وسطاً» . وقرأوا «يسألونك الاَنفال» . وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس ؟
              قيل له : إنّ الاَخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لايُقْطَع على الله تعالى بصحّتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر ، على ما أُمِرنا به (روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : «اقرءوا كما عُلّمتم...» ، وقال عليه السلام : «اقرءُوا كما يقرأ الناس».
              )حسب مابيّناه مع أنّه لايُنْكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين ، أحدهما : ما تضمّنه المصحف ، والثاني : ما جاء به الخبر، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على أوجهٍ شتّى» (3المسائل السروية : 83 تحقيق الاستاذ صائب عبدالحميد ).
              3 ـ ويقول الاِمام الشريف المرتضى ، عليّ بن الحسين الموسوي ، المتوفّى سنة (436 هـ) في (المسائل الطرابلسيات) : «إنّ العلم بصحّة نقل القرآن ، كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يَبْلُغه في ما ذكرناه ‎؛ لاَنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والاَحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتّى عرفوا كلّ شيءٍ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟!
              وقال أيضاً : إنّ العلم بتفضيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ماعُلِم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها مايعلمونه من جملتها ، حتّى لو أنّ مُدْخِلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً ليس من الكتاب لُعرِف ومُيّز ، وعُلِم أنّه مُلْحَقٌ وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلومٌ أنّ العناية بنقل القرآن وضبطهِ أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء» .
              وذكر : «أنّ من خالف في ذلك من الاِمامية والحشوية لايعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قومٍ من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها ، لايرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته»( مجمع البيان 1 : 83 )
              وذكر ابن حزم أنّ الشريف المرتضى كان يُنكر من زعم أنّ القرآن بُدّل ، أو زيد فيه ، أو نُقِص منه ، ويكفّر من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي وأبو القاسم الرازي (الفصل في الملل والنحل 4 : 182 .).
              4 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن ، المعروف بشيخ الطائفة ، المتوفّى سنة (460 هـ) في مقدمة تفسيره (التبيان) : «المقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه ، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً ، لاَنّ الزيادة فيه مجمعٌ على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الاَليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله ، وهو الظاهر من الروايات ، غير أنّه رُويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيءٍ من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لاتُوجِب علماً ولا عملاً ، والاَولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لاَنّه يمكن تأويلها ، ولو صَحّت لماكان ذلك طعناً على ماهو موجودٌ بين الدفّتين ، فإنّ ذلك معلومٌ صحّته لايعترضه أحدٌ من الاَُمّة ولا يدفعه» ( التبيان 1 : 3 .).
              5 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن المتوفى سنة (548 هـ )، في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) : «ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، فانّه لا يليق بالتفسير ، فأمّا الزيادة فمجمعٌ على بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً ؛ والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى ، واستوفى الكلام فيه غاية «الاستيفاء»(مجمع البيان 1 : 83 .) .

              تعليق


              • #8
                6 ـ ويقول الاِمام العلاّمة الحلي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر ، المتوفّى( سنة 726 هـ) في (أجوبة المسائل المهناوية) حيثُ سُئل ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز ، هل يصحّ عند أصحابنا أنّه نقص منه شيءٌ ، أو زِيد فيه ، أو غُيِّر ترتيبه ، أم لم يصحّ عندهم شيءٌ من ذلك ؟
                فأجاب : «الحقّ أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه ، وأنّه لم يزد ولم ينقص ، ونعوذ بالله تعالى من أن يُعْتَقَد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنّه يُوجِب التطرّق إلى معجزة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» ( أجوبة المسائل المهناوية : 121 ).
                7 ـ ويقول الاِمام الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين الحارثي العاملي ، المتوفّى سنة 1030 هـ ، كما نقل عنه البلاغي في (آلاء الرحمن) : «الصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظٌ عن التحريف ، زيادةً كان أو نقصاناً ، ويدلّ عليه قوله تعالى : ( وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع ، مثل قوله تعالى (يا أيُّها الرسولُ بَلّغ ما أُنْزِل إليكَ ـ في عليّ ـ ) وغير ذلك ، فهو غير معتبرٍ عند العلماء» (آلاء الرحمن 1 : 26 ).
                8 ـ ويقول الاِمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ ) في (كشف الغطاء) : «لا ريب في أنّ القرآن محفوظٌ من النقصان بحفظ الملك الديّان ، كما دلّ عليه صريح الفرقان ، واجماع العلماء في جميع الاَزمان ، ولاعبرة بالنادر ، وما ورد في أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ، ولاسيّما مافيه نقص ثلث القرآن أو كثير منه ، فإنّه لو كان كذلك لتواتر نقله ، لتوفّر الدواعي عليه ، ولا تّخذه غير أهل الاِسلام من أعظم المطاعن على الاِسلام وأهله ، ثمّ كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه» (كشف الغطاء : 229 .).
                9 ـ ويقول الاِمام المجاهد السيد محمد الطباطبائي ، المتوفّى سنة (1242 هـ) في (مفاتيح الاُصول) : «لاخلاف أنّ كل ماهو من القرآن يجب أن يكون متواتراً في أصله وأجزائه ، وأمّا في محلّه ووضعه وترتيبه فكذلك عند محقّقي أهل السنة ، للقطع بأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لاَنّ هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم ، والصراط المستقيم ، ممّا توفّرت الدواعي على نقل جمله وتفاصيله ، فما نقل آحاداً ولم يتواتر ، يقطع بأنّه ليس من القرآن قطعاً» (البرهان للبروجردي : 120 ).
                10 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد جواد البلاغي ، المتوفّى سنة (1352 هـ ) في (آلاء الرحمن) : «ولئن سمعت من الروايات الشاذّة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه ، فلا تُقِم لتلك الروايات وزناً ، وقلَّ ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين ، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن، وما ألصقته بكرامة القرآن ممّا ليس له شَبَه به»( آلاء الرحمن 1 : 18 ).
                11 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة( 1373 هـ) في (أصل الشيعة وأصولها) : «إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين ، هو الكتاب الذي أنزله الله إليه صلى الله عليه وآله وسلم للاعجاز والتحدّي ، ولتعليم الاَحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وإنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم ، ومن ذهب منهم ، أو من غيرهم من فرق المسلمين ، إلى وجود نقصٍ فيه أو تحريفٍ ، فهو مخطئ، يَرُدّهُ نص الكتاب العظيم ( إنّا نحنُ نزّلنا الذكرَ وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) (الحجر15: 9).
                والاَخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ، ضعيفة شاذّة ، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فأمّا أن تُؤوّل بنحوٍ من الاعتبار أو يُضْرَب بها الجدار» (أصل الشيعة وأُصولها : 101 ـ 102 ط15 .).
                12 ـ ويقول الاِمام السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ، المتوفّى سنة (1377 هـ) ، في (أجوبة مسائل جار الله) : «إنّ القرآن العظيم والذكر الحكيم ، متواترٌ من طُرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته ، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوهٌ ، وأئمّة أهل البيت عليهم السلام كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى ، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه . وظواهر القرآن الحكيم ، فضلاً عن نصوصه ، أبلغ حجج الله تعالى ، وأقوى أدلّة أهل الحقّ بحكم الضرورة الاَولية من مذهب الاِمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترةٌ من طريق العِترة الطاهرة ، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها ، عملاً بأوامر أئمتهم عليهم السلام .
                وكان القرآن مجموعاً أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ماهو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه ، بلا زيادةٍ ولا نقصانٍ ، ولا تقديمٍ ولا تأخيرٍ ، ولا تبديلٍ ولا تغيير» (عبدالحسين شرف الدين | أجوبة مسائل جار الله : أُنظر ص 28 ـ 37 .).
                13 ـ ويقول الاِمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، المتوفّى سنة 1413 هـ ، في (البيان في تفسير القرآن) : «المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ، وأنَّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد صرح بذلك كثير من الاَعلام ، منهم رئيس المحدثين الشيخ الصدوق محمد بن بابويه ، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الاِمامية» (البيان في تفسير القرآن : 200 ).
                ويقول أيضاً : «إنّ حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لايقول به إلاّ من ضعف عقله ، أو من لم يتأمّل في أطرافه حقّ التأمّل ، أو من ألجأه إليه من يحبّ القول به ، والحبّ يعمي ويصمّ ، وأمّا العاقل المنصف المتدبّر فلا يشكّ في بطلانه وخرافته» (البيان في تفسير القرآن : 259 ).
                14 ـ يقول الاِمام الخميني المتوفّى سنة 1409 هـ : «إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءةً وكتابةً ، يقف على بطلان تلك الروايات المزعومة . وما ورد فيها من أخبار ـ حسبما تمسّكوا به ـ إمّا ضعيف لا يصلح للاستدلال به ، أو موضوع تلوح عليه إمارات الوضع ، أو غريب يقضي بالعجب ، أمّا الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل ، والتفسير، وإنّ التحريف إنّما حصل في ذلك ، لا في لفظه وعباراته .
                وتفصيل ذلك يحتاج إلى تأليف كتاب حافل ببيان تاريخ القرآن والمراحل التي قضاها طيلة قرون ، ويتلخّص في أنّ الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفّتين ، لا زيادة فيه ولا نقصان ، وأنّ الاختلاف في القراءات أمر حادث ، ناشئ عن اختلاف في الاجتهادات ، من غير أن يمسّ جانب الوحي الذي نزل به الروح الاَمين على قلب سيد المرسلين» ( تهذيب الأصول 2: 165 ).

                يتبع
                والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                تعليق


                • #9
                  روايات التحريف

                  يقول السيد شرف الدين العاملي المتوفّى سنة (1377 هـ) : «لا تخلو كتب الشيعة وكتب أهل السنة من أحاديث ظاهرة بنقص القرآن ، غير أنّها ممّا لا وزن لها عند الاَعلام من علمائنا أجمع ، لضعف سندها ، ومعارضتها بما هو أقوى منها سنداً ، وأكثر عدداً ، وأوضح دلالةً ، على أنّها من أخبار الآحاد ، وخبر الواحد إنّما يكون حجّة إذا اقتضى عملاً ، وهذه لا تقتضي ذلك ، فلا يرجع بها عن المعلوم المقطوع به ، فليضرب بظواهرها عرض الحائط» (أجوبة مسائل جار الله ـ المسألة الرابعة : 31 ـ 37 ) .


                  ثلاث حقائق مهمّة !
                  قبل الخوض في موقف علماء الشيعة من روايات التحريف ، وعرض نماذج من هذه الروايات ، نرى لزاماً علينا بيان بعض الحقائق المتعلّقة بهذا الموضوع :
                  1 ـ إنّ من يحتجّ على الشيعة في مسألة تحريف القرآن ببعض الاَحاديث الموجودة في كتب بعض علمائهم ، فهو متحاملٌ بعيدٌ عن الانصاف ؛ لاَنّه لا يوجد بين مصنّفي الشيعة من التزم الصحّة في جميع ماأورده من أحاديث في كتابه ، كما لا يوجد كتابٌ واحدٌ من بين كتب الشيعة وُصِفت كلّ أحاديثه بالصحّة وقوبلت بالتسليم لدى الفقهاء والمحدّثين .
                  يقول الشيخ الاستاذ محمّد جواد مغنية : «إنّ الشيعة تعتقد أنّ كتب الحديث الموجودة في مكتباتهم ، ومنها (الكافي) و (الاستبصار) و (التهذيب) و (من لايحضره الفقيه) فيها الصحيح والضعيف ، وإنّ كتب الفقه التي ألّفها علماؤهم فيها الخطأ والصواب ، فليس عند الشيعة كتاب يؤمنون بأنّ كلّ مافيه حقٌّ وصوابٌ من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم ، فالاَحاديث الموجودة في كتب الشيعة لا تكون حجةً على مذهبهم ولا على أيّ شيعي بصفته المذهبية الشيعية ، وإنّما يكون الحديث حجّةً على الشيعي الذي ثبت عنده الحديث بصفته الشخصية» .
                  ويكفي أن نذكر هنا أنّ كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني المتوفّى 329 هـ ، وهو من الكتب الاَربعة التي عليها المدار في استنباط الاحكام الشرعية ، يحتوي على ستة عشر ألفاً ومئتي حديث ، صنفوا أحاديثه ـ بحسب الاصطلاح ـ إلى الصحيح والحسن والموثق والقوي والضعيف .
                  2 ـ لايجوز نسبة القول بالتحريف إلى الرواة أو مصنفي كتب الحديث ؛ لاَنّ مجرد رواية أو إخراج الحديث لا تعني أنّ الراوي أو المصنّف يعتقد بمضمون مايرويه أو يخرجه ، فقد ترى المحدث يروي في كتابه الحديثي خبرين متناقضين يخالف أحدهما مدلول الآخر بنحو لا يمكن الجمع بينهما ، فالرواية إذن أعم من الاعتقاد والقبول والتصديق بالمضمون ، وإلاّ لكان البخاري ومسلم وسواهما من أصحاب الصحاح والمجاميع الحديثية ، وسائر أئمّة الحديث ، وجُلّ الفقهاء والعلماء عند فرق المسلمين ، قائلين بالتحريف ؛ لاَنّهم جميعاً قد رووا أخباره في كتبهم وصحاحهم ! والاَمر ليس كذلك بالتأكيد ، فلو صحّ نسبة الاعتقاد بما يرويه الرواة إليهم للزم أن يكون هؤلاء وغيرهم من المؤلّفين ونقلة الآثار يؤمنون بالمتعارضات والمتناقضات ، وبما يخالف مذاهبهم ومعتقداتهم ، ماداموا يروون ذلك كلّه في كتبهم الحديثية ، وهذا ما لم يقل به ولا أدعاه عليهم ذو مسكة إذا أراد الانصاف .
                  3 ـ إنّ ذهاب بعض أهل الفرق إلى القول بتحريف القرآن ، أو إلى رأيٍ يتفرّد به ، لايصحّ نسبة ذلك الرأي إلى تلك الفرقة بأكملها ، لا سيما إذاكان ما ذهب إليه قد تعرّض للنقد والتجريح والانكار من قبل علماء تلك الفرقة ومحقّقيها ، فكم من كتبٍ كُتِبت وهي لا تعبّر في الحقيقة إلاّ عن رأي كاتبها ومؤلّفها ، ويكون فيها الغثّ والسمين ، وفيها الحقّ والباطل ، وتحمل بين طيّاتها الخطأ والصواب ، ولا يختصّ ذلك بالشيعة دون سواهم ، فذهاب قوم من حشوية العامّة إلى القول بتحريف القرآن لا يبرّر نسبة القول بالتحريف إلى أهل السنة قاطبة ، وذهاب الشيخ النوري المتوفى (1320 هـ ) إلى القول بنقص القرآن لايصلح مبرّراً لنسبة القول بالتحريف إلى الشيعة كافة ، وكذا لا يصحّ نسبة أقوال ومخاريق ابن تيميّة التي جاء بها من عند نفسه وتفرّد بها إلى أهل السنة بصورة عامة سيما وإنّ أغلب محققيهم قد أنكروها عليه ، فإذا صحّ ذلك فانّما هو شطط من القول وإسراف في التجنّي وإمعان في التعصّب ومتابعة الهوى .

                  تعليق


                  • #10
                    موقف علماء الشيعة من روايات التحريف

                    إنّ العلماء الاَجلاّء والمحققين من الشيعة ، لم يلتفتوا إلى ماورد في مجاميع حديثهم من الروايات الظاهرة بنقص القرآن ، ولا اعتقدوا بمضمونها قديماً ولا حديثاً ، بل أعرضوا عنها ، وأجمعوا على عدم وقوع التحريف في الكتاب الكريم ، كما تقدّم في كلمات أعلامهم .
                    وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين :
                    1 ـ الروايات غير المعتبرة سنداً؛ لكونها ضعيفة أو مرسلة أو مقطوعة ، وهذا هو القسم الغالب فيها ، وهو ساقط عن درجة الاعتبار .
                    2 ـ الروايات الواردة عن رجال ثقات وبأسانيد لا مجال للطعن فيها ، وهي قليلة جداً ، وقد بيّن العلماء أنّ قسماً منها محمولٌ على التأويل ، أو التفسير ، أو بيان سبب النزول ، أو القراءة ، أو تحريف المعاني لا تحريف اللفظ ، أو الوحي الذي هو ليس بقرآن ، إلى غير ذلك من وجوه ذكروها في هذا المجال ، ونفس هذه المحامل تصدق على الروايات الضعيفة أيضاً لو أردنا أن ننظر إليها بنظر الاعتبار ، لكن يكفي لسقوطها عدم اعتبارها سنداً .
                    أمّا الروايات التي لايمكن حملها وتوجيهها على معنى صحيح ، وكانت ظاهرة أو صريحة في التحريف ، فقد اعتقدوا بكذبها وضربوا بها عرض الحائط وذلك للاَسباب التالية :
                    1 ـ أنّها مصادمةٌ لما عُلِم ضرورةً من أنّ القرآن الكريم كان مجموعاً على عهد النبوّة .
                    2 ـ أنّها مخالفةٌ لظاهر الكتاب الكريم حيثُ قال تعالى : ( إنّا نحنُ نَزّلنا الذِّكر وإنّا لهُ لَحَافِظُون )(الحجر15: 9) .
                    3 ـ أنّها شاذّةٌ ونادرةٌ ، والروايات الدالة على عدم التحريف مشهورةٌ أو متواترةٌ ، كما أنّها أقوى منها سنداً ، وأكثر عدداً ، وأوضح دلالة .
                    4 ـ أنّها أخبار آحاد ، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد ، وإنّما يثبت بالتواتر، كما تقّدم في أدلّة نفي التحريف ، وقد ذهب جماعة من أعلام الشيعة الاِمامية إلى عدم حجّية الآحاد مطلقاً ، وإنّما قيل بحجيّتها إذا اقتضت عملاً ، وهي لا تقتضي ذلك في المسائل الاعتقادية ولا يُعبأ بها .

                    نماذج من روايات التحريف في كتب الشيعة
                    سنورد هنا شطراً من الروايات الموجودة في كتب الشيعة الاِمامية ، والتي أدّعى البعض ظهورها في النقصان أو دلالتها عليه ، ونبيّن ماورد في تأويلها وعدم صلاحيتها للدلالة على النقصان ، وما قيل في بطلانها وردّها، وعلى هذه النماذج يقاس ما سواها ، وهي على طوائف :

                    الطائفة الاَولى : الروايات التي ورد فيها لفظ التحريف ، ومنها :
                    1 ـ ما رُوي في (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام ، إلى أن قال: ـ « أُؤتمنوا على كتاب الله ، فحرّفوه وبدّلوه » (الكافي 8 : 125 | 95).
                    2 ـ ما رواه ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد عليه السلام في يوم عاشوراء وفيها : « إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب » (2 بحار الانوار 45 : 8)
                    فمن الواضح أنّ المراد بالتحريف هنا حمل الآيات على غير معانيها ، وتحويلها عن مقاصدها الاَصلية بضروبٍ من التأويلات الباطلة والوجوه الفاسدة دون دليلٍ قاطعٍ ، أو حجةٍ واضحةٍ ، أو برهان ساطع ، ومكاتبة الاِمام الباقر عليه السلام لسعد الخير صريحةٌ في الدلالة على أنّ المراد بالتحريف هنا التأويل الباطل والتلاعب بالمعاني ، قال عليه السلام : « وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه... » (الكافي 8 : 53 | 16 )أي إنّهم حافظوا على ألفاظه وعباراته ، لكنّهم أساءوا التأويل في معاني آياته .

                    تعليق


                    • #11
                      الطائفة الثانية : الروايات الدالّة على أنّ بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذُكِرت فيها أسماء الائمة عليهم السلام ، ومنها :
                      1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وسلم هكذا : ( وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا ـفي عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ ) . (البقرة2: 23)
                      2 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى : ( من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً ) (الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت (الكافي 1 : 417 | 26).
                      3 ـ ما رُوي في (الكافي) عن منخل ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «نزل جبرئيل على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا ( يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً ) .(4الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا ( يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم ...) وأما آخرها ( نور مبيناً ) فهو في نفس السورة آية : 147 هكذا ( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا ) ولعله سقط من الخبر شيء )
                      ويكفي في سقوط هذه الروايات عن درجة الاعتبار نصّ العلاّمة المجلسي في (مرآة العقول) على تضعيفها ، ويغنينا عن النظر في أسانيدها واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحّتها (1 الوافي 2 : 273 )، وقول الشيخ البهائي : «ما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن في بعض المواضع.. غير معتبرٍ عند العلماء» (آلاء الرحمن 1 : 26 )، وعلى فرض صحّته يمكن حمل قوله : «هكذا نزلت» وقوله : «نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا» على أنّه بهذا المعنى نزلت ، وليس المراد أنّ الزيادة كانت في أصل القرآن ثمّ حُذِفت .
                      قال السيد الخوئي : «إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه ، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الاَئمّة في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتمّ هذا الحمل فلابدّ من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسُنّة والاَدلّة المتقدّمة على نفي التحريف» (البيان في تفسير القرآن : 230 ) .
                      وعلى فرض عدم الحمل على التفسير ، فإنّ هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في (الكافي) ، قال : سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى : (يا أيها الذين آمنواأطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الاَمر مِنْكُم) ( النساء4: 59). قال : فقال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام » . فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ علياً وأهل بيته في كتاب الله ؟ قال عليهما السلام : « فقولوا لهم : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي فسّر لهم ذلك » ( الكافي 1 : 286 | 1 ). فتكون هذه الرواية حاكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها ، ويضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجّوا بذكر اسم الامام عليّ عليه السلام في القرآن ، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة ، فهذا من الاَدلّة الواضحة على عدم ذكره في الآيات . ومما يُضاف لهذه الطائفة من الروايات أيضاً :
                      1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : سَمِعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » (2الكافي 2 : 627 | 2 .).
                      2 ـ ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق عليه السلام ، قال : « لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين » ( تفسير العياشي 1 : 13 | 4 .).
                      وقد صرّح العلاّمة المجلسي رحمه الله بأنّ الحديث الاَوّل مجهول ، أمّا الحديث الثاني فقد رواه العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد ، عمّن أخبره ، عنه عليه السلام ، وواضح ضعف هذا الاسناد ، وعلى فرض صحّته فإنّ المراد بالتسمية هنا هو كون أسمائهم عليهم السلام مثبتة فيه على وجه التفسير ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن ، أي لولا حذف بعض ما جاء من التأويل لآياته ، وحذف ما أنزله الله تعالى تفسيراً له ، وحذف موارد النزول وغيرها ، لاَلفيتنا فيه مُسمّين ، أو لو أُوّل كما أنزله الله تعالى وبدون كَدَر الاَوهام وتلبيسات أهل الزيغ والباطل لاَلفيتنا فيه مُسمّين .

                      تعليق


                      • #12
                        الطائفة الثالثة : الروايات الموهمة بوقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان ، ومنها :
                        1 ـ ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ، ما خفي حقّنا على ذي حجا ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » (تفسير العياشي 1 : 13 | 6 ).
                        2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام » (2الكافي 1 : 228 | 1 ، بصائر الدرجات : 213 | 2 ).
                        3 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنّه قال : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء » (3الكافي 1 : 228 | 2 ، بصائر الدرجات : 213 | 1).
                        وهذه الطائفة قاصرةٌ أيضاً عن الدلالة على تحريف القرآن ، فالحديث الاَول من مراسيل العياشي ، وهو مخالف للكتاب والسُنّة ولاِجماع المسلمين على عدم الزيادة في القران ولا حرف واحد ، وقد أدعى الاجماع جماعة كثيرون من الاَئمة الاَعلام منهم السيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي وغيرهم . أمّا النقص المشار إليه في الحديث الاَول فالمراد به نقصه من حيث عدم المعرفة بتأويله وعدم الاطلاع على باطنه ، لا نقص آياته وكلماته وسوره ، وقوله(عليه السلام)« ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » فإنّ الذي يصدّق القائم (صلوات الله عليه) هو هذا القرآن الفعلي الموجود بين أيدي الناس ، ولو كان محرفاً حقّاً لم يصدقه القرآن ، فمعنى ذلك أنّ الاِمام الحجة (صلوات الله عليه) سوف يُظهر معاني القرآن على حقيقتها بحيث لا يبقى فيها أي لبسٍ أو غموض ، فيدرك كلّ ذي حجا أنّ القرآن يصدّقه ، فالمراد من الحديث الاَول ـ على فرض صحّته ـ أنّهم قد حرّفوا معانيه ونقصوها وأدخلوا فيها ما ليس منها حتى ضاع الاَمر على ذي الحجا .
                        أمّا الرواية الثانية ففي سندها عمرو بن أبي المقدام ، وقد ضعّفه ابن الغضائري (أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 ) ، وفي سند الرواية الثالثة المنخّل بن جميل الاَسدي ، وقد قال عنه علماء الرجال : ضعيف ، فاسد الرواية ، متّهم بالغلوّ ، أضاف إليه الغلاة أحاديث كثيرة (2أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 ).
                        وعلى فرض صحّة الحديثين فإنّه يمكن توجيههما بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما ، قال السيد الطباطبائي : «قوله عليه السلام : إنّ عنده جميع القرآن ؛ إلى آخره ، الجملة وإن كانت ظاهرةً في لفظ القرآن ، ومشعرة بوقوع التحريف فيه ، لكن تقييدها بقوله: «ظاهره وباطنه» يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن ، من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ، ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي» (التحقيق في نفي التحريف : 62 ).
                        وقد أورد السيد عليّ بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الاَحاديث التي استشهد بها على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام والاَوصياء من أبنائه، علموا جميع مافي القرآن علماً قطعياً بتأييد إلهي ، وإلهام رباني ، وتعليم نبوي ، وذكر أنّ الاَحاديث في ذلك متواترةٌ بين الفريقين» ( شرح الصحيفة السجادية : 401 ).
                        ويمكن حمل الروايتين أيضاً على معنى الزيادات الموجودة في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام والتي أخذها عمّن لا ينطق عن الهوى تفسيراً ، أو تنزيلاً من الله شرحاً للمراد ، إلاّ أنّ هذه الزيادات ليست من القرآن الذي أُمِر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغه إلى الاَُمّة .

                        الطائفة الرابعة : الروايات الدالّة على أنّ في القرآن أسماء رجال ونساء فأُلقيت منه ، ومنها :
                        1 ـ ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق عليه السلام ، قال : « إنّ في القرآن ما مضى ، وما يحدث ، وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة »(2 تفسير العياشي 1 : 12 | 10)
                        2 ـ ما روي في (الكافي) عن البزنطي ، قال : دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً ، فقال : « لا تَنْظُر فيه » . ففتحته وقرأت فيه ( لم يكن الذين كفروا ...)( البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إليّ : « ابعث إليّ بالمصحف » (3الكافي 2 : 631 | 16 .).
                        3 ـ ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان ، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ، ولكن نقصّوها وحرّفوها » ( ثواب الاَعمال : 100 ). وهذه الروايات لا نصيب لها من الصحّة ، فهي بين ضعيف ومرسل ومرفوع ، ومن الممكن القول بأنّ تلك الاسماء التي أُلقيت إنّما كانت مثبتةً فيه على وجه التفسير لاَلفاظ القرآن وتبيين الغرض منها ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن . وقد ذكر ذلك الفيض الكاشاني في (الوافي) والسيد الخوئي في (البيان) وغيرهما.. بل إنّ الشيخ الصدوق ـ وهو رئيس المحدّثين ـ الذي روى الخبر في كتابه (ثواب الاعمال) ينصّ في كتابه (الاعتقادات) على عدم نقصان القرآن ، وهذا مما يشهد بأنّهم قد يروون مالا يعتقدون بصحّته سنداً أو معنىً .

                        الطائفة الخامسة : الاَحاديث التي تتضمّن بعض القراءات المنسوبة إلى الاَئمة عليهم السلام ، ومنها :
                        1 ـ روى الكليني بإسناده عن عمران بن ميثم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام : ( فإنَّهم لا يُكِذّبُونَكَ وَلكن الظَّالمينَ بآيات الله يَجْحَدُون ) (الأنعام6: 33) فقال عليه السلام : بلى والله لقد كذَّبوه أشدّ التكذيب، ولكنّها مخفّفة (لا يكذبونك) لا يأتون بباطل يكذبون به حقّك»(2الكافي 8 : 200 | 241).
                        2 ـ وروى الشيخ الكليني بإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق عليه السلام أنه قرأ (هذا كتابٌ يُنْطَق عَلَيكُم بالحقِّ )(الجاثية : 29) ببناء الفعل للمفعول ، والقراءة المشهورة ( يَنْطِقُ ) بالبناء للفاعل ، قال عليه السلام : « إنَّ الكتاب لم يُنْطَق ولن يَنْطِق ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الناطق بالكتاب » (3).
                        وهذه القراءات لا تصلح مستمسكاً للقول بالتحريف ، لاَنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، القرآن منقول إلينا بالتواتر ، وهذه القراءات منقولة بطريق الآحاد ، كما أن الاختلاف في كيفية الكلمة أو حركتها لا ينافي الاتفاق على أصلها .
                        قال الاِمام الصادق عليه السلام : « القرآن نزل على حرفٍ واحدٍ من عند الواحد» ، وقال عليه السلام في حديث آخر : « إنَّ القرآن واحدٌ ، نزل من عند واحدٍ ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة » .
                        وقد حثَّ الاِمام الصادق عليه السلام شيعته وأصحابه على متابعة القراءة المعهودة لدى جمهور المسلمين حيثُ قال عليه السلام : « اقرأوا كما يقرأ الناس».

                        تعليق


                        • #13
                          شبهات وردود
                          فيما يلي نعرض بعض الشبهات التي روّجها البعض متشبثاً بها للدلالة على وقوع التحريف ، وسنبيّن وجوه اندفاعها :

                          الأَِولى : أنّه كان لاَمير المؤمنين عليّ عليه السلام مصحف غير المصحف الموجود ، وقد أتى به إلى القوم فلم يقبلوا منه ، وكان مصحفه مشتملاً على أبعاض ليست موجودة في القرآن الذي بين أيدينا ، ممّا يترتّب عليه أنّ المصحف الموجود ناقصٌ بالمقارنة مع مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا هو التحريف الذي وقع الكلام فيه .
                          نقول : نعم ، تفيد طائفةٌ من أحاديث الشيعة وأهل السنة أنّ علياً عليه السلام اعتزل الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليجمع القرآن العظيم ، وفي بعض الروايات : أنّ عمله ذاك كان بأمر الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه عليه السلام قال : « لاأرتدي حتّى أجمعه » ، وروي أنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتّى جمعه (أُنظر: شرح ابن أبي الحديد 1 : 27 ، الاتقان 1 : 204 ، أنساب الاشراف 1 : 587 ، الطبقات الكبرى 2 : 338 ، مناهل العرفان 1 : 247 ، كنز العمال 2 : 588 | 4792 ).
                          ولكن أعلام الطائفة يذكرون بأنّ غاية ماتدلّ عليه الاَحاديث أنّ مصحف علي عليه السلام يمتاز عن المصحف الموجود بأنّه ، كان مرتّباً على حسب النزول ، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها ، أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه ، وأنّ فيه المحكم والمتشابه ، وأنّ فيه أسماء أهل الحقّ والباطل ، وأنّه كان بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ علي عليه السلام ، وأنّ فيه فضائح قومٍ من المهاجرين والاَنصار ، وجميع هذه الاختلافات لا توجب تغايراً في أصل القرآن وحقيقته .
                          وأهمّ ما في هذه الاختلافات هو الزيادة التي كانت في مصحفه عليه السلام والتي يخلو عنها المصحف الموجود ، وهذه الزيادة قد تكون من جملة الاحاديث القدسية والتي هي وحي وليست بقرآن ، كما نصّ عليه الشيخ الصدوق في (الاعتقادات) (1الاعتقادات : 93 ). وقد تكون من جهة التأويل والتفسير وليست من أبعاض القرآن .
                          قال الشيخ المفيد رحمَهُ الله في (أوائل المقالات) : «ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان مثبتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً ، قال الله تعالى : (ولاتعْجَل بالقُرآنِ مِن قَبْل أن يُقْضى إليْكَ وَحْيُه وَقُلْ رَبِّ زِدْني عِلماً) (طه 20: 114) فيسمّى تأويل القرآن قرآناً ، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف»(2 أوائل المقالات : 55).
                          وقال السيد الخوئي : «إنّ اشتمال قرآنه عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّه لا دلالة في ذلك على أنّ هذه الزيادات كانت من القرآن وقد أُسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله تعالى شرحاً للمراد» (البيان في تفسير القرآن : 223).
                          وخلاصة القول أنّ الادّعاء بوجود زيادات في مصحف عليّ عليه السلام هي من القرآن ادِّعاءٌ بلا دليل وهو باطل قطعاً ، ويدلّ على بطلانه جميع ماتقدم من الاَدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن .

                          تعليق


                          • #14
                            الثانية : أنّ بعض الاَحاديث تفيد أنّ القرآن الكريم على عهد الاِمام المهدي عليه السلام يختلف عمّا هو عليه الآن ، ممّا يفضي إلى الشكّ في هذا القرآن الموجود ، ومن هذه الروايات :
                            1 ـ ما رواه الفتّال والشيخ المفيد ، عن أبي جعفر عليه السلام : « إذا قام القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»(2ارشاد المفيد 2 : 386 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، روضة الواعظين : 265 )
                            وروى نحوه النعماني في الغيبة (غيبة النعماني : 318 و 319 ).
                            2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة ، قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : « إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه ، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام » (4الكافي 2 : 633 | 23 ).

                            هذان الحديثان وسواهما ممّا اعتمده القائلون بهذه الشبهة جميعها ضعيفة ، وإذا تجاوزنا النظر في أسانيدها نقول : لعلّ السرّ في تعليمه الناس القرآن هو مخالفة مصحفه عليه السلام للمصحف الموجود الآن من حيث التأليف، كما تدلّ عليه الرواية المتقدّمة عن أبي جعفر عليه السلام ، أو مخالفته من حيث الخصائص والميزات المذكورة في مصحف علي عليه السلام كما تدلّ عليه الرواية الثانية ، فعندئذٍ يحتاج إلى تفسيره وتأويله على حقيقة تنزيله، فهذه الشبهة مبتنيةٌ إذن على الشبهة السابقة ، ومندفعةٌ باندفاعها ، إذ إنّ القرآن في عهده (صلوات الله عليه) لا يختلف عن هذا القرآن الموجود من حيث الاَلفاظ ، وإنمّا الاختلاف في الترتيب ، أو في الزيادات التفسيرية ، كما تقدّم بيانه في الشبهة الاَُولى .
                            الثالثة : أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل ، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ماكان في بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، وحذو القذّة بالقذّة» (1الفقيه 1 : 203 | 609). ونتيجة ذلك أنّ التحريف لابدّ من وقوعه في القرآن الكريم كما وقع في العهدين ، وهذا يوجب الشكّ في القرآن الموجود بين المسلمين ، وإلاّلم يصحّ معنى هذه الاَحاديث .
                            وقد أجاب السيد الخوئي عن هذه الشبهة بوجوه ، منها :
                            1 ـ إنّ الروايات المشار إليها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً .
                            2 ـ إنّ هذا الدليل لو تمّ لكان دالاً على وقوع الزيادة في القرآن أيضاً ، كما وقعت في التوراة والانجيل ، ومن الواضح بطلان ذلك .
                            3 ـ إنّ كثيراً من الوقائع التي حدثت في الاَُمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الاَُمة ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وغرق فرعون وأصحابه ، وملك سليمان للانس والجنّ ، ورفع عيسى إلى السماء، وموت هارون وهو وصيّ موسى قبل موت موسى نفسه.. وغير ذلك ممّا لا يسعنا إحصاؤه ، وهذا أدلّ دليل على عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات ، فلابدّ من إرادة المشابهة في بعض الوجوه (1البيان في تفسير القرآن : 221 )، وبهذا الوجه اكتفى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان (تفسير الميزان 12 : 120).

                            تعليق


                            • #15
                              رأى علمائنا حول تحريف القرآن
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

                              1- * يقول الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي ، الملقّب بالصدوق ـ المتوفّى سنة 381 ـ : « إعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس باكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشر سورة ، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة . ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب . وما روي ـ من ثواب قراءة كلّ سورة من القرآن ، وثواب من ختم القرآن كلّه ، وجواز قراءة سورتين في ركعة والنهي عن القران بين سورتين في ركعة فريضة ـ تصديق لما في قلناه في أمر القرآن ، وأن مبلغه ما في أيدي الناس . وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة واحدة ، وأنه لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام تصديق لما قلناه أيضاً .
                              بل تقول : إنه قدر نزل من الوحي الذي ليس من القرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية ، وذلك مثل ... كلّه وحي ليس بقرآن ، ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه كما قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لمّا جمعه ، فلما جاء به فقال لهم : هذه كتاب الله ربكم كما أنزل على نبيكم لم يزد فيه حرف ولم ينقص منه حرف فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك ، فانصرف وهو يقول : فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون . وقال الصادق عليه السلام : القرآن واحد ، نزل من عند واحد ، على نبي واحد ، وإنما الإختلاف من جهة الرواة ... » (رسالة الإعتقادات ، المطبوعة مع شرح الباب الحادي عشر ص 93 . ) .

                              2- ويقول الشيخ محمد بن محمد بن النعمان ، الملقّب بالمفيد ، البغدادي ـ المتوفّى سنة 413 ـ : « وقد قال جماعة من أهل الإمامة : إنه لم ينقص من كلمة ، ولا من آية ، ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام من تأويله ، وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز .
                              وعندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل ، والله أسأل توفيقه للصواب » (أوائل المقالات في المذاهب المختارات : 55 ـ 56 ) .

                              3- ويقول الشريف المرتضى على بن الحسين الموسوي ، الملقّب بعلم الهدى ـ المتوفّى سنة 436 ـ : « إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع الوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، واشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه في ما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينيّة ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟! » .
                              وقال : « إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتى لو أنّ مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميزّ ، وعلم أنّه ملحق وليس في أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء » .
                              وقال : « إنّ القرآن كان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مجموعاً مؤلّفاً على ما هو عليه الآن ... » .
                              « واستدلّ على ذلك بأنّ القرآن كان يدرّس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنّه كان يعرض على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ويتلى عليه ، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود واُبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عدّة ختمات .
                              كل ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتورٍ ولا مبثوت » .
                              « وذكر أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا بصحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته » ( نقل هذا في مجمع البيان 1 : 15 ، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى . ) .
                              ولقد عرف واشتهر هذا الرأي عن الشريف المرتضى حتى ذكر ذلك عنه كبار علماء أهل السنّة ، وأضافوا أنّه كان يكفّر من قال بتحريف القرآن ، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه : « كان من كبار المعتزلة الدعاة ، وكان إمامياً ، لكنّه يكفّر من زعم أنّ القرآن بدّل أو زيد فيه ، أو نقص منه ، وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي أبو يعلى الطوسي » (لسان الميزان 4 : 224 ، ولا يخفى ما فيه الخلط والغلط .) .

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X