
لأول مرّة منذ تفجير المرقدين المطهرين في سامراء في الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام 1427 للهجرة تمكّنت (مؤسسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله) في كربلاء المقدسة، وبايعاز مباشر من المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، من اطلاق مسيرة وموكب عزاء إلى مدينة سامراء، حيث وصل المشاركون في هذه المسيرة والموكب إلى سامراء ظهر يوم الأحد الموافق للثامن من شهر ربيع الأول 1429 للهجرة حيث ذكرى استشهاد مولانا الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليه، ودخل المشاركون فيها، وتوجّهوا إلى المرقدين المطهّرين للإمامين علي الهادي والحسن العسكري صلوات الله عليهما وسط بكاء ونحيب وذهول لما شاهدوه من هول التفجير الذي طال المرقدين الطاهرين بشكل مباشر ومؤثر بالإضافة إلى التدمير الذي طال مرقدي السيدة حكيمة والسيدة نرجس عليهما السلام.
وضمّت هذا السيرة مواطنون من محافظات كربلاء المقدسة وبغداد والكاظمية المقدسة وبلد والبصرة والعمارة والكوت الحلة والنجف الأشرف ومناطق أخرى، وتمكنت بذلك الإعلان عن فشل كل المحاولات التي تبذلها أطراف متعددة لمنع زيارة المرقدين المطهّرين في سامراء وبقية المراقد المقدسة، والتي ظلت سارية المفعول منذ التفجير الإرهابي الأول لهما.
وحال انتشار خبر توجّه مسيرة العزاء والزيارة من كربلاء إلى سامراء، قام أهالي بلد باستقبال المسيرة في بداية مدينتهم، بحفاوة كبيرة وبدموع العزاء والفرح لبدء كسر حاجز منع زيارة المراقد المقدسة في سامراء، والإعلان عن الإصرار على زيارتها مهما كانت التحديات والمخاطر. وشارك في الاستقبال مسؤولون ورجال دين ومسؤولو مواكب حسينية وتم دعوتهم إلى مأدبة غداء في حسينية السور وماجاورها، ومن هناك شكّلت المسيرة بمشاركة أهالي بلد موكب عزاء انطلق من بلد إلى مرقد السيد محمد عليه السلام مشياً على الأقدام، وهناك أدّى الجميع مراسم الزيارة والعزاء وأقيمت لهم مأدبة عشاء في حسينية المربعة.
وفي صباح الأحد انطلقت مسيرة الزيارة والعزاء من بلد إلى سامراء، برعاية مؤسسة الرسول الأعظيم يتقدّمهم أمينها العام السيد عارف نصر الله وبمشاركة من أهالي بلد الذين كانوا ينتظروه هذه اللحظة بفارغ الصبر بعدما مل المواطنون سماع وعود رسمية بتأمين الزيارة إلى سامراء منذ التفجير الأول للمرقدين في العام المنصرم.
وعند وصوله للمرقد الطاهر أقام الوفد الزائر مجلس عزاء خاص بمناسبة شهادة الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه داخل الصحن العسكري الشريف، وألقى الشيخ عباس المؤمن خطبة مؤثرة بالمناسبة تلته قصيدة عزاء للرادود الحسيني السيد حسن الكربلائي.
وقال مشاركون في المسيرة: كانت لحظات تحسب من العمر حقاً، ومشاعرنا لا يمكن وصفها حيث كان الجميع في بكاء وحزن والكل ينادي (هيهات منّا الذلّة... لبيك يامولاي يا علي الهادي .. لبيك يامولاي يا عسكري يا أبا الحجة).
وأضافوا قائلين: خرجت قوات كبيرة من الجيش تصاحبها مروحيات لتأمين الحماية لنا، وقام الجنود باطلاق النيران معبّرين عن فرحتهم لقدوم المسيرة والتي سجّلت بداية تاريخ جديد لأتباع أهل البيت صلوات الله عليهم الذي كانوا يُمنعون من قبل القوات الأمريكية والحكومية من أداء هذه الزيارة.
وقال آخر من المشاركين في هذه المسيرة: والله لقد قالوا لنا الجنود وهم يبكون.. أين أنتم ..؟! لماذا تركتم مراقد أئمتكم ..؟! ولماذا لاتزورهم وتتحدوا الإرهاب ..؟! تعالوا وكونوا شاهدين على أن لا وجود لإعمار في المرقدين، وحالهما يرثى لها كل إنسان غيور، وليس المسلم فقط أو من هم أتباع أهل البيت.
وقال السيد عارف نصر الله المشرف العام على هذه المسيرة التاريخية، أمين عام مؤسسة الرسول الأعظم وممثل مكتب العلاقات في ممثلية المرحع الديني سماحة السيد الشيرازي دام ظله:
لقد تلقّينا أوامر من المرجع الديني آية الله السيد صادق الشيرازي دام ظله على ترتيب مسيرة زيارة وعزاء إلى المرقدين المطهرين للإمام علي الهادي والحسن العسكري سلام الله عليهما وبقية المراقد مهما كانت العواقب والتهديدات، بعدما وصلت أنباء لسماحته تؤكد له بأن وضع المرقدين المطهرين في حالة يرثى لها رغم إعلان بدء الإعمار فيهما، وبعدما تناهت أنباء بأن هناك أطرافاً تضغط على المسؤولين لعدم تأمين طريق الزيارة إلى سامراء رغم وعود رسمية منذ أكثر من سنة بهذا الصدد.
وأضاف: بعد تلقّي أمر سماحته، قمنا بالاتصال بالمؤمنين في كربلاء المقدسة وبقية المحافظات والمدن وأعلنا عن الإعداد لهذه المسيرة، فانضموا لنا وانطلقنا على بركة الله من كربلاء المقدسة يوم السبت الماضي (7ربيع الأول 1429 للهجرة) عازمين على زيارة سامراء مهما كانت المخاطر والتحديات، وعندما علم أهالي بلد الكرام بقدوم المسيرة، أصرّوا على استقبالنا واغمرونا بكرم الضيافة والمحبّة ومن هناك تشرّفنا بزيارة مرقد سيد محمد عليه السلام، وبعدها في اليوم الثاني انطلقنا نحو سامراء بعدما انضم إلينا مؤمنون من أهالي بلد، وشرّفنا الله تعالى في زيارة المرقدين المطهّرين، وماشاهدنا هناك كان هولاً حقيقياً، وفاجعة لا يمكن وصفها، فانكبّ المؤمنون عند المرقدين يبكون وينوحون ويعتذرون لأئمتهم ..
نعم يعتذرون رغم انهم كانوا ممنوعين بالإكراه عن زيارة مراقد أئمتهم، ويعتذرون لله ولرسوله الأعظم صلى الله عليه وآله، على بقاء المرقدين وبقية المراقد على حالهما رغم مرور سنتين على التفجير، دون إعمار أو زيارة.
وقال نصر الله: لم نجد إعماراً .. وهذه شهادة لا أقولها أنا فقط، بل يشاركني فيها كل الذين شاركوا في هذه الزيارة التاريخية التي نأمل أن تكون قد أسست لمشروع تواصل مع سامراء زيارة دون انقطاع.
كما أود أن أتقدّم بالشكر باسم المشاركين بالمسيرة وباسم مؤسسة الرسول الأعظم إلى أهالي بلد والكاظمية على حسن استقبالهم للمسيرة وحسن رعايتهم وكرم ضيافتهم، والشكر موصول إلى كافة القوى الأمنية التي أمّنت الحماية للمسيرة ابتداءً من بغداد وحتى سامراء، وشكر خاص أيضاً لقوى الجيش في سامراء التي حرصت على تأمين الحماية الكاملة لمسيرة الزوّار، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجازي الجميع خير الجزاء ويعطيهم جزاء مابذلوه، بركات وكرامات في الدنيا وثواباً في الآخرة.
ودعا السيد نصر الله في آخر تصريحه كافة الهيئات والمؤسسات الحسينية إلى تشكيل مواكب عزاء لزيارة المرقدين المطهرين والاقتداء بهذه المسيرة، وتحدّي قوى الإرهاب والطائفية التي تحاول اختطاف سامراء.
جدير بالذكر، أن عدسة قناتي الأنوار والزهراء فقط كانتا ترافقان المسيرة منذ انطلاقتها من كربلاء المقدسة وحتى سامراء المشرفة، على مشرّفيهما صلوات الله وسلامه عليهم

