الأخ العزيز / الحسيني .. سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
الحقيقة أنني - وأتكلم عن نفسي - لا اُحبِّذ إطلاق كلمة كفر أو كافر أو تكفير لمن شهِد الشهادتين .
بل إنني أخاف خوفاً شديداً منها .. وسبب خوفي هو الحديث التالي :
أخرج البخاري ومسلم :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا )) .
وزاد مسلم في رواية : (( إن كان كما قال .. وإلا رجعت عليه )) .
وفي لفظ آخر عند مسلم : (( إذا كفَّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما )) .
=======

مسألة التكفير مسألة صعبة جداً جداً .
ومن المؤسف أن كلّ من هبّ ودبّ أصبح يُكفِّر على مزاجه .. كما يفعل عندنا بعض الشواذّ من التكفيريين .
حقيقة أعجب أشدّ العجب لحالهم وهم ولله الحمد قلَّة .. بل نوادر .. وأغلبهم إن لم يكونوا كلهم من صغار السن الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين .
فهم لا يُسلِّمون على من حلق لحيته ولا يردُّون عليه السلام .. أو من أسبل ثوبه .. أو من شرِب السجائر أو ما شابه ذلك .
فهؤلاء غُسِلت عقولهم وجُرِّدوا من القِيَم والمباديء .. فثاروا على وطنِهم ومجتمعهم وعصَوا والدَيْهم وخرجوا لما يُسمُّونه بالجهاد .. وهو في الحقيقة ( فساد ) .. فأتوا للبلاد التي آوتهم وربَّتْهُم وأكرمتهم ورؤوسهم معبَّأة من الفتن والضلال .. ليُمارِسوا عمليات الإرهاب والتفجير والعياذ بالله .
وهؤلاء هم الذين قال عنهم ربنا تبارك وتعالى : ( قل هل ننبِّئكم بالأخسرين أعمالاً .. الذين ضلَّ سعيُهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسِنون صُنعاً ) .
وخير دليل على أنهم يحسبون أنهم يُحسِنون صُنعاً .. فقد شاهدت فيلماً مصوَّراً لخوارج القرن العشرين قبل تفجير ( إسكان المحيّا ) بالرياض قبل عدة سنوات الذي يوجد بداخله عدد كبير من الإمريكان وبعض الأوربيون النصارى .. شاهدت فيه مجموعة من الخلية الإرهابية .. كانوا يُمازِحون الشخص الذي سيقوم بمَهمَّة التفجير ويقولون له : ( زُفُّوا العريس زفُّوه ) .. يقصدون الزفَّة إلى الحور العين بعد مقتله في التفجير .
كانوا واثقين تمام الثقة أن مصيرهم إلى الجنة .. وإلا كيف يذهب ذلك الشخص للموت برجليه إلا من أجل الآخرة ونعيمها ( بزعمهم ) .. وهؤلاء هم أحفاد الخوارج الذين يمرقون من الدين كمرق السهم من الرميَّة .. أحفاد عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله .


أرجوا أن تعذرني أخي .. فمن أنا حتى اُكفِّر أو لا اُكفِّر .. فما أنا إلا عبدٌ فقير إلى عفو ربِّه .. عسى الله أن يتقبَّلني ويعفو عنِّي وعنكم وجميع المسلمين .