المشاركة الأصلية بواسطة naji1
المحور الأول : إمكانية أن يتعرض الرسول إلى السحر .
المحور الثاني : الآثار المترتبة على تعرض الرسول للسحر .
بالنسبة للمحور الأول : إمكانية أن يتعرض الرسول إلى السحر .
لمعرفة ما لو كان هناك إمكانية أن يتعرض الرسول إلى السحر أو لا ، سنذهب إلى الرسل الذين سبقوا محمدا صلى الله عليه و آله و سلم ، لأن محمدا ليس بدعا من الرسل ، كما قال تعالى " قل ما كنت بدعا من الرسل " ..
و عندما نذهب إلى موسى عليه السلام ، نجد قول الله تعالى : " قالوا يا موسى إما أن تلقي و إما أن نكون أول من ألقى . قال بل ألقوا فإذا حبالهم و عصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . فأوجس في نفسه خيفة موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى " .. طه : 65-68
فهذه آية صريحة و اضحة أن موسى عليه السلام سُحر ، و هذا السحر أدى إلى أنه يخيل إليه أن الحبال و العصي التي ألقاها سحرة فرعون بأنها تسعى كالأفاعي ، فسرى عليه مفعول السحر حتى خاف موسى ، فأمره الله بعدم الخوف ..
و عليه ، فتعرض الرسل للسحر أمر غير مستبعد شرعا ، للمثال المذكور أعلاه بنص القرآن الكريم . فلمّا جاز تعرض موسى للسحر ، فإن ذلك يجوز على غيره من الرسل . و محمد صلى الله عليه و آله و سلم أحد المرسلين ، و بالتالي يجوز عليه ماجاز على موسى ..
و عليه فمن ناحية الإمكان فهو ممكن ، و تبقى القضية هي : هل حدث له ذلك بالفعل أو لا ؟!
فجاءت رواية صحيحة بأن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم تعرض للسحر ، و بالتالي لا حجة في إنكار الرواية لأن أصل إمكانية الحدوث وارد ، و دليل الحدوث موجود ، فإثبات الحدوث لا شيء فيه ، ولا حجية للمنكر أبدا ..
بالنسبة للمحور الثاني : الآثار المترتبة على تعرض الرسول للسحر .
قبل الحديث عن الآثار المترتبة على تعرض الرسول صلى الله عليه و آله و سلم للسحر ، ننظر إلى الآثار المترتبة على تعرض موسى عليه السلام للسحر .
من خلال الآية القرآنية نجد أن الآثار المترتبة على تعرض موسى للسحر هي :
1- يخيّل إليه أن الحبال و العصي تسعى و هي لا تسعى .
2- الخوف .
هذه هي الآثار الحقيقية التي ترتبت على تعرض موسى للسحر . قد يأتي أحدهم و يفترض آثار تخيلية و همية من رأسه بالقول : بأنه موسى هرب !! و قد يقول آخر بأن موسى شك في قدرة الله و آمن بفرعون !! و قد يقول ثالث بأن موسى شك بأنه رسول و كفر بالله !!! و غيرها من الاختراعات و الأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان ..
و عليه فالآثار تنقسم إلى قسمين :
أ- آثار حقيقية هي التي حدثت بالفعل .
ب- آثار تخريفية و همية يخترعها الناس دون دليل .
و لمعرفة الآثار المترتبة على تعرض رسولنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم للسحر ، ننظر إلى نص الحديث الذي يخبرنا بهذه الحادثة . فنجد الرواية تقول : "
سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا , وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ : فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ : نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ" .. هذا هو نص الحديث كاملا .
فنجد أن الآثار المترتبة على تعرض النبي للسحر هي:
1- يخيل إليه أنه يفعل الشيء و هو لم يفعله .
هذه هي الآثار الحقيقية التي ترتبت على تعرض النبي للسحر فقط لا غير . في حين نجد الرافضة و غيرهم ممن سار حذوهم في إنكار الحادثة ، نجدهم يضعون آثارا افتراضية من تخريفهم بالقول ، بأن الشيطان سيأتي للرسول على هيئة جبريل فيخبره بوحي كاذب ، أو أن الشيطان سيلقي في لسان النبي كلاما غير صحيح و غيرها من التخريفات و التأليفات ، و هم حين يقولون ذلك يريدون القول بأن حصول تلك الآثار مستحيلة و بالتالي صحة قصة السحر غير صحيحة !!! في حين أن من يثبت صحة القصة لا يثبت تلك لآثار ، فالعقل العقل إن كان هناك عقل !!!!
و عليه ، فجميع التهريجات التي سبقت تعقيبي هذا لا معنى لها و لا قيمة لها ، لأنها مجرد افتراضات باطلة لأمور لا دليل على حدوثها فضلا على كون الشرع يثبت عدم إمكانية حصولها .
تعليق