( 31 )وتقواهم ، وبعد فراغه من الصلاة ، أطال الدعاء ولم أسمع قبلا هذه الادعية في بلادنا ولا في البلاد التي عرفتها ، وكنت أطمئن وأرتاح كلما سمعته يصلي على محمد وآله ويثني عليه بما هو أهله .
بعد الصلاة لا حظت في عينيه أثر البكاء كما سمعته يدعو الله أن يفتح بصيرتي ويهديني .
اتجهنا إلى المطعم وقد بدأ يخلو من الآكلين ودخلنا فلم يجلس حتى أجلسني وجيء لنا بصحنين من الاكل فرأيته يغير صحنه بصحني لان نصيبي من اللحم كان أقل من نصيبه وأخذ يلح علي وكأني ضيفه ويلاطفني ويروي لي روايات لم أسمعها من قبل تخص الاكل والشرب وآداب المائدة .
وأعجبت بأخلاقه ، وصلى بنا صلاة العشاء وأطالها بالدعاء حتى أبكاني وسألت الله سبحانه أن يغير ظني فيه لان بعض الظن إثم .
ولكن من يدري ؟ ! .
ونمت أحلم بالعراق وألف ليلة وليلة واستيقظت على ندائه يوقظني لصلاة الفجر ، وصلينا وجلسنا نتحدث عن نعم الله على المسلمين .
ورجعنا للنوم ثانية ولما افقت وجدته جالسا على سريره وفي يده مسبحة وهو يذكر الله فارتاحت له نفسي واطمأن له قلبي واستغفرت ربي .
كنا نتغذى في المطعم عندما سمعنا المذيع يعلن عن اقتراب الباخرة من الشواطئ اللبنانية وسوف نكون في ميناء بيروت بحول الله بعد ساعتين سألني هل فكرت مليا وماذا قررت .
قلت إذا سهل الله سبحانه وتعالى الحصول على تأشيرة الدخول فلا أرى مانعا وشكرته على دعوته .
نزلنا في بيروت حيث أمضينا تلك الليلة ومن بيروت سافرنا إلى دمشق حيث اتجهنا فور وصولنا إليها إلى سفارة العراق ، وحصلت على التأشيرة بسرعة مذهلة لم أتصورها ، وخرجنا من هناك وهو يهنئني ويحمد الله على إعانته .
<A href="http://www.rafed.net/books/aqaed/thuma/index.html">زيارة العراق لاول مرة
سافرنا من دمشق إلى بغداد في إحدى سيارات شركة النجف العالمية الضخمة المكيفة وكانت الحرارة تبلغ أربعين درجة مئوية في بغداد ، عندما وصلنا اتجهنا فورا إلى بيته في حي جميلة ، دخلت البيت المكيف واسترحت ثم جاءني بقميص فضفاض يسمونه « دشداشة » .
أحضر الفاكهة والاكل ودخل أهله يسلمون عليّ في أدب وإحترام وكان والده يعانقني وكأنه يعرفني من قبل ، أما والدته فوقفت بالباب في عباءة سوداء تسلم وترحب ، واعتذر صديقي عن والدته بأن المصافحة عندهم محرمة ، وأعجبت أكثر وقلت في نفسي : هؤلاء الذين نتهمهم نحن بالخروج عن الدين يحافظون عليه أكثر منا .
وقد لمست خلال أيام السفر التي قضيتها معه نبل أخلاق وعزة نفس في كرامة وشهامة وتواضع وورع لم أعهده من قبل .
وشعرت بأني لست غريبا بل وكأني في بيتي .
صعدنا في الليل إلى سطح الدار حيث فرشت لنا أماكن للنوم ، وبقيت حتى ساعة متأخرة أهذي أفي حلم أنا أم في يقظة ، أحقا انني في بغداد بجوار سيدي عبد القادر الجيلاني .
ضحك صديقي متسائلا ماذا يقول التونسيون عن عبد القادر الجيلاني ؟ ، ( 34 )وبدأت أحكي له عن الكرامات التي تروى عندنا وعن المقامات التي تشيد في ربوعنا باسمه وأنه قطب الدائرة وكما أن محمد رسول الله هو سيد الانبياء فعبد القادر هو سيد الاولياء وقدمه على رقبة كل الاولياء وهو القائل : « كل الناس يطوف بالبيت سبعا وأنا البيت طائفا بخيامي» .
وحاولت إقناعه بأن الشيخ عبد القادر يأتي إلى بعض مريديه ومحبيه جهرة ويعالج أمراضهم ويفرج كربتهم ونسيت أو تناسيت العقيدة الوهابية التي تأثرت بها من أن ذلك كله شرك بالله ولما شعرت بعدم حماس صديقي حاولت أقناع نفسي بأن ما قلته لا يصح ، وسألته عن رأيه .
قال صديقي وهو يضحك : نم الليلة واسترح من التعب الذي لقيته في السفر وغدا إن شاء الله سنزور الشيخ عبد القادر ، وطرت فرحا لهذا الخبر ووددت لو طلع الفجر وقتئذ .
فاستغرقت في نوم عميق .









<A href="http://www.rafed.net/books/aqaed/thuma/index.html">زيارة العراق لاول مرة









تعليق