إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حقيقة الناسخ والمنسوخ بعد جلاء الحقيقة .ج.1.دراسة جديدة.

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقيقة الناسخ والمنسوخ بعد جلاء الحقيقة .ج.1.دراسة جديدة.


    الناسخ والمنسوخ هم ثلاثة أنواع.
    النوع الأول ما نُسخت تلاوته وحكمه. أي بعد نزوله وقراءته لم يكتبوه ولم يقرءوه
    النوع الثاني ما نُسخ حكمه وبقيت تلاوته. وهو مقدار كبير من آيات القرآن يقرؤونها ويعتقدون أن أحكامها ملغية فلا يعملون بها .
    النوع الثالث ما نُسخت تلاوته وبقي حكمه
    بسم الله الرحمان الرحيم.اللهم صلي على محمد وآل محمد وجميع عبادك الصالحين. آمين.
    قال الله العلي العظيم. مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.106.البقرة.
    أنزل الله تبارك وتعالى الكتب السماوية عن طريق رسول الله الأمين جبرائيل عليه الصلاة والسلام كرسول لله إلى خلقه.وكل مخلوق في السماوات والأرض لا يملك الكمال المطلق فهو معرض للخطأ .والله عند ما يرسل رسولا لا بدا أن يكون مؤهلا يقدر ما من الفطنة والعلم والإيمان بالله .ويعتمد الرسول على تلك القوى التي يؤتيها له الله حين يكون في حالة عدم اتصال مع الله بالطريقة التي خولها الله لذلك الأمر.
    قال الله العلي العظيم. قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ.97.البقرة.
    ولا بدا أن يعرض الرسول على المرسل ما كان من أمره في تلك المهمة.وكان جبرائيل عليه الصلاة والسلام يعرج من الأرض إلى العرش ليستشير الله في أمر عرض عليه في الأرض.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل أي البقاع خير قال لا أدري قال فسل ربك عن ذلك قال فبكى جبريل عليه السلام وقال يا محمد أولنا أن نسأله إلا إذا شاء هو الذي يخبرنا بما شاء ثم عرج إلى السماء ثم أتاه فقال خير البقاع بيوت الله في الأرض قال فأي البقاع شر فعرج إلى السماء ثم أتاه فقال شر البقاع الأسواق
    الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: موافقة الخبر الخبر - الصفحة أو الرقم: 1/9.
    وقد جرى ذلك مع كثير من الأنبياء والمرسلين.وكما كان يرد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الناس في مسائل دون وحي كان رسول الله جبرائيل عليه الصلاة والسلام يرد أو يتصرف مع الرسول لأنه مخول بذلك لعلم جبرائيل. لكن عندما يعرض الأمر على الله رب الرسالة يمسح ما لم يكن مناسبا وصدر من الرسول الأمين .
    وكما أخطأ الرسول محمد أخطأ جبرائيل عليهما الصلاة والسلام.
    جاء في القرآن. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.1.التحريم.
    والنسخ هو المحو النهائي من الكتاب .وهو الذي لم يدون في الكتاب وجرى محوه من الله زمن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
    يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.39.الرعد.
    وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ.101.
    قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ.102.النحل.
    وأم الكتاب هو أصله وأساسه.كما ورد عن أب الأنبياء إبراهيم من أنه كان (أمة) أي أصلا للدين وإماما لكل العالمين . وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ.130.البقرة.
    ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.123.النحل.
    معنى النسخ والاستنساخ.
    نسخ ينسخ نسخا مسح ما كان قائما فلم يبقى.
    نقول نسخت الشمس الظل أي أزالته فلا أثر له.
    كما تقول نسخت الريح الآثار في الصحراء.أي مسحتها فلا أثر باق.
    كما يقال نَخْنَخوا بالحَدْرِ والقَبْضِ الذي لا يُنْسَخ.
    والحدر هو الانحدار والانحدار في الجبال لا تزول أي لا تبدل.
    والاستنساخ غير النسخ لأن الاستنساخ هو الإتيان بالمثل.
    فتقول استنسخ فلانا كتابا أي جعل من الأصل صورة فكانت مثالا له لا فرق بينهما.
    وقال الله العلي العظيم. هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.29.الجاثية.ولو كان بالمعنى الذي يذهبون إليه لقال ( إنا كنا ننسخ ما كنتم تعملون).
    قال عيسى رسول الله عليه الصلاة والسلام .ما جئت لأنسخ الناموس ولكني جئت مكملا.
    وقال موسى رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام. إن شريعته لا تنسخ من بعده.
    والنسخ هو المحو تماما.لقول الله نبارك وتعالى .
    وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ.51.
    وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.52.
    لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ.53.الحج.
    هنا الشيطان ألقى في أمنية الرسول أي قذف في قلبه مع الأماني التي تمناها.وأكبر ما يتمناه النبي أو الرسول هو الفوز لطائفته وعلاها .ولا يمكن للرسول أو النبي أن يقبل بالكفر أو يتمناه .ولو كان كذلك لعد من الكافرين .لأنه رضي بالكفر بعد الإيمان.
    قال الله العلي العظيم.
    وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.200.
    إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ.201.
    وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ.202.الأعراف.
    وما كان الله ليقبل كفرا في دينه.
    فينسخ الله ما ألقى الشيطان في قلب ذلك الرسول أو النبي يعني يمسحه
    من قلبه ليكون على ملة إبراهيم التي تجعل فيها كل المؤمنين إخوة من كل الديانات السماوية.
    بينما تبقى تلك العصبية في قلوب الذين اتبعوه وهذا شيء ظاهر في كل ملة.كل واحدة تقول أنها هي الناجية وأنها الوحيدة على حق وكل ما سواها باطل.
    وقد حدث هذا الأمر في كل الديانات بدون استثناء.قال الله العلي العظيم.
    وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.113.البقرة.
    والذين لا يعلمون هم الأميون أي العرب المسلمون.
    يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.هنا عملية المحو ثابتة والمحو هو الإزالة من الشيء.كما محا ما يلقي الشيطان من قلب الرسول أو النبي الذي هدى الله قلبه للإيمان. فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ
    وما جعلوا الناسخ والمنسوخ إلا ليخرجوا عن ملة إبراهيم وتكون لهم ملة خاصة بهم كما كانت لليهود والنصارى لكل ملة خاصة.
    وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.135.البقرة.
    وما ملة إبراهيم إلا كما جاء في القرآن.
    قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.136.البقرة.
    وإذا قلنا أن هناك آيات موجودة في القرآن العظيم الآن وهي منسوخة اعتبرنا أن الله لم يحكم آياته وهي ليست من القرآن وهو مختلف .وما لا يعجبنا أو يتماشى مع هوانا قلنا أنه منسوخا.
    الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ.1.هود.
    أم هم الحكماء والخبراء.
    مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ.36.
    أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ.37.
    إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ.38.القلم.
    وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.155.
    أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ.156.
    أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ.157.الأنعام.
    وما هذا الإدعاء إلا إعراضا عن بعض آيات الله.
    وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ.49.المائدة.
    وما هذا العمل إلا كفعل اليهود من قبل والذين قال فيهم الله تبارك وتعالى.
    ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.85.البقرة.
    ولنأتي على عدد مما قيل عن الآيات اللاتي يزعمون أنها نسخت.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخــــــــــــــة
    فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (البقرة / 109
    الآية التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــــــة
    فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (التوبة /.5.
    الآية كاملة. وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.109.البقرة.
    أمر الله العلي العظيم بالعفو عن الناس بصفة عامة والمؤمنون من أهل الكتاب بصفة خاصة .قال الله العلي العظيم.
    فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.13.المائدة.
    كما أمر الله رسوله بالعفو.فالعفو فرض.قال الله العلي العظيم.
    خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.199.الأعراف.
    وما كان العفو إلا للقادر وليس للضعيف وهنا القوة بيد المسلمين.
    أي أن عدوانهم إن وجد فهو مقدور عليه.
    أما الآيــــــــة التي قالوا إنها (الناسخــــــــــــة)
    فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.5.التوبة.
    أولا وردت الآية عن المشركين وليس عن أهل الكتاب .والمشرك هو من يعبد غير الله.وهم عبدت الأصنام آنذاك من العرب.وأهل الكتاب هم اليهود
    وما كان اليهود من المشركين.
    ثانيا المشركون هنا بين الله فعلهم فقال.
    وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ.6.
    كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.7.
    كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ.8.
    اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.9.
    لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ.10.
    فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.11.
    وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ.12.
    أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ.13.التوبة.
    وصفهم الله بأنهم قوم متربصين وأنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة،
    وأنهم قوم معتدون ،وأنهم يحاربون الله بمنعهم نشر دعوته بصدودهم عن سبيله،وكذلك إذا عاهدوا نكثوا وكذلك هم من بدأ بالظلم بالتعرض للمؤمنين وهم من أخرج الرسول عليه وآله الصلاة والسلام.
    هؤلاء وجب قتالهم لأنهم يمنعون قيام الدولة الإسلامية.وكان ذلك في بداية الدعوة والكل يعلم أنهم من بدأ بالحرب أولا.
    هذا ولو كانت نزلت لمعالجة حالة ظرفية فهي تبقى سارية المفعول لو حدثت مرة أخرى. وسيأتي بيان هذا الأمر في أوجه أخرى ذكرت على نفس الآية وهي التي بادعائهم نسختها الكثير من الآيات.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخــــــــــة
    فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (البقرة / 115
    الآية التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــة
    فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (البقرة / 144
    جاءت الآية هكذا. وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.115.البقرة.
    أولا .قال الله العلي العزيز. وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ148.البقرة.
    هنا يؤكد الله أن كل وجهة يتوجهها المؤمن الله موليها.
    لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.177.البقرة.
    ومن هنا إذا كان المسلم في بلاد لا يعلم أين القبلة فيها صلى تجاه أي وجهة وكانت صلاته كاملة.
    ثانيا وردت هذه الآية في سياق الحديث عن أهل الكتاب وعن قبلة أهل الكتاب التي كانوا عليها وسعوا في خرابها .ولما جاءت الرسالة الإسلامية كانت القبلة الأولى بأمر الله للمسلمين.وقد أشار الله إلى سعي اليهود في خراب ذلك البيت ومنع ذكر الله فيها في قوله تبارك وتعالى.
    وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.113.
    وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.114.
    وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ115.
    وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ.116.البقرة.
    وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى علم اليهود يتلك القبلة التي منعوا الناس أن يذكروا فيها اسمه وسعوا في خرابها.في قوله جل وعلا.
    وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ.145.
    الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.146.
    الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ.147.
    وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير.148.البقرة.ٌ
    فالكلام يدور عن القبلة وأن لليهود قبلة وللمسيحيين قبلة وللمسلمين قبلة.أما قبلة المسلمين في قوله (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ)وأما اليهود في قوله.( وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) لأن المقصودون هنا هم اليهود لعدم وجود المسيحيين حينها في المدينة.
    وأما قبلة المسيحيين لقوله(وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ).أي أن اليهود لا يتبعون قبلة المسيح ولا المسيحيين يتبعون قبلة اليهود.وبعضهم هم أهل الكتاب.
    وبالرجوع إلى الديانتين اليهودية والمسيحية نجد أن عيسى ظهر في الغرب عند المسجد الأقصى وبظهوره وعلم اليهود وتأكدهم من عودته علموا أن تلك القبلة لن تكون لهم.وبوعد من الله لليهود ورد أيضا في القرآن ليس في المسجد الأقصى وإنما في بيت إيل التي هي بيت المقدس
    ترك اليهود المسجد الأقصى بعد ما منعوا الناس من دخوله لسنين ثم غادروه طمعا في ذلك الوعد الذي جاء متأخرا.
    وكانت قبلة المسلمين للغرب وليس للشرق ولا للشمال .
    فما أبعد هذا عن الناسخ والمنسوخ.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخـــــــــــة
    كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (البقرة / 183
    الآية التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــــة
    أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ (البقرة / 187
    كتب الله الصيام على الأمم من قبلنا كما كتب علينا .وهنا لم يظهر الله الكيفية التي كان يصوم بها أهل الكتاب فهي إذا صوما بصفة عامة ولا يوجد تناقض بين الآيتين أبدا.وما تحدثت الآية الثانية إلا على ليلة الصيام ويعرف الصيام في النهار وليس في الليل.وحتى مباشرة النساء
    في المساجد كانت حرام في رمضان أو في غيره.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخــــــــة
    وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ البقرة / 184
    الآية التي قالوا إنهاالناسخـــــــــــة
    فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ البقرة / 185
    تختلف الآيتين اختلافا كبيرا الأولى لمن لا يطيق الصيام لا من ضعف في النفس ولكن لمرض وهذه رخصة لمريض.
    أما الثانية فهي لمن وجب عليه الصوم .أي بلغ سن الصوم .فشهد ليست شاهد إطلاقا والمعنى مختلف تماما.فالمشاهدة بالعين .
    أما شهد فهي حضر أي كليا لا بالعين فقط.نقول شهد معركة بدر مثلا.أي حضر معركة بدر وعايشها .ولو كانت شاهد معركة بدر لكان رآها العين متفرجا ولم يشارك فيها.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخـــــــــــــة
    وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ البقرة / 191
    الآية التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــــة
    وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ لبقرة / 193القتال في الآية الأولى في المسجد الحرام .المكان محدد وهي تخص مكة.
    أما الآية الثانية فهي بصفة عامة بدون تحديد لمكان ما ولكن حدد السبب وهو إشاعة الفتنة في المسلمين .
    وقد وصف الله الفتنة بالعمى والصم عن دين الله واختيار طرق غيره ليزول الدين أو قوته الحامية لأحكامه الصحيحة.قال الله العلي العزيز.
    وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ.71.المائدة.
    وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.25.الأنفال.والظالمون هم الذين خرجوا على أصل الدين تفكيكا للمجتمع الإسلامي.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخـــــــــة
    يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ البقرة / 217 .
    إنها التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــة
    فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (التوبة /5
    الآية الأولى تحرم القتال في الشهر الحرام .
    والثانية تؤكد ذلك التحريم وتبيح قتال المشركين زمن قيام الدولة الإسلامية إذا فعلوا كما فعل المشركون زمن رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام وتعرضوا لنشر الدعوة بالقوة .
    فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.5. التوبة.
    فهي سارية المفعول ما تشابهت الظروف لأن الله تبارك وتعالى جعل لنا رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام قدوة.جاء في القرآن الكريم.
    لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.21.الأحزاب.
    وهذا يبطل ادعاءهم في ما يقولون أنه.( نُسخ حكمه وبقيت تلاوته)
    الآية التي قالوا إنها المنسوخـــــــــة.
    وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.240.البقرة.
    الآية التي قالوا إنها الناسخــــــــــــة.
    وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.234.البقرة.
    لقد فسرت الآية الأولى خطأ وهو خطأ ليس بالهين .
    تقول الآية والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا.لم يقل هنا ويذرون وصية لأزواجهم .فهم تركوا أزواجا ولم يتركوا وصية . ويأتي الحكم من.
    (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ)
    معنى نوصي أولائك الزوجات أن لا يخرجن الزكاة مدة سنة.تضامنا مع تلك المصيبة والتي تؤثر في أغلب الناس ماديا.
    ولنتبين أن الإخراج إخراج مال وليس إخراج زوجة من بيت زوجها والتي لم يخرجها الشرع من بيتها وهي مطلقة فكيف يخرجها وهي أرملة وحقها في الميراث ثابت.
    تقول الآية (متاعا إلى الحول)والمتاع هو الأملاك .وفي هذه الحال الإرث.
    ولو كانت كما قيل لما ذكرت كلمة (متاعا)إطلاقا.ولكانت (وصية لأزواجهم إلى الحول دون الخروج) وليس غير إخراج.
    والإخراج يطلق عن الزكاة.فنقول إخراج الزكاة..
    وجعلت هذه الوصية من الله للذين فقدوا الكفيل فإن كان المتوفى غنيا أخرجت زوجته وما ضرها ذلك وإن كانت العائلة لا كفيل لها والميراث
    لا يكفي لكفالة العائلة مدة من الزمن لا تخرج الزكاة لمدة سنة.
    ومن هنا يظهر أن الآيتين متباعدتين كل البعد.
    الآية التي قالوا إنها المنسوخــــــــــة
    لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.284.البقرة.
    تعالج هذه الآية سوء النية التحيل الذي يصير في المعاملات بين الناس.
    وقد وردت هذه الآية تنبيها لما جاء قبلها.
    وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.283.البقرة.
    ويحاسب الله المسلم على سوء نيته مع الناس في كل المجالات.وعلى المؤمن أن يكون صادقا أمينا مع شركائه ومع الناس.
    كما جاء في الآية.
    وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.235.البقرة.
    ومن الناس من يستعمل الخطبة للوصول إلى النساء وهو في نفسه لا ينوي الزواج بها.فيحاسبه الله على ذلك.
    وإبداء ما في النفس أحيانا شيئا وإخفاء ما فيها آخر وسواء أبدى المرء السوء أو جهر به فالله يحاسبه على ذلك.
    الآية التي قالوا إنها الناسخـــــــــــــــة.
    لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا (البقرة /286
    التكليف يأتي من الله بينما إبداء السوء أو إخفاؤه بأتي من البشر .
    ولا يحمل الله النفس فوق طاقتها ولذلك لم يوجد الله عقوبة لتارك العبادات فكانت النسك بين العبد وربه وليس بين الحاكم والمحكوم.
    فأي ناسخ ومنسوخ يتحدثون عنه ولكن مصيبتهم أنهم أخذوا أقوال من هم قبلهم على أنها مقدسة لا يمكن إعادة النظر فيها.
    الآية التي قالوا أنها منسوخـــــــــة.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.102. آل عمران.
    جاءت هذه الآية عن تقوى الله في الخروج من الدين أي الكفر .
    والخروج من الدين هو والعياذ بالله الخسران المبين .وكان على الله التحذير الشديد من ذلك الأمر العظيم.وقدر الذنب أمر بالتقوى.
    ومع ما تحمل هذه الآية من تفسير كانت الآية التي قبلها مبينة لهذا القصد. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.101.آل عمران.
    الآية التي قالوا أنها ناسخــــــــــــة .
    فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.16.التغابن.
    أما هذه الآية أوصى فيها بتقوى الله قدر الاستطاعة في المجال العائلي.
    إذ أن السمع والطاعة للأب أو للزوج على الزوجة والأولاد . والنفقة من الزوج أو الأب على الزوجة والأولاد .
    لأن ما قبلها كان موجه للآباء.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.14.
    إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيم.15.التغابن.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمدٍ وآل محمد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.106.البقرة

    هذه الآية تنسف أي إمكانية لنسخ تلاوة وحكم من القرآن الكريم
    وأي نسخ حصل بعد إستشهاد النبي الأعظم فهو باطل

    وهو بالتأكيد محاولة لتحريف القرآن الكريم
    فهم إن سولت أنفسهم وفعلوها
    فهم بالتأكيد بفعلتهم هذه فعلوا كما فعل النصارى واليهود تماماً قد نسخوا ماأنزل الله عليهم وبدلوا ماكان فيه من كلام الله في التوراة والإنجيل والزبور

    ألا لعنة الله على الناسخين المحرفين
    ألا لعنة الله على كل من نسخ حرفاً من القرآن الكريم أو سولت له نفسه في ذلك
    ألا لعنة الله على أبوبكر وعمر وعثمان وعائشة وبنو أمية أبداً ودائماً إلى يوم الدين

    تعليق


    • #3
      المبحث الأول النسخ
      وفي هذا المبحث خمس مسائل:
      المسألة الأولى: تعريف النسخ.
      المسألة الثانية: شروط النسخ.
      المسألة الثالثة: حكم النسخ والحكمة منه.
      المسألة الرابعة: أقسام النسخ.
      المسألة الخامسة: الزيادة على النص.
      المسألة الأولى تعريف النسخ
      النسخ لغة([1]): النقل، يقال: نسخت الكتاب؛ أي: نقلته.
      والنسخ الإزالة: يقال نسخت الشمس الظل؛ أي: أزالته.
      Ÿ وفي اصطلاح المتقدمين– عند السلف – معناه: البيان([2]).
      فيشمل تخصيص العام([3])، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل، ورفع الحكم بجملته وهو ما يعرف – عند المتأخرين – بالنسخ.
      قال ابن القيم:
      "قلت: مراده ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ: رفع الحكم بجملته تارة –وهو اصطلاح المتأخرين– ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخًا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد.
      فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو: بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر"([4]).
      Ÿ والنسخ في اصطلاح المتأخرين([5]): "رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخٍ عنه"، أو يقال: "رفع الحكم الشرعي بخطاب متراخٍ"، لأن الحكم الثابت بخطاب متقدم إنما هو الحكم الشرعي.
      وقد اشتمل هذا التعريف على القيود الآتية([6]):
      الأول:أن النسخ رفْع لأصل الحكم وجملته بحيث يبقى الحكم بمنزلة ما لم يُشرع ألبتة، وليس تقييدًا أو استثناءً أو تخصيصًا.
      الثاني:أن النسخ رفع للحكم الشرعي الثابت بخطاب متقدم، وليس رفعًا لحكم البراءة الأصلية الثابت بدليل العقل، كإيجاب الصلاة فإنه رافع لحكم البراءة الأصلية وهو عدم وجوبها، فهذا لا يسمى نسخًا.
      الثالث:أن النسخ رفع للحكم الشرعي بخطاب شرعي ثان، وهذا احتراز عما رفع بغير خطاب؛ كزوال الحكم الشرعي بالموت، أو الجنون، ونحو ذلك.
      الرابع:أن النسخ رفع بخطاب شرعي ثانٍ متراخٍ عن الخطاب الأول، أما إذا اتصل الخطاب الثاني بالخطاب الأول ولم يتراخ عنه فإنه يكون تخصيصًا له وبيانًا ولا يكون نسخًا، كقوله تعالى: ]وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا[[آل عمران: 97]، فالتقييد بالمستطيع ليس نسخًا لوجوب الحج على الناس: المستطيع منهم وغير المستطيع؛ إنما هو استثناء وتخصيص.
      وهذه القيود إن وجدت، وُجدتْ حقيقةُ النسخ ومعناه، أما إذا اختل شيء من هذه القيود فإن حقيقة النسخ ترتفع، وهذه الحالة:
      * إما أن تكون تقييدًا وبيانًا:وذلك إذا لم يرفع أصلُ الحكم وجملتُه بل رُفع بعضه أو تغيرت صفته بزيادة شرط، أو قيد، أو مانع.
      * أو حكمًا جديدًا:وذلك إذا لم يكن المرفوع حكمًا شرعيًا، بل كان المرفوع حكم البراءة الأصلية.
      * أو إسقاطًا وإلغاءً: وذلك إذا ارتفع الحكم بدون خطاب ثانٍ بل ارتفع بسبب الموت ونحوه.
      * أو بيانًا وتخصيصًا: وذلك إذا لم يحصل التراخي بين الخطابين بل كانا متصلين.
      المسألة الثانية شروط النسخ
      يشترط في صحة النسخ الشروط الآتية:
      * الشرط الأول:أن توجد حقيقة النسخ ومعناه، وقد تقدم بيان ذلك في المسألة السابقة.
      * الشرط الثاني:أن يكون الناسخ وحيًا، من كتاب أو سنة([7]).
      والدليل على ذلك قوله تعالى: ]وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ[[يونس: 15].
      وبذلك يعلم:
      Ÿ أن النسخ بمجرد الإجماع لا يجوز؛ فإن الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاتهr، وبعد وفاته ينقطع النسخ لأنه تشريع، ولا تشريع ألبتة بعد وفاته r([8]).
      Ÿ وإذا وجد في كلام العلماء أن الإجماع نسخ نصًّا،فالمراد بالإجماع الناسخ، النص الذي استند إليه الإجماع لا نفس الإجماع، فيكون من قبيل نسخ النص بنص مثله([9]).
      Ÿ وأن النسخ لا يجوز بالقياس؛ لأن القياس إنما يعتبر فيما لا نص فيه وحيث وجد النص بطل القياس المخالف له([10]).
      Ÿ وأنه لا يجوز النسخ بأدلة العقل؛ لأن دليل العقل ضربان:
      ضرب لا يجوز أن يرد الشرع بخلافه فلا يتصور نسخ الشرع به.
      وضرب يجوز أن يرد الشرع بخلافه –وهو البقاء على حكم الأصل– فهذا إنما يجب العمل به عند عدم الشرع([11]).
      ولا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ، أو في مرتبته، بل يكفي أن يكون الناسخ وحيًا صحيح الثبوت([12]) خلافًا لما ذهب إليه الأصوليون من قولهم:
      "لا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد، لأن المتواتر أقوى من الآحاد والأقوى لا يرفع بما هو دونه"([13]).
      ويمكن بيان غلط الأصوليين في هذا من وجهين:
      الوجه الأول: ما ذكره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي إذ يقول:
      "أما قولهم: إن المتواتر أقوى من الآحاد، والأقوى لا يرفع بما هو دونه فإنهم قد غلطوا فيه غلطًا عظيمًا مع كثرتهم وعلمهم، وإيضاح ذلك:
      أنه لا تعارض ألبتة بين خبرين مختلفي التاريخ؛ لإمكان صدق كل منهما في وقته، وقد أجمع جميع النظار أنه لا يلزم التناقض بين القضيتين إلا إذا اتحد زمنهما، أما إن اختلفا فيجوز صدق كل منهما في وقتها([14]).
      فلو قلت: النبي r صلى إلى بيت المقدس، وقلت أيضًا: لم يصل إلى بيت المقدس، وعنيت بالأولى ما قبل النسخ، وبالثانية ما بعده؛ لكانت كل منهما صادقة في وقتها"([15]).
      الوجه الثاني:"أن الناسخ في الحقيقة إنما جاء رافعًا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه، وذلك ظني وإن كان دليله قطعيًا، فالمنسوخ إنما هو هذا الظني لا ذلك القطعي"([16]).
      * الشرط الثالث:أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ، وذلك يثبت بطرق، منها([17]):
      الإجماع:وهو أن تُجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر فيُستدل بذلك على أنه منسوخ لئلا تجتمع على الخطأ، فالإجماع في مثل هذا بين أن النص المتأخر ناسخ للنص المتقدم، لا أن الإجماع هو الناسخ كما تقدم التنبيه على ذلك قريبًا.
      وقوله r وفعله.
      وقول الراوي:كان كذا ونُسخ، أو رُخَّص في كذا ثم نُهي عنه.
      وأن يضبط تاريخ القصص؛ فيُعلم الناسخُ بتأخره مع وجود ما يعارضه.
      والحاصل أن الناسخ والمنسوخ إنما يعرفان بمجرد النقل الدال على ذلك، ولا يعرف ذلك بدليل عقلي ولا بقياس([18]).
      * الشرط الرابع:أن يمتنع اجتماع الناسخ والمنسوخ؛ بأن يكونا متنافيين قد تواردا على محل واحد([19])، يقتضي المنسوخ ثبوته والناسخ رفعه أو بالعكس([20]).
      * الشرط الخامس:أن يكون المنسوخ حكمًا لا خبرًا([21])، إذ الأخبار لا يدخلها النسخ، كأخبار ما كان وما يكون، وأخبار الجنة والنار، وما ورد من أسماء الله وصفاته([22]).

      تعليق


      • #4
        المسألة الثالثة حُكم النسخ والحكمة منه
        للنسخ أحكام كثيرة باعتبار أنواعه وأقسامه، وليس المراد في هذا المقام بيان هذه الأحكام([23])، إنما المراد في هذه المسألة: بيان حكم النسخ من حيث الجملة وذلك من جهتين:
        الجهة الأولى:حكم وقوع النسخ بين الشرائع السماوية.
        وفي ذلك يقول ابن كثير([24]): "ولكنه تعالى شرع لكل رسول شريعة على حدة ثم نسخها أو بعضها برسالة الآخر الذي بعده حتى نَسخَ الجميع بما بعث به عبده ورسوله محمدًا r الذي ابتعثه إلى أهل الأرض قاطبة وجعله خاتم الأنبياء كلهم"([25]).
        وبذلك يتبين([26]):
        أ- أن هذه الشريعة ناسخة لجميع الشرائع السابقة([27]).
        ب- وأن القرآن الكريم آخرُ الكتب السماوية وأعظمها وأكملها، كما قال تعالى: ]وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ[ [المائدة: 48].
        جـ- وأن محمدًا r خاتمُ الأنبياء والرسل، كما قال تعالى: ]وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[ [الأحزاب: 40].
        د- ولذلك كانت هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان وهي للناس كافة إلى قيام الساعة. كما قال تعالى: ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا[ [سبأ: 28].
        ﻫ- وبذلك كانت هذه الشريعة خير الشرائع السماوية، وهذه الأمة وسطًا بين الأمم.
        والجهة الثانية:حكم وقوع النسخ في الشريعة الإسلامية.
        لقد أجمعت الأمة على جواز النسخ ووقوعه في هذه الشريعة([28]).
        ومن الأدلة على ذلك:
        1- قوله تعالى: ]يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ[ [الرعد: 39].
        2- وقوله تعالى: ]مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[[البقرة: 106].
        3- وقوع النسخ. فمن ذلك تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس، ونسخ العدة بأربعة أشهر وعشر للحول، ونسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفار إلى مصابرة الاثنين([29]).
        4- أن الله سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، وله سبحانه الحكمة البالغة والملك التام، كما قال سبحانه: ]أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ[ [الأعراف: 54]([30]).
        ومن حكمته سبحانه وتعالى في النسخ([31]):
        أولاً: الرحمة لخلقه والتخفيف عنهم والتوسعة عليهم، كما قال تعالى:]يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ[ [النساء: 28]، وهذه الحكمة تتضح في نسخ الأثقل بالأخف، مثل نسخ وجوب مصابرة المسلم عشرة من الكفار المنصوص عليه في قوله تعالى: ]إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ[ [الأنفال: 65]، بمصابرة المسلم اثنين من الكفار المنصوص عليه في قوله تعالى: ]الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ[ [الأنفال: 66].
        ثانيًا: تكثير الأجر للمؤمنين وتعظيمه لهم، كما قال تعالى: ]إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ [الزمر: 10]، وهذه الحكمة تتضح في نسخ الأخف بالأثقل، كنسخ التخيير بين الصوم والإطعام في قوله تعالى: ]وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ[ [البقرة: 184]، بتعيين إيجاب الصوم في قوله تعالى: ]فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ[[البقرة: 185].
        ثالثًا: أن يكون النسخ مستلزمًا لحكمة خارجة عن ذاته، وذلك فيما إذا كان الناسخ مماثلاً للمنسوخ، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام وهما جهتان كلتاهما تُماثل الأخرى ولا فرق بينهما في حد ذاتيهما، إلا أن الناسخ الذي هو استقبال بيت الله الحرام يستلزم حكمة بالغة وهي دفع حجة اليهود وحجة المشركين على النبي r.
        فاليهود يحتجون عليه بقولهم: تعيب ديننا وتصلي لقبلتنا، ويحتجون أيضًا بأن عندهم في كتابهم أنه r يؤمر باستقبال بيت المقدس ثم يحول إلى بيت الله الحرام.
        والمشركون يقولون: تدعي أنك على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتصلي لغير قبلته، وقد أشار الله سبحانه إلى هذه الحكم بقوله: ]لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ[ [البقرة: 150].
        ومن الحكم في ذلك أيضًا تمييز قوي الإيمان من ضعيفه، كما قال سبحانه: ]وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ[[البقرة: 143].
        رابعًا:الامتحان بكمال الانقياد، والابتلاءُ بالمبادرة إلى الامتثال، وذلك فيما إذا أمر الله عبده بأمر فامتثله ثم أمره بنقيض ذلك الأمر فامتثله أيضًا، فيكون هذا دليلاً على كمال الانقياد والاستسلام.
        وتتضح هذه الحكمة في نسخ الأمر قبل التمكن من فعله([32])، وذلك مثل أمر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يذبح ابنه ثم نسخ الله عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل، والحكمة من ذلك الابتلاء، قال تعالى: ]إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ[ [الصافات: 106].
        فابتلى الله نبيه في محبته له سبحانه وتقديمها على محبته لابنه حتى تتم خلته، فكان المقصود الابتلاء لا نفس الفعل؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بفعل لا مصلحة ولا منفعة ولا حكمة فيه([33])، بل أوامره سبحانه ونواهيه وجميع شرائعه مبنية على حكم ومصالح ومنافع كما سبق بيان ذلك([34]).
        فالحكمة هنا ناشئة من نفس الأمر، والمصلحة حاصلة به، أما الفعل فلا مصلحة فيه ألبتة، لذلك كان المقصود من الأمر الحكمة منه وهي الابتلاء دون الفعل([35]).
        وحاصل القول في الحكمة من النسخ:
        * أن الناسخ خير من المنسوخ كما قال تعالى: ]مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ [البقرة: 106].
        فالناسخ خير سواء كان هو الأخف أو الأثقل أو كان مساويًا للمنسوخ.
        * وأن أوامر الله ونواهيه مشتملة على الحكم والمصالح، فإذا انتهت الحكمة والمصلحة من الخطاب الأول وصارت في غيره، أمر جل وعلا بترك الأول الذي زالت حكمته، والأخذ بالخطاب الجديد المشتمل على الحكمة الآن.
        فالمنسوخ – وقت العمل به – كانت فيه المصلحة والحكمة، والناسخُ هو المشتمل على الحكمة والمصلحة بعد النسخ([36]).
        المسألة الرابعة أقسام النسخ
        للنسخ تقسيمات متعددة باعتبارات مختلفة، وبيان ذلك على النحو الآتي:
        أولاً:ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام:
        نسخ الأخف بالأثقل، ونسخ الأثقل بالأخف، ونسخ المساوي بالمساوي.
        وقد تقدم التمثيل لهذه الأقسام وبيان الحكمة في الكل([37]).
        ثانيًا:ينقسم النسخ بالنظر إلى وقته إلى نسخ بعد التمكن من الفعل، وهذا هو الغالب في الأحكام المنسوخة، كاستقبال بيت المقدس، وعدة المتوفي عنها زوجها حولاً كاملاً.
        وإلى نسخ قبل التمكن من الفعل كقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأمره بذبح ولده. وقد تقدم بيان مذهب السلف في هذه المسألة ومأخذهم في ذلك([38]).
        ثالثًا:ينقسم النسخ بالنظر إلى بدله إلى قسمين: نسخ إلى غير بدل –عند القائلين به– ونسخ إلى بدل، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام، فهذا القسم متفق عليه بين العلماء، وهو الموافق لقوله تعالى: ]مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ [البقرة: 106]، فالآية تدل دلالة صريحة على أن النسخ لا بد فيه من البدل؛ إذ إن الله وعد أنه لا بد للمنسوخ من بدل مماثل أو خيرٍ، فلا يزال المؤمنون في نعمة من الله لا تنقص بل تزيد، فإنه إذا أتى بخير منها زادت النعمة، وإذا أتى بمثلها كانت النعمة باقية([39]).
        ومتابعة لهذه الآية ذهب بعض أهل السنة إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل([40]). وذهب جمهور الأصوليين([41]) إلى أن النسخ قد يكون إلى غير بدل، ومثلوا لذلك بنسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي المناجاة([42]).
        والظاهر أن الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى اللفظ دون الحقيقة، وبيان ذلك:
        أن الجميع متفق على أن الله سبحانه وتعالى إذا نسخ حكمًا عوض المؤمنين عنه بحكم آخر هو خير من الحكم المنسوخ أو مثله، فلا يتركهم هملاً بلا حكم([43]).
        وإنما اختلفوا في تسمية الحكم المنتقل إليه بدلاً إذا كان رجوعًا وردًا إلى الحكم السابق الذي كانوا عليه؟
        فعند جمهور الأصوليين – وهم القائلون بالنسخ إلى غير بدل – لا يسمى هذا بدلاً، إذ البدل عندهم خاص بما هو حكم شرعي آخر ضد المنسوخ كاستقبال الكعبة بدلاً من بيت المقدس، أما الرد إلى ما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ – كما في المناجاة – فليس هذا بدلاً عند هؤلاء.
        أما النافون للنسخ إلى غير بدل فمرادهم بالبدل ما هو أعم من حكم آخر ضد المنسوخ فيشمل – إضافة إليه – الرد إلى ما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ، لذا فإن الحكم المنتقل إليه يسمى – عند هؤلاء – بدلاً ولو كان رجوعًا إلى الحكم السابق([44]).
        يوضح ذلك قول ابن القيم: "......فإن الرب تعالى ما أمر بشيء ثم أبطله رأساً، بل لا بد أن يُبقي بعضه أو بدله، كما أبقى شريعة الفداء، وكما أبقى استحباب الصدقة بين يدي المناجاة، وكما أبقى الخمس للصلوات بعد رفع الخمسين وأبقى ثوابها"([45]).
        والأولى على كلِّ أن يقال: إن النسخ لا بد فيه من البدل، وإن هذا البدل قد يكون حكمًا شرعيًا جديدًا كما في استقبال القبلة، وقد يكون رجوعًا إلى الحكم السابق كما في المناجاة، ففي هذا التفصيل تأدب مع الآية القرآنية الكريمة ]نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ [البقرة: 106]. وفيه أيضًا ملاحظة للأحكام التي نُسخت فأبقيت على حكمها السابق، أو على حكم البراءة الأصلية.
        رابعًا:ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام([46]):
        القسم الأول:نسخ التلاوة والحكم معًا.
        وذلك مثل آية التحريم بعشر رضعات([47])، فإنها منسوخة التلاوة والحكم معًا.
        القسم الثاني:نسخ التلاوة وبقاء الحكم.
        وذلك كنسخ آية الرجم.
        القسم الثالث:نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
        وهو غالب ما في القرآن من المنسوخ، كقوله تعالى: ]وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ[ [البقرة: 184].
        خامسًا:ينقسم النسخ بالنظر إلى دليله إلى أقسام متعددة، يمكن جمعها في قسمين: قسم متفق على جوازه، وقسم وقع فيه الخلاف.
        أما القسم المتفق عليه فهو([48]):
        - نسخ القرآن بالقرآن.
        - نسخ السنة المتواترة والآحادية بمتواتر السنة.
        - نسخ الآحاد من السنة بالآحاد من السنة.
        وأما القسم المختلف فيه فيمكن بيانه في ثلاث مسائل:

        تعليق


        • #5
          المسألة الأولى: نسخ القرآن بالسنة.
          ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة([49])، وهو اختيار الأمين الشنقيطي([50]).
          وذهب الإمام الشافعي([51]) وأحمد([52]) إلى أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة، بل لا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله، وهذا اختيار ابن قدامة وابن تيمية([53]).
          وهذا الخلاف في الجواز وفي الوقوع.
          حجة الجمهور أن الجميع وحي من الله تعالى، فالناسخ والمنسوخ من عند الله، والله هو الناسخ حقيقة، لكنه أظهر النسخ على لسان رسوله r([54]).
          ومثل الجمهور للوقوع بأن آية التحريم بعشر رضعات نُسخت بالسنة([55]).
          1- وحجة الإمام الشافعي
          ([56]) قوله تعالى: ]قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي[ [يونس: 15]، وقوله تعالى: ]يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ[ [الرعد: 39].
          وجه الدلالة:
          أنه قد تبين من مجموع الآيتين أن المبتدئ لفرض الكتاب إنما هو الله ولا يكون ذلك لأحد من خلقه، وإنما جعل لرسوله r أن يقول من تلقاء نفسه – بتوفيقه سبحانه – فيما لم ينزل به كتابًا، ومعلوم أن موقع سنته r من الكتاب إنما هو البيان له والتفسير لمجمله دون النسخ. ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: ]مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ [البقرة: 106]، وقوله تعالى: ]وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ[ [النحل: 101].
          2- واستدل الشافعي
          ([57])على عدم جواز نسخ القرآن بالسنة – وهي هذه المسألة – ونسخ السنة بالقرآن – وهي المسألة اللاحقة – بأن القول بتجويز النسخ في المسألتين يؤدي إلى مفسدة، ألا وهي جواز أن يقال: إن ما بينه رسول الله r في سنته كتحريم بعض البيوع، ورجم الزناة يحتمل أن يكون ذلك قبل أن ينزل عليه قوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[ [البقرة: 275]، وقوله:]الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ[ [النور: 2]، فيكون القرآن ناسخًا للسنة، ويجوز بناءً على ذلك رد كل سنة عن رسول الله r فيها بيان لمجمل القرآن لمجرد وجود وجه مخالفة بين مجمل القرآن وبيان السنة.
          3- وقد ذكر ابن تيمية أن منهج السلف في الحكم هو النظر في الكتاب أولاً ثم في السنة ثانيًا([58])، وبين أن هذا المنهج إنما ينسجم مع القول بمنع نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن.
          قال رحمه الله: "وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب أولاً؛ لأن السنة لا تنسخ الكتاب فلا يكون في القرآن شيء منسوخ بالسنة، بل إن كان فيه منسوخ كان في القرآن ناسخه، فلا يقدم غير القرآن عليه، ثم إذا لم يجد ذلك طلبه في السنة ولا يكون في السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته، لا ينسخ السنة إجماع ولا غيره.....فيجوز له إذا لم يجده في القرآن أن يطلبه في السنة.
          وإذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضًا لما في القرآن"([59]).
          المسألة الثانية: نسخ السنة بالقرآن:

          ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن([60])،وهذا اختيار ابن النجار الفتوحي والأمين الشنقيطي([61]).
          وذهب الإمام الشافعي([62]) إلى أن السنة لا ينسخها إلا سنة مثلها، وأن القرآن قد يأتي ناسخًا للسنة، لكن لا بد من مجيء سنة تدل على أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة بأن الشيء ينسخ بمثله، فلا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله، ولا ينسخ السنة إلا سنة مثلها.
          وقد استدل الفريقان بالأدلة التي مضى بيانها في المسألة السابقة([63]).
          وقد مثل الجمهور للوقوع بأمثلة كثيرة منها([64]):
          - التوجه إلى بيت المقدس وهو ثابت بالسنة، وناسخه في القرآن قوله تعالى: ]فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[ [البقرة: 144].
          2- تحريم مباشرة النساء في رمضان ليلاً ثابت بالسنة، وناسخه في القرآن قوله تعالى: ]فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ[ [البقرة: 187].
          3- وجوب صوم عاشوراء ثابت بالسنة، فنسخ بوجوب صوم رمضان بقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ[ [البقرة: 183].
          وخلاصة القول في هاتين المسألتين:

          أن الخلاف في جواز نسخ القرآن بالسنة والعكس خلاف لا يترتب عليه أثر كبير والخطب فيه يسير.
          وذلك إذا تقرر – عند الجميع – ما يأتي:
          أولاً:
          تعظيم نصوص الكتاب والسنة وتقديم جانب العمل بها مهما أمكن([65]).
          ثانيًا:
          أن الكتاب والسنة وحي من عند الله، وأنهما متفقان لا يختلفان، متلازمان لا يفترقان([66]).
          ثالثًا:
          أن النسخ لا يكون إلا بأمر من عند الله سبحانه: ]يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ[ [الرعد: 39]([67]).
          رابعًا:
          عدم التفريق في ذلك بين السنة المتواترة والآحادية([68]).
          أما الخلاف في وقوع النسخ في هاتين المسألتين فإنه خلاف اعتباري، يعود – عند التحقيق إلى اللفظ: فمن قال بالجواز اعتبر القرآن ناسخًا للسنة والعكس، ومن منع اعتبر الناسخ للقرآن قرآنًا مثله، والناسخ للسنة سنة مثلها.
          يوضح ذلك نقلان عن إمامين جليلين:
          Ÿ
          النقل الأول:عن الإمام ابن تيمية، وهو يتعلق بمسألة نسخ القرآن بالسنة.
          قال رحمه الله: "فإن الشافعي وأحمد وسائر الأئمة يوجبون العمل بالسنة المتواترة المحكمة، وإن تضمنت نسخًا لبعض أي القرآن.
          لكن يقولون: إنما نسخ القرآن بالقرآن لا بمجرد السنة، ويحتجون بقوله تعالى: ]مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ [البقرة: 106]، ويرون من تمام حرمة القرآن أن الله لم ينسخه إلا بقرآن"([69]).
          Ÿ
          والنقل الثاني: عن الإمام الشافعي، وهو يتعلق بمسألة نسخ السنة بالقرآن.
          قال رحمه الله: "فإن قال قائل: هل تُنسخ السنة بالقرآن؟


          قيل: لو نُسخت السنة بالقرآن كان للنبيr فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة"([70]).
          المسألة الثالثة: نسخ المتواتر بالآحاد:

          1- ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه لا يجوز نسخ المتواتر – من القرآن والسنة – بالآحاد من السنة.
          واحتجوا بأن الآحاد ضعيف، والمتواتر أقوى منه فلا يُرفع الأقوى بما هو دونه([71]). وقد تقدم بيان غلط الأصوليين – من وجهين – في هذه الحجة([72]).
          2- وذهب الإمام الشافعي وأحمد وابن تيمية إلى أنه لا يجوز نسخ المتواتر من القرآن بالآحاد من السنة.
          وهذا المذهب فرع عن القول بأن السنة لا تنسخ القرآن([73]).
          3- وذهب الأمين الشنقيطي إلى جواز نسخ القرآن بأخبار الآحاد([74]).
          وهذا المذهب مبني على:
          أ- القول بجواز نسخ القرآن بالسنة، وقد تقدم بيان ذلك([75]).
          ب- القول بأنه لا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ أو في درجته بل يكفي أن يكون صحيحًا ثابتًا، وقد تقدم بيان ذلك([76]).
          جـ- الوقوع: ومثل له بنسخ إباحة الحمر الأهلية المنصوص عليها بالحصر في قوله تعالى: ]قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ[[الأنعام: 145]، وذلك بتحريمه r الحمر الأهلية، وكان ذلك في خيبر([77])، والآية من سورة الأنعام وهي مكية([78]).
          وحاصل الكلام في هذه المسألة:

          أن قول جمهور الأصوليين مبني على أن الأقوى لا يُرفع بما هو دونه، وقد سبق بيان ضعف هذه الحجة. فيعود الخلاف – في هذه المسألة بين القولين الثاني والثالث – إلى قضية نسخ السنة للقرآن على وجه الخصوص، وهذه القضية سبق الكلام عليها، هذا فيما يتعلق بجانب الجواز.
          أما بالنسبة للوقوع فإن المثال المذكور يمكن أن يعترض عليه بأن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب تخصيص عموم مفهوم الحصر.
          المسألة الخامسة الزيادة على النص

          الزيادة على النص
          ([79])نوعان:
          أ- نوع متفق على أنه لا يكون نسخًا([80])، وذلك أن الزيادة المستقلة عن المزيد عليه إن كانت مخالفة لجنس المزيد عليه؛ كزيادة الصلاة على الزكاة فليست نسخًا إجماعًا، أما إن كانت الزيادة المستقلة من جنس المزيد عليه؛ كزيادة الصلاة على الصلاة فليست بنسخ عند الأئمة الأربعة.
          ب- ونوع اختلف فيه([81])، وهو ما إذا كانت الزيادة غير مستقلة عن المزيد عليه كزيادة التغريب على الجلد مائة في حد الزاني غير المحصن، فإن التغريب لا يستقل بنفسه لأنه جزء من الحد.
          والكلام على مسألة الزيادة على النص – إن كانت غير مستقلة – هل تكون نسخًا أو لا؟ في مقامين:
          المقام الأول:
          أن "الزيادة على النص" لفظ مجمل، فلا يجوز إطلاق الحكم عليه بالنسخ نفيًا ولا إثباتًا، لأن الزيادة على النص منها ما يكون نسخًا وذلك إذا تحقق معنى النسخ ووجدت شروطه في الزيادة، وما لم يكن كذلك فلا يكون نسخًا بحال من الأحوال إلا إن أريد بالنسخ معناه الخاص المعروف عند السلف وهو مطلق البيان، فلا منازعة في الاصطلاح عند ذلك([82]).
          والمقصود:
          أن الزيادة على النص إنما تكون نسخًا بالشروط الآتية([83]):
          1- أن ترفع هذه الزيادة أصل الحكم المزيد عليه وجملته، أما إن كانت رافعة لبعضه فإنها لا تكون نسخًا.
          2- أن تكون الزيادة نصًا صحيحًا ثابتًا، أما إن كانت الزيادة غير صحيحة فلا يلتفت إليها، ولا يشترط أن تكون الزيادة في درجة المزيد عليه أو أقوى منه.
          3- أن تكون الزيادة متأخرة وغير متصلة بالمزيد عليه، أما إن كانت متصلة به فإنها تكون تخصيصًا لا نسخًا.
          4- أن يكون حكم الزيادة منافيًا لحكم المزيد عليه من كل وجه، أما إن كان التنافي بين الزيادة والمزيد عليه من وجه دون وجه فإن النسخ ممتنع في هذه الحالة.
          5- أن تكون الزيادة والمزيد عليه في الأحكام لا في الأخبار؛ لأن الأخبار لا يدخلها النسخ.
          المقام الثاني:
          أن الزيادة على النص إنما هي سنة من سنن المصطفى r، وهذه السنة الزائدة لا تخلو من ثلاثة أحوال([84]):
          1- أن تكون بيانًا لما في القرآن، وهذه السنة يجب العمل بها، وذلك مثل تقييدها لمطلق القرآن، أو تخصيصها لعمومه، وهذه السنة ليست معارضة للقرآن بل هي موضحة ومفسرة له.
          2- أن تكون منشئة لحكم لم يتعرض له القرآن، وهذه السنة يجب العمل بها أيضًا؛ لأنها تشريع مبتدأ من النبي r تجب طاعته فيه ولا تحل معصيته، وهذه السنة لا تعارض القرآن بوجه ما.
          3- أن تكون مغيرة لحكم القرآن ناسخة له فهذه يجب العمل بها، ولكن لا بد من مراعاة شروط النسخ وضوابطه كما تقدم.
          والمقصود:
          أن السنة الزائدة على القرآن يجب العمل بها على كل حال، سواء أكانت مبينة للقرآن، أو مستقلة عنه، أو ناسخة له، ولا يجوز التوقف في العمل بالزيادة وردها.


          تعليق


          • #6

            تعليق


            • #7
              المبحث الثاني التعارض
              والكلام على هذا المبحث في النقاط الآتية:
              1- المراد بتعارض الأدلة: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة، وذلك إذا كان أحد الدليلين يدل على خلاف ما يدل عليه الآخر، كأن يدل أحد الدليلين على الجواز والآخر على المنع، فدليل الجواز يمنع التحريم ودليل التحريم يمنع الجواز؛ فكل منهما مقابل للآخر ومعارض له وممانع له([1]).
              2- قد يكون التعارض بين الدليلين كليًا أو جزئيًا فإن كان التعارض بين الدليلين من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما فهذا هو التناقض، وهو التعارض الكلي. أما إذا كان التعارض بين الدليلين من وجه دون وجه بحيث يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه فهذا هو التعارض الجزئي.
              وقد قرر العلماء أنه لا تناقض بين القضيتين إذا اختلف زمنهما لاحتمال صدق كل منهما في وقتها؛ لأنه يشترط في التناقض اتحاد القضيتين في الوحدات الثمان التي منها الزمان والمكان والشرط والإضافة.
              فلا تناقض إذن بين الناسخ والمنسوخ، ولا بين العام والخاص، ولا بين المطلق والمقيد، وعلى وجه العموم حيث أمكن الجمع فلا تناقض، إذ التناقض هو الذي يستحيل معه الجمع بوجه من الوجوه، أما إن أمكن الجمع فإن هذا من قبيل التعارض الجزئي([2]).
              3- كتاب الله سالم من الاختلاف والاضطراب والتناقض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق، قال تعالى: ]وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا[ [النساء: 82]، ولهذا مدح الله تعالى الراسخين في العلم حيث قالوا: ]آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا[ [آل عمران: 7]؛ أي: محكمه ومتشابهه حق([3]).
              وقال r: «إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدق بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه»([4]).
              4- أحاديث النبي r الصحيحة مبرأة من التناقض والاختلاف؛ لأن النبي r معصوم من التناقض والاختلاف بإجماع الأمة، لا فرق في ذلك بين المتواتر والآحاد، قال تعالى: ]وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى[ [النجم: 3، 4]([5]).
              5- وكذلك إجماع الأمة لا يمكن أن يتناقض، فلا ينعقد إجماع على خلاف إجماع أبدًا([6]).
              6- أما القياس فما كان منه صحيحًا فإنه لا يتناقض أبدًا([7]).
              7- إذا عُلم أن أدلة الشرع لا تتناقض في نفسها فإنها أيضًا لا تتناقض مع بعضها، بل إنها متفقة لا تختلف، متلازمة لا تفترق.
              قال ابن تيمية: "وكذلك إذا قلنا: الكتاب، والسنة، والإجماع، فمدلول الثلاثة واحد، فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة؛ فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب.
              وكذلك كل ما سنه الرسول r فالقرآن يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك.
              وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة.
              لكن المسلمون يتلقون دينهم كله عن الرسول.
              وأما الرسول فينزل عليه وحي القرآن، ووحي آخر هو الحكمة، كما قالr: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه»([8]).
              وقال أيضًا: ".........كما يقال: قد دل على ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، وكل من هذه الأصول يدل على الحق مع تلازمها؛ فإن ما دل عليه الإجماع قد دل عليه الكتاب والسنة، وما دل عليه القرآن فعن الرسولr أخذ، فالكتاب والسنة كلاهما مأخوذ عنه، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص"([9]).
              وقال أيضًا: "وكذلك القياس الصحيح حق يوافق الكتاب والسنة"([10]).
              وذلك لأن أدلة الشرع حق، والحق لا يتناقض، بل يصدق بعضه بعضًا([11]).
              8- لا تعارض بين الأدلة الشرعية والعقل، بل إن العقل الصريح موافق للنقل الصحيح، إذ إن خالق هذا العقل هو الذي أنزل الشرع؛ ]أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ[ [الملك: 14]([12]).
              9- إذا علم ذلك فما وجد من تعارض في أدلة الشرع فإنما هو بحسب ما يظهر للمجتهد([13]).
              أما في حقيقة الأمر فلا تعارض ألبتة بين الأدلة الشرعية، كما تقدم تقريره قريبًا.
              10- إذا ظهر تعارض بين الأدلة الشرعية، فإن كان هذا التعارض بين خبرين فأحد المتعارضين باطل، إما لعدم ثبوته أو لكونه منسوخًا.
              وإن كان التعارض بين الخبر والقياس فلا يخلو من أمرين:
              إما أن يكون هذا الخبر غير صحيح.
              وإما أن يكون القياس فاسدًا([14]).
              11- لا يقع التعارض بين دليلين قطعيين، سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو أحدهما سمعيًا والآخر عقليًا، وهذا متفق عليه بين العقلاء؛ لأن تعارض القطعيين يلزم منه اجتماع النقيضين وهو محال([15]).
              12- ولا يقع التعارض بين قطعي وظني، إذ الظني لغو، والعمل إنما يكون بالقطعي، فإن الظن لا يرفع اليقين([16]).
              13- محل التعارض هو الظنيات، فيقع التعارض بين دليلين ظنيين([17]).
              14- إذا ظهر التعارض – وذلك إنما يكون بين دليلين ظنيين – فالواجب على الترتيب([18]):
              أولاً: محاولة الجمع بينهما إن أمكن، ومن أوجه الجمع:
              أ- حمل أحد الدليلين على حالة، وحمل الآخر على حالة أخرى، وهذا ما يُعرف بحمل العام على الخاص، أو حمل المطلق على المقيد.
              ب- حمل أحد الدليلين على زمن، وحمل الآخر على زمن آخر، بحيث يكون المتأخر منهما ناسخًا للمتقدم.
              ثانيًا:إذا لم يمكن الجمع فيصار إلى الترجيح بينهما، بوجه من وجوه الترجيح الآتي بيانها في المبحث التالي.
              ثالثًا:إذا تعذر الترجيح ولم يمكن، فقيل: يتخير بينهما، وهذا القول يُضعفه أن التخيير جمع بين النقيضين([19])، واطراح لكلا الدليلين([20])، وكلا الأمرين باطل([21]).
              ولعل الصواب هو التوقف في هذين الدليلين، والبحث عن دليل جديد([22]). وهذا يوافق منهج السلف فإنهم كانوا يطلبون الدليل في القرآن، فإن لم يجدوه في القرآن طلبوه في السنة، فإن لم يجدوه في السنة طلبوه في الإجماع، وهكذا....([23]).
              ومعلوم أنه لا تخلو مسألة عن دليل وبيان من الشرع([24])، علمه من علمه وجهله من جهله، والواجب على كلِّ تقوى الله بقدر المستطاع، والاجتهاد في طلب الحق ومعرفة الدليل.
              15- الواجب درء التعارض بين أدلة الشرع ما أمكن.
              ومن الطرق المعينة على ذلك([25]):
              أ- التثبت في صحة الدليل وثبوته، فالواجب الحذر من الأحاديث التي لا تقوم بها الحجة، والتنبه مما يدعي أنه إجماع وهو ليس كذلك، والتثبت من صحة الأقيسة.
              ب- الاطلاع على مصادر الشريعة وتتبع الأدلة واستقراؤها، والنظر إليها مجتمعة. فلا بد من جمع العام مع الخاص، والمطلق مع المقيد، والناسخ مع المنسوخ، وهذا لا يتم إلا بتتبع نصوص الكتاب والسنة، ولو اقتصر على بعض ذلك لحصل التعارض، ولا بد من معرفة روايات الحديث وألفاظه فإن بعضها يفسر بعضًا، وكذلك القراءات الثابتة.
              جـ- العلم بلغة العرب وما فيها من دلالات ومعانٍ، فإن فهم النص وسياقه، وعمومه وخصوصه، وحقيقته ومجازه مما يزيل كثيرًا من الإشكالات، ويدرأ كثيرًا من التعارضات.



              ([1]) انظر: "الرسالة" (342)، و"شرح الكوكب المنير" (4/605).

              ([2]) انظر: "أضواء البيان" (2/250، 251).

              ([3]) انظر: "الفقيه والمتفقه" (1/221)، و"إعلام الموقعين" (2/294)، و"تفسير ابن كثير" (1/542).

              ([4]) رواه أحمد في "المسند" (2/181)، وصححه الألباني. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" (585) هامش رقم (1).

              ([5]) انظر: "الرسالة" (210)، و"الكفاية" (473)، و"الفقيه والمتفقه" (1/221)، و"مجموع الفتاوى" (10/289)، و"إعلام الموقعين" (1/167).

              ([6]) انظر ذلك فيما تقدم : (ص172، 173) من هذا الكتاب.

              ([7]) انظر: "إعلام الموقعين" (1/331).

              ([8]) "مجموع الفتاوى" (7/40)، والحديث تقدم تخريجه انظر (121) من هذا الكتاب.

              ([9]) "مجموع الفتاوى" (19/195).

              ([10]) المصدر السابق (19/200).

              ([11]) انظر: "إعلام الموقعين" (1/331).

              ([12]) انظر: "درء تعارض العقل والنقل" (1/144، 194)، و"الصواعق المرسلة" (3/807، 810)، و"مختصر الصواعق" (60، 90)، وانظر (ص 98- 102) من هذا الكتاب.

              ([13]) انظر: "الكفاية" (474)، و"شرح الكوكب المنير" (4/617)، و"مذكرة الشنقيطي" (316).

              ([14]) انظر المصدرين السابقين.

              ([15]) انظر: "الكفاية" (474)، و"روضة الناظر" (2/457)، و"درء التعارض" (1/79)، و"الصواعق" (3/797)، و"شرح الكوكب المنير" (4/607).

              ([16]) انظر: "الكفاية" (474)، و"روضة الناظر" (2/457)، و"درء التعارض" (1/79)، و"شرح الكوكب المنير" (4/608).

              ([17]) انظر: "الكفاية" (474)، و"شرح الكوكب المنير" (4/616)، و"مذكرة الشنقيطي" (316).

              ([18]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/609 – 612)، و"مذكرة الشنقيطي" (317).

              ([19]) بيان ذلك: أن المباح نقيض المحرم فإذا تعارض المبيح والمحرم فخيرناه بين كونه محرمًا يأثم بفعله وبين كونه مباحًا لا إثم على فاعله كان جمعًا بينهما وذلك محال. انظر: "روضة الناظر" (2/433).

              ([20]) بيان ذلك: أن الموجب والمحرم إذا تعارضا فالمصير إلى التخيير المطلق حكم ثالث غير حكم الدليلين معًا فيكون اطراحًا لهما وتركا لموجبهما. انظر المصدر السابق.

              ([21]) انظر: "روضة الناظر" (2/431 – 434)، و"مجموع الفتاوى" (13/120).

              ([22]) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (2/81).

              ([23]) انظر ما سيأتي (279) من هذا الكتاب.

              ([24]) انظر: "روضة الناظر" (2/434)، و"إعلام الموقعين" (1/333).

              ([25]) ينظر للاستزادة: "منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد" (1/320 – 322).

              تعليق


              • #8
                المبحث الثالث الترجيح
                والكلام على هذا المبحث في النقاط الآتية:
                1- المراد بالترجيح:تقوية أحد الدليلين على الآخر([1]).
                2- محل الترجيح: هو الظنيات، فحيث وجد التعارض وجد الترجيح، وحيث إن التعارض لا يكون إلا بين الدليلين الظنيين فقط؛ فكذلك الترجيح لا يكون إلا بين دليلين ظنيين، إذ الترجيح فرع التعارض([2]).
                3- لا يُصار إلى الترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا بعد محاولة الجمع بينها، فإن الجمع مقدم على الترجيح، فإن أمكن الجمع وزال التعارض امتنع الترجيح، ومتى امتنع الجمع بين المتعارضين وجب الترجيح([3]).
                4- لا يجوز ترجيح أحد الدليلين المتعارضين على الآخر بدون دليل، إذ إن ترجيح أحد الدليلين بلا دليل تحكم، وهو باطل، ولا يجوز في دين الله التخير بالتشهي والهوى بلا دليل ولا برهان([4]).
                5- العمل بالراجح متعين، سواء كان الراجح معلومًا أو مظنونًا، هذا هو الواجب على المجتهد إذا اجتهد في طلب الأقوى، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها وهو في هذه الحالة معذور إن أخطأ إصابة الأقوى والأرجح في الباطن، وله أجر على اجتهاده([5]).
                6- عمل المجتهد بالظن الراجح ليس من باب العمل بالظن، بل هو عمل بالعلم، إذ ترجيح أحد الدليلين الظنيين على الآخر من باب تقوية ظن على ظن، والظن متفاوت، والمطلوب من المجتهد العمل بالظن الراجح. وكون هذا الظن هو الراجح أمر معلوم ومقطوع به لدى المجتهد، فأمام المجتهد ظنان، ظن يعلم رجحانه، وظن لا يعلم رجحانه، فالعمل بالظن الذي يعلم رجحانه عمل بالعلم لا بالظن وأما العمل بالظن الذي لا يعلم رجحانه فلا يجوز؛ لأنه من اتباع الظن الذي ذمه الله بقوله: ]إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ[ [النجم: 23]([6]).
                7- أوجه الترجيح كثيرة لا تنحصر، وذلك لأن ما يحصل به تغليب ظن على ظن كثير جدًا، والضابط فيه([7]):
                أنه متى اقترن بأحد الدليلين ما يقويه ويغلب جانبه وحصل بذلك الاقتران زيادة ظن أفاد ذلك ترجيحه على الدليل الآخر.
                8- الترجيح إما أن يكون بين دليلين نقليين، أو بين عقليين، أو بين نقلي وعقلي([8]).
                فإن كان الترجيح بين نقليين فيكون ذلك من ثلاثة أوجه:
                الأول:منها ما يتعلق بالسند.
                الثاني: بالمتن.
                الثالث: بأمر خارجي.
                وإن كان الترجيح بين عقليين فيكون من ثلاثة أوجه:
                الأول: منها ما يعود إلى الأصل.
                الثاني: إلى الفرع.
                الثالث: إلى أمر خارج.
                وإن كان الترجيح بين نقلي وعقلي فيكون ذلك بالنظر إلى الظن الأقوى بحسب ما يقع للناظر([9]).



                ([1]) انظر: "مجموع الفتاوى" (13/121)، و"شرح الكوكب المنير" (4/616).

                ([2]) انظر: "الكفاية" (474)، و"شرح الكوكب المنير" (4/616).

                ([3]) انظر: "الرسالة" (341، 342)، و"الكفاية" (474)، و"شرح الكوكب المنير" (4/609 – 612)، و"مذكرة الشنقيطي" (224، 317).

                ([4]) انظر: "روضة الناظر" (1/409، 410)، و"مجموع الفتاوى" (13/110، 111، 120).

                ([5]) انظر: "مجموع الفتاوى" (13/115، 123، 124)، و"شرح الكوكب المنير" (4/619 – 627).

                ([6]) انظر: "مجموع الفتاوى" (13/114 – 120) وانظر (ص79، 80) من هذا الكتاب.

                ([7]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/751، 752)، و"مذكرة الشنقيطي" (339).

                ([8]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/627) وما بعدها، و"المذكرة" (317) وما بعدها.

                ([9]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/744).

                تعليق


                • #9
                  المبحث الرابع ترتيب الأدلة
                  والكلام على هذا المبحث في النقاط التالية:
                  1- المراد بترتيب الأدلة: جعل كل دليلٍ في رتبته التي يستحقها بوجهٍ من الوجوه([1]).
                  2- الأدلة الشرعية تنقسم إلى: متفق عليها ومختلف فيها، وإلى قطعية وظنية، وإلى نقلية وعقلية([2]).
                  ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام([3]):
                  أ- أن الأدلة المتفق عليها أربعة، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
                  ب- أن الأدلة المختلف فيها ترجع جميعها إلى الأدلة المتفق عليها من حيث أصلها والدليل على ثبوتها. وبذلك يعلم:
                  جـ- أن الأدلة الشرعية – المتفق عليها والمختلف فيها -ترجع إلى الأدلة الأربعة المتفق عليها.
                  د- أن الأدلة الأربعة ترجع إلى الكتاب والسنة والجميع يرجع إلى الكتاب.
                  هـ- أن الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف، متلازمة لا تفترق؛ إذ الجميع حق، والحق لا يتناقض بل يصدق بعضه بعضًا.
                  3- الأدلة الشرعية من حيث وجوب العمل بها في مرتبة واحدة، إذ الجميع يجب اتباعه والاحتجاج به.
                  4- ترتيب الأدلة من حيث المنزلة والمكانة: الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ثم القياس([4]).
                  5- ترتيب الأدلة من حيث النظر فيها –وهو المقصود بحثه في هذا المقام– على النحو الآتي([5]):
                  الكتاب، ثم السنة، ثم الإجماع، ثم القياس.
                  هذه طريقة السلف، وقد نُقلتْ عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم([6]).
                  والأصل في ذلك حديث معاذ المشهور([7]).
                  وقد فصل الشافعي هذا الترتيب، فقال:
                  "نعم يحُكم بالكتاب.
                  والسنة المجتمع عليها التي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا: حكمنا بالحق في الظاهر والباطن.
                  ويُحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد، لا يجتمع الناس عليها، فنقول: حكمنا بالحق في الظاهر؛ لأنه يمكن الغلط فيمن روى الحديث.
                  ونحكم بالإجماع.
                  ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة؛ لأنه لا يحل القياس والخبر موجود"([8]).
                  وقد قرر ابن تيمية هذا الترتيب وعلله بأن السنة لا تنسخ الكتاب فلا يكون شيءٌ منه منسوخٌ بالسنة، ثم لا يكون في السنة شيءٌ منسوخٌ إلا والسنة نسخته([9]).
                  ويستقيم هذا الترتيب أيضًا على مذهب من جوز نسخ القرآن بالسنة والعكس، فعند هؤلاء يُنظر أولاً في الكتاب ثم في السنة، ولكون الناظر من أهل العلم بالناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، ولكون الكتاب والسنة متلازمين متفقين، فإن النظر في الكتاب أولاً لا يعني إقصاءَ السنة، أو التفريقَ بينها وبين الكتاب.



                  ([1]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/600).

                  ([2]) تقدم الكلام على كل من هذه التقسيمات في الفصل الأول من هذا الباب انظر (ص64) من هذا الكتاب.

                  ([3]) انظر (ص68) من هذا الكتاب. فقد سبق ذكر هذه التنبيهات هنالك.

                  ([4]) هذا الترتيب معروف على ألسنة العلماء وفي كتاباتهم، فيقدمون عند الذكر والتلفظ والكتابة: الكتابَ؛ لأنه كلام الله سبحانه، ثم السنة؛ لأنها كلام رسوله r، ثم الإجماع؛ لأنه دليل نقلي، ثم القياس؛ لكونه دليلاً عقليًا، وهذا ما دلت عليه الآثار الواردة في (191)، تعليق رقم (3) من هذا الكتاب.

                  ([5]) انظر: "الرسالة" (81)، و"الفقيه والمتفقه" (1/219، 2/21)، و"مجموع الفتاوى" (11/339 – 343، 19/202)، و"إعلام الموقعين" (2/248، 1/61 – 66)، و"شرح الكوكب المنير" (4/600).

                  ([6]) تقدم بيان ذلك انظر (ص 191) تعليق رقم (3) من هذا الكتاب.

                  ([7]) تقدم تخريجه في (ص 191) من هذا الكتاب.

                  ([8]) "الرسالة" (599).

                  ([9]) انظر: "مجموع الفتاوى" (19/202). وانظر نص كلام ابن تيمية في (ص260) من هذا الكتاب.

                  تعليق


                  • #10
                    إلى الأخ الذي يحمل معرف أنا السني الشيعي

                    أكتب لنا كيف بدلوا النصارى واليهود ماأنزله الله على الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الأعظم سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله الصلاة والسلام

                    وأرجو أن تضع لنا كيف حرفوا هؤلاء النصارى واليهود كتبهم وماهي الآيات التي تدل على إن اليهود والنصارى حرفوا دينهم؟؟

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة من شك به فقد كفر
                      إلى الأخ الذي يحمل معرف أنا السني الشيعي

                      أكتب لنا كيف بدلوا النصارى واليهود ماأنزله الله على الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الأعظم سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله الصلاة والسلام

                      وأرجو أن تضع لنا كيف حرفوا هؤلاء النصارى واليهود كتبهم وماهي الآيات التي تدل على إن اليهود والنصارى حرفوا دينهم؟؟

                      سأعتبر نفسي لم أر هذا السؤال

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة أنا السني الشيعي


                        سأعتبر نفسي لم أر هذا السؤال


                        لماذا هل هو خوف أم ماذا ؟؟

                        أنا أعرف لماذا تعتبر نفسك لم ترى هذا السؤال
                        لإنك تعرف جيداً بأن النسخ لايجوز بعد إستشهاد رسول الله

                        بل النسخ والتبديل يحتاج إلى نبي مرسل من قبل الله سبحانه
                        ومادام لايوجد نبي بعد خاتم الإنبياء والرسل
                        معناه لايوجد أي شرعية لأي أحد كان أن ينسخ آية من آيات الله التي إكتمل نزولها في عهد النبي

                        وإن سولت نفس أحد أن ينسخ آية بعده
                        فهو يعتبر جريمة تحريف وتبديل ماأنزل على صدر نبينا الأعظم

                        تماماً كما فعل اليهود والنصارى بحجة نسخ قاموا بتحريف ماأُنزل عليهم من آيات وأحكام
                        وإنا لله وإنا إليه راجعون
                        وحسبنا الله ونعم الوكيل

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أنا السني الشيعي
                          المبحث الرابع ترتيب الأدلة
                          والكلام على هذا المبحث في النقاط التالية:
                          1- المراد بترتيب الأدلة: جعل كل دليلٍ في رتبته التي يستحقها بوجهٍ من الوجوه([1]).
                          2- الأدلة الشرعية تنقسم إلى: متفق عليها ومختلف فيها، وإلى قطعية وظنية، وإلى نقلية وعقلية([2]).
                          ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام([3]):
                          أ- أن الأدلة المتفق عليها أربعة، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
                          ب- أن الأدلة المختلف فيها ترجع جميعها إلى الأدلة المتفق عليها من حيث أصلها والدليل على ثبوتها. وبذلك يعلم:
                          جـ- أن الأدلة الشرعية – المتفق عليها والمختلف فيها -ترجع إلى الأدلة الأربعة المتفق عليها.
                          د- أن الأدلة الأربعة ترجع إلى الكتاب والسنة والجميع يرجع إلى الكتاب.
                          هـ- أن الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف، متلازمة لا تفترق؛ إذ الجميع حق، والحق لا يتناقض بل يصدق بعضه بعضًا.
                          3- الأدلة الشرعية من حيث وجوب العمل بها في مرتبة واحدة، إذ الجميع يجب اتباعه والاحتجاج به.
                          4- ترتيب الأدلة من حيث المنزلة والمكانة: الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ثم القياس([4]).
                          5- ترتيب الأدلة من حيث النظر فيها –وهو المقصود بحثه في هذا المقام– على النحو الآتي([5]):
                          الكتاب، ثم السنة، ثم الإجماع، ثم القياس.
                          هذه طريقة السلف، وقد نُقلتْ عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم([6]).
                          والأصل في ذلك حديث معاذ المشهور([7]).
                          وقد فصل الشافعي هذا الترتيب، فقال:
                          "نعم يحُكم بالكتاب.
                          والسنة المجتمع عليها التي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا: حكمنا بالحق في الظاهر والباطن.
                          ويُحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد، لا يجتمع الناس عليها، فنقول: حكمنا بالحق في الظاهر؛ لأنه يمكن الغلط فيمن روى الحديث.
                          ونحكم بالإجماع.
                          ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة؛ لأنه لا يحل القياس والخبر موجود"([8]).
                          وقد قرر ابن تيمية هذا الترتيب وعلله بأن السنة لا تنسخ الكتاب فلا يكون شيءٌ منه منسوخٌ بالسنة، ثم لا يكون في السنة شيءٌ منسوخٌ إلا والسنة نسخته([9]).
                          ويستقيم هذا الترتيب أيضًا على مذهب من جوز نسخ القرآن بالسنة والعكس، فعند هؤلاء يُنظر أولاً في الكتاب ثم في السنة، ولكون الناظر من أهل العلم بالناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، ولكون الكتاب والسنة متلازمين متفقين، فإن النظر في الكتاب أولاً لا يعني إقصاءَ السنة، أو التفريقَ بينها وبين الكتاب.
                          ([1]) انظر: "شرح الكوكب المنير" (4/600).
                          ([2]) تقدم الكلام على كل من هذه التقسيمات في الفصل الأول من هذا الباب انظر (ص64) من هذا الكتاب.
                          ([3]) انظر (ص68) من هذا الكتاب. فقد سبق ذكر هذه التنبيهات هنالك.
                          ([4]) هذا الترتيب معروف على ألسنة العلماء وفي كتاباتهم، فيقدمون عند الذكر والتلفظ والكتابة: الكتابَ؛ لأنه كلام الله سبحانه، ثم السنة؛ لأنها كلام رسوله r، ثم الإجماع؛ لأنه دليل نقلي، ثم القياس؛ لكونه دليلاً عقليًا، وهذا ما دلت عليه الآثار الواردة في (191)، تعليق رقم (3) من هذا الكتاب.
                          ([5]) انظر: "الرسالة" (81)، و"الفقيه والمتفقه" (1/219، 2/21)، و"مجموع الفتاوى" (11/339 – 343، 19/202)، و"إعلام الموقعين" (2/248، 1/61 – 66)، و"شرح الكوكب المنير" (4/600).
                          ([6]) تقدم بيان ذلك انظر (ص 191) تعليق رقم (3) من هذا الكتاب.
                          ([7]) تقدم تخريجه في (ص 191) من هذا الكتاب.
                          ([8]) "الرسالة" (599).
                          ([9]) انظر: "مجموع الفتاوى" (19/202). وانظر نص كلام ابن تيمية في (ص260) من هذا الكتاب.

                          [SIZE=20px]بسم الله الرحمان الرحيم
                          وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِــــــــــــــــــــــــــــــــــــقُونَ.4 9.المائدة.
                          أخي الكريم هداك الله أنا قدمت بحثا للنقاش والنقاش يجب أن يكون في ما قلت لا في ما قيل لأن ما قيل أعتبره تحريفا للشريعة ولقد قرأت كما قرأ الكثير هذا لكنني لا أؤمن يه ولا بالأولين الذين خرج منهم هذا .
                          لأن النسخ وقع في حياة رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام
                          ومحي تماما في حياته ولم يبقى له أثر.وما دام محي لن
                          يطالبنا الله تبارك وتعالى بشيء محاه ولم يقره
                          في كتابه الذي هو حكمه وحجته علينا.
                          والله قد حذر رسوله عليه وآله
                          الصلاة والسلام على أن
                          يفتنه قومه في
                          بعض الذي
                          أنزل
                          عليه.
                          والبعض هو
                          القليل من الشيء.
                          والمنسوخ في نظرهم
                          كثير لا قليل.وقد ذهب بعضهم
                          إلى أن هناك سورا قد نسخت.أو نسخ
                          أغلبها .والحال أن الله قال لبني إسرائيل الذين
                          سبقونا في في الكذب على الله وعلى رسله وآمنوا بما
                          تماشى مع أنفسهم وكفروا بما عارضها. أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.وأكد هنا أن جزاء كل من يفعل هذا خزيا في الحياة الدنيا وأشد العذاب في الآخرة .أم لنا براءة في الزبر .أم الله فضلنا عليهم أباح لنا التخير في ما أنزل.
                          أم لم يحكم آياته فاكتشفنا أنه أخطأ وهو الذي لا يسهى ولا ينسى
                          ولا يخطأ أبدا فسبحان الله عما تفترون وتعالى
                          عما تقولون.وإليك بقية البحث إن كان
                          لك سمعا وبصرا خلقه الله فيك
                          له وليس للهوى فرد على
                          الحجة بالحجة
                          وليـــــــــس
                          بالعناد.
                          سلام

                          [/SIZE]

                          تعليق


                          • #14

                            تعليق


                            • #15
                              [
                              الآية التي قالوا إنها المنسوخـــــــــة.
                              وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.41.الأنعام.
                              هذه الآية جاءت في الفلاحة خاصة.و باختلاف أنواعها لقوله .والنخل والزرع مختلفا أكله.أي كل ما يزرع على الأرض .ولقوله واتوا حقه يوم حصاده يصير ذلك الحق زكاة وليس صدقة.هنا نبه الله إلى الزكاة على الثمار وغيرها من المزروعات.
                              وليس ثمة أي شبه بين الآيتين إطلاقا.
                              الآية التي قالوا أنها الناسخـــــــــــة.
                              إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.60.التوية.
                              الصدقة فريضة خارجة عن الزكاة أمر الله بها المسلمون برا وتطهيرا لأنفسهم و لا يشترط فيها ما يشترط في الزكاة، بل تعطى في أي وقت ولمن شاء المتصدق وبأي طريقة تيسرت والقليل منها أو الكثير.
                              كما أن كل معروف لأي كان وفي أي مكان هو صدقة فالقول الطيب صدقة .وكل عمل يفيد الأرض أو الناس أو أي مخلوق هو صدقة.
                              قال الله العلي العظيم.
                              لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.177.البقرة.
                              فالصدقة بر والبر ما ينفع الناس .وقد أشار الله للصدقة هنا بقوله.
                              (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ) وأشار إلى الزكاة فقال.( وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ)ولو كانت الصدقة زكاة لما ذكرت الزكاة .
                              كما ورد في قوله تبارك وتعالى.
                              خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.103.
                              أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.104.التوبة.
                              وكان رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام يأخذ الصدقات لتكون كما قال الله العلي العظيم في سبيل الله وللفقرأ والمساكين...
                              وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ.58.
                              وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ.59.
                              إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.60.التوبة.
                              وهي كما قال العلي العليم. فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
                              فأي ناسخ وأي منسوخ وكل له غاية مختلفة.
                              الآية التي قالوا أنها منسوخــــــــــــــــــــــــة
                              يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ.1.الأنفال.
                              الآية التي قالوا عنها أنها الناسخـــــــــــــــة.
                              وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.41.الأنفال.
                              الأولى جاءت عامة والثانية مفصلة .لأننا عندما نقول لله وللرسول هي للدولة . والدولة الرسول وآله وهم القربى والجيش الذي يجاهد في سبيل الله واليتامى والمساكين وابن السبيل الذين تتكلف الدولة بهم وهي مسئولة عنهم.خاصة والآيتين في نفس السورة.التي نزلت لتفسير هذا الأمر بالذات.
                              التعديل الأخير تم بواسطة عسكري محمد; الساعة 18-12-2010, 03:34 PM. سبب آخر: عدم ظهور الرد

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 21-02-2015, 05:21 PM
                              ردود 119
                              18,089 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
                              استجابة 1
                              100 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
                              استجابة 1
                              71 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
                              ردود 2
                              153 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 09-01-2023, 12:42 AM
                              استجابة 1
                              160 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X