للرفع
X
-
عرف القارئ الكريم أن المولوية المستعظمة عند العرب
الذين لم يكونوا يتنازلون بالخضوع لكل أحد
ليست هي المحبة والنصرة
ولا شئ من معاني الكلمة
و إنما هي الرياسة الكبرى
التي كانوا يستصعبون حمل نيرها إلا بموجب يخضعهم لها
و هي التي استوضحها أمير المؤمنين عليه السلام للملأ باستفهام فكان من جواب القوم:
أنهم فهموها من نص رسول الله صلى الله عليه وآله.
وهذا المعنى غير خاف حتى على المخدرات في الحجال
عن الزمخشري في ربيع الأبرار
عن الدارمية الحجونية التي سألها معاوية عن سبب حبها لأمير المؤمنين عليه السلام وبغضها له فاحتجت عليه بأشياء
منها:
إن رسول الله عقد له الولاية بمشهد منه يوم غدير خم، وأسند بغضها له إلى أنه قاتل من هو أولى بالأمر منه وطلب ما ليس له.
ولم ينكره عليها معاوية.
وقبل هذه كلها مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام واحتجاجه به يوم الرحبة
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
* (مفعل بمعنى أفعل) *
أما إن لفظ مولى يراد به لغة الأولى،
أو إنه أحد معانيه،
فناهيك من البرهنة
عليه ما مجده في كلمات المفسرين
والمحدثين من تفسير قوله تعالى في سورة الحديد:
فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار
هي مولاكم و بئس المصير.
فمنهم من حصر التفسير بأنها أولى بكم،
ومنهم من جعله أحد المعاني في الآية
، فمن الفريق الأول:
1 - ابن عباس في تفسيره من تفسير الفيروز آبادي ص 342.
2 - الكلبي حكاه عنه الفخر الرازي في تفسيره 8 ص 93.
3 - الفراء يحيى بن زياد الكوفي النحوي المتوفى 207، حكاه عنه الفخر الرازي في تفسيره 8 ص 93.
4 - أبو عبيدة معمر بن مثنى البصري المتوفى 210، ذكره عنه الرازي في تفسيره 8 ص 93 وذكره استشهاده ببيت لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها
وذكره عنه شيخنا المفيد في رسالته في معنى المولى
، والشريف المرتضى في الشافي من كتابه "
غريب القرآن " وذكر استشهاده ببيت لبيد، واحتج الشريف الجرجاني في " شرح المواقف " 3 ص
271 بنقل ذلك عنه ردا على الماتن.
5 - الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة النحوي المتوفى 215،
نقله عنه الفخر الرازي في " نهاية العقول "
وذكر استشهاده ببيت لبيد.
6 - أبو زيد سعد بن أوس اللغوي البصري المتوفى 215،
حكاه عنه صاحب " الجواهر العبقرية ".
7 - البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المتوفى 215
، قاله في صحيحه 7 ص 240.
8 - ابن قتيبة المتوفى 276 (المترجم ص 96) قاله في " القرطين " 2 ص 164 واستشهد ببيت لبيد.
9 - أبو العباس ثعلب أحمد بن النحوي الشيباني المتوفى 291،
قال القاضي الزوزني حسين بن أحمد المتوفى 486 في شرح السبع المعلقة في بيت لبيد المذكور
قال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشئ كقوله: مأويكم النار هي موليكم. أي هي أولى بكم.
10 - أبو جعفر الطبري المتوفى 310،
ذكره في تفسيره 9 ص 117.
11 - أبو بكر الأنباري محمد بن القاسم اللغوي النحوي المتوفى 328، قاله في تفسيره - مشكل القرآن
- نقله عنه الشريف المرتضى في الشافي وذكر استشهاده ببيت لبيد، وابن بطريق في " العمدة " ص 55.
12 - أبو الحسن الرماني علي بن عيسى المشهور بالوراق النحوي المتوفى 384 / 82،
ذكره عنه الفخر الرازي في " نهاية العقول ".
13 - أبو الحسن الواحدي المتوفى 468 (المترجم ص 111)
ففي الوسيط:
مأويكم النار هي مولاكم.
هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، والمعنى:
إنها هي التي تلي عليكم لأنها
قد ملكت أمركم فهي أولى بكم من كل شئ.
14 - أبو الفرج ابن الجوزي المتوفى 597 (المترجم ص 117) نقله في تفسيره
" زاد المسير " عن أبي عبيدة مرتضيا له.
15 - أبو سالم محمد بن طلحة الشافعي المتوفى
652، قاله في " مطالب السئول " ص 16.
16 - شمس الدين سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654،
قاله في " التذكرة " ص 19.
17 - محمد بن أبي بكر الرازي، صاحب " مختار الصحاح "
قال في " غريب القرآن " (فرغ منه 668)
: المولى: الذي هو أولى بالشئ ومنه قوله
: مأويكم النار هي مولاكم، أي هي أولى بكم،
والمولى في اللغة على ثمانية أوجه (وعد منها).
الأولى بالشئ.
18 - التفتازاني المتوفى 791، ذكره في " شرح المقاصد " ص 288 نقلا عن أبي عبيدة.
19 - ابن الصباغ المالكي المتوفى 855
(المترجم ص 131) عد في " الفصول المهمة "
ص 28
، الأولى بالشئ من معاني المولى المستعملة في الكتاب العزيز.
20 - جلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي المتوفى 854،
في تفسير الجلالين.
21 - جلال الدين أحمد الخجندي، ففي -
توضيح الدلايل على ترجيح الفضايل - عنه أنه قال:
المولى يطلق على معان،
ومنها: الأولى في قوله تعالى: هي مولاكم. أي أولى بكم.
22 - علاء الدين القوشجي المتوفى 879، ذكره في شرح التجريد.
23 - شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي الحنفي المتوفى 1069، قاله في حاشية تفسير البيضاوي مستشهدا ببيت لبيد.
24 - السيد الأمير محمد الصنعاني، قاله في
" الروضة الندية " نقلا عن الفقيه حميد المحلي.
25 - السيد عثمان الحنفي المكي المتوفى 1268،
قاله في " تاج التفاسير " 2 ص 196.
26 - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالكي المتوفى 1303، قال في " النور الساري " -
هامش صحيح البخاري - 7 ص 240
: هي مولاكم: أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم.
17 - السيد محمد مؤمن الشبلنجي،
ذكره في " نور الأبصار " ص 78.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
* (نظرة في معاني المولى) *
ذكر علماء اللغة من معاني المولى
السيد غير المالك والمعتق كما ذكروا من معاني الولي الأمير والسلطان
مع إطباقهم على اتحاد معنى الولي والمولى:
وكل من المعنيين لا يبارح معنى الأولوية بالأمر
، فالأمير أولى من الرعية
في تخطيط الأنظمة الراجعة إلى جامعتهم،
وبإجراء الطقوس المتكفلة لتهذيب أفرادهم
، وكبح عادية كل منهم عن الآخر،
وكذلك السيد أولى ممن يسوده بالتصرف في شؤونهم،
وتختلف دائرة هذين الوصفين سعتا وضيقا
باختلاف مقادير الأمارة والسيادة
فهي في والي المدينة أوسع منها في رؤساء الدواوين،
وأوسع من ذلك في ولاة الأقطار،
و يفوق الجميع ما في الملوك والسلاطين،
ومنتهى السعة في نبي مبعوث على العالم كله
وخليفة يخلفه على ما جاء به من نواميس وطقوس.
ونحن إذا غاضينا القوم على مجيئ الأولى بالشئ
من معاني المولى فلا نغاضيهم
علي مجيئه بهذين المعنيين،
وإنه لا ينطبق في الحديث إلا على أرقي المعاني.
أو أوسع الدوائر
، بعد أن علمنا أن شيئا من معاني المولى المنتهية
إلى سبعة وعشرين معنى
لا يمكن إرادته في الحديث إلا ما يطابقهما من المعاني ألا؟
وهي:
1 - الرب2 - العم3 - ابن العم4 - الابن
5 - ابن الأخت6 - المعتق7 - المعتق
8 - العبد9 - المالك(*)10 - التابع11
- المنعم عليه12 - الشريك13 - الحليف14
- الصاحب15 - الجار
16 - النزيل17 - الصهر18
- القريب19 - المنعم20 - الفقيد21
- الولي22 - الأولى بالشئ23
- السيد غير المالك والمعتق24
- المحب25 - الناصر26 - المتصرف في الأمر
27
- المتولي في الأمر
فالمعنى الأولى يلزم من إرادته الكفر
إذ لا رب للعالمين سوى الله.
وأما الثاني والثالث إلى الرابع عشر فيلزم من إرادة شئ منها في الحديث الكذب
، فإن النبي عم أولاد أخيه إن كان له أخ وأمير المؤمنين ابن عم أبيهم.
وهو صلى الله عليه وآله ابن عبد الله وأمير المؤمنين ابن أخيه أبي طالب،
ومن الواضح اختلاف أمهما في النسب فخؤلة كل منهما غير خؤلة الآخر،
فليس هو عليه السلام بابن أخت لمن صلى الله عليه وآله
ابن أخته
. وأنت جد عليم بأن من أعتقه رسول الله لم يعتقه أمير المؤمنين مرة أخرى،
وإن كلا منهما سيد الأحرار من الأولين والآخرين،
فلم يكونا معتقين لأي ابن أنثى
واعطف عليه العبد في السخافة والشناعة.
ومن المعلوم أن الوصي صلوات الله عليه لم يملك مماليك رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يمكن إرادة المالك منه.
ولم يكن النبي تابعا لأي أحد غير مرسله جلت عظمته،
فلا معنى لهتافه بين الملأ
بأن من هو تابعه فعلي تابع له.
ولم يكن على رسول الله لأي أحد من نعمة بل له المنن
والنعم على الناس أجمعين فلا يستقيم المعنى بإرادة المنعم عليه.
وما كان النبي صلى الله عليه وآله
يشارك أحدا في تجارة أو غيرها
حتى يكون وصيه مشاركا له أيضا،
على أنه معدود من التافهات إن تحققت هناك شراكة
، وتجارته لأم المؤمنين خديجة قبل البعثة
كانت عملا لها لا شراكة معها،
ولو سلمناها فالوصي سلام الله عليه
لم يكن معه في سفره ولا له دخل في تجارته.
ولم يكن نبي العظمة محالفا لأحد ليعتز به
، وإنما العزة لله ولرسوله و للمؤمنين
، وقد اعتز به المسلمون أجمع، إذن فكيف يمكن قصده في المقام؟ وعلى فرض ثبوته فلا ملازمة بينهما.
التعديل الأخير تم بواسطة الاميني; الساعة 22-05-2011, 09:27 PM.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
وأما الصاحب والجار والنزيل والصهر والقريب
سواء أريد منه قربى الرحم أو قرب المكان
فلا يمكن إرادة شئ من هذه المعاني لسخافتها
لا سيما في ذلك المحتشد الرهيب
: في أثناء المسير، ورمضاء الهجير،
وقد أمر صلى الله عليه وآله بحبس المقدم في السير،
ومنع التالي منه في محل ليس بمنزل له،
غير أن الوحي الإلهي المشفوع بما يشبه التهديد
إن لم يبلغ حبسه هنالك
، فيكون صلى الله عليه وآله قد عقد هذا المحتفل
والناس قد أنهكهم وعثاء السفر
، وحر الهجير
، وحراجة الموقف حتى أن أحدهم ليضع ردائه تحت قدميه،
فيرقي هنالك منبر الأهداج،
ويعلمهم عن الله تعالى أن نفسه نعيت إليه،
وهو مهتم بتبليغ أمر يخاف
فوات وقته بانتهاء أيامه،
وأن له الأهمية الكبرى في الدين والدنيا
فيخبرهم عن ربه بأمور ليس للإشادة بها أي قيمة
وهي
: أن من كان هو صلى الله عليه وآله مصطحبا
أو جارا أو مصاهرا له أو نزيلا عنده أو قريبا منه بأي المعنيين فعلي كذلك.
لاها الله لا نحتمل هذا في أحد من أهل الحلوم الخائرة،
والعقليات الضعيفة،
فضلا عن العقل الأول، والانسان الكامل نبي الحكمة،
وخطيب البلاغة،
فمن الإفك الشائن أن يعزى إلى نبي الاسلام إرادة شئ منها،
وعلى تقدير إرادة شئ منها
فأي فضيلة فيها لأمير المؤمنين عليه السلام حتى يبخبخ ويهنأ بها، ويفضلها سعد ابن أبي وقاص في حديثه
على حمر النعم لو كانت،
أو تكون أحب إليه من الدنيا وما فيها،
عمر فيها مثل عمر نوح
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
وقد ذكر بعضهم أن النكتة في ورود اللفظ بصيغة الجمع هي لبيان أن مثل هذه المقامات العالية لا يمكن الحصول عليها إلا بالمجاهدة والإخلاص في العمل أو للترغيب في مثل هذا العمل ولعلنا نستقرب نكتة أخرى وهي إدخال بقية الأئمة (عليهم السلام) في الآية كما ورد في بعض الروايات من أنهم كلهم تصدقوا في أثناء الصلاة ويكون النص عليهم هنا أيضاً مقيداً للإطلاق في الآية بهم (عليهم السلام)، فالإطلاق الشامل للبعض وهو المؤمنين المتصدقين ورد في القرآن وتقيده لبيان الأشخاص المستحقين للولاية يكون من السنة. فتأمل.
علك تتحفنا بهذه الروايات ؟
وما تصديق علمائكم بها ؟
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
وأما المنعم:
فلا ملازمة في أن يكون كل من أنعم
عليه رسول الله صلى الله عليه وآله يكون أمير المؤمنين عليه السلام منعما عليه أيضا بل من الضروري خلافه
، إلا أن يراد أن من كان النبي صلى الله عليه وآله
منعما عليه بالدين والهدى والتهذيب
و الارشاد والعزة في الدنيا والنجاة في الآخرة
فعلي عليه السلام منعم عليه بذلك كله لأنه القائم مقامه،
والصادع عنه، وحافظ شرعه، ومبلغ دينه،
ولذلك أكمل الله به الدين، وأتم النعمة بذلك الهتاف المبين
، فهو حينئذ لا يبارح معنى الإمامة الذي نتحراه،
ويساوق المعاني التي نحاول إثباتها فحسب.
وأما العقيد:
فلا بد أن يراد به المعاقدة والمعاهدة
مع بعض القبايل للمهادنة أو النصرة
فلا معنى لكون أمير المؤمنين عليه السلام كذلك
إلا أنه تبع له في كل أفعاله وتروكه
، فيساوقه حينئذ المسلمون أجمع،
ولا معنى لتخصيصه بالذكر مع ذلك الاهتمام الموصوف،
إلا أن يراد أن لعلي عليه السلام
دخلا في تلك المعاهدات التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله لتنظيم السلطنة الإسلامية،
وكلائة الدولة عن الملاشات
الصفحة 26
بالقلاقل والحرج،
فله التدخل فيها كنفسه صلى الله عليه وآله،
وإن أمكن إرادة معاقدة الأوصاف والفضايل كما يقال:
عقيد الكرم، وعقيد الفضل،
أي: كريم وفاضل. ولو بتمحل لا يقبله الذوق العربي
، فيقصد أن من كنت عقيد الفضايل عنده فليعتقد في علي مثله، فهو والحالة هذه مقارب لما نرتأيه من المعنى،
وأقرب المعاني أن يراد به العهود التي
عاهدها صلى الله عليه وآله مع من بايعه من المسلمين
على اعتناق دينه، والسعي وراء صالحه،
والذب عنه،
فلا مانع أن يراد من اللفظ والحالة هذه فإنه عبارة أخرى
لأن يقول: إنه خليفتي والإمام من بعدي
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
* (المحب والناصر) *
على فرض إرادة هذين المعنيين لا يخلو
إما أن يراد بالكلام حث الناس على محبته ونصرته
بما أنه من المؤمنين به والذابين عنه.
أو أمره عليه السلام بمحبتهم ونصرتهم وعلى كل فالجملة
إما إخبارية أو إنشائية.
فالاحتمال الأول
وهو الإخبار بوجوب حبه على المؤمنين فمما لا طايل تحته،
وليس بأمر مجهول عندهم لم يسبقه التبليغ
حتى يأمر به في تلك الساعة ويناط التواني عنه
بعدم تبليغ شيئ من الرسالة كما في نص الذكر الحكيم
، فيحبس له الجماهير، و يعقد له ذلك المنتدى الرهيب،
في موقف حرج لا قرار به،
ثم يكمل به الدين، وتتم به النعمة، ويرضي الرب
، كأنه قد أتى بشئ جديد،
وشرع ما لم يكن وما لا يعلمه المسلمون
، ثم يهنأه من هنأه بأصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة،
مؤذنا بحدوث أمر عظيم فيه لم يعلمه القائل قبل ذلك الحين،
كيف؟
وهم يتلون في آناء الليل وأطراف النهار قوله سبحانه
: والمؤمنون بعضهم أولياء بعض
. وقوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة.
مشعرا بلزوم التوادد بينهم كما يكون بين الأخوين
، نجل نبينا الأعظم عن تبليغ تافه مثله،
ونقدس إلهنا الحكيم عن عبث يشبهه.
والثاني: وهو إنشاء وجوب حبه ونصرته بقوله ذلك،
وهو لا يقل عن المحتمل الأول في التفاهة،
فإنه لم يكن هناك أمر لم ينشأ
وحكم لم يشرع حتى يحتاج إلى بيانه الانشائي كما عرفت،
على أن حق المقام على هذين الوجهين
أن يقول صلى الله عليه
وآله: من كان مولاي فهو مولى علي أي محبه وناصره،
فهذان الاحتمالان خارجان عن مفاد اللفظ،
ولعل سبط ابن الجوزي نظر إلى هذا المعنى
وقال في تذكرته ص 19: لم يجز حمل لفظ المولى في هذا الحديث على الناصر. وسيأتي لفظه بتمامه.
على أن وجوب المحبة والمناصرة على هذين الوجهين
غير مختص بأمير المؤمنين عليه السلام
وإنما هو شرع سواء بين المسلمين أجمع
، فما وجه تخصيصه به والاهتمام بأمره؟
وإن أريد محبة أو نصرة مخصوصة له تربو عن درجة الرعية كوجوب المتابعة، وامتثال الأوامر،
والتسليم له، فهو معنى الحجية والإمامة،
لا سيما بعد مقارنتها بما هو مثلها في النبي صلى الله عليه وآله بقوله: من كنت مولاه، والتفكيك بينهما في سياق
واحد إبطال للكلام.
والثالث: وهو إخباره بوجوب حبهم أو نصرتهم عليه،
فكان الواجب عندئذ إخباره صلى الله عليه وآله عليا
والتأكيد عليه بذلك لا إلقاء القول به على السامعين
، وكذلك إنشاء الوجوب عليه
وهو المحتمل الرابع،
فكان صلى الله عليه وآله في غنى عن
ذلك الاهتمام وإلقاء الخطبة واستسماع الناس والمناشدة في التبليغ، إلا أن يريد جلب عواطف الملأ
وتشديد حبهم له عليه السلام إذا علموا أنه محبهم أو ناصرهم ليتبعوه، ولا يخالفوا له أمرا
، ولا يردوا له قولا.
وبتصديره صلى الله عليه وآله الكلام بقوله:
من كنت مولاه.
نعلم أنه على هذا التقدير لا يريد من المحبة أو النصرة إلا ما هو على الحد الذي فيه صلى الله عليه وآله منهما،
فإن حبه ونصرته لأمته ليس كمثلهما في أفراد المؤمنين،
وإنما هو صلى الله عليه آله يحب أمته فينصرهم بما أنه زعيم دينهم ودنياهم،
ومالك أمرهم وكالئ حوزتهم،
وحافظ كيانهم، وأولى بهم من أنفسهم،
فإنه لو لم يفعل بهم ذلك لأجفلتهم الذئاب العادية
، وانتأشتهم الوحوش الكواسر، ومدت إليه الأيدي من كل صوب وحدب، فمن غارات تشن، وأموال تباح، ونفوس تزهق،
وحرمات تهتك، فينتقض غرض المولى من بث الدعوة،
وبسط أديم الدين، ورفع كلمة الله العليا،
بتفرق هاتيك الجامعة
، فمن كان في المحبة
والنصرة على هذا الحد فهو خليفة الله في أرضه،
وخليفة رسوله،
والمعنى على هذا الفرض لا يحتمل غير ما قلناه.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
سأقوم بتلوينه بثلاث ألوان وأرقام لكي نعمل مقارنة بين الآية وبين الحديث :
لنشاهد الآية الكريمة :
إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ
1) اللَّهُ
2) وَرَسُولُهُ
3) وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
والآن لنشاهد الحديث النبوي الشريف أيضاً سأقوم بتلوينه بثلاث ألوان وأرقام :
1) إن الله عز وجل مولاي
2) وأنا ولي كل مؤمن
3) ثم أخذ بيد علي فقال من كنت وليه فهذا وليه
وهذا هو الحديث الذي يشبه الآية تماماً وهو تفسير الآية الكريمة أعلاه من كتب اهل السنة والجماعة :
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
(المعاني التي يمكن إرادتها من الحديث) *
لم يبق من المعاني إلا الولي. والأولى بالشئ.
والسيد غير قسيميه
: المالك والمعتق
. والمتصرف في الأمر ومتوليه.
أما الولي فيجب أن يراد منه خصوص ما يراد في الأولى لعدم صحة بقية المعاني كما عرفناكه،
وأما السيد
بالمعنى المذكور فلا يبارح معنى الأولى بالشئ
لأنه المتقدم على غيره لا سيما في كلمة
يصف بها النبي صلى الله عليه وآله نفسه
ثم ابن عمه على حذو ذلك، فمن المستحيل
حمله على سيادة حصل عليها السايد بالتغلب والظلم،
وإنما هي سيادة دينية عامة يجب إتباعها على المسودين
أجمع.
وكذلك المتصرف في الأمر،
ذكره الرازي في تفسيره 6 ص 210
عن القفال عند قوله تعالى: واعتصموا بالله هو مولاكم " الحج "
فقال: قال القفال:
هو مولاكم سيدكم والمتصرف فيكم،
وذكرهما سعيد الچلبي مفتي الروم،
وشهاب الدين أحمد الخفاجي في تعليقيهما على البيضاوي،
وعده في الصواعق ص 25 من معانيه الحقيقية
، وحذا حذوه كمال الدين الجهرمي في ترجمة الصواعق،
ومحمد بن عبد الرسول البرزنجي في النواقض،
والشيخ عبد الحق في لمعاته،
فلا يمكن في المقام إلا أن يراد به المتصرف
الذي قيضه الله سبحانه لأن يتبع فيحدو البشر
إلى سنن النجاح فهو أولى من غيره بأنحاء التصرف في الجامعة الانسانية،
فليس هو إلا نبي مبعوث أو إمام مفترض الطاعة منصوص به من قبله بأمر إلهي لا يبارحه في أقواله
وأفعاله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وكذلك متولي الأمر الذي عده من
معاني المولى أبو العباس المبرد،
قال في قوله:
إن الله مولى الذين آمنوا: والولي والمولى معناهما سواء، وهو الحقيق بخلقه المتولي لأمورهم
وأبو الحسن الواحدي في تفسيره الوسيط،
والقرطبي في تفسيره 4 ص
232 في قوله تعالى في آل عمران:
بل الله مولاكم.
وابن الأثير في النهاية 4 ص 246
، والزبيدي في تاج العروس 10 ص 398،
وابن منظور في لسان العرب
وقالوا: ومنه الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل وفي رواية: وليها.
أي متولي أمرها، والبيضاوي في تفسير قوله تعالى
: ما كتب لنا هو مولانا (التوبة) في تفسيره 1 ص 505،
وفي قوله تعالى: واعتصموا بالله هو مولاكم (الحج)
وفي قوله تعالى:
والله مولاكم " التحريم " 2 ص 530، و أبو السعود العمادي في تفسير قوله تعالى: والله مولاكم " التحريم
" (هامش تفسير الرازي) ج 8 ص 183،
وفي قوله تعالى: هي مولاكم. والراغب في المفردات
، وعن أحمد بن الحسن الزاهد، الدرواجكي في تفسيره:
المولى في اللغة من يتولى مصالحك فهو مولاك يلي القيام بأمورك وينصرك على أعدائك،
ولهذا سمي ابن العم والمعتق مولى ثم صار إسما لمن لزم الشئ، والزمخشري في " الكشاف "
وأبو العباس أحمد بن يوسف الشيباني الكواشي
المتوفى سنة 680 في تلخيصه
، والنسفي في تفسير قوله تعالى: أنت مولانا، والنيسابوري في " غرائب القرآن " في قوله تعالى: أنت مولانا.
و قوله تعالى: فاعلموا أن الله مولاكم.
وقوله تعالى: هي مولاكم.
وقال القسطلاني في حديث مر عن البخاري ومسلم في قوله صلى الله عليه وآله: أنا مولاه، أي:
ولي الميت أتولي عنه أموره، والسيوطي في تفسير الجلالين في قوله تعالى: أنت مولانا. وقوله:
فاعلموا أن الله مولاكم. وقوله:
لن تصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا. فهذا المعنى لا يبارح أيضا معنى الأولى لا سيما بمعناه الذي يصف به صاحب الرسالة صلى الله عليه و آله نفسه على تقدير إرادته.
على أن الذي نرتأيه في خصوص المقام بعد الخوض في غمار اللغة، ومجاميع الأدب، وجوامع العربية،
إن الحقيقة من معاني المولى ليس إلا الأولى بالشئ،
وهو الجامع لهاتيك المعاني جمعاء،
ومأخوذ في كل منها بنوع من العناية،
ولم يطلق لفظ المولى على شئ منها إلا بمناسبة هذا المعنى.
1 - فالرب سبحانه هو أولى بخلقه من أي قاهر عليهم خلق العالمين كما شائت حكمته ويتصرف بمشيئته.
2 - والعم أولى الناس بكلائة ابن أخيه والحنان عليه
وهو القائم مقام والده الذي كان أولى به.
وابن العم أولى بالاتحاد والمعاضدة مع ابن عمه
لأنهما غصنا شجرة واحدة.
4 - والابن أولى الناس بالطاعة لأبيه
والخضوع له قال الله تعالى:
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة.
5 - وابن الأخت أيضا أولى الناس بالخضوع لخاله
الذي هو شقيق أمه.
6 - والمعتق بالكسر أولى بالتفضل على من أعتقه من غيره.
7 - والمعتق بالفتح أولى بأن يعرف جميل
من أعتقه عليه ويشكره بالخضوع بالطاعة.
8 - والعبد أيضا أولى بالانقياد لمولاه من غيره
وهو واجبه الذي نيطت سعادته به.
9 - والمالك أولى بكلائة مماليكه وأمرهم
والتصرف فيهم بما دون حد الظلم.
10 - والتابع أولى بمناصرة متبوعه ممن لا يتبعه.
11 - والمنعم عليه أولى بشكر منعمه من غيره.
12 - والشريك أولى برعاية حقوق الشركة
وحفظ صاحبه عن الأضرار.
13 - والأمر في الحليف واضح، فهو أولى بالنهوض
بحفظ من حالفه ودفع عادية الجور عنه.
14 - وكذلك الصاحب أولى
بأن يأدي حقوق الصحبة من غيره.
15 - كما أن الجار أولى بالقيام بحفظ حقوق
الجوار كلها من البعداء.
16 - ومثلها النزيل فهو أولى بتقدير من آوى إليهم
ولجأ إلى ساحتهم وأمن في جوارهم.
17 - والصهر أولى بأن يرعي حقوق من صاهره فشد بهم أزره، وقوي أمره، وفي الحديث الآباء ثلاثة: أب ولدك.
وأب زوجك. وأب علمك.
18 - واعطف عليها القريب الذي هو أولى بأمر
القريبين منه والدفاع عنهم و السعي وراء صالحهم.
19 - والمنعم أولى بالفضل على من أنعم عليه، وأن يتبع الحسنة بالحسنة
20 - والعقيد كالحليف في أولوية المناصرة له مع عاقده،
ومثلهما:
21 - المحب
و 22 الناصر،
فإن كلا منهما أولى بالدفاع عمن أحبه أو إلتزم
بنصرته.
وقد عرفت الحال في الولي
23 - والسيد
24 - والمتصرف في الأمر
25 - والمتولي له
.إذن فليس للمولى إلا معنى واحد وهو الأولى بالشئ
وتختلف هذه الأولوية بحسب الاستعمال في كل من موارده، فالاشتراك معنوي
وهو أولى من الاشتراك اللفظي المستدعي لأوضاع كثيرة غير معلومة بنص ثابت والمنفية بالأصل المحكم،
.
ويكشف عن كون المعنى المقصود (الأولى) هو المتبادر من المولى إذا أطلق كما يأتي بيانه عن بعض في الكلمات حول المفاد
ما رواه مسلم بإسناده في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقل العبد لسيده مولاي
. وزاد في حديث أبي معاوية:
فإن مولاكم الله.
وأخرجه غير واحد من أئمة الحديث في تآليفهم.التعديل الأخير تم بواسطة السيد الاميني; الساعة 12-06-2011, 08:48 AM.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
* (القرائن المعينة) *
متصلة ومنفصلة
إلى هنا لم يبق للباحث ملتحد عن البخوع لمجئ المولى بمعنى الأولى بالشئ، وإن تنازلنا إلى أنه أحد معاينه
وأنه من المشترك اللفظي،
فإن للحديث قرائن متصلة وأخرى منفصلة تنفي إرادة غيره. فإليك البيان:
* (القرينة الأولى) *:
مقدمة الحديث وهي قوله صلى الله عليه وآله:
ألست أولى بكم من أنفسكم. أوما يؤدي مؤداه من ألفاظ متقاربة،
ثم فرع على ذلك قوله:
فمن كنت مولاه فعلي مولاه.
وقد رواها الكثيرون من علماء الفريقين فمن حفاظ أهل السنة وأئمتهم.
1 - أحمد بن حنبل2 - ابن ماجة3 - النسائي4 - الشيباني
5 - أبو يعلى6 - الطبري7 - الترمذي8 - الطحاوي
9 - ابن عقدة10 - العنبري11 - أبو حاتم12
- الطبراني13 - القطيعي14 - ابن بطة15 - الدار قطني16 - الذهبي17 - الحاكم18 - الثعلبي19 - أبو نعيم
20 - ابن السمان21 - البيهقي22 - الخطيب
23 - السجستاني24 - ابن المغازلي25 - الحسكان
ي26 - العاصمي27 - الخلعي28 - السمعاني
29 - الخوارزمي30 - البيضاوي31
- الملا32 - ابن عساكر33 - أبو موسى34
- أبو الفرج35 - ابن الأثير36 - ضياء الدين
37 - قزأوغلي38 - الكنجي39 - التفتازاني
40 - محب الدين41 - الوصابي42
- الحمويني43 - الأيجي44
- ولي الدين45 - الزرندي46 - ابن كثير
47 - الشريف48 - شهاب الدين49 - الجزري
50 - المقريزي51 - ابن الصباغ52
- الهيثمي53 - الميبدي54 - ابن حجر55
- أصيل الدين56 - السمهودي57 - كمال الدين
58 - البدخشي59 - الشيخاني
60 - السيوطي61 - الحلبي62 - ابن باكثير
63 - السهارنپوري64 - ابن حجر المكي.
وهناك جمع آخرون من رواتها لا يستهان بعدتهم لا نطيل بذكرهم المقال،
أضف إلى ذلك من رواها من علماء الشيعة الذين
لا يحصى عددهم.
فهذه المقدمة من الصحيح الثابت الذي
لا محيد عن الاعتراف به كما صرح بذلك غير
واحد من الأعلام المذكورين
فلو كان صلى الله عليه وآله يريد في كلامه غير المعنى
الذي صرح به في المقدمة لعاد لفظه
(ونجله عن كل سقطة) محلول العرى
، مختزلا بعضه عن بعض، وكان في معزل عن البلاغة
وهو أفصح البلغاء، وأبلغ من نطق بالضاد
، فلا مساغ في الاذعان بارتباط أجزاء كلامه
، وهو الحق في كل قول يلفظه عن وحي يوحى،
إلا أن نقول باتحاد المعنى في المقدمة وذيها.
ويزيدك وضوحا وبيانا ما في " التذكرة
" لسبط ابن الجوزي الحنفي ص 20
فإنه بعد عد معان عشرة للمولى وجعل عاشرها الأولى
قال:
والمراد من الحديث:
الطاعة المخصوصة، فتعين الوجه العاشر
وهو الأولى ومعناه: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به،
وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين
فإنه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه:
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه.
فعلم أن جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر،
ودل عليه أيضا قوله عليه السلام:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم
. وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته.
ا هـ. ونص ابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 16 على ذهاب طايفة إلى حمل اللفظ في الحديث على الأولى.
وسيوافيك نظير هذه الجمل في محله إنشاء الله تعالى.التعديل الأخير تم بواسطة السيد الاميني; الساعة 15-06-2011, 03:26 PM.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
* (القرينة الثانية) *:
ذيل الحديث وهو قوله صلى الله عليه وآله:
أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. في جملة من طرقه
بزيادة قوله: وانصر من نصره،
واخذل من خذله. أو ما يؤدي مؤداه
وفي وسع الباحث أن يقرب كونه قرينة للمدعى بوجوه لا تلتأم إلا مع معنى الأولوية الملازمة للإمامة.
((أحدها)):
أنه صلى الله عليه وآله لما صدع بما خول الله سبحانه وصيه من المقام المشامخ بالرياسة العامة على الأمة جمعاء
، والإمامة المطلقة من بعده، كان يعلم بطبع الحال
أن تمام هذا الأمر بتوفر الجنود والأعوان
وطاعة أصحاب الولايات والعمال مع علمه
بأن في الملأ من يحسده كما ورد في الكتاب العزيز
وفيهم من يحقده،
وفي زمر المنافقين من يضمر له العداء لأوتار جاهلية،
وستكون من بعده هناة تجلبها النهمة
والشره من أرباب المطامع لطلب الولايات والتفضيل في العطاء،
ولا يدع الحق عليا عليه السلام
أن يسعفهم بمبتغاهم لعدم الحنكة والجدارة فيهم فيقلبون
عليه ظهر المجن،
وقد أخبر صلى الله عليه وآله مجمل الحال بقوله: إن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا
. وفي لفظ إن تستخلفوا عليا
وما أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا
فطفق صلى الله عليه وآله يدعو لمن والاه ونصره،
وعلى من عاداه وخذله ليتم له أمر الخلافة،
وليعلم الناس أن موالاته مجلبة لموالاة الله سبحانه،
وأن عداؤه وخذلانه مدعاة لغضب الله وسخطه،
فيزدلف إلى الحق وأهله،
ومثل هذا الدعاء بلفظ العام لا يكون إلا فيمن هذا شأنه،
ولذلك إن أفراد المؤمنين الذين أوجب الله محبة بعضهم لبعض
لم يؤثر فيهم هذا القول
، فإن منافرة بعضهم لبعض جزؤيات لا يبلغ هذا المبلغ،
وإنما يحصل مثله فيما إذا كان المدعو له دعامة الدين،
وعلم الاسلام، وإمام الأمة،
وبالتثبط عنه يكون فت في عضد الحق وانحلال لعرى الاسلام.
((ثانيها)):
إن هذا الدعاء بعمومه الأفرادي بالموصول،
والأزماني،
والأحوالي بحذف المتعلق تدل على عصمة الإمام عليه السلام لإفادته وجوب موالاته ونصرته.
الانحياز عن العداء له وخذلانه على كل أحد في كل
حين وعلى كل حال، وذلك يوجب
أن يكون عليه السلام في كل تلك الأحوال
على صفة لا تصدر منه معصية،
ولا يقول إلا الحق، ولا يعمل إلا به،
ولا يكون إلا معه، لأنه لو صدر منه شئ من
المعصية لوجب الانكار عليه ونصب العداء له لعمله المنكر
والتخذيل عنه
، فحيث لم يستثن صلى الله عليه وآله
من لفظ العام شيئا من أطواره وأزمانه علمنا
أنه لم يكن عليه السلام في كل تلك المدد والأطوار إلا على الصفة التي ذكرناها،وصاحب هذه الصفة يجب
أن يكون إماما لقبح أن يأمه من هو دونه على ما هو
المقرر في محله
، وإذا كان إماما فهو أولى الناس منهم بأنفسهم.
((ثالثها)):
إن الأنسب بهذا الدعاء الذي ذيل صلى الله عليه وآله به كلامه،
و لا بد أنه مرتبط بما قبله أن يكون
غرضه صلى الله عليه وآله بيان
تكليف على الحاضرين من فرض الطاعة ووجوب الموالاة
، فيكون في الدعاء ترغيب لهم على الطاعة والخضوع له،
وتحذير عن المترد والجموح تجاه أمره،
وذلك لا يكون إلا إذا نزلنا المولى بمعنى الأولى،
بخلاف ما إذا كان المراد به المحب أو الناصر
فإنه حينئذ لم يعلم إلا أن عليا عليه السلام محب من يحبه
رسول الله صلى الله عليه وآله أو ينصر من ينصره،
فيناسب إذن أن يكون الدعاء له إن قام بالمحبة
أو النصرة لا للناس عامة إن نهضوا بموالاته،
وعليهم إن تظاهروا بنصب العداء له،
إلا أن يكون الغرض بذلك تؤكيد الصلاة الودية بينه
وبين الأمة إذا علموا أنه يحب
وينصر كل فرد منهم في كل حال
وفي كل زمان كما أن النبي صلى الله عليه وآله كذلك فهو يخلفه عليهما، وبذلك يكون لهم منجاة من كل هلكة،
ومأوى من كل خوف، وملجأ من كل ضعة،
شأن الملوك ورعاياهم، والأمراء والسوقة،
فإنهما في النبي صلى الله عليه وآله على هذه الصفة،
فلا بد أن يكونا فيمن يحذو حذوه أيضا كذلك
وإلا لاختل سياق الكلام
، فالمعنى على ما وصفناه بعد المماشات مع القوم متحد مع معنى الإمامة، و مؤد مفاد الأولى.
وللحديث ألفاظ أثبتها حفاظ الحديث متصلة
به في مختلف تخريجاتهم لا تلتئم
إلا مع المعنى الذي حاولنا من المولى.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
|
استجابة 1
11 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
02-05-2025, 09:48 PM
|
||
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
|
ردود 2
13 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
02-05-2025, 07:23 AM
|
تعليق