قال الله تعالى بشأن كتابة الوصية وضرورتها : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين )
) . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما حق امرئ مسلم ، له شئ يوصي فيه ، يبيت ليلتين ، إلا ووصيته مكتوبة عنده
.
ويقول عبد الله بن عمر : ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال ذلك إلا وعندي وصيتي )
إذن ،
فكيف يسوغ للنبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يكون هو أول من يحيد عن أمر الله الذي أنزل عليه مؤكدا لزومه
ووجوبه ، ويترك العمل بما أوجبه هو على المسلمين بالنسبة إلى موضوع كتابة الوصية ،
بينما تراه أنه أحوج الناس إلى كتابة الوصية ؟ وهل هناك أحد من المسلمين تكون تركته وأرامله وأيتامه أكثر مما تركه وخلفه
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من التركة والأيتام والأرامل ؟ فهل يمكن للعقل والضمير البشري أن يتصور أن رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) خلف ما تركه وراءه من التركة - التعاليم الدينية والأصول الإسلامية - من دون تولية عليها ، وأنه ودع أيتامه وأرامله - جميع الناس - من دون أن ينصب لهم قيما ووليا ؟
ومن المستحيلات أن هذه المسألة لم تخطر بباله قط . وفضلا عن حكم العقل والوجدان فإن الشواهد التاريخية صريحة بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم يدع أمرا - حتى وإن كان جزئيا - إلا وعين فيه من ينوب عنه ويقوم مقامه إذا عارضه أمر ما ، كما ثبت ذلك من خلال تعيينه قادة العسكر .
وثبت في التاريخ أيضا أنه ( صلى الله عليه وآله ) قد أوصى إلى أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) أن يباشر تغسيله وتكفينه وقضاء ديونه ، الشخصية ، بينما هذه من الأمور الجزئية والبسيطة التي لم تفته .
فكيف تغيب عنه الوصية في أمر الخلافة والإمامة التي هي من أهم المسائل والقضايا المصيرية ؟
تعليق