الآية الثانية:
قال الله تعالى:
(وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ على حَرْفٍ فإن أصابَهُ خيرٌ اطمأنَّ بِهِ
وإنْ أصابَتْهُ فِتنَةٌ انقلبَ على وجهِهِ خَسِرَ الدنيا والآخرةِ..
نزلت الآية في الذين أسلموا إسلاماً غير مستقر
، قال الزمخشري:
(على حرف: على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه،
وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم
لا على سكون وطمأنينة...
قالوا: نزلت في أعاريب قدموا المدينة
، وكان أحدهم إذا صحّ بدنه ونتجت فرسه مهراً سرياً،
وولدت امرأته غلاماً سوياً، وكثر ماله وماشيته،
قال: ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلاّ خيراً.
.. وإن كان الاَمر بخلافه قال: ما أصبت
إلاّ شرّاً
ونحو ذلك قال ابن كثير
والاَعراب هم قوم من الصحابة،
لاَنّهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ولو ساعة من نهار حسب تعريف المشهور
، وإنَّ درجات إيمانهم تتناسب طردياً مع ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية،
فهم بين اندفاع وانكماش وبين تقدّم وتراجع تبعاً للظروف،
وهؤلاء
وإن أسلموا ورافقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض الوقت،
إلاّ أنّ الاِيمان لم يدخل قلوبهم،
كما عبّر عنهم القرآن الكريم:
(قالتِ الاَعرابُ آمنّا قُلْ لم تؤمنُوا ولكِن قُولُوا أسلَمنا ولمّا يَدخُلِ الاِيمانُ في قلوبِكُم...
إنّما المؤمنونَ الَّذِينَ آمنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لم يَرتابُوا وجَاهدُوا بأموالِهِم وأنفُسِهم في سبيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصادِقُونَ)
ويلحق بهم المؤلفة قلوبهم من الصحابة،
فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
كان يعطيهم الاَموال ليتألفهم على الاِسلام،
ومنهم أبو سفيان وأولاده
ومثل هؤلاء الذين يكون ارتباطهم بالاِسلام
قائماً على أساس مقدار العطاء،
لا نتوقع أن يكونوا بمستوى المجاهدين الذين
جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ثم لم يرتابوا.
تعليق