أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولها ،
أخي العزيز ، أعلم كم هو عصي عليك أن تعترف بحقيقة تخالف ما لقنك إياه أبوك وخطباء الجمعة ...
لكن التسليم للحق والإذعان له واجب ليس فيه أي ذل ..
تخلص من عصبية الجاهلية يا محترم ..
لا تنظر إلى الأمور من مرآة الهوى، فإذا ما تأملت الحديث تجد أنك فهمت المعكوس من معناه تماماً ..
(ومعنا أبو عبيدة بن الجراح ، فقال : يا رسول الله ! أحد خير منا ؟ أسلمنا وجاهدنا معك ؟ ! قال : نعم ، قوم يكونون من بعدكم ؛ يؤمنون بي ولم يروني )
فالصحابي عندكم من أسلم والتقى برسول الله (ص) ، ومعلوم أن الصحابي المجاهد هو أرفع درجة من الصحابي القاعد ( بحفظ بقية المتغيرات متساوية )
وهنا أبو عبيدة يسأل عن الصحابي المجاهد مع رسول الله (ص) لا عن الصحابي القاعد ...
فيجيبه رسول الله (ص) ، إن المؤمن الذي لم ير رسول الله أفضل من المسلم المجاهد معه ( مع حفظ بقية المتغيرات ثابتة )
فمجموع التابعين خير من مجموع الصحابة ... ومجموع تابعي التابعين خير من مجموع الصحابة ... وكذا إلى آخر الزمان ....
نعم لا شك أن بعض أفراد الصحابة خير من بعض التابعين ... وخير من بعض تابعي التابعين ... وكذا حتى تقوم الساعة، فتأمّل.
ولو أخذت الحديث الآخر لوجدته مؤيداً لكون مجموع التابعين خير من مجموع الصحابة ...
(طوبى لمن رآني و آمن بي ، ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي و لم يرني)
وأعلم أنك لُقّنت أن الصحابة أفضل هذه الأمة ... ويجب تنزيههم ورفعهم وتقديسهم، من ارتكب منهم كبيرة فهو مجتهد وله أجر ... وأخطاؤهم حبات رمل في جبال .. وهم حملة الدين ولولاهم ما عرفنا الصلاة ولا الزكاة ولا حج ولا الصوم و و و و و و الخ.
لكن عليك أن تعلم أخي الكريم أن مرويات الصحابة ما وصلتنا لولا نقل التابعين ... وكذا روايات التابعين ما وصلتنا لولا نقل التابعين لهم ... وهكذا. فلا فضل للصحابة في نقل السنّة إلا مثله للتابعين ... ولا يفترض أن يكونوا جميعاً حفاظ ثقات صادقين في مروياتهم كما هو غير مفترض في التابعين وتابعيهم
وما يحتاجه المسلمين .. ليس الامتداد الأفقي المتمثل بالصحابة ... بل الامتداد العمودي المتمثل في أهل البيت ... المطهرون من الذنوب ....
أسأل الله أن يخلصك من قيود الجاهلية والتعصب .....