السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... رأيت من بعض الأخوه تكفير أهل النهروان .. فقرررت أن أتيكم بهذا الموضوع وهو منقول لنعرف حقيقة أهل النهروان ....
حجج أهل النهروان في اعتزال الامام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه -:
تعبر مواقف المعارضين للتحكيم بدءا من رفع المصاحف الى الاعتزال الى حروراء ثم الى النهروان عن صلابة في التمسك بهذا المبدأ ولعل الثبات عليه الى درجة الموت من أجله يدفعنا الى اعادة تقويم لمسألة التحكيم لاكتناه الحقيقة فيه وفي مواقف معارضيه .
وتمثل تلك المواقف عرضا لحجج أصحابه وتعطي المناظرة التي جرت في حروراء بينهم وبين عبدالله بن عباس ملخصا لتلك الحجج .
وقد سبق ذكر اختلاف الروايات في نتيجة المناظرة بين أهل حروراء وابن عباس حيث يفهم من بعضها الزام ابن عباس اياهم الحجة في حين يذكر في بعضها الآخر عكس ذلك .
وتتفق الروايات على ذكر أمرين احتج بهما أهل حروراء هما :
1- أن عليا حكم الرجال في أمر الله وهو الأمر بقتال الفئة الباغية أي معاوية وأصحابه .
2- أنه محا اسم الامارة عن نفسه عند كتابة وثيقة التحكيم .
وأجاب عنهما ابن عباس بما يلي :-
- أن الله تعالى أجاز تحكيم رجلين في الشقاق بين الزوجين في قوله سبحانه : ( وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) وفي صيد الحرم : ( يحكم به ذوا عدل منكم ).
- أن محو اسم الامارة عن الإمام علي لايخلعه منها اقتداء بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين رفض المشركون كتابة اسم الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم في وثيقة الصلح فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم .وإلى هنا تتوقف بعض الروايات لتخلص من ذلك إلى أن قسما من أهل حروراء رجعوا إلى الكوفة تائبين .
بيد أن القسم الآخر من الروايات يبين أن أهل حروراء نقضوا على ابن عباس ردوده تلك بمايلي :-
- أن ماجعل الله حكمه إلى العباد فلهم ذلك وأما ماحكم الله فيه فليس لهم أن ينظروا فيه فقد حكم في الزاني مائة جلدة وفي السارق بقطع يده فليس للعباد أن ينظروا في ذلك وقد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقاتلوا حتى يرجعوا وقد دعوا إلى حكم الكتاب قبل الحرب فأبوه كما أن الحكم من شرطه أن يكون عدلا وليس عمرو بن العاص – بناء على سفكه دماء أصحاب علي – عدلا كما أن أبا موسى كان يثبط الناس عن علي .
وتحكيم العدلين إنما هو في أمر لم ينص على حكمه أما ماوضع له الشارع حدا فلا يجوز تعديه ولاالوقوف دونه ويشرح ذلك أبو المؤثر قائلا " وقلنا لهم : أرأيتم لو أن إماما رفع إليه عشرون رجلا قد وجب عليهم الرجم بما صحت به عليهم البينة من الزنا والإحصان أليس قد أمر الله برجمهم ؟ فإن قالوا نعم قلنا لهم : أرأيتهم إن قال لهم الزناة إنا ندعوكم إلى أن تحكم منا حكما زانيا ونحكم من أصحابك حكما فما حكما به علينا وعليك سلمنا نحن وأنت له أكان يحل للإمام انتظارهم وتحريم رجمهم حتى يحكم هذان الحكمان حتى يعرف أمرهما ؟ فإن قالوا: لا لأن الله أمر برجمهم فلا يحل له ترك ذلك منهم قلنا لهم : وكذلك علي أمره الله بقتالهم فلا يحل له ترك ذلك ولاتحريمه منهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ولايحكم أحدا منهم ولافيهم بعد أن فرق الله بينه وبينهم " .
ويؤكد أهل حروراء أن قتال علي لأهل الشام كان امتثالا لكتاب الله وأنهم قاتلوا معه بما يوجبه عليهم حق الطاعة كقولهم : " وقد قتلت في طاعتك قتلانا يوم الجمل وصفين " وقد انتهت حرب الجمل بعد تطبيق النص كاملا فيهم وبالتالي فإنه لايجوزتوقف القتال دون بلوغ الغاية في إعمال النص القرآني إذ إن ذلك يحتاج إلى نص آخر .
- أما مايتعلق بمحو اسم الإمارة فقد أكد أهل حروراء كلام الأحنف بن قيس لعلي في صفين : " خشيت ألا يرجع إليك أبدا إنه ليس لكم ما لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن أمر الموادعة في الحديبية كان فترة مرحلية نقل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد فماجرى في الصلح كان لهذا السبب " وقد قطع الله الاستفاضة والموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة .
ويعلل الشيخ السالمي إنكار أهل حروراء على علي محوه اسم الإمارة عن نفسه بأنه إنكار لمطاوعته معاوية لا لترك كتابة الاسم فقط . كما يفرق بين قضية النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية وقضية علي بما يلي :-
1- أن الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الصلح كان في بدء أمره أما في خلافة علي فكان قد انتهى إلى الغاية القصوى من الكمال وقد يتسامح في بدء الأمر لتربيته مالا يتسامح عند النهاية .
2- أن فعله صلى الله عليه وسلم إنما كان عن وحي يوحى فالظاهر أنه أمر خص به في ذلك اليوم دون ما عداه من الأيام إذ لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في جميع مكاتباته مثل ذلك فالظاهر أنه منسوخ لايصح أن يعمل به .
3- أن القوم الذين مع معاوية يقرون بالإسلام معترفون بحقيقة الإمامة ووجوب الطاعة للإمام لكن معاوية يلبس عليهم بأن عليا ليس بإمام وأنه ليس هو بأمير المؤمنين وقد خدع أكثرهم بهذا التلبيس فترك التسمية بالإمارة مع ذلك ليس كترك التسمي بالرسالة في جانب المشركين فإنهم جميعا ينكرون رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تلبيس على أحد منهم من رؤوسائهم .
4- الرسالة أمر إلهي لاتمحى بمحو اسمها من الكتابة والإمارة أمر بشري جعل فيه الاختيار للمسلمين وتزول باعتزال الإمام لعذر وبعزل المسلمين لحدث .
ثم ضرب الشيخ السالمي للحالتين مثلا :- " فمثال الرسالة كأم الرجل لاتزول عن كونها أمه ذكر أنها أمه أولم يذكر وسواء جحدها غيره أم لم يجحدها فحقوقها ثابتة عليه ومثال الإمامة كزوجة الرجل صارت زوجة له بالعقد الصحيح ورضا المرأة وإذن الولي وتزول عنه الزوجية بطلاقه لها وبخلعها إياه وبسائر أنواع الفسوخ ".
وعودا على بدء لم ترد ردودا على احتجاجات أهل النهروان من جانب ابن عباس بل ورد عكس ذلك " لم يقدر أن يرد عليهم " وإذن فلاضير في أن تقول الروايات بأن ابن عباس كلمهم " فلم يقع منهم موقعا " وأنه رجع إلى علي " ولم يصنع شيئا " وأنه " لم يجبه منهم أحد " وأنهم " أحتجوا عليه " وأنه لما رجع إلى علي قال له : " خصمك القوم " .
وسير الأحداث بعد المناظرة يؤكد أن حجاج ابن عباس أهل حروراء لم يؤثر في موقفهم شيئا إن لم يكن موقفهم هو المؤثر فيه وذلك بناء على مايلي :
أ- مجيء علي بن ابي طالب إليهم بعد ابن عباس لمناظرتهم فلو كان ابن عباس قد استطاع أن يقنعهم ويردهم إلى الكوفة لما كان ثمة مسوغ لمجيء علي إليهم . يقول الدكتور محمود اسماعيل : " ولم يخامر الشك عليا في عدالة موقف (الخوارج ) بل كان حريصا على استمالتهم فبعث إليهم ابن عمه عبدالله بن عباس فناظروه – على علمه وفقهه – وقارعوه الحجة بالحجة وكان رد الخوارج عليه مقنعا حاسما ولم يجد علي مناصا من الخروج إليهم بنفسه .
ب- الخلاف الحاصل بين علي وابن عباس فيما بعد في قضية بيت مال البصرة حيث يروى أن ابن عباس تأول أن له نصيبا في بيت المال فأخذ منه وقد كان بينهما مراسلات لاتخلو من حدة في القول وإغلاظ في العبارة مما أدى بابن عباس إلى أن يكتب إلى علي بقوله : " ابعث إلى عملك من أحببت فإني ظاعن عنه " ثم رحل إلى مكة .
والذي يثير التساؤل في هذه القضية كلام ابن عباس لعلي في إحدى رسائله : " ووالله لأن ألقى الله بما في بطن هذه الأرض من عقيانها ولجينها وبطلاع ماعلى ظهرها أحب إلي من أن ألقاه وقد سفكت دماء هذه الأمة لأنال بذلك الملك والإمارة " وفي أخرى : " ولو كان أخذي المال باطلا كان أهون من أن أشرك في دم مؤمن " .
ومن الثابت أن ابن عباس كان مع علي في حروبه قبل النهروان فقد كان على الميمنة في جيش علي في مسيره إلى البصرة وكان على الميسرة في صفين ولهذا عقب الإمام علي على ابن عباس بقوله : " أو ابن عباس لم يشركنا في هذه الدماء وعليه فمن المستبعد أن يحمل ابن عباس عليا مسؤولية دم أحد من المسلمين في الجمل وصفين اللهم إلا أن يحمل ذلك على قتاله أهل النهروان ويؤيده عدم اشتراك ابن عباس مع علي في قتاله إياهم وهذا مايؤكده قول ابن عباس لعلي : " إن لم أكن معهم لم أكن عليهم " .
هذا وواضح من خلال هذه النصوص أن الخلاف بين علي وابن عباس ليس فقط في مسألة بيت مال البصرة بل هو خلاف على قتاله أهل النهروان فإنه نصحه بالكف عنهم ونجد الشماخي ينقل عن ابن عباس قوله " أصاب أهل النهروان السبيل "
المهم أن ابن عباس لم يصنع شيئا خاصة أننا لانجد في أي مصدر – كما تقدم – أن ابن عباس رد على احتجاجات أهل حروراء بعد ما أجابوه على ردوده ولاسيما إذا تطرقنا إلى المطارحات في مسألة التحكيم بين مؤيديه ومعارضيه .
يتبع بمشيئة الله
حجج أهل النهروان في اعتزال الامام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه -:
تعبر مواقف المعارضين للتحكيم بدءا من رفع المصاحف الى الاعتزال الى حروراء ثم الى النهروان عن صلابة في التمسك بهذا المبدأ ولعل الثبات عليه الى درجة الموت من أجله يدفعنا الى اعادة تقويم لمسألة التحكيم لاكتناه الحقيقة فيه وفي مواقف معارضيه .
وتمثل تلك المواقف عرضا لحجج أصحابه وتعطي المناظرة التي جرت في حروراء بينهم وبين عبدالله بن عباس ملخصا لتلك الحجج .
وقد سبق ذكر اختلاف الروايات في نتيجة المناظرة بين أهل حروراء وابن عباس حيث يفهم من بعضها الزام ابن عباس اياهم الحجة في حين يذكر في بعضها الآخر عكس ذلك .
وتتفق الروايات على ذكر أمرين احتج بهما أهل حروراء هما :
1- أن عليا حكم الرجال في أمر الله وهو الأمر بقتال الفئة الباغية أي معاوية وأصحابه .
2- أنه محا اسم الامارة عن نفسه عند كتابة وثيقة التحكيم .
وأجاب عنهما ابن عباس بما يلي :-
- أن الله تعالى أجاز تحكيم رجلين في الشقاق بين الزوجين في قوله سبحانه : ( وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) وفي صيد الحرم : ( يحكم به ذوا عدل منكم ).
- أن محو اسم الامارة عن الإمام علي لايخلعه منها اقتداء بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين رفض المشركون كتابة اسم الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم في وثيقة الصلح فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم .وإلى هنا تتوقف بعض الروايات لتخلص من ذلك إلى أن قسما من أهل حروراء رجعوا إلى الكوفة تائبين .
بيد أن القسم الآخر من الروايات يبين أن أهل حروراء نقضوا على ابن عباس ردوده تلك بمايلي :-
- أن ماجعل الله حكمه إلى العباد فلهم ذلك وأما ماحكم الله فيه فليس لهم أن ينظروا فيه فقد حكم في الزاني مائة جلدة وفي السارق بقطع يده فليس للعباد أن ينظروا في ذلك وقد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقاتلوا حتى يرجعوا وقد دعوا إلى حكم الكتاب قبل الحرب فأبوه كما أن الحكم من شرطه أن يكون عدلا وليس عمرو بن العاص – بناء على سفكه دماء أصحاب علي – عدلا كما أن أبا موسى كان يثبط الناس عن علي .
وتحكيم العدلين إنما هو في أمر لم ينص على حكمه أما ماوضع له الشارع حدا فلا يجوز تعديه ولاالوقوف دونه ويشرح ذلك أبو المؤثر قائلا " وقلنا لهم : أرأيتم لو أن إماما رفع إليه عشرون رجلا قد وجب عليهم الرجم بما صحت به عليهم البينة من الزنا والإحصان أليس قد أمر الله برجمهم ؟ فإن قالوا نعم قلنا لهم : أرأيتهم إن قال لهم الزناة إنا ندعوكم إلى أن تحكم منا حكما زانيا ونحكم من أصحابك حكما فما حكما به علينا وعليك سلمنا نحن وأنت له أكان يحل للإمام انتظارهم وتحريم رجمهم حتى يحكم هذان الحكمان حتى يعرف أمرهما ؟ فإن قالوا: لا لأن الله أمر برجمهم فلا يحل له ترك ذلك منهم قلنا لهم : وكذلك علي أمره الله بقتالهم فلا يحل له ترك ذلك ولاتحريمه منهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ولايحكم أحدا منهم ولافيهم بعد أن فرق الله بينه وبينهم " .
ويؤكد أهل حروراء أن قتال علي لأهل الشام كان امتثالا لكتاب الله وأنهم قاتلوا معه بما يوجبه عليهم حق الطاعة كقولهم : " وقد قتلت في طاعتك قتلانا يوم الجمل وصفين " وقد انتهت حرب الجمل بعد تطبيق النص كاملا فيهم وبالتالي فإنه لايجوزتوقف القتال دون بلوغ الغاية في إعمال النص القرآني إذ إن ذلك يحتاج إلى نص آخر .
- أما مايتعلق بمحو اسم الإمارة فقد أكد أهل حروراء كلام الأحنف بن قيس لعلي في صفين : " خشيت ألا يرجع إليك أبدا إنه ليس لكم ما لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن أمر الموادعة في الحديبية كان فترة مرحلية نقل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد فماجرى في الصلح كان لهذا السبب " وقد قطع الله الاستفاضة والموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة .
ويعلل الشيخ السالمي إنكار أهل حروراء على علي محوه اسم الإمارة عن نفسه بأنه إنكار لمطاوعته معاوية لا لترك كتابة الاسم فقط . كما يفرق بين قضية النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية وقضية علي بما يلي :-
1- أن الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الصلح كان في بدء أمره أما في خلافة علي فكان قد انتهى إلى الغاية القصوى من الكمال وقد يتسامح في بدء الأمر لتربيته مالا يتسامح عند النهاية .
2- أن فعله صلى الله عليه وسلم إنما كان عن وحي يوحى فالظاهر أنه أمر خص به في ذلك اليوم دون ما عداه من الأيام إذ لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في جميع مكاتباته مثل ذلك فالظاهر أنه منسوخ لايصح أن يعمل به .
3- أن القوم الذين مع معاوية يقرون بالإسلام معترفون بحقيقة الإمامة ووجوب الطاعة للإمام لكن معاوية يلبس عليهم بأن عليا ليس بإمام وأنه ليس هو بأمير المؤمنين وقد خدع أكثرهم بهذا التلبيس فترك التسمية بالإمارة مع ذلك ليس كترك التسمي بالرسالة في جانب المشركين فإنهم جميعا ينكرون رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تلبيس على أحد منهم من رؤوسائهم .
4- الرسالة أمر إلهي لاتمحى بمحو اسمها من الكتابة والإمارة أمر بشري جعل فيه الاختيار للمسلمين وتزول باعتزال الإمام لعذر وبعزل المسلمين لحدث .
ثم ضرب الشيخ السالمي للحالتين مثلا :- " فمثال الرسالة كأم الرجل لاتزول عن كونها أمه ذكر أنها أمه أولم يذكر وسواء جحدها غيره أم لم يجحدها فحقوقها ثابتة عليه ومثال الإمامة كزوجة الرجل صارت زوجة له بالعقد الصحيح ورضا المرأة وإذن الولي وتزول عنه الزوجية بطلاقه لها وبخلعها إياه وبسائر أنواع الفسوخ ".
وعودا على بدء لم ترد ردودا على احتجاجات أهل النهروان من جانب ابن عباس بل ورد عكس ذلك " لم يقدر أن يرد عليهم " وإذن فلاضير في أن تقول الروايات بأن ابن عباس كلمهم " فلم يقع منهم موقعا " وأنه رجع إلى علي " ولم يصنع شيئا " وأنه " لم يجبه منهم أحد " وأنهم " أحتجوا عليه " وأنه لما رجع إلى علي قال له : " خصمك القوم " .
وسير الأحداث بعد المناظرة يؤكد أن حجاج ابن عباس أهل حروراء لم يؤثر في موقفهم شيئا إن لم يكن موقفهم هو المؤثر فيه وذلك بناء على مايلي :
أ- مجيء علي بن ابي طالب إليهم بعد ابن عباس لمناظرتهم فلو كان ابن عباس قد استطاع أن يقنعهم ويردهم إلى الكوفة لما كان ثمة مسوغ لمجيء علي إليهم . يقول الدكتور محمود اسماعيل : " ولم يخامر الشك عليا في عدالة موقف (الخوارج ) بل كان حريصا على استمالتهم فبعث إليهم ابن عمه عبدالله بن عباس فناظروه – على علمه وفقهه – وقارعوه الحجة بالحجة وكان رد الخوارج عليه مقنعا حاسما ولم يجد علي مناصا من الخروج إليهم بنفسه .
ب- الخلاف الحاصل بين علي وابن عباس فيما بعد في قضية بيت مال البصرة حيث يروى أن ابن عباس تأول أن له نصيبا في بيت المال فأخذ منه وقد كان بينهما مراسلات لاتخلو من حدة في القول وإغلاظ في العبارة مما أدى بابن عباس إلى أن يكتب إلى علي بقوله : " ابعث إلى عملك من أحببت فإني ظاعن عنه " ثم رحل إلى مكة .
والذي يثير التساؤل في هذه القضية كلام ابن عباس لعلي في إحدى رسائله : " ووالله لأن ألقى الله بما في بطن هذه الأرض من عقيانها ولجينها وبطلاع ماعلى ظهرها أحب إلي من أن ألقاه وقد سفكت دماء هذه الأمة لأنال بذلك الملك والإمارة " وفي أخرى : " ولو كان أخذي المال باطلا كان أهون من أن أشرك في دم مؤمن " .
ومن الثابت أن ابن عباس كان مع علي في حروبه قبل النهروان فقد كان على الميمنة في جيش علي في مسيره إلى البصرة وكان على الميسرة في صفين ولهذا عقب الإمام علي على ابن عباس بقوله : " أو ابن عباس لم يشركنا في هذه الدماء وعليه فمن المستبعد أن يحمل ابن عباس عليا مسؤولية دم أحد من المسلمين في الجمل وصفين اللهم إلا أن يحمل ذلك على قتاله أهل النهروان ويؤيده عدم اشتراك ابن عباس مع علي في قتاله إياهم وهذا مايؤكده قول ابن عباس لعلي : " إن لم أكن معهم لم أكن عليهم " .
هذا وواضح من خلال هذه النصوص أن الخلاف بين علي وابن عباس ليس فقط في مسألة بيت مال البصرة بل هو خلاف على قتاله أهل النهروان فإنه نصحه بالكف عنهم ونجد الشماخي ينقل عن ابن عباس قوله " أصاب أهل النهروان السبيل "
المهم أن ابن عباس لم يصنع شيئا خاصة أننا لانجد في أي مصدر – كما تقدم – أن ابن عباس رد على احتجاجات أهل حروراء بعد ما أجابوه على ردوده ولاسيما إذا تطرقنا إلى المطارحات في مسألة التحكيم بين مؤيديه ومعارضيه .
يتبع بمشيئة الله
تعليق