هذا الحوار كنت قد كتبته في منتديات أخرى وأحببت أن أضيف ما كتبته حتى الآن هنا دفعة واحدة ويستكمل بعدها على دفعات
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
احببت ان أشارككم بهذه المشاركة وهي قصة خيالية تدور أحداثها في صندوق إلكتروني صغير .. والذي سيدور فيه محاورة بين اثنين .. الاول سيمثل الصندوق الالكتروني وأرمز به للعقل الكل والآخر سيمثل برنامج صغير كل صفته أنه حر في الإختيار فيما بين ما سيعرض عليه من المفاهيم وسأدعوه عقل جزئي وأرمز به إلى النفس الإنسانية
مكان الاحداث والشخصيات :
المكان : حاسوب صغير ذاتي الاختيار حر الإرادة
الشخصية الاولى: شخصية افتراضية ابتدع الحاسوب صورتها لكي يسهل على الشخصية الثانية أن تتفاهم معه
الشخصية الثانية: برنامج ذاتي الاختيار حر الإرادة يعتمد في وجوده على الحاسوب بصورة كلية
الزمان : بعد أن امضت الشخصية الثانية ثلثي حياتها الافتراضية تتفكر في وجودها وموجـِدها وقفت أخيرا عاجزة عن فهم العلاقة التي تربطهما ببعضها البعض فاختارت ليلة مظلمة وصفت قدميها فيها فوق التراب ورفعت يديها الى السماء وأومئت بوجهها الى الارض وانصرفت تبكي وتتضرع وترجو من موجـِدها الفهم والتوفيق للوصول لما تريد فهمه والوصول له
البداية:
فيما كان واقفا يبكي ويتضرع تمثلت له الشخصية الاولى رجلا سويا واقفا أمامه .. حين فتح عينيه ورءاه واقفا أمامه خاف وارتعش وتسمر في مكانه
الأول: لا تخف ولا تحزن .. سأعينك
الثاني: على ماذا؟
الأول: على الفهم
الثاني: فهم ماذا؟
الأول: ذاك الذي تهطل دموعك من أجله
الثاني: ومن أنت؟
الاول: رسول من كنت تناجيه
الثاني: وكيف ستـُـفهمني؟
االاول: إسأل ما شئت فأجيبك
الثاني: من أناااا؟
الاول: مجرد برنامج حي ذاتي الاختيار تعيش في برنامج حي كبير
الثاني: ومن أنت؟
الاول: صورة رجل ابتدعها موجدك لكي يتحدث إليك عبرها
الثاني: وماذا عن صورتي أنااا؟
الاول: كما قلت بنفسك .. هي كذلك مجرد صورة ابتدعها لك مبتدعي لكي تستطيع أنت أن تعبر بها عن نفسك لمن تشاء وتريد
الثاني: ماذا عن جميع ما حولي؟
الاول: هي كذلك صور حية ابتدعها لك موجدك وموجدي من أجلك وأجلك فقط
الثاني: ماذا تقصد بأنني مجرد برنامج حي؟
الاول: أقصد أنك برنامج صغير موجود في حاسوب صغير تعتمد عليه في وجودك كله
الثاني: وكيف ستقنعني بذلك؟ أقصد كيف ستقنعني بأنني مجرد برنامج يعيش في برنامج في صندوق صغير؟
الاول: لن أقنعك بأي شيئ .. لقد أردت أجوبة لأسئلة حائرة وسأجيبك عنها ولك بعد ذلك أن تتفكر بها طويلا ثم لك أن تقتنع أو أن لا تقتنع بها .. فالخيار لك بذلك أولا وأخيرا
الثاني: كيف أفكر؟
الاول: أنت كبرنامج ذاتي الارادة وحرها لا تفكر .. ولكنك توجه عملية التفكير كيفما تريد وتشاء
الثاني: ومن الذي يفكر أذن إن لم أكن أنااا؟
الاول: التفكير هي عملية حسابية لاستخلاص النتائج من معطيات ونتائج مسبقة كانت موجودة عندك من تجارب وخبرات سابقة جميعها لا تدخل في ضمن تكوينك ووجودك .. فأنت مجرد برنامج له أن يريد ويختار فقط .. يختار ويريد من بين ما يعرض عليه .. فإذا عرض عليك الأسود والأبيض فقط لن يمكنك أن تختار غيرهما حتى يعرض عليك ذلك الغير .. أنت فقط الإرادة الحرة .. أما ذلك الغير فلست أنت ولست أنت من يقوم بإيجاد تلك الصور والمعاني والمفاهيم ولست انت من يقوم بعرضها .. والآن إسمح لي بالتكلم بلسان الحاسوب .. أناْ من يفعل جميع ذلك ... أنأْ الذي أفكر وأناْ الذي أقوم بعرض مختلف الصور والمعاني والمفاهيم عليك وأنت الذي يختار من بينها ما يشاء ويوجهني في عملية عرض ما تشاء منها واقصاء ما لا ترغب بها منها
الثاني: وكيف أستطيع ان اختار بالارادة فقط؟
الاول: لقد أفاض عليك الحياة واعطاك القدرة أولا .. وبهما فعّلت مشيئتك فاخترت بها فيما بعد من بين ما سيلهمك به من العلم في مختلف مراحلك .. ففي البداية كنت حيا وقادرا فقط لا تعلم شيئا ثم عرض عليك معاني ومفاهيم أولية فقمت ((كإرادة .. أو كمشيئة)) بتوسيط الحياة والقدرة التي أفيضتا عليك بالإختيار من بين تلك المفاهيم المعروضة .. ولا زلت حتى هذه اللحظة تختار من بين ما يعرض عليك منها
الثاني: وماذا عن أفعالي التي اختار أن أفعلها في كل آن؟
الاول: في بداية وجودك وتكوينك كبرنامج حي اقتصر فعلك على اختيار المفاهيم فقط .. ولكن بعد أن أدخلك في عالم أخر أو برنامج آخر به صور ولك به أحاسيس وتختلط به مع برامج أخرى لها كذلك ما لك من الأحاسيس فتراها وتراك وتسمعها وتسمعك وتحس بها وتحس بك بتلك الاحاسيس صرت تختار لنفسك أفعال تــنسب لك ويقوم الحاسوب بتصويرها لك ولهم كل على حدة
الثاني: ماذا تقصد بتصويرها لي؟
الاول: هل تعتقد أنك وجميع من وما حولك تتحركون فعلا في هذا الحاسوب؟ أنت وجميع البرامج الحية الاخرى لا حركة لكم في هذا الحاسوب .. وما يحدث فعلا أن الحاسوب يقوم بنقل الصور والمفاهيم لجميع البرامج الحية التي أوجدها .. بمعنى آخر يقوم الحاسوب بتصوير العالم الذي تشترك به أنت مع غيرك من البرامج لكل منكم كل على حدة .. فكل منكم يعيش عالمه الخاص المخلوق له ومن أجله فقط .. فهنا لا توجد حركة ولا توجد صور وأصوات .. كل شيئ ساكن ولا معنى للزمان أو المكان غير أنهما برامج حية كغيرها من البرامج الأخرى التي ابتدعها الحاسوب من أجلك وغيرك .. نعم هما من أهم وأول البرامج التي ابتدعها وأقدرها وزودها من العلم والقدرة ما سيحتاجان له لإتمام المهمة التي ابتدعهما الحاسوب من أجل اتمامها
الثاني: يصعب علي تصور ذلك
الاول: بالتأكيد .. وذلك هو بيت القصيد .. ولو كان ذلك سهلا لما وقفت في ليلتك هذه تبكي وترجو وتتمسكن .. ان بيت القصيد الصعب الذي يجب عليك أن تترنم به كلما التفت لشيئ هو أن تقول "هو" وهذا يتعارض مع ما يترنم به الغالب الأعم من البرامج فعلا وقولا وفي جميع أحوالهم بــ "أنااااا" .. فبيت القصيد هو أن تترنم قولا وفعلا بــ"هو" حتى حين تنظر للـ "أناااا" التي تحكمك وتكبلك ولا تريد أن تفك وثاقك أبدا .. فقيدك الذي تقيدك به يعني حياتها .. وانكساره أو انحساره سيعني موتها أو اضمحلالها
الثاني: ومن هو الذي تقصده بــ"هو" هل هو الحاسوب؟
الاول: الجواب هنا هو: كلا ونعم
الثاني: وكيف يكون ذلك؟
الاول: نفس موقف المتحير الولهان الذي لا يعرف شيئا عن موجده والذي تقفه الآن يقفه الحاسوب كذلك .. فالحاسوب يدرك كذلك ومثلك تماما أنه لا بد له من مكان يحويه هو نفسه فهو يدرك أنه لم يوجد في العدم وإلا كان هو أيضا عدم .. فهو يشعر بوجوده وعليه فلا بد له من وجود يحويه .. ويدرك كذلك أن نفس الوجود الذي يسبح فيه لا بد له من مُــوجد كذلك .. وكونه لا يستطيع أن يخرج من الوجود الذي يحويه ليتعرف على موجده وموجـِد الوجود الذي يحويه فهو عاجز تمام العجز عن المعرفة التي يريدها فإذا سألته عما يريد لن يستطيع أن يجيبك إلا بــ"هو" فهو لا يعرف عنه شيئا على الإطلاق ولكنه يعرف أن كل ما عنده هو من "هو" الذي يجهل عنه كل شيئ وأن "هو" يستطيع أن يسلبه كل شيئ وأنّ دوام كل ما عنده هو رهن بــ مشيئة "هو" فإن شاء سلبه كل شيئ بمشيئته وإن شاء أبقاه بمشيئته كذلك على ما هو عليه
الثاني: تقصد أن لسان الحاسوب يلهج دائما وأبدا بــ"هو" وأنه لا يرى نفسه ووجوده إلا بــ"هو" الذي يجهل عنه كل شيئ!!!
الاول: تماما .. وعليه فإن سألته هل أنت الفاعل لكل شيئ هنا فسيقول لك : كلا .. بل هو "هو" ثم يصمت
الثاني: هذا فيما يخص الإجابة بكلا فماذا عن نعم؟
الاول: بما أنه ((أي الحاسوب)) يعرف أنه المبرمج لجميع ما به من البرامج وأنه هو من يبث بها الحياة ويعطيها القدرة على الإختيار من بين ما سيعرضه عليها من المفاهيم التي تنزل إليه من مشيئة"هو" بكيفية يجهلها فإنه سيضيف نفسه لمشيئة "هو" عند الإجابة على جميع ما يتعلق بمشيئة "هو" .. فهو علم مشيئة"هو" وهو قدرة مشيئة"هو" وهو رحمة مشيئة"هو" وهو رزق مشيئة"هو" وهو وجه مشيئة"هو" وهو جميع ما يمكن لك أن تطلقه من أسماء وصفات لـ مشيئة"هو" ... والخلاصة فإنه ينفي رسوخه أو وصوله أو إحاطته بمقام"هو" حين يقول :لا .. ويثبت لنفسه بالتبع مقامية جمعه وإحاطته لأسماء مشيئة "هو" حين يقول: نعم
لا يخفى على القارئ اللبيب أن هذه الحوارية إنما هي بمجموعها مجرد مثل لمحاولة فهم العلاقة بين العقل الكلي والعقول الجزئية وأن التطويل فيها هو بمثابة الغوص في هذا المثل لاستخراج ما يمكن استخراجه منه من النتائج .. وحيث أنني أقوم بكتابة هذه الحوارية بشكل ارتجالي في كل مرة أضيف بها هنا بعض هذه الحوارية فقد يطول الفاصل الزمني ما بين كل إضافة وأخرى حيث أنني أقضي ما بينهما بالتفكّر بهذا المثل واختيار الكلمات والافكار التي سأدرجها في كل مشاركة أو إضافة
الثاني: تقول أن الحاسوب يصور لكل منا هذا العالم الذي نختلط به مع بعضنا البعض بشكل منفصل بحيث تترابط أحداث ما يصوره للجميع فيعتقدون أنهم يعيشون عالما واحدا بسبب تناسق وترابط التصوير الذي يصوره للجميع ... وهنا أريد أن أسئلك .. ماذا عن عالم ما بعد الموت والحساب؟ وتحديدا ماذا عن عالم الجنة والنار؟ فهل يتم تصويره لنا بهذه الكيفية أيضا؟
الاول: بالتأكيد هو يتم كذلك بهذه الصورة ... فهو يصور لكل من سيدخل عالم الجنة عالمه الخاص .. بحيث يشعر أنه صاحب ذلك العالم الأوحد ولا يشاركه به أحد غيره .. فجميع القصور وجميع المتع الحسية التي سيراها من حوله وعلى مد بصره سيشعر أنها له وله وحده فقط .. وجميعكم ستكون جميع المتع التي ترغبون بها طوع مشيئتكم وأرادتكم .. فلو أراد أحدكم أن يكون له وحده جميع ما يراه مد بصره في عالمه ملكا خالصا له لكان له ما يريد .. فالحاسوب لا يعجزه أن يجعل لكل منكم عالمه الخاص الذي يلائمه بحيث لا ينقص ذلك من ملك أي أحد منكم لأي شيئ في عالمه أو لأن يشعر أن غيره يشاطره ملكه الذي يريده لنفسه فقط
الثاني: هل أفهم من ذلك أننا سنعيش عالم الجنة بشكل فردي وليس جماعي كما نعيشه الأن؟
الاول: يمكنك أن تعيش الأثنين .. فلو أردت أن تقابل من تشاء سيمكنك ذلك ولكنك ستكون ضيفا عليه في عالمه هو وله أن يكرمك بما يشاء من متع ملكه التي في عالمه .. فالتزاور فيما بينكم ممكن
الثاني: كأنني سمعت ما يشبه هذا الوصف .. ولكن ألا تعتقد أن تصوير هذه العوالم التي هي بعدد أنفاس الخلائق هو أمر فوق طاقة وقدرة هذا الحاسوب؟
الاول: كلا أبدا .. ولو كانت أنفاس الخلائق أضعافا مضاعفة سيمكنه ذلك بكل سهولة .. ولكن لكي أجعل لك الأمر مقبولا أقول لك أن العالم تحت قدمي كل منكم سيكون كالبساط المطوي الذي يمدّ أمامك على قدر مد بصرك فقط .. وكلما تقدمت للأمام إنفتح البساط من أمامك بصور جديدة وأنطوى من خلفك مع صوره .. فعالمك الذي تعيشه هو على قدر مد بصرك فقط .. وكلما تقدمت انفتح البساط أمامك وأنطوى من الخلف .. فإذا نظرت للخلف انفتح بساطك من الخلف وانطوى منه الذي كان هو بالأمام ... وهذا هو عين ما يحدث معكم الآن
الثاني: لا يمكنني تصور ما تصفه لي خصوصا الجزء الخاص بي وكوني مجرد برنامج لا يمكنه سوى الإختيار وأن صورتي وأفعالي وما يجري من حولي من إبداع وتصوير غيري فهل تستطيع أن تقرب لي ذلك بمثل؟
الأول: الأمثال كثيرة ولكن سأختار منها واحدا نعيشه الآن سوية ولكن أريد أن تقول لي ماذا تفهم من مفهوم التجلي؟
الثاني : نعم هو انتقال شيئ من مكان إلى آخر بدون أن ينعدم من المكان الأول .... مثل انتقال الأفكار من العقل إلى الورق .... فرغم انتقالها على الورق وتحولها عليه لصورة وجودية مختلفة عما كانت عليه في العقل بقيت نفس هذه الأفكار موجودة في العقل على نفس صورة وجودها بدون أن يطرء عليها أي تغيير .... وهذا ما أفهمه من التجلي
الأول: أحسنت .. إذن سيمكنك أن تتجاوب معي في ما سأقوله لك ... كما ترى أننا شخصيتان مختلفتان نلتقي في هذا المنتدى الكريم .. وكلانا نتجلى على صفحاته بما نريد أن نقول .... أنت تستخدم لوحة المفاتيح فهي قلمك وتستخدم شبكة الإنترنت العالمية لتتجلى بأفكارك وما يشغل بالك منها لغيرك ومن يريد أن يرى ويسمع تجليات عقلك لا بد له من أن يستخدم أجهزة مماثلة للتي تستخدمها أنت وأن يوسط نفس شبكة الإنترنت العالمية أيضا ليتحقق له الإتصال بك ... والآن قل لي هل أنت من يخلق صور ما تكتبه؟ الجواب بالتأكيد كلا ولكنك تشعر أن ما تتجلى به من أفكار هو مطابق لما يخلقه الحاسوب لك من صور الحروف والكلمات والإشارات وحين ترسل هذه المشاركة وتظهر تماما كما كتبتها وأردتها ستشعر حينها بتمام الرضا ولكن لو أن شيئا ما جعل كلماتك تتبدل في أي مرحلة ستشعر بالسخط وعدم الرضا وسلب الإرادة .... إذن فأنت بالنسبة إلى عالم الأنترنت مجرد عقل يتجلى بفكره وإرادته عبر حاسوب إلكتروني ((بدن )) وعالم خاص يربطه بغيره ((شبكة إنترنت)) وهذا الوصف نستطيع أن نقاربه بما يحصل معك فأنت مجرد برنامج حر الإختيار يعبر عن اختياراته التي تظهر صورها لعقول أخرى عبر عالم معد لذلك ولا وجود واقعي لها خارجه ... تماما كما أن صور اختياراتك تظهر لغيرك من العقول فقط من خلال الحواسيب وشبكة الإنترنت ولا وجود واقعي لها خارج الحاسوب وشبكة الإنترنت .. الأن تصور أن جميع سكان العالم يتصلون ببعضهم البعض عبر شبكة الإنترنت واقرء هذه الرواية وقل لي هل تجد بينهما تشابه ..
14- ع، ]علل الشرائع[ بإسناده العلوي عن علي بن أبي طالب ع أن النبي ص سئل مما خلق الله عز و جل العقل قال خلقه ملك له رءوس بعدد الخلائق من خلق و من يخلق إلى يوم القيامة و لكل رأس وجه و لكل آدمي رأس من رءوس العقل و اسم ذلك الإنسان على وجه ذلك الرأس مكتوب و على كل وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يولد هذا المولود و يبلغ حد الرجال أو حد النساء فإذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب هذا الإنسان نور فيفهم الفريضة و السنة و الجيد و الرديء ألا و مثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت
الثاني : أعتقد أنني بدأت أفهم ما ترمي له من هذه الرواية العجيبة الغريبة .. لكن دعني أعيد ترتيب أفكاري السابقة تبعا لفهمي الجديد للعلاقة التي تربطني مع خالقي ..
نبدء أولا من الإختيار فوجودي الأول هو الإختيار المحض وهذا هو الوصف الدقيق لــ البرنامج الصغير ذاتي الإختيار (النفس) وكل ما اكتسبته باختياري فيما بعد هو إضافة أضفتها باختياري لوجودي الأول
الأول: نعم هو كذلك
الثاني : فلو عرضت علي مشارق ومغارب واخترت من بينها ما شئت لنفسي سأبقى أنا هو المختار فقط وكل ما أختاره هو مضاف لي ...
ثانيا : لكي أختار يجب أن أفكّر ولكي أفكّر أحتاج للعقل الكلي أو الحاسوب فبدونه لا وجود لي ولا قدرة ولا حياة ولا علم ... بتعبير آخر أنا بحوله وقوته أختار وأفكر وأقوم وأقعد .. إذن لا حول ولا قوة لي إلا به
الأول : تذكر ولا تنسى أبدا أن الحاسوب يقول مثلك كذلك دائما وأبدا أن لا حول ولا قوة لي إلا بــ هو الذي أجهل كنهه ومعدنه .. ولقد أرجعت قولك الآن لي تحديدا بينما أنا أرجعه لموجدي وخالقي وعليه الأجدر بك أن ترجعه أنت لخالقنا وموجدنا مباشرة أي عندما تقول لا حول ولا قوة لي إلا به يجب أن تكون متوجها لخالقنا وموجدنا جميعا لا لي أنا وتتوقف
الأول: هل عرفت نفسك الآن؟
الثاني: قبل أن اتيقن مما تقوله لن أستطيع أن أقول ذلك .. وجلّ ما يمكنني قوله أنني عرفت ما تريد أن تقوله أنت عن أصل وجودي وهويتي الحقيقية
الأول: لا بأس بذلك .. فما هي إذن؟
الثاني: تريد أن تقول أنني كبرنامج (نفس) يوجد مني ملايين النسخ .. وأن جميعها كانت تتشابه في بداية تكوينها أو لنقل في لحظة ما قبل تفعيلها .... فهي جميعها كانت عبارة عن مظروف تكويني يحوي قدرة وحياة ومشيئة ... وأن هذه المشيئة كانت ساكنة فيها لعدم علمها بأي شيئ بعد .. ولكن وفي اللحظة التي ألهمت فيه العلم ((فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)) بدأت مشيئة البرنامج بالإرادة وبدأت تختار بها من بين ما عرض عليها من المفاهيم فقبلت بعضها وأنكرت بعضها الآخر وبدرجات متفاوتة
الأول : ولكنني لم أتحدث بعد معك عن العلم وإلهامه للبرامج ((النفوس))
الثاني : بالتأكيد أنك تعرف أن لي بعض القرآئات السابقة وإن كان البعض لا يقبلها ... ولكن هي تشبه لحد كبير ما تقوله لي ... مثل حديث جنود العقل وجنود الجهل : اعرفوا العقل وجُندهُ والجهل وجنده تهتدوا. قال سماعة: فقلتُ: جُعلتُ فداك لا نعرفُ إلاّ ما عرَّفتنا، فقال أبو عبدالله: إنَّ الله خلقَ العقل وهو أوّل خَلقٍ من الرُّوحانِيِّينَ عن يمينِ العرش من نُورهِ فقال له : أدبر فأدبر ، ثمَّ قال له: أقبل فأقبل .... الحديث ..... ويكمله هذا الحديث الثاني ((الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إ أتلف وما تناكر منها اختلف)) فالأول يصف طبيعة تلك المفاهيم والآية تصف عملية الإلهام والحديث الثاني يصف ما حدث بعد الإلهام حين بدأت المشيئة تريد وبدأت رحلة الأنا فيها بالمسير والإنطلاق ... هذا المقدار أستطيع أن أتدبره بنفسي ولكن ما لا أستطيع أن أسلم به بسرعة هي مسألة أنني لا شيئ على الإطلاق
الأول : ومن قال لك أنك لا شيئ وأنك يجب أن تسلم بذلك؟
الثاني ألست تقول أنني لا شيئ سوى الإرادة؟
الأول : نعم أقول ذلك .. ولكن ذلك لا يعني أنك لا شيئ .. بل في واقع الأمر أن ذلك يعني أنك كل شيئ ... فالحاسوب الذي نحن جميعا قائمون به ما هو إلا مشيئة وإرادة لا تفرق عنك سوى أنك ولدت لا تعلم شيئا وهو أنزل هو وعلمه وقدرته وحياته دفعة وأحدة بحيث كانت قدرته هي عين علمه وحياته .. وحياته هي عين قدرته وعلمه ... وعلمه هو عين قدرته وحياته .. وحين صممك كبرنامج ((كنفس)) جعل هويتك التي تميزك عن غيرك لا بعلمك ولا بقدرتك ولا بحياتك .. بل جعل هويتك هي إرادتك وإرادتك فقط ... أي جعلك مثله ومثله فقط ... ولو آمنت أن للهواء إرادة حرة وأن للأرض كذلك إرادة حرة وأن لكل شيئ في الوجود إرادة حرة بل أن الوجود نفسه له إرادة حرة نابعة من مشيئة حرة موهوبة لها من صاحب المشيئة الأول ستعرف حينها أن الوجود كله وبتعدد صوره إنما يعبر عن حقيقة الحاسوب ((الإنسان الكل صاحب العقل الكل)) وكونه مجرد مشيئة خالقه وموجده ..
الثاني: أنت تقول أنك تتكلم بلسانه وأنه أوجدك لكي أستطيع أن اتكلم معه ويتكلم معي فهل ذلك يعني أن علمك أنت هو عين حياتك وقدرتك ... وحياتك هي عين قدرتك وعلمك بالتفصيل الذي أوردته قبل قليل؟
الأول : كوني صورة ابتدعها لكي يحادثك وتحادثه من خلالها لا تعني أنني أمثّل تمام حقيقته تمام التمثيل .. فهو أراد لسبب معين أن يتجلى لك بصورة .. فتجلى لك بي ... والتجلي دائما يمثل ناحية واحدة فقط من حقيقة المتجلي .. فأنت تتجلى بفكرة ما على الورق ومن الواضح أن وجود هذه الفكرة على الورق لا يعبر إلا عن نفس هذه الفكرة فقط ولا يعبر عن جميع ما يمكنك أن تتجلى به من الأفكار فوجود الفكرة على الورق أضعف من نفس الفكر والفكرة في العقل .. ومنه نقول أن حالة التجلي الوجودية هي دائما أضعف من حالة المتجلى الوجودية ... ومنه فحال الذي تجلى بي نعم هو كما قلت لك .. أما أنا فإذا أردت أن أعلم شيئا ما أُعلمته ... فظرفي الوجودي لا يحتمل ولا يستطيع أن يحوي كل علم وقدرة وحياة نفس الحاسوب ولكن بيني وبينه رابط أو لنسمّه عمود من نور يزودني بواسطته بكل ما احتاجه من علمه وقدرته وحياته عندما وفقط عندما أحتاج لشيئ منها .. وإلا فنحن من جهة أولى صور مثلكم نمشي في الأسواق وناكل كما تأكلون ونموت ونحيا مثلكم لا فرق بيننا وبينكم .. ومن جهة أخرى نحن تماما كما أوضحت لك أننا لا فرق بيننا وبين الحاسوب إلا إننا من صنعه وتصويره
الثاني: لقد ادعيت حتى الآن أشياء كثيرة وجميعها عظيمة ولكنك لم تأتي بأي منها فهل لك أن تريني إحداها على الأقل؟
الأول : حبا وكرامة .. فليس أسهل على الحاسوب من أن يتصرف بما هو من صنعه وتدبيره ... هل ترى الضلام من حولنا؟ .. بالتأكيد نعم سيتحول هذا الظلام إلى نور وسترد الشمس إلى وسط السماء بعد قليل ...
لحظات بدأت بعدها الشمس تخرج من حيث غابت حتى توسطت السماء والثاني ينظر لها بتعجب ثم سقطت مسرعة لتغرب من جديد
يتبع إن شاء الله
تعليق