إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

هل يكـره الشـباب العربي أمريكا؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يكـره الشـباب العربي أمريكا؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    هذا مقال جيد في الواقع هو طويل شوى بس حبيت أن الجميع يشاركني قراءته. وهذا الرابط للي يحب يدخل الموقع ويقراءه من هناك جزاءكم الله خير.

    http://www.islamonline.net/Arabic/co...rticle01.shtml


    --------------------------------------------------------------------------------

    *******************************************

    هل يكـره الشـباب العربي أمريكا؟

    وسام فؤاد - عماد مطاوع **
    29/10/2002





    أمريكا التي يعشقها الجميع، ويكرهونها في نفس الوقت.. طرحت أمامنا ملفًا إجباريًّا كنا في حاجة لفتحه لنعرف.. ماذا بعد حملة الإرهاب الأمريكي الشرسة على الأمة العربية؟ هل لا يزال شباب الأمة يتقبلونها كقيمة عليا ورمز؟ أم أنهم بدءوا يدركون الحاجة للتحرك طلبًا لاسترداد الكرامة العربية والإسلامية التي استهانت بها أمريكا فوصلت بها إلى درجة المجاهرة بالعداء للأمة بعد سيطرة المتشددين اليمينيين على الحكم فيها؟

    قصائد غزل في الولايات المتحدة

    عندما بدأنا تقصي آراء الشباب ومواقفهم من الولايات المتحدة وجدنا في البداية الأخ الكويتي عبد الوهاب العوضي، يتغزل في الولايات المتحدة قائلاً: "أنا لا أحب أمريكا فقط ولكنى أعشقها. وهي بالنسبة لي كالدم الذي يجري في عروقي وشراييني، فقد تخرجت في إحدى جامعاتها حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة، ويوم أن انتهيت من الدراسة وشعرت أنني سأغادر أمريكا نهائيا، بكيت بكاء حارًّا، وتمنيت أن أقضي بقية عمري فيها، فهي دولة متقدمة على المستويين الإنساني والعلمي، حيث تتسم بالرقي والتحضر ولا تسودها الصلف والجلافة التي تحكم كثيرًا من عقول العرب.

    وتابع الأخ العوضي قائلاً بعاطفية شديدة: "لقد كنت أود أن أتزوج من أمريكية إلا أن التقاليد القبلية التي نشأت في ظلالها حالت دون ذلك، وعندما تزوجت من إحدى بنات بلدي ذهبت إلى أمريكا لقضاء شهر العسل، وكانت فرحتي بزيارة أمريكا تفوق فرحتي بزواجي".

    وقد أشار الأخ العوضي إلى أنه ككويتي "لا يمكنه أن يتنكر لما صنعته أمريكا من معروف للشعب الكويتي؛ حينما حررته من براثن طاغية العراق صدام حسين، في وقت لم تستطع الدول العربية والإسلامية إخراجه، حتى إنها انقسمت إزاء ارتكابه لجريمة غزوه للكويت بين مؤيد ومعارض، وهذا ليس رأيي وحدي، وإنما رأي الكثيرين من الشباب الكويتي الذي يحب أمريكا".

    لكن مع هذا لم يحدثنا الأخ العوضي عن رأيه في معالجة الولايات المتحدة لظلم العراق لبلده بظلم أكبر تمثل في حرمان شعب بأكمله من الغذاء والدواء لدواعي تجريده من سيادته وسلاحه الذي رأت فيه تهديدا لدولة الاحتلال الصهيونية.

    وفي مزايدة مغلفة بالعقلانية على ما قاله الأخ عبد الوهاب العوضي نجد الطالب المغربي محمد شوقي يصف الولايات المتحدة بأنها: "أرض الأحلام"، وحلم كل الشباب، فهي دولة عظيمة وقوية، وتتميز بأنها دولة تحترم الإنسان بقدر طاقاته وإمكاناته الإبداعية، عكس الدول العربية وحتى الأوربية التي تستغل حاجة الإنسان وتجعله يشتغل في ظروف سيئة وبأجور جد زهيدة (في إشارة لمعاناة الشباب المغربي بأوروبا).

    ويتابع الأخ شوقي حديثه: "ومن جهة أخرى: لماذا هي أرض أحلام؟ لأنك ستجد فيها كل ما تسأل عنه أو تحلم به بدون قيد أو شرط، فهي بلد الحريات واحترام الرأي الآخر.

    لكن يتحدث الأخ الكريم –مع احترامنا لرأيه- عن عدم ظلم الأمريكيين لأنفسهم في تعاملهم فيما بينهم، مع أن هذا ليس صحيحًا على إطلاقه، لكنه ينسى أن الإدارة الأمريكية التي تحترم كل ما هو أمريكي تدهس كل ما هو غير أمريكي مهما كانت قيمته لبقية شعوب الأرض.

    أما المدرس المصري الشاب باسم حامد، فيقول: "أحبها جدًّا، وأتمنى أن تتوفر لي فرصة السفر أو الهجرة إليها، فهي أرض الأحلام بالنسبة لي، وصدقني، إن الأحداث الأخيرة لم تغير من وجهة نظري هذه؛ لأنني منذ تفتح وعيي وأنا أحلم بأمريكا، وأتمنى أن أعيش بها، حيث الحرية بلا حدود، وهناك يمكن أن أفعل ما أريد وأحقق أحلامي!!". وقد سألناه عن أحلامه، فأجاب بابتسامة عريضة: "التمثيل.. نعم.. أحلم بأن أصبح نجمًا سينمائيًّا، وسوف أسعى جاهدًا حتى تفتح لي هوليوود ذراعيها، وساعتها سأتربع على كرسي النجومية، وأرى أنني مؤهل بالفعل لذلك".

    لقد كنا نريد أن نسأل الأخ باسم عن مكان أهله وأقرب أقربائه في أحلامه.. هل سيأخذهم معه إلى هوليوود؟ أم سيتركهم هنا في البلاد العربية والإسلامية فريسة للولايات المتحدة؟ لكن آثرنا أن نؤجل هذه المناقشة إلى حين.

    لكن.. ليست كل المشاعر حبًّا



    وإذا كان الشاب المغربي محمد شوقي قد نسج في العشق قصائد أمريكية فإن مواطنه المدرس شداد كان له رد فعل مغاير استنادًا لما تفعله الولايات المتحدة بدولته وأمته الكبرى. يقول محمد شداد: "أمريكا تنطلق في تنفيذ سياستها من اعتبار العالم يعيش في فوضى، وتتصرف كقوة حاكمة وليس كما يقال راعٍ ومدبر للمشاكل العالمية. لكن ما لا يخفى على أحد أن أمريكا وراء كل ما يقع في الكرة الأرضية من حروب أهلية وكوارث إنسانية وطبيعية وصراعات على السلطة.. وما حملتها المزعومة على الإرهاب إلا دليل على ما نقول".

    ويتابع محمد شداد قائلاً: "وكعادة أمريكا فهي لا تبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تنامي العداء ضدها وبالتالي إلى انفجارات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وإنما تتصرف بسلبية، ولِم لا نقول بذكاء الشياطين؛ حيث إن إدارة الرئيس بوش بتوجيه من اللوبي الصهيوني تتصرف بصورة أحادية وأنانية، منطلقة من حب الذات، وادعاء أنها وحدها تمتلك الحقيقة المطلقة، باختصار أن الجانب العسكري يطغى على الجانب السياسي والأخلاقي في السياسة الأمريكية. فأمريكا تضلل العالم زاعمة بأنها تحارب الإرهاب مع أنها أكبر الإرهابيين، فدعمها السافر لإسرائيل في احتلالها لفلسطين في مقابل مساعيها لضرب العراق وقبله تحطيم أفغانستان، كلها سلوكيات شيطانية.

    أما ربة المنزل المصرية فاطمة فتقول: "أكرهها جدًّا أليست هي من تقف وراء إسرائيل واليهود؟ إنني أتابع ما يحدث في فلسطين، وأشاهد المجازر عبر شاشات التليفزيون، وأرى القتلى والمشردين، وأظل أدعو الله أن ينتقم من أمريكا ومن اليهود ومن حكامنا الذين يقفون مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث، حيث أصبح كل اهتمامهم رضاء أمريكا عليهم، إنني أكره أمريكا جدًّا وأبث هذه الكراهية في ابني الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره".

    وأما المحاسب الأردني خالد فيقول: "لا أتصور أن إنسانًا عربيًّا أو مسلمًا يمكنه أن يجد في قلبه مكانًا صغيرًا لحب بلد الطغيان والاستكبار في الأرض، فكيف يمكن أن أحب بلدًا مثل الولايات المتحدة التي تتسبب كل يوم بقتل وإذلال العرب والمسلمين هنا وهناك، الولايات المتحدة هي عدوتنا بنفس درجة عداوتنا لإسرائيل، وحتى الشعب الأمريكي لا أحبه؛ لأنه شعب مادي لا صلة له بالأخلاق والإنسانية؛ حتى لو كان يروج بأنه شعب الإنسانية والحضارة، فهو أبعد ما يكون عن ذلك".

    غير أن هذه النبرة المتزنة من الرفض لما تفعله الولايات المتحدة لا تعبر عن كل صور الرفض لدى الشباب العربي، فهناك لهجات أكثر عنفًا. ففي حماسة شديدة قال المحامي المصري ذو الاتجاه الناصري سالم: "نعم أكرهها؛ لأنها السبب الأول في الوجود الصهيوني. ومنذ نشأتها، ظلت مخابراتها اليد الصانعة لكثير من المؤامرات والدسائس والانقلابات في العالم. أنا لن يمكنني أن أنسى ما صنعوه في حرب الخليج وكوسوفا والبوسنة، وما فعلوه من قبل في فيتنام. وهناك حصارهم الوحشي الذي دام أكثر من اثني عشر عامًا على إخواننا العراقيين".

    وأكد الأخ سالم أنه لا يمكنه أن ينسى ما يحدث من بلطجة صهيونية ليست إلا بحماية واضحة ومعلنة من أمريكا، وبمختلف أنظمتها التي توالت على إدارتها. كما أشار إلى أنه لا يمكنه أن يتجاهل تلك البلطجة التي أعلنتها أمريكا عقب أحداث 11 سبتمبر، والتي بدأتها بضرب أفغانستان من دون تحقيق قانوني لمعرفة الجاني ومحاكمته، وقيامها بتغيير نظام الحكم بأفغانستان بغض النظر عن إرادة الشعب، وكذا كل تدخلاتها في شؤون العالم، وحمايتها للعديد من الأنظمة الحاكمة الفاشلة، وتكوين طبقة رأسمالية تابعة لها، كل ذلك يجعلني أكرهها ليس مرة واحدة لكن أكرهها آلاف المرات.

    وإذا كان خطاب الأخ سالم عنيفًا بعض الشيء فإن هناك رتبًا أعلى من الخطاب الخطير. فمواطنه الطالب المصري طاهر رفض الحديث في موضوع كهذا في البداية، لكنه لم يلبث أن صب جام غضبه على أمريكا، حيث افتتح حديثه بقول الله تعالى: "قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا" صدق الله العظيم. واستطرد طاهر قائلاً: "أنا أرى أن الله سوف يخسف بأمريكا الكافرة هذه في الأرض مثلما فعل بقوم يأجوج ومأجوج لأنهم تجبروا وطغوا وعاثوا في الأرض فسادًا وإفسادًا". وأشار طاهر إلى أن ما حدث في يوم 11 سبتمبر ليس إلا إنذارًا من الله بزوال هذه الأمة في غمضة عين، وأنه سوف يبيدهم في يوم من الأيام بما يصنعون من أسلحة فتاكة، حيث قال تعالى: "يخربون بيوتهم بأيديهم...".

    هذه أطياف من الخطاب الرافض لما تفعله الولايات المتحدة بالأوطان والشعوب العربية. وهذا التعدد ليس مزعجًا في ذاته، بل بقدر ما يتجاهل ثوابت كثيرة لا بد للأمة من مراعاتها في تقييم حالة خصومتها مع أمة أخرى. فهل توقفت هنا أطياف الخطابات التي يتداولها الشباب حيال أمريكا؟ الإجابة قطعًا بالنفي.

  • #2
    هناك آراء متوازنة.. لكنها ما زالت غاضبة

    ماذا نعني بالرأي المتزن؟ هو الرأي الذي يبصر في الشيء محاسنه وسوءاته على قدم سواء، فلا يُفرِط أو يُفرِّط. ومعنا هنا في البداية الكاتب والناقد المصري الشاب صبحي أمين، حيث يقول: "هذا سؤال صعب لا يمكن أن نطلقه على العموم. فليست أمريكا كونا مطلقا، بل مجموعة من الجزئيات الحياتية المتناثرة. لكن على الوجه السريع يمكنني أن أقول إنني لا أستطيع أن أكرهها بقدر ما أحترمها؛ لأنها تنظر إلى مصلحة الفرد أو المواطن الأمريكي قبل أن تنظر إلى مصلحة الشعوب الأخرى، وهي للآن ناجحة في هذا المضمار".

    وفضل الأستاذ صبحي أن يسحب السؤال بشكل آخر مفاده: هل نحن راضون عن الأنظمة التي تحكمنا وتحاول أن تدافع وتحافظ على حقوقنا تجاه حقوق الكيانات الأخرى وعلى رأسها أمريكا؟ هل نحن راضون عن سرقة أحلامنا وطموحاتنا لمصلحة السيطرة الأمريكية؟ بالطبع فالذنب ذنب الكيانات العربية الضعيفة تجاه هذا الأقوى المنتفع بضعفنا الدائم. ويمكنني القول إنني على الوجه الأعم قد أختلف مع السياسة والإدارة الأمريكية، وأكرهها ككيان استبداد، لكنني لا أستطيع أن أكرهها كمكان وأفراد وإنجاز.

    وأما الأستاذ عماد صبحي، الباحث وطالب الدكتوراة المصري، فقد حضر طرفًا من النقاش مع الطالب المصري طاهر، واحتد مقاطعًا طاهر قائلاً: "أنا أكرهها لأنها منبع الشرور في العالم، وهى المحرك لكل الأحداث السيئة، وفى نفس الوقت يعجبني المستوى البحثي والعلمي بها. إلا أن التقسيم على أساس أرض الكفر وأرض الإيمان هذا غير سليم". وأكد الأستاذ عماد أنه يرى أنه تقسيم غير صائب. فهناك الكثيرون ممن يدينون بالإسلام في المجتمع الأمريكي. وهناك الكثير من المراكز الإسلامية التي تؤدي دورًا هامًّا وحيويًّا هناك. ويقول: "لهذا، ورغم كراهيتي الشديدة لأمريكا كسياسة وإدارة، فإنني أسجل احترامي للكثير من القيم هناك لا سيما المتعلقة منها بالبحث العلمي، وإعلاء قيمة الفكر والبحث".

    وأما الطالب الجامعي الأردني رائد مسلم فيقول: "أنا لا أحب السياسة الأمريكية، وأعتقد أنها ظالمة، لكني لا أكره أمريكا كدولة". وأشار رائد إلى أن هناك فارقا بين الدولة والحكومة، فالحياة في المجتمع الأمريكي تقوم على العدالة والمساواة بين المواطنين، وينعم المواطن فيها بالأمان المعيشي وتحترم فيها إنسانيته، ويضمن له فيها حرية التعبير وممارسة حياته كما يحلو له. ولهذا تساءل: "لماذا لا أحبها؟ نعم أحبها، وأتمنى أن أعيش فيها، لأشعر بإنسانيتي وحريتي".

    أما رجل الأعمال المصري مرضي علي فيقول: "أحب المناخ الذي يتوفر للمواطنين على أرضها. فأي شخص هناك لو توفرت لديه الكفاءة والدأب سيحصل على ما يريد". وأكد أنه في نفس الوقت لا يمكنه أن يغفل عن العقل الأمريكي خاصة، والغربي عامة، ذلك العقل الذي يسعى لتحقيق مكاسبه من خلال افتعال الأزمات وفرض هيمنته بشتى الطرق. وقال: "لهذا أشعر في أحيان كثيرة بالكراهية تجاهها لأنها تمثل إحدى بؤر الظلم في العالم، وللأسف الشديد نحن -العرب- مسئولون عن الكثير مما يحدث لنا.

    كيف يرى المثقفون هذه الظاهرة؟

    أحمد عبد الله

    توجهنا لمثقفي الأمة في محاولة منهم لفهم أمريكا وفهم موقف الشباب منها، فماذا قالوا؟

    بدأ الدكتور أحمد عبد الله إخصائي علم النفس، ومسؤول صفحة "مشاكل وحلول" بشبكة "إسلام أون لاين.نت" بطرح يوضح ماهية أمريكا وجوهر نموذجها، حيث يرى أن الظاهرة الأمريكية أو الظاهرة الغربية بشكل عام مثل أي ظاهرة إنسانية شديدة التركيب، لها عدة وجوه وعدة مكونات، وبالتالي عند الحديث عن أمريكا سيكون من الصعب إعطاء وجهة نظر شمولية تتعلق بقبولها أو رفضها؛ لأن أمريكا بشكل أو بآخر استطاعت أن تتواجد في النسق الحياتي لكل الشعوب؛ لأنهم كانوا على وعي كامل بدور الدعاية، واستطاعوا استغلالها بشكل جيد.

    ويشير الدكتور أحمد إلى أن اهتمام الولايات المتحدة –بصفة خاصة- بالدعاية ربما نبع أساسًا من الإحساس بالنقص الذي ينتاب هذا المجتمع، فهو بلا تاريخ؛ ولهذا يلجأ لدعاية كرد فعل تعويضي ليرسم لنفسه صورة معينة عبر وسائلها المتعددة، تلك الدعاية كانت المفتاح الذي استلب به أفئدة الشباب في العالم أجمع، وليس في العالم العربي والإسلامي وحسب.

    وأشار الدكتور أحمد عبد الله إلى أن أحد مصادر التفوق الأمريكي الذي خلب ألباب الشباب ذلك المرتبط بفكرة التنوع التي جعلت أمريكا تعمل بأقصى درجات المرونة؛ مما ضمن لها قدرة عالية على استيعاب المتناقضات الداخلية والخارجية على اختلافها. وأشار إلى أن المجتمع الأمريكي مجتمع -بحكم تكوينه- مستعد لهذا الاستيعاب؛ استنادًا لحالة التنوع والتعددية الثرية التي يعيشها.

    وأشار الدكتور أحمد عبد الله إلى أنه يتزامن مع هذه الحالة من حالات التعددية الثرية درجة عالية من الابتكار المتجدد لنظم التشغيل الاجتماعية والتقنية. ولهذا نجد المجتمع الأمريكي، وبشكل أميبي، يستوعب أي ظاهرة ويعيد إفرازها، ثم توجيهها للوجهة التي يريدها، والتي تخدم مصالحه في الأساس.

    هذا عن نقاط القوة الجاذبة في المشروع الأمريكي. أما عن تفسيره لحالة الانقياد في ذاتها، فيؤكد د. أحمد عبد الله أن هناك حالة مما يمكن تسميته: التوحد مع المعتدي المتسلط القاهر، تمثل إحدى قواعد تفسير طبيعة العلاقة بين أمريكا وبقية الشعوب غير الأمريكية المقهورة التي تدرك مدى الخطر الذي يمثله هذا الكيان عليها. ويُعرف د. أحمد عبد الله حالة التوحد مع المعتدي بكونها حالة معروفة في علم النفس السياسي، وفيها تحاول الضحية الخروج من مأزق المواجهة مع المعتدي من خلال تقمصها دور المعتدي، ومحاكاة منطقه وسلوكه.

    ويشير د. أحمد إلى احتمال أن يكون إعجاب الأمريكيين بابن لادن أحد تجليات هذا النوع من الأمراض النفسية الجماهيرية السياسية. وأشار أيضًا إلى أن نفس الحالة ربما تتمثل في ولع الشعوب العربية بالولايات المتحدة وبالنموذج الأمريكي، وهو –برأيه- ما يعزز السيطرة الأمريكية.

    وقد توجهنا بالسؤال أيضًا إلى المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، حول رأيه في ظاهرة انبهار بعض الشباب بالولايات المتحدة برغم مواقفها السلبية المعلنة من قضايا الأمة العربية والإسلامية، فأجاب: "لقد عاصرنا في بلادنا على امتداد عقود ماضية ما كان يطلق عليه (عقدة الخواجة)، أي: تمجيد كل ما يأتي من الخارج، واحتقار الصناعة الوطنية، وانعدام الثقة في الذات سبب هذا الأمر". وفي تفسيره لتلك الظاهرة قال المهندس أحمد بهاء: "إن طول فترات الاستعمار تركت موروثا ثقافيا عميقا يرى في كل ما يجيء من الغرب حقا وقوة وكفاءة، وينتقص من كل ما يأتي من بلادنا. وقد كرست الحكومات العربية هذا المنحى، وعمقت شعور التبعية والإحساس بأن السيد الأجنبي (وبالذات الأمريكي) يملك كل أوراق اللعبة، أو على الأقل 99% منها كما كان يقول الرئيس المصري السابق: أنور السادات".

    وبلهجة حادة استطرد موضحا وجهة نظره: "الشعوب المحترمة التي تثق في نفسها، وتملك إرادتها تستطيع أن تقول: لا للولايات المتحدة الأمريكية، وللغرب، ولكل قوة باطشة في هذا العالم الظالم؛ حتى لو عشنا معيشة أقل رفاهية، وأكثر زهدًا. فالواقع أن قسمًا كبيرًا من مظاهر الحياة العصرية التي تحيط بنا من كل جانب، ونتصور لسذاجتنا أنها ضرورية ضرورة قصوى لحياتنا، هي في نهاية المطاف أشياء لا قيمة لها، ولا إضافة يمكن أن تضيفها إلى وجودنا، إنها تستعبدنا فقط لصالح فكرة هيمنة نمط الحياة الاستهلاكية الأمريكية الذي يتم تصويره لنا باعتباره نمط الحياة المتقدمة الوحيد".

    أما الدكتور محمد مورو رئيس تحرير مجلة المختار الإسلامي المصرية فيحرر نقطة تمييزه لرفضه للمشروع الأمريكي في أمرين:

    الأول: أن هذا المشروع الأمريكي يتعارض مع مفهوم الهوية؛ لأنه يسعى لفرض نموذجه الخاص على كل شعوب الأرض من خلال عملية القولبة المسماة بالأمركة، أو العولمة تجاوزًا.

    الثاني: أن هذا النموذج بدعمه لإسرائيل يصبح أيضًا متعارضًا مع مفهوم المقاومة ضد الكيان الصهيوني.

    ويرى الدكتور مورو أن كلا المفهومين: الهوية والمقاومة مصيريان بالنسبة لحياة الأمة ونهضتها.

    تعليق


    • #3
      عصام العريان

      أما د. عصام العريان، وهو من كوادر حركة الإخوان المسلمين بمصر فيقول: "أنا أرفض الرمز الأمريكي، كما أرفض محاولة فرض هذا الرمز على بقية الأمم. وكمسلم أحترم اعتزازهم برموزهم، كما أحترم قدرتهم على بناء اقتصاد قوي استطاعوا به أن يؤثروا في العالم. ولكنني في نفس الوقت أكره السياسة الأمريكية المتعنتة التي تستند إلى القوة السافرة. وفي مقابل هذا النموذج الأمريكي يجب أن يكون لدينا –كمسلمين- إدراك لحقيقة وضعيتنا، وتقدير لرموزنا الحية وعطائها التاريخي الذي كان من الممكن أن يمثل أحد مفاتيح إنقاذ البشرية".

      ويرى د. عصام أننا "كمسلمين وعرب لنا الكثير من الرموز على كافة الأصعدة، بعضها من ديننا، وبعضها من ثقافتنا وتراثنا، وتمسكنا بهويتنا سوف يضمن لنا مقاومة هذا الرمز الأمريكي في محاولته للهيمنة على العالم".

      أما المهندس أبو العلا ماضي، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والذي انفصل عن الإخوان ليتقدم بمشروع تأسيس حزب الوسط، فيقول: في ظل ظروف معينة مشاعرك قد تتغير. وأنا لم يكن لدى شعور معادٍ للحياة الأمريكية. ومن باب احترام الخصوصية لم أكن أحمل لهم أي ضغينة. قد يكون هذا النموذج غير صالح لمجتمعنا، لكنني أحترم خصوصيتهم، كما أطالبهم بعدم التدخل في حياتنا؛ فأنا لا أرى من حقي التدخل في حياتهم.

      وأشار المهندس أبو العلا إلى أنه "بعد الأحداث الأخيرة، لم يعد يستطيع الفصل كثيرًا بين السياسة الأمريكية الخارجية التي تحاول أن تفرض نموذجًا للعولمة والتنميط والهيمنة وفق النموذج الأمريكي الذي لا يهمه إلا مصلحته وبين موقفنا نحن من هذا النموذج".

      وهنا أكد المهندس أبو العلا على أنه "لا بد من إعادة النظر فيما يُصدَّر إلينا من وسائل ثقافية الغرض منها هزيمتنا ثقافيًّا والترويج لهذا النموذج لتنميط العالم على نموذج واحد". وفي محاولة للكشف عن تفاصيل رؤيته قال المهندس أبو العلا: "أنا لا أكره المواطن الأمريكي، بل أنظر إليه بحرص. أما الذي أكرهه بلا جدال فهي سياسة الإدارة الأمريكية نحو أوطاننا. ففلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها الكثير والكثير من المناطق العربية والإسلامية خير دليل على بطشها وصلفها". ثم توجه إلينا المهندس أبو العلا بالسؤال: هل تصدقانني إن قلت لكما إنني أشفق أحيانا على المواطن الأمريكي بسبب ما يوجه له من مشاعر غضب وكراهية بينما السبب الأساسي والذي يجب أن يوجه إليها هذا الغضب هي الإدارة الأمريكية الحالية التي تعد الأسوأ على مدى التاريخ.

      أما الدكتور محسن خليل مندوب العراق الدائم بجامعة الدول العربية، وسفير الجمهورية العراقية بمصر فيقول: "الولايات المتحدة أصبحت الآن القوة الأولى في العالم، وهي بهذا المركز تشعر بأنها أصبحت سيدة العالم، وتسعى للحيلولة دون بروز أي قوة أو دولة يمكن أن تشكل تحديًا لانفرادها بالهيمنة على العالم، وفي إطار هذا الفهم تسعى لفرض منطقها على كل الأقاليم في العالم سواءً بصيغة هيمنة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، ونعتقد أنها تخطط للمنطقة العربية بطريقة تعيد ترتيبها بما يضمن أمن الكيان الصهيوني واستمراره والقضاء على أي إمكانية لنشوء مركز عربي قوي وقادر على مواجهة الكيان الصهيوني".

      واستطرد قائلاً: "من هنا يتردد بأن السياسة الأمريكية والصهيونية تتهيأ لإيجاد بيئة ملائمة ومواكبة لتفتيت المنطقة العربية وتجزئة بلدانها دون استثناء، ثم تفجير الصراعات العرقية والدينية والطائفية بينها، وبذلك تستطيع أن تستنزفها وتضعفها جميعًا وتتحكم في مواردها وثرواتها ومواقفها السياسية بما يعزز هيمنتها على الوطن العربي ويحافظ على أمن الكيان الصهيوني". وأكد الدكتور محسن خليل أن استهداف العراق سيكون مقدمة لهذا المخطط فيما إذا قيض لهذا المخطط النجاح لا سمح الله.

      أما الكاتب والسيناريست المصري البارز أسامة أنور عكاشة فيقول: "الأمر الأكثر أهمية أننا دائمًا نصور ما يحدث على أنه مؤامرة رغم اتفاقنا على أن أمريكا قوة استعمارية تماثل الدولة الرومانية القديمة؛ ولهذا تحاول السيطرة على مقدرات العالم كما كانت هذه الدولة. ورغم إدراكنا الكامل لهذه الوضعية؛ فإننا ما زلنا نتخذ موقفًا سكونيًا؛ تاركين لهذا الكيان الفرصة كي يتغلغل داخل نسيجنا. إن العيب الذي بنا يتمثل في أننا دائما نستقبل ولا نرسل نستهلك ولا ننتج".

      وعن الموقف الذي يدعو إليه الأستاذ أسامة نجده يقول: "يجب أن ننظر إلى الواجب علينا بعمق أكثر، فلا نكتفي بالتعامل معهم على أساس المؤامرة. فلماذا لم نقدر حتى الآن على توجيه خطاب عقلاني حصيف للغرب؟ يمكننا أن نكره أعداءنا، ولكن يجب أن نفعل شيئًا كي نحمي به أنفسنا".

      ويدعو الأستاذ أسامة إلى ضرورة وضع العاطفة في حجمها الطبيعي. فالمسألة ليست حبًّا خالصًا أو كرهًا خالصًا، ونحن ما زلنا نتحدث عن الحب والكره لمعناهما العاطفي الساذج. إن الأمر يتوقف علينا نحن. فإيماننا بذاتنا وبقدرتنا على الفعل هو الشيء الوحيد الذي سيضمن لنا فرصًا للتواجد. فليس من العقل أن نترك أنفسنا نهبًا للرياح الخارجية؛ تحركنا هنا وهناك، ونقف مكتوفي الأيدي دونما مشاركة فعلية لا بد منها لنحافظ على تواجدنا، وإلا فالأمر سيؤدي بنا في النهاية إلى التعرض للانقراض".

      تعليق


      • #4
        أمريكا في نظر علماء الأمة


        القرضاوي

        لقد طرحنا هذه الصورة على فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، فكان رده كالتالي: "الإسلام والعالم الإسلامي لم يكن ليعادي الولايات المتحدة". ويقول: "في أثناء الصراع بين المعسكرين: الغربي والشرقي، أو الرأسمالي والشيوعي، كان الاتجاه الإسلامي أميل إلى المعسكر الغربي -على مظالمه- من المعسكر الشرقي؛ لأن المعسكر الغربي محسوب على المسيحية، وهي دين سماوي في الأصل، والمسيحيين أهل كتاب في نظر المسلمين، في حين أن المعسكر الشرقي محسوب على الإلحاد والمادية، وإنكار الألوهية والوحي.

        والصراع بين الفريقين أشبه بما كان من صراع بين الروم -وهم نصـارى أهل كتاب- والفرس -وهم مجوس يعبدون النار- في فجر الإسلام، وكان المشركون مع الفرس، والمسلمون مع الروم، وقد تجادلوا وتراهنوا حول مستقبل الفريقين. ونزلت آيات القرآن في سورة الروم تنتصر للروم ضد الفرس، وتبشر بانتصار الروم عن قريب، وتقول: "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله" (الروم: 4).

        أما عن المفصل في هذه العلاقة فيصفه الدكتور القرضاوي بقوله: "أما اليوم فآخذ على السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط: تحيزها الكامل، بل تأييدها المطلق للسياسة الإسرائيلية، ووقوفها إلى جانب الإرهاب الصهيوني، فهي تقف بجانب إسرائيل وتمدها وتؤيدها: بالمال الأمريكي، والسلاح الأمريكي، والفيتو الأمريكي. حتى آخر (فيتو) أمريكي كان ضد إرسال مراقبين دوليين يساهمون في تهدئة المنطقة. حتى هذا رفضته أمريكا، لتنفذ إسرائيل ما تريد".

        كما يأخذ على السياسة الأمريكية أيضًا: "غرورها بقوتها العسكرية والاقتصادية والعلمية، ومحاولة أن تفرض رأيها وسياستها على الناس، بمنطق القوة، لا بقوة المنطق".

        ويأخذ عليها كذلك: "أن فلاسفة الفكر السياسي عندها: رشحوا لها الإسلام (عدوا) جديدا، بديلا للاتحاد السوفيتي الذي سماه ريجان (دولة الشر) وأخذوا يخوفون من (الخطر الأخضر) المنتظر، يعنون به (الخطر الإسلامي) بعد أن سقط (الخطر الأحمر)، وحدث التقارب مع (الخطر الأصفر)، في حين تعاون المسلمون معها في محاربة السوفيت في أفغانستان، وذهب كثير من أبناء المسلمين إلى جامعاتها ومعاهدها ليتعلموا فيها، وإلى مستشفياتها ليعالجوا فيها، وهاجر كثير من أبناء المسلمين إليها، وكثير من نوابغهم استقروا فيها".

        ويرى الدكتور القرضاوي أن اعتبار أمريكا الإسلام العدو البديل للاتحاد السوفيتي يمثل نظرة خاطئة في جوهرها للإسلام وأمته، وموقفه من أهل الكتاب عامة ومن النصارى خاصة، ولهذا وقف بعض الأساتذة النابهون من العقلاء والمنصفين ضد هذه الحملة، واعتبروا الخطر الإسلامي وهمًّا لا حقيقة، منهم البروفيسور إسبوزيتو، وغيره.

        كما يأخذ الدكتور القرضاوي على السياسة الأمريكية "موقفها في محاربة ما سموه (الإرهاب) الذي رفضوا أن يحددوه بمعايير علمية موضوعية، بل تركوا مفهومه هلاميا رجراجا، ليحددوه على هواهم، ويدخلوا فيه كل جماعات المقاومة المشروعة، ثم يقولوا: من ليس معنا فهو مع الإرهاب".

        وأشار الدكتور القرضاوي إلى أن أمريكا تحدت بسياستها نحو 300 مليون من العرب، ووراء نحو ألف مليون من المسلمين، حين اعتبرت المقاومة الفلسطينية التي تحارب المحتل الذي يضربها بالطائرات تقذف من فوق، وبالدبابات تقصف من تحت، وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمر المنازل، وتحرق المزارع، وتجرف الأرض عمدا، أمريكا تساند هذه الدولة الوحشية، وتعتبر هذا دفاعا عن النفس، وترفض المقاومة المشروعة، وتعتبرها إرهابا وإجراما! وآخر ما فعلته أمريكا -مما استفز العرب والمسلمين- قرار نقل سفارتها إلى القدس، وليغضب المسلمون، وليخبطوا رؤوسهم في الحائط، وليفعلوا ما شاءوا".

        وأشار الدكتور القرضاوي إلى أن مواقف أمريكا المختلفة من المسلمين تشككهم أنها لا تضمر خيرا لهم، ولا لدينهم، وفسر ذلك بأنها ربما تعتبره دينا (ناشزًا) يستعصي على الاستسلام لها، والإذعان لإرادتها. أو لأن (اللوبي) الصهيوني المسيطر على الجانب الأكبر من سياستها وتوجهاتها، جهارا أو من وراء ستار: يؤثر عليها، ويوحي لها بهذه المواقف.

        ودلل د. القرضاوي على ذلك بالعداء والحصار -لسنوات عدة- للسودان، ولإيران وللعراق، الذي يموت أطفاله بمئات الألوف، من قلة الغذاء، أو فقد الدواء، نتيجة الحصار الأمريكي؟ وهذا التصلب الأمريكي في الإصرار على ضرب العراق، رغم قبوله لعودة المفتشين الدوليين بلا قيد ولا شرط؟ وهذه الحملة ضد المملكة السعودية، وقد برئت من ابن لادن وجردته من جنسيته، ووضعته في القائمة السوداء؟ ولهذا كله يجد الدكتور القرضاوي من الطبيعي أن تنتشر مشاعر الكراهية تجاه أمريكا..

        وأشار الدكتور القرضاوي إلى أن العرب والمسلمين ليسوا وحدهم الذين يعادون سياسة أمريكا الخارجية، إن معظم شعوب العالم تعادي سياسة أمريكا، وهذا ظهر بجلاء في مؤتمر ديربان في جنوب أفريقيا، فقد وجدت أمريكا نفسها محاصرة بكراهية عالمية.. وهي كراهية ليست من صنع روسيا ولا من صنع الصين ولا أحد من (محاور الشر)!، إنما صنعتها أمريكا لنفسها، فالناس عادة تكره الفراعنة والجبابرة المستكبرين في الأرض بغير الحق، وإن كانوا يذعنون لهم ويخضعون لأوامرهم في الظاهر.

        وقال: "إن أمريكا تريد أن تعيد استعمار العالم باسم جديد، هو (العولمة) فحقيقة العولمة هي (الأمركة) سواء كانت عولمة السياسة أم عولمة الاقتصاد، أم عولمة الثقافة، بل حتى (عولمة الدين)".

        واستطرد يؤكد: "الآن تريد أمريكا (عولمة الأمن) تحت اسم (محاربة الإرهاب) تريد أن تتدخل في كل شيء في أخص الشؤون الداخلية للدول، حتى مناهج تعليمها الديني، وحتى تبرعات أفرادها لأعمال الخير".

        وفي قمة طرحه صرح بأن: أمريكا تريد أن تراقب عقول الناس إذا فكروا، وعواطف الناس إذا أحبوا أو كرهوا، وسلوك الناس إذا تدينوا أو فسقوا. وهي تطمئن إلى المسلمين إذا فسقوا أو أعرضوا عن الله، ولا تطمئن إليهم إذا اهتدوا أو استمسكوا بالعروة الوثقى، كما ذكر القرآن عن المشركين: "وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (الأصنام) إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ".

        أما فضيلة الدكتور محمد عمارة فيقول: "النموذج الأمريكي مرفوض رفضًا كاملاً من وجهة النظر الإسلامية". وقد حدد الدكتور محمد عمارة أسباب الرفض الإسلامي للمشروع الغربي في ثلاثة أسباب:

        الأول: أن النموذج الأمريكي توءم للنموذج الصهيوني. فقد أكد د. محمد عمارة على أن الولايات المتحدة تأسست على إبادة شعب وحضارة، وإحلال مستوطنين غرباء محلهما أتوا بهم من أوروبا إلى أمريكا. ففلسفة إقامة وتكوين هذا النموذج هي نفس الفلسفة الصهيونية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

        الثاني: من سمات هذا النموذج المرفوض هو تمثيله للرأسمالية الليبرالية المتوشحة. ويرى النموذج الرأسمالي أن وصفته أكثر النماذج الاقتصادية جودة، وأنها يجب أن تسود العالم إما حربًا أو سلمًا، من خلال صراع أو صدام الحضارات. ولقد سعت الولايات المتحدة لفرض هذا النموذج عبر استغلال برامج التنمية في مؤسسات التمويل الدولية، مستغلة حاجة الشعوب الفقيرة للقروض لتمويل عمليات التنمية. وقد فرضت تطبيق هذا النموذج عبر وصفة إجبارية لم تكن مناسبة لكثير من المجتمعات التي فُرِضت عليها، أو كانت قد تم تطبيقها في مجتمعات مشابهة فجرَّت الخراب والدمار.

        الثالث: هو أنه أي النموذج الأمريكي يمثل في هذا الوضع الراهن جنون القوة في تعامله مع العالم وخاصة العالم الإسلامي. فلقد تطورت علاقة أمريكا بالشعوب الطامحة للاستقلال والحرية من مرحلة سياسة القوة إلى مرحلة غطرسة القوة إلى المرحلة الحالية وهي جنون القوة. وهذا النموذج في وضعه الراهن يجمع ما بين القارونية من ناحية، والفرعونية من ناحية ثانية؛ ولذلك لا يمكن أن يكون مقبولاً من وجهة النظر الإسلامية بل ولا حتى من وجهه النظر الإنسانية المتحرر.

        عكرمة صبري

        ويشير فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة صبري مفتي القدس وعموم فلسطين إلى أن مأساة العالم العربي والإسلامي تكمن في أن: "أمريكا رفعت شعار العولمة، وتريد بذلك احتواء وتسخير جميع دول العالم لأجل مصلحتها وحدها، كما تريد السيطرة على مقدرات العالم النفطية، والذي لا يريد أن يخضع لأمريكا فإنه يوصف بالإرهاب، ويعتبر عدوًّا لها، ومن ثم لا مكان للمسلمين ليعيشوا عيشة كريمة ويراعوا مصالحهم هم، بل صاروا خاضعين لما تراه أمريكا مصلحتها ومصلحتهم".

        واستطرد قائلاً: "نحن نحب الأفعال الخيرة، ونكره الأفعال الشريرة. إن تقييمنا لأي دولة أو لأي شخص يكون من خلال الأفعال. فالذي يريد أن يحب لا بد أن يبرر حبه من خلال الأفعال، وعكس ذلك بالنسبة لمن يكره ولا يؤيد. والأصل أن نقيم أنفسنا، وأن نشيع المحبة فيما بيننا قبل أن نتوجه إلى أمريكا".

        وأوضح الدكتور عكرمة أن "ما تفعله أمريكا بفلسطين المحتلة لا يخفى على أحد، كما لا يخفى مدى التأييد القوي من أمريكا لسلطات الاحتلال. فهناك تنسيق وتعاون إستراتيجي بينهما. والأسلحة التي يستعملها الجيش الإسرائيلي أسلحة أمريكية الصنع، ومن أحدث المخترعات الفتاكة. بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي. كل ذلك لضرب العالم العربي والإسلامي، وهذا مؤشر خطر، وعلى جميع العرب والمسلمين أن يدركوا أن أمريكا لن تتخلى عن إسرائيل، ولن تقيم وزنًا للعرب والمسلمين طالما ظلوا على حالهم من الضعف والضعة والبعد عن الله".

        ويضع الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأمور في نصاب مسؤولية الأمة عما أصابها من تدهور، فيقول: "ما تفعله الولايات المتحدة بالعالم العربي والإسلامي ظلم. والإسلام علمنا ألا نقبل الظلم ولا الهيمنة المتغطرسة التي تقوم بها أمة ضد أخرى، ولا نقبل الاستكانة التي تتعامل بها الشعوب المقهورة. فالإسلام لا يقبل الظلم، كما أنه لا يقبل الاستكانة والانهزامية في مواجهة القوى التي تتخذ من البغي قاعدة مستقرة لسلوكها".

        وأكد د. أحمد عمر هاشم على أن انقطاع صلتنا بالله هي التي جرتنا لما آلت إليه أحوالنا. فلو رجع المسلمون إلى حظيرة الإسلام فسيجدون أن الله القوي قادر على إبادة الظالمين المتجبرين، وأن تطبيقنا أوامره ونواهيه كفيل بإحداث نقلة في حياتنا تنتشلنا من حالة الضعة التي نعانيها.

        وأكد د. أحمد على ضرورة أن يتمسك المسلمون بوحدة قومية تجمعهم، فيجب أن يكونوا يدًا واحدة ضد أي قوة خارجية تهددهم. وأن عليهم أن يرفضوا التعامل مع أي كيان يهددهم ويهدد دينهم. وشدد على أنه يجب على كل فرد أن يضطلع بدوره في هذه المنظومة. فعلى رجل السياسة دور، وعلى رجل العلم دور، وكل يكمل دور الآخر.

        الخلاصة

        وبعد هذا التجوال مع شبابنا ومفكرينا وعلمائنا نجد أنه من المناسب أن نرصد أهم منتجات هذا التحقيق والمواقف المرصودة فيه:

        المستوى الأول: الإنسان الغربي.

        المستوى الثاني: المشروع الحياتي.. المسمى: النموذج الأمريكي.

        المستوى الثالث: نظم التشغيل.

        المستوى الرابع: المشروع الاستعماري.

        فأما الإنسان الغربي.. فالأصل لدى المسلم أنه داعية، وأن رسالته للعالمين؛ ومن هنا فإن الإنسان الغربي كإنسان أحد أهم مستهدفات المسلم.. بحسن العشرة وطيب المعاملة.. والتوجه إليه بالدعوة الإسلامية وكنوز الإسلام.

        تعليق


        • #5
          وأما المشروع الحياتي الأمريكي، والخاص بالقيم الاجتماعية الأمريكية.. فهذه القيم بعضها يمكن الاستفادة منه إنسانيًّا؛ كقضية الديمقراطية، وبعضها يمثل طرحا اجتماعيا سلبيا؛ كقضية الإباحية... إلخ. فما كان منه نافعًا للإفادة الإنسانية يمكن التعامل معه والتعاطي معه والاستفادة منه، وما كان منه غير صالح فينبغي ردُّه، وتجاوزه، ودعوة الأمريكان لما يصلح به من الإسلام وضعهم.

          وأما نظم التشغيل.. كالتقنية والتقدم الإداري.. والخبرات التي على نفس الشاكلة فيمكن الاستفادة منها. ويمكن إفادة الغير من أي تقدم نحرزه في نفس الإطار.. وذلك وفق الآليات المتداولة للاستفادة من هذه النظم.. كحقوق الملكية الفكرية وما على شاكلتها.

          وأما المشروع الاستعماري فهو أمر مرفوض كلية؛ بما يعني ضرورة وضع حد لتدهور مواقف الأمة في مواجهة الاستكبار في الأرض بغير الحق، وممارسة غرور القوة وجنونها. إن المصالح الأمريكية يمكن تفهمها، لكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب المصالح المرسلة لعموم الأمة، أو على حساب كرامة الأمة. فالإسلام لا يقبل هذا الحال من الضعف والمهانة.



          المصدر

          http://www.islamonline.net/Arabic/co...rticle01.shtml



          لاإله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

          لا تنسواالدعاءلأخوانكم في فلسطين والعراق وكافة المسلمين

          والمقاطعة سلاحنا

          فإن لم نستطع دعم أخواننا المجاهدين في فلسطين

          فلا ندفع ثمن رصاصة للصهاينة المجرمين

          اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X