إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مختصر تفسير الميزان للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي رحمه الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16



    102ـ (واتبعوا ما تتلو الشياطين...) يلوح من الآية أن اليهود كانوا يتداولون بينهم السحر وينسبونه إلى سليمان، زعماً منهم أن سليمان عليه السلام إنما ملك الملك وسخر الجن والانس والوحش والطير وأتى بغرائب الأمور وخوارقها بالسحر الذي هو بعض ما في أيديهم، وينسبون بعضه الآخر إلى الملكين ببابل هاروت وماروت. فرد عليهم
    القرآن بأن سليمان عليه السلام لم يكن يعمل بالسحر، كيف والسحر كفر بالله، وهو نبي معصوم. فقوله تعالى: (واتبعوا) اليهود الذين بعد عهد سليمان بتوارث الخلف عن السلف (ما تتلو الشياطين) تكذّب الشياطين من الجن على ملك سليمان. (وما كفر سليمان...) والحال ان سليمان لم يسحر حتى يكفر ولكن الشياطين كفروا فهم يضلون الناس ويعلمونهم السحر. (وما اُنزل على الملكين...) واتبعت اليهود ما أنزل بالإلهام على الملكين ببابل هاروت وماروت، والحال انهما ما يُعلّمان السحر من أحد حتى يحذراه العمل به ويقولا (انّما نحن فتنة) لك وامتحان تُمتحن بنا بما نعلمك (فلا تكفر) باستعماله. (فيتعلمون منهما...) من الملكين هاروت وماروت سحراً يفرقون بعمله وتأثيره بين المرء وزوجه. (وما هم بضارين به...) دفعٌ لما سبق إلى الوهم انهم بذلك يفسدون أمر الصنع والتكوين ويسبقون تقدير الله ويبطلون أمره، فدفعه بان السحر نفسه من القدر لا يؤثر إلاّ باذن الله. (ولقد علموا لمن اشتراه) علموا ذلك بعقولهم، لأن العقل لا يرتاب في أن السحر أشأم منابع الفساد في المجتمع الانساني. (ولبئس ما شروا به...) إنهم مع كونهم عالمين بكونه شراً لهم مفسداً لآخرتهم، لكنهم غير عالمين بذلك، حيث لم يعملوا بما علموا، فإن العلم إذا لم يهد حامله إلى مستقيم الصراط، كان ضلالاً وجهلاً لا علماً.
    103ـ (ولو أنهم آمنوا واتقوا...) فيه دليل على انّ الكفر باستخدام السحر كفر في مرتبة العمل كترك الزكاة، لا كفر في مرتبة الاعتقاد. ولو كان السحر كفراً في الاعتقاد لقال تعالى: ولو أنهم آمنوا لمثوبة...، واقتصر على الايمان ولم يذكر التقوى، فاليهود آمنوا ولكن لما لم يتّقوا ولم يرعوا محارم الله، لم يعبأ بايمانهم فكانوا كافرين.
    104ـ (يا أيّها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا...) بدّلوا قول (راعنا) بقول (انظرنا) ولئن لم تفعلوا ذلك، كان ذلك منكم كفراً وللكافرين عذاب أليم. ففي الآية نهي شديد عن قول راعنا. وكانت اللفظة تفيد بلغة اليهود معنى الشتم.
    105ـ (ما يَودّ الذين كفروا من أهل...) لو كان المراد بأهل الكتاب اليهود خاصة، فتوصيفهم بأهل الكتاب يفيد الاشارة إلى العلّة، وهو أنهم لكونهم أهل كتاب ما يودون نزول الكتاب على المؤمنين لاستلزامه بطلان اختصاصهم بأهلية الكتاب. ولو كان المراد بأهل الكتاب عموم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فهو تعميم بعد التخصيص لاشتراك الفريقين في بعض الخصـائل، وهم على غيظ من الاسـلام، وربّما يؤيد هذا الوجه بعض الآيات اللاّحقـة [البقرة: 111، 113].
    الملفات المرفقة

    تعليق


    • #17
      بارك الله فيك لمرضاته اخي العزيز ورحم والديك...

      تعليق


      • #18
        المشاركة الأصلية بواسطة غيوم
        بارك الله فيك لمرضاته اخي العزيز ورحم والديك...
        حياك الله سيدنا العزيز
        شكرا على مروركم الكريم
        جعل الله القرآن شفيعكم يوم المحشر

        تعليق


        • #19


          106ـ (ما ننسخ من آية...) النسخ: الإزالة والإذهاب عن العين. والإنساء: بمعنى الإذهاب عن العلم. والمعنى: ما نذهب بآية عن العين أو عن العلم نأتِ بخير منها أو مثلها. (ألم تعلم أن الله على كل...) فلا يعجز سبحانه عن إقامة ما هو خير من الفائت أو إقامة ما هو مثل الفائت مقامه.
          107ـ (ألم تعلم أنّ الله له ملك...) إن ملك السماوات والأرض لله سبحانه، فله أن يتصرف في ملكه كيف يشاء وليس لغيره شيء من الملك حتى يوجب ذلك انسداد باب من أبواب تصرفه سبحانه، أو يكون مانعاً دون تصرف من تصرفاته.
          108ـ (أم تريدون أن تسألوا...) سياق الآية يدل على أن بعض المسلمين ـ ممّن آمن بالنبيّ ـ سأل النبيّ أموراً على حد سؤال اليهود نبيهم موسى عليه السلام، والله سبحانه وبّخهم على ذلك في ضمن ما يوبّخ اليهود بما فعلوا مع موسى والنبيين من بعده. (سواء السبيل) مستوى الطريق.
          109ـ (ودَّ كثير من أهل الكتاب...) نقل أنه حيي بن الأخطب وبعض من معه من متعصبي اليهود. (فاعفوا واصفحوا) قالوا: إنها آية منسوخة بآية القتال. (حتى يأتي الله بأمره) فيه إيماء إلى حكم سيشرعه الله تعالى في حقهم.
          110ـ (واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة...) [ذكر في مجمع البيان: لما أمر الله سبحانه المؤمنين بالصفح عن الكفار والتجاوز، علم أنه يشق عليهم ذلك مع شدة عداوة اليهود وغيرهم لهم، فأمرهم بالاستعانة على ذلك بالصلاة والزكاة فإن في ذلك معونة لهم على الصبر مع ما يحوزون بهما من الثواب والأجر. (وما تقدموا لانفسكم من خير) من طاعة وإحسان وعمل صالح (تجدوه عند الله) تجدوا ثوابه مُعداً لكم عند الله، وقيل معناه: تجدوه مكتوباً محفوظاً عند الله ليجازيكم به].
          111ـ (وقالوا لن يدخل الجنة...) شروع في إلحاق النصارى باليهود تصريحاً، وسوق الكلام في بيان جرائمهم معاً.
          112ـ (بلى من أسلم وجهه...) هذه كرة ثالثة عليهم في بيان أن السعادة لا تدور مدار الإسم ولا كرامة لأحد على الله إلاّ بحقيقة الايمان والعبودية. أولاها: قوله: (إن الذين آمنوا والذين هادوا...) البقرة ـ 62. وثانيتها: قوله: (بلى من كسب سيئة...) البقرة ـ 81. وثالثتها: هذه الآية. ويستفاد من تطبيق هذه الآيات تفسير الايمان باسلام الوجه إلى الله، وتفسير الاحسان بالعمل الصالح.
          الملفات المرفقة

          تعليق


          • #20


            113ـ (... وهم يتلون الكتاب...) وهم يعملون بما اُوتوا من كتاب الله لا ينبغي لهم أن يقولوا ذلك، والكتاب يبين لهم الحق، والدليل على ذلك قوله: (كذلك قال الذين لا يعلمون...) فالمراد بالذين لا يعلمون غير أهل الكتاب، من الكفار ومشركي العرب قالوا: إن المسلمين ليسوا على شيء أو إن أهل الكتاب ليسوا على شيء.
            114ـ (ومن أظلم ممن منع...) ظاهر السياق أن هؤلاء كفار مكة قبل الهجرة فان هذه الآيات نزلت في أوائل ورود رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة. (أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلاّ خائفين) ينطبق على كفار قريش وفعالهم بمكة كما ورد به النقل، أن المانعين كفار مكة، كانوا يمنعون المسلمين عن الصلاة في المسجد الحرام والمساجد التي اتخذوها بفناء الكعبة.
            115ـ (ولله المشرق والمغرب...) المشرق والمغرب وكل جهة من الجهات حيث كانت فهي لله بحقيقة الملك التي لا تقبل التبدل والانتقال. ولما كان المشرق والمغرب جهتين إضافيتين شملتا ساير الجهات تقريباً، لذلك لم يقيد إطلاق قوله: (فأينما) بهما، فكأن الانسان أينما ولى وجهه فهناك إما مشرق أو مغرب. (فثم وجه الله) التقدير: فأينما تولوا جاز لكم ذلك فإن وجه الله هناك، ويدل على هذا التقدير، تعليل الحكم بقوله تعالى: (إن الله واسع عليم) أي ان الله واسع الملك والاحاطة، عليم بقصودكم أينما توجهت. واعلم أن هذا توسعة في القبلة من حيث الجهة لا من حيث المكان.
            116،117ـ (وقالوا اتخذ الله ولداً...) المراد بالقائلين بهذه المقالة هم اليهود والنصارى، إذ قالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله. فرد الله عليهم في هاتين الآيتين فأضرب عن قولهم بقوله: (بل له ملك السماوات...)، ويشتمل على برهانين ينفي كل منهما الولادة وتحقق الولد منه سبحانه، فإن اتخاذ الولد هو أن يجزي موجود طبيعي بعض أجزاء وجوده ويفصله عن نفسه فيصيّره بتربية تدريجية فرداً من نوعه مماثلاً لنفسه، وهو سبحانه منزه عن المثل، بل كل شيء مما في السماوات والأرض مملوك له، قائم الذات به، قانت ذليل، فكيف يكون شيء من الأشياء ولداً له مماثلاً نوعياً بالنسبة إليه وهو سبحانه بديع السماوات والأرض، إنما يخلق على غير مثال سابق، إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون من غير مثال سابق ولا تدريج.
            118ـ (وقال الذين لا يعلمون...) هم المشركون، غير أهل الكتاب. (كذلك قال الذين من قبلهم) وهم أهل الكتاب. وفي هذه الآية أَلحق المشركين والكفار بهم، فهم والكفار متشابهون في أفكارهم وآرائهم، يقول هؤلاء ما قاله أولئك وبالعكس. (قد بينا الآيات لقوم يوقنون) المراد أن الآيات التي يطالبون بها مأتيّة مبيّنة، ولكن لا ينتفع بها إلاّ قوم يوقنون بآيات الله، وأما هؤلاء الذين لا يعلمون فقلوبهم محجوبة بحجاب الجهل.
            119ـ (إنّا أرسلناك بالحق...) توجيه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والاشعار بأنه مرسل من عند الله بالحق بشيراً ونذيراً، فلتطب به نفسه، وليعلم أن هؤلاء اصحاب الجحيم، مكتوب عليهم ذلك، لا مطمع في هدايتهم ونجاتهم.
            الملفات المرفقة

            تعليق


            • #21



              120ـ (ولن ترضى عنك اليهود...) كأنه تعالى بعد هذه الخطابات والتوبيخات لهم يرجع إلى رسوله ويقول له: هؤلاء ليسوا براضين عنك حتى تتبع ملتهم التي ابتدعوها بأهوائهم ونظموها بآرائهم. ثم أمره بالرد عليهم بقوله: (قل إنّ هدى الله هو الهدى) أي أن الاتباع إنما هو لغرض الهدى ولا هدى إلاّ هدى الله.
              121ـ (الذين آتيناهم الكتاب...) المراد بالذين أوتوا الكتاب قوم من اليهود والنصارى من أهل الحـق منهم، وبالكتاب: التوراة والإنجيل. أو يكون المراد بهم المؤمنين برسول الله صلى الله عليه وآله وبالكتاب القرآن، والمعنى هنا يكون: ان الذين آتيناهم القرآن وهم يتلونه حقّ تلاوته أولئك يؤمنون بالقرآن، لا هؤلاء المتبعون لأهوائهم.
              122 ، 123ـ (يا بني اسرائيل اذكروا...) إرجاع ختم الكلام إلى بدئه، وآخره إلى أوّله، وعنده يختتم سطر من خطابات بني إسرائيل.
              124ـ (وإذ ابتلى إبراهيم...) الابتلاء والبلاء بمعنى واحد، تقول: ابتليته وبلوته: امتحنته واختبرته. قوله تعالى: (بكلمات) المراد بها: قضايا ابتلي بها إبراهيم، وعهود الهية اُريدت منه، كابتلائه بالكواكب والاصنام والنار والهجرة وتضحيته بابنه وغير ذلك. فهذه هي الكلمات، وأما إتمامهنّ: فإن كان الضمير في قوله تعالى: (أتمّهنّ) راجعاً إلى إبراهيم كان معنى اتمامهنّ: إتيانه عليه السلام ما اُريد منه وإمتثاله لما اُمر به. وإن كان الضمير راجعاً إليه تعالى كما هو الظاهر كان المراد: توفيقه لما اُريد منه ومساعدته على ذلك. (انِّي جاعلك للناس إماماً) مقتدى يقتدي بك الناس، ويتبعونك في أقوالك وأفعالك. وهو وعد له عليه السلام بالامامة في ما سيأتي، وليست الامامة في الآية بمعنى النبوة، فقد كان عليه السلام نبيّاً قبل تقلّده الامامة. والقصّة كانت في أواخر عهد إبراهيم عليه السلام بعد مجيء البشارة له باسحاق واسماعيل. (قال ومن ذرِّيّتي قال لا ينال...) إشارة إلى أن الامامة في ولد إبراهيم بعده، فإن إبراهيم عليه السلام إنّما كان سأل الامامة لبعض ذريته لا لجميعهم، فأجيب: بنفيها عن الظالمين من ولده، ففيه إجابة لما سأله مع بيان أنها عهد، وعهده تعالى لا ينال الظالمين، والمراد بالظالمين: مطلق من صدر عنه ظلم ما، من شرك أو معصية، وإن كان في برهة من عمره ثم تاب وصلح.
              125ـ (وإذ جعلنا البيت مثابة...) اشارة إلى تشريع الحج والأمن في البيت، والمثابة: المرجع، من ثاب يثوب إذا رجع. والمعنى: وإذ قلنا للناس ثوبوا إلى البيت وحجوا إليه، واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى. (وعهدنا إلى إبراهيم واسماعيل أن طهِّرا) العهد: الأمر. والتطهير: إما تخليص البيت للعبادة وإما تنظيفه من الأقذار والأوساخ.
              126ـ (وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل...) دعاء دعا به إبراهيم يسأل به الأمن على أهل مكة والرزق وقد أجيبت دعوته. (ثم اضطرّه إلى عذاب النار) كأنه قيل: ما سألته من إكرام البيت برزق المؤمنين من أهل هذا البلد استجبته وزيادة، ولا يغتر الكافر بذلك أن له كرامة على الله، فسوف يُضطر إلى عذاب النار وبئس المصير.
              الملفات المرفقة

              تعليق


              • #22
                اخي العزيز اليتيم بارك الله في عمرك وجعلها في ميزان حسناتك.
                دائما مميز وفي وفي ا لطرح متميز ...

                تعليق


                • #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة غيوم
                  اخي العزيز اليتيم بارك الله في عمرك وجعلها في ميزان حسناتك.
                  دائما مميز وفي وفي ا لطرح متميز ...
                  حسن ظنكم سيدي الكريم، رزقك الله العافية في الدنيا والآخرة

                  تعليق


                  • #24


                    127ـ (وإذ يرفع إبراهيم...) القواعد: جمع قاعدة وهي ما قعد من البناء على الأرض واستقر عليه الباقي. (ربّنا تقبّل منّا...) دعاء لابراهيم واسماعيل، وفي عدم ذكر متعلق التقبل ـ وهو بناء البيت ـ تواضع في مقام العبودية واستحقار لما عملا به. والمعنى: ربّنا تقبّل منّا هذا العمل اليسير انك انت السميع لدعوتنا، العليم بما نويناه في قلوبنا.
                    128ـ (ربّنا واجعلنا مسلمين لك...) هذا الاسلام غير ما هو المتداول المتبادر عندنا، وهو تمام العبودية وتسليم العبد كل ما له إلى ربه. ولهذا يمكن أن يُعد أمراً إلهياً خارجاً عن اختيار الانسان، ويسأل من الله سبحانه أن يفيض به،
                    وأن يجعل الانسان متصفاً به. (وأرنا مناسكنا) المناسك: جمع منسك بمعنى العبادة. وليس المراد هنا بمعنى علمنا أو وفقنا، بل التسديد باراءة حقيقة الفعل الصادر منهما. فالمراد بالاسلام والبصيرة في العبادة، غير المعنى الشائع المتعارف، وكذلك المراد بقوله تعالى: (وتُب علينا) لأن إبراهيم واسماعيل كانا نبيين معصومين بعصمة الله تعالى لا يصدر عنهما ذنب حتى تصح توبتهما منه، كتوبتنا من المعاصي الصادرة منا.
                    129ـ (ربّنا وابعث فيهم رسولاً منهم) دعوة للنبيّ صلى الله عليه وآله وقد كان صلى الله عليه وآله يقول: «أنا دعوة إبراهيم».
                    130ـ (ومن يرغب عن ملّة إبراهيم) ان الاعراض عن ملة إبراهيم من حماقة النفس، وعدم تمييزها ما ينفعها مما يضرّها. (ولقد اصطفيناه في الدنيا) الاصطفاء: أخذ صفوة الشيء وتمييزه عن غيره إذا اختلطا.
                    131ـ (إذ قال له ربه أسلم...) الظاهر أن الظرف متعلق بقوله: (اصطفيناه)، فيكون المعنى: أن اصطفاءه إنما كان حين قال له ربّه: (أسلم) فأسلم لله رب العالمين. فقوله تعالى: (إذ قال له ربه أسلم...) بمنزلة التفسير لقوله: (اصطفيناه).
                    132ـ (ووصّى بها إبراهيم بنيه...) وصّى بالملة. (فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون) التقدير: أحذروا أن يغتالكم الموت في غير حال الاسلام.
                    133ـ (... وإله آبائك إبراهيم...) في الكلام اطلاق لفظ الأب على الجد والعم والوالد. (إلهاً واحداً) دفعٌ لإمكان إبهام اللفظ أن يكون إلهه غير إله آبائه على نحو ما يتخذه الوثنيون من الآلهة الكثيرة. (ونحن له مسلمون) بيان للعبادة وأنها ليست عبادة كيفما اتفقت، بل عبادة على نهج الاسلام.
                    134ـ (تلك أمّة قد خلت...) [جاء في مجمع البيان: جماعة قد مضت يعني إبراهيم وأولاده (لها ما كسبت) أي ما عملت من طاعة أو معصية (ولكم) يا معشر اليهود والنصارى (ما كسبتم) ما عملتم من طاعة أو معصية (ولا تسألون عمّا كانوا يعملون) لا يقال لكم لِمَ عملوا كذا وكذا، كما لا يقال لهم لِمَ عملتم كذا وكذا، وإنما يُطالب كل إنسان بعمله].
                    الملفات المرفقة

                    تعليق


                    • #25



                      135ـ (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى...) وقالت اليهود: كونوا هوداً تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا، كل ذلك لتشعبهم وشقاقهم. (قل بل ملّة إبراهيم...) جواب عن قولهم، أي قل: بل نتبع ملة إبراهيم حنيفاً فانها الملة الواحدة التي كان عليها جميع انبيائكم، إبراهيم فمن دونه، وما كان صاحب هذه الملة وهو إبراهيم من المشركين.
                      136ـ (قولوا آمنا بالله...) لما حكى ما يأمر به اليهود والنصارى من اتباع مذهبهم، ذكر ما هو عنده من الحق، وهو الشهادة على الايمان بالله، والايمان بما عند الأنبياء، من غير فرق بينهم، وهو الاسلام. ثم ذكر سبحانه ما اُنزل إلينا وهو القرآن أو المعارف القرآنية، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ثم ذكر ما اُوتي موسى وعيسى، وخصّهما بالذكر لأن المخاطبة مع اليهود والنصارى وهم يدعون إليهما فقط، ثم ذكر ما اُوتي النبيون من ربهم، لتشمل الشهادة جميع الانبياء، فيستقيم قوله بعد ذلك: (لا نفرِّق بين أحد منهم).
                      137ـ (فإن آمنوا بمثل...) الاتيان بلفظ المثل مع كون أصل المعنى: فإن آمنوا بما آمنتم، لقطع عرق الخصام والجدال، فإنه لو قيل لهم: أن آمنوا بما آمنا به، أمكن أن يقولوا كما قالوا: بل نؤمن بما اُنزل علينا ونكفر بما وراءه. لكن لو قيل لهم: إنّا آمنا بما لايشتمل إلاّ على الحق فآمِنوا أنتم بما يشتمل على الحق مثله، لم يجدوا طريقاً للمراء والمكابرة. (في شقاق) الشقاق: النفاق والمنازعة والمشاجرة والافتراق. (فسيكفيكهم الله) وعدٌ لرسول الله بالنصرة عليهم، وقد أنجز وعده، وسيتم هذه النعمة للأمة الاسلامية إذا شاء.
                      138ـ (صبغة الله ومن أحسن...) هذا الايمان المذكور صبغة إلهية لنا، وهي من أحسن الصبغ، لا صبغة اليهودية والنصرانية بالتفرق في الدين وعدم إقامته. (ونحن له عابدون) في موضع الحال، وهو كبيان العلة لقوله: (صبغة الله...).
                      139ـ (قل اتحاجوننا في الله...) إنكار لمحاجة أهل الكتاب للمسلمين في الله سبحانه. وقد بيّن وجه الانكار وكون محاجتهم لغواً وباطلاً بقوله: (وهو ربّنا وربّكم...).
                      140ـ (أم تقولون أن إبراهيم...) وهو قول كل من الفريقين اليهود والنصارى ان إبراهيم ومن ذُكر بعده، كونهم هوداً أو نصارى، (قل أأنتم أعلم أم الله) فإن الله أخبرنا واخبركم في الكتاب أن موسى وعيسى وكتابيهما، بعد إبراهيم ومن ذكر معه. (ومن أظلم ممن كتم...) كتم ما تحمّل شهادة أن الله أخبر بكون تشريع اليهودية أو النصرانية بعد إبراهيم ومن ذكر معه.
                      141ـ (تلك أمّة قد خلت...) إن الغور في الاشخاص وأنهم ممن كانوا، لا ينفع حالكم، ولا يضركم السكوت عن المحاجّة والمجادلة فيهم، والواجب عليكم الاشتغال بما تُسألون غداً عنه. وتكرار الآية مرتين لكونهم يفرطون في هذه المحاجّة التي لا تنفع لحالهم شيئاً، وخصوصاً مع علمهم أن إبراهيم كان قبل اليهودية والنصرانية.
                      الملفات المرفقة

                      تعليق


                      • #26


                        142ـ (سيقول السفهاء من الناس...) هذا تمهيد ثان لما سيأمر به تعالى من اتخاذ الكعبة قبلة، وتعليم للجواب عما سيعترض به السفهاء من الناس، وهم اليهود تعصباً لقبلتهم التي هي بيت المقدس، ومشركو العرب الراصدون لكل أمر جديد يحتمل الجدال والخصام. ومعنى الآية: ما الذي صرفهم عن القبلة التي كانوا عليها وهو بيت المقدس الذي كان يصلي إليه النبيّ والمسلمون أيام اقامته بمكة وعدة شهور بعد هجرته إلى المدينة (يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) تنكير الصراط لأن الصراط يختلف باختلاف الأمم في استعداداتها للهداية إلى الكمال والسعادة.
                        143ـ (وكذلك جعلناكم أمّة...) الظاهر أن المراد: كما سنحول القبلة لكم لنهديكم إلى صراط مستقيم، كذلك جعلناكم اُمّة وسطاً. وقد جعلناكم كذلك ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس، أي تتوسطوا بين الرسول وبين الناس. فكون الأمة وسطاً، إنما هو بتخللها بين الرسول وبين الناس. (وما جعلنا القبلة التي...) ظاهر الآية انه دفع لما يختلج في صدور المؤمنين من تغيير القبلة ونسخها، ومن جهة الصلوات التي صلوها إلى القبلة ما شأنها. فبيّن سبحانه ان هذه الاحكام والتشريعات ليست إلاّ لأجل مصالح تعود إلى تربية الناس وتكميلهم، وتمحيص المؤمنين من غيرهم. وان القبلة قبلة ما لم تنسخ، وان الله سبحانه إذا نسخ حكماً رفعه من حين النسخ لا من أصله، لرأفته ورحمته بالمؤمنين.
                        144ـ (قد نرى تقلّب وجهك...) إن اليهود على ما في الروايات الواردة في شأن نزول الآية، كانوا يعيّرون المسلمين في تبعية قبلتهم، فحزن رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك، فخرج في سواد الليل يقلب وجهه إلى السماء ينتظر الوحي من الله سبحانه وكشف همّه، فنزلت الآية بقبلة جديدة، فقطع تعييرهم وتفاخرهم، مضافاً إلى تعيين التكليف، فكانت حجّة ورضى. (وإنّ الذين أوتوا الكتاب...) وذلك لاشتمال كتابهم على صدق نبوّة رسول الله صلى الله عليه وآله، أو كون قبلة هذا النبيّ الصادق هي شطر المسجد الحرام. وأيّاً ما كان فقوله: (أوتوا الكتاب) يدل على اشتمال كتابهم على حقيقة هذا التشريع، وما الله بغافل عما يعملون من كتمان الحق، واحتكار ما عندهم من العلم.
                        145ـ (ولئن أتيت الذين اُوتوا...) تقريع لهم بالعناد واللجاج، وان إباءهم عن القبول ليس لخفاء الحق عليهم وعدم تبينه لهم، بل الباعث على بث الاعتراض وإثارة الفتنة عنادهم في الدين وجحودهم للحق. فلو أتيتهم بكل آية ما تبعوا قبلتك لعنادهم وجحودهم. (وما أنت بتابع قبلتهم) لأنك على بينة من ربك، ويمكن أن يكون قوله: (وما أنت...) نهياً في صورة خبر. (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) وهم اليهود يستقبلون صخرة بيت المقدّس أينما كانوا، والنصارى يستقبلون المشرق أينما كانوا، فلا هذا البعض يقبل قبلة ذاك البعض، ولا ذاك يقبل قبلة هذا اتباعاً للهوى. (ولئن اتبعت أهواءهم) تهديد للنبيّ، والمعنى متوجه إلى اُمته، وإشارة إلى انهم في هذا التمرد إنما يتبعون أهواءهم وأنهم بذلك ظالمون.
                        الملفات المرفقة

                        تعليق


                        • #27
                          اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
                          سلمت الايادي على هذا الموضوع المبارك
                          وجعل القرآن شفيعكم وانار قلبكم بنوره

                          دمتم بحفظ الله ورعايته

                          تعليق


                          • #28
                            بارك الله فيك..

                            تعليق


                            • #29
                              اللهم صل على محمد وآل محمد
                              الاخت الكريمة ام آية
                              وفقكم الله تعالى لكل خير
                              وجزاكم الله على الدعاء
                              السيد غيوم المحترم
                              تغمرنا بفضلك ومرورك الكريم

                              تعليق


                              • #30



                                146ـ (الذين آتيناهم الكتاب...) إن أهل الكتاب يعرفون رسول الله بما عندهم من بشارات الكتب، كما يعرفون أبناءهم، (وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون).
                                147ـ (الحق من ربك فلا تكن...) تأكيد للبيان السابق، وتشديد في النهي عن الامتراء، وهو الشك والارتياب. وظاهر الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله ومعناه للاُمّة.
                                148ـ (ولكلٍّ وجهة هو موليها...) الوجهة: ما يتوجّه إليه كالقبلة. وهذا رجوع إلى تلخيص البيان السابق، وتبديل له من بيان آخر يهدي الناس إلى ترك تعقيب أمر القبلة، وعدم الاكثار من الكلام فيه. والمعنى: ان كل قوم لهم قبلة مشرّعة على حسب ما تقتضيه مصالحهم، فاتركوا ذلك واستبقوا الخيرات وسارعوا إليها بالاستباق، فان الله سيجمعكم إلى يوم لا ريب فيه، وأينما تكونوا (يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير).
                                149ـ (ومن حيث خرجت فولِّ وجهك...) يمكن ان يكون المراد: مكة التي خرج منها رسول الله صلى الله عليه وآله، ويكون المعنى: أن استقبال البيت حكم ثابت لك في مكة وغيرها من البلاد والبقاع. وفي قوله: (وإنه للحق من ربك...) تأكيد وتشديد.
                                150ـ (ومن حيث خرجت فولِّ وجهك...) تكرار الجملة الاُولى بلفظها لعلّه للدلالة على ثبوت حكمها على أي حال. (لئلاّ يكون للناس عليكم حجّة...) بيان لفوائد ثلاث في هذا الحكم الذي فيه أشدّ التأكيد على ملازمة الامتثال والتحذير من الخلاف: احداها: أن اليهود كانوا يعلمون من كتبهم أن النبيّ الموعود تكون قبلته الكعبة دون بيت المقدس. والالتزام بهذا الحكم والعمل به يقطع حجتهم. وثانيتها: أن ملازمة هذا الحكم يسوق المسلمين إلى تمام النعمة عليهم بكمال دينهم. وثالثتها: رجاء الاهتداء إلى الصراط المستقيم.
                                151ـ (كما أرسلنا فيكم رسولاً...) أنعمنا عليكم بأن جعلنا لكم البيت الذي بناه إبراهيم ودعا له بما دعا من الخيرات والبركات قبلة، (كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم يتلو عليكم...) مستجيبين لدعوة إبراهيم. (يتلو عليكم) ظاهره آيات القرآن. والتزكية: هي التطهير. أما تعليم الكتاب والحكمة وتعليم ما لم يكونوا يعلمونه فيشمل جميع المعارف الأصلية والفرعية.
                                152ـ (فاذكروني أذكركم واشكروا...) لما إمتن الله تعالى على النبيّ والمسلمين، بإرسال النبيّ الكريم منهم إليهم نعمة لا تقدر بقدر ومنحة على منحة، فرّع على ذلك دعوتهم إلى ذكره وشكره، ليذكرهم بنعمته على ذكرهم إياه بعبوديته وطاعته، ويزيدهم على شكرهم لنعمته وعدم كفرانهم.
                                153ـ (يا أيّها الذين آمنوا استعينوا...) وصف سبحانه الصبر بأن الله مع الصابرين المتصفين بالصبر.
                                الملفات المرفقة

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X