ونوره =
القيامة الى الجنة كالحسر تمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله وعن شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد (1)) وجاء في الخبر انه لا يعبر الصراط يوم القيامة الا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من النار. (ونوره) النور كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها والمراد بكونهم نور الله انهم الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته أو بنور الوجود لانهم علل غائيه بوجود الاشياء أو الاعم منهما أو لانهم الادلة الواضحة والانوار اللائحة التى تلوح لبصائر الخلق فيقتدى بهم (وفي الكافي عن أبي خالد الكابلي) قال سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (2)) فقال يا أبا خالد النور والله الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وهم والله نور الله في السموات وفي الارض والله يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء ويظلم قلوبهم الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل =
(1): سورة ق آية 24 (2): سورة التغابن آية 8
وبرهانه ورحمة الله وبركاته =
لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الى قوله (واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (1) قال عليه السلام النور في هذا الموضع امير المؤمنين والائمة (وعن الباقر عليه السلام) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به) (2) يعني إماما تأتمون به (وعن محمد بن الفضيل) عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل (يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم) (3) قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين بافواههم قلت قوله تعالى (والله متم نوره) (4) قال يقول والله متم الامامة والامامة هي النور وذلك قوله (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) (5) قال النور هو الامام. (وبرهانه) فانهم براهين الله الدالة على كمال ذاته وآياته المبينة لافعاله وصفاته عن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ما لله =
(1): سورة الاعراف آية 157 (2): سورة الحديد آية 28 (3): سورة التوبة آية 32 (4): سورة الصف آية 8 (5): سورة التغابن آية 8
عز وجل آية اكبر مني ولا لله من بناء أعظم مني. (ورحمة الله وبركاته)
اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته واولو العلم من خلقه
(أشهد أن لا إله) معبودا بحق (الا الله) المستجمع لجميع الكمالات لذاته. (وحده لا شريك له) تأكيد لما تقدمه. (كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته) اشاره إلى أن توحيده تعالى بالتوحيد الحقيقي والاخلاص التحقيقي ليس مما تطيقه القدرة البشرية والقوة الانسانية فنشهد له تعالى بالذات والصفات كما شهد تعالى لنفسه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم سبحانك لا اصفك الا بما وصفت به نفسك وفيه إشارة إلى قوله تعالى (شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة (1)) (وأولوا العلم من خلقه) من الانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين والموحدين والعارفين.(1): سورة آل عمران آية 18 (*)
لا إله الا هو العزيز الحكيم واشهد ان محمدا عبده المنتجب المرتضى ارسله بالهدى
(لا اله الا هو العزيز) كرر اما للتأكيد أو لاجل التوصيف بالعزيز وهو الغالب القاهر الذي لا يصل أحد الى كبريائه. (الحكيم) أي العليم الفاعل للاشياء المحكمة المتقنة بحسب المصالح. (وأشهد أن محمدا عبده) الاضافة للاختصاص اشارة الى قوله تعالى: (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) (1) اي عبده الذي عبده حق العبادة أو قام بوظائف العبودية وأدى بحسب القدرة البشرية وظائف الربوبية. (المنتجب) الذي انتجبه من النبيين واصطفاه من المرسلين ففاق الخلائق أجمعين. (ورسوله المرتضى) الذي ارتضاه الرسالته. (أرسله) مقرونا (بالهدى) فجعله هاديا إلى الله وبشيرا ونذيرا
(1): سورة الاسراء آية 65
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واشهد انكم الائمة الراشدون الهادون المهديون المعصومون
(ودين الحق) أي دين الله فان الله هو الحق أو الدين الحق القائم إلى يوم القيامة الذي لا يعتريه نسخ ولا تبديل. (ليظهره) ويغلبه (على) جنس (الدين كله ولو كره المشركون) وهذا الوعد والاستيلاء إنما يتحقق في الرجعة عند ظهور القائم. (وأشهد انكم الائمة الراشدون) إلى الدين الحق المبين (الهادون) الى شريعة سيد المرسلين (وروى العامة) عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فان صح فالمراد به هم كما رووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضا انه قال اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانه قال مثل اهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى وغير ذلك. (المهديون) بهدى الله فان الهدى هدى الله. (المعصومون) من الذنوب المبرئون من الادناس والعيوب للدلائل العقلية والبراهين النقلية المذكورة في كتب اصحابنا الكلامية منها انه لو لم يكن النبي أو الامام معصوما لا نتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع فيكون نصبه عبثا (ومنها) انه لو لم =
=
يكن معصوما لكان محل انكار ومورد عتاب كما في قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم (1)) وقوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون (2)) فيجب ان يكون مؤتمرا بما يأمر به ومنتهيا عما ينهي عنه (ومنها) انه لو كان يخطئ لا حتاج إلى من يسدده ويمنعه عن أخطائه فاما ان يكون معصوما فيثبت المطلوب أو غير معصوم فيتسلسل (ومنها) انه يقبح من الحكيم ان يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطا (ومنها) انه يجب صدقه لانه لو كذب والحال ان الله تعالى امرنا بطاعته لوجب علينا ان نطيعه في الكذب وهو محال (ومنها) انه لو عصي لا قيمت عليه الحدود ووجب انكار الرعية عليه فيسقط محله عن القلوب إلى غير ذلك من الادلة (والعصمة) عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها كجائز الخطأ وليس معنى العصمة ان الله يجبره على ترك المعصية بل يفعل به الطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل وكمال الذكاء والفطنة وصفاء النفس وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى ولو لم يكن قادرا على المعاصي لكان غير مكلف واللازم باطل فالملزوم مثله والنبي اولى من كلف حيث قال (فانا أول العابدين (3)) وقال تعالى (واعبد ربك حتى =
(1): سورة البقرة آية 44 (2): سورة الصف آية 2 (3): سورة الزخرف 81
المكرمون المقربون المتقون الصادقون =
يأتيك اليقين) (1) ولانه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها. (المكرمون) الذين كرمهم الله تعالى ذاتا وصفاتا وأقوالا وأفعالا وأحوالا وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية والدنيوية والاخروية. (المقربون) عند الله تعالى قربا معنويا فإن لهم المحل الاعلى عنده بحيث لا يدانيهم ملك مقرب ولا نبي مرسل عدا جدهم. (المتقون) أصل التقوى الخوف من الله تعالى بملاحظة جلاله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقيه ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة وأعلا مراتب التقوى الاعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر. (الصادقون) في جميع أقوالهم وأفعالهم واحوالهم الذين قال الله =
(1): سورة الحجر آية 99
المصطفون =
تعالى فيهم (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (1) إذ ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من احد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم واخبارهم واعمالهم وشرائعهم في جميع احوالهم وازمانهم وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفافا إذ كل من سواهم لا يخلوا من الكذب في الجملة فتعين ان يكونوا هم والاية تدل على عصمتهم إذ يقبح الامر بمتابعة غير المعصوم كما قرر في محله (وعن بريد العجلي) قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أيانا عني (وعن البزنطي) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعتهم. (المصطفون) الذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على العالمين وهم مصطفى آل ابراهيم في وقوله تعالى (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) (2) وفي قراءتهم (وآل محمد) (وعن أبي حمزة الثمالي) قال سمعت =
(1): سورة التوبة آية 119 (2): سورة آل عمران آية 33
المطيعون لله القوامون بآمره العاملون بارادته =
أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتى على الاشقياء من امتك من ترك ولاية علي ووالى اعدائه وانكر فضله وفضل الاوصياء من بعده فان فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الائمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الانبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم واجتبيتهم واخلصتهم وارتضيتهم ونجى من احبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد اتاني جبرائيل باسمائهم واسماء آبائهم واحبائهم والمسلمين لفضلهم. (والمطيعون لله) في اقوالهم وافعالهم واحوالهم حتى بذلوا انفسهم واموالهم وابدانهم وارواحهم في سبيله وصبروا على جميع ذلك لرضاه. (القوامون بامره) الذى هو امر الامامة أو الاعم من ذلك أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بامره تعالى. (العالمون بارادته) اي اعمالهم على وفق ارادته تعالى لارادتهم بل ليس لهم ارادة إلا إرادته تعالى وإراتدهم ارادته تعالى.
الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه (الفائزون بكرامته) في الدنيا بوجوب إطاعة الناس وانقيادهم إليهم وكونهم مخزن العلم ومعدن الحكمة وفي الاخرة بالشفاعة والرضا والقرب من الله تعالى وغير ذلك. (اصطفاكم بعلمه) اي عالما بأنكم مستاهلون لذلك الاصطفاء أو اصطفاكم بسبب ان جعلكم خزان علمه أو لان يجعلكم كذلك ويؤيده ما في بعض النسخ من اللام موضع الباء. (وارتضاكم لغيبه) أي لسبب ان جعلكم مخزن عيبه وفي بعض النسخ باللام وهو اظهر وفيه اشارة إلى قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا إلا من ارتضى من رسول (1)) ودخلوهم في الاية اما لكون الرسول في الاية شاملا لهم على التغليب أو يكون المراد به معنى آخر اعم من المعنى المصطلح أو ان علمهم عليهم السلام انما هو بتوسط من الرسول (عن سدير الصيرفي) قال سمعت حمران بن اعين يسأل ابا جعفر عن قول الله عز وجل (بديع السموات والارض (2)) فقال أبو جعفر عليه السلام ان الله عز وجل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السموات والارضين ولم يكن قبلهن سموات ولا ارضون اما تسمع =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة البقرة آية 117
=
لقوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (1)) فقال له أبو جعفر عليه السلام (إلا من ارتضى من رسول) (2) وكان والله محمد ممن ارتضاه واما قوله عالم الغيب فان الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ويقضيه في علمه قبل ان يخلقه وقبل ان يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنه إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدوله فيه فلا يمضيه فاما العلم الذي يقدره الله عز وجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم الينا (وعن معمر بن خلاد) قال سأل ابا الحسن رجل من أهل فارس فقال له اتعلمون الغيب قال فقال أبو جعفر يبسط لنا العلم فنعمل ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل وأسره جبرائيل الى محمد وأسره محمد الى من يشاء الله (وعن الصادق) باسانيد عديدة قال إذا أراد الامام ان يعلم شيئا أعلمه الله ذلك (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله أي امام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (وعن الكاظم) عن أبيه عن جده انه أتى علي بن الحسين عليه السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال يا أبت أشرب هذا فقال يا بني ان هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله (وعن حمران =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة الجن آية 27
واختاركم لسره واجتباكم بقدرته =
بن أعين) عن أبي عبد الله قال أتى رسول الله برمانتين فأكل رسول الله احداهما وكسر الاخرى بنصفين فأكل نصفا واطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان قال لا قال أما الاولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب واما الاخرى فالعلم انت شريكي فيه فقلت اصلحك الله كيف كان يكون شريكه فيه قال لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علما إلا وأمره أن يعلم عليا (وفي رواية عن محمد بن مسلم) عن الباقر عليه السلام فلم يعلم والله ورسول الله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليها ثم انتهى العلم الينا ثم وضع يده على صدره. (واختاركم لسره) فانهم خزنة سر الله كما تقدم (في البصائر عن أبي الجارود) عن أبي جعفر عليه السلام قال ان رسول الله صلى الله علي وآله وسلم دعا عليا في المرض الذي توفي فيه فقال يا علي أدن مني حتى أسر اليك ما أسر الله إلي وائتمنك على ما ائتمنني الله عليه ففعل ذلك رسول الله بعلي وفعله علي بالحسن وفعله الحسن بالحسين وفعله الحسين بابي وفعله أبي بي صلوات الله عليهم أجمعين (وعن جابر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال أن أمرنا سر مستسر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر. (واجتباكم بقدرته) اشارة الى علو مرتبة اجتبائهم حيث نسبه إلى قدرته موميا إلى أن مثل ذلك من غرائب قدرته تعالى أو لاظهار =
واعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم بنوره =
قدرته ويحتمل ان يكون المرد اعطاكم قدرته وأظهر منكم الامور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته كما روى عن امير المؤمنين أنه رؤي بيده كسرة خبز من شعير يابسة يريد أن يكسرها فلا تنكسر فقيل له يا أمير المؤمنين أين تلك القوة التي قلعت بها باب خيبر فقال تلك قوة ربانية وهذه قوة جسمانية. (وأعزكم بهداه) أي جعلكم أعزة بالهداية للناس أو بالاهتداء منه تعالى كما تقدم. (وخصكم ببرهانه) الذي هو القرآن الكريم أو بالحجج الظاهرات والدلايل النيرات والمعجزات الباهرات والايات الواضحات أو الاعم من جميع ذلك. (وانتجبكم بنوره) الذي هو الهداية الربانية والعلوم الفرقانية والكمالات القدسية فاهتدى الناس بانوارهم وعلمومهم وكمالاتهم كما تقدم أنهم أنوار الله عز وجل في الارض أو تكون الباء بمعنى من أي اجتباكم وأوجدكم من نوره أو اجتباكم متلبسين بنوره (كما روى محمد بن مروان) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للانبياء ولذلك صرنا نحن وهم الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار =
القيامة الى الجنة كالحسر تمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله وعن شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد (1)) وجاء في الخبر انه لا يعبر الصراط يوم القيامة الا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من النار. (ونوره) النور كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها والمراد بكونهم نور الله انهم الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته أو بنور الوجود لانهم علل غائيه بوجود الاشياء أو الاعم منهما أو لانهم الادلة الواضحة والانوار اللائحة التى تلوح لبصائر الخلق فيقتدى بهم (وفي الكافي عن أبي خالد الكابلي) قال سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (2)) فقال يا أبا خالد النور والله الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وهم والله نور الله في السموات وفي الارض والله يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء ويظلم قلوبهم الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل =
(1): سورة ق آية 24 (2): سورة التغابن آية 8
وبرهانه ورحمة الله وبركاته =
لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الى قوله (واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (1) قال عليه السلام النور في هذا الموضع امير المؤمنين والائمة (وعن الباقر عليه السلام) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به) (2) يعني إماما تأتمون به (وعن محمد بن الفضيل) عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل (يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم) (3) قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين بافواههم قلت قوله تعالى (والله متم نوره) (4) قال يقول والله متم الامامة والامامة هي النور وذلك قوله (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) (5) قال النور هو الامام. (وبرهانه) فانهم براهين الله الدالة على كمال ذاته وآياته المبينة لافعاله وصفاته عن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ما لله =
(1): سورة الاعراف آية 157 (2): سورة الحديد آية 28 (3): سورة التوبة آية 32 (4): سورة الصف آية 8 (5): سورة التغابن آية 8
عز وجل آية اكبر مني ولا لله من بناء أعظم مني. (ورحمة الله وبركاته)
اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته واولو العلم من خلقه
(أشهد أن لا إله) معبودا بحق (الا الله) المستجمع لجميع الكمالات لذاته. (وحده لا شريك له) تأكيد لما تقدمه. (كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته) اشاره إلى أن توحيده تعالى بالتوحيد الحقيقي والاخلاص التحقيقي ليس مما تطيقه القدرة البشرية والقوة الانسانية فنشهد له تعالى بالذات والصفات كما شهد تعالى لنفسه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم سبحانك لا اصفك الا بما وصفت به نفسك وفيه إشارة إلى قوله تعالى (شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة (1)) (وأولوا العلم من خلقه) من الانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين والموحدين والعارفين.(1): سورة آل عمران آية 18 (*)
لا إله الا هو العزيز الحكيم واشهد ان محمدا عبده المنتجب المرتضى ارسله بالهدى
(لا اله الا هو العزيز) كرر اما للتأكيد أو لاجل التوصيف بالعزيز وهو الغالب القاهر الذي لا يصل أحد الى كبريائه. (الحكيم) أي العليم الفاعل للاشياء المحكمة المتقنة بحسب المصالح. (وأشهد أن محمدا عبده) الاضافة للاختصاص اشارة الى قوله تعالى: (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) (1) اي عبده الذي عبده حق العبادة أو قام بوظائف العبودية وأدى بحسب القدرة البشرية وظائف الربوبية. (المنتجب) الذي انتجبه من النبيين واصطفاه من المرسلين ففاق الخلائق أجمعين. (ورسوله المرتضى) الذي ارتضاه الرسالته. (أرسله) مقرونا (بالهدى) فجعله هاديا إلى الله وبشيرا ونذيرا
(1): سورة الاسراء آية 65
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واشهد انكم الائمة الراشدون الهادون المهديون المعصومون
(ودين الحق) أي دين الله فان الله هو الحق أو الدين الحق القائم إلى يوم القيامة الذي لا يعتريه نسخ ولا تبديل. (ليظهره) ويغلبه (على) جنس (الدين كله ولو كره المشركون) وهذا الوعد والاستيلاء إنما يتحقق في الرجعة عند ظهور القائم. (وأشهد انكم الائمة الراشدون) إلى الدين الحق المبين (الهادون) الى شريعة سيد المرسلين (وروى العامة) عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فان صح فالمراد به هم كما رووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضا انه قال اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانه قال مثل اهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى وغير ذلك. (المهديون) بهدى الله فان الهدى هدى الله. (المعصومون) من الذنوب المبرئون من الادناس والعيوب للدلائل العقلية والبراهين النقلية المذكورة في كتب اصحابنا الكلامية منها انه لو لم يكن النبي أو الامام معصوما لا نتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع فيكون نصبه عبثا (ومنها) انه لو لم =
=
يكن معصوما لكان محل انكار ومورد عتاب كما في قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم (1)) وقوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون (2)) فيجب ان يكون مؤتمرا بما يأمر به ومنتهيا عما ينهي عنه (ومنها) انه لو كان يخطئ لا حتاج إلى من يسدده ويمنعه عن أخطائه فاما ان يكون معصوما فيثبت المطلوب أو غير معصوم فيتسلسل (ومنها) انه يقبح من الحكيم ان يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطا (ومنها) انه يجب صدقه لانه لو كذب والحال ان الله تعالى امرنا بطاعته لوجب علينا ان نطيعه في الكذب وهو محال (ومنها) انه لو عصي لا قيمت عليه الحدود ووجب انكار الرعية عليه فيسقط محله عن القلوب إلى غير ذلك من الادلة (والعصمة) عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها كجائز الخطأ وليس معنى العصمة ان الله يجبره على ترك المعصية بل يفعل به الطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل وكمال الذكاء والفطنة وصفاء النفس وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى ولو لم يكن قادرا على المعاصي لكان غير مكلف واللازم باطل فالملزوم مثله والنبي اولى من كلف حيث قال (فانا أول العابدين (3)) وقال تعالى (واعبد ربك حتى =
(1): سورة البقرة آية 44 (2): سورة الصف آية 2 (3): سورة الزخرف 81
المكرمون المقربون المتقون الصادقون =
يأتيك اليقين) (1) ولانه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها. (المكرمون) الذين كرمهم الله تعالى ذاتا وصفاتا وأقوالا وأفعالا وأحوالا وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية والدنيوية والاخروية. (المقربون) عند الله تعالى قربا معنويا فإن لهم المحل الاعلى عنده بحيث لا يدانيهم ملك مقرب ولا نبي مرسل عدا جدهم. (المتقون) أصل التقوى الخوف من الله تعالى بملاحظة جلاله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقيه ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة وأعلا مراتب التقوى الاعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر. (الصادقون) في جميع أقوالهم وأفعالهم واحوالهم الذين قال الله =
(1): سورة الحجر آية 99
المصطفون =
تعالى فيهم (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (1) إذ ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من احد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم واخبارهم واعمالهم وشرائعهم في جميع احوالهم وازمانهم وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفافا إذ كل من سواهم لا يخلوا من الكذب في الجملة فتعين ان يكونوا هم والاية تدل على عصمتهم إذ يقبح الامر بمتابعة غير المعصوم كما قرر في محله (وعن بريد العجلي) قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أيانا عني (وعن البزنطي) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعتهم. (المصطفون) الذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على العالمين وهم مصطفى آل ابراهيم في وقوله تعالى (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) (2) وفي قراءتهم (وآل محمد) (وعن أبي حمزة الثمالي) قال سمعت =
(1): سورة التوبة آية 119 (2): سورة آل عمران آية 33
المطيعون لله القوامون بآمره العاملون بارادته =
أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتى على الاشقياء من امتك من ترك ولاية علي ووالى اعدائه وانكر فضله وفضل الاوصياء من بعده فان فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الائمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الانبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم واجتبيتهم واخلصتهم وارتضيتهم ونجى من احبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد اتاني جبرائيل باسمائهم واسماء آبائهم واحبائهم والمسلمين لفضلهم. (والمطيعون لله) في اقوالهم وافعالهم واحوالهم حتى بذلوا انفسهم واموالهم وابدانهم وارواحهم في سبيله وصبروا على جميع ذلك لرضاه. (القوامون بامره) الذى هو امر الامامة أو الاعم من ذلك أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بامره تعالى. (العالمون بارادته) اي اعمالهم على وفق ارادته تعالى لارادتهم بل ليس لهم ارادة إلا إرادته تعالى وإراتدهم ارادته تعالى.
الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه (الفائزون بكرامته) في الدنيا بوجوب إطاعة الناس وانقيادهم إليهم وكونهم مخزن العلم ومعدن الحكمة وفي الاخرة بالشفاعة والرضا والقرب من الله تعالى وغير ذلك. (اصطفاكم بعلمه) اي عالما بأنكم مستاهلون لذلك الاصطفاء أو اصطفاكم بسبب ان جعلكم خزان علمه أو لان يجعلكم كذلك ويؤيده ما في بعض النسخ من اللام موضع الباء. (وارتضاكم لغيبه) أي لسبب ان جعلكم مخزن عيبه وفي بعض النسخ باللام وهو اظهر وفيه اشارة إلى قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا إلا من ارتضى من رسول (1)) ودخلوهم في الاية اما لكون الرسول في الاية شاملا لهم على التغليب أو يكون المراد به معنى آخر اعم من المعنى المصطلح أو ان علمهم عليهم السلام انما هو بتوسط من الرسول (عن سدير الصيرفي) قال سمعت حمران بن اعين يسأل ابا جعفر عن قول الله عز وجل (بديع السموات والارض (2)) فقال أبو جعفر عليه السلام ان الله عز وجل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السموات والارضين ولم يكن قبلهن سموات ولا ارضون اما تسمع =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة البقرة آية 117
=
لقوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (1)) فقال له أبو جعفر عليه السلام (إلا من ارتضى من رسول) (2) وكان والله محمد ممن ارتضاه واما قوله عالم الغيب فان الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ويقضيه في علمه قبل ان يخلقه وقبل ان يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنه إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدوله فيه فلا يمضيه فاما العلم الذي يقدره الله عز وجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم الينا (وعن معمر بن خلاد) قال سأل ابا الحسن رجل من أهل فارس فقال له اتعلمون الغيب قال فقال أبو جعفر يبسط لنا العلم فنعمل ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل وأسره جبرائيل الى محمد وأسره محمد الى من يشاء الله (وعن الصادق) باسانيد عديدة قال إذا أراد الامام ان يعلم شيئا أعلمه الله ذلك (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله أي امام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (وعن الكاظم) عن أبيه عن جده انه أتى علي بن الحسين عليه السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال يا أبت أشرب هذا فقال يا بني ان هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله (وعن حمران =
(1): سورة الجن آية 26 (2): سورة الجن آية 27
واختاركم لسره واجتباكم بقدرته =
بن أعين) عن أبي عبد الله قال أتى رسول الله برمانتين فأكل رسول الله احداهما وكسر الاخرى بنصفين فأكل نصفا واطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان قال لا قال أما الاولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب واما الاخرى فالعلم انت شريكي فيه فقلت اصلحك الله كيف كان يكون شريكه فيه قال لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علما إلا وأمره أن يعلم عليا (وفي رواية عن محمد بن مسلم) عن الباقر عليه السلام فلم يعلم والله ورسول الله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليها ثم انتهى العلم الينا ثم وضع يده على صدره. (واختاركم لسره) فانهم خزنة سر الله كما تقدم (في البصائر عن أبي الجارود) عن أبي جعفر عليه السلام قال ان رسول الله صلى الله علي وآله وسلم دعا عليا في المرض الذي توفي فيه فقال يا علي أدن مني حتى أسر اليك ما أسر الله إلي وائتمنك على ما ائتمنني الله عليه ففعل ذلك رسول الله بعلي وفعله علي بالحسن وفعله الحسن بالحسين وفعله الحسين بابي وفعله أبي بي صلوات الله عليهم أجمعين (وعن جابر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال أن أمرنا سر مستسر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر. (واجتباكم بقدرته) اشارة الى علو مرتبة اجتبائهم حيث نسبه إلى قدرته موميا إلى أن مثل ذلك من غرائب قدرته تعالى أو لاظهار =
واعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم بنوره =
قدرته ويحتمل ان يكون المرد اعطاكم قدرته وأظهر منكم الامور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته كما روى عن امير المؤمنين أنه رؤي بيده كسرة خبز من شعير يابسة يريد أن يكسرها فلا تنكسر فقيل له يا أمير المؤمنين أين تلك القوة التي قلعت بها باب خيبر فقال تلك قوة ربانية وهذه قوة جسمانية. (وأعزكم بهداه) أي جعلكم أعزة بالهداية للناس أو بالاهتداء منه تعالى كما تقدم. (وخصكم ببرهانه) الذي هو القرآن الكريم أو بالحجج الظاهرات والدلايل النيرات والمعجزات الباهرات والايات الواضحات أو الاعم من جميع ذلك. (وانتجبكم بنوره) الذي هو الهداية الربانية والعلوم الفرقانية والكمالات القدسية فاهتدى الناس بانوارهم وعلمومهم وكمالاتهم كما تقدم أنهم أنوار الله عز وجل في الارض أو تكون الباء بمعنى من أي اجتباكم وأوجدكم من نوره أو اجتباكم متلبسين بنوره (كما روى محمد بن مروان) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للانبياء ولذلك صرنا نحن وهم الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار =
تعليق