إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أخلاق أخوية مفقودة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    الإمام الشافعي

    لما عفوت ولم أحقد على أحد

    أرحت نفسي من هم العداوات


    إني أحيي عدوي عند رؤيته

    لأدفع الشــر عني بالتحيات


    وأظهر البشر للإنسان أبغضه

    كما إن قد حشى قلبي محبات


    الناس داء وداء الناس قربهم


    وفي اعتزالهم قطع المـودات

    ___________


    إذا نطق السفيه فلا تجبه

    فخير من إجابته السكوت

    فإن كلمتـه فرجت عنه

    وإن خليتــه كمدا يموت


    ________________
    الإمام الشافعي

    دع الأيام تفعل ما تشـــاء

    وطب نفسا إذا حكم القضاء

    ولا تجـــزع لحادثة الليالي

    فمـــا لحوادث الدنيا بقاء

    وكن رجلا على الأهوال جلدا

    وشيمتك السماحة والوفــاء

    وإن كثرت عيوبك في البرايا

    وسرك أن يكون لهـا غطاء

    تستر بالسخــاء فكل عيب

    يغطيه كمــا قيل السخـاء

    ولا تر للأعـــادي قط ذلا

    فإن شماتة الأعــداء بـلاء

    ولا ترج السماحة من بخيـل

    فمــا في النار للظمآن ماء

    ورزقك ليس ينقصـه التأني

    وليس يزيد في الرزق العناء

    ولا حزن يدوم ولا سـرور

    ولا بؤس عليك ولا رخــاء

    إذا مــا كنت ذا قلب قنوع

    فأنت ومالك الدنيا ســـواء

    ومن نزلت بساحته المنايــا

    فلا أرض تقيه ولا سمـــاء

    وأرض الله واسعــة ولكن

    إذا نزل القضا ضاق الفضـاء

    _____________________

    تعليق


    • #17
      مقتطفــات

      بلغـوها إذا أتــيـتم حـمـاهـــا

      أنني مت في الــغـرام فــداهــا

      وأذكروني لهــا بــكل جـمـيــل

      فعساها تـــبـــكي علي عساهـا

      واصحبوهــا لتربـتي ، فعظـــامي

      تشـتهي أن تدوســها قـدمــاهـا

      لم يشقني يوم القيامــة لــــــولا

      أملي أنني هــــنـــاك أراهــا

      ولو أن النعيــم كـــــان جزائي

      في جــهادي والــنـار كانت جزاها

      لأتيت الإلـهَ زحفــاً ، وعفــرت

      جـبـيـني كي أستـميـل الإلـــها

      وملأت السماء شكوى غــــرامي

      فشـغلـت الأبرار عـن تـقـــوها

      ومشى الحب السماء شكوى غـرامي

      فشغلت الابرار عـن تـقواهــــا

      ومشى الحب في الملائـك حـــتى

      خـاف جبريــل منهـم عقبــاهـا

      قلت : يـــا رب أي ذنب جنتــه

      أي ذنب ؟ لـقـد ظلمت صبـاهـــا

      أنت ذويت في محاجرها السـحــر

      ورصعْت بـالآلـئ فـــــاهــا

      أنت عسلت ثغـرهــا ، فـقلـوب

      الناس نحل أكمامهــا شفـتـــاهـا

      أنت من لحظهـا شهرت حسامــاً

      فـبـراءُ مـن الـــدماءِ يـــداها

      رحمة ربي ،لسـت أسأل عــدلاً

      رب خذني إن أخطـأت بــخـطـاها

      دع سليـمي تكونُ حيث تــراني

      أو فـدعني أكـون حـيــث أراهـا

      تعليق


      • #18
        الـرديـــفـــان

        الابــيــضـــان
        :
        الـلـبـن والمــــاء .

        الاخـــشـبـان
        :
        جـبـلان يحـيـطـان بمـكـة .

        الاســــــودان
        :
        التمر والماء .

        الاصـغـــران
        :
        القـلـب والـلـسـان .

        الاصــمــعـان
        :
        الـقـلـب الـذكـي والرأي الـعـازم .

        الانـــــــفـــان
        :
        الأنـف والـفـم .

        الـبـــــاكــران
        :
        الـصـبـح والمـسـاء .

        الـبــــلـيــتـان
        :
        المـوت والحـيـاة .

        الـــثــــقـــلان
        :
        الانــس والـجــن .

        الـجـــديـــدان
        :
        الـلـيـل والـنـهـار .

        الـحـسـنيـان
        :
        الـنـصـر والـشـهــادة .

        الـدائـــبــان
        :
        الـلـيـل والـنـهـار .

        الـدمـــــــــان
        :
        الـكـبـد والـطـحـال .

        الـرجـــبـــان
        :
        رجـب وشـعـبـان .

        الـــســيــدان
        :
        الـحـسـن والـحـسـيـن .

        الـصــفـــران
        :
        صـفـر ومـحـرم .

        الـعــشــاءان
        :
        المـغـرب والـعـشـاء .

        الـعــــقـــدان
        :
        عـقـد النكاح وعـقـد السلم .

        الـقـريـــتــان
        :
        مـكـة والـطـائـف .

        الــــقـــمـران
        :
        الـشـمـس والـقـمـر .

        المــكـــتــان
        :
        مـكـة والمـديـنـة .

        المــيــتــتـان
        :
        الـسـمـك والـجـراد .

        الـنـــــقـــدان
        :
        الـذهـب والـفـضـة .

        تعليق


        • #19
          أهمية دور الشباب في نجاح الهجرة

          علي بن أبي طالب

          (20 عاماً )


          قام علي بن أبي طالب بدور شديد الأهمية ، كان له عظيم الأثر في نجاح رحلة الهجرة النبوية الشريفة . شاب في مقتبل العمر و عنفوان الشباب يعرض حياته للخطر و يتقبل الموت المحقق بنفس رضية ، هذبها الإيمان و سما بها حب الله و رسوله ، فرخصت في سبيلهما الروح و الحياة .



          نام عليّ في فراش رسول الله في ليلة الهجرة ؛ إيهاماً لكفار قريش الذين تربصوا به يريدون قتله بأنه ما يزال نائماً . كانوا ينتظرون خروجه من بيته ليقتلوه ، و لكنهم كلما نظروا من باب البيت وجدوا علياً نائماً في الفراش مسجى بغطائه فيعتقدون أنه ما زال نائماً ... كان عليّ بن أبي طالب ، ذو العشرين عاماً أو أكثر قليلاً ، معرضاً لأن يكون هدفاً لتلك السيوف المشهرة .



          قام علي أيضاً بدور آخر ، و هو رد الودائع و الآمانات التي وضعها أهل مكة عند رسول الله الذي لم يجدوا من دونه أميناً يستحفظونه ودائعهم ، و كانوا يلقبونه " الصادق الأمين " .

          تعليق


          • #20
            روى الـحـاكـم فـي الـمـسـتدرك [2: 366 - 367] عن علي بن ابي طالب (ع ) قال : انطلق بي رسـول اللّه (ص ) حـتـى اتـى بـي الـكـعـبـة فـقـال لـي : اجلس , فجلست الى جنب الكعبة , فصعد رسـول اللّه (ص ) بـمـنـكـبـي , ثـم قـال لي : انهض , فنهضت فلما راى ضعفي تحته قال لي : اجلس فـنـزلـت وجـلـسـت , ثـم قـال لـي : يـا عـلي اصعد على منكبي , فصعدت على منكبيه ثم نهض بي رسول اللّه (ص ) فلما نهض بي خيل الي لو شئت نلت افق السماء, فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول اللّه (ص ) فـقـال لـي : الـق صـنمهم الاكبر صنم قريش , وكان من نحاس موتدا باوتادمن حديد الى الارض , فـقـال لـي رسـول اللّه (ص ) عالجه , ورسول اللّه (ص ) يقول لي : ايه ايه جاء الحق وزهق الـبـاطـل ان الـباطل كان زهوقا, فلم ازل اعالجه حتى استمكنت منه ,فقال : اقذفه فقذفته فتكسر, وترديت من فوق الكعبة , فانطلقت انا والنبي (ص ) نسعى ,وخشينا ان يرانا احد من قريش وغيرهم , قال علي : فما صعد به حتى الساعة .
            وروى الزمخشري في تفسيره [الكشاف ] [2: 688 ط. دار الكتاب العربي ] عند تفسيره الاية قال :
            وعـن ابـن عباس (رض ): كانت لقبائل العرب اصنام يحجون اليها وينحرون لها,فشكا البيت الى اللّه عزوجل فقال : اي رب حتى متى تعبد هذه الاصنام حولي دونك ؟فاوحى اللّه الى البيت : اني ساحدث لـك نـوبـة جديدة , فاملاك خدودا سجدا يدفون اليك دفيف النسور, ويحنون اليك حنين الطير الى بيضها, لهم عجيج حولك بالتلبية .
            ولـمـا نـزلت هذه الاية يوم الفتح قال جبرئيل (ع ) لرسول اللّه (ص ): خذ مخصرتك ثم القها,فجعل يـاتـي صـنـما صنما وهو ينكت بالمخصرة في عينه ويقول : جاء الحق وزهق الباطل ,فينكب الصنم لوجهه حتى القاها جميعا, وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من قواريرصفر, فقال (ص ): يا علي ارم بـه , فحمله رسول اللّه (ص ) حتى صعد فرمى به فكسره ,فجعل اهل مكة يتعجبون ويقولون : ما راينا رجلا اسحر من محمد(ص ).
            وروى الامام احمد بن حنبل في مسنده [1: 84] عن علي (ع ) قال : انطلقت انا والنبي (ص )حتى اتينا الـكـعـبـة فقال لي رسول اللّه (ص ): اجلس , وصعد على منكبي فذهبت لانهض به فرآى مني ضعفا فنزل : وجلس لي نبي اللّه (ص ) وقال : اصعد على منكبي , قال : فصعدت على منكبيه , قال : فنهض بي , قال : فانه يخيل الي اني لو شئت لنلت افق السماء, حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر او نحاس .
            فـجـعـلـت ازاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه , حتى اذ استمكنت منه قال لي رسول اللّه (ص ): اقـذف بـه , فـقـذفـت بـه فـتكسر كما تتكسر القوارير, ثم نزلت فانطلقت انا ورسول اللّه (ص ) نستبق حتى توارينابالبيوت خشية ان يلقانا احد من الناس .
            وفـي [دلائل الصدق ] [2: 294 ط. بصيرتي ] قال : ونحوه في مسند احمد لكن من دون تعيين الليلة , وكـذا في كنز العمال نقلا عن ابن ابي شيبة وابي يعلى في مسنده وابن جريروالخطيب . ثم قال : ان اخـتصاص امير المؤمنين (ع ) بمشاركة النبي (ص ) في هذه الواقعة الخطيرة بطلب من النبي (ص ) دليل على فضله على غيره , لا سيما وقد رقى على منكب دونه العيوق , وهام الملائكة والملوك . وقد اشـار الـشـافعي الى هذه الواقعة مادحا لاميرالمؤمنين (ع ) كما حكاه القندوزي الحنفي في [ينابيع المودة ] في الباب الثامن فقال :
            قيل لي قل في علي مدحا ----- ذكره يخمد نارا موصده قلت لا اقدم في مدح امرئ ----- ضل ذو اللب الى ان عبده والنبي المصطفى قال لنا ----- ليلة المعراج لما صعده وضع اللّه بظهري يده ----- فاحس القلب ان قد برده وعلي واضع اقدامه ----- في محل وضع اللّه يده وقال ابن شهر آشوب في مناقبه [2: 135 ط. دار الاضواء]: وقد استنابه [يعني عليا] يوم الفتح في امـر عـظـيم , فانه وقف حتى صعد على كتفيه وتعلق بسطح البيت وصعد, وكان يقلع الاصنام بحيث تهتز حيطان البيت ويرمي بها فتنكسر. رواه احمد بن حنبل , وابو يعلى الموصلي في مسنديهما, وابو بـكـر الـخطيب في تاريخه , ومحمد بن الصباح الزعفراني في الفضائل , والخطيب الخوارزمي في اربـعـيـنه , وابو عبداللّه النطنزي في الخصائص , وابو المضاصبيح مولى الرضا(ع ) قال : سمعته يحدث عن ابيه عن جده في قوله تعالى : (ورفعناه مكانا عليا) [مريم : 57] نزلت في صعود علي على ظهر النبي لقلع الصنم .
            وقال : حدثني ابو الحسن علي بن احمد العاصمي , عن اسماعيل بن احمد الواعظ, عن ابي بكر البيهقي باسناده عن ابي مريم عن امير المؤمنين (ع ) قال : قال رسول اللّه (ص ): احملني لنطرح الاصنام عن الـكـعـبـة , فلم اطق حمله فحملني , فلو شئت اتناول السماء فعلت , وفي خبر: واللّه لو شئت ان انال السماء بيدي لنلتها.
            وروى فيه ايضا عن ابي بكر الشيرازي في نزول القرآن في شان امير المؤمنين علي (ع ):عن قتادة عـن ابن المسيب , عن ابي هريرة قال : قال لي جابر بن عبداللّه : دخلنا مع النبي (ص ) مكة وفي البيت وحوله ثلاثمئة وستون صنما, فامر بها رسول اللّه (ص ) فالقيت كلها لوجوهها, وكان على البيت صنم طـويـل يقال له هبل , فنظر النبي الى علي وقال له : ياعلي تركب علي او اركب عليك لالقي هبل عن ظهر الكعبة ؟ قلت : يا رسول اللّه بل تركبني , فلما جلس على ظهري لم استطع حمله لثقل الرسالة , قـلـت : يا رسول اللّه بل اركبك , فضحك ونزل وطاطا لي ظهره واستويت عليه , فوالذي فلق الحبة وبـرا الـنـسمة , لواردت ان امسك السماء لامسكتها بيدي , فالقيت هبل عن ظهر الكعبة , فانزل اللّه تعالى وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا) [الاسراء:81].
            وفـيه قال ايضا: وروى القاضي ابو عمرو عثمان بن احمد عن شيوخ باسناده عن ابن عباس قال : قال الـنبي (ص ) لعلي : قم بنا الى صنم في اعلى الكعبة , فقاما جميعا, فلما اتياه قال له النبي (ص ): قم على عـاتـقـي حـتى ارفعك عليه , فاعطاه علي ثوبه فوضعه رسول اللّه (ص ) على عاتقه , ثم رفعه حتى وضـعـه عـلـى الـبـيـت , فـاخذ علي الصنم وهو من نحاس فرمى به من فوق الكعبة , فنادى رسول اللّه (ص ): انزل , فوثب من اعلى الكعبة كانما كان له جناحان .

            رقى على ظهر النبي حيدر ----- من دون جمع بين بدو وحضر حتى علا البيت والقى هبلا ----- من كعبة اللّه سريعا وانحدر وذكر فيه [2: 141] ايضا ما رواه اسماعيل بن محمد الكوفي في خبر طويل عن ابن عباس :انه كان صنم لخزاعة من فوق الكعبة , فقال له النبي (ص ): يا ابا الحسن فـانطلقا ليلا, فقال له (ص ): يا ابا الحسن ارق على ظهري , وكان طول الكعبة اربعين ذراعا, فحمله رسول اللّه (ص ) فقال : انتهيت يا علي ؟ قال (ع ) : والذي بعثك بالحق , لو هممت ان امس السماء بيدي لـمـسـسـتـها, واحتمل الصنم وجلد به الارض , فتقطع قطعا, ثم تعلق بالميزاب وتخلى بنفسه الى الارض , فلما سقط ضحك , فقال النبي (ص ): مايضحكك يا علي ؟ اضحك اللّه سنك , قال (ع ): ضحكت يـا رسـول اللّه تـعـجـبا من اني رميت بنفسي من فوق البيت الى الارض فما المت ولا اصابني وجع فـقـال (ع ): كـيف تالم يا اباالحسن , او يصيبك وجع ؟ انما رفعك محمد(ص ) وانزلك جبرئيل (ع ) انتهى .


            وقـد احـتـمـل (ص ) الـحـسن والحسين يوم حديقة بني النجار وكانا نائمين فيها,وقال (ص ): نعم الـراكـابـان وابوهما خير منهما, وانه (ص ) يصلي باصحابه فاطال سجدته ,فيقول : ان ابني ركبني فـكـرهـت ان ارفـع راسي حتى ينزل باختياره . فعل ذلك اظهارالشرفهم وعظيم قدرهم عند اللّه عـزوجـل , وحـمـل عليا على ظهره اشارة الى انه ابو ولده والائمة من صلبه , كما حول رداءه في الاسـتسقاء اعلاما انه تحول الجدب خصبا, واعلاماان ما حمله المعصوم فهو معصوم . وقال : يا علي , ان اللّه حـمل ذنوب اتباعك ومحبيك علي ثم غفرها لي . وذلك قوله تعالى : (ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تاخر) [الفتح : 2].
            واخرج ابن المغازلي الشافعي في مناقبه [ص 202 برقم 240] مسندا عن ابي هريرة قال : قال رسول اللّه (ص ) لـعلي بن ابي طالب يوم فتح مكة : اما ترى هذا الصنم باعلى كعبة ؟ قال :بلى يا رسول اللّه , قـال : فـاحـمـلك فتناوله , فقال علي (ع ): بل انا احملك يا رسول اللّه ,فقال (ص ): واللّه لو ان ربيعة ومـضر جهدوا ان يحملوا مني بضعة وانا حي ما قدروا, ولكن قف يا علي , فضرب رسول اللّه (ص ) بـيده الى ساقي علي فوق القرنوس , ثم اقتلعه من الارض بيده فرفعه حتى تبين بياض ابطيه , ثم قال لـه : مـا تـرى يـا علي ؟ قال : ارى ان اللّه عزوجل قد شرفني بك حتى اني لو اردت ان امس السماء لـمسستها, فقال له : تناول الصنم يا علي , فتناوله ثم رمى به , ثم خرج رسول اللّه (ص ) من تحت علي فـترك رجليه فسقطعلى الارض فضحك , فقال له (ص ): ما اضحكك يا علي ؟ فقال : سقطت من اعلى الـكـعـبـة فـمـا اصـابـنـي شـي ء, فـقال رسول اللّه (ص ): وكيف يصيبك شي ء وانما حملك محمد وانزلك جبرئيل (ع )؟ قال الفاضل (158) في تعليقاته على الكتاب : قد اخرجه بهذا السند الشيخ عبداللّه الشافعي في مناقبه الـمـخـطـوط [ص 38] على ما في ذيل [احقاق الحق ] وتراه في المناقب المرتضوية [ص 188ط.

            تعليق


            • #21
              الإمام الحسن بن علي الزكي عليه السلام

              نسبه الشريف:

              هو الإمام الهمام ، قرة عين محمد المصطفى (ص) وثمرة فؤاد على المرتضى (ع) وفلذة كبد فاطمة الزهراء (ع) ، والثاني من أئمة الهدى ، السبط الأول للرسول (ص) والإمام والخليفة بعد جده (ص) وأبيه (ع) وحجته الكبرى وآيته العظمى ، واحدى الريحانتين ، وأكبر السبطين ، وسيد شباب أهل الجنة كأخيه الحسين (ع) .
              ابو محمد الحسن بن علي أمير المؤمنين (ع) ، وأمه الصديقة فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله (ص) فسلامٌ عليه وليداً طاهراً من والدين طاهرين .

              ولادته:

              وُلِدَ (ع) في المدينة المنورة ، في السنة الثانية للهجرة النبوية المباركة ، وفي سنة بدر الكبرى ، فجر الثلاثاء الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ، عاش مع جده رسول الله (ص) سبع سنين وأشهراً ، ومع أبيه أمير المؤمنين علي (ع) ثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته (ع) بعد شهادة أبيه (ع) عشر سنوات ، فيصبح مجموع عمره الشريف سبعاً وأربعين سنة وأشهراً .

              كنيته وأولاده:

              كنيته أبو محمد ، وله ألقاب كثيرة ، منها المجتبى ، والزكي ، والسبط الأول ، والأمين ، والحجة ، والأثير ، والزاهد، والتقي ، وكريم أهل البيت ، والسيد ، والطيب ، وغيرها .

              أوصافه:

              كان (ع) اشبه جده (ص) ولم يكن احد في زمانه أشبه بالنبي (ص) منه ، وكان وجهه أبيض مُشربّاً بالحمرة ، أدعج العينين (أي سوادهما مع سعتهما ) ، سهل الخدين ( بمعنى ملاستهما وعدم حلزونتها ) ، رقيق الوجه ، كث اللحية ، ذا وفرة كأن عنقه أبريق فضة ، ليس بالطويل ولا القصير ، عظيم الكراديس ( وهما عظمان التقيا في المفصل ، بعيدٌ ما بين المنكبين ) .
              وكان (ع) مليحاً ، حسن البدن ، جعد الشعر ، يختضب بالسواد .

              زوجاته وأولاده :

              لقد تعرض الإمام الحسن (ع) لهجمة شرسة ، فقالوا إنه تزوج بالعديد من النساء ، فقال بعضهم بان عدد زوجاته يتراوح بين الستين والسبعين ، وقال آخر بانه تزوج باكثر من مئتين وخمسين أو ثلاثمائة ، وأن أباه (ع) كان يتضجر من ذلك فقال يوماً على المنبر : إن الحسن مطلاق فلا تزوجوه .

              كل هذه الروايات مكذوبة على سيد شباب أهل الجنة ، فإن الرواة لم يثبتوا له إلا عشر نساء على التحقيق ، وقد برر بعضهم زواج الحسن (ع) بقوله إنه كان يحلل المطلقات ثلاثاً لأزواجهن ولا يثق الأزواج بغيره في هذه المهمة ، فأساء إلى الإمام وإلى أهل البيت (ع) من حيث لا يقصد ، وفي الوقت نفسه أتاح لبعض الجهلة أن يتناولوه (ع) بالنقد والتجريح ، وأن يلصقوا به (ع) ما لا يرضاه لنفسه كرام الناس ، فضلاً عن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (ص) وأشبه الناس به خَلقاً وخُلُقاً .

              فما المقصود بأنه (ع) يحلل المطلقات لأزواجهن ؟ فهل يرضى أحد الناس بذلك لنفسه ؟ وهل كان الإمام الحسن همه شهواته ؟؟ ولا شئ عنده سوى الزواج والطلاق ؟ ثم إذا كان كذلك -على فرض صحته - فأين أولاده .
              فالتاريخ يحدثنا أن أكثر الروايات في ذلك تنسب للإمام الحسن (ع) إثنين وعشرين ولداً ، خمسة عشر منهم من الذكور وسبعه من الإناث .
              وعلى ما يبدو أن الذين الصقوا بالإمام الحسن كثرة الزواج والطلاق ثلاثة وهم : المدائني والشبلنجي وأبو طالب المكي ، وعنهم أخذ المورخون والكتاب من السنة والشيعة والمستشرقون .
              اما علي بن عبدالله البصري المعروف بالمدائني والمعاصر للعباسيين فهو من المتهمين بالكذب في الحديث ، ومضعف ، كما جاء ذلك عن الذهبي وامتنع مسلمٌ عن الرواية عن المدائني في صحيحه . كما نص ابن حجر في لسان الميزان بوضعه للأخبار . كل ذلك مما يبعث على الأطمانان بان رواية السبعين التي لم يروها غيره - أي المدائني - من موضوعاته لمصلحة الحاكمين اعداء العلويين .
              على أن المدائني نفسه الذي ادعى أنه ( ع) تزوج بسبعين ، قد احصى له عشر نساء لا غير وعدهن بأسمائهن كما جاء في المجلد الرابع من شرح النهج .
              واما رواية التسعين فقد ارسلها الشبلنجي في كتابه نور الأبصار ولم ينسبها لأحد ، كما انه لم يتحرى الصحيح في مروياته التي رواها في كتابه المذكور كما يبدو ذلك للمتتبع .
              والمرسل إذا لم يكن مدعوماً بشاهدٍ من الخارج او الداخل للأستدلال يصبحُ ساقطاً ، في حين ان الشواهد والقرائن ترجح بان من صنع الحاقدين على أهل البيت عليهم السلام .
              واما رواية المكي في قوت القلوب فهي أقرب للأساطير من غيرها لأنها لم ترد على لسان احد من الرواد ، أضف إلى ذلك ان أبا طال بالمكي كان مصاب بالهستيريا كما نص على ذلك معاصروه .

              إمامته ومجمل سيرته خلالها :

              كانت مدة إمامته عشر سنوات ، وبويع له بالخلافة بعد شهادة أبيه (ع) وكان له من العمر سبع وثلاثون سنة .
              ثم أصبحت هناك خلافات بين الإمام الحسن (ع) ومعاوية بن ابي سفيان ، انتهت بصلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية بن ابي سفيان حفاظا على بيضة الإسلام ، وعدم رجوع الناس عنه ، بشروط شرطها (ع) على معاوية التي نقضها فيما بعد ، وإليكها :
              1- أن يعمل معاوية في المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله (ص) وسيرة الخلفاء الصالحين .
              2- أن لا يعهد معاوية الأمر بعده إلى أحد ، بل تكون للحسن (ع) ، وإن حدث له شيئ فهو للحسين (ع) .
              3- أن يترك معاوية واصحابه سب أمير المؤمنين (ع) والأمور غير اللائقة به (ع) في قنوت صلواتهم ، وبقية أوقات ليلهم ونهارهم ، وان لا يذكر علي (ع) إلا بخير .
              4- ان تكون شيعة علي (ع) امنين ، وكذلك بقية الناس حيث كانوا من بلاد الدنيا ، وألا يتعرض للأمام الحسن (ع) ولا لأخيه الحسين (ع) بسوء .
              5- تسليم المر لمعاوية لا يشمل ما في بيت المال في الكوفة ، كماا ان على معاوية أن يرسل للحسن (ع) مليوني درهم يفرقها على بني هاشم و شيعة علي (ع) .

              يتبادر سؤال مفاده : لماذا صالح الحسن بن علي (ع) معاوية بن ابي سفيان ؟
              جواب : نفس هذا السؤال يتبادر إلى الذهن حول صلح الرسول (ص) مع مشركي مكة في الحديبية . قبل الجواب بشكلٍ مختصر عن صلح الإمام الحسن (ع) لا بد من القاء الضوء على ظروف جيش الإمام الحسن وجيش معاوية .
              أولاً : جيش الإمام الحسن اقتصرعلى أهل الكوفه الذين خاضوا معاركاً طاحنة أيام أمير المؤمنين علي (ع) ، في حروب الجمل وصفين والنهروان ، مما أدى إلى سقوط الكثير من أهل الكوفة ، وبالتالي فإن الإمام الحسن (ع) استلم جيشاً منهد الأركان من ناحية العدد والعتاد . على عكس جيش معاوية من الشام باكملها ( وهي فلسطين ولبنان وسوريا والأردن حالياً ) ، وكذلك عدم خوض اهل الشام الحروب الطاحنة ، حيثً أبرم معاوية اتفاقاً مع ملك الروم بعدم الحرب ، للتفرغ للإمام الحسن (ع) ، وبالتالي فان جيشه في كامل قوته وعتاده التي يجلبها من الروم .

              ثانياً : أن جيش الإمام الحسن يبلغ سبعين الف مقاتل ، لكننا نرى أن للجيش قواداً ، لكل قائذٍ عددٍ من المقاتلين فمثلاً عبيدالله بن العباس كان تحته عشرون الف مقاتل ، مما حدا بمعاوية ان يرسل مئة ألف دينار فاشتراه ، فمال بجيشه نحو معسكر معاوية ، كما اشترى بقية قواد الإمام (ع) ، ولم يبق مع الإمام الحسن (ع) سوى عشرون ألف ، وهذا يعني ان خمسين ألف مقاتل من جيش الإمام قد مال إلى معاوية فأصبح جيشه مئة وسبعون ألف مقابل عشرين ألف مع الإمام الحسن (ع) .

              ثالثاً : إن معظم المقاتلين الذين مع الإمام الحسن (ع) غير مدركين صلاحيتة وصلحه ، وقد بلغ الأمر ببعظهم ان هاجمو الإمام الحسن ونهبوا امتعته ، وطعنوه في فخده بساباط المدائن ، ولعل هؤلاء هم رسل معاوية لهده الغاية ، وليس ذلك ببعيد على ابن هندٍ وزبانيته الذين بلغوا القمة في غدرهم وخيانته لكل ما جاء به الإسلام من سننٍ واخلاقٍ واداب وتشريعات .

              رابعاً : عمل معاوية على تصفية قواد الإمام الحسن (ع) الأجلاء ، فقد دس السم في العسل إلى بعض اصحاب الإمام (ع) وقال معاوية قولته المشهورة : إن لله جنوداً من عسل .

              في ظل هده الظروف وفي هذا الجو المحموم ، قبل الإمام الحسن (ع) الصلح لأنه أهون الضررين ، هذا بالإضافة إلى انه لو مضى بمن معه وحارب معاوية بتلك الفءة القليلة كحال غيره من العلويين الذين نهضوا خلال العصور الإسلامية يهتفون بالإصلاح ويدعون إليه ، ثم غلبوا على امرهم ولم يبقَ من ذكرهم إلا اسماؤهم في التاريخ .
              اضف إلى ذلك إلى ان الحرب ستؤدي إلى قتل الإمام الحسن واهل بيته (ع) في ظل تلك الظروف إذ ما الذي يمنع معاوية الذي امتلاء قلبه ضيقاً وحقداً من فعل الموبقات والجرائم ، واستئصال أهل البيت (ع) ، ثم يصبح الإمام الحسن هو الملام بعدم قبوله للصلح .

              وقد اخد بعض الوضاعين بوضع الأحاديث على لسان النبي (ص) ومن تلك المرويات إن ابني هذا - أي الأمام الحسن - سيدٌ سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، على حد تعبير الراوي . وقد أخذ الرواة بها وكانها من المسلمات وقرت بهذه الرواية عين واضعها معاوية ، لأنها اعتبرته إحدى الفئتين المسلمتين ، في حين ان القرآن الكريم يراه من البغاة الذين يجب على المسلمين قتالهم حتى يفئوا ألى امر الله تعالى ، كما اعتبره الرسول (ص) باغياً كما يستفاد ذلك لعمار : " تقتلك الفئة الباغية " .
              ولعل المصدر الوحيد لهد هالرواية هو أبو بكرة شقيق زياد بن عبيد لأمه سمية ، وهى من موضوعاته ، أو انها وضعت ونسبت إليه ليثبت أن معاوية من المسلمين لا من البغاة ، بعد ان وصمه القرآن بهذه الصفة ، وأكذها النبي (ص) في حديثه مع عمار الذي رواه اكثر الصحابة ، والذي يعتبر من اكثر الحاديث شيوعاً وانتشاراً ، إضافةً إلى ذلك أن ابا بكرة ادعى أنه راى الحسن إلى جانب جده على المنبر ، يلتفت إليه تارة ، وإلى المسلمين اخرى ، وقال قولته ، وكما شاهده إلى جانبه على المنبر لابد وأن يشاهده ويسمع منه جميع من كان حاضراً تحت المنبر ، فلماذا تفرد وحده بروايته . بالإضافة إلى ان ابا بكرة كان منحرفاً عن عليٍ وآله (ع) ، ولم يشترك معه في حروبه . اضف إلى ذلك أن الذين رووا عن ابي بكرة يدعون أن النبي (ص) قد قال ذلك للحسن وهو طفلٌ في حدود الثلاث سنوات من عمره ، أي في حدود السنة الخامسة للهجرة المباركة ، وأبو بكرة نفيع ابن الحارث بن كلدة يوم ذاك كان لا يزال مشركاً في الطائف ، فكيف روى ذلك ولم يسنده إلى غيره ؟ وهذا يعطي اطمئناناً بوضع مثل هده المرويات .

              إن صلح الإمام الحسن (ع) هو البذرة الاولى واللبنة الأساسية لنهضة سيد الشهداء ، حيثُ يعتبر الصلح القواعد الأساسية لنهضة الإمام الحسين (ع) ، واتى الإمام الحسين بالبناء على هذه القواعد ، ولهذا فإن للإمام الحسن الدور الأكبر في قيام الإمام الحسين في وجه الظلم والطغيان .

              استشهاده :

              استُهد سلام الله عليه مسموماً ، متأثراً بالسم الذي دسته إليه زوجته جُعدة بنت محمد الأشعث الكندي ، يوم الخميس السابع من شهر صفر سنة خمسين للهجرة ، ودفنه الإمام الحسين بالبقيع بالمدينة المنورة عند قبر جدته فاطمة بنت أسد بوصيةٍ منه

              تعليق


              • #22
                الإمام الحسن بن علي الزكي عليه السلام

                نسبه الشريف:

                هو الإمام الهمام ، قرة عين محمد المصطفى (ص) وثمرة فؤاد على المرتضى (ع) وفلذة كبد فاطمة الزهراء (ع) ، والثاني من أئمة الهدى ، السبط الأول للرسول (ص) والإمام والخليفة بعد جده (ص) وأبيه (ع) وحجته الكبرى وآيته العظمى ، واحدى الريحانتين ، وأكبر السبطين ، وسيد شباب أهل الجنة كأخيه الحسين (ع) .
                ابو محمد الحسن بن علي أمير المؤمنين (ع) ، وأمه الصديقة فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله (ص) فسلامٌ عليه وليداً طاهراً من والدين طاهرين .

                ولادته:

                وُلِدَ (ع) في المدينة المنورة ، في السنة الثانية للهجرة النبوية المباركة ، وفي سنة بدر الكبرى ، فجر الثلاثاء الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ، عاش مع جده رسول الله (ص) سبع سنين وأشهراً ، ومع أبيه أمير المؤمنين علي (ع) ثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته (ع) بعد شهادة أبيه (ع) عشر سنوات ، فيصبح مجموع عمره الشريف سبعاً وأربعين سنة وأشهراً .

                كنيته وأولاده:

                كنيته أبو محمد ، وله ألقاب كثيرة ، منها المجتبى ، والزكي ، والسبط الأول ، والأمين ، والحجة ، والأثير ، والزاهد، والتقي ، وكريم أهل البيت ، والسيد ، والطيب ، وغيرها .

                أوصافه:

                كان (ع) اشبه جده (ص) ولم يكن احد في زمانه أشبه بالنبي (ص) منه ، وكان وجهه أبيض مُشربّاً بالحمرة ، أدعج العينين (أي سوادهما مع سعتهما ) ، سهل الخدين ( بمعنى ملاستهما وعدم حلزونتها ) ، رقيق الوجه ، كث اللحية ، ذا وفرة كأن عنقه أبريق فضة ، ليس بالطويل ولا القصير ، عظيم الكراديس ( وهما عظمان التقيا في المفصل ، بعيدٌ ما بين المنكبين ) .
                وكان (ع) مليحاً ، حسن البدن ، جعد الشعر ، يختضب بالسواد .

                زوجاته وأولاده :

                لقد تعرض الإمام الحسن (ع) لهجمة شرسة ، فقالوا إنه تزوج بالعديد من النساء ، فقال بعضهم بان عدد زوجاته يتراوح بين الستين والسبعين ، وقال آخر بانه تزوج باكثر من مئتين وخمسين أو ثلاثمائة ، وأن أباه (ع) كان يتضجر من ذلك فقال يوماً على المنبر : إن الحسن مطلاق فلا تزوجوه .

                كل هذه الروايات مكذوبة على سيد شباب أهل الجنة ، فإن الرواة لم يثبتوا له إلا عشر نساء على التحقيق ، وقد برر بعضهم زواج الحسن (ع) بقوله إنه كان يحلل المطلقات ثلاثاً لأزواجهن ولا يثق الأزواج بغيره في هذه المهمة ، فأساء إلى الإمام وإلى أهل البيت (ع) من حيث لا يقصد ، وفي الوقت نفسه أتاح لبعض الجهلة أن يتناولوه (ع) بالنقد والتجريح ، وأن يلصقوا به (ع) ما لا يرضاه لنفسه كرام الناس ، فضلاً عن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (ص) وأشبه الناس به خَلقاً وخُلُقاً .

                فما المقصود بأنه (ع) يحلل المطلقات لأزواجهن ؟ فهل يرضى أحد الناس بذلك لنفسه ؟ وهل كان الإمام الحسن همه شهواته ؟؟ ولا شئ عنده سوى الزواج والطلاق ؟ ثم إذا كان كذلك -على فرض صحته - فأين أولاده .
                فالتاريخ يحدثنا أن أكثر الروايات في ذلك تنسب للإمام الحسن (ع) إثنين وعشرين ولداً ، خمسة عشر منهم من الذكور وسبعه من الإناث .
                وعلى ما يبدو أن الذين الصقوا بالإمام الحسن كثرة الزواج والطلاق ثلاثة وهم : المدائني والشبلنجي وأبو طالب المكي ، وعنهم أخذ المورخون والكتاب من السنة والشيعة والمستشرقون .
                اما علي بن عبدالله البصري المعروف بالمدائني والمعاصر للعباسيين فهو من المتهمين بالكذب في الحديث ، ومضعف ، كما جاء ذلك عن الذهبي وامتنع مسلمٌ عن الرواية عن المدائني في صحيحه . كما نص ابن حجر في لسان الميزان بوضعه للأخبار . كل ذلك مما يبعث على الأطمانان بان رواية السبعين التي لم يروها غيره - أي المدائني - من موضوعاته لمصلحة الحاكمين اعداء العلويين .
                على أن المدائني نفسه الذي ادعى أنه ( ع) تزوج بسبعين ، قد احصى له عشر نساء لا غير وعدهن بأسمائهن كما جاء في المجلد الرابع من شرح النهج .
                واما رواية التسعين فقد ارسلها الشبلنجي في كتابه نور الأبصار ولم ينسبها لأحد ، كما انه لم يتحرى الصحيح في مروياته التي رواها في كتابه المذكور كما يبدو ذلك للمتتبع .
                والمرسل إذا لم يكن مدعوماً بشاهدٍ من الخارج او الداخل للأستدلال يصبحُ ساقطاً ، في حين ان الشواهد والقرائن ترجح بان من صنع الحاقدين على أهل البيت عليهم السلام .
                واما رواية المكي في قوت القلوب فهي أقرب للأساطير من غيرها لأنها لم ترد على لسان احد من الرواد ، أضف إلى ذلك ان أبا طال بالمكي كان مصاب بالهستيريا كما نص على ذلك معاصروه .

                إمامته ومجمل سيرته خلالها :

                كانت مدة إمامته عشر سنوات ، وبويع له بالخلافة بعد شهادة أبيه (ع) وكان له من العمر سبع وثلاثون سنة .
                ثم أصبحت هناك خلافات بين الإمام الحسن (ع) ومعاوية بن ابي سفيان ، انتهت بصلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية بن ابي سفيان حفاظا على بيضة الإسلام ، وعدم رجوع الناس عنه ، بشروط شرطها (ع) على معاوية التي نقضها فيما بعد ، وإليكها :
                1- أن يعمل معاوية في المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله (ص) وسيرة الخلفاء الصالحين .
                2- أن لا يعهد معاوية الأمر بعده إلى أحد ، بل تكون للحسن (ع) ، وإن حدث له شيئ فهو للحسين (ع) .
                3- أن يترك معاوية واصحابه سب أمير المؤمنين (ع) والأمور غير اللائقة به (ع) في قنوت صلواتهم ، وبقية أوقات ليلهم ونهارهم ، وان لا يذكر علي (ع) إلا بخير .
                4- ان تكون شيعة علي (ع) امنين ، وكذلك بقية الناس حيث كانوا من بلاد الدنيا ، وألا يتعرض للأمام الحسن (ع) ولا لأخيه الحسين (ع) بسوء .
                5- تسليم المر لمعاوية لا يشمل ما في بيت المال في الكوفة ، كماا ان على معاوية أن يرسل للحسن (ع) مليوني درهم يفرقها على بني هاشم و شيعة علي (ع) .

                يتبادر سؤال مفاده : لماذا صالح الحسن بن علي (ع) معاوية بن ابي سفيان ؟
                جواب : نفس هذا السؤال يتبادر إلى الذهن حول صلح الرسول (ص) مع مشركي مكة في الحديبية . قبل الجواب بشكلٍ مختصر عن صلح الإمام الحسن (ع) لا بد من القاء الضوء على ظروف جيش الإمام الحسن وجيش معاوية .
                أولاً : جيش الإمام الحسن اقتصرعلى أهل الكوفه الذين خاضوا معاركاً طاحنة أيام أمير المؤمنين علي (ع) ، في حروب الجمل وصفين والنهروان ، مما أدى إلى سقوط الكثير من أهل الكوفة ، وبالتالي فإن الإمام الحسن (ع) استلم جيشاً منهد الأركان من ناحية العدد والعتاد . على عكس جيش معاوية من الشام باكملها ( وهي فلسطين ولبنان وسوريا والأردن حالياً ) ، وكذلك عدم خوض اهل الشام الحروب الطاحنة ، حيثً أبرم معاوية اتفاقاً مع ملك الروم بعدم الحرب ، للتفرغ للإمام الحسن (ع) ، وبالتالي فان جيشه في كامل قوته وعتاده التي يجلبها من الروم .

                ثانياً : أن جيش الإمام الحسن يبلغ سبعين الف مقاتل ، لكننا نرى أن للجيش قواداً ، لكل قائذٍ عددٍ من المقاتلين فمثلاً عبيدالله بن العباس كان تحته عشرون الف مقاتل ، مما حدا بمعاوية ان يرسل مئة ألف دينار فاشتراه ، فمال بجيشه نحو معسكر معاوية ، كما اشترى بقية قواد الإمام (ع) ، ولم يبق مع الإمام الحسن (ع) سوى عشرون ألف ، وهذا يعني ان خمسين ألف مقاتل من جيش الإمام قد مال إلى معاوية فأصبح جيشه مئة وسبعون ألف مقابل عشرين ألف مع الإمام الحسن (ع) .

                ثالثاً : إن معظم المقاتلين الذين مع الإمام الحسن (ع) غير مدركين صلاحيتة وصلحه ، وقد بلغ الأمر ببعظهم ان هاجمو الإمام الحسن ونهبوا امتعته ، وطعنوه في فخده بساباط المدائن ، ولعل هؤلاء هم رسل معاوية لهده الغاية ، وليس ذلك ببعيد على ابن هندٍ وزبانيته الذين بلغوا القمة في غدرهم وخيانته لكل ما جاء به الإسلام من سننٍ واخلاقٍ واداب وتشريعات .

                رابعاً : عمل معاوية على تصفية قواد الإمام الحسن (ع) الأجلاء ، فقد دس السم في العسل إلى بعض اصحاب الإمام (ع) وقال معاوية قولته المشهورة : إن لله جنوداً من عسل .

                في ظل هده الظروف وفي هذا الجو المحموم ، قبل الإمام الحسن (ع) الصلح لأنه أهون الضررين ، هذا بالإضافة إلى انه لو مضى بمن معه وحارب معاوية بتلك الفءة القليلة كحال غيره من العلويين الذين نهضوا خلال العصور الإسلامية يهتفون بالإصلاح ويدعون إليه ، ثم غلبوا على امرهم ولم يبقَ من ذكرهم إلا اسماؤهم في التاريخ .
                اضف إلى ذلك إلى ان الحرب ستؤدي إلى قتل الإمام الحسن واهل بيته (ع) في ظل تلك الظروف إذ ما الذي يمنع معاوية الذي امتلاء قلبه ضيقاً وحقداً من فعل الموبقات والجرائم ، واستئصال أهل البيت (ع) ، ثم يصبح الإمام الحسن هو الملام بعدم قبوله للصلح .

                وقد اخد بعض الوضاعين بوضع الأحاديث على لسان النبي (ص) ومن تلك المرويات إن ابني هذا - أي الأمام الحسن - سيدٌ سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، على حد تعبير الراوي . وقد أخذ الرواة بها وكانها من المسلمات وقرت بهذه الرواية عين واضعها معاوية ، لأنها اعتبرته إحدى الفئتين المسلمتين ، في حين ان القرآن الكريم يراه من البغاة الذين يجب على المسلمين قتالهم حتى يفئوا ألى امر الله تعالى ، كما اعتبره الرسول (ص) باغياً كما يستفاد ذلك لعمار : " تقتلك الفئة الباغية " .
                ولعل المصدر الوحيد لهد هالرواية هو أبو بكرة شقيق زياد بن عبيد لأمه سمية ، وهى من موضوعاته ، أو انها وضعت ونسبت إليه ليثبت أن معاوية من المسلمين لا من البغاة ، بعد ان وصمه القرآن بهذه الصفة ، وأكذها النبي (ص) في حديثه مع عمار الذي رواه اكثر الصحابة ، والذي يعتبر من اكثر الحاديث شيوعاً وانتشاراً ، إضافةً إلى ذلك أن ابا بكرة ادعى أنه راى الحسن إلى جانب جده على المنبر ، يلتفت إليه تارة ، وإلى المسلمين اخرى ، وقال قولته ، وكما شاهده إلى جانبه على المنبر لابد وأن يشاهده ويسمع منه جميع من كان حاضراً تحت المنبر ، فلماذا تفرد وحده بروايته . بالإضافة إلى ان ابا بكرة كان منحرفاً عن عليٍ وآله (ع) ، ولم يشترك معه في حروبه . اضف إلى ذلك أن الذين رووا عن ابي بكرة يدعون أن النبي (ص) قد قال ذلك للحسن وهو طفلٌ في حدود الثلاث سنوات من عمره ، أي في حدود السنة الخامسة للهجرة المباركة ، وأبو بكرة نفيع ابن الحارث بن كلدة يوم ذاك كان لا يزال مشركاً في الطائف ، فكيف روى ذلك ولم يسنده إلى غيره ؟ وهذا يعطي اطمئناناً بوضع مثل هده المرويات .

                إن صلح الإمام الحسن (ع) هو البذرة الاولى واللبنة الأساسية لنهضة سيد الشهداء ، حيثُ يعتبر الصلح القواعد الأساسية لنهضة الإمام الحسين (ع) ، واتى الإمام الحسين بالبناء على هذه القواعد ، ولهذا فإن للإمام الحسن الدور الأكبر في قيام الإمام الحسين في وجه الظلم والطغيان .

                استشهاده :

                استُهد سلام الله عليه مسموماً ، متأثراً بالسم الذي دسته إليه زوجته جُعدة بنت محمد الأشعث الكندي ، يوم الخميس السابع من شهر صفر سنة خمسين للهجرة ، ودفنه الإمام الحسين بالبقيع بالمدينة المنورة عند قبر جدته فاطمة بنت أسد بوصيةٍ منه

                تعليق


                • #23
                  الإمام الحسين بن علي عليهما السلام

                  الإمام الحسين بن علي عليهما السلام

                  قال تعالى(( إنَّ الله اشتَرى مِنَ المُؤمنِينَ أنفُسَهُم ْ وأَّموالّهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ في سَبَيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعداً عَلَيهِ حَقَّاً في التَّوْراةِ والإنجِيلِ والقُرءانِ وَمَن أّوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللهِ فاستَبشِروا بِبيعِكُمُ الَّذِي بَايَعتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوزُ العظِيم ))سورة التوبة ايه 111

                  وقال تعالى (( مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَابَدَّلُوا تَبدِيلاً)) سورة الأحزاب اية 23

                  وقال رسول (ص) : " حسينٌ مني وأنا من حسين احب الله من أحب حسيناً"

                  نســـبه الـشـريـــــف :

                  هو الإمام أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وأسم الحسين (ع) تصغير لأسم أخيه الحسن (ع) ، وهما إسمان خصهما الله تعالى بهما دون سواهما ، ولم يُسمَّ بهما أحد قبلهما ، إلا ابني هارون أخي كليم الله موسى بن عمران ( على نبينا وآله وعليهم السلام ) ووصيه ، غير أن الأسمين لابني هارون (ع) كانا بلسان العبرانية (شبراً - شُبيراً ) وترجمتهما بالعربية الحسن والحسين .
                  وحيث أن علياً (ع) كان من رسول الله (ص) بمنزلة هارون من موسى (ع) لحديث المنزلة المروي عنه (ص) فكان علي لرسول الله (ص) كما كان هارون لموسى - أخاً ووصياً ووزيراً ونائباً في جميع صفاته وخصائصه وعلومه التي خصه الله تعالى بها ، عدا النبوة وعدد الأزواج .
                  لذا سمى الله تعالى ابني علي (ع) خليفة رسول الله ، بأسم إبني هارون ، خليفة موسى ابن عمران (ع) .

                  كــنـيـــتـــــــه :

                  أما كنيته فهي أبو عبدالله ، وألقابه كثيرة منها : سيد شباب أهل الجنه ، والسبط الثاني ، والرشيد ، والطيب ، والوفي ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والمظلوم ، والشهيد ، وسيد الشهداء ن والغريب ، والعطشان ، وغيرها .

                  ولادتــــــــــــــــه :

                  ولد (ع) بعد أخيه الحسن (ع) بأقل من مدة الحمل وهي ستة أشهر عشية الخميس ليلة الجمعة الثالث من شهر شعبان المعظم ، عام الخندق ، في السنة الرابعة من الهجرة المباركة .
                  وهو ثاني السبطين لرسول الله (ص) وهو وأخيه الحسن (ع) سيدا شباب أهل الجنة ، وريحانتا المصطفى ، واحد الخمسة من آل العبا ، وامهما فاطمة الزهراء بنت سيد الكونين (ص)

                  زوجــــاتـــه وأولاده :

                  تزوج الإمام الحسين زوجات عديدة منهن أم الإمام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين وهي شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ، وأم علي الأكبر الذي استشهد في يوم عاشوراء هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، والرباب بنت أمرئ القيس بن عدي الكلبي وهي أم عبدالله الصغير وسكينة ، وأم اسحاق بنت طلحة بن عبدالله تيمية ، وهي أم فاطمة بنت الحسين ، وقد رزق سلام الله عليه على ماروي عشرة أولاد ، ستة من الذكور وأربع من الإناث .

                  حـــيـــــاتــــــه :

                  عاش (ع) ستاً وخمسين سنة وأشهراً وكان له منها مع جده رسول الله (ص) ست سنين وأشهر وأقام مع أبيه أمير المؤمنين (ع) بعد جده رسول الله (ص) ثلاثين سنه ومع أخيه الحسن بعد أبيه عشرين سنه ، وعاش بعد أخيه المجتبي (ع) عشر سنين ، فهذا تمام ست وخمسين سنة وأشهر .

                  شـــــهــــادتــــــــه :

                  استشهد (ع) يوم العاشر من محرم الحرام سنة إحدى وستين للهجرة في كربلاء بالعراق ودفن هناك وله مزار عظيم يتكدس على اعتابه الذهب ، في بناءٍ تعب الفن المعماري الإسلامي لإخراجه ، فكان كما أراد الله عظمة وسمواً ورفعه يقصده مئات الألوف من الزوار .

                  وقد استشهد (ع) مع سبعة عشر من أهل بيته وأثنين وسبعين من أنصاره ، ليس لهم على وجه الأرض من مثيل قُتيلوا شهداء مظلومين عطاشى صابرين محتسبين ، ثائرين على الظلم والفساد ، والباطل ن وهم على مقربة من نهر الفرات ومياهه العذبة المتدفقة .

                  وقد بقيت أجسادهم الطاهرة ملقاة على وجه التراب بلا رؤوس ثلاثة أيام بلياليها إلى أن قدم الإمام زين العابدين ودفنهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وساعده في ذلك أناس من بني أسد لم يشهدو وقعة كربلاء ، فدفنوا جثثهم الطاهرة الزكية بلا غسل ولا حنوط ولا كفن فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون .

                  وأيام الحسين (ع) أيام خالدة أنارت الدرب للناهضين والمجاهدين ، للمستضعفين والمحرومين ، وحياة الحسين (ع) كلها مشاعل اضاءت طريق الأحرار الذين لا يقبلون الذل والهوان ، ويرفضون العبودية إلا لله الواحد القهار .

                  لقد وقف الحسين (ع) بوجة يزيد بن معاوية الذي مارس مختلف أنواع المحرمات ، وقتل النفس المؤمنة بغير حق ، واستعبد الأمةالإسلامية وأعاد الأيام الجاهلية الأولى . ويزيد هو الذي استباح المدينة المنورة في وقعة الحرة لجنوده ، فهتكت الأعراض ، وقتلت الأنفس ، وكان كل مدني بعد تلك الوقعة يزوج ابنته ولا يشترط بكارتها ، وهو الذي أمر عاملة الحجاج بضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق ، فتصدعت حيضانها واشتعلت النيران فيها ، بسبب تحصن عبدالله بن الزبير فيها ،فأي شخصِ هذا الذي يبايعه الحسين .
                  وكانت نهضة الإمام الحسين رفضاً للظلم وطلباً للإصلاح في الأمة الإسلامية ، وفي كربلاء الحسين انتصر الدم على السيف ، فأين ذكر يزيد بن معاوية ( لعنه الله ) وأتباعه ، بينما ذكر الحسين باق في كل مكان ، وكل زمان .
                  وتسابق آل بيت الرسول وهم بني هاشم على نصرة الحسين والدفاع عنه ، وتقدمهم الأنصار الذين رفضو الأنصياع والأنقياد إلى زمرة الظلم والجور والعدوان ، ونالوا شرف الشهادة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، أمثال العباس بن علي بن ابي طالب (ع) والحر بن يزيد الرياحي (رض) وزهير بن القين (رض) وحبيب بن مظاهر الأسدي (رض) وأمثالهم ممن اقترنوا مع الحسين في الدنيا والأخرة .

                  ولم يكتفِ عمر بن سعد (لعنه الله ) بقتل الحسين ، حتى اوطئ الخيل صدر الحسين سلام الله عليه ، بعد قتله (ع) وسبي نساءه بغير ستر ولا وطاء بأمر من يزيد بن معاوية ( لعنه الله ) وذهبو بأل الرسول إلى الكوفه ثم أرسلوهن إلى الشام على دربٍ طويل .
                  ولقد غربت شمس يوم عاشوراء عن عقائل بيت النبوة وهن ثاكلات حائرات بلا محامي أو كفيل وحولهن اليتامى يتضاغون من الجوع والعطش هذه تندب أخاها والأخرى تندب ولدها وتلك تندب عمها وأباها :

                  وكان يزيد بن معاوية (لعنه الله ) عند وصول السبايا إلى الشام على جبل جيرون خارج دمشق يتنزه فلما رأى السبايا والرؤوس على اطراف الرماح فرح فرحاً شديداً وأنشأ يقول :

                  وأدخلوهن مجالس الرجال ، وضربوهن وأهانوهن ، واستقبلهم اهل الشام بفرحٍ وسرور، وزينة وحبور ، ضاربين الدفوف ، وكان المنادي يصيح بهم في الشام بالخوارج ، وأدخل زين العابدين (ع) والسيدة زينب على يزيد وأخد يعبر عما في نفسه من حقد وكره ، وأدخل رأس الحسين (ع) ووضع في طشت من ذهب فأخذ يزيد (لعنه الله) القضيب وجعل ينكث ثغر الحسين (ع) وهو يقول معبراً عن انتقامه من الرسول (ص) ومن الإمام علي (ع) وما صنعه ( الإمام علي ) بأشياخ قريش في يوم بدر وحنين وكافة الغزوات :

                  وبعد أن ساد الوعي وتنبه الناس إلى قبح ما ارتكبه يزيد ( لعنه) ، وكثرالنقد له ، والتنديد به خاف يزيد ( لعنه) وقوع الفتنة في الشام فعجل بإخراج أهل البيت (ع) وأعادهم إلى المدينة المنورة .

                  ألا لعنة الله على القوم الظالمين ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . والصلاة والسلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى الشهداء بين يدي الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته

                  تعليق


                  • #24
                    الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام

                    نسبه الشريف :

                    هو باقر علوم الأولين والأخرين ، ووارث جده خاتم النبيين (ص) ، ومشيد شريعة جده سيد المرسلين ، ومن أوصى له بالخلافة والإمامة بعده أبوه زين العابدين (ع) وخليفة الرسول الخامس ، وهو الذي قيل بشأنه أن رسول الله (ص) قال لجابر بن عبدالله الأنصاري (رض) : إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي .....(ع) أسمه أسمي وشمائله شمائلي ، يبقر علم الدين بقراً ، أي يشقه شقاً ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .
                    أما نسبه لأبيه فهو الإمام محمد بن الإمام علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام ، الملقب بالباقر . أما أمه فهي فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي (ع) أي أن أباه زين العابدين (ع) كان متزوجاً من أبنة عمه ، فالإمام الباقر (ع) كان أول هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين .

                    مولده:

                    ولد الباقر (ع) في المدينة المنورة ، يوم الجمعة الأول من شهر رجب المرجب ، من السنة السابعة والخمسين من الهجرة النبوية الشريفه .

                    كنيته وألقابه:

                    أما كنيته فهو (( أبو جعفر )) وأما القابه ، فهي: "باقر العلوم " و تخفف فيقال "الباقر " ، والشاكر لله ، والهادي .

                    عمره وحياته بشكل عام :

                    عاش (ع) سبعاً وخمسين سنة ، منها ثلاث سنوات مع جده الحسين (ع) ، وبعدها مع أبيه الإمام السجاد (ع) خمساً وثلاثين سنة إلا شهرين ، ثم كانت إمامته (ع) بعد وفاة أبيه تسع عشرة سنة وشهرين ، فعمره (ع) بمقدار سنوات عمر جده الحسين (ع) وأبيه السجاد (ع) .
                    أما حياته : فقد شهد (ع) في بداية حياته الشريفه واقعة الطف ، ومجزرتها علي أيدي الأمويين وأنصارهم من اهل الكوفة ، وعاش المحنة التي مرت على اهل البيت في طفولته ورافق الرزايا ، والمصائب التي توالت على أبيه زين العابدين (ع) وبعد أبيه ما تقرب العشرين سنة من حكام الجور في ذلك العصر ، وبعد أبيه ما يقرب العشرين سنة.

                    ولقد نص على إمامته وخلافته الإمام زين العابدين عليهما السلام في كثير من المناسبات منها قوله : ألا وأنه الإمام أبو الأئمة معدن العلم ، يبقره بقراً ، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ......الخ .

                    زوجاته وأولاده :

                    تزوج الإمام الباقر (ع) زوجات عديدة ، وولد له منهن سبعة اولاد ، خمسة ذكور وبنتان ، أولهم وأفضلهم الإمام السادس أبو عبدالله جعفر محمد الصادق (ع) وهو الإمام الموصى إليه بعد أبيه ، وثانيهم عبدالله وقد يشار إله بالفضل والصلاح ، وأمهما فاطمة المكناة بام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة .
                    وإما بقية أولاده (ع) فهم عبيدالله ، وإبراهيم ، وعلي ، وأم سلمة ، وزينب ، وهم من أمهات شتى .

                    مجمل عهد إمامته ومعاصروه من طواغيت بني امية :

                    بدأت إمامة الباقر (ع) في عهد الوليد بن عبدالملك ، وقد استمرت إمامته (ع) بقية خلافة الوليد ، ثم خلافة أخيه سليمان بن عبدالملك ثم خلافة عمر بن عبد العزيز ، فيزيد بن عبدالملك ، فخلافة هشام بن عبدالملك . وهنا تختلف الروايات في شخص أخر خليفة أموي عاصره الإمام ، فبعضها ترى ان استشهاد الإمام الباقر (ع) كان في عهد هشام بن عبد الملك هذا . وهو قول الشيخ الطبرسي في إعلام الورى - وهذا الرأي هو الأرجح - ، وبعضها ترى ان الإمام عاش بعد هشام في عهد أبن أخيه الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، وبعضها ترى انه (ع) عاش بعد الوليد أيضاً في عهد عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وإبراهيم بن الوليد بن عبدالملك .

                    بعض الوقائع التي ابتليى بها الإمام (ع) مع الطواغيت:

                    إن وقائع هذا الإمام المظلوم المسموم (ع) مع خلفاء بني أمية هؤلاء ومع سواهم من الحساد والمتنكرين ، لإمامته ، والمصائب والمحن التي لقيها من اولئك وهؤلاء لكثيرة لا يسع المقام لذكرها ، وقد تحملها الإمام (ع) صابراً محتسباً ، كما تحمل قبله أباؤه وعمه (الحسن) عليهم السلام ، وكان كالطود رسوخاً وشموخاً وتعالياً وكرامة .

                    ويكفي أن نشير إلى نموذجٍ من جبروت من سلاطين بني امية ، إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، من انه فتح المصحف الشريف يوماً متفئلاً ، فجُوبه بقوله تعالى (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد )) فغضب اللعين ، ورمى المصحف بعيداً ، ثم أمر ان يرفعوه ليجعلوه له هدفاً ، ثم رماه بالنشاب .

                    ويروى أيضاً أنه فتح المصحف يوماً آخر ، فرأى فيه آيات الحساب في يوم القيامة ، فرماه أيضاً بالسهام

                    ومثله وربما ألعن منه وأكثر كفراً وحقداً ومحاربة لآ ل رسول الله ، عمه هشام بن عبدالملك الذي مرّ في سيرة السجاد (ع) ما كان ينقمه هذا اللعين على الإمام الرابع والد الباقر (ع) من احترام الناس له ولبيته ، وكيف حاول الأزراء بالإمام وتوهينه ، مما أثار الشاعر الفرزدق ، وحبسه على قصيدته الغراء التي تقدمت .

                    ولم يقل هشام ايداء وتوهيناً للإمام الباقر (ع) من ايذائه وتوهينه لأبيه( ع) ، فقد أمر هشام باشخاص الباقر (ع) مقيداً من المدينة المنورة إلى دمشق الشام ، إمعاناً في إذلاله وتعذيبه ، بل يقال أنه هو الذي قتله

                    علمه:

                    كان الإمام الباقر (ع) بحراً في العلم ، وكان في المعرفة الذروة التي لا يبلغها بالغ ، ولذا كان لقب (( باقر العلم )) منطبقاً عليه تمام الأنطباق ، ولذا كان أيضاً يتهيبه سلاطين بني أمية ، وخاصتهم بسبب مكانته العظمى بين العلماء وبين الناس ، فما كانوا يجدون سبباً يتخذونه ذريعة للبطش بالإمام (ع) ، إلى أن اضطروا إلى قتله بالسم سراً .

                    وعرف عليه السلام بمنطقه وقوة حججه في المجادلات الفقهية والكلامية وفي أحكام الشريعة الغراء ، وكانت له مجالس مع علماء زمانه الذين كانوا يقصدون لسألون ويناقشون ويستفيدوا منه سلام الله عليه .

                    استشهاده:

                    استشهد الإمام الباقر (ع) بسم دسه له الخليفة الأموي في سرج فرسٍ اركب الإمام (ع) عليه، عندما أرجعه من دمشق ألى المدينة بعدما أشخصه منها إلى الشام . وكان ذلك السلطان علىالأرجح -هشام بن عبدالملك (لع) ، وقد كان الإمام (ع) سميناً ، فسرى السم من السرج إلى لحمه ، فأثر في رجله ثم أمرضه ثلاثة أيام ، وقبض (ع) يوم الأثنين السابع من شهر ذي الحجة الحرام من سنة أربع عشرة ومئة من الهجرة النبوية المباركة بالمدينة المنورة .
                    وقد أوصى (ع) إلى أبنه عبدالله بن جعفر الصادق (ع) بالإمامة بعده ، وأودعه ودائع الإمامة ، وجدد له وصاياه وتعاليمه ، وكان في جملة وصاياه ان يشقوا قبره كما لحد لرسول الله (ص) وعين ثمان مئة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السُّنة المقدسة .
                    ثم اوصى بوقف من ماله لِنوادب يندبنه عشر سنين ، أيام منى من الحج ، واوصى بعمامة وبردٍ وأثواب أخر لكفنه وروي عنه انه قال (( إن الموتى يتباهون بأكفانهم )) ثم قضى نحبه (ع) مظلوماً شهيداً مسموماً ، ودفن في البقيع من المدينة المنورة ، في البقعة التي فيها العباس بن عبد المطلب ، أي حيث دفن أبوه السجاد وعمُّ أبيه الحسن المجتبى (ع) ، بقرب جدته فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) .

                    تعليق


                    • #25
                      الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

                      نسبه الشريف :

                      هو الإمام السادس من أئمة الشيعة الأثنى عشر والمعصوم المحيي من الدين كل طامس ٍ ، وكاشف الحقائق ، وباهر الخلائق ، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، وقد نُسب إليه الشيعى الأثنى عشرية ، فيقال لهم أيضاً ( الجعفرية )
                      فنسبه هو نسب والده الإمام الباقر (ع) والأئمة الأطهار عليهم السلام المنحدرين من الإمام الحسين (ع) فالنسب المشترك لأمير المؤمنين علي (ع) والنبي محمد (ص) .
                      وأما امه فهي أم فروة وأسمها قريبة او فاطمة ، بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وقد كانت ام فروة حفيدة لأبي بكر من طرف أبيها ومن طرف أمها أيضاً ، لأن امها كانت أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، أي والد أم فروة هو القاسم بن محمد بن ابي بكر ، وكان متزوجاً من بنت عمه عبدالرحمن ولذا يحكى عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : ولدني أبو بكر مرتين :
                      والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، والد أم فروة ، وجد الإمام الصادق (ع) لأمه ، كان في الوقت نفسه ، أبن خالة الإمام زين العابدين (ع) أيضاً جدالإمام الصادق (ع) لأبيه ، ذلك لأن الروايات تذهب إلى انه وقع في أسر المسلمين اثناء فتح بلاد فارس ، أثنتان أوثلاث من بنات يزدجرد أخر اكاسرة الفرس ، فتزوج الإمام الحسيم (ع) واحدة منهن هي شاهزنان او شهربانو ، وتزوج الثانية محمد بن أبي بكر (رض) وقد أولد سيدُ الشهداء الأولى ابنه السجاد (ع) و الإمام علي بن الحسين (ع) ، واولد محمد بن أبي بكر الثانية ولده القاسم بن محمد ، فالمولودان ( جدا أم فروة ) هما إبنا خالة ، وهما حفيدا يزدجرد أيضاً


                      مولده:

                      ولد الإمام الصادق سلام الله عليه في المدينة المنورة يوم الأثنين ، السابع عشر من شهر ربيع الأول ، وهو اليوم الذي وُلد فيه جده النبي (ص) ، وكانت ولادة الإمام (ع) سنة ثلاثة وثمانين من الهجرة النبوية المباركة ، وقيل سنة ثمانين للهجرة والقول الأول أشهر .

                      كنيته وألقابه :

                      أشهر كناه أبو عبدالله ومنها أبو إسماعيل وأبوموسى وأما ألقابه فمنها الصادق والفاضل والطاهر والقائم والصابر والكافل والمنجي .
                      ولقب الإمام جعفر (ع) بالصاد ق ، لإنطباق صفة الصدق عليه وللحديث المروي عن الإمام زين العابدين (ع) في وجه تسمية حفيده الإمام "بالصادق" ، إن هذا اللقب أريذ به تمييز الإمام من شخص آخر من سلالة الإمام إسمه جعفر يدعي الإمامية بغير وجه حق ، بل إن البعض ينسب هذا الحديث إلى الإمام زين العابدين (ع) منقولاً عن جده أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله (ص) والظاهر إن هذا القول إشارة إلى جعفر ابن الإمام العاشر الإمام علي الهادي (ع) فقد ولد له إبن كان اسمه جعفر ، كما سيجئ في حالاته إن شاء الله تعالى .

                      عمره وحياته بشكل عام :

                      عاش (ع) خمساً وستين سنة على المشهور ، أقام مع جده الإمام زين العابدين (ع) أثنتي عشر سنة ، وبعده مع والده الإمام محمد الباقر (ع) تسع عشر سنة ، وبعده في إمامته وخلافته أربعاً وثلاثين سنة .

                      طواغيت عصره :

                      عاصر (ع) سبعة من طواغيت عصره ، خمسة من طواغيت الأمويين وهم الأخيرون وأثنان من طواغيت بني العباس . والخمسة الأخيرون من بني أمية الذين عاصرهم الإمام الصادق (ع) فاولهم هشام بن عبدالملك الذي استشهد الإمام الباقر(ع) وبدات إمامة الصادق (ع) في عهده ، وبعده الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، ثم إبن عمه يزيد بن الوليد ، وأخيه إبراهيم بن الوليد ، ثم أبن عم أبيهما مروان بن محمد المعروف بالحمار الذي كان اخر ملوك بني امية ، وقد انتهى عهد مروان بمقتله وبانتصار بني العباس ، وبدء الحكم العباسي سنة 132من الهجرة النبوية المباركة .

                      أما طاغيتا بني العباس اللذان عاصرهما الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) ، فأولهما مؤسس الدولة العباسية ، وهو أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن (عبدالمطلب ع ) ، والجد الأخير الذي انتسبوا إليه ، أي العباس بن عبدالمطلب هو عم النبي (ص) وعم أمير المؤمنين علي (ع) .
                      ولُقب اول ملوك بني العباس بالسفاح لفرط جوره وظلمه وكثرة ما سفح من دم وقتل من الناس الكثيرين وقد دام حكمه أربع سنوات وثمانية أشهر .

                      اما الطاغية الثاني الذي عاصره الإمام الصادق (ع) بعد السفاح فهو أخوه أبو جعفر المنصور الذي كان أسمه عبدالله أيضاً وكان له لقب اخر وهو الدوانيقي ، نسبة ألى الدوانيق ( الدوانيق جمع دانق ، وهو اصغر جزء من النقود في عهده) ، لأن ابا جعفر كان ، ولفرط شحه وبخله وحبه للمال ، يحاسب حتى على الدوانيق ، وكان استشهاد الإمام الصادق (ع) في السنة العاشرة من حكم ابي جعفر المنصور الذي استمر أثنتين وعشرين سنة إلا شهراً واحداً .

                      زوجاته واولاده :

                      تزوج عليه السلام زوجات عديده منهن فاطمة بنت الحسين الأثرم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان أبوها ابن عم زين العابدين (ع) ومنهن حميدة البربرية والدة الإمام موسى الكاظنم (ع)
                      وولد له من الأولاد أحد عشر ولداً سبعة من الذكور وأربع إناث فاما الذكور فهم : إسماعيل الأعرج ، وعبدالله ، والأمام موسى بن جعفر (ع) وإسحاق ، ومحمد ، وعلي ، والعباس ، وأما الإناث فهن فاطمة وأسماء وفاطمة الصغرى ، وام فروة .

                      وكان الإمام (ع) شديد الولوع بولده البكر إسماعيل (ع) وكثيرالأشفاق عليه ، ولذا كان قوم من الشيعة يظنون انه الإمام بعد أبيه، ولكن إسماعبل توفي في حياة والده (ع) وقد حزن عليه الإمام كثيراً ، ثم إنه (ع) ودفعاً للشبهه عن الناس ، ومنعاً للإلتباس أوألأحتمال الظن بإمامة إسماعيل (ع) أوبقائه على الحياة كشف الإمام الصادق (ع) عن وجه أسماعيل مرات عديده بعد وفاته ، وأشهد ثلاثين من صحابه على موته فشهدوا بذلك ثم أمر (ع) بغسله وتجهيزه وحمله إلى قبره في البقيع من المدينة المنورة ، ووضعه في لحده وأهال التراب عليه ودفنه ، واستشهد أصحابه على دفنه أيضاً من رؤساء قومه ، فشهدو كلهم على موته ودفنه ، ومع ذلك كله لما استشهد الإمام الصادق (ع) بقي فريق من الناس يقولون بإمامة اسماعيل مدعين حياته . وقال فريق منهم وهم اكثر عدداً بإمامة أبنه محمد بن إسماعيل ، وذهبوا إلى أن الإمامة في ولده إلى أخر الزمان ، وكلا الطرفين من الطائفة المعروفة بأسم الإسماعيلية ، واما بقية الشيعة القائلين بإمامة إسماعيل ، فقد رجعوا إلى الحق وقالوا بإمامة الإمام موسى الكاظم (ع) بعد استشهاد أبيه الصادق (ع) .

                      وكان إسماعيل (رض) رجلاً تقياً عالماً باراً مطيعاً لأبيه ، بخلاف أخيه عبدالله الذي كان بعده ، والذي يعرف بلقب الأفطح ، لأنه أفطح الرأس أوالرجلين - أي كان عريض الرأس والرجلين - فإنه كان متهماً بمخالفة أبيه في الأعتقاد ، ويقال أنه كان يخالط الحشوية ، ويميل إلى مذهب المرجئة ، كما عارض أخاه الإمام موسى (ع) في الإمامة ، وادعى الإمامة بعد أبيه لنفسه ، احتجاجاً بانه اكبرأخوته الباقين ، واتبعه بعض أصحاب الإمام الصادق (ع) ورجع اكثرهم إلى إمامة الإمام موسى الكاظم(ع) ، وأقام نفر منهم على القول بإمامة عبدالله وهو المعروف بالفطحية ولكن عبدالله لم يعش بعد أبيه الصادق (ع) ألا سبعين يوماً ومات .
                      وأما إسحاق بن الصادق (ع) فقد كان ثقة ومن أهل الفضل والورع والأجتهاد وكان يقول بإمامة أخيه الإمام موسى الكاظم (ع) .
                      واما محمد بن الصادق ، كان سخياً شجاعاً ، ولكنه كان يرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف ، فخرج على المامون بمكة المعظمة ، واتبعه الزيدية ، فقاتله المأمون في خراسان حين كان عاملاً عليها من قبل أبيه هارون ، فلما انتصر عليه أشخصه لخراسان ، ولم يؤذه ، بل أكرمه وأدنى مجلسه ، وبقي محمد بن جعفر عند المأمون في خراسان حتى مات ودفن هناك .
                      وأما علي بن جعفر فقد كان راوياً للحديث كثير الفضل وقد لزم الإمام موسى بن جعفر (ع) وروى عنه ، وكذلك كان العباس .

                      ولكن أجلهم قدراً وأعظمهم محلاً وأبعدهم في الناس صيتاً هو أخوهم الإمام السابع ، حجة الله على الخلائق أجمعين ، وباب الحوائج إلى الله الإمام موسى بن جعفر (ع) المنصوص على إمامته من أبيه وأجداده (ع)

                      رواج العلم والدين في عهده ، وسبب نسبة الشيعة إليه عليه السلام :

                      عاش الإمام الصادق (ع) كأبيه الباقر (ع) في حقبة من الزمن كان الصراع على أشده بين الحكام الأمويين والعباسيين وأخصامهمم ، فانشغال الحكام بالحكم ، واستغراق ارباب السلطة وطلابها جعلهم حتى حدٍ ، ينصرفون عن التعرض للمؤمنين فاستغل الإمام الصادق (ع) هذه الفرصة . ونشر أحكام الدين وعلوم أهل البيت ، في ظل تخفيف الضغط والتضييق على الموالين لآل البيت ، وصار الشيعة وأئمتهم في ذلك العهد أحسن حالاً من ذي القبل ، وقل الخوف والتقية بينهم ، ولذا ترى أن معظم أحكام الرسول وأخبار الشيعة ، مروية على لسان الإماميين المعصومين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق (ع) اللذين عاصرا حقبة الصراع السياسي والعسكري هذه .
                      وجو الحرية الإيمانية والفكرية هذا ، في اواخر العهد الأموي وأوائل العصر العباسي ، ولَّدا أفكاراً ومذاهب وفرقاً دينية متعددة ، وفلسفات ومدارس فكرية مختلفة ، إنتسب كل واحد لمؤسسها ، فانتسب الشيعة للإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) وصار يقال لهم الشيعة الجعفرية ، أفتخاراً بعلم جعفر الصادق (ع) ومكانته الشامخه ، واعتداداً بارتباطهم به هو (ع) لا سواه

                      مقامه العلمي وكراماته ، ومحاججاته(ع) :

                      كان (ع) ، وكذا اباؤه وابناؤه المعصومون ، القمة العليا والذروة القصوى في العلم والخلق معاً ، وكان يضرب به المثل في الجمع بين الشرف والمعرفة ، وفي الأخبار عنه (ع) أنه كان يحضر درسه اربعمائة رجل من وجوه المسلمين تلاميذ وعلماء ومجتهدين ، وروي عنه وحدث من الثقات أربعة آلاف نفر ، منهم مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة الذي كان من تلامذته والذي يقول ( لولا السنتان لهلك النعمان ) أي السنتين اللتين درسهما عند الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) وغيرهم . وكان عدد كبير من أعلام الفقهاء والصوفية يفتخرون بالنقل عنه ، أمثال أبي يزيد ، ومالك والشافعي وابن جريح وابراهيم بن ادهم ، ومالك ابن دينار ، بل أن مالك بن أنس كان يقول ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر ، أفضل من جعفر الصادق (ع) فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة :

                      ومناقشاته ومحاججاته الكثيرة مع أهل العلم ، ومع المخالفين من أرباب الديانات والمذاهب الأخرى ، ومع الملحدين ومع منكري البعث وسواهم والتي القمت اخصامه دائماً حجراً ، تبهر العقول وتحير الألباب ، وله معجزات كثيرة وكرامات خارقه ، ليست مستغربة قط من أهل بيت النبوة وفروع الدوحة العلوية .

                      استشهاده:

                      إن المكانة التي كانت للصادق (ع) علماً وإمامة ، جعلته كآبائه وأهل بيته عامة ، عرضه للحسد والعداوات من قبل الخلفاء والحكام ، وقد تحمل الإمام الصادق (ع) بخاصة من معاصريه ومن مدعي الإمامة ، ومدعي العلم والفضل في زمانه أذايا وبلايا كثيرة ، ولا سيما من بعض أرحامه وأقاربه .

                      ولكن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي(لع) كان أشدهم في تطلب فرصة للبطش بالإمام والبحث عن دريعة لقتله ، حتى أنه أشخصه اربع مرات من مدينة جده(ص) إلى الكوفة ليقتله ، فكانت تظهر من الإمام (ع) آيات ومعجزات تمنعه عن الإقدام على جريمته إلى أن بعث إلى الإمام (ع) بسم أجبروه جبراً على شربه ، وذلك في عنب ورمان ، فجعل يجود بنفسه وقد أخضر لونه ، وصار يتقيأ كبده قطعاً قطعاً ، فاستشهد سلام الله عليه مظلوماً بسم المنصور ، وكان ذلك في المدينة المنورة في الخامس والعشرين من شهر شوال في سنة ثمان وأربعين بعد المئة من الهجرة الشريفة ، وقام بتجهيزه ابنه الإمام موسى الكاظم (ع) ودفن بجانب قبر أبيه الإمام الباقر (ع) وجده السجاد وعم جده الحسن (ع) في بقيع الغرقد في المدينة المنورة ، فياله من قبر ما أعظمه ، ويالها من تربة ما أكرمها عند الله عز وجل ، وقد حوت تلك البقعة أربعاً من الحجج المعصومين . وستةً في المدينةِ بأسرها ، أولهم سيد الأكوان (ص) وفاطمة الزهراء ، إضافةً لائمة البقيع سلام الله عليهم أجمعين .

                      تعليق


                      • #26
                        الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام

                        نسبه الشريف :

                        هو خليفة سلفه الطاهرين وجده النبي الأمين (ص) ، وفلدة كبده المقطعة بالسم النقيع ، باب الحوائج ، وحجة الله والخليفة المعين والمنصوص عليه بعد أبيه الصادق (ع) ، الإمام السابع ، والمعصوم التاسع ، الحليم الصابر العالم ، موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الكاظم سلام الله عليهم أجمعين .

                        فنسبه لأبيه فهو ما عرفت من شرف الأسرة وطهارة المحتد ، ورفعة السلاله التي تبدأ بخاتم المرسلين محمد بن عبدالله (ص) وتتدرج في فرع الإمامة حتى تصل إلى الإمام الصادق (ع) .

                        واما أمه فهي حميدة البربرية بنت صاعد البربري الذي كان من أشراف البربر وهم قوم في المغرب في شمال أفريقيا اليوم ، وقد كانت (رض) كأسمها حميدة الصفات جداً ، وقد روي عن زوجها الإمام الصادق (ع) انه قال في حقها أن حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، وإنها حميدةٌ في الدنيا ، محمودة في الآخرة ، وقد كانت في الأصل جارية اشتراها الصادق (ع) فأولدها الإمام الكاظم (ع) .

                        ولادته:

                        ولد الإمام موسى الكاظم (ع) في قرية يقال لها (( الأبواء)) تقع بين مكة والمدينة المنورة ، يوم الأحد في اليوم السابع من شهر صفر المظفر من سنة ثمان وعشرين ومائة بعد الهجرة النبوية الشريفة صلى الله على مهاجرها وآله .

                        كناه وألقابه:

                        يكنى بأبي الحسن الأول ، وهي أشهر كناه ، كما يكنى بأبي الحسن الماضي ، وأبي إبراهيم ، وأبي علي ، وأبي إسماعيل .
                        وأما القابه : فله ألقاب كثيرة منها الكاظم وهو أشهرها ، لما ظهر منه (ع) من كظم الغيظ والحلم والصبر ، ومنها العبدالصالح ، والنفس الزكية ، وزين المجتهدين ، وباب الحوائج ، (وهذ اللقب سببه ان شفاعة الإمام ، والدعاء إلى الله سبحانه عن طريقه ، والحوائج المطلوبة من الله تعالى بواسطة الإامام (ع) مجربة ومقضية إن شاء الله تعالى ). ومن ألقابه الوفي ، والصابر ، والأمين ، والزاهر ، والطيب ، والصالح ، والسيد ، والمأمون .

                        النص على إمامته وخلافته :

                        وقد نص الإمام الصادق (ع) على إمامته وخلافته من بعده بأمر من النبي (ص) ، كما روى الشيخ المفيد في الأرشاد عن عبد الأعلى بن الفيض بن المختار قال : قلت لأبي عبدالله (ع) خذ بيدي من النار ، مَنْ لنا بعدك ؟ . قال فذخل أبو إبراهيم وهو يومئذٍ غلام ، فقال :هذا صاحبكم فتمسك به .
                        وروى (رض) عن الفضل بن عمر الجعفي رحمه الله تعالى قال : كنت عند أبي عبدالله (ع) فدخل أبو إبراهيم موسى (ع) وهو غلام ، فقال لي أبو عبدالله : استوصِ به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك .

                        حياته بشكلٍ عام :

                        عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) خمساً وخمسين سنة ، أقام منها مع أبيه الإمام الصادق (ع) عشرين سنه ، وكانت السنوات الخمس والثلاثون الباقية مدة إمامته وخلافته بعد أبيه (ع) .

                        ملوك عصره :

                        عاصر (ع) بقية حكم أبي جعفر المنصور العباسي ، ومن بعده أبنه محمد المهدي الذي ملك عشر سنين وشهراً وأياماً ، ومن بعده أبنه موسى اللاهادي ابن محمد المهدي الذي ملك سنة وخمسة عشر يوماً ، ثم من بعده ملك أخوه هارون اللارشيد ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً ، واستشهد الإمام الكاظم (ع) بعد مضي خمس عشرة سنة منها .

                        زوجاته واولاده :

                        تزوج (ع) زوجات عديده (ع) واولدهن الكثير من الأولاد ، وكان (ع) اكثر الأئمة ذرية ، حتى أختلف في عدد أولاده ، والمشهور انهم كانوا سبعة وثلاثين ولداً ، منهم ثمانية عشر ذكوراً ، وتسع عشرة إناث . لكن المتحصل عليه من المصادر المختلفة هم ما يلي :

                        أولهم واعلاهم قدراً وأفضلهم وأنبههم وآعلمهم ، واجمعهم فضلاً ، وصي أبيه وخليفته من بعده ، أعني الإمام الثاني علي بن موسى الرضى (ع) ، ومنهم إبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، وإسماعيل وجعفر ، وهارون ، وجعفرالأصغر ، واحمد ، ومحمد ، وحمزة ، وعبيدالله ، وإسحاق ، وعبدالله ، وزيد ، والحسن ، والفضل ، وسليمان ، وعبد الرحمن ، وعقيل ، ويحيى ، وداود ، والحسين .

                        أما البنات فهن فاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، وكلثم ، وام جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعليَّه ، ورقيه ، وحكيمه ، وآمنة ، وحسنة ، ووجيهة ، ونزيهه ، وعائشه ، وأم سلمة ، وميمونة ، وام كلثوم ، وام فروة ، وأم أبيها ، وام القاسم ، وام وحيّه ، وأسماء ، وأُمامة ، وام عبدالله ، ومحمودة ، وزينب ، الصغرى ، ورقية الصغرى ، وغيرهن

                        وقد كان لكل واحد من ولده (ع) فضل ومنقبه ، ولكن الإمام الرضى (ع) هو المقدم عليهم من جميع جهات الفضل والعلم والتقى ، وكان إبراهيم رجلاً كريماً شجاعاً ، وقد تقلد الأمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي السجاد الذي خرج بالسيف ثائراً على العباسيين ، وكان مقره الكوفه في العراق إلى ان فتح المأمون الكوفة فأعطى الأمان محمد بن زيد . وكان محمد بن الإمام موسى (ع) من أهل الفضل والصلاح وصاحب عبادة وصلاة .

                        علمه وتقواه:

                        إن الأخبار ملئيه عن سعة علم الإمام الكاظم (ع) وعمق غوره ودقة أحكامه ، وطافحة باجوبته العجيبة واللطيفة والمذهلة ومحاججاته المفحمة ، منذ كان فتى أو حتى حَدَثاً ، ومع أعلام الكبار في السنن والمعرفة .

                        ومن ذلك ما نقل ، من أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة في أيام الإمام الصادق (ع) ومعه عبدالله بن مسلم ، فأراد الذهاب للإمام الصادق (ع) ليرِدا على الإمام الصادق (ع) ويسأله من مسأله يخجلاه امام اصحابه - على حد زعمهم- ، فأتيا باب الإمام الصادق (ع) والناس ينتظرون خروجه (ع) ، وقبل خروج الإمام الصادق خرج عليهم من الدار غلام حدث السن ، فقام الناس اجلالاً وهيبة له ، فسأله أبو حنيفة صاحبه عبدالله عن الغلام ، فقال :هذا ابنه موسى (ع) فأراد أبو حنيفة أن يمتحنه فتقدم إلى الإمام موسى بن جعفر وسأله يا غلام أين يضع الرجل حاجته ؟ فرد الإمام بما معناه يضعها في مكان بحيث يتوارى فيهِ عن الأنظار ، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ، ثم شرح له الإمام واجبات ومستحبات ومكروهات التخلي ، فبهت أبو حنيفة ، لأن أبا حنيفة يعتقد أن الإمام موسى (ع) سيجيبه عن معنى وضع الرجل حاجياته أي أغراضه وثيابه ، وكان قصد أبي حنيفة الخلاء ، فكيف عرف الإمام بقصد أبي حنيفة ؟ وزاد هذا من إكبار أبي حنيفة للإمام .
                        ثم سأله عن المسأله التي يريد من الإمام الصادق (ع) جوابها : فقال للإمام موسى (ع) : يا غلام ، ممن المعصية ؟ قال الإمام (ع) يا شيخ إن المعصية لا تخلوان تكون واحدة من ثلاثة : إما أن تكون من الله تعالى ، ولا ياتي العبد شيئاً منها ، فليس للحكيم عندئذٍ ان يأخذ عبده بما لم يفعله ، وإما أن تكون من العبد ومن الله معاً ، والله أقوى الشريكين ، فليس للشريك الأكبر أن ياخذ الشريك الأصغر بذنبه ، وإما أن تكون من العبد ، وليس لله شيئ منها ، فالأمر عندئذٍ لله ، إن شاء عفا وأن شاء عاقب ، فأصابت أبا حنيفة سكته ولم يرد على الإمام (ع) بكلمه .

                        وكان سلام الله عليه إذا صلى اضطربت اعضاؤه ، وجرت دموعه .
                        مصائبه واستشهاده :

                        قضى(ع) فترة من حياته في ظلمات السجون يُنقل من سجن إلى سجن ، فقد سجنه محمد المهدي العباسي ، ثم أطلقه وسجنه هارون الرشيد في البصرة عند عيسى بن جعفر ، ثم نقله إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ، ثم نقله إلى سجن آخر عند الفضل بن يحيى ، وآخر سجن نقل إليه في بغداد وهو سجن السندي بن شاهل ( لعنة الله عليهم أجمعين) وكان أشد السجون عذاباً وظلمة ، وكان لا يُعرف الليل من النهار فيه .
                        لقد تحمل هذا الإمام الغريب المظلوم المعصوم (ع) من ملوك زمانه ومن الساعين إليهم في حقه (ع) ومن الحساد والفساق ، أذى كثيراً ومصائب عظيمة، وبخاصة منهم اللعين محمد المهدي الذي عزم على قتل الإمام (ع) ولكن الله خذله حتى قتله ، وبعده ابنه هارون الرشيد الذي أشخص الإمام (ع) من المدينة وسجنه مرتين .
                        وكان السندي بن شاهك شديد النصب والعداوة لآل الرسول (ص) إلى أن امره الرشيد بسم الإمام (ع) ، فقدم إليه عشر حباتٍ من الرطب المسموم ، أجبره على اكلِها ، فتناولها الإمام (ع) وتمرض من ذلك ثلاثة أيام ، استشهد بعدها مظلوماً في السجن المظلم تحت القيود والأغلال يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر رجب من سنة ثلاث وثمانين بعد المائة من الهجرة الشريفة .
                        وقد أخرجوا جنازته المقدسة بالذل والهوان ، ووضعوها على جسر الرصافة ببغداد ، حيث بقيت ثلاثة أيام ، أسوة بجده الرسول (ص) وجده الحسين (ع) والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة ، إلى ان علم بذلك سليمان عم الرشيد ، فامر بحملها مكرمة معظمة ، وغير النداء بقوله : الا فمن أراد يحضر جنازة الطيب ابن الطيب والطاهر بن الطاهر فليحضر جنازوة موسى بن جعفر (ع) ثم غسل وكفن باحسن كفن ثمين ، وامر بتشييع الجنازة ، ودفن (ع) في الجانب الغربي من بغداد ، في المقبرة المعروفة بمقابر قريش جانب الكرخ من الكاظمية ، من باب التين ، وهو الموضع الذي يقوم فيه اليوم ضريحه ومزاره ، وله مقام ومزار عظيم لا يقل عن مزار جديه علي والحسين (ع) .

                        تعليق


                        • #27
                          اللهم صل على محمد وآل محمد

                          شكرا جزيلا لك

                          تعليق


                          • #28
                            اللهم صلي على محمد و آل محمد
                            شكراً جزيلا أخي الفاضل ... و قولك لا تسبوا ؟؟؟ فنحن لا نسبهم إنما نفضحهم للعيان و هناك فرق

                            تعليق


                            • #29
                              الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

                              نسبه الشريف :

                              هو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإثنى عشرية - أعزهم الله تعالى - حجة الحق والخليفة على عامة الخلق ، الناهج في مناهج القضاء علي الثالث من العليين الأربعة أبي الحسن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فنسبه (ع) من نسب والده الإمام العظيم (ع) منتهياً بأبي الحسن علي بن أبي طالب (ع) وبالنبي الأكرم محمد( ص) .

                              أما أمه فهي أم ولد ، وهذا اللقب كان يطلق على الجارية التي تحمل وتلد من سيدها ومالكها ، وكان يمنع بيعها بعد الولاده وتصبح حرة ، لا تباع بعد وفاة ما لكها .

                              ولآمه (ع) أسماء وألقاب وكنى عديدة منها : نجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وصفر ، وأروى ، وسكن النوبية ، والطاهرة ، وخيرزان المريسية ، وأم البنين .
                              وكانت جارية جليلة جداً ، اشترتها حميدة المصفاة ، أم الإمام موسى بن جعفر (ع) وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتى إنها لم تجلس بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها ، وكانت حميدة تقول لأبنها موسى (ع) إن تكتم جارية ما رأيت قط جارية أفضل منها ، ولست أشك أن الله عز وجل سيطهر نسلها إن كان لها نسل ، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيراً بها .
                              فلما نكحها الإمام موسى بن جعفر (ع) وولدت له الرضا (ع) سماها الطاهرة ، وفيها وفي ابنها
                              ولادتــه :

                              ولد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في المدينة المنورة يوم الجمعة ، وقيل يوم الخميس الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة النبوية الشريفة .

                              كنيته وألقابه :

                              أما كنيته ، فهي ككنية جدة أمير المؤمنين (ع) ( أبو الحسن ) ، ولهذا يعرف الإمام الرضا عليه السلام بأبي الحسن الثاني .
                              وأما القابه فكثيرة ، أولها وأشهرها : الرضا ، وإنما لقب بهذا اللقب لأنه كان رضا الله في سمائه ، ورضا الرسول (ص) في أرضه ، ورضا الأئمة من بعده ، بل رضيَ به المخالفون من اعدائه وضده ، كما رضي به الموافقون من أوليائه وجنده ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (ع) بالنسبة إلى غير أوليائه لأنه (ع) رضيه المأمون لولاية عهده في ظاهر الأمر ، وليس الأمر ما ذكره بعض المورخين من ان الرضا لقب أطلقه المامون على عليه (ع) ، بل الصحيح أن هذا اللقب منصوص عليه من أجداده (ع) من الرسول (ص) .
                              ومن كناه أيضاً : الرضي ، والصابر ، والصادق ، والوفي ، والفاضل ، والضامن ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين - أو مكيدة الملحدين - ، وسراج الله ونور الهدى ، وكفو الملك ، وكافي الخلق ، وربُّ السرير ، ورب التدبير ، والصديق والمرتضى ، والراضي بالقدر والقضاء ، وينعت بغريب الغرباء ، ومعين الضعفاء ، ومعين الضعفاء والفقراء ، والمغيث ، ومغيث الشيعة والزوار في يوم الجزاء ، والإمام الرؤوف ، والسلطان علي بن موسى الرضا .

                              سنوات عمره وحياته بشكل عام :

                              عاش الإمام الرضا (ع) أربعاً وخمسين سنة وأشهراً على المشهور ، وعلى ما هو ممشهوراً أيضاً فإنه (ع) ولد في السنة االتي استشهد فيها جده الإمام الصادق (ع) وعاش (ع) مع أبيه الإمام موسى بن جعفر (ع) ما يقرب من أربعة وثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته وخلافته بعد أبيه ما يقرب من عشرين سنة .

                              مـلـوك عصره :

                              عاصر (ع) بقية حكم هارون الرشيد عشر سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ومن بعده ابنه محمد بن هارون المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، خُلع بعدها وأجلس مكانه عمه ابراهيم أربعة عشر يوماً ، ثم خرج محمد بن زبيدة من السجن بعدها ، وبويع ثانيةً ، فملك سنه وستة أشهر وثلاث وعشرين يوماً ، ثم تغلب عليه وقتله أخوه ابن الجارية عبدالله المأمون الذي ملك عشرين سنة وثلاث وعشرين يوماً ، والذي أنتهت حياة الإمام الرضا (ع) وإمامته في عهد المأمون ، بعد مضي خمس سنوات من حكمه .

                              النص على إمامته وخلافته :

                              نص الإمام موسى الكاظم (ع) على إمامة ابنه الإمام الرضا بمرويات منها :
                              روي عن احمد بن مهران عن محمد بن علي بن محمد بن الفضل قال : حدثني المخزومي قال بعث الينا أبو الحسن موسى (عليه السلام ) فجمعنا ثم قال : أتدرون لم دعوتكم ؟
                              فقلنا : لا .
                              قال : اشهدوا ان ابني هذا - وأشار إلى ولده الرضا عليه السلام - وصيي والقيم بامري وخليفتي من بعدي ، من كان له عندي دينٌ فليأخذه من ابني هذا .... إلى آخره كما في الإرشاد .

                              وروي عن داود الرقي قال : قلت لأبي ابراهيم (ع) جعلت فداك : اني قد كبر سني فخد بيدي وأنقذني من النار . من صاحبنا بعدك قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن (ع) فقال :
                              هذا صاحبكم من بعدي ............. إلى غير ذلك من النصوص المروية كما في الإرشاد .

                              زوجاته وأولاده (ع) :

                              تزوج الإمام سلام الله عليه زوجات عديدة ، نعرف منهن ام حبيب بنت المامون ، وسبيكة أم الإمام الجواد الذي سيلي ذكر احواله (ع) إن شاء الله تعالى . والمعروف عندنا - معاشر الإمامية - أنه لم يولد له (ع) سوى الإمام محمد الجواد (ع) ولم يخلف سواه من الأولاد ، وأمه أم ولد وكنيتها أم البنين واسمها تكتم وسبيكة كما مر . وقيل سكن ، وقيل أروى ، وقيل نجمة ، وهو (ع) وأخوه القاسم (ع) واخته المعصومة (ع) في قم من ام واحدة .

                              وقيل عن بعض العامة انه ولد للإمام الرضا (ع) خمسة ذكور وأنثى واحده هم : محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وهو خلاف المعروف عند اصحابنا .

                              زهـده عليه السلام :

                              ومن زهده (ع) أن جلوسه في الصيف على حصير ، وفي الشتاء على مسح ، ولبسه الغليظ من الثياب ، فإذا برز للناس تزين لهم بأزين اللباس ، وكان كل كلامه (ع) وجوابه وتمثاله انتزاعات من القرآن واقتباس من آياته ، وكان (ع) يختمه في كل ثلاثة أيام مرة ويقول : لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث أيام لختمته ، لكنني ما مررت بأيه قط ، الا تفكرت فيها وفي أي شيئ نزلت ، وفي أي وقت ، فلذلك صرت أختمه في كل ثلاث أيام مرة .

                              عبادته (ع) :

                              ومن عبادته (ع) ما رواه عبدالسلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا (ع) بسرخس ، فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك عليه : فقلت ولِم ؟ فقال :لأنه ربما صلى يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند أصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات يناجي ربه .

                              كرم أخلاقه عليه السلام :

                              ومن ذلك ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه (ع) التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته أجلس معه عليها ماليكه ومواليه حتى البواب والسايس ، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي لياليه بالعباده من أولها إلى الصبح .
                              وكان كثير الصيام ولا يفوته صيام ثلاثة في الشهر ، ويقول (ع) ذلك صوم الدهر ، وكان (ع) كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك في اليالي المظلمة ، فمن رأى مثله فلا تصدقوه .
                              وناهيك بها من خصال شريفه ، وخلال طريفه ، وصفات منيفة فيه (ع) وأباؤه الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لا بد أن يكونوا أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً ، واظهرهم فرعاً وعرقاً.

                              ولا ينافيه ما ورد فيه (ع) أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر

                              وأن الإمام (ع) لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم .

                              وروي ان النبي (ص) كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه .

                              ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة (ع) يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب .

                              تعليق


                              • #30
                                الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

                                مصائبه وصبره
                                لقد ابتلى هذا الإمام العظيم بمصائب جمة تجرعها (ع) بصبر وثبات ، ومن ذلك مصائب الواقفية .
                                كان الرضا (ع) حجة الله وخليفته في أرضه بعد أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) بنصوص من أبائه (ع) . وقد صرح الإمام موسى الكاظم (ع) بإمامة ابنه الرضا (ع) تكراراً ومراراً ، دون بقية اولاده ، وأشهد على ذلك اصحابه في مواقع عديدة ، ومن ذلك ماروى أن أباه الكاظم (ع) قال للمفضل بن عمر انه صاحب الأمر من بعده ، ومن أطاعه فقد رشد ، ومن عصاه كفر .
                                وقد بين الإمام الكاظم (ع) أم امر الإمامة والخلافة هو بيد الله عز وجل كما النبوة كذلك ، وليس للناس أن يختاروا لأنفسهم نبياً ويجعلوه واسطة بينهم وبين خالقهم ليبلغهم أحكامه تعالى إليهم ، ولا ينبغي ولا يُقبل أن يكون الخالق تابعاً لأراء المخلوقين واهوائهم " ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والأرض " قال تعالى (( ولله الأمر من قبل ومن بعد ))

                                بل إن البشر تأبى ذلك فهل يرضى شخص كمدير أو رئيس أن ينصب شخص غيره نائباً له ، فإن ذلك يعتبر تدخلاً في شؤونه الشخصية ، فالمدير هو الذي يضع له نائباً وليس غيره ، وكذلك الرئيس فإذا كان هذا حال الناس ، فكيف بالله تعالى ، وهو منزه عن الأستشارة والأهواء والميول .

                                ولذا نرى في القرآن الكريم أنه تعالى قد نسب " جعل " الخلافة والإمامة أي تعيينها وتقريرهما إلى ذاته المقدسة في كل اية منها شيئاً فيقول عز من قائل ( يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض )) سورة ص اية 26 ، ويقول في حق ادم (ع) (( إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة )) سورة البقرة اية 30 ، وفي حق ابراهيم (ع) ((إني جاعلك للناس إماماً )) سورة البقرة اية 124وفي حق نبينا المصطفى محمد (ص) ((إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا )) سورة الفتح اية 8، فكذلك أمر الخلافة والإمامة ، وجعل الإمام بعد الإمام ليس ألا بيد الله تعالى حتى أن النبي والإمام لا يمكنهما جعل الخليفة إلا بأمر منه تعالى وبأذن منه وتعيين منه تعالى ، ولذا كان طلب نبي الله موسى (ع) من ربه تعالى ان يجعل له وزيراً . قال تعالى (( وجعل لي وزيراً من أهلي )) سورة طه اية 29 ، وقال تعالى في حق نبينا (ص) (( وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحي )) سورة النجم ايه 3 و4 ، وقال تعالى (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) سورة الحاقة اية 44 ومع ذلك بعد كل تلك التأكيدات التامة من الإمام الكاظم (ع) في ولده الرضا (ع) وأخد العهود والمواثيق الأكيده من أصحابه على الأقرار بإمامته دون بقية ذريته ن فقد انحرف من شيعة الكاظم (ع)عن ابنه الرضا (ع) وقالوا بوقف الإمامية على الكاظم (ع) وانه بعد وفاته وشهادته قد انقطعت الإمامة والخلافة وهم المعروفون "بالواقفية "

                                بل قيل أن سبب انحرافهم أن رؤسائهم كانت بأيديهم من الأوقاف والأموال المتعلقة بإمام زمانهم شيئ كثير . فطمعاً بأكل تلك الأموال أنكروا إمامة الرضا (ع) وقالوا بالوقف على الكاظم . ثم بعد ما علم أتباعهم بفساد نيات رؤساهم ، وتشرفوا بخدمة الإمام الرضا (ع) ورأوا منه المعاجز الكثيرة أذعنوا لإمامة الرضا (ع) ، وبقى شرذمة قليلة منهم على غيهم وظلالهم .

                                ولاية الإمام الرضا لولاية العهد :

                                كان المامون !! احد علماء عصرة المتفقهين ، وكان مطلعاً على الفلسفة راوياً للأخبار واقفاً على علوم الكلام والفقه وسواها ، ولذا كان يعرف جيداً أن الخلافة والإمامة والأمر على المسلمين هي حق لآل علي أبناء فاطمة الزهراء عليهما السلام . وكان يقيم في بلاد خراسان قبل أن ينقل خلافته إلى بغداد ، وكان معظم اهل خراسان من الشيعة ، فكان يتقرب إليهم ويتظاهر بالتشيع وحمل جماعة من آل أبي طالب (ع) من المدينة المنورة إلى مرو ، وحمل الإمام الرضا (ع) إلى طوس ، وظهرت للإمام (ع) في طريقه وبعد وصوله إلى تلك البلاد معجزات كثيرة وآيات وكرامات باهرة وألطاف زائدة على كافة الخلق ، حتى رضى عنه العدو والصديق والمؤالف و اجتمع إليه الناس واختلفت إليه الشيعة وتعاكفت عليه قلوب الخلق من جميع الطبقات . حتى خاف المأمون من ذلك على زوال ملكه وسلطنته .

                                ففكر( لع) بحيلة تجعل الناس ينفرون عن أبي الحسن (ع) فعرض على الإمام (ع) الخلافة ، وأظهر على أنه عازم على خلع نفسه عنها وتفويض الأمر إلى الإمام الرضا (ع) فأنكر الإمام (ع) عليه ، وجرت مناظرة بين الإمام (ع) والمامون ، مؤداها أن الإمام (ع) قال له بما معناه : إذا كان الله تعالى قد البسك ثوب الخلافة فلا يحق لك ان تخلعه بدون أذنه وتعطيها غيرك ، وإذا لم يلبسك الله ثوب الخلافة بل أنت البست نفسك إياها ، فكيف تعطي غيرك ما ليس لك .


                                ثم عرض المامون على الإمام ولاية العهد ، وقد أراد المامون بذلك تنقيص شان الإمام وتصغيره قدره في نفس الناس ، بأن يظهر لهم بان الإمام الرضا (ع) ليس له هم إلا طلب الدنيا والرياسة ، وإن ما يظهر منه من الأخلاق الكريمة النبوية ومحامد الصفات العلوية ، ليس إلا رياء عند الناس ، فإذا وجد شيئاً من الدنيا تكالبت عليه شهواته وسعت إليه نفسه ، ولكن هيهات للمامون من ذلك ، مع ولي الله وخليفته الشرعي .

                                عموماً ، شدد المامون على الإمام بقبوله لولاية العهد ، وذلك لتهدئة الأوضاع التي قامت على المامون واستدراج الشيعة إليه ، وإظهار حبه لأهل البيت (ع) خلافاً لأبائه - حتى هدد الإمام (ع) بالقتل سراً، وذلك بعد ان جرت بينه وبين الإمام (ع) تلك المناظرة .

                                ويقال بان سبب إعطاء المامون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) ، له ثلاثة إحتمالات :

                                الأول : أن فكرة ذلك من ابتكار المأمون ، وانه كان مصمماً من كل قلبه على ذلك ، لأجل النذر الذي قطعه على نفسه ، سواء قلنا با نحرافه فيما بعد عن هذا التصميم كما يروهُ كل من الشيخ المفيد والشيخ الصدوق ( أعلى الله مقامهما ) أم قلنا ببقائه على نيته حتى النهاية كما يراه بعض المستشرقين .

                                الثاني : أنها ليست فكرة المامون أبداً ، بل هي فكرة الفضل بن سهل ذي الرياستين وزير المامون والذي قال البعض أنه شيعي ، متمكن من التشيع ، ويقول البعض الأخر أن الفضل فعل ذلك مبيتاً نية خطرة ، وليس بشيعي ابداً وهذا هو القول الصحيح .


                                الثالث : وتنطوي تحته أسباب سياسية أهمها :
                                1- تهدئة الفارسيين وكسبهم الذين كانوا يميلون إلى التشيع وآل علي ، وهم الذين قاموا ضد الأمويين أول الأمر تحت شعار الرضا من آل محمد .

                                2- قطع الطرق على انتفاضات العلويين ، وتهدئتهم ، وارضاءهم حيث جعل للعلوين سهماً في الخلافة ، حتى يهدئهم ثم يفرق الناس من حولهم ، وبهذا لا مجال لهم لحمل السلاح أو حيثما يدهبون للدعوة للقيام ضد الخلافة سيقول لهم الناس أنتم الأن شركاء في الخلافة ، والإمام الرضا هو الأن ولي العهد ، فانتم إذاً تقومون ضده .

                                3- نزع السلاح من الإمام الرضا (ع) ووضعه تحت نظر المامون مباشرة ، حتى لا يتمكن الإمام (ع) من التحرك حتى على الصعيد الشعبي فضلاً على السياسي وهناك اسباب اخرى منها

                                1-أن يامن المامون الخطر الذي كان يتهدده من قبل شخصية الإمام (ع)
                                2- وضع شخصية الإمام تحت المراقبة من الداخل والخارج وتمهيد الطريق للقضاء عليها بأساليبه الخاصة .
                                3- عزل الإمام عن الحياة الاجتماعية وابعاده عن الناس ، والعكس كذلك .
                                4- استغلال عاطفة الناس ومحبتهم لأهل البيت وتوظيف ذلك لصالح المامون ، وصالح الحكم العباسي بشكل عام
                                5- تقوية دعائم الحكم العباسي بشخصية الإمام التي تعنو لها الجباه بالرضا والتسليم .
                                6- إدعاء ان تصرفات واعمال المامون لم يكن الهدف من ورائها إلا خير للأمة ومصلحة المسلمين .
                                7- صرف أنظار الناس عن حقيقة ما يجري وما يحدث عن واقع المشاكل التي كان يعاني الحكم ، والأمة منها ، وما اكثرها .
                                8- الحصول على اعتراف من العلويين على اعلى مستوى بشرعية الخلافة العباسية وقد صرح المامون بذلك .
                                9- إعطاء الصورة الحسنة عن تصرفات الحكومة ، فإن سكوت الإمام الرضا (ع) دالاً على رضاه بها ، ويعتبر إمضاءً لها
                                10 - القضاء على الإمام وتصفيته جسدياً .

                                ولعل مسلمات التاريخ ، من أحضارالإمام الرضا (ع) من المدينة المنورة إلى مرو ، ورفض الإمام (ع) لها ، وشرط الإمام (ع) ان لا يكون له أي دخالة بأي شيئ ولا يتحمل مسؤولية تجاه أي عمل ، بان لا يعزل حاكماً ، ولا ينصب احداً لشيئ من امور الحكم ، ولا يامر فيها ولا ينهى ، ولا يفتي ولا يقضي ولا يغير شيئاً مما هو قائم . وكذلك تعامل الإمام بعد ولاية العهد ، وخطبته التي خطبها في محضر المأمون وكيفية مبايعته ن كل هذه المسلمات تعطي دلالة قويه لهذا الأحتمال بكونه السبب الرئيسي لا عطاء المأمون ولاية العهد .

                                وهناك الكثير من الكلام عن ولاية العهد ، وقبول الإمام الرضا(ع) لها ، نتركها خوف الإطالة ن ومن أراد ذلك فعليه بكتاب الحياة السياسية للإمام الرضا (ع) للسيد جعفر مرتضى العاملي ، وسيرة الأئمة الأطهار للشهيد المطهري .

                                علمه ومحاججاته مع اصحاب الفرق والمذاهب :

                                إن ما ظهر من الإمام الرضا (ع) من المعجزات الكثيرة والمحاجات العديدة المفحمة مع أرباب الملل والديانات كثيرة جداً ، لا يسع هذا المختصر جزءاً ضئيلاً منه .
                                فذات مرة جمع المأمون رؤساء الأديان في عهده ، رأس الجالوت حاخام اليهود ، وجاثليق النصارى ، ورئيس الصابئة ، والهربذ الأكبر صاحب الزرادشتين المجوس ، ثم أرسل للإمام الرضا (ع) ودعاه لذلك المجلس ، فجعل الإمام يحاجج كل واحد من هؤلاء بكتاب دينه ، فيجادلهم من أحكامهم وتعاليمهم ، ويفحمهم واحداً واحد .

                                وكان (ع) بارزاً في علوم عصره غير الدينية فانت له ممارسات كيميائية ووصفات طبية ، وظهر على يديه الكثير من المعجزات ، وكان (ع) يخبر بالمغيبات فينبئ عن وقوع أشياء قبل أن تقع وينبئ عما في القلوب والضمائر ويجيب عن المسائل قبل أن تُسأل .

                                وقد حدث مرة ان أحد الأخصام المعاندين ، وهو " ابن هذاب " قد اغتاظ من مكانة الإمام الرضا (ع) فانكر معرفة الإمام للغيب وقال ان الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى . فرد الإمام (ع) بالأية الكريمة (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدأ ألا من ارتضى من رسول )) سورة الجن اية 26 -27 . ثم أضاف (ع) فرسول الله (ص) مرتضى الله ، ونحن ورثة ذلك الرسول (ص) الذي علمه الله تعالى ما يشاء من غيبه ، وعلمنا هو (ص) ما كان وما يكون إلى يوم القيامة واخبرك يا بن هذاب انك ستصاب بعد أيام ببلايا ، منها ، انك حتى خمسة ايام ستبتلي بدم ذي رحم ، وانك تصاب بعدها بايام ببصرك وتصيرمكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، ثم قال (ع) ولك عندي دلالة أخرى على معرفتنا بالمغيبات ، هي انك ستحلف يميناً كاذبه فتضرب بسببها بالبرص . قال راوي الحديث وهو محمد بن الفضل . والله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب فقيل له : أصدق الرضا (ع) أم كذب ؟ فقال والله لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به انه كائن ولكني كنت أتجلّد .

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X