هل كان السيد ابن طاووس بتريا وفقا لموازين ياسر الحبيب
ذكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله في ندائه الثالث (اضغط هنا) الذي وجهه الى الشعب العراقي قبيل اعدامه رحمه الله (إنّ الحكم السنّيّ الذّي مثّله الخلفاء الرّاشدون والذي كان يقوم على أساس الإسلام والعدل، حمل عليٌ السيف للدفاع عنه إذْ حارب جنديّاً في حروب الرّدة تحت لواء الخليفة الأوّل - أبي بكر، وكلُّنا نحارب عن راية الإسلام وتحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبيّ).
وقد علق الاستاذ المحقق الشيخ احمد ابو زيد العاملي في موسوعة محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج4، ص: 206 ، على هذه الفقرة بقوله:
يبدو أنّ المحقّق لدى المشهور عدم صحّة هذا الأمر، وإن كان ممكناً حملُ كلامٍ لابن طاووس عليه حيث قال لابنه: «فما كان بقي على ما ذكر المروزي وغيره ممّن ارتدّ من سائر أهل تلك البلاد إلّا الطائف، وأيّ مقدار للطائف مع ارتداد سائر الطوائف، فلولا تسكين أبيك أمير المؤمنين لذلك البغي والعدوان بترك المحاربة لأبي بكر ومساعدته لأهل المدينة على الذين ارتدّوا على الإسلام والإيمان وإطفاء تلك النيران، كان قد ذهب ذلك الوقت الإسلام بالكليّة، أو كاد يذهب ما يمكن ذهابه منه بتلك الاختلافات الرديئة» (كشف المحجّة لثمرة المهجة: 124).
وهنا نورد النص الكامل من الكتاب لصاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس والذي كان مخاطبا فيه ولده رحمهم الله تعالى اجمعين:
كشف المحجة لثمرة المهجة - السيد ابن طاووس - ص ٦٩:
الفصل الثاني والتسعون: واعلم يا ولدي محمد سلك الله جل جلاله بك سبيل الصواب وشرفك بسعادة ذوي الألباب، أن الذي جرى يوم السقيفة من تركهم للنبي صلى الله عليه وآله على فراش الممات واشتغالهم بالولايات وما جرى من ترك المشاورة لذوي البصائر وانفرادهم بتلك الفضائح في الموارد والمصادر كاد أن يزيل حكم النبوة ويوجب ذهاب الاسلام بالكلية لان العرب لما سمعوا عن أهل السقيفة اشتغالهم بالأمور الدنيوية واستخفافهم بالحرمة النبوية لم يستبعدوا أنهم خرجوا من اعتقاد نبوته وعن وصيته بمن أوصى إليه بإمامته وأن قد صار الامر مغالبة لمن غلب عليه فارتد قبائل العرب واختار كل قوم منهم رأيا اعتمدوا عليه فحكى جماعة من أصحاب التواريخ منهم العباس (بن عبد الرحيم المروزي) فقال ما هذا لفظه: ولم يلبث الاسلام بعد موت النبي صلى الله عليه من طوائف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف ارتد سائر الناس، ثم شرح (المروزي) كيفية ارتداد الخلائق بعد النبي (ص) فقال ارتدت بنو تميم وغيرهم واجتمعوا على مالك ابن نويرة اليربوعي، وارتدت ربيعة كلها وكانت لهم ثلاثة عساكر عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب وعسكر مع مغرور الشيباني وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وائل، وعسكر مع الحطم العبدي.
قال (المروزي) وارتد أهل اليمن وارتد الأشعث بن قيس في كندة وارتد أهل مأرب مع الأسود وارتدت بنو عامر إلا علقمة بن علافة فكان هذا الارتداد يا ولدي (محمد) من جملة موانع أبيك أمير المؤمنين عليه السلام. من منازعة أبي بكر وعمر ومن رغب في نيل الدنيا بطريقهما ممن يرجو أن يحصل له منهما إذا حصل لهما ولاية من الحطام ما لا يرجو بولاية أبيك علي (ع) لأنهم عرفوا منه (ص) أنه لا يعمل بغير الحق الذي لا تصبر عليه النفوس فلو أن أباك أمير المؤمنين عليه السلام نازع أبا بكر منازعة للمغالبة والمقاهرة لأدى ذلك إلى أن يصير أهل المدينة حربا وأهل الردة ظاهرا وكان أهل مكة الذي ذكر أنهم ما ارتدوا وقد أسلموا لما هجم النبي (ص) بالعساكر التي عجزوا عنها وملكهم قهرا وبغتة على صفة ما كانوا يقدرون على التخلص منها فكان إسلامهم إسلام مقهور فمتى وجدوا من يساعدهم على زوال القهر عنهم ما يؤمن منه ارتداداهم عما قهروا عليه من الاسلام المذكور فما كان يفي على ما ذكر (المروزي) وغيره ممن ارتد من سائر أهل تلك البلاد إلا الطائف وأي مقدار للطائف مع ارتداد سائر الطوائف فلولا تسكين أبيك أمير المؤمنين عليه السلام لذلك البغي والعدوان بترك المحاربة لأبي بكر ومساعدته لأهل المدينة على الذين ارتدوا على الاسلام والايمان وإطفاء تلك النيران كان قد ذهب ذلك الوقت الاسلام بالكلية أو كاد يذهب ما يمكن ذهابه منه بتلك الاختلافات الردية وهذه مصائب وعجائب أوجبها مسارعة أبي بكر وعمر ومن اجتمع في السقيفة لطلب الدنيا السخيفة والتوصل فيها بالمغالبة والحيلة وتركهم جدك محمدا صلى الله عليه وآله بين أهله على فراش وفاته كأنه كان عند أهل السقيفة مثل امرأة قد ضجر صاحبها منها مما يمتنعه من سوء الإرادة ولا ترجى الولادة فصاحبها مستقيل من حياتها وإذا ماتت فرح بمماتها وكان من جملة حقوقه عليه السلام بعد وفاته وخاصة يوم الممات أن يجلس المسلمون كلهم على التراب لا على الرماد ويلبسوا أفضل ما يلبسه أهل المصائب من السواد ويشتغلوا ذلك اليوم خاصة عن الطعام والشراب ويشترك الرجال والنساء في النياحة والبكاء والمصائب ويكون يوما ما كان يوم مثله في الدنيا ولا يكون فما كان يتعذر أن يجمعوا بين طلب الولاية وبين حقوق مصابه العظيم الذي لا يجوز أن يهون فكيف جاز في عقل أو شرع أن ينقضي ذلك اليوم بالمخاصمات على الحطام فيا لها من نكبة وفضيحة عليهم تبكي منها القلوب والعيون.
ومن أعجب ما رأيته في كتب المخالفين وقد ذكره الطبري في تاريخه ما معناه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفى يوم الاثنين وما دفن إلى ليلة الأربعاء وفي رواية أنه (ص) بقي ثلاثة أيام حتى دفن وذكر إبراهيم الثقفي في كتاب المعرفة في الجزء الرابع تحقيقا أن النبي صلى الله عليه وآله بقي ثلاثة أيام حتى دفن لاشتغالهم بولاية أبي بكر والمنازعات فيها وما كان يقدر أبوك علي عليه السلام أن يفارقه ولا أن يدفنه قبل صلاتهم عليه ولا كان يؤمن أن يقتلوه إن فعل ذلك أو ينشبوا النبي صلى الله عليه وآله ويخرجوه ويذكروا أنه دفنه في غير وقت دفنه أو في غير الموضع الذي يدفن فيه فأبعد الله جل جلاله من رحمته وعنايته نفوسا تركته على فراش منيته واشتغلت بولاية كان هو أصلها بنبوته ورسالته لتخرجها من أهل بيته وعترته والله يا ولدي ما أدري كيف سمحت عقولهم ومروتهم ونفوسهم وصحبتهم مع شفقته عليهم وإحسانه إليهم بهذا التهوين ولقد قال مولانا زين العابدين عليه السلام والله لو تمكن القوم أن طلبوا الملك بغير تعلق بإسم رسالته كانوا قد عدلوا عن نبوته وبالله المستعان.
فهل كان السيد بن طاووس بتريا؟!!!
تعليق