إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

تصنيف المنتديات ( المعسكرات)...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تصنيف المنتديات ( المعسكرات)...

    تصنيف المنتديات ( المعسكرات)...
    لم أجد لغاية ألآن معسكراً واحداً جُنْدّت كوادره وأقلامه لرفعة الاسلام وكشف وجهه الحضاري للعالم .. ولا مبالغة فيما أقول .
    فنحن أمام معسكران تدور بينهما حرب ضروس ، لا غاية لايٍ منهما إلا تعفير وجه خصمة بالتراب و تنصيب نفسه وصياً أوحداً لدين الاسلام، بيده صكوك غفرانية تشهد لحاملها بنعمة الاسلام وبغيرها يظل محفوفاً بأُطر الشبهات .
    النوع الاول من المعسكرات هي المعسكرات الوهابية أو السلفية.
    النوع الثاني من المعسكرات هي المعسكرات الحوزوية.
    وسأبدأ أولاً ببيان النوع الاول من المعسكرات .... فما هي الوهابية أو السلفية؟

    الوهابية أو السلفية هي وجهة نظر بدوية.
    إن البداوة اذا تسربلت بالجهل، وتعممت بالقسوة والغلظة، فلا مجال لمناهضتها او مناقشة اصحابها بالحكمة والموعظة الحسنة، و مقارعتهم الحجة بالحجة. لان الجهل حاجز سميك يمنع انوار العقل و الفهم من اختراقه. وعليه تكون الفتنة العمياء والظلمات الدامسة. واذا اضفنا الى ذلك سياسة شريرة وعقول ماكرة تدعم هذا الجهل بالمال و الثروة للابقاء علية و لاستمراريته، فان الآثار السلبية لهذا الوضع ستكون مدمرة وغاية في الخطورة.
    فاتباع هذه الحركة ما هم في الحقيقة إلا جماعة بدوية تقطن الجزيرة العربية وهم بعيدون عن عالم الحضارة. ولم يزالوا على البساطة والسداجة في الفطرة. قد ساد عليهم الجهل وغلب عليهم الجفا وخشونة الطبع، لا يعرفون شيئا من العلوم العقلية و لا خاضوا في غمار الفنون العربية ولم يميزوا بين المنطوق والمفهوم بل ترى علمائهم الذين يزعمون انهم على شيء ليس لهم على العلوم العربية اللهم الا شيء من مبادئها .
    تتخلف هذه الحركة عن ركب الحضارة الحديثة بآلآف السنوات ، وحجتهم في دحض مأزق تخلفهم إدعائهم بإتباع السلف ، فألبسوا آفة تخلفهم ثوب التمسلف وهو منهم براء،
    فالسلف الصالح رضوان الله عليهم لم يواكبوا مستجدات عصرهم وحسب بل تزعموا ركب الحضارة ، فكانوا مركز إشعاع .. أصاب العالم أجمع شئياً من قبسات نوره .
    وليت هذه الحركة البدوية تمسلفت فكرياً فلو فعلت ذلك لتزعمت العالم أجمع ، وإنما إقتصر تمسلفها على الشكل الهرمي الثلاثي ، دشداش قصير يقارب الشورت الرياضي في أبعاده ، ولحية طويلة أطلقوا لها العنان لتغطي ما فشلت دشاديشهم في تغطيته ، وعمامة بيضاء تستر فراغ عقول رؤؤسهم ، وعليه فلا حتى الشكل نجحوا في مسلفته.
    يُلخص الميجور ديبكسون المعتمد السياسي البريطاني في البحرين أفكار الحركة الوهابية ـ بعد ان تهيأت له فرصة الالتقاء بزعمائها ـ بما يلي : ـ
    1- تدخين التبغ خطيئة مميتة، واذا رأى الاخ شخصا يدخن فانه يعتدي عليه بالضرب وربما قتله.

    2- يجب ان يكون المنزل من طابق واحد.

    3- يجب ان يحافظ على بساطة العيش واللباس.

    4- يجب ارتداء عمامة بيضاء بدل العقال كعلامة على انك من الاخوان.

    5- لا يرد السلام والتحية الا لأخ آخر (اي وهابي مثله).

    6- اذا التقى كافر او مشرك –حسب تصنيفهم- بجماعة من الاخوان في الشارع فان الآخرين يغطون وجوههم بايديهم، بدل ان يفسدهم ويلوثهم المشهد.

    ان هذه الافكار و غيرها من المباديء التي شمر السلفيون ساعد الجد وأبلوا بلاءا حسنا في تبليغها بين مواطنيهم اولا، وخارج الجزيرة بعد ذلك. هي التي جعلت الغرب الاستعماري ليس فقط يغض البصر عن هذه الحركة بل يدعمها سياسيا و عسكريا ويحرص عليها.
    ولعل ما يزيد الغرب دعماً لهذه الحركة الوهابية هي تلك السهام التكفيرية الجاهزه التى يصوبها الوهابية تجاه بقية المسلمين الذين لم يحضوا بشرف صكوك الغفران الوهابية ،.
    ففي الوقت الذي نجد فيه شعباً من شعوب الاسلام يدافع عن وجوده الاسلامي وعن وطنه واراضيه المغتصبة ، بالتزامن مع هذا الوقت نجد الجماعات السلفية تصوب لهذا الشعب سهام الشرك والابتداع لانه شعب قبوري توسلي ثم تتبعها الفتاوي، المؤكدة بحرمة اغاثته بأي دعم معنوي او عون مادي! ويقف احد علماء ذلك الشعب المنكوب المجاهد ينادي اصحاب تلك الفتاوي و الاتهامات: ياعجبا لاخوة يرموننا بالشرك، مع اننا نقف بين يدي الله كل يوم خمس مرات، نقول (اياك نعبد واياك نستعين) ولكن النداء يضيع و يتبدد في الجهات، دون اي متدبر او مجيب.
    يتبع إن شاء الله ...
    أخوكم الدكتور .. حفيد الفاروق.

  • #2
    السلام عليكم

    أخي الكريم
    لقد أثلجت صدري بتحسسك ،
    لقد ذكرتني بتصميم لصورة حفرتها على حجر منذ 19 سنة في معتقل أنصار في الجنوب اللبناني اثناء الاحتلال الاسرائيلي للجنوب ، وذلك عام 1984 م وكنت استعين بأحد الاخوة البذين يملكون موهبة الرسم ، وليس موضوعي عن تلك اللوحة ، بل لاذكر تعبيرا في تلك اللوحة التي تمثل انكسار القيد بين القبضتين ، حيث رسمت بريقا او شعاعا حول انكسار القيد ، وقلت يومها من معاناة القيد يتفجر الامل .
    تذكرت تلك اللوحة وانا اقرأ كلماتك اخي الدكتور حيث انني شعرت انك تكتب عن الامل من واقع الالم .
    الى مزيد من المشاركات ، كي تتلاقح الافكار والعقول والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تعليق


    • #3
      أخي الباحث .. أشكرك جزيل الشكر على ما ذكرت .. ولنضع أيدينا ببعض . لكسر قيود الجهل والتخلف التي إستمتنا في الدفاع عنها .

      تعليق


      • #4
        يرفع

        تعليق


        • #5
          الدولة السلفية والدولة المعاصرة والسعودية ... المأزق والحل ! ..



          الدولة المركزية المعاصرة، هي شكل سياسي واجتماعي واقتصادي، قامَ وترعرع وتطور، ثم تنمط بشكله المعاصر، استجابة للمجتمعات الغربية، وتلبية لشروطها ونمطها ونوعية رؤيتها لشتى جوانب الحياة ..

          ونحنُ، كعرب ومسلمين، قمنا ـ فقط ـ باستيراد هذا ((الشكل))، وترجمة مصطلحاته، ثم طبقناه، دون أن نراعي الفوارق الثقافية والتاريخية والفلسفية بين بيئة منشأ "هذه الدولة" وبيئتنا، فجاء "الوعاء/ الدولة" لا يحتمل البقاء، لأن "محتوياته/ الإنسان" قادرة على صهر ِ معدن الوعاء وتمزيقه وتدميره، لأنها لم ((تُصنع)) أساساً استجابة لأفكاره وضوابطه وشروطه ..

          الدولة المعاصرة، هي دولة كل مواطنيها ... دون أي تفرقة طائفية أو عرقية أو طبقية أو اقتصادية أو ثقافية ..

          بينما أن الدولة من المنظور السلفي، الدولة الدينية، تشمل "كل المسلمين حصراً"؛ وكل من هو غير مسلم، أو ليس على مذهب الدولة، يُعتبر مواطناً معاهداً، أي ليس أصلياُ، ما لم يعتنق الإسلام ..

          الدولة المعاصرة لها حدود جغرافية، تسميها "الوطن"، ولها هوية هي "الجنسية"، ومواطنوها هم في الغالب أهل الأرض، ومن أقام عليها ..

          الدولة الدينية السلفية ليس لها حدود، ولا تقف جيوشها عند جغرافيا، لأنها لا تؤمن بالجغرافيا أصلاً . فهي مكلفة بقتال الآخرين حتى يسلموا، أو يدفعوا "الجزية" عن يد وهم صاغرون . وهي بذلك تعتبر كل بلاد العالمين بلادها، وهي مكلفة بحرب الناس جميعاً طالما أنهم لا يدينون بدين الإسلام ..

          الدولة المعاصرة هدفها قوتها، ورفاهية أفرادها، وخدمة كل ما من شأنه الارتقاء بهم، وتحقيق مصالحهم ..

          الدولة الدينية السلفية هدفها فرض معتقداتها فرضاَ على الناس بكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة . وتأتي مصالح الأفراد في الدرجة الثانية بعد مصلحة العقيدة ..

          الدولة المعاصرة، من أجل أن تتعايش مع العالم، لابد وأن تكون ليبرالية ..

          الليبرالية في المفهوم السلفي، تشريعٌ "وضعي"، معتنقوه "كفار"، والترويج له باطل، والعاملون به هم بالضرورة خارجون على دين الإسلام ..

          لذلك، فقد كان رأي أحد مشاهير المشايخ الشباب المتشددين، وهو الشيخ ناصر الفهد، في الوثيقة المعنونة "على أي أساس نتعايش"، والموجهة إلى المثقفين الأمريكيين، والتي وقع عليها عدد كبير من الفعاليات المثقفة والاجتماعية والدينية السعودية، بما فيهم عدد ممن يُسمى "علماء الصحوة"، هو رأي سلفي محض، يبين إلى أي مدى يناقض الفكر السلفي التقليدي فكرة "الدولة المعاصرة"، وفكرة التعايش والسلام بين الأمم المعاصرة . يقول الشيخ الفهد تعليقاً على البيان، أو الوثيقة سالفة الذكر : ((إن البيان المسمى بـ (ببيان المثقفين) والذي تبناه ونشره موقع (الإسلام اليوم) بيان خطير على التوحيد، قادح في عقيدة الولاء والبراء، معطل لأحكام الجهاد، مخالف للكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين، محرف للنصوص، منحرف عن الشريعة، متبع سبيل غير المؤمنين، لهذا: فإنه يحرم نشره، وتوزيعه، وتوقيعه، ويجب التحذير منه، والبراءة مما فيه، وعلى من كتبه، أو نشره، أو وقعه؛ التوبة، والإنابة .. والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل)) ..

          إذن فمبدأ الحوار والتعايش، حسب الشيخ الفهد، (معطل لأحكام الجهاد، مخالف للكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين) ..

          وللحقيقة أقول : أن رأي الشيخ الفهد منسجمٌ مع الفكر السلفي التقليدي تمام الانسجام ... بينما أن ما جاء في البيان هو خروجٌ منهجي على أساسيات هذا الفكر. أما السبب الأول فيقبع في حقيقة أن الفكر السلفي يسعى إلى إقامة الدولة الدينية، بينما أن فكرة الدولة المعاصرة، ومبادئ التعايش والحوار وحقوق المواطنة المتساوية، لا يمكن أن تتقبلَ فكرة الدولة الدينية ..

          وهذا بكل بساطة ووضوح هو السبب الذي أسقط "دولة طالبان" السلفية، عندما تعاملت مع العالم على أساس الفكر السلفي، المستورد من ((الماضي))، وفرضه بالقوة على فكرة الدولة المعاصرة ..

          وهو ـ أيضاً ـ نفس السبب الذي يُشكل بالنسبة للمملكة مأزقاً كبيراً، هي الآن تعيش على ضغوطاته، والذي يتمثل في أنها من حيث الشكل والشعارات دولة "دينية"، علمها ديني، قانونها يرفض على غير المسلمين الحصول على جنسيتها، ونظامها يقول بكل صراحة أن الفكر السلفي، المتمثل في المدرسة "الوهابية"، هو المرجع والفيصل ... بينما أن العالم اليوم، بل فكرة الدولة المعاصرة، لا يمكن أن تقبلَ دولة تقوم على فكر سلفي، تقوم أساسياته على تقسيم العالم إلى قسمين: أرض حرب، وأرض إسلام. وهوية العالم من أقصاه إلى أقصاه إلى قسمين: مسلم وكافر. والكافر عدو، يجب أن (يُقاتل) أو يدفع الجزية؛ وكل خروج على هذه "الثوابت" هو في رأي السلفيين خروج على الدين بالضرورة، كما جاء في كلام الشيخ ناصر الفهد ..

          ويبدو أن المملكة بعد 11 سبتمبر، تواجه هذا المأزق بصورة خطيرة. فقد استطاع ابن لادن، أن يُظهرَ هذا التناقض العميق بين السلفية والعالم إلى السطح، عندما قام بتفجيرات أمريكا، انطلاقا من أنه يُطبق تعليمات الإسلام حسب المنظور السلفي، الذي تتبناه، وتقوم على أساسه، الدولة السعودية ..

          وليس هناك أمام القيادة السعودية، اليوم، وربما بشكل أحد غداً، إلا تحديد أولوياتها: فإما أن تبقى دولة دينية سلفية، حسب ثوابت ومقاييس المنهج السلفي، أو أنها تتبنى طرحاً آخر، قادر على التعايش مع العالم، وبناء الدولة المعاصرة. هذا الطرح لا يمكن أن يكونَ صالحاَ عملياَ للتطبيق على أرض الواقع، إلا إذا أعيدت صياغة مفاهيم الإسلام من جديد، وبشكل يجعله "كدين" يستوعب الآخر، ويسمح بالتعايش دون حروب. وهذا يعني بالضرورة (تعطيل) مفهوم الجهاد بمنظوره القتالي ..

          وأنا لا أرى في استيراد المفاهيم السلفية من الماضي، ثم اعتبارها "ثوابت" لا يجوز تغييرها ولا تطويرها ولا جعلها متماشية مع الواقع العالمي، إلا ((رؤية)) هي بكل بساطة رؤية تدميرية، بل وانتحارية؛ وليست تجربة طالبان عنا ببعيد ..


          --------------------------------------------------------------------------------

          منقول

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك دكتورنا العزيز
            كم نحن بحاجه الى مثل هذه العقول النيره

            تعليق


            • #7
              لقد غدت السلفية "انتقائية"..!

              (قراءة نقدية في الخطاب السلفي المعاصر)

              إن المراقب لمضمون ودعوات الخطاب السلفي في الوقت الراهن، يلاحظ أن ثمة ملامح هامة قد بدأت بالتبلور في مكوناته، تؤكد مدى اتساع عدد وحجم العلل التي تصيب ذلك الخطاب وتصدر منه، وعلى الرغم من صبغة العدالة والفضيلة والتفويض الديني البحت والتي تشيع منه. وأحد أهم وأخطر تلك العلل، هي أسلوب "انتقاء" النصوص والآراء، والذي عمد إليه أساطين وطلبة المنهج السلفي مؤخرا وبشكل غدا ملحوظا ومنتقدا، بل وفي غاية الخطورة.

              لقد أخذ أسلوب "الانتقاء" في الخطاب السلفي ذلك، عدة مظاهر وأشكال ساهمت بأشكال مباشرة أو غير مباشرة في تشويه كثير من المفاهيم والأحكام الفقهية الإسلامية، وساهمت في التشويش على عقول العامة، فهي ترسخ لأفكار على أفكار، ولأحاديث على أحاديث، بل ولتفاسير على تفاسير، على الرغم من تساوي كلا من المكونين -المأخوذ والمطروح- في ميزان الصحة والاستدلال.!

              لقد ساهم أسلوب "الانتقاء" ذلك، في بزر المزيد من البزور الفاسدة، كتعزيز مفاهيم ودوافع الخنوع والبلادة في العقلية الإسلامية، وتثبيط دوافع البحث والاجتهاد، وتعزيز سوء الفهم للمفاهيم المختلفة، والتشدد في الآراء، وغيرها، فيما يخص الأوساط والعقول الإسلامية.

              فمن تعزيز مفاهيم ودوافع الخنوع والبلادة في العقلية الإسلامية، ترسيخهم لبعض مفاهيمهم العجيبة، وتغييبهم للتآويل الأخرى، ويؤكد هذا المعنى بأحاديث يفهمونها على غير وجهها مثل حديث: ((بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء))، فهم يفسرون ذلك الحديث بتفاسير تعلي من مدى اليأس في الأمة الإسلامية، وتسلب من المسلمين إرادتهم وآمالهم، وتصور لهم بأن الإسلام في إدبار، والكفر في إقبال، وأن علامات الساعة الصغرى قد ظهرت، وعلامات الساعة الكبرى قد اقترب وقوعها، وأن الساعة ستقوم على من لا يقول: (( الله، الله ))، كما جاء في الصحيح، فلا فائدة من العمل والنهضة الحضارية والفكرية، ولا طائل من تقديم أي مشروع تقدمي في الوقت الراهن حيث أننا شارفنا شهود يوم القيامة .!

              لقد نسي هؤلاء -أو تناسوا- أن غربة الإسلام، لا تعني ضعفه بإطلاق، وكذلك غربة المتمسكين به والداعين إليه، لا تعني ضعفهم أو هوانهم، بل تعني تميزهم، وعدم ذوبانهم في غيرهم، فهم كالشامة في الناس. بل إنه وفي بعض روايات حديث الغربة، وصف النبي صلى الله عليه وسلم الغرباء بقوله: ((الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنتي)) [1]، فهؤلاء الغرباء ليسوا يائسين ولا سلبيين في مجتمعاتهم، بل مصلحون يصلحون ما أفسد الناس من سنن الإسلام، ويحيون ما مات من آدابه وأخلاقه.

              ومن أمثلة بزرهم لبزور سلب الإرادة من العقلية الإسلامية وتعزيز الخنوع فيها كذلك، ترسيخهم لتفسير حديث أنس عند البخاري الظاهر: ((لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه)) [2]، بالرغم من أنه لا ينبغي أبدا أن يؤخذ هذا الحديث على ظاهره وإطلاقه وعمومه كما قال كلا من الحافظ ابن حجر وابن حبان.! في تغييب واضح وغريب للمفاهيم الصحيحة -أو الأخرى على أقل تقدير-.!

              ومن أساليب "الانتقاء" أيضا، أنهم يشيعون لأحاديث وروايات ويغيبون أخرى، بلا مبرر شرعي واضح لذلك التغييب.! مثلا في الوقت الذي يشيعون فيه أحاديث من ذلك النوع -الباعثة باليأس-، فهم يهيلون التراب على نوع آخر من الأحاديث التي تحمل الأمل والبشرى للأمة، مثل حديث أحمد والترمذي: ((مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أو آخره)). وحديث أحمد وابن حبان والحاكم: (( بشر هذه الأمة بالسناء والدين، والرفعة والنصر، والتمكين في الأرض..)). وحديث أحمد وابن حبان: ((ليبلغن هذا الأمر -يعني هذا الدين- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل به الكفر)) [3]. وهذه لعمري هي عقدة الموضوع، وتشخيص للداء المستفحل في الخطاب السلفي المعاصر.!

              أما ومن تثبيطهم لمبادرات الاجتهاد والبحث والتجديد، هو تغييبهم لمعالم وأسس وأشكال الاجتهاد والتجديد والتي قامت في تاريخ الثقافة الإسلامية، وترسيخهم في المقابل لمفاهيم أبوية لم ينزل الله بها من سلطان، كإغلاق باب الاجتهاد، وتطبيق أدوات باب "سد الشرائع لسد أبواب الذرائع" المطاطية، فضلا عن إشهارهم لسلاح البدعة في وجه أي اجتهاد أو تقدم، قُتِل به أي أمل قد يعيد للحضارة الإسلامية بريقها الزائل.! إنهم ولاشك ينتهجون منهجية الحفظ والتقليد تلك مدعومين بنصوص وتآويل تؤيد ذلك، إلا أنهم يحاربون منهجية البحث واستخدام العقل وعلى الرغم من وجود نصوص وتآويل أخرى أصلح وأكثر صراحة، تؤيد تطبيق تلك المنهجية المعاكسة أيضا وبالقدر ذاته.!

              لقد كانت أحد أسباب ظهور تلك النظريات، والتي ترفض التجديد والاجتهاد والتفكير وتؤثر التقليد والحفظ والتلقين، هي تلك "الانتقائية" الخطيرة والتي أضحت مرادفا لمضمون الخطاب السلفي المعاصر. فهم مثلا قلما يحتجون بآية: ((لا علم لنا إلا ما علمتنا)) ويفسرونها على أنه لا يجوز لنا البحث عن أي علم خارج القرآن, لكن ألم يقل القرآن في الوقت ذاته: ((يتعلمون ما يضرهم ومالا ينفعهم))، وأكد ذلك المعنى عدة أحاديث تؤيد البحث والاجتهاد كحديث ((إن يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)) [4]، وأحاديث تذم صراحة منهجية التقليد والحفظ، كحديث (زياد بن لبيد) حينما أخبرهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم عن (أوان ذهاب العلم) فتعجب الصحابي وظن أن الأمر متعلق بقراءة القرآن، فقال: ((وكيف يضيع العلم ونحن نقرأ القرآن وسوف نقرئ أبناءنا القرآن وأبناؤنا سيقرئون أبناءهم القرآن، فقال له صلى اللّه عليه وسلم: ثكلتك أمك ابن لبيد، لقد ظننتك أفقه من بالمدينة أو ليس اليهود والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشيء))[5].!

              كما أن تلك التآويل "المنتقاة" كانت قد اختلطت بتآويل أخرى "منتقاة" تسيء الفهم للنص هي الأخرى، كترسيخهم لفهمهم للحديثين النبويين: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) و (( وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، وتغييبهم في المقابل للتآويل ذات الرأي الآخر فيهما. فهم يرسخون لتفسير أن لفظ (كل)- الوارد في الحديث- من ألفاظ العموم، التي تشمل كل أنواع البدع بدون استثناء، فهي ضلالة. ويغيبون في المقابل التفاسير والآراء التي ترى بأن الحديث قد قصد به الرسول النهي عن إلحاق شيء (بالدين) ليس منه, ومن ذلك أقوال وآراء الإمام الحافظ النووي شارح صحيح مسلم، وابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري، والبيهقي وغيرهم. هذا علاوة على أن هناك نصوص صريحة بالسنة تفرق بين البدعة الحسنة والسيئة، فقد جاء في الحديث: ((من سن في الإسلام سنة "حسنة" فله أجرها وأجر من عمل بها)).!

              هذا فيما يتعلق "بانتقاء" تفاسير المفاهيم، أما فيما يتعلق بمسألة "انتقاء" الأحكام الفقهية، فالمجال فعلا خصب لذكر الأمثلة المختلفة والتي تؤكد "انتقائيتهم" تلك وتفضح مساعيهم فيها. فمثلا في الوقت الذي يُعتبر فيه الفقيه العملاق ابن حزم الأندلسي، من كبار فقهاء السلف وفي الخطاب السلفي المعاصر، ويُستقى من كتبه "المحلى"، و"الفصل في الملل والاهواء والنحل"، وكتاب "الرد على ابن النغريلة اليهودي"، الآراء والأحكام الفقهية المختلفة، إلا أن السلفيين أنفسهم يرفضون صراحة آراء ابن حزم نفسه في الغناء والموسيقى والفن مما جاء في كتابه "المحلى"، ويرفضون كذلك جملة آراءه وأفكاره الجريئة في الحب ووصف الحب والعشق والغزل ومخاطبة المرأة ومعاملتها وبقية ما جاء في كتابه "طوق الحمامة".!

              ومن ذلك أيضا، غض السلفيين أعينهم عن آراء الفقيه الحنبلي العملاق ابن قدامة المعتدلة في حكم التعامل وحوار والأخذ من الغرب (الروم) والغير مسلمين مما امتلأ به مؤلفه "المغني"، والمغني لابن قدامة هو أكبر المراجع الفقهية الحنبلية على الإطلاق، وأحد أكثر الكتب التي يأخذ منها السلفيين الحنابلة المعاصرين سلسلة أحكامهم الفقهية. إلا أن ذلك فيما يبدو لم يشفع لخطاب سلفي أخف نبرة في التعامل مع الغرب والغير مسلمين، مما يزيد الفضول لمعرفة أسباب تلك "الانتقائية" العجيبة.!

              ومن ذلك أيضا مسألة حجاب المرأة المسلمة، والتي وردت فيها أحاديث وتفاسير صريحة تؤكد مشروعية كشف المرأة لوجهها وكفيها (وقدميها أيضا في المذهب الحنفي)، ومع ذلك فالخطاب السلفي المعاصر لازال يتشبث وبضراوة بحكم وجوب تغطية المرأة المسلمة لوجهها، ضاربين بآراء أئمة السنة الأربعة الكبار، وفقهاء بحجم ابن رسلان والشوكاني وابن قدامة والمرداوي والطحاوي وأبو يوسف والشيباني، والقائلة بوجوب كشف الوجه والكفين عرض الحائط.! حتى أن أحد كبار أئمة السلف المعاصرين ( الألباني ) كان قد انسلخ من إجماع الخطاب السلفي في تلك المسألة، وأعلن اختلافه صراحة، وأبدى شديد انزعاجه من أسلوب "انتقاء" الأحكام الفقهية ذلك بما يخدم آرائهم الشخصية ولا يظهر الحق.!

              والقائمة ولاشك تطول .. إنما "انتقائيتهم" أضحت أكيدة وثابتة. فلا حول ولا قوة إلا بالله.



              --------------------------------------------------------------------------------

              [1]: رواه الترمذي برقم ( 2632 ) من حديث كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف الحزني، وهو ضعيف وإن كان الترمذي يحسن حديثه، بل ويصححه أحيانا وكما هو معروف.

              [2]: الحديث رواه البخاري في الفتن عن الزبير بن عدي.

              [3]: رواه ابن حبان في صحيحه، وذكره الألباني في الصحيحة برقم 3.

              [4]: رواه أبوداود في سننه برقم 4270، والحاكم في مستدركه في الفتن 4/522، والبيهقي والخطيب، وذكره الألباني في صحيحه 599.

              [5]: رواه الترمذي برقم ( 2577 )، ورواه ابن ماجه في سننه برقم (4038 )، وأحمد في مسنده ( 16828 ).


              --------------------------------------------------------------------------------

              منقول

              تعليق


              • #8
                أرجو من الاخوة السنة والشيعة ، نشر ما يرونه مناسباً مما اكتب ، في اي منتدى يريد ، فحقوق النشر محفوظة لكل مُحب للخير ..
                وأسلموا لاخيكم

                تعليق


                • #9
                  التعديل الأخير تم بواسطة مها 2001; الساعة 29-03-2003, 08:29 PM.

                  تعليق


                  • #10



                    تعليق


                    • #11
                      الى الدكتور مع التحية

                      دكتور:
                      دخلت في المنتديات وقد جعلت على عاتقك أنك ستكون المصلح الاجتماعي الذي سيبدل حال الأمة ويغير من شأنها.
                      وقلت أنك ستسعى الى لغة العقل والبعد عن الفرقة وستسهم في دحض الافتراءات.
                      ثم قسمت المنتديات باسلوب نقدي تحليلي وبينت عورات ومثالب كل منها.
                      وقلت عنها بأنها قسمان:
                      *وهابية
                      *حوزوية
                      ثم تهجمت على بعض المظاهر الاسلامية وهي في مجملها هيئات لا تقدم ولا تؤخر كاللحية والتي هي مؤكدة عن رسول الله وصحابته وهي مظهر اسلامي.
                      ثم تطاولت مع تصفيق بعض الجهال الذين يصفقون ولا يدرون علام يصفقون:
                      هل ما روجته من أفكار أيها الدكتور هي عقيدتك؟
                      هل تؤمن بالدولة الليبرالية؟
                      أو الديمقراطية؟
                      هل تنكر ان الاسلام دين ودولة؟
                      أفهم كرهك للوهابيين فهذا شأنك أما أن تتخذ من عدائك معهم مدخلا للهجوم على الدين فهذا مردود عليك
                      وأعلم أن ما تروج له من أفكار هي الكفر بعينة
                      لعلمك أنا أرى انه لاتوجد دولة اسلامية واحدة اليوم
                      ولا حتى السعودية
                      لان ما يطبق من أحكام في كل العالم الاسلامي هي أحكام وضعية كافرة من وضع البشر كالراسماية والديمقراطية أو الليبرالية التي تروج لها بديلا للاسلام.
                      أنا يا دكتور أحب الصراحة ولذل سأكون معك واضحا
                      ما فهمته من كلامك وأسلوبك أنك لا تدافع عن السنة
                      ولا عن الشيعة
                      أنت تشكك في الدين ومدى مطابقته وصلاحيته للواقع
                      كلامك يقول ذلك
                      وأتمنى أن أكون مخطئا في ظني
                      والى المصفقين والمصفقات:
                      أقول لهم اقرؤا ثم صفقوا
                      التعديل الأخير تم بواسطة مكسورة الضلوع; الساعة 29-03-2003, 09:01 PM.

                      تعليق


                      • #12
                        مكسورة الضلوع



                        انا مش مرتاحه لكلامك والله العالم
                        واسلوبك مش مفهوم الرجل يدعي للتعقل وانت ماذا تريدين

                        تعليق


                        • #13
                          مها 2001

                          ...مرتاحة لي ولا مو مرتاحة هذي مشكلتك وما تهمني راحتك من عدمها.
                          أسلوبي مش مفهوم ممكن عندك حق فيها بسبب الاختلاف الثقافي
                          بس أنا أحرص على تبسيط لغتي قدر الامكان لكن حاولي أختي تقرأي الموضوع مرة ومرتين ترى مو عيب لين تفهميه.
                          مشكورة أختي على الرد

                          تعليق


                          • #14
                            بالعكس أختي مكسورة الضلوع ( سلامتك)
                            أحيي فيك لغة الصراحة أختي، وانا لست جان جاك روسو المصلح الاجتماعي ، ولا أتكلم بصفتي سني أو شيعي ، بل اتكلم بصفتي مسلم يرى أمته العربية الاسلامية تغرق في بحور التخلف والضياع وما كان تخلفها إلا نتيجة قصور فهمنا نحن المسلمون عن فهم جوهر إسلامنا ، تركنا الجوهر وتمسكنا بالمظهر.
                            ديننا أختي دين عظيم ،دينٌ شامل كامل صالح لكل زمان ومكان ، فلا تنبهري بالمفردات التي جاءت في موضوعي ولا تستهجينها ، فديننا الاسلامي هو أول من نادى بالديمقراطية .. قال تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) وقال ايضاً ( وشاورهم في الامر)
                            والاسلام هو اول من نادى بالليبرالية . قال تعالى ( لا إكراه في الدين ) الليبراليه كلمه فرنسية مأخوذه من libre يعني حر .. فبرأيك أختي هل الاسلام مع أم ضد الحرية؟
                            لقد ضرب الاسلام أروع الامثلة في التعايش السلمي مع الاخرين
                            أما قضية اللحية فاعود واكرر أنها سنة وأنا لست ضد اصحاب اللحى أختي... إنما أردت بذكرها بيان ان من الناس من تمسك بشكليات الاسلام وترك جوهره ..
                            أنا أتمنى من كل قلبي ان تقوم لنا دولة إسلامية تُحكّم فينا شرع الله ..أنا لست مع الراسمالية ولا مع الشيوعية بل مع الاسلامية الصحيحة.
                            أشكرك اختي مرة أخرى على صراحتك وغيرتك ، وارحب بك اختاً كريمه ولا تتردي في قول الحق ابداً ... وأسلم لاخيك

                            تعليق


                            • #15
                              حصل خير أخواتي إن شاء الله .. ونحن هنا لنتعلم من بعضنا .. والتعلم يكون بالحوار الهادي البنّاء إن شاء الله.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة مروان1400, يوم أمس, 06:43 PM
                              ردود 0
                              5 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مروان1400
                              بواسطة مروان1400
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-07-2025, 10:09 PM
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-07-2025, 10:03 PM
                              ردود 0
                              5 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 18-09-2022, 01:45 AM
                              ردود 2
                              101 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 25-09-2020, 12:22 AM
                              ردود 5
                              243 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X