إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    عميد المنبر الشيخ المهاجر يحث على الشعائر الحسينية .

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
    عميد المنبر الشيخ المهاجر يحث على الشعائر الحسينية .
    http://www.youtube.com/watch?v=UYbBIChYOic
    ومع السلامة.

    تعليق


    • #47
      المرجع الشيرازي: كل من يقف في وجه الشعائر الحسينية ويحاربها فهو على خط يزيد

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      المرجع الشيرازي: كل من يقف في وجه الشعائر الحسينية ويحاربها فهو على خط يزيد
      بمناسبة ليلة الحادي عشر من محرم الحرام والتي تسمى بليلة (الوحشة) ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله كلمة حول مصاب مولانا سيد الشهداء الإمام الحسين سلام الله عليه بجموع المعزّين في بيته المكرم بمدينة قم المقدسة يوم السبت مساءً الموافق للعاشر من محرم الحرام 1429 للهجرة، إليكم نصّها الكامل:
      بسم الله الرحمن الرحيم
      عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بمولانا وسيدنا الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، وجعلنا الله وإيّاكم من الطالبين بثاره مع ولده مولانا الإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه.
      عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى الحسين بن عليّ عليهما السلام وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً»(1).
      وكان الإمام الحسين عليه السلام آنذاك صبيّاً دون السابعة؛ لأنه كان في السابعة من العمر يوم استشهاد جدّه النبي صلى الله عليه وآله.
      في هذه الرواية ثلاث كلمات يجدر الوقوف عندها والتأمّل فيها، وهي «الحرارة» و«قلوب المؤمنين» و«لا تبرد أبداً».
      1. أمّا «الحرارة» فالمقصود بها ههنا حرارة القلب وهي الحرقة واللوعة، بقرينة قوله صلى الله عليه وآله «في قلوب المؤمنين». فكما يكون قلب الثكلى وكلّ من فقد عزيزاً غالياً، ملتاعاً محترقاً، فهكذا قلب المؤمن فيه حرارة أي لوعة وحرقة على مقتل الإمام الحسين عليه السلام. فهنيئاً لمن كانت هذه الحرارة في قلبه، وتبّاً لمن ليست له هذه الحرارة.
      ثم إنّ هذه الحرارة على مراتب ودرجات، فلننظر كم فينا منها، فلقد وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم «درجات عند الله».
      2. وقيّد النبي صلى الله عليه وآله هذه الحرارة بأنّها «في قلوب المؤمنين»، فلنمتحن إيماننا، لأن النبي صلى الله عليه وآله يقول إن من كان مؤمناً أحسّ هذه الحرارة في قلبه لقتل الإمام الحسين عليه السلام.
      كما أنه لا قيمة لهذه الحرقة بلا إيمان، فلقد قيل إن عمر بن سعد بكى أيضاً يوم عاشوراء عندما رأى الإمام الحسين عليه السلام يُقتل، فهل ينفعه بكاؤه؟ كما قيل إن أحد الظلمة سحب الأقراط من أذني إحدى يتامى الإمام الحسين عليه السلام في عصر العاشر من المحرم وكان يفعل ذلك ويبكي، فهل ينفع مثل هذا البكاء؟ كلا بالطبع.
      3. قال النبي صلى الله عليه وآله عن هذه الحرقة أنها «لا تبرد أبداً».
      أي إن هذه الحرقة لا تبرد حتى اللحظة التي يوافينا فيها ملك الموت لقبض أرواحنا، جعلنا الله ممن لا تبرد قلوبهم آناً حتى تلك اللحظة.
      من الأقوال الخاطئة: كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.
      فلا يمكن توجيه هذا القول أبداً؛ لأنه يعارض أقوال المعصومين عليهم السلام من أنه: لا يوم كيوم الإمام الحسين عليه السلام.
      لقد افتخرت مكة وقالت من مثلي؟ وأية بقعة امتازت بما امتازت به الكعبة لقالت الشيء نفسه، فهي أمّ القرى، ومن هنا لقّب النبي صلى الله عليه وآله بالأمي أي المكّي، لأن مكة أم القرى.
      أقول: لقد افتخرت الكعبة بنفسها فقط ولم تقل إنها أفضل من كربلاء، فجاءها الخطاب من الله تعالى أن اسكتي، لولا كربلاء لما خلقتك.(2) كما خاطب الله تعالى آدم قائلاً: لولا محمد لما خلقتك.(3)
      إن هذه الرواية التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وآله (ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً) تؤكد ـ كما الروايات الكثيرة الأخرى ـ خصوصية الإمام الحسين عليه السلام وقضاياه وتميّزه وتميّز قضاياه (صلوات الله عليه) على سائر المعصومين حتى الذين هم أفضل منه وهم جدّه وأبوه وأمه وأخوه، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
      - لقد كان النبي صلى الله عليه وآله بلا شكّ أفضل من الحسين عليه السلام؟ وقد استشهد أيضاً، كما روى الخاصة والعامّة، ولكنه صلى الله عليه وآله لم يقل: إن لقتلي حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً.
      - وهكذا الصديقة الزهراء عليه السلام التي كانت أفضل من ابنها الإمام الحسين عليه السلام استشهدت بذلك النحو المأساوي؛ فلم تكن عليها السلام مريضة وكانت في مقتبل عمرها، وقال النبي صلى الله عليه وآله في فضلها وعظمتها ومكانتها عنده وعند الله ما قال، ولكنه لم يقل إن لقتلها حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً.
      - ألم يكن الإمام علي عليه السلام أفضل من الإمام الحسين عليه السلام واستشهد هو أيضاً؟
      وما أعظم المصائب التي تلت استشهاده! لقد أعقب استشهاده عليه السلام حلول آلاف المصائب على الشيعة والمسلمين والبشرية جميعاً، فلقد قتل معاوية بن أبي سفيان في واقعة واحدة بعد استشهاد الامام أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثين ألفاً من الشيعة، ومهما يقل المرء عن معاوية وأمثاله فهو قليل، وكان النبي صلى الله عليه وآله يعلم بذلك وبما سيجري بعده على الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنه لم يقل: إن لقتل علي حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً.
      - وهكذا الإمام الحسن عليه السلام، فهو في عقيدتنا أفضل من الإمام الحسين عليه السلام واستشهد أيضاً، ولم يكتفوا بقتله بدسّ السم إليه بل رموا جنازته بالسهام ومنعوا من دفنه عند جدّه صلى الله عليه وآله، وكانت مصيبته عظيمة أيضاً، ولكن مع ذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وآله: «إن لقتل الحسن حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» كما قال في حق أخيه الإمام الحسين عليه السلام.
      إنّ ذكر مصاب الإمام الحسين بدأ من الله تعالى وجبرئيل ثم آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وجميع الأنبياء والمرسلين والملائكة؛ فكم رواية وردت عن حادثة كربلاء وجاء فيها عبارة الرسل والأنبياء!
      أجل إن مصابنا بالنبي صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين والصديقة فاطمة الزهراء والامام الحسن عليهم السلام وهكذا سائر الأئمة من ولد الإمام الحسين عليهم السلام عظيمة نقيم فيها التعازي ونقترب بها إلى الله تعالى، إلا أنّ الإمام الحسين عليه السلام استثناء. فتضحياته استثنائية، وما عمله الله معه استثناء أيضاً، وتعازيه استثنائية وكل ما يتعلق به استثناء.
      انظرو إلى الأحكام الفقهية، فقدّيسو الفقهاء ومن هم في الدرجة الأولى من الناحية العلمية والقرب من الله وأهل البيت عليهم السلام ومن تشرّف منهم بلقاء الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ذكروا استثناءات في الأحكام الفقهية للإمام الحسين وقضاياه، وهذه ليست من عند أنفسهم بل مستندة إلى الروايات عن المعصومين عليهم السلام.
      إن فقهنا عريق وأصيل، عمل عليه آلاف المتخصصين ملايين الساعات. راجعوا موسوعة الفقه للمرحوم الأخ أعلى الله درجاته, وهكذا جواهر الكلام لصاحب الجواهر، ومستند الشيخ النراقي وذرايع الأعسم ومبسوط الشيخ الطوسي وغيرها من الكتب الفقهية المفصلة وانظروا ماذا يقولون في الإمام الحسين عليه السلام وماذا يقولون في غيره.
      فكم من حكم يذكرون أنه حرام إلا للإمام الحسين ـ كأكل الطين فإنه حرام لكن تناول حبة من تربة الحسين فيها الشفاء ـ أو مكروه إلا للإمام الحسين عليه السلام ـ كلبس السواد ـ.
      وهذا لا يعني أن نحرّم حلال الله للإمام الحسين عليه السلام أو نحرّم حلال الله، حاشا، فكلا هذين الأمرين ـ تحريم حلال الله وتحليل حرام الله ـ خزي ويستتبع عذاباً، بل إن الإمام الحسين عليه السلام استشهد من أجل أحكام الله تعالى، لكن الله تعالى أعطى للإمام الحسين عليه السلام امتيازات لم يعطها حتى لمن هم أفضل منه، ومن تلك الامتيازات أن الحرقة عليه لا تبرد في قلوب المؤمنين أبداً.
      فلو قيل: متى تنتهي مجالس العزاء على الإمام الحسين عليه السلام؟
      فإن الجواب: إنها لا تنتهي أبداً.
      مثال آخر - والأمثلة في هذا المجال كثيرة - ما روي عن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال: «من علامات المؤمن خمس» وعدّ إحداها: زيارة الأربعين.(4) أي زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم أربعينه.
      ونعيد السؤال المتقدم: ولماذا لم يعدّ الإمام عليه السلام زيارة النبي في يوم أربعينه من علامات المؤمن؟ أليس هو أفضل منه؟ وهكذا أبوه وأمه وأخوه؟
      والجواب هو الجواب: إن الحسين عليه السلام وقضاياه استثناء.
      لا شك أنه لا مانع من أن يزار النبي أو سائر المعصومين عليهم السلام في أيام أربعينهم أي بعد مرور أربعين يوماً على ذكرى استشهادهم، ولكن لم يرد في ذلك أنه من علامات المؤمن.
      وهكذا يكون يوم عاشوراء خالداً لا ينتهي أبداً. فلا يوم كعاشوراء ولكن عاشوراء باقٍ على مدى الأيام.
      ولا بقعة ككربلاء ولكن قضية كربلاء تحيى في كل مكان؛ ليس في الأرض وحدها بل حتى في السماوات؛ فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «والذي بعثني بالحق نبياَ إن الحسين بن علي - عليهما السلام - في السماء أكبر منه في الأرض»(5).
      كم من الأحداث طيلة السنة ترتبط بالإمام الحسين عليه السلام؟ ولقد وفّق الله تعالى بعض الشيعة لنقل هذه الوقائع عبر الفضائيات.. ولكنها قليلة جداً، فاسعوا لأن تكون هذه الشعائر عالمية، فالعالم لا يعرف كثيراً عن الإمام الحسين عليه السلام ولو عرف لتغيّر. لقد تغيّر الآلاف من اليهود والنصارى والزرادشت ومن أبناء العامة على مرّ التاريخ وتشيّعوا واهتدوا بسبب الإمام الحسين عليه السلام. كما يهتدي سنوياً الكثيرون في الهند التي يشكّل الوثنيّون نسبة كبيرة منها، ويسعى بعض المؤمنين لجمع هذه الأرقام وطبعها.
      إن الحزن على مقتل الإمام الحسين عليه السلام سيستمر حتى يوم القيامة، بل حتى في ذلك اليوم، لأن أعمال العباد ستتجسم يوم القيامة، فهناك تتجسد كل صلاة وصيام وعبادة وهكذا معصية وظلم وعدوان وعلى الدرجة التي كانت فيها في هذه الدنيا. ومن الأعمال التي ستتجسّد قضية أبي عبد الله الحسين عليه السلام فيطّلع عليها كل أهل المحشر.
      روى بأسانيد معتبرة أن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة عليها السلام قبة من نور وأقبل الحسين صلوات الله عليه رأسه في يده فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مؤمن إلا بكى لها...».(6)
      وفي حديث آخر: «وإنها لتشهق شهقةً لا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا مؤمن إلا بكى لبكائها».(7)
      من المعروف أن من عنده همّ أو مصيبة يتنفس بحرقة، فهو يحبس أنفاسه ثم يخرج نفساً عميقاً، فإذا كانت المصيبة عظيمة خرج النفس مقروناً بصوت، وكلما كانت المصيبة أثقل كان الصوت أعظم، ويقال للنفس مع الصوت زفرة، وإن كان الصوت عالياً قيل لهذا التنفس شهقة، وأحياناً قد يموت الشخص في تلك الشهقة إن لم يتدارك.
      إن الإمام الصادق عليه السلام يقول عن الزهراء عليها السلام في يوم القيامة عندما ترى ما جرى على ولدها إنها لتشهق. واللام هنا لام القسم يوتى بها للتوكيد، أي: والله إنها تشهق.
      فلماذا تفعل الزهراء عليها السلام ذلك، أليس الحسين عليه السلام عندها الآن؟ أ لم تنته القضية؟ لا لم تنته، رغم هذه السنين التي لا يعلم إلا الله كم ستبلغ حتى يوم القيامة، وربما بلغت الملايين.
      فيضجّ المحشر ضجّة واحدة لأنّ 124 ألف نبي والملائكة الذين لا يعلم عددهم إلا الله تعالى كلهم يبكون لبكائها عليها السلام، وكذا جميع المؤمنين.
      يقول الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه في زيارة الناحية المقدسة: «ولطمت عليك الحور العين».
      أفليست الجنة مكاناً لا حزن فيها، فلماذا إذن يبكى فيها على الحسين عليه السلام وتلطم عليه الحور العين؟
      نقول: إن هذا أيضاً من الاستثناءات التي خصّ الله بها الإمام الحسين عليه السلام، وهكذا أراد الله تعالى.
      في هذه المناسبة أودّ الإشارة إلى مسألة لنكون منتبهين حذرين نتعامل مع القضايا الحسينية بجدية أكبر ولا نتهاون فيها، ونسعى للاستفادة من فرصة الحياة الدنيا. ألخّص المسألة وأذكر لها مثالين.
      أما المسألة فهي أنّ قضية عاشوراء لا تتوقف عند أحداث سنة 61 للهجرة حيث وقعت الجريمة النكراء، بل إنها ممتدة مكاناً وزماناً عبر الصراع بين السائرين على خطّ الإمام الحسين ومحيي شعائره ومقيمي عزائه وزائريه ومحبّيه والمضحّين في سبيله وقضاياه، وخط يزيد وكل من يقف في وجه هذه الشعائر ويحاربها ويحاول طمس اسم الإمام الحسين عليه السلام.
      وقبل ذكر المثالين لابد لي من التنبيه على أمرين:
      الأول: قد لا يكون الشخص من أتباع يزيد ولا يكون فاسقاً بل قد يكون مؤمناً ولكن تصيبه الغفلة أو الجهل أو سوء التقدير فيقوم بعرقلة الشعائر أو معارضتها بدرجة وأخرى، فهذا أيضاً ينبغي له الحذر، لأنّ الوقوف في وجه قضايا أبي عبد الله مهما كان بسيطاً أو بدرجة صغيرة، يكلف صاحبه الكثير دنيوياً وأخروياً.
      الثاني: إن هناك آثاراً تكوينية لبعض الذنوب لا تزول وإن تاب الشخص وتخلّص من آثارها الشرعية والأخروية والعقاب الإلهي، وهذا أيضاً يضاعف من ضرورة الحذر من الوقوع فريسة إغواءات الشيطان في هذا الطريق، لأن محاربة من يسيرون في هذا الطريق فيها من الآثار التكوينية ما ليس في غيرها.
      أما المثال الأول على ما ذكرنا فالحر بن يزيد الرياحي، فإنه عمل عملاً سيئاً جداً ثم عمل بعد ذلك عملاً حسناً لتلافيه، وكان عمله السيئ أكبر ولكن لم يكن بإمكانه أن يلافيه بأكثر مما قدّم، وقد قبل الله توبته وعفا عنه الإمام الحسين عليه السلام ونال درجة الشهادة مع الإمام الحسين عليه السلام واختار الجنة على النار بلا شك ولا ريب بل بلغ الدرجات العليا في الجنة، ولكن مع ذلك كان لموقفه السيئ أولاً آثاره وثمنه كما سأوضّح بعض ذلك.
      لقد أخطأ الحر خطأين؛ الأول أنه ـ كما قال ـ أول من جعجع بالإمام عليه السلام وأصحابه الطريق ولذلك طلب من الإمام الحسين عليه السلام أن يكون أول شهيد بين يديه، وهكذا كان.
      الثاني: أنه وخلال 8 ـ 10 أيام (بعضها وحده مع من تحت إمرته، وبعضها بمعية عمر بن سعد مع الجيوش القادمة معه) أرعب قلوب نساء وأطفال أهل البيت عليهم السلام، وكما قال هو أيضاً: «اللهم إني أرعبت قلوب أوليائك»، فدفع لذلك ثمنه التكويني؛ لأن من يرعب مؤمناً ـ فكيف بأهل البيت عليهم السلام ـ فلذلك أثر تكويني وإن تاب عن فعلته واعتذر إلى من أرعبه وحصل على عفوه وصفحه.
      لذلك أقول لكم ـ وأخص الشباب ـ حذار حذار من أن ترعبوا أحداً من المؤمنين لا سيما المعزّين ومقيمي شعائر الإمام الحسين عليه السلام. فمن قام بذلك فالويل ثم الويل بل الملايين من الويل له، وهو قليل أيضاً.
      وقبل أن أبيّن بعض الثمن الذي دفعه الحر على موقفه وإرعابه أهل البيت عليهم السلام لابد لي من بيان عظمة الحر بعد توبته والمقام الذي بلغه، لأن من تاب تاب الله عليه، فكيف إذا استشهد بين يدي الامام الحسين عليه السلام.
      لقد ذكر الامام الحسين عليه السلام اسم أمّ الحرّ مرتين؛ مرة قال له: «ثكلتك أمك ما تريد؟ فقال له الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناَ من كان ولكن والله ما لي من ذكر أمّك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه ... ».(8)
      ومرة مدحها حينما قال: «أنت الحرّ كما سمتّك أُمّك وأنت الحرّ في الدنيا وأنت الحرّ في الآخرة»(9).
      فهذه الروح الحرّة هي التي أنقذت الحرّ آخر الأمر.
      فلنتعلم من الحرّ وقبله من الأئمة الاطهار والعلماء الكبار، فنكون أحراراً لا نصدق بكل ما يقال لنا، بل نحكّم عقولنا ونختار الجنة على النار دائماً.
      وقد منح الامام الحسين عليه السلام الحرّ وسامين لم يمنحهما لأيّ من شهداء الطف وهما:
      الوسام الأول: العصابة التي شدّ بها رأسه عندما جلس عنده قبيل استشهاده؛ مع أنّ الإمام جلس عند رؤوس كل الشهداء وكلهم جرحوا في رؤوسهم أو غيرها، لكن لم يفعل الإمام ذلك مع أي شهيد سوى الحرّ، وهذا لا شك وسام معنويّ عظيم.
      الوسام الثاني: ما أورده الصدوق في الآمالي منسوباً للإمام عليه السلام من أشعار قالها في حقّه عندما حضره بعد سقوطه، والتي يقول فيها:
      لنعم الحرّ حرّ بني رياح...(10)
      ولم يسمع أن الامام عليه السلام قال شعراً في حق أيّ من أنصاره في موقف مشابه.
      أمّا الأثر الوضعي لإرعابه قلوب أولياء الله تعالى فكثيرة وهي حرمانه من مجموعة الفضائل التي حظي بها الشهداء رغم الوسامين اللذين منحهما. فمن ذلك:
      • لقد دفن الشهداء جميعاً عند رجلي الإمام عليه السلام بحيث إنهم يزارون كلما زاروا الإمام عليه السلام، أما الحرّ فقد دفن على بعد فرسخ من الإمام فحرم من هذه الفضيلة لا شك، وإن كان يُذكر من قبل المؤمنين الزائرين للإمام أحياناً، ولكن مهما يكن فهو لا يزار بعدد زيارات شهداء الطف الذين دفنوا عند مدفن الإمام الحسين عليه السلام.
      • لقد قطعت جميع الرؤوس بعد الحادثة إلا رأس الحر، فتدخّل قومه ومنعوا من احتزاز رأسه. وهذه فضيلة حرمها الحرّ أيضاً. فيوم تتجسد الأعمال ويأتي الشهداء مقطوعي الرؤوس، يكون الحر غير مقطوع الرأس أي دونهم في التضحية.
      • بقيت أجساد الشهداء كافة ثلاثة أيام ملقاة في صحراء كربلاء، إلاّ الحرّ فقد أخذته قبيلته ودفنته فوراً، فحرم من هذه الفضيلة أيضاً.
      • ثم من صلّى على الحرّ؟ لقد صلّى الإمام زين العابدين عليه السلام أو من كلّفه على شهداء كربلاء، أما الحرّ فأخذه قومه وصلّى أحدهم عليه، وكانوا من صفوف المعسكر المعادي للإمام عليه السلام، فإن لم يكن من صلّى عليه من قتلة الإمام فلقد كان من معسكر ابن زياد على كل حال.
      • كما أن النص الذي يزار به الحرّ ليس كالنصّ الذي يزار به الشهداء وهم يزارون في كل المناسبات التي يزار بها الإمام سواء كان من قرب أو من بعد.
      إن في هذا لدروساً لمن يعرقل الشعائر ودعوة له للإسراع بالتوبة قبل أن يبتلى بأمور لا يزول أثرها التكويني.
      ولا يقال إن الواقعة ليست نفسها، فإن الامتحان نفسه، فمن ينصر الشعائر فهو من أنصار الحسين عليه السلام ومن يخذلها فإنما يخذل الإمام عليه السلام أيضاً. ولكن مع ذلك سأذكر لكم مثالاً عن إيذاء من يقيم الشعائر؛ وهو المثال الثاني:
      جاء في كتاب «دار السلام» للمرحوم النوري ما مضمونه:
      إن أحد الأشخاص ـ وكان من المؤمنين الشيعة ولم يكن فاسقاً ولا من أعداء أهل البيت عليهم السلام ـ تجاسر في إحدى السنوات في اليوم الثامن من المحرم، على الملا فتح علي السلطان آبادي، وكان التجاسر بسبب إصرار الأخير على شعائر الإمام الحسين عليه السلام فقد تحمل كثيراً في هذا الطريق وتحمّل تجاسر ذلك الشخص في هذا السبيل ولم يقل له شيئاً. وعندما ذهب الشخص المتجاسر إلى بيته وبعد أن انتصف الليل طرقت باب الشيخ السلطان آبادي، وكان أهل الشخص المتجاسر قد جاءوا يطلبون من الشيخ أن يصفح عن أبيهم، لأنه أصبح في حالة سيئة وأنه أدرك أن ذلك بسبب إساءته للشيخ وأنه الآن يتلوّى من الألم، فذهب إليه الشيخ وعفا عنه ثم عاد إلى بيته، ولكن ذلك الشخص مات قبل أن يصبح الصباح.
      فهل كان المتجاسر من أعداء الإمام ومن الذين حاربوه في كربلاء؟ أم كان الشيخ من عائلة الحسين أو أصحابه؟ ثم ألم يصفح الشيخ عن الشخص؟
      الجواب: إن ذلك الشخص عندما استغفر وطلب صفح الشيخ وعفا عنه، عفى الله عنه، ولكن حيث إنه آذاه بسبب قضايا الإمام الحسين عليه السلام نال عقوبته التكوينية في الدنيا، ولم يفلت منها، كما أدرك ذلك الجميع ومنهم الشخص نفسه وعائلته والشيخ النوري الذي روى الواقعة وكل من اطلع عليها.
      أسأل الله تعالى ببركة سيد الشهداء عليه السلام أن يشملنا بلطفه ولا يحرمنا من السير في طريق الإمام الحسين وأن يجنّبنا من الوقوع في طريق عرقلة الشعائر الحسينية أو إرعاب من يقوم بها. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
      ====
      المصادر:
      (1) مستدرك الوسائل ج10 ص318 ح13 رقم 12084.
      (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ أَرْضَ الْكَعْبَةِ قَالَتْ مَنْ مِثْلِي وَقَدْ بُنِيَ بَيْتُ اللَّهِ عَلَى ظَهْرِي يَأْتِينِي النَّاسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ وَجُعِلْتُ حَرَمَ اللَّهِ وَأَمْنَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا كُفِّي وَقِرِّي مَا فَضْلُ مَا فُضِّلْتِ بِهِ فِيمَا أُعْطِيَتْ أَرْضُ كَرْبَلَاءَ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَةِ غُمِسَتْ فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَتْ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ وَلَوْ لَا تُرْبَةُ كَرْبَلَاءَ مَا فَضَّلْتُكِ وَلَوْ لَا مَنْ ضَمَّتْهُ كَرْبَلَاءُ لَمَا خَلَقْتُكِ وَلَا خَلَقْتُ الَّذِي افْتَخَرْتِ بِهِ فَقِرِّي وَاسْتَقِرِّي وَكُونِي ذَنَباً مُتَوَاضِعاً ذَلِيلًا مَهِيناً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ لِأَرْضِ كَرْبَلَاءَ وَإِلَّا مَسَخْتُكِ وَهَوَيْتُ بِكِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
      أفيمكن بعد هذا أن يقال: كلّ يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء؟! وسائل‏ الشيعة ج : 14 ص : 515 رقم 9720.
      (3) فقد روي عن أخطب خوارزم وهو من أعظم مشايخ أهل السنة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس، فقال: الحمد لله، فأوحى الله تعالى: حمدني عبدي، وعزتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدنيا لما خلقتك. قال: إلهي أ فيكونان منّي؟ قال: نعم يا آدم ارفع رأسك وانظر، فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش (لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة، من عرف حق علي زكا وطاب، ومن أنكر حقه لعن وخاب، أقسمت بعزّتي وجلالي أن أدخل الجنة من أطاعه وإن عصاني، وأقسمت بعزتي وجلالي أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني. ارشاد القلوب ج2 ص210.
      (4) رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع أَنَّهُ قَالَ عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ صَلَاةُ الْخَمْسِينَ وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ وتَعْفِيرُ الْجَبِينِ وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. تهذيب الاحكام ج5 ص52 ح37.
      (5) مستدرك الوسائل ج5 ص87 ح28 رقم 5407.
      (6) بحارالأنوار ج : 43 ص : 222.
      (7) وإن فاطمة ع إذا نظرت إليهم ومعها ألف نبي وألف صديق وألف شهيد ومن الكروبيين ألف ألف يسعدونها على البكاء وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السماوات ملك إلا بكى رحمة لصوتها (كامل‏الزيارات ص86 الباب السابع والعشرون بكاء الملائك).
      (8) بحارالأنوار ج44 ص376 باب 37- ما جرى عليه بعد بيعة الناس.
      (9) المصدر نفسه/ ج45/ بقية الباب 37/ ص 14.
      (10) الإرشاد/ للمفيد/ الجزء 2/ ص14.

      ومع السلامة.

      تعليق


      • #48
        تصميم عاشوراء الإمام الحسين (ع) ؛؛

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
        تصميم عاشوراء الإمام الحسين (ع) ؛؛

        ومع السلامة.

        تعليق


        • #49
          لماذا نحزن ونبكي على رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) مع أنهم في الجنة؟

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

          لماذا نحزن ونبكي على رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) مع أنهم في الجنة؟
          أولا لا شك أن جميع الأئمة الأطهار وسيدنا الإمام الحسين عليه السلام هم في الجنة، لكن ذلك لا يمنع من البكاء عليهم لفقدنا إياهم ولاستذكار حياتهم وتضحياتهم واستلهام الدروس والعبر والتعاليم من سيرهم المشرقة، فالحزن والبكاء رحمة كما قال النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
          وأنت بهذا الإشكال تطعن من حيث لا تدري بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم! لأنه ثبت أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حزن وبكى على عمّه حمزة (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على ابن عمّه جعفر الطيار (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على ابنه إبراهيم (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على كثير من شهداء المسلمين الصالحين مع أنهم بلا شك في الجنة!
          وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر أحيانا المسلمين بأن يبكون إذا رآهم لا يبكون ويشجعهم على ذلك! فقال معاتبا المسلمين: ”ولكن حمزة لا بواكي له“ فأخذ المسلمون بتجهيز حلقات العزاء والبكاء عليه سلام الله عليه. (راجع مسند أحمد ج2 ص40 والاستيعاب ج1 ص275 وغيرهما).
          وكذلك أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يبكي المسلمون على جعفر الطيّار (عليه السلام) فقال: ”على مثل جعفر فلتبك البواكي“. (أنساب الأشراف ص43).
          بل إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حزن وبكى على سبطه الإمام الحسين (عليه السلام) حتى قبل أن يستشهد ويذهب إلى الجنة! كما رواه المخالفون في مصادر عديدة منها ما أخرجه الحاكم ”عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووضعت الحسين عليه السلام في حجره، ثمّ حانت منها التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهريقان من الدموع! فقالت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبرئيل عليه السلام فأخبرني أن أمّتي ستقتل ابني هذا! فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء“. (أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ( 3 / 176 ) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأخرجه الحاكم أيضاً في ص 179، وأخرجه الحافظ البيهقي في دلائل النبوة، وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام، وأخرجه الحافظ الخوارزمي ( 1 / 158 ـ 159 و 162).
          وكذلك ما أخرجه البيهقي ”عن أسماء بنت عميس قالت: حبلت فاطمة بالحسن والحسين... فلما ولد الحسين جاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أسماء هاتِ ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثمّ وضعه في حجره وبكى! قالت أسماء: فقلت: فداك أبي وأمي ممّ بكاؤك؟ قال: على ابني هذا قلت: إنه ولد الساعة! قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي. ثمّ قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبـة عهد بولادتـه“. (أخرجه الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، والحافظ أبو المؤيّد الخوارزمي خليفة الزمخشري في مقتل الحسين (1 / 87 ـ 88 )، وذكره الحافظ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 119، وأخرجه السيّد محمود الشيخاني المدن في الصراط السوي).
          ونحن المسلمون نقتدي برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنبكي على الحسين وعلى أهل بيت النبي (عليهم الصلاة والسلام) مع أننا نعلم كما كان هو (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم أنهم جميعا في الجنة وأحياء عند ربهم يرزقون، ولكننا نبكي على فقدنا لهم ونستذكر تضحياتهم فيكون لهذا أعظم الأثر في زيادة إيماننا وتقوية ديننا فهذه المنابر الحسينية تعتبر مدارس دينية علمية تنشر رسالة الإسلام في كل مكان.
          ونسألكم الدعاء.

          تعليق


          • #50
            :: صور وتواقيع عن أبو الفضل العباس عليه السلام ::

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
            :: صور وتواقيع عن أبو الفضل العباس عليه السلام ::






            ومع السلامة.

            تعليق


            • #51
              زيارة أبا الفضل العباس (ع) المختصره

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              زيارة أبا الفضل العباس (ع) المختصره
              السَّلامُ عَلَيكَ أيَّها العَبـدُ الصالِحِ المُطيعُ لله ولرسُولِهِ ولأَميرِ المؤمِنين والحَسَن والحُسـينِ صَلّـى اللهُ عَلَيهم وسَلَّم ، السلامُ عليكَ ورَحَمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ ومَغفرَتُهُ ورضوانُهُ وعلى رُوحِك وبَدَنِكَ ، أشهدُ وأشهِدُ الله أَنَّك مَضيتَ على ما مَضى بهِ البدريّونَ والمجاهدونَ في سَبيل الله ، المناصِحوُن لَهُ في جِهادِ أعِدائهِ المُبالِغونَ في نُصرَةِ أوليائهِ الذّابّونَ عن أحبّائهِ ، فجزاكَ اللهُ أفضل الجزاء وأكثرَ الجزاء وأوفرَ الجزاء وأوفى جزاء أحـد ممِّن وفى ببيعَتِهِ واستَجابَ لهُ دَعوَتَهُ وأطاعَ ولاةَ أمِرِه ، أشَهِدُ أنّكَ قد بالغَتَ في النصيحَةِ وأعطيتَ غايَةَ المجهُودِ فبَعثَك اللهُ فـي الشُهِدِاء وجَعَلَ رُوحَك مَع أرواحِ السُّعداء وأعطاك من جنانهِ أفسحَها منـزلاً وأفضَلها غُرَفاً ورفَـعَ ذِكرَكِ فـي عليين وحَشَرَك مع النبييّن والصدّيقين والشهداءِ والصالِحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً ، أشهدُ أنّك لـم تَهن ولم تنكُل وأنَّكَ مَضِيتَ علـى بصيرَةٍ من أمرِك مقتدياً بالصالحين ومُتَّبعاً للنبييّن، فَجَمَعَ اللهُ بينَنا وبينَك وبين رسُوله وأوليائهِ في منازِل المخُبتين ، فإنّه أرحم الراحمين.
              ومع السلامة.

              تعليق


              • #52
                حصرياً: شذرات من سيرة أبو الفضل العباس عليه السلام

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف





                ((سيرة قمر بني هاشم العباس أبن أمير المؤمنين عليهما السلام))


                ولادته ونشأته:
                نسبه الوضاح | الأب | الأم | الوليد العظيم | سنة ولادته و تسميته و كنيته و ألقابه | ملامحه | تعويذ أم البنين له | مع أبيه | نشأته | انطباعات عن شخصيته


                وقبل أن أتحدّث عن ولادة أبي الفضل العباس (عليه السلام) و نشأته أعرض - بإيجاز - إلى نسبه الوضّاح، ذلك النسب الكريم الذي كان له الأثر التام في بناء شخصيته العظيمة، وتكوين سلوكه المشرّف القائم على الشرف والفضيلة وفيما يلي ذلك:


                نسبه الوضّاح:
                ليس في دنيا الأنساب نسب أسمى، ولا أرفع من نسب أبي الفضل فهو من صميم الأسرة العلوية، التي هي من أجلّ وأشرف الأسر التي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها، تلك الأسرة العريقة في الشرف والمجد، التي أمدّت العالم العربي والإسلامي بعناصر الفضيلة، والتضحية في سبيل الخير، وما ينفع الناس، وأضاءت الحياة العامة بروح التقوى، والإيمان، وهذا عرض موجز للأصول الكريمة التي تفرّع قمر بني هاشم، وفخر عدنان منها.


                الأب:
                أمّا الأب الكريم لسيّدنا العباس (عليه السلام) فهو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وباب مدينة علمه، وختنه على حبيبته، وهو أول من آمن بالله، وصدّق رسوله وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وهو بطل الإسلام، والمنافح الأول عن كلمة التوحيد، وقد قاتل الأقربين والأبعدين من أجل نشر رسالة الإسلام وإشاعة أهدافه العظيمة بين الناس، وقد تمثلت بهذا الإمام العظيم جميع فضائل الدنيا، فلا يدانيه أحد في فضله وعلمه، وهو - بإجماع المسلمين - أثرى شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، وهو غنّي عن البيان والتعريف، فقد استوعبت فضائله ومناقبه جميع لغات الأرض… ويكفي العباس شرفاً وفخراً أنّه فرع من دوحة الإمامة، وأخ لسبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله).


                الأم:
                أمّا الأم الجليلة المكرّمة لأبي الفضل العباس (عليه السلام) فهي السيدة الزكية فاطمة بنت حزام بن خالد..، وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الأضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة، وقد اشتهر جماعة بالنبل والبسالة منهم:


                1- عامر بن الطفيل:


                وهو أخو عمرة الجدة الأولى لأمّ البنين، وكان من ألمع فرسان العرب في شدّة بأسه، وقد ذاع اسمه في الأوساط العربية وغيرها، وبلغ من عظيم شهرته أن قيصر إذا قدم عليه وافد من العرب فإن كان بينه وبين عامر نسب عظم عنده، وبجّله وأكرمه، وإلا أعرض عنه.


                2- عامر بن مالك:


                وهو الجدّ الثاني للسيّدة أمّ البنين، وكان من فرسان العرب وشجعانهم ولقّب بملاعب الأسنّة لشجاعته الفائقة، وفيه يقول الشاعر:


                يـــلاعب أطـراف الأسـنة عامر فــراح لــــه حظّ الكتائب أجمع


                وبالإضافة إلى شجاعته فقد كان من أباة الضيم، وحفظة الذمام ومراعاة العهد، ونقل المؤرّخون عنه بوادر كثيرة تدلّل على ذلك.


                3- الطفيل:


                وهو والد عمرة الجدّة الأولى لأمّ البنين كان من أشهر شجعان العرب، وله أشقّاء من خيرة فرسان العرب، منهم ربيعة، وعبيدة، ومعاوية، ويقال لأمّهم (أمّ البنين) وقد وفدوا على النعمان بن المنذر فرأوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان عدوّاً وخصماً لهم، فاندفع لبيد وقد تميّز من الغيظ فخاطب النعمان:


                يـــا واهـب الخير الجزيل من سعة نحــــن بـــــنو أمّ البــــنين الأربـعة


                ونحن خــــير عــــامر بن صعصعة المطـــــعمون الجــــفنة المـدعدعة


                الـــضاربون الهام وســط الحيصعة إليــــك جــــاوزنا بــــلاداً مســـبعة


                تخــبر عــــن هــــذا خبيراً فاسمعه مهــــلاً أبـــيت الـــلعن لا تأكل معه


                فـتأثّر النعمان للربيع، وأقصاه عن مسامرته، وقال له:
                شـــرّد برحلك عنّي حيث شئت ولا تكثر علـــيّ ودع عــــنك الأبــاطيلا


                قد قيـــــل ذلــــك إن حــقاً وان كذبا فــــما اعـــتذارك في شيء إذا قيلا


                ودلّ ذلك على عظيم مكانتهم، وسموّ منزلتهم الاجتماعية عند النعمان فقد بادر إلى إقصاء سميره الربيع عن مسامرته.


                4- عروة بن عتبة:


                وهو والد كبشة الجدّة الثانية لأم البنين، وكان من الشخصيات البارزة في العالم العربي، وكان يفد على ملوك عصره، فيكرّمونه، ويجزلون له العطاء، ويحسنون له الوفادة(1).


                هؤلاء بعض الأعلام من أجداد السيّدة الكريمة أمّ البنين، وقد عرفوا بالنزعات الكريمة، والصفات الرفيعة، وبحكم قانون الوراثة فقد انتقلت صفاتهم الشريفة إلى السيّدة أمّ البنين ثم منها إلى أبنائها الممجدين.


                قران الإمام بأمّ البنين:
                ولما ثكل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بوفاة بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله) وريحانته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليهماالسلام) ندب أخاه عقيلاً، وكان عالماً بأنساب العرب أن يخطب له امرأة قد ولدتها الفحول ليتزوّجها لتلد غلاماً زكياً شجاعاً لينصر ولده أبا الشهداء في ميدان كربلاء(2) فأشار عليه عقيل بالسيّدة أمّ البنين الكلابية فإنّه ليس في العرب من هو أشجع من أهلها، ولا أفرس، وكان لبيد الشاعر يقول فيهم: (نحن خير عامر بن صعصعة) فلا ينكر عليه أحد من العرب، ومن قومها ملاعب الأسنّة أبو براء الذي لم يعرف العرب مثله في الشجاعة(3)، فندبه الإمام إلى خطبتها، وانبرى عقيل إلى أبيها فعرض عليه الأمر فأسرع فرحاً إليها فاستجابت باعتزاز وفخر، وزفّت إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد رأى فيها العقل الراجح، والإيمان الوثيق وسموّ الآداب، ومحاسن الصفات، فأعزّها، وأخلص لها كأعظم ما يكون الإخلاص.


                •• رعايتها لسبطيّ النبيّ (صلى الله عليه وآله):


                وقامت السيّدة أمّ البنين برعاية سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيابها بفقد أمّهما سيّدة نساء العالمين فقد توفّيت، وعمرها كعمر الزهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.


                لقد كانت السيدة أم البنين تكنّ في نفسها من المودّه والحبّ للحسن والحسين (عليهما السلام) ما لا تكنّه لأولادها الذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.


                لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، على أبنائها في الخدمة والرعاية، ولم يعرف التاريخ أن ضرّة تخلص لأبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيّدة الزكيّة، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأن الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم، وهما وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وريحانتاه، وقد عرفت أمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.


                •• مكانتها عند أهل البيت عليهم صلوات الله:


                ولهذه السيّدة الزكية مكانة متميّزة عند أهل البيت (عليهم السلام)، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين (عليه السلام)، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيّد الشهداء (عليه السلام)، يقول الشهيد الأول وهو من كبار فقهاء الإمامية:


                (كانت أمّ البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت (عليهم السلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد..)(4).


                إنّ زيارة حفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله) وشريكة الإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته زينب الكبرى(عليهاالسلام) لأمّ البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السادة الطيبين من أبنائها، مما يدلّ على أهميّة أمّ البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت (عليهم السلام).


                •• مكانتها عند المسلمين:


                وتحتلّ هذه السيّدة الجليلة مكانة مرموقة في نفوس المسلمين، ويعتقد الكثيرون إلى أنّ لها منزلة عظيمة عند الله، وأنّه ما التجأ إليها مكروب، وجعلها واسطة إلى الله تعالى إلا كشف عنه ما ألمّ به من المحن والخطوب، وهم يفزعون إليها إن ألمّت بهم كارثة من كوارث الزمن أو محنة من محن الأيّام، ومن الطبيعي أن تكون لها هذه المنزلة الكريمة عند الله، فقد قدّمت في سبيله أفلاذ أكبادها، وجعلتهم قرابين لدينه.


                الوليد العظيم:
                وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس (عليه السلام)، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الأسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً ندياً عاطراً.


                وحينما بشّر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله، وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتقوى في الأرض، وأنشودة ذلك الصوت.


                (الله أكبر…).


                (لا إله إلا الله).


                وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الأنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل، وانطبعت في دخائل ذاته، حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.


                وفي اليوم السابع من ولادة أبي الفضل (عليه السلام)، قام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلق شعره، والتصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش، كما فعل ذلك مع الحسن والحسين (عليهما السلام) عملاً بالسنّة الإسلامية.


                سنة ولادته:
                أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العباس (عليه السلام) ولد سنة (26 هـ) في اليوم الرابع من شهر شعبان(5).


                تسميته:
                سمّى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وليده المبارك (بالعباس) وقد استشفّ من وراء الغيب أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لأهل البيت (عليهم السلام)، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء، ويقول الشاعر فيه:


                عبــست وجـوه القوم خوف الموت والعـــبّاس فــــيهم ضــاحك متبسّم


                كنيته:


                وكنّي سيّدنا العبّاس (عليه السلام) بما يلي:


                1. أبو الفضل:


                كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه الفضل، ويقول في ذلك بعض من رثاه:


                أبا الفضل يا مـــن أسّس الفضل والإبا أبى الفـــضل إلا أن تــــكون لــه أبا


                وطابقت هذه الكنية حقيقة ذاته العظيمة فلو لم يكن له ولد يسمّى بهذا الاسم، فهو - حقّاً - أبو الفضل، ومصدره الفياض فقد أفاض في حياته ببرّه وعطائه على القاصدين لنبله وجوده، وبعد شهادته كان موئلاً وملجأً لكل ملهوف، فما استجار به أحد بنيّة صادقة إلا كشف الله ما ألمّ به من المحن والبلوى.


                2. أبو القاسم:


                كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه (القاسم) وذكر بعض المؤرّخين أنّه استشهد معه يوم الطفّ، وقدّمه قرباناً لدين الله، وفداءً لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله).


                ألقابه:
                أمّا الألقاب التي تضفى على الشخص فهي تحكي صفاته النفسية حسنة كانت أو سيّئة، وقد أضيفت على أبي الفضل (عليه السلام) عدّة ألقاب رفيعة تنمّ عن نزعاته النفسية الطيبة، وما اتصف به من مكارم الأخلاق وهي:


                1.قمر بني هاشم:
                كان العبّاس (عليه السلام) في روعة بهائه، وجميل صورته آية من آيات الجمال، ولذلك لقّب بقمر بني هاشم، وكما كان قمراً لأسرته العلوية الكريمة، فقد كان قمراً في دنيا الإسلام، فقد أضاء طريق الشهادة، وأنار مقاصدها لجميع المسلمين.


                2. السقّاء:
                وهو من أجلّ ألقابه، وأحبّها إليه، أما السبب في إمضاء هذا اللقب الكريم عليه فهو لقيامه بسقاية عطاشى أهل البيت (عليهم السلام) حينما فرض الإرهابي المجرم ابن مرجانة الحصار على الماء، وأقام جيوشه على الفرات لتموت عطشاً ذرية النبيّ (صلى الله عليه وآله)، محرّر الإنسانية ومنقذها من ويلات الجاهلية… وقد قام بطل الإسلام أبو الفضل باقتحام الفرات عدّة مرّات، وسقى عطاشى أهل البيت، ومن كان معهم من الأنصار، وسنذكر تفصيل ذلك عند التعرّض لشهادته.


                3. بطل العلقمي:
                أمّا العلقمي فهو اسم للنهر الذي استشهد على ضفافه أبو الفضل العباس (عليه السلام)، وكان محاطاً بقوى مكثّفة من قبل ابن مرجانة لمنع ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنّة، ومن كان معه من نساء وأطفال من شرب الماء، وقد استطاع أبو الفضل بعزمه الجبّار، وبطولته النادرة أن يجندل الأبطال، ويهزم أقزام ذلك الجيش المنحطّ، ويحتلّ ذلك النهر، وقد قام بذلك عدّة مرّات، وفي المرّة الأخيرة استشهد على ضفافه ومن ثمّ لقّب ببطل العلقمي.


                4. حامل اللواء:
                ومن ألقابه المشهورة (حامل اللواء) وهو أشرف لواء، إنّه لواء أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد خصّه به دون أهل بيته وأصحابه، وذلك لما تتوفر فيه من القابليات العسكرية، ويعتبر منح اللواء في ذلك العصر من أهمّ المناصب الحسّاسة في الجيش وقد كان اللواء الذي تقلّده أبوالفضل يرفرف على رأس الإمام الحسين (عليه السلام) منذ أن خرج من يثرب حتّى انتهى إلى كربلاء، وقد قبضه بيد من حديد، فلم يسقط منه حتى قطعت يداه، وهوى صريعاً بجنب العلقمي.


                5. كبش الكتيبة:
                وهو من الألقاب الكريمة التي تمنح إلى القائد الأعلى في الجيش، الذي يقوم بحماية كتائب جيشه بحسن تدبير، وقوّة بأس، وقد أضفي هذا الوسام الرفيع على سيّدنا أبي الفضل، وذلك لما أبداه يوم الطفّ من الشجاعة والبسالة في الذبّ والدفاع عن معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد كان قوّة ضاربة في معسكر أخيه، وصاعقة مرعبة ومدمّرة لجيوش الباطل.


                6. العميد:
                وهو من الألقاب الجليلة في الجيش التي تمنح لأبرز الأعضاء في القيادة العسكرية، وقد قلّد أبو الفضل (عليه السلام) بهذا الوسام لأنّه كان عميد جيش أخيه أبي عبدالله، وقائد قوّاته المسلّحة في يوم الطفّ.


                7. حامي الضعينة:
                ومن الألقاب المشهورة لأبي الفضل (عليه السلام) (حامي الضعينة).


                يقول السيّد جعفر الحلّي في قصيدته العصماء التي رثاه بها:


                حـامي الضعينة أين منه ربيعة أم أيــــن مـــن عليا أبيه مكرم


                وانّما اضفي عليه هذا اللقب الكريم لقيامه بدور مشرّف في رعاية مخدرات النبوة وعقائل الوحي، فقد بذل قصارى جهوده في حمايتهنّ وحراستهنّ وخدمتهنّ، فكان هو الذي يقوم بترحيلهنّ، وأنزالهنّ من المحامل طيلة انتقالهنّ من يثرب إلى كربلاء.


                ومن الجدير بالذكر أن هذا اللقب أطلق على بطل من شجعان العرب وفرسانهم وهو ربيعة بن مكرم، فقد قام بحماية ظعنه، وأبلى في ذلك بلاءً حسناً(6).


                8. باب الحوائج:
                وهذا من أكثر ألقابه شيوعاً، وانتشاراً بين الناس، فقد آمنوا وأيقنوا أنه ما قصده ذو حاجة بنية خالصة إلا قضى الله حاجته، وما قصده مكروب إلا كشف الله ما ألمّ به من محن الأيام، وكوارث الزمان، وكان ولدي محمد الحسين ممن التجأ إليه حينما دهمته كارثة ففرّج الله عنه.


                إنّ أبا الفضل نفحة من رحمات الله، وباب من أبوابه، ووسيلة من وسائله، وله عنده الجاه العظيم، وذلك لجهاده المقدّس في نصرة الإسلام، والذبّ عن أهدافه ومبادئه، وقيامه بنصرة ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى استشهد في سبيله، هذه بعض ألقاب أبي الفضل، وهي تحكي بعض معالم شخصيته العظيمة وما انطوت عليه من محاسن الصفات ومكارم الأخلاق(7).

                تعليق


                • #53
                  ملامحه:
                  أمّا ملامحه فقد كان صورة بارعة من صور الجمال، وقد لقّب بقمر بني هاشم لروعة بهائه، وجمال طلعته، وكان متكامل الجسم قد بدت عليه آثار البطولة والشجاعة، ووصفه الرواة بأنه كان وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهم(8) ورجلاه يخطان في الأرض(9).

                  تعويذ أمّ البنين له:
                  واستوعب حب العباس قلب أمّه الزكيّة، فكان عندها أعزّ من الحياة، وكانت تخاف عليه، وتخشى من أعين الحسّاد من أن تصيبه بأذى أو مكروه، وكانت تعوذه بالله، وتقول هذه الأبيات:

                  أعيــــذه بـــــــالــــواحـد مــــن عــــين كلّ حاسد

                  قـــــائــــمـــهم والــقاعد مســـــلمــهم والــجاحد

                  صــــادرهـــم والــــوارد مـــولدهم والوالد(10)

                  مع أبيه:
                  كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يرعى ولده أبا الفضل في طفولته، ويعنى به كأشدّ ما تكون العناية فأفاض عليه مكوّنات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا، وقد توسّم فيه أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيسجّل للمسلمين صفحات مشرقة من العزّة والكرامة.

                  كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يوسع العباس تقبيلاً، وقد احتلّ عواطفه وقلبه، ويقول المؤرّخون: إنّه أجلسه في حجره فشمّر العبّاس عن ساعديه، فجعل الإمام يقبّلهما، وهو غارق في البكاء، فبهرت أمّ البنين، وراحت تقول للإمام:

                  (ما يبكيك؟)

                  فأجابها الإمام بصوت خافت حزين النبرات:

                  (نظرت إلى هذين الكفّين، وتذكّرت ما يجري عليهما..)

                  وسارعت أمّ البنين بلهفة قائلة:

                  (ماذا يجري عليهما؟)..

                  فأجابها الإمام بنبرات مليئة بالأسى والحزن قائلاً:

                  (إنّهما يقطعان من الزند..)

                  وكانت هذه الكلمات كصاعقة على أمّ البنين، فقد ذاب قلبها، وسارعت وهي مذهولة قائلة:

                  (لماذا يقطعان؟)..

                  وأخبرها الإمام (عليه السلام) بأنّهما إنّما يقطعان في نصرة الإسلام والذبّ عن أخيه حامي شريعة الله ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأجهشت أمّ البنين في البكاء، وشاركتها من كانت معها من النساء لوعتها وحزنها(11).

                  وخلدت أمّ البنين إلى الصبر، وحمدت الله تعالى في أن يكون ولدها فداءً لسبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وريحانته.

                  نشأته:
                  نشأ أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) نشأة صالحة كريمة، قلّما يظفر بها إنسان فقد نشأ في ظلال أبيه رائد العدالة الاجتماعية في الأرض، فغذّاه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النزعات الشريفة، والعادات الطيّبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله، كما غرست أمّه السيّدة فاطمة في نفسه، جميع صفات الفضيلة والكمال، وغذّته بحبّ الخالق العظيم فجعلته في أيّام طفولته يتطلّع إلى مرضاته وطاعته، وظلّ ذلك ملازماً له طوال حياته.

                  ولازم أبو الفضل أخويه السبطين ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة فكان يتلقّى منهما قواعد الفضيلة، وأسس الآداب الرفيعة، وقد لازم بصورة خاصة أخاه أبا الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) فكان لا يفارقه في حله وترحاله، وقد تأثّر بسلوكه، وانطبعت في قرارة نفسه مثله الكريمة وسجاياه الحميدة حتى صار صورة صادقة عنه يحكيه في مثله واتجاهاته، وقد أخلص له الإمام الحسين كأعظم ما يكون الإخلاص وقدّمه على جميع أهل بيته لما رأى منه من الودّ الصادق له حتى فداه بنفسه.

                  إنّ المكونات التربوية الصالحة التي ظفر بها سيّدنا أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) قد رفعته إلى مستوى العظماء والمصلحين الذين غيّروا مجرى تاريخ البشرية بما قدّموه لها من التضحيات الهائلة في سبيل قضاياها المصيرية، وإنقاذها من ظلمات الذلّ والعبودية.

                  لقد نشأ أبوالفضل على التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الحقّ، ورفع رسالة الإسلام الهادفة إلى تحرير إرادة الإنسان، وبناء مجتمع أفضل تسوده العدالة والمحبة، والإيثار، وقد تأثر العباس بهذه المبادئ العظيمة وناضل في سبيلها كأشدّ ما يكون النضال، فقد غرسها في أعماق نفسه، ودخائل ذاته، أبوه الإمام أمير المؤمنين وأخواه الحسن والحسين (عليهم السلام)، هؤلاء العظام الذين حملوا مشعل الحرية والكرامة، وفتحوا الآفاق المشرقة لجميع شعوب العالم وأمم الأرض من أجل كرامتهم وحرّيتهم، ومن أجل أن تسود العدالة والقيم الكريمة بين الناس.

                  انطباعات عن شخصيّته:
                  واحتلّ أبو الفضل (عليه السلام) قلوب العظماء ومشاعرهم، وصار أنشودة الأحرار في كلّ زمان ومكان، وذلك لما قام به من عظيم التضحية تجاه أخيه سيّد الشهداء، الذي ثار في وجه الظلم والطغيان، وبنى للمسلمين عزّاً شامخاً، ومجداً خالداً.

                  وفيما يلي بعض الكلمات القيّمة التي أدلى بها بعض الشخصيات الرفيعة في حقّ أبي الفضل (عليه السلام).

                  1- الإمام زين العابدين:

                  أمّا الإمام زين العابدين فهو من المؤسسين للتقوى والفضيلة في الإسلام، وكان هذا الإمام العظيم يترحّم - دوماً - على عمّه العبّاس، ويذكر بمزيد من الإجلال والإكبار تضحياته الهائلة لأخيه الحسين وكان مما قاله في حقّه هذه الكلمات القيّمة:

                  (رحم الله عمّي العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه، حتى قطعت يداه، فأبدله الله بجناحين، يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وان للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة..)(12).

                  وألمّت هذه الكلمات بأبرز ما قام به أبو الفضل من التضحيات تجاه أخيه أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد أبدى في سبيله من ضروب الإيثار وصنوف التضحية ما يفوق حدّ الوصف، وما كان به مضرب المثل على امتداد التاريخ، فقد قطعت يداه الكريمتان يوم الطفّ في سبيله، وظلّ يقاوم عنه حتى هوى إلى الأرض صريعاً، وان لهذه التضحيات الهائلة عند الله منزلة كريمة، فقد منحه من الثواب العظيم، والأجر الجزيل ما يغبطه عليه جميع شهداء الحقّ والفضيلة في دنيا الإسلام وغيره.

                  2- الإمام الصادق:

                  أمّا الإمام الصادق (عليه السلام) فهو العقل المبدع والمفكّر في الإسلام فقد كان هذا العملاق العظيم يشيد دوماً بعمّه العبّاس، ويثني ثناءً عاطراً ونديّاً على مواقفه البطولية يوم الطفّ، وكان مما قاله في حقّه:

                  (كان عمّي العبّاس بن علي (عليه السلام) نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً..)(13).

                  وتحدّث الإمام الصادق (عليه السلام) عن أنبل الصفات الماثلة عند عمّه العبّاس والتي كانت موضع إعجابه وهي:

                  أ - نفاذ البصيرة:

                  أمّا نفاذ البصيرة، فإنها منبعثة من سداد الرأي، وأصالة الفكر، ولا يتّصف بها إلا من صفت ذاته، وخلصت سريرته، ولم يكن لدواعي الهوى والغرور أي سلطان عليه، وكانت هذه الصفة الكريمة من أبرز صفات أبي الفضل فقد كان من نفاذ بصيرته، وعمق تفكيره مناصرته ومتابعته لإمام الهدى وسيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد ارتقى بذلك إلى قمّة الشرف والمجد، وخلدت نفسه العظيمة على امتداد التأريخ، فما دامت القيم الإنسانية يخضع لها الإنسان، ويمجّدها فأبو الفضل قد بلغ قمّتها وذروتها.

                  ب - الصلابة في الإيمان:

                  والظاهرة الأخرى من صفات أبي الفضل (عليه السلام) هي الصلابة في الإيمان وكان من صلابة إيمانه انطلاقه في ساحات الجهاد بين يدي ريحانة رسول الله مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، ولم يندفع إلى تضحيته بأي دافع من الدوافع المادية، كما أعلن ذلك في رجزه يوم الطفّ، وكان ذلك من أوثق الأدلة على إيمانه.

                  ج - الجهاد مع الحسين:

                  وثمّة مكرمة وفضيلة أخرى لبطل كربلاء العباس (عليه السلام) أشاد بها الإمام الصادق (عليه السلام) وهي جهاده المشرق بين يدي سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيّد شباب أهل الجنّة، ويعتبر الجهاد في سبيله من أسمى مراتب الفضيلة التي انتهى إليها أبو الفضل، وقد أبلى بلاءً حسناً يوم الطفّ لم يشاهد مثله في دنيا البطولات.

                  د - زيارة الإمام الصادق:

                  وزار الإمام الصادق (عليه السلام) أرض الشهادة والفداء كربلاء، وبعدما انتهى من زيارة الإمام الحسين وأهل بيته والمجتبين من أصحابه، انطلق بشوق إلى زيارة قبر عمّه العبّاس، ووقف على المرقد المعظّم، وزاره بالزيارة التالية التي تنمّ عن سموّ منزلة العبّاس، وعظيم مكانته، وقد استهلّ زيارته بقوله:

                  (سلام الله، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين والزاكيات الطيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين..).

                  لقد استقبل الإمام الصادق عمّه العباس بهذه الكلمات الحافلة بجميع معاني الإجلال والتعظيم، فقد رفع له تحيات من الله وسلام ملائكته، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، والشهداء، والصدّيقين، وهي أندى وأزكى تحيّة رفعت له، ويمضي سليل النبوّة الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته قائلاً:

                  (وأشهد لك بالتسليم، والتصديق، والوفاء، والنصيحة لخلف النبيّ المرسل، والسبط المنتجب، والدليل العالم، والوصي المبلّغ والمظلوم المهتضم..)

                  تعليق


                  • #54
                    وأضفى الإمام الصادق (عليه السلام) بهذا المقطع أوسمة رفيعة على عمّه العباس هي من أجلّ وأسمى الأوسمة التي تضفى على الشهداء العظام، وهي:

                    أ- التسليم:

                    وسلّم العباس (عليه السلام) لأخيه سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) جميع أموره، وتابعه في جميع قضاياه حتّى استشهد في سبيله، وذلك لعلمه بإمامته القائمة على الإيمان الوثيق بالله تعالى، وعلى أصالة الرأي وسلامة القصد، والإخلاص في النيّة.

                    ب - التصديق:

                    وصدّق العبّاس (عليه السلام) أخاه ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جميع اتجاهاته، ولم يخامره شكّ في عدالة قضيّته، وأنّه على الحق، وأن مَن نصب له العداوة وناجزه الحرب كان على ضلال مبين.

                    ج - الوفاء:

                    من الصفات الكريمة التي أضافها الإمام الصادق (عليه السلام) على عمّه أبي الفضل (عليه السلام)، الوفاء فقد وفى ما عاهد عليه الله من نصرة إمام الحق أخيه أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فقد وقف إلى جانبه في أحلك الظروف وأشدّها محنة وقسوة، ولم يفارقه حتى قطعت يداه، واستشهد في سبيله.

                    لقد كان الوفاء الذي هو من أميز الصفات الرفيعة عنصراً من عناصر أبي الفضل وذاتياً من ذاتياته، فقد خلق للوفاء والبرّ للقريب والبعيد.

                    د - النصيحة:

                    وشهد الإمام الصادق بنصيحة عمّه العبّاس لأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام)، فقد أخلص له في النصيحة على مقارعة الباطل، ومناجزة أئمّة الكفر والضلال، وشاركه في تضحياته الهائلة التي لم يشاهد العالم مثلها نظيراً في جميع فترات التاريخ… ولننظر إلى بند آخر من بنود هذه الزيارة الكريمة، يقول (عليه السلام):

                    (فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدار...).

                    وحوى هذا المقطع على إكبار الإمام الصادق (عليه السلام) لعمّه العبّاس وذلك لما قدّمه من الخدمات العظيمة، والتضحيات الهائلة لسيّد شباب أهل الجنّة، وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام) فقد فداه بروحه، ووقاه بمهجته، وصبر على ما لاقاه في سبيله من المحن والشدائد مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، فجزاه الله عن نبيّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعن باب مدينته الإمام أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين أفضل الجزاء على عظيم تضحياته.

                    ويستمرّ مجدّد الإسلام الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته لعمّه العبّاس، فيذكر صفاته الكريمة، وما له من المنزلة العظيمة عند الله تعالى، فيقول بعد السلام عليه:

                    (أَشهد، وأُشْهِد الله أنّك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابّون عن أحبّائه، فجزاك الله أفضل الجزاء وأكثر الجزاء وأوفر الجزاء وأوفى جزاء أحد ممن وفي ببيعته، واستجاب لدعوته، وأطاع ولاة أمره...).

                    لقد شهد الإمام الصادق - العقل المفكّر والمبدع في الإسلام وأشهد الله تعالى على ما يقول: من أنّ عمّه أبا الفضل العبّاس (عليه السلام) قد مضى في جهاده مع أخيه أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، على الخطّ الذي مضى عليه شهداء بدر الذين هم من أكرم الشهداء عند الله فهم الذين كتبوا النصر للإسلام، وبدمائهم الزكية ارتفعت كلمة الله عالية في الأرض وقد استشهدوا وهم على بصيرة من أمرهم، ويقين من عدالة قضيّتهم، وكذلك سار أبو الفضل العبّاس على هذا الخطّ المشرق، فقد استشهد لإنقاذ الإسلام من محنته الحازبة، فقد حاول صعلوك بني أميّة حفيد أبي سفيان أن يمحو كلمة الله، ويلف لواء الإسلام، ويعيد الناس لجاهليتهم الأولى، فثار أبو الفضل بقيادة أخيه أبي الأحرار في وجه الطاغية السفّاك، وتحققت بثورتهم كلمة الله العليا في نصر الإسلام وإنزال الهزيمة الساحقة بأعدائه وخصومه.

                    ويستمرّ الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته لعمّه العباس فيسجّل ما يحمله من إكبار وتعظيم، فيقول:

                    (أشهد أنّك قد بالغت في النصيحة، وأعطيت غاية المجهود فبعثك الله في الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غرفاً، ورفع ذكرك في علّيين وحشرك مع النبيّين، والصديقين والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

                    أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك، مقتدياً بالصالحين، ومتبعاً للنبيّين، فجمع الله بيننا، وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين، فإنّه أرحم الراحمين..)(14).

                    ويلمس في هذه البنود الأخيرة من الزيارة مدى أهميّة العبّاس، وسموّ مكانته عند إمام الهدى الإمام الصادق (عليه السلام)، وذلك لما قام به هذا البطل العظيم من خالص النصيحة، وعظيم التضحيّة لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام)، كما دعا الإمام له ببلوغ المنزلة السامية عند الله التي لا ينالها إلا الأنبياء، وأوصيائهم، ومن امتحن الله قلبه للإيمان.

                    3- الإمام الحجة:

                    وأدلى الإمام المصلح العظيم بقيّة الله في الأرض قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) بكلمة رائعة في حقّ عمّه العبّاس (عليه السلام) جاء فيها:

                    (السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد، وحكيم بن الطفيل الطائي..)(15).

                    وأشاد بقيّة الله في الأرض بالصفات الكريمة الماثلة في عمّه قمر بني هاشم وفخر عدنان، وهي:

                    1- مواساته لأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام)، فقد واساه في أحلك الظروف، وأشدّها محنة وقسوة، وظلّت مواساته له مضرب المثل على امتداد التاريخ.

                    2- تقديمه أفضل الزاد لآخرته، وذلك بتقواه، وشدّة تحرّجه في الدين، ونصرته لإمام الهدى.

                    3- تقديم نفسه، وأخوته، وولده فداءً لسيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام).

                    4- وقايته لأخيه المظلوم بمهجته.

                    5- سعيه لأخيه وأهل بيته بالماء حينما فرضت سلطات البغي والجور الحصار على ماء الفرات من أن تصل قطرة منه لآل النبيّ (صلى الله عليه وآله).

                    4- الشعراء:

                    وهام الأحرار من شعراء أهل البيت(عليهم السلام) بشخصية أبي الفضل التي بلغت قمّة الشرف والمجد، وسجّلت صفحات من النور في تاريخ الأمّة الإسلامية، وقد نظموا في حقّه روائع الشعر العربي إكباراً وإعجاباً بمثله الكريمة، فيما يلي بعضهم:

                    1- الكُمْيت:

                    أمّا شاعر الإسلام الأكبر الكُمْيت الأسدي فقد انطبع حبّ أبي الفضل في أعماق نفسه، وقد تعرّض لمدحه في إحدى هاشمياته الخالدة قال:

                    وأبـو الفــضل إنّ ذكـرهم الحلو شفاء النفوس من أسقام(16)
                    إنّ ذكر أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وسائر أهل البيت (عليهم السلام) حلو عند كل شريف لأنّه ذكر للفضيلة والكمال المطلق، كما أنّه شفاء للنفوس من أسقام الجهل والغرور، وسائر الأمراض النفسية.

                    2- الفضل بن محمد:

                    من الشعراء الملهمين الذين هاموا بشخصية أبي الفضل (عليه السلام) هو حفيده الشاعر الكبير الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد قال:

                    إنـــــي لأذكـــــر لـــــلعبّاس مـوقفه بكربــــلاء وهــــام الــقوم يختطف

                    يـــحمي الحسين ويحميه على ظمأٍ ولا يـــــولّي ولا يــــثني فــــيختلف

                    ولا أرى مشـــــهداً يـــوماً كمشهده مع الحسين عليه الفضل والشرف

                    أكــــرم بـــــه مشهداً بانت فضيلته وما أضــــاع لـه أفعاله خلف(17)

                    وصوّرت هذه الأبيات شجاعة أبي الفضل (عليه السلام) وما قام به من دور مشرق يدعو إلى الاعتزاز والفخر في حماية أخيه أبي الأحرار، ووقايته له بمهجته، وسقايته له ولأفراد عائلته وأطفاله بالماء، فلم يكن هناك مشهد أفضل ولا أسمى من هذا الموقف الرائع الذي وقفه أبو الفضل مع أخيه أبي عبد الله (عليه السلام) … وقد استولت مواقف أبي الفضل على حفيده الفضل فهام بها ورثاه بذوب روحه، وكان من رثائه له هذه الأبيات الرقيقة:

                    أحــــق الــــناس أن يبكى عليه فـــتى أبـــكى الحسين بكربلاء

                    أخـــــوه وابــــن والــــــده علي أبو الفــــضل المضرّج بالدماء

                    ومــــن واســــاه لا يثنيه شيء وجادله على عطش بماء(18)

                    نعم إن أحق الناس أن يمجد ويبكى على ما حلّ به من رزء قاصم هو أبو الفضل رمز الإباء والفضيلة، فقد رزأ الإمام الحسين (عليه السلام) بمصرعه، وبكاه أمرّ البكاء لأنّه فقد بمصرعه أبرّ الإخوان، وأعطفهم عليه.

                    3- السيّد راضي القزويني:

                    وهام الشاعر العلوي السيّد راضي القزويني بشخصية أبي الفضل (عليه السلام) قال:

                    أبـــا الفضل يا من أسس الفضل والإبا أبى الفــــــضل إلا أن تــــكون لــــه أبا

                    تطلـــــبت أســـــباب العــــلى فبــلغـتها وما كـــــل ســـــاع بـــــالغ مــــا تـطلبا

                    ودون احتـــــمال الضــــــيم عـزّ ومنعة تخـــــيرت أطـــــراف الأســـــنّة مركبا

                    إنّ أبا الفضل من المؤسسين للفضل والإباء في دنيا العرب والإسلام فقد سما إلى طرق المجد، وأسباب العلى، فبلغ قمّتها، وقد تخير أطراف الأسنّة والرماح حتى لا يناله ذلّ، ولا ضيم.

                    4 - محمد رضا الأزري:

                    وأشاد الشاعر الكبير الحاج محمد رضا الأزري في رائعته بالمثل الكريمة التي تحلّى بها قمر بني هاشم، والتي احتلت عواطف الأحرار ومشاعرهم يقول:

                    فانهض إلى الذكــر الجميل مشمّراً فالذكر أبــــقى مـــا اقــتنته كرامها

                    أومـــــا أتـــاك حـــديث وقعة كربلا أنّى وقــــد بـــلغ الســــماء قـتامها

                    يــوم أبو الفضل استجار به الهدى والشـــمس من كدر العجاج لثامها

                    ودعا الأزري بالبيت من رائعته إلى اقتناء الذكر الجميل الذي هو من أفضل المكاسب التي يظفر بها الإنسان فإنه أبقى، وأخلد له، ودعا بالبيت الثاني إلى التأمّل والاستفادة من واقعة كربلاء التي تفجّرت من بركان هائل من الفضائل والمآثر لآل النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وعرج بالبيت الثالث على أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) الذي استجار به سبط النبيّ (صلى الله عليه وآله) وريحانته، ولنستمع إلى ما قام به العبّاس من النصر والحماية لأخيه، يقول الأزري:

                    فحمى عــــرينته ودمـــدم دونــــــها ويذب مـن دون الشرى ضرغامها

                    والبيض فوق البيض تحسب وقعها زجل الـــرعود إذا اكفــهرّ غمامها

                    مـــن بــاسل يلـــقى الكتــيبة باسماً والشـــوس يرشــح بالمنية هامها

                    واشـــــم لا يــــحتل دار هـــضـــيمة أو يســــتقلّ عــلى النجوم رغامها

                    أولــــم تـــــكن تــــدري قــريش أنّه طــــلاع كـــل ثــــنية مقــــدامــــها

                    وهذه الأبيات منسجمة كل الانسجام مع بطولات أبي الفضل، فقد صوّرت بسالته، وما قام به من دور مشرف في حماية أخيه أبي الأحرار فقد انبرى كالأسد يذبّ عن أخيه في معركة الشرف والكرامة، غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة التي ملأت البيداء دفاعاً عن ذئاب البشرية، وقد انطلق أبو الفضل باسماً في ميادين الحرب وهو يحطّم أنوف أولئك الأوغاد ويجرّعهم غصص الموت في سبيل كرامته وعزّة أخيه، وقد استبان للقبائل القرشية في هذه المعركة أن أبا الفضل طلاع كل ثنية، وأنه ابن من أرغمها على الإسلام وحطّم جاهليتها وأوثانها.
                    ونختم الموضوع بابيات ملا عطيه الجمري بلقصيده التي ادمت اعيون الزهراء البتول:

                    وين الكفين ... يسردال الحرب ... وين الكفين ؟

                    إلى آخر القصيده على العباس بطل العلقمي.

                    تعليق


                    • #55
                      شذرات من كتاب « العباس بطولة الروح و شجاعة السيف »

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                      شذرات من كتاب « العباس بطولة الروح و شجاعة السيف »؛ للسيد هادي المدرسي حفظه الله.
                      1. قد مثّل كل الفضائل، فتمثلت كل الفضائل فيه.. و زادت في القيم، قيمة جديدة اسمها:
                      "العباس"
                      2. كان العبّاس بمفرده يمثّل امبراطوريّة الخير، في مواجهة عدوّه الذي كان يمثّل امبراطوريّة الشّر.
                      3. كما كان الإمام عليّ معجزة رسول الله، فقد كان العبّاس معجزة عليّ .. و كما تكرّر النبيّ في عليّ و في سبطيه، فقد تكرّر عليٌ في العبّاس.
                      4. كان رجل المهمات الأصعب ، في معسكرٍ كلّ مهماته كانت صعبة.
                      5. لقد مزّق تحت قيادة الحسين، كلّ خيوط العنكبوت التي نسجتها أيادي الجناة حول عقول الناس وضمائرهم.
                      6. للعبّاس حضور يومّي في حياة الملايين من الناس، وهو وسيلتهم في الحصول على الحوائج، وقدوتهم في البحث عن الغايات.
                      7. كانت المعركة بين منطقين: منطق الذي ينظر الى الدنيا بعين الاخرة.. ومنطق الذي لا يؤمن بالآخرة اصلاً، وهي المعركة الممتّدة منذ ولادة هابيل، و التي ستستمر حتّى قيام المهدي (عجل الله فرَجه)
                      8. كانت عمليّة السقي هوايته..
                      ثم اصبحت رسالته..
                      وفي سبيلها تمّت شهادته..
                      9. لا السيف الذي قطع يده..
                      ولا السهم الذي مزّق عينه..
                      ولا العمود الذي فلق هامته..
                      ولا كلّ محاولات التشويه التي طالت قضيته، استطاعت ان تؤثّر على روحه الهائجة بالمثل، وان تؤثّر على فحولته العارمة ضد الطغيان.
                      10. مع حضوره في التاريخ..
                      أصبح للملحمة حجم اوسع مما كان لها..
                      و مقاسات جديدة اكثر علوّا، وسمواً، وارتفاعاً.
                      11. كان من علماء الزّهاد..
                      و من زهّاد العلماء..
                      و تلك واحدة اخرى من فضائله..
                      12. كما كان سيف الحسين اطول سيوف الحق في التاريخ..
                      فإن راية العبّاس كانت ارفع رايات العدالة فيه.
                      13. لقد تمسّك بجوهر الدين: طاعة الله..
                      و بجوهر الطاعة: عبادة الله..
                      فأتخذ الدّنيا مزرعة الاخرة، ودار ممرّ لا دار مقرّ.. ولذلك فانّ الموت في سبيل ربّه، كان أسهل عنده من شربة ماء بارد في ذلك اليوم الصائف.
                      14. يعود العبّاس في الليالي الحالكات، يطرق ابواب البيوت، ليقول للنّاس: إنّ من يخسر يديه في سبيل الحق، فسوف يعوّض عنهما بجناحين يطير بهما في الجنّة..
                      وإنّ من يخسر بصره في المجابهة مع الباطل، فسوف يعوّض عنها ببصيرة نافذة تخرق حجب الأوهام..
                      وإنّ من يخسر قمّة رأسه في الدفاع عن الإيمان، فسوف يترب‍عّ لا محالة، على رأس القمّة.
                      15. سبقته اعضائه الى الجنّة..
                      وتقطّعت أوصاله، قبل ان تنقطع أنفاسه.
                      فأعطى لله يديه..
                      ثم عينه..
                      ثم هامته..
                      و بتلك الشّهادة المتميّزة، تحوّل من شخص الى شاخص..
                      ومن مؤمن الى رمز للإيمان..
                      ومن بطل الى رمز للبطولات..
                      16. عندما كان العبّاس يلفظ آخر أنفاسه الزاكيات، كانت عينه السليمة تلاحق قطرات الماء التي اريقت من القربة، واختلطت بدمائه الطاهرة، وبدأت تغوص قليلاً قليلاً في رمال كربلاء، لتخطّ قصة واحدة من اعظم ملاحم البطولة والوفاء والإيثار.
                      17. العبّاس حلم البطولة في كل مجتمع ممزّق بين الحق والباطل ووعد بالانتصار في كل معركة بين الإيمان والكفر..
                      18. ينتقل العبّاس من جيل الى جيل، ليس كتراث للإنسانية فحسب، بل كعامل مساعد لضمير البشرية كلّما عصفت به أزمة المثل العليا..
                      19. نحن نقول ما فعل العبّاس، و نهتزّ..
                      وهو فعل ما فعل.. ولم يهتّز..
                      20. لقد اشتمل العبّاس بالوفاء ، و اشتمل به الوفاء..
                      وتسربل بالايثار ، وتسربل به الإيثار..
                      وتخندق بالشّجاعة، وتخندقت به الشّجاعة..
                      لقد مثّل كل الفضائل، فتمثلت كل الفضائل فيه.. و زادت في القيم، قيمة جديدة اسمها:
                      "العباس"
                      ونسألكم الدعاء...~

                      تعليق


                      • #56
                        :: موقع الكفيل + البث المباشر من ضريح العباس (ع) ::

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                        موقع الكفيل المميز:
                        http://www.alkafeel.net/
                        منتدى الكفيل المميز:
                        http://www.alkafeel.net/forums/
                        البث المباشر من ضريع أبو الفضل العباس (ع):
                        http://alkafeel.net/live/
                        خدمة الزيارة بالإنابة للموالين من موقع الكفيل المبارك:
                        http://www.alkafeel.net/zyara/
                        ونسألكم الدعاء...~

                        تعليق


                        • #57
                          العبّاس عليه السّلام ومقامه عند محبّيه وشيعته

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                          العبّاس عليه السّلام ومقامه عند محبّيه وشيعته

                          لقد رفع الله مقام أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وأعلى منزله في الدنيا والآخرة، ولدى محبّيه وشيعته، بل ولدى الناس أجمعين، حتّى إنّ العلاّمة الدربندي في أسرار الشهادة كما عن معالي السبطين، قال وهو يصف بعض ما لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام من الجاه والمقام عند الناس:
                          ثمّ انظر إلى اسمه الشريف عند المخالف والموالف، فإنّه قد جعل قريباً من أسماء الأئمّة الحجج، ولا تمضي ساعة إلاّ وقد وقع الحلف باسمه الشريف، بل الرعب منه أكثر من غيره، بحيث لا يحلفون باسمه كذباً، خوفاً من الابتلاء والافتضاح، وقد شاهدوا ذلك باُمّ أعينهم.
                          وقصة التوسل به في قضاء الحوائج معروفة، بحيث إنّه لا يمضي أسبوع واحد إلاّ وقد علا أحدهم المنارة العبّاسيّة المباركة، وأخذ ينادي بأعلى الصوت: رفع الله راية العبّاس، وبيّض وجهه، فإنّه قد قضيت حوائجنا بتوسّلنا به إلى الله تعالى، ونزولنا بفنائه، ولجوئنا ببابه، ثمّ قال: وكيفيّة النذورات له وكثرتها معلوم وواضح.
                          ويشهد لهذا التصريح المذكور في معالي السبطين، والمحكي عن أسرار الشهادة، التاريخ الغابر والمعاصر، وكلّ مَنْ توفّق لأن يقصد أبا الفضل العبّاس عليه السّلام ويتشرّف بالحضور في روضته المباركة، ويزوره في كربلاء المقدّسة عن كثب، حيث إنّه يشاهد كلّ هذه الاُمور قائمة في روضته المباركة على قدم وساق، ولا عجب من ذلك، إذ هو الذي منحه الله تعالى وسام ( باب الحوائج )، وآلى على نفسه أن لا يردّ صاحب حاجة من بابه عليه السّلام خائباً، ولا مؤمّلاً به محروماً، بل يردّهم بحوائجهم مفلحين منجحين، وسالمين غانمين 1.
                          ====
                          1-الخصائص العبّاسيّة / محمّد إبراهيم الكلباسي النجفي ص120_123.
                          ومع السلامة.

                          تعليق


                          • #58
                            قطيع الكفين - العباس بن علي عليهما السلام.

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                            قطيع الكفين - العباس بن علي عليهما السلام.
                            http://www.youtube.com/watch?v=yerGx3gPCnA
                            ومع السلامة.

                            تعليق


                            • #59
                              منزلة العبّاس عند الزهراء وولدها الحسن عليهما السّلام

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



                              منزلة العبّاس عند الزهراء وولدها الحسن عليهما السّلام

                              روي أنّه إذا كان يوم القيامة واشتدّ الأمر على الناس، بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله بإذن من الله تعالى الإمامَ أمير المؤمنين عليه السّلام إلى ابنته الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السّلام لتحضر مقام الشفاعة.

                              فيقبل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إليها ويخبرها بما قاله أبوها رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويطلب منها حضور مقام الشفاعة، ثمّ يسألها قائلاً: يا فاطمة، ما عندك من أسباب الشفاعة ؟ وما الذي ادّخرتيه لأجل هذا اليوم الذي فيه الفزع الأكبر ؟.

                              فتجيبه فاطمة عليها السّلام بقولها له: يا أمير المؤمنين، كفانا لأجل هذا المقام اليدان المقطوعتان من ابني العبّاس
                              وفي هذا الخبر دلالة كافية على قبول الله تعالى اليدين المقطوعتين لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام، اللّتين قطعتا في سبيله، وفي نصرة دينه ووليّه.
                              وهو يدلّ أيضاً على علوّ مقام صاحب اليدين المقطوعتين عند الله تبارك وتعالى، وسموّ منزلته لديه، إضافة إلى علوّ مقامه عند فاطمة الزهراء عليها السّلام، حيث إنّها دعته ابناً لها عند قولها: كفانا لأجل هذا المقام اليدان المقطوعتان من ابني العبّاس، بعد جعلها يديه القطيعتين وسيلة للشفاعة في ذلك اليوم العظيم والموقف الرهيب.

                              العبّاس ومنزلته عند الإمام المجتبى عليه السّلام

                              لقد خاطب الإمام الصادق عليه السّلام عمّه العبّاس عليه السّلام في الزيارة المعروفة، التي علّم شيعته زيارة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام بها، وقال: السّلام عليك أيّها العبد الصالح، المطيع لله ولرسوله، ولأمير المؤمنين والحسن والحسين صلّى الله عليه وسلّم.

                              فإنّ طاعة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام لأخيه الإمام المجتبى الحسن الزكي عليه السّلام تكشف عن مقامه عنده ومنزلته لديه، وليس مقاماً متواضعاً ومنزلة عادية، بل مقاماً رفيعاً ومنزلة سامية، وذلك لأنّه عليه السّلام كان يطيعه عن علم تام، ومعرفة كاملة، ويقين راسخ، لأنّه عليه السّلام كان يرى في إطاعته له إطاعة لأمر أبيه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، حيث أوصى بنيه وجميع أهل بيته، وشيعته ومحبّيه بالسمع والطاعة للإمام المجتبى الحسن الزكي عليه السّلام، ثمّ بعده لأخيه الإمام الحسين عليه السّلام.

                              وممّا يدلّ أيضاً على عظيم منزلة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام عند أخيه الإمام المجتبى عليه السّلام، ورفيع مقامه لديه أن شرّكه الإمام الحسين عليه السّلام في تجهيز الإمام المجتبى عليه السّلام، وتغسيله له وتكفينه إيّاه، مع أنّه لا يلي تجهيز المعصوم إلاّ المعصوم، ومَنْ أوصى المعصوم، ورآه المعصوم صالحاً لأن يشارك المعصوم في تجهيزه.
                              والظاهر: أنّ أبا الفضل العبّاس عليه السّلام هو مَنْ قد أوصى الإمام المجتبى عليه السّلام أخاه الإمام الحسين عليه السّلام بمشاركته له في تجهيزه، ورآه الإمام الحسين عليه السّلام أيضاً صالحاً لذلك، فشرّكه معه في تجهيزه كما شرّك الإمام أمير المؤمنين ابن عمّه الفضل بن العبّاس بن عبد المطلب في تجهيز رسول الله صلّى الله عليه وآله، لكن مع إلزامه في تعصيب عينيه، خشية العمى إن وقع بصره على ذلك الجسد الطاهر، فإنّ غير المعصوم كما لا يحقّ له تجهيز المعصوم، لعدم المجانسة في العصمة والطهارة معه، فكذلك لا يحقّ له النظر إلى جسد المعصوم عند تجهيزه، وإلاّ عمي بصره.

                              بينما أبو الفضل العبّاس عليه السّلام قد شارك أخاه الإمام الحسين عليه السّلام في تجهيز الإمام المجتبى عليه السّلام، ولم يذكر في التاريخ أنّه عصّب عينيه أوغضّ طرفه عند مشاركته له، وهذا يدلّ على عظمة شأن أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وجلالة قدره 1.


                              ====

                              1-الخصائص العبّاسيّة / محمّد إبراهيم الكلباسي النجفي ص 215_218.

                              ومع السلامة.

                              تعليق


                              • #60
                                الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ومنزلة العبّاس عنده

                                بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                                الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ومنزلة العبّاس عنده
                                روي أنّ اُمّ البنين عليها السّلام؛ رأت أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض الأيام قد أجلس ولده أبا الفضل العبّاس عليه السّلام وهو صغير في حضنه، وشمّر عن ساعديه وكفّيه الصغيرتين، وأخذ يقبّلهما ويبكي، فأدهشها الحال، وتعجّبت من هذا الأمر، فأقبلت على الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام تسأله مندهشة، وتقول: لا أبكى الله عينك يا أمير المؤمنين ، وهل في ساعدَي ولدي وكفّيه ما يستدعي التأثر والبكاء ؟!
                                فأوقفها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على ما لهذا الطفل من شأن كبير عند الله، ومنزلة رفيعة لديه على ما سيقوم به من نصرة أخيه وإمامه الإمام الحسين عليه السّلام في يوم عاشوراء، والذبّ عنه حتّى تُقطع كلتا يديه في نصرته.
                                فلم تتمالك الاُمّ الحنون نفسها من وقع هذا الخبر حتّى بكت وأعولت، وشاركها مَنْ كان في الدار الزفرة والحسرة، والبكاء والعويل، فهدّأهم الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام وأسكتهم، ثمّ بشّر اُمّ البنين عليها السّلام بمكانة ولدها العزيز عند الله جلّ شأنه، وأخبرها بأنّه سوف يعوّضه الله عن يديه المقطوعتين بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل مثل ذلك لجعفر بن أبي طالب عليه السّلام أيضاً.
                                ومعلوم أنّ تقبيل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام كفّي ولده أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وساعديه ليس هو من باب الشفقة والمحبّة فقط، بل هو من باب المقام والمنزلة أيضاً.
                                وروي أنّه لمّا كانت ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان عام أربعين للهجرة، أي في ليلة استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، وهي الليلة الأخيرة من عمر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، حيث أخذ الإمام يودّع فيها أهل بيته وخاصّته، ويوصيهم بوصاياه ومواعظه، وفيها التفت إلى ولده أبي الفضل العبّاس عليه السّلام، وضمّه إلى صدره، وقال له: ولدي عبّاس، وستقرّ عيني بك يوم القيامة.
                                ولدي أبا الفضل، إذا كان يوم عاشوراء ، ودخلت الماء وملكت المشرعة، فإيّاك أن تشرب الماء وأن تذوق منه قطرة وأخوك الحسين عليه السّلام عطشان.
                                والشاهد من هذا الخبر هو قول الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام لولده أبي الفضل العبّاس عليه السّلام: وستقرّ عيني بك في يوم القيامة ، فإنّ قرّة عين الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام لا يكون إلاّ بما يراه الإمام من علوّ مقام ولده أبي الفضل العبّاس عليه السّلام عند الله تبارك وتعالى، ورفيع منزلته لديه 1.
                                ====
                                1-الخصائص العبّاسيّة / محمّد إبراهيم الكلباسي النجفي ص174_178.
                                ومع السلامة.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                9 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X