إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أيها العالم: لن نسكت.. ولا والله لن تذهب دماء الزهراء (ع) هدراً !!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



    أيها العالم: لن نسكت.. ولا والله لن تذهب دماء الزهراء (ع) هدراً !!
    آن الأوان كي نكشف للشعوب زيف الظَّلَمة ونبيد الظُّلْمة.


    - يا لها من أمة لم تشهد جنازة نبيها ثم انقضت على بيت ابنته ولطمتها وكسرت ظلعها واسقطت جنينها!!
    - كل الأنبياء والملائكة والأولياء والأمم السالفة عرفت حق فاطمة .. إلا هذه الأمة!
    - فليهاجمونا وليحاربونا فسيبقى صوتنا يقول: (لعن الله ظالميك يا فاطمة)!
    - عندما يقع الظلم باسم الدين وتصبح مفاهيم الأمر الواقع منهجية تناقلها الأجيال.. فلا بد حينها من فضح المؤامرة ومدبريها!
    - من الذي قال بأن الوحدة تعني السكوت على الجرائم التي وقعت على الزهراء ؟!
    - ما ذنبنا نحن؟ نحن المظلومون فما بالكم لا تدينون الظالمين؟!
    - نعم.. نلعن الظلمة كما لعنهم الله ورسوله! فما من قداسة لمن لا يستحق القداسة!
    - كيف لنا أن نتناسى ما جرى على الزهراء؟! إذن فلينس كل مظلوم ظلامته وليتخل كل صاحب فضية عن قضيته!
    - أليست مآسينا الحاضرة قد جاءت على انقاض يوم لطموا فيه الزهراء واقتحموا دارها وأحرقوه؟!
    - إدانتنا لظالمي الزهراء هي إدانة لمنهجهم وموقفهم وكل ما آتانا منم وهذا يقتلع جذور مشاكلنا الحالية.
    - لقد صنعوا للأمة أبطالا ورموزا هم في واقعهم شرار خلق الله!
    - أليس (صدام) في نظر البعض بطلا مجاهداً؟! فكذلك ظالموا الزهراء جعلوا في ما مضى!
    - لماذا توعد الإمام الجواد الظالمين وأقسم على إحراقهما؟
    - لماذا يعطى الله لمن يقول مرة واحدة (اللهم إلعن الجبت والطاغوت) سبعين ألف حسنة ويمحو عنه سبعين ألف سنة ويرفعه سبعين ألف درجة؟!


    بعد ما كشف عن بصرة؛ نظر إبراهيم في جانب العرش نورا عظيما، فقال: (إلهي وسيدي ما هذا النور)؟ أتاه الجواب: (يا إبراهيم.. هذا نور محمد صفوتي)!
    سأل إبراهيم ثانية: (إلهى وسيدي أرى نورا إلى جانبه)؟ فأتاه الجواب: (يا إبراهيم.. هذا نور علي ناصر ديني)!
    سأل إبراهيم ثالثة: (إلهي وسيدي أرى نورا ثالثا يلي النورين)؟ فأتاه الجواب: (يا إبراهيم.. هذا نور فاطمة تلي أباها وبعلها... هذا نوري أفضله على جميع الأنبياء)!
    عرف إبراهيم عليه الصلاة والسلام حق فاطمة، وأدرك أنها حجة عليه، فأقر بالإيمان بها والولاية لها. عندها كافأه الله، بتكامل نبوته، ويصعوده رتبة الإمامة، وتفضيله على سائر الأنبياء ما عدا خاتمهم صلى الله عليه وآله... ذلك لأنه عرف حق فاطمة!
    وبعد أزمان؛ يأتي ذلك الرسول الخاتم، سيد الأنام: ليزيح الستار عن جزء من السر المكنون، فيقف ذات يوم معلنا: (خلق نور فاطمة قبل أن تخلق الأرض والسماء... خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم... ما تكاملت النبوة لنبي حتى اقر بفضلها ومحبتها... أنا وعلى وفاطمة والحسن والحسين كنا في سرادق العرش، نسبح الله، فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يؤمروا بالسجود إلا لأجلنا)!.
    وذات يوم: يأتي النبي نداء من رب السماء: يا أحمد! لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما)!
    وعندما يجتمع النبي بأهل بيته، تحت كساء يماني، لتبدأ مراسيم تشريف إلهي عظيم، ستتناقله الأجيال جيلا بعد جيل، وستختزنه القلوب قبل العقول، وستردده الألسن في كل مجلس ومحفل طلبا لنزول الرحمة.. في تلك الأثناء؛ يشرق الوحي من رب الأرباب صادعا: (يا ملائكتي ويا سكان سماواتي.. وعزتي وجلالي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمرا منيرا ولا شمسا مضيئة ولا فلكا يدور ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء)!
    ويتوجه أمين الله جبرائيل بالسؤال كي تسجّل الإجابة في تاريخ الخلود: (يا رب.. ومن تحت الكساء)؟ فيجيئه جواب العلي الأعلى: (هم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة؛ هم فاطمة وأبوها ويعلها وبنوها)!
    ويقسم الجليل رب العالمين على نفسه بنفسه؛ ويرسلها إلى صفيته وحبيبته، قاطعا عهدا على ذاته، معلنا: (يا فاطمة! وعزتي وجلالي! وارتفاع مكاني! لقد آليت على نفسي من قيل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار)!
    فهي المحور وعلة الإيجاد، وهي قطب الأكوان وسيدة الإنس والجان، وهي سبيل النجاة. (على معرفتها دارت القرون الأولى) كما قال صادق الآل صلوات الله وسلامه عليه. هي التي ليس يدانيها أحد، ولا يتقدم عليها أحد، سوى أبيها (صلى الله عليه وآله). أما بعلها فهو كفءٌ، يماثلها في الدرجة والفضل، وإما بنوها فهي سيدتهم وحجة عليهم، إذ يقول مولانا العسكري صلوات الله وسلامه عليه: (نحن حجج الله على الخلق.. وفاطمة أمنا حجة علينا)!
    تحت ولايتها ملكوت السماوات والأرض، ومنها ظهر الوجود، وبيدها صنعته، فقد صدر عن حضرة القدس بيان فيه: (هي فاطمة! وبنورها ظهر الوجود من الفاتحة إلى الخاتمة)!

    الأنبياء والأولياء، والصالحون والأتقياء، والملائكة وسكان السماوات، وأهل القرون التي خلت، والأقوام التي مضت، كلهم عرفوا حق فاطمة! وأدركوا من تكون فاطمة! وعلموا كيف تحفظ فاطمة!

    أما هذه الأمة!!
    فما عسى المرء أن يقول؟! وما عساه أن يعبّر؟! وكيف له أن ينطق ويصوّر؟! أتراه يتحدث عن الانقلاب والتهديد والوعيد؟! أم تراه يتكلم عن (وإن) وإضرام النار؟! أم عن اقتحام الدار؟! أم عن (المسمار) ؟! أم عن الصفعة واللكزة؟! أم عن الضلع والكسرة؟! أم عن (آذيتنا) وبيت الأحزان؟! أم عن يوم الشهادة والأذان؟
    ويلها! ما فعلت هذه الأمة ببنت نبيها؟! ويحها! كيف أقدمت على ما أقدمت عليه بحقها؟!
    من قبل؛ كان رسول رب العالمين قد كشف عما سيحدث، إذ تقاطرت الدموع - اللآلئ - من عينيه الشريفتين وقال: (وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربه أجل جلاله ظهر نورها لملائكة السماء كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزوجل لملائكته: (يا ملائكتي ويا سكان سماواتيّ! انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة نساء إمائي، قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار)!
    وإني كلما رأيتها؛ ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها! وانتهكت حرمتها! وغصب حقها! ومنعت إرثها! وكسر جنبها! وأسقطت جنينها وهي تنادي: (يا محمداه)!! فلا تجاب! وتستغيث فلا تغاث! فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعدما كانت في أيام أبيها عزيزة!
    فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة! فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها! وعاقب من غصبها! وذلل من اذلها! وخلّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها! فتقول الملائكة عند ذلك: آمين رب العالمين.
    وفي يوم من الأيام؛ استذكر حفيد الزهراء ما جرى على أمه. كان الرضا صلوات الله عليه جالسا؛ فجاء ابنه الجواد صلوات الله عليه و هو ابن أربع سنين، فجلس، وبينما هما كذلك، وإذا بالجواد يضرب بيده على الأرض، ويرفع رأسه على السماء حزينا!
    سأله أبوه الإمام: (بنفسي أنت.. لم طال فكرك)؟ فاجاب ابنه الإمام: (في ما صنع بأمي فاطمة! أما والله لأخرجنّهما ثم لأحرقنّهما ثم لأذرينّهما ثم لأنسفنهما... في اليم نسفاً)!
    بكى الرضا مما قاله ابنه الجواد، فاستدناه وقبّل ما بين عينيه وقال له: (أنت لها.. أنت لها)! أي الإمامة!
    فما الذي جرى حتى تتوقد نفسا الإمامين الرضا والجواد نارا؟! وما الذي وقع حتى تولد هذا الموقف الحاد والعنيف تجاه قوم السقيفة؟! هل كان لمجرد (اختلاف) أو (قضية شخصية) كما يصوره بعض علماء العامة؟! أم كان لوقوع مصيبة عظمى حرّفت من مسار دين الله وبدلته وانتهكت حرمته؟!

    فلنترك الإجابة للتاريخ.
    استشهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسموما، وأسرع القوم إلى السقيفة لاهثين، وجرى ما جرى بتخطيط مسبق لإزاحة الخليفة الشرعي عن منصبه، وإقامة نظام الانقلاب السياسي وتم ذلك بينما كانت الزهراء عليها الصلاة والسلام مفجوعة بمصابها بوالدها، وبينما كان صنوه أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام مشغولا بتغسيله وتكفينه ودفنه والصلاة عليه.
    يالها من أمة! لم تشهد حتى جنازة نبيها!! إذ لم يصلِّ على الرسول إلا خليفته وأهل بيته ونفر قليل من أصحابه يتقدمهم الخلص الحواريون. أما أولئك فقد كانوا مشغولين بالتكالب على سلطان الدنيا، فتركوا رسول الله مسجى، وانصرفوا إلى إرساء حكومتهم غير الشرعية، وكان تبريرهم في ذلك؛ أنهم وجدوا - حسب اجتهادهم المزعوم - أن تنصيب الخليفة أولى من دفن الرسول، لأنه (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)! وخشيوا من أن يموت واحد من الناس في تلك الأثناء، أي ما بين وفاة الرسول وتنصيب الخليفة، فيكون قد مات ميتة جاهلية!!
    وبعد ماتم لهم ما أرادوا: بويع الحاكم الانقلابي الذي جاء إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) كالعريس يزفه قومه بالتهليل والتكبير! هذا وجثمان رسول الله لم يوارَ بعد!
    ورمق الخليفة الجديد وصاحبه منزل الزهراء بنظرة اللؤم، حيث كان بنوهاشم وزعيمهم الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما في حال العزاء، وفي حين كان يفترض بالمسلمين أن يتقدموا بواجب التعزية لآل رسول الله، فإنهم تركوهم في مصيبتهم وحدهم، فما اعظمها من مصيبة تبعت مصيبة!
    ولم يكتف الانقلابيون بذلك، فقد علموا بأنه إن لم يبايع علي (عليه السلام) والذين معه فإن حكمهم ما زال مهددا بالانهيار، لأنه بني على أساس إزاحة علي (عليه السلام) ونقض بيعته يوم الغدير، ومادام علي موجودا فمعنى ذلك أنه سيصبح شوكة في خاصرتهم.
    كان لابد من إجباره على البيعة، بأي شكل كان، وهذا ما دفع الانقلابيين إلى أن يرسلوا إليه غير مرّة يطلبون بيعته لإضفاء الشرعية على نظامهم، لقد جاءوه في إحداها وقالوا له: (أجب خليفة رسول الله)! فأجابهم الأمير (عليه السلام): (لسريع ما كذبتم على رسول الله)!
    عندها تبيّن لهم أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأبى البيعة، فكان لابد من اتخاذ قرار المواجهة المسلحة، فقام الثاني بإيعاز من الأول بحشد عدد من أنصار النظام، ممن لا يعرفون لرسول الله حرمة، وجلهم من أبناء الزنا وذوات الرايات!
    حمل هؤلاء معهم مشاعل من نار، وأحاطوا بمنزل الوحي والرسالة، وجمعوا الحطب حوله مهددين بإحراقه إن لم يخرج أهل البيت للمبايعة والرضوخ للحكم الجديد. هنا ظهرت للانقلابيين مفاجأة لم تكن في البال، إذ برزت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها رمزا للتحدي، وأعلنت رفضها القاطع للنظام الجائر، وقد أثر هذا الأمر في عدد من المتجمهرين، فعادوا أدراجهم، ولكن ابن صهاك وعدداً من أقرائه السفلة لم يؤثر فيهم الأمر شيئا، فصعدّوا من تهديدهم بكل جرأة ووقاحة!

    يذكر ابن قتيبة وهو من أعاظم علماء السنة في كتابه (الإمامة والسياسة) ص 12: (إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها فقيل له: يا أبا حفص.. إن فيها فاطمة! فقال: وإن!!
    فخرجوا فبايعوا إلا عليٌ فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي، حتى اجمع القرآن فوقفت فاطمة عليها السلام على بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضرٍ منكم! تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقا!
    فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: اِذهب فادع لي عليا، فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟! فقال قنفذ: يدعوك خليفة رسول الله! فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
    فرجع قنفذ فابلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلا! فقال عمر الثانية: لا تهمل هذا المتخلف عنك بالبيعة! فقال أبو بكر رضي الله عنه لقنفذ: عد إليه فقل له: أمير المؤمنين يدعوك لتبايع! فجاءه قنفذ فأدى ما أمر به، فرفع على صوته فقال: سبحان الله! لقد ادعى ما ليس له!!
    فرجع قنفذ فأدى الرسالة، فبكى أبو بكر طويلا! ثم قام عمر فمشى في جماعة حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبتِ يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة!
    فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر)!!
    ولكن ابن قتيبة لا يشرح لنا تفاصيل إخراجهم عليا علي السلام من الدار، وما فعلوه بحق الزهراء (عليها السلام)، ويعرض عنها، ولكن يأبى الله إلا أن يظهر ما جرى على لسان علماء آخرين من أهل السنة لا يقلون اعتبارا عن ابن قتيبة! (المصادر في ص 14 من هذا العدد).
    وهاهو الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل) ينقل عن النظام ما حدث في ص 83 فيقول: (إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها! وكان يصيح: احرقوا دارها بمن فيها! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين)!!
    الله أكبر! هكذا أصبحت دار الرسالة تنتهك وتستباح من ابن صهاك وحثالته! وهكذا تضرب الزهراء صلوات الله عليها ويلقى جنينها! ممّن؟! من قوم يشهدون أن أباها رسول الله وخاتم النبيين!!

    تعليق


    • هل يتحمل قلبك أيها القارئ مزيدا من التفاصيل؟! خذ هذه.
      كانت الزهراء صلوات الله عليها قبل هجوم الانقلابيين خلف الباب، وقد عصبت رأسها بعصابة، ولم يكن عليها خمار، فلما هجم القوم لاذت - بأبي وأمي وروحي - خلف الباب لتستر نفسها عن أولئك السفلة، فعصروها عصرة شديدة - واويلاه - وكانت حاملا في شهرها السادس بمحسن (عليه السلام)!
      صرخت الزهراء وصاحت: وا محمداه!! ونبت مسمار كان في الباب في صدرها فأدماها! ولم تستطع الزهراء المقاومة، فانفرج الباب قليلا، وعندما بانت يدها صلوات الله عليها، أخرج الملعون بن الملعون سوطه وضربها فسقطت على الأرض! واقتحم أبناء الزنا الدار يقصدون عليا (عليه السلام)، فحاولت بنت النبي منعهم وصدهم وقالت لهم: (أما تتقون الله! تدخلون عليَّ بيتي وتهجمون على داري! يا أبتاه يا رسول الله لبئس ما خلفك ابن الخطاب وابن أبي قحافة)!! فصفعها السافل على وجهها المقدس ولكزها المنحط الوضيع بمقبض السيف على بطنها ورفسها!! وهنا أجهضت جنينها الشهيد!!
      استنجدت فاطمة صلوات الله عليها بخادمتها فضّة وصاحت: (يا فضة.. إليك فخذيني وإلى صدرك فاسنديني، والله لقد قتلوا ما في أحشائي)!! وأسرعت فضة على مولاتها باكية منتحبة وحملتها إلى الحجرة!
      وسمع صراخها واستغاثتها حيدر الكرار، فجاء كالليث الغضنفر وأخذ بتلابيب ابن صهاك فهزه وصرعه ووجأ أنفه ورقبته وكاد أن يقتله، لولا أن الله تعالى - لحكمته - لم يأذن له، وعندها قال أمير المؤمنين له: (يابن صهاك! والذي كرم محمدا بالنبوة؛ لولا كتاب من الله سبق، وعهدا عهده إلي رسول الله لقلعت الذي ما بين عينيك)!!
      ساعتها صاح ابن صهاك بصوت الجبان ينشد النصرة والإغاثة من القوم، فجاءوه ورأوه تحت قدمي أمير المؤمنين، فما كان منهم إلا أن ألقوا حبلا في رقبة ولي الله قاصدين اقتياده إلى زعيم النظام، وكان الولي قادرا على أن ينسفهم نسفا، (لولا كتاب من الله سبق، وعهد من رسول الله) فطاوعهم صلوات الله عليه!
      وارتفعت أصوات النساء الواقفات في الطريق، وعلت أصوات الرجال بالعويل، والجميع يبكي لهول المنظرّ! هذا أمير المؤمنين علي، نفس رسول الله واخوه وصنوه وخليفته على أمته، يقاد بلا كرامة إلى مجلس النظام الجديد الذي كشف في أول أيامه عن استبداده وظلمه، ويرى سلمان المحمدي المنظر، فنفظر قلبه من شدته، ويقول باكيا: (أيصنع ذا بهذا؟! والله لو أقسم على الله لا نطبقت هذه على هذه)!! ويعني سلمان: ايعقل أن يحدث مثل هذا التعدي على خير خلق الله بعد نبيه؟! والله لو أقسم أمير المؤمنين على بن أبي طالب على الله ودعاه لانطبقت المدينة على أهلها!
      ولكن سلمان رضوان الله عليه لم ير الأمير يقسم، لأنه (كتاب من الله وعهد من رسوله).
      مع صيحات النساء، أفاقت الزهراء وفتحت عينيها المقدستين الذابلتين من شدة البكاء على مصيبة أبيها ومصيبة بعلها ومصيبتها بأبي وأمي: فسألت فضة: (أين علي)؟! فأجابتها: (أخذوه للمسجد)!!
      الله أكبر!! ألله أكبر!!
      تنهض الزهراء من فراشها والدماء لم تجف بعد، وتتناسى كل آلامها وأوجاعها، والطعنات التي وجهت لها، فتضع خمارها على رأسها، وتخرج من الدار لتنقذ عليا الذي لم يعد له ناصر يومها غيرها!!
      وجيء بأبي الحسن صلوات الله عليه إلى مجلس الحكم، فقيل له: بايع ابابكر! فقال (عليه السلام): (لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي)!
      فقال له الثاني: إنك لست متروكا حتى تبايع! فنظر إليه أمير المؤمنين نظرة ذكرته بما وقع له على يديه فارتجف من شدتها، وقال الأمير: (احلب حلبا لك شطره! اشدد له اليوم ليردّه عليك غدا! والله لن أبايعكم والبيعة لي فري رقابكم)!! والمقصود من كلامه (عليه السلام): قم ودبر الأمر لكي يستلم صاحبك زمام السلطة اليوم، حتى يستخلفك عليها في ما بعد!! وهذا ما وقع فعلا!
      في هذه اللحظات جاءت فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، فرأت ما يحدث لبعلها أمير المؤمنين، فقالت: وا أسفاه عليك يا أبتاه! أو تكل حبيبك أبوا الحسن المؤتمن وأبوا سبطيك الحسن والحسين، ومن ربيته صغيرا وآخيته كبيرا، وأجل أحبائك لديك، وأحب أصحابك إليك، أولهم سبقا إلى الإسلام، ومهاجرة إليك يا خير الأنام، فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير)!!
      رمقت الأنظار بنت رسول الله التي أنّت أنّه وهي تقول: (وامحمداه! واحبيباه! وأباه! وا أبا القاسماه! وا أحمداه! واقلة ناصراه! واغوثاه! وا طول كربتاه! وا حزناه! وا مصيبتاه! واسوءَ صباحاه)!
      وأجابها الأول: إن صباحك لصباح سوء!!
      ووقفت الزهراء على جوار قبر أبيها (صلى الله عليه وآله) وخاطبت القوم قائله: (خلوا ابن عمي، فو الذي بعث محمدا أبي بالحق، إن لم تخلوا عنه لأنشرنّ شعري، ولأضعن قميص رسول الله على رأسي، وأصرخنّ إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح بأكرم على الله من أبي، ولا الناقة بأكرم مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي).
      وشاهد من كانوا في المسجد أساس حيطانه تقتلع من أساسها!! حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ!! هنا خاطب أمير المؤمنين الزهراء، ودعاها لأن تعود إلى خدرها المنتهك! وطلب الأمير من سلمان رضوان الله عليه أن يأخذها ويرافقها (فو الله لو فعلت لتنطبق السماء على الأرض)!!
      والتزمت الزهراء بوصية أبيها وبعلها، ورافقت سلمان إلى الدار، وبينما هي كذلك، يقول سلمان: (رجعت الحيطان حتى صعدت الغيرة من أسفلها، فدخلت في خياشيمنا)!!
      وسمع الثاني نداءً من الزهراء يقول: (أما والله يا ابن الخطاب! لولا أني أكره ان يصيب البلاء من لا ذنب له، لعلمت أني سأقسم على الله ثم أجده سريع الإجابة)! فارتعد الثاني خوفا وفزعا!!
      ويبقى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في المسجد، وقياديو الانقلاب يحاولون إجباره على البيعة فيأبى، وعندها يقوم الأول بإمرار يده على يد أمير المؤمنين المقبوضة، ويوهم نفسه والانقلابيين أنه قد بايعه!! وتبدأ أبواق السلطة بإشاعة هذا الأمر في كل مكان، فيصيح الموجودون: قد بايع علي!! قد بايع علي!!
      ويكتب أزلام السلطة بذلك إلى رؤساء القبائل والعشائر، وإلى جيش أسامة بن زيد الذي كان في الشام لقتال الروم، ويذكرون أن عليا (عليه السلام) قد بايع أبابكر! فيستغرب الناس في بداية الأمر، لكنهم يقبلون به بعد ما رأوا أنه قد شاع والنتشر حتى توهموا أنها الحقيقة عينها، فيظنون أن الخليفة الشرعي قد تنازل لخليفة آخر، وبهذا حصل النظام الجديد على شرعيته وبقى إلى يومنا هذا! ليس بشكله العيني، وإنما بأشكال مختلفة هنا وهناك!!
      وبعد هذا؛ هم يلوموننا الآن!
      يلوموننا لأننا - حسب دعواهم - ننبش تاريخا قد مضى! يلوموننا لأننا - بزعمهم - نخلق فتنة لا حاجة لنابها! يلوموننا لأننا - في منطقهم - نستحضر قضايا عفا عنها الزمن لنؤجج بها نار الشقاق! يتهموننا ويرشقوننا بوابل من السهام بدعوى أننا نمزق وحدة الأمة!
      كل هذا لأننا أبينا أن نسكت على تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ولم نتناساها، وأبينا إلا أن نكشف مظلومية البتول وندافع عن حقها ونفضح أعداءها، أعداء الله ورسوله. وصرنا بذلك؛ مثيري الفتن ومؤججي نار التعصب وممزقي شمل الأمة!
      فليكن! فإنما موقفنا يستتبع موقف الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، التي كانت في نظر الزمرة الحاكمة الظالمة، مصدر شق عصا الطاعة والتأليب على خرق الجماعة؟
      إن الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؛ بمواقفها الشجاعة وكلماتها الإبائية؛ ترد على هؤلاء الذين يزعقون اليوم، ويرموننا بصنوف التهم. إنها رفضت التنازل عن حق أو إلغاء مبدأ في سبيل وحدة وهمية، كان يمكن لها أن تسكت وترضى، وكان يمكن لبعلها أن يبايع ويقبل، حرصا على (الوحدة) التي تشدق بها أهل السقيفة كما يتشدق بها الجهلاء هذه الأيام. إلا أنهما صلوات الله عليهما سجلا درسا علّم الأجيال أن الوحدة لا تعني الرضوخ للظلم، أو السكوت عن الحق، أو إمضاء الباطل، أو القبول بالأمر الواقع. فما هذه بوحدة حقيقية، إنما هي وحدة وهمية هلامية بنيت على أرضية هشة، هي أرضية المصالح الدنيئة.
      نحن نتساءل: هذا الزخم الهائل من النصوص، الواردة عن أهل بيت الوحي والعصمة صلوات الله عليهم في التبرؤ من الظالمين ولعنهما، ألا يدلل على حقيقة ما؟! ألا يكشف عن أن الله تعالى بنص المعصوم، يدعونا لأن نفضح هذين وننال منهما لما ارتكباه بحق الزهراء والعترة؟! أليس الله أعرف بمصلحة الأمة منا؟! ولو كان في السكوت والتغاضي والتواري مصلحة لكان قد قررها الشارع المقدس، ولكن الشارع أمرنا بأن نستمر في منهجية التبري، الذي هو ركيزة من ركائز الدين، بغيرها لا يستقيم.
      إنهم يقولون: هذه قضايا قد انتهت ولا داعي لذكرها الآن! والمطلوب منا أن ننظر إلى المستقبل وأن نحرص على الوحدة مع الفريق الآخر الذي يعتقد بهذين ويجلهما ويقدسهما!
      ونحن نقول: إن هذه القضايا لم تنته! فنحن اليوم، بما نعيشه من فرقة، وبما نتجرعه من آلام الظلم والجور من السلاطين والحكام، وبما نراه من مظاهر الفساد والإفساد، إنما جاء على خلفية ذلك اليوم الذي ظلمت فيه الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، واستبيحت حرمتها، وأزيح بعلها عن الخلافة الشرعية، ولو كان كل ذلك لم يقع، لكنا الآن في نعيم، نعيش تحت ظل حكم آل محمد صلى الله عليهم أجمعين، لا جور ولا ظلم ولا استبداد ولا أباطيل ولا تخاريف ولا رجعية ولا جهل!!
      إن آثار السقيفة وإسقاطاتها لم تنته، وهي باقية إلى اليوم، وهاهي الأمة تعيش في خبط ومآسي بسببها، ولو أردنا تغيير حالنا فيتوجب علينا أن نقتلع رمزية الانقلابيين من الأذهان، حتى لا تكون هذه الرمزية سببا في استمرار انتهاج المنهج الذي خطوه لنا، والذي تدفع الأمة - بسبب انقيادها له - ثمنا باهظا أوقعها في ما وقعت فيه الآن.
      يؤكد سماحة المرجع الديني الأعلى الإمام الشيرازي دام ظله الوارف في كتابه (من فقه الزهراء عليها السلام - الجزء الثالث - المجلد رقم 123 من موسوعة الفقه الكبرى) على ضرورة بيان مظلومية الزهراء وأهل البيت عليهم السلام والنيل من أعدائهم، وهو يرد على من يعتبرون ذلك إشغالا للأمة في الفتنة واستحضارا لأحقاد قد مضت، فيقول حفظه الله: (يجب إحياء ظلامة السيدة الزهراء عليها الصلاة والسلام حتى تكون على مر الأيام غضة طرية لا يعفي عليها الزمن كمصيبة سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام.. لا يقال: ذلك تاريخ قد انقضى! لأنه يقال: التاريخ هو الذي يصنع المستقل، والحاضر تاريخ المستقبل، ومن لا تاريخ له لا جذور له، ولذلك ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم قصة هابيل وقابيل، وغيرها من القصص. قال سبحانه: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب). ولذلك سجلت عليها السلام ظلامتها بقولها: (ونصبر منكم على مثل حز المدى ووخز السنان في الحشا). ولذلك كان (نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح وهمه لأمرنا عبادة) ولذلك ورد: (من أبكى أو بكى أو تباكى وجبت له الجنة)... فالدعوة إلى إلغاء التاريخ تعد عند العقلاء سفاهة وجهلا إن لم تعد مخططا خبيثا لقطع الأمة عن جذورها ليسهل للمستعمر ابتلاعها... فلماذا نسمع همسات من هنا وأصوات من هنالك تنادي بطمس أهم ملامح التاريخ وأهم منعطف تاريخي وأهم محور في معادلة الصراع الكبرى بين قوى الجاهلية والإيمان، حيث تقول الآية القرآنية الشريفة: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)؟!!
      ولعل أبلغ رد على هؤلاء الانهزاميين التراجعين، الذين يريدون منا أن نسكت على جرائم الظالمين بحق آل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، هو ما كتبه سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دام ظله في كتابه (في السجن.. كانت مقالات) وهو الكتاب الذي ألفه في زنزانته عندما سجنوه ظلما وعذبوه جورا!!
      يقول السيد المرتضى بعد عرضه لعدد من النصوص الواردة عن الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام في أهمية وضرورة لعن الجبت والطاغوت وأعداء أهل البيت عليهم السلام: (وربما تعتري الكثيرين حالة حيرة بل تعجب واستغراب، بل ومضات ريب وشك، وربما تطفح على السنة بعضهم تساؤلات، او تنعكس عبر اقلامهم علامات استفهام حقيقي أو استنكاري: أفهل يعقل ذلك؟ أهل يمكن أن يعطي الله لمن يقول كل يوم مرة واحدة: (اللهم العن الجبت والطاغوت)، سبعين ألف حسنة ويمحوعنه سبعين ألف سيئة ويرفع له سبعين ألف درجة؟!
      أهل يمكن أن يعطي الله لمن قرأ زيارة عاشوراء: مئة مليون درجة؟ وما معنى ذلك؟
      وربما يزيد بعض المتنورين! و(المثقفين)! لماذا (نتعمد) شحن النفوس بـ (العداوة والبغضاء)؟ لماذا نزرع في ضمائر الناس (المحن والحزازات) ثم نسقيها ونغذيها لتنفجر براكين ثائرة وتتحول إلى أعاصيرها مدمرة؟ لماذا لا نحل (الألفه والرأفة والاخوة والمحبة والصفاء) محل كل ذلك؟ لماذا نؤجج أحقادا تاريخية دفينة؟ ولماذا لا (نتحد) ونكون يداً واحدة على جحافل الأعداء، وجيوش الشرك والضلالة، والاستعمار والاستعباد؟ بادئ ذي بدء نقول: هل في ذلك (تأجيج أحقاد تاريخية، وإثارة أحداث بالية هي بمعزل عن حياتنا الراهنة وعن مآسينا الحاضرة)؟ أم انه (تحديد لـ (قادة الأمة) الحقيقيين، وتعريف بـ (الأسوة والقدوة) التي تطبع بصماتها على حياة الأمم على مر الأزمنة والأعصار)؟ هل في ذلك حديث ممل ومكرر عن (أشخاص من التاريخ الغابر، عاشوا فترة زمنية محددة، وما توا بعدها، ومات معهم كال شيء) أم أنه حديث استراتيجي عن (منهج وفكر وسلوك، ومدرسة متكاملة، تجسدت في هذه الشخصية التاريخية أو تلك)؟ هل أولئك الأفراد أضحوا، مجرد أسطورة تاريخية، و(شخصيات محنطة في متاحف التاريخ ومجاهيله)، أم انهم لا يزالون - عبر أقوالهم وسيرتهم - ملء سمع الناس وأبصارهم وعقولهم، يعايشونهم في حياتهم الشخصية والعائلية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها؟! وهل كان القران الكريم مجانبا جادة الصواب - وأعوذ بالله حتى من مجرد التفكير في ذلك - عندما ركز العدسات على (أئمة الضلال) و(أئمة الهدى والرشاد) وعندما صب لعناته الخالدة على فرعون وقارون وهامان والسامري وقوم لوط وقوم هود وقوم صالح وقابيل ونظائرهم من قبل؟ لماذا ذكر الله (أبا لهب) في القرآن الكريم، وهو الكتاب السرمدي الذي جعله الله منارا ومصباحا لكل الشعوب والأمم على مر التاريخ، و (أبو لهب وامرأته) لم يكونا إلا شخصين متحددين بفترة زمنية خاصة ثم أكل دهر عليه وشرب؟! ولماذا نجد القرآن الكريم يسلط الأضواء على قادة وكبراء وسادة معسكري والإيمان الكفر والهدى والضلال على مر التاريخ وبكثافة؟

      تعليق


      • ولماذا نجده - وهو الوسيط بين الرب والخلق - يقوم بعملية دمج لـ (الأشخاص والمناهج) وبعملية تعريف للمنهج عبر الأشخاص وللأشخاص عبر المناهج والربط بينهما؟ (...) إن (بلورة القيم الإنسانية ومعاني الخير والصلاح) في عقول الناس وأنفسهم وعواطفهم ومشاعرهم وضمائرهم وزوايا حياتهم وجوانبها، يتم ويتكامل عبر التركيز على مشاعل الهداية الذين تجسدت فيهم تلك المثل العليا والمعاني السامية، وان استدراج الناس نحو مهاوي الباطل والضلال يتم عبر تسليط الأضواء على أبطال وهميين أو حقيقيين، تمثلت فيهم معاني الشر والضلال. وان (أسوة صالحة) واحدة تصنع أكثر مما يصنعه ألف كتاب وحكمة وعظة. وان (أنموذجا مثالياً فاضلاً) يقود الأمة أو الأمم نحو مدارج الكمال اكثر من عشرات الدراسات والبحوث والخطب! وكان لذلك أن قرن الله تعالى الرسالة بالرسول، والكتاب بالأنبياء والأوصياء، وكان لابد من (القرآن الناطق) إلى (جوار القرآن الصامت) كما قال مولى الموحدين عليه صلوات المصلين. والعكس بالعكس تماما.. فان (عالما ضالا) و(حاكما جائراً) و(فناناً فاسداً)، يؤثر تأثيره الكبير الكبير وربما على حياة أمم على مر الأعصار... وفي الحديث: (إذا فسد العالِم فسد العالَم). ولذلك نجد في عالم اليوم ذلك السيل الجارف من الإعلام وتلك المليارات المتزايدة أبدأ من الأموال والتي تبذل لـ (صناعة ابطال) و(تحت شخصيات) و(مكيجة وجوه) لتسطع. في أعين جمهور البسطاء. شموسا مضيئة، أو الفن والثقافة، أو حتى (عالم الإنسانية). وبذلك، يسهل علينا تفسير تلك التعبيئة الرهيبة التي يقوم بها الاستعمار الشرقي أوالغربي على مر التاريخ لتسليط مالا يحصى من العدسات والأضواء ولعقد مئات المؤتمرات، ولنصب النصب التذكارية والتماثيل والصور اللامعة حتى على أوراق النقد وطوابع البريد ولكتابة مالا يعد من البحوث والدراسات عن شخصيات من أمثال: جمال عبد الناصر بطل القومية العربية! واتاتورك بطل التقدم والعلمانية! ومحمد رضا بهلوي بطل القفزة الحضارية! ودارون بطل أصالة القرد وحالة البهيمية! ولينين بطل الاشتراكية وحقوق الطبقة الكادحة! ومحمد عبد الوهاب ومحمد علي الباب وكسروي والوردي ونظائرهم. بدرجة! أوباخرى. أبطال المذاهب الضالة والفرق المبتدعة. بل إنهم بدأوا ينحتون للشعوب أبطالا وشخصيات وقدوات من أمثال: هذه المرأة الفاتنة أو ذاك المطرب والموسيقار وغيرهم، من أبطال الأهواء والشهوات والملاهي! إن كل ذلك ما هو إلا عملية (عزل) ذكية وماهرة وحضارية لـ (الشعوب الساذجة الغافلة) عن كل ما يدفعها للتحرر والانطلاق وعن كل ما يشدها للوجه المشرق النقي الروحاني من تاريخها! ولذلك أيضا كان معاوية قد أمر بلعن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) على سبعين ألف منبر!! ولذلك أيضاَ كان ذلك الحشد الكبير من الأحاديث والروايات والكلمات الدالة تصريحا وتلويحا، وتفسيراً وتأويلا، وباطناً وظاهراً على الموقع الذي يحتله الأول والثاني في تاريخ الحركة الإسلامية، وعلى الدور الذي اضطلعا به، وعلى الزلزال الذي أحدثاه في قلب عالم الرسالة، وعلى الثورة المعاكسة التي قاداها لتحطيم حركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الصميم، وعلى منهج الظلم والجور والطغيان والاستبداد الذي أرسيا دعائمه، وعلى إحياء (الجاهلية) على انقاض الدين الوليد.
        ولذلك، كانت اللعنات المتواترة عبر مئات الروايات من الله والرسل والنبي الأعظم وأئمة آل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على الجبت والطاغوت..
        على الأول والثاني.. على اللذين حللا حرام الله، وحرما حلاله، وهدما بيت النبوة وردما بابه ونقضا أركانه.
        ولذلك كان (التبري) واجبا وفريضة إلهية كبرى من الذين أحيوا وجسدوا دور فرعون وهامان ونمرود وكافة الطغاة الجبابرة على مر التاريخ. لذلك، كانت عملية (الفضح والتعرية) واجبة للذين أنعشا آمال أبي سفيان وأبي لهب، وحققا أهداف الجاهلية، وقادا بذكاء ثورة كثورة السامري على النبي موسى (عليه السلام). إن الأول والثاني و(كذا الثالث وكذلك معاوية ويزيد...) لم يعودا شخصين تاريخيين فحسب، بل انهما كانا ولا زالا تجسيداً حياً وممثلين أكفاء ونماذج استثنائية فريدة، لـ (الاستبداد) و(الأثرة) و(التمايز الطبقي) و(الكذب والدجل والخداع) و(الجهل بأحكام الله بل (تحريف أحكام الله) و(سفك الدماء) و(قتل الأنفس المحترمة) و(مصادرة الأموال) و(هدر الحقوق) و(التجسس) وقبل كل ذلك (محاولة إطفاء نور النبوة وغصب حق من عينه الله والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وتشريد شيعة آل البيت عليهم السلام وقتل رموزهم وقادتهم وأئمتهم) و.. و...
        وذلك أيضا هو السرفي قوله (عليه السلام): اشتد غضب الله.
        وهو السر أيضاً في مجيء السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة بتلك الهيئة.
        وهو السر أيضا فيما ذكره الإمام الجواد (عليه السلام) حيث شوهد وهو ينظر إلى السماء باكيا منتحبا، فعند ما سئل قال: (أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما ثم لأنسفنهما في اليم نسفا).
        وهو السر أيضاً في النقمة الإلهية التي ستحل بهما بأمر الله عبر خاتم الأوصياء الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف حيث انه صلوات الله عليه سينبش قبرهما ثم يصلبهما ثم يحرقهما حرقاً و...
        ولكن لماذا (ثم يحرقهما حرقا)؟ لماذا الإحراق؟ والى م يرمز؟ وعلى م يدل؟
        ... إن عملية (الإحراق) هذه، هي إحراق ونسف لكل تلك الضلالات التي جسداها، ولتلك الفتن التي أضرما نارها، والظلامات التي ورّثاها. أنها أولا وقبل كل شيء إحراق لفكر شيطاني ومنهج جور وظلم، ومدرسة تحريف، وليس مجرد إحراق لهيكل مادي بال.
        وعندما نتوقف قليلا لنفكر في السر الكامن وراء خلق اله الكون للنار واحراقه المجرمين والجبابرة بنار جهنم، نستكشف ان (الاحراق) هو ذلك العقاب الإلهي العادل للعصاة والطغاة وان ذلك هو ما شروه لأنفسهم في الحياة الدنيا، وربما يكون هو (الأثر الوضعي والعقاب الرباني على احراق باب دار فاطمة الزهراء صلوات الله عليها.
        وإذا عرفنا ذلك عرفنا القيمة الكبرى والدلالات الخالدة والضرورة المصيرية التي تدعو إلى تكرار (اللعن) و(التبري) كل يوم وتركيزهما في الأنفس، حتى تتحول إلى جزء لا ينفك من وجود الإنسان المؤمن وعقله وتفكيره وعواطفه وكوامن ذاته وإذا كان ذلك كذلك، عرفنا السبب الذي يكمن وراء تلك الرواية السجادية الرائعة: (من قال.. اللهم العن الجبت والطاغوت على كل غداة مرة واحدة كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع الله له سبعين ألف درجة).
        ونعرف السبب أيضا وراء العشرات من الروايات الأخرى التي تشهد بأكبر المثوبة على (اللعن والتبري) وهان عندنا هضم وإدراك ان (زيارة عاشوراء) تسبب أن يمنح الله لقارئها مائة مليون درجة وان الله سيكتب لزائره (عليه السلام) بهذه الزيارة ثواب زيارة جميع الرسل والأنبياء عليهم السلام.
        إن التبري من أعداء آل بيت الرسالة ولعنهم هو تبرٍ من (أئمة الضلال) وممن (أسس أساس الظلم والجور) ومن (أعمالهم وأقوالهم ومناهجهم وسيرتهم وسلوكهم) - كما سبق - فلا يهولنّ القارئ الكريم بعدها ذلك الأجر العظيم الذي أعد الله للاعنهم والمتبريء منهم.
        أوليس الله تعالى هو الذي لا تنفد خزائنه؟
        أوليس جل وعلا قد أعد من الثواب الهائل على الكثير من الأعمال التي لا ترقى إلى مستوى (التولي) و(التبري)؟
        أوليس في الجنة (مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)؟
        أوليس عطاء الله سبحانه وتعالى عطاء بغير حساب، وفضلاً لا يمكن لعقولنا المحدودة أن تدرك أبعاده وحدوده وان تسبر أغواره؟
        وإذا كان الله قد منح أحد أنبيائه عطاءاً وسمح له بـ (فامنن أو أمسك بغير حساب).
        وعبارة (بغير حساب) صادرة عن الله الكبير المتعال اللامتناهي المطلق، تستوقفنا عندها كثيراً، فما بالك به جل وعلا إذا اراد أن يثيب على (كلمة) نعم (كلمة) إلا إنها تعبر عن منهج، و (جملة) كجمله (اللهم العن الجبت والطاغوت) لكنها تكشف عن موقف استراتيجي يجعلك في معسكر الشيطان أو في جبهة الرحمن؟
        إن هذه الكلمة ككلمة (لا اله إلا الله) التي هي (خفيفة على اللسان، ثقيلة، في الميزان).
        إنها المقياس الذي رسمه الله لنا.. وكل الصلاة والصيام والحج و... في جانب، والالتزام بمحتوى هذه الجملة ونظائرها في جانب آخر، بل لا قيمة لتلك دون هذه. أو ليس إبليس قد عبد الله ألاف السنين، ووعد الله أن يعبده ألوفا اخرى، لكنه هوى إلى الحضيض لمجرد أن (رفض) أمراً إليها بالسجود لآدم(عليه السلام) ولو ثانية واحدة! إن التبري من أعداء أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم كالتبري من أعداء الرسول (صلى الله عليه وآله)، وان موالاة الأول والثاني والثالث، ومعاوية ويزيد كموالاة أبي سفيان وابي لهب وهبار - ضارب زينب بنت النبي وقاتل سبطه.
        وكما إن عبادة الله ولو لألف سنة لا تنفع ذرة واحدة إذا انطوى القلب على حب،أو قدر من حب أعداء رسل الله، كذلك عبادة الله ولو ألف سنة لا تنفع إذا انعقد الضمير على محبة أعداء أوصياء رسل الله. أوليس (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار)؟ و: (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)؟ وأليس علي (عليه السلام) هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) بشهادة آية المباهلة وغيرها؟ وأليس الله يرضى لرضا فاطمة ويسخط لسخطها؟ وأليست تلك اليد الأثيمة الخبيثة التي أمتدت لتصفع بحقد لا نظير له، ذلك الوجه الطاهر لبضعة رسول رب العالمين والتي لا يزال دويها يملأ آفاق السماء ويطبق أجواء الأرض، ويغمد قلوب أولياء الله بأسى وحزن لا يحد ولا يوصف. ثم تلك العصرة الشرسة لابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الباب والجدار حتى أسقطت محسنها وظلت تعاني من الجراح والآلام حتى توفاها الله إليه شهيدة راضية مرضية بعد خمسة وسبعين أو تسعين يوما من شهادة أبيها...
        وأوليست تلك الجرائم امتداداً تاريخيا لجريمة قتل قابيل هابيل ولقتل الجبابرة والطغاة أنبياء الله ورسله وأوصياءه على مر التاريخ حتى قتل النبي الأعظم بالسم؟! ألم يسجل الله تعالى في القرآن حادثة قتل قابيل هابيل ثم كثيراً من الأحداث الأخرى؟ لماذا لكي نفرز بين معسكر الكفر ومعسكر الإيمان، بين أئمة الهدى وأئمة الضلال، ولكي نتبرأ من هؤلاء ونلعنهم كما لعنهم الله ونتولى أولئك ونتخذهم أسوة كما امرنا الله. وإذا كانت هاتان القضيتان استراتيجيتين في منطق القرآن الكريم، فلماذا يصعب علينا هضم عظيم ما أعد الله على ذلك من الأجر؟ ولماذا (نجتهد) في قبال (النص) وندعو لـ(نسيان الماضي) و(إسدال الستار على جرائم أكبر طغاة شهدهم التاريخ) و(الاحتياط في لعن من لعنهم الله)؟ إن القرآن الكريم مشحون بـ (لعن) العصاة والطغاة والمجرمين والمردة والجبابرة وأئمة الضلال على مر التاريخ، وان الكثير من الآيات ينطبق على الأول والثاني، بشهادة التاريخ ومتواتر الروايات وهذه نماذج سريعة.
        قال تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون. واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين).
        (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
        (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون).
        (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورؤنك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
        (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
        (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والأخرة وأعدلهم عذابا مهينا).
        (والشجرة الملعونة في القرآن).
        وإذا كانت اللعنة الإلهية تحل بواحد ممن تميز بإحدى تلك الخصال و الأعمال فما بالك بمن أصبح مجلي ومركزاً لأكثر تلك المواصفات؟ والأول والثاني والثالث ومعاوية ويزيد و... تنطبق عليهم أكثر تلك المواصفات بشهادة التواريخ - من مصادر العامة والخاصة - وبشهادة متواتر الروايات من طرق الخاصة والعامة أيضاً.
        قال تعالى: (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون). فهل نحن من اللاعنين؟ أم إننا من المعرضين؟ أم إننا أكثر حرصا على (الوحدة) من الله؟ أم إننا أعرف وأخبر لـ (مصالح الأمة) من الله والملائكة والأنبياء عليهم السلام؟
        أم إن علينا أن نزرع (المحبة والمودة والألفة) في كل مكان أراد الله منا أن نغضب حيث غضب، ونلعن حيث لعن وننتقم كما أراد؟! ولنا أن نرجع عدداً من التساؤلات السابقة على كثير من المعترضين، خاصة الذين رفعوا منهم راية معارضة الحكام الجائرين والطغاة المستبدين كجمال عبد الناصر والسادات والبكر وصدام و شاه ايران ونظائرهم، فلماذا لا (نتفق) مع الحكومة؟ أولنسكت على الأقل ونقبع في زايا بيوتنا؟ ولماذا نقوم بعملية (شق الصف) و(شحن قلوب الناس بالعداوة والبغضاء)؟ ولماذا لا نزرع (المحبة والألفة والاخوة محل (الصراع والشجار والمواجهة)؟ لماذا نفارق (جماعة المسلمين)؟ وقبل كل ذلك لماذا نقوم بعملية (فضح وتشهير عالمية) وفي الأوساط الدولية وعلى مرأى ومسمع من المشركين والملحدين والصهاينة وكبراء معسكري الشرق والغرب، (فضح وتشهير لمن؟
        وفي الجهة الأخرى نجد عملية (مكيجة) رهيبة تجري في الظلام - بل وفي وضوح النهار - للطغاة والجبابرة حتى يظهروا في براءة الطفل وروعة الملائكة.
        نعم هكذا وبهذه الصورة الرائعة والسيرة المشرقة، تظهر - وعلى شاشات التلفزيون وعبر أمواج الراديو وعلى صفحات الجرائد وفي ألف مكان و مكان - شخصية (الحاكم)، (الطاغوت)، (الصنم) وما أحبها من وسيلة، وما أمضاها من أسلحة بيد الطغاة لركوب الموج و(استعمار) الشعب و(استغفاله) ولكي يبقى الحاكم أولا وأخيراً متربعاً على كرسي السلطنة، متوجا بتاج العظمة، ويبده الصولجان والى جانبه أحيانا مسبحة!
        وإذا كان (حكام هذا الزمن وطواغيت هذا العصر) على هذه الشاكلة، فلماذا نغتر بعدها بـ (أبواق) سلاطين الأزمنة الغابرة؟
        كيف نطمئن إلى أقلام مرتزقة لـ (طغاة) حكموا ثلاثة أرباع البسيطة؟
        كيف نركن إلى (علماء) أو (أشباه علماء) على أبواب السلاطين، تملأ أفواههم مدائح أسيادهم وفضائلهم؟ من بعد أن ملأت عقولهم الدنانير ومخيلتهم القصور وا احلامهم المناصب والولايات!
        كيف نستند إلى كلمات أمثال (أبي هريرة، أبي الدرداء، شريح القاضي)، وألف شخص وشخص في التسبيح بحمد الأول والثاني والثالث ومعاوية ويزيد؟! أوليس التاريخ يعيد نفسه؟ أليست تلك سنة الله في الحياة؟ ألم يقل تعالى: (أتواصوا به بل هم قوم طاغون)؟
        ألا يوجد هناك ملايين من البسطاء المغترين بـ (الدعايات البراقة والإعلام المركز) و(عمليات غسيل المخ) الرامية إلى (مكيجة وجود طواغيت هذا العصر)؟ فلماذا لا يكون طواغيت الزمن الغابر كذلك؟! ولماذا لا يكون بغضنا بالنسبة لهم كبغضنا بالنسبة لحكام اليوم)؟!

        أيها الناس! أيها العالم!
        إنه لا يمكن لأحد أن يحاسب المظلوم على دفاعه عن نفسه، ويتهمه بأنه بذلك يريد الشقاق والفتنة!
        إن الزهراء مظلومة! ولئن كان ظالموها عند البعض مقدسين، فإنهم لا قداسة لهم عندنا! ولو علم هذا البعض ما ارتكبوه وما اقترفوه بحق النبي وآله الأطهار صلوات الله عليهم: لكانوا السباقين إلى لعنهم والتبرؤ منهم، ولكن العيب في بعضنا الذي يخاف من كشف حقيقتهم للناس، ويحشى من أن نعريهم ونبين وضاعتهم!
        نحن لسنا من هؤلاء الذين يدعون أنهم موالين للزهراء بينما تراهم لا يكتفون بالتغاضي عن جرائم الانقلابيين، وإنما يهاجمون من يتصدى لهذه المهمة! ويرمونه بأقذع أنواع الرمي وأسوئه، تقودهم في ذلك انهزاميتهم التي طالما عهدناها من أمثالهم!
        ليس مهما.. فليهاجمونا! نحن لن نسكت! لا والله لن تذهب دماء الزهراء هدرا! فسنفضح ظالميها وسننتقم منهم ومن كل من يرضى بأفعالهم، ذلك تكليفنا وذلك واجبنا.
        ذات مرّة؛ دخل أحد أصحاب الأئمة على الإمام الصادق (عليه السلام) وقال له: (جعلنى الله فداك يا ابن رسول الله، إني قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في الطريق فأوجع قلبي وبلغ مني)! فاستعلمه الإمام عن الأمر، فأجابه: (رأيت جلوازا (شرطيا)
        يضرب رأس امرأة، ويسوقها على المحبس وهي تنادي با على صوتها، المستغاث بالله ورسوله، فلا بغيثها أحدا)!
        فقال له الإمام (عليه السلام): (ولم فعل بها ذلك)؟ فأجابه الرجل وهو بشار المكاري: (سمعت الناس يقولون أنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة فسمعها الجلواز فضربها واقتادها إلى السجن)!!
        احمرت عينا الإمام الصادق (عليه السلام) وبان عليه التأثر الشديد ونزلت من عينيه الشريفتين الدموع حتى ابتل منديله ولحيته وصدره: ثم قال: (يا بشار.. قم بنا إلى مسجد السهلة، فندعو الله عزوجل ونسأله خلاص هذه المرأة) وأمر الإمام بعض شيعته أن يتوجهوا ألى باب السلطان ولا يبرحوه حتى يأتيهم خبر المرأة.
        وتوجه الإمام إلى مسجد السهلة، وصلى ركعتين، ورفع يده إلى السماء وقال: (أنت الله الذي لا إله إلا أنت) ثم خر ساجدا لا يسمع منه أحد شيئا إلا النفس. ثم رفع الإمام رأسه وقال: (قم يا بشار.. فقد أطلقت المرأة)!
        وعاد الإمام إلى منزله، وبينما هو في الطريق إذ أتاه بعض شيعته الذين أرسلهم إلى باب السلطان، فسألهم الإمام: (ما الخبر)؟ فأجابوا: (قد أطلق عنها)! وسأل الإمام ثانية: (كيف كان إخراجها)؟ فأجابوا كنا واقفين على باب السلطان إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها: ما الذي تكلمت؟ فقالت: عثرت فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمة. ففعل بي ما فعل!
        فأخرج الحاجب مئتي درهم وقال: خذي هذه واجعلي الأمير في حل!! فأبت أن تأخذها، فلما رأى الحاجب منها ذلك دخل وأعلم صاحبه (الأمير) بذلك، ثم خرج فقال لها: انصرفي إلى بيتك! فذهبت إلى منزلها).
        وعند ما سمع الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام ذلك، أخرج سبعة دنانير وقال لأحد أصحابه: (اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير). فذهب هذا الرجل إلى المرأة وأعطاها الدنانير وأقرأها السلام، فقالت: (بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام)؟! فأجابها الرجل: (رحمك الله.. والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام). فشقت المرأة جيبها ووقعت مغشياً عليها!!
        وصبر الرجل حتى أفاقت، فطلبت منه أن يعيد عليها ما قاله، فأعاد عليها، فغشي عليها ثانية! ثم أفاقت، وتكرر ذلك للمرة الثالثة!
        بعدها قال الرجل: (أبشري.. خذي فهذا ما أرسل به مولانا إليك). عندها أخذت المرأة الدنانير وقالت: (سلوه أن يستوهب أمته من الله، فما أعرف أحدا توسل به إلى الله إلا وأجابه)!
        فرجع الرجل إلى أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام، فأخبره بماطلبته المرأة، فبكى إمامنا صلوات الله عليه ودعا لها!!
        فيامولانا وسيدنا يا أبا عبد الله الصادق.. يا ابن رسول الله.. يا ابن أمير المؤمنين .. يا ابن فاطمة الزهراء.. يا حجة الله على السماوات والأرضين.. إنّا نقول: (لعن الله ظالميك يا فاطمة) فهلا حميتنا من جلاوزة هذا الزمان؟! ومن ظلمة هذا الزمان؟! ومن الكائدين في هذا الزمان؟!
        يا إمامنا وحبيب قلوبنا.. إنهم يريدون لنا التوقف لأننا نلعن ظالميكم! يريدون لهذا الصوت أن يخرس ويصمت! فهل تقبل بذلك يا سيدي؟!
        حاشاك والله!! لا والله لن تذهب دماء الزهراء هدرا!!
        ونسألكم الدعاء.

        تعليق


        • النظام الإيراني يخدع المخالفين بشعارات الوحدة والتقريب

          أن ما يسمى بـ «التقريب بين المذاهب الإسلامية» على النحو الذي يطرح الآن ليس سوى ضرب من الخداع والدجل والنفاق والتضليل، فمعنى التقريب هو مناقشة المسائل الخلافية لا المسائل المشتركة التي ليس فيها اختلاف في وجهات النظر، فعليه ينبغي مناقشة تلك المسائل، ولكن ما يجري في هذه المؤتمرات هو الإتيان بكلام مكرر ومعاد في كل سنة إلى حد يبعث إلى الغثيان من قبيل ("يجمعنا دين واحد" ؛ "يجمعنا إله واحد" ؛ "يجمعنا نبي واحد" ؛ "يجمعنا كتاب واحد" ؛ "يجمعنا قبلة واحدة" ؛ "تجمعنا الصلاة خمس مرات في اليوم" ؛ "يجمعنا الحج" ؛ "يجمعنا الصيام" ؛ ....إلخ!!) فأين التقريب في هذا الكلام؟
          أن من يريد أن يقرّب فأن عليه أن يناقش هل أنه يجب شرعاً ولاية أبي بكر وعمر أم البراءة منهما؟
          فالمسلمون الحقيقيون هم من يتبرأون من أبي بكر وعمر وعائشة ولا يحترمونهم لكونهم ظلَمة ومدرسة هذا الإسلام لا تتولى الظالمين، أما المدارس الأخرى فتتولى الظالمين بما فيهم أبي بكر وعمر وعائشة، فهذه مسألة يجب أن تناقش.
          إذا نوقشت هذه المسائل الخلافية بجرأة وشجاعة ورجولة على الملأ وعلى العلن في وسائل الإعلام، ستكون هذه المؤتمرات مستحقة لاسم «مؤتمرات تقريبية».
          أما الكلام المطروح ("يجمعنا دين واحد" ؛ "يجمعنا إله واحد" ؛ "يجمعنا نبي واحد") فهو أكاذيب وتضليل وخداع كما أسلفنا، لأنه لا يجمعنا رب واحد فإله المسلمين ليس نفسه الإله الذي يؤمن به المخالفون ذلك الإله المجسّم الذي حينما خلق الخلق – كما تروي رواياتهم – تعِب بعد ستة أيام فاستلقى على ظهره ووضع رجلاً على الأخرى وقال: ”لا ينبغي إلى أحدٍ أن يجلس هذه الجلسة سواي“! فيفتون لذلك بأنه يحرم أو يُكره أن تضع رجلاً على الأخرى لأنها جلسة الله، فالله وحده هو من يجلس ويضع رجل على رجل! فهل هذا الإله الذي يؤمن به المسلمون؟ هل إله طوله أربعون ذراعاً هو إله المسلمين؟ هل إله المسلمين شاب أمرد؟ هل إله المسلمين له في كل يد خمسة أصابع فيضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والبحار على إصبع وأمور أخرى على إصبع ثم يتلاعب ويقول ”أنا الملك .. أنا الملك .. أنا الملك“!؟ هل إله المسلمين يركب على حمار وينزل في ليلة الجمعة فيستحب لذلك أن يضع له البعض – كما في بغداد – شيئاً من الحشيش والماء فوق السطح كي ينالون من بركته؟ هل إله المسلمين له خاصرة؟ هل إله المسلمين له رجلان؟ هل إله المسلمين يلبس أحياناً ثوب أحمر وأحيانا ثوب أخضر؟ هل إله المسلمين يلبس نعلان من ذهب؟ إلى درجة أن قال قائل عن هذا الإله ”اسالوني ما دون الفرج“ فهل هذا إله المسلمين أم إله اليهود الذين يؤمنون بعقيدة التجسيم؟
          ولا يجمعنا نبي واحد اسمه محمد لأن صفاته مختلفة عند غير المسلمين فمحمد هذا عندهم إنسان وقح، ومهووس بالنساء يجامع إمرأته وهي حائض، ويصنع المنكرات التي منها أنه أراد أن ينتحر ثلاث مرات لأن جبرئيل قد تأخر عليه!، وسيء الأخلاق لا يعرف الأدب يبول وهو واقف أمام العالم وعندما يتجنبه من كان بجواره يناديه تعال تفرّج عليَّ كيف أبول، وإرهابي متوحش يسمل الأعين ويترك الناس تنزف من عيونها إلى أن تموت، ويصحح أخطاءه عمر بن الخطاب وتنزل الآيات في تأييد قول عمر فيقول لو كان نبي بعدي لكان عمر! وما تأخر عني الوحي إلا خشيت أن ينزل على عمر!، هل هذا نبي المسلمين أم أن نبي المسلمين هو نبي في قمة الأخلاق والأدب والمكارم ولا يخطئ ولا يعصي ولا يسهو وكان الأنبياء يتمنون إصلاح شسع نعله؟
          فما يجمعنا هو مجرد ”عناوين“ مع اختلاف المحتوى، فلا إسلام متفق، ولا إله متفق، ولا نبي متفق.
          وعليه فليجرؤ الضال التسخيري وأشباهه القائمين على فضائية الوحدة من العاقين لأهل البيت «صلوات الله عليهم» أن يناقشوا المسائل الخلافية في فضائيتهم حتى ندعمها، بدلاً من أن يبقون يريدون إبقاء الأمة مغيّبة ومضللة بالدعايات والفرقعة الكلامية الإعلامية بأنه يجمعنا العنوان الفلاني والعنوان الفلاني تاركين خلفهم القضايا الخلافية التي هجرانها يؤدي بالأمة المجموعة على هذه العناوين أن تتفرق إلى الجنة وإلى النار حيث سيدخلها من يعتقد بالإله المجسم، فهم لا يعملون على توعية الأمة عبر قنواتهم ووسائل إعلامهم ومؤتمراتهم التقريبية المزيّفة، وخلاصة القول فأن قناة فدك –على سبيل المثال– هي قناة تقريبية حقيقية لأنها تناقش المسائل الخلافية حتى تقترب وجهات النظر، في ظل عدم جدوى ترك المسائل الخلافية على حالها ومناقشة ”العناوين“ المشتركة بالهراء والنفاق والدجل من أجل مصالح حكومة إيران السياسية التي تريد أن توهم المخالفين أنها تريد جمع المسلمين على كلمة سواء بينما تستمر في تضليلهم وتجهيلهم.
          أن مشروع قناة الوحدة الفضائية هو خلاف منهج أهل البيت «صلوات الله عليهم» لأنها لا تستقي أصول منهجها من خلال روايات أهل البيت إلى جانب الجبن الذي عندهم فهم لن يتمكنون أن يأتون برواية واحدة أن الإمام الصادق مثلاً قد عقد مؤتمر تقريبي مع أبي حنيفة فجلسا مع بعض ومدح الإمام الصادق أبا حنيفة ونعته بأنه ”أخونا في الإسلام وأخونا في الإيمان“ وقال (يجمعنا إله واحد ؛ يجمعنا نبي واحد ؛ يجمعنا قبلة واحدة) وإلى ما هنالك، بل أن العكس هو الذي كان يحصل حيث كان يأتي أبو حنيفة فيستحقره الإمام الصادق ويهرق ماء وجهه ويسخر به كأن يقول له ”لا تقس يا أبا حنيفة فأن أول من قاس أبليس“ أو يسأله أسئلة لاحراجه وبيان جهله أمام الناس فلا يحر أبو حنيفة جوابا كأن يسأله ”أيهما أعظم الصلاة أو الصوم؟“ فيقول أبو حنيفة ”الصلاة أعظم .. الصلاة عمود الدين“ فيتبع الإمام سؤاله ”فلِم الله عز وجل أوجب على الحائض قضاء الصيام دون الصلاة؟“ وإذا سأل أبو حنيفة من الإمام الصادق ”ما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟“ يجيبه الإمام ”المعروف في أهل الأرض، المعروف في أهل السماء وذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب“ أي تأمر بولاية علي بن أبي طالب «صلوات الله عليه» و ”المنكر اللذان ظلماه حقه وابتزاه أمره وحملا الناس على رقبته أبو بكر وعمر“.
          هذا بالإضافة إلى أن أهل البيت قد حرّموا الضحك في وجه المخالف، فقد وردت في الكافي الشريف وفي رسائل الشيخ الصدوق وفي مستدرك الوسائل للميرزا النوري روايات حاصلها أن من ضحك في وجه مخالف فليس منا، ولا تقبل منه صلاة أربعين يوما، وتحمل هذه الروايات على كبار المخالفين بالفعل لا مستضعفيهم العوام المساكين الذين ينبغي الضحك في وجوههم والابتسام معهم ومحاولة تقريبهم إلى الحق لأنهم مخدوعين، فالقرضاوي مثلاً لا يجوز الضحك في وجهه في المؤتمرات التقريبية واحتضانه بل العكس هو الذي ينبغي أن يحصل وهو البصق على وجهه، أما من يضحك في وجهه كالتسخيري مثلاً فأنه لمدة أربعين يوم لا تقبل صلاته إذا كان يصلي، فمشايخ المخالفين هم كبراء الضلال والسوء والدجل الذين بسببهم يبقى المخالفين العامة مخالفين لأهل البيت والواجب الشرعي فيهم هو فضحهم والاستهزاء بهم لا استضافتهم في إيران في أحسن الفنادق والصلاة خلفهم جماعة كما صلى جمع من المخابيل المعممين خلف القرضاوي في إيران في التسعينات وإن شاء الله يكون يوم القيامة إمامهم الذي يحشرون معه.
          والخلاصة أن ما يسمى المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية هو حركة سياسية نفاقية هرائية سخيفة بعيدة عن تعاليم أهل البيت عليهم السلام الذي وضعوا منهاجاً دقيقا هو معاملة المخدوعين من المخالفين بمنتهى الأخلاق ومنتهى الأدب وأحسن المعاشرة لكسبهم إلى الدين الحق والولاية والإيمان أما الكبار منهم فينبغي أن تكون كالسيف والسوط على ظهورهم كما قال الإمام العسكري عليه السلام – حينما أتاه رجل وسأله أن لنا جاراً من النصّاب المخالفين يحتج علينا بتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان على أمير المؤمنين فماذا نصنع معه؟ – اذهب إليه وفل حده واكسر غرته ولا تبقي له باقية.
          فمن يعمل بعكس تعاليم أهل البيت عليهم السلام يكون كالراد عليهم وكالراد على الله الذي يقول في صفات المسلمين المؤمنين المتبعين لرسول الله {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، فلهذا لم يستضف أهل البيت يوما أحمد بن حمبل أو احترموه وبجلوه وقالوا عنه أخونا، بل نجد الإمام الباقر يجيب إسماعيل الجعفي الذي سأله عن رجلٌ يحب أمير المؤمنين عليه السلام ويتولاه ولا يتبرّأ من عدوه، ويقول: هو أحبُّ إليَّ ممن خالفه؛ بقوله عليه السلام: هذا مخلِّط وهو عدوٌّ فلا تصل وراءه ولا كرامة!.
          لقد أنتهى ذلك الزمان الذي كان فيه إعلام السلطة الإيرانية هو الذي ينطق باسم التشيّع وجاء زمان الحوزات العلمية الشريفة وعلماء الدين الشرفاء الأتقياء المخلصين الولائيين الذين يكشفون حقيقة التشيّع للعالم ويخرجون للعالم ولاية أهل البيت على منهاجها الحقيقي بعيداً عن الخداع والتضليل والمصالح السياسية على حساب الدين، فتأتي محاولة النظام الإيراني باطلاق قناة الوحدة للنجاة بنفسه من المد الشيعي المتحرر من الانخداع بالخطاب الحكومي الإيراني الرسمي المهادن والمخادع الذي لا تبقى رايته أمام راية آل محمد.

          تعليق


          • بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
            لا يكون مسلما من لا يعرف الحق لعلي أم لأبي بكر ؟
            http://www.youtube.com/watch?v=S2sN3...eature=related
            ونسألكم الدعاء.

            تعليق


            • بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              هذه (الوحدة) لا نريدها!
              يبدو أننا مضطرون للسير في درب طويلة غايتها إعادة تشكيل العقلية الشيعية كي تعي جيدا المعنى الحقيقي لبعض المفاهيم والعناوين المطروحة هنا وهناك، وذلك لأن اللبس الذي أحاط بها كانت له اليد الطولى في عرقلة تحقق مشاريع النهضة الإمامية المنشودة.
              لقد قدمنا تصورا للمفهوم الطبيعي للطائفية، وأوضحنا أن الاتفاق عليها يمهد الطريق نحو التعاون والتكامل الاجتماعي المبني على اعتماد حرية كل طرف في التعبير عن ذاته والعمل على تحقيق كيانه. واليوم نجد أن الحديث يلج بنا إلى باب جديد لا يقل أهمية عن الذي سبقه. وهو باب "الوحدة".
              إن "الوحدة الإسلامية" شعار لطموح كبير لا شك أننا جميعا متفقون على ضرورة السعي لتحقيقه. بيد أننا نحتاج بداية إلى أن نستفهم من أنفسنا عن معنى هذه الوحدة وماهيتها وملامحها، وهذا ما لم نتفق عليه، فلكل مفهومه عن الوحدة، ولكل وجهته فيها، وهذا بحد ذاته جعلها مادة تفريق لا مادة توحيد كما يفترض من عنوانها! وليس الأمر إلى هاهنا فحسب؛ بل إنك تجد كثيرا ممن يدعو إلى الوحدة وينادي بها، هو أبعد من يكون عنها! فهي عنده ليست إلا شعارا مصلحيا يرفعه متى ما تطلبت مصالحه رفعه، وينكسه متى ما تطلبت نكسه.
              أليست مفارقة أن يدعو بعضهم إلى الوحدة الإسلامية وهو في الوقت ذاته يرفض - بأطروحاته وتصرفاته - الوحدة بين بني جلدته من الموالين؟! أليست مفارقة أن يتدلف هؤلاء إلى العامة تحت شعار الوحدة إلى درجة ضرب نصوص الشريعة بعرض الجدار، بينما هم عندما يتعلق الأمر بالخاصة يضعون الحواجز والسدود التي تمنع شق أي طريق للالتقاء وبناء الوحدة الشيعية؟!
              لننظر إليهم؛ إنهم مستعدون تمام الاستعداد لأن يقدموا التنازلات تلو التنازلات لأجل تحقيق الوحدة المزعومة مع الجناح الآخر، حتى وإن تطلب ذلك مثلا الإفتاء بجواز الصلاة خلفهم جماعة رغم أن تلك الصلاة باطلة قطعا، لأنها اقتداء بغير العادل لا تقره الشريعة! وحتى وإن تطلب ذلك الإفتاء بجواز السجود على السجاد والتكتف في الصلاة وعدم رعاية الوقت، رغم أن السجود على غير الأرض أو ما أنبتت من غير المأكول والملبوس باطل بنص من الصادق عليه الصلاة والسلام! ورغم أن التكتف بدعة ابتدعها لاطم الزهراء وكاسر ضلعها صلوات الله وسلامه عليها! ورغم أن عدم رعاية الوقت يعني أن الصلاة غير مجزية لأن وقتها لم يدخل بعد! ولكنهم يبررون لكل ذلك بالقول: إن الوحدة الإسلامية ضرورة تتطلب ذلك التنازل وذلك التغاضي عن قوانين الشارع المقدس!
              حسنا.. فلننظر نظرة ثانية إليهم؛ إنهم يرفضون تمام الرفض أن يفتوا بجواز الصلاة خلف العالم التقي العادل الإمامي مادام غير مقتنع بفقاهتهم وغير مقر بولايتهم السياسية التي هي - عندهم - فرض مفروض على جميع المسلمين! وهم يرفضون تمام الرفض أن يتخلوا عن التنكيل بمن يخالفهم الرأي حتى وإن كان من نواب صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام، فيسجنونه ويعذبونه ويتهمونه بالعمالة، رغم علمهم أن هذا الجور هو ما يخلق العداء في النفوس ويحول دون تحقيق الوحدة! وهم يرفضون تمام الرفض التنازل عن أيٍّ من أطروحاتهم السياسية التي تسبب الفتنة في أوساط المجتمع الإمامي وتقسمه على ذاته، بين من يعتقد بأن دينه يقوم على خمسة أصول كما قرر الأئمة المعصومون صلوات الله عليهم، وبين من يعتقد بأن دينه يقوم على ستة أصول منها "ولاية الفقيه" كما قررته مناهجهم الدراسية والحوزوية!!
              عجبا لهؤلاء! تجدهم يتشدقون بشعار الوحدة الإسلامية ويستذبحون لأجله ويتباكون عليه؛ في حين أنهم يديرون ظهورهم ويولون أدبارهم لمن يدعوهم إلى تحقيق الوحدة الأوْلى مع إخوان لهم يشتركون معهم في عقيدة الولاء لأهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام!
              لقد كشفت هذه المعادلة حقيقة تلك الدعوة وذلك الشعار، إنها دعوة جوفاء وشعار وهمي أريدَ به تحقيق مكاسب سياسية في ساحة الطرف الآخر ليس إلا، وإن كان ذلك على حساب أحكام دين الله عز وجل وتعاليم أوليائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
              هؤلاء بلغت استماتتهم في ما هم ماضون فيه لأن يتطاولوا على شعائر الدين الحق، ويوجهوا لومهم إلى من يلتزم بها ويحث عليها، بدعوى أن تلك الشعائر تسهم في توسيع الفجوة بيننا وبين العامة. وعلى هذا أصبح عند هؤلاء من يلتزم بيننا مثلا بالشهادة الثالثة المقدسة ويرفعها على المنائر والمنابر "طائفيا يروم الفتنة والفرقة"! وبات في نظرهم من يتحدث عن ظلامات الزهراء صلوات الله وسلامه عليها "طاعنا في الوحدة الإسلامية"! وانظر إلى ما حدث قبل أيام في قم المقدسة حينما منعت السلطات مجلسا تأبينيا لذكرى استشهاد سيدنا المحسن بن علي السقط صلوات الله عليهما لإدراكها بأن هذا المجلس سيشتمل على إدانة واضحة لأئمة الضلال وحكام الجور! وليتها اكتفت بالمنع، بل طال الأمر اعتقال المنظمين وسجنهم واستجوابهم، وأين؟ في عش آل محمد.. قم المقدسة! وعلى هذه فقس.
              بل لقد بلغت فيهم جرأتهم أن يصف أحد رموزهم السالفين انكباب الموالين على مراقد أهل بيت الرحمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، واللجوء إلى أضرحتهم المقدسة والتذلل عند عتباتهم الطاهرة والتضرع تحت قبابهم المشرفة، أن يصف ذلك كله "عملا جاهليا"!! فتراه يقول في سياق وصية أوصى بها: "على الأخوة الإيرانيين وجميع الشيعة في العالم أن يتجنبوا الأعمال الجاهلة التي تؤدي إلى تفريق صفوف المسلمين، وعليهم أن يشتركوا في جماعات أهل السنة، وأن يتجنبوا عقد صلاة الجماعة في البيوت، وإلقاء النفس على القبور الطاهرة والأعمال المخالفة للشرع"!!
              أفٍ للدهر! كيف أصبح إلقاء النفس على قبور سادة الخلق عملا جاهليا مخالفا للشرع؟! بل كيف سوغ هذا لنفسه أن يقول ما يقول؟! أ كل ذلك لأجل الوحدة التي يتشدقون بها؟! ألا سحقا لهذه الوحدة التي يريد دعاتها جبر المؤمنين على التخلي عن ولائهم وشعائرهم وأحكام دينهم.
              وإذا أردنا العجب فإنا سنراه في وصية أخرى من تلك الوصايا، عندما دعا صاحبها إلى الاهتمام بمؤلفات ابن عربي وملا صدرا وسيد قطب وغيرهم من أئمة الضلال المروجين لأفكار الشرك ووحدة الموجود العرفانية الصوفية. فهاهو هنا يسبح بحمد هؤلاء ويسبغ عليهم أثواب المديح المفرط، بينما هو هناك قد اعتبر أن الزحف للمراقد المطهرة عملا من أعمال الفرقة وضربا من ضروب الجهل! فانظر كم هي مفارقة بين هذه وتلك! بل انظر كم هي مفارقة أن يقوم هؤلاء أحيانا بالترضي على الوغديْن أبي بكر وعمر والامتناع عن ذكر ما اقترفاه بينما هم يحاولون التملص من أي ذكر لمآثر أهل البيت عليهم السلام ومناقبهم ووصاياهم وتعاليمهم!
              لقد آن الأوان لكي يزال هذا القناع الزائف، آن الأوان لكي يدرك المؤمنون أن هذه الدعوات والشعارات لم تأت إلا على أرضية السياسة وما تتطلبه من مداهنات ومغازلات. لقد فرضت المصالح السياسية واقعا بائسا حرف من مسار العقيدة وجعلها تصب في خدمة جهاز الحكم ليس إلا. وهذا الأمر هو ما فتح الباب مشرعا أمام حدوث تغييرات عدة يمكن لها أن تشكل "إسلاما" جديدا مبتدعا كما كان الأمر منذ الانقضاض على الشرعية الإلهية في يوم السقيفة الأسود.
              ومن المضحك المبكي أن هؤلاء يستدلون في دعوتهم تلك إلى الآية الكريمة: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" فتراهم يجعلونها تبريرا لتخليهم عن ثوابت العقيدة والأحكام والشعائر.. أفلا يعلم هؤلاء أن المقصود بحبل الله هو ولاية أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام؟! ألم يستمع هؤلاء إلى حديث الإمام الباقر عليه السلام إذ قال في تفسيره لتلك الآية: "إن الله تبارك وتعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم ويختلفون فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان من قبلهم، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد عليهم السلام ولا يتفرقوا، فآل محمد هم حبل الله".
              ما ذنبنا نحن إن كان القوم قد تفرقوا عن حبل الله وتركوه ونبذوه؟ هل المطلوب منا أن نترك حبل الولاية ونتمسك بخيوط حاكتها أيادي أهل السقيفة والأمويين ومن على شاكلتهم لأجل إرضائهم وتحقيق الوحدة المزعومة معهم؟!
              نحن هنا لا نسجل موقفا مناهضا للوحدة أو رافضا لها، ولكننا نريد أن نوضح مفهومها الحقيقي الذي نراه، والذي استقيناه من أهل العصمة عليهم السلام. إن الوحدة لا تبتنى على الشعارات، ولا تقوم على إذابة الفوارق، ولا على هدم الثوابت والمرتكزات، وإنما هي تقوم على أرضية ذات حدود ثلاثة هي: الإيمان بالتعددية العقائدية والطائفية في ما هو مختلف فيه، والتعاون الإيجابي في ما يعود بالنفع على الأمة، وتوحيد المواقف في ما يواجهها من أخطار محدقة.
              نحن لنا عقيدتنا، وللغير عقيدتهم. نحن ندعو إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام، وللغير أن يدعوا إلى سلفهم. نحن نمد يد التعاون لتحقيق الصالح العام، وعلى الغير أن يقابلوها بالترحاب. نحن نلتحم مع الكل لأجل مواجهة تهديد خارجي، وعلى الغير أن يفعلوا ذلك أيضا.
              بهذه المعادلات، نتمكن من تحقيق الوحدة الحقيقية، الوحدة التي تؤدي إلى نماء المجتمع الإسلامي، من دون أن يفرط أي أحد بثوابته العقائدية ومرتكزاته الفكرية. وإذا أردنا أن نتوسع في مفهوم الوحدة، فإننا نراها تتمثل في خلق أجواء للحوار الحر المتبادل، حتى يتبين الحق من الباطل، فتعرف الأمة هل أن الحق مع آل النبي عليهم السلام أم مع غيرهم؟ وبهذا يتمسك الجميع بحبل الله ولا يتفرق عنه، ويعود الجميع إلى ولاية الله وولاية أوليائه صلوات الله عليهم.
              هذه "الوحدة" هي التي يريدها منا الله تعالى، وهذه "الوحدة" هي التي تمهد الطريق نحو ظهور مولانا صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام وقيام دولته الإلهية العادلة المباركة.
              أما "الوحدة" التي يبغي أصحابها أن نتخلى فيها عن أصول ديننا وأسسه فضلا عن أحكامه ونصوصه لأجل تحقيق المكاسب السياسية، فلا نرضاها لأنفسنا، ولا نرضاها للآخرين أيضا. وعلى أمثال هؤلاء أن يعرفوا أن لهم يوما سيلاقون فيه نبيهم وأئمتهم، وعندها أنّى لهم أن يجيبوهم إذا ما سألوهم: "كيف ضربتم بتعاليمنا وأحكامنا عرض الجدار لأجل مكاسب الدنيا؟! بل كيف قادكم تملقكم لمن جحد ولايتنا إلى امتناعكم عن نصرتنا والتعريف بمظلوميتنا والتبري من قاتلينا وظالمينا؟!".
              .. هل لهؤلاء من جواب يومها؟!

              تعليق


              • ما مصادر قيام (عمر بن الخطاب) بكسر ضلع الزهراء عليها السلام؟

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                ما مصادر قيام (عمر بن الخطاب) بكسر ضلع الزهراء عليها السلام؟
                تعرّضت حادثة الحملة الإجرامية على الزهراء البتول (صلوات الله عليها) إلى محاولات مستميتة من النواصب والمخالفين لطمسها ودفنها، من خلال حذف أو تغييب الروايات الصريحة المنقولة في هذا الشأن. وما كان قيامهم بهذه المؤامرة إلا لأن إبقاء شواهد هذه الحادثة سينسف كل احترام يمكن أن يشعر به المسلم تجاه شخصية عمر بن الخطاب أو أضرابه المشاركين في الحملة الإجرامية عليهم جميعا لعائن الله تترى.
                كمثال على عمليات الحذف والتزوير التي قاموا بها؛ ما نراه اليوم في كتاب (المعارف) لابن قتيبة، فإنك لو رجعت إلى طبعته المتداولة اليوم لوجدت فيها هذه العبارة التي تتحدث عن المحسن الشهيد (صلوات الله عليه) وهي: "أما محسن بن علي، فهلك وهو صغير"! (المعارف ص211).
                لكنك لو رجعت إلى النسخة الأصلية القديمة – التي طمروها – لوجدت فيها بدلا عن تلك العبارة: "أما محسن بن علي ففسد من زخم قنفذ العدوي"! (نقله عن المعارف ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352).
                وشتان بين العبارتيْن كما ترى؛ فإن الأصلية معناها أن المحسن (صلوات الله عليه) لم يمت بشكل طبيعي، وإنما أسقطه قنفذ لعنة الله عليه. وأنت خبير بأن نسبة ابن قتيبة سقوط المحسن إلى قنفذ هي محاولة الماكر للتغطية على جريمة الفاعل الأصلي؛ ابن الخطاب. فإن قنفذ لم يكن سوى مشارك في الحملة الإجرامية.
                إلا أنه ومع كل محاولات الطمس والتغييب؛ أفلتت من القوم بعض الروايات والشواهد التي تذكر بصراحة ما وقع من ابن صهاك وعصابته على بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإنهم وإنْ حذفوا موارد التصريح؛ بقيت موارد التلميح، كما بقيت آثار هذه الواقعة في التراث الشعري والأدبي، بحيث يشعر كل من يطالع التأريخ أنها واقعة مسلّمة لا يمكن دفعها ولا إنكارها، وأن شيئا ما وقع من القوم الظالمين تجاه الزهراء (عليها السلام) وقد كان فادحا إلى درجة تبرؤها منهم وغضبها عليهم ومقاطعتها لهم ودعائها عليهم في كل صلاة، وهي المواقف التي رووها بكثرة في مصادر شتى.
                وما يهمنا الآن – استجابة لطلبكم - هو ذكر بعض المصادر التي ورد فيها التصريح بجزئية كسر الضلع وإجهاض الجنين، فمنها ما رواه أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي دارم التميمي، الذي هو عندهم محدّث الكوفة الحافظ الفاضل الموصوف بالحفظ والمعرفة باعتراف أشهر علمائهم في الرجال وهو الذهبي (راجع ما يذكره فيه في سير أعلام النبلاء ج15 ص676).
                وقد روى ابن أبي دارم: "إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن"!! (ميزان الاعتدال ج1 ص139).
                وبسبب روايته لهذا النص الصريح ارتبك المخالفون فلم يجدوا – كما فعل الذهبي – غير اتهام ابن أبي دارم بالرفض والتشيع آخر عمره بعدما كان مستقيما في البداية على حدّ زعمهم!
                أما إبراهيم بن سيّار النظام فقد روى هو الآخر: "إن عمر ضرب فاطمة يم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان عمر يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها! وما كان بالدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين"!! (رواه عنه الشهرستاني في الملل والنحل ج1 ص59 والصفدي في الوافي بالوفيات ج6 ص17).
                ولم يسع زعماء المخالفين تجاه ما رواه النظام إلا التشنيع عليه ووصمه بالضلال وأنه كان معتزليا، مع علمهم بأنهم في كثير من أصولهم يرجعون إلى المعتزلة، وأن النظام كان من الأجلاء عندهم كما هو حال كثير من رموز المعتزلة، ومنهم ابن أبي الحديد وشيخه أبي جعفر الإسكافي الذي قال قولته المشهورة اعتراضا على ما صنعه عمر وتخطئة له: "لمّا ألقت زينب ما في بطنها أهدر رسول الله دم هبّار لأنه روّع زينب فألقت ما في بطنها، فكان لابد أنه لو حضر ترويع القوم فاطمة الزهراء وإسقاط ما في بطنها لحكم بإهدار دم من فعل ذلك"!
                وقد سأله ابن أبي الحديد: "أروي عنك ما يرويه بعض الناس من أن فاطمة رُوِّعت فألقت محسنا؟ فقال: لا تروه عني ولا تروِ عني بطلانه"! (شرح النهج ج14 ص192).
                ولاحظ هنا أن الإسكافي وابن أبي الحديد كانا ممن يوالي عمر, غاية ما هناك أنهما يخطئانه في بضع أمور هذه واحدة منها، لا يمكن القول أنهما من الشيعة المتعصبين ضده مثلا، كما يرمينا مخالفونا دوما. ولاحظ أيضا أن الإسكافي خشي على نفسه من أن يروي ابن أبي الحديد هذه الحقيقة عنه فطلب منه أن لا يروي عنه لا ثبوته ولا بطلانه! ولاحظ أخيرا أن كلام الإسكافي كان في مقام التعليق لا الرواية، بمعنى أن القضية مشهورة إلى حدّ أنه يستدل على إهدار دم من هاجم فاطمة (عليها السلام) بقضية إهدار نبي الله (صلى الله عليه وآله) دم هبّار (لعنه الله) الذي روّع ابنته زينب (عليها السلام) فأسقطت جنينها. لذا نقول أن آثار هذه الحادثة تجدها في كل مكان، وليس بوسع أحد التغطية عليها كلّها!
                ومن المصادر في شأن ظلامة الصديقة الكبرى أم أبيها فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) أكثر من أن تُحصى إلا بعد الجهد الجهيد. وإليكم بعضا منها على سبيل المثال:
                1• ما رواه الشهرستاني عن إبراهيم بن سيّار المعتزلي النظّام أنه قال: "إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح: احرقوا دارها بمن فيها! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين"! (الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص57).
                وروى الخبر عن النظام أيضا الصفدي بهذا اللفظ: "إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن"! (الوافي بالوفيّات للصفدي ج6 ص17).
                2• ما رواه البلاذري عن سليمان التيمي وعن عبد الله بن عون – وكلاهما من الثقات عندهم – أنهما قالا: "إن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة! فتلقتّه فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يا بن الخطاب! أتُراك محرّقا عليَّ بابي؟ قال: نعم"! (أنساب الأشراف للبلاذري أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ج1 ص586).
                3• ما رواه ابن عبد ربّه – الذي هو عندهم من الموثّقين والفضلاء – قال عن الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر: "هم علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة، حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم! فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا بن الخطاب! أجئت لتحرّق دارنا؟! قال: نعم أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة"! (العقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي ج5 ص13).
                4• ما رواه بن قتيبة الدينوري – الصدوق عندهم كما وصفه ابن حجر – قال: "إن أبا بكر تفقد قوما تخلّفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجُنَّ أو لأحرّقنّها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة! فقال: وإن! فخرجوا فبايعوا إلا عليا فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم! تركتم رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقا! فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: اذهب فادع لي عليا. قال: فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله! فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله! فرجع فأبلغ الرسالة. قال: فبكى أبو بكر طويلا. فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة. فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع! فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به، فرفع علي صوته فقال: سبحان الله! لقد ادّعى ما ليس له! فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة. فبكى أبو بكر طويلا، ثم قام عمر فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقّوا الباب، فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبتِ يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة"! (الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص12).
                5• ما رواه الجويني بسنده عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه أخبر عما سيجري على ابنته الزهراء (صلوات الله عليها) فقال: "وإني لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتُهكت حرمتها، وغُصب حقها، ومُنعت إرثها، وكُسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه! فلا تجاب! وتستغيث فلا تغاث! فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية". (فرائد السمطين للجويني الشافعي ج2 ص34).
                6• ما رواه السيوطي عن ندم أبي بكر على أمره بالهجوم على بيت الزهراء البتول (صلوات الله عليها) حيث قال: "وددت أني لم أكن أكشف بيت فاطمة وتركته وإن أُغلق على الحرب"! (مسند فاطمة للسيوطي ص34 وروى الخبر عن أبي بكر أيضا الطبراني في المعجم الكبير ج1 ص62 والطبري في تاريخه ج3 ص430 وابن عبد ربّه في العقد الفريد ج2 ص254 وغيرهم كثير).
                فهذه نصوص صريحة في جزئية كسر الضلع وإسقاط الجنين، وسائر جزئيات ومفردات ظلامة الزهراء (صلوات الله عليها) تجدها متنوعة وفي كثير من المصادر.
                والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

                تعليق


                • لئلا يظهر (صدام) جديد.. أرفضوا السقيفة!

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                  لئلا يظهر (صدام) جديد.. أرفضوا السقيفة!
                  هذه الأمة بحاجة لأن تسترجع مشهد صعود طاغية بغداد ثم سقوطه أخيرا لكي تستخلص الدروس والعبر، وأول ما يجب أن تدركه في هذا المقام هو أن تسلّط مثل صدام التكريتي عليها لم يأتِ إلا بسبب إرث سياسي دفع باتجاه الخنوع والخضوع والاستسلام للأمر الواقع، بما فيه من مرواغة ومخادعة أعطتا حقا للظالم في أن يظلم!
                  ووصول صدام إلى الحكم واستمراره فيه طوال ما يزيد على ثلاثة عقود لم يكن إلا نتاج هذا الإرث السياسي العكر، الذي صنع له البيئة المناسبة للطغيان، وهي البيئة التي تخلّت فيها الأمة عن الالتزام بقانون "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تُنصََرون". (هود: 113).
                  وكان أيضا من صفات هذه البيئة البالية؛ تزيين الباطل إلى درجة أن يغدو حقا! ونسج التبريرات لكل ممارسة ظالمة أو موقف إجرامي، استنادا إلى أن الضرورة والأولويات تقتضي ذلك! أو أن الظروف حتمته! بل وصل الأمر إلى درجة التشكيك في أصل هذه الممارسة؛ هل أنها ظالمة أم لا!!
                  ومجيء صدام التكريتي إلى الحكم، ثم ممارساته الظالمة التي تكاد لا تُحصى، جاءت وفق هذا السياق. فقيل إن تقارير تعذيبه لشعبه "ترهات صنعتها مرتزقة من عملاء الاستعمار"! وقيل إن إقدامه على حرب إيران "ضرورة لحماية البوابة الشرقية للأمة العربية"! وقيل إن غزوه للكويت "له ما يبرره إذ كان الغرب على مقربة من الاستحواذ على نفط الخليج"!! وهكذا توالت التبريرات الواهية التي حوّلت صدام إلى مظلوم بدل ظالم! ثم إلى بطل قومي وتاريخي لم يبقَ له إلا القليل حتى يدخل فاتحا القدس!
                  وعند تقصّي جذور هذه الحالة، نجد أنها تكوّنت بفعل ذلك الإرث السياسي الذي صنعه مؤتمر السقيفة الأسود، وهو أول مشروع تآمري في تاريخ هذه الأمة لمعاكسة إرادة الرب، وقهر رغبة الشعب. ذلك المشروع الذي أتاح للظالم الفرصة لأن يمارس ظلمه كما يشاء دون أن يلقى محاسبة أو اعتراضا، بل على العكس من ذلك، تجده يلقى ثناء وتمجيدا! فكل ممارسة ظالمة في تلك الحقبة وما تلاها كان لها ما يبررها حتى الآن، وظهرت الأقاويل ذاتها.. وأصبح القتل والإرهاب والإرعاب وهضم الحقوق وانتهاك الحرمات مبرَّرا بمقولة "اجتهد فأخطأ"! ومصطدَما بفرمان "عدالة الصحابة والخلفاء الراشدين"!!
                  ومادام العقل المسلم مقرا بهذه التبريرات الخرافية ومذعنا لتلك الفرمانات الجاهلية؛ فإن من المنطقي جدا أن لا تؤشر مؤشرات عقله ضد الظالم في عصره، أي ظالم كان، لأن الإرث السياسي هذا غيّبه عن رؤية الحقيقة كما هي، وبالتالي فإنه ظل صامتا يتشكك في قرارة نفسه عما يجب أن يفعله، فيما الظالم يسرح ويمرح ويتحكم بالبلاد والعباد دون حسيب ولا رقيب!
                  ولو أن الأمة اتخذت منذ اليوم الأول لمشروع السقيفة التآمري قرارها بالتصدي له، كما فعل الشيعة المؤمنون آنذاك، لما حصل ما حصل من الظلامات حتى اليوم. ولو أن المسلمين وقفوا وقفتهم ضد زعيمي الانقلاب أبي بكر وعمر، واصطفوا خلف قيادتهم الشرعية المتمثلة بآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم؛ لما تمكن صدام وأضرابه من أبناء البغايا من التسلط على شعب مثل الشعب العراقي.
                  فإن أبا بكر وعمر هما اللذان أسسا أساس كل ظلم وجور وقع على هذه الأمة منذ أن تطاولا على مقام النبوة والإمامة، وهما اللذان جاءا بمعاوية ويزيد ومروان والسفاح والمنصور والمتوكل.. وصدام! وهما اللذان مهّدا الطريق للتجبّر والتسلط والطغيان لكل مهووس بالظلم والإرهاب، ولذا فإنهما - بنص الروايات - مشاركان لكل هؤلاء الظَّلَمَة في ظلمهم، وهما اليوم من يتحمّلان - قبل صدام وأمثاله - وزر مظالم البشر، ومسؤولية الدماء التي أريقت بغير ذنب.. لا سيما دماء العراقيين.
                  وهذا المعنى يؤكده إمامنا الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) إذ يقول: "ما اهريق دم، ولا حُكِم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله، وحكم علي عليه السلام؛ إلا وهو في أعناقهما". (رجال الكشي ص180). وكذلك يؤكد إمامنا الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) بقوله: "ما اهريق في الإسلام محجمة من دم، ولا اكتُسِب مالٌ من غير حلّه، ولا نُكِح فرجٌ حرام؛ إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم يقوم قائمنا عليه السلام". (رجال الكشي ص180 وبحار الأنوار ج30 ص266).
                  وحتى لا يظهر في الأمة طاغوت جديد و"صدام" آخر، فإن عليها أولا أن تعي أسباب ما وقعت فيه، والتي مكّنت الطواغيت من التسلط والتجبر. ثم عليها أن تتخلص من هذا الإرث السياسي السيئ الذي جاءها من مؤامرة السقيفة، فترفض كل ظالم، حتى ولو نُسِجت من أجله الأساطير التي جعلته رمزا مقدسا، فمن دون أن ترفض الأمة السقيفة ومجرميها والظالمين الذين تخرجوا منها؛ فإنه ليس بمقدورها أن ترفض أي ظالم اليوم، لأن الازدواجية في المعايير لا يمكنها أن تصل بالمرء إلى شاطئ الأمان.
                  بعد ذلك؛ على الأمة أن تعيد تشكيل وعيها السياسي بناء على منظومة وتراث أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، فتنقاد إلى أحكام الدين، وقيادة الفقهاء العدول الأتقياء من نواب الإمام عليه السلام، حتى لا تترك الفرصة لأحد من المجرمين لأن يطغى ويتجبّر ويتكبّر. ومن دون ذلك فإن الظلم سيبقى لا محالة! ومن دونه يمكن أن نرى "صدام" آخر.. نعوذ بالله!

                  تعليق


                  • هذه (الوحدة) لا نريدها!

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    هذه (الوحدة) لا نريدها!
                    يبدو أننا مضطرون للسير في درب طويلة غايتها إعادة تشكيل العقلية الشيعية كي تعي جيدا المعنى الحقيقي لبعض المفاهيم والعناوين المطروحة هنا وهناك، وذلك لأن اللبس الذي أحاط بها كانت له اليد الطولى في عرقلة تحقق مشاريع النهضة الإمامية المنشودة.
                    لقد قدمنا تصورا للمفهوم الطبيعي للطائفية، وأوضحنا أن الاتفاق عليها يمهد الطريق نحو التعاون والتكامل الاجتماعي المبني على اعتماد حرية كل طرف في التعبير عن ذاته والعمل على تحقيق كيانه. واليوم نجد أن الحديث يلج بنا إلى باب جديد لا يقل أهمية عن الذي سبقه. وهو باب "الوحدة".
                    إن "الوحدة الإسلامية" شعار لطموح كبير لا شك أننا جميعا متفقون على ضرورة السعي لتحقيقه. بيد أننا نحتاج بداية إلى أن نستفهم من أنفسنا عن معنى هذه الوحدة وماهيتها وملامحها، وهذا ما لم نتفق عليه، فلكل مفهومه عن الوحدة، ولكل وجهته فيها، وهذا بحد ذاته جعلها مادة تفريق لا مادة توحيد كما يفترض من عنوانها! وليس الأمر إلى هاهنا فحسب؛ بل إنك تجد كثيرا ممن يدعو إلى الوحدة وينادي بها، هو أبعد من يكون عنها! فهي عنده ليست إلا شعارا مصلحيا يرفعه متى ما تطلبت مصالحه رفعه، وينكسه متى ما تطلبت نكسه.
                    أليست مفارقة أن يدعو بعضهم إلى الوحدة الإسلامية وهو في الوقت ذاته يرفض - بأطروحاته وتصرفاته - الوحدة بين بني جلدته من الموالين؟! أليست مفارقة أن يتدلف هؤلاء إلى العامة تحت شعار الوحدة إلى درجة ضرب نصوص الشريعة بعرض الجدار، بينما هم عندما يتعلق الأمر بالخاصة يضعون الحواجز والسدود التي تمنع شق أي طريق للالتقاء وبناء الوحدة الشيعية؟!
                    لننظر إليهم؛ إنهم مستعدون تمام الاستعداد لأن يقدموا التنازلات تلو التنازلات لأجل تحقيق الوحدة المزعومة مع الجناح الآخر، حتى وإن تطلب ذلك مثلا الإفتاء بجواز الصلاة خلفهم جماعة رغم أن تلك الصلاة باطلة قطعا، لأنها اقتداء بغير العادل لا تقره الشريعة! وحتى وإن تطلب ذلك الإفتاء بجواز السجود على السجاد والتكتف في الصلاة وعدم رعاية الوقت، رغم أن السجود على غير الأرض أو ما أنبتت من غير المأكول والملبوس باطل بنص من الصادق عليه الصلاة والسلام! ورغم أن التكتف بدعة ابتدعها لاطم الزهراء وكاسر ضلعها صلوات الله وسلامه عليها! ورغم أن عدم رعاية الوقت يعني أن الصلاة غير مجزية لأن وقتها لم يدخل بعد! ولكنهم يبررون لكل ذلك بالقول: إن الوحدة الإسلامية ضرورة تتطلب ذلك التنازل وذلك التغاضي عن قوانين الشارع المقدس!
                    حسنا.. فلننظر نظرة ثانية إليهم؛ إنهم يرفضون تمام الرفض أن يفتوا بجواز الصلاة خلف العالم التقي العادل الإمامي مادام غير مقتنع بفقاهتهم وغير مقر بولايتهم السياسية التي هي - عندهم - فرض مفروض على جميع المسلمين! وهم يرفضون تمام الرفض أن يتخلوا عن التنكيل بمن يخالفهم الرأي حتى وإن كان من نواب صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام، فيسجنونه ويعذبونه ويتهمونه بالعمالة، رغم علمهم أن هذا الجور هو ما يخلق العداء في النفوس ويحول دون تحقيق الوحدة! وهم يرفضون تمام الرفض التنازل عن أيٍّ من أطروحاتهم السياسية التي تسبب الفتنة في أوساط المجتمع الإمامي وتقسمه على ذاته، بين من يعتقد بأن دينه يقوم على خمسة أصول كما قرر الأئمة المعصومون صلوات الله عليهم، وبين من يعتقد بأن دينه يقوم على ستة أصول منها "ولاية الفقيه" كما قررته مناهجهم الدراسية والحوزوية!!
                    عجبا لهؤلاء! تجدهم يتشدقون بشعار الوحدة الإسلامية ويستذبحون لأجله ويتباكون عليه؛ في حين أنهم يديرون ظهورهم ويولون أدبارهم لمن يدعوهم إلى تحقيق الوحدة الأوْلى مع إخوان لهم يشتركون معهم في عقيدة الولاء لأهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام!
                    لقد كشفت هذه المعادلة حقيقة تلك الدعوة وذلك الشعار، إنها دعوة جوفاء وشعار وهمي أريدَ به تحقيق مكاسب سياسية في ساحة الطرف الآخر ليس إلا، وإن كان ذلك على حساب أحكام دين الله عز وجل وتعاليم أوليائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
                    هؤلاء بلغت استماتتهم في ما هم ماضون فيه لأن يتطاولوا على شعائر الدين الحق، ويوجهوا لومهم إلى من يلتزم بها ويحث عليها، بدعوى أن تلك الشعائر تسهم في توسيع الفجوة بيننا وبين العامة. وعلى هذا أصبح عند هؤلاء من يلتزم بيننا مثلا بالشهادة الثالثة المقدسة ويرفعها على المنائر والمنابر "طائفيا يروم الفتنة والفرقة"! وبات في نظرهم من يتحدث عن ظلامات الزهراء صلوات الله وسلامه عليها "طاعنا في الوحدة الإسلامية"! وانظر إلى ما حدث قبل أيام في قم المقدسة حينما منعت السلطات مجلسا تأبينيا لذكرى استشهاد سيدنا المحسن بن علي السقط صلوات الله عليهما لإدراكها بأن هذا المجلس سيشتمل على إدانة واضحة لأئمة الضلال وحكام الجور! وليتها اكتفت بالمنع، بل طال الأمر اعتقال المنظمين وسجنهم واستجوابهم، وأين؟ في عش آل محمد.. قم المقدسة! وعلى هذه فقس.
                    بل لقد بلغت فيهم جرأتهم أن يصف أحد رموزهم السالفين انكباب الموالين على مراقد أهل بيت الرحمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، واللجوء إلى أضرحتهم المقدسة والتذلل عند عتباتهم الطاهرة والتضرع تحت قبابهم المشرفة، أن يصف ذلك كله "عملا جاهليا"!! فتراه يقول في سياق وصية أوصى بها: "على الأخوة الإيرانيين وجميع الشيعة في العالم أن يتجنبوا الأعمال الجاهلة التي تؤدي إلى تفريق صفوف المسلمين، وعليهم أن يشتركوا في جماعات أهل السنة، وأن يتجنبوا عقد صلاة الجماعة في البيوت، وإلقاء النفس على القبور الطاهرة والأعمال المخالفة للشرع"!!
                    أفٍ للدهر! كيف أصبح إلقاء النفس على قبور سادة الخلق عملا جاهليا مخالفا للشرع؟! بل كيف سوغ هذا لنفسه أن يقول ما يقول؟! أ كل ذلك لأجل الوحدة التي يتشدقون بها؟! ألا سحقا لهذه الوحدة التي يريد دعاتها جبر المؤمنين على التخلي عن ولائهم وشعائرهم وأحكام دينهم.
                    وإذا أردنا العجب فإنا سنراه في وصية أخرى من تلك الوصايا، عندما دعا صاحبها إلى الاهتمام بمؤلفات ابن عربي وملا صدرا وسيد قطب وغيرهم من أئمة الضلال المروجين لأفكار الشرك ووحدة الموجود العرفانية الصوفية. فهاهو هنا يسبح بحمد هؤلاء ويسبغ عليهم أثواب المديح المفرط، بينما هو هناك قد اعتبر أن الزحف للمراقد المطهرة عملا من أعمال الفرقة وضربا من ضروب الجهل! فانظر كم هي مفارقة بين هذه وتلك! بل انظر كم هي مفارقة أن يقوم هؤلاء أحيانا بالترضي على الوغديْن أبي بكر وعمر والامتناع عن ذكر ما اقترفاه بينما هم يحاولون التملص من أي ذكر لمآثر أهل البيت عليهم السلام ومناقبهم ووصاياهم وتعاليمهم!
                    لقد آن الأوان لكي يزال هذا القناع الزائف، آن الأوان لكي يدرك المؤمنون أن هذه الدعوات والشعارات لم تأت إلا على أرضية السياسة وما تتطلبه من مداهنات ومغازلات. لقد فرضت المصالح السياسية واقعا بائسا حرف من مسار العقيدة وجعلها تصب في خدمة جهاز الحكم ليس إلا. وهذا الأمر هو ما فتح الباب مشرعا أمام حدوث تغييرات عدة يمكن لها أن تشكل "إسلاما" جديدا مبتدعا كما كان الأمر منذ الانقضاض على الشرعية الإلهية في يوم السقيفة الأسود.
                    ومن المضحك المبكي أن هؤلاء يستدلون في دعوتهم تلك إلى الآية الكريمة: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" فتراهم يجعلونها تبريرا لتخليهم عن ثوابت العقيدة والأحكام والشعائر.. أفلا يعلم هؤلاء أن المقصود بحبل الله هو ولاية أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام؟! ألم يستمع هؤلاء إلى حديث الإمام الباقر عليه السلام إذ قال في تفسيره لتلك الآية: "إن الله تبارك وتعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم ويختلفون فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان من قبلهم، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد عليهم السلام ولا يتفرقوا، فآل محمد هم حبل الله".
                    ما ذنبنا نحن إن كان القوم قد تفرقوا عن حبل الله وتركوه ونبذوه؟ هل المطلوب منا أن نترك حبل الولاية ونتمسك بخيوط حاكتها أيادي أهل السقيفة والأمويين ومن على شاكلتهم لأجل إرضائهم وتحقيق الوحدة المزعومة معهم؟!
                    نحن هنا لا نسجل موقفا مناهضا للوحدة أو رافضا لها، ولكننا نريد أن نوضح مفهومها الحقيقي الذي نراه، والذي استقيناه من أهل العصمة عليهم السلام. إن الوحدة لا تبتنى على الشعارات، ولا تقوم على إذابة الفوارق، ولا على هدم الثوابت والمرتكزات، وإنما هي تقوم على أرضية ذات حدود ثلاثة هي: الإيمان بالتعددية العقائدية والطائفية في ما هو مختلف فيه، والتعاون الإيجابي في ما يعود بالنفع على الأمة، وتوحيد المواقف في ما يواجهها من أخطار محدقة.
                    نحن لنا عقيدتنا، وللغير عقيدتهم. نحن ندعو إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام، وللغير أن يدعوا إلى سلفهم. نحن نمد يد التعاون لتحقيق الصالح العام، وعلى الغير أن يقابلوها بالترحاب. نحن نلتحم مع الكل لأجل مواجهة تهديد خارجي، وعلى الغير أن يفعلوا ذلك أيضا.
                    بهذه المعادلات، نتمكن من تحقيق الوحدة الحقيقية، الوحدة التي تؤدي إلى نماء المجتمع الإسلامي، من دون أن يفرط أي أحد بثوابته العقائدية ومرتكزاته الفكرية. وإذا أردنا أن نتوسع في مفهوم الوحدة، فإننا نراها تتمثل في خلق أجواء للحوار الحر المتبادل، حتى يتبين الحق من الباطل، فتعرف الأمة هل أن الحق مع آل النبي عليهم السلام أم مع غيرهم؟ وبهذا يتمسك الجميع بحبل الله ولا يتفرق عنه، ويعود الجميع إلى ولاية الله وولاية أوليائه صلوات الله عليهم.
                    هذه "الوحدة" هي التي يريدها منا الله تعالى، وهذه "الوحدة" هي التي تمهد الطريق نحو ظهور مولانا صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام وقيام دولته الإلهية العادلة المباركة.
                    أما "الوحدة" التي يبغي أصحابها أن نتخلى فيها عن أصول ديننا وأسسه فضلا عن أحكامه ونصوصه لأجل تحقيق المكاسب السياسية، فلا نرضاها لأنفسنا، ولا نرضاها للآخرين أيضا. وعلى أمثال هؤلاء أن يعرفوا أن لهم يوما سيلاقون فيه نبيهم وأئمتهم، وعندها أنّى لهم أن يجيبوهم إذا ما سألوهم: "كيف ضربتم بتعاليمنا وأحكامنا عرض الجدار لأجل مكاسب الدنيا؟! بل كيف قادكم تملقكم لمن جحد ولايتنا إلى امتناعكم عن نصرتنا والتعريف بمظلوميتنا والتبري من قاتلينا وظالمينا؟!".
                    .. هل لهؤلاء من جواب يومها؟!

                    تعليق


                    • عزّتنا بيدنا.. لكن التلكؤ ديدننا!

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                      عزّتنا بيدنا.. لكن التلكؤ ديدننا!
                      أرسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعائم أعظم حضارة نظرت للإنسان على أنه إنسان، فأعطته كامل حريته، وجردته من جاهليته، ونزعت عنه أثواب العصبية، ومنحته أسباب العزة، ووفرت له مقومات التقدم والنهضة. ولم تكن الحضارة الإسلامية كغيرها من الحضارات التي سبقتها أو التي تلتها، من قبيل حضارات الفرس والروم التي نظرت للإنسان على أنه عبد مستعبَد، أو الحضارة الغربية الحديثة التي اعتبرته حيوانا أو آلة وظيفتها تصريف طاقتها الشهوانية.
                      إن الحضارة الإسلامية الصافية، هي تلك الحضارة التي دعت الناس إلى أن يكونوا "أحرارا في دنياهم" وإلى أن يصبحوا "إخوانا في الله متحابين" وإلى أن يعتمدوا منهجية "ما خاب من استشار" وإلى أن يكون مقياسهم أنهم "سواسية كأسنان المشط" وإلى أن يقتفوا أثر من "بعث ليتمم مكارم الأخلاق" وإلى أن تصبح نظرة الفرد منهم لصاحبه أنه "إما أخ له في الدين أو نظير له في الخلق".
                      المأساة والطامة؛ أن هذه الحضارة الإنسانية السامية باتت اليوم مطوية في ذاكرة الإنسان، وإن لم تكن فهي مشوهة منتقصة مشوبة، رغم أنها قمة القمم ومنقذة الأمم، ولا سعادة إلا بقيامها على هذا الكوكب الصغير، الكبير بأزماته ومشاكله ومآسيه ومعضلاته. فإلى متى وإلى أين المنتهى؟!
                      ثمة خطبة بليغة لسيد البلغاء وأستاذ الفصحاء وأمير الصلحاء وإمام الأتقياء - صلوات الله وسلامه عليه - في نهجه يقول: "فانظروا كيف كانوا؟ حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة، ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين؟ وملوكا على رقاب العالمين؟ فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحازبين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين".
                      هلاّ دققنا في هذه الخطبة المسماة بـ "القاصعة"؟ ألسنا نرى فيها أنفسنا؟ ألسنا نجد فيها حالنا؟ لقد كانت أملاؤنا (أي جماعاتنا) في ما مضى مجتمعة، وأهواؤنا مؤتلفة، وقلوبنا معتدلة، وأيدينا مترادفة، وسيوفنا متناصرة، وبصائرنا نافذة، وعزائمنا واحدة.. وكنا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين.. فانظروا إلى ما صرنا إليه في آخر أمورنا، حين وقعت الفرقة بيننا فهذا مصري وذاك تركي؛ وهذا مغربي وذاك إيراني، وحين تشتتت الألفة بيننا فبتنا ننظر إلى بعضنا بعضا بريبة وعداء، واختلفت كلمتنا وأفئدتنا (أي قلوبنا) وتشعبنا مختلفين، وتفرقنا متحازبين فهذا من حزب زيد وذاك من حزب عمرو.. فخلع الله عنا لباس كرامته، وسلبنا غضارة نعمته، وبقي مجدنا في الأولين.. قصصا تُسرد للمعتبرين!
                      نعم هذه حالنا وأي حال! فأما آن لنا أن ننتبه من غفلتنا ونصحوا من رقدتنا ونعود إلى أسباب عزتنا؟ ليس ذلك بمستحيل ولا هو من نسج الخيال، فقد أفاق اليهود - في عصرنا - من سباتهم، وأسسوا منظمتهم الصهيونية، ووضعوا على رأس أولوياتهم إقامة دولتهم على أرضنا، فنجحوا وانتصروا على دمائنا ورقابنا وأعراضنا، وتمكنوا من اللعب بمقدرات هذا العالم، بل لقد تحكموا فيه وأصبحت الدول العظمى رهينة بأيديهم، هذا وقد كانوا في ما قبل شرذمة منبوذة متناثرة لا حول لهم ولا قوة، فكيف استطاعوا ولم نستطع ونحن نفوقهم قدرة ومالا وعتادا ورجالا وأرضا، وثروات الطبيعة بأيدينا، ومهبط الرسالة عندنا، وإمـــام هذا الكون - عليه السلام - بيننا.. لكننا أضعناه كما أضعنا آباءه وأجداده بجهالتنا وغبائنا!!
                      الأمر بيدنا، والفرصة سانحة أمامنا، والمستقبل بعون الله لنا، فلنبدأ خطوتنا الأولى وستعقبها خطوات، لنصحح من مساراتنا ونتحاشى الزلات، لتكن همتنا عالية ولنتجاوز العقبات.
                      هاهي أسباب عزتنا وعوامل إعادة مجدنا:
                      أولها الوعي؛ فلابد لكل مسلم من أن يشعر بأنه أمسى متخلفا عن ركب الحضارة، ويدرك ذلك من أعماقه حتى يستنفر قواه لتغيير حاله، وهذا يقع على عاتق حملة الرسالة، فعليهم أن يؤسسوا المنظمات والمؤسسات والهيئات، وأن يطبعوا ملايين الكتب والنشرات، وأن يقيموا محطات إعلامية فضائية وإذاعية، وأن يكثفوا من نشاطاتهم التوعوية والتعبوية، فلا محيص عن ذلك من أجل استنهاض المسلمين.
                      وثانيها الاقتداء؛ برسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار من ذريته صلوات الله وسلامه عليهم، الذين هم سفن النجاة، فعلينا أن نتمسك بهم وبتعاليمهم، فهم الناطقون الرسميون باسم الله تعالى، ومفاتيح العلوم عندهم، وأسرار الخلق لديهم، وسبل استرداد المجد لا تُنار إلا بهم، فالله الله بوصاياهم.
                      وثالثها الأخوة الإسلامية والأمة الواحدة؛ فسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وأبو ذر العربي، كلهم أصبحوا إخوانا لا فرق بينهم، ونحن على اختلاف أعراقنا وأصولنا وعشائرنا ومواطن تولّدنا إخوان أيضا، لا فرق بيننا ولا تمييز، لا حدود ولا حواجز، فكل هذه الانتماءات القطرية والحدود الجغرافية والجوازات والجنسيات ما هي إلا بدع وخرافات وصنائع إستعمارية ترمي إلى تكريس الانفصالية بيننا، واللازم علينا أن نهدم هذه الجدران البالية التي قطّعت أمتنا الواحدة بسكين "فرّق تسد".
                      ورابعها الحريات الإسلامية؛ فـ "لا إكراه في الدين"، ولا قيود لأن الإسلام "يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم"، فينبغي توفير كل الحريات المشروعة، فـ "الأرض لله ولمن عمّرها" حتى يزدهر العمران، ولا ضرائب ولا جمارك في ديننا حتى تنمو التجارة ويتطور الاقتصاد، ولا حاجة للناس بأن يأخذوا رخصة لبناء مسجد أو حسينية، مدرسة أو مستشفى، محل أو بيت، ولا إلزام لهم بأن يستأذنوا الحكومات لإصدار صحيفة أو مجلة، أو تأسيس حزب أو منظمة، أو تأسيس ما يريدون تأسيسه وإقامة ما يريدون إقامته، ولا حق لأحد في أن يصادر الرأي أو الرأي الآخر، أو أن يفرض فكرا وصائيا على أحد، فالإسلام دين الحريات لا دين إلغائها.
                      وخامسها شورى المرجعية؛ فحتى تتوحد القيادة، وتصب الطاقات في مصب واحد مع الإبقاء على حال التعددية، لابد لمراجعنا من أن يتشاوروا ويتباحثوا لإنقاذ الأمة، واستعلاء الهمة. ولا يجوز أن يستأثر أحد بالحكم والقيادة، ويدعي الولاية، فإن في ذلك بابا يُفتح للاستبداد صعبٌ إغلاقه، والأصعب آثاره، التي رأيناها بأعيننا التي فاضت دموعها بعدما خسرنا التجربة.. الأمل.
                      فهذه خمسة أسباب نراها تعالج وضعنا، وتعيد لنا مجدنا وعزتنا، فهل نحن فاعلون أم سيبقى التلكؤ ديدننا؟!

                      تعليق


                      • لننسف هذه الحواجز الداخلية!

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                        لننسف هذه الحواجز الداخلية!
                        كنا نظن في ما مضى؛ أن الذي يعيق انتشار التشيع وسريانه في الأرجاء والآفاق، إنما يكمن في الحاجز السلطوي الحكومي الذي فرضته الحكومات الجاثمة على صدر شعوبنا. وكنا ننظر بعين الغبطة إلى ناشطينا في الغرب لتحررهم من هذا القيد بما وفرته لهم الحرية المتاحة هناك لهم، والتي وإن لم تكن كاملة، إلا أنها شرعت أمامهم الباب للعمل والتحرك في سبيل الدعوة إلى الله وآل الله.
                        وكنا نتوق إلى أن تقع "معجزة" تجعل من أوضاع الداخل مماثلة لأوضاع الخارج، من حيث الحرية والانفتاح اللازمين لانطلاقنا ونهوضنا بمسؤوليتنا التبليغية. وفي غمرة ذلك؛ شخصت أبصارنا نحو إيران عندما تأججت الثورة هناك، وتنفسنا الصعداء واستبشرنا، وشعرنا بأن الفرج آتٍ، بقيام دولة إسلامية إمامية ستمنحنا الفرصة المنتظرة، لإبلاغ العالم برسالتنا وكشف مظلوميتنا والتعريف بعقيدتنا وثقافتنا.
                        كانت تراودنا الأحلام من فينة لأخرى، وكنا ننتظر فقط الإشارة الخضراء للانطلاق والتحرك، ولكننا سرعان ما أفقنا على حقيقة مرة، وطعنة غادرة. فأما الحقيقة فبانت عندما وجدنا أن توجهات ساسة الحكم لا تنظر إلى ما ننظر إليه، وليس نشر التشيع همّا عندها، ولا هدفا محوريا تسعى إليه. وأما الطعنة فقد جاءتنا في أقدس مقدساتنا، أصول ديننا ومذهبنا، التي بدأ ساسة الحكم بتطويعها حسب أهواء ومصالح، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه لتغدو مجرد "نظرية" أصلا من أصول الدين، ولتصبح محورا ارتكازيا يفصل بين الحق والباطل، والإيمان والكفر!
                        وجرّت هذه الطعنة طعنات أُخَرْ، إحداها وُجِّهت ضد المرجعية، وأخرى ضد الناشطين الولائيين، وثالثة ضد المؤسسات العقيدية، ورابعة ضد الحوزة العلمية، وخامسة وسادسة وسابعة.. إلى ما لا يمكن حصره ولا تعداده في هذا المقام.
                        في تلك الأثناء عرفنا أننا قد أفرطنا في التفاؤل والاتكالية على نظام كهذا، وساسة كهؤلاء، فعدنا أدراجنا خائبين ننتظر فرجا يتمثل بسقوط الحاجز السلطوي الصلب، الذي ازداد تسلحا مع تأثيرات الحرب الإيرانية العراقية، تلك الحرب التي خلقتها دوائر الاستعمار لا لشيء إلا لاستنزاف الطاقة الشيعية الهائلة، الكامنة في نفوس أتباع أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، والتي تحتاج فقط إلى من يحركها ويغذيها ويوجهها في الاتجاه المطلوب، لتحقيق غاية التمهيد للدولة الإلهية العادلة، دولة مولانا صاحب العصر ومدار الدهر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
                        لم يسقط الحاجز؛ ولم نتحرك لإسقاطه كما ينبغي، كعادتنا في التواكل. بيد أننا أخيرا؛ وجدناه يتداعى بعوامل لم تكن في الحسبان، وهي أيضا لا تعود إلى "معجزة" خارقة للعادة.. إنه عالم جديد؛ تأسس على ما خلقته الثورة التقنية من أبعاد واسعة، ومجالات رحبة، وساحات فسيحة. عالمٌ أهم سماته الانفتاح، قرّب المسافات، وكسر القيود، وجعل البشر جميعا يعيشون في قرية صغيرة، وسيلة تواصلهم فيها، مجرد كبسة على زر صغير.
                        الفضائيات والانترنت والاتصالات الحرة؛ والعولمة الثقافية؛ هي شكل هذا العالم الذي نعيش فيه الآن. هذا الشكل الذي تجاوز الأشكال المفروضة علينا من قبل سلطاتنا وحكوماتنا، التي ليس لها الآن أن تحجر على فكرنا، أو تغلق أبواب المعرفة علينا، أو تصادر حريتنا، كما كان الأمر من ذي قبل. كل شيء أضحى متاحا الآن؛ فالحاجز قد سقط، والقيد قد تفكك، والحدود قد تلاشت.
                        هاهي سبل العمل والتحرك قد أتيحت أمامنا، وما عادت كل هذه الحكومات الجائرة بقادرة على أن تعيق مسيرنا. والمفترض الآن؛ أن يكون الشيعة قد تحركوا ونشطوا واتجهوا إلى ما كانوا يحلمون به، من عمل دؤوب غرضه هداية البشرية إلى طريق أهل بيت الرسالة عليهم الصلاة والسلام، فما عاد لهم من عذر يعتذرون به، ولا حجة يتحججون بها، بعد إذ عبّدت لهم الثورة التقنية طريقا ما كانوا يتخيلونه، وهم اليوم أشبه بمن كان في سجن ثم وجد حيطانه تنهار وتتساقط وسجّانه لا يقدرون على إسنادها وتدعيمها إلى أن تساوت بالأرض، فأضحى السجين حرا طليقا أينما يتجه. هذا هو المفترض.. فما هو الواقع؟!
                        الواقع هو أن كل هذه الحرية، وكل هذا الانفتاح، وكل هذه الآفاق الشاسعة، لم تأتِ بنتيجة سوى تشيّع شخص هنا، واستبصار آخر هناك، وبضع خطوات إنجازية خطاها بعض الناشطين الشيعة على استحياء!
                        أين ما كنّا نحلم به؟! أين التموّج الضخم الذي كنّا ننتظر أن يهز العالم؟! أين الراية الشيعية التي كنا نعتقد بأنها ستخفق في كل الأرجاء؟! أين الاكتساح المؤمل؟! أين الانتشار؟! أين التوسع؟! أين وأين؟!!
                        لقد كشف هذا العالم الجديد أننا بالفعل عاجزون عن ركوب مركبه، أو اعتلاء منصته، وجلّ ما هنالك أننا حققنا بعض التقدم اليسير الذي لا يرقى إلى الذكر مستفيدين من هذه الأجواء الجديدة.
                        فالعجز فينا إذن، والخلل فينا نحن، وما دام الأمر كذلك فإنه لا سبيل لنا إلا البحث في مكامن الخلل، ومعالجتها والانتهاء من حلها، وإلا فإننا سنبقى على هذه الحال من الجمود والخمول المزري الذي لن نفلت به من مسؤوليتنا أمام الله تعالى وأمام أوليائه المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
                        والكلام عن مكامن الخلل يعود بنا إلى الحديث عن الحواجز، فنقول: أنه إن كان الحاجز السلطوي الكبير قد سقط الآن، فإننا قد اكتشفنا - بالتجربة - أن ثمة حواجز أخرى لا تقل مَنَعَةً عنه لا تزال قائمة! وهي ليست مفروضة علينا، ولا أقامها المعادون لنا، وإنما صنعناها بأيدينا!
                        هذه الحواجز كامنة في عقولنا ونفوسنا، بعضها حقيقي والآخر وهمي، فالذي في عقولنا منها حقيقي، والذي في نفوسنا وهمي. وهذه الحواجز هي أوّل ما يجب أن نحطمه ونهدمه، وإذا فعلنا ذلك وأتقنّاه، فسنرى يومنا الذي نتمناه، عندما يعم ذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وترتفع راية التشيع خفاقة بالعز والمجد إن شاء الله.
                        أولى الحواجز التي يجب تحطيمها؛ حاجز الخوف. إذ هناك شعورا عاما في أوساطنا بالخوف من الإقدام، وذلك يعود بالدرجة الأولى إلى تأثيرات نفسية خلقتها ظروف الاضطهاد في أزمان غابرة، وهو ما أدى إلى سواد حالة الإحجام، والانطوائية على الذات. والواجب معالجة هذه الحالة، وانتزاع الخوف من النفوس، وإحلال الشجاعة والجرأة فيها. وفي سبيل ذلك لابد من إعادة صياغة مفاهيم الشارع الشيعي، ليعرّف بها نفسه ومجتمعه، وليحقق بها الغاية المطلوبة، فبدون ذلك ستبقى كثير من المفاهيم المغلوطة حاضرة في الأذهان، وهي التي تؤخر وتعرقل النهضة المنشودة، وقد سبق أن أشرنا إلى بعضٍ من هذه المفاهيم والأفكار السلبية الخاطئة من ذي قبل.
                        وثاني الحواجز؛ حاجز السياسة. حيث لعبت الأحزاب السياسية الطافية على السطح حاليا في أفكار الناس وعقائدهم، وجعلت همّهم ينصب على القضايا الهامشية الواقعة ضمن نطاق حب الاستحواذ على الساحة، متبعة في ذلك أساليب رخيصة تطعن في ذمة هذا وتجرح في كرامة ذاك، وتحتكر العقيدة لنفسها وتخرج منها من تشاء، وكلٌ يضرب على هذا الوتر بغية الوصول إلى سدة الرئاسة والتحكم في الجماعة. وأدى هذا إلى انشغال الناس عن القضايا المصيرية، والتحرك المطلوب، لتنصرف طاقاتهم إلى ما فيه إضعاف بعضهم بعضا. وفي الجهة المقابلة؛ تسببت هذه الوضعية في إحداث نفور عام لدى غير الملتزمين؛ من الدين، إذ اعتبروا تصرفات الرجال - سيما الساسة منهم - مقياسا له. والعامل الرئيسي لكسر هذا الحاجز هو الوعي، إذ يجب توعية الجماهير بحقيقة تلك الأحزاب، وبيان أنها لا تمثل الدين بأي شكل من الأشكال، ودفع المؤمنين إلى التحرك على صعيد نشر الدعوة والدين، وهداية البشرية، من خلال تجاهل المعارك الحزبية الداخلية التافهة. بيد أنه يتوجب ملاحظة أن هذا لا يعني عدم مواجهة الظلم، أو مجابهة المنكر والباطل، بدعوى أنها معارك داخلية، فإنما هو واجب شرعي يحتم التصدي، لأنه سينقي الصف الداخلي من الشوائب. ومقصود كلامنا في هذا البعد هو ألا ننشغل في المعارك الوهمية السياسية التي يراد منها تحقيق مكسب لهذا الطرف أو ذاك، لا التي هدفها تنقية الأجواء وتصفيتها من الضلال، أو رفع الظلم ودحر الظالم.
                        وثالث الحواجز؛ حاجز النقص والانقطاع. فالنقص هو في المعرفة التراثية والثقافة الولائية، والذي تسبب في انعدام أهلية من يفترض بهم أن يحملوا مشعل الهداية. والانقطاع هو في أدوات ووشائج التواصل الشيعي - الشيعي، بين الكيانات والوحدات الاجتماعية الإمامية، وهو ما ترتب عليه غياب ملحوظ في فهم المشروع الاستراتيجي الشيعي الكلي، وإحلال المشاريع الإقليمية المنغلقة داخل أطر حدودية معينة محله، وجرّ ذلك ظهور شعور انفصالي اقتطاعي لدى كثير من أبنائنا بدلا من الإحساس بالقيمة الوحدوية الشيعية الكبرى، التي تجعلنا جميعا نحن معشر الموالين لآل البيت عليهم الصلاة والسلام سواسية، لنا الهموم ذاتها، والواجبات والحقوق نفسها، والمشروع النهضوي عينه.
                        وثمة حواجز داخلية أخرى، لا تزال تحبط خطوات التقدم، وتحول دون تحقيق الأمل، غير أننا اقتصرنا في هذا الخطاب على ثلاثة نراها أساسية. وبقاء هذه الحواجز يعني أننا في مكاننا سنراوح، ولذا فلا بد من تحطيمها بمعول الشجاعة والإقدام، في زمن لم نستفد فيه من الأدوات الضخمة المتوفرة فيه لنشر رسالتنا، رسالة النور والهداية والنهضة.
                        فلنحطم هذه الحواجز.. ولننسفها، وعندها سنغير من ملامح هذا العالم!

                        تعليق


                        • الله.. الشجاعة.. الجذور!

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                          الله.. الشجاعة.. الجذور!
                          لا يمكن تشييد البناء القوي السليم إلا على أرضية صلبة وأركان متماسكة متينة، حتى يبقى ذلك البناء ويصمد أمام العواصف والزلازل وتغيرات الزمن. والأمر سيان في التوجهات والتيارات الفكرية، إذ لا مناص لها من أن ترتكز على ركائز نظرية وعملية صلبة حتى تنمو وتستمر وتنفذ إلى أعماق المجتمعات، وبلا ذلك فإنها تكون معرضة دوما للانقراض والاضمحلال. والشواهد على ذلك كثيرة ولا تخفى على ذي بصيرة، خاصة في أجوائنا الإسلامية الإمامية، فكم من اتجاه تشكّل وظهر على سطح العمل، وشق طريقه وخطا خطواته، ثم وإذا به يخبو ويصيبه الضمور شيئا فشيئا حتى يتلاشى ويصبح هو وأهله في طي النسيان.
                          وأسباب تلاشي مثل تلكم التيارات تظهر جلية للفاحصين والمعتبرين وأهل الاختصاص، فالخلل - عادة - ما يكون في إحدى دوائر ثلاث، أو فيها مجتمعة. فإما أن يكون في دائرة المعتقَد والمبدأ والأيديولوجية التيارية، أو في دائرة شخصيات العاملين وطباعهم ونفسياتهم، أو في دائرة مقصد العمل وجهته وآلياته.
                          كثير من التيارات والاتجاهات التي انحسرت وذهبت أيامها، كان مؤسسوها يهدفون منها إلى تكوين حظوة لهم، حبا في الظهور ورغبة في القيادة لا أكثر. وترى بعض تلك الاتجاهات قد انطلق برؤى دينية بحتة، ولم تمر إلا فترة بسيطة حتى تحول إلى حزب سياسي ليس همّه إلا الوصول إلى كراسي رسمية باسم الإسلام والتشيع! وتجد غاية ما يفكر أعضاؤه فيه هو تحقيق النصر في الانتخابات وما أشبه، فإذا أقاموا نشاطا إسلاميا أو حتى لو نظموا مجلسا حسينيا، فإن هدفهم المبطّن من وراء ذلك يكمن في جذب الأفراد وأصواتهم ومن ثمّ استغلالهم في تحقيق مقاصد البروز السياسي. ومثل تلك الاتجاهات والتيارات يكون الخلل فيها في دائرة المعتقد والمبدأ، فالإخلاص لله - جل وعلا - مفقود هنالك. ورغم أنها قد انطلقت من منطلقات دينية ظاهرة ومعلنة، إلا أنه سرعان ما تبيّن أن تلك المنطلقات ليست سوى ستار يخفي أهدافا سياسية ومصلحية خاصة. ولعلك تجد أيضا أن بعض التيارات رغم أنها تشكلت على أسس إمامية صحيحة، وكان لمؤسسيها أو أعضائها حظ من إخلاص النية لله تعالى ولأهل بيت الطهارة عليهم السلام، إلا أنهم - إذ لمسوا بريق القيادة والمنصب - مالوا عن صراطهم إلى هوى الظهور وحب الاستفراد، فانتفى التأييد الإلهي وغابت عناية المعصومين لهم، فوجدوا أنفسهم فجأة في التيه وانفض الناس من حولهم حتى استيقظوا من أحلامهم وقد ماتت مؤسساتهم وتلاشت اتجاهاتهم.
                          وبعض التيارات التي ظهرت في صفوف الشيعة كانت تعاني - رغم إخلاص أفرادها وسلامة نواياهم - من نفسيات انهزامية تراجعية وطبائع تميل إلى الضعف وطأطأة الرأس والانسحاب من المواجهة التي لابد منها، ولذا فإنها بقت تراوح في مكانها لأن روح الشجاعة والإقدام عند أعضائها مفقودة. وبعد برهة من الزمن أعيى التعب هؤلاء، إذ لا نتيجة لما يجهدون أنفسهم من أجله، فتكونت حالة التململ بعد الإرهاق، وانحلّ عقد تلك التيارات من تلقاء نفسها.
                          ولعلنا نجد بعض التيارات - رغم سلامة مبادئها وكفاءة أعضائها - تفشل في الاستمرار أيضا؛ وذلك يعود إلى اعتلال في آليات العمل ومقاصده وجهاته. فكثير من تلك الاتجاهات تتحرك في محيط لا ينبغي الانشغال به أولويا، وهو محيط الجيل القديم الذي تربّى على مفاهيم معينة يصعب تغييرها وتصحيحها، فوجب عندئذ التحرك في محيط الجيل الجديد، الذي لم تصبه بعدُ الأمراض الاجتماعية وظل في معزل عن التأثيرات الانحرافية. هذا الجيل يمثل نواة المستقبل، وجذوره التي إن صلحت صلح، وإن فسدت فسد. ولما لم تنتبه تلك الاتجاهات والتيارات العاملة إلى هذه الحقيقة؛ فإنها سقطت في ميدانها وتلاحقت كبواتها عندما أرهقت نفسها من أجل جيل مضى لشأنه، دون تحقيق أي إنجاز يذكر.
                          فهذه الاختلالات الثلاث التي أسلفنا في ذكرها، ربما تكون إحدى أهم الأسباب التي أدت إلى ضمور الاتجاهات والخطوط الفكرية الإسلامية، على اختلاف مساراتها. ولا شك أن في ذلك عبرة لمن يعتبر. ومن يتصدى إلى تشكيل اتجاه ديني؛ يتوجب عليه بداية أن ينظر إلى تجارب من سلفه ويضعها نصب عينيه لئلا يقع في الزلل فيتكرر الفشل.
                          وعطفا على ذلك؛ فإن توجه "خدام المهدي" صلوات الله عليه، الذي بدأت ملامحه بالبروز وسماته بالتشكل في الآونة الأخيرة؛ يحتم عليه أن يعَنْوِنَ مبادئه من خلال إيمان عميق ونظرة ثاقبة، لأنه توجه لا يقبل لنفسه يوما ما أن ينحرف عن مقاصده الشريفة وأهدافه العظيمة، أو أن يصيبه سقم الجمود والتراجع فيندثر، أو أن تظل طموحاته حبيسة الأدراج المكتبية. ولذا فإن الدوائر الثلاث (المعتقد والمبدأ - نفسيات وطبائع العاملين - آليات العمل ومقاصده) يتوجب أن تكون نظيفة وسليمة من أية شائبة أو علة.
                          إن تيار "خدام المهدي" صلوات الله عليه؛ هو تيار انطلق من الهيئة الإيمانية التي ذاب أعضاؤها ومؤسسوها حبا في إمام زمانهم عجل الله فرجه الشريف، فنذروا أنفسهم لخدمته مدى الحياة، سعيا منهم للاقتراب منه ونيل رضاه، إذ قال - عليه الصلاة والسلام - في التوقيع الصادر عنه: "وليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا".
                          ومثل هذا التيار لا يمكنه أن يكون إلا في القمة، بتوفيق من الله جل وعلا، وعناية من لدن الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وهو يعَنْوِنُ مبادئه ومنطلقاته بثلاثة شعارات كان نائب ولي العصر آية الله العظمى السيد الصادق الشيرازي قد لقّنها الناشطين الإسلاميين، وهي: "الله.. الشجاعة.. الجذور".
                          الله.. حيث هو المعتقد والمبدأ الذي يجب إخلاص النية إليه، فلا يكون لمؤسسي أو أعضاء هذا التوجه المهدوي أية تطلعات شخصية أو أهداف مصلحية، ولا يتسلل إلى قلوبهم الغرور أو آفة حب الظهور، ولا ينبغي أن يكون مغزاهم من أعمالهم ونشاطاتهم إلا الفوز برضاه سبحانه وتعالى بخدمة أهل بيت النبوة - صلوات الله عليهم - وهداية البشرية إلى نورهم. وعلى هذا يكون العمل خالصا لله تعالى.. لله فقط.
                          الشجاعة.. حيث إنها النفسية التي يجب أن تسود، والطبيعة التي يجب أن تقود العاملين إلى تحقيق النصر في معترك الحياة، فلا يفر الأعضاء حين النزال مع التيارات المنحرفة، ولا ينسحبون عندما تواجههم الأزمات والمشاكل أو عندما تُشَن عليهم الحروب مهما بلغت ضراوتها، ولا يخشون في الحق لومة لائم، ولا يتأثرون بالأمراض الانهزامية والانكفائية. ويكون الإقدام سلاحهم على الدوام.
                          الجذور.. حيث يجب أن يركز هذا التوجه على الجيل الجديد، تربية وتعليما وتغذية دينية وفكرية، حتى يعد جيلا مهدويا قادرا على حمل راية قائم آل محمد صلوات الله عليه، تلك الراية التي يتطلع المؤمنون المخلصون ويتضرعون إلى الباري لأن تخفق قريبا عاجلا على ربوع الأرض.
                          فهذه العناوين الثلاثة تعد ركائز مبدئية للتوجه الفكري لـ "خدام المهدي" عليه الصلاة والسلام الذي يدعو مؤسسوه الله عز وجل أن يكون مرضيا عنده وعند المعصومين الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
                          وها قد حان وقت العمل..

                          تعليق


                          • الملا باسم الكربلائي عميل إسرائيلي !!

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                            الملا باسم الكربلائي عميل إسرائيلي !!
                            وصلت ضربات العمائم البترية للعظم ولا سلم ولا سلام معها!
                            فالعمائم البترية المنحرفة؛ قامت بتدمير وتمييع العقيدة الشيعية الرافضية؛ من داخل الوسط الشيعي؛ وبلباس وثوب شيعي !!
                            وقامت بالترويج للإنحراف والضلال والميوعة العقائدية؛ في داخل الجسد الشيعي؛ تارة بأسم (الوحدة الإسلامية) وتارة بأسم (الإنفتاح) وتارة بأسم (الإعتدال)!!
                            تماماً كمن يروج (للسم) على أنه (عسل)!!
                            فهم يستخدمون شعارات (لامعة براقة) ولكن محتواها ((فاسد))!!
                            وسنبدأ معهم من البداية حتى نعرف ماهي النهاية!
                            البداية هو طلبهم السكوت عن قتلة الزهراء عليها السلام؛ أبا بكر وعمر لعنهما الله؛ بحجة الوحدة الإسلامية!
                            وبعدها؛ تشكيكهم في كرامات ومعاجز أهل البيت عليهم السلام؛ وقولهم أنها (خرافات)!!
                            وبعدها؛ التشكيك في حديث الكساء المقدس؛ وزيارة عاشوراء المقدسة؛ وقولهم أنها (غير معتبرة وغير موثوقة)!!
                            وبعدها؛ التشكيك في منهج اللعن والبراءة الوارد والصادر عن أهل البيت عليهم السلام في أعدائهم وقتلتهم!!
                            وبعدها؛ هو الترضي على قتلة الزهراء عليها السلام أبا بكر وعمر؛ ومدحهما والتمجيد عليهما؛ ووصفهما بالخلفاء الراشدين!!
                            وبعدها؛ هو الترضي ومدح قاتله الرسول الأعظم محمد (ص)؛ الناصبية المنافقة عائشة بنت أبي بكر لعنها الله؛ ووصفها بالسيدة وتبجيلها وإحترامها أيما إحترام!!
                            وبعدها؛ هو الترضي ومدح قاتل الإمام الكاظم عليه السلام؛ هارون اللارشيد! وكما كتب أحد الخطباء المعروفين قصيدة (بغداد) في المدح والثناء والتمجيد بقاتل الإمام الكاظم عليه السلام!!
                            وبعدها؛ هو التشكيك في مقامات وقدسية وطهارة الأئمة المعصومين عليهم السلام؛ وسمعت أحدهم يقول بأن دم الإمام الحسين عليه السلام (نجس) والعياذ بالله!!
                            وبعدها؛ هو التشكيك في أن يزيد هو من قتل الإمام الحسين عليه السلام؛ وكما سمعت أحد هؤلاء المعممين الجهلة؛ يقول بإن الدولة البيزنطية هي من قتلت الإمام الحسين عليه السلام؛ من أجل تدمير الوحدة الإسلامية!!
                            يا سلام يا سلام يا سلام؛؛
                            وبعد ماذا لدى العمائم البترية المنحرفة عن منهج أهل البيت (ع) الولائي الرافضي الأصيل!
                            وصل بهم الحال إلى التشكيك في الشعائر الحسينية المقدسة والتشكيك في شعيرة التطبير واللطم والزنجيل والبكاء والمأتم العاشورائية؛ بحجة أنها لم (تكن في عصر المعصومين عليهم السلام) !
                            ما شاء الله!
                            ووصل بهم الحال إلى التشكيك حتى في (قلوب) و (نيات) المطبرين واللاطمين والباكين والمعزيين على الإمام الحسين عليه السلام؛ فبعضهم يصف الحسينيين المطبريين بالنعاج! وأحدهم يصفهم بالأغبياء! وأحدهم يصفهم بالمجانين المدسوسين من قبل (الإستكبار العالمي الصهيوني الأمريكي الإسترالي الأوربي التايلندي البلجيكي السومري المريخي الفضائي) !!
                            فالمطبرين يخدمون المشروع "الصهيو أمريكي الفضائي" من أجل تفرقه الأمة الإسلامية الرائعة؛ والتي "سحلت" وظلمت وذبحت وقتلت كل الأئمة المعصومين الأطهار عليهم السلام!!
                            نعم نعم؛؛ كل شيعي لا يقول كلا كلا طماطة كلا كلا زلاطة؛ فهو عميل للإستكبار العالمي البيولجي السسيولجي البنفسجي الكافر!!!
                            ووصل بنا الحال إلا أن نسمع النكته الرائعة وهي أن الملا باسم الكربلائي (حفظه الله)؛ هو ((عميل إسرائيلي))؛ لأنه يشجع ويدافع عن شعيرة التطبير المقدسة!! ولم يقول الكلمة السحرية لدخول الجنة (الموت لإسرائيل) !!
                            والله أضحك أم أبكي على هذا (التشيع السياسي) التافه المريض والسطحي التفكير؛ ولا أعلم متى يستيقض الشيعة النائمين من نومهم!!
                            فيا ليتهم ولو لمرة واحدة أستخدموا عقولهم لمعرفة الفرق بين (العمامة السياسية) و (العمامة الإمامية الشيعية الولائية) والتي تدافع عن مظلومية أهل البيت عليهم السلام وعن مقاماتهم وكراماتهم وعقيدتهم الرافضية الأصيلة؛؛
                            ولكن ماذا نعمل لمن جعل (عقله) إلعوبة في أيدي العمائم السياسية والعمائم البترية المنحرفة؛ عن خط وعن منهج أهل البيت عليهم السلام؛ وقام بمحاربة العمائم العقائدية الولائية الشيعية الرافضية الشجاعة بحجة أنها تضر بالوحدة الإسلامية!!
                            نعم أنه زمن يرى الناس فيه (الباطل) و (الضلال) و (الانحراف) حقاً!
                            وأمنيكم وأمني نفسي بإننا إذا لم نواجهه هذه الظاهرة العقائدية والسياسية الإنحرافية الخطيرة؛ والتي قامت على التنازل عن ثوابت التشيع الأصيل؛ والإنبطاح أمام المخالفين والبكريين؛ ولحس أحذيه الأخوان المسلمين؛ والتملق والتزلف لهم؛ فإن كل العقيدة الشيعية ستدمر من هذه العمائم البترية الضالة؛ ولم يبقى حجر على حجر في المذهب الشيعي!! ولربما يأتي يوم ونسمع من أحد هؤلاء المعممين الجهلة يقول لنا؛ بإن الإمام المهدي عليه السلام؛ هو عميل إسرائيلي !! أو خرافة أمريكية !! هدفها ضرب وحدة الأمة الإسلامية!! أو أنها حزورة شيعية غير معتبره وسندها ضعيف!!!
                            ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

                            تعليق


                            • الجن تنوح لفاجعة مقتل الإمام الحسين عليه السلام

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                              الجن تنوح لفاجعة مقتل الإمام الحسين عليه السلام
                              1. عن أمِّ المؤمنين أمِّ سلمة رضي الله عنها، قالت: "سمعتُ الجنَّ تنوح على الحسين بن عليٍّ" .
                              رواه الحافظ الطبراني في "المعجم الكبير" (3/121) برقم (2862) ، وأورده عنه الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/199) ، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح" .
                              2. وعن أمِّ المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، قالت: "سمعتُ الجنَّ تنوحُ على الحسين بن عليٍّ" .
                              رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/122) برقم (2868) ، وعنه الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/199) وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح" .
                              3. عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين وهن يقلن :
                              أيها القاتلون جهلاً حسيناً * أبشروا بالعذاب والتنكيل
                              كل أهل السماء يدعو عليكم * ونبي ومرسل وقبيل
                              قد لعنتم على لسان إبن داود * وموسى وصاحب الإنجيل
                              المصدر:
                              إبن كثير - البداية والنهاية - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة ( 575 ).
                              ونسألكم الدعاء.

                              تعليق


                              • الحق؛ وكلمة الحق !

                                بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                                الحق؛ وكلمة الحق !
                                هل الحق ثقيلٌ يا تُرى، وعلى مَن هو ثقيل ؟
                                • قال تعالى:
                                - بل جاءَهم بالحقّ، وأكثرُهم للحق كارهون [ المؤمنون:70 ].
                                - لَقَد جِئناكُم بالحقِّ ولكنّ أكثرَكم للحقِّ كارهون [ الزخرف:78 ].
                                • قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « الحقُّ ثقيلٌ مُرّ، والباطلُ خفيفٌ حُلْو، وربَّ شهوةِ ساعةٍ تُورِث حُزناً طويلاً » ( مكارم الأخلاق 371:2 ).
                                • وعن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام قال: « الحقُّ كلُّه ثقيل، وقد يُخفِّفه الله على أقوامٍ طَلَبوا العاقبة فصَبّروا نفوسَهم، ووَثِقُوا بصِدقِ موعودِ الله لمَن صَبَر واحتسب، فكن منهم واستَعِن بالله » ( تحف العقول:142 ).
                                ـ وعن الإمام الباقر عليه السلام قال موصياً ناصحاً: « اصبِرْ نفسَك على الحقّ؛ فإنّه مَن مَنَع شيئاً في حقٍّ أعطى في باطلٍ مِثلَيه » ( تحف العقول:296 ).
                                • وهناك أمران مهمّان: الأوّل ـ البصيرة للتمييز بين حكم الشرع والعقل من جهة، وهوى النفس من جهةٍ أخرى، وفي ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام: « إصبرْ على مرارة الحقّ، وإيّاك أن تَنخدِع لحلاوة الباطل » ( غرر الحكم/ ح 2472 ). والثاني ـ بعد معرفة الحقّ لابد من الإقرار به والانتصار له وقبوله ولو على النفس، وإطلاقه في جميع مجالاته الممكنة بحكمةٍ ورصانةٍ وأسلوبٍ جذّاب.. وهذه نصوص شريفة تُرشد إلى هذا الأمر:
                                • قال تعالى: يا أيُّها الذينَ آمَنُوا كونُوا قَوّامينَ بالقِسْطِ شُهداءَ للهِ ولو على أنفُسِكُم أوِ الوالدَينِ والأقربين [ سورة النساء:135 ].
                                • جاء عن الإمام عليٍّ عليه السلام قوله: « في قائمة سيفٍ من سيوف رسول الله صلّى الله عليه وآله صحيفةٌ فيها:... قُلِ الحقَّ ولو على نفسِك » ( بحار الأنوار 157:74 / ح 2 ).
                                • ورُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « إنّ من حقيقة الإيمان أن تُؤْثِر الحقَّ وإن ضَرَّك، على الباطل وإن نفَعَك » ( الخصال:53 / ح 70 ).
                                ـ وعنه سلام الله عليه أيضاً: « ثلاثة هم أقربُ الخلق إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب:... ورجلٌ قال الحقَّ فيما عليه وله » ( أمالي الصدوق:293 / ح 6 ).
                                • وجاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله: « ما أنفق مؤمنٌ من نفقةٍ هي أحَبُّ إلى الله عزّوجلّ من قول الحقّ في الرضى والغضب » ( الخصال:6 / ح 82 ).
                                • ومن وصاياه لابنه الحسين عليه السلام، قال الإمام عليّ عليه السلام: « يا بُنيّ، أُوصيك بتقوى الله في الغِنى والفقر، وكلمةِ الحقّ في الرضى والغضب » ( تحف العقول:88 ).
                                • واشتهر عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله: « ألا إنّ أفضلَ الجهاد كلمةُ حقٍّ عند سلطانٍ جائر » ( كنز العمّال / خ 43588 ).
                                وتلك كلمة لرسول الله صلّى الله عليه وآله تتطلّب همّةً عالية: « إقبَلِ الحقَّ ممّن أتاك به ـ صغيرٍ أو كبير ـ، وإن كان بَغيضاً. واردُدِ الباطلَ على مَن جاء به من صغيرٍ أو كبير، وإن كان حبيباً » ( كنز العمال / خ 43152 ).
                                ـ وقال صلّى الله عليه وآله يوماً: « السابقون إلى ظِلّ العرش طُوبى لهم »، فقيل: يا رسول الله، ومَن هُم ؟ فقال: « الذين يقبلون الحقَّ إذا سَمِعوه، ويَبذُلونه إذا سُئِلوه، ويحكمُون للناس كحكمِهم لأنفسِهم » ( بحار الأنوار 29:75 / ح 19 ).
                                • ورُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « إنّ الله إذا أراد بعبدٍ خيراً شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه ذلك أنطق لسانَه بالحقّ وعقَدَ قلبَه عليه فعَمِل به، فإذا جمع الله له ذلك تمّ له إسلامُه... وإذا لم يُرِدِ اللهُ بعبدٍ خيراً وَكَلَه إلى نفسه، وكان صدرُه ضيِّقاً حَرَجاً، فإن جرى على لسانه حقٌّ لم يَعقِد قلبَه عليه، وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يُعطِه اللهُ العملَ به » ( الكافي 13:8 / ح 1 ).
                                ومع السلامة.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X