بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وبعد
فقد قرأنا في بعض مواضيعنا جملة من الشبهات التي أثارها بعض الاخوة المغرّر بهم فأوصلتهم إلى نتائج وخيمة وعواقب غير سليمة، تبدأ من إنكار لزوم الرجوع إلى الفقهاء، ولا تنتهي بالطعن فيهم وإسقاطهم واتّهامهم بأبشع التهم !
ثم لم يكتفي مثيروها بذلك، بل نسبوا كل هذا الطعن إلى آل محمد عليهم السلام، بأن أسقطوا أفكارهم تلك على الروايات الشريفة الذامة لعلماء السوء، ورغم أنا قد أجبنا بما فيه الكفاية في موضوعنا:
https://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=185201
إلا أنا نرى أن من الصلاح إفراد موضوع لكل شبهة لئلا يزدحم الجواب فيخفى الصواب !
ونعرض في هذا الموضوع لمسألتين:
1. حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه.
2. مشروعية التقليد ولزومه.
1 حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه
الاجتهاد عند الفقهاء هو بذل الجهد او استفراغ الجهد في الوصول إلى الحكم الشرعي ممن له القدرة على ذلك، أو هو ملكة يمكن عبرها استنباط الحكم الشرعي من مصادره.
وبعبارة أخرى: الاجتهاد هو البحث في الأدلة الشرعية لمعرفة الحكم الشرعي الذي يتوجب علينا الالتزام به..
وههنا قد تثار جملة من الإشكالات قد يكون أهمها أن لا حاجة للاجتهاد، وذلك لوجود القرآن الكريم المحفوظ، والسنة النبوية الشريفة، إذ يكفي النظر فيهما لمعرفة الحكم الشرعي، ولو لم يكن ذلك ممكناً بمجرد قراءة الكتاب والسنة للزم أن يكون في الكتاب نقص أو في السنة قصور أو في نقلتها عليهم السلام تقصير !
والجواب عليه:
إن آيات القرآن ليست على نسق واحد، فمنها المحكم ومنها المتشابه، ولا يمكن معرفة الأحكام الشرعية ما لم نميّز المحكم عن المتشابه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾ [آل عمران : 7]
كذلك تتضمن الآيات المباركة كما كل خطاب أحكاماً عامة وأخرى خاصة، وأحكاماً مطلقة وأخرى مقيدة، وأحكاماً منسوخة وأخرى ناسخة، ولا يمكن معرفة الحكم الشرعي من الآيات إلا بالجمع بين هذه الأمور كلها.
وقد ورد في الحديث الشريف: وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال : الشعر فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم (الكافي ج1 ص24)
فإذا كان الناس في أيام النبي (ص) ومن ثم في أيام الأئمة عليهم السلام غير قادرين على استنباط كلّ الأحكام من القرآن، مع كون العرب في ذلك الزمن في قمة الفصاحة والبلاغة، وكان الغالب على أهل ذلك العصر هو الخطب والكلام، فما بالك بهذا الزمن الذي فقد فيه العرب تلك الميزة التي تمكنهم من الاطلاع على دقائق الكتاب وأسراره وكوامنه ؟!
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد أرجع الناس فيما جهلوه إلى أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، فكانوا تراجمة وحي الله وخزان علمه، وبيان الكتاب عندهم وأحكام الله لديهم، فأظهروا منها ما أمرهم الله بإظهاره.
لكن كان في كلامهم محكماً ومتشابهاً ككلام الله تعالى، وعاماً وخاصاً وهكذا.. فعن إمامنا الرضا (ع): إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. (وسائل الشيعة ج27 ص115)
وقد ورد في الحديث عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إن الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (معاني الأخبار للصدوق ص1)
فليس كل شخص فقيهاً بل لا يمكن (بحسب العادة) أن يكون كل شخص فقيهاً، وقد قال الحر العاملي رحمه الله تعقيباً على الحديث: أقول : بهذا يرتفع الاختلاف عن أكثر الأحاديث، لاختلاف الموضوع، أو الحالات، أو العموم والخصوص، أو نحو ذلك كما مرت إشارة إليه في حديث أبي حيون وغيره، وإنما يكون ذلك غالبا في أحاديث التقية، وفي محل التعارض.(وسائل الشيعة ج27 ص117)
وقد ورد في الأحاديث أيضاً: عن أبي عبدالله عليه السلام: إنما علينا أن نلقي اليكم الاصول ، وعليكم أن تفرعوا.
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الاصول، وعليكم التفريع.(وسائل الشيعة ج27 ص62)
وكلما تقادم الزمن ازدادات صعوبة الوصول للحكم الشرعي، فإن معرفة الحكم تتوقف على كم كبير من المسائل التي ينبغي بحثها وتحديد الموقف منها ثم تطبيقها والجمع بينها في مقام الوصول الى الحكم الشرعي.. وبعبارة أخرى فإن الحاجة للإجتهاد تبرز في جملة من النقاط:
- أن فهم دقائق القرآن الكريم غير متيسر لكل أحد، فلا بد من رجوع الجاهل في ذلك إلى من كان أعلم منه ولو كان العلم الكامل والمطلق بهذه الأمور محصوراً بآل محمد.
- أن روايات آل محمد تحتاج أيضاً إلى من يدقق فيها ويجمع بينها ويستنطقها، خاصة أنه لا يعلم صدور كل الروايات الشريفة المنقولة عن الأئمة عليهم السلام لكثرة الكذابين عنهم واحتمال الخطأ وكل هذا بحاجة الى علاج وتدقيق.
- أنه لا يمكن القطع بكل الأحكام الشرعية بل لا يمكن تحصيل القطع بأكثرها.. لأن الخبر الواحد لا يفيد أكثر من الظن، وما لم تثبت حجية مثل هذا الظن فلا يمكن العمل بالروايات طالما أنها لم تفد علماً.
- أن كثيراً من الأحكام دقيقة جداً وتتضمن فروعاً تحتاج ينبغي ردّها إلى أصولها ودونه لا يمكن معرفة الحكم فيها.
- أن فهم الخطابات الشرعية يتوقف على جملة كبيرة من المباحث منها: دلالة الألفاظ كدلالة الأمر على الوجوب مثلا او على الاستحباب، وما يتفرع عن ذلك من مباحث ضخمة، ودلالة النهي على الحرمة او الكراهة، ودلالة الأمر على المرة أو التكرار، ودلالته على الفور أو التراخي، وعن معنى الأمر بالشيء مرتين، وعن الواجب التخييري والتعييني، والمعلق والمنجز، والموسع والمضيق.
-ومنها: معنى المفاهيم وحجيتها كمفهوم الشرط والوصف والعدد والحصر واللقب وغيرها..
- ومنها دلالة الفاظ العموم والفرق بين المخصص المنفصل والمتصل وإجمال المخصص، وتخصيص الكتاب بالخبر الواحد وغيرها..
- ومنها أحكام المجمل والمبين والشك في الإجمال..
- ومنها تحديد حدود حجية العقل في استنباط الأحكام الشرعية ضمن مباحث الملازمات العقلية، وإدراك الملازمة بين حكم العقل والشرع وحجية مثل هذه الملازمة، والإجزاء في الأوامر الظاهرية مع عدم إمكان الوصول للأحكام الواقعية، ومقدمة الواجب والشرط المتأخر والمقدمة المفوتة ومسألة الترتب واجتماع الامر والنهي وغيرها من الأبحاث العقلية التي تدخل في عملية الاستنباط.
- ومنها دلالة فعل المعصوم وتقريره، وحجية الخبر المتواتر وخبر الواحد، وحجية الشهرة والإجماع والسيرة..
- ومنها التعادل بين الروايات فيلزم منه التخيير أو التساقط، ومنها الترجيح بين الروايات فيلزم تقديم ما يتضمن مرجحا..
- ومنها الأصول العملية عند فقد الأدلة السابقة كالاستصحاب او البراءة او الاشتغال او التخيير.. وغير ذلك من المباحث المتعددة.
فإن كل هذه الأمور مما ينبغي إدراكه وفهمه وتحديد موقف منه في كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية، وهو ما بحثه الأصوليون والأخباريون معاً وإن لم يصرح الأخباريون بأن هذا يسمى اجتهادا وأن نتيجته تسمى رأياً ..
أما ما نقرأه اليوم فالأخباريون بريئون منه كما الأصوليون وإن طرح بإسم الأخباريين الذين لا يزعمون أن الحق فيهم وحدهم وأنهم أعداد أهل الحق على وجه الأرض كلها لا يزيد عن بضع عشرات من الناس !!
وسيأتي في المشاركة القادمة حقيقة التقليد ومشروعيته بل لزومه.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
والحمد لله رب العالمين
وبعد
فقد قرأنا في بعض مواضيعنا جملة من الشبهات التي أثارها بعض الاخوة المغرّر بهم فأوصلتهم إلى نتائج وخيمة وعواقب غير سليمة، تبدأ من إنكار لزوم الرجوع إلى الفقهاء، ولا تنتهي بالطعن فيهم وإسقاطهم واتّهامهم بأبشع التهم !
ثم لم يكتفي مثيروها بذلك، بل نسبوا كل هذا الطعن إلى آل محمد عليهم السلام، بأن أسقطوا أفكارهم تلك على الروايات الشريفة الذامة لعلماء السوء، ورغم أنا قد أجبنا بما فيه الكفاية في موضوعنا:
https://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=185201
إلا أنا نرى أن من الصلاح إفراد موضوع لكل شبهة لئلا يزدحم الجواب فيخفى الصواب !
ونعرض في هذا الموضوع لمسألتين:
1. حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه.
2. مشروعية التقليد ولزومه.
1 حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه
الاجتهاد عند الفقهاء هو بذل الجهد او استفراغ الجهد في الوصول إلى الحكم الشرعي ممن له القدرة على ذلك، أو هو ملكة يمكن عبرها استنباط الحكم الشرعي من مصادره.
وبعبارة أخرى: الاجتهاد هو البحث في الأدلة الشرعية لمعرفة الحكم الشرعي الذي يتوجب علينا الالتزام به..
وههنا قد تثار جملة من الإشكالات قد يكون أهمها أن لا حاجة للاجتهاد، وذلك لوجود القرآن الكريم المحفوظ، والسنة النبوية الشريفة، إذ يكفي النظر فيهما لمعرفة الحكم الشرعي، ولو لم يكن ذلك ممكناً بمجرد قراءة الكتاب والسنة للزم أن يكون في الكتاب نقص أو في السنة قصور أو في نقلتها عليهم السلام تقصير !
والجواب عليه:
إن آيات القرآن ليست على نسق واحد، فمنها المحكم ومنها المتشابه، ولا يمكن معرفة الأحكام الشرعية ما لم نميّز المحكم عن المتشابه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾ [آل عمران : 7]
كذلك تتضمن الآيات المباركة كما كل خطاب أحكاماً عامة وأخرى خاصة، وأحكاماً مطلقة وأخرى مقيدة، وأحكاماً منسوخة وأخرى ناسخة، ولا يمكن معرفة الحكم الشرعي من الآيات إلا بالجمع بين هذه الأمور كلها.
وقد ورد في الحديث الشريف: وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال : الشعر فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم (الكافي ج1 ص24)
فإذا كان الناس في أيام النبي (ص) ومن ثم في أيام الأئمة عليهم السلام غير قادرين على استنباط كلّ الأحكام من القرآن، مع كون العرب في ذلك الزمن في قمة الفصاحة والبلاغة، وكان الغالب على أهل ذلك العصر هو الخطب والكلام، فما بالك بهذا الزمن الذي فقد فيه العرب تلك الميزة التي تمكنهم من الاطلاع على دقائق الكتاب وأسراره وكوامنه ؟!
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد أرجع الناس فيما جهلوه إلى أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، فكانوا تراجمة وحي الله وخزان علمه، وبيان الكتاب عندهم وأحكام الله لديهم، فأظهروا منها ما أمرهم الله بإظهاره.
لكن كان في كلامهم محكماً ومتشابهاً ككلام الله تعالى، وعاماً وخاصاً وهكذا.. فعن إمامنا الرضا (ع): إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. (وسائل الشيعة ج27 ص115)
وقد ورد في الحديث عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إن الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (معاني الأخبار للصدوق ص1)
فليس كل شخص فقيهاً بل لا يمكن (بحسب العادة) أن يكون كل شخص فقيهاً، وقد قال الحر العاملي رحمه الله تعقيباً على الحديث: أقول : بهذا يرتفع الاختلاف عن أكثر الأحاديث، لاختلاف الموضوع، أو الحالات، أو العموم والخصوص، أو نحو ذلك كما مرت إشارة إليه في حديث أبي حيون وغيره، وإنما يكون ذلك غالبا في أحاديث التقية، وفي محل التعارض.(وسائل الشيعة ج27 ص117)
وقد ورد في الأحاديث أيضاً: عن أبي عبدالله عليه السلام: إنما علينا أن نلقي اليكم الاصول ، وعليكم أن تفرعوا.
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الاصول، وعليكم التفريع.(وسائل الشيعة ج27 ص62)
وكلما تقادم الزمن ازدادات صعوبة الوصول للحكم الشرعي، فإن معرفة الحكم تتوقف على كم كبير من المسائل التي ينبغي بحثها وتحديد الموقف منها ثم تطبيقها والجمع بينها في مقام الوصول الى الحكم الشرعي.. وبعبارة أخرى فإن الحاجة للإجتهاد تبرز في جملة من النقاط:
- أن فهم دقائق القرآن الكريم غير متيسر لكل أحد، فلا بد من رجوع الجاهل في ذلك إلى من كان أعلم منه ولو كان العلم الكامل والمطلق بهذه الأمور محصوراً بآل محمد.
- أن روايات آل محمد تحتاج أيضاً إلى من يدقق فيها ويجمع بينها ويستنطقها، خاصة أنه لا يعلم صدور كل الروايات الشريفة المنقولة عن الأئمة عليهم السلام لكثرة الكذابين عنهم واحتمال الخطأ وكل هذا بحاجة الى علاج وتدقيق.
- أنه لا يمكن القطع بكل الأحكام الشرعية بل لا يمكن تحصيل القطع بأكثرها.. لأن الخبر الواحد لا يفيد أكثر من الظن، وما لم تثبت حجية مثل هذا الظن فلا يمكن العمل بالروايات طالما أنها لم تفد علماً.
- أن كثيراً من الأحكام دقيقة جداً وتتضمن فروعاً تحتاج ينبغي ردّها إلى أصولها ودونه لا يمكن معرفة الحكم فيها.
- أن فهم الخطابات الشرعية يتوقف على جملة كبيرة من المباحث منها: دلالة الألفاظ كدلالة الأمر على الوجوب مثلا او على الاستحباب، وما يتفرع عن ذلك من مباحث ضخمة، ودلالة النهي على الحرمة او الكراهة، ودلالة الأمر على المرة أو التكرار، ودلالته على الفور أو التراخي، وعن معنى الأمر بالشيء مرتين، وعن الواجب التخييري والتعييني، والمعلق والمنجز، والموسع والمضيق.
-ومنها: معنى المفاهيم وحجيتها كمفهوم الشرط والوصف والعدد والحصر واللقب وغيرها..
- ومنها دلالة الفاظ العموم والفرق بين المخصص المنفصل والمتصل وإجمال المخصص، وتخصيص الكتاب بالخبر الواحد وغيرها..
- ومنها أحكام المجمل والمبين والشك في الإجمال..
- ومنها تحديد حدود حجية العقل في استنباط الأحكام الشرعية ضمن مباحث الملازمات العقلية، وإدراك الملازمة بين حكم العقل والشرع وحجية مثل هذه الملازمة، والإجزاء في الأوامر الظاهرية مع عدم إمكان الوصول للأحكام الواقعية، ومقدمة الواجب والشرط المتأخر والمقدمة المفوتة ومسألة الترتب واجتماع الامر والنهي وغيرها من الأبحاث العقلية التي تدخل في عملية الاستنباط.
- ومنها دلالة فعل المعصوم وتقريره، وحجية الخبر المتواتر وخبر الواحد، وحجية الشهرة والإجماع والسيرة..
- ومنها التعادل بين الروايات فيلزم منه التخيير أو التساقط، ومنها الترجيح بين الروايات فيلزم تقديم ما يتضمن مرجحا..
- ومنها الأصول العملية عند فقد الأدلة السابقة كالاستصحاب او البراءة او الاشتغال او التخيير.. وغير ذلك من المباحث المتعددة.
فإن كل هذه الأمور مما ينبغي إدراكه وفهمه وتحديد موقف منه في كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية، وهو ما بحثه الأصوليون والأخباريون معاً وإن لم يصرح الأخباريون بأن هذا يسمى اجتهادا وأن نتيجته تسمى رأياً ..
أما ما نقرأه اليوم فالأخباريون بريئون منه كما الأصوليون وإن طرح بإسم الأخباريين الذين لا يزعمون أن الحق فيهم وحدهم وأنهم أعداد أهل الحق على وجه الأرض كلها لا يزيد عن بضع عشرات من الناس !!
وسيأتي في المشاركة القادمة حقيقة التقليد ومشروعيته بل لزومه.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
تعليق