إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المختصر المفيد.. في الحاجة للاجتهاد ولزوم التقليد !!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المختصر المفيد.. في الحاجة للاجتهاد ولزوم التقليد !!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وبعد

    فقد قرأنا في بعض مواضيعنا جملة من الشبهات التي أثارها بعض الاخوة المغرّر بهم فأوصلتهم إلى نتائج وخيمة وعواقب غير سليمة، تبدأ من إنكار لزوم الرجوع إلى الفقهاء، ولا تنتهي بالطعن فيهم وإسقاطهم واتّهامهم بأبشع التهم !

    ثم لم يكتفي مثيروها بذلك، بل نسبوا كل هذا الطعن إلى آل محمد عليهم السلام، بأن أسقطوا أفكارهم تلك على الروايات الشريفة الذامة لعلماء السوء، ورغم أنا قد أجبنا بما فيه الكفاية في موضوعنا:
    https://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=185201
    إلا أنا نرى أن من الصلاح إفراد موضوع لكل شبهة لئلا يزدحم الجواب فيخفى الصواب !

    ونعرض في هذا الموضوع لمسألتين:
    1. حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه.
    2. مشروعية التقليد ولزومه.

    1 حقيقة الاجتهاد والحاجة اليه
    الاجتهاد عند الفقهاء هو بذل الجهد او استفراغ الجهد في الوصول إلى الحكم الشرعي ممن له القدرة على ذلك، أو هو ملكة يمكن عبرها استنباط الحكم الشرعي من مصادره.
    وبعبارة أخرى: الاجتهاد هو البحث في الأدلة الشرعية لمعرفة الحكم الشرعي الذي يتوجب علينا الالتزام به..

    وههنا قد تثار جملة من الإشكالات قد يكون أهمها أن لا حاجة للاجتهاد، وذلك لوجود القرآن الكريم المحفوظ، والسنة النبوية الشريفة، إذ يكفي النظر فيهما لمعرفة الحكم الشرعي، ولو لم يكن ذلك ممكناً بمجرد قراءة الكتاب والسنة للزم أن يكون في الكتاب نقص أو في السنة قصور أو في نقلتها عليهم السلام تقصير !

    والجواب عليه:
    إن آيات القرآن ليست على نسق واحد، فمنها المحكم ومنها المتشابه، ولا يمكن معرفة الأحكام الشرعية ما لم نميّز المحكم عن المتشابه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾ [آل عمران : 7]
    كذلك تتضمن الآيات المباركة كما كل خطاب أحكاماً عامة وأخرى خاصة، وأحكاماً مطلقة وأخرى مقيدة، وأحكاماً منسوخة وأخرى ناسخة، ولا يمكن معرفة الحكم الشرعي من الآيات إلا بالجمع بين هذه الأمور كلها.

    وقد ورد في الحديث الشريف: وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال : الشعر فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم (الكافي ج1 ص24)
    فإذا كان الناس في أيام النبي (ص) ومن ثم في أيام الأئمة عليهم السلام غير قادرين على استنباط كلّ الأحكام من القرآن، مع كون العرب في ذلك الزمن في قمة الفصاحة والبلاغة، وكان الغالب على أهل ذلك العصر هو الخطب والكلام، فما بالك بهذا الزمن الذي فقد فيه العرب تلك الميزة التي تمكنهم من الاطلاع على دقائق الكتاب وأسراره وكوامنه ؟!

    ثم إن الله سبحانه وتعالى قد أرجع الناس فيما جهلوه إلى أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، فكانوا تراجمة وحي الله وخزان علمه، وبيان الكتاب عندهم وأحكام الله لديهم، فأظهروا منها ما أمرهم الله بإظهاره.
    لكن كان في كلامهم محكماً ومتشابهاً ككلام الله تعالى، وعاماً وخاصاً وهكذا.. فعن إمامنا الرضا (ع): إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. (وسائل الشيعة ج27 ص115)

    وقد ورد في الحديث عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إن الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (معاني الأخبار للصدوق ص1)
    فليس كل شخص فقيهاً بل لا يمكن (بحسب العادة) أن يكون كل شخص فقيهاً، وقد قال الحر العاملي رحمه الله تعقيباً على الحديث: أقول : بهذا يرتفع الاختلاف عن أكثر الأحاديث، لاختلاف الموضوع، أو الحالات، أو العموم والخصوص، أو نحو ذلك كما مرت إشارة إليه في حديث أبي حيون وغيره، وإنما يكون ذلك غالبا في أحاديث التقية، وفي محل التعارض.(وسائل الشيعة ج27 ص117)

    وقد ورد في الأحاديث أيضاً: عن أبي عبدالله عليه‌ السلام: إنما علينا أن نلقي اليكم الاصول ، وعليكم أن تفرعوا.
    وعن الإمام الرضا عليه ‌السلام قال: علينا إلقاء الاصول، وعليكم التفريع.
    (وسائل الشيعة ج27 ص62)

    وكلما تقادم الزمن ازدادات صعوبة الوصول للحكم الشرعي، فإن معرفة الحكم تتوقف على كم كبير من المسائل التي ينبغي بحثها وتحديد الموقف منها ثم تطبيقها والجمع بينها في مقام الوصول الى الحكم الشرعي.. وبعبارة أخرى فإن الحاجة للإجتهاد تبرز في جملة من النقاط:
    - أن فهم دقائق القرآن الكريم غير متيسر لكل أحد، فلا بد من رجوع الجاهل في ذلك إلى من كان أعلم منه ولو كان العلم الكامل والمطلق بهذه الأمور محصوراً بآل محمد.
    - أن روايات آل محمد تحتاج أيضاً إلى من يدقق فيها ويجمع بينها ويستنطقها، خاصة أنه لا يعلم صدور كل الروايات الشريفة المنقولة عن الأئمة عليهم السلام لكثرة الكذابين عنهم واحتمال الخطأ وكل هذا بحاجة الى علاج وتدقيق.
    - أنه لا يمكن القطع بكل الأحكام الشرعية بل لا يمكن تحصيل القطع بأكثرها.. لأن الخبر الواحد لا يفيد أكثر من الظن، وما لم تثبت حجية مثل هذا الظن فلا يمكن العمل بالروايات طالما أنها لم تفد علماً.
    - أن كثيراً من الأحكام دقيقة جداً وتتضمن فروعاً تحتاج ينبغي ردّها إلى أصولها ودونه لا يمكن معرفة الحكم فيها.
    - أن فهم الخطابات الشرعية يتوقف على جملة كبيرة من المباحث منها: دلالة الألفاظ كدلالة الأمر على الوجوب مثلا او على الاستحباب، وما يتفرع عن ذلك من مباحث ضخمة، ودلالة النهي على الحرمة او الكراهة، ودلالة الأمر على المرة أو التكرار، ودلالته على الفور أو التراخي، وعن معنى الأمر بالشيء مرتين، وعن الواجب التخييري والتعييني، والمعلق والمنجز، والموسع والمضيق.
    -
    ومنها: معنى المفاهيم وحجيتها كمفهوم الشرط والوصف والعدد والحصر واللقب وغيرها..
    -
    ومنها دلالة الفاظ العموم والفرق بين المخصص المنفصل والمتصل وإجمال المخصص، وتخصيص الكتاب بالخبر الواحد وغيرها..
    -
    ومنها أحكام المجمل والمبين والشك في الإجمال..
    -
    ومنها تحديد حدود حجية العقل في استنباط الأحكام الشرعية ضمن مباحث الملازمات العقلية، وإدراك الملازمة بين حكم العقل والشرع وحجية مثل هذه الملازمة، والإجزاء في الأوامر الظاهرية مع عدم إمكان الوصول للأحكام الواقعية، ومقدمة الواجب والشرط المتأخر والمقدمة المفوتة ومسألة الترتب واجتماع الامر والنهي وغيرها من الأبحاث العقلية التي تدخل في عملية الاستنباط.
    -
    ومنها دلالة فعل المعصوم وتقريره، وحجية الخبر المتواتر وخبر الواحد، وحجية الشهرة والإجماع والسيرة..
    -
    ومنها التعادل بين الروايات فيلزم منه التخيير أو التساقط، ومنها الترجيح بين الروايات فيلزم تقديم ما يتضمن مرجحا..
    -
    ومنها الأصول العملية عند فقد الأدلة السابقة كالاستصحاب او البراءة او الاشتغال او التخيير.. وغير ذلك من المباحث المتعددة.

    فإن كل هذه الأمور مما ينبغي إدراكه وفهمه وتحديد موقف منه في كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية، وهو ما بحثه الأصوليون والأخباريون معاً وإن لم يصرح الأخباريون بأن هذا يسمى اجتهادا وأن نتيجته تسمى رأياً ..

    أما ما نقرأه اليوم فالأخباريون بريئون منه كما الأصوليون وإن طرح بإسم الأخباريين الذين لا يزعمون أن الحق فيهم وحدهم وأنهم أعداد أهل الحق على وجه الأرض كلها لا يزيد عن بضع عشرات من الناس !!

    وسيأتي في المشاركة القادمة حقيقة التقليد ومشروعيته بل لزومه.

    والحمد لله رب العالمين

    شعيب العاملي

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    2. مشروعية التقليد ولزومه

    أما التقليد، وهو الاستناد الى قول الغير في مقام العمل، أو أخذ فتوى الغير للعمل بها، فقد صرّح العلماء بلزومه وأثبت الوجدان صحته، لأنه من مصاديق رجوع الجاهل إلى العالم، وقد انعقدت السيرة العقلائية عليه، وأمضاها الشارع المقدّس.

    وبعبارة أخرى: أن سيرة البشر العقلاء بما هم عقلاء وتصرفاتهم مهما كان دينهم وانتماؤهم تلزمهم بالرجوع في كلّ علم وفنٍّ إلى أهل الاختصاص به العالمين بجزئياته ومصاديقه.. ولم يكن للأديان السماوية طريق آخر يعتمد غير طريق العقلاء، فلم يردع عن هذا المنهج، وعدم الردع دليل الإمضاء، بل إنها صرّحت بلزومه وحثّت الناس على سلوكه من حيث أرجعتهم للعلماء كما ستأتي الروايات في ذلك.

    وعليه فقد ذكر الفقهاء جملة أدلة على جواز التقليد بل وجوبه ومنها ما يلي:

    أولاً: السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع كما بيّنا.

    ثانياً: جملة من الآيات منها الآية الشريفة: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة : 122]
    ودلالتها على وجوب النفر للتفقه في الدين والإنذار تامة، وليس التفقه والإنذار إلا مقدمة للحذر عند الإنذار، فيكون وجوب الحذر عند إنذارهم واجباً مطلقاً، والحذر يعني التحفظ عن الوقوع فيما يخشى منه، فهو فعل اختياري يستند الى الإنذار.. فتدل على وجوب التقليد في الأحكام بقرينة وجوب الحذر بعد إنذار الفقيه.. وكذلك على وجوب الإفتاء لدلالتها على وجوب الإنذار، وعلى حجية الإفتاء والانذار معاً.
    لا يقال بأن التفقه والانذار في ذلك الزمن هو نقل للحكم فقط فلا يشمل التفقه بمصطلح اليوم فتكون ناظرة الى حجية الخبر، لأن حجية الخبر ليست متوقفة على الالتفات للمعنى فضلاً عن فقاهة الراوي، فإن موضوع الرواية هو التفقه في الدين وبينه وبين نقل الخبر بون شاسع.
    ولأن التفقه والاجتهاد هو واحد في كل العصور وان اختلفت السهولة والصعوبة فلم يحتج الأوائل لتعلم اللغة لكونهم من أهلها بينما نحتاجها اليوم وكذا كثير من القواعد الأصولية التي كانت مسلمة وصارت ملتبسة، واما التعارض بين الروايات فكان يحصل في ذلك الزمن كما في هذا الزمن، فالتفقه بمعنى إعمال النظر واحد في كل العصور.

    ثالثاً: جملة من الروايات الدالة على جواز العمل بالتقليد وحجية الفتوى بل وجوبها، وقد وصلت لحد التواتر، ومنها الأخبار التي أرجعت الناس إلى أشخاص محددين أو إلى عنوان معين: ذكر الفقهاء منها الارجاع إلى العمري وابنه ، ويونس بن عبدالرحمان وزكريا بن آدم ، ويونس مولى آل يقطين ، والارجاع إلى رواة حديثهم وغيرها.. ودلالتها على الارجاع مطلقة تشمل كل ما أجابوا به سواء كان ذلك بنص كلام الإمام أو كان بإعمالهم قواعد الاستنباط.

    ومنها روايات الإرجاع إلى رواة الأحاديث، فبما أن كل الوقائع ليست منصوصة يدل الإرجاع إليهم على جواز أخذ ما ذكروه ولو بالاجتهاد والنظر، ويصح نسبة ذلك للأئمة لأن رأي هؤلاء ليس في قبال رأي أئمتهم لعدم استناده الى القياس والاستحسان كالمخالفين.

    ومنها الروايات التي أمرت بالافتاء
    عليه السلام كقوله لأبان بن تغلب : إجلس في مجلس المدينة وافت الناس فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك (وسائل الشيعة ج30 ص291). فإنها تدل على جواز الإفتاء وجواز الأخذ عن المفتي.
    وغيرها الكثير من الروايات..

    فبعض هذه الأدلة في مقام إثبات جواز التقليد، وبعضها في مقام إثبات لزومه، ولا تنافي بين المثبتات مع اختلاف الموارد، فإن هناك طريقاً آخر قد أباحته الشريعة لغير الفقهاء أيضا وهو الاحتياط، فتكون الأدلة التي دلت على جواز التقليد ناظرة إلى من كان بامكانه الاحتياط، وتلك التي دلّت على لزوم التقليد ناظرة إلى من لم يكن الاحتياط ممكناً بحقه كحال اغلب الناس، فيتعين عليهم التقليد.

    هذا كله مضافاً إلى جملة من الروايات الأخرى المتواترة التي دلّت على لزوم التعلم والرجوع للعلماء وهي بألسن متعددة حثّ فيها الأئمة شيعتهم على التفقه في الدين، وينطبق هذا على عصر الحضور كما ينطبق على عصر الغيبة وإن كان في الأخير آكد وأشدّ، والروايات في ذلك أكثر من أن تحصى، نذكر منها جملة على سبيل المثال من الكافي الشريف فقط:

    1. عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام: اغد عالما أو متعلما أو أحب أهل العلم ، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم.(الكافي ج1 ص34)، ويلاحظ أن الإمام قد أمر أبا حمزة بأن يكون عالماً أو متعلماً أو محباً لأهل العلم، ما يعني أن بإمكان أبي حمزة أن يكون عالماً، ولا ينحصر إطلاق العالم على الأئمة عليهم السلام كما توهمه بعضهم لما فهمه من الحديث التالي، وإن كانوا هم المصاديق الأبرز والأكمل والذي لا يدانيه أحد.

    2. عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول يغدوا الناس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلم وغثاء ، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء. (الكافي ج1 ص34)
    وبالجمع بين هذين الحديثين يتّضح أن الثاني ناظر إلى مصطلح خاص عن (العالم) وهو العالم بالعلم اللدني مثلاً، أو من كان مصدراً للعلم دون احتياجه لأحد من الخلق، دون الحديث السابق وغيره والذي صحّ فيه إطلاق (العالم) على غيرهم عليهم السلام. وكلام الأئمة يوضح بعضه بعضاً ويفسر بعضه بعضاً.

    3. عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به (الكافي ج1 ص35)
    4. عن أبي جعفر عليه السلام قال : من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئاً (الكافي ج1 ص35)
    5. عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ... ولا تضجر بطول صحبته فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتى يسقط عليك منها شئ ، والعالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله . (الكافي ج1 ص37)
    6. عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ . (الكافي ج1 ص38)
    7. عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قالت الحواريون لعيسى : يا روح الله ! من نجالس ؟ قال من يذكركم الله رؤيته ، ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله .(الكافي ج1 ص39)
    8. عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم . (الكافي ج1 ص40)
    وغيرها الكثير من الروايات التي أرجعت الناس للفقهاء وقد بلغت حدّ التواتر.

    وقد يستشكل على ما ذكرناه من أدلة بجملة من الإشكالات نعرضها مع جوابها في المشاركة القادمة إن شاء الله.

    والحمد لله رب العالمين

    شعيب العاملي

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم

      اشكالات وردود

      كنا قد عرضنا ما استدلّ به على جواز الاجتهاد والافتاء بل لزومه، وجواز التقليد بل ضرورته لمن لا يتمكن من الاحتياط وهم غالب الناس.
      وفيما يلي جملة من الإشكالات التي قد ترد على هذا الاستدلال مع بيان الجواب عليها.

      الإشكال الأول
      أن القرآن الكريم قد نهى عن التقليد وذمّه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة : 104] وأمثالها من الآيات، وجملة من الروايات..
      والجواب على ذلك:
      أن الآيات تذم التقليد في أصول الدين عند أصحاب الديانات الفاسدة والاعتقادات الباطلة، ولا تشمل التقليد في فروعه وأحكامه التفصيلية.
      ولو سُلِّمَ دلالتها على النهي عن التقليد في الفروع لكانت الأدلة التي سبق ذكرها مخصّصة لعمومها، ولسان الرواية يؤيد ذلك حيث ذم تقليد الآباء من حيث كونهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون، أما لو كانوا من أهل العلم والهداية فلا مانع من الرجوع إليهم في الفروع.

      الإشكال الثاني
      أن التقليد في فروع الدين عملٌ بالظن، وقد نهى القرآن الكريم عن العمل بالظن في موارد كثيرة منها: ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ [النجم : 28]، كذلك منعت الروايات الشريفة عن العمل بالظن.
      والجواب عليه:
      أن النهي عن العمل بالظن إرشادي إلى حكم العقل باحتمال الخلاف وترتب الضرر عليه، وقد دلّت الروايات المسوّغة للتقليد في الفروع إلى أن الله سبحانه وتعالى قد دفع احتمال الضرر عند التقليد في الأمور الفقهية مع عدم الوصول للحكم الواقعي.

      الإشكال الثالث:
      أن الروايات التي أمرت بالرجوع إنما اختصت بالرجوع إلى حملة الأخبار بما هم نقلة لأخبار آل محمد فقط، فلا تشمل المجتهدين. والقرينة على ذلك ما ورد في بعض الروايات (فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته)
      والجواب عليه:
      أن الفقهاء يحكون عن الإمام ولو لم يرووا خبراً، فإنهم إنما يبحثون في الأدلة الشرعية لمعرفة رأي الشرع فيه، فما يصلون إليه يكون حاكياً عن الحكم الشرعي، فضلاً عن أن مصب النهي هم الذين علم كذبهم دون من علم صدقهم، مضافاً إلى وجود روايات نصّت على الإرجاع إلى الفقهاء وأهل الفتيا وقد تقدّم بعضها.

      الإشكال الرابع:
      أن الروايات قد نهت عن التقليد، فتكون رادعة عن السيرة العقلائية فلا يكون دليل السيرة تاماً. ومن ذلك الحديث الشريف (وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علمائهم)
      والجواب عليه:
      وبالنظر إلى كلام الإمام يتضح أن الرواية حجة لمن يلتزم بالتقليد لا لمن ينهى عنه، فإن الإمام أجاب على سؤال السائل المذكور بقوله: (بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة .
      أما من حيث استووا : فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم .
      وأما من حيث افترقوا فلا .
      قال : بين لي يا بن رسول الله !
      قال عليه السلام: إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها... فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ....
      وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها .... فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم .
      فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فإنه من ركب من القبايح والفواحش مراكب فسقة العامة فلا تقبلوا منا عنه شيئا، ولا كرامة... (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص263)
      فإن الإمام قد فرق في الرواية بين العالم الذي يعرف بالفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها فيحرم تقليده، وبين الفقيه الذي يصون نفسه ويحفظ دين ويخالف هواه ويطيع أمر مولاه فساغ تقليده.. وهكذا الحال في سائر الروايات..
      ومن هنا يثبت أن هناك طولية في الأخذ عن العلماء والأئمة لا عرضية، لأن الرجوع للعلماء هو رجوع للأئمة، فهم حملة علومهم عليهم السلام، فالاخذ عن الطالب الذي يدرك رأي أستاذه هو أخذ عن الأستاذ في الواقع.
      وإن قيل كما في الإشكال السبق بأن الرواية ناظرة إلى أخذ الخبر لا الفتوى تكون أجنبية عن بحثنا ولا يتم الإشكال السابق ولا الحالي، ويكون الاستدلال بسائر الروايات تاماً.

      الإشكال الخامس:
      أنه على فرض التنزل والتسليم بجواز التقليد، فلا دليل على لزومه، ومن القرائن على ذلك قولهم عليهم السلام (فللعوام أن يقلدوه) وأمثاله من الأحاديث.
      والجواب عليه:
      أن بعض الأدلة وإن كانت ظاهرة في إثبات جواز التقليد، وبعضها في مقام إثبات لزومه، فلا تنافي بين المثبتات، فإما أن تحمل الأولى على الثانية لأن الوجوب جواز وزيادة، وإما أن تحمل كل منهما على مورد، فمورد الأولى أي جواز التقليد هو الأشخاص الذين يمكنهم الاحتياط فخيرتهم الشريعة بينه وبين التقليد، فكان التقليد جائزاً لا واجباً، ومورد الثانية أي لزوم التقليد فهم الأشخاص الذين لا يكون الاحتياط ممكناً بحقهم كحال اغلب الناس، فيتعين عليهم التقليد.

      الإشكال السادس:
      أن هناك جملة من الروايات التي ذمّت العلماء والفقهاء الذين يأتون في آخر الزمان، وهي عامة تشمل كل الفقهاء في تلك الأزمنة، فلا يصح تقليد أحد منهم، ونحن الآن في آخر الأزمنة فينطبق علينا ما ورد في الروايات.
      ومن هذه الروايات: سيأتي على الناس زمان لايبقى من القرآن إلا رسمه ... فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء!
      والجواب عليه:
      إن الرواية لا تدل على العموم الاستغراقي، فإنها ناظرة إلى حالة ستعم وتسود ذلك الزمن وان لم تكن شاملة لكل الفقهاء، بقرينة سائر الروايات التي أمرت باتباع العلماء العاملين في خصوص زمن الغيبة، وقد مرّت بعض الروايات، فلا يعقل أن يأمرنا الأئمة بالاقتداء والرجوع بمعدوم !! وأغلب الفقهاء المنحرفين هم فقهاء السلاطين وفقهاء العامة..

      الإشكال السابع:
      ان الاختلاف الحاصل بين الفقهاء دليل على انطباق روايات الذمّ عليهم، ومنها: ترد على أحدهم القضية في حكم من الاحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره، فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم، فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد.
      والجواب عليه:
      على أن المستشكل لم يدرك حقيقة المراد من الرواية (ترد على أحدهم القضية...) فإنها تتحدث عن المصوبة وهذا واضح جداً بقرينة (فيصوب آراءهم جميعاً) وليس في علماء الشيعة من يقول بالتصويب بل يشنعون على المخالفين فيه !!

      الإشكال الثامن:
      أن الفقيه لا يعد عالماً فالعلماء هم آل محمد حصراً كما دلّت عليه بعض الروايات.
      وقد تبين الجواب عليه:
      مما بيناه سابقاً حيث يصح إطلاق العالم على غيرهم عليهم السلام، وذكرنا وجهاً لكونهم عليهم السلام هم العلماء فقط بما يجمع به بين الروايات فراجع.

      الإشكال التاسع:
      أن الإفتاء بالرأي مذموم في الروايات ومنها: (من أفتى الناس برأيه فقد دان بما لا يعلم، ومن دان بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم).
      والجواب عليه:
      أن الإفتاء بالرأي منصرف إلى ما ساد عند المخالفين من العمل بالقياس والاستحسان وهو ما يعبر عن رأي المفتي الشخصي لا رأيه بمعنى ما فهمه من الأدلة الشرعية، أي أن مصطلح الاجتهاد كما مصطلح العمل برأي فلان يختلف في يومنا هذا عما كان سائداً في تلك الأيام وكانت الروايات ناظرة إليه، ويظهر ذلك بمراجعة تاريخ هذه المصطلحات، وملابسات استعمالها.. وإن كان هناك إشكال فعلي عليها اليوم فهو إشكال لفظي لا أكثر..

      هذه عدة إشكالات مما يمكن أن يستشكل به على ما بيّناه، مع الجواب عليها، وسائر الإشكالات قريبة منها أو ترجع إليها فيعرف جوابها مما سلف.

      والحمد لله رب العالمين.

      شعيب العاملي

      تعليق


      • #4
        احسنتم

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          اﻷخ شعيب العاملي
          قد يقال: إنه لا خلاف بين اﻷخباريين واﻷصوليين في وجوب الرجوع إلى اﻷدلة الشرعية على القادر على النظر والفحص، فاﻷصولي يسميه اجتهادا، واﻷخباري يمنع من التسمية.
          كما لا خلاف في وجوب رجوع العامي -غير القادر على النظر والفحص في اﻷدلة- إلى العارف بأحكام الشرع، وأخذ اﻷحكام عنه، واﻷصولي يسميه تقليدا، واﻷخباري يمنع عن التسمية.
          وإذا كان اﻷمر كذلك، فأين موطن الخلاف بين المسلكين في هذا الباب (الاجتهاد والتقليد) إذا استثنينا أمر التسمية؟

          تعليق


          • #6
            سوف أنتظر يا عاملي أن تدلي بدلوك في هذا الموضوع حتى نهايته رغم أنه هناك أحاديث لا علاقة لها بالتقليد الأصولي مبنية على ما تستحسنه المدرسة الأصولية وهذا مما لم يرد في الكتاب أو السنة
            كإرجاع الناس إلى رواة أحاديثهم والذي بترتم معناه وحرّفتم الكلم عن موضعه بحيث جعلتم المعني اللغوي لكلمة
            الرواة = مراجع أصول
            ومن هنا إن وجد في اللغة العربية بأن
            رواة أحاديثنا تعني مراجع الأصول أنا من الآن سوف أتحول للمنهج الأصولي فهذه لا تجدوها فقط إلا في المطبخ الأصولي رغم أن هذه الرواية لا يعتَّدون عليه
            ا سنداً في المنهج الأصولي
            قد تستطيع يا أيها العاملي أن تمرر الخدعة الأصولية على عوام الشيعة البسطاء ولكن ليس علينا .
            على كلٍّ عندما تنهي موضوعك وبحثك أبلغني حتى أرد على كل نقطة أثرتها أنت واحدة واحدة من الكتاب والسنة
            بإذن الله تعالى

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم

              الاخ در النجف
              احسن الله اليكم

              الاخ يثرب الحجاز
              ما أشرتم إليه هو عين ما عقد لغرضه موضوعنا السابق:

              المجتهد اخباري عند التحقيق! والاخباري مجتهد بعد النظر الدّقيق!!
              https://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=185201
              فإنا أشرنا إلى ما تنبه له جملة من كبار علماء المدرستين من كون حقيقة الخلاف في كثير من الموارد لفظي، وفي بعضها الآخر جزئياً فرعياً لا يوجب طعناً ولا قدحاً ولا ذماً..

              الاخ شيعي اخباري
              لك أن تشارك بما تريد ساعة تشاء.. رغم أن وجهة نظركم قد اصبحت واضحة لدينا، فإن وجدنا ما لم تكن إجاباتنا السابقة منطبقة عليه عقّبنا وإلا فلا حاجة للتكرار !!
              ويظهر أن منهج الطعن منكم بفقهاء المذهب لم يتغير، وعليه نكتفي بالدعاء لكم بأن يصلح الله أمركم !!

              والحمد لله رب العالمين

              شعيب العاملي

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة شعيب العاملي

                الاخ شيعي اخباري
                لك أن تشارك بما تريد ساعة تشاء.. رغم أن وجهة نظركم قد اصبحت واضحة لدينا، فإن وجدنا ما لم تكن إجاباتنا السابقة منطبقة عليه عقّبنا وإلا فلا حاجة للتكرار !!
                ويظهر أن منهج الطعن منكم بفقهاء المذهب لم يتغير، وعليه نكتفي بالدعاء لكم بأن يصلح الله أمركم !!

                والحمد لله رب العالمين

                شعيب العاملي
                الأخ شعيب العاملي أنا أنقل ما قاله أئمتنا وأسلوبكم هو طعن في الأئمة من حيث لا تشعرون وها أنا أنقل ما قاله الأئمة بحق من خالفهم فلا يستوي السكوت والتسليم لمن خالفهم وادعاء موالاتهم ونحن ندعو الله لك أن ينير بصيرتك
                وهداكم الله

                تعليق


                • #9
                  الأخ شعيب العاملي أنا أنقل ما قاله أئمتنا وأسلوبكم هو طعن في الأئمة من حيث لا تشعرون وها أنا أنقل ما قاله الأئمة بحق من خالفهم فلا يستوي السكوت والتسليم لمن خالفهم وادعاء موالاتهم ونحن ندعو الله لك أن ينير بصيرتك
                  وهداكم الله
                  تقدم اخينا بالادلة


                  اخينا الفاضل شعيب يمكنكم ان تنظرو الى ادلة والرد عليها لعل الفهم مختلف بين المدرستين
                  وعلى كل حال اتخطر اني مررت بالاختلاف حينما اطلعت على الحلقة الاولى للاصول للسيد محمد باقر الصدر اعلى الله مقامه

                  تعليق


                  • #10
                    هناك موضوعان يمكن لمن يريد العودة إليهما
                    الأول
                    المصطحات اللغوية في المطبخ الأصولي
                    http://www.yahosein.com/vb/showthrea...=1#post2062371

                    الثاني

                    البحث عن المسلك اﻷخباري

                    http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=198717
                    سيكون فيهما توضيح ومعرفة مكامن الخطأ في المنهج الأصولي

                    تعليق


                    • #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      قال المحدث اﻷخباري الشيخ حسين الكركي العاملي (م 1076) في كتابه هداية اﻷبرار ص300:
                      التقليد عند المتأخرين من اﻹمامية هو عمل العامي بقول المجتهد فيما يرجحه ظنه من فروع الشريعة.
                      وعند قدمائهم: هو رجوع العامي إلى قول المعصوم في أمور دينه ولو بواسطة من يوثق بنقله.
                      فمن نفى التقليد من القدماء أراد اﻷول، ومن قال به أراد الثاني.
                      قال الحلبيون من أصحابنا كابن حمزة وابن زهرة وأبي الصلاح وغيرهم: لا يجوز التقليد في أصول الدين ولا في فروعه، بل يجب الاجتهاد في ذلك على كل مكلف.
                      ومرادهم بهذا أنه لا يجوز العمل إلا بما ورد عن المعصوم ع دون غيره مما يستند إلى رأي واجتهاد، ويجب على كل مكلف الاجتهاد والسعي في تحصيل ذلك، فلا تقليد في الواقع إلا له، والمجتهد ناقل لفتواه.
                      وقال أكثر العامة والمتأخرين من الخاصة: بالمنع من التقليد في أصول الدين وأجازوه في الفروع.
                      قال السيد المرتضى: لا يجوز التقليد في إثبات ذات الواجب تعالى وتوحيده ويجوز إثبات ما يصح عليه تعالى ويمتنع نحو العلم والقدرة ونفي الجسم والصورة بالنقل عن المعصوم ع. انتهى كلام الكركي

                      تعليق


                      • #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        قال المحدث اﻷخباري الشيخ حسين الكركي العاملي (م1076) في كتابه هداية اﻷبرار إلى طريق اﻷئمة اﻷطهار ص203:
                        الفصل الرابع
                        في أن الاجتهاد في طلب الدين على النهج الذي قرره القدماء واجب على كل مسلم.
                        اعلم: أن كل من سعى في تحصيل مسألة مما كلف به وفهمها كما يجب، وضبطها، فقد اجتهد في تحصيلها، والسعي في تحصيل ما لا يعذر المكلف بجهله من العبادات الواجبة والحقوق اللازمة فرض عين لايعذر أحد في تركه وليس له حد يقف عنده، بل كلما احتاج إلى حكم يجب عليه السؤال عنه، وهذا معنى قول أصحابنا الحلبيين: إن الاجتهاد واجب عيني، وبهذا فسر مذهبهم شيخنا البهائي (ره)، وذلك أنهم لم يكونوا يعملون إلا بالحديث، كما صرح به ابن زهرة [الحلبي] في الغنية، فالعامي عندهم إذا سأل العالم عن مسألة شرعية فأجاب عنها بلفظ الحديث أو بمعناه وفهمه العامي كما يجب، فقد تساويا في علم تلك المسألة؛ ﻷن المسؤول ناقل لفتوى أهل البيت ع، والسائل يرويها عنه، فلا فتوى في الحقيقة إلا للمعصوم ولا تقليد إلا له ع، والسائل والمسؤول من جملة الرواة، وهذا مذهب كل القدماء، لا علماء حلب خاصة كما هو المشهور.
                        واعلم أن ما يحتاج إليه المكلف في خاصة نفسه من مسائل الفروض الواجبة عليه بالفعل لا يأباه طبع أحد، وإنما تختلف الناس فيه بسرعة الفهم وبطئه.
                        وأما الإحاطة بأكثر أبواب الفقه والحديث فليس في وسع كل أحد، بل يحتاج إلى طبع ذكي وحفظ قوي، وهذا النوع من الاجتهاد يجب كفاية على من له أهلية ذلك لحفظ الشريعة المطهرة، فينبغي له أن ينتهز الفرصة ويجتهد في الطلب لينال سعادة الدارين.
                        انتهى

                        تعليق:
                        يظهر من هذا الكلام أن اﻷخباريين لا يمنعون من إطلاق استعمال الاجتهاد لكن بمعناه اللغوي، أي السعي والطلب للحصول على فتوى المعصوم من خلال ألفاظ الحديث، ولو كان ذلك بالرجوع إلى العلماء الناقلين ﻷحاديثهم عليهم السلام.
                        وإن شئت أن تسمي ذلك تقليدا فلا مانع، إلا أنه تقليد لفتوى المعصوم ع، وليس تقليدا للعلماء، فإن العلماء ليس شأنهم إلا نقل اﻷحاديث أو تفيهم العوام لمعانيها، من دون إعمال التأويل والتفريع والتدقيق.
                        ومن هنا يتبين الفرق الحقيقي والجوهري بين المدرستين اﻷصولية واﻷخبارية، وأنه لا ينحصر في اامر التسمية، فاﻷولى تحاول أن تصل إلى رأي المعصوم من خلال إعمال التدقيقات العقلية في النصوص، وتعمد إلى تفريع مئات المسائل التفصيلية التي لم يرد فيها نص صريح، فتحاول أن تتعرف رأي المعصوم مما بأيديها من عمومات وإطلاقات وقواعد عقلية نظرية تحتمل الخطأ والصواب، فترجع إلى النص لكن بعد التدقيق والتعميق والتأويل وو...
                        أما المدرسة اﻷخبارية فلا يتكلفون مثل هذه اﻷمور تبعا لما ورد عنهم عليهم السلام اسكتوا عما سكت الله عنه، وقولوا إذا قلنا واصمتوا إذا صمتنا، ولا تتكلفوا...
                        وهم يحاولون أن يكونوا أمناء على النص فلا يتصرفون فيه إلا بالمقدار الضروري الذي يوصل معناه إلى العامة ممن لا يفهم اللغة وآدابها.
                        وعلى هذا فاﻷخباريون أقرب إلى السلامة وإلى التسليم ﻷهل العصمة عليهم السلام، وطريقتهم أقرب إلى الاحتياط واﻷمان، والله أعلم.

                        تعليق


                        • #13
                          اريد افهم مسائل شرعيه لم يتطرق لها احد مسأله فقيه نحن متبعين آل محمد عليهم السلام وكما جاء في حكم القرآن عن الوضوء اكتفي فقط في مسح الرأس وسؤالي والمضمون كيف لا نرجع الى عالم يدقق ويبحث في استناج الاحكام لكي للعوام البسطاء يطمئنون بألأحكام اذا كان احد الاشخاص في جزيره ليس فيها مؤى وكانت السماء ممطره بحيث لم ينقطع المطر وقد سال الماء بكل الجسم اي اصبح الرأس قيه ماء ودركتنا الصلاة للقضاء كيف يكون الحكم وانا لاأعلم هل تطرق لها احاديث محمد وآل محمد عليهم السلام والعللماء ام لا :مضمون كلامي اذا لم يوجد مرجع او عالم يدقق بهذه المسائل ويعطينا الجواب من اين نأخذ الاسئله الذي هي يترتب عليها صحت الصلاة فأنا اقول كثيره من هذه المسائل لولا علمائنا لما اصبح الدين واضح واستمر نهج الدين في تكملت المسائل الذي هي من اصل الدين وهل نأخذها من المدارس الاكاديمه اونسافر ايام طويله لكي نستفتي من المتعلمين واين نجد المتتخصص لتلك المسائل الفقهيه غير مراجعنا العظام لذلك لم تبقى مسأله محيره الا ولها اجابه شافيه وهذا دليل عقلي لايقبل النقاش الاستغناء عنهم بعد زمن محمد وآل محمد عليم السلام فكيف نكون بدون تقليد

                          تعليق


                          • #14
                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            الاخ يثرب الحجاز
                            إن كان ما توصلتم إليه هو أن المدرسة الأصولية تفرع المسائل التفصيلية، وتعمل الدقة العقلية ولو في بعض النصوص، فإن هذا هو عين الأخبارية، حيث ورد في الأخبار كما أسلفنا:

                            عن أبي عبدالله عليه‌ السلام: إنما علينا أن نلقي اليكم الاصول ، وعليكم أن تفرعوا.
                            وعن الإمام الرضا عليه ‌السلام قال: علينا إلقاء الاصول، وعليكم التفريع.
                            (وسائل الشيعة ج27 ص62)


                            وقد أشرنا في موضوعنا الآخر إلى أن الشريعة قد أناطت جملة من الأحكام وتطبيقاتها إلى الدقة العقلية كتحديد الكر ومسافة السفر وكثير من الأحكام وتطبيقاتها، فيكون منهجهم أخبارياً بذلك أيضاً، ويثبت المعنى الذي أفردناه في موضوعنا حول التقارب بين الأصولية والأخبارية.

                            وفي المشاركة القادمة بعض ما كنا قد عرضناه في المنتدى قبل أكثر من عام لا باس بادراجه هنا..

                            والحمد لله رب العالمين

                            شعيب العاملي

                            تعليق


                            • #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة شعيب العاملي
                              2. ما هو الاجتهاد ؟

                              الاجتهاد لغة هو بذل الجهد وتحمل المشقة.. ويستعمل في مختلف الأمور فيقال أن فلاناً اجتهد في عمله أو دراسته او غير ذلك اذا ما بذل فيها جهده متحملاً المصاعب كاداً لتحقيق ما يصبو إليه.

                              والاجتهاد اصطلاحاً هو استفراغ الوسع وبذل غاية الجهد في استنباط الحكم الشرعي من أدلته المعروفة.. فيأخذ المجتهد دور المنقب في الأدلة الباحث عن خصوصياتها الجامع بينها ليخرج بنتيجة يعتقد أنها الأصح والأوفق في فهم الأدلة..
                              ويشترط في المجتهد أن يتقن بعض العلوم وأن يكون مطلعاً على بعضها الآخر مما له دخل في أجودية وأقربية استخراج الأحكام الشرعية.
                              ومن يصل لهذه المرتبة ولو في بعض الأبواب (لسهولتها أو لكثرة ممارسته فيها) يعمل بما توصل إليه.

                              ولا يؤاخذ المجتهدون باختلاف الفتوى بينهم بعد أن يكون أحدهم قد بذل غاية الجهد في فهم الأدلة وتوصل إلى نتيجة معينة.. وذلك لعجزهم جميعاً عن إدراك حقيقة الحكم لتعذر السماع من المعصوم مشافهة وكثرة أسباب الاختلاف وموجباته كبعد الزمن والاختلاف الحاصل فيما نقل عن الأئمة ونقص كثير مما روي عنهم وفقدان آخر وغير ذلك من الأسباب.. وليس بإمكانهم أيضاً معرفة أن ما توصلوا إليه مطابق للواقع أم لا لكنهم يعلمون أنه الحجة لهم عليهم.


                              أما رجوع عامة الناس إلى أعلم المجتهدين فإن عمدة أدلته هي السيرة العقلائية القائمة على جواز رجوع الجاهل إلى العالم.. وإمضاء الشارع المقدس لهذه السيرة.
                              ويقصد بالسيرة العقلائية منهج يتبعه العقلاء من أبناء البشر ويرون فيه سنة حسنة فيمدحون فاعله، وقد يذمون تاركه.. فلو أمكن لجاهل بما يحتاجه أن يرجع لعالم يرشده وترك ذلك لما صح اعتذاره بالجهل.. ولو رجع إليه لرأوه سالكاً سبيل الرشاد.

                              وهذه القاعدة العامة تنطبق في أمور الشرع كما تنطبق في سائر المجالات.. فيرجع كل شخص إلى من هو أكثر علماً وفهماً منه ليأخذ عنه ما توصل إليه من حكم شرعي فليتزم به لتبرأ ذمته أمام الله عز وجل.

                              هذا وقد زعم جمع ممن تلوثت نفوسهم أن هذا المقدار من العمل غير كاف.. وإن كفى فليس هو المطلوب.. وزعموا أن لهم طريقاً لمعرفة حقائق الأحكام ودقائق المعتقدات دون ظواهرها.. وذلك بالكشف والشهود بحيث يشرع أحدهم في المجاهدات النفسانية حتى تنكشف الأمور أمامه على حقيقتها فيبصر ما لا يبصره غيره ويرى عين الواقع بعد أن يرتقي في سلم الكمال ليفنى في ذات الله تعالى !!
                              وهؤلاء على مدارس شتى فمنهم من يعتبر أستاذه (الواصل) طريقاً بينه وبين صاحب العصر والزمان !!
                              ومنهم من يجعل القطب بمنزلة الإمام بل أعظم !
                              ومنهم من يرفع رموزه إلى مرتبة الألوهية أو ينزل (بزعمه) من مرتبة الخالق عز وجل والعياذ بالله !

                              وغير ذلك مما يمحق الدين محقاً حيث يبطل كل حجة وبرهان ويفتح الباب أمام أصحاب الأساطير والأوهام والسحر والشعوذة.. وهذا ليس من دين الله في شيء ..

                              نعم هناك خلاف معروف بين الأصوليين (وهم جمهور فقهائنا اليوم) والأخباريين (ويضمون جمعاً من كبار علمائنا المتقدمين) حول جواز الاجتهاد وعدمه.. وقد غذى الخلاف جماعة من الطرفين وطابور ثالث بعضه مغرض وبعض لم يفهم حقيقة وحدود الاختلاف بينهما.. ومن مناشئ الخلاف أن أصل الاجتهاد كان معتمداً عند علماء المخالفين بمعنىً يشمل الرأي الشخصي والاستدلال بالاستحسان والقياس وما إلى ذلك مما علم بطلانه.. فأنكر الاخباريون على الاصوليين ما ذهبوا إليه من مصطلحات وجزئيات وإن كانوا في واقع الأمر يشتركون معهم في نفس المعنى بحيث يعمد أحدهم إلى استنباط الاحكام من الادلة الشرعية ثم يسوغ لعامة الناس الرجوع إليه وأخذ الحكم منه وهذا هو الاجتهاد عند الاصوليين بعينه.. ولذا لا ترى من كبار الطرفين (وإن خالفت قلة) إلا الاحترام للطرف الآخر وإن اختلفوا في العديد من المفردات والجزئيات كما يقع الخلاف بين ابناء المدرسة الواحدة..

                              وقد تعرضنا لجوانب أخرى حول هذا البحث في إجابات متعددة في هذا الموضوع
                              هل يجب تقليد الأعلم؟ و هل يجوز لغير الأعلم أن يفتي؟
                              http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=169297

                              والحمد لله رب العالمين

                              شعيب العاملي

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X