(منقول)
الجديد فى تفسير القرآن المجيد .. محمد سبزواري
الكلام كاملا
- وَ إِذ قالَ إِبراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ .... قد اختلف الأعلام في أبي إبراهيم عليه السلام. أما نحن فنري الآية الشريفة ظاهرة، بل صريحة في أنّ آزر أبوه. و نحن مأمورون أن نأخذ بظاهرات الآيات و الروايات ما دام لم يكن دليل علي خلاف الظاهر. و في المقام لا يدلّنا شيء علي الخلاف إلّا قول النسّابة أن أباه تارح. و قولهم ليس لنا بحجة ما لم يكن فيهم معصوم مبسوط اليد، أو شاهدا عدل من أهل الصلاح و من أهل الدراية و الرواية في النسب. و لم يكن واحد من هذين في النسّابة، فقولهم ليس بحجة عندنا. مضافا إلي أن ألذي عزا هذا القول إلي النسّابة هو مجهول الحال عندنا أيضا، فإذا فقد الدليل علي خلاف الظاهر فلا بد لنا أن نأخذ بظاهر الآية و الرواية في أي مقام کان كالذي نحن فيه. نعم لا بد لنا من رفع الشّبهة عن هذه الناحية، و هو أنه لا يجوز الأخذ بظاهر هذه الآية إذ يلزم الالتزام بأمر مخالف للعقيدة. بيان ذلک أن إجماع الأمّة الإسلامية علي تنزيه آباء النبّي صلّي اللّه عليه و آله عن الكفر و الشّرك إلي آدم عليه السلام، و کان آزر مشركا بحسب الظاهر في الكلام.
و الجواب: أن آزر کان مع المشركين تقية. و كونه معهم لا يلزمه أن يکون يعبد الأصنام. و علي فرض قولنا أنه کان يعبدها کما هو ظاهر قول إبراهيم عليه السلام، فنقول: هذا أيضا من باب التقية علي
ما أخبر به النبيّ صلّي اللّه عليه و آله إذ قال: التقيّة ديني و دين آبائي.
فآباء النبيّ (ص) كانوا بأجمعهم مؤمنين باللّه تعالي، لكنّ بعضهم کان مبتلي بالتقيّة، و بعضهم کان يعمل بما علم من دينه. فيمكن أن نقول: إن إبراهيم عليه السلام کان يعلم بإيمان أبيه، و أن نزاعهما کان من باب المصانعة مع النّاس لمصالح خفية عليهم و إبراهيم (ع) يعلم بها و يكتم إيمان أبيه، کما أن أبا طالب عليه السلام کان يكتم إيمانه برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و رسول اللّه يعلم به.
و في الكافي عن الصادق صلوات اللّه عليه أن آزر أبا إبراهيم کان. منجّما لنمرود، ثم ساق الحديث إلي أن قال عليه السلام: و وقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم.
و
في العياشي عن الصادق عليه السلام أيضا أنه سئل عن قوله تعالي: وَ إِذ قالَ إِبراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ، فقال (ع): کان اسم أبيه آزر.
فهاتان الروايتان صريحتان في ما هو ظاهر الآية الشريفة. فالجواب علي ما هو مجمع عليه عند الشيعة و بعض أعلام السنّة هو ما ذكرناه. ثم إنه لا منافاة بين كون اسمه (ع) تارح، و لقبه آزر. و هو لقب مدح لا ذمّ کما قيل، و لكنه أطلق عليه كالاسم تسامحا لأن كليهما يشيران إلي مسمّي واحد.
أجل، لقد قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: أَ تَتَّخِذُ أَصناماً آلِهَةً يعني أ تجعل الأصنام أربابا من دون اللّه! إِنِّي أَراكَ وَ قَومَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ضلالة واضحة. و لا يخفي أن قوم إبراهيم عليه السلام كانوا يعبدون النجوم، و لذا ردّ إبراهيم (ع) عليهم بغروبها و أفولها، ثم استهزأ بعبادتهم لها و للأصنام إذ ليس لها و لا للأصنام عقل و لا إدراك بل هي جماد محض لا تملك من أمرها شيئا. و للجمع بين ما قلناه من عبادتهم للنجوم و الأصنام في آن واحد نقول لرفع الإشكال: إن علم النجوم في عصرهم کان علما راقيا رائجا، و لذا کان جماعة منهم يعبدون الشمس و القمر و بعض الكواكب لأنهم كانوا يعتقدونها خالقة للعالم و موجدة للكائنات، في حين کان جماعة من علمائهم- و آخرون معهم- يعبدون الأصنام و الأوثان، و من أجل ذلک شرع إبراهيم عليه السلام بذكر الأصنام أولا فقال: أ تّتخذ أصناما آلهة! و الاستفهام هنا إنكاريّ، أي لا تتّخذوها كذلك لأن عبادة غيره سبحانه و تعالي ضلالة، و عبادة الجمادات لغو محض و غير عقلائية.
رابط التفسير

http://lib.ahlolbait.com/parvan/reso...209/#!resource
الجديد فى تفسير القرآن المجيد .. محمد سبزواري
الكلام كاملا
- وَ إِذ قالَ إِبراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ .... قد اختلف الأعلام في أبي إبراهيم عليه السلام. أما نحن فنري الآية الشريفة ظاهرة، بل صريحة في أنّ آزر أبوه. و نحن مأمورون أن نأخذ بظاهرات الآيات و الروايات ما دام لم يكن دليل علي خلاف الظاهر. و في المقام لا يدلّنا شيء علي الخلاف إلّا قول النسّابة أن أباه تارح. و قولهم ليس لنا بحجة ما لم يكن فيهم معصوم مبسوط اليد، أو شاهدا عدل من أهل الصلاح و من أهل الدراية و الرواية في النسب. و لم يكن واحد من هذين في النسّابة، فقولهم ليس بحجة عندنا. مضافا إلي أن ألذي عزا هذا القول إلي النسّابة هو مجهول الحال عندنا أيضا، فإذا فقد الدليل علي خلاف الظاهر فلا بد لنا أن نأخذ بظاهر الآية و الرواية في أي مقام کان كالذي نحن فيه. نعم لا بد لنا من رفع الشّبهة عن هذه الناحية، و هو أنه لا يجوز الأخذ بظاهر هذه الآية إذ يلزم الالتزام بأمر مخالف للعقيدة. بيان ذلک أن إجماع الأمّة الإسلامية علي تنزيه آباء النبّي صلّي اللّه عليه و آله عن الكفر و الشّرك إلي آدم عليه السلام، و کان آزر مشركا بحسب الظاهر في الكلام.
و الجواب: أن آزر کان مع المشركين تقية. و كونه معهم لا يلزمه أن يکون يعبد الأصنام. و علي فرض قولنا أنه کان يعبدها کما هو ظاهر قول إبراهيم عليه السلام، فنقول: هذا أيضا من باب التقية علي
ما أخبر به النبيّ صلّي اللّه عليه و آله إذ قال: التقيّة ديني و دين آبائي.
فآباء النبيّ (ص) كانوا بأجمعهم مؤمنين باللّه تعالي، لكنّ بعضهم کان مبتلي بالتقيّة، و بعضهم کان يعمل بما علم من دينه. فيمكن أن نقول: إن إبراهيم عليه السلام کان يعلم بإيمان أبيه، و أن نزاعهما کان من باب المصانعة مع النّاس لمصالح خفية عليهم و إبراهيم (ع) يعلم بها و يكتم إيمان أبيه، کما أن أبا طالب عليه السلام کان يكتم إيمانه برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و رسول اللّه يعلم به.
و في الكافي عن الصادق صلوات اللّه عليه أن آزر أبا إبراهيم کان. منجّما لنمرود، ثم ساق الحديث إلي أن قال عليه السلام: و وقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم.
و
في العياشي عن الصادق عليه السلام أيضا أنه سئل عن قوله تعالي: وَ إِذ قالَ إِبراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ، فقال (ع): کان اسم أبيه آزر.
فهاتان الروايتان صريحتان في ما هو ظاهر الآية الشريفة. فالجواب علي ما هو مجمع عليه عند الشيعة و بعض أعلام السنّة هو ما ذكرناه. ثم إنه لا منافاة بين كون اسمه (ع) تارح، و لقبه آزر. و هو لقب مدح لا ذمّ کما قيل، و لكنه أطلق عليه كالاسم تسامحا لأن كليهما يشيران إلي مسمّي واحد.
أجل، لقد قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: أَ تَتَّخِذُ أَصناماً آلِهَةً يعني أ تجعل الأصنام أربابا من دون اللّه! إِنِّي أَراكَ وَ قَومَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ضلالة واضحة. و لا يخفي أن قوم إبراهيم عليه السلام كانوا يعبدون النجوم، و لذا ردّ إبراهيم (ع) عليهم بغروبها و أفولها، ثم استهزأ بعبادتهم لها و للأصنام إذ ليس لها و لا للأصنام عقل و لا إدراك بل هي جماد محض لا تملك من أمرها شيئا. و للجمع بين ما قلناه من عبادتهم للنجوم و الأصنام في آن واحد نقول لرفع الإشكال: إن علم النجوم في عصرهم کان علما راقيا رائجا، و لذا کان جماعة منهم يعبدون الشمس و القمر و بعض الكواكب لأنهم كانوا يعتقدونها خالقة للعالم و موجدة للكائنات، في حين کان جماعة من علمائهم- و آخرون معهم- يعبدون الأصنام و الأوثان، و من أجل ذلک شرع إبراهيم عليه السلام بذكر الأصنام أولا فقال: أ تّتخذ أصناما آلهة! و الاستفهام هنا إنكاريّ، أي لا تتّخذوها كذلك لأن عبادة غيره سبحانه و تعالي ضلالة، و عبادة الجمادات لغو محض و غير عقلائية.
رابط التفسير
http://lib.ahlolbait.com/parvan/reso...209/#!resource
تعليق