بسم الله الرحمن الرحيم
حاول تهامة عسير أن يلف ويدور في موضوع الاخ الفارس (هل يمكن أن تغضب الزهراء على أبي بكر ولا يغضب الباري عز وجل؟؟) ويهرب من صلب الموضوع ليناقش في آية (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ... )
ولكي أفوت عليه الفرصة في الهروب أحببت طرح هذه الآية في موضوع جديد بعد الإذن من الأخ الفارس وأنقل كلام الشيخ المفيد أعلى الله مقامه حول هذه الآية المباركة
الافصاح- الشيخ المفيد ص 77 :
فصل
فإن قال قائل : فإني أترك التعلق بالخبر عن النبي صلى الله عليه وآله بأن القوم في الجنة لما طعنتم به فيه ، مما لا أجد منه مخلصا ، ولكن خبروني عن قوله تعالى : { والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } .
أليس قد أوجب لابي بكرو عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد جنات عدن ، ومنع بذلك من تجويز الخطأ عليهم في الدين والزلل عن الطريق المستقيم ، فكيف يصح القول مع ذلك بأن الامامة كانت دونهم لامير المؤمنين عليه السلام وأنهم دفعوه بالتقدم عليه عن حق وجب له على اليقين ، وهل هذا إلا متناقض ؟ !
قيل له : إن الله سبحانه لا يعد أحدا بالثواب إلا على شرط الاخلاص والموافاة بما يتوجه الوعد بالثواب عليه ، وأجل من أن يعري ظاهر اللفظ بالوعد عن الشروط ، لما في العقل من الدليل على ذلك والبرهان .
وإذا كان الامر على ما وصفناه ، فالحاجة ماسة إلى ثبوت أفعال من ذكرت في السبق والطاعة لله تعالى في امتثال أوامره ظاهرا على وجه الاخلاص ، ثم الموافاة بها على ما ذكرناه حتى يتحقق لهم الوعد بالرضوان والنعيم المقيم وهذا لم يقم عليه دليل ، ولا تثبت لمن ذكرت حجة توجب العلم واليقين ، فلا معنى للتعلق بظاهر الآية فيه ، مع أن الوعد من الله تعالى بالرضوان إنما توجه إلى السابقين الاولين من المهاجرين والانصار ، دون أن يكون متوجها إلى التالين الاولين .
والذين سميتهم من المتقدمين على امير المؤمنين عليه السلام ومن ضممت إليهم في الذكر ، لم يكونوا من الاولين في السبق ، وإنما كانوا من التالين للاولين ، والتالين للتالين .
والسابقون الاولون من المهاجرين ، هم : أمير المؤمنين عليه السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وخباب ، وزيدبن حارثة ، وعمار وطبقتهم . ومن الانصار النقباء المعروفون ، كأبي أيوب ، وسعد بن معاذ ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، ومن كان في طبقتهم من الانصار فأما أصحابك فهم الطبقة الثانية ممن ذكرناه ، والوعد إنما حصل للمتقدمين في الايمان دونهم على ما بيناه ، وهذا يسقط ما توهمت .
فصل
ثم يقال له : قد وعد الله المؤمنين والمؤمنات في الجملة مثل وعد به السابقين من المهاجرين والانصار ، ولم يوجب ذلك نفى الغلط عن كل من استحق اسم الايمان ، ولا إيجاب العصة له من الضلال ، ولا القطع له بالجنة على كل حال .
قال الله عزوجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم } .
فإن وجب للمتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام الثواب على كل حال ، لاستحقاقهم الوصف بأنهم من السابقين الاولين من المهاجرين والانصار على ما ادعيت لهم في المقال ، فإنه يجب مثل ذلك لكل من استحق اسم الايمان في حال من الاحوال ، بما تلوناه ، وهذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل الاسلام . ويقال له ايضا : قد وعد الله الصادقين مثل ذلك ، فقطع لهم بالمغفرة والرضوان ، فقال سبحانه : { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم } .
فهل يجب لذلك أن يقطع على كل من صدق في مقاله بالعصمة من الضلال ، ويوجب له الثواب المقيم ، وإن ضم إلى فعله قبائح الافعال ؟ ! فإن قال : نعم . خرج عن ملة الاسلام ، وإن قال : لا يجب ذلك لعلة من العلل . قيل له في آية السابقين مثل ما قال ، فإنه لا يجد فرقا . ويقال له أيضا : ما تصنع في قول الله تعالى : { وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } ؟ ! أتقول أن كل من صبر على مصاب فاسترجع مقطوع له بالعصمة والامان من العذاب ، وإن كان مخالفا لك في الاعتقاد ، بل مخالفا للاسلام ؟ ! فإن قال : نعم ظهر خزيه ، وإن قال : لا يجب ذلك . وذهب في الآية إلى الخصوص دون الاشتراط ، سقط معتمده من عموم آية السابقين ، ولم يبق معه ظاهر فيما اشتبه به الامر عليه في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، وخطأ المتقدمين عليه حسب ما ذكرناه . وهذا باب إن بسطنا القول فيه ، واستوفينا الكلام في معانيه ، طال به الخطاب ، وفيما اختصرناه كفاية لذوي الالباب .
فصل
فإن قال في أصل الجواب أنه لا يجوز تخصيص السابقين الاولين ، ولا الاشتراط فيهم ، لانه سبحانه قد اشترط في التابعين ، وخصهم بقوله : { والذين اتبعوهم بإحسان } . فلو كان في السابقين الاولين من يقع منه غير الحسن الجميل ، لما أطلق الرضا عنهم في الذكر ذلك الاطلاق ، واشترط فيمن وصله بهم من التابعين . قيل له : أول ما في هذا الباب ، أنك أوجبت للسابقين بهذا الكلام العصمة من الذنوب ، ورفعت عنهم جواز الخطأ وما يلحقهم به من العيوب ، والامة مجمعة على خلاف ذلك لمن زعمت أن الآية فيه صريحة ، لان الشيعة تذهب إلى تخطئة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام ، والمعتزلة والشيعة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث يضللون طلحة والزبير في قتالهم أمير المؤمنين عليه السلام ، والخوارج تخطئ أمير المؤمنين عليه السلام وتبرأ منه ومن عثمان ، وطلحة والزبير ومن كان في حيزهما ، وتكفرهم بحربهم أمير المؤمنين عليه السلام ، وولايتهم عثمان بن عفان ، فيعلم أن إيجاب العصمة لمن يزعم أن الله تعالى عناه في الآية بالرضوان باطل ، والقول به خروج عن الاجماع . على أن قوله تعالى : { والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه } ليس هو شرطا في التابعين ، وإنما هو وصف للاتباع ، وتمييز له من ضروربه التي لا يوجب شئ منها الرحمة والغفران ، وهذا مما لا يبطل الخصوص في السابقين ، والشرط في أفعالهم على ما ذكرناه . مع أنا قد بينا أن المراد بالسابقين الاولين ، هم الطبقة الاولى من المهاجرين والانصار ، وذكرنا أعيانهم وليس من المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام والمخالفين عليه من كان من الاولين ، وإن كان فيهم جماعة من التالين ، ولسنا ندفع ظاهر الاولين من القوم ، وأنهم من أهل الثواب وجنات النعيم على عمومهم دون الخصوص ، وهذا أيضا يسقط تعلقهم بما ذكروه في التابعين ، على أنه لا يمتنع أن يكون الشرط في التابعين شرطا في السابقين ، ويكتفى به بذكر السابقين للاختصار ، ولان وروده في الذكر على الاقتران . ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } وقوله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } . ويقال له أيضا : أليس الله تعالى يقول : { كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين }. وفي الانفس من لم يرده ، ولم يستثنه لفظا ، وهم : الاطفال والبله والبهائم والمجانين ؟ ! وإنما يدل استثناؤهم لفظا على استثناء أهل العقول . فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين ، وأن اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين ؟ وهذا بين لمن تدبره .
على أن الذي ذكرناه في الخبر ، وبينا أنه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنة إلا على شرط الاخلاص ، لما تحظره الحكمة من الاغراء بالذنوب ، يبطل ظنهم في تأويل هذه الآية ، وكل ما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار ، للاجماع على ارتفاع العصمة عنهم ، وأنهم كانوا ممن يجوز عليه اقتراف الآثام ، وركوب الخلاف لله تعالى على العمد والنسيان ، وقد تقدم ذلك فيما سلف ، فلا حاجة بنا إلى الاطالة فيه .
إلى هنا ينتهي جواب الشيخ المفيد عن هذه الشبهة الواهية ..
والسلام ختام
حاول تهامة عسير أن يلف ويدور في موضوع الاخ الفارس (هل يمكن أن تغضب الزهراء على أبي بكر ولا يغضب الباري عز وجل؟؟) ويهرب من صلب الموضوع ليناقش في آية (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ... )
ولكي أفوت عليه الفرصة في الهروب أحببت طرح هذه الآية في موضوع جديد بعد الإذن من الأخ الفارس وأنقل كلام الشيخ المفيد أعلى الله مقامه حول هذه الآية المباركة
الافصاح- الشيخ المفيد ص 77 :
فصل
فإن قال قائل : فإني أترك التعلق بالخبر عن النبي صلى الله عليه وآله بأن القوم في الجنة لما طعنتم به فيه ، مما لا أجد منه مخلصا ، ولكن خبروني عن قوله تعالى : { والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } .
أليس قد أوجب لابي بكرو عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد جنات عدن ، ومنع بذلك من تجويز الخطأ عليهم في الدين والزلل عن الطريق المستقيم ، فكيف يصح القول مع ذلك بأن الامامة كانت دونهم لامير المؤمنين عليه السلام وأنهم دفعوه بالتقدم عليه عن حق وجب له على اليقين ، وهل هذا إلا متناقض ؟ !
قيل له : إن الله سبحانه لا يعد أحدا بالثواب إلا على شرط الاخلاص والموافاة بما يتوجه الوعد بالثواب عليه ، وأجل من أن يعري ظاهر اللفظ بالوعد عن الشروط ، لما في العقل من الدليل على ذلك والبرهان .
وإذا كان الامر على ما وصفناه ، فالحاجة ماسة إلى ثبوت أفعال من ذكرت في السبق والطاعة لله تعالى في امتثال أوامره ظاهرا على وجه الاخلاص ، ثم الموافاة بها على ما ذكرناه حتى يتحقق لهم الوعد بالرضوان والنعيم المقيم وهذا لم يقم عليه دليل ، ولا تثبت لمن ذكرت حجة توجب العلم واليقين ، فلا معنى للتعلق بظاهر الآية فيه ، مع أن الوعد من الله تعالى بالرضوان إنما توجه إلى السابقين الاولين من المهاجرين والانصار ، دون أن يكون متوجها إلى التالين الاولين .
والذين سميتهم من المتقدمين على امير المؤمنين عليه السلام ومن ضممت إليهم في الذكر ، لم يكونوا من الاولين في السبق ، وإنما كانوا من التالين للاولين ، والتالين للتالين .
والسابقون الاولون من المهاجرين ، هم : أمير المؤمنين عليه السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وخباب ، وزيدبن حارثة ، وعمار وطبقتهم . ومن الانصار النقباء المعروفون ، كأبي أيوب ، وسعد بن معاذ ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، ومن كان في طبقتهم من الانصار فأما أصحابك فهم الطبقة الثانية ممن ذكرناه ، والوعد إنما حصل للمتقدمين في الايمان دونهم على ما بيناه ، وهذا يسقط ما توهمت .
فصل
ثم يقال له : قد وعد الله المؤمنين والمؤمنات في الجملة مثل وعد به السابقين من المهاجرين والانصار ، ولم يوجب ذلك نفى الغلط عن كل من استحق اسم الايمان ، ولا إيجاب العصة له من الضلال ، ولا القطع له بالجنة على كل حال .
قال الله عزوجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم } .
فإن وجب للمتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام الثواب على كل حال ، لاستحقاقهم الوصف بأنهم من السابقين الاولين من المهاجرين والانصار على ما ادعيت لهم في المقال ، فإنه يجب مثل ذلك لكل من استحق اسم الايمان في حال من الاحوال ، بما تلوناه ، وهذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل الاسلام . ويقال له ايضا : قد وعد الله الصادقين مثل ذلك ، فقطع لهم بالمغفرة والرضوان ، فقال سبحانه : { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم } .
فهل يجب لذلك أن يقطع على كل من صدق في مقاله بالعصمة من الضلال ، ويوجب له الثواب المقيم ، وإن ضم إلى فعله قبائح الافعال ؟ ! فإن قال : نعم . خرج عن ملة الاسلام ، وإن قال : لا يجب ذلك لعلة من العلل . قيل له في آية السابقين مثل ما قال ، فإنه لا يجد فرقا . ويقال له أيضا : ما تصنع في قول الله تعالى : { وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } ؟ ! أتقول أن كل من صبر على مصاب فاسترجع مقطوع له بالعصمة والامان من العذاب ، وإن كان مخالفا لك في الاعتقاد ، بل مخالفا للاسلام ؟ ! فإن قال : نعم ظهر خزيه ، وإن قال : لا يجب ذلك . وذهب في الآية إلى الخصوص دون الاشتراط ، سقط معتمده من عموم آية السابقين ، ولم يبق معه ظاهر فيما اشتبه به الامر عليه في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، وخطأ المتقدمين عليه حسب ما ذكرناه . وهذا باب إن بسطنا القول فيه ، واستوفينا الكلام في معانيه ، طال به الخطاب ، وفيما اختصرناه كفاية لذوي الالباب .
فصل
فإن قال في أصل الجواب أنه لا يجوز تخصيص السابقين الاولين ، ولا الاشتراط فيهم ، لانه سبحانه قد اشترط في التابعين ، وخصهم بقوله : { والذين اتبعوهم بإحسان } . فلو كان في السابقين الاولين من يقع منه غير الحسن الجميل ، لما أطلق الرضا عنهم في الذكر ذلك الاطلاق ، واشترط فيمن وصله بهم من التابعين . قيل له : أول ما في هذا الباب ، أنك أوجبت للسابقين بهذا الكلام العصمة من الذنوب ، ورفعت عنهم جواز الخطأ وما يلحقهم به من العيوب ، والامة مجمعة على خلاف ذلك لمن زعمت أن الآية فيه صريحة ، لان الشيعة تذهب إلى تخطئة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام ، والمعتزلة والشيعة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث يضللون طلحة والزبير في قتالهم أمير المؤمنين عليه السلام ، والخوارج تخطئ أمير المؤمنين عليه السلام وتبرأ منه ومن عثمان ، وطلحة والزبير ومن كان في حيزهما ، وتكفرهم بحربهم أمير المؤمنين عليه السلام ، وولايتهم عثمان بن عفان ، فيعلم أن إيجاب العصمة لمن يزعم أن الله تعالى عناه في الآية بالرضوان باطل ، والقول به خروج عن الاجماع . على أن قوله تعالى : { والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه } ليس هو شرطا في التابعين ، وإنما هو وصف للاتباع ، وتمييز له من ضروربه التي لا يوجب شئ منها الرحمة والغفران ، وهذا مما لا يبطل الخصوص في السابقين ، والشرط في أفعالهم على ما ذكرناه . مع أنا قد بينا أن المراد بالسابقين الاولين ، هم الطبقة الاولى من المهاجرين والانصار ، وذكرنا أعيانهم وليس من المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام والمخالفين عليه من كان من الاولين ، وإن كان فيهم جماعة من التالين ، ولسنا ندفع ظاهر الاولين من القوم ، وأنهم من أهل الثواب وجنات النعيم على عمومهم دون الخصوص ، وهذا أيضا يسقط تعلقهم بما ذكروه في التابعين ، على أنه لا يمتنع أن يكون الشرط في التابعين شرطا في السابقين ، ويكتفى به بذكر السابقين للاختصار ، ولان وروده في الذكر على الاقتران . ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } وقوله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } . ويقال له أيضا : أليس الله تعالى يقول : { كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين }. وفي الانفس من لم يرده ، ولم يستثنه لفظا ، وهم : الاطفال والبله والبهائم والمجانين ؟ ! وإنما يدل استثناؤهم لفظا على استثناء أهل العقول . فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين ، وأن اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين ؟ وهذا بين لمن تدبره .
على أن الذي ذكرناه في الخبر ، وبينا أنه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنة إلا على شرط الاخلاص ، لما تحظره الحكمة من الاغراء بالذنوب ، يبطل ظنهم في تأويل هذه الآية ، وكل ما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار ، للاجماع على ارتفاع العصمة عنهم ، وأنهم كانوا ممن يجوز عليه اقتراف الآثام ، وركوب الخلاف لله تعالى على العمد والنسيان ، وقد تقدم ذلك فيما سلف ، فلا حاجة بنا إلى الاطالة فيه .
إلى هنا ينتهي جواب الشيخ المفيد عن هذه الشبهة الواهية ..
والسلام ختام

تعليق