اجل ولكن لا ارى حاجة لعصبيتك هذه لم توضح السؤال وطلب توضيحه
زيارة القبور
هل تعد زيارة القبور من الأصول أم هى من الفروع ؟
لاريب أنها من الفروع بدليل أن الفقهاء حكموا فيها بأحكام الفروع الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة وكل ما كان كذلك فهو من الفروع إذ لا معنى للحكم بالاستحباب والكراهة علي شئ من أمور الاعتقادات .
وإذا كانت زيارة القبور من الفروع فلايجوز تكفير مسلم بارتكابها أو تركها، وعليه فما يصدر من الوهابية بحق الشيعة من الحكم بالتكفير بسبب زيارتهم لقبور أولياء الله لا يبتنى علي أساس شرعي حتى علي أصل مذهبهم ، وليعلم أخواننا من أهل السنة ممن لم يطلع علي أحكام مذهبه ان ما يتفوه به بعض المغرضين لطعن الشيعة تحت هذا الشعار باسم الدين انما يصدر لدوافع غير دينية خالفوا فيها مذاهبهم وفيما يلي آراء فقهاء مذاهب السنة جميعاً فى حكم زيارة القبور :
رأي علماء السنة
ـ قال عبدالله بن قدامه فى المغني ج2 ص424 :
لانعلم بين أهل العلم خلافاً فى اباحة الرجال القبور ، وقال على بن سعيد سألت أحمد عن زيارة القبور تركها أفضل عندك أو زيارتها ؟ قال زيارتها ، وقد صح عن النبي أنه قال (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الموت) رواه مسلم والترمذي بلفظ فانها تذكر الآخرة (فصل) وإذا مر بالقبور أو زارها استحب أن يقول ما روي مسلم عن بريدة قال، كان رسول اللهيعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول ، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا ان شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم
العافية ، وفى حديث عائشة (ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وفى حديث آخر (اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم) وان اراد قال اللهم اغفر لنا ولهم كان حسناً .
ـ وقال فى ج2 ص430 ـ 432 :
(مسألة) قال (وتكره للنساء) اختلفت الرواية عن أحمد فى زيارة النساء القبور ، فروي عنه كراهتها ، لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا رواه مسلم ، ولان النبي قال (لعن الله زوارات القبور) قال الترمذى هذا حديث صحيح ، وهذا خاص فى النساء ، والنهي المنسوخ كان عاماً للرجال والنساء ويحتمل أنه كان خاصاً للرجال ، ويحتمل أيضا كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها ، فقد دار بين الخطر والاباحة فأقل أحواله الكراهة ، ولان المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع وفى زيارتها للقبر تهييج لحزنها وتجديد لذكر مصابها ، ولايؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لايجوز بخلاف الرجل ، ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما . والرواية الثانية لايكره لعموم قوله (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) وهذا يدل علي سبق النهي ونسخه فيدخل فى عمومه الرجال والنساء . وروي عن ابن أبي مليكة انه قال لعائشة : يا أم المؤمنين أين أقبلت ؟ قالت : من قبر أخي عبد الرحمن . فقلت لها : قد نهي رسول الله عن زيارة القبور ؟ قالت نعم . قد نهى ثم أمر بزيارتها . وروي الترمذى : أن عائشة زارت قبر أخيها ، وروي عنها انها قالت : لو شهدته ما زرته .
ـ عبدالرحمن بن قدامه في الشرح الكبير ج2 ص426 ـ 427 :
(فصل) (ويستحب للرجال زيارة القبور ، وهل يكره للنساء علي روايتين) لانعلم خلافاً بين أهل العلم فى استحباب زياره الرجال القبور . قال على بن سعيد قلت لاحمد زيارة القبور أفضل أم تركها ؟ قال : زيارتها . وقد صح عن النبي انه قال " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الموت " وللترمذي " فانها تذكر الآخرة " فأما زيارة القبور للنساء ففيها روايتان (إحداهما) الكراهة لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا. متفق عليه ، ولقول النبي صلي الله عيله وسلم " لعن الله زائرات القبور " قال الترمذى حديث صحيح . وهذا خاص فى النساء ، والنهي المنسوخ كان عاماً للرجال والنساء ، ويحتمل انه كان خاصا للرجال . ويحتمل كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر والاباحة فأقل أحواله الكراهة ، ولان المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع وفى زيارتها للقبر تهييج للحزن وتجديد لذكر مصابها فلا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لا يحل ـ بخلاف الرجل ـ ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما . (والرواية الثانية) لا يكره لعموم قوله " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " وهو يدل علي سبق النهي ونسخه فيدخل فيها الرجال والنساء ، وروي ابن أبي مليكة عن عائشة انها زارت قبر أخيها فقال لها قد نهى رسول الله عن زيارة القبور ، قالت نعم قد نهى ثم أمر بزيارتها ، وروي الترمذى ان عائشة زارت قبر أخيها ، وروي عنها انها قالت لو شهدته ما زرته .
ـ البهوتي في كشاف القناع ج2 ص174 :
(يسن للذكور زيارة قبر مسلم) نص عليه ، وحكاه النووى إجماعاً . لقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها رواه مسلم والترمذي . وزاد : فإنها تذكر الآخرة وقال أبو هريرة : زار النبي قبر أمه . فبكى وأبكى من حوله ، وقال : استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي . فزوروا القبور ، فإنها تذكركم الموت ، متفق عليه . (بلاسفر) لحديث : لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد . (وتباح) الزيارة (لقبر كافر) والوقوف عند قبره ، كزيارته . قال فى شرح المنتهى وغيره : لزيارته قبر أمه . وكان بعد الفتح ، وأما قوله تعالى : (ولا تقم علي قبره) فإنما نزلت بسبب عبد الله بن أبي فى آخر التاسعة ، علي أن المراد عند أكثر المفسرين : القيام للدعاء والاستغفار . (ولا يسلم) من زار قبر كافر (عليه) كالحي (بل يقول) الزائر لكافر (له : أبشر بالنار) فى استعمال البشارة تهكم به ، علي حدة قوله تعالى » ذق إنك أنت العزيز الكريم « الدخان/49 . (ولا يمنع كافر من زيارة قريبه المسلم) حياً كان أو ميتاً ، لعدم المحظور . (وتكره) زيارة القبور (للنساء) لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا . متفق عليه (فإن علم أنه يقع منهن محرم . حرمت) زيارتهن القبور . وعليه يحمل قوله : لعن الله زوارات القبور رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذى . (غير قبر النبي وقبر صاحبيه) أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . (فيسن) زيارتها للرجال والنساء، لعموم الادلة فى طلب زيارته .
ـ السرخسي فى المبسوط ج24 ص10 :
والاصح عندنا أن الرخصة ثابتة فى حق الرجال والنساء جميعاً فقد روى أن عائشة رضى الله عنها كانت تزور قبر رسول الله فى كل وقت وأنها لما خرجت حاجة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضى الله عنه وأنشدت عند القبر قول القائل … .
ـ أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع ج1 ص320 :
ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للاموات ان كانو مؤمنين من غير وطئ القبور لقول النبى انى كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فانها تذكركم الآخرة ولعمل الامة من لدن رسول الله إلى يومنا هذا .
ـ أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع ج2 ص212 :
وروي ان سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه سأل رسول الله فقال يا رسول الله ان أمي كانت تحب الصدقة أفأتصدق عنها فقال النبي تصدق وعليه عمل المسلمين من لدن رسول الله إلى يومنا هذا من زيارة القبور وقراءة القرآن عليها والتكفين والصدقات والصوم والصلاة وجعل ثوابها للاموات ولا امتناع فى العقل أيضا لان اعطاء الثواب من الله تعالى افضال منه لا استحقاق عليه فله أن يتفضل علي من عمل لا جعله بجعل الثواب له كما له أن يتفضل باعطاء الثواب من غير عمل رأساً.
ـ ابن نجيم المصرى في البحر الرائق ج2 ص342 :
ولم يتكلم المصنف رحمه الله علي زيارة القبور ولابأس ببيانه تكميلاً للفائدة قال فى البدائع : ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للاموات إن كانوا مؤمنين من غير وطئ القبور لقوله إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولعمل الامة من لدن الرسول إلى يومنا هذا اه . وصرح فى المجتبي بأنها مندوبة . وقيل : تحرم علي النساء ، والاصح أن الرخصة ثابتة لهما . وكان يعلم السلام علي الموتي السلام عليكم أيها الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع فنسأل الله العافية . ولا بأس بقراءة القرآن عند القبور وربما تكون أفضل من غيره ، ويجوز أن يخفف الله عن أهل القبور شيأ من عذاب القبر أو يقطعه عند دعاء القارئ وتلاوته .
ـ ابن عابدين في حاشية رد المحتار ج2 ص262 ـ 263 :
مطلب فى زيارة القبور قوله : (وبزيارة القبور) أي لابأس بها ، بل تندب كما فى البحر عن المجتبى ، فكان ينبغي التصريح به للامر بها فى الحديث المذكور كما فى الامداد ، وتزار فى كل أسبوع كما فى مختارات النوازل . قال فى شرح لباب المناسك : إلا أن الافضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس ، فقد قال محمد بن واسع : الموتي يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، فتحصل أن يوم الجمعة أفضل اه . وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد ، لما روى ابن أبي شيبة : أن النبي كان يأتي قبور الشهداء بأحد علي رأس كل حول فيقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والافضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي اه . قلت : استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها . وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده ، وزيارة السيد البدوي وغيره من الاكابر الكرام ؟ لم أر من صرح به من أئمتنا ، ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته ، قياساً علي منع الرحلة لغير المساجد الثلاث . ورده الغزالي بوضوح الفرق ، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية فى الفضل ، فلا فائدة فى الرحلة إليها . وأما الاولياء فإنهم متفاوتون فى القرب من الله تعالى ، ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم . قال ابن حجر فى فتاويه : ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك ، لان القربات لا تترك لمثل ذلك ، بل علي الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكن اه . قلت : ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة ، وإن كان معها نساء ونائحات . تأمل . قوله : (ولو للنساء) وقيل تحرم عليهن . والاصح أن الرخصة ثابتة لهن . بحر . وجزم فى شرح المنية بالكراهة لما مر فى اتباعهن الجنازة . وقال الخير الرملي : إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب علي ما جرت به عادتهن فلا تجوز ، وعليه حمل حديث : لعن الله زائرات القبور وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز . ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة فى المساجد اه . وهو توفيق حسن .
ـ ابن عابدين في حاشية رد المحتار ج2 ص689 :
وللامام السبكي فيه تأليف منيف ، قال فى شرح اللباب وهل تستحب زيارة قبره للنساء؟ الصحيح نعم بلا كراهة بشروطها علي ما صرح به بعض العلماء ، أما علي الاصح من مذهبنا وهو قول الكرخي وغيره من أن الرخصة فى زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعاً فلا إشكال . وأما علي غيره فكذلك نقول بالاستحباب لاطلاق الاصحاب ، والله أعلم بالصواب .
ـ الحطاب الرعيني في مواهب الجليل ج3 ص50 ـ 51 :
وقال سيدى عبد الرحمن الثعالبي فى كتابه المسمي بالعلوم الفاخرة فى النظر فى أمور الآخرة : وزيارة القبور للرجال متفق عليه ، وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم علي الشواب اللواتي يخشى عليهن من الفتنة ، وذكر أحاديث تقضي الحث علي زيارة القبور من جملتها عن الاحياء . قال : قال رسول الله من زار أبويه فى كل جمعة غفر له وكتب باراً . وعن ابن سيرين قال : قال رسول الله : إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله عزوجل من البارين ثم قال قال القرطبي : وينبغي لمن عزم علي زيارة القبور أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه فى إتيانها ولا يكون حظه التطواف علي الاجداث فإن هذه حالة تشاركه فيها البهيمة بل يقصد بزيارة وجه الله تعالى وإصلاح قلبه ونفع الميت بالدعاء وما يتلو عنده من القرآن.
ـ الدسوقي في حاشية الدسوقي ج1 ص422 :
قوله : (بل هى مندوبة) أي لقوله عليه الصلاة والسلام : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولاحاديث أخر تقتضي الحث علي الزيارة . وذكر فى المدخل فى زيارة النساء للقبور ثلاثة أقوال : المنع والجواز علي ما يعلم فى الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم والثالث الفرق بين المتجالة والشابة اه . وبهذا الثالث جزم الثعالبي ونصه : وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم علي الشواب اللاتي يخشى منهن الفتنة . قوله : (بلا حد إلخ) أشار بهذا القول مالك بلغني أن الارواح بفناء المقابر فلا يختص زيارتها بوقت بعينه وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه نفله الشيخ زروق وقد سهل فى المعيار تصبيح القبور محتجا بما ذكره ابن طاوس أن السلف كانوا يفعلونه اه
ـ أبو البركات في الشرح الكبير ج1 ص422 :
و) جاز (زيارة القبور) بل هى مندوبة (بلا حد) بيوم أو وقت أو فى مقدار ما يمكث عندها أو فيما يدعى به أو الجميع ، وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيادة والاشتغال بالدعاء والتضرع وعدم الاكل والشرب علي القبور خصوصا لاهل العلم والعبادة .
ـ الامام الشافعي في كتاب الام ج1 ص317 :
ولا باس بزيارة القبور أخبرنا مالك عن ربيعة (يعنى ابن أبى عبد الرحمن) عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله قال " ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا " (قال الشافعي) ولكن لايقال عندها هجر من القول وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة فأما إذا زرت تستغفر للميت ويرق قلبك وتذكر أمر الآخرة فهذا مما لا أكرهه .
ـ عبد الكريم الرافعي في فتح العزيز ج5 ص246 ـ 249 :
الثانية) يستحب زيارة القبور للرجال لما روي صفحة أنه قال : (كنت انهيكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الآخرة) واما النساء فهل يكره لهن الزيارة فيه وجهان (احدهما) ولم يذكر الاكثرون سواه نعم لقلة صبرهن وكثرة جز عهن وقد روى أنه (لعن زوارات القبور) (والثانى) لا قال الرويانى فى البحر وهذا اصح عندى إذا امن .
ـ محيى الدين النووى في المجموع ج5 ص309 ـ 311 :
قال المصنف رحمه الله«ويستحب للرجال زيارة القبور لما روى أبو هريرة رضى الله عنه قال زار رسول الله قبر أمه فبكى وابكى من حوله ثم قال اني استأذنت ربى عزوجل ان استغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته فى ان ازور قبرها فاذن لي فزوروا القبور فانها تذكركم الموت . والمستحب ان يقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون ويدعو لهم لما روت عائشة رضي الله عنها ان النبي "كان يخرج إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد" ولايجوز للنساء زيارة القبور لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال " لعن الله زوارات القبور"»«الشرح» حديث أبي هريرة الاول رواه مسلم فى صحيحه ولم يقع هذا الحديث فى رواية عبد الغافر الفارسى لصحيح مسلم وهو موجود لغيره من الرواة عن الجلودى وأخرجه البيهقى فى السنن وعزاه إلى صحيح مسلم (وأما) حديث عائشة فرواه مسلم فى صحيحه (وأما) حديث أبي هريرة الأخير فرواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح وكذلك رواه غيره ورواه أبو داود فى سننه من رواية ابن عباس رضي الله عنهما والبقيع بالباء الموحدة والغرقد شجر معروف قال الهروي هو من العضاه وهى كل شجر له شوك وقال غيره هو العوسج قالوا وسمي بقيع الغرقد لشجرات غرقد كانت به قديماً وبقيع الغرقد هو مدفن أهل المدينة (وقوله) السلام عليكم دار فدار منصوب قال صاحب المطالع هو منصوب علي الاختصاص أو علي النداء المضاف والاول افصح قال ويصح الجر علي البدل من الكاف والميم فى عليكم والمزاد بالدار علي هذا الوجه الأخير الجماعة أو أهل الدار وعلي الاول مثله أو المنزل وقوله وإنا ان شاء الله بكم لا حقون فيه أقوال (أحدها) انه ليس علي وجه الاستثناء الذى يدخل الكلام لشك وارتياب بل علي عادة المتكلم لتحسين الكلام حكاه الخطابي رحمه الله (الثاني) هو استثناء علي بابه وهو راجع إلي التخوف فى هذا المكان والصحيح انه للتبرك وامتثال قوله تعالي»ولاتقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الاان يشاء الله« الكهف/23 قيل فيه أقوال أخر تركتها لضعفها ومن أضعفها قول من قال انه " دخل المقبرة ومعه مؤمنون حقيقة وآخرون يظن بهم النفاق" وكان الاستثناء منصرفاً إليهم وهذا غلط لان الحديث فى صحيح مسلم وغيره انه " خرج فى آخر الليل إلى البقيع وحده ورجع فى وقته ولم يكن معه أحد الاعائشة رضي الله عنها كانت تنظره من بعيد ولا يعلم انها تنظره) فهذا تصريح بابطال هذا القول وإن كان قد حكاه الخطابى وغيره وانما نبهت عليه لئلا يغتر به وقيل ان الاستثناء راجع إلي استصحاب الايمان وهذا غلط فاحش وكيف يصح هذا وهو يقطع بدوام ايمانه ويستحيل بالدلالة العقلية المقررة وقوع الكفر فهذا القول وان حكاه الخطابى وغيره باطل نبهنا عليه لئلا يغتر به وكذا أقوال أخر قيلت هى فاسدة ظاهرة الخطأ لا حاجة إلي ارتكابها ولا ضرورة بحمد الله فى الكلام إلي حمله علي تأويل بعيد بل الصحيح منه ما قدمته والله أعلم (أما) الاحكام فاتفقت نصوص الشافعي والاصحاب علي انه يستحب للرجال زيارة القبور وهو قول العلماء كافة نقل العبدرى فيه اجماع المسلمين ودليله مع الاجماع الاحاديث الصحيحة المشهورة وكانت زيارتها منهيا عنها أولا ثم نسخ ثبت فى صحيح مسلم رحمه الله عن بريدة (t) قال " قال رسول الله نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " وزاد أحمد بن حنبل والنسائي فى روايتهما فزوروها ولا تقولوا هجرا والهجر الكلام الباطل وكان النهي أولا لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل فلما استقرت قواعد الاسلام وتمهدت احكامه واستشهرت معالمه ابيح لهم الزيارة واحتاط بقوله ولاتقولوا هجرا قال أصحابنا رحمهم الله ويستحب للزائر ان يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنوا من صاحبه لو كان حياً وزاره وأما النساء فقال المصنف وصاحب البيان لا تجوز لهن الزيارة وهو ظاهر هذا الحديث ولكنه شاذ فى المذهب والذى قطع به الجمهور انها مكروهة لهن كراهة تنزيه وذكر الروياني فى البحر وجهين (أحدهما) يكره كما قاله الجمهور (والثانى) لا يكره قال وهو الاصح عندى إذا أمن الا فتتان وقال صاحب المستظهرى وعندى ان كانت زيارتهن لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح علي ما جرت به عادتهن حرم قال وعليه يحمل الحديث " لعن الله زوارات القبور " وان كانت زيارتهن للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلا إن تكون عجوزا لاتشثهى فلا يكره كحضور الجماعة فى المساجد وهذا الذى قاله حسن ومع هذا فالاحتياط للعجوز ترك الزيارة لظاهر الحديث واختلف العلماء رحمهم الله فى دخول النساء فى قوله " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " والمختار عند أصحابنا انهن لايدخلن فى ضمن الرجال ومما يدل ان زيارتهن ليست حراما حديث أنس رضى الله عنه أن النبي " مر بامرأة تبكى عند قبر فقال اتق الله واصبري"رواه البحارى ومسلم وموضع الدلالة انه لم ينهها عن الزيارة وعن عائشة رضى الله عنها قالت " كيف أقول يارسول الله ـ يعنى إذا زرت القبور قال قولى السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون " رواه مسلم قال أصحابنا رحمهم الله ويستحب للزائر ان يسلم علي المقابر ويدعو لمن يزوره ولجميع أهل المقبرة والافضل أن يكون السلام والدعاء بما ثبت فى الحديث ويستحب إن يقرأ من القرآن ما تيسر ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الاصحاب .
ـ محيى الدين النووى في روضة الطالبين ج1 ص656 :
فرع : يستحب للرجال زيارة القبور ، وهل يكره للنساء ؟ وجهان . أحدهما ، وبه قطع الاكثرون : يكره . والثاني ، وهو الاصح عند الروياني : لا يكره إذا أمنت من الفتنة .
ـ ابن حجر في تلخيص الحبير ج5 ص247 :
(حديث) كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الآخرة . مسلم وابو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة : وفى الباب عن أبي هريرة رواه مسلم بلفظ استاذنت ربي ان أزور قبر أمي فاذن لي فزوروا القبور فانها تذكركم الموت ورواه الحاكم وابن ماجه مختصرا . وعن ابن مسعود رواه ابن ماجه والحاكم وفيه ايوب بن هانئ مختلف فيه : وعن أبي سعيد رواه الشافعي واحمد والحاكم ولفظه فانها عبرة . وعن انس رواه الحاكم من وجهين ولفظه كنت نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لي انه يرق القلب ويدمع العين ويذكر الآخرة فزروها ولا تقولوا هجرا . وعن أبي ذر رواه الحاكم أيضاً لكن سنده ضعيف : وعن على ابن أبي طالب رواه احمد : وعن عائشة ان النبي رخص فى زيارة القبور ورواه ابن ماجه . (حديث) انه لعن زوارات القبور : احمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه من حديث عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابيه عن أبي هريرة . وفى الباب عن حسان رواه احمد وابن ماجه والحاكم . وعن ابن عباس رواه احمد واصحاب السنن والبزار وابن حبان والحاكم من رواية أبي صالح عنه والجمهور علي ان أبا صالح هو مولى ام هاني وهو ضعيف واغرب ابن حبان فقال ابو صالح راوي هذا الحديث اسمه ميزان وليس هو مولى ام هانئ : (فائدة) مما يدل للجواز بالنسبة إلى النساء ما رواه مسلم عن عائشة قالت كيف اقول يارسول الله تعني إذا زرت القبور قال قولي السلام علي اهل الديار من المؤمنين وللحاكم من حديث على بن الحسين عن على ان فاطمة بنت النبي كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده .
ـ زكريا الانصاري في فتح الوهاب ج1 ص176 :
(وزيارة قبور) أي قبور المسلمين ، (لرجل) لخبر مسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، أما زيارة قبور الكفار فمباحة . وقيل محرمة (ولغيره) أي غير الرجل من أنثى وخنثى (مكروهة) لقلة صبر الانثى وكثرة جزعها وألحق بها الخنثى احتياطا ، وذكر حكمه من زيادتي . وهذا فى زيارة قبر غير النبي أما زيارة قبره فتسن لهما كالرجل كما اقتضاه إطلاقهم فى الحج ومثله قبور سائر الانبياء والعلماء والاولياء (وأن يسلم زائر) فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . رواه مسلم .
ـ موسي الحجاوي في الاقناع ج1 ص192 :
ويندب زيارة القبور التى فيها المسلمون للرجال بالاجماع وكانت زيارتها منهيا عنها ثم نسخت بقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ويكره زيارتها للنساء لانها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن ، نعم يندب لهن زيارة قبر رسول الله فإنها من أعظم القربات ، وينبغي أن يلحق بذلك بقية الانبياء والصالحين والشهداء ، ويندب أن يسلم الزائر لقبور المسلمين مستقبلا وجه الميت قائلا ما علمه لاصحابه إذا خرجوا للمقابر : السلام علي أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لي ولكم العافية أو السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواهما مسلم وزاد أبو داود : اللهم لاتحرمنا أجرهم ولاتفتنا بعدهم لكن بسند ضعيف وقوله إن شاء الله للتبرك ، ويقرأ عندهم ما تيسر من القرآن فإن الرحمة تنزل فى محل القراءة والميت كحاضر ترجى له الرحمة .ـ محمد بن الشربيني في مغني المحتاج ج1 ص365 :
(و) يندب (زيارة القبور) التى فيها المسلمون (للرجال) بالاجماع . وكانت زيارتها منهيا عنها ، ثم نسخت لقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ولا تدخل النساء فى ضمير الرجال علي المختار . وكان يخرج إلى البقيع ، فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون . اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد وروي : فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت . وإنما نهاهم أولا لقرب عهدهم بالجاهلية ، فلما استقرت قواعد الاسلام واشتهرت أمرهم بها . وذكر القاضي أبو الطيب فى تعليقه ماحاصله : أنه من كان يستحب له زيارته فى حياته من قريب أو صاحب ، فيسن له زيارته فى الموت كما فى حال الحياة ، وأما غيرهم فيسن له زيارته إن قصد بها تذكر الموت أو الترحم عليه ونحو ذلك . قال الاسنوي : وهو حسن ، وذكر فى البحر نحوه . قال الاذرعي : والاشبه أن موضع الندب إذا لم يكن فى ذلك سفر لزيارة القبور فقط ، بل فى كلام الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز السفر لذلك ، واستثنى قبر نبينا ، ولعل مراده أنه لا يجوز جوازا مستوي الطرفين ، أي فيكره . ويسن الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي الحسين فى شرح الفروع . أما قبور الكفار فزيارتها مباحة وإن جزم الماوردى بحرمتها . (وتكره) زيارتها (للنساء) لانها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن لما فيهن من رقة القلب وكثرة الجزع وقلة احتمال المصائب ، وإنما لم تحرم لانه مر بامرأة علي قبر تبكي علي صبي لها فقال لها : اتقي الله واصبري متفق عليه ، فلو كانت الزيارة حراما لنهى عنها . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كيف أقول يا رسول الله ؟ يعني إذا زرت القبور . قال : قولي السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواه مسلم . (وقيل تحرم) لما روى ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي لعن زوارات القبور وليس هذا الوجه فى الروضة ، وبه قال صاحب المهذب وغيره . (وقيل تباح) جزم به فى الاحياء وصححه الروياني إذا أمن الافتنان ، عملا بالاصل والخبر فيما إذا ترتب عليها بكاء ونحو ذلك . ومحل هذه الاقوال فى غير زيارة قبر سيد المرسلين ، أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء . وألحق الدمنهوري به قبور بقية الانبياء والصالحين والشهداء ، وهذا ظاهر وإن قال الاذرعي لم أره للمتقدمين . قال ابن شهبة : فإن صح ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنهم أولى بالصلة من الصالحين اه . والاولى عدم إلحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الكراهة . (ويسلم) ندبا ، (للزائر) للقبور من المسلمين مستقبلاً وجهه قائلاً ما علمه النبي لاصحابه إذا خرجوا للمقابر.
ـ الشرواني والعبادى في حواشي الشرواني ج3 ص199ـ200 :
قوله : (وتندب زيارة القبور الخ) قال فى شرح العباب ولايسن السفر لزيارة قبر غير نبي أو عالم أو صالح خروجا من خلاف من منعه كالجويني فإنه قال إن ذلك لا يجوز انتهى اه سم عبارة المغني قال الاذرعي والاشبه أن موضع الندب إذا لم يكن فى ذلك سفر لزيادة فقط بل فى كلام الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز السفر لذلك واستثنى قبر نبينا ولعل مراده أنه لايجوز جوازا مستوى الطرفين أي فيكره اه وقال ع ش ويتأكد ذلك فى حق الاقارب خصوصاً الابوين ولو كانوا ببلد آخر غير البلد الذى هو فيه اه قوله : (التى للمسلمين) لم يبينوا أن الزائر يزور قائما أو قاعدا ويحتمل أن يقال يفعل ما يليق لو كان الميت حياً وقد يستدل للقيام مطلقا أو للاكابر بالقيام فى زيارة النبي سم قوله : (إجماعا) إلى قوله وقول بعضهم فى المغني . قوله : (فربما حملتهم) أي الزيارة بسبب جهلهم لقواعد الاسلام قوله : (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها الخ) ولا تدخل النساء فى ضمير الرجال علي المختار وكان يخرج إلى البقيع فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد مغني قوله : (ثم من كان الخ) عبارة المغني وذكر القاضي أبو الطيب فى تعليقه ما حاصله أنه من كان يستحب له زيارته فى حياته من قريب أو صاحب فيسن له زيارته فى الموت كما فى حال الحياة وأما غيرهم فيسن له زيارته إذا قصد بها تذكر الموت أو الترحم عليه أو نحو ذلك قال الاسنوي وهو حسن اه قال فى الايعاب وإنما تسن الزيارة للاعتبار والترحم والدعاء أخذا من قول الزركشي إن ندب الزيارة مقيد بقصد الاعتبار أو الترحم والاستغفار أو التلاوة والدعاء ونحوه ويكون الميت مسلما أي ولو أجنبيا لا يعرفه لكنها فيمن يعرفه آكد فلا تسن زيارة الكافر بل تباح كما فى المجموع .
زيارة القبور
هل تعد زيارة القبور من الأصول أم هى من الفروع ؟
لاريب أنها من الفروع بدليل أن الفقهاء حكموا فيها بأحكام الفروع الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة وكل ما كان كذلك فهو من الفروع إذ لا معنى للحكم بالاستحباب والكراهة علي شئ من أمور الاعتقادات .
وإذا كانت زيارة القبور من الفروع فلايجوز تكفير مسلم بارتكابها أو تركها، وعليه فما يصدر من الوهابية بحق الشيعة من الحكم بالتكفير بسبب زيارتهم لقبور أولياء الله لا يبتنى علي أساس شرعي حتى علي أصل مذهبهم ، وليعلم أخواننا من أهل السنة ممن لم يطلع علي أحكام مذهبه ان ما يتفوه به بعض المغرضين لطعن الشيعة تحت هذا الشعار باسم الدين انما يصدر لدوافع غير دينية خالفوا فيها مذاهبهم وفيما يلي آراء فقهاء مذاهب السنة جميعاً فى حكم زيارة القبور :
رأي علماء السنة
ـ قال عبدالله بن قدامه فى المغني ج2 ص424 :
لانعلم بين أهل العلم خلافاً فى اباحة الرجال القبور ، وقال على بن سعيد سألت أحمد عن زيارة القبور تركها أفضل عندك أو زيارتها ؟ قال زيارتها ، وقد صح عن النبي أنه قال (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الموت) رواه مسلم والترمذي بلفظ فانها تذكر الآخرة (فصل) وإذا مر بالقبور أو زارها استحب أن يقول ما روي مسلم عن بريدة قال، كان رسول اللهيعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول ، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا ان شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم
العافية ، وفى حديث عائشة (ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وفى حديث آخر (اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم) وان اراد قال اللهم اغفر لنا ولهم كان حسناً .
ـ وقال فى ج2 ص430 ـ 432 :
(مسألة) قال (وتكره للنساء) اختلفت الرواية عن أحمد فى زيارة النساء القبور ، فروي عنه كراهتها ، لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا رواه مسلم ، ولان النبي قال (لعن الله زوارات القبور) قال الترمذى هذا حديث صحيح ، وهذا خاص فى النساء ، والنهي المنسوخ كان عاماً للرجال والنساء ويحتمل أنه كان خاصاً للرجال ، ويحتمل أيضا كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها ، فقد دار بين الخطر والاباحة فأقل أحواله الكراهة ، ولان المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع وفى زيارتها للقبر تهييج لحزنها وتجديد لذكر مصابها ، ولايؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لايجوز بخلاف الرجل ، ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما . والرواية الثانية لايكره لعموم قوله (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) وهذا يدل علي سبق النهي ونسخه فيدخل فى عمومه الرجال والنساء . وروي عن ابن أبي مليكة انه قال لعائشة : يا أم المؤمنين أين أقبلت ؟ قالت : من قبر أخي عبد الرحمن . فقلت لها : قد نهي رسول الله عن زيارة القبور ؟ قالت نعم . قد نهى ثم أمر بزيارتها . وروي الترمذى : أن عائشة زارت قبر أخيها ، وروي عنها انها قالت : لو شهدته ما زرته .
ـ عبدالرحمن بن قدامه في الشرح الكبير ج2 ص426 ـ 427 :
(فصل) (ويستحب للرجال زيارة القبور ، وهل يكره للنساء علي روايتين) لانعلم خلافاً بين أهل العلم فى استحباب زياره الرجال القبور . قال على بن سعيد قلت لاحمد زيارة القبور أفضل أم تركها ؟ قال : زيارتها . وقد صح عن النبي انه قال " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الموت " وللترمذي " فانها تذكر الآخرة " فأما زيارة القبور للنساء ففيها روايتان (إحداهما) الكراهة لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا. متفق عليه ، ولقول النبي صلي الله عيله وسلم " لعن الله زائرات القبور " قال الترمذى حديث صحيح . وهذا خاص فى النساء ، والنهي المنسوخ كان عاماً للرجال والنساء ، ويحتمل انه كان خاصا للرجال . ويحتمل كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر والاباحة فأقل أحواله الكراهة ، ولان المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع وفى زيارتها للقبر تهييج للحزن وتجديد لذكر مصابها فلا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لا يحل ـ بخلاف الرجل ـ ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما . (والرواية الثانية) لا يكره لعموم قوله " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " وهو يدل علي سبق النهي ونسخه فيدخل فيها الرجال والنساء ، وروي ابن أبي مليكة عن عائشة انها زارت قبر أخيها فقال لها قد نهى رسول الله عن زيارة القبور ، قالت نعم قد نهى ثم أمر بزيارتها ، وروي الترمذى ان عائشة زارت قبر أخيها ، وروي عنها انها قالت لو شهدته ما زرته .
ـ البهوتي في كشاف القناع ج2 ص174 :
(يسن للذكور زيارة قبر مسلم) نص عليه ، وحكاه النووى إجماعاً . لقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها رواه مسلم والترمذي . وزاد : فإنها تذكر الآخرة وقال أبو هريرة : زار النبي قبر أمه . فبكى وأبكى من حوله ، وقال : استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي . فزوروا القبور ، فإنها تذكركم الموت ، متفق عليه . (بلاسفر) لحديث : لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد . (وتباح) الزيارة (لقبر كافر) والوقوف عند قبره ، كزيارته . قال فى شرح المنتهى وغيره : لزيارته قبر أمه . وكان بعد الفتح ، وأما قوله تعالى : (ولا تقم علي قبره) فإنما نزلت بسبب عبد الله بن أبي فى آخر التاسعة ، علي أن المراد عند أكثر المفسرين : القيام للدعاء والاستغفار . (ولا يسلم) من زار قبر كافر (عليه) كالحي (بل يقول) الزائر لكافر (له : أبشر بالنار) فى استعمال البشارة تهكم به ، علي حدة قوله تعالى » ذق إنك أنت العزيز الكريم « الدخان/49 . (ولا يمنع كافر من زيارة قريبه المسلم) حياً كان أو ميتاً ، لعدم المحظور . (وتكره) زيارة القبور (للنساء) لما روت أم عطية قالت : نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا . متفق عليه (فإن علم أنه يقع منهن محرم . حرمت) زيارتهن القبور . وعليه يحمل قوله : لعن الله زوارات القبور رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذى . (غير قبر النبي وقبر صاحبيه) أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . (فيسن) زيارتها للرجال والنساء، لعموم الادلة فى طلب زيارته .
ـ السرخسي فى المبسوط ج24 ص10 :
والاصح عندنا أن الرخصة ثابتة فى حق الرجال والنساء جميعاً فقد روى أن عائشة رضى الله عنها كانت تزور قبر رسول الله فى كل وقت وأنها لما خرجت حاجة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضى الله عنه وأنشدت عند القبر قول القائل … .
ـ أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع ج1 ص320 :
ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للاموات ان كانو مؤمنين من غير وطئ القبور لقول النبى انى كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فانها تذكركم الآخرة ولعمل الامة من لدن رسول الله إلى يومنا هذا .
ـ أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع ج2 ص212 :
وروي ان سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه سأل رسول الله فقال يا رسول الله ان أمي كانت تحب الصدقة أفأتصدق عنها فقال النبي تصدق وعليه عمل المسلمين من لدن رسول الله إلى يومنا هذا من زيارة القبور وقراءة القرآن عليها والتكفين والصدقات والصوم والصلاة وجعل ثوابها للاموات ولا امتناع فى العقل أيضا لان اعطاء الثواب من الله تعالى افضال منه لا استحقاق عليه فله أن يتفضل علي من عمل لا جعله بجعل الثواب له كما له أن يتفضل باعطاء الثواب من غير عمل رأساً.
ـ ابن نجيم المصرى في البحر الرائق ج2 ص342 :
ولم يتكلم المصنف رحمه الله علي زيارة القبور ولابأس ببيانه تكميلاً للفائدة قال فى البدائع : ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للاموات إن كانوا مؤمنين من غير وطئ القبور لقوله إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولعمل الامة من لدن الرسول إلى يومنا هذا اه . وصرح فى المجتبي بأنها مندوبة . وقيل : تحرم علي النساء ، والاصح أن الرخصة ثابتة لهما . وكان يعلم السلام علي الموتي السلام عليكم أيها الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع فنسأل الله العافية . ولا بأس بقراءة القرآن عند القبور وربما تكون أفضل من غيره ، ويجوز أن يخفف الله عن أهل القبور شيأ من عذاب القبر أو يقطعه عند دعاء القارئ وتلاوته .
ـ ابن عابدين في حاشية رد المحتار ج2 ص262 ـ 263 :
مطلب فى زيارة القبور قوله : (وبزيارة القبور) أي لابأس بها ، بل تندب كما فى البحر عن المجتبى ، فكان ينبغي التصريح به للامر بها فى الحديث المذكور كما فى الامداد ، وتزار فى كل أسبوع كما فى مختارات النوازل . قال فى شرح لباب المناسك : إلا أن الافضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس ، فقد قال محمد بن واسع : الموتي يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، فتحصل أن يوم الجمعة أفضل اه . وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد ، لما روى ابن أبي شيبة : أن النبي كان يأتي قبور الشهداء بأحد علي رأس كل حول فيقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والافضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي اه . قلت : استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها . وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده ، وزيارة السيد البدوي وغيره من الاكابر الكرام ؟ لم أر من صرح به من أئمتنا ، ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته ، قياساً علي منع الرحلة لغير المساجد الثلاث . ورده الغزالي بوضوح الفرق ، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية فى الفضل ، فلا فائدة فى الرحلة إليها . وأما الاولياء فإنهم متفاوتون فى القرب من الله تعالى ، ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم . قال ابن حجر فى فتاويه : ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك ، لان القربات لا تترك لمثل ذلك ، بل علي الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكن اه . قلت : ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة ، وإن كان معها نساء ونائحات . تأمل . قوله : (ولو للنساء) وقيل تحرم عليهن . والاصح أن الرخصة ثابتة لهن . بحر . وجزم فى شرح المنية بالكراهة لما مر فى اتباعهن الجنازة . وقال الخير الرملي : إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب علي ما جرت به عادتهن فلا تجوز ، وعليه حمل حديث : لعن الله زائرات القبور وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز . ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة فى المساجد اه . وهو توفيق حسن .
ـ ابن عابدين في حاشية رد المحتار ج2 ص689 :
وللامام السبكي فيه تأليف منيف ، قال فى شرح اللباب وهل تستحب زيارة قبره للنساء؟ الصحيح نعم بلا كراهة بشروطها علي ما صرح به بعض العلماء ، أما علي الاصح من مذهبنا وهو قول الكرخي وغيره من أن الرخصة فى زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعاً فلا إشكال . وأما علي غيره فكذلك نقول بالاستحباب لاطلاق الاصحاب ، والله أعلم بالصواب .
ـ الحطاب الرعيني في مواهب الجليل ج3 ص50 ـ 51 :
وقال سيدى عبد الرحمن الثعالبي فى كتابه المسمي بالعلوم الفاخرة فى النظر فى أمور الآخرة : وزيارة القبور للرجال متفق عليه ، وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم علي الشواب اللواتي يخشى عليهن من الفتنة ، وذكر أحاديث تقضي الحث علي زيارة القبور من جملتها عن الاحياء . قال : قال رسول الله من زار أبويه فى كل جمعة غفر له وكتب باراً . وعن ابن سيرين قال : قال رسول الله : إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله عزوجل من البارين ثم قال قال القرطبي : وينبغي لمن عزم علي زيارة القبور أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه فى إتيانها ولا يكون حظه التطواف علي الاجداث فإن هذه حالة تشاركه فيها البهيمة بل يقصد بزيارة وجه الله تعالى وإصلاح قلبه ونفع الميت بالدعاء وما يتلو عنده من القرآن.
ـ الدسوقي في حاشية الدسوقي ج1 ص422 :
قوله : (بل هى مندوبة) أي لقوله عليه الصلاة والسلام : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولاحاديث أخر تقتضي الحث علي الزيارة . وذكر فى المدخل فى زيارة النساء للقبور ثلاثة أقوال : المنع والجواز علي ما يعلم فى الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم والثالث الفرق بين المتجالة والشابة اه . وبهذا الثالث جزم الثعالبي ونصه : وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم علي الشواب اللاتي يخشى منهن الفتنة . قوله : (بلا حد إلخ) أشار بهذا القول مالك بلغني أن الارواح بفناء المقابر فلا يختص زيارتها بوقت بعينه وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه نفله الشيخ زروق وقد سهل فى المعيار تصبيح القبور محتجا بما ذكره ابن طاوس أن السلف كانوا يفعلونه اه
ـ أبو البركات في الشرح الكبير ج1 ص422 :
و) جاز (زيارة القبور) بل هى مندوبة (بلا حد) بيوم أو وقت أو فى مقدار ما يمكث عندها أو فيما يدعى به أو الجميع ، وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيادة والاشتغال بالدعاء والتضرع وعدم الاكل والشرب علي القبور خصوصا لاهل العلم والعبادة .
ـ الامام الشافعي في كتاب الام ج1 ص317 :
ولا باس بزيارة القبور أخبرنا مالك عن ربيعة (يعنى ابن أبى عبد الرحمن) عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله قال " ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا " (قال الشافعي) ولكن لايقال عندها هجر من القول وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة فأما إذا زرت تستغفر للميت ويرق قلبك وتذكر أمر الآخرة فهذا مما لا أكرهه .
ـ عبد الكريم الرافعي في فتح العزيز ج5 ص246 ـ 249 :
الثانية) يستحب زيارة القبور للرجال لما روي صفحة أنه قال : (كنت انهيكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الآخرة) واما النساء فهل يكره لهن الزيارة فيه وجهان (احدهما) ولم يذكر الاكثرون سواه نعم لقلة صبرهن وكثرة جز عهن وقد روى أنه (لعن زوارات القبور) (والثانى) لا قال الرويانى فى البحر وهذا اصح عندى إذا امن .
ـ محيى الدين النووى في المجموع ج5 ص309 ـ 311 :
قال المصنف رحمه الله«ويستحب للرجال زيارة القبور لما روى أبو هريرة رضى الله عنه قال زار رسول الله قبر أمه فبكى وابكى من حوله ثم قال اني استأذنت ربى عزوجل ان استغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته فى ان ازور قبرها فاذن لي فزوروا القبور فانها تذكركم الموت . والمستحب ان يقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون ويدعو لهم لما روت عائشة رضي الله عنها ان النبي "كان يخرج إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد" ولايجوز للنساء زيارة القبور لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال " لعن الله زوارات القبور"»«الشرح» حديث أبي هريرة الاول رواه مسلم فى صحيحه ولم يقع هذا الحديث فى رواية عبد الغافر الفارسى لصحيح مسلم وهو موجود لغيره من الرواة عن الجلودى وأخرجه البيهقى فى السنن وعزاه إلى صحيح مسلم (وأما) حديث عائشة فرواه مسلم فى صحيحه (وأما) حديث أبي هريرة الأخير فرواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح وكذلك رواه غيره ورواه أبو داود فى سننه من رواية ابن عباس رضي الله عنهما والبقيع بالباء الموحدة والغرقد شجر معروف قال الهروي هو من العضاه وهى كل شجر له شوك وقال غيره هو العوسج قالوا وسمي بقيع الغرقد لشجرات غرقد كانت به قديماً وبقيع الغرقد هو مدفن أهل المدينة (وقوله) السلام عليكم دار فدار منصوب قال صاحب المطالع هو منصوب علي الاختصاص أو علي النداء المضاف والاول افصح قال ويصح الجر علي البدل من الكاف والميم فى عليكم والمزاد بالدار علي هذا الوجه الأخير الجماعة أو أهل الدار وعلي الاول مثله أو المنزل وقوله وإنا ان شاء الله بكم لا حقون فيه أقوال (أحدها) انه ليس علي وجه الاستثناء الذى يدخل الكلام لشك وارتياب بل علي عادة المتكلم لتحسين الكلام حكاه الخطابي رحمه الله (الثاني) هو استثناء علي بابه وهو راجع إلي التخوف فى هذا المكان والصحيح انه للتبرك وامتثال قوله تعالي»ولاتقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الاان يشاء الله« الكهف/23 قيل فيه أقوال أخر تركتها لضعفها ومن أضعفها قول من قال انه " دخل المقبرة ومعه مؤمنون حقيقة وآخرون يظن بهم النفاق" وكان الاستثناء منصرفاً إليهم وهذا غلط لان الحديث فى صحيح مسلم وغيره انه " خرج فى آخر الليل إلى البقيع وحده ورجع فى وقته ولم يكن معه أحد الاعائشة رضي الله عنها كانت تنظره من بعيد ولا يعلم انها تنظره) فهذا تصريح بابطال هذا القول وإن كان قد حكاه الخطابى وغيره وانما نبهت عليه لئلا يغتر به وقيل ان الاستثناء راجع إلي استصحاب الايمان وهذا غلط فاحش وكيف يصح هذا وهو يقطع بدوام ايمانه ويستحيل بالدلالة العقلية المقررة وقوع الكفر فهذا القول وان حكاه الخطابى وغيره باطل نبهنا عليه لئلا يغتر به وكذا أقوال أخر قيلت هى فاسدة ظاهرة الخطأ لا حاجة إلي ارتكابها ولا ضرورة بحمد الله فى الكلام إلي حمله علي تأويل بعيد بل الصحيح منه ما قدمته والله أعلم (أما) الاحكام فاتفقت نصوص الشافعي والاصحاب علي انه يستحب للرجال زيارة القبور وهو قول العلماء كافة نقل العبدرى فيه اجماع المسلمين ودليله مع الاجماع الاحاديث الصحيحة المشهورة وكانت زيارتها منهيا عنها أولا ثم نسخ ثبت فى صحيح مسلم رحمه الله عن بريدة (t) قال " قال رسول الله نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " وزاد أحمد بن حنبل والنسائي فى روايتهما فزوروها ولا تقولوا هجرا والهجر الكلام الباطل وكان النهي أولا لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل فلما استقرت قواعد الاسلام وتمهدت احكامه واستشهرت معالمه ابيح لهم الزيارة واحتاط بقوله ولاتقولوا هجرا قال أصحابنا رحمهم الله ويستحب للزائر ان يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنوا من صاحبه لو كان حياً وزاره وأما النساء فقال المصنف وصاحب البيان لا تجوز لهن الزيارة وهو ظاهر هذا الحديث ولكنه شاذ فى المذهب والذى قطع به الجمهور انها مكروهة لهن كراهة تنزيه وذكر الروياني فى البحر وجهين (أحدهما) يكره كما قاله الجمهور (والثانى) لا يكره قال وهو الاصح عندى إذا أمن الا فتتان وقال صاحب المستظهرى وعندى ان كانت زيارتهن لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح علي ما جرت به عادتهن حرم قال وعليه يحمل الحديث " لعن الله زوارات القبور " وان كانت زيارتهن للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلا إن تكون عجوزا لاتشثهى فلا يكره كحضور الجماعة فى المساجد وهذا الذى قاله حسن ومع هذا فالاحتياط للعجوز ترك الزيارة لظاهر الحديث واختلف العلماء رحمهم الله فى دخول النساء فى قوله " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " والمختار عند أصحابنا انهن لايدخلن فى ضمن الرجال ومما يدل ان زيارتهن ليست حراما حديث أنس رضى الله عنه أن النبي " مر بامرأة تبكى عند قبر فقال اتق الله واصبري"رواه البحارى ومسلم وموضع الدلالة انه لم ينهها عن الزيارة وعن عائشة رضى الله عنها قالت " كيف أقول يارسول الله ـ يعنى إذا زرت القبور قال قولى السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون " رواه مسلم قال أصحابنا رحمهم الله ويستحب للزائر ان يسلم علي المقابر ويدعو لمن يزوره ولجميع أهل المقبرة والافضل أن يكون السلام والدعاء بما ثبت فى الحديث ويستحب إن يقرأ من القرآن ما تيسر ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الاصحاب .
ـ محيى الدين النووى في روضة الطالبين ج1 ص656 :
فرع : يستحب للرجال زيارة القبور ، وهل يكره للنساء ؟ وجهان . أحدهما ، وبه قطع الاكثرون : يكره . والثاني ، وهو الاصح عند الروياني : لا يكره إذا أمنت من الفتنة .
ـ ابن حجر في تلخيص الحبير ج5 ص247 :
(حديث) كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الآخرة . مسلم وابو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة : وفى الباب عن أبي هريرة رواه مسلم بلفظ استاذنت ربي ان أزور قبر أمي فاذن لي فزوروا القبور فانها تذكركم الموت ورواه الحاكم وابن ماجه مختصرا . وعن ابن مسعود رواه ابن ماجه والحاكم وفيه ايوب بن هانئ مختلف فيه : وعن أبي سعيد رواه الشافعي واحمد والحاكم ولفظه فانها عبرة . وعن انس رواه الحاكم من وجهين ولفظه كنت نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لي انه يرق القلب ويدمع العين ويذكر الآخرة فزروها ولا تقولوا هجرا . وعن أبي ذر رواه الحاكم أيضاً لكن سنده ضعيف : وعن على ابن أبي طالب رواه احمد : وعن عائشة ان النبي رخص فى زيارة القبور ورواه ابن ماجه . (حديث) انه لعن زوارات القبور : احمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه من حديث عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابيه عن أبي هريرة . وفى الباب عن حسان رواه احمد وابن ماجه والحاكم . وعن ابن عباس رواه احمد واصحاب السنن والبزار وابن حبان والحاكم من رواية أبي صالح عنه والجمهور علي ان أبا صالح هو مولى ام هاني وهو ضعيف واغرب ابن حبان فقال ابو صالح راوي هذا الحديث اسمه ميزان وليس هو مولى ام هانئ : (فائدة) مما يدل للجواز بالنسبة إلى النساء ما رواه مسلم عن عائشة قالت كيف اقول يارسول الله تعني إذا زرت القبور قال قولي السلام علي اهل الديار من المؤمنين وللحاكم من حديث على بن الحسين عن على ان فاطمة بنت النبي كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده .
ـ زكريا الانصاري في فتح الوهاب ج1 ص176 :
(وزيارة قبور) أي قبور المسلمين ، (لرجل) لخبر مسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، أما زيارة قبور الكفار فمباحة . وقيل محرمة (ولغيره) أي غير الرجل من أنثى وخنثى (مكروهة) لقلة صبر الانثى وكثرة جزعها وألحق بها الخنثى احتياطا ، وذكر حكمه من زيادتي . وهذا فى زيارة قبر غير النبي أما زيارة قبره فتسن لهما كالرجل كما اقتضاه إطلاقهم فى الحج ومثله قبور سائر الانبياء والعلماء والاولياء (وأن يسلم زائر) فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . رواه مسلم .
ـ موسي الحجاوي في الاقناع ج1 ص192 :
ويندب زيارة القبور التى فيها المسلمون للرجال بالاجماع وكانت زيارتها منهيا عنها ثم نسخت بقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ويكره زيارتها للنساء لانها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن ، نعم يندب لهن زيارة قبر رسول الله فإنها من أعظم القربات ، وينبغي أن يلحق بذلك بقية الانبياء والصالحين والشهداء ، ويندب أن يسلم الزائر لقبور المسلمين مستقبلا وجه الميت قائلا ما علمه لاصحابه إذا خرجوا للمقابر : السلام علي أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لي ولكم العافية أو السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواهما مسلم وزاد أبو داود : اللهم لاتحرمنا أجرهم ولاتفتنا بعدهم لكن بسند ضعيف وقوله إن شاء الله للتبرك ، ويقرأ عندهم ما تيسر من القرآن فإن الرحمة تنزل فى محل القراءة والميت كحاضر ترجى له الرحمة .ـ محمد بن الشربيني في مغني المحتاج ج1 ص365 :
(و) يندب (زيارة القبور) التى فيها المسلمون (للرجال) بالاجماع . وكانت زيارتها منهيا عنها ، ثم نسخت لقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ولا تدخل النساء فى ضمير الرجال علي المختار . وكان يخرج إلى البقيع ، فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون . اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد وروي : فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت . وإنما نهاهم أولا لقرب عهدهم بالجاهلية ، فلما استقرت قواعد الاسلام واشتهرت أمرهم بها . وذكر القاضي أبو الطيب فى تعليقه ماحاصله : أنه من كان يستحب له زيارته فى حياته من قريب أو صاحب ، فيسن له زيارته فى الموت كما فى حال الحياة ، وأما غيرهم فيسن له زيارته إن قصد بها تذكر الموت أو الترحم عليه ونحو ذلك . قال الاسنوي : وهو حسن ، وذكر فى البحر نحوه . قال الاذرعي : والاشبه أن موضع الندب إذا لم يكن فى ذلك سفر لزيارة القبور فقط ، بل فى كلام الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز السفر لذلك ، واستثنى قبر نبينا ، ولعل مراده أنه لا يجوز جوازا مستوي الطرفين ، أي فيكره . ويسن الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي الحسين فى شرح الفروع . أما قبور الكفار فزيارتها مباحة وإن جزم الماوردى بحرمتها . (وتكره) زيارتها (للنساء) لانها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن لما فيهن من رقة القلب وكثرة الجزع وقلة احتمال المصائب ، وإنما لم تحرم لانه مر بامرأة علي قبر تبكي علي صبي لها فقال لها : اتقي الله واصبري متفق عليه ، فلو كانت الزيارة حراما لنهى عنها . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كيف أقول يا رسول الله ؟ يعني إذا زرت القبور . قال : قولي السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواه مسلم . (وقيل تحرم) لما روى ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي لعن زوارات القبور وليس هذا الوجه فى الروضة ، وبه قال صاحب المهذب وغيره . (وقيل تباح) جزم به فى الاحياء وصححه الروياني إذا أمن الافتنان ، عملا بالاصل والخبر فيما إذا ترتب عليها بكاء ونحو ذلك . ومحل هذه الاقوال فى غير زيارة قبر سيد المرسلين ، أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء . وألحق الدمنهوري به قبور بقية الانبياء والصالحين والشهداء ، وهذا ظاهر وإن قال الاذرعي لم أره للمتقدمين . قال ابن شهبة : فإن صح ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنهم أولى بالصلة من الصالحين اه . والاولى عدم إلحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الكراهة . (ويسلم) ندبا ، (للزائر) للقبور من المسلمين مستقبلاً وجهه قائلاً ما علمه النبي لاصحابه إذا خرجوا للمقابر.
ـ الشرواني والعبادى في حواشي الشرواني ج3 ص199ـ200 :
قوله : (وتندب زيارة القبور الخ) قال فى شرح العباب ولايسن السفر لزيارة قبر غير نبي أو عالم أو صالح خروجا من خلاف من منعه كالجويني فإنه قال إن ذلك لا يجوز انتهى اه سم عبارة المغني قال الاذرعي والاشبه أن موضع الندب إذا لم يكن فى ذلك سفر لزيادة فقط بل فى كلام الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز السفر لذلك واستثنى قبر نبينا ولعل مراده أنه لايجوز جوازا مستوى الطرفين أي فيكره اه وقال ع ش ويتأكد ذلك فى حق الاقارب خصوصاً الابوين ولو كانوا ببلد آخر غير البلد الذى هو فيه اه قوله : (التى للمسلمين) لم يبينوا أن الزائر يزور قائما أو قاعدا ويحتمل أن يقال يفعل ما يليق لو كان الميت حياً وقد يستدل للقيام مطلقا أو للاكابر بالقيام فى زيارة النبي سم قوله : (إجماعا) إلى قوله وقول بعضهم فى المغني . قوله : (فربما حملتهم) أي الزيارة بسبب جهلهم لقواعد الاسلام قوله : (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها الخ) ولا تدخل النساء فى ضمير الرجال علي المختار وكان يخرج إلى البقيع فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد مغني قوله : (ثم من كان الخ) عبارة المغني وذكر القاضي أبو الطيب فى تعليقه ما حاصله أنه من كان يستحب له زيارته فى حياته من قريب أو صاحب فيسن له زيارته فى الموت كما فى حال الحياة وأما غيرهم فيسن له زيارته إذا قصد بها تذكر الموت أو الترحم عليه أو نحو ذلك قال الاسنوي وهو حسن اه قال فى الايعاب وإنما تسن الزيارة للاعتبار والترحم والدعاء أخذا من قول الزركشي إن ندب الزيارة مقيد بقصد الاعتبار أو الترحم والاستغفار أو التلاوة والدعاء ونحوه ويكون الميت مسلما أي ولو أجنبيا لا يعرفه لكنها فيمن يعرفه آكد فلا تسن زيارة الكافر بل تباح كما فى المجموع .
تعليق