إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الإمام علي مجمع الفضائل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) في الصحيحين






    الشيخ صادق نجمي


    1 ـ خصم علي خصم الله:

    عن أبي ذر رضي الله عنه قال: نزلت (هذا خصمان اختصموا في ربهم) في ستة من قريش: علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد ابن عتبة) وأيضا..(قيس بن عباد عن علي رض الله عنه: فينا نزلت هذه الآية (هذا خصمان اختصموا في ربهم).

    (صحيح البخاري ج 5 باب قتل أبي جهل و ج 6 تفسير سورة الحج).


    2 ـ حب علي إيمان وبغضه نفاق:

    عن عدي بن ثابت، عن ذر قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرء النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.

    (صحيح مسلم ج 1 كتاب الإيمان باب إن حب الأنصار وعلي من الإيمان).


    3 ـ صلاة علي صلاة رسول الله:

    (عن مطرف عن عمران بن حصين قال: صلى مع علي بالبصرة، فقال: ذكرنا هذا الرجل صلاة نصليها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر أنه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع).

    (صحيح البخاري ج 1 كتاب الصلاة باب إتمام التكبير في الركوع، وباب إتمام التكبير في السجود. وصحيح مسلم ج 2 كتاب الصلاة باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع).

    وقد اختلفت رواية مسلم عن رواية البخاري اختلافا طفيفا.


    4 ـ أبو تراب .. لقب خلعه النبي عليه:

    عن أبي حازم أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان (أمير المدينة) يدعو عليا عند المنبر قال: فيقول له أبو تراب، فضحك، قال: والله ما سماه إلا النبي وما كان له أسم أحب إليه منه).

    (صحيح البخاري ج 1 كتاب الصلاة باب نوم الرجل في المسجد، وج 4 باب مناقب علي بن أبي طالب، وكتاب الأدب باب التّكني بأبي تراب، وج 8 كتاب الاستئذان باب القائلة في المسجد. وصحيح مسلم ج 7 كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب).


    5 ـ علي أقضى الناس:

    روى البخاري عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب قال: (وأقضانا علي) (صحيح البخاري ج 6 كتاب التفسير تفسير ما ننسخ من آية).

    وقد اقتبس الخليفة ذكره لهذه الفضيلة لعلي، من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي طالما كان يردد هذه الفضيلة له (عليه السلام) معلنا عن أن عليا بن أبي طالب (عليه السلام) أقضى الناس، بقوله تارة (أقضاهم علي)(1) وتارة أخرى (أقضاها علي)(2).

    وأن ما ينبغي أن يفهم بجلاء هو: أن ينال إنسان رتبة (أقضى الناس) فإن ذلك يستدعي، فضلا عن التقوى والورع، أنه كون قد بلغ أعلى المراحل العلمية وأمسى درجاتها إذ القضاء، وعلى هذا المستوى، دون الاستناد إلى خلفية علمية ضخمة وقوية، لا يتسنى لأي فرد من الأفراد مهما بلغ من الذكاء والنبوغ.

    وإذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك يعني: أن عليا (عليه السلام) ـ وخروجا بهذا الاستنتاج النطقي المستمد من شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحقه ـ لم يكن أقضاهم فحسب، بل كان أعلمهم على الإطلاق، وأكثرهم ورعا وتقوى أيضا.


    6 ـ حديث الراية:

    (عن سهل بن سعد قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى فغدوا كلهم يرجوه فقال: أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه فبصق في عينيه ودعى له فبرء، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه. فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم).

    (صحيح البخاري ج 4 كتاب الجهاد باب ما قيل في لواء النبي، وباب فضل من أسلم على يديه رجل، وكتاب بدء الخلق باب لمناقب علي، وباب غزوة خيبر، وصحيح مسلم ج 7 كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي، وكتاب الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد).

    وقد أخرج مسلم الحديث بهذا النص أيضا:

    (عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها قال: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، قال: فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله).

    (صحيح مسلم ج 7 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب).


    7 ـ حديث المنزلة:

    (عن مصعب بن سعد عن أبيه: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إلى تبوك واستخلف عليا. فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال (صلى الله عليه وآله) : (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي).

    (صحيح البخاري ج 4 كتاب بدء الخلق باب غزوة تبوك، وباب مناقب علي بن أبي طالب ن وصحيح مسلم ج 7 كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب).

    وهذا الحديث متفق عليه بين الطائفتين الإسلاميتين الكبيرتين: السنة والشيعة ولم ينكره أحد من المسلمين، حتى أن معاوية وهو ألد خصوم علي (عليه السلام) لم يجد ـ في حديث سعد بن أبي وقاص ـ إلى إنكاره سبيلا، وأقره عليه.

    وقد شبه النبي (صلى الله عليه وآله) خلافة علي (عليه السلام) له، بخلافة هارون لموسى فهي: هي لا تختلف عنها في شيئ سوى النبوة التي ختمها النبي (صلى الله عليه وآله).

    وهذا التشبيه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكانة علي منه، بمكانة هارون من موسى، يثبت لعلي:

    1 ـ الوزارة: فكما أن هارون وزير لموسى (عليه السلام) بنص القرآن حيث قال ـ مما اقتص من خبر موسى ـ (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي)(3) فإن عليا (عليه السلام) كان وزيرا لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

    2 ـ الخلافة: حيث قال موسى وهو ذاهب لميقات، ربه (وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي)(4) فصار هارون خليفة لأخيه، وزعيم قومه من بعد موسى، الذي أوجب طاعته على قومه وألزمهم بالإذعان إليه.

    ووفقا لحديث المنزلة. وبملاحظة ما ذكر، فإن عليا (عليه السلام) هو الخليفة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولي الأمر من بعده.

    3 ـ الوصاية: مرت الإشارة، إلى أن هارون خلف أخاه موسى في قومه وهو على قيد الحياة، ولو قدر لهارون أن تستمر حياته إلى ما بعد موسى لكان ـ يقينا ـ يتولى الوصاية عنه والخلافة بعده، لكن المنية وافته قبل موسى.

    ومن هنا نستنتج: أن عليا (عليه السلام) كان يستحق منصب الوصاية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضا.

    4 ـ المؤازرة: وأحد المناصب التي كان يتمتع بها هارون هو: مؤازرته لموسى واشتراكه في أمره من قبل الله، وقد ذكر القرآن الكريم، أن موسى قد التمس هذا المنصب لأخيه، من الله وقال: (أشدد به أزري وأشركه في أمري)(5) فكان الجواب الإلهي: (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى)(6).

    ووفقا لنص حديث المنزلة الصريح، فإن عليا (عليه السلام) هو الآخر كان شريكا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره ومؤازرته له فيه، لا بنبوّته، بل بخلافته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

    ومن هنا نفهم: أن الحديث المذكور يرمي إلى القول، بأن عليا في حياته وموته أفضل الأمة وأقربها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكما كان على بني إسرائيل أن يسمعوا ويطيعوا لهارون خليفة موسى، كان على المسلمين أن يعظموا شأن علي في حياة رسول الله، وينصبوه خليفة له بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).

    تنويه: يتصور بعض الكتاب من الأخوة السنة وعلمائهم، أن قولة النبي لعلي : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) لا عموم فيها، خاصة بموردها ولم يردد أكثر من مرة واحدة، وذلك حين استخلفه في غزوة تبوك على المدينة.

    بينما الواقع غير هذا.... فإن الأدلة والقرائن المتوفرة تشير إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد كرر هذه العبارة أكثر من ست مرات في خضم حياته الكريمة، وليس مرة واحدة، ولم يختص الحديث بغزوة تبوك(7).


    الهوامش:

    1- سنن ابن ماجة ج 1.

    2- كتاب الاستيعاب ج 1 ص 8.

    3- سورة طه: الآية 30.

    4- سورة الأعراف: الآية 142.

    5- سورة طه: الآيتان 31 و 32.

    6- سورة طه: الآية 36.

    7- للمزيد راجع (المراجعات) للإمام شرف الدين ـ المراجعة 29.



    تعليق


    • #17

      سُئل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام



      ما أعظم جنود الله ؟؟
      قال : إني نظرت إلى الحديد فوجدته أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى النار فوجدتها تذيب الحديد فقلت النار أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى الماء فوجدته يطفئ النار فقلت الماء أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى السحاب فوجدته يحمل الماء فقلت السحاب أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى الهواء وجدته يسوق السحاب فقلت الهواء أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى الجبال فوجدتها تعترض الهواء فقلت الجبال أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى الإنسان فوجدته يقف على الجبال وينحتها فقلت الإنسان أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت إلى ما يُقعد الأنسان فوجدته النوم فقلت النوم أعظم جنود الله ،
      ثم وجدت أن ما يُذهب النوم فوجدته الهم والغم فقلت الهم والغم أعظم جنود الله ،
      ثم نظرت فوجدت أن الهم والغم محلهما القلب فقلت القلب أعظم جنود الله ،
      ووجدت هذا القلب لا يطمئن إلا بذكر الله فقلت أعظم جنود الله ذكر الله

      ( الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
      فلا تنس ذكر الله

      نقلا عن احد المواقع المواليه

      تعليق


      • #18
        دلائل يوم الغدير






        أبو طالب التجليل التبريزي

        طرق أخرى لحديث الغدير فقد روى حديث الغدير في كتب أهل السنة من طريق أخرى، وعن جماعة من الصحابة في كتبهم وهي:

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه كما في الطرائف ص 140 - وأبو بكر الجعابي كما في المناقب ج 3 ص 25 - عن أبي بكر بن أبي قحافة.

        - رواه الحافظ بن عقدة في كتابه كما في الطرائف - ص 142.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن أبي بن كعب.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه كما في الطرائف - ص 142 عن أسماء بنت عميس الخثعمية.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه كما في الطرائف - ص 142 عن أم سلمة أم المؤمنين.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه كما في الطرائف ـ ص 142 عن جبلة بن عمرو الأنصاري.

        - رواه الحافظ بن عقدة في كتابه كما في الطرائف - ص 141 وأبو بكر الجعابي كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن الحسين بن علي السبط الشهيد صلوات الله عليه.

        - رواه أبو بكر الجعابي، كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن خالد بن الوليد.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتاب الولاية، كما في الطرائف - ص 142 عن سعيد بن سعد بن عبادة.

        - رواه ابن حجر في الإصابة - ج 2 ص 255 عن عامر بن عمير النميري.

        - رواه الحافظ بن عقدة في كتاب الولاية، كما في الطرائف - ص 142 عن عائشة بنت أبي بكر.

        - رواه ابن المغازلي في مناقبه - ص 27 في ضمن العشرة المبشرة، عن عبد الرحمان بن عوف.

        - رواه ابن عقدة والخوارزمي في مقتله - ص 48 عن عبد الرحمان بن يعمر الديلمي.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 141 عن عبد الله بن أبي عبد الأسد المخزومي.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 142 عن عبد الله بن بشير المازني.

        - رواه الحافظ بن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 141 عن عبد الله بن جعفر.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 141 عن عثمان بن عفان.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 142 عن أبي وسمة وحشي بن حرب.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 142 عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله.

        - رواه أبو حاتم وابن عساكر ومحب الدين الطبري، كما في أرجح المطالب - ص 339 عن ابن شريح.

        - رواه أبو بكر الجعابي، كما في المناقب - ج 3 ص 24 وابن عقده كما في الطرائف - ص 141 عن رفاعة بن عبد المنذر.

        - رواه الحافظ ابن عقدة كما في الطرائف - ص 141 وابن المغازلي في مناقبه - ص 27 في ضمن العشرة المبشرة عن زبير بن العوام.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 142 عن زيد بن عبد الله.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 142 عن سعد بن جنادة.

        - رواه أبو بكر الجعابي كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن سعد بن عبادة.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، كما في الطرائف - ص 141 عن سلمان الفارسي.

        - رواه الحافظ ابن عقدة ، في كتابه كما في الطرائف - ص 141 عن سلمة بن عمرو بن الأكوع.

        - رواه الحافظ ابن عقدة ، في كتابه كما في الطرائف - ص 142 عن أبي أمامة الصدي بن عجلان الباهلي.

        - رواه الحافظ ابن عقدة، في كتابه كما في الطرائف - ص 142 عن ضميرة الأسدي.

        - رواه الفضل بن محمد عن سعيد بن زيد، لأنه أحد العشرة المبشرة الذين رواه عنهم ابن المغازلي في مناقبه - ص 27.

        - رواه ابن حجر عن موسى بن أكتل عن عامر بن عمير - الإصابة - ج 2 ص 255.

        - رواه ابن حجر عن عامر بن ليلى الغفاري - الإصابة - ج 3 ص 257.

        - رواه الطبراني بإسناده عن عبد الله بن حنطب - إحياء الميت -.

        - رواه الخوارزمي عن عبد الله بن ربيعة - مقتل الخوارزمي - ص 48.

        - رواه الخوارزمي عن عمرو بن شراحيل مقتل الخوارزمي - ص 48.

        - رواه الطبراني وأحمد بن حنبل عن عمرو بن مرة - كنز العمال - ج 6 ص 154.

        - رواه ابن عقدة، كما في الطرائف - ص 141 وأبو بكر الجعابي، كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن أبي الهيثم بن التيهان.

        - رواه ابن عقدة، كما في الطرائف - ص 141 وأبو بكر الجعابي كما في المناقب - ج 3 ص 26 عن أبي رافع.

        - رواه ابن عقدة، كما في الطرائف - ص 142 والخوارزمي في مقتله - ص 48 عن أبي ذويب.

        - رواه ابن عقدة، كما في الطرائف - ص 142 عن أم هاني.

        - رواه الحافظ ابن عقدة، في كتابه عن زيد بن حارثة، كما في الطرائف - ص 142.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، عن عبد الله بن ابن أبي أوفى الأسلمي، كما في الطرائف - ص 142.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، كما في الطرائف - ص 141.

        - رواه الحافظ ابن عقدة في كتابه، عن عبد الرحمان بن مدلج، كما في الطرائف - ج 3 ص 142.

        - رواه الحافظ أبو نعيم في الحلية، عن أبي الطفيل عن سبعة عشر عنهم عدي بن حاتم، كما في الينابيع - ص 38.

        - رواه أبو نعيم في الحلية، عن أبي الطفيل عن سبعة عشر منهم عقبة بن عامر، كما في الينابيع - ص 38.

        - رواه ابن عقدة في كتابه، عن عمر بن أبي سلمة، كما في الطرائف - ص 141.

        - رواه ابن عقدة والخوارزمي، عن عمران بن حصين، كما في مقتله - ص 48.

        - رواه ابن عقدة والخوارزمي، عن عمرو بن الحمق، كما في مقتله - ص 48.

        - رواه ابن عقدة في كتابه، عن فاطمة بنت حمزة، كما في الطرائف - ص 142.

        - رواه ابن عقدة في كتابه، عن المقداد بن عمرو، كما في الطرائف - ص 141.

        - رواه ابن عقدة في كتابه، عن أبي برزة فضلة بن عتبة، كما في الطرائف - ص 141.

        - رواه ابن عقدة في كتابه، عن عطية بن بسر، كما في الطرائف - ص 142.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عبادة بن الصامت، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عبد الله بن أنيس، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عروة بن أبي الجعد كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عمرو بن حريث، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عبد الأعلى بن عدي، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن عثمان بن حنيف، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن بشير بن عبد المنذر، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن قيس بن عاصم، كما في المناقب - ج 3 ص 26 ذكر الجعابي عن أبي كاهل كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبوب.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن أبي رفاعة، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن حباب بن عتبة، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن جندب بن سفيان، كما في المناقب - ج 3 ص 26.

        - رواه الحافظ أبو بكر الجعابي، عن خباب بن سمرة، كما في المناقب - 3 ص 26.


        آيات بيعة الغدير


        الآية الأولى: قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) سورة المائدة - آية 67.

        نزلت هذه الآية في تبليغ ولاية علي (عليه السلام)، وقد روى ذلك إخواننا السنة في مصادرهم، وأورد صاحب (الغدير) ج 1 ص 214 - 223 روايتها من (ثلاثين) كتابا من كتبهم.


        الآية الثانية: قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة - 3.

        أورد روايتها في (الغدير) ج 1 ص 230 - عن (ستة عشر) كتابا من كتب السنة.


        الآية الثالثة: قوله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع، من الله ذي المعارج) سورة المعارج، آية - 1 نزلت هذه الآية في رجل بلغه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقال: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء) فما لبث حتى رماه الله بحجر فوقع على رأسه فقتله، وأنزل الله تعالى الآية. أورده في (الغدير) ج 1 ص 239 - 246 عن (ثلاثين) كتابا من كتب السنة.

        بيعة الصحابة عليا وتهنئته قال المؤرخ الطبري (فعند ذلك بادر الناس بقولهم نعم سمعنا أطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا، أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير

        وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس، إلى أن صلى الظهرين في وقت واحد، وامتد ذلك إلى أن صلى العشائين في وقت واحد وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا).

        وقد أورد في الغدير ج 1 ص 272 تهنئة عمر بن الخطاب عن (ستين) كتابا من كتب السنة. معنى كلمة المولى في اللغة المولى والولي صفتان من الولاية، وحقيقتها في جميع مشتقاتها (تقلد أمر والقيام به).

        قال في الصحاح (ولي الوالي البلد، وولى الرجل البيع، ولاية، وأوليته معروفا، ويقال في التعجب ما أولاه للمعروف، وتقول: فلان وليه، وولي عليه. وولاه الأمير عمل كذا، وولاه بيع الشئ، وتولى العمل: تقلده).

        وقال في النهاية (والولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، إلى أن قال: وكل من ولي أمرا فهو مولاه ووليه، إلى أن قال: وقول عمر لعلي: أصبحت مولى كل مؤمن، أي ولي كل مؤمن). وقال في القاموس (ولي الشئ وعليه ولاية، أو هي المصدر، وبالكسر الخطة والإمارة والسلطان، وأوليته الأمر وليته إياه، إلى أن قال: تولى الأمر تقلده، وأولى على اليتيم أوصى، واستولى على الأمر أي بلغ الغاية).

        وقال في لسان العرب (قال سيبويه: الولاية بالكسر الاسم مثل الإمارة والنقابة لأنه اسم لما توليته وقمت به، وإذا أرادوا المصدر فتحوا. إلى أن قال: والولي ولي اليتيم الذي يلي أمره ويقوم بكفايته، وولي المرأة الذي يلي عقد النكاح عليها ولاية عنها لا يستبد بعقد النكاح دونه، وفي الحديث (أيما المرأة نكحت بغير إذن موليها فنكاحها باطل، وفي رواية وليها أي متولي أمرها.

        فحقيقة كلمة المولى، من يلي أمرا ويقوم به ويتقلده، وما عدوه من المعاني له فإنما هي مصاديق أطلقت عليها من باب إطلاق اللفظ الموضوع لحقيقة على مصاديقها، كإطلاق كلمة الرجل على زيد وعمرو وبكر، فيطلق لفظ المولى على الرب، لأنه القائم بأمر المربوبين، وعلى السيد لأنه القائم بأمر العبد، وعلى العبد لأنه يقوم بحاجة السيد، وعلى الجار وابن العم والحليف والصهر، لأنهم يقومون بنصرة صاحبهم فيما يحتاج إلى نصرتهم. فاللفظ مشترك معنوي) فمعنى قوله (صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه فعلي مولاه) من كنت متقلدا أمره وقائما به فعلي متقلد أمره وقائم به، وهذا صريح في قيادة الأمة وإمامتها وولايتها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قيادة الأمة ووليها وسلطانها والقائم بأمرها، فثبت لعلي (عليه السلام) ما ثبت له من الولاية العامة والقيادة التامة.

        هذا ما يقضي به التأمل في كلام أئمة اللغة، وإن أبيت إلا عن تعدد معاني المولى وأنه مشترك لفظي وقد وضع لكل واحد من معانيه بوضع مستقل، فلا شك أن معناه الذي يناسب الحديث هو الأول. وقد تعرض لذكره جماعة من الأقدمين.

        قال أبو عبيدة في كتاب غريب القرآن (المولى بمعنى الأولى، واستشهد بقول الأخطل في عبد الملك بن مروان: فأصبحت مولاها من الناس كلهم وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا وقال الأنباري في كتابه تفسير المشكل في القرآن ما لفظه (الولي والمولى الأولى بالشئ).

        وقال الزجاج والفراء كما في تفسير الفخر الرازي - ج 29 ص 227 طبع مصر (المولى يجئ بمعنى الأولى). وقد حكى عن أبي العباس المبرد: أنه قال الولي الذي هو الأولى والأحق).

        وقال الزمخشري في تفسيره - ج 4 ص 66 طبع مصر (وحقيقة مولاكم محراكم ومقمنكم، أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم).

        وقال الحلبي في التقريب (المولى حقيقة في الأولى، لاستقلالها بنفسها ورجوع سائر الأقسام في الاشتقاق إليها، لان المالك إنما كان مولى لكونه أولى بتدبير رقيقه وتحمل جريرته، والمملوك مولى لكونه أولى بطاعة مالكه، والمعتق كذلك، والناصر لكونه أولى بنصرة من نصره، والحليف لكونه أولى بنصرة حليفه، والجار لكونه أولى بنصرة جاره والذب عنه، والصهر لكونه أولى بمصاهره، والإمام لكونه أولى بمن يليه، وابن العم لكونه أولى بنصرة محبه) وإذا كانت لفظة مولى حقيقة في الأولى وجب حملها عليها دون سائر معانيها، لافتقارها إلى القرينة الصارفة عن المعنى الموضوع له كما لا يخفى.




        شواهد إضافية على دلالة حديث الغدير


        الشاهد الأول: مخاطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجماهير الناس قبل إيراد هذا المقال بقوله (ألست أولى بكم من أنفسكم) ثم فرع عليه بقوله (من كنت مولاه فعلي مولاه) فإن أخذ الإقرار منهم بكونه أولى بهم من أنفسهم قبل قوله من كنت مولاه فعلي مولاه، لا يكون إلا لأجل أحد أمرين، إما لأجل تحقيق شرط القضية وإقرارهم بتحققه ليترتب عليه تاليها فيتعين إرادة معنى الأولى من لفظ المولى دون غيره من معانيه، فالمعنى ألست أولى بكم من أنفسكم فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، وإما لأجل إلزامهم بأن لا يأبوا ما يريد أن يعقبه بجعله الزعيم عليهم والمتصرف في شؤونهم. فليس مفاده حينئذ إلا توليه علي عليه السلام عليهم، فتتعين إرادة ما هو متضمن لمعنى التسلط من معاني كلمة المولى كالسيد والمتصرف دون غيره من معانيه.

        وعلى كلا التقديرين فالحديث يدل على كون علي (عليه السلام) نافذ التصرف فيهم، يجب عليهم الانقياد له، ولا يجوز منعه عن التصرف في شؤونهم.

        أقول: وقد روى قوله (صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه فعلي مولاه) بعد قوله (صلى الله عليه وآله) (ألست أولى بكم من أنفسكم) بألفاظ متقاربة، الكثيرون من علماء الفريقين، منهم:

        1- أحمد بن حنبل.

        2- ابن ماجة.

        3- النسائي.

        4- الشيباني.

        5- أبو يعلى.

        6- الطبري.

        7- الترمذي.

        8- الطحاوي.

        9- ابن عقدة.

        10- العنبري.

        11- أبو حاتم.

        12- الطبراني.

        13- القطيعي.

        14- ابن بطة.

        15- الدار قطني.

        16- الذهبي.

        17- الحاكم.

        18- الثعلبي.

        19- أبو نعيم.

        20- ابن السمان.

        21- البيهقي.

        22- الخطيب.

        23- السجستاني.

        24- ابن المغازلي.

        25- الحسكاني.

        26- العاصمي.

        27- الخلعي.

        28- السمعاني.

        29- الخوارزمي.

        30- البيضاوي.

        31- الملا.

        32- ابن عساكر.

        3 - أبو موسى.

        34- أبو الفرج.

        35- ابن الأثير.

        36- ضياء الدين.

        37- قز أوغلي.

        38- الكنجي.

        39- التفتازاني.

        40- محب الدين.

        41- الوصابي.

        42- الحمويني.

        43- الإيجي.

        44- ولي الدين.

        45- الزرندي.

        46- ابن كثير.

        47- الشريف.

        48- شهاب الدين.

        49- الجزري.

        50- المقريزي.

        51- ابن الصباغ.

        52- الهيثمي.

        53- الميبدي.

        54- ابن حجر.

        55- أصيل الدين.

        56- السمهودي.

        57- كمال الدين.

        58- البدخشي.

        59- الشيخاني.

        60- السيوطي.

        61- الحلبي.

        62- ابن كثير.

        63- السهارنيوري.

        64- ابن حجر المكي.


        الشاهد الثاني: دعاؤه (صلى الله عليه وآله) بعد إلقاء هذا المقال في حق علي (عليه السلام) بقوله (اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) المروي بطرق كثيرة في آخر الحديث فإنه يدل على أن الأمر الذي بلغه في حق علي يحتاج إلى النصرة والموالاة له، وأنه سيكون له أعداء وخاذلون، ويدل أيضا على عصمته، وأنه لا يقدم على أمر إلا في رضا الله تعالى.


        الشاهد الثالث: الإخبار الواردة بطرق كثيرة، الدالة على نزول قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) في تلك المناسبة، فإن ما يكون سببا لكمال الدين وتمام النعمة على المسلمين ليس إلا ما كان من أصول الدين، التي بها يتم نظام الدنيا والدين وتقبل الأعمال، ويؤيد هذه الأخبار ما في بعض طرق الحديث من أنه (صلى الله عليه وآله) قال عقيب لفظ الحديث (الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب) وفي بعض الطرق (وتمام دين الله بولاية علي بعدي).


        الشاهد الرابع: الأخبار الدالة على نزول قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) الآية في قضية غدير خم فهي تدل دالة على أهمية ما أمر بتبليغه فيها بحيث كان تركه مساوقا لترك الرسالة، وأنه من أصول الإسلام، ولكنه ليس التوحيد والنبوة والمعاد، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قد بلغها من بدء رسالته، فلا يبقى إلا إمامة علي (عليه السلام) التي كان النبي (صلى الله عليه وآله) يحذر في تبليغها عن مخالفة الناس، ولذلك قال له الله تعالى (والله يعصمك من الناس).


        الشاهد الخامس: الأخبار الواردة في نزول قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) في واقعة الغدير بعد تبليغ ولاية علي (عليه السلام)، فهي تدل على أن إكمال الدين وإتمام نعمة الإسلام كان بتبليغ ولاية علي (عليه السلام) وإمامته.


        الشاهد السادس: قوله (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق الحديث (إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني).


        الشاهد السابع: إلقاء هذا المقال الشريف عقيب أخذ الشهادة منهم بالوحدانية والشهادة بالنبوة، كما هو المذكور في كثير من طرق الحديث، مما يدل على أن ما أفاده بهذا المقال أمر مهم يبتني عليه الإسلام.


        الشاهد الثامن: أنه (صلى الله عليه وآله) قال قبله (أنه يوشك أن أدعى فأجيب) وهذا يدل على مخافته من ترك أمر مهم يجب عليه تبليغه قبل ارتحاله، وهل هو إلا ولاية علي.


        الشاهد التاسع: أنه (صلى الله عليه وآله) قال بعد تبليغ الولاية لجماهير المسلمين (فليبلغ الحاضر الغائب) فيدل هذا اهتمامه الشديد في إيصال هذا الموضوع إلى جميع المسلمين، لم يكن معلوما لهم جميعا.


        الشاهد العاشر: أنه قال (صلى الله عليه وآله) بعد تبليغ الولاية (اللهم أنت شهيد عليهم أني قد بلغت ونصحت) فدل على أنه قد بلغ أمرا جليلا عظيما خطيرا وأداه إلى الناس، وأتم الحجة عليهم، وأفرغ ذمته بأدائه.


        الشاهد الحادي عشر: القرائن الحالية، وهي كثيرة واضحة الدلالة على المقصود، كنزوله (صلى الله عليه وآله) في حر الهجير، وقد ذكر حفاظ الحديث وأئمة التاريخ أن شدة الحر كانت إلى حد أن بعض الناس وضع ثوبه على رأسه، وبعضهم كان يلفه برجله، وبعضهم استظل بنافته ودابته، وبعضهم استظل بالصخور. ثم ترتيب النبي (صلى الله عليه وآله) منبرا مرتفعا من الأقتاب أو الأحجار، حتى يشرف على المسلمين، الذين قدرهم بعض من المؤرخين بسبعين ألفا (70000) وبعضهم بثمانين ألفا (80000) وبعضهم بمأة ألف (100000). ثم أمره (صلى الله عليه وآله) برجوع من تقدم، وتوقف من تأخر. ثم ما رواه الجمهور من أنه (صلى الله عليه وآله) أخذ عليا معه على المنبر وأمسك بيده ورفعها حتى بان بياض إبطيه بمجمع من الناظرين.


        الشاهد الثاني عشر: بيعة الناس لعلي ومصافقتهم بيده، وتهنئتهم النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا ورووا أن أول من قام بالتهنئة والبخبخة عمر بن الخطاب، وقد ورد حديث تهنئته لعلي (عليه السلام) بطرق كثيرة تربو على الستين، فقد روى الحافظ أبو سعيد النيسابوري المتوفى سنة 407 في كتابه شرف المصطفى على ما في الغدير، بإسناده عن البراء بن عازب بلفظ أحمد بن حنبل، وبإسناد آخر عن أبي سعيد الخدري ولفظه (ثم قال النبي هنئوني هنئوني أن خصني الله بالنبوة، وخص أهل بيتي بالإمامة) فلقي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين فقال: طوبى لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

        وروى المؤرخ الطبري في كتاب الولاية بإسناده عن زيد ابن أرقم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (قولوا أعطيناك على ذلك عهدا من أنفسنا وميثاقا بألسنتا وصفقة بأيدينا، نؤديه إلى أولادنا وأهالينا، لا نبغي بذلك بدلا) إلخ.

        وروى صاحب كتاب روضة الصفا - ج 1 ص 173، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلس في خيمة وأجلس أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) في خيمة أخرى، وأمر الناس بأن يهنئوا عليا في خيمته، ولما ختم تهنئة الرجال أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه.

        وقال الغزالي في كتاب سر العالمين في المقالة الرابعة ما لفظه (ولكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته (عليه السلام) في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقال عمر: بخ بخ لك يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسليم ورضى وتحكيم، ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرياسة، وحمل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات، واشتباك ازدحام الخيول، وفتح الأمصار، سقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول، فنبذوا الحق وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) انتهى.


        الشاهد الثالث عشر: واقعة الحارث بن النعمان الفهري، وقد رواها جم كثير منهم الثعلبي في تفسيره، أنه لما كان رسول الله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي. وقال (من كنت مولاه فعلي مولاه) فشاع ذلك في كل بلد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ناقة له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ثلة من الصحابة فقال (يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا فقلت (من كنت مولاه فعلي مولاه) فهذا شيئ منك أم من الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله) (والله الذي لا إله إلا هو، أن هذا إلا من الله) فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. انتهى. وقد روي بعدة طرق كثيرة أن قوله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع) نزل في هذه الحادثة.


        الشاهد الرابع عشر: استئذان حسان بن الثابت من النبي (صلى الله عليه وآله) في أن ينظم الواقعة، وشعره متواتر نقلته كتب الفريقين، قال:

        يناديهم يــــوم الغديــــر نبيهــــم***نجـــم وأسمـــع بالرسـول مناديا

        فقــال فمــــن مــــولاكم ونبيكم؟***فقالـــوا ولـم يبدوا هناك التعاميا

        إلهلـك مولانــــا وأنــــت نبينــــا***ولم تلق منا في الولاية عاصيــا

        فقال له: قم يا علــــــي فإننــــــي***رضيتك من بعدي إماما وهاديا

        فمن كنت مولاه فهـــــذا وليــــــه***فكونوا له أتباع صــدق مواليــا

        هنـاك دعا اللهـــــم وال وليــــــه***وكن للذي عــادى عليــا معاديا

        قال ابن الجوزي وأبو عبد الله الكنجي الشافعي: فقال له النبي (صلى الله عليه (وآله) وسلم): (يا حسان لا تزال مؤيدا بروح القدس ما كافحت عنا بلسانك). وقال قيس بن عبادة الأنصاري وأنشدها بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين. قلت


        لما بغــــــى العـــــدو علينـــا***حسبنا ربنـــــا ونعــم الوكيل

        وعلى إمامنا وإمـــــام لـــوانا***أتــى بـــــه التنزيــــــــــــــل

        يوم قال النبي من كنت مولاه***فهـــــذا مـــولاه خطب جليـل


        الشاهد الرابع عشر: أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) جاء إلى رحبة الكوفة بمجتمع الناس واستنشدهم على هذا الحديث ردا على مخالفيه في أمر الخلافة، فقال (أنشد الله رجلا سمع النبي يوم غدير خم يقول: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقام جماعة وشهدوا بالحديث، وقد كثر نقل هذه المناشدة بحيث كاد أن يبلغ حد التواتر أو بلغ.

        فمنها ما رواه الحمويني في فرائد السمطين: فقام زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قائم على المنبر وهو يقول (أيها الناس إن الله عز وجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي، والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرن بطاعته طاعتي، وأمركم بولايته) إلخ.


        الشاهد الخامس عشر: وقوع التعبير عن هذه الواقعة في بعض الأحاديث بالنصب وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم نصب عليا (عليه السلام) لمقام الولاية. ومن الواضح أنه لا يعبر عن مجرد إثبات المحبة بالنصب.



        تعليق


        • #19
          ليلة جرح الإمام (عليه السلام)

          (المقالة الأولى)


          الشهيد السيد محمد باقر الصدر

          بسم الله الرحمن الرحيم



          هذه الليلة...

          ذكرى أشأم ليلة بعد يوم توفي فيه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فاليوم الذي توفي فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان اليوم الذي خلف فيه النبي (صلى الله عليه وآله) تجربته الإسلامية في مهب القدر، في رحبة المؤامرات التي أتت عليها بعد برهة من الزمن واليوم الذي اغتيل فيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان اليوم الذي قضى على آخر أمله في إعادة خط تلك التجربة الصحيحة، هذا الأمل الذي كان لا يزال يعيش في نفوس المسلمين الواعين متجسدا في شخص هذا الرجل العظيم، الذي عاش منذ اللحظة الأولى هموم الدعوة وآلامها و اكتوى بنارها و شارك في بنائها لبنة لبنة..... وأقام صرحها مع أستاذه (صلى الله عليه وآله) مدماكاً فوق مدماك .

          هذا الرجل الذي كان يعبر عن كل هذه المراحل بكل همومها .... ومشاكلها وآلامها ....

          هذا الرجل هو الذي كان يمثل هذا الأمل الوحيد الذي بقي للمسلمين الواعين في أن تسترجع التجربة خطها الواضح الصريح وأسلوبها النبوي المستقيم.... حيث أن الانحراف في أعماق هذه التجربة كان قد طغى وتجبر واتسع بحيث لم يكن هناك أي أمل في أن يقهر هذا الانحراف.... اللهم إلا على يد رجل واحد كعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ولهذا كانت حادثة اغتيال هذا الإمام العظيم.... حينما خر صريعا في مثل هذه الليلة تقويضاً حقيقياً لآخر أمل حقيقي في قيام مجتمع إسلامي صحيح على وجه الأرض إلى يوم غير معلوم، وأجل غير محدود.

          كان هذا الاغتيال المشؤوم عقيب حكم مارسه الإمام (عليه السلام) طيلة أربع أو خمس سنوات تقريباً حيث بدأ منذ اللحظة الأولى لتسلم زمام الحكم عقلية التغيير الحقيقية في كيان هذه التجربة المنحرفة وواصل سعيه في سبيل إنجاح عملية التغيير، وخر صريعاً بالمسجد وهو في قمة هذه المحاولة أو في آخر محاولة إنجاح عملية التغيير وتصفية الانحراف الذي كان قد ترسخ في جسم المجتمع الإسلامي متمثلاً في معسكر منفصل عن الدولة الإسلامية الأم.

          والظاهرة الواضحة في هذه الأربع أو الخمس سنوات التي مارس فيها الأمام (عليه السلام) عملية الحكم هي وإلى أن خر صريعاً في سبيل إقامة عدل الله على الأرض، كان غير مستعد بأي شكل من الأشكال وفي أي صيغة من الصيغ لتقبل أنصاف الحلول بالنسبة إلى تصفية هذا الانحراف أو لتقبل أي معنى من معاني المساومة أو المعاملة على حساب هذه الأمة التي كان يرى بكل حرقة وألم إنها تهدر كرامتها وتباع بأرخص ثمن.

          هذه الظاهرة تسترعي الانتباه سياسياً من ناحية وتسترعي الانتباه فقهياً من ناحية أخرى:


          أما من الناحية السياسية :

          فقد استرعت انتباه أشخاص معاصرين للإمام (عليه السلام) واسترعت انتباه أشخاص حاولوا أن يحللوا ويدرسوا حياة الإمام (عليه السلام) .

          فقد لوحظ على الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام: أن عدم تقبله بأي شكل من الأشكال لهذه المساومات وأنصاف الحلول كأن يُعَقّدُ عليه الموقف ويثير أمامه الصعاب ويرسخ المشاكل ويجعله عاجزاً عن مواجهته لمهمته السياسية والمضي بخط تجربته إلى حيث يريد.

          فمثلاً: ذاك الشخص الذي جاء إليه بعقلية هذه المساومات واقترح عليه إن يبقي معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام برهة من الزمن قائلاً: إن بإمكانك إبقاء معاوية والياً على الشام برهة من الزمن وهو في هذه الحالة سوف يخضع ويبايع وبعد هذا يكون بإمكانك استبداله أو تغييره بأي شخص آخر بعد أن تكون قد استقطبت كل أطراف الدولة وقد تمت لك البيعة والطاعة في كل أرجاء العالم الإسلامي، فاشتر بإبقاء هذا الوالي أو ذلك الوالي، هذا الحاكم أو ذلك الحاكم، بإبقاء هذه الثروات المحرمة في جيب هذا السارق أو في جيب ذلك السارق برهة من الزمن ثم بعد هذا يمكنك أن تصفي كل هؤلاء الولاة الفجرة وترجع كل هذه الثروات المحرمة إلى بيت المال.

          فالإمام (عليه السلام) في جواب هذا الشخص، رفض هذا المنطق واستمر في خطه السياسي يرفض كل مساومة ومعاملة من هذا القبيل، ومن هنا قال معاصروه، وقال غير معاصريه انه كان بامكانه أن يسجل نجاحاً كبيراً، وان يحقق توفيقاً من الناحية السياسية أكثر، لو انه قبل أنصاف الحلول، ولو انه مارس هذا النوع من المساومات ولو بشكل مؤقت.


          أما من الناحية الفقهية :

          فهي ناحية التزاحم، الفقه يقول: بأنه إذا توقف واجب أهم على مقدمة محرمة فلا بد من الحفاظ على ذلك الواجب الأهم وفي سبيل حرمة المقدمة لا يجوز تبرير ترك الواجب الأهم حينما يقال ذلك إذا توقف إنقاذ نفس محترمة من الغرق على اجتياز ارض مغصوبة لا يرضى صاحبها باجتيازها فلا بد من اجتيازها حيث تسقط هنا حرية هذا المالك وعدم رضاه، لأن النتيجة أهم من هذه المقدمة، كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض غزواته مثالاً مشابهاً لهذا المثال، حيث كان الجيش الإسلامي مضطراً إلى الخروج من المدينة عن طريق معين، وهذا الطريق كان فيه مزرعة لأحد الصحابة، وكان لا بد للجيش حينما يمر على هذه المزرعة وبحكم طبيعة مروره كجيش من أن يتلف كثيراً من محاصيل هذه المزرعة ويصيبها بأضرار فصاحب المزرعة ما هان عليه أن يقدم هذه الأضرار في سبيل الله وفي سبيل الرسالة.... احتج على ذلك وصرخ ثم جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: مزرعتي ومالي، فلم يجبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصدر أوامره إلى الجيش، فمشى في هذه المزرعة حتى لم يبق في هذه المزرعة شيء مما كان يخاف تلفه صاحب المزرعة إلا وتلف.

          كل ذلك لان النتيجة كانت أهم من المقدمة، كان هذا الجيش يسير لأجل أن يغير وجه الدنيا ولأجل تغيير وجه الدنيا إذا تلفت مزرعة، إذا ضاعت هناك ثروة صغيرة لشخص، في سبيل أن يحفظ مقياس توزيع الثروات في العالم على الخط الطويل الطويل، فهذا أمر صحيح ومعقول من الناحية الفقهية فمن الناحية الفقهية دائماً يقرر أن الواجب إذا توقف على مقدمة محرمة وكان ملاك الواجب أقوى من ملاك الحرمة: فلا بد أن يقدم الواجب على الحرام.

          وعلى هذا الضوء حينئذ تثار هذه القضية في هذه الظاهرة التي استوضحناها في حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) كحاكم .

          وهي انه لماذا لم يطبق هذه القاعدة في سبيل استباحة كثير من المقدمات المحرمة، أليس إجماع الرأي عليه، أليس تملكه زمام قيادة مجتمع إسلامي، أليس هذا أمراً واجباً محققاً لمكسب إسلامي كبير، لأنه هو الذي سوف يفتح أبواب الخيرات والبركات ويقيم حكومة الله على الأرض.... ؟

          إذن فلماذا في سبيل تحقيق هذا الهدف إذا توقف هذا الهدف على مقدمة محرمة من قبيل إمضاء ولاية معاوية بن أبي سفيان برهة من الزمن، أو إمضاء الأموال المحرمة التي نهبها آل أمية، أو غيرهم من الأسر التي وزع عليها عثمان بن عفان أموال المسلمين.... ؟؟

          لماذا لا يكون السكوت مؤقتاً عن غير هذا النهب والسلب مقدمة للواجب الأهم.

          ولماذا لا يكون جائزاً حينئذ على أساس توقف الواجب الأهم على ذلك... ؟؟

          الواقع هو أن الإمام (عليه السلام) كان لا بد له أن ينهج هذا الطريق ولم يكن بامكانه كقائد رسالي يمثل الإسلام وأهدافه لم يكن بامكانه أن يقبل هذه المساومات وأنصاف الحلول ولو كمقدمة وليس قانون باب التزاحم الفقهي، هنا صالحاً للانطباق على موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) وذلك بعد اخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:

          النقطة الأولى: انه لا بد وان يلحظ في المقام أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يريد أن يرسخ قاعدة سلطانه في قطر جديد من أقطار العالم الإسلامي وهذا القطر هو العراق.

          وكان شعب العراق وأبناء العراق مرتبطين روحياً وعاطفياً مع الإمام (عليه السلام) ولكن لم يكن شعب العراق ولا أبناء العراق يعون رسالة علي (عليه السلام) وعياً حقيقياً كاملاً، ولهذا كان الإمام بحاجة إلى أن يبني تلك الطليعة العقائدية، ذلك الجيش العقائدي الذي يكون أميناً على الرسالة وأميناً على الأهداف وساعداً له ومنطلقاً بالنسبة إلى ترسيخ هذه الأهداف في كل أرجاء العالم الإسلامي .

          والإمام (عليه السلام) لم يكن يملك هذه القاعدة بل كان بحاجة إلى أن يبنيها إذن كيف يبني هذه القاعدة؟

          هل يمكن أن يبني هذه القاعدة في جو من المساومات وأنصاف الحلول؟ حتى لو كانت هذه المساومات وأنصاف الحلول جائزة شرعاً إلا أن جوازها الشرعي لا يؤثر في هذه الحقيقة النفسية الواقعية شيئاً وهي أن شخصاً لا يمكن أن يعيش في جو من المساومات وأنصاف الحلول فيكتسب روحية أبي ذر أو يكتسب روحية عمار بن ياسر، روحية الجيش العقائدي الواعي البصير بأن المعركة ليست للذات وإنما هي للأهداف الكبيرة التي هي أكبر من الذات.

          هذه الروحية لا يمكن أن تنمو ولا يمكن لعلي (عليه السلام) أن يخلقها في من حوله في حاشيته وفي أوساطه وقواعده الشعبية، في جو من المشاحنات والمساومات وأنصاف الحلول حتى لو كانت جائزة... أن جوازها لا يغير من ملدلوها التربوي شيئاً ولا من دورها في تكوين نفسية هذا الشخص بأي شكل من الأشكال...

          إذن فالإمام (عليه السلام) كان أمامه حاجة ملحة حقيقية في بناء دولته إلى قاعدة شعبية واعية يعتمد عليها في ترسيخ الأهداف في النطاق الأوسع وهذه القاعدة الشعبية لم تكن جاهزة له حينما تسلم زمام الحكم حتى يستطيع أن يتفق معها.

          على أن هذه المساومات وأنصاف الحلول إنها ضرورات استثنائية لا توجب الانحراف عن ذلك الخط... إنما كان على علي (عليه السلام) أن يبني ذلك الجيش العقائدي كان على علي (عليه السلام) أن ينتزع الخيّر الخيّر الطيّب الطيّب من جماعته وحاشيته العراقيين لكي يشكل منهم كتلة واعية من قبيل مالك الاشتر وغيره وهؤلاء لم يكن بالامكان ممارسة بناء نفسي وروحي وفكري وعاطفي حقيقي لهم في جو مليء بالمساومات وأنصاف الحلول... كانت المساومات وأنصاف الحلول نكسة بالنسبة إلى عملية التربية لهذا الجيش العقائدي وكان فقدان هذا الجيش العقائدي يعني فقدان القوة الحقيقية التي يعتمد عليها الإمام (عليه السلام) في بناء دولته لأن أي دولة عقائدية بحاجة إلى طليعة عقائدية تستشعر بشكل معمق وموسع أهداف الدولة وواقع أهميتها وضرورتها التاريخية ولهذا كان لا بد من الحفاظ على صفاء وطهر عملية التربية لبناء هذا الجيش العقائدي كان لا بد لآلاف من مالك الاشتر أن يشهدوا إنساناً لا تزعزعه المغريات ولا يتنازل إلى أي نوع من أنواع المساومات حتى يستطيعوا من خلال حياة هذا الرجل العظيم أن يتبينوا المدلول الرسالي الكامل لأطروحته الأبعاد الواسعة للصيغة الإسلامية للحياة إذن فكان على علي (عليه السلام) لأجل ممارسة عملية التربية لبناء هذا الجيش العقائدي كان لا بد له أن يترفع عن هذه المساومات والحلول الوسط، لكي يستطيع أن يخلق ذلك الجو الرفيع نفسياً وفكرياً وروحياً والذي سوف ينشأ في داخله وفي أعماقه... جيل يستطيع أن يحتضن أهداف أمير المؤمنين (عليه السلام) ويضحي من أجلها في حياته وبعد وفاته...

          النقطة الثانية: لا بد من الالتفات أيضاً إلى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء في أعقاب ثورة، ولم يجئ في حالة اعتيادية، ومعنى ذلك إن البقية الباقية من العواطف الإسلامية، كل هذه العواطف تجمعت، ثم ضغطت، ثم انفجرت في لحظة ارتفاع... وماذا ينتظر القائد الرسالي غير لحظة ارتفاع في حياة امة، لكي يستطيع أن يستثمر هذه اللحظة في سبيل إعادة هذه الأمة إلى سيرها الطبيعي...

          كان لا بد للإمام (عليه السلام) أن يستثمر لحظة الارتفاع الثورية هذه، لأن المزاج النفسي والروحي وقتئذ لشعوب العالم الإسلامي، لم يكن ذاك المزاج الاعتيادي الهادئ الساكن لكي يمشي حسب مخطط تدريجي ، وإنما كان هو المزاج الثوري الذي استطاع أن يرتفع إلى مستوى قتل الحاكم والإطاحة به، لأنه انحرف عن كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) إذن هذا الارتفاع الذي وجد في لحظة في حياة الأمة الإسلامية لم يكن من الهين إعادته وبعد ذلك كان لا بد للحاكم الذي يستلم زمام المسؤولية في مثل هذه اللحظة أن يعمق هذه اللحظة أن يمدد هذه اللحظة، أن يرسخ المضمون العاطفي والنفسي في هذه اللحظة عن طريق هذه الإجراءات الثورية التي قام بها أمير المؤمنين..

          لو أن الإمام علي (عليه السلام) أبقى الباطل مؤقتاً وأمضى التصرفات الكيفية التي قام بها الحكام من قبل، لو أنه سكت عن معاوية وسكت عن أحزاب أخرى مشابهة لمعاوية بن أبي سفيان إذن لهدأت العاصفة ولأنكمش هذا التيار العاطفي النفسي، وبعد انكماش هذا التيار العاطفي وهدوء تلك العاصفة سوف لن يكون بمقدور الإمام (عليه السلام) أن يقوم بمثل هذه الإجراءات.

          النقطة الثالثة: ولا بد أيضاً من الالتفات إلى نقطة هي: أن الإمام (عليه السلام)، كان حريصاً على أن تدرك الأمة كأمة، أن واقع المعركة بينه (عليه السلام) وبين خصومه، بينه وبين معاوية ليست معركة بين شخصين، بين قائدين، بين قبيلتين، وإنما هي معركة بين الإسلام والجاهلية.

          كان حريصاً على أن يفهم الناس أن واقع المعركة هو واقع المعركة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) والجاهلية التي حاربته في بدر وأُحد وغيرهما من الغزوات وكان هذا الحرص سوف يمنى بنكسة كبيرة لو أنه (عليه السلام) أقر معاوية، وأقر مخلفات عثمان السياسية والمالية، لو أنه أقر هذه المخلفات ولو إلى برهة من الزمن إذن لترسخ في أذهان الناس، وفي أذهان المسلمين بشكل عام شك في أن القضية ليست قضية رسالية وإنما هي قضية أهداف حكم، إذا انسجمت مع واقع هذه المخلفات فتلغي هذه المخلفات ذلك الشك الذي نما عند الأمة في أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرغم من انه لم يكن يوجد له أي مبرر موضوعي وإنما المبرر كانت له مبرراته الذاتية بالرغم من انه لم يكن يوجد أي مبرر موضوعي لشك، وبالرغم من إن المبرر الوحيد للشك كان مبرراً ذاتياً وبالرغم من هذا استفحل هذا الشك وقرر، وامتحن هذا الإمام العظيم (عليه السلام) بهذا الشك ومات واستشهد والأمة شاكة... ثم استسلمت الأمة بعد هذا وتحولت إلى كتلة هامدة بين يدي الإمام الحسن (عليه السلام) هذا كله بالرغم من أن الشك لم يكن له مبرر موضوعي فكيف إذا افترضنا أن الشك وجدت له مبررات موضوعية بحسب الصورة الشكلية.

          كيف لو أن المسلمين رأوا أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي هو رمز الأطروحة ورمز الأهداف الرسالية هذا الشخص يساوم ويعمل ويبيع الأمة ولو مؤقتاً مع خيار الفسخ.

          كيف يمكن للأمة أن تدرك الفرق بين بيع بلا خيار الفسخ وبين بيع يكون فيه خيار الفسخ إن البيع على أي حال طبيعته هو البيع وأمير المؤمنين (عليه السلام) كانت مهمته الكبرى هي أن يحافظ على وجود الأمة على أن لا تتنازل الأمة عن وجودها.

          الأمة التي قالت لعمر بن الخطاب، لأكبر خليفة تولى الحكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا انحرفت عما نعرف من أحكام الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله) نقوِّمك بسيوفنا، هذه الأمة التي قالت هذه الكلمة بكل شجاعة لأكبر خليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت قد بدأت تتنازل عن وجودها أو بتعبير آخر كانت هناك مؤامرات عليها لكي تتنازل عن وجودها، وكان على علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يحافظ على هذه الأمة، ويحصنها ضد أن تتنازل عن وجودها، عملية التنازل عن الوجود كان يمثلها معاوية بن أبي سفيان، وجذور معاوية في تاريخ الإسلام، هذا الذي عبر عنه وقتئذ، بأن الإسلام أصبح هرقلية وكسروية الهرقلية والكسروية كان يكنى بها عن تنازل الأمة عن وجودها، يعني تحولت التجربة الإسلامية من أمة تحمل رسالة إلى ملك وسلطان يحمل هذه الرسالة بمستوى وعيه لهذه الرسالة وإخلاصه لهذه الرسالة سلباً وإيجاباً، هذه المؤامرة الكبيرة التي نجحت بعد هذا والتي توجت بكل المآسي والمحن والكوارث التي كانت ولاتزال إلى يومنا هذا هي نتيجة تنازل الأمة عن وجودها، نتيجة خداع الأمة، وتحجيمها أو الضغط عليها حتى تنازلت عن وجودها في عقد لا يقبل الفسخ...

          أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يريد وقد أدرك الأمة في اللحظات الأخيرة من وجودها المستقل، أن يمدد هذا الوجود المستقل أن يُشعر الأمة بأنها ليست سلعة تباع وتشترى، أنها ليست شيئاً يساوم عليها، إذن كيف يشعرها بأنها ليست سلعة تباع وتشترى، إذا كان هو يبيعها ويشتريها، ولو في عقود قابلة للفسخ؟

          كيف يستطيع أن يُشعر الأمة بأنها لا تباع ولا تشترى، ليست وفق رغبات السلاطين وليست وفق رغبات الحكام، وإنما تمثل خلافة الله في الأرض، لأجل أن تحقق أهداف هذه الخلافة في الأرض.

          كيف يمكن أن يفهم الأمة ذلك إذا كان هو يبيع قطاعات من هذه الأمة لحكام فجرة من قبيل معاوية بن أبي سفيان، في سبيل أن يسترجع هذه القطاعات بعد ذلك.

          بطبيعة الحال كان هذا معناه مواكبة المؤامرة التي كان روح العصر يتفجر أو يتمخض عن مثلها والتي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) واقفاً لأجل أن يحبطها وينقذ الأمة منها، وحينئذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نفترض أن الإمام (عليه السلام) يساهم في حبك هذه المؤامرة.

          النقطة الرابعة والأخيرة: هي أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يكن يتعامل مع الفترة الزمنية القصيرة التي عاشها فقط، وإنما كان يحمل هدفاً أكبر من ذلك، أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يحس بأنه قد أدرك المريض وهو في آخر مرضه، قد أدركه حيث لا ينفع العلاج ولكنه كان يفكر في أبعاد أطول وأوسع للمعركة.

          لم يكن يفكر فقط في الفترة الزمنية التي عاشها وإنما كان يفكر على مستوى أخر أوسع وأعمق، هذا المستوى يعني أن الإسلام كان بحاجة إلى أن تقدم له في خضم الانحراف بين يدي الأمة أطروحة واضحة صريحة نقية لا شائبة فيها ولا غموض، لا التواء فيها ولا تعقيد، لا مساومة فيها ولا نفاق ولا تدجيل.

          لماذا..؟ لأن الأمة كتب عليها أن تعيش الحكم الإسلامي المنحرف منذ نجحت السقيفة في أهدافها أذن فالإسلام الذي تعطيه السقيفة امتدادها التاريخي هذا الإسلام أسلام مشوه ممسوخ أسلام لا يحفظ الصلة العاطفية فضلاً عن الفكرية بين الأمة ككل وبين الرسالة، بين أشرف رسالات السماء وأشرف أمم الأرض لا يمكن أن يحفظ هذه الصلة العاطفية والروحية بين الأمة الإسلامية وبين الإسلام على أساس هذا الإسلام المعطى لهارون الرشيد، ولمعاوية بن أبي سفيان، ولعبد الملك بن مروان، هذا الإسلام لا يمكن أن يحفظ هذه الصلة فكان لا بد لحفظ هذه الصلة بين جماهير الأمة الإسلامية وبين هذه الرسالة، من إعطاء صورة واضحة محدودة للإسلام وهذه الصورة أعطيت نظرياً على مستوى ثقافة أهل البيت (عليه السلام) وأعطيت عملياً على مستوى تجربة الإمام (عليه السلام) فكان الإمام (عليه السلام) في تأكيده على العناوين الأولية في التشريع الإسلامي، وفي تأكيده على الخطوط الرئيسية في الصيغة الإسلامية للحياة كان في هذا يريد أن يقوم المنهاج الإسلامي واضحاً غير ملوّث بلوثة الانحراف التي كتبت على تاريخ الإسلام مدة طويلة من الزمن وكان لا بد لكي يتحقق هذا الهدف من أن يعطي هذه التجربة بهذا النوع من الصفاء والنقاء والوضوح دون أن يعمل ما أسميناه بقوانين باب التزاحم...

          وهكذا كان وظل الإمام (عليه السلام) صامداً مواجهاً لكل المؤامرات التي كانت الأمة تساهم في صنعها وفي حياكتها على أساس جهلها وعدم وعيها وعدم شعورها بالدور الحقيقي الذي يمارسه عليه السلام في سبيل حماية وجودها من الضياع وحماية كرامتها من أن تتحول إلى سلعة تباع وتشترى حتى خر صريعاً على يد شخص من هذه الأمة التي ضحى في سبيلها... خر صريعاً في المسجد فقال:

          فزت ورب الكعبة...

          لنحاسب علياً وهو في آخر لحظة من لحظات حياته (عليه السلام) حينما قال: فزت ورب الكعبة.

          هل كان علي أسعد إنسان أو أتعس إنسان..؟

          هنا مقياسان:

          فتارة نقيس علياً (عليه السلام) بمقياس الدنيا.

          وأخرى نقيس علياً بمقاييس الله سبحانه وتعالى...

          لو كان قد عمل كل عمله للدنيا، لنفسه، فهو أتعس إنسان... ومن أتعس من علي (عليه السلام) الذي بنى كل ما بنى وأقام كل ما أقام من صرح ثم حرم من كل هذا البناء ومن كل هذه الصروح؟

          هذا الإسلام الشامخ العظيم الذي يأكل الدنيا شرقاً وغرباً هذا الإسلام بني بدم علي (عليه السلام) بني بخفقات قلب علي (عليه السلام) بني بآلام علي (عليه السلام)، بني بنار علي (عليه السلام)، كان علي هو شريك البناء بكل محن هذا البناء بكل آلام هذا البناء وفي كل مآسي هذا البناء أي لحظة محرجة وجدت بتاريخ هذا البناء لم يكن علي (عليه السلام) هو الإنسان الوحيد الذي يتجه إليه نظر البنّاء الأول (صلى الله عليه وآله) ونظر المسلمين جميعاً لأجل إنقاذ عملية البناء إذن فعلي (عليه السلام) كان هو المضحي دائماً في سبيل هذا البناء، هو الشخص الذي أعطى ولم يبخل الذي ضحى ولم يتردد الذي كان يضع دمه على كفه في كل غزوة في كل معركة، في كل تصعيد جديد لهذا العمل الإسلامي الراسخ العظيم..

          إذن شيدت كل هذه المنابر بيد علي (عليه السلام) واتسعت أرجاء هذه المملكة بسيف علي (عليه السلام).

          جهاد علي كان هو القاعدة لقيام هذه الدولة الواسعة الأطراف لكن ماذا حصّل علي (عليه السلام) من كل هذا البناء في مقاييس الدنيا، إذا اعتمدنا مقاييس الدنيا..؟

          لو كان علي (عليه السلام) يعمل لنفسه فماذا حصّل علي (عليه السلام) من كل هذه التضحيات من كل هذه البطولات؟ ماذا حصل غير الحرمان الطويل الطويل، غير الإقصاء عن حقه الطبيعي بقطع النظر عن نص أو تعيين من الله سبحانه وتعالى؟ كان حقه الطبيعي أن يحكم بعد أن يموت النبي (صلى الله عليه وآله) لأنه الشخص الثاني عطاء للدعوة وتضحية في سبيلها .

          أُقصي من حقه الطبيعي قاسى ألوان الحرمان أنكرت عليه كل امتيازاته، معاوية بن أبي سفيان هو الذي يقول لمحمد بن أبي بكر، كان علي كالنجم في السماء في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن أباك والفاروق ابتزا حقه وأخذا أمره، وبعد هذا نحن شعرنا أن بامكاننا أن ندخل في ميدان المساومة مع هذا الرجل ويقول عن نفسه، يحدث عن مقامه في أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكيف أخذ المقام هذا يتنازل بالتدريج نتيجة لمؤامرات الحاكمين عليه، حتى قيل علي ومعاوية.

          إذن فعلي (عليه السلام) حينما واجهه عبد الرحمن بن ملجم بتلك الضربة القاتلة على رأسه الشريف، كان ماضيه كله ماضي حرمان وألم وخسارة لم يكن قد حصل على شيء منه، لكن الأشخاص الذي حصلوا على شيء عظيم من هذا البناء هم أولئك الذي لم يساهموا في هذا البناء هم أولئك الذي كانوا على استعداد دائم للتنازل عن مستوى هذا البناء في أية لحظة من اللحظات أولئك حصلوا على مكاسب عريضة من هذا البناء أما هذا الإمام الممتحن الذي لم يفر لحظة الذي لم يتلكأ في أي آن، الذي لم يتلعثم في قول أو عمل، هذا الإمام العظيم لم يحصل على أي مكسب من هذا البناء بأي شكل من الأشكال انظروا أن هذه الحادثة يمكن أن تفجر قلب الإنسان، وما الإنسان غير العامل، حينما ينظر في حال عامل على هذا الترتيب يتفجر قلبه ألماً لحال هذا العامل المسكين، لحال هذا العامل التعيس، الذي بنى فغير الدنيا ثم لم يستفد من هذا التغيير ثم تعالوا انظروا إلى المستقبل الذي ينظره الإمام علي (عليه السلام) بعين الغيب هذا ماضيه، فماذا عن مستقبله؟

          كان يرى بعين الغيب إن عدوه اللدود سوف يطأ منبره، سوف يطأ مسجده، سوف ينتهك كل الحرمات والكرامات التي ضحى وجاهد في سبيلها سوف يستقل بهذه المنابر التي شيدت بجهاده وجهوده ودمه، سوف يستغلها في لعنه وسبه عشرات السنين هو الذي كان يقول لبعض الخلّص من أصحابه انه سوف يعرض عليكم سبي ولعني والبراءة مني أما السب فسبوني وأما البراءة مني فلا تتبرؤوا مني.

          إذن فهو كان ينظر بعين الغيب إلى المستقبل بهذه النظرة لم يكن يرى في المستقبل نوعاً من التكذيب يتدارك به هذا الحرمان، الأجيال التي سوف تأتي بعد أن يفارق الدنيا، كانت ضحية مؤامرة أموية جعلتها لا تدرك أبداً دور الإمام علي (عليه السلام) في بناء الإسلام.

          هذا هو حرمان الماضي وهذا هو حرمان المستقبل.

          وبالرغم من كل هذا قال (عليه السلام): فزت ورب الكعبة، حينما أدرك إنها اللحظة الأخيرة وانه انتهى خط جهاده وهو في قمة جهاده وانتهى خط محنته وهو في قمة صلاته وعبادته قال: فزت ورب الكعبة، لأنه لم يكن إنسان الدنيا ولو كان إنسان الدنيا لكان أتعس إنسان على الإطلاق لو كان إنسان الدنيا لكان قلبه يتفجر ألماً وكان قلبه ينفجر حسرة ولكنه لم يكن إنسان الدنيا، لو كان إنسان الدنيا فسوف يندم ندماً لا ينفعه معه شيء، لأنه بنى شيئاً انقلب عليه ليحطمه أي شيء يمكن أن ينفع هذا الشخص؟ إذا فرضنا أن شخصاً أراد أن يربي شخصاً آخر لكي يخدمه فلما ربى ذاك الشخص ونمى واكتمل رشده جاء ليقتله ماذا ينفع هذا الشخص ندمه غير أن يموت.

          هذا الرجل العظيم قال: فزت ورب الكعبة، كان اسعد إنسان ولم يكن أشقى إنسان لأنه كان يعيش لهدفه، ولم يكن يعيش للدنيا، كان يعيش لهدفه ولم يكن يعيش لمكاسبه ولم يتردد لحظة وهو في قمة هذه المآسي والمحن، في صحة ماضيه، وفي صحة حاضره، وفي انه أدى دوره الذي كان يجب عليه.

          هذه هي العبرة التي يجب أن نأخذها.

          نحن يجب أن نستشعر دائماً أن السعادة في عمل العامل لا تنبع من المكاسب التي تعود إليه نتيجة لهذا العمل.

          يجب أن لا نقِّيم سعادة العامل على أساس كهذا لأننا لو قيّمناه على هذا الأساس فقد يكون حظنا كحظ هذا الإمام الذي بنى أسلاماً ووجّه امة، ثم بعد هذا انقلبت عليه هذه الأمة لتلعنه على المنابر ألف شهر.

          نحن يجب أن لا نجعل مقياس سعادة العامل في عمله هو المكاسب والفوائد التي تنجم عن هذا العمل وإنما رضى الله سبحانه وتعالى وإنما حقانية العمل، كون العمل حقاً وكفى، وحينئذ سوف نكون سعداء سواء أثر عملنا أو لم يؤثر، سواء قدر الناس عملنا أم لم يقدروا، سواء رمونا باللعن أو بالحجارة على أي حال سوف نستقبل الله سبحانه وتعالى ونحن سعداء لأننا أدينا حقنا وواجبنا وهناك من لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، لئن ضيع هؤلاء السعادة ولئن ضيعوا فهمهم، ولئن استولى عليهم الغباء فخلطوا بين علي (عليه السلام) ومعاوية، لئن انصرفوا عن علي وهم في قمة الحاجة إليه فهناك من لا يختلط عليه الحال، من يميز بين علي (عليه السلام) وبين أي شخص آخر، هناك من قد أعطى لعلي (عليه السلام) نتيجة لعمل واحد من أعماله مثل عبادة الثقلين.

          ذاك هو الحق وتلك هي السعادة.

          اللهم احشرنا معه واجعلنا من شيعته والمترسمين خطاه والحمد للّه.


          تعليق


          • #20
            ليلة جرح الإمام (عليه السلام)

            (المحاضرة الثانية)


            الشهيد السيد محمد باقر الصدر

            بسم الله الرحمن الرحيم




            الشهيد السيد محمد باقر الصدر


            كنا نتحدث عن تلك الظاهرة الفريدة في المرحلة التي قضاها الإمام علي (عليه السلام) حاكماً متصرفاً ومصرفاً لشؤون المسلمين.

            هذه الظاهرة الفريدة هي ما المحنا إليها من أن الإمام (عليه السلام) كان حريصاً كل الحرص على إعطاء العناوين الأولية للصيغة الإسلامية للحياة، والوقوف على التكليف الواقعي الأولي بحسب مصطلح الأصوليين، دون تجاوزه إلى ضرورات استثنائية تفرضها طبيعة الملابسات والظروف.

            لماذا لم يرتض الإمام بأنصاف الحلول أو بشيء من المساومة؟

            لماذا لم يسكت؟

            لماذا لم يُمضِ ولو بصورة مؤقتة الجهاز الفاسد الذي تركه وخلفه عثمان بعد موته؟

            لماذا لم يُمضِ الجهاز حتى إذا أطاعه هذا الجهاز واسلم له القيادة بعد ذلك يستطيع أن يمارس بشكل أقوى واعنف عملية التصفية؟

            كنا نعالج هذه المسألة وقلنا إن الجواب على هذا السؤال وتفسير هذه الظاهرة الفريدة في الحياة للإمام (عليه السلام) يتضح بمراجعة عدة نقاط استعرضنا من هذه النقاط أربع:


            النقطة الأولى: هي إن الإمام (عليه السلام) كان بحاجة إلى إنشاء جيش عقائدي في دولته الجديدة التي كان يخطط لإنشائها في العراق، وهذا الجيش العقائدي لم يكن موجوداً بل كان بحاجة إلى تربية وإعداد فكري ونفسي وعاطفي وهذا الإعداد كان يتطلب جواً مسبقاً صالحاً لان تنشأ فيه بذور هذا الجيش العقائدي. وهذا الجو ما لم يكن جواً كفاحياً رسالياً واضحاً، لا يمكن أن تنشأ في أحضانه بذور ذلك الجيش العقائدي، لو افترضنا أن الجو كان جو المساومات وأنصاف الحلول حتى في حالة كون أنصاف الحلول تكتسب الصفة الشرعية بقانون التزاحم على ما ذكرناه حتى في هذه الحالة تفقد الصيغة مدلولها التربوي.


            النقطة الثانية: هي إن الإمام (عليه السلام) جاء لتسلم زمام الحكم في لحظة ثورة لا في لحظة اعتيادية، ولحظة الثورة تستبطن لحظة تركيز وتعبئة وتجمع كل الطاقات العاطفية والنفسية في الأمة الإسلامية لصالح القضية الإسلامية فكان لا بد من اغتنام هذه اللحظة بكل ما تستنبطه من هذا الزخم الهائل عاطفياً ونفسياً وفكرياً.


            النقطة الثالثة: التي ركزنا عليها، هي أن ظاهرة الشك في مجتمع الإمام (عليه السلام) هذه الظاهرة التي بيناها في محاضرات سابقة وكيف إنها عصفت بالتجربة واستطاعت أن تقضي على الآمال والأهداف التي كانت معقودة عليها، هذا الشك بالرغم من انه لم يكن يملك في سيرة الإمام (عليه السلام) أي مبرر موضوعي، وكانت مبرراته ذاتية محضة بالنحو الذي شرحناه تفصيلاً فيما مضى فقد استفحل وطغى، فكيف لو افترضنا أن هذه المبررات الذاتية أضيفت إليها مبررات موضوعية من الناحية الشكلية، إذن لكان هذا الشك أسرع إلى الانتشار والتعمق والرسوخ وفي النهاية إلى تقويض هذه التجربة.


            النقطة الرابعة: عبارة عن إن أنصاف الحلول أو المساومة هنا كانت في الواقع اشتراكاً في المؤامرة وكانت تحقيقاً للمؤامرة من ناحية الإمام (عليه السلام) ولم تكن تعبيراً عن الإعداد لإحباط هذه المؤامرة لان المؤامرة لم تكن مؤامرة على شخص الإمام علي (عليه السلام) لم تكن مؤامرة على حاكمية الإمام علي (عليه السلام) حتى يقال: انه يمهد لهذه الحاكمية بشيء من هذه الحلول الوسط، وإنما المؤامرة كانت مؤامرة على وجود الأمة الإسلامية، على شخصية هذه الأمة، على أن تقول كلمتها في الميدان بكل قوة وجرأة وشجاعة، على إن تَنسَلِخ عن شخصيتها وينصب عليها قيم من أعلى يعيش معها عيش الأكاسرة والقياصرة مع شعوب الأكاسرة والقياصرة. هذا الذي كان يسمّى بالمصطلح الإسلامي بالهرقلية والكسروية.

            هذه هي المؤامرة.

            وهذه المؤامرة هي التي كان يسعى خط السقيفة بالتدريج عامداً أو غير عامد إلى تعميقها إلى إنجاحها في المجتمع الإسلامي.

            فلو أن الإمام (عليه السلام) كان قد مارس أنصاف الحلول، لو كان قد باع الأمة بيعاً مؤقتاً مع خيار الفسخ، إذن لكان بهذا قد اشترك في إنجاح وفي سلخ الأمة عن إرادتها وشخصيتها.

            كانت الأمة وقتئذ بحاجة كبيرة جداً لكي تستطيع أن تكون على مستوى مسؤوليات ذلك الموقف العصيب، وعلى مستوى القدرة للتخلص من تبعات هذه المؤامرة.

            كان لا بد من أن تشعر بكرامتها بإرادتها، بحريتها، باصالتها، بشخصيتها في المعترك وهذا كله مما لا يتفق مع ممارسة الإمام (عليه السلام) لإنصاف الحلول.

            النقطة الخامسة: التي لا بد من الالتفات إليها في هذا المجال هي إن الإمام (عليه السلام) لو كان قد أمضى هذه الأجهزة الفاسدة التي خلفها عثمان الخليفة من قبله فليس من المعقول بمقتضى طبيعة الأشياء أن يستطيع بعد هذا أن يمارس عملية التغيير الحقيقي في هذه التجربة التي يتزعمها.

            وفي الواقع إن هذا الفهم لموقف أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي اعرضه في هذه النقطة مرتبط بحقيقة مطلقة تشمل موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) وتشمل أي موقف رسالي عقائدي آخر مشابه لموقف أمير المؤمنين (عليه السلام) أي موقف آخر يستهدف تغييراً جذرياً أو إصلاحياً حقيقياً في مجتمع أو بيئة أو حوزة أو في أي مجتمع آخر من المجتمعات وهذه الحقيقة المطلقة هي إن كل إصلاح لا يمكن أن ينشأ على يد الأجهزة الفاسدة نفسها التي لا بد أن يطالها التغيير.

            فلو افترضنا أن الزعيم المسؤول عن إصلاح تلك البيئة أقر الأجهزة الفاسدة التي يتوقف الإصلاح على إزالتها وعلى تبديدها، لو انه أقر هذه الأجهزة وتعاون معها وأمضاها ولو مؤقتاً، ثم بعد أن إكتسب القوة والمزيد من القدرة، وامتد أفقياً وعامودياً في أبعاد هذه التجربة التي تزعمها، بعد هذا استبدل هذه الركائز بركائز أخرى هذا المنطق منطق لا يتفق مع طبيعة العمل الاجتماعي ومع طبيعة الأشياء وذلك لان هذا الزعيم من أين سوف يستمد القوة من أين سوف تتسع له القدرة؟ من أين سوف يمتد أفقياً وعامودياً؟

            هل تهبط عليه هذه القوة بمعجزة من السماء؟ لا... وإنما سوف يستمد هذه القوة من تلك الركائز نفسها...

            أي زعيم في أية بيئة يستمد قوته وتتعمق هذه القوة عنده باستمرار. من ركائزه، من أسسه من أجهزته التي هي قوته التنفيذية التي هي واجهته الأمة على ، التي هي تعبيره، التي هي تخطيطه، فإذا افترضنا أن هذه الأجهزة كانت هي الأجهزة الفاسدة التي يريد المخطط الإصلاحي إزالتها وتبديلها بأجهزة أخرى، فليس من المعقول أن يقول الزعيم في أية لحظة من اللحظات، وفي أي موقف من المواقف: دع هذه الأجهزة معي دعني اعمل مع هذه الأجهزة حتى امتد حتى اشمخ وبعد أن امتد واشمخ أستطيع أن اقضي على هذه الأجهزة. فإن هذا الشموخ الناتج من هذه الأجهزة لا يمكن أن يقضي على هذه الأجهزة. النتيجة منطقياً مرتبطة بمقدماتها والنتيجة واقعياً مرتبطة أيضاً بركائزها وأسسها، فهذا الشموخ المستمد من ركائز فاسدة، من أجهزة فاسدة، لا يمكن أن يعود مرة أخرى فيتمرد على هذه الأجهزة.

            هذا الزعيم حتى لو كان حسن النية، حتى لو كان صادقاً في نيته وفي تصوره سوف يجد في نهاية الطريق أنه عاجز عن التغيير، سوف يجد في نهاية الطريق انه لا يتمكن أن يحقق أهدافه الكبيرة لان الزعيم مهما كان زعيماً، والرئيس مهما كان حاكماً وسلطاناً، لا يغير بيئة بجرة قلم، لا يغير بيئة بإصدار قرار بإصدار أمر، وإنما تتغير البيئة عن طريق الأجهزة التي تنفذ إرادة هذا الزعيم، وتخطيط هذا الزعيم، إذن كيف سوف يستطيع هذا الزعيم أن ينفذ إرادته، أن يحقق أهدافه أن يصل إلى أمله؟

            فطبيعة الأشياء وطبيعة العمل التغييري في أي بيئة تفرض على أي زعيم يبدأ هذا العمل أن يبني زعامته بصورة منفصلة عن تلك الأجهزة الفاسدة وهذا ما كان يفرض على الإمام (عليه السلام) أن لا يمضي مخلفات عثمان الإدارية والسياسية...؟

            النقطة السادسة: التي لا بد من الالتفات إليها أيضاً في هذا المجال هي أن الإمام (عليه السلام) لو كان قد أمضى ولو مؤقتاً الأجهزة التي خلفها عثمان أمضى مثلاً ولاية معاوية بن أبي سفيان وحاكميته على الشام لحصل من ذلك على نقطة قوة مؤقتة.

            لو باع الأمة من معاوية بيعاً مؤقتاً مع خيار الفسخ إذن لاستطاع بذلك أن يحصل على نقطة قوة ونقطة القوة هي أن معاوية سوف يبايعه وسوف يبايعه أهل الشام وهذه النقطة نقطة قوة في حساب عملية التغيير لكن في مقابل هذا أيضاً سوف يحصل معاوية بن أبي سفيان، على نقطة قوة كما حصل الإمام (عليه السلام) على نقطة قوة ونقطة القوة التي سوف يحصل عليها معاوية هي اعتراف الإمام (عليه السلام) صاحب الأطروحة الجديدة صاحب الخط الإسلامي الآخر المعارض على طول الزمن منذ تشكلت السقيفة بشرعية معاوية بن أبي سفيان بأن معاوية رجل على اقل التقادير يوصف بأنه عامل قدير على تسيير مهام الدولة وعلى حماية مصالح المسلمين وعلى رعاية شؤونهم هذا الاعتراف. هو المدلول العرفي الواضح لمثل هذا الإمضاء في الذهنية الإسلامية العامة، فنقطة قوة لمعاوية مقابل نقطة قوة لعلي (عليه السلام)..

            ونحن إذا قارنا بين هاتين النقطتين فسوف لن ننتهي إلى قرار يؤكد أن نقطة القوة التي حصل عليها الإمام (عليه السلام) هي أهم في حساب عملية التغيير الاجتماعية التي يمارسها الإمام (عليه السلام) من نقطة القوة التي يحصل عليها معاوية، خاصة إذا التفتنا إلى أن تغيير الولاة في داخل الدولة الإسلامية وقتئذ لم يكن عملية سهلة ولم يكن عملية بهذا الشكل من اليسر الذي نتصوره في دولة مركزية تسيطر حكومتها المركزية على كل أجهزة الدولة وقطاعاتها.

            ليس معنى أن معاوية يبايع أو يأخذ البيعة لخليفة في المدينة أن جيشاً في الحكومة المركزية سوف يدخل الشام وان هناك ارتباطاً عسكرياً حقيقياً سوف يوجد بين الشام وبين الحكومة المركزية وإنما يبقى هذا الوالي بعد اخذ البيعة همزة الوصل الحقيقية بين هذا البلد وبين الحكومة المركزية لضعف مستوى الحكومة المركزية وقتئذ من ناحية، ومن ناحية أخرى لترسخ معاوية في الشام بالخصوص لأن الشام لم تعرف حاكماً مسلماً قبل معاوية وقبل أخي معاوية ومنذ دشن الشام حياته الإسلامية فإنما دشنها على يد أولاد أبي سفيان إذن ترسخ معاوية من الناحية التاريخية والصلاحيات الاستثنائية التي أعطيت له من قبل عمر بن الخطاب في أن ينشئ له سلطنة وملكية في الشام بدعوى أن هذا يكون مظهر عز وجلال للإسلام في مقابل دولة القياصرة.

            هذه الصلاحيات الاستثنائية التي أخذها معاوية من عمر بن الخطاب لأجل إنشاء مظاهر مستقلة في الشام، لا تشبه الوضع السياسي في الدولة الإسلامية في باقي الأقاليم وهذا مما رسخ نوعاً من الانفصالية في الشام عن باقي أجزاء جسم الدولة الإسلامية.

            ثم الصلاحيات التي أخذها بعد هذا من عثمان بن عفان حينما تولى الخلافة، وحينما شعر بأنه قادر على أن يستهتر بشكل مطلق بالأمر والنهي، بحيث لم يبق طيلة مدة خلافة عثمان أي ارتباط حقيقي بين الشام والمدينة وإنما كان هو الآمر والناهي في الشام مما جعل الشام يعيش حالة شبه انفصالية في الواقع وان لم تكن انفصالية بحسب العرف الدستوري للدولة الإسلامية وقتئذ، وهذا مما يعقد الموقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) ويجعل نقطة القوة التي يحصل عليها وهي مجرد البيعة في الأيام الأولى نقطة غير حاسمة بينما إذا أراد بعد هذا أن يعزل معاوية فبامكان معاوية أن يثير - إلى جانب وجوده المادي القوي المترسخ في الشام ـ الشبهات على المستوى التشريعي والإسلامي.

            لماذا يعزلني؟

            ماذا صدر مني حتى يعزلني بعد أن اعترف باني حاكم عادل صالح لإدارة شؤون المسلمين؟

            ما الذي طرأ وما الذي تجدد؟

            مثل هذا الكلام كان بامكان معاوية أن يوجهه حينئذ إلى الإمام (عليه السلام) ولم يكن للإمام (عليه السلام) أن يعطي جواباً مقنعاً للرأي العام الإسلامي وقتئذ على مثل هذه الشبهة.

            بينما حين يعزله من البداية يعزله على أساس انه يؤمن بعدم صلاحيته، وبأنه لا تتوفر فيه الشروط اللازمة في الحاكم الإسلامي، وهو لا يتحمل مسؤولية وجوده كحاكم، في الفترة السابقة التي عاشها معاوية حاكماً من قبل عثمان أو من قبل عمر بن الخطاب.

            النقطة السابعة: التي لا بد من الالتفات إليها في هذا المجال هي: أن هذه الشبهة تفترض أن معاوية بن أبي سفيان لو أن الإمام (عليه السلام) أمضى حاكميته وأمضى ولايته لبايعه ولأعطى نقطة القوة هذه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولكن لا يوجد في الدلائل والقرائن التي كانت تكتنف موقف الإمام (عليه السلام) ما يوحي بصحة هذا الافتراض، فان معاوية لم يعص علياً لأجل انه عزل عن الولاية، وإنما كان ذلك في اكبر الظن جزءاً من مخطط لمؤامرة طويلة الأمد للأموية على الإسلام، الأموية كانت تريد أن تنهب مكاسب الإسلام بالتدريج هذا النهب الذي عبر عنه بأقسى صورة أبو سفيان حينما ركل قبر حمزة رضوان اللّه عليه بقدمه وهو يقول: إن هذا الدين الذي قاتلتمونا عليه، هذا الدين الذي بذلتم دماءكم في سبيله، وضحيتم في سبيله قوموا واقعدوا وانظروا كيف أصبح كرة في يد صبياننا وأطفالنا.

            كان الشرف الأموي يريد أن يقتنص وان ينهب مكاسب البناء الإسلامي والوجود الإسلامي، وكانت هذه المؤامرة تنفذ على مستويات وكانت المرحلة الأولى من هذه المؤامرة ترسخ الأخوين في الشام يزيد بن أبي سفيان ثم معاوية بعد يزيد بن أبي سفيان بعد يزيد. ومحاولة استقطاب معاوية للشام، عن طريق بقائه هذه المدة الطويلة فيها.

            ثم كان معاوية بن أبي سفيان بنفسه، ينتظر الفرصة الذهبية التي يتيحها مقتل عثمان بن عفان هذه الفرصة الذهبية التي تعطيه سلاحاً غير منتظر يمكن أن يمسكه ويدخل به إلى الميدان.. ولهذا تباطأ عن نصرة عثمان بن عفان كان عثمان يستنصره ويستصرخه ويؤكد له انه يعيش لحظات الخطر ولكن معاوية كان يتلكأ في إنقاذه وكان معاوية ـ على أقل تقدير ـ قادراً على أن يؤخر هذا المصير المحتوم بعثمان إلى مدة أطول لو انه وقف موقفا ايجابياً حقيقياً في نصرة عثمان بن عفان إلا انه تلكأ وتلعثم وكان يخطط لكي يبقى هذا التيار كاسحاً ولكي يخرج عثمان بن عفان على يد المسلمين ميتاً ثم بعد هذا لكي يأتي ويمسك بزمام هذا السلاح ولكي يقول أنا ابن عم الخليفة المقتول ومن المعلوم أن معاوية سوف لن يتاح له في كل يوم، أن يكون ابن عم الخليفة المقتول، فهذه الفرصة الذهبية التي كانت على مستوى الأطماع والآمال الأموية لنهب كل مكاسب الإسلام هذه الفرصة الذهبية لم يكن من المظنون أن معاوية سوف يغيرها عن طريق الاكتفاء بولاية الشام، ولاية الشام كانت مرحلة أما منذ قتل عثمان بدأ معاوية في نهب كل الوجود الإسلامي، وتزعم كل هذا الوجود وكان هذا يعني أن تعيينه أو إبقاءه والياً على الشام سوف لن يكون على مستوى أطماعه في المرحلة الأولى التي بدأت بمقتل عثمان بن عفان من مراحل المؤامرة الأموية على الإسلام.

            وأخيراً لا بد من الالتفات أيضاً إلى شيء آخر: هو أن الوضع الذي كان يعيشه الإمام (عليه السلام) في ملاحظة طبيعة الأمة في ذلك الوضع، وطبيعة الإمام (عليه السلام) في ذلك الوضع، لم يكن ليوحي بالاعتقاد بالعجز عن أمكان النجاح لعملية التغيير دون مساومة.

            ومن الواضح أن الفكرة الفقهية عن توقف الواجب الأهم على المقدمة المحرمة، إنما تكون فيما إذا كان هناك توقف بالفعل، بحيث يحرز أن هذا الواجب الأهم لا يمكن التوصل إليه إلا عن طريق هذه المقدمة المحرمة، والظروف وطبيعية الأشياء وقتئذ لم تكن توحي، ولم تكن تؤدي إلى اليقين بمثل هذا التوقف.

            وذلك لأن المؤامرة التي كان علي (عليه السلام) قد اضطلع بمسؤولية إحباطها حينما تولى الحكم لم تكن قد نجحت بعد بل كانت الأمة في يوم قريب سابق على يوم مقتل عثمان قد عبرت تعبيراً معاكساً مضاداً لواقع هذه المؤامرة ولمضمون هذه المؤامرة.

            هذه المؤامرة صحيح إنها تمتد بجذورها إلى أمد طويل قبل هذا التاريخ، المؤامرة على وجود الأمة الإسلامية فإن الأمة الإسلامية التي سهر عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) على إعطائها اصالتها وشخصيتها وكرامتها ووجودها، حتى كان قد الزم نفسه والزمه ربه بالشورى والتشاور مع المسلمين لأجل تربية المسلمين تربية نفسية وإعدادهم لا تحمل مسؤولياتهم وإشعارهم بأنهم هم الأمة التي يجب أن تتحمل مسؤوليات هذه الرسالة خلفها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي تعيش هذه الروحية وتعيش على هذا المستوى عاطفياً ونفسياً، وبدأت جذور المؤامرة للقضاء على وجود الأمة كافة وتحويل الوجود إلى السلطان والحاكم.

            أول جذر من جذور هذه المؤامرة أعطي كمفهوم في السقيفة حينما قال احد المتكلمين فيها من ينازعنا سلطان محمد.

            والسقيفة وان كانت بمظهرها اعترافاً بوجود الأمة لأن الأمة تريد أن تتشاور في أمر تعيين الحاكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن المفهوم الذي أعطي في السقيفة والذي كتب له أن ينجح يوم السقيفة، وان يمتد بأثره بعد ذلك بعد يوم السقيفة هذه، المفهوم كان بحد ذاته ينكر وجود الأمة.

            كان ينظر إلى النبوة على إنها سلطان قريش إنها سلطان عشيرة معينة وهذه العشيرة المعينة هي التي يجب أن تحكم وان تسود، نظرية مالكية العشيرة، التي تتحدى وجود الأمة، وتنكر عليها إصالتها ووجودها وشخصيتها، هذه النظرية طرحت كمفهوم في السقيفة ثم بعد هذا امتدت واتسعت عملياً ونظرياً.

            عمر بن الخطاب كان أيضاً يعمق بشكل آخر هذا المفهوم.

            في مرة من المرات سمع عمر بن الخطاب أن المسلمين يتحلقون حلقاً حلقاً، ويتكلمون في أن أمير المؤمنين إذا أصيب بشيء فمن يحكم المسلمين بعد عمر؟

            المسلمون أناس يحملون همّ التجربة هّم المجتمع همّ الأمة تطبيقاً لفكرة: إن كل مسلم يحمل الهموم الكبيرة يفكرون في أن عمر بن الخطاب حينما يموت، من الذي يحكم المسلمين؟

            هذا تعبير عن وجود الأمة في الميدان.

            انزعج عمر بن الخطاب جدّاً لهذا التعبير عن وجود الأمة. لأنه يعرف أن وجود الأمة في الميدان معناه وجود علي (عليه السلام) في الميدان، معناه وجود الخط المعارض في الميدان، كلما نمت الأمة كلما تأصل وجودها أكثر واكتسبت أرادتها ووعيها بدرجة أعمق كلما كان علي هو الأقدر وهو الأكفأ لممارسة عملية الحكم، لهذا صعد على المنبر وقال ما مضمونه: أن أقواماً يقولون ماذا ومن يحكم بعد أمير المؤمنين...؟ ألا أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه المسلمين شرها.

            يعني ماذا يريد أن يقول في هذا الكلام يريد أن يقول في هذا الكلام بان المسلمين لا يجوز أن يعودوا مرة أخرى إلى التفكير المستقل في انتخاب شخص وإنما الشخص يجب أن يعين لهم من أعلى. لكن لم يستطع ولم يجرأ أن يبين هذا المفهوم والا هو في نفسه كان هكذا يرى...

            كان يرى أن الأمة يجب أن تستمع منه هو يعين من أعلى هذا الحاكم، لا أن الأمة نفسها تفكر في تعيين هذا الحاكم كما فكرت مثلاً عقيب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان ذلك فلتة وقى الله المسلمين شرها، والأمة يجب ألا تعود إلى هذه الفلتة مرة أخرى.

            إذن فما هذا البديل؟ هذا البديل لم يبرزه لكن البديل كان في نفسه هو إني أنا يجب أن أعين هذا أيضاً، كان استمرارية لجذور المؤامرة وبعد هذا عبر عن هذا البديل بكل صراحة وهو على فراش الموت، وحينما طلب منه المتملقون أن يوصي وألا يهمل أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، حينما طلبوا منه ذلك عبر عن هذا البديل بكل صراحة فأسند الأمر إلى ستة أيضاً كان فيه نوع من التحفظ لأنه لم يعين واحداً وحيداً لا شريك له وإنما عين ستة كأنه يريد أن يقول: بأني أعطيت درجة من المشاركة للامة عن طريق إني أسندت الأمر إلى ستة هم يعينون فيما بينهم واحداً منهم.

            انظروا كيف كانت المؤامرة على الأمة تنفذ بالتدريج.

            كانت المؤامرة على وجودها على كيانها على إرادتها كأمة.. تحمل اشرف رسالات السماء.

            طبعاً عبد الرحمن بن عوف الذي كان قطب الرحى في هؤلاء الستة أيضاً لم يستطع في تلك المرحلة أن يطفئ دور الأمة لم يحل المشكلة عن طريق التفاوض فيما بين هؤلاء الستة، في اجتماع مغلق وإنما ذهب يستشير الأمة ويسأل المسلمين من الذي ترشحونه من هؤلاء الستة؟ إلى هنا كانت الأمة لا تزال تحتفظ بدرجة كبيرة من وجودها بحيث إن عمر بن الخطاب لم يستطع أن يغفل وجود الأمة يسأل هذا ويسأل ذاك من تريدون من هؤلاء الستة؟ يقول ما سألت عربياً إلا وقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وما سألت قرشياً إلا وقال عثمان بن عفان يعني جماهير المسلمين كانت تقول علي بن إبي طالب (عليه السلام) وعشيرة واحدة معينة كانت تريد أن تنهب الحكم من الأمة كانت تقول عثمان لان عثمان بن عفان كان تكريساً لعملية النهب بينما علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان تعبيراً وتأكيداً لوجود الأمة في الميدان، ولهذا أرادته الأمة، وأرادت العشيرة عثمان.

            ثم بعد هذا جاء عثمان بن عفان وفي دور عثمان بن عفان تكشفت المؤامرة أكثر فأكثر وامتدت أكثر فأكثر.

            أصبحت العشيرة تحكم وتقول بكل صراحة بان المال مالنا والخراج خراجنا والأرض أرضنا إن شئنا أعطينا للآخرين وان شئنا حرمناهم.

            لكن هذا كلام يقال خارج نطاق الدستور، أما في نطاق الدستور كانت لا تزال الصيغة الإسلامية وهي أن المال مال الله والناس سواسية المسلمون كلهم عبيد الله لا فرق بين قرشيهم وعربيهم وبين عربيهم واعجميهم بين أي مسلم وأي مسلم آخر، هذه كانت الصيغة الدستورية حتى في عهد عثمان لكن هذا الوالي الأموي المتغطرس أو ذاك الأموي المتعجرف أو هذا الأموي المستعجل والمتهور كان ينطق بواقع آخر لا يعبر عن الدستور حيث ينظر إلى الأمة على إنها قطيع يتحكم فيه كيف يشاء، وعلى إن ارض الإسلام مزرعة ينتفع بخيراتها من يشاء هو ويحرم من خيراتها من شاء ولكن منطق الدستور الإسلامي كان هو المتحذر في نفوس أبناء الأمة هذا المنطق هو إن ارض السواد ملك الأمة وان الأمة هي صاحبة الرأي فهي القائدة وهي سيدة الموقف وهذا يعني إن المؤامرة لا تزال غير ناجحة بالرغم من الجذور بالرغم من المقدمات بالرغم من الإرهاصات النظرية والعملية بالرغم من كل ذلك المؤامرة لم تكن ناجحة الأمة كانت هي الأمة، الأمة كانت تأتي إلى عثمان وتقول: لا نريد هذا الوالي لان هذا الوالي منحرف، منحرف لا يطبق كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ولم يكن يستطيع عثمان بن عفان أن يجيب بصراحة ويقول ليس لك إرادة، هذا الوالي يمثلني أنا، وأنا الحاكم، أنا الحاكم المطلق لم يكن يستطيع عثمان بن عفان أن يقول هذا وإنما كان يعتذر ويقيل ويرجع وهكذا كان يناور مع الأمة يشتغل بمناورات من هذا القبيل مع هذه الأمة التي بدأت تحس بالخطر على وجودها فعبرت الأمة تعبيراً ثورياً عن وجودها وعن كرامتها فقتلت هذا الخليفة وبعدها اتجهت طبيعياً إلى الإمام (عليه السلام) لكي يعبر من جديد عن وجودها لكي يحبط المؤامرة لكي يعيد إلى هذه الأمة كل كرامتها خارج نطاق الدستور وداخل نطاق الدستور لكي يقضي على كل انحراف خرج به الحكام عن الدستور عن الصيغة الإسلامية للحياة.

            فمن هنا كانت القضية لا تزال في بدايتها لا تزال الأمة هي الأمة لا تزال بحسب مظهرها على اقل تقدير هي تلك الأمة التي قتلت الحاكم في سبيل الحفاظ على وجودها وعلي (عليه السلام) صاحب الطاقات الكبيرة هو الشخص الوحيد الذي يؤمل فيه أن يصفي عملية الانحراف.

            فالظروف والملابسات لم تكن تؤدي إلى يأس... كانت تؤدي إلى أمل وما وقع خارجاً خلال هذه الأربع سنوات كان يؤكد هذا الأمل فان علياً (عليه السلام) لولا معاكسات جانبية لم تكن تنبع من حقيقة المشاكل الكبرى في المجتمع، لاستطاع أن يسيطر على الموقف.

            لولا مسألة التحكيم مثلاً، لولا أن شعاراً معيناً طرح من قبل معاوية هذا الشعار الذي انعكس بفهم خاطئ عند جماعة معينة في جيش الإمام (عليه السلام) لولا هذا لكان بينه وبين قتل معاوية وتصفيته بضعة أمتار.

            إذن كان الأمل في أن علياً (عليه السلام) يمكنه أن يحقق الهدف ويعيد للامة وجودها من دون حاجة إلى المساومات وأنصاف الحلول كان هذا الأمل أملاً معقولاً وكبيراً ولهذا لم يكن هناك مجوز لارتكاب أنصاف الحلول والمساومات.

            ولكن هذا الأمل قد خاب كما قلنا. انتهى آخر أمل حقيقي في هذه التصفية حينما خر هذا الإمام (عليه السلام) العظيم صريعاً في مسجده صلوات الله عليه وانتهى آخر أمل في هذه التصفية وقدر للمؤامرة على وجود الأمة أن تنجح وان تؤتي مفعولها كاملاً.

            غير إن الإمام (عليه السلام) حينما فتح عينيه في تلك اللحظة العصيبة ورأى الحسن (عليه السلام) وهو يبكي ويشعر ويحس ويدرك بان وفاة أبيه هي وفاة لكل هذه الآمال أراد أن ينبهه إلى إن الخط لا يزال باقياً والى أن التكليف لا يزال مستمراً وان نجاح المؤامرة لا يعني أن نلقي السلاح.

            نعم المؤامرة يا ولدي نجحت ولهذا سوف تشردون وسوف تقتلون ولكن هذا لا يعني أن المعركة انتهت يجب أن تقاوم حتى تقتل مسموماً، ويجب أن يقاوم أخوك حتى يقتل بالسيف شهيداً ولا بد أن يستمر الخط حتى بعد أن سرق من الأمة وجودها لان محاولة استرجاع الوجود إذا بقيت في الأمة فسوف يبقى هناك نفس في الأمة سوف يبقى هناك ما يحصن الأمة ضد التميع والذوبان.

            الأمة حينما تتنازل عن هذه الإرادة والشخصية لجبار من الجبابرة حينئذ تكون عرضة للذوبان والتميع في أتون أي فرعون من الفراعنة.

            لكن إذا بقي لدى الأمة محاولة استرجاع هذا الوجود باستمرار هذه المحاولة التي يحاولها خط علي (عليه السلام) ومدرسة علي (عليه السلام) والشهداء والصديقون من أبناء علي (عليه السلام) وشيعته إذا بقيت هذه المحاولة فسوف يبقى مع هذه المحاولة أمل في أن تسترجع الأمة وجودها وعلى اقل تقدير سوف تحقق هذه المحاولة كسباً آنياً باستمرار وهو تحصين الأمة ضد التميع والذوبان المطلق في إرادة ذلك الحاكم وفي إطار ذلك الحاكم.

            وهذا ما وقع.

            أسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من أنصاره وشيعته والسائرين في خطه والمساهمين في هذه المحاولات.


            تعليق


            • #21
              قال رسول الله صلى الله عليه و آله :إن القرآن أربعة ارباع , فربع فينا أهل البيت خاصة .. و إن الله أنزل في علي كرائم القرآن .
              شواهد التنزيل ج1 ص 42 43
              قال بن عباس : نزل في علي أكثر من ثلاثمائة آية0 ينابيع المودة ص 126
              روى الحافظ سليمان إبراهيم ا لقندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة قال : و في الدر المنظم لأبن طلحة الحلبي الشافعي أعلم أن جميع اسرار الكتب السماوية في القرآن و جميع ما في القرآن في الفاتحة و جميع ما في الفاتحة في البسملة و جميع ما في البسملة في باء البسملة و جميع ما في باء البسملة في النقطة التي هي تحت الباء .
              ثم قال قال الإمام علي كرم الله وجهه أنا النقطة التي تحت الباء . بنابيع المودة ص 69
              و أخرج الحافظ القندوزي عن الحكيم الترمذي في شرح الرسالة الموسومة ب الفتح المبين قال بن عباس يشرح لنا علي نقطة الباء من بسم الله الرحمن الرحيم ليلة فانفلق عمود الصبح و هوه بعدلم يفرغ ينابيع المودة ص 70
              اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ الفاتحة 6
              روى الثعلبي في كشف البيان في تفسير القرآن قال مسلم بن حيان سمعت أبا بريدة يقول صراط محمد و آله و قد أخرج هذا المعنى الكثير منهم أبو بكر الشافعي في رشفة الصادي ص 25 و القندوزي ينابيع المودة ص 114
              صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ الفاتحة 7
              أخرج الحافظ الحسكاني الحنفي في شواهد التنزيل قال النبي و من معه علي بن أبي طالب و شيعته
              هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ البقرة 2عن بن عباس في قوله تعالى ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ يعني لا شك في انه من عند الله نزل هدى يعني بيانا و نورا للمتقين علي بن أبي طالب الذي لم يشرك بالله طرفة عين اتقى الشرك و عبادة الأوثان و أخلص لله العبادة يبعث إلى الجنة بغير حساب هو و شيعته شواهد التنزيل ج1 ص67
              وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ البقرة 3
              أخرج علامة الحنفية الترمذي المعروف بالكشفي إنها نزلت في علي كرم الله و حهه المناقب للمير كشفي الحنفي
              أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ البقرة 5
              أخرج الحسكاني الحنفي قال رسول الله ص يا سلمان هذا – مشيرا لعلي – و حزبه هم المفلحون يوم القيامة شواهد التنزيل ج1 69
              فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ البقرة 37
              عن ابن عباس قال شئل النبي ص عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال ص شأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا ما تبت علي فتاب عليه . مناقب علي ابن ابي طالب ص 63 لابن المغازلي الشافعي و الدر المنثور للسيوطي الشافعي ج 1 ص 60
              وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ البقرة 43
              عن ابن عباس قالنزلت في رسول الله ص و في علي بن أبي طالب خاصة و هما أول من صلى و ركع . و نقله الترمذي الحنفي و المحدث الحنبلي و ابن مردوية و الناقب للكشفي الباب الأول .
              وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ البقرة 45
              عن ابن عباس قال الخاشع الذليل في صلاته القبل عليها يعتي رسول الله و علياًً شواهد التنزيل ج 1 ص 89
              قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ البقرة 124عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ص فانتهت الدعوة إلي و إلى علي لم يسجد احدنا إلى صنم قط فاتخذني نبياً و اتخذ علي وصياً.
              مناقب علي بن أبي طالب ص 276 لابن المغازلي الشافعي و مناقب مرتضوي للترمذي الكشفي .
              قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ البقرة 142 عن حذ يفة قال : قال رسول الله ص وإن تولوا علياً تجده هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم شواهد التنزيل ج1 ص 63 64 .
              وللآيات بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد.


              نقلا عن احد المواقع المواليه

              تعليق


              • #22
                الإمام علي بن أبي طالب بين حقوق الإنسان وواجباته


                السيد محمد تقي الحكيم

                بسم الله الرحمن الرحيم



                تحدث الاخلاقيون المحدثون عن الجوانب العملية من الأخلاق فقسموها إلى قسمين: دعوا الأول منها بالحقوق، والآخر بالواجبات، واعتبروا القيمة الخلقية التي يتفاوت بها الناس هي مدى إيمان الفرد والتزامه بالحدود المفروضة بحكمها له أو عليه.

                وعرّفوا الحق: بما استحقه الإنسان على نفسه أو مجتمعه، وكان له أعماله أو المطالبة به، والواجب عليه تأديته لنفسه أو لخالقه أو لمجتمعه.

                وقد قابلوا بين الحق والواجب فقالوا: ما من حق إلا ومعه واجب، بل واجبان، واجب على الفرد وآخر على مجتمعه.

                أما واجبه فأن يقصر استعماله على ما لا يستوجب الإضرار بالغير، وأما واجب مجتمعه فأن يحترم له هذا الحق، ويصونه له ما دام لا يتنافى مع مصلحته العامة.

                وقد جاء في نهج الإمام ما يشير إلى هذا التقابل بين الحقوق والواجبات حيث يقول: (... فالحق أوسع الأشياء في التواصف، واضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه، وتوسعا بما هو من المزيد من أهله...

                ثم قال: (... ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها، ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض...).

                فالإمام هنا يقابل بين الحق والواجب بمحتواهما السابقين ويقول: لو كان هناك حق من دون واجب لاستأثر به الله، ولكنه - جلت قدرته - أبى إلا أن يجعل في مقابل ما أوجبه على عباده من حقوقه حقا لهم عليه، ثم اعتبر حقوق الناس بعضهم على بعض بما يقابلها من واجبات من صميم التشريع، فنسبها إلى الله تعالى بقوله: (ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا لبعض الناس على بعض...).

                وما دمنا في مجال المقارنة بين الحقوق الموضوعة للإنسان وما يقابلها لدى الإمام، فلنأخذ هذه الحقوق في أواخر مراحلها التطورية، ولنعتمد ما جاء في وثيقة حقوق الإنسان، كما شرعتها الهيئة الدولية، وأقرتها - قبل سنوات - بعد مناقشات واسعة، فهي آخر ما وصلت إليه هذه الحقوق من تكثّر وسمو.

                ولقد رجعت إلى هذه الوثيقة واستقصيت ما جاء فيها من حقوق وواجبات، فرأيتها تعود في مهماتها إلى ستة حقوق هي:


                حق الحياة

                حق الحرية

                حق التملك

                حق التعليم

                حق الاشتراك في إدارة الدولة

                حق العدالة

                حق الحياة


                وهذا الحق - وهو حق أن يحيا الإنسان ما دامت فيه قابلية للحياة - مكفول في الشريعة الإسلامية على ارفع صوره.

                وإذا تم ما قالوه في تحديد الحق، وقلنا بمقتضاه: إن لصاحبه أن يتمتع به، أو يتخلى عنه، حسب اختياره، فان الإسلام لا يعتبره حقا، بل يعتبره من قبيل الواجبات، فهو لا يسيغ لصاحبه أن يعمد إلى إزالة حياته بيده بصريح قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (سورة البقرة: 195).

                كما لا يسيغ للمجتمع أو الدولة ذلك، اللهم إلا في حالات يستثنيها الإسلام، كتعدي صاحبها على الآخرين بإزهاق حياتهم (ولكم في القصاص حياة) (سورة البقرة: 179).

                أو توقف حياة المجموعة التي ينتمي إليها، أو المثل التي يدين بها على ذلك.

                وبهذا شرع الجهاد والدفاع عن العقيدة والمبادئ والوطن.

                أما الإجراءات التعسفية التي يقوم بها بعض الحاكمين لتركيز سلطانهم في الحكم، فالإسلام يأباها أشد الإباء، وكلام الإمام في ذلك صريح، يقول في كتابه إلى أحد عماله: (فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فان ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله. ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد...).


                حق الحرية :

                والحرية - ومن حقها أن نعطيها أهمية في البحث، ونطيل فيها الحديث; لملامستها لعواطف الجمهور; ولأنها من المفاهيم التي أسيء استعمالها في عصورنا المحدثة - هذه الحرية كانت من اعظم ما آمن به الإمام وكفله.

                تقول وثيقة حقوق الإنسان: (إن جميع البشر مولودون أحرارا، ومتساوون في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا العقل والضمير، وعليهم أن يعملوا تجاه بعضهم بعضا بروح الاخوة).

                هذا النص مستل من لائحة حقوق الإنسان في آخر تشريعاتها، تأكيد على ناحيتين مهمتين ترتبطان بالحرية حقا وواجبا.


                أولهما: أنها تولد مع الإنسان، ويولد معها التساوي في الكرامة.


                ثانيهما: النص على ضرورة التعامل مع الناس بروح الاخوة كواجب لصيانة هذه الحرية وحفظها عن الفوضى بالتعدي على الآخرين.


                وقد يكون من مفاخر الإنسان أن تجد هذين المضمونين مؤكدين بلسان إمام المسلمين علي في اكثر من موضع من نهجه الخالد فيقول: (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا).

                والجعل هنا بمعنى الخلق فهو يقول له: الحرية خلقت فيك منذ خلقك الله، وهي هبة الله فلا تبددها بالخضوع والعبودية لغيرك.

                ويقول في وصيته لولده الإمام الحسن في التأكيد على الناحية الثانية: (يا بني اجعل نفسك ميزانا في ما بينك وبين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تُظلم، واحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك...).

                وهو مع اشتماله على جوهر ما ورد في النص السابق يفوقه بإلزام الشخص بمعاملة غيره معاملة النفس، وهي مرحلة أكد من مرحلة الاخوة واهم.

                وقد وضع مخططات لذلك التعامل في قسم من مأثوراته كقوله (عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه).

                وقوله: (ازجر المسيء بثواب المحسن"، وهو لون من العتاب والرد والزجر يكاد ينفرد به الإمام وقد استوعب شعور الإمام بالحرية المطلقة جملة مشاعره، فكان حرا حتى في شعوره بالعبودية لخالقه، فهو لا يعبده إلا عبادة الأحرار، وذلك قوله في تقسيم العبادة، ثم اختياره منها لما يلتئم ونفسيته الحرة: (إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار).

                وفي مناجاته: (الهي ما عبدتك شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من نارك، بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك).

                فهو يأبى على نفسه أن تتاجر في عبادتها، أو تخضع خضوع العبيد من خوف أو رهبة.، وإنما يريد لها أن لا تعبد إلا عبادة الأحرار، عبادة عرفان الجميل، وإعطاء كل ذي حق حقه، ومن حق الله أن يُعبد لأنه أهل للعبادة.

                وما دمنا قد وضعنا لائحة حقوق الإنسان أمامنا فلنسايرها في تقسيمها أنواع الحرية، ونلتمس واقع الإمام في ضوء هذه التقسيمات كمثل يحقق مفهوم الحرية بأرفع صورها.

                والحرية في هذه اللائحة ذات شُعب يخص بعضها حرية الدين والعقيدة، وبعضها حرية الرأي والتفكير، وثالثة حرية التعبير، ورابعة حرية التنقل واختيار البلد، وخامسة حرية العمل، ولكل من هذه الشُعب حديث في سلوك الإمام وسيرته وفي ما اثر عنه من بليغ القول.

                أما حرية الدين والعقيدة فهي من أهم أسس الإسلام ومبادئه، وقد تغلغلت - كغيرها من مبادئه - في أعماق الإمام، وما جاء في دستور الإسلام الخالد صريح في ذلك. (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (سورة البقرة: 256) وقد كان للإمام يد في نشر هذه المبادئ. وحرية التفكير وهي عملية داخلية طبيعية، ما ادري ما دفع مشرعي الوثيقة إلى ذكرها في الحقوق في مقابل حرية التعبير، مع إنها لا تحتاج إلى حماية خارجية بأمثال هذه اللائحة، وكان يمكن أن يكتفي بضمان الحرية للتعبير بمختلف ما له من الأساليب عن ذكرهما كحقين مستقلين.

                وما يقال عن التفكير يقال عن الرأي، وعن الدين، في القسم النظري منه، ومهما يكن فماذا يراد من حرية التعبير عن ذلك كله؟ يراد بالطبع حرية إبراز الفكرة أو الرأي والعقيدة بمختلف أساليب الإبراز، سواء في المجتمعات العامة أم الخاصة، وافقت الحكم القائم أم صادمته.

                وهذا الجانب منها ربما يكون من أهم جوانبها، أن لم تلتق جوانبها على اختلافها فيه.

                وقد قدر للإمام أن يمارس هذه الحرية محكوماً وحاكماً، فكان في الحالين من ارفع الأمثلة لذلك بما ضرب من الأمثال العالية للشعور بما تدعو إليه من مسؤوليات، مارسها قبل الحكم، حين دعي إلى البيعة بعد رسول الله، وهو يؤمن بأن الخلافة حق من حقوقه، جعلها له رسول الله بمشهد من عامة المسلمين يوم (غدير خم); وذلك حين نزل عليه الوحي آمراً، ومحذراً، وعاصماً له من الناس بآية: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (سورة المائدة: 67).

                فاستوقف النبي له جماهير المسلمين وخطبهم خطبته المعروفة ثم قال: (ألست أولى بكم من أنفسكم - وكأنه يشير إلى الحق المجعول له بآية: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (سورة الأحزاب: 6) - حتى إذا صدّقوا وأمنوا على كلامه، اصدر بلاغه العام في ذلك مدوياً: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وانصر من نصره، واحب من احبه، وابغض من ابغضه).

                ومن هذا الحق الصريح لم يجد بداً من إعلان معارضته للوضع القائم بالامتناع عن البيعة، واستعمال حقه في حرية المعارضة على أتمه.

                وحين شاهد - وهو يشعر بمدى مسؤولية ما يقوم به - بعض الانتهازيين حاولوا الاستفادة من معارضته بإحداث ثورة داخلية لقلب نظام الحكم، وإعلانها حرباً على الإسلام نفسه، وان إصراره على استعمال حقه في المعارضة سيكون عوناً لهم على ذلك، أعلن تجميد هذا الحق، وسارع إلى البيعة لإحباط المؤامرة في مهدها، وهو بعد مصر على أن الحق له، فها هو يشرح لأهل الكوفة الأسباب التي دعته إلى البيعة مع ما عُرف به من المعارضة:

                (فلما مضى تنازع المسلمون الأمر من بعده. فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي، أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته، ولا انهم منحوه عني من بعده! فما راعني إلا إنثيال الناس على فلان - يعني أبا بكر - يبايعونه، فأمسكت يدي; حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد فخشيت أن لم انصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولايتكم...).

                وكان موقفه من الخوارج - وهم اشد معارضيه، وأكثرهم إيماناً بمبدئهم - من أروع المواقف، وأكثرها تعبيراً عن صيانته لهذا الحق، فقد أباح لهم أن يسلكوا مختلف الأساليب للتعبير عن آرائهم، وكانوا يعايشونه في البلد، فتكلموا، وخطبوا، وتجمهروا، وجادلوا، وقد تجاوزوا حدود الأدب حين قال قائلهم انه: (لن يأتم به، ولن يشهد معه صلاة، ولن يأتمر بما يأمر، ولن يكون عليه سلطان).

                ومع كل ذلك فلم يعرض الإمام لهم بسوء، بل كان يجادلهم بنفسه تارة، وبابن عمه عبد الله بن عباس أخرى، حتى إذا خرجوا من الكوفة بمحض اختيارهم، وشكّلوا من أنفسهم عصابة تتعرض إلى الآخرين بالقوة لحملهم على اعتناق مبدئهم، وكان ما كان منهم من إقلاق للرأي العام، وتهديد الأمن، والتعدي على الأبرياء، أمثال قتلهم لعبد الله ابن خباب، وبقر بطن زوجته الحامل، خرج إليهم الإمام لتأديبهم، ومع ذلك لم يقاتلهم حتى قام بمحاولاته السلمية التي أرجعت كثيراً منهم إلى الطاعة والاعتراف بالخطأ.

                وكموقفه من حرية المعارضة وقف من حرية السكن والتنقل، فلم يعرض لها بحد، ولم يسمع عنه انه فرض أقامة جبرية على أحد، أو منع أحداً من التنقل من بلد إلى بلد.


                حق التملك :

                وثالث الحقوق حق التملك فردياً أو اجتماعياً، وهذا الحق مفروض في الإسلام، وربما اعتبر من ضرورياتها ما لم يتعد إلى الإضرار بالآخرين، بسلوك طرق غير مشروعة للحصول على الملكية، كالمراباة، والارتشاء، والغصب، والسرقة، وغيرها.

                أما استعماله لهذا الحق - وهو أمير المؤمنين وخازن أموالهم - فقد حدثنا عن حدوده في كتابه لعامله عثمان بن حنيف:

                (ألا وان إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمرَيْه، ومن طعمه بقرصَيْه... إلى أن يقول: فو الله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً...).

                وقد مات ولم يضع لبنة على لبنة، وربما باع سيفه ليشتري به الكساء والطعام.

                وزهده اشهر من أن نتحدث عنه. أما أسباب ذلك الزهد وبواعثه النفسية فقد كشف جانباً منها في كتابه السابق... وسنأتي عليه في موضعه.

                وقد كفل هذا الحق لرعاياه، فلم يقف دون أحد في ملكية، أو جرد أحداً منها، اللهم إلا إذا كانت غير مشروعة، فمن ذلك موقفه مع من أثرى على حساب حقوق الشعب في أيام عثمان، حيث جردهم مما يملكون من ذلك المال الحرام، وأعاده إلى الكافة.


                حق التعليم :

                وحق التعليم - كما يراه الإمام - منن حقوق الرعية على أمرائهم، وصريح قوله وهو يعد حقوق الرعية عليه: (فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم. وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كي ما تعلموا).

                وفي كتابه إلى قثم عامله: (وعلم الجاهل).

                وبالطبع يراد بالتعليم هنا: هو تعليم كل ما تحتاجه الشعوب لاستقامة حياتها، وبخاصة الدينية منها، والدين هو الدستور المطلق للدولة، فلا بد من معرفته للعمل على السير في حدوده.

                ويبدو من بعض كلمات الإمام انه كان يرى التعلم من الواجبات على الأفراد وليس من الحقوق، كما يرى وجوب تعليمهم، ففي إحدى كلماته يقول: (ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى اخذ على أهل العلم أن يعلّموا)... تأملوا كلمة ما أخذ الله على أهل الجهل فهي من محتويات الوجوب.


                حق الاشتراك في إدارة الدولة :

                والاشتراك في إدارة الدولة حق كان يراه الإمام طبيعياً لجميع أفراد الشعب، بشرط توفر مؤهلات الحكم فيهم، وكان يرى عند تقدم جماعة منهم إخضاعهم للاختبار، وتقديم أوفرهم مؤهلات، وأقدرهم على توفير العدالة للرعايا.

                وفي دستوره الخالد شرح لهذه الجوانب، ومما جاء فيه: (وان افضل قرة عين الولاة استقامة العدالة في البلاد، وظهور مودة الرعية... ثم اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم - أي لا يلج في الخصومة - ولا يتمادى في الزلّة... ثم انظر في أمور عمالك، فاستعملهم اختباراً، ولا تولهم محاباة وأثرة).

                ولهذا نظائر في النهج تراجع في مظانها في الكتب والعهود.


                حق العدالة:

                ولعل من أهم ما ورد في هذه اللائحة وأسماها وأعلقها بحاجة واقعنا إليها هي العدالة الاجتماعية بشقيها الفردي والاجتماعي.

                والمراد بالعدالة هنا: هو دفع الظلم أو رفعه عن كاهل الأفراد والجماعات.

                والظلم الجماعي له عدة معطيات لعل أهمها معطيان:


                أولهما: يرجع إلى الامتيازات الطبقية التي تحدثها عادات اجتماعية متأصلة أو أنظمة خاصة.


                ثانيهما: يرجع إلى شيوع الفقر لقلة في الإنتاج، وسوء في التوزيع، مع بقاء الوضع من قبل السلطة على حاله، وعدم تدخلها في إصلاحه.


                ولفهم هذين المعطيين وموقف الإمام منهما يحسن أن نعود إلى العصر الذي سبق عهد خلافة الإمام وننحدر برواسبه إليه، لتتجلى لنا قيمة إصلاحاته الجذرية لواقع مجتمعه.

                لا شك إن الإسلام جاء والمجتمع الجاهلي يعجّ بطبقية واسعة ذات امتيازات اجتماعية معروفة، كما يعج بعوامل انتشار الفقر بين اكثر الطبقات.

                فكان أول ما عمله أن عمد إلى ذلك التفاوت فقلص من ظلاله بما شرّع لهم من نظم، وما وضع عليهم من ضرائب، ثم عمد إلى امتيازاته فألغاها.

                وقام بعد ذلك باتخاذ إجراءات سلبية وإيجابية لها أهميتها في الحد من انتشار الفقر، ثم في التخفيف من حدة الشعور به.

                وفي عهد الخليفة الثاني نشأت في الإسلام طبقية، ولكن من لون جديد، وأساس هذه الطبقية هو القرب، والسابقة، والصحبة.

                وقد أعطيت امتيازات بعضها مادية وبعضها معنوية، ومن امتيازاتها المادية أنها شرّعت مبدأ التفاوت في العطاء، فمن اثني عشر ألف درهم وهي حصة أعلى طبقاتها إلى مائتي درهم وهي حصة أدنى الطبقات.

                ولما جاء الإمام إلى الحكم وجد نفسه مسؤولاً عن اتخاذ إجراءات حازمة للقضاء على هذا الظلم الجماعي بجميع صوره، والعودة بهم إلى التشريعات الإسلامية الأولية.

                فكانت أولى خطواته أن عمد إلى هذه الامتيازات الطبقية الجديدة على الإسلام فألغاها.

                وهنا يجب أن نؤكد إن الإمام لم يلغ الطبقية بمفهومها الاجتماعي، كما لم يلغها الإسلام من قبل، وان قلّل من تفاوتها، وقد سبق أن قلنا إن الإمام اعترف بحق الملكية للفرد، وبحق الحرية في العمل، وما دامت حرية التملك والعمل قائمتين فالطبقية حتماً موجودة، ولكن الطبقية المعتدلة ليست هي أساس الظلم، وإنما الأساس في إعطائها امتيازات في الدولة أو في البيئة الاجتماعية قد يكون من أيسر معطياته هو الشعور بالدونية لدى اكثر الطبقات.

                وقد كان الإمام صريحاً في إلغائها حين خطب أولى خطبه التي أعلن فيها منهاجه في الحكم ومما قال: (أيها الناس ألا لا يقولن رجال منكم غداً قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجّروا الأنهار، وركبوا الخيل الفارهة، واتخذوا الوصائف المرققة، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً، اذ ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا.

                ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله، يرى أن الفضل له على سواه لصحبته، فان الفضل النيّر غداً عند الله، وثوابه وأجره على الله، فانتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، ولا فضل فيه لأحد على أحد).

                وفي كلام آخر له وقد طلب إليه أن يرعى عواطف ذوي الامتيازات ليأمن غائلتهم ويضمن إخلاصهم له:

                أتأمرونني أن اطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟! والله لا أطور به - لا أقاربه - ما سمر سمير - مدى الدهر - وما أمّ - قصد - نجم في السماء نجماً! لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله!! إلا وان إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة...).

                وهذا الامتياز لم يكتف الإمام بإلغائه، بل تعدى إلى كل ما لها من امتيازات سابقة فشجبها، وأوقف مختلف الطبقات أمام النظم الإسلامية على صعيد واحد.

                وفي سبيل تحقيق هذا الجانب من عدالته الاجتماعية ما كان يأمر به عماله من المساواة بين رعاياهم، وحرمان خواصهم، وأقربائهم، من كل حق يمس هذه المساواة، فهو يكتب لأحدهم: (انصف الله وانصف الناس من نفسك، ومن خاصة اهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إن لا تفعل تظلم!! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده... وليس شيء ادعى إلى تغير نعمة الله، وتعجيل نقمته، من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد...).

                وبالطبع كان لهذه الامتيازات الطبقية رواسب نفسية في أعماق العامة تبغض لهم هذه الطبقات، كما تنفرهم من الحكام; لحمايتهم لها.

                فمن اجل علاج هذا الجانب النفسي، وتأكيد الروابط بين الرعية وحكامهم، آمر ولاته بالتحبب إليهم، والرأفة بهم، ومن ذلك قوله: (... واشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبّعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه...).

                فهو يوصيه بالتجاوز عنهم، والاغتفار لزللهم; لأنهم يؤخذون على الخطأ أخذاً.

                ويراد بالخطأ والزلل هنا: الخطأ الذي لا يستوجب حداً من حدود الله، أو حكماً شرعياً خاصاً; لما ستعرف عن الإمام من تشدده في إقامة الحدود، وعدم التسامح عنها بحال.

                والإمام في هذا الموضع لا يخص بتوصية المسلمين من رعاياه، بل يتجاوز إلى بقية المواطنين من غير المسلمين (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

                أما شيوع الفقر وهو المعطى الثاني لانتشار الظلم فقد كان له إلى كفاحه عدة طرق ربما تمشت مع احدث النظم الاقتصادية في هذا العصر.


                أولها: توفير العمل بتهيئة وسائله ومن ذلك ما جاء في دستوره الخالد: "وليكن نظرك في عمارة الأرض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج; لان ذلك لا يُدرك إلا بالعمارة.

                فإذا شاركت الدولة في أعمار الأرض فقد توفر العمل للعاملين حتماً، وبتوفره توفّر الخراج، والناس كلهم عيال عليه كما ورد عنه في هذا العهد.


                ثانيها: كفاح البطالة بالحث على العمل - بعد توفير وسائله - وما اكثر ما ورد عن الإمام في ذلك ومن بليغ أوصافه للعاملين: (قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل).


                ثالثها: توزيع الثروة توزيعاً عادلاً، سواء بين العمال وأصحاب العمل، أم بين العمال أنفسهم.


                رابعها: الضرب على التلاعب بالأسواق من قبل المستغلين والمطفّفين، ومحتكري قوت الشعب، مما يوجب أن تثري طبقة على حساب بقية الطبقات; وبخاصة الضعيفة منها.


                ومن أوامره في ذلك لعماله قوله لبعضهم: (واعلم - مع ذلك - أن في كثير منهم ضيقاً فاحشاً، وشحاً قبيحاً، واحتكاراً للمنافع، وتحكماً في البيعات، وذلك باب مضرة للعامة، وعيب على الولاة. فامنع من الاحتكار فإن رسول الله منع منه...).


                خامسها: تجريد أصحاب الملكيات غير المشروعة من ملكياتهم، وأعادتها إلى أهلها الشرعيين، ومن ذلك ما جاء في أول خطبة له: (أيها الناس إنما أنا رجل منكم لي ما لكم وعليَّ ما عليكم، إلا أن كل قطيعة اقطعها عثمان، وكل مال أعطاه عثمان من مال الله فهو مردود في بيت الله، ولو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء لرددته فان في العدل سعة فمن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق).

                وكأنه كان ينظر إلى هؤلاء ونظائرهم حين أرسل قولته الخالدة: (فما جاع فقير إلا بما متع به غني).

                وقولته: (ما رأيت نعمة موفورة إلا والى جانبها حق مضيّع).


                سادسها: منع عماله وموظفيه من الإثراء غير المشروع سواء بابتزازهم لأموال الدولة، أم ارتشائهم على حساب بعض الحقوق، وما أعسر محاسبته لعماله في ذلك.


                سابعها: رفع الضرائب عن كواهل الطبقة الضعيفة، ممن لا تملك ضرورة ما تحتاج إليه من زاد أو كساء، أو أداة عمل، ومن ذلك ما جاء في كتابه السابق: (ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف، ولا دابة يعتملون عليها...).


                وبالطبع إن هذه الإجراءات ونظائرها لا تستأصل الفقر من أساسه وإنما تعمل على تقليصه، فهناك من لا يقوى لمرض أو شيخوخة أو صغر، ولا ينهض عمله بسد حاجته لكثرة في عياله، وربما كان فيهم من يقوى على العمل ولا يتوفر لديه مجاله.

                ولمثل هؤلاء شرع الإسلام مبدأ الضمان الجماعي، وكفل لهم ذلك في أيام حكمه، ففي عهده لمالك الاشتر: (... الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤسى والزمنى - أرباب العاهات المزمنة - فان في هذه الطبقة قانعا ومعترا - سائلا ومتعرضا للعطاء بلا سؤال - واحفظ الله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسما من بيت مالك، وقسما من غلات صوافي الإسلام.. ثم يقول: وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه...).

                وقد لاحظ الإمام أن اكثر هؤلاء لا يمكن أن يصلوا إلى الولاة بحوائجهم، لما يتركه الفقر في نفوسهم من ضعف، فأمر في تشكيل لجنة لتتبعهم، ورفع أمرهم إلى المعنيين بالأمر.

                وهذا الضمان لا يتناول - بحكم الإسلام - من يتوفر لديه العلم ويقوى عليه، ثم لا يعمل حبا بالبطالة، فان أمثال هؤلاء يعتبرهم الإسلام أغنياء، ويحرمهم من هذا الضمان.

                والغني في عرفه من كان يملك قوت سنته أما بالفعل أو القوة، وهؤلاء يملكونها بالقوة لقدرتهم على العلم وتوفره لديهم.

                وهذا هو السر في قصر الإمام هذا الضمان على الأصناف التي عدها في كلامه، ليس فيها ما يشمل نظائر أولئك من الأغنياء.

                ووجود الفئات العاجزة عن العمل، وشعورهم به، لا بد وان يحدث في أعماقهم عقدا نفسية يحتاج مثلها إلى علاج.

                وكان للإمام عدة طرق في علاجها نذكر منها طريقين مهمين:


                1- تهوينه من شأن الفقر واعتباره ظاهرة طبيعية لا تنقص من وزن صاحبها، وربما رفعت قدره في أخراه.


                وكان يضرب لهم الأمثال بعظماء من البشر كأنبياء الفقراء فلو كان الفقر سبة لما اتصف به أنبياء الله.


                2- مشاركة إمامهم الوجدانية لهم، بمواساتهم في خشونة العيش، والتشبه بهم في لباسه، ومأكله، وما إلى ذلك من لوازم الفقر، وربما كان أعظم أثرا من سابقه قال: (ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز. ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة - ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع - أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى أو أكون كما قال القائل:


                وحسبــك داء أن تبيت ببطنة***وحولك أكباد تحن إلــى القد


                أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش!! فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها...).

                وأي فقير يرى هذه المشاركة من أمامه فلا تزول عن أعماقه رواسب ما تركه الفقر فيها من آثار، وهكذا عمّ في عدالته الاجتماعية جملة رعاياه؟


                تعليق


                • #23
                  الولادةُ في الكَعْبةِ المُعَظَّمَةِ

                  فَضِيلةٌ لِعَليٍّ عَليهِ السَّلام خَصَّهُ بِهَا رَبُّ البَيْتِ


                  شاكر شَبَعْ


                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الاخيار المنتجبين .
                  أما بعد : فقد حالفني الحظ في مطالعة كتاب « علي وليد الكعبة » لسماحة الشيخ الحجة الميرزا محمد علي الغروي الاردوبادي تغمده الله برحمته ، وسبرت غوره بقدر ما وسعني ذلك ، فامتلات نفسي إعجابا به وإكبارا له ، ووجدتني مندفعا لتسجيل كلمة تعرب عن مبلغ ارتياحي وابتهاجي بهذا الاثر القيم ومكانته .
                  ولم يعرني شك في أنه نفحة من نفحات أمير المؤمنين عليه السلام منحها المؤلف فاستأثر بها ، مطلقا العنان لسعة باعه وقوة بيانه المفعم بعناصر التجويد والابداع ، موقفاً الباحث على جلية حديث الولادة الميمونة ، مظهراً في أثناء ذلك مبلغ عنائه في جمع مواده .
                  ولشدة ما استهواني موضوع الكتاب بدأت أجمع استدراكات له ، تتميماً وتعضيداً ، والذي حداني إلى ذلك ثقتي بأنه قدس سره لو أمد الله في عمره لصنع مثل ما صنعت ، وبارك لي فيما كتبت ، خاصة أني اقتفيت في هذا التتميم أثره ، وسلكت منهجه .
                  وقد تجمعت لدي نصوص كثيرة من مخطوط الكتب ومطبوعها ، قديمها وحديثها ، نادرها ونفيسها ، مما كان الوصول إليه والحصول عليه في زمان الحجة المؤلف أمرا عسيرا ، ومجموع ذلك يغني لاثبات صحة الحديث ، والكشف عن اتفاق أهل العلم والفضل عليه .
                  ولكن الذين ( يحسدون الناس على ما ءاتهم الله من فضله ) لم تطاوعهم نفوسهم لقبول فضائل الامام أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذه أؤلها بما فيها من دلالات عميقة ، فحاولوا تشويهها بشتى الاساليب ، تمريرا لسياسة معاوية في التصدي لفضائل الامام علي عليه السلام ، تلك السياسة التي دبرها وعممها في مرسوم سلطاني يقول فيه :
                  برئت الذمة ممن روى شيئاً في فضل ابى تراب واهل بيته (1) .
                  ثم كتب إلى عماله في جميع الآفاق :
                  إذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الاولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه احد من المسلمين في ابى تراب ، إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب الى وأقر لعيني ، وأدحض لحجة ابي تراب وشيعته (2) .
                  قال الرواي : فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ! فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ! (3) .
                  وبهذه الجرأة والصلافة ملأوا كتبهم بالاكاذيب الكثيرة ، والفضائل المجعولة ، والاحاديث الموضوعة .
                  وحيث لم يطالوا إنكار فضيلة المولد الشريف للامام علي عليه السلام لوضوحه واشتهاره ، بل تواتره والاتفاق عليه ، عمدوا إلى وضع أسلوب آخر لاخفاء أثرها ، وهو ادعاء مثل ذلك لشخص آخر هو الصحابي حكيم بن حزام ، وروجوا لهذه المزعومة حسب الامكانات التي هيأتها لهم السلطة وأعوانها .
                  وهذه ليست أول خصوصية يحاولون سلبها عليا عليه السلام ، بل هناك غيرها كثير ، منها :
                  الحديث المتواتر المتفق على صحته : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » .
                  وضعوا قباله حديثاً واهياً هو : « أنا مدينة العلم ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها ، وعثمان سقفها ، وعلي بابها ! » (4) .
                  وحديثا آخر ، أشد وهنا ، وأظهر وضعاً ، هو : « أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، ومعاوية حلقتها ! » (5) .
                  ومنها الحديث المتواتر الثابت الآخر : « علي مني بمنزلة هارون من موسى » .
                  وضعوا قباله حديثاً يشهد متنه وسياقه بوضعه ، فضلا عن سنده ، هو : « أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى ! » (6) .
                  ومنها الحديت المتواتر الصحيح الآخر : « لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . . . » . وضعوا قباله حديثا مثيرا للضحك والسخرية والاستغراب ، هو : « لاعطين هذا الكتاب رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ! قم يا عثمان بن أبي العاص . فقام عثمان بن أبى العاص ، فدفعه إليه » ? ! (7) .
                  ويكشف عن هذا التلاعب المكشوف ، ويبين أنه كان أمرا معروفا ومألوفا ، قول لزهري في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد بن حنبل في « فضائل الصحابة » قال :
                  حدثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، قال : سألت الزهري : من كان كاتب الكتاب يوم الحديبية ؟
                  فضحك وقال : هو علي ، ولو سألت هؤلاء ـ يعني بني أمية ـ قالوا : عثمان (8) .
                  واستعراض باقي الامثلة يخرجنا عن موضوع البحث الرئيسي ، وإنما أردنا التدليل على منهج أُولئك في سلب الخصوصية ، وجرأتهم على وضع الاحاديث الواهية قبال الاحاديث السليمة .
                  هذا رغم ميل بعض العلماء إلى أن ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ليست فضيلة ولا مكرمة ، وإنما كانت اتفاقا ولم تكن قصدا ، كما ارتأى ذلك الصفوري وغيره (9) .
                  وأغرق بعضهم نزعا في الضلال ، ورمى القول على عواهنه ، متحديا ما أثبته مهرة الفن وأئمة النقل ، وأخبت كبار العلماء والمؤرخين بصحته ، ولم يكترث بأسانيده المتضافرة ، وطرقه المتصلة المعتمدة عند كل مؤالف ومخالف ، فقال :
                  « إن حكيم بن حزام ولد في جوف الكعبة ، ولا يعرف ذلك لغيره ، وأما ما روي أن عليا ولد فيها فضعيف عند العلماء » (10) ! !
                  وقد أجاد الحجة الاردوبادي في الرد عليه ، وتفنيد مزاعمه ، فراجع أواخر باب « حديث الولادة والمؤرخون » .
                  ولكن نجد رغم ذلك أن محاولتهم فيما يخص فضيلة المولد الشريف في الكعبة المعظمة باءت بالفشل (11) ، فلو رجعنا إلى مصادر الحديث لوجدنا خلالها ـ مع إثبات تلك الفضيلة للامام على عليه السلام على اليقين والجزم ـ أن من المؤلفين والعلماء والرواة من أعلن أن هذه الفضيلة مختصة بالامام عليه السلام لم يشركه فيها أحد قبله ولا بعده ، مصرحين بذلك بعبارات شتى تدل على حصر هذه الفضيلة للامام عليه السلام بضرس قاطع .
                  وإليك نصوصها : « لم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراما له بذلك وإجلالا لمحله في التعظيم » .
                  رواها الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي (ت 658 هـ ) عن الحاكم أبي عبد الله النيشابورى (321 ـ 405 هـ) (12) .
                  وقالها أيضا :
                  ـ الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ، الشيخ المفيد (ت 413) (13) .
                  ـ الحافظ يحيى بن الحسن الاسدي الحلي ، المعروف بابن البطريق ( 533 ـ 600 هـ) (14) .
                  ـ الشيخ الثبت أبو علي محمد بن الحسن الواعظ الشهيد النيسابوري ، المعروف بابن الفتال ، من علماء القرن السادس (15) .
                  ـ الشيخ الوزير بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى الاربلي (ت 693 هـ) (16) .

                  ـ الامام جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (648 ـ 726 هـ) (17) .
                  ـ السيد المحدث جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني ، المتوفى نيف وثمانمائة من الهجرة (18) .
                  ـ الشيخ المحدث الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، من أعلام القرن الثامن الهجري (19) .
                  ـ الشيخ المؤرخ النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسني ، المعروف بابن عنبة (ت 828 هـ) (20) .
                  ـ العلامة المحدث السيد ولي الله بن نعمة الله الحسيني الرضوي ، من أعلام القرن التاسع الهجري (21) .
                  ـ العالم اللغوي الشيخ فخر الدين الطريحي (979 ـ 1087 هـ) (22) .
                  ـ العلامة محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني ، من أعلام القرن الحادي عشر (23) .


                  * * * * * * *



                  « ولد بمكة في البيت الحرام ، ولم يولد قط في بيت الله تعالى مولود سواه ، لا قبله ولا بعده ، وهذه فضيلة خصه الله تعالى بها ، إجلالا لمحله ومنزلته ، وإعلاء لقدره » .

                  قالها :
                  ـ أمين الاسلام الشيخ المفسر أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 هـ) (24) .
                  ـ الحافظ محمد بن معتمد خان البدخشاني الحارثي ، من أكابر علماء العامة في القرن الثاني عشر (25) .



                  * * * * * *



                  « ولد بداخل البيت الحرام ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه ، وهي فضيلة خصه الله تعالى بها اجلالا له ، وإعلاء لمرتبته ، وإظهارا لتكرمته » .
                  قالها :
                  ـ الحافظ نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المكي المالكي (784 ـ 855 هـ) (26) .
                  وحكاها عنه :
                  ـ الفقيه المؤرخ نور الدين علي بن عبد الله الشافعي السمهودي (844 ـ 911 هـ) في « جواهر العقدين في فضل الشرفين العلم الجلي والنسب العلي » .
                  ـ الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي (975 ـ 1044 هـ) في « إنسان العيون » (27) .
                  ـ الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي ، من علماء القرن الثالث عشر (28) .



                  * * * * * *



                  « ولد في البيت الحرام ، ولا نعلم مولودا في الكعبة غيره » .
                  قالها نقيب الطالبيين الاديب الفقيه أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي ، المعروف بالشريف الرضي (359 ـ 406 هـ) (29) .



                  * * * * * *



                  « ولدته ـ أمه ـ في الكعبة ، ولا نظير له في هذه الفضيلة » .
                  قالها علم الهدى ذو المجدين علي بن الحسين الموسوي ، المعروف بالشريف المرتضى (355 ـ 436 هـ) (30) .
                  « لم يولد في الكعبة إلا على » .
                  قالها :
                  ـ الحافظ الفقيه محمد بن علي القفال الشاشي الشافعي (ت 365 هـ) (31) .
                  ـ شيخ الاسلام الحافظ المحدث إبراهيم بن محمد الجويني الشافعي (644 ـ 730 هـ) .



                  * * * * * *


                  « ولدت ـ فاطمة بنت أسد ـ عليا عليه السلام في الكعبة ، وما ولد قبله أحد فيها » .
                  نص على ذلك السيد الشريف النسابة نجم الدين أبو الحسن علي بن محمد العلوي العمري ، من علماء القرن الخامس الهجري .

                  « لقد ولد عليه السلام في بيت الله الحرام ، ولم يولد فيه أحد غيره قط » .
                  قالها الشيخ الفقيه أبو الحسين سعيد بن هبة الله ، المعروف بقطب الدين الراوندي (ت 573 هـ) (34) .



                  * * * * * *


                  « مولده عليه السلام في الكعبة المعظمة ، ولم يولد بها سواه » .
                  قالها العلامة عمر بن محمد بن عبد الواحد (35) .



                  * * * * * *


                  « . . . فالولد الطاهر ، من النسل الطاهر ، ولد في الموضع الطاهر ، فأين توجد هذه الكرامة لغيره !
                  فأشرف البقاع : الحرم ، وأشرف الحرم ، المسجد ، وأشرف بقاع المسجد : الكعبة ، ولم يولد فيه مولود سواه .
                  فالمولود فيه يكون في غاية الشرف ، فليس المولود في سيد الايام (يوم الجمعة) في الشهر الحرام ، في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السلام » .
                  قالها الحافظ المؤرخ أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني (ت 588 هـ) بعد أن ذكر عدة أحاديث في ولادة علي عليه السلام في الكعبة (36) .



                  * * * * * * *


                  « ولد في الكعبة بالحرم الشريف ، فكان شرف مكة وأصل بكة لامتيازه

                  بولادته في ذلك المقام المنيف ، فلم يسبقه أحد ولا يلحقه أحد بهذه الكرامة » .
                  قالها المحدث الجليل السيد حيدر بن علي الحسيني الآملي من علماء القرن الثامن الهجري (37) .



                  * * * * * * *


                  « كانت ولادته بالكعبة المشرفة ، وهو أؤل من ولد بها ، بل لم يعلم أن غيره ولد بها » .
                  قالها العلامة صفي الدين أحمد بن الفضل بن محمد باكثير الحضرمي الشافعي ، من أعلام القرن الحادي عشر (38) .


                  * * * * * * *



                  « ولد عليه السلام بمكة داخل الكعبة على الرخامة الحمراء ، ولم ينقل ولادة أحد قبله ولا بعده في الكعبة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء » .
                  قالها كل من :
                  ـ العالم المحدث الفقيه السيد تاج الدين بن علي بن أحمد الحسيني العاملي ، من علماء القرن الحادي عشر (39) .
                  ـ العالم الفاضل محمد بن رضا القمي ، من علماء القرن الحادي عشر (40) .



                  * * * * * * *


                  « ولادة معدن الكرامة في جوف الكعبة ، ولم يولد أحد فيها غيره ، وقد خصه الله تعالى بهذه الفضيلة ، وشرف الكعبة بهذا الشرف » .
                  قالها العلامة الفاضل محمد مبين بن محب الله بن أحمد اللكهنوي الانصاري الحنفي (ت 1225 هـ ) (41) .
                  « ولادته في مكة المكرمة في جوف بيت الله الحرام ، ولم يولد أحد غيره في هذا المكان المقدس » .
                  قالها العلامة الشيخ محمد صديق خان الحسيني البخاري القنوجي (1248 ـ 1307 هـ) (42) .



                  * * * * * * *


                  « كانت ولادته عليه السلام في جوف الكعبة ، ولم تتح هذه السعادة لائ أحد منذ بدء الخليقة إلى الغاية ، وإن لصحة هذا الخبر بين المؤرخين المتحفظين على الفضائل صيت لا تشوبه شبهة ، وتجاوز عن أن يصحبه الشك والترديد » .
                  قالها المؤرخ الشهير محمد بن خاوند شاه بن محمود (ت 903 هـ) (43) .



                  * * * * * * *


                  « من المتفق عليه أن غيره صلوات الله عليه لم يولد هناك » .
                  قالها المؤرخ العالم زين العابدين الشيرواني ، من علماء القرن الثاني عشر (44) .



                  * * * * * * *




                  يتبع..........

                  تعليق


                  • #24

                    أما الشعراء ، وخاصة العلماء منهم ، فقد زينوا شعرهم بقصائد في بيان فضائله ومناقبه عليه السلام المروية بالطرق الصحيحة المصححة المتواترة ، تخليدا لذكراه ، وأداء لبعض حقه ، وأثبتوا فيها خصوصية ولادته في الكعبة المعظمة ، ومنهم : العالم الاديب أبو الحسن علاء الدين علي بن الحسين الحلي ، من العلماء الشعراء في القرن الثامن الهجري ، يقول في قصيدة دالية طويلة :



                    ام هل ترى في العالمين بأسرهم * * * * بشرا سواه ببيـت مكـة يولد ?
                    في لـيـلة جبريل جاء بها مع * * * * الملأ الـمـقـدس حـوله يتعبد
                    فـلقد سما مجدا عليٌّ كما علا * * * * شرفا به دون البقاع المسجد (45)



                    ومنهم العالم المتكلم المحدث الفقيه المولى محمد طاهر بن محمد حسين القمي ، صاحب المؤلفات القيمة النافعة ، المتوفى سنة 1098 هـ ، في لاميته البديعة التي مطلعها :

                    سلامة القلب نحتني عن الزلل * * * * وشعلة العلم دلتني على العمل

                    إلى أن يقول :

                    طوبى له كان بيت الله مولده * * * * كمثل مولده ما كان للرسل (46)

                    ومنهم الفقيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (1033 ـ 1104 هـ) صاحب « وسائل الشيعة » ، قال في أرجوزة له في تواريخ المعصومين عليهم السلام :

                    مـولـده بمكة قد عرفا * * * * في داخل الكعبة زيدت شرفا

                    على رخامة هناك حمرا * * * * مـعروفة زادت بذاك قدرا

                    فـيا لـهـا مزية علية * * * * تـخفـض كـل رتبة علية

                    ما نالها قط نبيٌّ مرسل * * * * ولا وصـــي آخر وأول

                    ثم شرع بنظم حديث يزيد بن قعنب المشهور (47).

                    ومنهم الشيخ الفقيه حسين نجف التبريزي النجفي (1159 ـ 1251 هـ) ، حيث يقول في قصيدته الهائية :

                    جعـــل الله بيـتـه لعلي * * * * مـولداً يا له علا لا يضاهى
                    لـم يشاركه في الولادة فيه * * * * سيد الرسل لا ولا أنبياها (48)

                    ومنهم العلامة السيد علي نقي النقوي الهندي اللكهنوي في موشحة ميلادية طويلة ، منها قوله:

                    لم يكن في البيت مولود سواه * * * * إذ تعالى عن مثيل في علاه

                    اوتـي الـعـلم بتـعليم الاله * * * * فـغـذاه دره قـبل الفطام

                    يرتوي منه بأهنى مشرب (49).

                    ومنهم آية الله السيد محسن الامين (1284 ـ 1371 هـ) صاحب الموسوعة القيمة « أعيان الشيعة » ، حيث ذكر في أول باب سيرة أمير المؤمنين عليه السلام ، فصل في مولده ، من موسوعته الآنفة الذكر:

                    ولدت ببيت الله وهي فضيلة * * * * خصصت بها إذ فيك أمثالها كثر (50)

                    وله أيضا من مقصورة :

                    وولدت في البيت الحرام ولم يكن * * * * هذا لغيرك من يكون ومن مضى (51)

                    ومنهم السيد حسن بن محمود الامين ( 1299 ـ 1368 هـ).

                    في قصيدة بائية طويلة:

                    ولدت في البيت بيت الله فارتفعت * * * * أركــانه بـك فوق السبعة الحجب

                    وتـلك مـنـزلـة لم يؤتها بشر * * * * بلى ومرتبة طالت على الرتب (52)

                    ومنهم الفاضل الاديب الشيخ محمود عباس العاملي في قصيدته العلوية المسماة بـ « الدرر السنية »:

                    مـن مــثله في بيت بارئه ولد ؟ * * * * ذي خصـلة قد خص فيها مذ وجد

                    أمعن بها يــا صاح فكرا واعتمد * * * * وانظر لها النظر الصحيح ولا تحد
                    من واضح المنهاج وقيت الضرر (53)

                    والشعر في خصوصية ولادة على عليه السلام في الكعبة كثير ، التقطت منه هنا ما هو أروع إلى السمع وأوقع في القلب .



                    * * * * * * *


                    بعد هذه المقدمة لابد من خوض غمار حديث ولادة حكيم في الكعبة ، هذه المزعمة الزائفة ، والرواية المجعولة ، وإخضاعها لشيء من البحث والتحقيق والتمحيص ، لكشف زيفها وبيان وضعها ، إذ فيها الكثير مما يوجب الشك والريب في سلامتها وصحتها ، وبراءة ساحة رواتها .
                    وأول من نسبت إليه وحكيت عنه ، وأقدمهم :
                    هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، النسابة المعروف ، صاحب التآليف التي

                    نيفت على المائة والخمسين ، والمتوفى سنة أربع أو ست ومائتين ، وقيل : الاول أصح .
                    والكلبي ممن تكالب بعض علماء الجرح والتعديل من العامة على تضعيفه وترك ما رواه ، وعدم الاحتجاج به .
                    قال الدارقطني وغيره : متروك الحديث (54) .
                    وقال يحيى بن معين : غير ثقة (55) .
                    وقال السمعاني : « يروي العجائب والاخبار التي لا أصول لها . . . . أخباره في الاغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الاغراق في وصفها» (56) .
                    وهذه الاتهامات ضد الكلبي ليس لها وزن عندنا ، لانها ناشئة عن تعصب طائفي ، ومنقوضة بما يخالفها من آراء حسنة في الرجل تدل على خبرته وأمانته .
                    إلا أنا نشكك في صحة نسبة ذلك القول إليه ، وفي صدق الحكاية عنه .
                    والمتهم في التقول عليه هو روايته السكري ، فقد نسب إلى الكلبي أنه قال في « جمهرة النسب » :
                    « وحكيم بن حزام بن خويلد عاش عشرين ومائة سنة ، وكانت أمه ولدته في الكعبة » (57) .
                    وكتاب الجمهرة من أشهر كتبه ، عده كبار المؤرخين من مصنفاته ، وذكروا أن محمد بن سعد كاتب الواقدي ومصنف كتاب « الطبقات» الكبير رواه عنه مع سائر مصنفاته .
                    ولكن النسخة التي بأيدينا من كتاب الجمهرة هي برواية أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري (212 ـ 275 هـ) عن أبي جعفر محمد بن حبيب بن أمية البغدادي (ت 245 هـ) عن الكلبي .

                    وهذا خلاف ما أثبته المؤرخون كالنديم والحموي وغيرهما (58) .
                    وكان لهذا الاختلاف أثر كبير ، ودور مؤثر في متن الكتاب الاصلي .
                    فقد عمد السكري إلى دس بعض آرائه وأقواله ومروياته في متن الجمهرة ، مصدرا بعضها بـ « قال أبو سعيد » ، هاملا البعض الآخر كما قام بتحريف بعض الجمل والكلمات ، أو تبديلها بما يتلاءم وآراءه الفكرية والمذهبية .
                    وكان هذا ديدن السكري في ما يرويه من مصنفات غيره ، وهكذا صنع بكتاب « المحبر » لاستاذه وشيخه أبي جعفر محمد بن حبيب .
                    وقد تنبه لهذا الامر محققا كتاب الجمهرة والمحبر .
                    قال الدكتور ناجي حسن محقق الجمهرة في مقدمة التحقيق :
                    « لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكري ، عن محمد ابن حبيب ، عن ابن الكلبي ، ومع ذلك ظهرت فيها إضافات واضحة ، وزيادات ، وتعليقات بينة ، لم ترد في أصل الجمهرة ، بل أضافها الرواة والنساخ .
                    ولا يستبعد أن يكون أبو سعيد السكري هو نفسه الذي قام بهذا العمل ، حين وجد لديه فيضا من الاخبار ذات الصلة بالانساب » (59) .
                    بعد هذا كله فليس من المستبعد ، ولا المستحيل ، أن تكون جملة « وكانت أمه ولدته في جوف الكعبة » في ذيل كلمة الكلبي المتقدمة من تلك الاضافات ، والزيادات ، والتعليقات البينة ، المحسوبة « فيضا من الاخبار ذات الصلة بالانساب » .
                    فإن كانت هذه الزيادة مبهمة بعض الشيء أومشكك في أنها من الجمهرة ، فهي واضحة ، مكشوفة ، جلية في المحبر .
                    ففي فصل الندماء من قريش :
                    « وكان الحارث بن هشام بن المغيرة نديما لحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد ـ وحكيم هذا ولد في الكعبة ، وذلك أن أمه دخلت الكعبة وهي حامل به ، فضربها المخاض فيها ، فولدته هناك ـ أسلما جميعا » (60) .
                    فالعبارة التي بين شارحتين قد أحدثت فاصلة بين صدر الكلام وذيله ، إذ المراد بقوله « أسلما جميعا » : الحارث وحكيم ، كما يدل عليه قوله المتقدم في أول الفصل المذكور : « وكان حمزة بن عبد المطلب نديما لعبدالله بن السائب المخزومي ، أسلما جميعا » (61) .
                    على أن هذا الفصل هو في الندماء من قريش ، وليس في ذكر أحوالهم وأحوال أمهاتهم وتاريخ ولاداتهم وكيفيتها .
                    أضف إلى هذا أن عناوين الفصول والابواب في المحبر انتخبت بدقة لتتلاءم مع محتوياتها ، كما يلاحظ بشكل جلي أنها خالية من الحشو وذكر الامور الفرعية ، اللهم إلا في بعض الموارد التي هي من إضافات السكري .
                    ففي فصل أسلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
                    « وسالفه صلى الله عليه : سعيد بن الاخنس ـ قال أبو سعيد السكري : سعيد هذا هو الذي قال النبي صلى الله عليه : أبعده الله ، فإنه كان يبغض قريشا ـ بن شريق ابن وهب . . . . » (62) .
                    وما أشبه قوله « سعيد هذا » بقوله « حكيم هذا » .
                    وما أشبه الفاصلة بين « بن الاخنس . . . . بن شريق » بالفاصلة الحادثة في الفقرة موضع البحث ، وكل ما في الامر تصديرها بـ « قال أبو سعيد السكري » هنا ، وتركها سائبة مهملة هناك .
                    لم يكتف السكري بهذا ، بل أضاف في بعض الموارد بهلا وروايات تتماشى مع اعتقاداته المذهبية .

                    أذكر منها ما في أواسط فصل « ذكر سرايا رسول الله صلى الله عليه وجيوشه » .
                    « وفيها غزوة عمرو بن العاص السهمي على ذات السلاسل ، ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح في جيشه ، وكان استمد ، فأمده النبي صلى الله عليه بجيش فيهم أبو بكر وعمر ، ورئيس الجيش أبو عبيدة بن الجراح .
                    قال أبو سعيد : فشكا أبو بكر وعمر رحمهما الله إلى النبي صلى الله عليه عمرو ابن العاص ، فقال لهما : لا يتأمر عليكما أحد بعدي . وهذا توكيد لخلافة أبي بكر وعمر رحمهما الله » (63) .
                    ولست في صدد الخوض في بحوث الخلافة والامامة ، ومن هو أحق بها من غيره ، أو الولوج في مدى صحة حديث « لا يتأمر عليكما أحد بعدي » وعدمه ، فهذا أمر أشبعه علماؤنا بحثا وتفصيلا ، ولكن أوردت هذا المثال لبيان تلاعب السكري في متون الكتب ، وهدفه من ذلك وغايته .
                    يقول محقق كتاب المحبر في كلمة الختام :
                    « وأظن أنه ـ أي ابن حبيب ـ كان يميل إلى الشيعية ، فإنه لا يذكر أبدا أم المؤمنين عائشة ، وسيدنا أبا بكر الصديق ، وسيدنا عمر إلا بكلمة (رحمه الله) مع أنه دائما يذكر ام المؤمنين خديجة وسيدنا عليا بكلمة (رضي الله عنه ) رضي الله عنهم أجمعين .
                    وأيضا قد أثبت جميع ما يعاب به الرجل في سيدنا عمر ، مثل أنه كان أحول (64) .
                    أو كان قد ضرب ، قبل أن يسلم ، جاريته ضربا مبرحا على قبولها الاسلام ، ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا !
                    فمن أجل ذلك ، فيما أحسب ، أن راويه أبا سعيد السكري يضيف أحيانا إلى متن الكتاب ما يؤيد رأي أهل السنة والجماعة في أمر الخلافة » (65) .
                    وقد تحامل كثيرا على ابن حبيب لوصفه عمر بأنه أحول ، وهو أمر خلقي وليس عيبا كما ادعى .
                    أو إثباته لبعض الحقائق التاريخية الثابتة المروية في جل كتب السيرة والتاريخ كضرب عمر جاريته لانها سلكت طريق الحق وأسلمت .
                    حتى أنه عدها من الغل جهلا وتعصبا !
                    ويا ليته أمعن في مسألة تلاعب السكري المكشوف بمتن المحبر ، وإضافاته الواضحة إليه ، حتى يراها عين اليقين ، لكنه تساهل كثيرا وقال " فيما أحسب " فكان من الذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون .



                    * * * * * *



                    فإن قيل : لا يهم عدم ذكر الكلبي وابن حبيب لخبر ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ، في أصل كتابيهما ، وأنها مما أضافه السكري فيما بعد باعتباره الراوي الاول لهما ، وثبوت نسبة هذه الزيادات إليه ؛ لاننا نروي عن أئمة الجرح والتعديل عندنا توثيقه .
                    فقد قال فيه الخطيب البغدادي : كان ثقة دينا صادقا (66) .
                    وقال ياقوت الحموي : الراوية الثقة المكثر (67) .
                    فما زداه السكري في متن الكتابين نعده صحيحا مقبولا .
                    قيل لهم : إن ما أثبتناه من التلاعب السافر للسكري في نصوص الكتب ومتونها ، ينافي إطلاقكم صفة « ثقة » عليه ، لان الوثاقة هي الامانة . والثقة : الامين ، يقال :

                    وثقت بفلان أثق ثقة إذا ائتمنته (68) .
                    وقد بينا أنه لم يكن أمينا في رواية الكتابين ، لخيانته للامانة العلمية المتبعة في الاحتفاظ بالنصوص على ما هي عليه ونقضه قواعد الرواية ، ففتح بذلك بابا للتلاعب المعلن بالكتب والآثار ، لم يغلق إلى عصرنا هذا .
                    على أنا لو سلمنا أنه كان ثقة كما تدعون ، فروايته هذه مردودة لاكثر من سبب .
                    منها : الارسال ،
                    والذي عليه جل العلماء وأجلتهم أنه ضعيف ، مردود ، لا يحتج به .
                    قال النووي في التقريب : « ثم المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدثين ، وكثير من الفقهاء وأصحاب الاصول » (69) .
                    وقال مسلم في مقدمة صحيحه : « والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالاخبار ليس بحجة » (70) .
                    وقال ابن الصلاح في مقدمته : « ثم اعلم أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف ، إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر » (71) .
                    وقال النووي : « ودليلنا في رد العمل به أنه إذا كانت رواية المجهول المسمى لا تقبل لجهالة حاله ، فرواية المرسل أولى ، لان المروي عنه محذوف ، مجهول العين والحال » .
                    وقال ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل : « سمعت أبي وأبا زرعة يقولان : لا يحتج بالمراسيل ، ولا تقوم الحجة إلا بالاسانيد الصحاح المتصلة » (72) .

                    (1) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 11|44 عن كتاب « الاحداث » لابي الحسن علي بن محمد المدائني .
                    (2) المصدر السابق : 11|46 .
                    (3) المصدر السابق .
                    (4 و 5) راجع الغدير 7 : 197 ـ 199 .
                    (6) راجع الغدير 10 : 94 .
                    (7) المعجم الاوسط للطبراني 1 : 438 ح 788 ، عنه مجمع الزوائد 9 : 371 .

                    (8) فضائل الصحابة 2 : 591 ح 1002 طبعة مكة .
                    (9) نزهة المجالس 2 : 204 .
                    (10) أنظر إنسان العيون 1 : 227 .
                    (11) قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في الاصابة : 4|269 : « كلما أرادوا ـ يعني بنو أمية ـ إخمادها وهددوا من حدث بمناقبه لا تزداد إلا انتشارا » .

                    (12) كفاية الطالب : 407 .
                    (13) الارشاد : 9 .
                    (14) عمدة عيون صحاح الاخبار : 24 .
                    (15) روضة الواعظين : 76 .
                    (16) كشف الغمة 1 : 59 .

                    (17) نهج الحق وكشف الصدق : 232 .
                    (18) منهج الشيعة في فضائل وصي خاتم الشريعة : 7 ، نسخة مكتبة آية الله الكلبايكاني المؤرخة 1265 هـ .
                    (19) إرشاد القلوب : 211 .
                    (20) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 58 .
                    (21) كنز المطالب وبحر المناقب : 41 ، نسخة المدرسة الفيضية المؤرخة 989 هـ .
                    (22) جامع المقال : 187 .
                    (23) الصراط السوي : 152 ، نسخة المكتبة الناصرية في لكهنو بالهند ، والتي يظهر أنها بخط المؤلف .

                    (24) إعلام الورى : 153 ، تاج المواليد : 12 .
                    (25) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ، نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الاطهار : 115 .
                    (26) الفصول المهمة : 30 .
                    (27) عنهما علي وليد الكعبة : 119 .
                    (28) نور الابصار في مناقب آل بيت النبي المختار : 156 .

                    (29) خصائص الائمة : 4 .
                    (30) شرح قصيدة السيد الحميري المذهبة : 51 ، طبعة مصر سنة 1313 هـ .
                    (31) فضائل أمير المومنين : مخطوط ، عنه إحقاق الحق 7 : 489 .
                    (32) فرائد السمطين 1 : 425 .
                    (33) المجدي في أنساب الطالبيين : 11 .

                    (34) الخرائج والجرائح 2 : 888 .
                    (35) النعيم المقيم لعترة النبأ العظيم : 16 ، مخطوطة مكتبة آيا صوفيا ـ تركيا ، وأنظر بشأنه إيضاح المكنون 2 : 661 ، أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في المكتبة العربية .
                    (36) مناقب آل أبي طالب 2 : 175 .

                    (37) الكشكول فيما جرى على آل الرسول : 189 .
                    (38) وسيلة المآل : 282 ، نسخة مكتبة آية الله المرعشي النجفي العامة ، المؤرخة 1280 هـ .
                    (39) التتمة في تواريخ الائمة ، الفصل الثالث ، مخطوط .
                    (40) كاشف الغمة : 422 " نسخة المؤلف المخطوطة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى ، برقم 2000 .

                    (41) وسيلة النجاة : 60 ، طبعة كلشن فيض ـ لكهنو .
                    (42) تكريم المؤمنين بتقويم مناقب الخلفاء الراشدين : 99 ، طبعة الهند سنة 1307 هـ .
                    (43) روضة الصفا في آداب زيارة المصطفى ، الجزء الثاني .
                    (44) بستان السياحة : 543 ، الطبعة الثانية .

                    (45) تجد القصيدة كاملة في الغدير 6 : 356 ـ 364 .
                    (46) الغدير 11 : 320 .
                    (47) عليٌّ وليد الكعبة : 36 .
                    (48) نقلها الشيخ الاوردبادي في علي وليد الكعبة : 69 عن ديوان الشيخ المخطوط .
                    (49) تجدها كاملة في عليّ وليد الكعبة : 85 ـ 88 ، والغدير 6 : 33 ـ 35 .
                    (50) أعيان الشيعة 1 : 323 .
                    (51) عليُّ وليد الكعبة : 108 .

                    (52) أعيان الشيعة 5 : 285 ، دائرة المعارف الشيعية 1 : 153 .
                    (53) علي وليد الكعبة : 83 .

                    (54 و55) سير أعلام النبلاء 10 : 101 ، لسان الميزان 6 : 196 .
                    (56) الانساب 5 : 86 .
                    (57) جمهرة النسب 1 : 353 .

                    (58) الفهرست : 143 ، معجم الادباء 19 : 291 .
                    (59) جمهرة النسب : 10 .
                    (60) المحبر : 176 .
                    (61) المصدر نفسه : 174 .
                    (62) المصدر نفسه : 105 .

                    (63) المصدر نفسه : 121 و122 .
                    (64) أنظر المحبر : 303 .

                    (65) المصدر نفسه : 509 .
                    (66) تاريخ بغداد 7 : 296 .
                    (67) معجم الادباء 8 : 94 .

                    (68) أنظر الصحاح 4 : 1562 ، لسان العرب 10 : 371 .
                    (69) التقريب : 66 .
                    (70) صحيح مسلم 1 : 30 .
                    (71) مقدمة ابن الصلاح : 136 .
                    (72) المراسيل : 15 .

                    تعليق


                    • #25
                      حديث الغدير

                      التبليغ الأخير لإمامة الأمير


                      السيد علي الحسيني الميلاني


                      بسم الله الرحمن الرحيم


                      | أمر الإمامة إلى الله | بين «النور» و «الدار» | بين «الدار» و «الغدير» | حديث الغدير | خصائص الغدير وأهميته |

                      | العناية بحديث الغدير | شواهد حديث الغدير | مواقف متناقضة | وجاء دور العلماء... |

                      | مفاد حديث الغدير | التشكيك في الدلالة | بين «الغدير» و «الحوض» |



                      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

                      وبعد ، فإن يوم الغدير يعيد إلى الأذهان إمامة الأمير... ونصبه في ذلك اليوم الاغر ، لهذا المقام الأكبر... ولكن متى لم يكن بإمام... حتى نبحث عن نصبه في الغديرأو غيره من الأيام ؟ !..
                      قد يستنكر هذا فيقال : عجيب أمر هؤلاء !! نطالبهم بإثبات إمامته في الأصل ، وإقامة الدليل على خلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل... ويقولون : متى لم يكن... !!؟
                      فما معنى هذا الادعاء الكبير ؟ وما طريق إثباته ؟
                      الذي نقصده هو : أن علياً إمام منذ أن محمداً نبي... وأن الله تعالى شاء أن يجعله خليفة في نفس الوقت الذي شاء أن يعجل محمداً نبياً... وهذا شيء ربما لم يسمعه البعض فيستنكره... لكن لا يعجل بالحكم من قبل أن يسمع الدعوى ، ويقف على طريق إثباتها :



                      أمر الإمامة إلى الله
                      وقبل الدخول في البحث نقول : إن الامامة عهد كالنبوة ، فهي بيد الله ، ولاتنال إلا من شاء الله أن تناله ، وإن الله لم يفوض أمرها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلاً عن الامة... وهذا ما دلت عليه الأدلة المتينة والبراهين الرصينة من الكتاب والسنة وغيرهما... ونص عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحرج ظروفه وأحواله ، وأحوج أيامه إلى من ينصره ويعاضده... فقد ذكر أصحاب السير : أن النبي صلي الله عليه وآله لما عرض نفسه على بعض القبائل قيل له :
                      « أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ ».
                      فأجاب : « الأمر إلى إلله يضعه حيث شاء » (1).
                      فمن ذا الذي شاء الله أن يكون له الأمر ؟ ومتى شاء ؟


                      بين « النور » و« الدار »
                      لقد خلق الله أمير المؤمنين عليه السلام في نفس الوقت الذي خلق فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم... فهما مخلوقان معاً في عالم النور... ومن نورواحد... وشاء الله سبحانه أن يكون محمد نبياً وأن يكون علي خليفةً له... منذ أن خلقهما... فالخلافة ثابتة لعلي في نفس الوقت الذي ثبتت النبوة فيه للنبي...
                      وهذا ما أخبر به الصادق الأمين نفسه حين قال :
                      « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزوجل ، يسبح الله ذلك النور ويقدسه ، قبل أن يخلق آدم بألف عام ، فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيَّ النبوة وفي علي الخلافة ».
                      وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
                      « إن الله عز وجل أنزل قطعة من نور ، فأسكنها في صلب آدم ، فساقها حتى قسمها جزءين ، جزء في صلب عبد الله ، وجزء في صلب أبي طالب ، فأخرجني نبياً وأخرج علياً وصياً » (2).
                      فعلي إمام منذ أن كان محمد نبياً...
                      وولد محمد نبياً... وولد علي إماماً من بعده...
                      حتى إذا بعث صلى الله عليه وآله وسلم... كان علي اول من أسلم (3)...
                      ثم لما أمره الله تعالى بإنذار عشيرته الأقربين (4) قال لهم :
                      يا بني عبد المطلب ، إني بعثت لكم خاصة وإلى الناس عامة ، فأيكم يبايعني على أن يكون خليفتي ؟
                      فكان الذي بايعه أمير المؤمنين عليه السلام (5)...
                      لقد قال صلى الله عليه وآله وسلم ذلك... وكأنه مأمور بالافصاح عما شاءه الله تعالى وقضاه في عالم الذر ، ووضع الحجر الأساسي لذلك في هذا العالم... منذ اليوم الذى امرفيه . بانذار عشيرته برسالته...


                      بين « الدار » و« الغدير »
                      وما فتئ ينتهز الفرص والمناسبات... في الجماعات والجمعات... وفي الحروب والغزوات... ليعرب عن هذه الحقيقة ويبلغها بالألفاظ والكلمات ، الدالة عليها ، بمختلف الدلالات...
                      فتارة يشبهه بالأنبياء ويقول :
                      « من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى عيسى في سمته ، وإلى محمد في تمامه وكما له وجماله ، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل.
                      فتطاول الناس أعناقهم فإذا هم بعلي... » (6).
                      واخرى ينزله من نفسه منزلة هارون من موسى ويقول له :
                      « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » (7).
                      وثالثة : يركز على توفر أهم الصفات المعتبرة في الإمامة فيه ، وهي الأعلمية ويقول :
                      « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها » (8).
                      ورابعة : يعلن عن كونه أحب الخلق إلى الله وإليه... وذلك مما لاريب في
                      استلزامه الأفضلية فالإمامة... في قضية طير مشوي فأتي به إليه ليأكله... فيقول :
                      « اللهم إيتني بأحب خلقك إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الطائر ».
                      فجاء أبوبكر... فرده وجعل يدعو : اللهم...
                      فجاء عمر... فرده ، وجعل يدعو : اللهم...
                      فجاء علي... فأكل معه (9).
                      وخامسة : يعطيه الراية في وقعة خيبر بعد أن عاد الشيخان منهزمين ويقول :
                      « لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسو له » .
                      فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى ، فغدوا كلهم يرجوه.
                      فقال : أين علي ؟
                      فقيل : يشتكي عينيه.
                      فبصق في عينيه ودعا له ، فبرئ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، وكان الفتح على يديه (10).
                      وسادسة : يبعثه لإبلاغ سورة براءة ويعزل أبا بكر عن ذلك بعد أن أمره به ، فيقول :
                      « لاينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي » (11)
                      وهكذا...
                      حتى كان يوم الغدير ، فأمر بأن يبلغ ـ وهو في أواخر حياته ـ ما كان يبلغه منذ أوائل دعوته... وخبر الغدير وحديثه... مما أذعن بثبوته علماء المسلمين ونصوا على تواتره وألفوا فيه الكتب... بل إنه من ضروريات التاريخ ، حتى كاد أن يكون التشكيك في ثبوته بمنزلة التشكيك في وجود النبي صلي الله عليه وآله وسلم ونبوته...


                      حديث الغدير
                      لقد قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن نودي بالصلاة وصلى بالناس صلاة الظهر :
                      « أيها الناس ، قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون.
                      فماذا أنتم قائلون ؟
                      قالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت. فجزاك الله خيراً.
                      قال : ألستم تشهدون أن لااله الا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن الساعة آتيه لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ؟
                      قالوا : نشهد بذلك.
                      قال : اللهم اشهد.
                      ثم قال : أيها الناس ألا تسمعون ؟
                      قالوا : نعم.
                      قال : فإني فرط على الحوض ، وأنتم واردون عليَّ الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ، فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
                      قيل : وما الثقلان يا رسول الله ؟
                      قال : الثقل الاكبر كتاب الله ، طرف بيد الله عزوجل وطرف بأيديكم ، فتمسكوا به لاتضلوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض . فسألت ذلك لهما ربي ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولاتقصروا عنهما فتهلكوا.
                      ثم أخذ بيد علي فرفعها وعرفه القوم أجمعون. فقال :
                      أيها الناس ، من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟
                      قالوا : الله ورسوله أعلم.
                      قال : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا اولى بهم من أنفسهم. فمن كنت مولاه فعلي مولاه. قالها ثلاث مرات.
                      اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله. وأدر الحق معه حيث دار. ألا فليبلغ الشاهد الغائب » (12).


                      خصائص الغدير وأهميته
                      ولقد اجتمع في هذا الموقف ماتفرق في المواقف السابقة عليه... واختص بأمور لم تكن في غيره... فكانت له أهمية خاصة ، استتبعت العناية الشديدة من كل الأطراف ، ومن جميع الجهات...
                      ومن ذلك : صراحة ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم ووضوح دلالته ، بل يكن قولاً فقط ، بل قول وفعل ، فلقد قال ما قال وهو آخذ بيد علي مقيم إياه عن يمينه...
                      ومن ذلك : قرب وفاته صلى الله عليه وآله وسلم... وقد كان على علم بذلك، إذ قال في خطبته : « يوشك أن أدعى فاجيب »... ولا يخفى ما لقوله في هذا الظرف من الاثر البالغ في إتمام الحجة وقطع العذر.
                      ومن ذلك : كونه في حشد عظيم منقطع النظير ، وذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد أذن بهذه الحجة قبلها بمدة... فمن الناس من قدم المدينة ليأتم به في حجته ، ومنهم من حضر الموسم للحج معه... فكانت جموع لايعلم عددها إلا الله تعالى...
                      فلما قضى مناسكه وانصرف راجعأ ، ووصل إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والبصريين والعراقيين... وقف حتى لحقه من تأخر ، وأمر برد من تقدم... فقام خطيباً... وأسمع جميع القوم بما قال.
                      ومن ذلك : نزول قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) (13) قبل الخطبة (14) ونزول قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) (15) بعدها (16).
                      ومن ذلك : تهنئة القوم أمير المؤمنين عليه السلام... وممن هنأه ـ في مقدمتهم ـ أبوبكر وعمر ، كل يقول : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » (17).
                      ومن ذلك : شعر حسان بن ثابت ، وقد استأذن النبي قائلاً : ائذن لي يارسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن.
                      فقال صلى الله عليه وآله وسلم : قل على بركة الله.
                      فقام حسان فقال :

                      « يناديهم يــوم الغــــدير نبيهم **** بخم فـــــأسمع بالرسـول مناديا
                      وقد جـاءه جبريــل عن أمر ربـه **** بأنك معصوم فلاتـــــــك وانيا

                      وبلغـهــم مـا أنزل الله ربــهـم **** إليك ولا تــــخش هناك الاعاديـا
                      فقــام به إذ ذاك رافــــع كفـه **** بكف علي معلن الصـوت عـــاليا
                      فقـال : فمــن مولاكـــم ووليكم ***** فقالوا ولم يبـــــدوا هنـاك تعاميا
                      إلهـك مـــــولانا وأنت ولينــا **** ولن تجدن فينا لك اليـوم عاصيـــا
                      فقـــال لـه : قم يا علي فإننــي * *** رضيتك من بعدي إمامــــا وهاديا
                      فمن كنت مـولا فهــــذا وليــه * *** فكونوا له أنصــــار صدق مواليا
                      هنــاك دعـا اللهــم وال وليــه * *** وكـــــن للذي عادى عليا معاديا
                      فيـارب انصـر ناصريه لنصرهـم **** إمام هدى كالبدر يجلوا الدياجيا » (18)

                      ولا يخفى أن قائل هذا الشعر من مشاهير الصحابة ، وقد قاله بمسمع منهم وبإذن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم إن النبي أقرّه واستحسنه.



                      العناية بحديث الغدير
                      ولهذه الامور وغيرها ـ التي أكسبت حديث الغدير ويومه أهميةً وامتيازاً عن غيره من الأحاديث والأيام التي صدع فيها الرسول الكريم صلى اله عليه وآله وسلم بهذا النبأ العظيم ـ اشتدت عناية أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم بإثباته ونشره بين الامة بشتى الوسائل والطرق ، وبقائه في الأذهان وعلى الألسن على مدى الأعصار ، حفظاً لشأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيانةً له عن أن ينسب إليه التقصير في الابلاغ ، فيكون هو السبب فيما نشأ بعده من الاختلاف ، ووقع من النزاع ، حول الخلافة... وإعلاناً لحقهم في الامامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله عزوجل... وأن ماآل إليه أمر الخلافة لم يكن لله ورسوله فيه نص... نعم ناشد أمير المؤمنين عليه السلام الأصحاب بهذا الحديث في مناسبات ومواضع عديدة ، حفظ لنا التاريخ منها: يوم الشورى... حيث استشهد به ـ فيما استشهد ـ وأذعن الحاضرون بما قال (19).
                      وفي حرب الجمل (20).
                      وفي صفين (21).
                      وفي الكوفة... حيث نشد الحاضرين (22) ، فأجاب جمع ، واعتذر بعض بالنسيان... كما سنشير.
                      والصديقة الزهراء... احتجت به في كلام لها (23).
                      وكذلك سائر أئمة أهل البيت وأعلام العترة... (24)...
                      وقوم من الأنصار ـ فيهم : أبوأيوب الانصاري ، خزيمة بن ثابت ، عمار بن ياسر ، ابن التيهان.. ـ إذ دخلوا على أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة فقالوا :
                      السلام عليك يا مولانا.
                      قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب ؟
                      قالوا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه واله يقول يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » (25).
                      بل احتج به بعض الاصحاب من خصومه :
                      فقد احتج به سعد بن أبي وقاص في جواب معاوية حيث طلب منه سب أمير المؤمنين عليه السلام (26).
                      وأحتج به عمرو بن العاص في كتاب له إلى معاوية (27).


                      شواهد حديث الغدير
                      ويشهد بثبوت حديث الغدير ، ودلالته على إمامة الأمير عليه السلام أمور كثيرة... نتعرض لبعضها :
                      فمنها : قضية المرتد الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال :
                      « يا محمد ! أمرتنا من الله أن نشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله ، وبالصلاة والصوم والحج والزكاة ، فقبلنا منك. ثم لم ترض بذلك ، حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهل هذا شيء منك أم من لله ؟!
                      فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والله الذي لا اله إلا هو ، إن هذا من الله.
                      فولّى الرجل ـ يريد راحلته ـ وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم.
                      فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر ، فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله.
                      فأنزل الله تعالى ـ وهي الاخرى من الآيات النازلة في قضية الغدير ـ :
                      ( سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج ) (28).
                      ومنها : حديث الغدير بلفظ : « من كنت اولى به من نفسه فعلي وليه » (29).
                      ومنها : أنه قيل لعمر بن الخطاب : إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله !!؟
                      فقال : « إنه مولاي » (30).
                      ومنها : قول ابن حجر المكي في مقام الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير :
                      « سلمنا انه أولى ، لكن لا نسلم أن المراد أنه أولى بالامامة ، بل بالاتباع والقرب منه ، فهو كقوله تعالى : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ) ولاقاطع ، بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال ، بل هو الواقع ، إذ هو الذي فهمه أبوبكر وعمر ، وناهيك بهما من الحديث ، فإنهما لما سمعاه قالا له : أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.
                      وأخرج أيضاً انه قيل لعمر : إنك تصنع بعلي شيئاً تصنعه بأحد من أصحاب النبي.
                      فقال : إنه مولاي » (31).
                      فلو سلمنا ان المراد هو الأولى بالاتباع ، فهل الأولى بالاتباع إلا الإمام ؟!





                      يتبع..........

                      تعليق


                      • #26
                        مواقف متناقضة
                        وتناقضت مواقف الصحابة والتابعين من حديث الغدير... فالشيخان يهنئان... وحسان ينشد... وجماعة يشهدون... وآخرون يحتجون..
                        وفي المقابل : الفهري يشكك في نبوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم...
                        وابوالطفيل يستنكر... حيث يقول :
                        « فخرجت وكأن في نفسي شيئاً ، فلقيت زيد بن أرقم ، فقلت له : إني سمعت علياً يقول كذا وكذا. قال : فما تنكر ! ؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول ذلك له » (32).
                        وجماعة يكتمون ، فيدعو الامام عليه السلام عليهم ، منهم : عبد الرحمن بن مدلج ، جرير بن عبد الله البجلي ، يزيد بن وديعة ، زيد بن أرقم ، أنس بن مالك ، البراء ابن عازب.
                        أخرج أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن ابي ليلى : « أنه شهد علياً في الرحبة قال :
                        أنشد الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهد يوم غدير خم الا قام ، ولا يقوم إلا من رآه.
                        فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا : قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله. إلا ثلاثة لم يقوموا. فدعا عليهم فأصابتهم دعوته » (33).
                        وفي رواية ابن الاثير : « وكتم قوم فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وأصابتهم آفة » (34).
                        وفي رواية المتقي : « وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا » (35).
                        ويقول الراوي : « أتيت زيد بن أرقم فقلت له : إن ختناً لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم. فأنا احب أن أسمعه منك.
                        فقال : إنكم معاشر أهل العراق فيكم ما فيكم.
                        فقلت له : ليس عليك منّي بأس.
                        فقال : نعم ، كنا بالجحفة... » (36).
                        ويقول آخر : « قلت لسعد بن أبي وقاص : إني اريد أن أسألك عن شيء وإني أتقيك :
                        قال : سل عما بدا لك فإنما أنا عمك.
                        قال : قلت : مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم يوم غدير خم... » (37).
                        ويقول آخر : «... فقلت للزهري : لا تحدث بهذا بالشام وأنت ملء اذنيك سب علي.
                        فقال : والله عندي من فضائل علي ما لو حدثت لقتلت » (38).


                        وجاء دور العلماء...
                        من محدثين ومتكلمين... فالأكثر يروون خبر الغدير... وحديثه... كما هو الواقع (39) وقد أوقفناك على بعض المصادر... ومنهم... من يكتمه... تبعاً لبعض أسلافه من الصحابة... ومنهم... من لايروي صدره ، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ ».
                        ومنهم... من لا يروي ذيله ، وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلم : « اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ».
                        لكن كل هذا لا يجدي نفعاً.. إذ الاعتراض.. كما فعل الفهري.. كفر يستتبع العذاب... والكتمان... كما فعل قوم.. كبيرة تستتبع الخزي... والتحريف... خيانة تكشفها الأيام... فليكن كل ذلك... لكن بصبغة علمية... إنه التشكيك في دلالة الحديث... وهذا الموقف أيضاً ـ وإن كان ممن لايبالي بما يخرج من فيه أو يقال فيه ـ يدل بدوره على أنه نبأ عظيم... هم فيه مختلفون...


                        مفاد حديث الغدير
                        إنّ من يتأمل في خبر الغدير... وحديثه... لايشك في أن لفظة « المولى » فيه نص في إمامة الأمير... وخلافته... فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » (40) مشيراالى قوله تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) (41) وأشهدهم على وجوب طاعته ونفوذ حكمه مطلقاً ، كماهو مدلول الاية المباركة (42) ثم فرع عليه فقال : « فمن كنت مولاه فهذاعلي مولاه » (43).
                        وهذا المعنى هو الذي فهمه الحاضرون وعلى رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام وحسان بن ثابت ، والشيخان ، وسائر الأصحاب...
                        وهو الذي أنكره الفهري ، واستنكره أبوالطفيل ، وكتمه فلان وفلان...
                        وهو الذي اعترف به جماعة من العلماء المنصفين كتقي الدين المقريزي حيث قال : « قال ابن زولاق : وفي يوم ثمانية عشر من ذي الحجة ـ وهو يوم الغدير ـ يجتمع خلق من أهل مصر والمغاربة ومن تبعهم للدعاء ، لأنه يوم عيد ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ عهد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فيه واستخلفه... » (44).
                        ويشهد بذك شواهد كثيرة منها ما ذكرناه...
                        وتلخص : أن (المولى) فيه بمعنى ( الأولى) بالطاعة والتصرف ونفوذ الحكم ، وهذه هي الولاية الكبرى والامامة العظمى.


                        التشكيك في الدلالة
                        فمن تافه القول ـ بعد هذا ـ قول من قال بأنّ الولاية هذه بمعنى النصرة والمحبة... وأما أستدلاله لما ذكره بان (مفعل) لايأتي بمعنى (أفعل)... فجهل أو تجاهل... فقد نص على مجيئه كذلك كبار الأئمة في التفسير والحديث واللغة ، وبه فسر قوله تعالى : ( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) (45)

                        وبعض الآيات... وممن نص على ذلك : الفراء وأبوزيد وأبوعبيدة والأخفش وأبوالعباس ثعلب والمبرد والزجاج وابن الأنباري والرماني والجوهري والثعلبي والواحدي والزمخشري والنيسابوري والبيضاوي والنسفي وأبوالسعود والشهاب الخفاجي... (46).
                        وإذ رأوا أن لا رواج لهذه الدعوى في سوق الاعتبار لم يجدوا ابداً من الاعتراف ، لكن قال بعضهم : لا نسلم أن يكون المراد « الأولى بالتصرف » فليكن « الأولى بالمحبة » وقال آخر : « الأولى بالاتباع ».
                        ولكنه ـ كسابقه ـ دعوى فارغة ، وحمل بلا شاهد. وعلى فرض التسليم فإن « الأولى بالاتباع والمحبة » على الاطلاق لايكون إلا الإمام... وإذ رأى ثالث منهم برودة هذا التأويل وسخافته... اضطر إلى الاذعان بالحق ، وأن المراد من الحديث هو « الأولى بالامامة »... لكنه « أولى بالامامة » في حين إمامته ، أي بعد الخلفاء الثلاثة ، لا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة.
                        وهذا أيضاً باطل لوجوه :
                        1 ـ وجود كلمة « بعدي » في بعض ألفاظ الحديث ، كما في تاريخ ابن كثير عن عبد الرزاق ، وفي بعض شواهده ، كما في شعر حسان بن ثابت.
                        2 ـ إن تقييد ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بكونها بعد عثمان ، يتوقف على وجود النص على خلافة الثلاثة ، فيجمع بينه وبين حديث الغدير على الوجه المذكور ، لكن القوم أنفسهم يعترفون بعدم النص.
                        3 ـ إنّ لفظة « من » من ألفاظ العموم ؛ فيكون الثلاثة داخلين تحت عموم الحديث.
                        4 ـ إنّ هذا التأويل رد صريح على الشيخين حيث هنئا أمير المؤمنين وقالا له « أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ».
                        5 ـ إنهم يروون عن ابن مسعود أنّه قال : « كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وفد الجن ، فتنفس ، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟
                        قال : نعيت إلي نفسي يابن مسعود.
                        قلت : استخلف.
                        قال : ومن ؟
                        قلت : أبوبكر.
                        قال : فسكت.
                        ثم مضى ساعة ثم تنفس ، قلت : ما شأنك بأبي وأمي يا رسول الله ؟
                        قال : نعيت إلي نفسي يابن مسعود.
                        قلت : استخلف.
                        قال : من ؟
                        قلت : عمر.
                        فسكت.
                        ثم مضى ساعة ثم تنفس. قلت : ما شأنك ؟
                        قال : نعيت إلي نفسي يابن مسعود.
                        قلت : فاستخلف.
                        قال : من ؟
                        قلت : علي.
                        قال : أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلون الجنة أكتعين » (47).
                        حتى إذا سقطت جميع تأويلاتهم ولا مناص من الاعتراف بدلالة الحديث على (الامامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم) قال أحد متأخريهم.
                        ما الدليل على أن تكون هذه الامامة بمعنى الحكومة والرئاسة ؟ فليكن إماما في الباطن ، ويكون أبوبكر ومن بعده الائمة في الظاهر

                        قال هذا... وكأنه قد فوض إليه أمر تقسيم الامامة ، فلهذا الامامة الباطنية كما يقول الصوفية ، ولاولئك الامامة الظاهرية !!
                        وكأنه جهل مجئ (المولى) بمعنى (الرئيس) و(المليك) و(المتصرف في الأمر) ونحو ذلك مما هو ظاهر في الحكومة والرئاسة...(48)

                        بين « الغدير » و« الحوض »
                        وبعد... فلقد كان يوم الغدير وحديثه... آخر مراحل الابلاغ والاعلام... وهو في هذه المرة لم يكن... ولم يشبه... بل ينص ويصرح...
                        لقد كان ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم وافياً بالغرض ، وإلا لما نزلت بعده آية إكمال الدين ، بعد ما نزلت قبله آية التبليغ وأنه ( إن لم تفعل فما بلغت رسالته ).
                        وحينئذ تصل النو بة إلى التهديد والتحذير من مغبة المخالفة والتبديل... وما عساه يفعل... فقد أدى ما عليه ، لكنه في أخريات أيامه... وسوف لن يرى هذه الجموع بعد اليوم... وهو يعلم بما سيكون في أمته... وما عساه يفعل... لقد ذكرهم بالموقف التالي... والموطن الذي سيجتمع بهم... حيث يردون عليه... لقد ربط بين « الغدير » و« الحوض » في خطبته... إذ قال لهم قبل أن يأخذ بيد علي فيقول فيه ما قال :
                        « أيها الناس ، ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم. قال : فإني فرط على الحوض ، وانتم واردون علي الحوض... ».
                        والحوض يجب الايمان به ، فقد روى حديثه خمسون نفساً من الصحابة (49) ، وقد قال بعض الأكابر بكفر منكره... نعم... ذكرهم بالحوض هنا... ليذكر بما أخبرهم به من قبل... وقال لهم :
                        « أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن رجال منكم ، ثم ليتخلجن دوني ، فأقول : يارب أصحابي. فيقال : إنك لاتدري احدثوا بعدك » وفي بعض الألفاظ قال : « فأقول : سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي » (50).
                        أقول : لابد وأنه لايقصد خصوص الرجال من الأصحاب ، بل يريد كل الأصحاب ، من الرجال والنساء... ليشمل عاثشة التي قيل لها :
                        « ندفنك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
                        فقالت : إني قد أحدثت أموراً بعده. فادفنوني مع أخواتي.
                        فدفنت بالبقيع » (51).
                        بل كل الذين... بدلوا وغيروا... وما زالوا... وإلى يوم الورود عليه على الحوض...
                        ربنا آمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. وصلى الله عليه وآله الطاهرين.


                        علي الحسيني الميلاني

                        (1) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون 2|154.

                        (2) هذا الحديث (حديث النور) رواه : أحمد بن حنبل ، وأبو حاتم ، وعبد الله بن أحمد ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، وابن عبد البر ، والخطيب ، وابن المغازلي ، والديلمي ، وابن عساكر ، والرافعي ، والمحب الطبري ، وابن حجر العسقلاني وآخرون ، وهو موضوع الجزء الخامس من كتابنا « خصلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار » حيث بحثنا فيه عنه سنداً ودلالةً فليراجع.
                        (3) شهيد بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأصحاب وذكره أمير المؤمنين عليه السلام نفسه في غير موضع... انظر : المستدرك 3|136 ، سنن ابن ماجة 1|57 ، الخصائص : 3 ، الاستيعاب 2|457 ، أسد الغابة 4|18 ، حلية الأولياء 1|66 ، تاريخ الطبري 2|213 ، مجمع الزوائد 9|102 ، تاريخ بغداد 4|233 ، صحيح الترمذي 2|214 ، وغيرها.
                        ومن يلاحظ بحثنا هذا يعلم أن المراد من كونه « أول من أسلم » هو المعنى المراد من قوله تعالى للنبي عليه وآله السلام : ( قل إني امرت أن أكون أول من أسلم ).
                        (4) الآية 214 من سورة الشعراء.
                        (5) هذا الحديث ( حديث الدار ) رواه : أحمد في مسنده 1|111 ، النسائي في الخصائص : 18 ، الطبري في تاريخه 2|216 ، ابن الأثير 2|24 المتقي في كنز العمال 6|392 و397 ، الحلبي في سيرته 1|304 ، والهيثمي وغيرهم من المحدثين والمؤرخين وأصحاب السير.

                        (6) هذا الحديث (حديث الأشباه) رواه : عبد الرزاق بن همام ، أحمد بن حنبل ، أبو حاتم الرازي ، ابن شاهين ، الحاكم ، ابن مردويه ، أبونعيم ، البيهقي ، ابن المغازلي ، الديلمي ، المحب الطبري ، وجماعة آخرون غيرهم. وقد بحثنا عنه سنداً ودلالةً في كتابنا « خلاصة عبقات الأنوار » .
                        (7) هذا الحديث (حديث المنزلة) رواه : البخاري ، مسلم ، أحمد ، الطيالسي ، ابن سعد ، ابن ماجة ، ابن حبان ، الترمذي ، الطبري الحاكم ، ابن مردويه ، أبو نعيم ، الخطيب ، ابن عبد البر ، ابن حجر العسقلاني... وغيرهم... وقد بحثنا عنه سنداً ودلالة في كتابنا « خلاصة عبقات الأنوار ».
                        (8) هذا الحديث (حديث مدينة العلم) رواه : عبد الرزاق بن همام ، يحيي بن معين ، أحمد بن حنبل ، الترمذي ، البزار ، الطبري ، الطبراني ، الحاكم ، ابن مردويه ، أبو نعيم ، الماوردي ، الخطيب ، ابن عبد البر ، البيهقي ، الديلمي ، ابن عساكر ، ابن الأثير ، النووي ، المزي ، العلائي ، ابن حجر العسقلاني... وغيره. وهو موضوع الجزء العاشر وتالييه من كتابنا « خلاصة عبقات الأنوار».
                        (9) هذا الحديث (حديث الطير) رواه : أبو حنيفة ، أحمد بن حنبل ، أبو حاتم الرازي ، الترمذي ، البزار ، النسائي ، أبو يعلى ، الطبري ، البغوي ، الطبراني ، الدار قطني ، الحاكم ، ابن مردوديه ، أبو نعيم ، البيهقي ، الخطيب ، ابن عبد البر ، ابن عساكر ، ابن الأثير ، المزي ، الذهبي ، ابن حجر العسقلاني... وغيرهم. وهو أحد الأحاديث المبحوث عنها سنداً ودلالةً في كتابنا « خلاصة عبقات الأنوار ».
                        (10) هذا الحديث (حديث الراية ) رواه : البخاري ومسلم ، في غير موضع من صحيحيهما ، منها : في باب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وأحمد في مسنده 5|322 ، والنسائي في الخصائص : 6 ، و ابن سعد 2|80 ، وابن عبد البر 2|450 ، والبيقهي في سننه 6|362 ، والمتقي في كنز العمال 5|284 ، والخطيب في تاريخه 8|5 ، وابن ماجة ، والحاكم ، والهيثمي... وغيرهم.
                        (11) هذا الحديث رواه : الترمذي 2|183 ، النسائي : 20 ، الحاكم 3|51 ، أحمد 1|3 و151 ، الهيثمي 9|119 ، المتقي 1|246 ، السيوطي في الدر المنثور 3|209 عن عدة من الحفاظ.
                        (12) من رواة حديث الغدير : محمد بن إسحاق ، عبد الرزاق ، الشافعي ، أحمد بن حنبل ، البخاري في تاريخه ، الترمذي ، ابن ماجة ، ا لبزار ، ا لنسائي ، أبويعلى ، الطبري ، ا لبغوي ، ابن حبان ، الطبراني ، الدارقطني. الحاكم ، ابن مردويه ، ابونعيم ، البيهقي ، ابن عبد البر ، الخطيب ، الزمخشري ، ابن عساكر ، ابن الاثير ، الضياء المقدسي ، المحب الطبري ، المزي ، الذهبي ، ابن كثير ، ابن حجر العسقلاني ، السيوطي... وقد بحثنا عن هذا الحديث سنداً ودلالةً في الأجزاء : 6 ـ 9 من كتابنا « خلاصة عبقات الانوار ».
                        (13) الآية 67 من سوره المائدة.
                        (14) روى نزولها في الغدير : الطبري ، ابن أبي حاتم ، ابن مردويه ، الثعلبي ، أبونعيم ، الواحدي ، أبو سعيد السجستاني ، الحسكاني ، ابن عساكر ، الفخر الرازي ، النيسابوري ، العيني ، السيوطي... وغيرهم... أنظر : خلاصة عبقات الانوار 8|205 ـ 271.
                        (15) الآية 3 من سوره المائدة.
                        (16) روى نزولها في الغدير : الطبري ، ابن مردويه ، أبونعيم ، الخطيب ، ابن المغازلي ، الخوارزمي ، الحمويني ، ابن عساكر ، ابن كثير ، السيوطي... وغيرهم. انظر : خلاصة عبقات الانوار 8|275.
                        (17) روى ذلك : أبوبكربن أبي شيبة ، أحمد ، أبوسعد الخركوشي ، الثعلبي ، أبوسعد السمعاني ، الخطيب التبريزي ، ابن كثير ، المقريزي ، المحب الطبري... انظر : خلاصة عبقات الانوار 9|150.

                        (18) هذا الشعر رواه من حفاظ أهل السنة : أبوسعد الخركوشي ، ابن مردويه ، أبو نعيم الاصبهاني ، أبوسعيد السجستاني ، الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي ، أبوالفتح النطنزي ، سبط ابن الجوزي ، الحافظ الكنجي ، الصدر الحموئي ، الجمال الزرندي ، الجلال السيوطي... راجع لتفصيل ذلك الجزء الثامن من « خلاصة عبقات الانوار » والجزء الثاني من « ا لغدير ».

                        (19) الغدير 1|159.
                        (20) الغدير 1|186.
                        (21) الغدير 1|195.
                        (22) خلاصة عبقات الانوار 9|9 ـ 27.
                        (23) أسنى المطالب|لابن الجزري : 49.
                        (24) الغدير 1|197 ـ 200.
                        (25) رواه : أحمد بن حنبل ، الطبراني ، ابن مردويه ، ابن الاثير ، ابن كثير ، المحب الطبري ، الهيثمي ، القاري... وغيرهم. انظر: خلامة عبقات الانوار 9|139.
                        (26) أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة... وقد تصرف فيه القوم فنقلوه بألفاظ مختلفة تقليلاً لفظاعته وتستراً على إمامهم معاوية... إذ الحديث : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعدأ فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله فلن أسبه... » لكن في بعض الكتب « قدم معاوية في بعض حجاته فدخل على سعد فذكروا علياً فنال منه فغفب سعد » فذكره بخصال لعلي منها حديث الغدير. وفي تاريخ ابن كثير حذف : « فنال منه فغضب سعد » وعند أحمد : « ذكرعلي عند رجل وعنده سعد بن أبي وقاص فقال له سعد ، أتذكر علياً ؟ !... » .
                        وفي الخصائص عن سعد : « كنت جالساً فتنقصوا علي بن أبي طالب فقلت : لقد سمعت... » وبعضهم يحذف القصة من أصلها فيقول : « عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسو ل الله : في علي ثلاث خلال... » انظر : خلاصة عبقات الانوار 6|34.
                        (27) مناقب الخوارزمي : 130.

                        (28) روى نزولها في هذه القضية : أبوعبيد الهروي ، أبوبكر النقاش ، الثعلبي ، القرطبي ، سبط ابن الجوزي ، الحمو يني ، الزرندي ، السمهودي ، أبوالسعود ، الشربيني ، الحلبي ، المناوي ،... وغيرهم ، انظر : خلاصة عبقات الانوار 8|340 ـ 400.
                        (29) أنظر : خلاصة عبقات الانوار 9 | 79.
                        (30) أنظر : خلاصة عبقات الانوار 9|141 ـ 144.

                        (31) الصواعق المحرقة : 26.
                        (32) المسند 4|370 ، الخصائص : 100 ، تاريخ ابن كثير 7|346 ، الرياض النضرة 2|223.

                        (33) مسند أحمد 1|119.
                        (34) أسد الغابة 4|1 32.
                        (35) كنز العمال 15|115.
                        (36) مسند أحمد 4|368.
                        (37) كفاية الطالب : 62.
                        (38) اسد الغابة 1|8.
                        (39) أي رووه بصدره وذيله كما ذكرناه سابقاً... ولكن أحداً منهم لم يروالقصة كاملة ، فقد ذكروا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم « خطبهم » [ المسند 4|372 ] وأنه « قال ما شاء الله أن يقول » [المستدرك 3|109] وأنه « ما من شيء يكون إلى يوم الساعة إلا قد أخبرنا به يومئذ » [ مجمع الزوائد 9|105 ] فأين ما قال ؟! ولماذا لم يرووه ؟!

                        (40) وردت هذا الجملة في صدر الحديث في رواية أحمد وابن ماجة والبزار والنسائي وأبي يعلى والطبري وابن حبان والطبراني والدارقطني... وغيرهم من أعلام المحدثين من أهل السنة.
                        (41) الآية 6 من سورة الاحزاب.

                        (42) الآية 7 من سورة الحشر.
                        (43) رواه بفاء التفريع أحمد والنسائي والطبري والطبراني والضياء والمحاملي وأبويعلى وابن كثير والسمهودي وا لمتقي ، وغيرهم.
                        (44) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار 2|220.

                        (45) الآية 15 من سورة الحديد.
                        (46) انظر : خلاصة عبقات الانوار 8|15 ـ 88.
                        (47) رواه جماعة منهم أحمد وأبو نعيم والشبلي والخوارزمي وعمر الملا وعبدالقادر الطبري... أنظر : خلاصة عبقات الانوار 9|4 27 ـ 279.
                        (48) خلاصة عبقات الانوار 8|89 ـ 113.

                        (49) لقط اللآلي المتناثرة في الاحاديث المتواثرة ، للزبيدي : 251.
                        (50) الحديث في الصحيحين وغيرهما من الصحاح وغيرها. أنظر : البخاري ، باب في الحوض ، 4|87.
                        (51) المستدرك على الصحيحين 4|6 وصححه على شرطهما ، المعارف : 134 ، وغيرهما.

                        تعليق


                        • #27
                          إعداد الأُمة وتهيئتها لتولّي الإمام عليّ (عليه السلام) الخلافة

                          الدكتور عبد الجبار شرارة

                          لقد بدأت عملية إعداد الأُمة وتربيتها لقبول واستقبال خلافة الإمام عليّ (عليه السلام)، وقيادته للمسيرة الإسلامية بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، منذ وقتٍ مبكر، فعندما أُمر النبي الأكرم بالإنذار والتبليغ كما في قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ)(1) قال الطبري: وكان قبل ذلك في السنين الثلاث من مبعثه إلى أن أمر بإظهار الدعاء إلى الله، مستسراً مخفياً أمره (صلى الله عليه وآله)، وأنزل عليه: (وَأَنِذرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)(2) ثمّ أخرج الطبري روايةً عن عبد الله بن عباس عن عليّ بن أبي طالب، قال: (لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لي يا عليّ إنَّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعاً، وعرفتُ أني متى اباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليه حتى جاءني جبريل، فقال يا محمد إلاّ تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربُّك؛ فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجلَ شاة، واملأ لنا عسّاً من لبنٍ ثمّ اجمع لي بني عبد المطلب حتى اُكلّمهم وأُبلغهم ما اُمرتُ به، ففعلتُ ما أمرني به ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب والحمزة والعباس وأبو لهب...) وتكررت المحاولة فلما أكلوا وشربوا قال الطبري: (فتكلم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلمُ شاباً في العرب جاء قومَه بأفضل ما جئتكم به؛ إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن ادعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم. قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، فقلتُ وأني لأحدثهم سنّاً، وأرمصهم عيناً... أنا يا نبي الله اكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، قال ـ أي عليّ (عليه السلام) ـ فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمعَ لابنك وتطيع...)(3).

                          ومن هذه الرواية يتضح لنا أن أول عملية لإعداد الذهنية من أجل قبول عليّ، وصيّاً وخليفةً، قد تمت في الوسط الخاص، (عشيرة النبي المقربين) وكان ذلك جنباً إلى جنب مع التبشير برسالته والإعلان عن نبوته وبعثته صلوات الله وسلامه عليه.

                          ثمّ اتخذت عملية إعداد الأُمة منحىً آخر:

                          فقد بدأ القرآن يتنزل تباعاً، وبدأ الإمام عليٌّ يقاتل دونه مع رسول الله وبدأت الآيات القرآنية تنزل أيضاً في الإشادة بفضل الإمام عليّ (عليه السلام) وبفضائله، لأجل نفس الهدف. وقد أخرج ابن عساكر على ما نقله السيوطي: (أنه ما نزل في أحدٍ من كتاب الله كما نزل في عليّ...)(4)، وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس أيضاً (أنه نزلت في عليّ ثلاثمائة آية)(5).

                          ونورد هنا بعض الآيات التي ذكر غيرُ واحدٍ أنها نزلت في عليٍّ، وتدخل في هذا الإطار، أي تؤشر حقيقة إعداد الأُمة وتربيتها في هذا الاتجاه:

                          أ - جاء قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحمَنُ وُدّاً)(6) أخرج غير واحد من الحفاظ بأسانيد مختلفة أنها نزلت في عليّ، لأنَّ ما من مسلم إلاّ ولعلي في قلبه محبة..)(7).

                          فعن البراء بن عازب قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب يا عليّ: قل اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودّة.

                          فأنزل الله: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ) قال: نزلت في علي)(8).

                          ب - قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ...)(9) عن عليّ (عليه السلام) قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم نزلت (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبَّهَمْ...) قال: (هم الذين بارزوا يوم بدر عليّ وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة...)(10).

                          ج - قوله تعالى: (وَرَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهمْ لَمْ يَنَالُواْ خيْراً وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ...)(11). روى غير واحدٍ أن عبد الله ابن مسعود كان يقرأ هذه الآية هكذا: (وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنَينَ القِتَالَ) بعليّ بن أبي طالب(12).

                          د - قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)(13).

                          ذكر غير واحدٍ من الحفاظ والمحدثين عن ابن عباس قال: هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) خاصةً(14).

                          هـ - قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلواْ بُهتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) (15).

                          وورد بعدة طرق أنها نزلت في عليّ، وذلك أنَّ نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه(16).

                          إنّ مما يؤكد أن هذه الآيات قد جاءت ونزلت لبيان منزلة الإمام علي (عليه السلام) وعظمة شخصيته، ودوره الكبير في حياة الرسالة والرسول، وأنَّ المؤمنين يلزمهم وعي هذه الحقائق والانقياد اليها، مما يؤكد ذلك هو ما جاء من الأحاديث النبوية في تثبيت هذه المعاني.

                          فقد روى الصحابي سعد بن أبي وقاص قال: (أمرني معاوية أن أسبَّ أبا التراب، فقلت: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله، فلن أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهن أحبُّ إليَّ من حُمر النّعم، قد خلّفه رسولُ الله في بعض مغازيه، فقال عليٌّ: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان، فسمعتُ رسول الله يقول: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوةَ بعدي(17)، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الرايةَ رجلاً يحبُّ الله ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه، قال: فتطاولنا لها(18)، فقال: ادعوا لي عليّاً، فأُتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع الراية اليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْم فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبناءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبينَ)(19) دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال: اللهم هؤلاء أهلي) رواه مسلم(20) والترمذي(21).

                          إنَّ هذه الرواية ـ على طولها ـ التي رواها سعد تؤكد أموراً منها:

                          أ ـ نزول آية المباهلة ـ وهي الآية المذكورة في نص الرواية ـ في عليّ وزوجته البتول وولديهما الحسن والحسين (عليهم السلام).

                          ب - تؤكد أن هؤلاء هم أهل البيت دون سواهم(22). وبالتالي نفهم أنهم هم المقصودون في آية التطهير التي هي قوله تعالى: (... إِنَّمَا يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (23) وفي آية التطهير هذه يتبين لنا نزاهة عليّ وأمانته، وسمو ذاته وطهارته، بل عصمته.

                          ومن هنا يبدأ الاستحقاق لأن يحتلَّ عليٌّ مقام الخلافة والولاية وقيادة المسيرة، قال الراغب الأصفهاني: (لا يصلح لخلافة الله ولا يكمل لعبادته وعمرة أرضه إلاّ من كان طاهر النفس قد اُزيل رجسها ونجسها، فللنفس نجاسة كما إنّ للبدن نجاسة، لكن نجاسة البدن قد تدرك بالبصر ونجاسة النفس لا ترك إلاّ بالبصيرة... وإنما لم يصلح لخلافة الله إلاّ من كان طاهر النفس، لأنَّ الخلافة هي الاقتداء به تعالى على الطاقة البشرية، ومن لم يكن طاهر القول والفعل فكل إناء بالذي فيه يرشح...)(24).

                          يتبين لنا من ذلك أنَّ القرآن الكريم بعد أن أشادَ بفضل علي وبفضائله، ارتقى به الى منزلة التزكية المطلقة (التطهير) ثمّ صعدَ به إلى منزلةٍ على غاية من الأهمية إذ جعل نفسَ عليّ كنفس النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كما هو صريح آية المباهلة. وتأسيساً على ذلك، أكدّ النبي (صلى الله عليه وآله) مراراً وكراراً قائلاً: (عليّ مني وأنا من علي)(25) وعندما حاول بعض الناس الشكوى من عليّ بغيةَ التشويش على مقامه هذا ومنزلته، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما تريدون من عليّ..؟) ردّدها ثلاثاً، ثمّ قال (إنَّ علياً مني وأنا منه)(26).

                          ومن أجل قطع الطريق أمام المتشككين بهذه المنزلة الرفيعة التي أنزل الله تعالى فيها عليّاً، ولترسيخ وتأكيد ولايته وخلافته بع النبي، في كل ما يهم المسلمين من أجل ذلك جاء قوله تعالى: (إِنَّمَا وَليُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)(27) فقد ذكر الزمخشري أن هذه الآية المباركة نزلت في عليّ (عليه السلام) حين سأله سائل، وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه(28). ولإزالة الالتباس، وقطعاً لدابر أيّ تأويل في المراد بالولي وتشخيصه في مثل هذه الموارد، صرّح النبي (صلى الله عليه وآله) في أكثر من مناسبة قائلاً: (إنَّ عليّاً مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي...)(29) ولتأكيد ولاية عليّ، ودوره الهام بالنسبة إلى الرسالة الإسلامية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (عليٌّ مني وأنا من عليّ ولا يؤدي عني ـ أي بصفته نبيّاً رسولاً ـ إلاّ أنا وعليّ...)(30) ثُم رُسّخ هذا المفهوم عمليّاً جهاراً نهاراً في قصة تبليغ سورة براءة، كما أخرج هذه الرواية الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي بكر الصديق أنه قال: (إنّ النبي بعثه ببراءة إلى أهل مكة، فسارَ ثلاثاً ثمّ قال لعلي: الحقه، فردَّ عليٌّ أبا بكر وبلّغها، فلما قدم أبو بكر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا رسول الله حدثَ فيَّ شيء، قال: ما وجدتُ فيك إلاّ خيراً، لكنني اُمرت أن لا يبلغ إلاّ أنا أو رجلٌ مني...)(31) وفي الكشاف: روي أنَّ أبا بكر لما كان ببعض الطريق ـ أي لتبليغ سورة براءة ـ هبط جبرائيل (عليه السلام)، فقال: (يا محمد: لا يبلغن رسالتك إلاّ رجلٌ منك، فأرسل عليّاً...)(32).

                          وأخيراً ختم القرآن الكريم هذا الموضوع الحيوي والمهم أي عملية الإعداد الفكري والتربوي في آخر ما نزل منه في آية التبليغ ثمّ في آية إكمال الدين بعد حديث الغدير المشهور، وعنده لم يعد هناك عذرٌ لمعتذر. وقصة الغدير ـ كما تناقلها الرواة مع بعض الاختلاف ـ هي كما يأتي:

                          لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع، نزل عليه الوحي مُشدِّداً (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(33) فحطّ الركبُ عندَ غدير خمّ، وجمع الناس في منتصف النهار، والحرُّ شديد، وخطب فيهم قائلاً، كأني قد دُعيت فأجبتُ وإني تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتابَ الله وعترتي ـ وفي رواية مسلم (34) وأهل بيتي ـ فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض... ثمّ قال: إنَّ الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن، ثمّ أخذ بيد عليٍّ فقال: من كنت مولاه فهذا وليُّه ـ فهذا مولاه (35) ـ اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره(36).. وأدر الحقَّ معه حيثما دار..(37) وقد أعقبَ هذا الحدث الكبير نزول الوحي مرةَ أخرى بقوله تعالى: (... اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتمَمتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً...)(38).

                          وقد ورد في بعض الروايات أن الرسول القائد (صلى الله عليه وآله) قال بعد نزول هذه الآية في ذلك اليوم المشهود وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة(39) يوم الغدير قال: (الله أكبر، الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وبالولاية لعلي بعدي)(40).

                          وفي رواية لأحمد، (فلقيه عمر بن الخطاب ـ أي لقي علياً ـ بعد ذلك، فقال له هنيئاً أصبحت وأمسيتَ مولى كل مؤمن ومؤمنة...)(41).

                          ومما يؤسف له حقاً أن بعض الناس كان لا يرضيهم أن يُعطى عليّ مثل هذه الامتيازات والمقامات، وكان بعض الناس يكثر لغطه واعتراضه عندما يَخصُّ الرسول القائد علياً بذلك، فيضطر الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله أن يذكّرهم بأنه رسول ربّ العالمين الذي يصدع بما يؤمر وأنه: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى* إَنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌّ يُوحَى)(42).

                          ومن الشواهد على ذلك؛ ما رواه الترمذي وحسنه، عن جابر بن عبد الله قال: (دعا رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً يوم الطائف فانتجاه ـ أي كلّمة سرّاً ـ فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمّه، فقال الرسول: ما انتجيته ولكن الله انتجاه...)(43).

                          وعن ميمون عن زيد بن أرقم قال: (كان لنَفرٍ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبواب شارعة في المسجد قال: فقال رسول الله يوماً سدّوا هذه الأبواب إلاّ باب عليّ، قال: فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله فحمدَ اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: أما بعدُ فإني أُمرتُ بسدِّ هذه الأبواب، إلاّ باب عليّ، وقال فيه قائلكم؛ وإني والله ما سددتُ شيئاً ولا فتحتُهُ، ولكني اُمرتُ بشيء فاتبعتُه...)(44).

                          وهكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلما يخصُّ عليّاً دون سواه بأمر، يصرحُ لهم، ويبين للأمة أنَّ ذلك إنما هو بأمر من الله تعالى. وقد حدث ذلك في إرسال عليّ (عليه السلام) لتبليغ سورة براءة بدلاً من أبي بكر، وحدث ذلك يوم المناجاة في الطائف، وحدث ذلك يوم الغدير، إلى غير ذلك. ومما يلاحظ أيضاً أن المواقف الحاسمة في تاريخ الإسلام، وفي حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، بما فيها ما يتصل بحماية التجربة الإسلامية ومستقبلها، يلاحظ أن الرسول القائد كان يقدّم عليّاً ويدعوه شخصياً دون غيره لحسم تلك المواقف ودفع الخطر الداهم، حدث ذلك في معركة بدر الكبرى، إذ كان عليٌّ صاحب الراية، وقتل من صناديد المشركين من قتل، وحدث ذلك يوم اُحد إذ قتل عليٌّ طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين، روى الطبري قال: لما قتلَ عليُّ بن أبي طالب أصحاب الالوية، أبصرَ رسولُ الله جماعةً من المشركين فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرق جمعهم، وقتل عمرو الجمحي، ثمّ أبصرَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) جماعةً من المشركين، فقال لعلي احمل عليهم، فحمل عليهم ففرق جمعهم وقتل شيبة بن مالك، فقال (جبريل) يا رسولَ الله إنَّ هذه للمواساة، فقال رسول الله (صلىالله عليه وآله): إنه مني وأنا منه، فقال (جبريل) وأنا منكما، قال الطبري ثمّ سمعوا صوتاً يهتف:

                          (لا سيف إلاّ ذو الفقار* ولا فتى إلاّ علي)(45).

                          ويكفي ما نقله سعد بن أبي وقاص على ما روى الشيخان في يوم خيبر(46).

                          وقد يكون من المناسب أن نذكر هنا ما أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ولقد عاتبَ اللهُ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غير موضع وما ذكر علياً إلاّ بخير(47).


                          الهوامش:

                          1- سورة الحجر: الآية 94.

                          2- سورة الشعراء: الآية 214.

                          3- تاريخ الطبري: ج 3 ص 218 و 219 المطبعة الحسينية بمصر، الطبعة الأولى، راجع تفصيل الرواية وأسانيدها في ما نزل من القرآن في عليّ، لأبي نعميم، جمع الشيخ المحمودي، ص 155. وراجع تفسير الخازن: ج 3 ص 371 طبعة دار المعرفة / بيروت.

                          4- تاريخ الخلفاء، ص 171، الصواعق المحرقة، لابن حجر ص 127.

                          5- المصدران السابقان.

                          6- سورة مريم: الآية 96.

                          7- راجع ما نزل من القرآن في علي، لابي نعيم الأصبهاني، جمع الشيخ المحمودي، ص 130 وما بعدها.

                          8- شواهد التنزيل، الحسكاني، ج 1 ص 360 و 361 ط 1.

                          9- سورة الحج: الآية 19.

                          10- التاج الجامع للأصول: ج 4 ص 181، وقال رواه الشيخان (البخاري ومسلم) كتاب التفسير.

                          11- سورة الأحزاب: الآية 25.

                          12- (ما نزل من القرآن في علي) لأبي نعيم، تحقيق المحمودي، ص 172. وراجع ما نقله عن ميزان الاعتدال، الذهبي ج 2 ص 380 ترجمة عياد بن يعقوب تحت الرقم 4149.

                          13- سورة التوبة: الآية 119.

                          14- (ما نزل من القرآن في علي) لأبي نعيم ص 104، وراجع الهامش فقد نقل روايات بأسانيد مختلفة، وراجع أيضاً: الصواعق المحرقة، لابن حجر ص 152.

                          15- سورة الأحزاب: الآية 58.

                          16- راجع تفسير الكشاف ج 3 ص 559.

                          17- حديث المنزلة سبق تخريجه، راجع التاج الجامع للأصول ج 3 ص 332 رواه الشيخان والترمذي.

                          18- راجع: الرواية عن أبي هريرة وفيها قال عمر: (ما أحببتُ الإمارة إلاّ يومئذٍ فتساورت لها...). التاج الجامع للأصول ج 3 ص 331 رواه الشيخان.

                          19- سورة آل عمران: الآية 61.

                          20- صحيح مسلم ج 4 ص 1873.

                          21- صحيح الترمذي ج 5 ص 596، وراجع الصواعق المحرقة لابن حجر ص 143. وراجع الرواية في التاج الجامع للأصول ج 3 ص 333.

                          22- التاج الجامع للأصول، ج 4 ص 207 قال روى الترمذي ومسلم عن عمر بن اُم سلمة ربيب رسول الله: لما نزلت هذه الآية ـ التطهير ـ في بيت اُم سلمة دعا رسول الله فاطمة وحسناً وحسيناً وعلياً، فجللهم بكساء ثمّ قال: الله هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً قالت ام سلمة، وأنا معهم يا رسول الله. قال: أنت على مكانك، وأنت على خير.

                          23- سورة الأحزاب: الآية 33.

                          24- الذريعة إلى مكارم الشريعة: ابن المفضل الراغب الأصفهاني، ص 29 مراجعة وتعليق طه عبد الرؤوف سعد ط 1 مكتبة الكليات الأزهرية ـ القاهرة 1393 هجري، وراجع استفادة العصمة من آية التطهير، الاُصول العامة للفقه المقارن، محمد تقي الحكيم ص 174.

                          25- التاج الجامع للأصول: ناصف ج 3 ص 334، وراجع تاريخ الخلفاء: السيوطي ص 169.

                          26- صحيح الترمذي، ج 5 ص 594.

                          27- سورة المائدة: اية 55.

                          28- الكشاف: الزمخشري ج 1 ص 649 قال في الهامش في تخريج الحديث: رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن كهيل: قال: تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع فنزلت أي الآية. ولابن مردويه عن سفيان الثوري عن ابن سنان عن الضحاك عن ابن عباس مثله. وراجع أيضاً أسباب النزول: الواحدي ص 134 قال: نزلت في علي.

                          29- صحيح الترمذي، السابق ـ باب فضائل الإمام عليّ، وراجع التاج الجامع للأصول ج 3 ص 335.

                          30- المصدر السابق.

                          31- مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 1 ص 3 ـ طبعة دار صادر، وراجع: تفسير الكشاف الزمخشري ج 2 ص 243، وراجع الرواية أيضاً في صحيح الترمذي ج 5 ص 594.

                          32- الكشاف المصدر السابق.

                          33- سورة المائدة: الآية 67، قال الواحدي في أسباب النزول ص 135، نزلت في غدير خم.

                          34- صحيح مسلم ج 4 ص 1874.

                          35- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 333. رواية عن زيد بن أرقم عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهي في صحيح الترمذي أيضاً ج 5 ص 591.

                          36- مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281، 368 دار صادر، وراجع تفسير ابن كثير ج 1 ص 22. وراجع سنن ابن ماجة المقدمة ج 1 باب 11 وراجع تحقيقات وافية شافية في أسانيد الحديث الغدير العلامة الأميني. وراجع البداية والنهاية: لابن كثير أيضاً بعدة طرق ج 7 ص 360 و 361.

                          37- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 337. رواه مستقلاً: (رحم الله عليّاً اللهم أدر الحق معه حيث دار..).

                          38- سورة المائدة: الآية 3.

                          39- راجع الإتقان: السيوطي ج 1 ص 75 في رواية نزول الآية يوم الغدير وأنه يوم الثامن عشر من ذي الحجة. وراجع أسباب النزول: الواحدي ص 135.

                          40- مناقب أمير المؤمنين: الحافظ محمد بن سلمان الكوفي القاضي من أعلام القرن الثالث تحقيق الشيخ المحمودي ج 1 ص 119 مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم 1412 هجري.

                          41- مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281، وقد أشهد عليٌّ جمعاً من الناس، فشهد له ثلاثون أنهم سمعوا هذا الحديث من رسول الله. ابن كثير: البداية والنهاية ج 7 ص 360.

                          42- سورة النجم: الآية 3 - 4.

                          43- راجع صحيح الترمذي، ج 5 ص 597، وراجع البداية والنهاية: لابن كثير ج 7 ص 369، وراجع التاج الجامع للأصول ج 3 ص 336.

                          44- مسند الإمام احمد ج 4 ص 369، وراجع تاريخ ابن كثير ج 7 ص 355.

                          45- تاريخ الطبري ج 2 ص 25 وص 65 - 66 ـ طبعة المكتبة العلمية ـ بيروت.

                          46- رواية سعد أخرجها الشيخان، راجع هامش 54 و55.

                          47- تأريخ الخلفاء: السيوطي ص 171.



                          تعليق


                          • #28
                            بارك الله بكم أخي إبراهيم على هذا الموضوع القيّم .. وتقبله منكم بأحسن القبول.

                            تعليق


                            • #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة حنين
                              بارك الله بكم أخي إبراهيم على هذا الموضوع القيّم .. وتقبله منكم بأحسن القبول.
                              =================

                              مرور مبارك و موفقه ان شاء الله يا ابنتي

                              تحياتي الولائيه و كل عام و انت بخير بمناسبه عيد الغدير الاغر

                              الحاج ابراهيم علي عوالي العاملي

                              تعليق


                              • #30
                                اَلْحَمْدُ للهِ الّذى جَعَلَنا مِنَ الْمُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالاَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى اَكْرَمَنا بِهذَا الْيَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفنَ، بِعَهْدِهِ اِلَيْنا وَميثاقِهِ الّذى واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ اَمْرِهِ وَالْقَوّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدينَ وَالْمُكَذِّبينَ بِيَوْمِ الدِّينَ .

                                و كذلك

                                وَآخَيْتُكَم فِى اللهِ، وَصافَيْتُكَم فِى اللهِ، وَصافَحْتُكَم فِى اللهِ، وَعاهَدْتُكم اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَكُتُبَهُ وَرُسُلَهُ وَاَنْبِيآءَهُ وَالاَْئِمَّةَ الْمَعْصُومينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَلى اَنّى اِنْ كُنْتُ مِنْ اَهْلِ الْجَنَّةِ وَالشَّفاعَةِ وَاُذِنَ لى بِاَنْ اَدْخُلَ الْجَنَّةَ لا اَدْخُلُها اِلاّ وَاَنْتَم مَعى .


                                الحاج ابراهيم علي عوالي العاملي
                                خادم شيعه ال محمد عليهم الصلاه و السلام

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X