إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

تحدي موجه لكل شيعي لينقذ ما تبقى من دينه الاثني عشري

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    الآية الثالثة في سورة طه:

    قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى).


    التحقيق حول الآية الكريمة:

    صرح أكثر الفقهاء والمفسرين من الفريقين(36) بأن التسبيح الذي أمر الله سبحانه به في هذه الآية هو الصلوات الخمس المكتوبة، أو المكتوبة والمندوبة، وأن الله سماها تسبيحاً من باب تسمية الكل باسم البعض كما سماها قرآناً وسجوداً وذكراً، أو لأن التسبيح لغة هو التنزيه والتقديس، والصلاة من أبرز مظاهرهما.

    قال السيد محمد رشيد رضا في تفسيره: "وكانوا يعبرون عن الصلاة بالتسبيح ويقولون سبح الغداة مثلاً أي صلى الفجر"(37).

    ويؤيد هذا نصوص مروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه والتابعين كما ستمر عليك قريباً.

    والآية - كما ترى - تذكر أوقاتاً أربعة(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وهذا وقت لصلاة الصبح بلا خلاف، وهو بيان لآخر وقتها، وعلى هذا نعلم بطلان من رأى أن وقت صلاة الصبح الاختياري ينتهي في وقت تعارف الوجوه وهو الإسفار والتنوير(38) (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا). وهذا وقت للظهر والعصر مشتركاً بينهما، وهو بيان لآخره، ومن هنا نعلم أيضاً بطلان من رأى أن وقت صلاة العصر الاختياري ينتهي إلى اصفرار الشمس في الأرض والجدران(39)، ومن ذهب أيضاً إلى أن من أخّرَ صلاة العصر إلى تجاوز الظل عن مثليه يأثم، وأنه يحرم عليه أن يؤخرها إلى هذا الوقت(40).

    (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّح) أي ساعات من الليل وهو وقت للمغرب والعشاء مشتركاً بينهما أيضاً، وإن هذا الوقت هو بعض الليل لا كله، لأن (مِن) للتبعيض، وينتهي الوقت (حسب روايات أهل البيت وفتاوى شيعتهم) للمختار غير المضطر في منتصف الليل، وهو الوقت القريب من النهار في قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل) أي ساعات من الليل قريبة من النهار، وبذلك نعلم بطلان من رأى أن صلاة العشاء يمتد وقتها إلى طلوع الفجر الصادق الذي به يكون انتهاء الليل(41).

    (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) وهذا الوقت الرابع اختلف المفسرون في المراد منه وستمر عليك بعض أقوالهم فيه، والظاهر لنا –والله أعلم- أن (أَطْرَافَ) جمع طرف، والجمع في اللغة لا يكون أقل من ثلاثة وعليه فإن أُريد به أول النهار ووسطه وآخره، يكون ذلك تأكيداً من الله سبحانه لعباده على صلوات النهار المفروضة الواقعة في أطرافه وهي الصبح والظهر والعصر التي ذكرها بقوله: (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا). وإن أُريد به مطلق أطرافه أي ساعاته فإنه يكون ترغيباً من الله لعباده في التطوع بمطلق الصلاة المندوبة في أي وقت شاء من النهار.

    ويـؤيد هذا ما روى شيخنا الكليني بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) قال: يعني تطوع بالنهار(42).

    فظهر لنا من الآية الكريمة أن فيها دلالة واضحة على اتساع الوقت وامتداده لصلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ولصلاتي الظهر والعصر إلى غروبها، والمغرب والعشاء إلى منتصف الليل، وأن مجموع أوقات الصلوات المفروضة ثلاثة لا خمسة. وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.

    أقوال وروايات أهل السنة في الآية الكريمة:

    وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآية الكريمة:

    1- قال الطبري في تفسيره:

    (…(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك) يقول: وصلّ بثنائك على ربك (إلى أن قال) وقوله: (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْس) وذلك صلاة الصبح، (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وهي العصر، (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ) صلاة العشاء الآخرة، لأنها تُصلى بعد مضي آناء الليل، وقوله: (وَأَطْرَافَ النَّهَار) يعني صلاة الظهر والمغرب، وقيل (أَطْرَافَ النَّهَار) الصلاتان اللتان ذكرناهما)(43).

    يقصد الطبري بالصلاتين اللتين ذكرهما صلاة الصبح والعصر، وعليه يكون الوقت الرابع في الآية للتأكيد على الصلاة المذكورة (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وهي الصبح والظهر والعصر، وهذا هو الأصوب.

    وروى الطبري(44) بإسناده عن أبي زيد عن أبن عباس (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال: الصلاة المكتوبة، وروى حديثاً آخر عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي(صلى الله عليه وآله) أن المراد من التسبيح هو الصلوات المكتوبة. وروى عن قتادة في قوله تعالىفسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قال: هي صلاة الفجر، (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال: صلاة العصر( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ) قال: صلاة المغرب والعشاء، (وَأَطْرَافَ النَّهَار) قال: صلاة الظهر.


    2- وقال أبو بكر احمد بن علي الجصّاص الحنفي في عرضه لمواقيت الصلوات في القرآن:

    ((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى). وهذه الآية منتظمة لأوقات الصلوات أيضاً، فهذه الآيات كلها فيها ذكر أوقات الصلوات)(45).


    3- قال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:

    (والمراد بالتسبيح الصلاة، أو على ظاهره، قدّم الفعل على الأوقات أولاً، والأوقات على الفعل آخراً، فكأنه قال: صلّ لله قبل طلوع الشمس يعني الفجر، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يعني الظهر والعصر، لأنهما واقعان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها، وتعمّد آناء الليل وأطراف النهار مختصاً لهما بصلاتك.. وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العُتمة (أي صلاة العشاء) وفي أطراف النهار: صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار إرادة الاختصاص كما اختصت في قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى…) (46).


    4- وقال الفخر الرازي في تفسيره:

    (المسألة الثالثة: اختلف المفسرون في التسبيح على وجهين.

    فالأكثرون على أن المراد منه الصلاة وهؤلاء اختلفوا على أوجه.

    الأول إن الآية تدل على الصلوات الخمس لا أزيد ولا أنقص، فقال أبن عباس: دخلت الصلوات الخمس فيه، فقبل طلوع الشمس هو صلاة الفجر، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا هو الظهر والعصر، لأنهما جميعاً قبل الغروب، (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) فسبّح: المغرب والعشاء الأخيرة، ويكون قوله: (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) كالتوكيد للصلاتين في طرفي النهار، وهي صلاة الفجر وصلاة المغرب كما اختُصت في قولهوَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) بالتوكيد)(47).

    ثم قال: (القول الثاني: إن الزيادة تدل على الصلوات الخمس وزيادة، وأن الزيادة هي قوله تعالى: (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) للنوافل)(48).


    5- وقال الحافظ أبن كثير الدمشقي الشافعي في تفسيره:

    (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) يعني صلاة الفجر(وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) يعني صلاة العصر.. وقال الإمام احمد: حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عبد المـلك بن عمير، عن عمـارة بن رؤيبة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لن يلج النار أحد صلى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا. ورواه مسلم من حديث عبد الملك بن عمير..(وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ) أي من ساعاته فتهجّد به، وحمله بعضهم على المغرب والعشاء(وَأَطْرَافَ النَّهَارِ" في مقابلة آناء الليل)(49).


    6- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:

    (أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وأبن المنذر، وأبن أبي حاتم، عن أبن عباس في قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" قال: هي الصلاة المكتوبة. وأخرج عبد الرزاق، وأبن جرير، وأبن المنذر، وأبن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قال: هي صلاة الفجر، (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال: صلاة العصر، (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) قال: صلاة المغرب والعشاء، (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) قال: صلاة الظهر. وأخرج أبن أبي شيبة، ومسلم، وأبو داود، والنَسائي، عن عمارة بن رؤيبة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لن يلج النار أحد صلى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا). وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: حافظ على العصرين، وما العصرين؟ قال: صلاة (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)..)(50).


    7- وقال الجلالان في تفسيرهما:

    (..(وَسَبِّحْ) وصل (بِحَمْدِ رَبِّكَ) حال، أي متلبساً به (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) صلاة الصبح (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) صلاة العصر(وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) ساعاته (فسبّح) صلّ المغرب والعشاء (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) عطف على محل (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) المنصوب، أي صل الظهر لأن وقتها يدخل بزوال الشمس فهو طرف النصف الأول، وطرف النصف الثاني(لَعَلَّكَ تَرْضَى) بما تُعطى من الثواب)(51).


    8- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:

    (.."وسبّح" متلبساً "بحمد ربك" أي صلّ وأنت حامد لربك الذي يُبلِغك إلى كمالك على هدايته وتوفيقه، أو نزّهه تعالى عما ينسبون إليه بما لا يليق بشأنه الرفيع، حامداً له على ما ميّزك بالهدى، معترفاً بأنه مولى النعم كلها، والأول هو الأظهر المناسب لقوله تعالى(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) فإن توقيت التنزيه غير معهود، فالمراد صلاة الفجر،(وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) يعني صلاة الظهر والعصر لأنهما قبل غروبها وبعد زوالها..(وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) أي ساعاته جمع إنى بالكسر والقصر، وآناء بالفتح والمدّ (فسبّح) أي فصلّ والمراد به المغرب والعشاء…(وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) تكرير لصلاة الفجر والمغرب، إيذاناً باختصاصهما بمزيد مزيّة.. أو أمر بالتطوع في أجزاء النهار)(52).


    9- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:

    (…"وسبّح" أي صلّ "بحمد ربك" أي وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه، معترفاً بأنه مولى النعم كلها، بأن تقول في صلاتك: الحمد لله رب العالمين… الخ، وليكن ذلك(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وهي صلاة الفجر التي تكون في أوقات الصفاء والجمال والبهجة وإشراق الجو بنور بهج بديع مشرق مذكّر بالنور الإلهي المالئ للكون "وقبل غروبها" وقت الظهر ووقت العصر، وقد أزفت ترحل من العالم الأرضي إلى عالم أرضي آخر، فتكون الصلاة في هذين الوقتين للاعتراف بما حباه الله للناس من النور الذي أكسبهم حياة ومعيشة، وسبّب لهم الخيرات والنعم، وأحاطهم بأصناف الكرامات من جنات وأعناب وسحاب وضياء به يبصرون طرقهم (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فسبَّح) الآناء جمع إنى بالكسر والقصر، أو آناء بالفتح والمدّ أي الساعات يقول: صل في ساعات الليل المغرب والعشاء… وأما قوله تعالى (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) فأنه تكرار لصلاة الصبح وصلاة المغرب وهو معطوف على "قبل" يقول الله: سّبحني في هذه الأوقات(لَعَلَّكَ تَرْضَى) أي رجاء أنك ترضى…)(53).


    10- وقال الأستاذ (سيد قطب) في تفسيره:

    (وأتجه إلى ربك بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. في هدأة الصبح وهو يتنفس ويتفتح بالحياة، وفي هدأة الغروب والشمس تودّع، والكون يغمض أجفانه، وسبح بحمده فترات من الليل والنهار.. كن موصولاً بالله على مدار اليوم… لعلك ترضى.

    إن التسبيح بالله اتصال، والنفس التي تتصل تطمئن وترضى، ترضى وهي في ذلك الجوار الرضي، وتطمئن، وهي في ذلك الحمى الآمن.

    فالرضى ثمرة التسبيح والعبادة، وهو وحده جزاء حاضر ينبت من داخل النفس، ويترعرع في حنايا القلب)(54).


    الآية الرابعة والخامسة في سورة الروم:

    قال تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ(17)وَلَهُ الْحَمْدُ 0فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ).

    التحقيق حول الآيتين الكريمتين:

    نصّ الكثير من الفقهاء والمفسّرين من الفريقين أن التسبيح في الآية هو الصلوات الخمس المكتوبة، وهو خبر، ولكن المراد به الأمر، أي سبّحوه ونزّهوه بمعنى: صلوا له في هذه الأوقات.

    ووردت في ذلك نصوص صريحة عن بعض الصحابة والتابعين كما سيأتي.

    ووجه تسمية الصلاة بالتسبيح هو أن التسبيح تنزيه لله تعالى عن صفات المخلوقين، إذ هو المتعال عنهم المختص بالعبادة له دونهم، وكما أنه منزّه عن صفات المخلوقين كذلك هو جلّ وعلا متصف بما وصف به نفسه من صفات الكمال المطلق الذي لا يتصف به المخلوقين، ومن كان كذلك استحق مطلق الحمد والثناء، ولذلك قرن الحمد له بالتسبيح.

    والآيتان – كما ترى - تذكران أوقاتاً أربعة(َفسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) صلاة المغرب والعشاء معاً على ما نص عليه أكثر المفسرين. إذ الإمساء الدخول في المساء وهو مجيء الليل، كما أن الإصباح الدخول في الصباح وهو مجيء ضياء النهار، ثم قال: (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح بلا خلاف، (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وذُكِرَ الحمد هنا إشارة إلى أن له تبارك وتعالى الحمد والثناء المطلق في العالمين العلوي والسفلي،(وَعَشِيًّا) صلاة العصر عطفاً على أوقات الصلوات المتقدمة،(وَحِينَ تُظْهِرُونَ) وهذا الوقت الرابع، والمراد منه صلاة الظهر.

    فتكون الآية – على هذا - قد ذكرت للصلاة المكتوبة أربعة أوقات، في حين بقية الآيات السابقة والآيات اللاحقة تذكر للصلاة أوقاتاً ثلاثة.

    والظاهر لي بعد التدبّر والإمعان – والله أعلم - أن من أهداف هاتين الآيتين بالخصوص بيان أن الجمع بين الصلاتين مشرّع ولا مانع منه لذا عيّنت الآية الأولى وقتاً واحداً لصلاتي المغرب والعشاء معاً بنصها: (وحِينَ تُمْسُونَ) ثم بيان أن التفريق بين الصلاتين مشرّع أيضاً ولا مانع منه، لذا ذكرت الآية الثانية وقتاً خاصاً لصلاة الظهر، وآخر لصلاة العصر، بنصهاوَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ).

    فتكون الآيتان (مع ملاحظة الآيات الأخرى) مؤيدين لروايات أهل البيت (عليهم السلام) في جواز الجمع بين الصلاتين من جهة والتفريق بينهما من جهة أخرى، وأنهم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.

    أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:

    وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين.

    1- قال الطبري في تفسيره:

    (…(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) يقول تعالى ذكره: فسبّحوا الله أيها الناس، أي صلّوا له حين تمسون وذلك صلاة المغرب(55) وحين تصبحون وذلك صلاة الصبح، (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وله الحمد في جميع خلقه دون غيره في السماوات من سكانها، والأرض من أهلها من جميع أصناف خلقه فيها،(وَعَشِيًّا) يقول: وسبّحوه أيضاً عشياً وذلك صلاة العصر(وَحِينَ تُظْهِرُونَ) يقول: وحين تدخلون في وقت الظهر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل)(56).

    وذكر في هذا روايات عديدة منها عن ابن عباس قال: جمعت هاتان الآيتان مواقيت الصلاة (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) قال: المغرب والعشاء، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الفجر، (وَعَشِيًّا) العصر (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهر.

    ثم ذكر الطبري مثل هذه الرواية من طرق ثمانية عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد.


    2- وقال أبو بكر أحمد بن علي الجصاص الحنفي:

    (وروى ليث، عن الحكم عن أبي عياض، قال: قال ابن عباس: جمعت هذه الآية مواقيت الصلاة (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) المغرب والعشاء (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الفجر، (وَعَشِيًّا) العصر (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهر، وعن الحسن مثله)(57).


    3- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:

    (والمراد بالتسبيح ظاهره فيها الذي هو تنزيه الله من السوء والثناء عليه بالخير في هذه الأوقات لما يتجدد فيها من نعمة الله الظاهرة، وقيل: الصلاة، وقيل لابن عباس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم وتلا هذه الآية (تُمْسُونَ) صلاة المغرب والعشاء (وتُصْبِحُونَ) صلاة الفجر(وَعَشِيًّا) صلاة العصر (وتُظْهِرُونَ) صلاة الظهر)(58).


    4- وقال الفخر الرازي في تفسيره:

    (وأما المعنى فقال بعض المفسرين: المراد منه الصلاة، أي صلّوا. وذكروا أنه أشار إلى الصلوات الخمس ..)(59).


    5- وقال الحافظ ابن كثير الدمشقي الشافعي في تفسيره:

    (هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء وهو إقبال الليل بظلامه، وعند الصباح وهو إسفار النهار بضيائه. ثم اعترض بحمده مناسباً للتسبيح وهو التحميد فقال تعالى وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي هو المحمود على ما خلق في السموات والأرض، ثم قال تعالى: (وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) فالعشاء هو شدة الظلام، والإظهار قوة الضياء)(60).


    6- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:

    (وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم – وصححه - عن أبي رزين قال: جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عباس فقال: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم، فقرأ (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) صلاة المغرب (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح، (وَعَشِيًّا) صلاة العصر(وَحِينَ تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر، وقرأ "ومن بعد صلاة العشاء")(61).

    وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وأبن المنذر، عن ابن عباس قال: جمعت هذه الآية مواقيت الصلاة (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) قال: المغرب والعشاء، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الفجر، (وَعَشِيًّا) العصر، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهر.

    وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وأبن المنذر، عن مجاهد مثله)(62).


    7- وقال الجلالان في تفسيرهما:

    (…(فَسُبْحَانَ اللَّهِ) أي سبحوا الله بمعنى صلوا (حِينَ تُمْسُونَ) أي تدخلون في المساء، وفيه صلاتان: المغرب والعشاء،(وَحِينَ تُصْبِحُونَ) تدخلون في الصباح، فيه صلاة الصبح،(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) اعتراض ومعناه يحمده أهلهما(وَعَشِيًّا) عطف على (حين) وفيه صلاة العصر،(وَحِينَ تُظْهِرُونَ)، تدخلون في الظهيرة وفيه صلاة الظهر)(63).


    8- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:

    (وقيل: المراد بالتسبيح والحمد الصلاة لاشتمالها عليهما، وقد روي عن أبن عباس: أن الآية جامعة للصلوات الخمس(تُمْسُونَ) صلاتا المغرب والعشاء، و(تُصْبِحُونَ) صلاة الفجر، و(عشياً) صلاة العصر، و(تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر)(64).


    9- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:

    (..(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُون) أي فسبّحوا لله، والتسبيح تنزيه الله من السوء، والثناء عليه بالخير في الصلاة وغيرها، وقد سأل نافع بن الأزرق أبن عباس قائلاً: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال نعم، وقرأ هاتين الآيتين، وقال: جمعت الصلوات الخمس ومواقيتها، قال العلماء: وذلك أن قوله(تُمْسُونَ) صلاة المغرب والعشاء، وقوله (تُصْبِحُونَ )صلاة الفجر، (وَعَشِيًّا) صلاة العصر، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر)(65).


    10- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:

    (والنص يربط التسبيح والحمد بالأوقات: الإمساء والإصباح والعشي والإظهار، كما يربطهما بآفاق السماوات والأرض. فيتقصّى بهما الزمان والمكان، ويربط القلب البشري بالله في كل بقعة وفي كل أوان، ويشعر بتلك الرابطة في الخالق مع هيكل الكون ودورة الأفلاك وظواهر الليل والنهار والعشي والإظهار.. ومن ثم يظل القلب مفتوحاً يقظاً حساساً، وكل ما حوله من مشاهد وظواهر، وكل ما يختلف عليه من آونة وأحوال يذكّره بتسبيح الله وحمده ويصله بخالقه وخالق المشاهد والظواهر والآونة والأحوال)(66).

    تعليق


    • #32
      الآية السادسة والسابعة في سورة ق:

      قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ(39)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ).

      التحقيق حول الآيتين الكريمتين:

      هاتان الآيتان قريبة في نصهما ومفادهما من آية سورة طه(67) وقد صرح أكثر الفقهاء والمفسرين من الفريقين أن التسبيح الذي أمر الله به فيهما هو الصلوات الخمس المكتوبة والمندوبة بعدها.

      ويؤيد هذا نصوص مروية عن بعض الصحابة والتابعين(68).

      والآيتان – كما ترى - تذكر أوقاتاً أربعةَ(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْس) وهذا وقت للصبح بلا خلاف، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) وهذا وقت للظهر والعصر مشتركا بينهما، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْه) أي بعض الليل فصلّ له، وهو وقت للمغرب والعشاء مشتركاً بينهما أيضاً،ُ(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وهذا الوقت الرابع، وقد ذهب المفسرون في المراد منه إلى قولين:


      الأول: أن المراد منه النوافل بعد الفريضة أو بعضها.

      الثاني: أنه التعقيب والذكر بعدها، والقول الأول أشهر، وقد وردت فيه نصوص عن الأئمة الأطهار من طرق الفريقين. فقد روى شيخنا الكليني في (فروع الكافي)(69) بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر قال: قلت له: (وأدبار السجود)؟ قال: ركعتان بعد المغرب، والظاهر أنه عليه السلام يريد صلاة الغفيلة وهي ركعتان تصلى بعد صلاة المغرب استحباباً.

      وروى العلامة الشيخ احمد الجزائري قائلاً: (وفي الصحيح عن أبن أبي عمير، عن الرضا(عليه السلام) قال: أدبار السجود أربع ركعات بعد المغرب، وأدبار النجوم ركعتان قبل صلاة الصبح)(70).

      وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بسنده عن أبن أبي بصير(71) قال: (سألت الإمام الرضا(عليه السلام) عن قول الله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) قال أربع ركعات بعد المغرب)(72) والمراد بأربع ركعات هنا نافلة المغرب.

      ويمكن أن يستظهر من هذا الاختلاف بين الرواية الأولى عن أبي جعفر، وبين الروايتين عن الإمام الرضا (عليه السلام) أن المراد من قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) مطلق النوافل البعدية ويكون ذكر الركعتين عن أبي جعفر (عليه السلام) والأربع ركعات عن الرضا (عليه السلام) من باب التمثيل لا التعيين.

      وروى أهل السنة عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أنها ركعتان بعد المغرب.

      فالآيتان الكريمتان فيهما دلالة واضحة (كغيرها من الآيات) على اتساع الوقت وامتداده لصلاة الصبح إلى طلوع الشمس، والظهر والعصر إلى الغروب، والمغرب والعشاء إلى منتصف الليل، وأن مجموع أوقات الصلوات المفروضة ثلاثة لا خمسة، وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.

      أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:

      إليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين:


      1- قال الطبري في تفسيره:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) يقول: صلّ بحمد ربك صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، وصلاة العصر قبل الغروب)(73).

      وذكر الطبري على ذلك روايات من طرقهم عن علمائهم، ثم قال: وقوله تعالى (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) فقال بعضهم: عنى بذلك صلاة العُتمة (أي العشاء) وقال آخرون: هي صلاة بالليل في أي وقت صلّى.

      ثم روى الطبري عن مجاهد: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) قال: الليل كله، ثم قال الطبري: والقول الذي قاله مجاهد في ذلك أقرب إلى الصواب، وذلك أن الله – جل ثناؤه - قال: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) فلم يحدّ وقتاً من الليل دون وقت، وإذا كان ذلك كذلك كان على جميع ساعات الليل، وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا فهو بأن يكون أمراً بصلاة المغرب والعشاء أشبه منه بأن يكون أمراً بصلاة العُتمة، لأنهما يصليان ليلاً. وقوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) قيل: هما الركعتان بعد صلاة المغرب. وذكر في ذلك روايات عديدة.


      2- وقال أبو بكر احمد بن علي الجصاص الحنفي في كتابه:

      (وروى أبو رزين عن أبن عباس (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) قال: الصلاة المكتوبة)(74).


      3- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) حامداً ربَك، والتسبيح محمول على ظاهره، أو على الصلاة، فالصلاة (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) الفجر، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) العشاءان، (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) التسبيح في آثار الصلوات، والركوع والسجود يُعَبّر بهما عن الصلاة. وقيل: النوافل بعد المكتوبة. وعن علي رضي الله عنه: الركعتان بعد المغرب، وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله): من صلّى بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في علييّن. وعن أبن عباس: الوتر بعد العشاء، والأدبار جمع دبر، وقرأ: وأدبار من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت. ومعناه وقت انقضاء السجود كقولهم: أتيتك خفوق النجم)(75).


      4- وقال الفخر الرازي في تفسيره:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) يحتمل وجوهـاً. أحدها أن يكون الله أمر النبي(صلى الله عليه وآله) بالصلاة، فيكون كقوله تعالى: (أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) وقوله تعالىقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) إشارة إلى طرفي النهار، وقولهوَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إشارة إلى زلفاً من الليل..وقوله: (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وقد تقدم بعض ما يقال في تفسيره، ووجه آخر هو إشارة إلى الأمر بإدامة التسبيح، فقولهبِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ(39)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْه) إشارة إلى أوقات الصلوات، وقوله: (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) يعني بعدما فرغت من السجود وهو الصلاة فلا تترك تسبيح الله وتنزيهه بل داوم أدبار السجود ليكون جميع أوقاتك في التسبيح..)(76).


      5- وقال الحافظ أبن كثير الدمشقي الشافعي في تفسيره:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتان قبل طلوع الشمس في وقت الفجر، وقبل الغروب في وقت العصر (إلى أن قال): صلاة الصبح والعصر فهما قبل طلوع الشمس وقبل الغروب: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي فصلّ له، (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) قال أبن أبي نجيح عن مجاهد عن أبن عباس: هو التسبيح بعد الصلاة.

      والقول الثاني: أن المراد بقوله: (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) هما الركعتان بعد المغرب. وروي ذلك عن عمر، وعلي، وأبنه الحسن، وأبن عباس، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وبه يقول مجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخعي، والحسن، وقتادة وغيرهم)(77).


      6- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:

      (..أخرج الطبراني في (الأوسط)، وابن عساكر عن جرير بن عبد الله عن النبي(صلى الله عليه وآله) في قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) قال : قبل طلوع الشمس صلاة الصبح، وقبل الغروب صلاة العصر..وأخرج ابن جرير عن أبن زيد في قولهوَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) قال: العُتمة، (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) النوافل. وأخرج أبن جرير عن مجاهد (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) قال: الليل كله.. وأخرج أبن المنذر، وأبن نصر عن أبي تميم الجيشاني قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) هما الركعتان بعد المغرب)(78).

      وأكثر السيوطي من نقل الروايات في هذه المعاني.


      7- وقال الجلالان في تفسيرهما:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) صلّ حامداً (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أي صلاة الصبح، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي صلاة الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي صلاة العشائين (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) بفتح الهمزة جمع دبر، وبكسرها مصدر أدبر، أي صلّ النوافل المسنونة عقب الفرائض)(79).


      8- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:

      (..(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) هما وقت الفجر والعصر، وفضيلتهما مشهورة، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) وسبحه بعض الليل (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وأعقاب الصلوات، جمع دبر، وقرئ بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت، ومعناه وقت انقضاء السجود. وقيل: المراد بالتسبيح الصلوات، فالمراد بما قبل الطلوع صلاة الفجر، وبما قبل الغروب الظهر والعصر، وبما من الليل العشاءان والتهجد، وما يصلّى بأدبار السجود النوافل بعد المكتوبة)(80).


      9- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:

      (..(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي وقت الفجر، ووقت الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي وسبّحه بعض الليل (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وأعقاب الصلاة، ومعنى هذا أن يقول: سبحان الله والحمد لله في أحوال أربعة وقت الفجر، ووقت الظهر والعصر، أو العصر فقط، وفي الليل، وعقب الصلوات، فيكون التسبيح على ظاهره.

      وقيل: أن التسبيح نفس الصلاة فيكون صلاة الفجر، وصلاة الظهر والعصر، وصلاة المغرب والعشاء، والرابع النوافل بعد الصلوات. وإنما سميت هذه الصلوات تسبيحاً تسميةً بالجزء منها وهو ما في الركوع والسجود من التسبيح، فالتسبيح على الأول خارج الصلاة، والتسبيح في الثاني صلاة وتسبيح داخل فيها، ولا جَرَم أن الحمد مذكور في (الفاتحة) والتسبيح في الركوع والسجود، ومعنى (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وقت انقضاء السجود كقولهم (آتيك خفوق النجم) وفي حديث البخاري عن أبن عباس قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يُسبّح في أدبار الصلوات كلها، يعني قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ)..)(81).


      10- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:

      (وطلوع الشمس وغروبها ومشهد الليل الذي يعقب الغروب..كلها ظواهر مرتبطة بالسماوات والأرض. وهو يربط إليها التسبيح والحمد والسجود، ويتحدث في ظلالها عن الصبر على ما يقولون من إنكار للبعث وجحود بقدرة الله على الإحياء والإعادة. فإذا جوٌّ جديد يحيط بتلك اللمسة المكررة، جو الصبر والحمد والتسبيح والسجود، موصولاً كل ذلك بصفحة الكون وظواهر الوجود، تثور في الحس كلما نظر إلى السماوات والأرض، وكلما رأى مطلع الشمس، أو مقدم الليل، وكلما سجد لله في شروق أو غروب)(82).


      الآية الثامنة والتاسعة في سورة الطور:

      قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ).

      التحقيق حول الآيتين الكريمتين:

      كثرت أقوال الفقهاء والمفسرين ورواياتهم حول هاتين الآيتين وتفسيرهما(83) وترجع مجموع تلك الأقوال إلى ثلاثة:


      أولها- أن المراد من التسبيح الصلاة المفروضة والأمر بها في هذه الأوقات (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) أي من نوم القائلة(84) وهو وقت لصلاتي الظهر والعصر،َ(مِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) وهو وقت لصلاتي المغرب والعشاء، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أي أعقاب غياب النجوم وهو وقت لصلاة الصبح.


      ثانيها- أن المراد من التسبيح هو ذكر الله بتسبيحه وحمده، وذلك إنك إذا قمت إلى الصلاة المفروضة فقل: سبحانك اللهم وبحمدك، أو إذا قمت من المجلس أو أي مكان فقل: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أغفر لي وتب علي. وروي هذا (مرفوعاً) عن النبي (صلى الله عليه وآله) وإنه كفارة المجلس، وروي عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال: (من أحب أن يكتال حسناته بالمكيال الأوفى فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين). وعلى هذا يكون المعنى: لا تغفل عن ذكر ربك صباحاً ومساء وليلاً، ونزَهه في جميع أحوالك بهذه الأوقات فأنه تعالى لا يغفل عنك وعن حفظك.


      ثالثها- أن التسبيح المأمور به في الآيتين هو إشارة إلى نوافل الصلوات المفروضة، أو إلى بعضها، ويذكرون منها ركعتين قبل صلاة الصبح نافلة لها، وفي ذلك حديث عن الإمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، ومنها صلاة الليل، وفي ذلك حديث آخر أيضاً عن الإمامين (عليهما السلام)أنهما قالا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس آيات من آخر سورة آل عمران إلى قوله: (إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) ثم يفتتح صلاة الليل.. وفي تفسير علي بن إبراهيم(85): (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) قال: صلاة الليل (فَسَبِّحْهُ) قال: قبل صلاة الليل (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن أبن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) قال: (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أربع ركعات بعد المغرب (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) ركعتان قبل صلاة الصبح.

      وهذه الأقوال الثلاثة كلها محتملة، والله أعلم بحقيقة المراد منها.

      ولكننا نقول إن التسبيح في الآية إذا كان أمراً بالصلاة المفروضة فتكون أوقاتها في الآية ثلاثة لا خمسة، وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.

      أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:

      وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين:


      1- اختار الطبري في (تفسيره) أن يكون الأمر بالتسبيح في الآيتين أمراً للوجوب وأن التسبيح إنما هو الصلاة المكتوبة، وأن المراد من قوله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) أي من منامك وذلك نوم القائلة، وإنما عنى بها صلاة الظهر. وقوله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ): إن المراد به صلاة المغرب والعشاء، وروى تأييداً لهذا القول رواية عن أبن زيد، وقوله (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) عنى بها الصلاة المكتوبة صلاة الفجر، فراجع إذا شئت(86).


      2- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:

      (..(حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، وقيل: من منامك(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل، وقرئ وأدبار بالفتح بمعنى في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت، والمراد الأمر بقول: سبحان الله وبحمده في هذه الأوقات، وقيل: التسبيح، الصلاة إذا قام من نومه، ومن الليل صلاة العشائين، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) صلاة الفجر)(87).


      3- وقال الفخر الرازي في تفسيره:

      (..(حِينَ تَقُومُ) فيه وجوه – إلى أن قال - : الثالث حين تقوم إلى الصلاة، وقد ورد أنه (صلى الله عليه وآله)كان يقول في افتتاح الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك – إلى أن قال - الخامس: حين تقوم أي بالنهار فإن الليل محلّ السكون والنهار محل الأبتغاء وهو بالقيام أولى، وعلى هذا يكون كقوله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إشارة إلى ما بقي من الزمان، وكذلك(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وهو أول الصبح. وقوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) وقد ذكرنا فائدة الاختصاص بهذه الأوقات ومعناه.. وحينئذ تبين ما ذكرنا من الوجه الخامس في قوله(حِينَ تَقُومُ) أن المراد النهار لأنه محل القيام، ومن الليل القدر الذي يكون الإنسان يقظاناً فيه،(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وقت الصبح)(88).


      4- وقال أبن كثير الدمشقي في تفسيره:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) قال الضحاك: أي إلى الصلاة تقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك، وقد روي مثله عن الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما. وقال أبو الجوزاء (حين تقوم) أي من نومك من فراشك.. وقال أبن أبي نجيح عن مجاهد (حين تقوم) قال: من كل مجلس، وأنه إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك..(وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل، وقوله(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) قد تقدم أنهما الركعتان اللتان قبل صلاة الفجر فإنهما مشروعتان عند أدبار النجوم أي جنوحها للغيبوبة)(89).


      5- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:

      (اخرج الفريابي، وأبن المنذر عن مجاهد في قولهوَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) قال: من كل مجلس.. واخرج أبن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة قال: كفارة المجلس سبحانك وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك. وأخرج سعيد بن منصور، وأبن أبي شيبة، وأبن جرير، وأبن المنذر عن الضحاك (حين تقوم) قال حين تقوم إلى الصلاة تقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.. وأخرج أبن مردويه عن أبن عباس (حين تقوم) قال: حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل في الصلاة، قوله تعالى (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وأخرج أبن جرير وأبن أبي حاتم عن أبن عباس في قوله (وإدبار النجوم) قال: ركعتي الفجر، وأخرج أبن جرير عن الضحاك (وإدبار النجوم) قال: صلاة الغداة)(90).


      6- وقال الجلالان السيوطي والمحلي في تفسيرهما:

      (.."وسبّح" متلبساً "بحمد ربك" أي قل: سبحان الله وبحمده(حِينَ تَقُومُ) من منامك، أو من مجلسك (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) حقيقة أيضاً، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) مصدر أي عقب غروبها سبّحه أيضاً، أو صلّ في الأول العشائين وفي الثاني الفجر وقيل: الصبح)(91).


      7- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:

      (..(وسبّحْ) أي نزّهه عما لا يليق به متلبساً (بِحَمْدِ رَبِّكَ) على نعمائه الفائتة للحصر، (حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، قال سعيد بن جبير وعطاء: أي قل حين تقوم من مجلسك: سبحانك اللهم وبحمدك. وقال أبن عباس: معناه صلّ لله حين تقوم من منامك.. (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إفراد لبعض الليل بالتسبيح، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أي وقت إدبارها من آخر الليل أي غيبتها بضوء الصباح، وقيل التسبيح من الليل صلاة العشائين (وإدبار النجوم) صلاة الفجر)(92).


      8- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:

      (..(وَسَبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، ومن منامك، وإلى الصلاة، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ): وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت.. قيل: التسبيح الصلاة إذا قام من نومه، ومن الليل صلاة العشائين،(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) صلاة الفجر)(93).


      9- وقال الأستاذ سيد قطب:

      (..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) فعلى مدار اليوم عند اليقظة من النوم، وفي ثنايا الليل، وعند إدبار النجوم في الفجر، هنالك مجال الاستمتاع بهذا الإيناس الحبيب، والتسبيح زاد وانس ومناجاة للقلوب، فكيف بقلب المحب الحبيب القريب)(94).


      الآية العاشرة والحادية عشرة في سورة الإنسان:

      قال تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا).

      التحقيق حول الآيتين الكريمتين:

      (صرح أكثر مفسري أهل السنة في تفاسيرهم أن الأوامر بهاتين الآيتين من ذكر أسم الله والسجود له والتسبيح هي أوامر للوجوب بإقامة الصلوات الخمس المكتوبة على النبي(صلى الله عليه وآله) وأمته، وإقامة صلاة الليل عليه خاصة.

      فقوله تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً) وقت لصلاة الفجر (وَأَصِيلًا) وقت لصلاتي الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) أي بعض الليل فأسجد له، وهو وقت لصلاتي المغرب والعشاء(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) أي تهجّد له وهو أمر خاص له بوجوب صلاة الليل عليه واستحبابها لأمته.

      قال شيخنا الطبرسي في (مجمع البيان): (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) يريد التطوع بعد المكتوبة، وروي عن الرضا (عليه السلام) أنه سأله احمد بن محمد عن هذه الآية وقال: وما ذلك التسبيح؟ قال: صلاة الليل)(95).

      فظهر لنا جلياً أن أوقات الصلوات المكتوبة ثلاثة لا خمسة. وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.


      أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:

      وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين:


      1- قال الطبري في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد اسم ربك فادعه به، بكرة في صلاة الصبح، وأصيلا في صلاتي الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) يقول: ومن الليل فاسجد له في صلاتك، (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) يعني أكثر الليل)(96).

      ثم روى الطبري بعض الأخبار المؤيدة لهذا المعنى، فراجع إذا شئت.


      2- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا): ودم على صلاة الفجر والعصر (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) وبعض الليل فصلّ له، أو يعني صلاة المغرب والعشاء.. (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) فاسجد له)(97).


      3- وقال الفخر الرازي في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا): وفي هذه الآية قولان:

      الأول- أن المراد هو الصلاة، قالوا: لأن التقيّد بالبكرة والأصيل يدل على أن المراد من قوله: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ)، الصلوات. ثم قالوا: البكرة هي صلاة الصبح، والأصيل صلاة الظهر والعصر،(وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ): المغرب والعشاء، فتكون هذه الكلمات جامعة للصلوات الخمس، وقوله (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) المراد منه التهجّد.

      والقول الثاني- إن المراد من قوله: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّك) إلى آخر الآية ليس هو الصلاة بل المراد التسبيح الذي هو القول والاعتقادَ، والمقصود أن يكون ذاكراً الله في جميع الأوقات ليلاً ونهاراً بقلبه ولسانه)(98).


      4- وقال أبن كثير الدمشقي في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أي أول النهار وآخره، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) كقوله تعالى: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا))(99).


      5- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:

      (واخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وأبن جرير، وأبن المنذر، عن قتادة عنه (أي النبي-ص-) أنه بلغه أن أبا جهل قال – لما فرضت على النبي (صلى الله عليه وآله)الصلاة وهو يومئذ بمكة- :لئن رأيت محمداً يصلي لأطأنّ على عنقه فأنزل الله في ذلك: (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا(24)وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)…)(100).


      6- وقال الجلالان في تفسيرهما:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ) في الصلاة (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) يعني الفجر والظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) يعني المغرب والعشاء، (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) صلّ التطوع فيه كما تقدم من ثلثيه أو نصفه أو ثلثه)(101).


      7- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا): وداوم على ذكره في جميع الأوقات، أو على صلاة الفجر والظهر والعصر، فإن الأصيل ينتظمهما، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَه) وبعض الليل فصلّ له، ولعل صلاة المغرب والعشاء، وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من فريد كلفة وخلوص،ُ(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) وتهجّد له قطعاً من الليل طويلاً)(102).


      8- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:

      (..(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) : أي لا تطع كل واحد من مرتكب الأثم، ومن متجاوز الحد في الكفر، فأو بمعنى الواو، فإذا قال لك الآثم (وهو عتبة) اترك الصلاة وأنا أزوجك ابنتي وأسوقها إليك بغير مهر، وإذا قال الكفور (وهو الوليد بن المغيرة): أنا أعطيك من المال حتى ترضى إذا رجعت عن هذا الأمر، فلا تطع واحداً منهما ولا غيرهما، فقد أعددنا لك نصراً في الدنيا وجنة في الآخرة قد عرفت وصفها، فلتستعد للنعيم المقيم بالصبر أولاً، وداوم على ذكر ربك لا سيما وقت صلاة الفجر ووقت الظهر والعصر، وهذا قوله تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) فهو إما بمعنى الوقتين المذكورين (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) أي وبعض الليل فصلّ له تعالى كصلاة المغرب والعشاء(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) أي وتهجّد طائفة من الليل طويلة)(103).


      9- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:

      (..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا): هذا هو الزاد. اذكر اسم ربك في الصباح والمساء، واسجد له بالليل سبحه طويلاً، إنه الاتصال بالمصدر الذي نَزَّل عليك القرآن، وكلفك الدعوة، هو ينبوع القوة ومصدر الزاد والمد..الاتصال به ذكراً وعبادة ودعاء وتسبيحاً..ليلا طويلاً..فالطريق طويل، والعبء ثقيل، ولا بد من الزاد الكثير والمدد الكبير. وهو هناك حيث يلتقي العبد بربه في خلوة وفي نجاء، وفي تطلع وفي أنس، تفيض منه الراحة على التعب والضنى، وتفيض منه القوة على الضعف والعلة، وحيث تنفض منه الروح عنها صغائر المشاغل والشواغل، وترى عظمة التكليف، وضخامة الأمانة. فتستصغر ما لاقت وما تلاقي من أشواك الطريق)(104).


      تعليق لأحد المفسرين على آيات مواقيت الصلاة:

      قال الأستاذ محمد عزة دروزة في تفسيره(105)، عند تفسير آيتي (39،40) من سورة "ق" تحت عنوان (تعليق على مدى العبارات القرآنية في تعيين أوقات الصلوات) ما يلي: (وقد علق بعض المفسرين على ما احتوته الآيات (39،40) من ذكر أوقات التسبيح التي أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالتسبيح فيها بحمد ربه فقال: إنها بصدد أوقات الصلوات الخمس. ولقد تكرر الأمر والحث على ذكر الله وقراءة القرآن وإقامة الصلوات مقروناً بذكر أوقات معينة من الليل والنهار كما في آية هود هذهوَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [114]، وفي آيات سورة الإسراء هذهأَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُوداً) [78،79]. وفي آيات سورة طه هذهفَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) [130]. ومع أن المتبادر من روح الآيات هو قصد الأمر بذكر الله وعبادته في جميع الأوقات فأن مما يحتمل أيضاً أن يكون قد انطوى فيها قصد الصلوات الخمس المفروضة وأوقاتها. وإذا صح هذا ففيه دلالة على أن الصلوات الخمس في الليل والنهار مما كان ممارساً منذ عهد مبكر من البعثة، أو على الأقل فيه دلالة على أن النبي(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين كانوا يقيمون الصلاة في أوقات عديدة من الليل والنهار منذ أوائل البعثة إذا صحّ أن الصلوات الخمس لم تفرض فرضاً محدوداً إلا في ظروف الإسراء، أي في السنة الرابعة من البعثة على ما شرحناه في سياق سورة العلق.

      وواضح من آيات هذه السور والآيات الأخرى التي أوردناها آنفاً لا تحتوي أسماء الأوقات صراحة ولا تحدّدها تحديداً معيّناً وقاطعاً. وهذا ما تكفّلت به السنة النبوية التي تكفّلت بشرح وتحديد كثير من التعليمات والتشريعات والخطوط القرآنية

      تعليق


      • #33
        جوابنا على هذا التعليق:

        (الآيات القرآنية تحدد أوقات الصلوات أولها وآخرها).

        الحقيقة إن الذي يتدبر مجموع تلك الآيات التي استعرضت أوقات الصلوات يجدها قد أوضحت أسماء الأوقات وحددتها تحديداً معيناً وظاهراً بيّناً، وإليك بيان ذلك:

        الصلوات الخمس (نهاراً وليلاً)، وصلاة النهار هي الصبح والظهر والعصر.

        أما الصبح فقد حددت الآيات أول وقتها وآخره. أول وقتها محدد بقوله في آية سورة الإسراء(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فيكون أول وقتها طلوع الفجر، وبقوله في آية سورة هود(طَرَفِي النَّهَارِ)، والمعلوم أن الطرف الأول من النهار يبتدئ من طلوع الفجر. وهكذا بقوله في سورة الروم (وَحِينَ تُصْبِحُونَ)، وكون أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر هذا لا خلاف فيه.

        نعم هناك من خالف في آخر وقتها في حين، آخر وقتها معين ومحدد بقوله تعالى في سورتي طه، وق (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ). فظهر لنا جلياً أن صلاة الصبح أول وقتها الفجر، ويبقى مستمراً إلى ما قبل طلوع الشمس، فلو صلى المصلي صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ولو بدقيقة واحدة فقد صلاها بوقتها المبين والظاهر المحدد في الآيات. نعم لا خلاف بين المسلمين أن الصلاة في أوائل الأوقات أفضل من أواخره.

        وأما صلاتي الظهر والعصر فقد بَينت آية سورة الإسراء أول وقتهما بقوله تعالى: (أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ودلوك الشمس (كما مر علينا تحقيقه) هو زوالها في منتصف النهار، وهو الذي نص عليه الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام، وعليه اتفاق الشيعة، ووافقهم على هذا أكثر أهل السنة كما نص على ذلك الفخر الرازي، ومحمد عزة دروزة نفسه في تفسير الآية (106). وقد أشارت إلى أول وقت الظهر والعصر آية سورة هود بقوله (طَرَفِي النَّهَارِ) والطرف الثاني من النهار يبدأ من زوال الشمس ظهراً وينتهي بغروبها، وهو آخر وقت صلاة النهار: الظهر والعصر. وبيّنت أيضاً آيتا طه، وق آخر وقتهما صراحة بقوله تعالىوَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وقوله: (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) فعلى هذا يكون وقت صلاتي الظهر والعصر يبدأ من زوال الشمس ظهراً إلى غروبها تصريحاً وتحديداً.

        أما الصلاة المفروضة ليلاً فهي المغرب والعشاء، وقد بيّنت سورة الإسراء انتهاء وقتهما بقوله: (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) وغسق الليل إما ظلمته وإما نصفه وهو الأشهر والأصح. فإذا فسر الغسق بنصف الليل فيعلم أن انتهاء وقتهما نصف الليل، وإذا فسر الغسق بظلمة الليل فالظلمة تستمر إلى ما بعد نصف الليل، ولكن لما بيّنت آية سورة هود بقولهوَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) وفسرت بساعات من الليل قريبة من النهار فيعلم أن صلاتي المغرب والعشاء يبدأ وقتهما من أول الليل إلى ساعات منه حتى تصل إلى نصفه، وما بعد النصف لا تكون ساعات قريبة بل تكون بعيدة. وهكذا قوله تعالى في سورة طهوَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) وقوله في سورة ق وسورة الطور، وسورة الإنسانوَمِنْ اللَّيْلِ)، ومِن للتبعيض بلا خلاف أي بعض الليل لا كله.

        كما أن الظاهر من آيتي سورة الروم بيان أن الجمع بين الصلاتين مشرع ولا مانع منه، لذا عيَنت الآية الأولى وقتاً واحداً لصلاتي المغرب والعشاء بنصها: (وحِينَ تُمْسُونَ)، ثم بيان إن التفريق بين الصلاتين مشرّع أيضاً ولا مانع منه لذا ذكرت الآية الثانية وقتاً خاصاً لصلاة الظهر، وآخر لصلاة العصر بنصهاوَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) راجع كلامنا حول الآيتين وتحقيقاً لهذا الظاهر، فالآيتان من سورة الروم والآيات الأخرى التي استعرضت أوقات الصلوات وتحديدها جاءت مؤيدة لروايات أهل البيت (عليهم السلام) في أوقات الصلوات وتحديدها، وجواز الجمع بين الصلاتين، وجواز التفريق بينهما أيضاً، وأنهم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.

        (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [سورة التوبة/ 120].


        الهوامش:

        1- أصول الكافي، كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب، ج1/ 69، وتجدها في تفسير العياشي ج1/ ص8.

        2- المصدر السابق.

        3- المصدر السابق.

        4- الغدير ج8/ 27 ط النجف نقلاً عن صحيح البخاري.

        5- مجمع البحرين، كتاب الفاء، باب ما أوله الطاء، ص382.

        6- مجمع البحرين، كتاب الفاء، باب ما أوله الزاي، ص378.

        7- التفسير الكبير، لمحمد بن جرير الطبري، ج12/71، المطبعة الميمنية بمصر.

        8- أهل التأويل عند الطبري وغيره من أهل السنة هم أمثال عبد الله بن عباس، وعبد الله أبن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وغيرهم من الأصحاب، وكذلك قتادة ومجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم من التابعين. أما أهل التأويل عند الشيعة فهم الأئمة من أهل البيت بعد جدهم الأعظم (ص) فقط، وأنهم هم المعنيون بقوله تعالى في سورة آل عمران/7: "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ".

        9- أحكام القرآن ج2/267، مطبعة الأوقاف الإسلامية، 1335هـ .

        10- الكشاف عن حقائق التنزيل، ج1/616، مطبعة محمد مصطفى، 1308هـ.

        11- مفاتيح الغيب ج5/95، المطبعة الخيرية، 1308هـ.

        12- وفي رواية أخرى عن الحسن: إنها هي الصبح والظهر والعصر.

        13- تفسير القرآن العظيم، لأبن كثير ج2/462، مطبعة الاستقامة 1373هـ.

        14- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج3/ 351، المطبعة الميمنية 1314هـ.

        15- تفسير الجلالين ص180، ط مصر 1370 هـ.

        16- هامش تفسير مفاتيح الغيب ج5/ 84، المطبعة الخيرية مصر 1380هـ.

        17- تفسير الجواهر ج6/178، ط مصطفى البابي بمصر 1346 هـ.

        18- في ظلال القرآن ج12/ 68، ط دار أحياء الكتب العربية.

        19- لا نعلم أحداً شذ عن هذا الاتفاق غير سيد قطب، وستقرأ رأيه في المراد من الصلاة في الآية ونقاشنا له في الموضوع.

        20- كما في (مفاتيح الغيب) ج5/ 422، و(التفسير الحديث) ج3/ 259.

        21- الموطأ: لمالك بن انس، المطبوع في ذيله (شرح الزرقاني) ج1/ 28.

        22- تفسير التبيان: للشيخ الطوسي ج6/ 509-510.

        23- تفسير الطبري ج5/ 85.

        24- والظاهر يعني به عمرو بن العاص.

        25- أحكام القرآن: للجصاص ج2/ 266.

        26- نفس المصدر السابق ج2/267.

        27- الكشاف في تفسير القرآن ج1/ 715.

        28- مفاتيح الغيب: للفخر الرازي ج5/422.

        29- تفسير القرآن العظيم لأبن كثير الدمشقي ج3/ ص53-54.

        30- الدر المنثور للسيوطي ج4/ 195. قال بعض المفسرين المعاصرين في تفسيره: وأجمع المفسرون –بشهادة الطبرسي والرازي- على أن المراد بقوله تعالى: "مشهوداً" أن ملائكة الليل والنهار يجتمعون ليشهدوا صلاة الصبح، استناداً إلى رواية رواها البخاري عن أبي هريرة في ج6 فصل سورة بني إسرائيل.. ثم قال: ونحن في شك من هذه الرواية، ونفسر (مشهوداً) بحضور الحواس لأن الإنسان عند الصباح يكون حاضر الحواس بعد أن أخذت قسطاً من الراحة بالنوم، وبقيت أمداً بلا عمل ولذا قيل: ما أنقض النوم لعزائم اليوم. انتهى.

        وأنا لا أدري هل فسر (مشهوداً) بحضور الحواس من نفسه فيكون تفسيراً بالرأي والاستحسان، أو وجد بذلك نصاً عن معصوم أو غيره فالله أعلم، وعدم الوجد أن لا يدل على عدم الوجود.

        ولكن نقول من أين علم أن المفسرين إنما أجمعوا –على أن (مشهوداً) أن ملائكة الليل والنهار يجتمعون ليشهدوا صلاة الصبح- استناداً إلى رواية أبي هريرة، في حين هذا المعنى مروي من طرق الفريقين، ومروي أيضاً عن الإمام الصادق (ع) كما في الكافي ج3/ ص282، وفي علل الشرائع ج2/ ص336 (باب العلة التي من أجلها يستحب أن يصلى صلاة الصبح مع الفجر) والاستبصار ج1/ 275 بسنده عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (ع) أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟ قال: مع طلوع الفجر، أن الله تبارك وتعالى يقول: "إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا": يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين، أثبتتها ملائكة الليل وملائكة النهار. ورواه الصدوق أيضاً في (ثواب الأعمال) ص36.

        ونقله المجلسي في البحار ج83/ ص72 عن العلل بسنده. وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج2/ ص25 قال يعني الإمام الصادق: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. وفي تفسير العياشي ج2/ ص308 و309 و310 روايات عديدة ومن طرق كثيرة عن الإمامين الباقر والصادق، بأن مشهوداً تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار فراجع.

        ولعل المفسر لم يقف إلا على رواية أبي هريرة فقط فلذا شك في صحتها، وهذا من باب ما قيل في المثل المعروف: (يفوتك من الكذاب صدق كثير) لأن أبا هريرة من الكذابين بلا ريب، راجع ترجمته مفصلاً، وأحاديثه كماً وكيفاً في كتاب (أبو هريرة) لسيدنا آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين، وكتاب (شيخ المضيرة) أبي هريرة الدوسي للأستاذ محمود أبو رية، لتتجلى لك حقيقة أبي هريرة تماماً. ولكن هذا لا يعني أن كل ما ورد عن أبي هريرة فهو كذب، بل ينظر إلى حديثه نظر التثبت والعرض على الأدلة، وعلى ما رواه غيره، وعلى ما ثبت عن أهل بيت العصمة فأن وافق ذلك وإلا فيضرب بحديثه عرض الجدار ولا كرامة.

        31- تفسير الجلالين ص225.

        32- تفسير أبي السعود ج6/ 4-5.

        33- القراءة واجبة في الصلاة ولا تصح بدونها، ولكنها ليست ركناً بالمعنى الفقهي.

        34- تفسير الجواهر ج9/ 77.

        35- في ظلال القرآن ج15/ 61.

        36- راجع (تفسير الميزان) للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ج14/ 255، و(مفاتيح الغيب) للفخر الرازي ج6/ 81.

        37- المنار في تفسير القرآن ج2/ 437.

        38- راجع فتوى مالك في وقت الصبح.

        39- راجع فتوى مالك في وقت العصر.

        40- راجع فتوى احمد بن حنبل في وقت العصر.

        41- راجع فتوى أبي حنيفة، ومحمد بن إدريس الشافعي في وقت صلاة العشاء.

        42- فروع الكافي ج3-444 ط حيدري طهران، ونقله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي في (الميزان) ج14-261.

        43- تفسير الطبري ج16/151.

        44- تفسير الطبري ج16/152.

        45- أحكام القرآن للجصاص ج2/267.

        46- تفسير الكشاف للزمخشري ج2/38.

        47- تفسير مفاتيح الغيب للرازي ج6/81.

        48- المصدر السابق ج6/82.

        49- تفسير القرآن العظيم لأبن كثير ج3/170.

        50- الدر المنثور ج4/312. واختصر السيوطي هذا الحديث فأسقط أوله، وسنذكره بنصه من (مستدرك الحاكم) تحت عنوان (مواقيت الصلوات في السنة النبوية) كما اختصر الحديث السابق فأسقط آخره، وسنذكره بنصه أيضاً.

        51- تفسير الجلالين /251.

        52- تفسير أبي السعود ج6/ 272.

        53- تفسير الجواهر ج10/ 142-143.

        54- في ظلال القرآن ج16/ 107.

        55- كذا في المتن، ولم تذكر معها العشاء، والظاهر أن كلمة (والعشاء) ساقطة في الطبع إذ أن الطبري بعد أن ذكر قوله هذا أيده برواياتهم التي تذكر صلاة العشاء بعد المغرب.

        56- تفسير الطبري ج21/ 18.

        57- أحكام القرآن للجصاص ج2/ 267.

        58- تفسير الكشاف للزمخشري ج2/ 186.

        59- تفسير مفاتيح الغيب للرازي ج6/ 471.

        60- تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3/ 428.

        61- سورة النور /59.

        62- الدر المنثور ج5/ 154.

        63- تفسير الجلالين/318.

        64- تفسير أبي السعود ج6/272.

        65- تفسير الجواهر ج5/23.

        66- في ظلال القرآن ج21/34.

        67- راجع كلامنا حول الآية الثالثة.

        68- منها ما عن أبن عباس إنه قال في تفسير الآيتين بما نصه: وقال أبن عباس الصلاة قبل طلوع الشمس صلاة الفجر، وقبل الغروب الظهر والعصر، ومن الليل العشاءان، وأدبار السجود النوافل بعد الفرائض، تفسير المراغي ج26/170.

        69- ج3/444.

        70- قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر ج1/109.

        71- نقل هذا الحديث الشيخ احمد الجزائري في (قلائد الدرر) ج1/109 عن تفسير علي بن إبراهيم بسنده، إلا أن الراوي فيه عن الإمام هو أبن أبي نصر، وهو الصحيح، وكلمة (بصير) خطأ مطبعي.

        72- تفسير علي بن إبراهيم ج2/327.

        73- تفسير الطبري ج26/100-101، والمقتضي أن يقول: وصلاة الظهر والعصر قبل الغروب.

        74- أحكام القرآن ج2/267.

        75- تفسير الكشاف ج2/406.

        76- تفسير مفاتيح الغيب ج7/447.

        77- تفسير أبن كثير ج4/229.

        78- تفسير الدر المنثور ج6/110.

        79- تفسير الجلالين/412

        80- تفسير أبي السعود ج8/161.

        81- تفسير الجواهر ج23/12.

        82- في ظلال القرآن ج26/169.

        83- راجع (مجمع البيان) ج5/ 170، و(كنز العرفان) ج1/62، و(زبدة البيان في أحكام القرآن) ص61، و(قلائد الدرر) للمحقق الشيخ أحمد الجزائري ج1/109.

        84- نام في القائلة: أي في منتصف النهار.

        85- ج2/333.

        86- تفسير الطبري ج27/21.

        87- تفسير الكشاف ج2/ 414-415.

        88- تفسير مفاتيح الغيب ج7/503.

        89- تفسير أبن كثير ج4/245.

        90- تفسير الدر المنثور ج6/120.

        91- تفسير الجلالين/417.

        92- تفسير أبي السعود ج8/179.

        93- تفسير الجواهر ج23/216.

        94- في ظلال القرآن ج27/48.

        95- راجع ج5/413 من الكتاب المذكور.

        96- تفسير الطبري ج29/121.

        97- الكشاف في تفسير القرآن ج2/514.

        98- تفسير مفاتيح الغيب ج8/306.

        99- تفسير القرآن العظيم ج4/458.

        100- تفسير الدر المنثور ج6/303.

        101- تفسير الجلالين/465.

        102- تفسير أبي السعود ج8/370.

        103- تفسير الجواهر ج24/313.

        104- في ظلال القرآن ج29/230.

        105- التفسير الحديث – السور مرتبة على حسب النزول - ج2/45، ط دار إحياء الكتب العربية –1381هـ.

        106- التفسير الحديث ج3/259.

        تعليق


        • #34
          الجمع بين الصلاتين مُطلقاً في السّنة النبويّة والإجماع




          الشيخ عبد اللطيف البغدادي


          من روى أحاديث الجمع، أو أعترف بها؟:

          استفاضت الأحاديث وتواترت تواتراً قطعياً لا يعتريه شك ولا ريب في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين، ظهراً وعصراً، ومغرباً وعشاءً، جمع تقديم وجمع تأخير، في الحضر وبدون عذر. وروت تلك الأحاديث واعترفت بها (مفصلاً أو مجملاً) أئمة المذاهب الأربعة، وأصحاب الصّحاح الستة، وسائر أصحاب المسانيد والسنن، وكتب الأحاديث والتفاسير والتاريخ، من طرق الفريقين، حتى بلغت معقِد الإجماع.

          وإليك بعض مصادر تلك الأحاديث ممن رواها أو اعترف بها من أهل السنة.


          1- اعتراف الحنفية بأحاديث الجمع:

          اعترفت الحنفية – تبعاً لإمام مذهبهم (1)- بأحاديث الجمع بين الصلاتين في السنة النبوية، كما نقل عنهم ذلك محمد الزرقاني في شرحه على (الموطأ) لمالك حيث قال: "وقال قوم: لا يجوز الجمع مطلقاً إلا بعرفة والمزدلفة، وهو قول الحسن، والنخعي، وأبي حنيفة، وصاحبيه، وقول النووي أنهما خالفاه، ردَّه عليه السروجي في (شرح الهداية) وأجابوا (أي الحنفية) عن الأحاديث بأنه جمع صوري، وتقدّمَ ردُه. وقال إمام الحرمين(2): ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل(3)"…

          والذي نستفيده من نقل الزرقاني لقول الحنفية: (وأجابوا عن الأحاديث بأنه جمع صوري) أنهم اعترفوا بأحاديث جمع النبي (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين، ولكنهم أولّوها بأنه كان جمعاً صورياً، أي أنه (صلى الله عليه و آله) آخرّ صلاة الظهر إلى آخر وقتها فلما فرغ منها دخل وقت العصر، فصلاّها في أول وقتها، وهكذا في المغرب والعشاء. وسيأتيك نقض هذا التأويل مفصلاً، وغيره من التأويلات الكثيرة بأذن الله تعالى، وحقاً ما قال إمام الحرمين: (ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل).


          2- ما رواه الإمام مالك(4):

          1- روى مالك بن أنس في (الموطأ)(5) بشرح محمد الزرقاني قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك كان في مطر"(6).

          وهذا تأويل ثانٍ لأحاديث الجمع، وهو المطر. وسيأتيك ردّه مفصلاً من طرق أهل السنة، وبالسنة النبوية نفسها.


          3- اعتراف الإمام الشافعي بأحاديث الجمع، وما رواه:

          قال محمد بن إدريس الشافعي(7) في كتابه (الأم)(8) تحت عنوان اختلاف الوقت ما نصه: "ولما جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة آمناً مقيماً، لم يحتمل إلا أن يكون مخالفاً لهذا الحديث(9) أو يكون الحال التي جمع فيها حالاً غير الحال التي فرّق فيها، فلم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين أنه يوجد لكل منهما وجه، وأن الذي رواه منهما معاً واحد وهو ابن عباس(10) فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده، فلم يكن إلا المطر والله تعالى أعلم، إذ لم يكن خوف، ووجدنا في المطر علّة المشقة، كما كان في الجمع في السفر علّة المشقة العامة، فقلنا: إذا كانت العلّة من مطر في حضر، جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"(11).

          والذي نستفيده من قول الشافعي هذا هو أنه معترف بأن النبي (صلى الله عليه و آله) جمع بين الصلاتين بالمدينة آمناً ومقيماً، ولكنه رأى أن جمع النبي بين الصلاتين مخالف لإفراده، فرفعاً لهذا الاختلاف أوّل أحاديث الجمع التي رواها ابن عباس (كما روى حديث التفريق) بأنه يقتضي وجود المطر، حيث يرى أن في المطر علّة المشقة حسب نصّه.

          والحقيقة أنه لا اختلاف بين أحاديث الجمع، وبين أحاديث التفريق. وكل منهما سنة ثابتة عنه (صلى الله عليه و آله)، لأن أحاديث ابن عباس وغيره في أوقات الصلوات والتفريق بين الصلاتين هدفها بيان الأوقات المفضّلة. راجع تعليقنا على تلك الأحاديث في المقارنة الخامسة لتعلم الحقيقة، وأحاديث ابن عباس وغيره في الجمع هدفها بيان الحقيقة من اشتراك الوقت المجزي للصلاتين، والتوسعة على الأمة، والرفع للضيق والحرج.


          2- وإليك ما روي عن الشافعي، قال الطحاوي: "حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن إدريس (أي الشافعي) قال: أخبرنا سفيان، قال: حدثنا عمرو بن دينار، قال: انبأنا جابر بن زيد أنه سمع ابن عباس يقول: صليت مع رسول الله بالمدينة ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً، قلت لأبي الشعثاء: أظنه أخرّ الظهر وعجل العصر، وأخرّ المغرب وعجّل العشاء، قال: وأنا أظنّ ذلك"(12).


          4- ما رواه الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث(13):


          3- روى أحمد بن حنبل في (مسنده)(14) بشرح أحمد محمد شاكر قال: "حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو: أخبرني جابر بن زيد أنه سمع ابن عباس يقول: صلّيت مع رسول الله بالمدينة ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً. قال: قلت له يا أبا الشعثاء أظنه أخرّ الظهر وعجل العصر، وأخرّ المغرب وعجّل العشاء، قال: وأنا أظنّ ذلك.

          قال الشارح أحمد محمد شاكر: إسناده صحيح. أبو الشعثاء هو جابر بن زيد، والحديث رواه الشيخان كما في (نيل الأوطار) ج3/ 266. وهذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء، ولا حجة له فيه"(15).

          4- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا محمد بن عثمان بن صفوان بن أمية الجمحي، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المدينة مقيماً غير مسافر سبعاً وثمانياً.

          قال الشارح: إسناده صحيح(16).


          5- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثنا قتادة، قال: سمعت جابر بن زيد، عن ابن عباس: جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: وما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.


          قال الشارح: إسناده صحيح. والحديث رواه مالك في (الموطأ) ج1/161، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: صلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر. وقال مالك بعده: أرى ذلك كان في مطر، وهذا الذي ظنّه مالك تبين أنه خطأ بهذه الرواية التي فيها (في غير خوف ولا مطر) وهذه الرواية رواها الجماعة إلا البخاري"(17).

          هذه الرواية، أو هذا الحديث ردّ حاسم على كافة التأويلات لأحاديث الجمع، لأنه صحيح الإسناد، وقد رواه الجماعة، وهو صريح في أن الجمع كان في المدينة أي النبي مقيم غير مسافر، وأنه كان في غير خوف وغير مطر، وقد بين العلّة في الجمع وهو عدم الإحراج للأمة.


          6- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن الزبير يعني بن خِرّيت، عن عبد الله بن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غابت الشمس وبدت النجوم، وعلق الناس ينادونه: الصلاة، وفي القوم رجل من بني تميم فجعل يقول: الصلاة الصلاة قال: فغضب وقال: أتعلمني بالسنة؟ شهدت رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله: فوجدت في نفسي من ذلك شيئاً، فلقيت أبا هريرة فسألته فوافقه.

          قال الشارح: إسناده صحيح. الزبير بن خِرّيت بكسر الخاء وتشديد الراء المكسورة وآخره تاء مثناة، سبق توثيقه في 308. والحديث رواه مسلم (ج1/197) عن أبي الربيع الزهراني عن حَّماد. علق الناس أي: طفقوا"(18).

          وعلّق سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره) على هذا الحديث في كتابه (مسائل فقهية) فقال: "من هوان الدنيا على الله، وهوان آل محمد (صلى الله عليه و آله) على هؤلاء أن يحوك في صدورهم شيء من ابن عباس – وهو حبر الأمة وابن عم نبيها - فيسألوا أبا هريرة، وليتهم بعد تصديق أبي هريرة عملوا بالحديث"(19).


          7- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا حسين، حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن زيد قال: سمعت ابن عباس يقول: صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً.

          قال الشارح: إسناده صحيح"(20).

          8- وفي (المسند) أيضاً قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع النبي (صلى الله عليه و آله) بين الظهر والعصر بالمدينة في غير سفر ولا خوف. قال: قلت يا أبا العباس ولم فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته.

          قال الشارح: إسناده صحيح"(21).

          9- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن أبن عباس عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه صلىَ سبعاً جميعاً، وثمانياً جميعاً.

          قال الشارح: إسناده صحيح"(22).

          10- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا يحيى، عن داود بن قيس، قال: حدثنا صالح مولى التوأمة عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في غير مطر ولا سفر. قالوا: يا ابن عباس ما أراد بذلك؟ قال: التوّسع على أمته.

          قال الشارح: إسناده صحيح، فإن صالح بن نبهان مولى التوأمة اختلط في آخر عمره، وأنا أرجّح أن داود بن قيس سمع منه قديماً – أي قبل أن يختلط-"(23).

          11- وفي (المسند) أيضاً قال: " حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته.

          قال الشارح: إسناده صحيح"(24).


          12- وفي (المسند) أيضاً قال: "حدثنا إسماعيل، أخبرنا ليث، عن طاووس، عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر والحضر.

          قال الشارح: إسناده صحيح"(25).


          5- ما رواه البخاري من الأحاديث(26):

          13- روى البخاري في (صحيحه) بشرح الكرماني قال: "حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حمّاد هو ابن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى"(27).

          قال الكرماني في شرحه: قوله (جابر بن زيد) أي أبو الشعثاء تقدم..

          قوله (سبعاً) أي سبع ركعات للمغرب والعشاء، وثمان ركعات للظهر والعصر، وفي الكلام لفٌ ونشر.

          ثم قال الشارح: فأن قلت: فإذا جاز الجمع بينهما في وقت واحد، فلم خصصه البخاري بتأخير الظهر إلى العصر على ما دل عليه الترجمة، واحتمال جمع التقديم قائم؟ قلت: لعل البخاري علم من الحديث أن الجمع كان بالتأخير واختصر الحديث، أو فهم من السياق ذلك.

          قوله: (أيوب) أي السختياني.

          و(مطيرة) أي كثيرة المطر.

          فأن قلت: صلاة العصرين ليست في الليل، فلا يصير هذا عذراً في تأخير الظهر. قلت: المراد في يوم وليلة مطيرتين، فترك ذكر أحدهما اكتفاءً بذكر الآخر، والعرب كثيراً ما تطلق الليلة وتريد الليل بيومه. الخطابي: الجمع بين الصلاتين لا يكون إلا لعذر، ولذلك رخّص فيه للمسافر، فلما وجد الجمع في الحضر طلبوا له وجه العذر وكان الذي وقع لهم من ذلك المطر لأنه أذاً فيه مشقة إذا كلف حضور المسجد مرة بعد أخرى.

          أقول: وهذا يشكل لأن الجمع الذي لعذر المطر لا يجوز إلا بالتقديم فكيف يوافق ترجمة الباب..الخ.


          14- وروى البخاري أيضاً في (صحيحه) قال: "حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عمرو بن دينار، قال: صلّى النبي (صلى الله عليه و آله) سبعاً وثمانياً.

          قال الشارح في شرحه: (سبعاً أي سبع ركعات في المغربين، وثمان ركعات في العصرين جمعاً بينهما في وقت واحد"(28).

          15- وروى البخاري في (صحيحه) قال: "وقال أبن عمر وأبو أيوب، وابن عباس : صلّى النبي (صلى الله عليه و آله) المغرب والعشاء"(29) يعني جمعهما في وقت أحدهما دون الأخرى.

          قال الشارح: (أبو أيوب) أي الأنصاري.


          6- ما رواه مسلم من الأحاديث(30):

          16- روى مسلم في (صحيحه) في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، قال: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر"(31).


          17- وحدثنا احمد بن يونس، وعون بن سلام جميعاً عن زهير، قال ابن يونس: حدثنا زهير، حدثنا ابن الزبير، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس قال: "صلّى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر، قال أبو الزبير: فسألت سعيداً لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته".


          18- وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية وحدثنا أبو كريب، وأبو سعيد الأشجّ، واللفظ لأبي كريب قالا يعني أبا كريب وأبا سعيد: حدثنا وكيع، كلاهما عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. وفي حديث أبي معاوية: قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".


          19- وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: "صليت مع النبي (صلى الله عليه و آله) ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً. قلت: يا أبا الشعثاء أظنه أخّر الظهر وعجّل العصر وأخّر المغرب وعجّل العشاء. قال: وأنا أظن ذلك".


          20- حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حمّاد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: "إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء".


          21- وحدثني أبو الربيع الزهراني، حدثنا حمّاد، عن الزبير بن الخرّيت، عن عبد الله بن شقيق قال: "خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني وقال: الصلاة الصلاة قال: فقال: ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أمّ لك؟ ثم قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته".


          22- وحدثنا ابن أبي عمير، حدثنا عمران بن حدير، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: قال رجل لابن عباس: الصلاة، فسكت. ثم قال: الصلاة، فسكت. ثم قال: الصلاة فسكت. ثم قال: لا أمّ لك أتعلمنا بالصلاة؟ كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).


          23- وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد، يعني ابن الحرث، حدثنا قرّة، حدثنا بن الزبير، حدثنا سعيد بن جبير، حدثنا ابن عباس: "إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".


          24- حدثنا أحمد بن هبة الله بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو الزبير، عن أبي الطفيل عامر عن معاذ، قال: "خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً".


          25- حدثنا يحيى بن حبيب، حدثنا خالد (يعني ابن الحرث) حدثنا قرة بن خالد، حدثنا أبو الزبير، حدثنا عامر بن واثلة أبو الطفيل، حدثنا معاذ بن جبل قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء. قال: فقلت: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".

          هذه عشرة أحاديث أخرجها مسلم في (صحيحه) وقد نقل تسعة منها سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين (ره) في كتابه (مسائل فقهية) وقال معلقاً عليها، وعلى حديث معاذ، والذي قبله بقوله: "قلت: هذه الصحاح صريحة في أن العلّة في تشريع الجمع إنما هي التوسعة (بقول مطلق) على الأمة وعدم إحراجها بسبب التفريق رأفة بأهل الأشغال وهم أكثر الناس. والحديثان الأخيران (حديث معاذ والذي قبله) لا يختصان بموردهما (أعني السفر) إذ علة الجمع فيهما مطلقة لا دخل فيها للسفر من حيث كونه سفراً، ولا للمرض والمطر والطين والخوف من حيث هي هي، وإنما هي كالعام يرد في مورد خاص، فلا يتخصص به بل يطرّد في جميع مصاديقه، ولذا ترى الإمام مسلماً لم يوردهما في باب الجمع في السفر، إذ لا يختصان به، وإنما أوردهما في باب الجمع في الحضر، ليكونا أدلة من جواز الجمع بقول مطلق. وهذا من فهمه وعلمه وإنصافه(32).

          وصحاحه (في هذا الموضوع) التي سمعتها، والتي لم تسمعها، كلها على شرط البخاري، ورجال أسانيدهم كلهم قد أحتج البخاري بهم في (صحيحه)، فما المانع يا ترى من إيرادها بأجمعها في (صحيحه)؟ وما الذي دعاه إلى الاختصار على النزر اليسير منها؟ ولماذا لم يعقد في كتابه باباً للجمع في الحضر وباباً للجمع في السفر؟ مع توفر الصحاح (على شرطه) الواردة في الجمع، ومع أن أكثر الأئمة قائلون به في الجملة؟ ولماذا اختار من أحاديث الجمع ما هو أخسّها دلالة عليه؟ ولم وضعه في باب يوهم صرفه عن معناه؟ فأني أربأ بالبخاري وأحاشيه أن يكون كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه، أو كالذين يكتمون الحق وهم يعلمون…"(33).


          7- ما رواه أبو داود من الأحاديث(34):


          26- روى أبو داود في (سننه) المطبوع بهامشه (عون الودود في شرح سنن أبي داود): "حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر"(35).


          27- قال أبو داود: "وروى حمّاد بن سلمة نحوه عن أبي الزبير".


          28- ورواه قرّة بن خالد عن أبي الزبير.


          29- قال أبو داود: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة من غير خوف ولا مطر. فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".

          قال الشارح في (عون الودود) ما نصه: "قوله: جَمَعَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر…الحديث، أخرجه أحمد والشيخان. الحديث ورد بلفظ (من غير خوف ولا سفر)، وبلفظ (من غير خوف ولا مطر). قال الحافظ: وأعلم أنه لم يقع بالثلاثة في شيء من كتب الحديث، بل المشهور: من غير خوف ولا سفر. وقد أستدل بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقاً بشرط أن لا يتخذ ذلك خُلقاً وعادة".

          العجب ممن لقب نفسه (أو لقبوه) بالحافظ، ولا أعلم (على التحقيق) أي حافظ هو هذا الذي ينقل عنه الشارح، ولا أريد أن أعلم، ولكن الذي أريد أن أقوله: إن هذا الملقّب (بالحافظ) يقول معلقاً على أحاديث الجمع بين الصلاتين: وأعلم أنه لم يقع مجموعاً بالثلاثة في شيء من كتب الحديث.

          نعم يقول الحافظ هذا وهو يعني أنه لم يقع حديث من أحاديث الجمع مجموعاً بالثلاثة أي من غير خوف ولا سفر ولا مطر في كتاب من كتب الحديث، هذا مع العلم أنه بنفس الوقت يقرأ في كتب الحديث (أو يحفظ) حديث ابن عباس المروي عنه بطرق عديدة وصحيحة أنه قال: جمع رسول الله بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء (بالمدينة) (من غير خوف) (ولا مطر) بل ويريد شرح الحديث بالذات.

          ألا سائل يسأل من هذا الحافظ: أليست المدينة هي دار هجرته (صلى الله عليه وآله)؟ وموطنه؟ ومدفنه؟ أكان مسافراً إليها حين جمع فيها بين الصلاتين أم كان مقيماً؟ نعم لعله يؤول الحديث فيقول: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين حين سافر إلى المدينة مع أمّه آمنة بنت وهب، وهو إذ ذاك ابن خمس سنين، وقبل أن يبعث بالرسالة بخمس وثلاثين سنة. نعم ربما يؤول الحديث بهذا، وليس هذا عنده ببعيد، وهكذا مني المسلمون بحفّاظ لا يفقهون، فإّنا لله وإنّا إليه راجعون، (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[سورة الحج/47].

          30- قال أبو داود في (السنن) أيضاً: "حدثنا سليمان بن حرب، ومسدّد قالا: حدثنا حّماد بن زيد، وحدثنا عمرو بن عون، أنبأنا حّماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ثمانياً وسبعاً، الظهر والعصر والمغرب والعشاء"(36).

          31- قال أبو داود: "ورواه صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال: في غير مطر".

          قال الشارح: قوله (صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ثمانياً وسبعاً، الظهر والعصر) أي ثمانياً جمعاً وسبعاً جمعاً، كما صرح به البخاري في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب.

          تعليق


          • #35
            8- ما رواه الترمذي من الأحاديث(37):

            32- روى الترمذي في (سننه) باب: ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر، فقال: "حدثنا هنّاد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. قال فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته"(38).

            33- قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة.

            34- ثم قال: حديث ابن عباس قدروي عنه من غير وجه، رواه جابر بن زيد.

            35- وسعيد بن جبير.

            36- وعبد الله بن شقيق العُقَيلي.

            قال الشارح احمد بن محمد شاكر: (العقيلي) بضم العين المهملة وفتح القاف وإسكان الياء نسبة إلى المصغّر..والترمذي لم يبين درجة هذا الحديث من الصحة، وهو حديث صحيح، رواه مالك واحمد وأصحاب الكتب الستة وغيرهم.

            أما الروايات التي أشار إليها، فإن رواية جابر بن زيد، وهو أبو الشعثاء، رواها البخاري ومسلم وغيرهما. وأما رواية عبد الله بن شقيق فإنها عند مسلم (ج1/197) – ثم ذكر الشارح الحديث كما مرّ فيما نقلناه من صحيح مسلم - ثم قال: ورواية سعيد بن جبير رواها مالك في (الموطأ) ج1/161 –ونقل حديثه كما مر –وعلّق على قول مالك: (أرى ذلك كان في مطر) بما يلي: "هذا نص الموطأ فقد جاء في بعض الروايات: (من غير خوف ولا مطر) وفي بعضها: (غير خوف ولا سفر) ومالك سمع الثانية ولم يسمع الأولى فتأوّل الحديث على عذر المطر. قال ابن حجر في (الفتح) ج2/19: لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ: (من غير خوف ولا مطر) فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر.

            ونقل الشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/264 عن ابن حجر أنه قال: (واعلم أنه لم يقع مجموعاً بالثلاثة في شيء من كتب الحديث، بل المشهور: (من غير خوف ولا سفر) ولم أجد هذا الذي نسب إليه لا في الفتح ولا في التلخيص. فالله أعلم، ولئن كان الحافظ قال ذلك فإنه مردود عليه بأن رواية مسلم وأصحاب السنن: (بالمدينة من غير خوف ولا مطر) تجمع الثلاثة، إلا إن كان يريد لفظ (سفر) بحروفه فقط لا بمعناه"(39).

            9- ما رواه النسائي من الأحاديث(40):

            37- روى النسائي في (سننه) بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي، باب: الوقت الذي يجمع فيه المقيم، قال: " أخبرنا قتيبة قال: حدثنا سفيان عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: صليت مع النبي(صلى الله عليه و آله) بالمدينة ثمانياً وسبعاً. أخّر الظهر وعجّل العصر، وأخر المغرب وعجّل العشاء"(41).

            قوله في ذيل الحديث: أخّر الظهر وعجّل العصر..الخ هو ظن ظنه أبو الشعثاء جابر بن زيد ومن سأله، كما صرح به مسلم في نقله لهذا الحديث ونصه بعد نقل الحديث: قلت: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك.

            ولكن الله تعالى يقول في محكم كتابه المجيد رداً على أمثال هذه الظنون: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) [يونس/37].

            38- قال النسائي: "أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم، قال: حدثنا حبَان بن هلال، حدثنا حبيب وهو ابن أبي حبيب، عن عمر وبن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أنه صلىَ بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شغل، وزعم ابن عباس أنه صلىَ مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة الأولى والعصر ثمان سجدات ليس بينهما شيء".

            قال الشارح جلال الدين السيوطي: "قوله (الأولى) أي الظهر، فانهم كانوا يسَمون الظهر الأولى لكونها أول صلاة صلّى جبرئيل بالنبي (صلى الله عليه وآله).

            (ثمان سجدات) أي ثمان ركعات، فأريد بالسجدة الركعة باستعمال اسم الجزء في الكل".

            وهذا الحديث هو مضمون الحديث الذي مرّ علينا عن (مسند احمد بن حنبل)، وعن صحيح مسلم، عن عبد الله بن شقيق، والمراد من قول الراوي (فعل ذلك من شغل) هو شغله بالخطبة لأنه خطب بعد العصر إلى أن بدت النجوم، ثم جمع بين المغرب والعشاء. وفيه تصديق أبي هريرة لابن عباس في جمع النبي (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. فراجعه.

            39- وروى النسائي أيضاً في (سننه) باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، قال: "أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر"(42).

            40- وقال: "أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة واسمه غزوان قال: حدثنا الفضل بن موسى عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. قيل له: لِمَ؟ قال: لئلا يكون على أمته حرج".

            قال الشارح السيوطي: قوله (لئلا يكون على أمته حرج) أي لئلا يتحرج من يفعل ذلك من أمته.

            41- وقال النسائي: "أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا ابن جريح عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس قال: صلّيت وراء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً".


            10- ما رواه ابن ماجة من الأحاديث(43).

            42- روى ابن ماجة القزويني في (سننه)، باب الجمع بين الصلاتين في السفر قال: "حدثنا محرز بن سلمة العدني، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن عبد الكريم، عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، أخبروه عن ابن عباس، أنه أخبرهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر من غير أن يعجله شيء ولا يطلبه عدو ولا يخاف شيئاً"(44).

            في حديث ابن ماجة هذا (كما هو ظاهر) خلط وخبط، وزيادة ونقيصة، حيث أنه أخرج الحديث عن كل من مجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس وأنهم جميعاً نقلوا الحديث عن ابن عباس، ومن المقطوع به أن حديث كل واحد من هؤلاء التابعين يختلف نصه، بل ومعناه عن حديث الآخر، وبمراجعة أحاديثهم السابقة واللاحقة يتضح لك هذا المعنى.

            والذي يهمنا التنبيه عليه في هذا المقام أن كلمة (في سفر) لم ترد وحدها في حديث طاووس، كما إنها منفية في حديث سعيد بن جبير الذي يرويه عن ابن عباس. أما حديث طاووس فقد مرّ علينا في (مسند احمد) ج5/134 برقم 3397 ونصه عن طاووس عن ابن عباس: إن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر والحضر.

            فحديث ابن ماجة جاءت فيه كلمة (في السفر) وأُسقطت منه كلمة (والحضر) وهذا شيء لا يغتفر.

            أما حديث سعيد بن جبير فقد رواه احمد ومسلم، وابن داود، والترمذي، والنسائي وغيرهم، وقد جاء من طرق عديدة ونصوص كثيرة، فراجعها تجدها كلها تخالف نص حديث ابن ماجة.

            والمعروف من حديث سعيد بن جبير أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين في المدينة من غير خوف ولا مطر، وفي بعضها من غير خوف ولا سفر. فحديث طاووس إذاً وحديث سعيد بن جبير يدلان على جواز الجمع بين الصلاتين مطلقاً. وقد رواهما ابن ماجة في (سننه) ولكن بتعبيره الخاص واختصاره، ومع ذلك ينفي أن يكون الجمع لعذر من الأعذار كشيء يعجله، أو عدو يطلبه، أو شيء يخافه فهو حجة في الباب.

            11- ما رواه أبو داود الطيالسي من الأحاديث(45):

            43- روى أبو داود الطيالسي في (مسنده) برقم 2613 قال: "حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حمّاد بن سلمة، عن عمرو، عن جابر، عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً معاً"(46).

            44- وقال أيضاً برقم 2614: "حدثنا يونس قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حبيب، عن عمرو بن هرم، عن سعيد بن حبير: أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل وزعم ابن عباس أنه صلّى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة الظهر والعصر جميعاً".

            45- وقال أيضاً برقم 2629: "حدثنا أبو داود، قال: حدثنا قرة بن خالد، قال: حدثنا أبو الزبير قال: حدثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء قلت: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".

            46- وقال أيضاً برقم 2720: "حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، قال: حدثنا الزبير بن خرّيت الأزدي، قال: حدثنا عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة فلم يزل يخطب حتى غربت الشمس وبدت النجوم فطفق رجل من بني تميم يقول: الصلاة الصلاة فقال ابن عباس: لا أمّ لك أتعلمني السنة، فقد جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين، بين المغرب والعشاء، قال ابن شقيق: فلم يزل في نفسي من ذلك شيء حتى لقيت أبا هريرة فسألته فصدّقه"(47).


            12- ما رواه عبد الرزاق بن همّام من الأحاديث(48):

            47- قال عبد الرزاق في (جامعه): "أنبأنا ابن جريح، عن عمرو بن شعيب قال: قال عبد الله بن عمر: جمع لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقيماً غير مسافر بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فقال رجل لابن عمر: لِمَ ترى النبي (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك؟ قال: لئلا يحرج أمته أن جمع رجل".

            نقله عن عبد الرزاق الشيخ علي المعروف بالمتَّقي الهندي في (كنز العمال) ج4/242 برقم 5078، كما نقله عنه أيضاً الحافظ احمد بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص88. وحكاه عن عبد الرزاق أيضاً الشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/217 بقوله: وابن عمر ممن روى جمعه صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه.


            13- ما رواه البزار من الأحاديث(49):

            48- قال البزار في (مسنده) عن أبي هريرة قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين بالمدينة من غير خوف".

            نقله عنه الحافظ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص87، وقال معلقاً على الحديث" "وفيه عثمان بن خالد الأموي وهو ضعيف، لكنه في (صحيح مسلم) من رواية عبد الله بن شقيق، عن ابن عباس. وفيه قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته".

            أقول: إذاً يكون حديث شقيق مقوياً لحديث عثمان بن خالد الأموي الذي رواه البزار ونقله عن البزار صاحب كتاب (قرة العين في الجمع بين الصلاتين) ص7، كما وقد أشار إلى حديث أبي هريرة أيضاً الترمذي في (سننه) باب الجمع بين الصلاتين، بقوله: "وفي الباب عن أبي هريرة".


            14- ما رواه أبو بكر الخلال من الأحاديث(50):

            49- قال أبو بكر الخلال: "حدثنا إسحاق بن خالد البالسي، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا مالك بن أنس، حدثنا جعفر بن محمد (أي الصادق (عليه السلام)) عن أبيه عن جده قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر في المدينة فصلّى ثمانياً، وبين المغرب والعشاء فصلّى سبعاً. قال مالك: في ليلة مطيرة".

            نقله عن الخلاّل الحافظ الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص84 وعلق على سند الحديث بما يلي: "قلت: هذا السند لا بأس به يكتب به في الشواهد، فالبالسي ذكره ابن حبّان في الثقات، والعدني وثقه جماعة، وقال آخرون: فيه لين".

            50- ورواه عن علي (عليه السلام)، ابن المظفر في (البيان) كما في (نيل الأوطار) قال بما نصه: "ورواه ابن مظفر في (البيان) عن علي (عليه السلام)، وزيد بن علي، والهادي"(51).


            15- ما رواه الطحاوي الحنفي من الأحاديث(52):

            51- قال الطحاوي في (معاني الآثار): "حدثنا محمد بن خزيمة، وابن أبي داود، وعمران بن موسى الطائي، قالوا: حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة".

            نقل هذا الحديث بهذا النص الحافظ الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص84، كما نقل حديثاً آخر عن (حلية الأولياء) لأبي نعيم الأصفهاني بسنده المنتهي إلى الربيع بن يحيى، عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر (وسيأتيك نصه). وعلق على سند الحديثين بقوله: "قلت: هذا سند على شرط البخاري، فالربيع بن يحيى روى له البخاري في (الصحيح)، قال الذهبي: صدوق، وقد قال أبو حاتم مع تعنته: ثقة ثبت…".

            وقال صاحب كتاب (قرة العين) ص7: "وذكر إبراهيم بن خالد العلفي أن الطحاوي روى بسند صحيح عن جابر قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة. قال ففيه دلالة قوية لأنه صريح بأن الجمع كان للترخيص من غير خوف ولا علة. ومما يؤيد ذلك قوله تعالى وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ( وقوله (صلى الله عليه وآله): بُعثت بالحنفية السهلة السمحة".

            52- وروى الطحاوي في (شرح معاني الآثار) فقال: "حدثنا ربيع الجيزي، حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، حدثنا داود بن قيس الفراء عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في غير سفر ولا مطر".

            نقله الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) ص115، وعلق على سنده بما نصه: وهذا أيضاً سند صحيح، فأن صالحاً ثقة حجة.

            53- وروى الطحاوي أيضاً من طريق حجاج، عن حماد، حديث عبد الله بن شقيق الذي قال فيه: خطبنا ابن عباس بالبصرة…وفيه تصديق أبي هريرة(53). وقد مرّ عن الطحاوي حديث آخر من طريق محمد بن إدريس الشافعي برقم (2).


            16- ما رواه الطبراني من الأحاديث(54):

            54- روى الطبراني في (المعجم الأوسط) و(الكبير) بسنده عن عبد الله بن مسعود أنه قال: جمع رسول الله (يعني في المدينة) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال(صلى الله عليه و آله) صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي".


            نقله عن الطبراني محمد بن علي الشوكاني في (نيل الأوطار)(55)- باب جمع المقيم، وقال: ذكره الهيتمي في (مجمع الزوائد) عن ابن مسعود ثم قال معلقاً على سند الحديث: وقد ضُعّف بأن فيه عبد القدوس، وهو مندفع لأنه لم يتكلم فيه إلا بسبب روايته عن الضعفاء، وتشيعه. والأول غير قادح باعتبار ما نحن فيه إذ لم يروه عن ضعيف بل رواه عن الأعمش كما قال الهيتمي. والثاني ليس بقدح معتد به ما لم يجاوز الحد المعتبر ولم ينقل عنه ذلك. على أنه قد قال البخاري: أنه صدوق. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقد استدل بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقاً بشرط أن لا يتخذ ذلك خلقاً وعادة. قال في (الفتح): وممن قال به ابن سيرين، وربيعة، وابن المنذر، والقفال الكبير. وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث. وقد رواه في (البحر) عن الإمامية، والمتوكل على الله أحمد بن سليمان، والمهدي أحمد بن الحسين، ورواه ابن مظفر في (البيان) عن علي (عليه السلام)، وزيد بن علي، والهادي، وأحد قولي الناصر، وأحد قولي المنصور بالله…

            ونقل حديث الطبراني عن ابن مسعود أيضاً الحافظ الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص87، وقوّى رجال سنده ووثقهم حيث قال: وفيه عبد الله ابن عبد القدوس، وثقه ابن حباّن، ومحمد بن عيسى بن الطباع… وهذا الحديث لم يروه عن ضعيف، بل رواه عن الأعمش وهو ثقة، فيكون الحديث حسناً لا سيما مع شواهده.

            ونقله عن الطبراني أيضاً الزرقاني في (شرح موطأ مالك) وقال معلقاً على الحديث: "وإرادة نفي الحرج تقدح في حمله على الجمع الصوري، لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج"(56).

            ونقله عن الطبراني في (الأوسط) و(الكبير) وعن الهيتمي في (مجمع الزوائد)، الحافظ حامد بن حسن اليماني في كتابه (قرة العين في الجمع بين الصلاتين) ص8.

            55- وروى الطبراني في (معجمه الصغير) قال: "حدثنا محمد بن الحسن ابن هارون الموصلي، حدثنا محمد بن عمار الموصلي، حدثنا عمر بن أيوب، عن معاذ بن عقبة، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"(57).


            17- ما رواه أبو نعيم الأصبهاني من الأحاديث(58):

            56- روى أبو نعيم الأصبهاني في (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء) قال: "حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حبيب بن زيد الأنماطي قال: حدثنا عمرو بن هرم عن جابر بن زيد: أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر، وزعم أنه صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة الظهر والعصر"(59).

            ورواه عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء.

            57- حدثنا الحسن بن محمد بن كيان قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا داود بن عمر قال: حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار قال: سمعت أبا الشعثاء يقول: قال ابن عباس: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمان ركعات جميعاً، وسبع ركعات جميعاً، من غير مرض ولا علة.

            58- ورواه معمر، وروح بن القاسم، وحماد بن زيد بن عمرو مثله.

            59- وقال أبو نعيم في (الحلية): "حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا هشام بن علي السيرافي، وحدثنا علي بن الفضل بن شهريار المعدل، وحدثنا محمد بن أيوب الرازي، قال: حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني، حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر (أي أبن عبد الله الأنصاري) أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، وأراد الرخصة على أمته".

            نقل هذا الحديث عن (حلية الأولياء) الحافظ احمد بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه (إزالة الخطر) ص85، وقال معلقاً على سند الحديث: قلت: هذا سند على شرط البخاري فالربيع بن يحيى روى له البخاري في (الصحيح) قال الذهبي: صدوق، وقد قال أبو حاتم مع تعنته: ثقة ثبت.

            60- قال أبو نعيم في (الحلية): "حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا مهران الرازي، حدثنا يزيد بن مخلد، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير سفر ولا خوف، وبين المغرب والعشاء".

            نقله في (إزالة الخطر) ص86 عن (الحلية) وعلق عليه بقوله: فكيفما دار الحال فالحديث صحيح.

            61- قال أبو نعيم في (الحلية): "حدثني أبي في جماعة قالوا: حدثنا محمد بن نصير، حدثنا إسماعيل بن عمرو الجبلي، حدثنا الثوري عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر في غير مطر ولا خوف. فقيل لابن عباس لِمَ فعل ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته".

            نقله عن (الحلية) الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) ص115.


            18- ما رواه أبو بكر البرديجي من الأحاديث(60):

            62- قال الحافظ أبو بكر البرديجي: "حدثنا إسحاق بن إبراهيم الشيرازي، حدثنا جدي سعد بن الصلت، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر من غير خوف ولا مطر، فقيل لابن عباس: ولِمَ فعل ذلك؟ قال: لكي لا يحرج أمته".

            رواه الخطيب(61).


            19- ما رواه احمد بن عيسى من الأحاديث(62):

            63- قال احمد بن عيسى بن زيد في (الأمالي): "حدثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة من غير خوف ولا مرض، وقال ابن عباس: أراد التوسعة لأمته"(63).

            64- وقال في (الأمالي): "حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب، عن حفص، عن الأعمش، عن شقيق قال: شهدت ابن عباس خطب على المنبر فبدأ بالخطبة ثم نزل فجمع بين الظهر والعصر"(64).


            20- ما رواه البيهقي من الأحاديث(65):

            روى البيهقي في (السنن الكبرى) ج3 ص166-169 بعنوان – باب الجمع بين الصلاتين - اثني عشر حديثاً بأسانيد عديدة وطرق كثيرة عن مالك ابن أنس، والشافعي، وسفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية، وحمّاد بن سلمة، وهشام بن سعد، وقرة بن خالد، والأعمش، وحمّاد بن زيد، وعبد الله بن شقيق العقيلي وغيرهم. والعجب منه أنه عنون تلك الأحاديث بعنوان – باب الجمع في المطر بين الصلاتين - مع إنه لم يرد ولا في واحد من أحاديثه نص عن صحابي أن رسول الله جمع بين الصلاتين في المطر بل بالعكس حيث جاء في بعض تلك الأحاديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، وأن الراوي قال: قلت لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته، نعم لما ذكر حديث مالك بن أنس في – الموطأ - من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر ذكر تعليق مالك على الحديث إنه قال: أرى ذلك كان في مطر، ومن هنا تعقبه علاء الدين علي بن عثمان المارديني في (الجوهر النقي) في تعليقه على سنن البيهقي المطبوع في ذيله بما نصه: باب الجمع في المطر ذكر فيه عن ابن عباس جمعه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة في غير خوف ولا سفر ثم قال مالك: أرى ذلك كان في مطر. قلت: ينفي ما ذكره بعد في هذا الباب وعزاه إلى مسلم (عن ابن عباس إنه (صلى الله عليه وآله) جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر) وقال ابن المنذر لا معنى لحمل الأثر على عذر من الأعذار لأن ابن عباس أخبر بالعلة فيه وهو قوله: أراد أن لا يحرج أمته. ثم أن مالك لم يجز الجمع بين الظهر والعصر بعذر المطر فترك ما تأول هو حديث ابن عباس عليه.

            تعليق


            • #36
              ما رواه علماء الشيعة من أحاديث الجمع المطلقة

              1- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سبب، فقال له عمر – وكان أجرأ القوم عليه: أَحدثَ في الصلاة شيء؟ قال: لا، ولكن أردت أن أوّسع على أمتي"(66).


              2- عن عبد الملك القمي، عن أبي عبد الله قال: "قلت أجمعُ بين الصلاتين من غير علة؟ قال: قد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأراد التخفيف على أمته أو عن أمته"(67).


              3- عن زرارة عن أبي عبد الله قال: "صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة، وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة، وإنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليتسع الوقت على أمته"(68).


              4- عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان وإقامتين"(69).


              5- وعن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين"(70).


              6- عن صفوان، عن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألته عن صلاة المغرب والعشاء يُجمع (بينهما)؟ فقال: بأذان وإقامتين لا تصلّ بينهما شيئاً، هكذا صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(71).


              7- عن زرارة، عن أبي عبد الله قال: "صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة"(72).


              8- عن إسحاق بن عمار، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟

              قال: لا بأس"(73).


              9- حدثنا علي بن عبد الله الوراق، وعلي بن محمد بن الحسن القزويني قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا العباس بن سعيد الأزرق قال: حدثنا زهير بن حرب عن سفيان بن عُيينة عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر من غير خوف ولا سفر فقال: أراد أن لا يحرج على أحد من أمته"(74).


              10- وبالإسناد عن العباس الأزرق، عن ابن عون بن سلام الكوفي، عن وهب بن معاوية الجعفي عن أبي الزبير مثله(75).


              11- وبالإسناد عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثنا أبو يعلى بن الليث –والي قم- قال: حدثنا عون بن جعفر المخزومي، عن داود بن قيس الفراء، عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس : "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير مطر ولا سفر، قال: فقيل لابن عباس: ما أراد به؟ قال: أراد التوسع لأمته"(76).


              12- وبالإسناد عن زهير بن حرب، عن إسماعيل بن عليّة، عن ليث عن طاووس، عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر والحضر(77).


              13- وبالإسناد عن العباس بن سعيد الأزرق، عن سويد بن سعيد الأنباري، عن محمد بن عثمان، عن الجمحي، عن الحكم بن أبان، عن عِكرمة، عن ابن عباس وعن نافع عن عبد الله بن عمر قالا: "أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة مقيماً غير مسافر جمعاً وتماماً"(78).


              14- عن محمد بن مسلم عن أحدهما أنه قال في حديث: "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الهاجرة والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء الآخرة جميعاً، وكان يؤخر ويقدم، أن الله تعالى قال: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) إنما عنى وجوبها على المؤمنين ولم يعن غيره، أنه لو كان كما يقولون لم يصلّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هكذا، وكان أخبر وأعلم"(79).


              بيان مهم حول أحاديث الجمع المطلقة

              عزيزي – المطالع الكريم - هذه بعض أحاديث الجمع بين الصلاتين المطلقة. وقد علمت أنها أحاديث ثابتة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث قد أعترف بها ورواها أئمة المذاهب الأربعة، والصحاح الستة، وسائر كتب السنن والمسانيد والتفسير والتاريخ. وقد نص علماء الجرح والتعديل، وشرّاح الصحاح والسنن على صحتها ووثاقة رجال أسانيدها. وقد رواها جمع من الصحابة والقرابة وفي طليعتهم عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يقول فيه الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله): "علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض"(80) وكذلك عبد الله بن عباس حبر الأمة وعالمها وابن عم نبيها، وأحاديثه في الجمع مطلقاً ثابتة بإجماع الأمة، ومنصوص على صحتها، وكذلك رواها جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو هريرة، ومعاذ بن جبل. فهؤلاء ثمانية من الصحابة والقرابة رووا هذه السنة فيما أوقفناك عليه فراجع. كما رواها أيضاً شيعة أهل البيت عنهم “، وعن غيرهم بطرق صحيحة كما مر قريباً وذكرنا أحاديثهم بحذف الإسناد حذراً من الإطالة.

              وهنا تأخذك الدهشة والعجب فتقول سائلاً، وحقاً لك أن تسأل، لأن السؤال هنا يفرض نفسه بنفسه، فتقول: لما كان ذلك كما مر إذاً كيف وسعهم رد هذه السنة وعدم قبولها بعد أن رَووها ونصوا على صحتها وثبوتها؟! ولمَ لم يعملوا بها؟، والعمل بها سائغ بل ومطلوب، لا سيما وأن هذه السنة مؤيدة بالكتاب في كل آياته التي تستعرض أوقات الصلوات، وأن النبي وصحابته قد صرحوا بأن في هذا الجمع وإقامة هذه السنة رفعاً للحرج عن الأمة وتوسعة لهم، فلمَ إذاً لم يرحبوا بهذه الرحمة ويتقبلوا هذه التوسعة وهي من صالحهم؟!


              الجواب على هذه الأسئلة لا يخفى على النابه البصير..

              وسبب الخلاف (في رأيي) يعود إلى السلطات القائمة سابقاً، كالسلطة الأموية في الصدر الأول، والسلطة العباسية في الصدر الثاني، والناس (كما قيل) على دين ملوكهم.

              ولكن الذي يفرضه العلم علينا أن نذكر هنا شُبهَهم في هذه السنة الثابتة وتأويلاتهم لها، ثم نمعن النظر فيها بعد ذلك على ضوء اليقين والهدى، لنراها هل هي شُبَه أم حقائق؟ وهل تأويلاتهم لها صحيحة ومقبولة، أم فاسدة ومردودة؟، والحكم بعد ذلك لك أيها المطالع الكريم.


              الشُبَه والتأويلات حول أحاديث الجمع المطلقة ونقضها(81):


              1- ردَّ قوم هذه السنة الصحيحة الثابتة بأنها منسوخة بأحاديث المواقيت الخمسة الظاهرة في أن لكل صلاة وقتاً خاصاً، المروية عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة وغيرهم.


              2- وردَّ قوم منهم هذه السنة بأنها معارضة بالآية (103) من سورة النساء في قوله تعالىفَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا).


              3- وردَّ قوم منهم هذه السنة بأنها معارضة بالحديث الذي رواه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر).


              4- ورد قوم هذه السنة بأنها معارَضة بالإجماع على تركها، والإجماع حجة.


              5- وتوهم البعض – من عوام الناس- في أن نسبة كل صلاة إلى وقت خاص يدل على معارضة هذه السنة ولزوم التفريق بين الصلاتين.


              6- وقال آخرون: إن هذه السنة لما كانت مخالفة لأحاديث المواقيت الخمسة الظاهرة في أن لكل صلاة وقتاً خاصاً، والدالة على التفريق بين الصلاتين، فيجب إذاً تأويلها.

              ..وهنا نذكر لك بعض تأويلاتهم، منها:


              7- تأويلهم: إن الجمع من النبي (صلى الله عليه وآله) كان في حالة المطر.

              8- وقيل: إنه كان في غيم فصلّى الظهر، ثم انكشف الغيم وظهر أن وقت العصر قد دخل فصلاها فيه.

              9- وقيل: إن الجمع كان في حالة المرض.

              10- وقيل: إن الجمع كان خاصاً بمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) لفضله.

              11- وقيل: إن الجمع كان لعذر، من خوف أو مرض أو مطر أو وَحل أو برد أو غير ذلك من الأعذار التي تعيق الإنسان عن التفريق، أو لمطلق الأعذار.

              12- وقيل: إنه لم يجمع لشيء من ذلك كله، بل جمع للرخصة ورفع الحرج، ولكنه كان جمعاً صورياً، بمعنى أنه أخر الظهر إلى أن بقي من وقتها مقدار ما صلاّها فيه ثم سلّم منها، وقد دخل وقت العصر فصلاها في أول وقتها فكان جمعاً في الفعل والصورة لا في الوقت الواحد للصلاة الواحدة.

              هذه أهم شبههم وتأويلاتهم لأحاديث الجمع ولنا حق النظر فيها، ولكننا نترك النظر فيها لأهل السنة أنفسهم غالباً إلا ما يلزمنا التنبيه عليه، وقد قيل: سعيد من اكتفى بغيره. وقيل أيضاً: من فمك أدينك.


              1- نقض شبهة النسخ:

              أمّا مَن زعم أن أحاديث الجمع منسوخة بأحاديث المواقيت فقد رده عليه ونقضه الحافظ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري، وهو من أكابر شيوخ أهل السنة وحفاظهم وأعاظم مؤلفيهم(82) حيث قال في كتابه (إزالة الخطر) ص95 بما نصه: "أما من زعم أنه منسوخ بأحاديث المواقيت فقد قال الكذب، وادعى ما لا علم له به ولا برهان له عليه، فإن النسخ لا يثبت بمجرد الدعوى والتقوّل على النصوص الشرعية بلا دليل ولا برهان، ولو كان ذلك كذلك لادّعى كل من شاء إبطال نص وردَّ العمل به: إنه منسوخ، ولعارضه خصمه: بأنه ناسخ وأن دليله هو المنسوخ، فتصير الأدلة الشرعية كلها منسوخة وناسخة، وفي هذا من التناقض والفساد ما يكفي في الزجر عن ادعاء النسخ بغير دليل ولا برهان(83)…

              أما مدعي النسخ في – خصوص - هذا الحديث فقد ضمَّ إلى التلاعب بنصوص الشريعة وأدلتها جهلَه بأصول الفقه، وأحكام الناسخ والمنسوخ، إذ لا يختلف اثنان أن المنسوخ هو المتقدّم والناسخ هو المتأخر الدال على رفع الحكم السابق، وأحاديث المواقيت هي المتقدمة السابقة عند فرض الصلوات بمكة قبل الهجرة، وحديث الجمع المتأخر اللاحق بالمدينة في آخر أيامه (صلى الله عليه وآله) لأن أبا هريرة أحد من شهد ذلك الجمع معه (صلى الله عليه وآله) وما أسلم إلا في السنة السابعة من الهجرة، فلو عكس مريد ذلك وادّعى نسخ أحاديث المواقيت بحديث الجمع بالمدينة لكانت دعواه هي الموافقة لإحدى إمارات النسخ وهي تأخر النص في الزمان عن معارضه، ولكن ذلك لا يصار إلا عند تعذر الجمع بين النصوص وعدم إمكان العمل بالدليلين ولو بضرب من التأويل، وهنا لا تعارض بين أحاديث المواقيت وحديث الجمع كما سنبينه إن شاء الله تعالى، فلا نسخ والحمد لله بل كل من الدليلين مُحكم معمول به"..الخ.

              ..نعم، لا تعارض بين أحاديث المواقيت الخمسة وأحاديث الجمع المطلقة، لأن أحاديث المواقيت هدفها بيان أوقات الصلوات المفضلة وهي خمسة، وأحاديث الجمع هدفها بيان سعة الأوقات المجزية، ورفع الضيق والحرج وهي ثلاثة كما نص عليها القرآن المجيد، وقد أثبتنا ذلك كله في المقارنة الخامسة وبيّنا الحقيقة وقرائنها الدالة عليها، وقارنا هناك بين فتاوى المذاهب الأربعة في أوقات الصلوات وبين أحاديث المواقيت وظهر لكل ذي عينين أو أذنين أن أحاديث المواقيت هدفها بيان وقت الفضيلة حتى عند المذاهب الأربعة فراجعها فإنها مهمة جداً.

              والخلاصة: لا نسخ ولا تعارض والشبهة ساقطة من أصلها، وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


              2- نقض شبهة المعارضة بالآية (103) من سورة النساء:

              أما من أدّعى أن الجمع بين الصلاتين معارَض بقوله تعالى: ( فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) حيث قالوا: قوله (موقوتاً) يعني أن لكل صلاة وقتاً معيناً خاصاً بها دون غيرها، فلذلك لا يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، واستندوا بذلك على قول زيد بن أسلم: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) قال: مُنجّماً كلما مضى وقت جاء وقت(84).

              والحقيقة أنه ليست في هذه الآية دلالة – لا من قريب ولا من بعيد - على وجوب التفريق بين الصلاتين واختصاص كل واحدة منهما بوقت خاص، ولا فيها أية معارضة أيضاً لأحاديث الجمع بينهما كما لا معارضة في قول زيد بن أسلم ومن قال بقوله من الجمهور، وبيان ذلك من جهتين:

              أولاً - إن الآية في سياقها لم تكن بصدد تعيين أوقات الصلوات أصلاً، بل الظاهر أن هدفها بيان الصلاة مفروضة ثابتة لا تسقط بحال من الأحوال، ولا تُبدل بشيء آخر كما يبدل الصوم مثلاً بالفدية، وهذا هو الذي يلائم ما سبقها من الآيات التي بينت كيفية صلاة المسافرين، وصلاة الخائفين، ثم أمرت بإقامة الصلاة عند الاطمئنان فيكون المراد من قوله تعالى بعد ذلك: (كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي فرضاً ثابتاً لا يسقط بحال، ولا يقوم شيء آخر مقامه. وهذا المعنى لم نقل به لمجرد السياق فحسب، بل جاء مؤيداً ومستفيضاً في روايات عديدة ثابتة عند أهل بيت العصمة“، كما نفوا (بكل صراحة) كون المراد من قوله مَوْقُوتًا) بأن لكل صلاة وقتاً مُعيّناً تصلى فيه. وإليك بعض تلك الروايات الواردة عنهم“:


              1- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليه السلام) قال في جملة حديث له: "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى الهاجرة والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء الآخرة جميعاً، وكان يؤخر ويقدم، أن الله تعالى قال: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) إنما عنى وجوبها على المؤمنين ولم يعن غيره، إنه لو كان كما يقولون لم يصلّ رسول الله هكذا، وكان أعلم وأخبر"(85).


              2- عن زرارة قال: "سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) فقال: إن للصلاة وقتاً، والأمر فيه واسع يُقدّم مرة ويُؤخَر مرة، إلا الجمعة فإنما هو وقت واحد، وإنما عنى الله (كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي واجباً يعني أنها الفريضة"(86).


              3- وعن زرارة عن أبي جعفر: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا).

              قال: لو أنها في وقت لا تقبل إلا فيه كانت مصيبة، ولكن متى أديتها فقد أديتها(87).


              4- وعن زرارة عن أبي جعفر في قول الله عز وجل (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي موجباً(88).


              5- عن منصور بن خالد قال: "سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ( قال: لو كان موقوتاً كما يقولون لهلك الناس، ولكان الأمر ضيقاً، ولكنها كانت على المؤمنين كتاباً موجوباً"(89).


              6- عن داود بن فرقد، قال: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) ؟ قال: كتاباً ثابتاً…"(90).


              7- عن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "الله قال: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) قال: إنما عنى وجوبها ولم يعن غيره"(91).


              8- عن عبيد عن أبي جعفر، أو أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألته عن قول الله ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) قال: كتاب واجب، أما إنه ليس مثل وقت الحج، ولا رمضان إذا فاتك فقد فاتك، وأن الصلاة إذا صليت فقد صليت"(92).


              هذه بعض أحاديث أهل البيت“ في أن المراد من قوله تعالى (موقوتاً) أي موجوباً ومفروضاً وثابتاً، وهناك روايات أخرى وردت عنهم“ في هذا المعنى، وفيما ذكرناه كفاية.وهذا المعنى قد ورد أيضاً من طرق أهل السنة، وإليك بعض رواياتهم في ذلك بنصوصها.


              1- أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) يعني مفروضاً(93).


              2- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: الموقوت الواجب(94).


              3- وأخرج عبد بن حميد، وأبن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد كِتَابًا مَوْقُوتًا) قال: مفروضاً(95).


              4- وأخرج عبد بن حميد، وأبن جرير، وابن المنذر، عن الحسن: ( كِتَابًا مَوْقُوتًا) قال: كتاباً واجباً(96).


              5- وقال أبن كثير الدمشقي في تفسيره ما نصه: "وقوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) قال ابن عباس: مفروضاً"(97).


              ثانياً – لو أعرضنا عن مجموع هذه الروايات الواردة من طرق الفريقين، وقلنا - استناداً إلى ظاهر لفظ (موقوتاً) -: إن المراد منه أن للصلاة وقتاً تؤدى فيه، ولكن هل عينت هذه الآية وجوب التفريق في تلك الأوقات؟

              وهل نصت على أن لكل صلاة وقتاً واحداً تؤدي فيه، حتى تكون الآية معارضة لأحاديث الجمع، ومؤيدة لأحاديث التفريق؟! وهل هناك خلاف بين المسلمين أجمعين في أن للصلاة وقتاً تؤدي فيه؟!!

              الجواب عن هذه الأسئلة: لا، قطعاً. فإذاً أين الحجة في الآية؟ وما وجه الاستدلال بها على وجوب التفريق وعدم جواز الجمع؟ وما وجه الاستدلال بقول زيد بن أسلم: (موقتاً) أي منجماً؟ قال الفخر الرازي عند تفسير الآية من تفسيره (مفاتيح الغيب): "واعلم أنه تعالى بيّن في هذه الآية أن وجوب الصلاة مقدّراً بأوقات مخصوصة، إلا أنه أجمل ذكر الأوقات هاهنا وبينها في سائر الآيات وهي خمسة"(98).

              نعم، بينت سائر الآيات أوقات الصلوات وهي إحدى عشرة آية من سبع سور من القرآن، لا خمس آيات كما قال الرازي، ومفاد تلك الآيات أن أوقاتها ثلاثة لا خمسة، ولذلك قد دلت دلالة واضحة على جواز الجمع بين الصلاتين، وأنه لا مانع منه، فراجعها تحت عنوان (مواقيت الصلاة في القرآن).

              وبهذا علمنا أن هذه الشبهة ساقطة من أصلها كسقوط شبهة النسخ السابقة.

              وبذلك أتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


              3- نقض شبهة، "مَن جمع بين الصلاتين من غير عذرٍ فقد آتى باباً من أبواب الكبائر":

              أما من أدعى معارضة أحاديث الجمع المطلقة بالحديث الذي رووه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر) فهو من الأحاديث الموضوعة قطعاً، وقد نسب إلى ابن عباس ثم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نسبة كذب وزور بلا ريب. وذلك لأن الحديث ساقط وباطل من ناحيتي، السند، والمتن.

              أما سنده فقد طعن فيه كل من رواه وغيرهم من علماء الحديث وشراحه، وعلماء الجرح والتعديل، من أهل السنة أنفسهم.

              وبيان ذلك نقول:


              أولاً- رواه الترمذي في (سننه) قال: "حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر"(99).

              ثم قال الترمذي بما نصه: حنش هذا هو أبو علي الرَحبَي، وهو (حنش بن قيس) وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعّفه احمد وغيره.

              وقال الشارح – لسنن الترمذي - احمد محمد شاكر عند شرحه للحديث بما نصه: حنش بالحاء المهملة والنون المفتوحتين والشين المعجمة، وهو لقب له، واسمه (حسين بن قيس الرحبي) بالراء والحاء المهملتين المفتوحتين والباء الموحدة، نسبة إلى (رحبة بن زرعة) وهو حنش بن قيس.

              ثم قال الشارح: حنش ضعيف جداً. قال البخاري: أحاديثه منكرة ولا يُكتب حديثُه. وقال العقيلي في حديثه: من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر، لا يُتابع عليه، ولا يُعرف إلا به، ولا أصل له، وقد صح عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر..الحديث.


              ثانياً- رواه الدار قطني بسنده كما نقله عنه الحافظ الغماري، ثم نقل قوله بما نصه: حنش هو أبو علي الرحبي، متروك(100).


              ثالثاً- رواه البيهقي بسنده، كما نقله عنه الحافظ الغماري، ثم نقل قوله بما نصه: تفرّد به حسين بن قيس أبو علي الرحبي المعروف بحنش، وهو ضعيف عند أهل النقل لا يحتج بخبره(101).


              رابعاً- ورواه الحاكم في (المستدرك)(102) ولكنه قد شذّ عن كافة علماء الحديث والجرح والتعديل من سلفه/ حيث قد انفرد بتوثيق حنش فقال بعد روايته لحديثه: حنش بن قيس الرحبي، يقال له أبو علي، من أهل اليمن، سكن الكوفة، ثقة. ولذلك تعقبه الذهبي في (تلخيص المستدرك) فقال بما نصه: "قلت: بل ضعّفوه".


              خامساً - ونقل الحديث عن هذه المصادر السابقة الحافظ الغماري، وقد ردّه من وجوه أربعة، نذكر الوجه الأول منها فقط: "الوجه الأول - أن الحديث ساقط لا يجوز العمل به لمعارضته للحديث المجمع على صحته. فقد قال العقيلي: لا أصل له. وقال ابن الجوزي: إنه موضوع لأنه من رواية حسين بن قيس الملقب بحنش. وقد كذبه احمد وقال مرة: متروك. وقال أبو زرعة وابن معين: ضعيف. وقال البخاري: أحاديثه منكرة جداً ولا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال مرة: ليس بثقة. وقال الدار قطني: متروك. وقال مسلم: منكر الحديث. وقال الساجي: ضعيف الحديث متروك يحدّث بأحاديث بواطيل. وقال ابن حبّان: كان يقلّب الأخبار ويلصق رواية الضعفاء بالثقاة، وتكلم فيه آخرون أيضاً"(103).

              وقال أبو الفضل المقدسي في (تذكرة الموضوعات) ص90، وشمس الدين في (ميزان الاعتدال) ج1/255، وجلال الدين السيوطي في (اللئالي المصنوعة) ج2/13، قالوا جميعاً الحسين بن قيس الملقب بحنش كذاب، أحاديثه منكرة جداً، لا يكتب حديثه(104).

              فهذا واحد من رجال سند هذا الحديث، وقد علمت حاله، وهو المتهم بوضعه. والثاني من رجال سنده عكرمة المكنى بأبي عبد الله أصله من البربر ومن أهل المغرب وهو مولى ابن عباس. راجع ترجمته مفصلة في (ميزان الاعتدال) لشمس الدين الذهبي ج2/208 تحت رقم 1639، وباختصار في (تذكرة الحفاظ) للذهبي أيضاً ج1/90، لتعلم أن علماء الجرح والتعديل متفقون على أن عكرمة من الخوارج المعادين لأمير المؤمنين، والخارجين عن الدين، وأنه كان كذاباً، وأنه كان يكذب على ابن عباس، حتى أن علي بن عبد الله بن عباس أخذه وشده وثاقاً عند باب الكنيف، ولما أُنكر عليه هذا الفعل وقيل له: ألا تتقي الله؟ فقال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي.

              وقد طعن فيه ونص على كذبه كل من ترجمه، كالذهبي في (ميزان الاعتدال) و(تذكرة الحفاظ) والعسقلاني في (فتح الباري) وابن خلكان في (وفيات الأعيان) ج1/346، ط إيران، وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) وغيرهم.

              راجع (الكلمة الغراء) المطبوعة مع (الفصول المهمة) للسيد شرف الدين، الطبعة الرابعة من ص209-212 لتعرف عكرمة جيداً.

              فهذا سند الحديث. وأما متنه فيشهد بكذبه، لأن متن الحديث: "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر" في حين أن الثابت بالإجماع هو أن النبي(صلى الله عليه وآله) نفسه قد جمع بين الصلاتين من غير عذر، فيكون الحديث (على هذا) طعناً في عمل النبي، وأنه حاشاه – قد أتى باباً من أبواب الكبائر عندما جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر ولا مرض ولا علة، ومن غير أن يعجله شيء، ولا يطلبه عدو حسب نصوص الأحاديث المتقدمة فراجعها، وكذلك يكون الحديث طعناً في أصحابه الذين ائتموا به وهذا ما لا يفوه به ( مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [سورة البقرة/ الآية 113] على أن ابن عباس هو الذي روى جمع النبي بين الصلاتين من غير عذر، وحديثه في ذلك هو الثابت بالإجماع، فكيف يناقض ابن عباس حديثه الثابت عنه؟!. هذا ما لا يصدر منه قطعاً.

              وبذلك أتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.

              تعليق


              • #37
                4- نقض شبهة الإجماع:

                أما من زعم إن الإجماع حاصل على ترك العمل بأحاديث الجمع، وممن أدعى ذلك أو أشار إليه، الترمذي في آخر (سننه) قال: "جميع ما في كتابي هذا من الحديث هو معمول به، وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين: حديث ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه و آله) جمع بين الظهر والعصر بالمدينة، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. وحديث النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"(105).

                وظاهر كلام الترمذي أنه لم يعمل بحديث الجمع أحد، ومن هنا تمسك جماعة بحجة الإجماع على ترك هذه السنة. والحقيقة أنه لم ينعقد إجماع على ترك العمل بسنة الجمع بين الصلاتين، ومن هنا ردَّ على الترمذي دعواه ترك العمل بحديث الجمع، كلٌ من عيّاض في (الإكمال)، والنووي في (شرح صحيح مسلم) وسائر شراح الصحاح والسنن وغيرهم حيث قالوا جميعاً: "لكن حديث ابن عباس (أي الجمع بين الصلاتين) ما أجمعوا على ترك العمل به، بل لهم فيه تأويلات.."(106).

                وقال الشوكاني في (نيل الأوطار) بعد ذكر كلام الترمذي بما نصه: "ولا يخفاك أن الحديث صحيح وترك الجمهور للعمل به لا يقدح في صحته ولا يوجب سقوط الاستدلال به، وقد أخذ به بعض أهل العلم كما سلف، وإن كان ظاهر كلام الترمذي أنه لم يأخذ به أحد، ولكن قد أثبت ذلك غيره، والمثبت مقدم.."(107).

                وقال الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) في رد حجة الإجماع بما نصه: "وأما معارضته بالإجماع وكونه انعقد على خلافه فباطلة (أي حجة باطلة) مردودة بعدم ثبوت الإجماع، فقد قال به ابن عباس وعمل به كما سيأتي من (صحيح مسلم) ووافقه أبو هريرة، وكذلك قال به كثير من أئمة أهل البيت الأقدمين وهو مذهب الشيعة الإمامية بأجمعهم، وقول جماعة من فقهاء الزيدية وأئمتهم، منهم المهدي احمد بن الحسين، والمتوكل على الله احمد بن سليمان، والمنصور بالله في أحد قوليه، والهادي، بل والإمام زيد بن علي في إحدى الروايتين عنهما، واختاره المحقق الجلال منهم، وهو قول ابن سيرين، وربيعة، وابن شبرمة، وأشهب، ومن وافقه من المالكية، وابن المنذر، والقفّال الكبير، وجماعة من أصحاب الحديث. واحتج به الإمامية على اشتراك وقتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وقالوا: إن وقت الظهر يدخل بعد الزوال بمقدار ما تؤدى فيه أربع ركعات الظهر في الحضر، وركعتين في السفر بشرط تقديم الظهر، كما هو أيضاً قول أشهب، وابن القصّار وغيرهما من المالكية فيما حكاه إسماعيل القاضي وابن يونس وغيرهما كما سبق..

                وممن قال به أيضاً (أي جواز الجمع) من الحنابلة وأطال في نصرته والاستدلال له ودفع الشبهة عنه ابن تيمية في رسالة له في أحكام الجمع والقصر في السفر"(108).

                وبذلك أتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                5- نقض شبهة نسبة كل صلاة إلى وقت خاص:

                ربما يتوهم بعض الناس أن لكل صلاة من الصلوات الخمس وقتاً خاصاً بها، وأنها نسبت إلى ذلك الوقت فيقال: صلاة الظهر، وصلاة العصر، وهكذا المغرب والعشاء والصبح. وذلك يدل على وجوب التفريق بين الصلاتين وإيقاع كل منهما بوقتها المنسوبة إليه.

                وهذا توهم فاسد لم يصدر من أي إنسان عالم عارف، نعم قد يكون هذا التوهم عند الجاهل البسيط أو الجاهل المركب الذي يدعي العلم ولا يعرفه. ولذا لم تدون هذه الشبهة في الكتب الفقهية لأهل السنة وغيرهم، ولكنها قد تدور على ألسن البعض من عوام الناس أو يلقيها البعض (ممن يروق له تفريق كلمة المسلمين) على أذهان السذج من الناس، ولذا رأينا أن نستعرض هذه الشبهة ونبين الحقيقة في ذلك. وإليك البيان:


                أولاً- المعلوم بالضرورة عند المسلمين أجمعين أن أوقات الصلوات إنما تؤخذ وتعرف من نصوص الشرع الثابت كتاباً وسنة، وقد بينّاها سابقاً فراجعها، ولا يصح أن تؤخذ من أسماء الأوقات التي تنتسب إليها، وهذا واضح جلي.


                ثانياً- إن نسبة الصلاة إلى وقت ما يراد به بعض ذلك الوقت، أو أوله، فمثلاً صلاة الصبح تنسب إلى الصبح وتضاف إليه، والحال أن الصبح يبدأ من طلوع الفجر ويستمر إلى ما بعد طلوع الشمس وإلى قرب الزوال..وهذا الوقت كله يطلق عليه (عرفاً) الصبح، بل قال الطريحي في (مجمع البحرين): "والصباح خلاف المساء. وعن ابن الجواليقي: الصباح عند العرب من نصف الليل الآخر إلى الزوال"(109) في حين أن الشرع المقدس يحدد وقتها إلى ما قبل طلوع الشمس فقط. وبذلك علمنا أن نسبتها إلى الصبح إنما هي نسبة إلى أول الصبح أو بعضه لا كله. وهكذا صلاة الظهر تنسب إليه، والحال أن الظهر (كما في "المنجد" وغيره من كتب اللغة) ساعة انتصاف النهار، ومن الواضح أن وقتها يستمر إلى ما بعد ذلك بكثير حسب تحديد الشارع له.

                وأما العصر فأصل هذه الكلمة مأخوذ من عصر الثوب ونحوه، وهو فتله والضغط عليه لإخراج مائه، ويطلق على الدهر كله لأنه الوقت الذي يمكن فيه فتل الأمور كما يفتل الثوب. وتطلق هذه الكلمة أيضاً على العشي..

                قال الشاعر: يروح بنا عمرو وقد قصر العصر***وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر

                والعشي (كما في مجمع البحرين) "بفتح العين وتشديد الياء، من بعد زوال الشمس إلى غروبها. قال: وصلاة العشي: الظهر والعصر إلى ذهاب صدر الليل"(110).

                وتطلق كلمة (العصران) على الغداة والعشي وصلاتهما الصبح والظهر والعصر كما في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "حافظ على العصرين..فقلت: وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها"(111).

                كما تطلق (العصران) على الليل والنهار، قال الشاعر: ولن يلبث العصران يوماً وليلة***إذا طلبا أن يدركا ما تيّمما

                والعصر: العشي إلى احمرار الشمس، والعشي يبدأ من زوال الشمس كما مر. ويقال له العصر، فإضافة الصلاة إليه لا تقتضي أن يكون وقتها هو الوقت الذي صار متعارفاً إيقاعها فيه لدى أهل السنة وهو ما بعد صيرورة ظل الشيء مثله إلى مثليه، بل العصر أوسع من هذا. ولذا تنسب الصلاتان الظهر والعصر إلى كل واحد منهما فيقال: صلاة الظهرين، كما يقال: صلاة العصرين لاشتراك وقتهما.

                وأما المغرب فهو لغة: المكان الذي تغرب منه الشمس، ومعنى غربت الشمس غروباً أي بعدت وتوارت في مغيبها، فالمغرب إذاً وقت غروب الشمس في حين صلاة المغرب يستمر وقتها إلى ما بعد ذلك، وإنما نسبت إليه باعتبار أول وقتها غروب الشمس.

                وأما العشاء فيقع بعد المغرب مباشرة. قال الطبرسي في (مجمع البيان) عند تفسير قوله تعالى: (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) :"وسبح: أي نزّه الله، وأراد التسبيح المعروف. وقيل: معناه صلّ كما يقال: فرغت من سبحتي أي صلاتي، (بالعشي والأبكار) في آخر النهار وأوله"(112) وقال أيضاً: "والعشاء من لدن غروبها إلى أن يولي صدر الليل"(113).

                وقال صاحب (المنجد): "العشاء أول الظلام، وقيل: من المغرب إلى العتمة".

                ولما كان العشاء يقع بعد المغرب مباشرة لذا تنسب الصلاتان إلى كل واحد منهما، فيقال: صلاة المغربين كما يقال: صلاة العشائين. وبهذا علمنا سقوط هذه الشبهة من أصلها.


                6- نقض شبهة وجوب التأويل:

                أما من أدعى وجوب تأويل أحاديث الجمع بحجة مخالفتها لأحاديث المواقيت فهي حجة باطلة ومردودة وبيان ذلك:


                أولاً- لقد أثبتنا في المقارنة الخامسة أنه لا مخالفة بين أحاديث المواقيت الخمسة، وأحاديث الجمع، حيث أن أحاديث المواقيت هدفها بيان الأوقات المفضلة وهي خمسة، وأحاديث الجمع هدفها بيان اشتراك الوقت المجزئ للصلاتين والتوسعة على الأمة ورفع الضيق والحرج عنهم وهي ثلاثة كما هو الظاهر من نصوص القرآن المجيد، فلا حاجة إذاً لتأويل أحاديث الجمع فضلاً عن أن يكون التأويل واجباً.


                ثانياً- إنه لا يجوز تأويل النص وصرفه عن ظاهره، إلا إذا استحال ظاهره وتعذر العمل به لمخالفته للمعقول أو المنقول مخالفة لا يمكن الجمع بينهما بحال، وليست أحاديث الجمع كذلك فإنها لا تتناقض مع معقول ولا منقول كما بيّنا سابقاً.


                ثالثاً- إن من المتفق عليه عند جمهور الأمة أن الأصل عدم التأويل للنصوص الشرعية، وإن العمل بالمعنى الظاهر من النصوص هو الواجب، ولا يسوغ العدول عنه إلا بدليل يقتضي هذا العدول(114) وعلى هدى هذا الأصل المتفق عليه، وحفاظاً على نصوص الشريعة من نزعات الهوى، وضع علماء الأصول شروطاً لا يعتبر التأويل صحيحاً مقبولاً إلا بتوافرها فما استوفى شروطه فهو المقبول، وإلا فهو التأويل الفاسد المردود، ومن أهم هذه الشروط ما يلي:


                أ- إن المعنى الذي أُوّل إليه اللفظ يجب أن يكون من المعاني التي يحتملها اللفظ نفسه ويدل عليها بطريق من طرق الدلالة، بمنطوقه أو مفهومه، ويكون في الوقت نفسه موافقاً لوضع اللغة (ولو على سبيل المجاز) أو عرف الاستعمال أو غير ذلك من القرائن الدالة على صحة معنى التأويل وقبوله.


                ب- أن يقوم على التأويل دليل صحيح قطعي من العقل أو النقل يدل على صرف اللفظ عن الظاهر إلى غيره، وذلك لما قدمنا من الأصل في عبارات الشارح ونصوص أحكامه أنها قوالب لمدلولاتها الظاهرة، وأن الواجب العمل بهذه الظواهر إلا إذا قام دليل العدول عنها إلى غيرها(115).


                وإذا علمت ذلك فأعلم أن تأويلاتهم لأحاديث الجمع لا تتفق أبداً مع شروط التأويل المتفق عليها عند الجميع، ومن هنا لم يتفقوا على تأويل مقبول صحيح أبداً، كما سترى.

                وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                7-نقض تأويل أن الجمع كان في حالة المطر:

                أما من أوّل أن الجمع كان في المطر، وهذا ترّجٍ واحتمال ورأي ظني ظَنَّه مالك بن انس (إمام المالكية) وذكره في (الموطأ) حيث قال – كما تقدم – "أرى ذلك كان في المطر" واحتمله محمد بن إدريس الشافعي فذكره في كتابه (الأم) – كما تقدم – بقوله: "ووجدنا في المطر علة المشقة.." وترجاه أيوب السختياني ومن سأله بقوله: "لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى" كما ذكره البخاري في (صحيحه) وقد تقدم أيضاً. وتبناه بعض من جاء بعدهم تقليداً لهم.

                ويكفينا في نقض هذا التأويل قول الله سبحانه: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) [سورة يونس/37].


                وثانياً- إن الظن يرده ويبطله نص الحديث بنفي المطر بالخصوص، حيث جاء في حديث سعيد بن جبير، و صالح مولى التوأمة كلاهما عن ابن عباس أنه قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر. قال قلت لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته" وقد علمت أن هذا الحديث رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والطيالسي، والطحاوي، وأبو نعيم الأصفهاني، والبيهقي، وأبو بكر البرديجي، والخطيب البغدادي وغيرهم، وهو من الأحاديث الصحيحة في الباب، كما نص عليه الشراح، وقد جاء بأسانيد عديدة تؤيد بعضها بعضاً. فانظر بعقلك ( أيها المسلم ) هل تردّ السنة الثابتة بالترجّيات والاحتمالات والآراء الظنية التي لا تغني من الحق شيئاً، ولم يقيموا عليها أي دليل، بل الدليل الصريح يبطلها.


                ثالثاً- قال الحافظ الغماري في كتابه ما نصه:

                "الوجه الثالث من وجوه رد التأويل بالمطر، أن النبي صرح بأنه فعل ذلك ليرفع الحرج عن أمته، وبيّن لهم جواز الجمع إذا احتاجوا إليه(116) فحمله على المطر بعد هذا التصريح من النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة الذين رووه تعسف ظاهر، بل تكذيب للرواة، ومعارضة لله والرسول، لأنه لو فعل ذلك للمطر لما صرح النبي (صلى الله عليه وآله) بخلافه، ولما عدل الرواة عن التعليل به إلى التعليل بنفي الحرج، كما رووا عنه (صلى الله عليه وآله) أنه كان يأمر المنادي أن ينادي في الليلة المطيرة (ألا صلّوا في الرحال) ولم يذكروا ذلك في الجمع، فكيف وقد صرحوا بنفي المطر كما في الوجه الذي قبله"(117).


                رابعاً- قال الحافظ الغماري:

                "الوجه الرابع أن ابن عباس الراوي لهذا الحديث أخّر الصلاة وجمع لأجل انشغاله بالخطبة، ثم احتج بجمع النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يجوز أن يحتج بجمع النبي للمطر (وهو عذر بيّن ظاهر) على الجمع لمجرد الخطبة أو الدرس الذي في إمكانه أن يقطعه للصلاة ثم يعود إليه، أو ينتهي منه عند وقت الصلاة ولا يلحقه فيه ضرر ولا مشقة كما يلحق الإنسان في الخروج في حالة المطر والوحل"(118).

                وأطال الحافظ الغماري الرد على هذا الوجه، كما ذكر وجهاً خامساً في الرد عليهم، وفي ما ذكرناه كفاية.

                وبرد هذا التأويل وبطلانه، اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية، كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                8- نقض تأويل أنه كان في غيم ثم انكشف:

                وأما من أوّل بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان حينما صلّى الظهر في غيم، ثم انكشف فبان له أن وقت العصر قد دخل فصلاها فيه..فهو تخرص ومجازفة ورجم بالغيب، بل طعن في النبي وصحابته، وحاشاهم. ومن هنا قال الحافظ الغماري في رد هذا التأويل:

                "وأما تأويله بأنه كان في غيم ثم انكشف فهو مما يُستحيى من ذكره، ويُجل المرء عن حكايته ولو على سبيل القدح فيه. وقد عقبه المازري بقوله: (وهذا يضعفه جمعه بالليل، لأنه لا يخفى دخول الليل حتى يلتبس دخول المغرب بوقت العشاء ولو كان الغيم..) ولا يخفى ما في تعبيره عن هذا التأويل الفاسد بالضعف، من الضعف، والأولى – كما فعل عيّاض والنووي – حيث عبّرا عن هذا التأويل بالبطلان"(119).

                وسيأتيك نص النووي في (شرح صحيح مسلم) على بطلان هذا التأويل.

                وبذلك أتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                9- نقض تأويل أن الجمع كان في حالة المرض:

                أما من أوّله بأن الجمع كان في حالة المرض، وهذا التأويل قاله بعض التابعين، وبه أفتى أحمد بن حنبل وإسحاق، كما نص الترمذي في (سننه) حيث قال: "ورخّص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض. وبه يقول أحمد وإسحاق، ثم قال: ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين"(120).

                وهذا التأويل باطل قطعاً، إذ هو كالتأويل بعذر المطر، وبيان ذلك:

                أولاً- إنه ظن والظن لا يغني من الحق شيئاً، لا سيما وأنه لا دليل لهم عليه، وكل تأويل لا دليل عليه فهو باطل بالإجماع.


                ثانياً- إن هذا التأويل يبطله التصريح بنفي العلة في أحاديث كثيرة، ومنها حديث محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري (راجعه برقم 51) وقد جاء فيه: إن الجمع كان في المدينة للرخص من غير خوف ولا علة، والعلة تعم المرض وغيره، فهو نفي لكل تأويل، كما ورد النص بنفي المرض بالخصوص في بعض طرق حديث مولى التوأمة عن ابن عباس (راجعه برقم 63) ونصه: "جمع رسول الله بالمدينة من غير خوف ولا مرض" وكذا حديث عمرو بن دينار عن ابن عباس أيضاً (راجعه برقم 57) وقد جاء فيه قوله "من غير مرض ولا علة، إلى غير ذلك من الأحاديث الأخرى.


                ثالثاً- إن النبي (صلى الله عليه وآله) ورواة حديثه من الصحابة قد صرّحوا بأن الجمع كان لرفع الحرج لا للمرض وغيره، ولو كان للمرض لما عدلوا جميعاً عنه إلى غيره.


                رابعاً- إنه لو كان للمرض لكان خاصاً به (صلى الله عليه وآله) والحال أنه جمع بالصحابة كما قال ابن عباس: "صلّى بنا رسول الله، وصليت خلف رسول الله.." وكما عرف من سيرته أنه ما كان يصلي وحده، وبالضرورة إن من صلى خلفه من الصحابة لم يكونوا جميعاً مرضى فكيف يصلي بهم صلاة لا تجوز لهم ولا تصح منهم، وإنما تجوز له وحده لعذره في مرضه؟

                وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                10- نقض تأويل أن الجمع خاص بالمسجد النبوي:

                قال الحافظ الغماري في إبطال هذا التأويل: "أما من قال: أنه خاص بمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) لفضله، فيكفي في إبطاله أن دعوى الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، وأن مثل هذه الدعوى لا يعجز عنها أحد في كل شيء أراد نفيه من أنواع التشريعات، فأي فرق بين ادّعاء الخصوصية في الجمع بين الصلاتين، وادعائها في الجماعة مثلاً وأنها خاصة بمسجد رسول الله لفضله؟ وكذلك في الجمعة وأنها خاصة بمسجده وبزمانه واستماع خطبته وكلامه، وما عدا مسجده وزمانه فلا تشريع جمعة ولا جماعة. وهكذا سائر أفعاله التي قام الدليل على وجوب التأسي به فيها (أو استحبابه) ولأنه لا يجوز ادعاء الخصوصية به أو بمكانه أو زمانه إلا بدليل يدل على ذلك، فكيف وقد جمع بعرفة ومزدلفة ومنى وتبوك وكثير من البقاع في أسفاره وغزواته، وجمع بعده أصحابه في أسفارهم وأوقات ضروريّاتهم فهو دليل قاطع على بطلان هذا التأويل"(121).

                ولا أدري ما معنى اختصاص الجمع بمسجد النبي لفضله؟ هل إن فضل المسجد النبوي الشريف يبيح للمصلين أن يصلّوا قبل دخول الوقت أو بعد خروجه، والحال أن الصلاة قبل دخول وقتها أو بعده تعَمُّداً، معصية كبيرة، بل بدعة صريحة، وإحداث المعصية أو البدعة في المسجد النبوي الشريف مما يزيد في فضاعتها وترتب العقاب عليها بشكل أكبر..أو، الجمع بين الصلاتين لم يكن قبل دخول الوقت ولا بعد خروجه، بل في الوقت المجزئ، فحينئذ ما معنى هذه الخصوصية التي جاءوا بها من أنفسهم؟ (وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُون) [سورة المؤمنون/72].

                وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                11- نقض تأويل أن الجمع كان لعذر مّا:

                أما من أدعى بأن الجمع كان لعذر من الأعذار كالمرض ونحوه، وقد نقل هذا التأويل النووي في (شرح صحيح مسلم) عن جماعة من الفقهاء كأحمد بن حنبل وغيره، وقد قوّاه، وسيأتيك نصه، فهو باطل أيضاً، لأنه إن كان الجمع لعذر معين فما هو ذلك العذر فأن كان المرض أو الخوف أو المطر أو الغيم أو خصوص فضل المسجد الشريف فقد علمت بأنها جميعاً أعذار باطلة لا دليل لهم على شيء منها، ورواة أحاديث الجمع من الصحابة ينفونها، وإن كان الجمع لمطلق العذر أو الأعذار فما بطل به الخصوص يبطل به العموم.

                وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                12- نقض تأويل أن الجمع كان صورياً:

                أما من ادّعى أن الجمع لن يكن لعذر من الأعذار، وأنه لا يصح فيه تأويل من التأويلات المذكورة، ولكن كان جمعاً صورياً لا حقيقياً. وهذا التأويل قال به مطلق الحنفية لتبرير فتوى إمام مذهبهم أبي حنيفة حيث أفتى (كما هو ثابت عنه) بعدم جواز الجمع بين الصلاتين مطلقاً، ولما كان الثابت عندهم وعند جميع المسلمين أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين حضراً وسفراً، لعذر ولغير عذر، عدلوا إلى تأويل هذا الجمع بأنه صوري لا حقيقي. وهذا التأويل قد بالغ في تأييده أكابر الحنفية وشيوخهم ورأوه التأويل الوحيد الذي لا يصح سواه. قال الحافظ الغماري: "ونَصَره – أي هذا التأويل من الحنفية – الطحاوي في (شرح معاني الآثار) بما فيه تكلف وتعسف يتحاشى عن مثله أهل العلم على قاعدته في نصر مذهب أبي حنيفة، واختار هذا القول أيضاً ابن الماجشون، والماورزي، وعياض، والقرطبي، وإمام الحرمين، وابن سيد الناس، والحافظ في (الفتح) مع اعترافه بضعف دليله ومستنده، والمغربي في (البدر التمام) وتبعه شراح (بلوغ المرام)، والشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/216-218، وأطال في تقريره، وختم بأن له رسالة سماها (تنشيف السمع بإبطال أدلة الجمع)(122).

                نعم، كل هذا نصرة لمذهب أبي حنيفة، والحقيقة أنها نصرة يعوزها الدليل، حتى أن الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) أبطل تأويلهم بالجمع الصوري وردّه من عشرين وجهاً وجيهاً. ونحن نشير إلى بعض ما يبطله وينقضه فنقول:


                أولاً: إن الذي يبطل هذا التأويل وغيره من التأويلات أياً كانت، ظاهر الآيات القرآنية التي استعرضت أوقات الصلوات فجعلتها ثلاثة لا خمسة، فراجعها. وبحكم تلك الآيات لا مانع من الجمع الحقيقي لعذر وغير عذر مطلقاً.


                ثانياً: إن تأويلهم هذا وغيره من التأويلات الأخرى لم يستطيعوا أن يقيموا عليها دليلاً صحيحاً ومقبولاً حتى عندهم، ولذا كانوا في تأويلهم غُمّة، وفي ليل من الحيرة مظلم، يرد تلك التأويلات بعضهم على بعض. ومعلوم أن كل تأويل لا دليل مقبول عليه فهو باطل. نعم أيّد الشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/217 التأويل بالجمع الصوري بتأييدات واهية، بل هي أوهى من بيت العنكبوت والتي منها قوله: "ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخان، عن عمرو بن دينار أنه قال: يا أبا الشعثاء أظنه أخّر الظهر وعجل العصر، وأخّر المغرب وعجل العشاء؟ قال: وأنا أظن ذلك. ثم قال الشوكاني: وأبو الشعثاء هو راوي الحديث عن ابن عباس كما تقدم".

                فالشوكاني يؤيد تأويل الجمع الصوري حيث ظنه أبو الشعثاء باعتباره راوي الحديث، ومعلوم باعلان القرآن المجيد) إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا( سواء صدر من الراوي أو من غيره، وقد حذرّ النبي(صلى الله عليه و آله) بقوله في الحديث المتفق عليه: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) ومن هنا قال احمد بن شاكر عند شرحه لحديث أبي الشعثاء في (مسند احمد) بما نصه: "وهذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء ولا حجة له فيه"(123).

                هذا ولعل عمرو بن دينار يقصد باستفهامه من أبي الشعثاء، وقوله: أظنه أخّر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، أن النبي جمع جمع تأخير لا جمع تقديم، ولم يقصد الجمع الصوري أصلاً.


                ثالثاً: إن لفظ (الجمع) في عرف الشريعة لا يطلق إلا على الجمع الحقيقي بين الصلاتين في وقت إحداهما جمع تقديم أو جمع تأخير، بل ولا ينصرف الذهن مطلقاً إلا إليه، وهذا حتى عند الشوكاني نفسه، ولذا تراه أطلق كلمة (الجمع) على رسالته التي سماها (تنشيف السمع بإبطال أدلة الجمع) فإنه يريد بهذا الإطلاق الجمع الحقيقي قطعاً، لأنه هو الذي يحاول إبطاله لا الجمع الصوري الذي يؤيده ويريده. وهكذا من افتعل حديثاً على النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر)، إنما يريد بإطلاق كلمة (جمع) الجمع الحقيقي لا الصوري، لأنه هو المتبادر إلى الذهن.

                وبهذه الحقيقة صرح كثير من أعلامهم، ومنهم الخطابي وإليك عبارته بنصها، قال: "ظاهر أسم الجمع لا يقع على من أخّر الظهر حتى صلاها في آخر وقتها وعجل العصر فصلاها في أول وقتها، لأن هذا قد صلّى كل صلاة منها في وقتها الخاص بها، وإنما الجمع المعروف أن تكون الصلاتان في وقت إحداهما، ألا ترى أن الجمع بينهما بعرفة والمزدلفة كذلك"(124).

                ومعلوم أن كل تأويل خالف عرف الشرع والعرف المطلق يكون باطلاً بلا ريب، كما صرح علماء الأصول بالاتفاق.


                رابعاً: إن السنة النبوية تبين بعضها بعضاً، فعلى فرض – وفرض المحال ليس بمحال – أن الجمع لم يكن في عرف الشرع خاصاً بالحقيقي، ولكن جمع النبي بين الصلاتين بأسفاره عيّن المراد منه لأنه كان يجمع جمع تقديم تارة بأن يصلي الظهر عند الزوال في أول الوقت ثم يصلي العصر بعدها مباشرة، ويصلي المغرب عند الغروب ثم يصلي العشاء بعدها بلا فاصل..وجمع تأخير تارة أخرى بأن يؤخر الظهر إلى ما بعد دخول وقت العصر فيصليهما معاً، ويؤخر المغرب إلى ما بعد دخول وقت العشاء وغياب الشفق فيصليهما في ذلك الوقت معاً، وفي بعض الأحيان يصليهما بعد ذهاب ربع الليل، وهذا وارد في أسفاره بنصوص صريحة ومتفق عليها عند الجميع، وسيمر عليك بعضها، وما أدري كيف خالفها الحنفية فحملوا كافة أحاديث الجمع في الحضر والسفر وفي جميع الحالات على الجمع الصوري، وذلك ما لا يتفق مع الكتاب والسنة والإجماع.


                خامساً: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما جمع بالمدينة أخبر أنه أراد بجمعه بين الصلاتين رفع الحرج عن أمته والتوسعة عليهم. والجمع الصوري ليس فيه رفع لحرج التفريق عنهم، ولا توسعة عليهم، بل فيه إثبات وتقرير لما جاء به جبرئيل من الأوقات الخمسة المفضلة، ويكون النبي(صلى الله عليه وآله) بجمعه الصوري قد صلّى كل صلاة بوقتها المفضل فأي حرج إذاً رفعه النبي عن أمته، وأي توسعة وسعها عليهم؟ والحال أن التوسعة تقتضي أن يكون في الوقت ضيق فيوسعه النبي وذلك لا يكون إلا إذا جمع جمعاً حقيقياً جمع تقديم وجمع تأخير.


                سادساً: إن الجمع الصوري - كما حددوه – فيه حرج أكثر من الحرج في التفريق، وذلك لأن الجمع الصوري هو أن يصلي الظهر عندما يبقى من وقته مقدار أربع ركعات فإذا فرغ منها دخل وقت العصر فيصليها فلا يخلو الحال إذاً من أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد أخبر أصحابه عند الزوال أنه يريد أن يجمع بهم قبيل العصر فكلفهم – بعد اجتماعهم – بالانصراف إلى غذائهم وسائر حوائجهم والرجوع إلى المسجد قبيل العصر، أو تركهم من وقت الزوال إلى قرب وقت العصر في الانتظار وفيهم من فيهم من الشيخ الكبير والضعيف وذوي الحاجات والنساء ذوات الأطفال. أو أنه أعلن لهم عند اجتماعهم للصلاة في الليل وأمرهم أن يجتمعوا غداً قبيل صلاة العصر بمقدار أربع ركعات حتى يجمع بهم بين الظهرين جمعاً صورياً. وفي أي من هذه الصور الثلاث من المشقة عليهم والإحراج لهم ما لا يخفى، وأقل ما يقال في إحدى هذه الصور من التكليف أنه أمرهم بالحضور إلى المسجد في وقت غير محدد ولا معروف لهم، إذ لا أذان قبيل العصر يجمعهم، ولا ساعات عندهم يومئذ يعرفون بها الوقت، بل يلزمهم أن يراعي كل واحد منهم مقدار الظل للشاخص عند الزوال وأن يراقبه إلى أن يزداد الظل للشاخص المعين بمقداره، وقبل هذا الوقت بمقدار أداء الظهر ينبغي أن يكونوا حاضرين في المسجد ليجمعوا جمعاً صورياً، وذلك عين الحرج والضيق فكيف يقول (صلى الله عليه وآله): "صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي" ويقول الرواة: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته؟

                وإلى هذا أشار كثير من شراح الصحاح والسنن، ومنهم الزرقاني في (شرح موطأ مالك) ج1/94 قال: وإرادة نفي الحرج تقدح في حمله على الجمع الصوري، لأن القصد إليه لا يخلو من حرج.


                سابعاً: من المعلوم أن وقوع أي صورة من هذه الصور الثلاث السابقة غير مألوفة للصحابة، وفيها تغيير لكيفية أداء الصلاة سابقاً عندهم، وهذا ما يستوجب نقل تلك الكيفية – كما وُقَت – بالتواتر القطعي، وحينئذ لروى تلك الصورة الغريبة – على الأقل – رواة أحاديث الجمع من الصحابة، ولما لم يرد شيء من ذلك عنهم فضلاً عن تواتره علمنا علم اليقين أن الجمع كان حقيقياً لا صورياً، ومعاذ الله أن يكلف النبي أصحابه وسائر أمته إلى يوم القيامة بمثل هذا التكليف الشاذ، بل جعل لهم – بأمر الحكيم الخبير – الوقت موسعاً للظهرين من الزوال إلى الغروب، وللعشائين من الغروب إلى نصف الليل للمختار غير المضطر وإلى الفجر للمضطرين، وللصبح من الفجر إلى طلوع الشمس.

                وهذه علائم لأوقات الصلوات معلومة ومعروفة للجميع بلا تكلف ولا مشقة ولا حرج، وهذا هو اللائق بشريعة الحق العامة للجميع، والخالدة ما خلد الدهر.

                قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير) [سورة الحج/79].


                ثامناً: إن جابر بن عبد الله الأنصاري أحد الصحابة الكرام الذين رووا حديث الجمع بين الصلاتين يصرح بقوله: إن النبي جمع بين الصلاتين للرخص من غير خوف ولا علة – راجع حديثه برقم (51)، وممن رواه. شيخ من شيوخ الحنفية وهو الطحاوي الحنفي. وراجع حديثه الآخر برقم (59) الذي رواه أبو نعيم في (حلية الأولياء) وقد جاء فيه قوله: "أراد الرخصة على أمته. والرخصة في اللغة: التيسير والتسهيل. قال الجوهري: الرخصة في الأمر خلاف التشديد فيه، ومن ذلك رخص السعر إذا سهل وتيسّر، وفي عرف أهل الأصول هو تغيير الحكم الشرعي من صعوبة إلى سهولة مع قيام السبب للحكم الأصلي، وهذا هو الواقع في الجمع الحقيقي فإنه تغيير من صعوبة تحديد الوقت وتقسيمه بجعل وقت خاص للظهر وآخر للعصر وآخر للمغرب وآخر للعشاء لسبب الفضيلة لتلك الأوقات المعينة إلى سهولة الجمع بين الصلاتين بتجويز تقديم اللاحقة في وقت السابقة، أو تأخير السابقة إلى وقت اللاحقة، أما الجمع الصوري فليس فيه تغيير ولا تسهيل بل هو إيقاع للأوقات كما كانت عليه، بل هو بالعكس من تعريف الرخصة لأنه تغيير من سهولة إلى صعوبة كما علمت، فالقول بالجمع الصوري تشويه لوجه التشريع وقلب لحقيقته ونقض لمقصوده.


                تاسعاً: إن عبد الله بن عباس حين خطب في البصرة وناداه الناس: الصلاة الصلاة، وعدم مبالاته بهم واستمراره في خطبته لا يجيبهم، حتى جاء التميمي الذي صار يقول: الصلاة الصلاة، فناداه ابن عباس وهو مغضب: أتعلمني بالسنة؟ لا أم لك، ثم احتج عليه بالدليل والمستند بقوله: شهدت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، واستبعاد عبد الله بن شقيق واستغرابه لذلك الدليل حتى حاك في صدره منه شيء، ومجيئه إلى أبي هريرة وسؤاله عن ذلك وتصديق أبي هريرة لدليل ابن عباس، وجمعَ ابن عباس بالفعل بعد فراغه من الخطبة بين المغرب والعشاء، كما جمع النبي (صلى الله عليه وآله) ، كل ذلك وغير ذلك يبطل تأويلهم بأن الجمع كان صورياً، لأن ابن عباس أجّل من أن يحتج بالجمع الصوري على الجمع الحقيقي.


                عاشراً: من أحاديث الجمع بين الصلاتين، وأحاديث الأبراد بصلاة الظهر، وأحاديث أخرى كثيرة – إن النبي لم يجمع بالمدينة بين الصلاتين مرة واحدة حتى يؤول ذلك الجمع بأنه كان صورياً، بل جمع بين الصلاتين مراراً عديدة بل كثيرة جداً جمع تقديم وجمع تأخير، ولا سيما أيام شدة الحر، فهل يؤول كل ما جمع بأنه جمعاً صورياً؟ لا أعتقد بأن يقول هذا إنسان عاقل، فضلاً عن عالم فاضل.

                وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت “ مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                نقض شرّاح الصحاح والسنن لمجموع التأويلات:

                رد شراح الصحاح والسنن قديماً وحديثاً هذه التأويلات، ومن ضمنها التأويل بالجمع الصوري، وإليك ما ردها به النووي(125) في شرحه لصحيح مسلم، وقد نقله عنه من الشراح وغيرهم جمع كثير منهم القسطلاني في (إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري) باب تأخير الظهر إلى العصر، ج1/491، وابن حجر العسقلاني في (فتح الباري) ج2/163، والكرماني في (شرحه لصحيح البخاري) ج4/192، والزرقاني في (شرح موطأ مالك) ج1/294، والشوكاني في (نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار) ج3/216، والشيخ منصور علي ناصيف – من علماء الأزهر – في كتابه (التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول) ج1/150، وما بعدها، واحمد محمد شاكر القاضي في شرحه لـ (سنن الترمذي) ج1/357 حيث قالوا نقلاً عن النووي في (شرح صحيح مسلم) ج5/218 بما نصه(126):

                "ومنهم من تأوله على أنه جمع بعذر المطر، وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين، وهو ضعيف بالرواية الأخرى: من غير خوف ولا مطر. ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلّى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر قد دخل فصلاها، وهذا أيضاً باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، لا احتمال فيه في المغرب والعشاء. ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه، فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها، فصارت صلاته صورة جمع، وهذا أيضاً ضعيف أو باطل، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل، وفعلُ ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب، واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له، وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل. ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض، أو نحوه مما في معناه من الأعذار، وهذا قول احمد بن حنبل، والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي، والمتولي، والروماني من أصحابنا، وهو المختار لظاهر الحديث(127) ولفعل ابن عباس، وموافقة أبي هريرة، ولأن المشقة فيه أشد من المطر. وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة، لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين، وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي، عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، فلم يعلّله بمرض ولا غيره، والله أعلم"(128).

                قال الشارح احمد محمد شاكر: "وكلام الخطابي في المعالم (ج1/265) نصه: هذا حديث لا يقول به أكثر الفقهاء، وإسناده جيد إلا ما تكلموا فيه من أمر حبيب، وكان ابن المنذر يقول به ويحكيه عن غير واحد من أصحاب الحديث. وسمعت أبا بكر القفال يحكيه عن أبى إسحاق المروزي. قال ابن المنذر: ولا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار، لأن ابن عباس قد أخبر بالعلة فيه، وهو قوله: أراد أن لا يحرج أمته. وحكى عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأساً أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ما لم يتخذه عادة.

                ثم قال الشارح: هذا هو الصحيح الذي يؤخذ من الحديث، وأما التأويل بالمرض أو العذر أو غيره فإنه تكلف لا دليل عليه، وفي الأخذ بهذا رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم أو ظروف قاهرة إلى الجمع بين الصلاتين، ويأثمون من ذلك ويتحرجون، ففي هذا ترفيه لهم وإعانة على الطاعة ما لم يتخذه عادة، كما قال ابن سيرين".


                لا مانع من الجمع بين الصلاتين لحاجة أو لغير حاجة

                بعد أن اتضح لنا نقض الشبهة حول الجمع بين الصلاتين وبطلانها، رأينا أن مَن تحرر من تلك الشبهة وردها بأجمعها وأبطلها من أهل السنة – وهم كثيرون قديماً وحديثاً – رأيناهم مع ذلك كله قيدوا الجمع بين الصلاتين بوقت الحاجة فقط، وبعدم اتخاذه عادة، هذا مع العلم أن القيد بالحاجة وبعدم اتخاذه عادة قيد مردود بحكم آيات المواقيت، وأحاديثه، وبحكم أحاديث الجمع المطلقة باعترافهم، وما فيها من التعليل بالتوسعة وعدم الحرج، والرخصة للامة، كما أن هذا القيد لا دليل لهم عليه أصلاً، ولا سيما أنهم وغيرهم من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد رووا أحاديث كثيرة تدل على رجحان الأخذ بالرخص، وأن الأخذ بها محبوب إلى الله، بل وان من تركها يأثم إذ يكون بتركها مخالفاً لما شرعه الله لعباده، وجعله سنة لنبيه، وتسهيلاً وتخفيفاً على أمته. وإليك بعض تلك الأحاديث:


                أحاديث الأخذ بالرخص والاستدلال بها:

                1- روى احمد بن حنبل في (مسنده) بسنده عن ابن عمر قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب أن تُؤتى رخصٌه كما يَكره أن تُؤتى معصيتُه"(129) ونقله عن احمد، الشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/204، وعلق عليه بقوله: الحديث المروي عن ابن عمر رجاله رجال الصحيح..إلى أن قال: وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن عدي، وعن عائشة عنده أيضاً..ثم قال: والمراد بالرخص التسهيل والتوسعة، وفيه أن الله يحب إتيان ما شرعه من الرخص، وفي تشبيه تلك المحبة بكراهته لإتيان المعصية دليل على أن في ترك إتيان الرخصة ترك طاعة كالترك للطاعة الحاصل بإتيان المعصية..الخ.


                ونقله عن احمد بسنده الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) ص155.


                2- روى الشيخان البخاري ومسلم في (صحيحيهما) من حديث عائشة قالت: "صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً فرخّص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فخطب فحمد الله، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأَعلَمَهُم بَالله وأشدهم له خشية".

                نقله عن الشيخين الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) ص154، وقال بعده معلقاً على موضوع الجمع بين الصلاتين بما نصه: فلو كان في هذا الجمع ما يخل بصحة الصلاة لكان النبي(صلى الله عليه و آله) أولى بتركه، والتنبيه على وجه العلة الداعية إلى فعله في وقته، والتحذير من اتباعه فيه على إطلاقه، ولما لم يفعل شيئاً من ذلك، وزاد التصريح بأنه فعل ذلك للرخصة، ورفع الحرج لم يبق للتنزه عنه معنى إلا مجرد الخلاف لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ، وعدم قبول الرخصة التي أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) أن من لم يقبلها كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة..الخ.

                والعجب من الحافظ الغماري الذي يقول هذا، وهو مؤلف الكتاب الضخم (إزالة الخطر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر) ويتحمس التحمس الشديد، ويوجه النقد اللاذع لمن يؤول أحاديث الجمع بأي تأويل كان، ويصرّح بأن المؤولين لأحاديث الجمع مخالفون لله ولرسوله، ثم هو نفسه يقيد الجمع بين الصلاتين بوقت الحاجة، وأن لا يتخذه الإنسان عادة، ويكرر هذا القيد في كتابه مرارا عديدة للتأكيد عليه(130) وإني والله لمستغرب ومتعجب أشد الاستغراب، والعجب منه بالخصوص في ذكره لهذا القيد وتكراره له، ولا ادري ما الداعي له إلى ذلك؟ هل هو التقليد للأسلاف كابن سيرين، وأشهب وأمثالهما؟ أو أنه يخشى مبادهة العامة بالقول بجواز الجمع لغير الحاجة، وبعدم المانع من اتخاذه عادة، أو غير ذلك، والله وحده ) (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)(19)(وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة المؤمن/20/21].


                3- روى احمد بن حنبل في (مسنده) عن أبي طعمة أنه قال: " كنت عند ابن عمر إذ جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أقوى على الصيام في السفر، فقال ابن عمر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة"(131).

                ونقله عن احمد، ابن كثير الدمشقي في (تفسيره)ج1/217 حيث قال: جاء في مسند الإمام احمد وغيره عن ابن عمر وجابر وغيرهما: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.

                ونقله عن احمد أيضاً، السيد رشيد رضا في تفسيره (المنار) ج2/154.

                ونقله السيوطي في (الدر المنثور) ج1/193 عن الطبراني.


                4- وروى ابن حَبّان في (صحيحه) مسنداً عن ابن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "أن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تُؤتى عزائمه".

                ورواه البزّار أيضاً، وأبو علي والطبراني، وابن خزيمة، والبيهقي في (السنن) و(الشعب)، والقصّاعي في (مسند الشهاب) والخطيب في (التاريخ) وغيرهم عن كل من ابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وأبي الدرداء، وواثلة بن الأسقع، وأبي أمامة، وعائشة، كلهم عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه"(132).


                5- وأخرج الطبراني عن عبد الله بن يزيد بن أديم، قال: حدثني أبو الدرداء، وواثلة بن الأسقع، وأبو أمامة، وأنس بن مالك،: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه"(133).

                وبمجموع ما تقدم علمنا علم اليقين أن الجمع بين الصلاتين لا مانع منه مطلقاً، وأنه رخصة محبوبة عند الله، وسنة من سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قال:


                6- "من رغب عن سنتي فليس مني".

                روته الصحاح والسنن والمسانيد، وهو حديث متفق عليه عند الجميع، وقد أرسله إرسال المسلّمات كل من رشيد رضا في تفسيره، والحافظ الغماري في (إزالة الخطر)(134).


                7- أخرج البخاري في (الأدب المفرد) عن ابن عباس قال: "سئل النبي (صلى الله عليه وآله) أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: "الحنيفية السمحة"(135).


                8- أخرج الطبراني، والبيهقي عن سهل بن أبي أمامة بن سهيل بن حنيف عن أبيه، عن جده "أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا تشدّدوا على أنفسكم فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات"(136).

                ويؤيد صحة هذه الأحاديث قول الله عز وجل في محكم كتابه المجيد: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِْنسَانُ ضَعِيفًا) [سورة النساء/29]. وقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) [سورة البقرة/186] وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير) [سورة الحج/79].

                تعليق


                • #38
                  علمنا من مجموع ما تقدم من الدلائل – كتاباً وسنة وإجماعاً –أن الجمع بين الصلاتين جائز في الشرع مطلقاً، كما أن التفريق بينهما كذلك، أما كون أيهما أفضل؟ فالمشهور بين فقهاء الشيعة أن التفريق أفضل من الجمع، لتوافر النصوص الدالة على ذلك من طرق أهل البيت“، وقد صرح به علماؤنا الأعلام في كثير من مؤلفاتهم الفقهية فتوىً واستدلالاً، منهم آية الله السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي (قدس سره) قال في (العروة الوثقى):

                  "يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت، كالظهرين والعشائين،ويكفي مسمّاه.." كما أيد آية الله الحكيم (قدس سره) في (المستمسك) ج5/75 قول صاحب العروة واستدل عليه بدلائل عديدة، وأنه منسوب إلى الشهرة فراجع.

                  وقال الإمام شرف الدين في (مسائل فقهية) ص15:

                  "ولا كلام في أن التفريق أفضل، ولذلك كان يُؤثره رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما هي عادته في المستحبات كلها".

                  ولكن المستفاد من ظواهر كثير من الأخبار الواردة عن أهل البيت “ أن التفريق لم يكن مقصوداً لذاته، وأن الوقت بين الفريضتين المشتركتين لم يجعل إلا لأجل النافلة، وربما يستفاد من هذا أيضا أن أفضلية التفريق واستحبابه لم يكن لذاته وإنما هو لمكان النافلة، وتؤيد هذا المعنى طوائف من الأخبار الواردة عن أهل بيت العصمة“ وإليك بعضها:


                  أولاً- الأخبار التي تصرح بأن الجمع بين الصلاتين إنما يتحقق إذا لم يكن بينهما تطوع، أما إذا كان بينهما تطوع فهو تفريق لا جمع، كما جاء هذا في روايات عديدة:


                  1- عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا جمعت بين الصلاتين فلا تطوع بينهما"(137).


                  2- وبإسناد آخر عن محمد بن حكيم أيضاً قال: "سمعت أبا الحسن يقول: الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن تطوع، فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع"(138) ومن هنا قال السيد الحكيم في (المستمسك) ما نصه: "فلا بأس بالاكتفاء في حصول التفريق بمجرد فعل النافلة، لما دل على أن الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن تطوع، فإن كان بينهما تطوع فلا جمع"(139).


                  ثانياً- الأخبار التي تبين أن الأوقات المقدرة والمعينّة لكل صلاة – طالت تلك الأوقات أم قصرت – إنها قدرت لمن يصلي النافلة مع الفريضة، وأن الغرض من ذلك التقدير سقوط النافلة إذا خرج الوقت المفضل للصلاة الواجبة، كما جاء هذا المعنى بطائفة أخرى من الأخبار منها:


                  3- عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "سألته عن وقت الظهر فقال (عليه السلام): "ذراع من زوال الشمس، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر، فذلك أربعة أقدام من زوال الشمس" وقال زرارة: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) حين سألته عن ذلك : "إن حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قامة فكان إذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظهر، وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر، ثم قال: أتدري لمَ جُعل الذراع والذراعان؟قلت: لِمَ جُعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة فأن لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي الفيء ذراعاً، فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من زوال بدأت الفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة"(140).

                  وقال الشيخ الطوسي معلقاً على الحديث: وفي هذا الخبر تصريح بما عقدنا عليه الباب أن هذه الأوقات إنما جُعلت لمكان النافلة.


                  4- وعن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قال: قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في هذه"(141) ورواه الصدوق بلفظ: "أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت: لا، قال: حتى لا يكون تطوع في وقت مكتوبة"(142).


                  5- وعن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: "الصلاة في الحضر ثمان ركعات إذا زالت الشمس ما بينك وبين أن يذهب ثلثا القامة، فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة"(143).


                  6- وعن محمد بن مسلم: "قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): إذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو أبدأ بالفريضة؟ قال: إن الفضل أن تبدأ بالفريضة، وإنما أُخر الظهر ذراعاً من عند الزوال من أجل صلاة الأوّابين"(144).

                  والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً ومستفيضة.


                  ثالثاً- الأخبار التي تصرح بأنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن هذه قبل هذه، وأن أمام كل منهما نافلة فإذا صلّى نافلته (طالت أم قصرت) فليصلّ بعدها. جاء هذا في أخبار كثيرة منها:


                  7- عن محمد بن أحمد بن يحيى قال: "كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام): روي عن آبائك القدم والقدمين والأربع، والقامة والقامتين، وظلك مثلك، والذراع والذراعين، فكتب: لا القدم ولا القدمين، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سُبحة (أي نافلة) وهي ثمان ركعات فأن شئت طولت، وإن شئت قصرت، ثم صل الظهر، فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة، وهي ثمان ركعات، إن شئت طولت وإن شئت قصرت، ثم صل العصر"(145).


                  8- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: "سألته عن وقت الظهر، قال: نعم إذا زالت الشمس فقد دخل وقتها، فصلّ إذا شئت بعد أن تفرغ من سبحتك، وسألته عن وقت العصر متى هو؟ قال إذا زالت الشمس قدمين صليت الظهر والسُبحة بعد الظهر، فصلّ العصر إذا شئت"(146).


                  9- عن ذريع المحاربي قال: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): متى أصلي الظهر؟ فقال: صلّ الزوال ثمانياً، ثم صلّ الظهر، ثم صلّ سُبحتك طالت أم قصرت ثم صلّ العصر"(147).


                  10- عن الحرث بن المغيرة، وعمرو بن طلحة، ومنصور بن حازم قالوا: "كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ألا أُنبئُكم بأبينَ من هذا، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أن بين يديها سُبحة وذلك إليك أن شئت طولت وأن شئت قصرت" وحديث منصور بن حازم جاء فيه: "ذلك إليك فأن أنت خففت سُبحتك فحين تفرغ من سبحتك، وان طولت فحين تفرغ من سبحتك"(148).

                  والأحاديث في هذا المعنى كثيرة أيضاً ومستفيضة.

                  وهذه الطوائف الثلاث من الأخبار يستفاد منها كما قدّمنا: أن التفريق لم يكن مقصوداً لذاته، وأن الوقت بين الفريضتين المشتركتين لم يُجعل إلا لأجل النافلة، ومعنى هذا أن أفضلية التفريق واستحبابه لم يكن لذاته وإنما هو لمكان النافلة. وعلى هذا فمن صلّى النافلة القبلية ثم صلّى بعدها الفريضة، ثم صلّى النافلة الثانية وصلّى بعدها مباشرة الفريضة الأخرى فقد فرّق بين الصلاتين، وحاز بذلك أجرَ التفريق كما حاز أجر المسارعة إلى الخير والعمل الصالح، ولا حاجة له إلى الانتظار إلى المثل والمثلين أو الذراع والذراعين.

                  ويؤيد هذا ما صرح به بعض الفقهاء(149) من أنه يمكن أن يكون الوجه في اختلاف الأخبار الواردة في مقدار وقت الفضيلة لكل صلاة والتي تصرح بعضها على ان وقت الفضيلة للظهر إذا ازداد الظل – الحادث بعد الزوال – مثل الشاخص وللعصر إلى المثلين، وبعضها إذا ازداد ذراعاً وللعصر ذراعين، وبعضها إذا ازداد قدماً وللعصر قدمين، وبعضها تصرح بأن كل صلاة – من الظهرين – بين يديها نافلة، فإذا فرغ الإنسان من نافلته طالت أم قصرت فليصلّ الفريضة بعدها، فقال في الجمع بين الأحاديث ما معناه: أنه يمكن حمل مجموع هذه الظواهر والتصريحات في هذه الأخبار – بعد ثبوت صحتها جميعاً – على أن غاية الوقت المفضل المثل للظهر والمثلان للعصر، وأفضل منه القدم والقدمان، وأفضل منه ما قبل ذلك أي بمجرد ما زالت الشمس يصلي النافلة ثم يصلي الظهر، ثم يصلي النافلة للعصر ثم يصلي العصر، وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء(150)، ويعلّل مواظبة النبي(صلى الله عليه وآله) غالباً على الصلاة بعد الذراع والذراعين كما في كثير من النصوص، أو المثل والمثلين كما في نصوص غيرها، وانتظاره إلى أحد الوقتين المذكورين بأنه يمكن أن يكون الوجه فيه انتظار فراغ المسلمين من نوافلهم، أو لا يتيسر لهم – أجمع – فعلها في أول الوقت.وذلك لأن نوافل الظهر ثمان ركعات قبل الظهر، ونافلة العصر ثمان ركعات قبل العصر، فيكون مجموع الفريضتين مع نوافلهما أربعاً وعشرين ركعة، فلو التزم النبي(صلى الله عليه وآله) بأن يصليها كلها في أول الوقت بعد الزوال مع ما يتخلل ذلك من تعقيب(151)، وأذان، وإقامة لكل من الصلاتين لأحتاج إلى وقت كثير، وهذا ما يشق قطعاً على سائر المسلمين، إذ منهم من هو في حاجة ملحة إلى الغذاء، ومنهم من يريد أن يمضي إلى كسبه، ومنهم من يريد راحته ونومه ولا سيما أيام شدة الحر في الصيف وشدة البرد في الشتاء، فإذا ربما كان (صلى الله عليه وآله) يفرق بين الصلاتين ملاحظة لراحة المسلمين، ولا سيما أن المصلين كلهم لم يلتزموا بأداء النوافل فيشق عليهم الانتظار طيلة هذه المدة المذكورة.

                  قال الحر العاملي في (الوسائل) في تعليقه على اختلاف وقت الفضيلة لكل صلاة بما نصه: "وفي هذه الأحاديث اختلاف محمول على تفاوت الفضيلة، واختلاف المصلين في تطويل النافلة، كما أشار إليه الشيخ وغيره".

                  وقال المجلسي في البحار: "التفريق يتحقق بفعل النافلة بينهما، ولا يلزم أكثر من ذلك، ويجوز أن يأتي في أول الوقت بالنافلة ثم الظهر، ثم نافلة العصر، ثم بها، ولا يلزمه تأخير الفريضتين ولا نوافلهما إلى وقت آخر، بل إنما جعل الذراع والذراعان لئلا تزاحم النافلةُ الفريضةَ ولا يوجب تأخيرها عن وقت فضيلتها، وأما التقديم فلا حرج فيه بل يستفاد من بعضها أنه أفضل"(153).

                  هذا كله بالنسبة لمن يصلي النافلة مع الفريضة. أما من لم يصلّ النافلة فلا يبعد – استناداً إلى ما استفدناه من طوائف الأخبار الثلاث الماضية، والأخبار الأخرى الآتية – أنه لو جمع بين الصلاتين، في أول الوقت فهو أفضل من أن يفرق بينهما من دون نافلة، وذلك لأنه صلّى الأولى ظهراً أو مغرباً في أول وقتها – بعد الزوال أو بعد الغروب – ولا إشكال في أن الصلاة في أول الوقت أفضل.


                  11- قال الإمامان أبو جعفر وأبو عبد الله (عليه السلام): "أول الوقت زوال الشمس وهو وقت الله الأول وهو أفضلهما"(154).


                  12- وقال أبو عبد الله (عليه السلام): "لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضلهما"(155).


                  13- وقال (عليه السلام): "إن فضل الوقت الأول عن الآخر كفضل الآخرة على الدنيا"(156).


                  أما بالنسبة إلى الصلاة الثانية فإنه لما كان غير عازم على صلاة النافلة، فتقديم الفريضة الثانية بعد الأولى مباشرة أو يفصل بينهما بشيء من التعقيب والدعاء كما هو متعارف، قد يكون أفضل .. إذ يعتبر بذلك قد عجّل بأداء الفريضة الثانية نظراً إلى دخول وقتها، وحاز أجر المسارعة إلى الخير والمغفرة، والتعجيل بالعمل الصالح، ويكون بذلك ممتثلاً أمر الله سبحانه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران/134]، ويكون ممن مدحهم الله تعالى بقوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [سورة الأنبياء/91].

                  أما إذا أخّر الصلاة الثانية إلى آخر وقت الفريضة المفضل فإنه يكون بذلك قد صلاها في وقتها الوسط، وذلك وأن كان أفضل من أن يؤخرها إلى خارج وقتها الفضيلي، ولكنه وقت مفضول بالنسبة إلى أول الوقت. ويؤيد هذا ما جاء:


                  14- عن زرارة قال: " قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله، إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أن الله يحب من الخير ما يُعجّل "(157).


                  15- وعن زرارة أيضاً قال: "قال أبو جعفر (عليه السلام): اعلم أن أول الوقت أفضل أبداً، فعجّل الخير ما استطعت، وأحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه العبد وإن قلّ"(158).

                  وعلق عليه المجلسي في (البحار) ج83-6 بقوله: بيان يدل على أفضلية أول الوقت مطلقاً واستثني منه مواضع: الأول تأخير الظهر والعصر للمتنفل بمقدار ما يصلي النافلة، وأما غير المتنفل فأول الوقت له أفضل، هذا هو المشهور بين الأصحاب..الخ.


                  16- وعن سعد بن سعد، قال: "قال الرضا (عليه السلام): يا فلان إذا دخل الوقت عليك فصلّها فإنك لا تدري ما يكون"(159).


                  17- وقال (عليه السلام): "إن لكل صلاة ثلاث أوقات: أول ووسط وآخر. فأول الوقت رضوان الله، ووسطه عفو الله، وآخره غفران الله، وأول الوقت أفضله"(160).

                  ومما يؤيد ما استظهرناه من أن التعجيل بالجمع بين الصلاتين في أول الوقت أفضل لمن لا يصلي النافلة هو أن سيرة النبي(صلى الله عليه وآله) غالباً يفرق بين الصلاتين وقلّ ما كان يجمع بينهما..كل ذلك من أجل النافلة.

                  وأما في أسفاره فسيرته الظاهرة الجمع بين الصلاتين دائماً، وذلك لأن النوافل – ولا سيما النهارية – تسقط عن المسافر سقوط عزيمة، فلذا كانت سيرته (صلى الله عليه وآله) الجمع بين الصلاتين في كافة أسفاره، بصورة دائمية سواء كان نازلاً مستقراً بمكان، أو سائراً في الطريق. فإذا كان بمكان سفره كان في الغالب يجمع في أول الوقت، أما إذا كان سائراً فكان يجمع جمع تقديم تارة، وجمع تأخير تارة أخرى حسب ما يقتضيه الحال. وستمر عليك أحاديث جمعه (صلى الله عليه وآله) في أسفاره قريباً، وفي هذا دلالة واضحة على أن التفريق إنما جعل لمكان النافلة.

                  وبالإجمال أن التفريق أفضل لمن يصلي النافلة، أما من لم يصلّ النافلة فالذي استظهرناه من مجموع ما تقدم من الدلائل: إن التعجيل بالجمع أفضل من التفريق حضراً وسفراً، وربما كان مصداقاً لحكم العقل بالمسارعة إلى طاعة أمر المولى.

                  وكذلك هذا هو الظاهر أيضاً من (مواقيت الصلوات في القرآن) وقد مرت عليك وهي إحدى عشرة آية من سبع سور منه، ولا توجد آية واحدة منها تذكر للصلاة خمسة أوقات، بل كما علمت تذكر للصلاة المكتوبة ثلاثة أوقات فقط، ما عدا آيتي سورة الروم فإنهما تذكران للصلاة أربع أوقات، وقد استظهرنا منها ومن النصوص الواردة في تفسيرها تشريع الجمع بين الصلاتين وتشريع التفريق بينهما (كما مر).

                  فأوقات الصلوات الواجبة (إذن) ثلاثة أولاً وبالذات كتاباً وسنة، وخمسة ثانياً وبالعرض، من أجل النافلة لمن يتنفل، ومع ذلك نقول: حيث إن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء فعلى الإنسان أن يرجع فيها إلى مقلّده: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [سورة النحل/44].


                  الجمع بين الصلاتين سفراً في السنة النبوية


                  1- روى أحمد بن حنبل في (مسنده) قال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو اسامة، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده: أن علياً كان يسير حتى إذا غربت الشمس وأظلم نزل فصلى المغرب ثم صلى العشاء على أثرها، ثم يقول: هكذا رأيت رسول الله يصنع(161).

                  قال الشارح أحمد محمد شاكر: إسناده صحيح. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة، وهو ثقة ثبت مأمون، وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب(162)، ذكره ابن حبّان في (الثقات) والحديث رواه أبو داود في (1/476)…


                  2- روى أحمد بن حنبل في (مسنده): "حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجمع بين الصلاتين في السفر، المغرب والعشاء، والظهر والعصر"(163).

                  قال الشارح: إسناده صحيح، يزيد هو ابن أبي حبيب، وقد ورد معنى الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة صحيحة، انظر منها 1918 و2191، والمنتقى 1532 و1533.


                  3- روى أحمد بن حنبل في (مسنده): "حدثنا يونس، وحسن بن موسى المعنى، قالا: حدثنا حمّاد يعني ابن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس (قال: لا أعلمه إلا قد رفعه) قال: كان إذا نزل منزلاً فأعجبه المنزل أخر الظهر حتى يجمع بين الظهر والعصر، وإذا سار ولم يتهيأ له المنزل أخر الظهر حتى يأتي المنزل فيجمع بين الظهر والعصر، قال حسن: كان إذا سافر فنزل منزلاً"(164).

                  قال الشارح: إسناده صحيح. أبو قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام هو الجَرمي بفتح الجيم وسكون الراء، واسمه عبد الله بن زيد وهو أحد الأعلام، تابعي ثقة كثير الحديث. والحديث ذكره الحافظ في (الفتح) 2/480 وقال: أخرجه البيهقي ورجاله ثقاة إلا أنه مشكوك في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف. وقد خرجه البيهقي من وجه آخر مجزوماً بوقفه على ابن عباس، والإسناد ان في البيهقي 3/ 164، الأول من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، والثاني من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة.


                  4- روى أحمد بن حنبل في (مسنده) قال: "حدثنا يزيد، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين في السفر"(165).

                  قال الشارح: إسناده صحيح إلى ابن عباس وسعيد بن جبير، ولكنه حديث ابن عباس متصل، ومن حديث سعيد بن جبير مرسل.


                  5- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريح، قال: أخبرني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، وعن كريب: أن ابن عباس قال: إلا أحدثكم عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في السفر؟ قال: قلنا: بلى. قال: كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت المغرب في منزله جمع بينها وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما"(166).

                  قال الشارح: إسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله، وقد مضى بمعناه بإسناد آخر صحيح.


                  6- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عبيد الله يعني ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء إذا غاب الشفق. قال: وكان رسول الله يجمع بينهما إذا جد السير"(167).

                  قال الشارح: إسناده صحيح. ورواه الشيخان وغيرهما بمعناه. أنظر (المنتقى) 1534 و1535.


                  7- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا مالك عن نافع، عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا عجّل به السير جمع بين المغرب والعشاء"(168).

                  قال الشارح: إسناده صحيح. تجد الحديث في (موطأ) مالك ج1/293.

                  وقد علق عليه الزرقاني في شرحه بقوله: "إن النبي كان إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء. قال: جمع تأخير. ففي الصحيح من رواية الزهري عن سالم عن أبيه: رأيت النبي إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء. وتعلق به من اشترط في الجمع الجدّ في السير. ورده ابن عبد البر بأنه إنما حكى الحال التي رأى، ولم يقل: لا يجمع إلا أن يجدّ به، فلا يعارض حديث معاذ قبله، ولم يعين غاية التأخير، وبيّنه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن ابن عمر بأنه بعد أن يغيب الشفق، ولعبد الرزاق عن معمر، عن أيوب وموسى بن عقبة، عن نافع: فأخّر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوي من الليل، وللبخاري في الجهاد من طريق أسلم، عن ابن عمر: حتى كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب والعشاء جمع بينهما، ولأبي داود من رواية ربيعة عن عبيد الله بن دينار، عن ابن عمر في هذه القصة: فسار حتى غاب الشفق وتصوّبت النجوم نزل فصلى الصلاتين جميعاً..".


                  8- روى أحمد في (مسنده): "حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم عن أبيه: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجمع بين المغرب والعشاء إذا جّد به السير"(169).

                  قال الشارح: إسناده صحيح.


                  9- روى أحمد: "حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب، من بني أسد بن عبد العزّى، قال: خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فلما غربت الشمس هبنا أن نقول له: الصلاة حتى ذهب بياض الأفق، وذهبت فحمة العشاء نزل فصلى بنا ثلاثاً واثنين والتفت إلينا وقال: هكذا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل"(170).

                  قال الشارح: إسناده صحيح، الحمى الظاهر أنه حمى النقيع (بالنون) وهو موضع قرب المدينة بينه وبينها عشرون فرسخاً، وكان النبي حماه لخيله، ثم حماه عمر بن الخطاب لخيل المسلمين.


                  10- روى أحمد: "حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب عن نافع: ان ابن عمر أستصرخ على صفية فسار في تلك الليلة مسيرة ثلاث ليال، وسار حتى أمسى، فقلت: الصلاة فسار ولم يلتفت ولم يزل سائراً حتى أظلم فقال له سالم أو رجل: الصلاة وقد أمسيت فقال: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا عجل به السير جمع ما بين هاتين الصلاتين وأني أريد أن أجمع بينهما فسيروا، فسار حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما"(171).

                  قال الشارح: إسناده صحيح وهو مطول (4472). ورواه أبو داود (1/468) مختصراً من طريق زيد بن أسلم عن أبيه أنه كان مع ابن عمر في هذه الحادثة، قال المنذري (1163): وأخرجه الترمذي من حديث عبيد الله بن عمر عن أبيه بمعناه أتم منه، وقد أخرج المسند منه بمعناه مسلم والنسائي من حديث مالك عن نافع، وفي هذا تقصير من المنذري إذ لم ينسب رواية سالم للبخاري فقد رواها مختصرة (2/ 478) من طريق الزهري عن سالم كَرِواية المسند، وهو في النسائي (1/ 99) بإسنادين من طريق نافع، وبإسناد واحد من طريق سالم.

                  ثم قال الشارح أحمد محمد شاكر: صفية هي بنت أبي عبيد وكانت زوج عبد الله بن عمر وهي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي، ولها ترجمة في الأصابة (8/ 131)(172).


                  11- روى أحمد في (مسنده): "حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله: أخبرني نافع عن ابن عمر: كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعدما يغيب الشفق، ويقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا جد به السير جمع بينهما"(173).

                  قال الشارح: إسناده صحيح وهو مختصر 5120.


                  12- روى أحمد: "حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن نافع عن ابن عمر: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء"(174).

                  قال الشارح: إسناده صحيح.


                  13- روى أحمد: "حدثنا يزيد: أخبرنا يحيى عن نافع أنه أخبره قال: أقبلنا مع ابن عمر من مكة ونحن نسير معه، ومعه حفص بن عاصم بن عمر، ومساحق بن عمرو بن خداش، فغابت لنا الشمس فقال أحدهما: الصلاة فلم يكلمه، ثم قال له الآخر: الصلاة فلم يكلمه، فقال نافع: فقلت له: الصلاة فقال: إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا عجل به السير جمع ما بين هاتين الصلاتين فأنا أريد أن أجمع بينهما قال: فسرنا أميالاً ثم نزل فصلى، قال يحيى: فحدثني نافع بهذا الحديث مرة أخرى، فقال: سرنا إلى قريب ربع الليل ثم نزل فصلى"(175).

                  وقال الشارح: إسناده صحيح، ثم قال: مساحق بن عمرو بن خداش لم أعرف من هو، وما بهذا بأس فما هو من الرواة في إسناد هذا الحديث وإنما كان شاهد القصة، واحد السفر.


                  14- روى أحمد: "حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا سفيان عن يحيى، وعبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء وكان في بعض حديثهما إلى ربع الليل، أخرهما جميعاً"(176).

                  قال الشارح: إسناده صحيح.


                  15- روى أحمد: "حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع ابن عمر، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء"(177).

                  قال الشارح: إسناده صحيح.


                  16- روى أحمد في (مسنده): "حدثنا وكيع عن العمري، عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء"(178).


                  17- روى أحمد في (مسنده): "حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم/ عن ابن عمر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا عجل في السير جمع بين المغرب والعشاء"(179).

                  قال الشارح: إسناده صحيح، وهو مكرر 5838.


                  18- روى أحمد في (مسنده): "حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريح: أخبرني نافع قال: جمع ابن عمر بين الصلاتين (إلى أن قال) فقال: أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا استعجل به السير أخّر هذه الصلاة حتى يجمع بين الصلاتين"(180).

                  قال الشارح: إسناده صحيح، وهو مكرر 5120 بنحوه.


                  19- روى احمد في (مسنده) من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص: "حدثنا ابن نمير: حدثنا حجاج عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال جمع النبي (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين يوم غزا بني المصطلق"(181).

                  قال الشارح: اسناده صحيح، وهو في (مجمع الزوائد) 2/158، وذكر بعده الرواية الآتية 6694 وقال: رواهما أحمد.


                  20- روى احمد في (مسنده): "حدثنا يزيد عن حجاج ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين في السفر"(182).

                  قال الشارح : اسناده صحيح ؛ وهو مختصر 6682، وقد اشرنا اليه والى كلام صاحب(مجمع الزوائد) هناك.


                  21- روى احمد في ( مسنده): " حدثنا نصر بن باب، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده قال : جمع رسول الله بين الصلاتين يوم غزا بني المصطلق "(183).

                  قال الشارح: اسناده صحيح، وهو مكرر 6682.


                  22- روى أحمد في (مسنده) قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر"(184).

                  ورواه البخاري بسنده عن عبيد الله بن أنس قال: "أن أنساً حدث: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يجمع بين هاتين الصلاتين في السفر، يعني المغرب والعشاء"(185).

                  أقول: وروى عن أنس حديث آخر بطريق آخر في الجمع بين الصلاتين سفراً، وفيه تفصيل. وسيأتيك قريباً منقولاً عن (نيل الأوطار) للشوكاني.


                  23- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا أبن لهيمة عن أبي الزبير أنه قال: سألت جابراً (يعني جابر بن عبد الله الأنصاري) هل جمع رسول الله بين المغرب والعشاء؟ قال: نعم زمان غزونا بني المصطلق"(186)


                  24- روى أحمد في(مسنده) قال: " حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، وحدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان (أي الثوري) عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"(187).


                  25- روى أحمد في (مسنده) عن عبد الرحمن بن مهدي، ومسلم،عن يحيى بن حبيب، عن خالد بن الحارث عن قرّة بن خالد، عن معاذ بن جبل قال: "جمع رسول الله (في غزوة غزاها) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال: قلت: ما أراد بذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته"(188).


                  26- روى أحمد في (مسنده)، كذا أبو داود والترمذي كلهم قالوا: "حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن معاذ: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في غزوة تبوك إذا أرتحل قبل زيغ الشمس أخّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعاً وإذا أرتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار، وكان إذا أرتحل قبل المغرب أخّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا أرتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب"(189).


                  27- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا حماد بن خالد، حدثنا هشام بن سعد عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك لا يروّح حتى يبرد حتى يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"(190).


                  28- روى أحمد في (مسنده) قال: "حدثنا مغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء في السفر"(191).

                  تعليق


                  • #39
                    بيان مهم حول أحاديث الجمع في السفر:

                    1- الإشارة إلى مصادر الأحاديث، والإجماع عليها، ورواتها من الصحابة:

                    أحاديث جمع النبي (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين في السفر لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الأحاديث وسائر كتب الفقه الاستدلالية لأئمة المذاهب ولأصحاب الصحاح والسنن الستة ولغيرهم ممن قبلهم وبعدهم، فمصادرها بالمئات.

                    وهي ثابتة بالتواتر القطعي والإجماع من الأمة الإسلامية، وثبوتها وتواترها والإجماع عليها بلا ريب أشهر من الثبوت والتواتر والإجماع على أحاديث الجمع في المدينة وبغير عذر، ولكنا روما للاختصار اقتصرنا على بعض ما رواه أحمد بن حنبل في (مسنده) وهي كما مرت عليك ثمانية وعشرون حديثاً ذكرناها مع تعليق الشارح عليها، وقد نص على صحتها جميعاً، كما أشار إلى بعض من رواها من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد.

                    ورأينا (حسب تتبعنا) أن أحاديث جمعه (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين في السفر قد وردت عن كثير من الصحابة والقرابة، منهم علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعائشة، وحبر الأمة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، ومعاذ بن جبل… وهؤلاء ثمانية نقلنا أحاديثهم عن (مسند أحمد) فقط، كما وقد رويت عن غيرهم من الصحابة أيضاً كعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن زيد، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وأبي جحيفة، وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم، وقد نقلها من التابعين عن هؤلاء الصحابة خلق كثير بطرق كثيرة تؤيد بعضها بعضاً. وفي طليعة التابعين الإمام زين العابدين (عليه السلام) فقد روى عنه المحدثون ومنهم مالك بن أنس في (الموطأ) ج1/ 295 ما نصه: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه كان يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر، وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء" ونقل الزرقاني في تعليقه على هذا الحديث عن ابن عبد البر أنه قال: هذا حديث يتصل من رواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر بمعناه، وهو عند جماعة من أصحابه مسند.

                    وخالف في ذلك الحنفية فأفتوا بعدم جواز الجمع حتى في السفر بتأويل أن الجمع من النبي (صلى الله عليه وآله) كان صورياً، وهو تأويل مردود بصراحة أحاديث الجمع سفراً، وسيأتيك البيان.

                    وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت (عليهم السلام) مع السنة النبوية، كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                    2- سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) الجمع في السفر دائما دون التفريق:

                    الظاهر لنا منها أن سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) كانت الجمع بين الصلاتين في كافة أسفاره بصورة دائمية، بحيث ما كان يفرق بينهما في السفر، وما عثرنا- على كثرة تتبعنا- على حديث واحد يصرح بأن النبي فرق بين الصلاتين في سفر، ومن هنا اشتهرت أحاديث الجمع سفراً أكثر من اشتهارها حضراً، وأرى أن العلة في ذلك هي ما أشرنا إليه سابقاً من سقوط النوافل عن المسافر ما دام مسافراً حتى يرجع إلى وطنه ما لم ينو الأقامة عشرة أيام.

                    وهذا مما يدل دلالة واضحة على أن التفريق مشرع من أجل النافلة، وحيث أن النافلة تسقط في السفر فلذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) يجمع بينهما دائماً في أسفاره من غير أن يعجله شيء و لايطلبه عدو و لا يخاف شيئاً. روى البخاري ومسلم في (صحيحيهما) بسنديهما عن أبن عمر أنه قال: "صحبت النبي (صلى الله عليه وآله) فلم أره يسبح في السفر، أي لا يصلي نوافل الصلاة "(192) .

                    ومن هنا روى البيهقي في (سننه) بسنده عن جابر بن زيد عن أبن عباس "أنه (رض) كان يجمع بين الصلاتين في السفر ويقول: هي السنة"(193).

                    وقال البيهقي في (سننه): "أن الجمع بين الصلاتين بعذر السفر من الأمور المشهورة المستعملة فيما بين الصحابة والتابعين، مع الثابت عن النبي (صلى الله عليه وآله) ثم عن أصحابه ثم ما أجمع عليه المسلمون من جمع الناس بعرفة ثم بالمزدلفة"(194).

                    نعم، هذه هي السنة: الجمع بين الصلاتين في السفر، في حين ينقل الزرقاني في شرحه على (موطأ مالك)، والشوكاني في (نيل الأوطار)، وغيرهما عن المالكية والشافعية قولهم بأن: ترك الجمع للمسافر أفضل، وعن مالك رواية بكراهته، وكذا في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة)(195).

                    وما أدري إذا كان الجمع في السفر سنة نبوية ثابتة فلماذا يكون مكروهاً؟ ولماذا يكون ترك الجمع أفضل؟!

                    وبذلك أتضح لنا أن أهل البيت (عليهم السلام) مع السنة كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فأتبعهم.


                    3- أقسام الأحاديث وكيفيات الجمع سفراً:

                    إن أخبار الجمع في السفر جاءت على أقسام، منها ما فيه إثبات لفظ الجمع مجملاً غير مبين أنه تقديم أو تأخير، جمع حقيقي أو صوري، جمع أثناء السير والجد به أو أثناء النزول والاستقرار بمكان. ومنها ما فيه كيفية الجمع التي رآها الصحابي من النبي (صلى الله عليه وآله) من ضم الثانية إلى الأولى في وقتها وهو المعبر عنه بجمع التقديم، وضم الأولى إلى الثانية في وقتها وهو المعبر عنه بجمع التأخير. ومنها ما فيه البيان بلفظ محتمل للجمع الصوري والجمع الحقيقي معاً. ومنها ما فيه البيان بالجمع في حالة الجد في السير تارة وفي حالة الاستقرار والنزول بمكان تارة أخرى.

                    وكل تلك الأحاديث بأقسامها ثابتة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وصحيحه عندهم، ويحتج بها بعضهم على بعض، فليزم إذا الأخذ بها جميعاً، في حين نرى الفتاوى لأهل السنة مختلفة، وكل فريق منهم يشترط في جمع السفر شروطاً لم يرد ذكرها في الأحاديث، ولا تكاد تتفق للإنسان إلا نادراً(196) ويؤول الأحاديث تأويلاً بعيداً عن منطقها، والأخذ بظاهرها… وإليك بعض الأمثلة على ذلك في البيانات التالية:


                    4- قسم من أحاديث الجمع سفراً تنقض التأويل بالجمع الصوري:

                    يؤول الحنفية جميع الأحاديث الواردة حضراً وسفراً بأن الجمع فيها كان صورياً، ولذا لا يجيزون الجمع بين الصلاتين مطلقاً. وقد علمت سابقاً أن الجمع الصوري تأويل منقوض ومردود من وجوه، ولا سيما في بعض نصوص أحاديث الجمع في السفر التي يرويها حتى الحنفية أنفسهم، وتلك النصوص تراها صريحة كل الصراحة في الجمع الحقيقي لا الصوري.

                    فهذا الإمام الشوكاني وهو من كبار الحنفية، والذي يصر على أن الجمع بين الصلاتين كان صورياً لا حقيقياً، يروي لنا مع ذلك في كتابه (نيل الأوطار) تحت عنوان: (أبواب الجمع بين الصلاتين: باب جوازه في السفر في وقت أحدهما):


                    1- "عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب": متفق عليه(197).

                    وفي رواية لمسلم: "كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الظهر حتى يدخل أول العصر، ثم يجمع بينهما" وعلق عليه بقوله: "قوله: يجمع بينهما، أي في وقت العصر. وفي الحديث دليل على جواز التأخير في السفر سواء كان للسير مجداً أو لا…"


                    2- "وعن معاذ: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في غزوة تبوك إذا أرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعاً، وإذا أرتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار، وكان إذا أرتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا أرتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. قال: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي"(198).


                    3- "وعن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في السفر إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب فإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت له المغرب في منزله جمع بينها وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا كانت العشاء نزل فجمع بينهما. قال: رواه أحمد، ورواه الشافعي في مسنده بنحوه وقال فيه: وإذا سار قبل أن تزول الشمس أخّر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر"(199).

                    ثم قال الشوكاني:

                    4- "وعن ابن عمر أنه استغيث على بعض أهله فجد به السير فأخّر المغرب حتى غاب الشفق، ثم نزل فجمع بينهما، ثم أخبرهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يفعل ذلك إذا جد به السير. قال: رواه الترمذي بهذا اللفظ وصححه، ومعناه لسائر الجماعة إلا ابن ماجة"(200).

                    فهذه الأحاديث الأربعة التي نقلها ورواها الشوكاني عن أئمته (كما ترى) صريحة في الجمع الحقيقي، وبها يبطل التأويل بالجمع الصوري.

                    وبذلك اتضح أن أهل البيت (عليهم السلام) مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                    5- قسم من أحاديث الجمع سفراً ترد القائلين بأن الجمع لا يصح إلا أثناء السير:

                    وقيّدت المالكية تبعاً لأمامهم مالك بن أنس وأتباعه كأشهب، وابن الماجشون، وابن حبيب، وأصبغ، والليث بن سعد وغيرهم…قيّدوا الجمع بين الصلاتين سفراً بحالة الجد في السير، ولإدراك أمر مهم، وبشرائط

                    خاصة، واحتجوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر من أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا جد به السير جمع بين الصلاتين(201).

                    وهذا مردود بالحديث الذي رواه مالك نفسه في (الموطأ) ج1/291-292 ونصه: "حدثني عن مالك عن ابن الزبير المكي، عن أبى الطفيل عامر بن واثلة: أن معاذ بن جبل أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عام تبوك فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأخر الصلاة يوماً ثم خرج فصلّى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل، ثم خرج فصلّى المغرب والعشاء جميعاً".

                    وقد وثق العلامة الزرقاني في شرحه لهذا الحديث رجال سنده، وقال: كلهم ثقاة، وقال معلقاً على لفظ الحديث: (ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً) قال: قال الباجي: مقتضاه أنه (صلى الله عليه وآله) مقيم غير سائر لأنه إنما يستعمل في الدخول إلى الخباء والخروج منه وهو غالب.

                    ثم قال الشوكاني: وقال ابن عبد البر: هذا أوضح دليل على رد من قال: لا يجمع إلا إذا جد به السير، وهو قاطع للالتباس. ففيه أن المسافر له أن يجمع نازلاً وسائراً، وكان فعله (صلى الله عليه وآله) لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دل عليه حديث أنس في الصحيحين وغيرهما، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت قبل أن يرحل صلّى الظهر ثم ركب، وعند الإسماعيلي: وإذا زاغت الشمس صلّى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل.

                    واحتج بحديث معاذ السابق، الإمام الشافعي في كتابه (الأم)، ونقل احتجاجه الشوكاني في (نيل الأوطار) ج3/215 وعبارته: "قال الشافعي في (الأم): قوله (ثم دخل ثم خرج) لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلاً وسائراً".

                    وقال الصديق الغماري في (إزالة الخطر) ص22: " فإن هذا الجمع كان في حالة النزول لا في حالة السير، كما قال الإمام الشافعي وغيره، وهي زيادة يجب قبولها، لا سيما وغزوة تبوك كانت سنة تسع وهي من أواخر أسفار النبي (صلى الله عليه وآله) ".

                    وقال ابن قدامة: " والأخذ بهذا الحديث متين لثبوته وكونه صريحاً في الحكم، ولا معارض له، ولأن الجمع رخصة من رخص السفر، فلم يختص بحالة السير فقط".

                    أقول: ومما يؤيد حديث معاذ هذا، حديث آخر، ممن رواه: الإمام محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ الكبيرين، المتوفى سنة 310 في كتاب (الولاية) عند ذكر بيعة الناس لعلي أمير المؤمنين بالولاية في غدير خم بسنده عن زيد بن أرقم، وهو حديث طويل جاء في آخره، قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعلياً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس، إلى أن صلى الظهرين في وقت واحد، وامتد ذلك إلى أن صلى العشائين في وقت واحد، وأوصلوا البيعة والمصافحة ثلاثاً.

                    نقل هذا الحديث عن الطبري، صاحب كتاب (ضياء العالمين)(202).

                    ورواه أيضاً أحمد بن محمد الطبري الشهير بالخليلي في كتاب (مناقب علي بن أبي طالب) المؤلف سنة114 بالقاهرة من طريق شيخه محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن. وفيه: "فتبادر الناس إلى بيعته وقالوا: سمعنا وأطعنا لما أمرنا الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وجميع جوارحنا، ثم انكبوا على رسول الله وعلى علي بأيديهم، وكان أول من صافق رسول الله(203) أبو بكر وعمر وطلحة والزبير ثم باقي المهاجرين والناس على طبقاتهم ومقدار منازلهم، إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد، والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثاً، ورسول الله(صلى الله عليه و آله) كلما بايعه فوج بعد فوج يقول: الحمد لله الذي فضّلنا على جميع العالمين، وصارت المصافقة سنة ورسماً، واستعملها من ليس له حق فيها"(204).

                    ورواه أيضاً صاحب كتاب (النشر والطي) ولفظه: "فبادر الناس بنعم نعم، سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله، آمنا بقلوبنا، وتداركوا على رسول الله وعلي بأيديهم، إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد، وباقي ذلك اليوم إلى أن صليت العشائين في وقت واحد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول كلما أتي فوج: الحمد لله الذي فضلنا على العالمين"(205).

                    وبذلك أتضح لنا أهل البيت (عليهم السلام) مع السنة كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فأتبعهم.


                    6- مثال واقعي من تشددات البعض في ترك سنة الجمع سفراً:

                    ذكر الحافظ محمد بن الصديق الغماري سبب تأليف كتابه (إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر) في مقدمته، وهي قصة ظريفة واقعية حملته على تأليف هذا الكتاب، ومنها نعرف مقدار تشدد أهل السنة في ترك سنة الجمع بين الصلاتين في السفر فضلاً عن الحضر. وإليك مقدمته بنصها: قال في ص3:

                    مقدمة كتاب إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر:

                    الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين أصطفى.

                    أما بعد فإن بعض الراغبين في العمل بالسنة من إخواننا الشفشاوينين سمع مني أن الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر والحضر للحاجة من غير مرض ولا مطر سنة ثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينبغي العمل بها وإحياؤها، فلما رجع إلى بلده اتفق له بعد مدة أن خرج مع جماعة إلى قرية تبعد عن بلده بنحو عشرة أميال أو ثمانية بقصد الإتيان منها بعروس فلما عزموا على الخروج من القرية والرجوع إلى البلد (وكان ذلك بعد الزوال وعلم أنهم لا يصلون إلى المدينة إلا عند الغروب) جمع بالناس بين الظهر والعصر جمع تقديم في وسط وقت الظهر ثم توجهوا إلى البلد، فقامت قيامة طلبتها وادعوا أن صلاة العصر باطلة يجب إعادتها، ولم يقفوا عند هذا الحد، بل قالوا: ينبغي تعزير الرجل وضربه، وقال آخرون: يجب نفيه من البلد وطرده، بل قال ذو الجهل والحماقة منهم: يجب قتله، ولما ذكر لهم الحديث الوارد بذلك وهو حديث ابن عباس المخرّج في الصحيحين قالوا: إنه باطل موضوع، وتصّدر بعضهم للكتابة غيرة على الدين فيما زعم، فنسخ في ورقة كلام ميّارة في شرحه الكبير، وبعض كلام الشوكاني في (نيل الأوطار) فأخطأ في كلا النقلين، لأنه نزّل كلام ميّارة في غير منزله، وقلّد الشوكاني وهو من غير أهل مذهبه، فأحببت أن أبيّن خطأ الخائضين في هذه القضية، وأثبت صحة الصلاة من طريق الحجة والدليل، وطريق الرأي والتقليد، وابدأ بتحرير القول في الثانية، لأن الخائضين في القضية ليسوا من أهل العلم والدليل، ولأفهم الحجة والبرهان وإن كانوا قضاة ومفتين وشهوداً ومدرسين، وإنما هم أهل تقليد لفلان وفلان، وقبول الرأي من غير دليل ولا برهان، فلنخاطبهم بقدر ما يفهمون، ونلزمهم الحجة من كلام من يقلدون ثم بعد ذلك نتكلم بلسان العلم والدليل مع من يقف عليه من أهل العلم وقبول الحق، فنقول.." انتهى.

                    وإليك قائمة بمحتويات كتابه (إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر) بنصه وفاءً بالوعد، ونظراً لندرة وجود الكتاب، وربما يرغب بعض المطالعين بالإطلاع على محتوياته.

                    وبمجموع ما تقدم، علمنا أن أهل البيت (عليهم السلام) مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.


                    الهوامش:

                    1- إمام مذهب الحنفية هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي من أهل كابل، المولود سنة 80 والمتوفى سنة 150هـ، راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) للعلامة الشيخ أسد حيدر، تجد فيه ترجمة ضافية لأبي حنيفة من ص287-346، وراجع ترجمته في (تاريخ بغداد) لأحمد بن علي الخطيب البغدادي ج13 ص323-423 اوفست بيروت.


                    2- إمام الحرمين: هو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني نسبة إلى (جوين) وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، كان من فقهاء الشافعية، وهو أستاذ الغزالي وغيره من العلماء في الفقه والأدب والأصول، ولقب بـ(إمام الحرمين) لأنه جاور بمكة المعظمة أربع سنين، وبالمدينة المشرفة يدرس، ويفتي بها مدة، فلهذا قيل له: إمام الحرمين. توفي في نيسابور سنة 478 وكانت تلامذته ما يقارب الأربعمائة نفر، وقد تأثروا عليه كثيراً كما تأثر عليه أهالي نيسابور فغلقت الأسواق يوم موته.

                    راجع (الكنى والألقاب) للمحقق الشيخ عباس القمي، ج2/48.

                    3- الموطأ: ج1/295، شرح الزرقاني.

                    4- مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر، إمام المالكية، المولود سنة 93، أو99 والمتوفى سنة179 هـ. راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/199-273، تجد فيه ترجمة ضافية لمالك.

                    5- راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/290 في سبب تأليف مالك لـ(الموطأ)، وصحة أحاديثه عنده وعند من يقلده، وعدد أحاديثه المسند منها والمرسل.

                    6- الموطأ: ج1/2294، بشرح الزرقاني.

                    7- الإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن نافع، إمام الشافعية المولود سنة 150، راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج3/ 217-340، تجد فيه ترجمة ضافية للشافعي.

                    8- راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج3/ 251، في نسبة كتاب (الأم) للشافعي، والتحقيق حول هذه النسبة. ومن قام بتأليفه وجمعه.

                    9- يعني بقوله: (لهذا الحديث) حديث ابن عباس، الذي ذكر فيه أوقات الصلوات التي جاء بها جبرئيل إلى النبي (ص) وإنها خمسة، وقد مر علينا حديثه هذا بنصه برقم (29).

                    10- أحاديث الجمع بين الصلاتين لم يختص ابن عباس وحده بروايتها، بل رواها غيره أيضاً من الصحابة كما ستعلم، وكذلك أحاديث التفريق.

                    11- الأم للشافعي ج1/65.

                    12- إزالة الخطر ص139.

                    13- هو أحمد بن محمد بن حنبل، المولود سنة 164 والمتوفي سنة 241 هجرية، راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج4/ 247-365، تجد فيه ترجمة ضافية لأحمد.

                    14- راجع كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج4/294 في التحقيق حول مسند أحمد، ومقدار أهميته واعتباره، وعدد أحاديثه، وأقوال العلماء فيه، وما يزيد عليه من بعده، ومن تولى شرحه واختصاره من ص294 – 300.

                    15- المسند لأحمد بن حنبل ج3/280، ط دار المعارف بمصر/ رقم الحديث 1918.

                    16- المسند لأحمد بن حنبل ج3/ 283، ط دار المعارف بمصر/ رقم الحديث 1929.

                    17- المسند لأحمد بن حنبل ج3/292، ط دار المعارف بمصر/ رقم الحديث 1953.

                    18- المسند ج4/70، رقم الحديث 2269.

                    19- مسائل فقهية، للسيد عبد الحسين شرف الدين، ص6.

                    20- المسند ج4/ 154، رقم الحديث 2465.

                    21- المسند ج4/ 191، رقم الحديث 2557.

                    22- المسند ج4/201، رقم الحديث 2582.

                    23- المسند ج5/ 81، رقم الحديث 3235.

                    24- المسند ج5/ 113، رقم الحديث 3323.

                    25- المسند ج5/ 134، رقم الحديث 3397.

                    26- البخاري هو أبو عبد الله بن إسماعيل البخاري الفارسي، ولد ببخارى سنة 194، ومات بخرتنك قرب سمرقند سنة 256، راجع ترجمته والتعليق على صحيحه، وعدد أحاديثه، وسبب جمعه، وغير ذلك مما يتصل بهذا الموضوع كتاب (أضواء على السنة المحمدية) للأستاذ محمود أبو رية ص247-252، و(الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج2/292).

                    27- صحيح البخاري، "باب تأخير الظهر إلى العصر"، ج4/191. وقد تعقبه في عنوانه هذا شيخ الإسلام الأنصاري عند بلوغه إلى هذا الباب من شرحه (تحفة الباري). فقال: المناسب للحديث: باب صلاة الظهر مع العصر، والمغرب والعشاء. ففي التعبير بما قاله تجوز وقصور.. إلى أن قال: وتأويل ذلك بأنه فرغ من الأولى فدخل وقت الثانية فصلاها عقبها خلاف الظاهر، انتهى بلفظه في آخر ص292 من الجزء الثاني من شرحه. وقال القسطلاني في ج2/ 293 من شرحه (إرشاد الساري): وتأوله على الجمع الصوري بأن يكون أخر الظهر إلى أخر وقتها، وعجل العصر في أول وقتها ضعيف لمخالفة الظاهر، وهكذا قال أكثر علمائهم ولا سيما شارحو (صحيح البخاري) راجع (مسائل فقهية ص9).

                    28- صحيح البخاري، ج4/206.

                    29- صحيح البخاري، ج4/208، باب ذكر العشاء والعتمة.

                    30- هو ابو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ولد بنيسابور سنة 204 وتوفي بها سنة 268هـ، راجع ترجمته في كتاب (أضواء على السنة المحمدية) ص254، تحت عنوان (مسلم وكتابه) وعنوان (البخاري ومسلم وما قيل فيهما) وعنوان (هل أصح الأحاديث ما في الصحيحين؟) وفي كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/293.

                    31- صحيح مسلم، ج1/264، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر.

                    32- ولا سيما مع ملاحظة الأحاديث الواردة في جمع النبي بين الصلاتين في المدينة، وتعليلها بنفس هذه العلة وهي التوسعة على الأمة.

                    33- مسائل فقهية ص8.

                    34- أبو داود هو الإمام الفقيه سليمان بن الأشعث الازدي السجستاني(ره)، ولد سنة 202، قدم بغداد مراراً ومات في البصرة سنة275 هـ. راجع ترجمته في كتاب (أضواء على السنة المحمدية) ص263 وكتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/ 296.

                    35- سنن أبي داود ج1/ 120، باب (الجمع بين الصلاتين) ط لكنهو، الهند 1371.

                    36- السنن لأبي داود ج1/120.

                    37- الترمذي: هو أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي الضرير، ولد سنة 209 بترمذ، وتوفي بها سنة 279هـ، راجع ترجمته واعتبار كتابه في (أضواء على السنة المحمدية) ص264، وفي كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/295,

                    38- السنن للترمذي ج1/354، شرح احمد محمد شاكر ط القاهرة – 1356هـ.

                    39- السنن للترمذي ج1/355، شرح احمد محمد شاكر.

                    40- النسائي: هو أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي، ولد في (نسا) من نيسابور سنة215، وكانت وفاته سنة 303هـ، راجع ترجمته والتعليق على (سننه) كتاب (أضواء على السنة المحمدية) ص265، وكتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج2/296.

                    41- السنن للنسائي ج1/286، ط مصر الأولى سنة 1248هـ.

                    42- السنن للنسائي ج1/290.

                    43- هو محمد بن يزيد بن ماجة، كنيته أبو عبد الله، المعروف بالقزويني المتولد سنة 209 والمتوفى سنة 273، ارتحل إلى العراق والكوفة ومكة والشام وألف كتابه في الحديث، وهو أحد الصحاح الستة. (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج2/297).

                    44- سنن ابن ماجة ج1/340، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط مصر 1372 هـ.

                    45-هو الحافظ الكبير سليمان بن داود بن الجارود الفارسي الأصل، مولى آل الزبير أحد الأعلام الحفاظ، يروي عنه احمد، والفلاس، وبندار، وابن الفرات، وعباس الدوري، وخلائق. وقد أثنوا عليه بالحفظ والصدق، وكان يقول: كتبت عن ألف شيخ. مات سنة 204، وكان من أبناء الثمانين. (تذكرة الحفاظ للذهبي ج1/320 – الطبعة الثانية).

                    46- مسند أبي داود ج10/341، ط حيدر آباد الدكن.

                    47- مسند أبي داود ج11/ 355.

                    48- هو من شيوخ احمد بن حنبل، توفي سنة 211، وكان حافظاً كبيراً ومن رجال الصحاح، قال الذهبي: إنه صاحب تصانيف، وثّقه غير واحد، وحديثه مخرّج في الصحاح، وله ما ينفرد به. انظر (تذكرة الحفاظ ج1/331) و(الإمام جعفر الصادق والمذاهب الأربعة ج3/318، وج4/287).

                    49- البزار: هو أبو بكر أحمد بن عمر البصري الحافظ، صاحب (المسند الكبير)، وهو من علماء العامة، كانوا يشبهونه بأحمد بن حنبل في زهده وورعه، رحل في آخر عمره إلى الشام ونشر علمه، توفي بالرملة من الشام سنة 292. (الكنى والألقاب ج2/72).

                    50- هو –على الظاهر- محمد بن عبيد الله بن مرزوق بن دينار، كنيته أبو بكر الخصيب القاضي يعرف بالخلال، مات سنة 295 يوم الأحد سلخ جمادى الأولى، راجع –ترجمته، ومن روى عنه وبعض أحاديثه تاريخ بغداد ج2/ 229-230.

                    51- نيل الأوطار ج3/ 216.

                    52- الطحاوي: هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي الفقيه الحنفي، كان ابن أخت المزني النحوي وكان أولاً شافعياً يقرأ على المزني الشافعي، وكان يكتب في كتب أبي حنيفة، فقال له المزني يوماً: والله لا جاء منك شيء، فغضب وأختار مذهب أبي حنيفة، وانتقل إلى أبي جعفر بن عمران الحنفي فأشتغل عليه. وللطحاوي مؤلفات منها: أحكام القرآن، واختلاف العلماء، وتاريخ كبير. توفي بمصر سنة 321. والطحاوي نسبة إلى (طحا) وهي قرية بصعيد مصر. راجع (الكنى والألقاب) ج2/412.

                    53- راجع (إزالة الخطر) للحافظ الغماري ص117.

                    54- الطبراني: هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير(مصغراً) اللخمي، أحد حفاظ أهل السنة، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق والحجاز واليمن ومصر وغيرها وسمع الكثير، وعدد شيوخه ألف شيخ، ويقال له مسند الدنيا. يروى عنه أبو نعيم الأصبهاني، وله مصنفات أشهرها: المعاجم الثلاثة، الكبير، والأوسط، والصغير. وهي أشهر كتبه. مولده بطبرية الشام سنة 260، وسكن أصبهان وتوفي بها سنة 360، وصلى عليه أبو نعيم، والطبراني منسوب إلى طبرية، وهي بلدة من أعمال الأردن بقرب دمشق، واللخمي نسبة إلى لخم أبي جذام، (الكنى والألقاب) ج2/408.

                    55- نيل الأوطار ج3/ 215.

                    56- شرح موطأ مالك ج1/ 294.

                    57- إزالة الخطر ص136.

                    58- أبو نعيم (مصغراً) هو الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني، من أعلام المحدثين والرواة، وأكابر الحفاظ والثقات، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه، له كتاب (حلية الأولياء) وهو من أحسن الكتب كما ذكره ابن خلكان.. له كتاب (الأربعين) من الأحاديث التي جمعها في أمر المهدي (عج)، وله كتاب (تاريخ أصبها،) وعن ابن الجوزي أن وفاة الحافظ هذا سنة 402، وفي (تاريخ ابن خلكان) أنه توفى سنة 430. (الكنى والألقاب ج1/162) .

                    59- حلية الأولياء ج3/90، مطبعة السعادة، مصر 1352.

                    60- هو الإمام أبو بكر احمد بن هارون بن روح البرديجي نزيل بغداد، حدث عن أبي سعيد الأشج، وعلي بن اشكاب، وهارون بن إسحاق الهمداني وبحر بن نصر الخولاني وعدة آخرون. وروى عنه ابو بكر الشافعي، وابن لؤلؤ الوراق، وأبو علي الصراف وآخرون. قال الدار قطني: ثقة جليل. وقال الحاكم: سمع منه شيخنا أبو علي الحافظ بمكة. قال الخطيب: كان ثقة فهماً حافظاً.

                    توفي سنة 301هـ (راجع تذكرة الحفاظ الذهبي ج2/281).

                    61- إزالة الخطر ص114.

                    62- هو احمد بن عيسى بن زيد الشهيد، ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ويكنى أبا عبد الله، كان عالماً فاضلاً مقدماً في أهله معروفاً فضله، وقد كتب الحديث، وكتب عنه وروى عن الحسين بن علوان روايات كثيرة، وقد روى عنه محمد بن المنصور المرادي ونظراؤه، اختفى مدة في أيام المتوكل، ثم مات في البصرة سنة 247، في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وكانت ولادته سنة 157 في الثاني من المحرم فكان عمره تسعين سنة (راجع ترجمته في مقاتل الطالبيين ص399-406.

                    63- إزالة الخطر، ص122-123.

                    64- المصدر السابق، ص135.

                    65- البيهقي: هو أبو بكر احمد بن الحسين بن علي الشافعي. حافظ فقيه مشهور، وهو صاحب كتاب السنن الكبرى، والسنن الصغرى، ودلائل النبوة، وشعب الإيمان، وغيرها. قيل إنه كان زاهداً قانعاً من دنياه بالقليل، قال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منّة إلا البيهقي فإن له المنة على الشافعي نفسه وعلى كل شافعي لما صنعه في نصرة مذهبه. ومن كلماته –مقابل قول من قال: إن معاوية خرج من الإيمان بمحاربة علي عليه السلام قال البيهقي: أن معاوية لم يدخل في الإيمان حتى يخرج منه بل خرج من الكفر إلى النفاق في زمن الرسول (ص) ثم رجع إلى كفره الأصلي بعده. توفي سنة 458 بنيسابور ونقل إلى بيهق، وبيهق بفتح الموحدة وسكون الياء وفتح الهاء موضع كان بقرب سبزوار. (راجع الكنى والألقاب ج2 ص104).

                    66- علل الشرائع للصدوق ج2/ 321، الوسائل للحر العاملي ج5/225، فصل الخطاب لمحمد كريم خان الكرماني ص374، وبحار الأنوار للمجلسي ج82/334.

                    67- المصادر الأربعة السابقة.

                    68- المصادر الأربعة السابقة، وكذلك الشيخ الطوسي باسناده عن احمد بن محمد، و(الكافي) للكليني ج3/286.

                    69- الوسائل، ج5/225، وفصل الخطاب ص374.

                    70- الوسائل، ج5/227، نقلاً عن الشيخ الطوسي بإسناده.

                    71- المصدر السابق، ج5/229 نقلاً عن الشيخ الطوسي بإسناده.

                    72- تهذيب الأحكام، ج2/19.

                    73- الوسائل، ج5/227، نقلاً عن الشيخ الطوسي.

                    74- علل الشرائع، ج2/321، والوسائل، ج5/226، والبحار، ج82/334.

                    75- المصادر الثلاثة السابقة.

                    76- المصادر الثلاثة السابقة.

                    77- علل الشرائع، ج2/321، والوسائل ج5/226، والبحار ج82/334.

                    78- المصادر السابقة.

                    79- تفسير العياشي، ج1/273، ومستدرك الوسائل، ج5/228.

                    80- ورد هذا الحديث بهذا النص عن أم المؤمنين أم سلمة (رض). وراجع إذا شئت طرق أحاديث: (أن علياً مع الحق والحق مع علي، وأن علياً مع القرآن والقرآن معه، وإدارة الحق معه كيفما دار) في كتاب (إحقاق الحق) ج5/623-645، لتعلم تواتر هذه المضامين عن الصادق الأمين (ص).

                    81- سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق وليست بحق كما قال أمير المؤمنين (ع) في بعض خطبه: "وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، ودليلهم سمت الهدى، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى" شرح النهج لابن أبي الحديد ج1/ 212.

                    82- ذكر الحافظ الغماري مؤلفاتِه في آخر كتابه (إزالة الخطر) تحت عنوان(بيان ما طبع من مؤلفات المؤلف) فعد ثمانية عشر مؤلفاً، وتحت عنوان (بيان ما لم يطبع منها) فعد اثنين وثلاثين مؤلفاً، وتحت عنوان (بيان ما لم يتم تأليفه) فعد سبعاً وثلاثين مؤلفاً في مختلف المواضيع.

                    83- لنا كلام مفصل حول النسخ وحكمته في التشريع في الحلقة الأولى (قبس من القرآن) ص297-304 تحت هذه العناوين:

                    أ- معنى النسخ في اللغة والاصطلاح. ب- كيف يثبت النسخ. ج- ما يشمله النسخ وما لا يشمله. د- مطابقة النسخ للمصلحة. هـ- لا يكلف الله نفساً إلا وسعها..فما أحرى روّاد الحق بمراجعته.

                    84- راجع تفسير ابن كثير، ج1/550.

                    85- تفسير العياشي ج1/273، مستدرك الوسائل ج5/228، والبحار ج82/352.

                    86- تفسير العياشي ج1/274، مستدرك الوسائل ج5/7، والبحار ج82/354.

                    87- تفسير العياشي ج1/274، والبحار ج82/354.

                    88- الكافي ج3/272، والوسائل ج5/5، وتفسير القمي ج1/150.

                    89- تفسير العياشي ج1/ 273، والمستدرك ج5/7، والبحار ج82/ 353.

                    90- الوسائل ج5/5.

                    91- تفسير العياشي ج1/ 274، والمستدرك ج5/8، والبحار ج82/ 354.

                    92- تفسير العياشي ج1/ 274، والبحار ج82/ 355.

                    93- تفسير الدر المنثور للسيوطي ج2/215.

                    94- المصدر السابق.

                    95- المصدر السابق.

                    96- المصدر السابق.

                    97- تفسير ابن كثير ج1/550.

                    98- تفسير (مفاتيح الغيب) ج3-305، هنا قصد الرازي بقوله (وهي خمسة) الآيات لا الأوقات كما عدها في تفسيره.

                    99- سنن الترمذي ج1/356.

                    100- إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر ص100.

                    101- المصدر السابق.

                    102- المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ج1/275.

                    103- إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر ص99.

                    104- الغدير للمحقق الشيخ عبد الحسين الأميني ج5/198، الطبعة الأولى.

                    105- سنن الترمذي، ج2/484. كتاب العلل، ط لكنهو 1310هـ.

                    106- راجع شرح الكرماني على (صحيح البخاري) ج4/191، وشرح (سنن الترمذي) لأحمد محمد شاكر ج1/357، وكتاب (التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول) للشيخ منصور علي آصف من علماء الأزهر ج1/150، و(نيل الأوطار) للشوكاني ج2/218، كما ستسمع كلامه في الأصل.

                    107- نيل الأوطار للشوكاني ج3/ 218.

                    108- إزالة الخطر للحافظ الغماري ص103.

                    109- مجمع البحرين ص174.

                    110- مجمع البحرين للطريحي ص58.

                    111- مستدرك الصحيحين للحاكم ج1/199.

                    112- مجمع البيان للطبرسي ج1/ 440.

                    113- نفس المصدر ج1/439، ونقله المجلسي عنه في (البحار) ج82/313.

                    114- راجع: (تفسير النصوص في الفقه الإسلامي) للدكتور محمد أديب صالح، المدرس في جامعة دمشق، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة دمشق ص262 فإنه يصرح بهذا الاتفاق.

                    115- المصدر السابق، ص268-270.

                    116- الجمع بين الصلاتين جائز عند الحاجة وعدمها، كما هو الظاهر من الأحاديث. وسيأتيك التفصيل مشفوعاً بالدليل.

                    117- إزالة الخطر، ص116.

                    118- إزالة الخطر، ص116-120.

                    119- إزالة الخطر، ص111.

                    120- سنن الترمذي ج1/357.

                    121- إزالة الخطر، ص111.

                    122- إزالة الخطر، ص91.

                    123- مسند احمد بن حنبل ج3/280.

                    124- نقله عن الخطابي، الحافظ الغماري في (إزالة الخطر) ص129.

                    125- النووي: هو محيي الدين يحيى بن شرف الدمشقي الشافعي، ولد بنوى التابعة لدمشق سنة631 هـ وهاجر إليها لطلب العلم، وصار مدققاً حافظاً للحديث عارفاً بأنواعه، توفى بنوى مسقط رأسه سنة677، له مصنفات كثيرة منها (المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج) راجع (الكنى والألقاب) ج3/233.

                    126- هذا النص نقلناه عن احمد محمد شاكر في شرحه لسنن الترمذي، حيث نقله عن النووي، وقد ضبطناه على الطبعة السابعة ج3/410.

                    127- لا ظهور في الأحاديث ولا دلالة فيها عليه بشيء من الدوال، والقول به تحكم كما اعترف به القسطلاني في شرحه (لصحيح البخاري)..

                    128- ولا يخفى ميل النووي إليه في آخر كلامه إذ أيده بقول ابن عباس وعلق على قول ابن عباس قوله: فلم يعلله بمرض ولا غيره فكان آخر كلامه ناقضاً لتأويله الذي اختاره. (مسائل فقهية ص13).

                    129- مسند احمد ج8/170 – رقم الحديث 5866، وكذلك ج8/173 – رقم5873.

                    130- كما في ص3 و27 و88 و97 و102 و110 و133 و153 و157 و158.

                    131- الأمر بالإفطار في السفر – عند أهل البيت وشيعتهم – عزيمة لا رخصة، بمعنى إن الصائم في السفر صومه باطل، والقضاء واجب عليه لقوله تعالى: "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" [البقرة/186]، وقوله تعالى في الآية التالية: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".

                    132- راجع (إزالة الخطر) ص155، و(الدر المنثور) ج1/193.

                    133- الدر المنثور ج1/193.

                    134- تفسير المنار، ج2/154، وإزالة الخطر ص11.

                    135- الدر المنثور ج1/193.

                    136- المصدر السابق.

                    137- الكافي ج3/278، والوسائل ج5/228، والبحار ج82/337.

                    138- المصادر الثلاثة السابقة.

                    139- المستمسك ج5/76.

                    140- (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي ج2/20. ورواه أيضاً بهذا النص الشيخ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) ج1/ 140 تحقيق الحج السيد حسن الخرسان، و(الوسائل) ج5/153، نقلاً عن المصدرين السابقين. كما رواه الصدوق مختصراً في (علل الشرائع) ج2/349، ورواه الكليني في (الكافي) ج3/288، ونقله عنهما في (الوسائل)، والمجلسي في (البحار) ج83/ 30 نقلاً عن (العلل).

                    141- الوسائل ج5/157، نقلاً عن الشيخ الطوسي.

                    142- علل الشرائع ج2/ 349.

                    143- الوسائل ج5/ 157، نقلاً عن الشيخ الطوسي.

                    144- رواه الكليني في (الكافي) ج3/289، ونقله عنه الحر العاملي في (الوسائل) ج5/234. وآب: رجع، والأواب كثير الرجوع، والصلاة مع النافلة من شأنها أن تحمل الإنسان على الرجوع إلى ربه بالاستغفار والاعتراف بالتقصير.

                    145- الوسائل ج5/146، نقلاً عن الشيخ الطوسي وأنه قال معلقاً على الحديث: إنما نفى القدم والقدمين لئلا يظن أن ذلك وقت لا يجوز غيره.

                    146- الوسائل ج5/147، نقلا عن (قرب الإسناد) لعبد الله بن جعفر، و(البحار) ج83/27، نقلا عن (قرب الإسناد) أيضاً.

                    147- الكافي ج3/276، ونقله الحر العاملي عنه في (الوسائل) ج5/145.

                    148- المصدران السابقان.

                    149- كالسيد الحكيم (قدس سره) في (المستمسك) حيث أشبع الموضوع بحثاً واستدلالاً من ج5/39-45 فراجع.

                    150- نافلة المغرب بعدها وهي أربع ركعات، وكذلك العشاء نافلتها بعدها وهي ركعتان من جلوس يعدان بركعة.

                    151- التعقيب بعد الفرائض من المستحبات المؤكدة، وورد عن الصادق (ع) أنه قال: من صلى فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله، وحق على الله أن يكرم ضيفه. وعنى التعقيب بعد الصلاة الجلوس بعدها لدعاء أو مسألة طال أم قصر. وقد وردت أدعية وأذكار في التعقيب كثيرة، مذكورة في كتب الأدعية، وقد ذكر السيد محسن الأمين العاملي – قدس سره – في كتابه (مفتاح الجنات) ج1 فصولا في التعقيب وهي كما يلي: الفصل -17- في التعقيب المشترك بين جميع الفرائض من ص74-88 وأوله أن يقول: (الله أكبر) ثلاث مرات رافعاً بكل واحدة يديه إلى شحمتي أذنيه..الخ. والفصل –18- في المختص بصلاة الظهر ص89-91. والفصل –19- في المختص بصلاة العصر ص91-92. والفصل –20- في المختص بصلاة المغرب ص92-93. والفصل –21- في المختص بصلاة العشاء ص94-96. والفصل –22- في المختص بصلاة الصبح ص96-103. ومن هنا يتضح لنا أن الوقت المجعول بين الفريضتين لأجل النافلة أولاً، ولأجل التعقيب 152- الوسائل ج5/160.

                    153- البحار ج82/336.

                    154- الصدوق في (الفقيه) ج1/140 عن الصادق (ع)، والشيخ الطوسي في (التهذيب) ج2/18 عن أبي جعفر (ع)، ونقله عنهما الحر العاملي في (الوسائل) ج5/133، والمجلسي في (البحار) ج83/46 نقلاً عن الهداية.

                    155- رواه الكليني في (الكافي) ج3/274، من طريقين. ورواه الحر في (الوسائل) 5/133.

                    156- المصدران السابقان، و(البحار) ج83/12.

                    157- الكافي ج3-274، و(الوسائل) ج5 –135.

                    158- المصدران السابقان، ونقله المجلسي قي (البحار) ج83-6، عن (السرائر) بتغيير يسير. وفي الهامش: (السرائر) ج1–472، وتراه في (التهذيب) ج1-145.

                    159- الوسائل، ج5-133.

                    160- مستدرك الوسائل، ج5-137، ونقله المجلسي في (البحار) ج82-349 عن (فقه الرضا) ص2.

                    161- مسند أحمد بن حنبل ج2/ 265، رقم الحديث 1143.

                    162- عمر بن علي بن أبي طالب (ع) هو عمر الأكبر، ويقال له: عمر الأطرف وأمه الصهباء التغلبية من بني تغلب، وهو لم يحضر الطف مع أخيه الحسين، وعُمّر عمراً طويلاً، قيل خمساً وثمانين سنة، وقيل: خمساً وسبعين. ولقب بالأطرف بعد ولادة عمر الأشرف بن الإمام زين العابدين أخو زيد الشهيد لأمه وأبيه، فإنه لقب بالأشرف لجمعه الشرف من ولادة علي وفاطمة، والأطرف حاز الشرف من طرف أبيه فقط. راجع (عمدة الطالب).

                    163- مسند أحمد ج3/265، رقم الحديث 1874.

                    164- مسند أحمد ج4/36، رقم الحديث 2191.

                    165- مسند أحمد بن حنبل ج5/98، رقم الحديث 3288.

                    166- مسند أحمد بن حنبل ج5/161، رقم الحديث 3480.

                    167- مسند أحمد بن حنبل ج6/ 220، رقم الحديث 4472.

                    168- مسند أحمد بن حنبل ج6/ 244، رقم الحديث 4531.

                    169- مسند أحمد بن حنبل ج6/ 248، رقم الحديث 4542.

                    170- مسند أحمد بن حنبل ج6/ 273، رقم الحديث 4598.

                    171- مسند أحمد بن حنبل ج7/ 144، رقم الحديث 5120.

                    172- أقول: ترجمتها في الطبعة التي عندنا من (الاصابة) في ج4/ 342.

                    173- مسند أحمد ج7/160، رقم الحديث 5163.

                    174- مسند أحمد ج7/199، رقم الحديث 5305.

                    175- مسند أحمد ج7/270، رقم الحديث 5478.

                    176- مسند أحمد ج7/284، رقم الحديث 5516.

                    177- مسند أحمد ج8/135، رقم الحديث 5791.

                    178- مسند أحمد ج8/161، رقم الحديث 5838.

                    179- مسند أحمد ج9/165، رقم الحديث 6354.

                    180- مسند أحمد ج9/185، رقم الحديث 6375.

                    181- مسند أحمد ج10/211، رقم الحديث 6682.

                    182- مسند أحمد ج10/222، رقم الحديث 6694.

                    183- مسند أحمد ج 11/143، رقم الحديث 6906.

                    184- إزالة الخطر ص 18، وبواسطتة نقلنا الأحاديث من 22إلى 28، لأن الطبعة التي نقلنا عنها والتي عليها شرح أحمد محمد شاكر غير كاملة.

                    185- المصدر السابق.

                    186-إزالة الخطر ص 19.

                    187- المصدر السابق.

                    188- المصدر السابق.

                    189- إزالة الخطر ص45، نيل الأوطار ج3/213.

                    190- المصدر السابق ص56.

                    191- المصدر السابق ص54.

                    192- راجع (نيل الأوطار) ج3/220.

                    193- المصدر السابق.

                    194- إزالة الخطر ص17.

                    195- المصدر السابق ص22.

                    196- راجع شرائط المذاهب الأربعة في الجمع بين الصلاتين سفراً في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ج1/ 370-375 لتعلم صحة قولنا.

                    197- نيل الأوطار للشوكاني ج3/212.

                    198- المصدر السابق ج3/ 213.

                    199- المصدر السابق ج3/ 213.``

                    200- المصدر السابق ج3/ 214.

                    201- راجع (الفقه على المذاهب الأربعة) ج1/ 370، و(إزالة الخطر) ص22، و(نيل الأوطار) ج3/ 215 في ذكر هذا القيد للمالكية.

                    202- راجع الحديث بتمامه في كتاب (الغدير) ج1/214-216، ص270.

                    203- فيه سقط تعرفه برواية الطبري الأول.

                    204- المصدر السابق ج1/270-271.

                    205- المصدر السابق.


                    الجمع بين الصلاتين









                    1- مدرسة أهل البيت (عليهم السلام):

                    أكدت على جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء مطلقا في السفر والحضر لعذر أو لغير عذر.

                    2- المذاهب الأربعة:

                    أجمع أئمة المذاهب الأربعة على جواز الجمع بين الظهر والعصر في عرفة جمع تقديم, وبين المغرب والعشاء في المزدلفة جمع تأخير, ومنع أبو حنيفة الجمع بين الفريضتين(1) في ما عدا ذلك مطلقا وأما مالك(2) والشافعي(3) وأحمد(4) فأجازوا الجمع في السفر واختلفوا في ماعداه من الأعذار كالمرض والمطر والخوف.


                    أدلة الجمع:


                    الدليل الأول:

                    قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)(5).

                    يمكن أنقرب الاستدلال بهذا النص على جواز الجمع بين الصلاتين على النحو التالي:

                    1- النص توافر على المفردات التالية:

                    - الدلوك: الزوال.

                    - الغسق: فيه قولان:

                    أ- أول ظلمة الليل.

                    ب- شدة الظلمة في نصف الليل.

                    - قرآن الفجر: صلاة الفجر.

                    2- بناء على تفسير (الغسق) بأول الليل يكون النص قد حدد ثلاثة أوقات للصلاة:

                    الوقت الأول: الزوال.

                    الوقت الثاني: أول الليل.

                    الوقت الثالث:الفجر.

                    فالزوال بداية الوقت للظهر والعصر معا.

                    وأول الليل بداية الوقت للمغرب والعشاء معا.

                    والفجر وقت خاص بصلاة الصبح.

                    3- وبناء على تفسير (الغسق) بنصف الليل يكون النص أيضا دالا على جواز الجمع, فوقت الفرائض الأربع: الظهر والعصر والمغرب والعشاء ممتد من الزوال إلى منتصف الليل, فالظهر والعصر يشتركان في الوقت من الزوال إلى الغروب إلا أن الظهر قبل العصر, ويشترك المغرب والعشاء في الوقت من الغروب إلى نصف الليل غير أن المغرب قبل العشاء, أما فريضة الصبح فقد اختصها الله بوقتها المنوه في قوله سبحانه: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)(6).

                    4- وقد أكد دلالة النص على ذلك ما ورد من تفسير عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام): (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل...) (منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس إلا أن هذه قبل هذه, ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه...)(7).

                    5- ما ورد في تفاسير مدرسة الخلفاء حول هذه الآية: (فإن فسرنا الغسق بظهور أول الظلمة كان الغسق عبارة عن أول المغرب وعلى هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاث أوقات: وقت الزوال, ووقت أول المغرب, ووقت الفجر, وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين, وأن يكون أول المغرب وقتا للمغرب والعشاء فيكون الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء مطلقا)(8).

                    وبعد أن أكد الرازي دلالة الآية على جواز الجمع بين الفريضتين مطلقا, عقب على ذلك بقوله: (إلا أنه دل الدليل على أن الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز فوجب أن يكون الجمع جائزا بعذر السفر وعذر المطر وغيره)(9).

                    وهذا التعقيب مرفوض حيث دل الدليل على جواز الجمع مطلقا كما سنبين قريبا إن شاء الله تعالى.

                    وقال البغوي في (معالم التنزيل): (حمل الدلوك على الزوال أولى القولين لكثرة القائلين به, ولأنا إذا حملنا عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها, فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر معا, وإلى غسق الليل يتناول المغرب والعشاء, وقرآن الفجر هو صلاة الصبح)(10).


                    الدليل الثاني:

                    السنة النبوية التي أكدت من خلال الصيغة العملية أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد جمع بين الفريضتين مطلقا.

                    ولنا في إثبات ذلك طريقان:


                    الطريق الأول:

                    ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام):

                    1- عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة)(11).

                    2- وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة, وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة, وإنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليتسع الوقت على أمته)(12).

                    3- وعنه (عليه السلام) قال: (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سفر, فقال له عمر: أحدث في الصلاة شيء؟ قال (صلى الله عليه وآله): لا ولكن أردت أن أوسع على أمتي)(13).

                    5- وعنه (عليه السلام) في حديث عبد الملك القمي قال: قلت: أجمع بين الصلاتين من غير علة؟ قال: قد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد التخفيف على أمته(14).


                    الطريق الثاني:

                    الأخبار الواردة في المصادر السنية:

                    1- عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعا, والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر)(15).

                    2- وعن ابن عباس قال: (صليت مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثمانيا جميعا وسبعا جميعا)(16).

                    3- وعن ابن عباس قال: (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء)(17).

                    4- وعن ابن عباس قال: (رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء)(18).

                    5- وعن ابن عباس قال: (كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)(19).

                    6- وعن ابن عباس قال: (صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر.

                    قال أبو الزبير: فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته)(20).

                    7- وعن ابن عباس قال: (جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر)(21).

                    8- وعن سهل بن حنيف قال: سمعت أبا أمامة يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر فقلت: ياعم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر وهذه صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي كنا نصلي معه(22).

                    9- وعن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: (إن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى بالمدينة سبعا وثمانية الظهر والعصر والمغرب والعشاء)(23).

                    10- وعن عمر بن دينار قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال: (صلى النبي (صلى الله عليه وآله) سبعا جميعا وثمانيا جميعا)(24).


                    الدليل الثالث:

                    النصوص الصادرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الدالة على جواز الجمع بين الفريضتين:

                    1- عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة)(25).

                    2- وفي حديث عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر والعصر, فقال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس)(26).

                    3- وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى عن الشمس مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس)(27).

                    4- وعنه (عليه السلام) قال: (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين)(28).

                    5- وعنه (عليه السلام) قال: (إذا غابت الشمس فقد حل الإفطار ووجبت الصلاة وإذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل)(29).

                    6- وعنه (عليه السلام) قال: (إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل)(30).




                    الهوامش:

                    1- الجزري: الفقه على المذاهب الأربعة ج1 ص441/ ط القاهرة.

                    2- مالك بن أنس: الموطأ ج1 ص143/ ط بيروت.

                    3- الشافعي: المسند ج1 ص50/ ط بيروت.

                    4- أحمد بن حنبل: المسند ج1 ص221/ ط المكتب الإسلامي.

                    5- سورة الإسراء: الآية78.

                    6- مسائل فقهية ص21/ ط طهران.

                    7- الطوسي: التهذيب ج2 ص24/ ط بيروت.

                    8- الرازي: التفسير الكبير ج21/ 27/ ط بيروت.

                    9- المصدر نفسه.

                    10- البغوي: معالم التنزيل ج3 ص128/ ط بيروت.

                    11- الحر العاملي: وسائل الشيعة ج3 ص92/ ط طهران.

                    12- المصدر نفسه ج3 ص101.

                    13- الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج6/ ص361/ ط بيروت.

                    14- العاملي: الحقائق ص388/ ط بيروت.

                    15- صحيح مسلم ج1/ 489, 491/ ط بيروت.

                    16- نفس المصدر السابق.

                    17- صحيح مسلم ج1/ 490, 492.

                    18- نفس المصدر السابق.

                    19- نفس المصدر السابق.

                    20- صحيح مسلم ج1/ 490, 492.

                    21- صحيح مسلم ج1/ 491/ ط بيروت.

                    22- صحيح البخاري ج1/ 288/ ط بيروت.

                    23- صحيح البخاري ج1/ 286, 293/ ط بيروت.

                    24- نفس المصدر السابق.

                    25- الوسائل ج3/ 91, 92/ ط طهران.

                    26- نفس المصدر السابق.

                    27- نفس المصدر السابق.

                    28- الوسائل ج3/ 93, 134/ ط طهران.

                    29- نفس المصدر السابق.

                    30- الوسائل ج3/ 93, 134/ ط طهران.

                    تعليق


                    • #40
                      آراء الفقهاء والأئمة في أوقات الصلوات والجمع بين الصلاتين





                      الشيخ عبد اللطيف البغدادي

                      قبل أن نستعرض فتاوى أئمة المذاهب الأربعة لأهل السنة في أوقات الصلوات الخمس وفي جواز الجمع بين الصلاتين أو عدمه نقدم لذلك مقدمة في فضل الصلاة اليومية وأنها أفضل الأعمال الدينية.

                      الصلاة اليومية أفضل الأعمال الدينية:

                      قال المرجع الديني آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (تغمده الله برحمته) في (المستمسك):ـ

                      أعـلم أن الصـلاة أحب الأعمال إلى الله تعالـى. وهي آخر وصايـا الأنبياء (عليهم السلام)، وهي عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رُد ما سواها.

                      وهي أول ما ينظر فيه من عمل أبن آدم فأن صحت نُظر في عمله وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله، ومثلها كمثل النهر الجاري فكما أن من أغتسل فيه في كل يوم خمس مرات لم يبق في بدنه شيء من الدرن(1) كذلك كلما صلى الصلاة كفر ما بينهما من الذنوب. وليس ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة. وإذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شيء يُسال عنه الصلاة فإذا جاء بها تامة وإلا زج في النار. وفي الصحيح قال مولانا الإمام الصادق (عليه السلام): "ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى بن مريم (عليه السلام) قال: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّاً) وروى الشيخ (2) في حديث عنه (عليه السلام) قال: "وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات". وقد استفاضت الروايات في الحث على المحافظة عليها في أوائل الأوقات وأن من استخف بها كان في حكم التارك لها.

                      قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) :"ليس مني من استخف بصلاته"، وقال: "لا ينال شفاعتي من أستخف بصلاته" وقال: "لا تضيعوا صلاتكم، فأن من ضيع صلاته حُشر مع قارون وهامان وكان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين" وورد: "بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال (صلى الله عليه و آله): نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني" وعن أبي بصير قال: "دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عند الموت لرأيت عجباً…فتح عينيه ثم قال: أجمعوا كل مَن بيني وبينه قرابة، قالت: فما تركنا أحداً إلا جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: "إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة".


                      أوقات الصلوات الخمس في آراء أئمة المذاهب الأربعة:

                      يبدأ الفقهاء بصلاة الظهر لأنها أول صلاة فرضت، ثم فرضت بعدها العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، ثم الصبح.. على الترتيب. وقد وجبت الصلاة الخمس بمكة ليلة الإسراء، قيل: بعد تسع سنوات من بعثة الرسول (صلى الله عليه و آله)، وقيل: أربع سنوات بعد البعثة. وهي أول فريضة افترضها الله على هذه الأمة. ومما لا خلاف فيه (بين فقهاء الإسلام) أن الصلاة لا تجوز قبل دخول وقتها، وأن الشمس إذا زالت دخل وقت الظهر، واختلفوا في مقدار وقتها وامتداده.

                      1- وقت الظهر:

                      قال أئمة المذاهب الأربعة: يبتدئ وقت الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله. فإذا زاد عن ذلك خرج وقت الظهر. ولكن الشافعية والمالكية قالوا: يختص هذا التحديد بالمختار غير المضطر، أما المضطر فيمتد وقت الظهر معه إلى ما بعد امتداد ظل الشيء إلى مثليه عند الشافعية(4)، ويستمر إلى وقت الغروب عند المالكية(5). وفسروا الوقت الضروري بما نصه(6): "وسمي (أي الوقت) ضرورياً، لأنه مختص بأرباب الضرورات من غفلة وحيض وإغماء وجنون ونحوها. فلا يأثم واحد من هؤلاء بأداء الصلاة في الوقت الضروري، أما غيرهم فيأثم بإيقاع الصلاة فيه إلا إذا أدرك ركعة من الوقت..".

                      2- وقت العصر:

                      قال الحنفية والشافعية: يبتدئ وقت العصر من زيادة الظل عن مثله إلى الغروب. وقال المالكية للعصر وقتان: أحدهما اختياري، والثاني اضطراري. ويبتدئ الأول من زيادة الظل عن مثله إلى اصفرار الشمس في الأرض والجدران. ويبتدئ الثاني (أي الوقت الاضطراري) من اصفرار الشمس إلى غروبها.

                      وقال الحنبلية: من آخر صلاة العصر إلى أن تجاوز الظل عن مثليه تقع الصلاة أداء إلى حين الغروب ولكن المصلي يأثم حيث يحرم عليه أن يؤخرها إلى هذا الوقت. والظاهر إنهم انفردوا بذلك عن سائر المذاهب.

                      3- وقت المغرب:

                      قال الحنفية والشافعية والحنبلية: يبتدئ وقت المغرب من مغيب القرص وينتهي بمغيب الشفق الأحمر من جهة المغرب. وقال المالكية: إن وقت صلاة المغرب مُضيّق، ويختص من أول الغروب بمقدار ما يتسع لها ولمقدماتها وشرائطها من الطهارة والآذان، ولا يجوز تأخيرها عن هذا الوقت. أما مع الاضطرار فيمتد وقتها إلى طلوع الفجر. وعدم جواز تأخير المغرب عن أول وقتها مما انفردت به المالكية.

                      4- وقت العشاء:

                      قال أئمة المذاهب الأربعة: يبتدئ وقت العشاء من مغيب الشفق، وإن اختلفوا في الشفق. فأبو حنيفة يرى: إنه البياض الذي يكون بعد الحمرة المغربية، والباقون يقولون: هو مغيب الحمرة المغربية. وكيفما كان فهم متفقون على أن أول وقت العشاء يبتدئ من مغيب الشفق، أما انتهاء وقت العشاء: فعند الحنفية والشافعية يمتد وقتها إلى طلوع الفجر الصادق، وعند المالكية والحنبلية: إن وقت العشاء الاختياري يبتدئ من مغيب الشفق الأحمر وينتهي بانتهاء الثلث الأول من الليل، ووقتها الضروري ما كان عقب ذلك إلى طلوع الفجر الصادق. فمن صلى العشاء في الوقت الضروري أثم، إلا إذا كان من أصحاب الأعذار.

                      5- وقت الصبح:

                      قال الحنفية والشافعية والحنبلية: وقت الصبح يبتدئ من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس (مثل قول الإمامية) أما المالكية فقد قالوا: للصبح وقتان: اختياري وهو من طلوع الفجر إلى تعارف الوجوه، واضطراري وهو من تعارف الوجوه إلى طلوع الشمس(7). وهذا الوقت الذي يذهب إليه مالك من الوقت الاختياري محمول عند الشيعة الإمامية على الأفضلية.. أي أن الأفضل عندهم إيقاع الصلاة في أول الوقت، وينتهي ذلك بطلوع الحمرة المشرقية. فمن أوقع الصلاة ما بين طلوع الفجر وطلوع الحمرة فقد أتى بها في أفضل وقتها، ومن تأخر عن ذلك فأوقعها بعد طلوع الحمرة وقبل طلوع الشمس فقد اجزأه ولا إثم عليه، ولكن ليس له ذلك الفضل.


                      الجمع بين الصلاتين في آراء أئمة المذاهب الأربعة:

                      وأما فتاوى أئمة المذاهب الأربعة في جواز الجمع بين الصلاتين وعدمه فهي محل خلاف ونزاع. والمقصود من الجمع بين الصلاتين في اصطلاحهم إنما هو إيقاعهما معاً في وقت إحداهما دون الأخرى، جمع تقديم أو جمع تأخير. وهذا هو مراد المتقدمين منهم والمتأخرين من عهد الصحابة إلى يومنا هذا.


                      1- الجمع بين الصلاتين عند الحنفية:

                      جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة)(8) ما نصه: "قال الحنفية: لا يجوز الجمع بين صلاتين في وقت واحد لا في السفر ولا في الحضر وبأي عذر من الأعذار إلا في حالتين" ويقصدون من الحالتين الجمع بعرفة والمزدلفة للحجاج. وذكروا شروط الجمع فيهما، فللجمع بعرفة ذكروا أربعة شروط وللجمع في المزدلفة شرطين. فراجع إذا شئت.

                      2- الجمع بين الصلاتين عند المالكية:

                      قال المالكية: "أسباب الجمع هي السفر، والمرض، والمطر، والطين مع الظلمة في آخر الشهر، ووجود الحاج بعرفة أو مزدلفة" ثم ذكروا شروط الجمع في كل من هذه الموارد، فراجع(9).

                      3- الجمع بين الصلاتين عند الشافعية:

                      قال الشافعية: "يجوز الجمع بين الصلاتين المذكورتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر المتقدمة بشرط السفر، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر"(10). ويشترطون لجمع الصلاتين عند نزول المطر شروطاً ستة فراجعها. ولم ير الشافعي جواز الجمع بين الصلاتين للمريض(11).

                      4- الجمع بين الصلاتين عند الحنبلية:

                      قال الحنبلية: "يجوز الجمع بين الصلاتين للمسافر، وللخائف على نفسه أو ماله أو عرضه، ولمن يخاف ضرراً يلحقه بتركه في معيشته، ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة بسبب الثلج والبرد والجليد(12) والوحل والريح الشديدة الباردة والمطر الذي يُبل الثوب ويترتب عليه حصول مشقة"(13).

                      وفي هذه الموارد عندهم جمع التأخير أفضل من جمع التقديم، ولهم على ذلك أيضاً شرائط أربعة.


                      أوقات الصلوات الخمس حسب فتوى فقهاء الإمامية:

                      1- وقت الظهرين وجواز الجمع بينهما:

                      أجمع فقهاء الإمامية بلا خلاف بينهم قديماً وحديثاً، استناداً إلى الأدلة القطعية عندهم في التعبد بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) على أن وقت صلاة الظهرين يبتدئ من زوال الشمس عن كبد السماء ويستمر إلى غروبها، ولكن يختص الظهر من أوله بمقدار أدائها، كما يختص العصر من آخره بمقدار أدائها، وما بينهما من الوقت مشترك للظهر والعصر. ولكن يجب تقديم الظهر على العصر.

                      ومن هنا قالوا، (جميعا) بجواز الجمع بين الظهرين لاشتراك وقتيهما، ولوجود أدلة خاصة بجواز الجمع أيضاً.

                      2- وقت العشائين وجواز الجمع بينهما:

                      وقت العشائين للمختار غير المضطر يبتدئ من المغرب الذي هو عبارة عن ذهاب الحمرة المشرقية إلى نصف الليل، وتختص المغرب أيضاً من أوله بمقدار أدائها، والعشاء من آخره بمقدار أدائها، وما بينهما من الوقت مشترك للمغرب والعشاء.

                      أما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غير ذلك، فيمتد وقتهما إلى الفجر الصادق، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها. وأما العامد الذي أخر صلاته إلى ما بعد نصف الليل فيجب عليه المبادرة إلى الصلاة ولكن ينوي بها (على الأحوط) مطلق القربة من دون تعرض إلى أداء أو قضاء. هذا إذا كان قبل طلوع الفجر، وأما بعد طلوع الفجر فتكون قضاء بلا خلاف.

                      معنى اختصاص الوقت:

                      يعني اختصاص أول الوقت بالظهر، وآخره بالعصر، وهكذا في المغرب والعشاء، إن العصر لا تصح في الوقت المختص بالظهر، ولا الظهر تصح في الوقت المختص بالعصر، وهكذا في المغرب والعشاء.

                      أما الصلوات الأخرى كالقضاء والنوافل وغيرها فلا مانع من وقوعها في الوقت المختص.

                      ولو أخر أحد صلاة الظهر حتى بقي من الوقت ما يتسع لأربع ركعات فقط عليه أن يصلي العصر وتكون الظهر قضاء، وقد أثم في التأخير إلى ذلك الوقت إن كان عن عمد. أما إذا بقي من الوقت ما يتسع لخمس ركعات صلى الظهر أولاً ثم صلى العصر بعدها مباشرة، لأنهم قالوا: من أدرك من الوقت ركعة فقد أدرك الوقت كله، وكذلك الحكم في العشائين، ولكنه لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك الوقت أيضاً.

                      3- وقت الصبح:

                      وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وأول الوقت أفضل من غيره.

                      أوقات الصلوات الخمس والجمع بين الصلاتين في روايات أهل البيت (عليهم السلام).

                      تمهيد:

                      إن فتوى فقهاء الإمامية في أتساع أوقات الصلوات الخمس، وجواز الجمع بين الصلاتين (كما مر) مستندة إلى التعبد لله جل وعلا بمذهب أهل البيت (عليهم السلام).

                      وحسبنا في إيثارهم (وإيثار مذهبهم) على من سواهم، إيثار الله عز وجل إياهم، حتى جعل الصلاة عليهم جزاءاً من الصلاة المفروضة على جميع عباده، فلا تصح بدونها صلاة أحد من العالمين، بل لا بد لكل من عَبدَ الله بفرائضه أن يعبده في أثنائها بالصلاة عليهم كما يعبده بالشهادتين.

                      أنّى وفي الصلوات الخمس ذكركمُ***لدى التشهد للتوحيد قد شَفعاً(14)

                      وهذه منزلة قد عنت لها وجوه الأمة، وخشعت أمامها أبصار سائر المذاهب والأئمة…قال الإمام الشافعي:

                      يا أهل بيت رسول الله حبكمُ*** فرض من الله في القرآن أنزلــه

                      كفاكم من عظيم الفضل أنكمُ*** من لم يصلّ عليكم لا صلاة له(15)

                      وهنا فليتذكر المسلم ويرجع إلى العقل السليم والشرع المستقيم، فيستوحي منهما سائلاً مستفهماً: هل يمكن أن يوجب الله الصلاة على أهل البيت في الصلوات كلها، الواجبة منها بل وحتى المستحبة،وهم لا يعرفون أوقاتها؟! أو يكون غيرهم أعرف منهم بأوقاتها، أو إنهم يفتون بخلاف حكم الله عز وجل فيها؟! لا أعتقد بل ولا أظن أنه يقول بهذا (مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [سورة البقرة/113].

                      وأحاديث أهل البيت في اتساع أوقات الصلوات الخمس وجواز الجمع بين الصلاتين ثابتة عنهم وصريحة بذلك.. وهي كثيرة ومتواترة، ونختار منها ما استدل به الفقهاء وتسالموا على صحته. ومنهم فقيه عصره سيدنا السيد محسن الحكيم تغمده الله برحمته.


                      النصوص الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام):

                      صحيح عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر والعصر فقال: "إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعاً، إلا أن هذه قبل هذه. ثم أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس"(16).

                      2- صحيح زرارة عن أبي جعفر (أي محمد الباقر (عليه السلام)) أنه قال: "إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخر"(17).

                      3- خبر مالك الجُهني: سألت أبا عبد الله عن وقت الظهر، فقال (عليه السلام): "إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين..".

                      4- صحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال: "إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل، إلا أن هذه قبل هذه"(18).

                      5- داود بن فرقد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة، حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي العشاء إلى انتصاف الليل"(19).

                      6- صحيح عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:"لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر، ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس"(20).

                      7- خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصّل الفريضة، فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس"(21).

                      8- عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله في قوله تعالى: (أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال: "إن الله تعالى افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل، منها صلاتان أول وقتهما من عند الزوال إلى غروب الشمس، إلا أن هذه قبل هذه، ومنها صلاتان وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه".

                      9- عن داود بن فرقد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس"(22).

                      10- صحيح الحلبي (في حديث) قال: سألته عن رجل نسي الأولى والعصر ثم ذكر عند غروب الشمس، قال(عليه السلام): "إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصلّ العصر، وإن خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته، فيكون قد فاتتاه جميعاً، ولكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الأولى بعد ذلك على أثرها"(23).

                      11- قال الصادق (عليه السلام): "لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة. لا تفوت صلاة النهار حتى تغرب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر، وذلك للمضطر والعليل والناسي"(24).

                      12- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس"(25).

                      13- صحيح عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): "لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما، ووقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً، ولكنه وقت من شُغل أو نسي أو سَها أو نام"(26).

                      14- عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة"(27).

                      15- روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة"(28).

                      16- عن صفوان الجمّال قال: "صلّى بنا أبو عبد الله (عليه السلام) الظهر والعصر عندما زالت الشمس بأذان وإقامتين، وقال: إني على حاجة فتنفّلوا"(29).

                      17- عن عبد الملك القمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "قلت له: أجمع بين الصلاتين من غير علة؟ قال: قد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) وأراد التخفيف عن أمته"(30).

                      18- عن عباس الناقد قال: "تفرق ما كان في يدي وتفرق عني حُرفائي فشكوت ذلك إلى أبي محمد (عليه السلام) فقال لي: إجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ترى ما تحب"(31).

                      19- عن سعيد بن علاقة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق"(32).

                      20- عن إسحاق بن عمار، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) يُجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟ قال: لا بأس"(33).

                      هذه بعض أحاديث أهل البيت الثابتة عنهم (عليهم السلام) في أوقات الصلاة والجمع بين الصلاتين، ووردت عنهم في المسألتين أحاديث أخرى سيأتي بعضها في مكانها.


                      الخلاصة:

                      لقد استعرضنا لك (أيها المطالع الكريم) أوقات الصلوات الخمس، والجمع بين الصلاتين حسب فتاوى أئمة أهل البيت الصريحة والثابتة عنهم سلام الله عليهم.

                      ورأينا إن فتاوى المذاهب الأربعة في ذلك لا تتفق مع فتاوى فقهاء الشيعة وأحاديث أهل البيت… فعند أهل البيت أوقات الصلوات المجزية ثلاثة: الظهرين ويبتدئ وقتهما من زوال الشمس إلى غروبها، والعشائين يبتدئ وقتهما من الغروب إلى نصف الليل بالنسبة للمختار غير المضطر، ويستمر إلى طلوع الفجر للمضطر، والصبح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

                      بينما فتاوى المذاهب الأربعة تقرر لكل صلاة وقتاً خاصاً بها لا يجوز أن تُصلى في غيره.

                      وعند أهل البيت يجوز الجمع بين الصلاتين مطلقاً، وعند المذاهب الثلاثة لا يجوز الجمع بدون أعذار معينة عند كل واحد، وعند أبي حنيفة لا يجوز الجمع بين الصلاتين مطلقاً، إلا في عرفة والمزدلفة كما علمت… إلى غير ذلك من موارد الخلاف.

                      ولكي نعرف الهدى والحق في أي جانب، لذا نستعرض لك في الفصلين القادمين الأدلة الإسلامية من الكتاب المجيد، والسنة النبوية الثابتة، والإجماع على أوقات الصلوات الخمس، والجمع بين الصلاتين، لنرى بعدها أي الفريقين أحق بالإتّباع، أهل البيت أم غيرهم؟

                      (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) [سورة يونس/36].


                      الهوامش:

                      1- الدرن: الوسخ.

                      2- يعني الشيخ الطوسي المعروف بشيخ الطائفة.

                      3- مستمسك العروة الوثقى، لفقيه عصره السيد محسن الحكيم ج5/2. ط مطبعة النجف، سنة 1377، نقلاً عن العروة الوثقى لآية الله اليزدي.

                      4- راجع: الأم، للشافعي، ص63.

                      5- الفقه على المذاهب الأربعة ج1/132.

                      6- كما في الفقه على المذاهب الأربعة ج1/132.

                      7- راجع أوقات الصلوات الخمس في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ج1/131-134، ط دار الكتاب العربي – الطبعة الخامسة. وهو من تأليف جماعة من علماء الأزهر.

                      8- ج1/373.

                      9- الفقه على المذاهب الأربعة، ج1/370-372.

                      10- المصدر السابق ج1/372.

                      11- سنن الترمذي ج1/357.

                      12- الجليد: ما يجمد على الأرض من الماء.

                      13- الفقه على المذاهب الأربعة، ج1/374.

                      14- سيأتيك التحقيق حول أول وقت المغرب، هل هو غروب القرص أم ذهاب الحمرة المشرقية، في المقارنة الثالثة.

                      15- بيت من القصيدة العصماء لشاعر أهل البيت الشيخ صالح الكواز الحلي (ره) تجدها في كتاب (الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد) ص145، ط بمبى.

                      16- هذان البيتان من مدائح الشافعي السائرة، وهما بمكان من الانتشار والاشتهار. وقد أرسلهما عنه إرسال المسلمات كثير من أهل السنة، منهم ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) في تفسير قوله تعالى "إن الله وملائكته يصلون على النبي…" وقد عدها من الآيات النازلة في أهل البيت(ع) ص88. وكذلك النبهاني في (الشرف المؤبد) ص99، والإمام أبو بكر ابن شهاب الدين في (رشفة الصادي)، والشبلنجي الشافعي في (نور الأبصار) ص105، والشيخ محمد الصبان في (إسعاف الراغبين) بهامش نور الأبصار ص118، والزرقاني في (شرح المواهب) ج7 ص7 كما في (مقدمة ينابيع المودة) الطبعة الثامنة.

                      17- تهذيب الأحكام، لشيخ الطائفة الطوسي، ج2/19و24، مطبعة النعمان – النجف.

                      18- المصدر السابق.

                      19- مستمسك العروة الوثقى ج5/20، وسائل الشيعة ج5/6.

                      20- تهذيب الأحكام ج2/28، وسائل الشيعة ج5/195، المستمسك ج5/31.

                      21- المستمسك ج5/21، وسائل الشيعة ج5/168.

                      22- تهذيب الأحكام ج2/25، المستمسك ج5/21، وسائل الشيعة ج5/133.

                      23- المستمسك ج5/22، وسائل الشيعة ج5/142.

                      24- وسائل الشيعة ج5/139.

                      25- المستمسك ج5/36، وسائل الشيعة ج5/214.

                      26- المستمسك ج5/36، وسائل الشيعة ج5/214.

                      27- المستمسك ج5/78، وسائل الشيعة ج5/222.

                      28- المصدران السابقان. والبحار ج82/345 نقلاً عن الذكرى.

                      29- الكافي للكليني ج3/287، وسائل الشيعة ج5/223.

                      30- علل الشرائع للصدوق ج2/321، باب علة الرخصة في الجمع بين الصلاتين، والوسائل ج5/225.

                      31- الكافي ج3/287، والوسائل ج5/227.

                      32- الخصال للصدوق، كما في (مستدرك الوسائل) ج5/227، والبحار ج82/333.

                      33- الوسائل ج5/227.

                      تعليق


                      • #41
                        ما يصح السجود عليه في الصلاة





                        1- مدرسة أهل البيت (عليهم السلام):

                        يجب أن يكون موضع الجبهة في الصلاة من الأرض أو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل ولا يلبس في الغالب, فلا يصح السجود على المعادن, والرماد, والقطن, والكتان والصوف, والجلود... ويجوز السجود على القرطاس.

                        2- فقهاء المذاهب الأربعة:

                        يجوزون السجود على كل شيء(1).

                        أدلة المدرسة الإمامية:


                        الدليل الأول:

                        أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله):

                        1- قال (صلى الله عليه وآله): (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)(2).

                        2- وقال (صلى الله عليه وآله): (جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا)(3).

                        3- وقال (صلى الله عليه وآله): (جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا, أينما أدركتني الصلاة صليت)(4).

                        4- وقال (صلى الله عليه وآله): (إن الله جعل الأرض مسجدا وطهورا أينما كنت أتيمم وأصلي عليها)(5).

                        5- وقال (صلى الله عليه وآله): (الأرض لك مسجدا فحيثما أدركت الصلاة فصل)(6).

                        6- وقال (صلى الله عليه وآله): (إذا سجدت فمكن جبهتك وأنفك من الأرض)(7).

                        7- عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه (نهى أن يسجد المصلي على ثوبه أو على كمه أو على كور عمامته)(8).


                        الدليل الثاني:

                        السنة العملية لرسول الله (صلى الله عليه وآله):

                        توافرت الأخبار الكثيرة الدالة على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان يسجد في حال الإختيار إلا على:

                        أ- الأرض.

                        ب- الخمرة.

                        ج- الحصير.

                        وندون هنا بعض النصوص الواردة في مصادر مدرسة الخلفاء:

                        1- عن أبي سعيد الخدري في حديث جاء فيه: (وكان سقف المسجد جريد النخل وما نرى في السماء شيئا فجاءت قزعة(9) فأمطرنا, فصلى النبي (صلى الله عليه وآله) حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرنبته)(10).

                        2- عن عائشة قالت وهي تتحدث عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وما رأيته يتقي على الأرض بشيء) تعني في السجود(11)...

                        3- عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسجد على الأرض واضعا جبهته وأنفه في سجوده)(12).

                        4- وعن وائل قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضع أنفه على الأرض إذا سجد مع جبهته)(13).

                        5- عن أنس بن مالك: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى على حصير)(14).

                        6- عن أنس: أن جدته مليكة دعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لطعام صنعته فأكل منه, ثم قال: قوموا فأصلي معكم, قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول مالبس, فنضحته بماء فقام عليه رسول الله...)(15).

                        7- عن أبي سعيد قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على حصير(16).

                        8- عن أبي سعيد الخدري أنه دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجده يصلي على حصير يسجد عليه(17).

                        9- عن أم سلمة: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلي على الخمرة)(18).

                        10- عن ابن عمر: (كان النبي (صلى الله عليه وآله) يصلي على الخمرة)(19).

                        11- عن عائشة: (أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يصلي على الخمرة)(20).

                        12- عن ميمونة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) قالت: (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي على الخمرة)(21).


                        معنى الخمرة:

                        1- قال ابن منظور في (لسان العرب):

                        (الخمرة: حصيرة أو سجادة صغيرة تنسج من سعف النخل وترمل بالخيوط, وقيل حصيرة أصغر من المصلى وقيل الحصير الصغير الذي يسجد عليه, وفي الحديث: (أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يسجد على الخمرة) وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج من سعف النخل.

                        قال الزجاج:

                        سميت خمرة لأنها تستر الوجه من الأرض وفي حديث أم سلمة: (ناوليني الخمرة). وهي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصيرة أو نسيجة خوص ونحوه من النبات. قال: ولا تكون خمرة إلا في هذا المقدار, وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها)(22).

                        2- وقال الفيروزابادي في(القاموس المحيط):

                        (الخمرة بالضم حصيرة صغيرة من السعف)(23).

                        3- وقال الزبيدي في(تاج العروس):

                        (وهي (أي الخمرة) حصيرة صغيرة تنسج من سعف النخل وترمل بالخيوط)(24).

                        4- ورد أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يصلي على الخمرة.

                        قالت ميمونة:

                        كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي على الخمرة(25).

                        والظاهر أن الخمرة لم تكن تختلف عن الحصير في المادة وإنما كانت تختلف عنه في الحجم(26)..

                        5- وجاء في هامش كتاب (البحار) للعلامة المجلسي: (الخمرة: حصيرة تعمل من سعف النخل وترمل بالخيوط, وكان أصل استعمالها خمرة أي سترة وغطاء لرأس الكوز والأواني, ولما كانت مما أنبتت الأرض وكانت سهلة التناول اتخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجدا لجبهته الشريفة فصارة السجدة على الأرض فريضة وعلى الخمرة سنة)(27).


                        الدليل الثالث:

                        أحاديث الأئمة من أهل البيت (عليه السلام) وسيرتهم العملية:

                        1- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس)(28).

                        2- وقال (عليه السلام): (السجود على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس)(29).

                        3- وقال (عليه السلام): (ولا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا المأكول والقطن والكتان)(30).

                        4- سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن السجود على الزفت (يعني القير) فقال: (لا, ولا على الثوب الكرسف, ولا على الصوف, ولا على شيء من الحيوان, ولا على طعام, ولا على شيء من ثمار الأرض, ولا على شيء من الرياش)(31).

                        5- وسأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الصلاة على البساط والشعر والطنافس فقال: (لا تسجد عليه, وإن قمت عليه وسجدت على الأرض فلا بأس, وإن بسطت عليه الحصير وسجدت على الحصير فلا بأس)(32).

                        6- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (دعا أبي بالخمرة فأبطأت عليه فأخذ كفا من حصى فجعله على البساط ثم سجد)(33).

                        7- وعن الإمام الصادق أو أبيه الإمام الباقر (عليهما السلام): (كان أبي يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة(34) ويسجد عليها, فإذا لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد عليها)(35).

                        8- وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): (عن الرجل يسجد وعليه العمامة لا يصيب وجه الأرض, قال: لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته إلى الأرض)(36).

                        9- وعن الإمام الصادق أو عن أبيه (عليهما السلام): (لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض فإذا كان من نبات فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه)(37).

                        10- وعن اسحاق بن الفضيل أنه سأل أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن السجود على الحصر والبواري فقال: (لا بأس وأن يسجد على الأرض أحب إلي, فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يحب أن يمكن جبهته من الأرض, فأنا أحب لك ما كان رسول الله يحبه)(38).


                        السجود على التربة الحسينية:

                        نحاول أن نحدد رؤيتنا حول السجود على التربة الحسينية من خلال النقاط التالية:

                        النقطة الأولى:

                        السجود على التربة الحسينية يمثل حالة من حالات السجود على الأرض, فإن كان إجماع المسلمين قائم على صحة السجود على الأرض وترابها, فلا نجد أي مبرر لاستثناء هذه التربة, ما يطرح من تصورات لتبرير هذا الاستثناء لا يحمل صيغة علمية مقبولة.

                        النقطة الثانية:

                        الإشكالية التي تثار حول السجود على التربة الحسينية باعتباره لونا من ألوان السجود لغير الله تعالى إشكالية واهية لأن السجود له صيغتان:

                        - السجود للشيء.

                        - السجود على الشيء.

                        والفارق كبير بين الحالتين إذ تمثل الحالة الأولى لونا من ألوان الشرك إذا كان المسجود له غير الله تعالى...

                        والشيعة حينما يضعون جباههم في الصلاة على هذه التربة لا يعبرون عن الحالة الأولى, وإنما يعبرون عن الحالة الثانية وسجودهم خالص لله وحده لا شريك له.

                        وفتاوى فقهاء الشيعة صريحة في حرمة السجود لغير الله تعالى..

                        قال السيد اليزدي في(العروة الوثقى): (يحرم السجود لغير الله تعالى فإنه غاية الخضوع فيختص بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة)(39).

                        وقال السيد الخوئي في(منهاج الصالحين): (يحرم السجود لغير الله تعالى من دون فرق بين المعصومين وغيرهم)(40).

                        فالشيعة يجسدون في حالات السجود قمة العبودية والخشوع والتذلل لله تعالى, تبرهن على ذلك تلك الألوان من الأدعية التي يرددونها في سجداتهم الذائبة مع الله تعالى كما أدبهم أئمتهم الطاهرون من أهل البيت (عليهم السلام).

                        فمن أدعية السجود وأذكاره التي تعلمها الشيعة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام):

                        1- (سبحان ربي الأعلى وبحمده)(41).

                        2- (لا إله إلا الله حقا حقا, لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا, لا إله إلا الله عبودية ورقا, سجدت لك يا رب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا, بل أنا عبد ذليل خائف مستجير)(42).

                        3- (اللهم لك سجدت, وبك آمنت, ولك أسلمت عليك توكلت, وأنت ربي, سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره, والحمد لله رب العالمين, تبارك الله أحسن الخالقين)(43).

                        النقطة الثالثة:

                        ربما يقال إن الشيعة يمارسون بعض حالات التقديس للتربة الحسينية كالتقبيل والعناية والاحترام وهذا يثير الشك والريبة في طبيعة هذا التعامل.

                        ونجيب:

                        أولا: هذه الحالات لا تمثل ممارسات غير مشروعة, وإلا فالمسلمون قاطبة يمارسون الاحترام والعناية والتقبيل للقرآن والكعبة والحجر الأسود, فهل يقال بأنهم يعبدون القرآن والكعبة والحجر الأسود؟

                        ثانيا: الشيعة حينما يقبلون التربة إنما يجسدون العشق والحب لسبط الرسول (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام).

                        ثالثا: الشيعة يقتدون بسيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) فهو أول من قبل هذه التربة الطاهرة كما أكدت ذلك عدة من الأخبار:

                        1- روى الحاكم النيسابوري, عن أم سلمة (رضي الله عنها) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر, ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ وهو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها, فقلت له ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبريل (عليه السلام) أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين, فقلت أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها...

                        (ثم قال الحاكم): (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (البخاري ومسلم) ولم يخرجاه)(44).

                        2- وروى أحمد بن حنبل, عن أم سلمة أو عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها فقال لي أن ابنك هذا حسينا مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل به, قال: فأخرج تربة حمراء)(45).

                        3- وروى الحافظ الهيثمي, عن الإمام علي (عليه السلام) قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان, قلت: يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان, قال: بل قام من عندي جبريل (عليه السلام) فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات, قال: فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم, قال: فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها, فلم أملك عيني أن فاضتا(46).

                        4- القندوزي في ينابيع المودة بالإسناد الى أم الفضل بنت الحارث قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا, فقلت: هذا؟ قال: نعم وأتاني بتربة حمراء(47).

                        5- وروى السيوطي في (الخصائص الكبرى) في باب إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) بقتل الحسين (عليه السلام) ما يناهز العشرين حديثا عن أكبر الثقات من رواة علماء السنة ومشاهيرهم كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم واضرابهم عن أم سلمة وأم الفضل وعائشة وابن عباس وأنس صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخادمه الخاص كلها مؤكد خبر الترة التي نزل بها جبريل على رسول الله (صلى الله عليه وآله).

                        6- السيوطي في الفتح الكبير, بالإسناد إلى أم الفضل بنت الحارث, قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرائيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا يعني الحسين وأتاني بتربة من تربته حمراء(49).

                        7- ابن حجر في الصواعق المحرقة, بالإسناد إلى عائشة, قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه(50).

                        8- ابن المغازلي الشافعي في المناقب, بالإسناد إلى أم سلمة, قالت: كان جبرائيل عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحسين معي, فبكى فتركته فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقمت فأخذته فتكى فتركته فدخل إلى النبي (صلى الله عليه وآله), فقال جبرائيل: أتحبه يا محمد؟ قال: نعم, قال:

                        إن أمتك ستقتله, وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها. وبسط جناحه إلى الأرض التي يقتل بها فأرانا إياه, فإذا الأرض يقال لها كربلاء(51).

                        9- ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة بالإسناد إلى أم الفضل بنت العباس أنها دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله), فقالت: يا رسول الله رأيت البارحة حلما منكرا, فقال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت فوضعت في حجري, فقال (صلى الله عليه وآله): خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك, فولدت فاطمة الحسين, قالت: فكان في حجري كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله), فدخلت به عليه فوضعته في حجره, ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله تدمعان, فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما بك تبكي؟ قال: أتاني جبرائيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا أتاني منه بتربة حمراء(52).

                        10- الطبري في ذخائر العقبى, بالإسناد إلى مالك بن أنس, قال: استأذن ملك القطر ربه أن يزور رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأذن له وكان في يوم أم سلمة, فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة احفظي علينا الباب, لا يدخل أحد فبينا هي على الباب إذ دخل الحسين بن علي طفر فاقتحم فدخل فوثب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلثمه ويقبله, فقال له الملك: أتحبه؟ قال: نعم, قال: إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل به فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها, قال: كنا نقول إنها كربلاء(53).

                        النقطة الرابعة:

                        الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يؤكدون مسألة السجود لعى التربة الحسينية:

                        1- كان الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) أول من سجد على التربة الحسينية(54).

                        2- وكان للإمام الصادق (عليه السلام) خريطة من ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام), فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليها(55).

                        3- وروى الحر العاملي في الوسائل عن الديلمي قال: كان الصادق (عليه السلام) لا يسجد إلا على تربة الحسين (عليه السلام) تذللا لله واستكانة إليه(56).

                        4- وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (السجود على طين قبر الحسين (عليه السلام) ينور إلى الأرضين السبعة ومن كانت معه سبحته من طين قبر الحسين (عليه السلام) كتب مسبحا وإن لم يسبح)(57).

                        5- وعنه (عليه السلام) قال: (إن السجود على تربة أبي عبد الله (عليه السلام) يخرق الحجب السبع)(58).

                        6- وكتب محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الإمام الثاني عشر يسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسين (عليه السلام) هل فيه الفضل.

                        فأجابه (عليه السلام): يجوز ذلك وفيه الفضل.

                        النقطة الخامسة:

                        الدلالات الكبيرة للسجود على التربة الحسينية:

                        1- الدلالة العقائدية:

                        فعلى هذه التربة أريقت أزكى الدماء الطاهرة دفاعا عن العقيدة والمبدأ والرسالة, فالسجود عليها يمثل حالة التعاطي والتفاعل مع العمق العقائدي الذي تختزنه هذه التربة في داخلها, وتحتضنه بين ذراتها وتحمله مع أريجها العابق بالطهر والقداسة فمن خلال هذا السجود يتجذر الانتماء الإيماني وتتأصل حالة الخشوع والتذلل لله تعالى..

                        2- الدلالة الروحية:

                        إن هذه التربة شهدت أقدس ثورة مناقبية, احتضنت قيم الرسالة وأخلاقية الإسلام وروحية المبدأ وشهدت أنقى حالات الحب والانقطاع إلى الله تعالى وأصدق معاني الفناء في ذات الله, فالسجود على هذه التربة يجسد حالات الانفتاح على آفاق القيم والمثل التي صاغتها تلك التضحيات الكبيرة في طريق الحب الإلهي العظيم... فالذرات التي ترقد بين حنايا تربة الحسين تمثل نبضا حيا تتحرك من خلاله كل المثل الرسالية وتتماوج على أصدائه كل المعاني الإيمانية, وتنسكب مع عبقاته كل القيم الروحية.

                        فليس غريبا أن يجد الإنسان المؤمن نشوة روحية تشده إلى أجواء الطهر والقداسة والإيمان حينما يتعاطى مع هذه التربة التي تحمل بين حناياها روح الحسين الشهيد.

                        ولا تنفتح هذه الآفاق الإيمانية والروحية إلا لأولئك الذين عاشوا الانفتاح على حب الحسين (عليه السلام) وذابت أرواحهم ومشاعرهم في مأساة الحسين وتأصلت في نفوسهم أهداف الحسين.

                        3- الدلالة التاريخية:

                        التربة الحسينية هي الوثيقة التاريخية الحية التي تحمل شواهد الجريمة التي نفذها نظام الحكم الأموي في يوم عاشوراء, وإذا كانت الأجهزة الظالمة عبر التاريخ قد مارست أساليب المصادرة لقضية كربلاء, فإن الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) رسخوا في وعي الأمة وفي وجدان الأجيال حالة التعاطي والارتباط بقضية الحسين (عليه السلام) من خلال الإحياء والرثاء والبكاء والزيارة... وفي هذا المسار تأتي مسألة التأكيد على التربة الحسينية لإبقاء القضية حية نابضة في ضمير الأمة وتبقى الذكرى متجذرة في عمق المسيرة التاريخية لحركة الجماهير وفي حاضرها وفي كل طموحاتها المستقبلية.

                        4- الدلالة الجهادية والثورية:

                        بمقدار ما تعيش قضية الحسين (عليه السلام) في وجدان الأمة تتحدد قوة الدفع الجهادي والثوري في حركتها وفي مسيرتها فقضية كربلاء أعادت للأمة أصالتها الجهادية وأيقظت في داخلها حسها الثوري.

                        وقد حافظ الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) على الوهج الجهادي والثوري لقضية الحسين (عليه السلام) وصاغوا حالة التفاعل الدائم مع الثورة الحسينية في منطلقاتها وأهدافها ومعطياتها.

                        والتربة الحسينية إحدى صيغ التجذير للوهج الثوري والجهادي في حس الجماهير المسلمة, فالتعامل مع هذه التربة ليس تعاملا مع كتلة ترابية جامدة وإنما هو تعامل مع مزيج متحرك من مفاهيم الثورة وقيم الجهاد, ومضامين الشهادة, فمع كل ذرة من ذرات هذه التربة صرخة جهادية ونداء ثوري, ومفهوم استشهادي, لا يقوى الزمن بكل امتداداته, ولا تقوى الأجهزة المتسلطة بكل إمكاناتها أن تجمد تلك الدلالات, فالتربة الحسينية ثورة وجهاد وحركة واستشهاد.


                        الهوامش:

                        1- مغنية: الفقه على المذاهب الخمسة ص100/ط بيروت.

                        2- صحيح البخاري ج1/209/ط بيروت.

                        3- صحيح مسلم ج1/371/ط بيروت.

                        4- وسائل الشيعة ج3/423/ط طهران.

                        5- البحار ج3/277/ط طهران.

                        6- السجود على الأرض ص48/ط ايران.

                        7- نفس المصدر السابق.

                        8- البحار ج85/156/ط طهران.

                        9- قزعة: قطع من السحاب المتفرقة في السماء- المعجم المدرسي ص852.

                        10- صحيح البخاري ج2 ص386/ط بيروت.

                        11- مسند أحمد ج6 ص58/ط بيروت.

                        12- مسند أحمد ج4 ص317/ ط بيروت.

                        13- مسند أحمد ج3/179/ ط بيروت.

                        14- صحيح بخاري ج1/231/ ط بيروت.

                        15- صحيح مسلم ج / 457/ ط بيروت.

                        16- سنن اين ماجه ج1/ 328/ ط بيروت.

                        17- صحيح مسلم ج1/ 458/ ط بيروت.

                        18- صحيح البخاري ج1/ 231/ ط بيروت.

                        19- صحيح الترمذي ج2/ 151/ ط بيروت.

                        20- نفس المصدر السابق.

                        21- سنن ابن ماجة ج1/ 328/ ط بيروت.

                        22- ابن منظور: لسان العرب ج4/ 258(مادة خمر).

                        23- الفيروزابادي: القاموس المحيط ص495(مادة خمر).

                        24- الزبيدي: تاج العروس ج3/ 188(مادة الخمر).

                        25- صحيح بخاري ج1 ص80 باب21/ ط بيروت. ابن العربي: شرح صحيح الترمذي ج2 ص126/ ط بيروت. صحيح مسلم ج1 ص458 ح270/ ط بيروت.

                        26- الأحمدي: السجود على الأرض ص85, 86/ ط دار التبليغ الإسلامي.

                        27- هامش بحار الأنوار ج76/ 136/ ط طهران.

                        28- وسائل الشيعة ج3/ 591, 592, 594/ ط طهران.

                        29- نفس المصدر السابق.

                        30- نفس المصدر السابق.

                        31- نفس المصدر السابق.

                        32- نفس المصدر السابق.

                        33- نفس المصدر السابق.

                        34- الطنفسة: البسط والثياب والحصير- القاموس المحيط ج2 ص235/ ط بيروت.

                        35- الكافي ج3 ص332/ ط طهران.

                        36- المصدر نفسه ج3 ص334.

                        37- الكافي ج3/ 331/ ط طهران.

                        38- الوسائل ج3/ 609/ ط طهران.

                        39- العروة الوثقى ج1/ 534 مسألة24/ ط طهران.

                        40- منهاج الصالحين ج1/ 179 مسألة659/ ط الكويت.

                        41- الكليني: الكافي ج3 ص311 ح8/ ط ايران.

                        42- المصدر نفسه ج3 ص327 ح21.

                        43- المصدر نفسه ج3 ص321 ح1.

                        44- الحاكم النيسابوري: المستدرك ج4 ص398/ ط بيروت.

                        45- أحمد بن حنبل: المسند ج6 ص294/ ط بيروت.

                        46- الهيثمي: مجمع الزوائد ج9 ص190/ ط بيروت.

                        47- القندوزي: ينابيع المودة ج2 ص382/ ط النجف.

                        48- السيوطي: الخصائص الكبرى ج2 ص125/ ط بيروت.

                        49- السيوطي: الفتح الكبير ج1 ص22/ ط مصر.

                        50- ابن حجر: الصواعق المحرقة ص192/ ط القاهرة.

                        51- ابن المغازلي الشافعي: المناقب ص7 ح117/ ط بيروت.

                        52- ابن الصباغ المالكي: الفضول المهمة ص170/ ط بيروت.

                        53- الطبري: ذخائر العقبى ص147/ ط القاهرة.

                        54- روح التشيع ص455/ ط بيروت.

                        55- المجلسي: البحار ج85 ص153 ح14 باب28/ ط إيران.

                        56- العاملي: الوسائل ج3 ص608/ ط طهران.

                        57- وسائل الشيعة ج3/ 607, 608/ ط طهران.

                        58- نفس المصدر السابق.

                        59- نفس المصدر السابق.

                        تعليق


                        • #42
                          كيفية الصلاة على النبي وآله (صلى الله عليه و آله) في السنة النبوية



                          الشيخ عبداللطيف البغدادي



                          تواتر الأحاديث، ومن رواها

                          استفاضت الأحاديث، وتواترت تواترا قطعيا، لا يعتريه شك ولا ريب عند كل منصف وغير منصف في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) وفي جميعها اقتران آله معه في الصلاة عليه (صلى الله عليه و آله).

                          وقد رواها أئمة المذاهب، وأصحاب الصحاح، والسنن، والمسانيد والتفاسير، والتاريخ، كما روتها كتب المناقب والفضائل، من طرق أهل السنة فضلا عن الشيعة، عن جملة من القرابة، والصحابة، وعن أمة كبيرة من التابعين وتابعي التابعين. وإليك تلك الأحاديث بنصوصها ومسانيدها، ومصادرها، ونبدأ بأحاديث (كعب بن عجرة (رضي الله عنه)) ومن رواها عنه ممن وقفنا عليه.




                          أولاً- أحاديث كعب بن عجرة (رضي الله عنه) ومصادرها

                          1- روى أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي إمام الشافعية، المتوفى سنة (204)هـ في (مسنده) ج2 ص97 ط السعادة بمصر، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد: حدثني سعد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله) إنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          ورواه الإمام الشافعي أيضا في كتابه (ألام) ج1 ص102 ط الأولى بمصر سنة 1321هـ عن كعب مثله.


                          2- روى أحمد بن حنبل إمام الحنابلة المتوفى سنة (240) هـ في مسنده ط مصر سنة (1303) هـ ج4 ص241 قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي(1)، حدثنا: عبد الرزاق، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، أن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.


                          3- وفي مسند أحمد أيضا ج4 ص241: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى ابن سعيد عن شعبة، قال: حدثني الحكم، عن ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة، قال ابن جعفر: ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلنا: يا رسول الله قد علمنا، أو عرفنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: (الحديث كما تقدم) وقريب من هذا الحديث في متنه وسنده رواه شيخنا الصدوق في (الأمالي) مجلس 61 ص232 ط الحكمة بقم. ورواه أحمد بسند آخر ص242 عن كعب بن عجرة إنه قال: (وذكر الحديث) المتقدم، برقم 3.

                          وروى أيضا بسند آخر ج4ص243 قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي ثنا عبدة بن سليمان، ثنا مصعب، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: إن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله أنا قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة؟ قال: فعلمه أن يقول: (إلى آخر ما تقدم برقم 2).


                          4- وروى أحمد في المسند ج4 ص244 قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي ثنا محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب قال: لما نزلت ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ[ قالوا: كيف نصلي عليك يا نبي الله؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.


                          5- روى الحافظ البخاري (المتوفى سنة 256هـ) في (صحيحه) ج6 ص120 ط مصر المأخوذ من الأميرية، وص539 ط الهند سنة 1271هـ، مجلد واحد كبير، في كتاب التفسير، باب قوله: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ] قال: حدثني سعيد بن يحيى، حدثني أبي، حدثنا مسعر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة (رضي الله عنه): قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على أل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          وروى البخاري أيضا في (صحيحه) كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) ج8 ص77 ط الأميرية بمصر، وص723 ط الهند، قال: حدثنا آدم، قال حدثنا شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي إليك هدية (إلى آخر ما تقدم برقم3و2).

                          وروى البخاري أيضا في (تاريخه الكبير) ج2، القسم الأول ص251 ط حيدر آباد الدكن عن كعب…الخ.

                          وروى مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى سنة 261هـ في صحيحه ط دار الكتب العربية بمصر سنة 1327هـ في ج1 كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) بعد التشهد ص161 قال: حدثنا محمد بن مثنى، ومحمد بن بشار، واللفظ لابن مثنى، قالا: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال: إلا اهدي لك هدية، (وذكر الحديث كما تقدم برقم (2و3) الذي رواه أحمد والبخاري، ورواه مسلم أيضا بسند أخر مثله، كما رواه بسند ثالث مثله، وفيهما تغيير يسير.

                          وروى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى سنة 279 في (صحيحة الجامع) ج1 ص65 - ص66 باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) قال: حدثنا محمود بن غيلان (وساق سنده إلى كعب بن عجرة) قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف الصلاة عليك؟ (الحديث كما تقدم برقم 2،3).

                          ثم قال الترمذي: وفي الباب عن على، وأبى حميد، وأبي مسعود، وطلحة، وأبي سعيد، وبريدة، وزيد بن خارجة، ويقال ابن جارية، وأبي هريرة، ثم قال حديث كعب بن عجرة حديث حسن صحيح، وعبد الرحمن بن أبي ليلى كنيته أبو عيسى، وأبو ليلى أسمه يسار.


                          6- وروى أبو داوُد السجستاني المتوفى سنة 275 ه في (صحيحة، السنن) ط حيدر آباد الدكن ج1 ص98 باب الصلاة على النبي بعد التشهد ، قال: حدثنا جعفر بن عمر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن أبن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: قلنا، أو قالوا: يا رسول الله أمرتنا أن نصلي عليك، وأن نسلم عليك، فأما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. قال أبو داوُد: حديث آخر فيه: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          ثم قال: حدثنا محمد بن العلا، ثنا ابن بشر، عن مسعر، عن الحكم بإسناده بهذا، قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الحديث.

                          روى محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة المتوفى سنة 273هـ في (سننه) وهو أحد الصحاح الستة، ط العلمية سنة 1313هـ كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) ص151 قال: حدثنا محمد بن علي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية (إلى آخر الحديث المتقدم برقم 3) وروى الحافظ أحمد بن شعيب النسائي النيسابوري المتوفى سنة (303هـ) في (سننه) وهو أحد الصحاح الستة، ط مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1383هـ ج3 ص39 باب الأمر بالصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) قال: أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار من كتابه قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سليمان، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: قلنا: يا رسول الله (إلى آخر الحديث المتقدم برقم5). ثم روى أيضا فقال: أخبرنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا حسين بن زائدة، عن سليمان، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: قلنا (إلى آخر الحديث المتقدم برقم 4).

                          ثم روى أيضا فقال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: حدثنا عبد الله عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى، قال: قال لي: كعب بن عجرة: ألا أهدي إليك هدية. (إلى آخر الحديث المتقدم برقم 3).

                          وروى الحافظ أبو داود الطيالسي في (مسنده) المتوفى سنة(204هـ)، وكان من أبناء الثمانين وهو أول من صنف في المسانيد من أهل السنة ط دائرة المعارف النظامية حيدر آباد الدكن سنة(1321هـ) ج4 ص142 رقم الحديث، 1061، قال أبو داود: حدثنا شعبة، قال: أخبرنا الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي إليك هدية. (إلى آخر الحديث المتقدم برقم 2و3).

                          وروى الحافظ الدرامي في (سننه) ج1 ص309 ط دمشق عن أبي داود الطيالسي بعين ما تقدم في مسنده سندا ومتنا، إلا إنه أسقط كلمة آل، قبل إبراهيم في كلا الموضعين. (راجع رقم2و3).

                          وروى عبد الله بن علي ابن الجارود النيسابوري المتوفى سنة(307هـ) في (المنتقى) ط السيد عبد الله اليماني بالقاهرة ص80 قال: حدثنا عبد الله بن هاشم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة. (إلى آخر السند والحديث راجع رقم 2و3).

                          كما روى في (المنتقى أيضا حديثا آخر بسند آخر ص189 بعين ما تقدم عن البخاري برقم 5).

                          وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ) في تفسيره (جامع البيان) ج22 ص43 ط الحلبي بمصر قال: حدثني جعفر بن محمد الكوفي، قال: حدثنا يعلى بن الأجلح، عن الحكم بن عتبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت الآية ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ قمت إليه فقلت: السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: قل: (إلى آخر ما تقدم برقم4).

                          وروى الدينوري الشهير بابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص26 ط حيدر آباد، قال: أخبرنا أبو خليفة، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي إليك هدية (إلى آخر ما تقدم برقم 2و3 بتغيير يسير).

                          وروى القاضي عياض في (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) ج2 ص60 ط الا‎‎ستانة قال: وفي رواية كعب بن عجرة: اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.


                          7- ثم قال: وفي حديثه (أي كعب): اللهم صل على النبي الأمي وعلى آل محمد.


                          8- وروى الحاكم في (المستدرك) ج3 ص148 ط حيدر آباد الدكن، المتوفى سنة(405هـ) بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي إليك هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه و آله) قلت: بلى، فأهداها إليَ، قال: سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          قال الحاكم: وقد روى هذا الحديث بإسناده… البخاري…في الجامع الصحيح، وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت، والآل جميعا هم. وروى الحافظ علي بن محمد بن حزم الأندلسي في (المحلى) ج4 ص135 ط القاهرة بإسناده عن مسلم، كما تقدم في صحيحه سندا ومتنا، (راجع رقم 2،3) وروى الحافظ البغوي في (مصابيح السنة) ط الخيرية، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) وفضلها ج1 ص41 قال : من الصحاح (أي صحاح الأحاديث) عن كعب بن عجرة قال : سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت (إلى أخر ما تقدم عن الحاكم بالرقم8). وروى الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في كتابه (أخبار اصبهان) ج1 ص130 ط ليدن بسنده كما تقدم عن كعب برقم 2،3.

                          روى الحافظ الخطيب البغدادي في (موضح أوهام الجمع والتفريق) ج2 ص468 ط حيدر أباد، بسنده عن كعب كما تقدم برقم3.

                          كما روى الحافظ المذكور في (تاريخ بغداد) ج6 ص216 ط السعادة بمصر بسنده عن كعب كما تقدم، إلا إنه اسقط كلمة، آل إبراهيم في كلا الموضعين.

                          روى أبو نعيم الاصبهاني في (حلية الأولياء) بسنده عن كعب الحديث المرقم3. وروى الحافظ عبد الكريم الرافعي في (التدوين) ج1 ص 70 النسخة الفوتغرافية في كلية طهران بسنده عن كعب كما تقدم رقم 3 ببعض التغيير.

                          رواه بسند أخر عن أبيه محمد بن عبد الكريم، وقال: والحديث مخرج في الصحيحين.

                          وروى الحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) ط حيدر أباد بسنده من طرق عديدة ج 2 ص 147- ص 148 عن الصحيحين، عن كعب بن عجرة، كما روى الحديث الذي تقدم برقم (1) عن الإمام الشافعي في كتابيه (المسند) والأم.

                          وروى العلامة محمد بن مسعود الكازروني في (المنتقى في سيرة المصطفى (صلى الله عليه و آله)) ص 190 قال: وفي رواية كعب بن عجرة: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم أنك حميد مجيد. (تقدم الحديث برقم 6 عن سنن أبي داوُد) وروى العلامة الساعاتي في (بدائع المنن) ج 1 ص 92 ط القاهرة. (كما تقدم برقم 6 ولكنه زاد كلمة: على، بين محمد وآل محمد في الموضع الأول).

                          وروى العلامة محمد بن عبد الرحمن النميري المغربي في (الأعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ط حلب أحاديث كعب بن عجرة بأسانيده وهي ستة وعشرون سندا من ص5 - ص12.

                          وروى العلامة الطحاوي في (مشكل الآثار) ج3 ص71 ط حيدر أباد الدكن من أربعة طرق عن كعب.

                          وروى الحافظ البغوي في تفسيره (معالم التنزيل) ج5 ص225 ط القاهرة، في تفسير آية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) بسنده عن كعب كما تقدم برقم 3 وروى العلامة شمس الدين السخاوي في (القول البديع) ط حلب ص25 وص27 بأسانيده بإسقاط كلمة على بين محمد وآل محمد في الموضع الأول، وعن مصادر عديدة.

                          وروى العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) ص69 ط مكتبة الظاهرة بدمشق عن كعب من طرق عديدة.

                          وروى العلامة الثعلبي في تفسيره (الكشف والبيان) بإسناده عن كعب، وأسقط كلمة على بين محمد وآل محمد وبين إبراهيم وآل إبراهيم في الموضعين. وروى محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) ط مكتبة القدسي في القاهرة ص19 كما تقدم عن الحاكم برقم 8.

                          وروى العلامة ابن تيمية الحراني الحنبلي في (منهاج السنة) ج4 ص65 ط القاهرة نقلاً عن الصحيحين البخاري ومسلم، ثم قال: لا ريب أن هذا الحديث صحيح متفق عليه، وأن علياً من آل محمد الداخلين في قوله: اللهم صلى محمد وآل محمد …الخ.

                          وروى العلامة ابن عساكر في (التاريخ) على ما في منتخبه ج4 ص450 ط روضة الشام عن كعب.

                          وروى العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) ج9 ص244 ط مصر عن البيهقي والخلعي، ومن عدة طرق.

                          وروى العلامة الشيخ إبراهيم الحمويني في (فرائد السمطين) ص22 ط النعمان النجف نسخة طهران بإسناده عن كعب كما تقدم برقم4، وإنه (صلى الله عليه و آله) قال لهم: قولوا: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك …الخ.

                          وروى العلامة جمال الدين الزرندي في (نظم درر السمطين) ص45 نقلا عن البخاري ومسلم في الصحيحين عن كعب (إلى أخر ما تقدم عنهما) وروى العلامة إسماعيل بن كثير الدمشقي في تفسيره ج3 ص507 عن مصادر عديدة كالبخاري، ومسلم، وأحمد بن حنبل، والترمذي، ومنهم ابن أبي حاتم رواه بسنده عن كعب.

                          كما روى الحديث نقلاً عن الصحيحين في تاريخه (البداية والنهاية) ج1 ص172 ط مصر.

                          وروى العلامة العسقلاني في (فتح الباري) ج8 ص432 ط مصر قال: أخرجه (أي حديث الصلوات) ابن مردويه وذكره بسنده وطريقه، كما رواه عن الترمذي بسنده.

                          كما روى العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) ج7 ص365 حديث كعب عن ابن مردويه والترمذي وغيرهما، ورواه في ج5 ص428 عن الصحاح. وقال: في ج5 ص428: وعن البخاري في الدعوات والتفسير، ومسلم في الصلاة، وكذا أبي داوُد، والترمذي والنسائي وابن ماجة.

                          وروى الحديث العلامة بدر الدين العيني في (عمدة القارئ) ج15 ص264 ط المنيرية بمصر، قال أخرجه البخاري أيضا في الدعوات عن آدم، وفي التفسير عن سعد بن يحيى، وأخرجه مسلم في الصلاة ….وأخرجه أبو داوُد ….وأخرجه الترمذي ….وأخرجه النسائي ….وأخرجه ابن ماجة …الخ.

                          وروى العلامة علاء الدين الشهير بالخازن في (تفسيره) ج5 ص225 عن كعب، واسقط كلمة على بين محمد وآل محمد في الموضع الأول ط القاهرة.

                          وروى العلامة أبو الفرج الجوزي في (زاد المسير في علم التفسير) ج6 ص418 ط المكتب الإسلامي بدمشق وروى العلامة الواحدي النيسابوري في (أسباب النزول) ط دار الكتاب الجديد تحقيق احمد صفر ص380 بسنده، عن كعب، ونقل المحقق الحديث في الحاشية عن تفسير السيوطي، والبغوي، والطبري، وابن كثير، والقرطبي. وروى الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المالكي المتوفى سنة (542هـ) في كتابه (أحكام القرآن) ط السعادة بمصر، عن كعب كما تقدم برقم3.

                          وروى العلامة محمد بن احمد القرطبي المتوفى سنة (671هـ) في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ج14 ص233-ص234 ط القاهرة سنة 357هـ روى عدة روايات ومنها رواية عن كعب.

                          وروى العلامة محي الدين النووي في كتابه (رياض الصالحين) ص455 ط مصر عن كعب ما تقدم برقم 3.

                          وروى السيد عطاء الله الدشتكي في (روضة الأحباب) ص641 مخطوط في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) ما صح عن كعب عن مصادر عديدة.

                          وروى العلامة السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ط الإسلامية بالافست ج5 ص215 قال: وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت [إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ] الآية الخ. ثم روى السيوطي في تفسيره ص 216 فقال: وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبه، واحمد وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن مردويه عن كعب بن عجرة إنه قال: قال: رجل: يا رسول الله، إلى أخر الحديث المتقدم برقم 2 كما أخرج الحديث المتقدم عن ابن جرير الطبري عن كعب في نزول الآية.

                          وروى السيوطي في كتابه (الجامع الصغير) ط مصر، ص212 ما تقدم برقم3 واسقط كلمة على بين إبراهيم وآل إبراهيم في الموضع الثاني.

                          وروى عفيف الدين اليافعي في (الإرشاد والتطريز) ط القاهرة ص236 عن الصحيحين بما تقدم.

                          وروى العلامة ابن قيم الجوزية في (إعلام الموقعين) ط السعادة بالقاهرة ج4 ص309 ما تقدم عن البخاري.

                          وروى العلامة احمد بن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) ص87 روايتين عن كعب، وقد تقدم مارواه.

                          وروى ابن حجر أيضا في كتابه (الدر المنضود) مخطوط ص12 عن طريق البيهقي عن الإمام الشافعي عن كعب: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يقول في الصلاة : اللهم صل على محمد وآل محمد.

                          وفي ص15 روى الحديث عن كعب بما تقدم برقم3.

                          وروى القاضي يوسف بن موسى الحنفي في (المعتصر) من (المختصر) للقاضي أبي الوليد الباجي ط حيدر أباد ص54 ج1 عن كعب بما تقدم برقم 3.

                          وروى المولى الشيخ محمد القاضي في (شرح الأربعين) ط الأستانة ص110 حديثين عن كعب، عن الصحيحين وغيرهما.

                          وروى المحدث السيد إبراهيم نقيب مصر في (البيان والتعريف) ط حلب ج2 ص134 عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد، إلى أخر الحديث المرقم6.

                          وروى العلامة محمد صالح الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) ط بمبي، محمدي ص45 عن كعب قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد الخ وروى العلامة الشوكاني في (فتح القدير) ط مصر ج4 ص293 عن كعب من عدة مصادر.

                          وروى العلامة الالوسي في تفسيره (روح المعاني) ط المنيرية بمصر عن مصادر عدة ج22 ص72 عن كعب.

                          وروى العلامة أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي) ط الإعلامية بمصر ص24 وص29 الحديث ألا أهدي إليك الخ.

                          وروى السيد علوي بن طاهر الهدار في (القول الفصل فيما لبنى هاشم وقريش والعرب من الفضل) ط ارشيفل ج2 ص272 بعد كلام له وروايات ثم ساق الرواية عن كعب، في نزول الآية بأهل البيت عليهم السلام.

                          وروى العلامة تقي الدين السبكى في (الطبقات الشافعية الكبرى) ص القاهرة ج1 ص 95 بثلاثة مسانيد.

                          وروى العلامة محمد بن علي الشوكاني في (نيل الأوطار) ج2 ص183 قال: وعن كعب بن عجرة قال: قلنا، الحديث، ثم قال الشوكاني: قوله في الحديث. وعلى آل محمد في رواية لأبي داود بحذف على الخ. وروى العارف بن الشيخ نصر بن محمد السمرقندي في (تنبيه الغافلين) ط القاهرة ص148 عن كعب بن عجرة.

                          وروى الشيخ شهاب الدين النويري في (نهاية الأرب) ج5 ص308 ط القاهرة عن كعب.

                          وروى السيد خواجه مير المحمدي الحنفي في (علم الكتاب) ط دلهي ص264 عن كعب.

                          وروى العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) حديث كعب عن مصادر عديدة ص192 وص295.

                          وروى السيد حسن خان الحسيني في (فتح الباري) ج 7 ص313 ط بولاق الحديث عن كعب من مصادر عديدة .

                          وروى الشيخ عبد الله الشافعي في (مناقبه) ص70 مخطوط أشار إلى حديث كعب .

                          وروى الشيخ يوسف النبهاني في (الفتح الكبير) ج2 ص302 ط مصر، عن كعب وروى العلامة الالوسي في (غرائب الاغتراب) ط الشابندر، ص112 حديث كعب عن مصادر عديدة.

                          كما رواه في كتابه (الأنوار المحمدية) ط بيروت ص423 أيضا عن مصادر عديدة من الصحاح والسنن.

                          كما رواه أيضا في (منتخب الصحيحين) ط التقدم ص129.

                          ورواه العلامة ابن بديع الشيباني في (تيسير الوصول) ط نول كشور ص233 من ج1 عن خمسة من الصحاح.

                          ورواه العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي في (أرجح المطالب) ط لاهور ص81 عن الصحيحين كما رواه ص317، وفي ج3 ص228، وفي ج5 ص81 ط الميمنية بمصر ورواه العلامة ابن حمزة الحسيني في (البيان والتعريف) ج2 ص134 ط حلب عن أحمد وعن الصحاح الخمسة.

                          ورواه العلامة الزبيدي الحنفي في (الإتحاف) ط اليمينية ج3 ص78، وأشار إليه ص101 وقال: متفق عليه ورواه الدار قطني، وابن حيان..الخ.

                          ورواه أحمد مصطفى المراغي في (تفسيره) ج22 ص34 ط الثانية، نقل حديث كعب عن البخاري. وأشار إلى حديث كعب نقلا عن البخاري والترمذي محمد عزة دروزة في (التفسير الحديث) ط دار إحياء الكتب العربية ج8 ص286.

                          وروى شيخنا الطبرسي في ( تفسيره مجمع البيان) ج4 ص369 وقال: قال أبو حمزة الثمالي: حدثني السدي، وحميد بن سعد الانصاري، ونصير بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال:


                          9- قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          وأشار إلى حديث كعب، وغيره محمد جواد مغنية في تفسيره (التفسير الكاشف) ج6 ص237 نقلا عن البخاري، والطبري، والرازي، والمراغي وغيرهم وروى حديث كعب المحقق أبو عبد الله المقداد السيوري الحلي في (كنز العرفان في فقه القرآن) ط النجف ج1 ص106 بالنص الذي تقدم برقم9 عن الطبرسي بحذف السند.

                          كما ورواه العلامة الجواد الكاظمي في (مسالك الإفهام) إلى آيات الأحكام ط طهران حيدري ج1 ص204 نقلا عن (مجمع البيان) سندا ومتنا كما تقدم برقم9 .وروى أيضا ص207 عن كعب الحديث الذي تقدم برقم1 عن كتاب الإمام الشافعي، ولكن بإسقاط (على) بين محمد وآله.

                          وروى المقدس الاردبيلي في (زبدة البيان) ط طهران المرتضوية ص85 عن كعب، بحذف كلمة (على)، ونقل محرر مجلة (أجوبة المسائل الدينية) ما صحّ عن كعب في ج2 ىص247 وفي ج6 ص258 عن عدة مصادر ومنها (شرح نسيم الرياض) للعلامة الخفاجي ج3 ص471 كما في كتاب (الأبداع في حسم النزاع) للعلامة السيد محمد القزويني ط العرفان صيدا، فقد ذكر حديث كعب عن عدة مصادر ومنها الخفاجي في شرحه (نسيم الرياض).

                          وأشار إلى حديث كعب شيخنا الأميني في كتابه (سيرتنا وسنتنا) وقد تقدم، كما أشار إليه في كتابه الغدير ج2 ص273 في ترجمة سفيان بن مصعب العبدي.

                          ونقل حديث كعب العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره (الميزان) ج16 ص365 عن (الدر المنثور) للسيوطي ومصادره عديدة كما تقدم برقم2.

                          ونقل حديث كعب المجلسي في (البحار) ج94 ص48 عن (آمال الصدوق) بسنده عن كعب كما تقدم برقم2.

                          وروى حديث كعب الشيخ الطوسي في (آماليه) ج2 ص43 ط النعمان. النجف كما تقدم برقم2 ونقله عنه المجلسي في البحار ج94 ص49.

                          ونقل حديث كعب العلامة الشيخ أسد حيدر في كتابه (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص41 عن جملة من الصحاح وكتب الفقه ومنها كتاب (عمدة الفقه).

                          ورواه ابن حيان في صحيحه كما في (الإتحاف) للزبيدي الحنفي ص101 ورواه صاحب كتاب (كفاية الخصام) عن مصادر عديدة منهم الثعالبي، الحمويني، الأصبهاني…الخ.

                          ورواه العلامة الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه (أربعون حديثا) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) عن مصادر كثيرة.

                          ونقله الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه القيم (المراجعات) ط السادسة، عن الصحيحين وسائر المحدثين ص73.

                          وأشار إلى حديث كعب العلامة الحجة الشيخ محمد حسن المظفر في (دلائل الصدق) ج2 ص132.

                          ونقله عن عدة مصادر العلامة السيد عبد الرضا الشهرستاني في (المعارف الجلية) التفسير ج2 ص128وص130 في تفسير سورة الأحزاب.

                          ونقله عن البخاري زين الدين الشرجي الزبيدي في (التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح) ط البابي الحلبي بمصر ص110 ج2.

                          ونقل بعض أحاديث كعب العلامة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة من الصحاح الستة) ج1 ص209 و210و213 عن مصادر كثيرة. ونقل أحاديث كعب آية الله السيد شهاب الدين في تعليقاته على (إحقاق الحق) ج3 ص253 و254 و255 و256 و257 و258 و259 و260 و261 و262 و263 و264 و265 و266 و267 و268 و269 و270 و272 .كما نقلها في ج9 من ص524-549 عن المصادر الكثيرة، كما نقلنا نحن عن بعض المصادر بواسطته.

                          ونقل العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) ج9 ص244: إن للحافظ أبى الحسن بن الفضل المقدسي جزءٌ جمع فيه طرق حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.

                          ونقل العلامة الشيخ محمد مرعي الأنطاكي في كتابه (لماذا اخترت مذهب الشيعة) ص92 عن ابن حجر في صواعقه حديث كعب الذي تقدم برقم5.




                          ثانياً - أحاديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري ومصادرها


                          1- روى مالك بن أنس إمام المالكية المتوفى سنة 179هـ في كتابه (الموطأ) ط الحلبي بمصر ج1 ص137: حدثني يحيى عن مالك (أي مالك بن أنس) عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن محمد بن عبد الله بن زيد إنه اخبره، عن أبي مسعود الأنصاري إنه قال: أتانا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى تمنينا إنه لم يسأله، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم.

                          ورواه بسنده مسلم بن الحجاج النيسابوري في (صحيحه) كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) ص160 عن أبي مسعود وذكر الحديث بعين ما تقدم برقم1 لكنه قال: كما صليت على آل إبراهيم.


                          2- روى الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ج4 ص118 بسنده عن أبي مسعود قال: قيل: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

                          وذكر له طريقا آخر، بسند آخر عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ج4 ص119 قال: اقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ونحن عنده فقال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ فقال فصمت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، فقال: إذا أنتم صليتم عليَ فقولوا:- اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                          كما روى في ج5 ص273 بسند آخر عن أبي مسعود الأنصاري كما تقدم عن أنس بن مالك برقم1.

                          كما رواه بسنده الترمذي في (الجامع الصحيح) ج2 ص212 ط بولاق سنة 1290هـ وقال: هذا حديث حسن صحيح.

                          وروى حديث ) أبي مسعود ، أبو داود السجستاني في صحيحه (السنن) ج1 ص98 بعين ما تقدم برقم (1).

                          ورواه الحافظ النسائي في صحيحة (السنن) ج1 ص189 ط الميمنية بمصر بسنده بعين ما تقدم برقم (1).

                          ورواه العلامة الدارمي في (سننه) ج1 ص309.

                          ورواه الطحاوي في (مشكل الآثار) ج3 ص71 بسنده. ورواه الحاكم النيسابوري في (المستدرك) ج1 ص268 بسنده عن أبي مسعود بعين ما تقدم برقم (3) عن أحمد حنبل، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

                          كما رواه وصححه الذهبي في (تلخيص المستدرك) في الذيل.

                          ورواه البيهيقي في (سننه) بأسانيد عديدة ج2 ص146 بما تقدم برقم1، ص378 بما تقدم بالرقم3 وص146 بما تقدم بالرقم 3 بسند آخر.

                          ورواه العلامة الخازن في (تفسيره) ج5 ص225. ورواه الحافظ الشيخ علي بن محمد الأندلسي في (المحلى) ج3 ص272 وج4 ص134 بسندين بما تقدم برقم1.

                          ورواه الحافظ ابن عساكر (بتاريخ دمشق) ط محمد أحمد دهمان في دمشق ج10 ص152 بسنده كما تقدم برقم1، كما رواه في (التاريخ الكبير) ج3 ص263 ورواه العلامة النميري المغربي في (الأعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)) ص5 و16 و17 و18 و19 بأسانيد عديدة بما تقدم برقم2و3 وفي بعض طرق الحديث إن النبي (صلى الله عليه وآله) غضب حينما سئل…الخ.

                          ورواه العلامة محمد بن الحسن الشيباني في (الحجة على أهل المدينة) ط حيدرآباد الدكن ص139 بما تقدم بالرقم1.

                          ورواه العلامة الشيخ عبد النبي القدوسي في (سنن الهدى) ص56 بعين ما تقدم برقم 3.

                          ورواه الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري في (تجريد التمهيد) ص185 بما تقدم برقم1.

                          ورواه القاضي الشهير بابن الأبار الأندلسي في (المعجم) ص53 ط روخس في بلدة مجريط بسنده، تقدم برقم1.

                          ورواه العلامة شمس الدين المقدسي في (المحرر في الحديث) ط المكتبة التجارية بالقاهرة، عن أحمد ومسلم، ثم قال: ورواه الدار قطني ص135 والحاكم بنحوه.

                          ورواه ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3 ص508 نقلا عن مسلم في (صحيحه) ثم قال: وقد رواه أبو داود، والترمذي حسن صحيح، وقد تقدم بالرقم1 ثم قال ابن كثير: وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حيان، والحاكم في مستدركه، ونقل الحديث برقم2.

                          ورواه العلامة علي المتقي الهندي الحنفي في (كنز العمال) ج7 ص341 وقد تقدم برقم2.

                          ورواه الحافظ الرافعي في (التدوين) ج1 ص190 مخطوط بسنده، وقد تقدم برقم1.

                          ورواه العلامة ابن حجر العسقلاني في (إرشاد الساري) نقلا عن مصادر عديدة، كما نقل أيضا عن مصادر أخرى في ج7 ص365 وج7 ص244 عن أبي مسعود، بما تقدم برقم1 ورقم2و3.

                          ورواه العلامة السخاوي في (القول البديع) ص25 عن عدة مصادر ثم قال: وصححه الترمذي، والحاكم قال الدار قطني: إسناد حسن متصل، وقال البيهقي: إسناد صحيح.

                          ورواه العلامة السيد عبد الوهاب الشعراني في (كشف الغمة) ج1 ص11 ط مصر، كما تقدم برقم1.

                          ورواه القاضي أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (المعتصر من المختصر) ج1 ص54، تقدم برقم1.

                          ورواه المهدي محمد بن عبد الله المغربي في (الموطأ) ط الجزائر ص22، وتقدم برقم1.

                          ورواه العلامة الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) ص45، وقد تقدم برقم1.

                          ورواه العلامة الحمويني في (فرائد السمطين) من طريقين نسخة جامعة طهران، ط النعمان النجف ص19 بسنده، وقد تقدم برقم2و3.

                          ورواه العلامة جلال الدين السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص217، قال: وأخرج مالك، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن مردوية، عن أبي مسعود الأنصاري وذكر الحديث الذي تقدم برقم1.

                          وروى السيوطي في تفسيره فقال ص217: وأخرج ابن خزيمة، والحاكم وصححه ، والبيهقي في (سننه) عن أبي مسعود …الخ.وذكر الحديث المتقدم برقم(3) ورواه السيوطي أيضا في كتابه (بغية الوعاة) ط القاهرة، ص443 بسنده الحديث المتقدم برقم(1).

                          وروى العلامة الشيخ عبد الرحمن الشهير بابن الديبع في (تيسير الوصول إلى جامع الأصول) ط نول كشور في كانفور، نقلا عن الصحاح إلا البخاري عن أبي مسعود كما تقدم برقم(1). لكنه قال: وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم.

                          وروى العلامة النبهاني في (منتخب الصحيحين) ط التقدم بمصر الحديث المتقدم برقم(3).

                          كما رواه أيضا في (الفتح الكبير) ج1 ص129 ط مصر كما تقدم برقم(3).

                          ورواه العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المال) ص71 كما تقدم برقم(3) ثم قال: وفي رواية للطبراني من وجه آخر في هذا الحديث: فسكت حتى جاء الوحي فقال، الحديث المتقدم برقم(1).

                          ورواه العلامة الشيخ محمد بن اطفيش الخارجي في كتابه (شامل الأصل والفرع) ط القاهرة ص105 من طريق الترمذي، وأبي خزيمة والحاكم ملخصا.

                          ورواه العلامة الساعاتي في (بدائع المنن) ج1 ص90 كما تقدم برقم(1) ولكنه عكس موضع إبراهيم وآل إبراهيم.

                          ورواه العلامة الأمر تسري في (أرجح المطالب) ص317 نقلا عن مسلم والطبراني عن أبي مسعود.

                          ورواه الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله الأندلسي المالكي في (أحكام القرآن9 ج14 ص233، تقدم برقم (1).

                          ورواه العلامة الشوكاني في (فتح القدير) ج4 ص293، تقدم برقم (3) وأشار إلى حديث أبي مسعود الذي رواه مالك العلامة السيد علوي في. (القول الفصل) ج2 ص184.

                          وأشار إلى حديث أبي مسعود العلامة العسقلاني في (فتح الباري) ج8 ص432 وأشار إليه أيضا العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) ج7 ص365 نقلا عن أحمد وأبي داود، والنسائي والحاكم، تقدم برقم (3).

                          ورواه الشيخ نجم الدين العسكري في (أربعون حديثا) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) مخطوط عن مصادر كثيرة.

                          ونقل حديث أبي مسعود العلامة الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص211 عن مصادر كثيرة.

                          ونقله أيضا السيد شهاب الدين في (تعليقاته على إحقاق الحق) ج3 ص255 وما بعدها، وج9 ص549-560 عن عشرات المصادر، وبواسطته نقلنا بعض أحاديثه.

                          ونقل العلامة السيد محمد القزويني في كتابه (الأيمان الصحيح) ص70 عن النشاشيبي في كتابه (الإسلام الصحيح) ط مطبعة العرب في القدس، سنة 1354هـ. ص183 ما نقله عن ابن أبي حاتم، وابن حبّان والحاكم، عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قيل له: كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد..الخ.

                          ونقل الحديث العلامة الشيخ سعيد بن مسعود الشافعي في (المنتقى في سيرة المصطفى) ص190. قال: في رواية عقبة بن عمرو: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد…

                          تعليق


                          • #43
                            ثالثاً - حديث زيد بن خارجة الأنصاري ومصدره

                            روى الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ج1 ص199 بسنده عن عبد الحميد بن عبد الرحمن إنه دعا موسى بن طلحة حين عرس على أبنه وقال له: يا أبا عيسى كيف بلغك في الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فقال موسى: سالت زيد بن خارجة عن الصـلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال زيد: إني سـألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه كيف الصلاة عليك؟

                            قال: صلوا واجتهدوا ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه البخاري بسنده في (التاريخ الكبير) ج2 قسم1 ص350 ط حيدر أباد كما تقدم بالرقم1 إلا أنه اسقط قوله، واجتهدوا.

                            ثم رواه بسند أخر عن زيد بن خارجة وزاد على كلمة إبراهيم: وعلى آل إبراهيم، وإنه قال: صلّوا علىَّ… الخ.

                            وأشار إليه الحافظ الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص65-ص66، وأن زيد بن خارجة رواه الخ.

                            ورواه الحافظ النسائي في (سننه) ط الحلبي ج3 ص39 وما بعدها. وج1 ص190 ط اليمـينية بسنده أن زيد بن خارجة قال: أنا سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: صلوا عليَ، واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد.

                            ورواه العلامة الدولابي في (الكنى والأسماء) ط حيدر أباد الدكن ج2 ص52 بسنده بعين ما تقدم عن المسند ولكنه زاد بعد قوله على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.

                            ورواه العلامة الطحاوي في (مشكل الآثار) ج3 ص71 بسنده كما تقدم عن المسند إنه ذكر بدل (زيد بن خارجة) زيد بن ثابت.

                            ورواه بسند أخر عن زيد بن خارجة إنه قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟

                            قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه العلامة ابن حجر العسقلاني في كتابه (الاصابة) ط مصطفى محمد بمصر ج1 ص547، كما تقدم عن النسائي. كما أشار إليه العلامة ابن عبد البر المالكي في (الاستيعاب) ج1 ص541، وأنه روى عن النبي (صلى الله عليه و آله) في الصلاة عليه (صلى الله عليه و آله)..الخ.

                            ورواه القاضي عياض في (الشفاء) ج2 ص61 كما تقدم عن سنن النسائي لكنه زاد في آخره: كما باركت على إبراهيم …الخ.

                            الميمنية بمصر، كما تقدم عن سنن النسائي لكنه رواه عن زيد بن حارثة .

                            ورواه العلامة السيوطي في (الجامع الصغير) عن عدة مصادر منها: ابن سعد وسمويه البغوي والبارودي وابن قانع، كلهم عن زيد بن خارجة.

                            كما رواه أيضا في (الدر المنثور) ج5 ص218 عن ابن سعد، واحمد، والنسائي، وابن مردويه كما تقدم عن المسند.

                            ورواه العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) من طريق النسائي كما تقدم عنه ورواه العلامة الشيخ يوسف النبهاني في (الفتح الكبير) ج2 ص190 من طريق ابن سعد، وسمويه، البغوي، والبارودي، وابن قانع كلهم عن زيد بن خارجة.

                            ورواه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) ص185، كما رواه الطحاوي بسنده الآخر، وقد تقدم في مصادر عديدة، ومنها البغوي في (معجم الصحابة).

                            ورواه الشيخ محمد بن عبد الرحمن النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) ص6 بسنده عنه عدة طرق كما تقدم عن المسند وعن سنن النسائي والطحاوي.

                            ورواه العلامة السخاوي في (القول البديع) ص30 عن الطحاوي والنسائي، واحمد، والبغوي، في (معجم الصحابة)، وأبي نعيم في (حلية الأولياء)، والديلمي في (الفردوس) بالنص المتقدم عن النسائي. ونقل حديث زيد بن خارجة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص212 عن النسائي بنصه المتقدم، ثم قال: ورواه أحمد بن حنبل في (مسنده)، وأبو نعيم في (حليته) والطحاوي في (مشكل الآثار)، والمناوي في (فيض القدير) في المتن وفي الشرح عن جملة من المحدثين، ثم قال: ورواه ابن الأثير أيضا في (أسد الغابة).

                            ورواه العلامة محمد بن احمد الأنصاري القرطبي في تفسيره (الجامع لإحكام القرآن) ج14 ص234.

                            ورواه العلامة الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه (أربعون حديثا) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من عدة طرق وعن جملة من المصادر.

                            كما نقله آية الله السيد شهاب الدين النجفي في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج3 ص259و267 وج9 من ص560-564 ونقلنا الكثير من المصادر بواسطته.

                            وأشار إلى حديث زيد بن حارثة العلامة الشيخ أسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص42.




                            رابعاً - أحاديث أبي سعيد الخدري الأنصاري ومصادرها


                            1- روى الإمام احمد بن حنبل في (مسنده) ج3 ص47 بسنده عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم.

                            ورواه الحافظ البخاري في (صحيحه) ج6 ص121 بسنده عن أبي سعيد الخدري. قال: قلنا: هذا التسليم فكيف نصلي عليك ..الخ، وقد روى له طرقا ثلاثة، بأسانيد ثلاثة، وفي كلها اقتران آله معه (صلى الله عليه وآله). كما رواه أيضا في ج8 ص77 في كتاب (الدعوات).

                            ورواه الحافظ النسائي في (السنن) ج1 ص190 ط الميمنية بعين ما تقدم عن الإمام احمد. شار إليه الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص66 باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله). ورواه بسنده ابن ماجة في (سننه) ص151 في كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).

                            ورواه الحافظ أبو بكر الدينوري الحنفي في كتابه (عمل اليوم والليلة) ص103 نقلا عن النسائي وزاد في آخره: إنك حميد مجيد.

                            ورواه القاضي عياض في (الشفاء) عن أبي سعيد الخدري ج2 ص60.

                            ورواه العلامة بدر الدين العيني الحنفي في (عمدة القارئ) ج19 ص126.

                            ورواه العلامة الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) ج2 ص502 مخطوط عن البخاري.

                            ورواه العلامة سعيد بن مسعود الكازروني في (المنتقى) ص190.

                            ورواه ابن كثير في (تفسيره) ج3 ص507 عن البخاري في طرقه وعن النسائي في (سننه).

                            ورواه الطحاوي في (مشكل الآثار) ص73 بسنده.

                            ورواه الشيخ علي المتقي الهندي في (كنز العمال) ج7 ص341 من طريقين.

                            ورواه الشيخ محمد بن عبد الرحمن النميري في كتابه (الأعلام) نسخة مدرسة الأحمدية بحلب، بسنده ص6 كما تقدم عن البخاري، ورواه أيضا بسند آخر ص14.


                            2- ورواه ابن حجر الهيثمي في (الدر المنضود) مخطوط ص15 بهذا النص: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم قال: وفي لفظ للبخاري، وغيره عن أبي سعيد الخدري، وذكر الحديث كما تقدم، إلا إنه اسقط كلمة آل قبل إبراهيم.

                            ورواه العلامة النبهاني في (جواهر البحار) ج4 ص158 ط القاهرة كما تقدم عن الإمام احمد. ورواه أيضا في كتابه (منتخب الصحيحين) ص129. ورواه أيضا في كتابه (الفتح الكبير).

                            ورواه أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي الأندلسي المالكي في كتابه (أحكام القرآن) ج1 ص184.

                            ورواه العلامة محمد بن احمد القرطبي في تفسيره (الجامع لإحكام القرآن) ج14 ص234.

                            ورواه السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص216-217. قال: اخرج بن أبي شيبة، واحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، والنسائي، وابن ماجة، الحديث، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري…الخ.

                            ورواه العلامة الآلوسي في تفسيره (روح المعاني) ج22 ص72 عن الإمام احمد والبخاري، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم عن أبي سعيد الخدري…الخ. ونقله عن عدة من المصادر أية الله شهاب الدين النجفي في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج3 ص262 وما بعدها وج9 من ص565 ـ 569.

                            ونقله عن عدة مصادر الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه (أربعون حديثا) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) مخطوط.

                            كما نقله السيد مرتضى الفيروز أبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص210 عن الإمام احمد وغيره من الصحاح.

                            وروى حديث أبي سعيد الخدري العلامة الزرندي في (نظم در السمطين) ص45 من طريقين.

                            وروى العلامة السخاوي في (القول البديع) ص161 حيث قال: وأما الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله) عند العطاس.


                            3- فعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من عطس، فقال: الحمد لله على كل حال، ما كان من حال وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته، اخرج الله من منخره الأيسر طائرا يقول: اللهم اغفر لقائلها. ثم قال: اخرجه الديلمي في (مسند الفردوس).


                            4- روى السيد علي بن طاووس في كتابه (محاسبة النفس) ص 126 - 129 عدة أحاديث منها قال: وعن محمد بن العباس بإسناده عن طريق الجمهور إلى أبي سعيد الخدري، إن عماراً قال: يا رسول الله وددت إنك عمرت فينا عمر نوح (عليه السلام) فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عمار حياتي خير لكم، ووفاتي ليست بشر لكم، أما حياتي فتحدثون وأستغفر الله لكم، وأما بعد وفاتي، فاتقوا الله، واحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي فأنكم تعرضون عليّ بأسمائكم وأسماء آبائكم وقبائلكم، فأن يكن خيراً حمدت الله، وإن يكن سوى ذلك استغفرت الله لكم، أو قال: لذنوبكم، فقال المنافقون والشكاك والذين في قلوبهم مرض يزعم إن الأعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم إن هذا لهو الإفك، فأنزل الله جل جلاله: [وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ] [التـوبة/106] فقيـل له: ومن المـؤمنون؟ فقال (صلى الله عليه وآله): عامة وخاصة، أما الذين قال الله: (والمؤمنـون) فهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) الأئمة منهم، ثم قال تعالى: [وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ] من طاعة ومعصية: وروى محمد بن العباس أخبار جماعة في ذلك.

                            ونقله المجلسي في (البحار) ج23 ص353 عن (محاسبة النفس).




                            خامساً - أحاديث أبي هريرة الدوسي ومصادرها

                            1- روى الإمام الشافعي في (مسنده) ج2 ص97 بسنده عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ثم تسلمون.

                            ورواه أيضاً في كتابه (الأم) ج1 ص102 عن أبي هريرة بسنده بعين ما تقدم بالرقم (1) وأشار إليه الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص66 باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).


                            2- وروى البخاري في (الأدب المفرد) ط الخليلي في بلدة أره من بلاد الهند ص93 بسنده عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: من قال: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم وترحم على محمد وآل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له.


                            3- وأخرج عبد بن حميد والنسائي وأبن مردويه عن أبي هريرة أنهم سألوا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين أنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم.


                            4- وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك. فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم أجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم أنك حميد مجيد.

                            وروى السيوطي أيضاً في تفسيره فقال: وأخرج البخاري في (الأدب المفرد) عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وذكر الحديث الذي تقدم برقم (2) بنصه.


                            5- روى السيوطي أيضاً في تفسيره، ص216 فقال: وأخرج أبو داود، وأبن مردوية، والبيهقي في (سننه) عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي، وأزواجه، ذريته، وأهل بيته كما صليت على إبراهيم أنك حميد مجيد.

                            وروى العلامة الطحاوي في (مشكل الأثار) ج3 ص71 بسنده عن أبي هريرة كما تقدم عن الشافعي برقم (1) ولكنه زاد كلمة على بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                            وروى الساعاتي في (بدائع المنن) ج1 ص91 بعين ما تقدم عن الشافعي برقم (1) وروى الشيخ على المتقى الهندي الحنفي في (كنز العمال) ج7 ص339 كما تقدم برقم (1) وزاد كلمة على بين محمد وآله (صلى الله عليه وآله).

                            ورواه القسطلاني في (إرشاد الساري) ج9 ص242 عن الإمام الشافعي، عن أبي هريرة.

                            ورواه العلامة ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج5 ص508 عن مسند الإمام الشافعي، ورواه العلامة عبد الحفيظ الفاسي في (الآيات والبينات) ط الرباط ص248 من حديث أبي هريرة.


                            6- قيل يا رسول الله امرنا الله بالصلاة عليك فكيف؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وارحم محمداً وآل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، والسلام كما علمتم. ثم قال: وفي رواية عنه قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم قال: قال الحافظ: اخرجه العمري، واسماعيل القاضي.

                            ورواه الشيخ ابن عبد الرحمن النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ص29 بأسانيد ثلاثة بالنص المتقدم برقم3، ورقم6، ورقم3 بتغيير يسير. ونقله السيد الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص214 عن (مسند) الإمام الشافعي بالنص المتقدم عنه برقم (1)، ثم قال: وذكره المتقى أيضا في (كنز العمال نقلا عن الشافعي، البيهقي في (المعرفة) عن أبي هريرة، والطحاوي …الخ. وأشار إلى حديث أبي هريرة العلامة القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ص234 من ج14.

                            ونقله العلامة الشوكاني في (فتح القدير) ج4 ص293 قال: واخرج الشافعي في مسنده من حديث أبي هريرة.

                            ونقله السيد القزويني في (الإبداع في حسم النزاع) ص137 قال: وفي حديث أبي هريرة رواه أبو داود، وغيره على ما في (نسيم الرياض) ص274 من ج3، وصححه عن الرسول (صلى الله عليه و آله) إنه قال: من سره أن يكتال. الحديث المتقدم برقم (5) كما أشار إليه النشاشيبي في كتابه (الإسلام الصحيح) ص70 فراجع. ونقله السيد عبد الرضا الشهرستاني في (المعارف الجلية) في التفسير ج2 ص131 عن (نسيم الرياض) ص274 حديث أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله): من سره أن يكتال …الخ برقم (5)، كما تجده في (أجوبة المسائل الدينية) ج6 ص286 نقلا عن (نسيم الرياض) بالنص المتقدم برقم (5).

                            ونقله السيد أية الله السيد شهاب الدين النجفي في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج3 ص259 وما بعدها، وج9 من ص576-ص582 عن عدة مصادر كثيرة أحاديث أبي هريرة، وبواسطته نقلنا عن بعضها.

                            ونقله العلامة الشيخ أسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص42 عن البخاري في (الأدب المفرد) الحديث الذي تقدم برقم 2.

                            وروى العلامة عبد الحفيظ الفاسي في (الآيات والبينات) ص248 الحديث المتقدم برقم 2 من طريق أبي جعفر الطبراني.

                            وروى العلامة المجاهد الشيخ محمد مرعى الأمين الأنطاكي في كتابه (لماذا اخترت مذهب الشيعة) ط الأولى حلب ص91 الحديث رقم 1 نقلا عن (مسند) الشافعي.

                            روى العلامة عبد الرحمن السخاوي في (القول البديع) ص141 قال:


                            8- من حديث أبي هريرة: من صلى العصر من يوم الجمعة، فقال قبل أن يقوم من مكانه: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما، مائتين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة، وكتبت له عبادة ثمانين سنة.






                            سادساً – أحاديث موسى بن طلحة عن أبيه، ومصادرها(2)


                            1- روى الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ج1 ص162 بسنده عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد وأشار إلى حديث طلحة الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص66.

                            ورواه الحافظ النسائي في (سننه) ج3 ص39 باب الأمر بالصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) بسنده عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قلنا …….الخ.


                            2- ثم رواه بسند أخر عن موسى بن طلحة عن أبيه: أن رجلاً أتى نبي الله فقال: سمعت الله يقول: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ] الآية فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه محمد بن جرير الطبري في تفسيره (جامع اليبان) ج22 ص43 بعين ما تقدم برقم 2 ورواه العلامة الطحاوي في (مشكل الآثار) بسنده ج3 ص71 كما تقدم برقم (2) بتغيير يسير ورواه العلامة السيد حسن خان في (فتح البيان) ج7 ص313 من طريق ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وأحمد، والنسائي، عن طلحة ملخصاً.

                            ورواه العلامة القسطلاني في (إرشاد الساري) ج9 ص244 نقلاً عن الطبري عن طلحة ورواه العلامة محمد بن عبد الله النميري في (الأعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ص21 بثلاث طرق، الأول من طريق ابن أبي شيبة، كما تقدم برقم (1)، والثاني من طريق محمد بن المثنى كما تقدم برقم (2)، والثالث من طريق سليمان ابن أيوب عن طلحة.


                            3- عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: قلت: يا رسول الله هذا التشهد قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد …..الخ.

                            ورواه السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص216 قال: وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن أبي عاصم، والهيتم بن كليب الشاسي، وابن مردويه عن طلحة قال: قلت……الخ.

                            ثم نقل الحديث من طريق ابن جرير الطبري المتقدم برقم (2) ونقل حديث طلحة عن النسائي العلامة محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي في (أحكام القرآن) ج14 ص234.

                            ونقل حديثه السيد مرتضى الفيروز أبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص211 عن النسائي من طريقين، وعن ابن جرير، وأحمد، وعن أبي نعيم في (حلية الأولياء) والطحاوي، وابن عبد البر في (الاستيعاب).

                            ونقل الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه (أربعون حديثاً) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) حديثه عن عدة مصادر.

                            ونقله عن المصادر الكثيرة أية الله السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (احقاق الحق) ج3 ص258 وما بعدها، وج9 ص587 – 590.

                            وأشار إلى حديث طلحة العلامة الشيخ أسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص42.




                            سابعاً – أحاديث بريدة الخزاعي – ومصادرها


                            1- روى الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ج5 ص353 بسنده عن بريدة الخزاعي قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم أجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وأشار إلى حديث بريدة الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص65.


                            2- وروى حديث بريدة بسنده الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج8 ص143، ولكنه أسقط كلمة، وبارك وكلمة إبراهيم، ولعله حديث أخر له، ورواه أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي في (أحكام القرآن) ج1 ص184 كما تقدم برقم (1).

                            ورواه محمد بن أحمد القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ج14 ص234 ونقله عن الإمام أحمد، ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3 ص234 ونقله عن الإمام أحمد، ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3 ص508 بعين ما تقدم عنه برقم (1).

                            ونقله السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) فقال: وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وابن مردويه عن بريدة……الخ. كما تقدم برقم (1) ولكنه أسقط منه وآل إبراهيم ورواه العلامة النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)) ص24 بسندين أولاً كما تقدم عن الخطيب البغدادي، برقم (2) ولكنه زاد كلمة على بين محمد وآله، والثاني نقله عن أحمد وبسنده، ونصه رقم (1).

                            ورواه الحافظ نور الدين الهيتمي في (مجمع الزوائد) ج2 ص144، وج10 ص163 عن الإمام أحمد. ونقله العلامة الألوسي في (روح المعاني) ج22 ص72 عن الإمام أحمد وعبد بن حميد، وابن مردويه. ونقله عن الإمام أحمد العلامة السيد مرتضى الفيروز أبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص213، ثم قال ورواه الخطيب البغدادي في (تاريخه) ج8 ص142. ونقله السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (احقاق الحق) ج3 ص257 وما بعدها، وج9 ص582-584 عن عدة مصادر.

                            وأشار إلى حديث بريدة العلامة الشيخ أسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص42.



                            ثامناً – أحاديث عبد الله بن مسعود – ومصادرها


                            1- روى الحافظ ابن ماجة القزويني في (سننه) وهو أحد الصحاح الستة (كتاب الصلاة) باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) ص151 وبسنده عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا صليتم على رسول الله فأحسنوا الصلاة عليه، فأنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قال: فقالوا له: فعلمنا، قال: قولوا: اللهم أجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه أيضاً أبو نعيم في (حلية الأولياء) ج4 ص271 كما تقدم برقم (1) ونقله عن المصدرين السابقين العلامة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص212.


                            2- وروى الحاكم في (مستدرك الصحيحين) ج1 ص269 بسنده عن رجل من بني الحارث عن ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل:- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وأرحم محمداً وآل محمد، كما صليت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه الذهبي أيضاً في (تلخيص المستدرك) بعين ما رواه الحاكم في ذيل ص269 ورواه العلامة البيهقي في (سننه) ج2 ص269 ونقله عن الحاكم، والبيهيقي، العلامة الفيروز ابادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص212 – 213.

                            ورواه العلامة الحمويني في (فرائد السبطين) بسنده عن ابن مسعود كما تقدم برقم (2).

                            وروى العلامة القرطبي في تفسيره (الجامع لإحكام القرآن) ج14 ص234 بسنده عن الأسود عن عبد الله بن مسعود، الحديث كما تقدم برقم(1).

                            ونقل السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص219 الحديث المتقدم برقم(1) فقال: واخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن ماجة، وابن مردوية عن ابن مسعود …الخ رقم(1).


                            3- قال السيوطي: واخرج ابن مردوية عن ابن مسعود قال: قلنا: يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد، وابلغه درجة الوسيلة من الجنة، اللهم اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي عليين ذكره وداره، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد.

                            وروى العلامة السيوطي أيضا في كتابه (بغية الوعاة) ص442 بسنده إلى ابن مسعود إنه قال:


                            4- أتانا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم.

                            ورواه بهذا النص عن ابن مسعود العلامة ابن حجر الهيثمي في (الدر المنضود) ص15 مخطوط. ونضير هذا الحديث قد مر عن أبي مسعود، وبعضهم يرويه عن ابن مسعود، ولعله وارد عنهما.

                            ونقله العلامة ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3 ص509 عن ابن ماجه بسنده الحديث، تقدم برقم1. ثم قال: وقد روى إسماعيل القاضي بسنده قريبا من هذا.

                            وروى الشيخ محمد بن عبد الرحمن النميري في الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)) بسنده ص25 الحديث المتقدم برقم1. كما روى أيضا بسنده عن ابن أبي ليلى، وعن:


                            5- أبي معمر قال:علمني ابن مسعود التشهد، وقال: علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما كان يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اشهد أن لا إله إلا الله، واشهد إن محمدا عبده، ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى أل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم صل علينا معهم، اللهم بارك على محمد وعلى أهل بيته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك علينا معهم، صلوات الله وصلوات المؤمنين على محمد النبي الأمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                            قال النشاشيبي في كتابه الذي اسماه (الإسلام الصحيح) ص177 وما بعدها بما نصه: وعن ابن مسعود الأنصاري عن النبي(صلى الله عليه و آله) إنه قيل له: كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. ونقله عنه العلامة السيد محمد القزويني في كتابه (الإيمان الصحيح) ص70 ط العرفان، صيدا.

                            وروى العلامة النبهاني في (جواهر البحار) ج4 ص159 من طريق ابن ماجة عن ابن مسعود، تقدم برقم(1).

                            ونقل حديث عبد الله ابن مسعود الذي تقدم برقم(5) في كيفية التشهد العلامة اسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص38 ونقل بعض أحاديثه السيد شهاب الدين في (تعليقاته على إحقاق الحق) ج3 ص258 وما بعدها، وج9 ص596-598.

                            وروى الحافظ الدار قطني في (سننه) ص135 ط دلهي بسنده عن ابن أبي ليلى وعن أبي معمر الحديث الذي تقدم برقم(5).

                            ونقل الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه (الأربعون حديثا) في كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) عن عدة مصادر.


                            6- روى الشيخ علي المتقي الحنفي في كتابه (كنز العمال) ج4 ص104 ولفظه: إذا صليتم عليَ فقولوا: اللهم صل على النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما أخرجه ابن حبان عن ابن مسعود.

                            ورواه العلامة السخاوي في (القول البديع) ص28 قال: ورواه ابن أبي عاصم بلفظ: قلنا يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وأبلغه الوسيلة، والدرجة الرفيعة من الجنة، اللهم اجعل في المصطفين محبته…الخ تقدم برقم 3 ورقم1.

                            وروى العلامة القاضي محمد بن أبي يعلى الحنبلي في (طبقات الحنابلة) ج1 ص189 ط القاهرة قال:


                            7- عبد الله بن العباس الطيالسي نقل عن أمامنا أشياء منها قال: سالت احمد بن حنبل: ما يقول الرجل بين التكبيرتين في العيد؟ قال: يقول سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، واغفر لنا وارحمنا. ثم قال: وكذلك يروى عن ابن مسعود.

                            وروى العلامة محمد عزة دروزة في (التفسير الحديث) ج8 ص286 حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم (1).




                            تاسعاً- حديث أبي حميد الساعدي، ومصادره

                            رواه كثير من العامة منهم العلامة الدولابي في (الكنى والأسماء) ج1 ص24 بسنده عن عمرو بن سليم الزرقي، قال: اخبرني أبو حميد الساعدي إنهم قالوا (أي الصحابة): يا رسـول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسـول الله (صلى الله عليه و آله) قولوا: اللهم صل على محمد وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ورواه أيضا بهذا النص العلامة الطحاوي في (مشكل الآثار) ج3 ص71.

                            ونقله عن المصدرين السابقين السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على إحقاق الحق) ج9 ص582.




                            عاشراً - حديث الحارث بن الخزرج، ومصادره

                            رواه العلامة النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ص20 بسنده عن موسى بن طلحة، اخبرني زيد بن خارجة، اخبرني الحارث بن الخزرج، قال: قلت: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: صلوا عليَ ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                            ثم قال النميري، تابعه علي بن المديني ومحمد بن عباد ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وأيوب بن حمد الوزان، عن مروان…الخ. وقريب من هذا الحديث قد تقدم فيما نقلناه من (حديث زيد بن خارجة) بسؤاله نفسه.

                            ونقله عن النميري السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على إحقاق الحق ج9 ص586.

                            تعليق


                            • #44
                              الحادي عشر - حديث خالد بن سلمة، ومصادره

                              وروى العلامة الشيخ إبراهيم الحمويني في كتابه (فرائد السمطين) ص16 قال: وبالإسناد إلى عبد الرحمن النسائي، قال: اخبرنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في حديث عن أبيه، عن أبي عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة قال: أنا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: صلوا عليَ، فاجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد.

                              ونقله عن الحمويني السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص587.

                              وعين هذا الحديث قد تقدم عن سنن النسائي فيما نقلناه من حديث زيد بن خارجة، وأنه هو السائل، ولعل هذا حديث آخر غيره والله اعلم.




                              الثاني عشر - أحاديث أنس بن مالك، ومصادرها

                              1- روى العلامة السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص218 فقال: وأخرج أبن مردويه عن أنس إن رهطا من الأنصار قالوا: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا؟ اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ……الخ.

                              ونقله عن السيوطي العلامة السيد شهاب الدين في (تعليقاته)على (إحقاق الحق) ج3 ص267.


                              2- روى الشيخ على المتقي الحنفي في (كنز العمال) ج1 ص215 بسنده المسلسل عن أنس بن مالك أنه قال: وعدهن في يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، وقال عدهن في يدي جبرئيل، وقال: عدهن في يدي ميكائيل، قال: عدهن في يدي إسرافيل، قال: عدهن في يدي رب العالمين جل جلاله، قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم ارحم محمداً وآل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم تحنن على محمد وآل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ثم قال الشيخ علي المتقي: أخرجه ابن عساكر ونقله عن (كنز العمال) العلامة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص216.

                              وروى العلامة الشيخ عبد الرحمن الصفوري في (نزهة المجالس) ج2 ص110 عن أنس (رضي الله عنه)قال:


                              3- قال النبي (صلى الله عليه وآله) من قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وكان قاعدا غفر الله له قبل أن يقوم وإن كان قائما غفر له قبل أن يقعد.

                              وروى العلامة السخاوي في (القول البديع) ص164 عن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال:


                              4- من كانت له حاجة إلى الله فليسبغ الوضوء وليصل ركعتين يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وفي الثانية بالفاتحة وأمن الرسول، ثم يتشهد ويسلم ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم يا مؤنس كل وحيد، ويا صاحب كل فريد، ويا قريبا غير بعيد، ويا شاهدا غير غائب ويا غالبا غير مغلوب، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السماوات والأرض أسألك باسمك الرحمن الرحيم، الحي القيوم الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت له القلوب من خشيته أن تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي كذا فأنه تقضى حاجته). أخرجه الدليمي في (مسنده) وأبو القاسم في (ترغيبه) راجع الحديثين رقم (3و4) في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص633-634.


                              5- روى صاحب كتاب (نصائح الشيعة) ص212 عن أنس قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى علي وعلى آلي تعظيماً بحقي، خلق الله من ذلك القول ملك يرى جناح له بالمشرق والأخر بالمغرب ورجلاه مغموستان في الأرض السفلى وعنقه تحت العرش فيقول الله له: صل على عبدي كما صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة.




                              الثالث عشر- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ومصادره

                              روى العلامة محمد بن عبد الرحمن السخاوي في (القول البديع) ص29 قال من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: إن رجلاً قام فقال: يا رسول الله أمرنا الله أن نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم، وتحنن على محمد وآل محمد كما تحننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ونقله عن (القول البديع) العلامة السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص599.




                              الرابع عشر- حديث أبي بكر، ومصادره

                              رواه الشعراني في (كشف الغمة) ج2 ص220 على ما نقله عنه العلامة الشيخ أسد حيدر في (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج6 ص42 بما نصه: ومنها ما رواه أبو بكر قال: كيف يُصلّى عليك يا رسول الله؟ قال: يقول اللهم صل على محمد وآل محمد في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين وروى هذا النص بعينه العلامة السيد الحضرمي في كتابه (رشفة الصادي) ص23، قال: قال (صلى الله عليه و آله) اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

                              ونقله عن (رشفة الصادي) السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص601.

                              ورواه بهذا النص أيضاً العلامة السخاوي في (القول البديع) ص36 وقال ويروى عن أبي الحسن البكري، وأبي عمارة بن زيد المدني، ومحمد بن إسحاق المطلبي، إن أبا بكر قال: يا رسول الله فما ثواب هذه الصلاة؟ قال: يا أبا بكر لقد سألتني عما لا أقدر أن أحصيه، فلو كانت البحار مداداً والأشجار أقلاماً، والملائكة كُتاباً يكتبون لفنى المداد وإنكسرت الأقلام ولم يبلغ الملائكة ثواب هذه الصلاة. ثم قال: ورواه أبو فرج، ونقله عن السخاوي السيد شهاب الدين في (تعليقاته) ج9 ص642.




                              الخامس عشر- حديث عمر ومصادره

                              رواه العلامة الشيخ علي المتقي الحنفي في (كنز العمال) ج1 ص124 ولفظه: عدهن في يدي جبرئيل، وقال جبرئيل هكذا نزلت من عند رب العزة اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم قال الشيخ علي: أخرجه البيهقي في (شعب الأيمان) والديلمي أي في (الفردوس) عن عمر ونقله عن (كنز العمال) السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص215.




                              السادس عشر- حديث عائشة أم المؤمنين، ومصادره

                              وروى العلامة الشيخ علي المتقى في (كنز العمال) ج1 ص125-وص217 عن عائشة قالت: قال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) امرنا أن نكثر الصلاة عليك في الليلة الغراء، واليوم الأزهر، واحب ما صلينا عليك ما تحب، قال: قولوا: اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وارحم محمد وآل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وأل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وأما السلام فقد عرفتم كيف هو.

                              قال المتقي: أخرجه ابن عساكر، ونقله عن المتقي السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص216.




                              السابع عشر- أحاديث عبد الله بن عباس، ومصادرها

                              1- روى محمد بن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) ج22 ص43 ط البابي الحلبي، بسنده عن يونس بن خباب قال خطبنا بفارس فقال (إن الله وملائكته) الآية فقال: أنبأني من سمع ابن عباس يقول: هكذا انزل، فقلنا، قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ورواه ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3 ص509 نقلا عن ابن جرير، ولكنه زاد فقرة أخرى وهي قوله: وارحم محمداً وآل محمد كما رحمت آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وكذلك رواه السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص216 بالنص الذي ذكره ابن كثير.


                              2- وروى ابن جرير بسنده ص43 من طريق إبراهيم في قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ] الآية، قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ونقله بالنص المذكور عن ابن جرير السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص216.

                              ونقل الحديثين عن ابن جرير السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص213. وروى العلامة السخاوي في (القول البديع) ص28.


                              3- قال: روى عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: قالوا: يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ثم روى الحديث عن يونس بن خباب، كما تقدم برقم(1). وروى العلامة النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ص25 بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس الحديث الذي تقدم برقم (3) من طريقين، ثم روى بسنده عن يونس بن خباب الحديث الذي تقدم برقم (1)، بتغير يسير وأشار إلى حديث ابن عباس العلامة محمد الأقا الكرماني في (شرحه لأربعين البكوي) ص246، ونقل بعض أحاديث ابن عباس السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج3 ص261 و265 و268 وج9 ص584 و585.


                              4- ونقل قول ابن عباس في الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) الشيخ الطوسي في تفسيره (البيان) ج8 ص360 بهذا النص: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. وهناك أحاديث أخرى تروى عن ابن عباس في الصلاة على النبي وآله تركناها روما للاختصار، منها ما رواه العلامة شعيب بن عبد الله في (الروض الفائق) ص39 ط القاهرة، راجع حديثه في (تعليقات) (إحقاق الحق) ج9 ص634.




                              الثامن عشر - أحاديث واثلة بن الأسقع، ومصادرها

                              1- روى العلامة اخطب خوارزم في (المناقب) ص25 من الفصل الخامس بسنده عن واثلة بن الأسقع قال: لما جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) علياً وفاطمة والحسن والحسين d تحت ثوبه قال: اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فأجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم، فقال واثلة: وكنت واقفاً، فقلت: وعلي يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: اللهم وعلى واثلة.

                              ورواه الشيخ علي المتقي في (كنز العمال) ج7 ص92 عن واثلة بعين ما تقدم برقم (1) وأسقط كلمة (لما) ثم قال أخرجه الديلمي، أي في (الفردوس).


                              2- روى الشيخ علي المتقي في (كنز العمال) أيضاً ج7 ص 217 ولفظة: اللهم إنك جعلت صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك، ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فأجعل صلواتك ومغفرتك عليَّ وعليهم يعني علياً وفاطمة وحسـناً وحسـينا، وقال: أخرجه الطبراني عن واثلة.

                              وذكر المتقي الحديثين أيضاً في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش (مسند أحمد) ج5 ص272 و ص93.


                              3- روى الحافظ نور الدين هيتمي في (مجمع الزوائد) ج9 ص167 قال: عن واثلة بن الأسقع قال: خرجت وأنا أريد علياً (عليه السلام) فقيل لي: هو عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوجدتهم في حظيرة من قصب رسول الله (صلى الله عليه و آله) وعلي وفاطمة وحسن وحسين قد جعلهم تحت ثوبه وقال: اللهم إنك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم، قال: أخرجه الطبراني وأشار إلى حديث واثلة الذي تقدم برقم (1) عن (المناقب) العلامة ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ص86، ورواه بنصه ص139 في باب مشروعية الصلاة عليهم كما أشار إلى أن البيهقي قد روى الحديث أيضاً.

                              وروى حديث واثلة العلامة الحضرمي في رشفة الصادي ص30 بعين ما تقدم بالرقم (1) عن (المناقب).

                              كما رواه العلامة السخاوي في (القول البديع) ص36 بعين ما تقدم عن (المناقب) برقم(1). ورواه أيضا باكثير الحضرمي في (وسيلة المال) ص75 من طريق الدليمي في (مسنده) كما تقدم عن (المناقب). ورواه العلامة البدخشي في مفتاح النجا) ص15 مخطوط، من طريق الطبراني في (الكبير) بعين ما تقدم عن (مجمع الزوائد) برقم(3) ورواه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) ص108 و295.

                              ورواه العلامة الشيخ يوسف النبهاني في (سعادة الدارين) ص75 بعين ما تقدم برقم(1) عن المناقب.

                              ونقل الحديث عن (مجمع الزوائد) الشيخ محمد باقر المحمودي، في (تعليقه) على (شواهد التنزيل) ج2 ص46 بعين ما تقدم برقم(3).

                              ونقل أحاديث واثلة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص222 عن (كنز العمال) و(مجمع الزوائد).

                              ونقلها السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص593-595، وج3 ص258 وص271.

                              وأشار إلى حديث واثلة العلامة السيد علوي بن طاهر في (القول الفصل) ج2 ص273 نقلا عن الديلمي.

                              وروى حديث واثلة العلامة الحمويني في (فوائد السمطين) بسنده ص24 بعين ما تقدم عن (المناقب).




                              التاسع عشر- حديث عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب ومصادره

                              روى الحاكم النيسابوري في (المستدرك) ج3 ص147 بسنده عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن ابن أبي طالب عن أبيه قال: لما نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الرحمة هابطة، قال: ادعوا لي، ادعوا لي، فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين، فجيء بهم، فألقى عليهم النبي (صلى الله عليه وآله) كساء، ثم رفع يديه، ثم قال: اللهم هؤلاء آلي، فصل على محمد وعلى آل محمد، وانزل الله عز وجل: [إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا] ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد صحت الرواية على شرط الشيخين إنه (صلى الله عليه وآله) علمهم الصلاة على أهل بيته كما علمهم الصلاة على آله.

                              ورواه أيضا الذهبي في تلخيصه في الذيل.

                              كما رواه العلامة السيد علوي بن طاهر في (القول الفصل) ص273 بسنده نقلا عن (المستدرك) للحاكم.

                              ورواه بسنده أيضا الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) ج2 ص33.

                              ونقل الحديث عن (مستدرك) الحاكم العلامة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص227، والشيخ محمد باقر المحمودي في (تعليقاته) على (شواهد التنزيل) ص33ج2.

                              والسيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق)ج3 ص271.




                              العشرون - حديث زينب بنت أبي سلمة(3)، ومصادره

                              روى محب الدين الطبري الشافعي في (ذخائر العقبى) ص23 قال: وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده إنه دخل على زينب بنت أبي سلمة (1) فحدثته: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عند أم سلمة، فجعل حسنا من شق، وحسينا من شق، وفاطمة في حجره، فقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد، وأنا وأم سلمة جالستان …الخ. قال الطبري: أخرجه أبو الحسن الخلعي.

                              ورواه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) بتغيير يسير ص229 وقال أخرجه أبو الحسن الخلعي.

                              ورواه العلامة الشيخ محمد باقر المحمودي في (تعليقه) على (شواهد التنزيل) ج2 ص78 عن (مجمع الزوائد) ج9 ص168 وإنه قال: رواه الطبراني في (الأوسط) وفي (الكبير).ورواه الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ج3 ص133 ط دار المعارف بمصر ونقله عن (سيرة أعلام النبلاء) وعن (ينابيع المودة) السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص595.

                              ونقلـه عن (ذخائر العقبى) الشـيخ نجم الديـن العسـكري في (محمد (صلى الله عليه و آله) وعلى بنوه الأوصياء) ج1 ص94.




                              الحادي والعشرون - حديث أم سلمة أم المؤمنين، ومصادره

                              رواه الإمام احمد بن حنبل في (مسنده) بسنده ص323 ج6 عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليه السلام) اتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا، قال: ثم وضع يديه عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، قالت أم سلمة. فرفعت الكساء لإدخل معهم فجذبه من يدي وقال:إنك على خير.

                              ثم رواه من طريقين آخرين، وأزاد في الطريق الثالث: كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ورواه الشيخ علي المتقى في (كنز العمال) ج7 ص103 بعين ما رواه احمد في الطريق الثالث. كما رواه أيضا في (منتخب كنز العمال) ج5 ص96.

                              ورواه الحمويني في (فرائد السمطين) ص23 بسنده بالنص الذي رواه احمد بالطريق الأول ورواه الطحاوي في (مشكل الآثار) ج1 ص334.

                              ورواه العلامة ابن عساكر في (تاريخه) على ما في (منتخبه)ج4 ص204 من طريق أبي يعلى عن أم سلمة، كما تقدم عن أحمد الطريق (3).

                              ورواه نور الدين الهيتمي في (مجمع الزوائد) ج9 ص166، وقال: رواه أبو يعلى، (أي في مسنده). ورواه الشيخ عبد الله الشافعي في (مناقبه) نقلا عن تفسير الثعلبي، كما تقدم عن احمد الطريق(1).

                              ورواه السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج5 ص198 وقال: اخرج الطبراني عن أم سلمة، كما تقدم عن احمد الطريق(3).

                              ورواه الشيخ عبيد الله في (ارجح المطالب) ص314 نقلا عن البيهقي في (سننه) ملخصا. ورواه العلامة السيد علوي الحضرمي في (القول الفصل) ص185 نقلا عن احمد، ثم قال: واخرج البيهقي بمثله. ثم أشار إلى طرقه الثلاثة وإنه رواه مالك بسند صحيح على شرط مسلم، والطحاوي، وابن عساكر بسند جيد عنها (أي أم سلمة) ثم قال: ورواه أبو اليعلى والطبراني، بطريق آخر..الخ.

                              ورواه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) ص108 فقال: وفي رواية عن أم سلمة قال: (صلى الله عليه وآله)):اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).

                              ونقل العلامة السيد شهاب الدين في (إحقاق الحق) ج9 ص590-93 عن مصادر كثيرة. وروى حديث أم سلمة العلامة الآلوسي في تفسيره (روح المعالي) ج22 ص14 من طريقين.

                              ونقله عنه السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج2 ص528 ونقل الحديث عن مسند احمد العلامة الشيخ زين الدين البياضي في (الصراط المستقيم) ج1 ص186.




                              الثاني والعشرون - أحاديث جابر بن عبد الله الأنصاري، ومصادرها

                              1- رواه العلامة الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) ط الغري، ص160 بسنده عن ابن لهيعة، عن ابن الزبير، عن جابر إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) علم عليا وفاطمة d هذا الدعاء، وقال لهما: إذا نزلت بكما مصيبة، أو خفتما جور سلطان، أو ضلت لكما ضالة، فاحسنا الوضوء، وصليا ركعتين، وارفعا أيديكما إلى السماء وقولا: يا عالم الغيب والسرائر، يا مطاع يا عزيز يا عليم، يا الله يا الله يا الله، يا هازم الأحزاب لمحمد (صلى الله عليه وآله) يا كايد فرعون لموسى، يا منجي عيسى من أيدي الظلمة، يا مخلص قوم نوح من الغرق، يا راحم عين يعقوب، يا كاشف ضر أيوب، يا منجي ذا النون من الظلمات الثلاث، يا فاعل كل خير يا هاديا إلى كل خير، يا دالا على كل خير، يا أهل الخير، يا خالق الخير، ويا أهل الخير أنت الله رغبت إليك فيما قد علمته وأنت علام الغيوب اسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد: ثم سلا الله الحاجة تجابان.

                              ثم قال الكنجي: قلت: هذا إسناد حسن…الخ.

                              ورواه أيضا الطبرسي في (مكارم الخلاق) ص392.

                              2- روى العلامة الشيخ علي المتقي في (كنز العمال) ج3 ص15 ولفظه: عن جابر، عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال: ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف يستقبل القبلة ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، ثم يقرأ أم الكتاب (أي سورة الحمد) مائة مرة، ثم يقول: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شربك له، وإن محمداً عبده ورسوله، مائة مرة، ثم يسبح الله مائة مرة. فيقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يقرأ: قل هو الله أحد..، مائة مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وعلينا معهم، مائة مرة، إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني وكبرني وعظمني ومجدني ونسبني وعرفني وأثنى عليَ، وصلى على نبيي. اشهدوا يا ملائكتي إني غفرت له وشفعته في نفسه، ولو شاء أن يشفع في أهل الموقف لشفعته. ثم قال المتقي: أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان)، وابن النجار والدليمي عن جابر. ونقله عن (كنز العمال) العلامة الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص217.

                              ونقله عن البيهقي الشيخ عبد الرحمن الصفوري في (نزهة المجالس) ج1 ص181 ط القاهرة، واسقط كلمة (على) بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                              كما نقله عن البيهقي أيضا العلامة باعلوي في (بغية المسترشدين) ص117 ط مصر. مختصرا.

                              ورواه العلامة ابن حجر الهيتمي في (الدر المنضود) ص45 مخطوط، نقلا عن البيهقي، والدليمي.


                              3- وروى العلامة الشيخ شعيب بن عبد الله المالكي في (كتابه الروض الفائق) ص395 ط القاهرة. قال: روى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اصبح وأمسى وقال: اللهم يا رب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد، وأجز محمداً ما هو أهله، اتعب كاتبيه ألف صباح ولم يبق لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) حق إلا أداه إياه، وغفر له ولوالديه، وحشر مع محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                              ورواه أيضا عن جابر الشيخ عبد الرحمن الصفوري في (نزهة المجالس) ج2 ص111 لكنه زاد كلمة (على) بين محمد وآل محمد، واسقط كلمة، ولم يبق..الخ.ورواه أيضا العلامة السيد مسعود القناوي الشافعي في كتابه (الفتح الرحمن الرحيم) ص173 ط القاهرة، وذكر بدل كلمة، كاتبيه، سبعين كاتبا…الخ.

                              ونقل الحديثين الثاني والثالث العلامة السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص623و629 عن عدة مصادر.

                              روى الحديث رقم(3) العلامة الزرندي في (نظم درر السمطين) ص48 مرسلا عن النبي (صلى الله عليه وآله).


                              الثالث والعشرون- أحاديث الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومصادرها

                              الحديث المسلسل

                              روى الحاكم النيسابوري في (معرفة علوم الحديث) ص32 ط دار الكتب بمصر قال: والنوع السادس من المسلسل ما عدهن في يدي أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، (وساق السند) إلى أن قال: وعدهن في يدي زيد بن علي بن الحسين، وقال لي، عدهن في يدي علي بن الحسين، وقال: عدهن في يدي حسـين بن علي، وقال لـي: عدهـن في يـدي علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وقال لي: عدهن في يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عدهن في يدي جبرئيل، وقال جبرئيل (عليه السلام): هكذا نزلت بهن من عند رب العزة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم ترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم تحنن على محمد وآل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              ثم قال: وقبض حرب خمس أصابعه، وقبض علي بن أحمد العجلي خمس أصابعه وعدهن في أيدينا، وقبض الحاكم (أبو عبد الله) خمس أصابعه وعدهن في أيدينا، وقبض أحمد بن خلف خمس أصابعه وعدهن في أيدينا.

                              ورواه بسنده القاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى) ج2 ص60، كما تقدم عن الحاكم سندا ومتناً، لكنه زاد قبل قوله: إنك حميد مجيد في الموضع الأول كلمة: ربنا.

                              ورواه عن الحاكم بسنده الشيخ علي المتقى في (كنز العمال)ج1 ص214، وقال:- أخرجه البيهقي في (شعب الأيمان) عن الحاكم،وأخرجه التميمي، وابن المفضل وابن سدي، جميعا في (مسلسلاتهم)، والقاضي عياض في (الشفاء) والديلمي أي في (الفردوس). ونقله عن (كنز العمال)العلامة السيد مرتضى الفيروز آبادي في (فضائل الخمسة) ج1 ص215.

                              ورواه بسنده الحافظ عبد الكريم الرافعي الشافعي في (التدوين) ج3 ص86 ولكنه اسقط كلمة، على، بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا بين إبراهيم وآل إبراهيم في جميع المواضع.

                              ورواه العلامة الحمويني في (فرائد السمطين) ص17 بسنده، واسط كلمة على بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                              ونقله عن الحاكم العلامة الزرندي في (نظم درر السمطين) ص47 بإسقاط كلمة على بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                              ورواه العلامة السيوطي في (بغية الوعاة) ص442 ط مصر، وقد أورد عدة روايات مسندة، ومسلسلة بالعد، ومنها قال: قرأت على الأصيلة الثقة الخيرة الفاضلة الكاتبة أم هاني بنت أبي الحسن الهوريني، وعدتهن في يدي، قالت: أنبأنا الإمام النحوي، وذكر السند والحديث كما تقدم عن الحاكم.

                              ورواه السيوطي أيضا في كتابه (ذيل اللئالي) ص135 ط لكنهو، لكنه أسقط قوله: وسلم.

                              ورواه الحافظ السخاوي في (القول البديع) ص28،ثم قال: أخرجه ابن بشكوال في (القربة) مسلسلا بالعد، وابن سدي في (مسلسلاته) من طرق حرب …الخ.

                              ونقلة عن الحاكم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المال) ص17، وذكر بدل قوله: وترحم، وأرحم …الخ.

                              ورواه الشيخ عبد الرحمن مجيد الدين الحنبلي في (الأنس الجليل) ط الوهبية القاهرة، عن علي (عليه السلام) …الخ.

                              ورواه العلامة النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) ص26وص98 بثلاث مسانيد متسلسلة.

                              ورواه العلامة الشيخ محمد آقا الكرماني في (شرح الأربعين) مخطوط عن علي (عليه السلام) بالعد في اليد.

                              ورواه العلامة الحضرمي في (رشفة الصادي) ص34 نقلا عن الحاكم في (معرفة علوم الحديث).

                              ورواه العلامة الشيخ عبد الحفيظ الفاسي في (الآيات والبينات) ص240 بأسانيد عديدة، وطرق كثيرة، ونص على صحة أكثر طرقه وأسانيده ثم قال: وأخرجه أبو نعيم (المعرفة) والديلمي مسلسلا.

                              ورواه السيوطي في (الجامع الكبير) عن ابن مسدة، والترمذي، وكذا أخرجه جماعة من أصحاب المسلسلات كأبي طاهر السلفي، وابن العربي وابن بشكوال، وابن مسدي، وابن ناصر السلامي، وابن المفضل وغيرهم..الخ.


                              2- روى الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج6 ص216 بسنده عن عبد الملك بن مروان بن عنترة عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، ثم قال: وفي حديث الزهري: كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              وروى الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي في كتابه (أحكام القرآن) ج1 ص184 من طريق علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما تقدم برقم(2) وروى العلامة السيوطي في (الدر المنثور) ج5 ص217 فقال:


                              3- واخرج ابن مردوية عن علي (عليه السلام) قال: قلت: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

                              4- وقال السـيوطي في (الدر المنثور) ص216 واخرج ابن عـدي عن علي (عليه السلام) عن محمد (صلى الله عليه وآله) قال: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت، وذكر الصلاة على أهل بيته وذريته.

                              وروى العلامة النميري في (الإعلام بفضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)) بسنده الحديث المتقدم برقم (2).

                              وروى العلامة السخاوي في (القول البديع) ص29 بسنده، وذكر الحديث المتقدم برقم (2) نقلا عن النسـائي، والخطيب، وأشار إلى حديث علي (عليه السلام) الترمذي في (الجامع الصحيح) ج1 ص56 مخطوط الحديث المتقدم برقم(1) المسلسل بالعد، ولكنه اسقط فقرة: اللهم تحنن…الخ.

                              وروى العلامة القرطبي في تفسيره (الجامع لإحكام القرآن) ج14 ص234 الحديث المتقدم برقم(2) ورقم(3). ونقل بعض أحاديث علي (عليه السلام) العلامة السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج3 ص255 وما بعدها، ج9 ص569-578.


                              5- وقال العلامة الزرندي في (نظم درر السمطين) ص49: روي عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه و آله) إنه قال: إذا هالك أمر فقل: اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تكفيني شر ما أخاف وأحذر، فأنك تكفى ذلك الأمر.

                              ونقله أيضا عن الحسين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) العلامة السيد أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي) ص32. كما رواه الشيخ حسن الحمزاوي المالكي في (مشارق الأنوار) ص112. ورواه أيضا الحمويني في (فرائد السمطين) ص27 بسنده.

                              وروى العلامة الحمويني في (فرائد السمطين) ص18 بسنده عن الإمام موسى بن جعفر، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأُخِذَ بيَدهِ حتى تُدخَل.


                              6- من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة.

                              وروى العلامة الصفوري في (نزهة المجالس) ج2 ص12 قال:


                              7- وقال علي (عليه السلام) من قال كل يوم ثلاث مرات، ويوم الجمعة مائة مرة: صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وعلى آل محمد وعليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته، فقد صلى عليه صلاة جميع خلقه، وحشر يوم القيامة في زمرته، وأُخِذَ بيَدهِ حتى تُدخَل الجنة.

                              ورواه العلامة السخاوي في (القول البديع) ص141 عن علي (عليه السلام) بعين ما تقدم، ولكنه اسقط كلمة على بين محمد وآل محمد. ونقله عن (نزهة المجالس) وعن (القول البديع) السيد شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج9 ص638-639.

                              وروى العلامة ابن المغازلي الشافعي في (مناقبه) بسنده عن علي (عليه السلام) الحديث الذي تقدم عن الحمويني الرقم(6) إلا إنه اسقط كلمة على بين محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله).

                              ورواه الحافظ الديلمي في (الفردوس) عن علي (عليه السلام) واسقط كلمة على وكذلك رواه الحمزاوي في (مشارق الأنوار) ص93 بإسقاط كلمة على.

                              وكذلك رواه أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي) ص32 نقلا عن العلامة ابن الأخضر، بإسقاط كلمة على.

                              ورواه العلامة الشيخ عبيد الله في (ارجح المطالب) ص320 من طريق الديلمي كما تقدم عن الحمويني برقم(6).

                              راجع الحديث بأسانيده، ومصادره في (تعليقات) (إحقاق الحق) ج9 ص628-629.




                              الرابع والعشرون- أحاديث الحسن بن علي (عليه السلام) ومصادرها


                              1- روى العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) ص8، وص479 فقال: اخرج الحافظ جمال الدين الزرندي عن أبي الطفيل، وجعفر بن حبان قالا: خطب الحسن بن علي (رضي الله عنهما) بعد وفاة أبيه قال: أيها الناس إنا ابن البشير وأنا ابن النذير، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا ابن الداعي إلى الله ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل عليهم، وأنا من أهل البيت الذين أفترض الله مودتهم فقال سبحانه وتعالى [قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا] واقتراف الحسنة مودتنا.

                              ولما نزلت: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] فقالوا يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فحق على كل مسلم أن يصلي علينا فريضة واجبة…الخ.

                              2- وذكر القندوزي في (الينابيع) ص481 خطبة أخرى عن طريق الإمام الصادق عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) عن الحسن (عليه السلام) قال، وذكر خطبة له وفيها نزول آية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، وسؤالهم عن كيفية الصلاة عليه…الخ.

                              ونقل العلامة شهاب الدين في (تعليقاته) على (إحقاق الحق) ج4 ص422 عن (الينابيع) الخطبة بالنص المتقدم. كما نقل عنه الخطبة الأخرى عن الإمام الصادق عن آبائه في ج5 ص58-59 وهي غير الخطبة الأولى.


                              3- راجع الخطبة الكاملة في (أمالي الشيخ الطوسي) ج2 ص180 وهي من الخطب الجليلة الجامعة.

                              وروى العلامة السيد عبد الوهاب الشعراني في (كشف الغمة) ج1 ص107 قال:


                              4- كان الحسن بن علي (رضي الله عنه) يقول: علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فأنك تقصى ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. ثم قال: وكان علي ابن أبي طالب يقنت بهذا في صلاة الصبح وكذا رواه العلامة الوصابي الحبشي في (البركة في فضل السعي والحركة) ص367 وقال: قاله النووي في (الأذكار).




                              الخامس والعشرون- ما نقل مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله) في الصلاة عليه وآله

                              هنالك مؤلفون في التفسير واللغة وغيرهما من مختلف المؤلفات من العامة يذكرون ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كيفية الصلاة عليه وعلى آله من دون تعيين الراوي لها من الصحابة، بل يرسلون قوله (صلى الله عليه وآله) إرسال المسلمات وهم كثيرون منهم.

                              علامة المفسرين الفخر الرازي في تفسيره (مفاتيح الغيب) عند تفسيره آية الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله) بما نصه ج6 ص535 ط الأولى وج25 ص226 ط مصر، قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) كيف نصلي عليك يا رسول الله؟ فقال: قولوا:


                              1- اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. واستشهد بها في ج1 ص493 عند تفسيره لقوله تعالى: [وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ]...الخ [البقرة/128].

                              ومنهم العلامة النيسابوري في (تفسيره) المطبوع بهامش الطبري ط الميمنية بمصر ج22 ص30 ذكر الحديث بالنص المذكور عن الرازي.

                              ومنهم العلامة الشهير بابن حيان الأندلسي حيث أورد نزول الآية الشريفة في النبي (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار في تفسيره (البحر المحيط) ج7 ص248 ط السعادة بمصر كما تقدم عن الرازي.

                              ومنهم العلامة المعروف بابن مسعود في (تفسيره) المطبوع بهامش تفسير الرازي ج7 ص349-350 حيث ذكر في تفسير الآية الكريمة الاختلاف في وجوب الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله) وعدم الوجوب، ثم قال: وأما الصلاة عليه في الصلاة بأن يقال:


                              2- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فليست بشرط في جواز الصلاة عندنا، ثم قال: وأما الشافعي فقد جعلها شرطا..الخ.

                              ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المال) قال: وعن إبراهيم النخعي مرسلا قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا:


                              3- اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم قال باكثير: واخرجه إسماعيل القاضي ومنهم العلامة ابن تيمية الحراني في (منهاج السنة) ج2 ص146 قال: فالله تعالى أمر بالصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله) ، وقد فسر النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك بالصلاة عليه وعلى آله.

                              وقال في ج4 ص258:وقال (صلى الله عليه وآله): قولوا:


                              4- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد - إلى إن قال: وبارك على محمد وعلى آل محمد ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) ص139، في باب مشروعية الصلاة عليهم وقال:


                              5- الحديث المتفق عليه: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح.

                              ومنهم العلامة ابن الأثير الجزري في (النهاية) ج1 ص89 ط الخيرية بمصر، قال:


                              6- وفي حديث الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله): وبارك على محمد وعلى آل محمد. ومنهم العلامة النووي الشافعي في (شرح صحيح مسلم) ج4 ص124 ط القاهرة قال: قال (صلى الله عليه وآله): قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.

                              ومنهم العلامة المذكور في (الأذكار) ص77 و40.


                              7- قال: ويستحب أن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. ومنهم العلامة السيد خواجة المحمدي في (علم الكتاب) ط دلهي، قال وذكر النص المتقدم برقم(4).

                              ومنهم علامة اللغة جمال الدين المصري في (لسان العرب) ج11 ص38 ط بيروت قال:


                              8- وروي عن غيره إنه سئل عن قول النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، مَن آل محمد…الخ.

                              ومنهم علامة الأدب نشوان بن سعيد اليماني في (شمس العلوم) ج1 ص115 ط ليدن، وذكر النص المتقدم برقم(1) واسقط (إنك حميد مجيد).


                              9- ومنهم العلامة الطبري في تفسيره (جامع البيان) ج22 ص44 قال(صلى الله عليه وآله) : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته.

                              ومنهم العلامة السيد أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي) ص33 قال: قال (صلى الله عليه وآله):ـ


                              10- اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

                              ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الفتاوى الحديثة) ص14 ط مصر قال في كيفية الصلوات:


                              11- وترحم على محمد وعلى آل محمد.


                              12- وقال (صلى الله عليه وآله): اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما، وزده تشريفا وتكريما، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة.

                              وقال ابن حجر الهيتمي أيضا في (الدر المنضود) ص15: وروي من طريق البيهقي مرسلا عن النبي (صلى الله عليه و آله) ، وذكر الحديث المتقدم برقم(1) واسقط كلمة (على) بين محمد وآله، وبين إبراهيم وآل إبراهيم. وروى حديثا آخر مرسلا ص15، وفيه:


                              13- اللهم صل على آل محمد وبارك على آل محمد.

                              ومنهم الشيخ عبد النبي القدوسي الحنفي في (سنن الهدى) ص55 روى الحديث بعين ما تقدم أولا عن (الدر المنضود).

                              ومنهم العلامة الشعراني في (كشف الغمة) ج1 ص227 قال: وكان(صلى الله عليه وآله) يقول: إذا صليتم عليَ


                              14- فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، وسلم على محمد وعلى آل محمد. ومنهم الشيخ محمد بن درويش المشتهر بالحـوت البيروتي في (اسـنى المطالب) ص151 ط مصر. قال: قوله (صلى الله عليه وآله): قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.

                              ومنهم الشيخ محمد بن عبد الرحمن الوصابي في (البركة في فضل السعي والحركة) ص361، بالنص المتقدم.

                              ومنهم العلامة الزبيدي في (الإتحاف) ج3 ص79، وذكر نصين في كيفية الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله) مع آله.

                              وهكذا مؤلفون آخرون كثيرون يذكرون صيغا عديدة في كيفية الصلاة عليه، وفي كلها الصلاة على آله معه، تركنا أسماءهم ومصادرهم روما للاختصار راجع (تعليقات) (إحقاق الحق) ج9 ص569-605، وقد نقلنا عن بعض المصادر بواسطته.ونقل في (تعليقاته)ج9 من ص606-611 وفي ص624-625.


                              الصـيغ الـمأثـورات في الصـلوات

                              عن العلامة علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي في كتابه (شفاء السقام) ص241 ط حيدر آباد إنه قال: نختتم الكتاب بالصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) بالألفاظ التي وردت مأثورة في الأحاديث كل لفظ على حدة، ولا نذكر منها إلا ما روي، وكل لفظ من ألفاظ الصلاة وجدته فأنقل إنه مروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وقد جمع ذلك كله أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن النميري في كتابه (الإعلام بفضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام) ثم ذكر تلك الصيغ، وهي خمس وأربعون صيغة، وفي كلها أقترن آله (صلى الله عليه وآله) معه. ما عدا أربعة صـيغ وهي المـرقمة، 15، 26، 27، 32. ثم قال هذا كله مروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) بأسانيد منها صحيحة ومنها غير ذلك، فراجع أقول لعل غير الصحيح هو ما حذف منه الآل.

                              [ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] (الأنعام/116].


                              الهوامش:

                              1- عبد الله الراوي للأحاديث في (المسند) هو عبد الله بن أحمد بن حنبل صاحب المسند وقوله حدثني أبي يعني به أحمد، ولفظه (ثنا) أي حدثنا تكتب كذلك للاختصار.

                              2- موسى بن طلحة التيمي وأبوه طلحة الذي ينقل أحاديثه عن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي خرج يوم الجمل مع الزبير وعائشة محاربا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ( سيد آل محمد وأولهم، وسيد المسلمين أجمعين) قتل يوم الجمل بسهم رماه به، مروان بن الحكم، فتبصر بقول النبي (صلى الله عليه وآله) من أعان ظالماً على ظلمه سلطه الله عليه.

                              3- زينب بنت أبي سلمة، وهو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وأمها أم سلمة وهي ربيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله).



                              كيفية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)








                              تعتبر مسألة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من جملة المسائل التي اتفق المسلمون على أصلها واختلفوا في تفاصيلها وكيفيتها.

                              وأصل هذه المسألة قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما)(1). وتشترك هذه الآية مع آية أُخرى أشارت إلى صلاة الله سبحانه وتعالى على عباده، مثل قوله تعالى: (هو الذي يصلّي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)(2). ومع آية ثالثة أشارت إلى صلاة النبي (صلى الله عليه وآله) على بعضهم، هي قوله تعالى: (خُذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم)(3).

                              وقد أشار أكثر المفسرين إلى أن صلاة العبد لربّه دعاء وتعظيم، وصلاة الله لعبده رحمة وتكريم بدليل التعليل الوارد (ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)، وصلاة الرسول على المؤمنين هي الدعاء لهم بالخير والبركة. وصلاة الملائكة على الرسول أو المؤمنين دعاء واستغفار(4).

                              وهذه الصلاة المتبادلة بين العبد والرب والرسول، صلاة العبد للرب وصلاة الرب للعبد، صلاة الرسول للمؤمنين، وصلاة المؤمنين للرسول، تجسّد أكمل صورة للتلاحم والترابط بين الخالق والمخلوق، بين الأُمة ورئيسها، على أن يعرف كل طرف موقعه ومنزلة الطرف الذي هو بأزاءه، فلا تضيع الحدود في ثنايا هذا التلاحم، فالعبد يصلي تعظيماً وعبودية ورقّاً للخالق العظيم، والله يصلي إكراماً وتشريفاً ورحمة بهذا العبد العارف، والمؤمن يصلّي على الرسول إذعاناً بمنزلته وتسليماً لولايته، والرسول يصلّي على المؤمن إكراماً له ورغبة في مزيد الخير له.

                              وقد خص الله سبحانه وتعالى نبيه بأعلى درجات التكريم والتشريف إذ صلّى عليه، وصلّت عليه ملائكته، وألزم المؤمنين بالصلاة عليه، وكان من جملة ذلك تكريم أُمته التي آمنت به وانصاعت لأوامره، فكانت صلاة الله وملائكته ورسوله عليها رشحة من ذلك التكريم، وقبساً من تلك المشكاة، وخصيصة تمتاز بها هذه الأُمة عما سواها من الأُمم التي جاءت قبلها.


                              صيغة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله):

                              لقد أجمع فقهاء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) على عدم جواز الاكتفاء بذكر النبي (صلى الله عليه وآله) في الصلاة ووجوب ذكر آله معه(5)، مستدلّين على ذلك بأخبار قطعية وردت في تراث الفريقين معاً، كالخبر المشهور في المصادر السنّية، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) (خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟

                              قال: (فقولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم انك حميد مجيد)(6)، وقد أورد مثل هذا النصّ سائر المفسرين عند هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...)(7) وفي صيغة الجزم والتأكيد تقف عندما رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة، أنه (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلّ على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)(8).

                              ورغم وفرة هذه الأدلّة وكثرتها وتأكيدها على الجمع بين النبيّ وآله، إلاّ أن الفقه السنّي لم يقطع بوجوب الصلاة على الآل، فهناك من أوجب ذكر الآل في الصلاة عليه وهناك من لم يوجبه(9)، محتجّاً بوجوه واهية يأنف القلم الرفيع عن ذكرها، فضلاً عن الاعتقاد بها، كقوله: إن عدم الوجوب أولى لأن (النبي (صلى الله عليه وآله) إنّما أمرهم بهذا ـ يعني ذكر الآل مع النبي ـ حين سألوه تعليمهم ولم يبتدئهم به)(10).


                              والجواب عليه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد يكتفي بسؤالهم في إيراد الأحكام المتعلقة بموضوع المسألة، ولو لم يسألوا لكان قد بادر إلى بيان هذا الحكم الشرعي.

                              وهذه الحالة لها نظائر قرآنية كثيرة أوردها القرآن الكريم بعنوان يسألونك، كما في: (يسألونك عن المحيض)(11)، (يسألونك عن الشهر الحرام)(12)، (يسألونك عن الخمر والميسر)(13)، وغير ذلك، وعلى هذا الادعاء يلزم أن لا يكون لهذه المسائل أحكام شرعية، لو لم يكن يظهر سؤال من الناس عنها، فهل هذا الاستنتاج صحيح؟!!


                              مـن هـم الآل ؟

                              المقطوع به في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام): إن الآل المقصودين في الصلاة هم (المعصومون من أهل بيته، إذ لا تجب الصلاة على غيرهم)(14) وهذا أشبه ما يكون بضروريات هذا المذهب التي تستغني عن الإثبات والبرهنة، وتؤيده عشرات الأحاديث المروية في المصادر السنّية عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، كمسند أحمد، والمستدرك على الصحيحين، والدر المنثور للسيوطي، وكنز العمال، ومجمع الزوائد، حيث تدل جميعاً على أن آل محمد (صلى الله عليه وآله) هم فاطمة وعلي والحسن والحسين(15)، منها ما رواه الإمام أحمد في مسنده، أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع فاطمة وعلياً والحسن والحسين، وألقى عليهم كساءاً، ثم وضع يده على الكساء، ثم قال: (اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنّك حميد مجيد)(16).

                              ومع أن وفرة هذه الأحاديث ووضوحها تجعل الأمر مستغنياً عن البحث، إلاّ أننا نجد رغم ذلك ظهور تفاسير غريبة تقول إنهم: أتباعه، أو أُمته، أو الأتباع والرهط والعشيرة، وقيل: قومه، وقيل: أهله الذين حرمت عليهم الصدقة...

                              ويجيء على مذهب الحسن أن المراد بآل محمد، محمد نفسه! وهذا من أغرب الآراء!!

                              وهناك من فسّر الآل بكونهم بني هاشم(17).

                              وأفضل ما نختم به هذا البحث في هذه النقطة هو ما قاله الفخر الرازي في تفسيره الكبير، حيث كتب يقول: (وأنا أقول: آل محمد (صلى الله عليه وآله) هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل. ولا شك أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين (عليهم السلام)، كان التعلق بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أشد التعليقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل، وإن حملناه على الأُمة الذين قبلوا دعوته فهم أيضاً آل، فثبت أن على جميع التقديرات هم الآل.

                              وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟ فمختلف فيه، وروى صاحب الكشاف أنّه لما نزلت هذه الآية ـ يقصد آية المودّة ـ قيل يا رسول الله: من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال: (علي وفاطمة وابناهما) فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبي (صلى الله عليه وآله)، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد من التعظيم ويدل عليه وجوه .

                              وثاني الوجوه التي ذكرها الفخر الرازي هو: إنّ الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وهو قوله : (اللّهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وارحم محمداً وآل محمّد) وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل(18).

                              هذا، وقد كان الفخر الرازي أكّد في تفسيره أنّ صيغة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) هي: (اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد...)(19).


                              المسألة في مضمار الفقه:

                              والمسألة من حيث الأصل لا خلاف فيها، كما لا خلاف في فضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) واستحبابها في كل وقت، وترتب الثواب عليها، لورود الأخبار الكثيرة بذلك من طرق السنّة والشيعة، كقوله (صلى الله عليه وآله): (من صلّى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً)(20) إنّما ظهر الخلاف في جهتين:


                              الأُولى ـ ما هي صيغة الصلاة عليه؟ وقد انتهينا من البحث في ذلك واتضح الحق فيه وهو أنّ ذكر (آل محمد (عليهم السلام)) عند الصلاة عليه أمر مشروع بل مطلوب عند جميع المسلمين، وأنّ ترك ذكرهم عند الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) يجعلها صلاة بتراء، كما صرّح بها النص النبويّ الشريف.


                              الثانية ـ متى تجب الصلاة على النبي وآله؟ وهو ما نبحثه الآن.

                              ومما لا شك فيه أن الآية تشتمل على صيغة أمر، وعلى درجة مؤكدة منها، إذ بعدما قدمت (إن الله وملائكته يصلّون على النبي...) أصدرت أمراً مؤكداً، نصه: (يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما). ومن المقرر لدى علماء الأصول، أن صيغة الأمر تدل على الوجوب، وهذا ما أدى إلى طرح السؤال التالي:


                              متى تجب الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله)؟

                              وقد ظهرت هنا عدة آراء ذكرها الزمخشري في تفسيره كالآتي:

                              (فإن قلت: الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) واجبة أم مندوبة إليها؟

                              قلت: بل واجبة، وقد اختلفوا في حال وجوبها.

                              فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره، وفي الحديث (من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ فدخل النار فأبعده الله) ويروى أنه قيل: يا رسول الله ارأيت قول الله تعالى: (إن الله وملائكته يصلّون على النبي...) فقال (صلى الله عليه وآله): (هذا من العلم المكنون ولولا إنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إن الله وكّل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي عليّ إلاّ قال ذانك الملكان: غفر الله لك. وقال الله وملائكته لذينك الملكين: آمين).

                              ومنهم من قال: تجب في كل مجلس مرّة وإن تكرر ذكره، كما قيل في آية السجدة، وتسميت العاطس، وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره.

                              ومنهم من أوجبها في العمر مرّة، وكذا قال في إظهار الشهادتين.

                              والذي يقتضيه الاحتياط، الصلاة عليه عند كل ذكر، لما ورد من الأخبار.

                              فإن قلت: (فالصلاة عليه في الصلاة أهي شرط في جوازها أم لا؟ قلت: أبو حنيفة وأصحابه لا يرونها شرطاً. وعن إبراهيم النخعي: كانوا يكتفون عن ذلك ـ يعني الصحابة ـ

                              بالتشهد وهو السلام عليك أيها النبي، وأما الشافعي(رحمه الله) فقد جعلها شرطاً...)(21).

                              وقال القرطبي في تفسيره: (ولا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرّة وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلاّ من لا خير فيه)(22).

                              واختار ابن حزم في المحلّى أنّها واجبة في العمر مرّة، والزائد على ذلك مستحب، وردّ على الشافعي إيجابه لها في الصلاة بأن ذلك دعوى بلا برهان، وردّ وجوبها أكثر من مرة بأن الزيادة على ذلك لابد وأن تتحدد بعدد معين. ولا سبيل إلى ذلك إذ لا يوجد دليل على عدد بعينه(23) وهو رأي الجصاص أيضاً(24).

                              ورأي الشافعي أنّها واجبة في التشهد الأخير فقط، وكذا الأمر عند الحنابلة، واستدلوا له بعدّة وجوه(25).

                              أما مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فمن أوضح واضحاته وجوب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) في التشهدين معاً، واستدل عليه الشيخ الطوسي بـ (إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف إذا فعل ذلك أن صلاته ماضية، ولم يدلّ دليل على صحتها إذا لم يفعل ذلك، وأيضاً قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما) وهذا أمر بالصلاة عليه يقتضي الوجوب ولا موضع أولى من هذا الموضع). ثم روى ثلاث روايات تدل على وجوبه في الصلاة:

                              الأُولى عن كعب بن عجرة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) والثانية عن عائشة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) والثالثة عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام)(26).

                              وفي تذكرة الفقهاء: أن الأمر للوجوب، ولا يجب في غير الصلاة إجماعاً، فيجب فيها، ولأن عائشة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (لا يقبل صلاة إلاّ بطهور، وبالصلاة عليّ) ولقول الصادق (عليه السلام): (من صلّى ولم يصلِّ على النبي (صلى الله عليه وآله) وتركه عامداً فلا صلاة له)(27).


                              حصيلة البحث:

                              فتحصل من ذلك ثبوت مطلوبية الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) في كل آن، ووجوبها في التشهدين من الصلاة، ومن هنا يتضح بطلان الصلاة التي لم يرد فيها الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).

                              كما تحصل أيضاً أن المقصود بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) هي ما ذكر فيها أهل بيته معه، وأن الصلاة الخالية من ذكرهم (عليهم السلام) صلاة سمّاها الرسول (صلى الله عليه وآله) بالصلاة البتراء، وقد نهى عنها الرسول نفسه، وبالتالي فالفريضة الخالية من ذكرهم (عليهم السلام) كالخالية من ذكره (صلى الله عليه وآله) أصلاً.

                              وكلتاهما محكوم عليهما بالبطلان، كما قال الإمام الشافعي:


                              يا آل بـــيـــت رســـول الله حـــبّـــكـم***فـــرض من الله فـــي القــرآن أنزله

                              كفـــاكـــم مـــن عـــظيـــم القدر انّكم***من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له[28]


                              أما ذكر غيرهم معه في الصلاة فتكلف واضح لا دليل عليه، والأمر كما قال الفخر الرازي في الصلاة عليهم (عليهم السلام) معه (صلى الله عليه وآله) منصب عظيم خاص بهم دون سائر الناس.




                              الهوامش:


                              1- الأحزاب : 56.

                              2- الأحزاب : 43.

                              3- التوبة: 103.

                              4- الميزان: 9 / 397، 16 / 335، انظر كذلك التفسير الكبير: 16 ص/180، 25 / 215، 227.

                              5- الخلاف للشيخ الطوسي : 1 / 373، تذكرة الفقهاء : 3 / 233، جواهر الكلام : 10 / 261.

                              6- صحيح البخاري: 6/217، ح 291، سنن الترمذي: 5/359 ح 3220، والحديث متفق عليه.

                              7- الأحزاب: 56.

                              8- الصواعق المحرقة : 225 ط . بيروت.

                              9- المجموع للإمام النووي : 3/466 ـ 467.

                              10- المغني لابن قدامة: 1/581، الشرح الكبير : 1 / 581 بهامش المغني ط دار الكتاب العربي.

                              11- البقرة: 222.

                              12- البقرة: 217.

                              13- البقرة: 219.

                              14- تذكرة الفقهاء : 3/234.

                              15- قام المرحوم الفيروز آبادي بجمع شطر من هذه الأحاديث في كتابه فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : 1/219 ـ 222.

                              16- مسند أحمد : 6/323.

                              17- الصواعق المحرقة : 225، انظر كذلك المجموع للنووي : 3/ 466 ط دار الفكر.

                              18- التفسير الكبير : 27 / 166.

                              19- المصدر السابق : 25 / 277.

                              20- الجامع لأحكام القرآن: 14 / 235.

                              21- الكشاف: 3 / 557 ـ 558.

                              22- الجامع لأحكام القرآن : 14/232 ـ 233.

                              23- المحلى : 3/273 .

                              24- أحكام القرآن : 3/484.

                              25- الفقه على المذاهب الأربعة: 1/236، 367، انظر كذلك المغني لابن قدامة المقدسي : 1 / 579 ـ 580.

                              26- كتاب الخلاف : 1 / 369 ـ 371.

                              27- تذكرة الفقهاء : 3/232.

                              28- الصواعق المحرقة لابن حجر : 228 في تفسير آية (إن الله وملائكته يصلون على النبي...). وقد فسر كلام الشافعي في هذين البيتين، فاحتمل كون المقصود عنده لا صلاة صحيحة فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل مع النبي في الصلاة، واحتمل كون المقصود لا صلاة كاملة ليوافق قوله الأمر في المسألة.

                              تعليق


                              • #45
                                كيفية الصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وآله)





                                الصلاة على محمّد وآل محمّد بين السنّة والشيعة:

                                تعتبر مسألة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من جملة المسائل التي اتفق المسلمون على أصلها واختلفوا في تفاصيلها وكيفيتها.

                                وأصل هذه المسألة قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما)(1). وتشترك هذه الآية مع آية أُخرى أشارت إلى صلاة الله سبحانه وتعالى على عباده، مثل قوله تعالى: (هو الذي يصلّي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)(2). ومع آية ثالثة أشارت إلى صلاة النبي (صلى الله عليه وآله)على بعضهم، هي قوله تعالى: (خُذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم)(3).

                                وقد أشار أكثر المفسرين إلى أن صلاة العبد لربّه دعاء وتعظيم، وصلاة الله لعبده رحمة وتكريم بدليل التعليل الوارد (ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)، وصلاة الرسول على المؤمنين هي الدعاء لهم بالخير والبركة. وصلاة الملائكة على الرسول أو المؤمنين دعاء واستغفار(4).

                                وهذه الصلاة المتبادلة بين العبد والرب والرسول، صلاة العبد للرب وصلاة الرب للعبد، صلاة الرسول للمؤمنين، وصلاة المؤمنين للرسول، تجسّد أكمل صورة للتلاحم والترابط بين الخالق والمخلوق، بين الأُمة ورئيسها، على أن يعرف كل طرف موقعه ومنزلة الطرف الذي هو بإزاءه، فلا تضيع الحدود في ثنايا هذا التلاحم، فالعبد يصلي تعظيماً وعبودية ورقّاً للخالق العظيم، والله يصلي إكراماً وتشريفاً ورحمة بهذا العبد العارف، والمؤمن يصلّي على الرسول إذعاناً بمنزلته وتسليماً لولايته، والرسول يصلّي على المؤمن إكراماً له ورغبة في مزيد الخير له.

                                وقد خص الله سبحانه وتعالى نبيه بأعلى درجات التكريم والتشريف إذ صلّى عليه، وصلّت عليه ملائكته، وألزم المؤمنين بالصلاة عليه، وكان من جملة ذلك تكريم أُمته التي آمنت به وانصاعت لأوامره، فكانت صلاة الله وملائكته ورسوله عليها رشحة من ذلك التكريم، وقبساً من تلك المشكاة، وخصيصة تمتاز بها هذه الأُمة عما سواها من الأُمم التي جاءت قبلها.




                                صيغة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله):

                                لقد أجمع فقهاء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) على عدم جواز الاكتفاء بذكر النبي (صلى الله عليه وآله) في الصلاة ووجوب ذكر آله معه(5)، مستدلّين على ذلك بأخبار قطعية وردت في تراث الفريقين معاً، كالخبر المشهور في المصادر السنّية، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) (خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال: (فقولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم انك حميد مجيد)(6)، وقد أورد مثل هذا النصّ سائر المفسرين عند هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...)(7) وفي صيغة الجزم والتأكيد تقف عندما رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة، أنه (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلّ على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)(8).

                                ورغم وفرة هذه الأدلّة وكثرتها وتأكيدها على الجمع بين النبيّ وآله، إلاّ أن الفقه السنّي لم يقطع بوجوب الصلاة على الآل، فهناك من أوجب ذكر الآل في الصلاة عليه وهناك من لم يوجبه(9)، محتجّاً بوجوه واهية يأنف القلم الرفيع عن ذكرها، فضلاً عن الاعتقاد بها، كقوله: إن عدم الوجوب أولى لأن (النبي (صلى الله عليه وآله) إنّما أمرهم بهذا ـ يعني ذكر الآل مع النبي ـ حين سألوه تعليمهم ولم يبتدئهم به)(10).


                                والجواب عليه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد يكتفي بسؤالهم في إيراد الأحكام المتعلقة بموضوع المسألة، ولو لم يسألوا لكان قد بادر إلى بيان هذا الحكم الشرعي. وهذه الحالة لها نظائر قرآنية كثيرة أوردها القرآن الكريم بعنوان يسألونك، كما في: (يسألونك عن المحيض)(11)، (يسألونك عن الشهر الحرام)(12)، (يسألونك عن الخمر والميسر)(13)، وغير ذلك، وعلى هذا الادعاء يلزم أن لا يكون لهذه المسائل أحكام شرعية، لو لم يكن يظهر سؤال من الناس عنها، فهل هذا الاستنتاج صحيح؟!!




                                مـن هـم الآل؟

                                المقطوع به في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام): إن الآل المقصودين في الصلاة هم (المعصومون من أهل بيته، إذ لا تجب الصلاة على غيرهم)(14) وهذا أشبه ما يكون بضروريات هذا المذهب التي تستغني عن الإثبات والبرهنة، وتؤيده عشرات الأحاديث المروية في المصادر السنّية عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، كمسند أحمد، والمستدرك على الصحيحين، والدر المنثور للسيوطي، وكنز العمال، ومجمع الزوائد، حيث تدل جميعاً على أن آل محمد (صلى الله عليه وآله) هم فاطمة وعلي والحسن والحسين(15)، منها ما رواه الإمام أحمد في مسنده، أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع فاطمة وعلياً والحسن والحسين، وألقى عليهم كساءاً، ثم وضع يده على الكساء، ثم قال: (اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنّك حميد مجيد)(16).

                                ومع أن وفرة هذه الأحاديث ووضوحها تجعل الأمر مستغنياً عن البحث، إلاّ أننا نجد رغم ذلك ظهور تفاسير غريبة تقول إنهم: أتباعه، أو أُمته، أو الأتباع والرهط والعشيرة، وقيل: قومه، وقيل: أهله الذين حرمت عليهم الصدقة...

                                ويجيء على مذهب الحسن أن المراد بآل محمد، محمد نفسه!! وهذا من أغرب الآراء!!


                                وهناك من فسّر الآل بكونهم بني هاشم(17).

                                وأفضل ما نختم به هذا البحث في هذه النقطة هو ما قاله الفخر الرازي في تفسيره الكبير، حيث كتب يقول: (وأنا أقول: آل محمد (صلى الله عليه وآله) هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل. ولا شك أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين (عليهم السلام)، كان التعلق بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل، وإن حملناه على الأُمة الذين قبلوا دعوته فهم أيضاً آل، فثبت أن على جميع التقديرات هم الآل.

                                وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟ فمختلف فيه، وروى صاحب الكشاف أنّه لما نزلت هذه الآية ـ يقصد آية المودّة ـ قيل يا رسول الله: من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال: (علي وفاطمة وابناهما) فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبي (صلى الله عليه وآله)، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد من التعظيم ويدل عليه وجوه.

                                وثاني الوجوه التي ذكرها الفخر الرازي هو: إنّ الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وهو قوله : (اللّهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وارحم محمداً وآل محمّد) وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل(18).

                                هذا، وقد كان الفخر الرازي أكّد في تفسيره أنّ صيغة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) هي: (اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد...)(19).




                                المسألة في مضمار الفقه:

                                والمسألة من حيث الأصل لا خلاف فيها، كما لا خلاف في فضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) واستحبابها في كل وقت، وترتب الثواب عليها، لورود الأخبار الكثيرة بذلك من طرق السنّة والشيعة، كقوله (صلى الله عليه وآله): (من صلّى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً)(20) إنّما ظهر الخلاف في جهتين:


                                الأُولى ـ ما هي صيغة الصلاة عليه؟ وقد انتهينا من البحث في ذلك واتضح الحق فيه وهو أنّ ذكر (آل محمد (عليهم السلام)) عند الصلاة عليه أمر مشروع بل مطلوب عند جميع المسلمين، وأنّ ترك ذكرهم عند الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) يجعلها صلاة بتراء، كما صرّح بها النص النبويّ الشريف.


                                الثانية ـ متى تجب الصلاة على النبي وآله؟ وهو ما نبحثه الآن.


                                ومما لا شك فيه أن الآية تشتمل على صيغة أمر، وعلى درجة مؤكدة منها، إذ بعدما قدمت (إن الله وملائكته يصلّون على النبي...) أصدرت أمراً مؤكداً، نصه: (يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما). ومن المقرر لدى علماء الأُصول، أن صيغة الأمر تدل على الوجوب، وهذا ما أدى إلى طرح السؤال التالي:




                                متى تجب الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله)؟

                                وقد ظهرت هنا عدة آراء ذكرها الزمخشري في تفسيره كالآتي:


                                (فإن قلت: الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) واجبة أم مندوبة إليها؟


                                قلت: بل واجبة، وقد اختلفوا في حال وجوبها.


                                فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره، وفي الحديث (من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ فدخل النار فأبعده الله) ويروى أنه قيل: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: (إن الله وملائكته يصلّون على النبي...) فقال (صلى الله عليه وآله): (هذا من العلم المكنون ولولا إنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إن الله وكّل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي عليّ إلاّ قال ذانك الملكان: غفر الله لك. وقال الله وملائكته لذينك الملكين: آمين).


                                ومنهم من قال: تجب في كل مجلس مرّة وإن تكرر ذكره، كما قيل في آية السجدة، وتسميت العاطس، وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره.


                                ومنهم من أوجبها في العمر مرّة، وكذا قال في إظهار الشهادتين.


                                والذي يقتضيه الاحتياط، الصلاة عليه عند كل ذكر، لما ورد من الأخبار.


                                فإن قلت: (فالصلاة عليه في الصلاة أهي شرط في جوازها أم لا؟ قلت: أبو حنيفة وأصحابه لا يرونها شرطاً. وعن إبراهيم النخعي: كانوا يكتفون عن ذلك ـ يعني الصحابة ـ بالتشهد وهو السلام عليك أيها النبي، وأما الشافعي (رحمه الله) فقد جعلها شرطاً...)(21).


                                وقال القرطبي في تفسيره: (ولا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرّة وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلاّ من لا خير فيه)(22).


                                واختار ابن حزم في المحلّى أنّها واجبة في العمر مرّة، والزائد على ذلك مستحب، وردّ على الشافعي أيجابه لها في الصلاة بأن ذلك دعوى بلا برهان، وردّ وجوبها أكثر من مرة بأن الزيادة على ذلك لابد وأن تتحدد بعدد معين. ولا سبيل إلى ذلك إذ لا يوجد دليل على عدد بعينه(23) وهو رأي الجصاص أيضاً(24).


                                ورأي الشافعي أنّها واجبة في التشهد الأخير فقط، وكذا الأمر عند الحنابلة، واستدلوا له بعدّة وجوه(25).


                                أما مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فمن أوضح واضحاته وجوب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) في التشهدين معاً، واستدل عليه الشيخ الطوسي بـ (إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف إذا فعل ذلك أن صلاته ماضية، ولم يدلّ دليل على صحتها إذا لم يفعل ذلك، وأيضاً قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما) وهذا أمر بالصلاة عليه يقتضي الوجوب ولا موضع أولى من هذا الموضع). ثم روى ثلاث روايات تدل على وجوبه في الصلاة: الأُولى عن كعب بن عجرة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) والثانية عن عائشة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) والثالثة عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام)(26).


                                وفي تذكرة الفقهاء: أن الأمر للوجوب، ولا يجب في غير الصلاة إجماعاً، فيجب فيها، ولأن عائشة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (لا يقبل صلاة إلاّ بطهور، وبالصلاة عليّ) ولقول الصادق (عليه السلام): (من صلّى ولم يصلِّ على النبي (صلى الله عليه وآله) وتركه عامداً فلا صلاة له)(27).




                                حصيلة البحث:

                                فتحصل من ذلك ثبوت مطلوبية الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) في كل آن، ووجوبها في التشهدين من الصلاة، ومن هنا يتضح بطلان الصلاة التي لم يرد فيها الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).

                                كما تحصل أيضاً أن المقصود بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) هي ما ذكر فيها أهل بيته معه، وأن الصلاة الخالية من ذكرهم (عليهم السلام) صلاة سمّاها الرسول (صلى الله عليه وآله) بالصلاة البتراء، وقد نهى عنها الرسول نفسه، وبالتالي فالفريضة الخالية من ذكرهم (عليهم السلام) كالخالية من ذكره (صلى الله عليه وآله) أصلاً.


                                وكلتاهما محكوم عليهما بالبطلان، كما قال الإمام الشافعي:


                                يا آل بــــيـــت رســــــول الله حبّكـــم***فرض مــــــن الله في القــرآن أنزله

                                كفــــــاكم من عظـــيم القدر إنّكـــــم***من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له(28)


                                أما ذكر غيرهم معه في الصلاة فتكلف واضح لا دليل عليه، والأمر كما قال الفخر الرازي في الصلاة عليهم (عليهم السلام) معه (صلى الله عليه وآله) منصب عظيم خاص بهم دون سائر الناس.





                                1- الأحزاب : 56.

                                2- الأحزاب : 43.

                                3- التوبة: 103.

                                4- الميزان: 9 / 397، 16 / 335، انظر كذلك التفسير الكبير: 16 ص/180، 25 / 215، 227.

                                5- الخلاف للشيخ الطوسي : 1 / 373، تذكرة الفقهاء : 3 / 233، جواهر الكلام : 10 / 261.

                                6- صحيح البخاري: 6/217، ح 291، سنن الترمذي: 5/359 ح 3220، والحديث متفق عليه.

                                7- الأحزاب: 56.

                                8- الصواعق المحرقة : 225 ط . بيروت.

                                9- المجموع للإمام النووي : 3/466 ـ 467.

                                10- المغني لابن قدامة: 1/581، الشرح الكبير : 1 / 581 بهامش المغني ط دار الكتاب العربي.

                                11- البقرة: 222.

                                12- البقرة: 217.

                                13- البقرة: 219.

                                14- تذكرة الفقهاء : 3/234.

                                15- قام المرحوم الفيروز آبادي بجمع شطر من هذه الأحاديث في كتابه فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : 1/219 ـ 222.

                                16- مسند أحمد : 6/323.

                                17- الصواعق المحرقة : 225، انظر كذلك المجموع للنووي : 3/ 466 ط دار الفكر.

                                18- التفسير الكبير : 27 / 166.

                                19- المصدر السابق : 25 / 277.

                                20- الجامع لأحكام القرآن: 14 / 235.

                                21- الكشاف: 3 / 557 ـ 558.

                                22- الجامع لأحكام القرآن : 14/232 ـ 233.

                                23- المحلى : 3/273 .

                                24- أحكام القرآن : 3/484.

                                25- الفقه على المذاهب الأربعة: 1/236، 367، انظر كذلك المغني لابن قدامة المقدسي : 1 / 579 ـ 580.

                                26- كتاب الخلاف : 1 / 369 ـ 371.

                                27- تذكرة الفقهاء : 3/232.

                                28- الصواعق المحرقة لابن حجر : 228 في تفسير آية (إن الله وملائكته يصلون على النبي...). وقد فسر كلام الشافعي في هذين البيتين، فاحتمل كون المقصود عنده لا صلاة صحيحة فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل مع النبي في الصلاة، واحتمل كون المقصود لا صلاة كاملة ليوافق قوله الأمر في المسألة.




                                أدلة المسح على الرجلين في الوضوء من الكتاب والسنة

                                الكاتب المصري: عاطف سلام



                                إن الله تعالى قد تعبد خلقه بعبادات كثيرة ومتنوعة، وكل منها يؤدي بشكل معين وبترتيب محدد، والعلة من وراء هذا الترتيب في أداء العبادة فضلاً عن ذاتها غير معلومة على وجه التحديد ومن ثم تؤدى هذه العبادات بكل خضوع وإذعان وبشكل توقيفي دون البحث في الحكمة من كيفيتها أو الغاية من ورائها، ولا دخل للعقل في استكناه الحكمة من وراء الكيفية، بل هو أمر يعتمد على الاستجابة الخاصة لما يمليه الشارع فحسب، ومن هنا اقتبس لفظ العبادة يعبر عن الأمر الصادر من السيد المطلق سبحانه وتعالى إلى مخلوقه، وما على هذا المخلوق إلا أن ينفذ هذا الأمر بحذافيره بصفته عبداً خاضعاً لسيده ومولاه.

                                والوضوء يمثل أحد الأعمال التعبدية التي يؤديها المسلم قبل الصلاة في حالة وجود الماء وتوفر القدرة على استعماله، وله كيفية معينة قد ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد إذ يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)[سورة المائدة: الآية 60].

                                قال الرازي عند بلوغه هذه الآية من تفسيره الكبير ـ في المسألة الثامنة والثلاثين ـ: اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما، فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي والإمام محمد بن علي الباقر: إن الواجب فيهما المسح، وهو مذهب الإمامية من الشيعة.

                                وقال جمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغسل. وقال الحسن الأصفهاني: يجب الجمع بينهما، وهو قول الناصر بالحق من أئمة الزيدية، وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بين الغسل والمسح. والذي عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو مسح الأرجل فرضاً على سبيل التعيين وتبعهم في ذلك شيعتهم المقتفون أثرهم ولكن هل لهم من حجة فيما ذهبوا إليه تؤيدهم؟

                                هذا ما أورده الرازي في تفسيره حيث استطرد قائلاً: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين المشهورتين في (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب، فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل. فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال هذا الكسر على الجوار كما في قوله: جحر ضب خرب، أو كبير أناس في بجاد مزمل.

                                قلنا هذا بال من وجوه:

                                الأول: إن الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يحتمل لأجل الضرورة في الشعر وكلام الله يجب تنزيهه.

                                وثانيهما: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله: جحر ضب خرب. فإن المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.

                                وثالثهما: إن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.

                                وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضا: أنها توجب المسح وذلك لأن قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاء في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس والجر عطفاً على الظاهر وهذا مذهب مشهور عند النحاة.

                                إذا ثبت هذا فنقول: ظهر انه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) ويجوز أن يكون هو قوله (فَاغْسِلُوا) لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى، فوجب أن يكون عامل النصب في (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) فقلت إن قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللازم توجب المسح أيضا فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح، ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد، ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز.

                                نقول: هذه حجة من استدل بالآية المباركة فحث على وجوب المسح في الوضوء بالنسبة للأرجل ثم قال الرازي: إن الأخبار وردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير اليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحهما.

                                نقول: هذا القول الذي ذهب إليه الرازي بأن الغسل مشتمل على المسح وأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحهما لورود الأخبار بذلك هو قول مردود من وجوه:

                                أولاً: القول بأن الغسل مشتمل على المسح يقتضي إدراج الرأس أيضا مع الأرجل لاشتراكهما في الحكم، وهذا يستلزم غسل الرأس، وذلك غير حاصل قط، لأن التفريق بينهما يقتضي مصادرة الآية بالأخبار.

                                ثانياً: إن الله عز وجل قد أوجب شيئاً اسمه (غسل) يختص بالوجوه والأيدي، وأوجب شيئاً آخر اسمه (مسح) يختص بالرؤوس والأرجل، وفرق بينهما، فما الذي خلط هذا بذلك وجعل هذا مشتملا على ذاك؟

                                ثالثاً: إن الغسل لغة له كيفية معينة وطريقة خاصة به كما هو معروف، وكذلك المسح له كيفية مختلفة لغة وعرفا، ولا يجوز أن يخلط بينهما وان يمتزج بعضهما بالآخر.

                                رابعاً: إن الاحتياط لا يتحقق إلا بالجمع بين المسح والغسل لكونهما حقيقتين مختلفتين كما ذهب إلى ذلك داود الاصفهاني، والناصر بالحق من أئمة الزيدية، حيث التبس الأمر عليهما وأوقعهما في حيرة بسبب التعارض بين الآية والأخبار فأوجبا الجمع بينهما عملاً بهما معاً، أما القول بأن الغسل مشتمل على المسح فهذه مغالطة واضحة.

                                خامساً: إذا تعارضت الأخبار مع النص القرآني الصريح فإنه يجب الأخذ بالقرآن قطعاً والعمل به، وأما الأخبار فأما أن تأول بنحو من التأويلات ما أمكن لذلك سبيلاً، أو تطرح نهائياً لتعارضها مع الكتاب القطعي. ألا ترى إذا جاء القرآن بقوله (وَامْسَحُوا) وجاءت الأخبار بقولها اغسلوا فبأيهما نأخذ؟

                                سادساً: وردت بعض الآثار الصحيحة الدالة على إن الواجب في الوضوء هو مسح الأرجل وفقاً لكتاب الله تعالى قال الإمام الطبري في تفسيره لآية الوضوء: وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بخفض الأرجل، وتأول قارئو ذلك كذلك إن الله تعالى إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلهما، وجعلوا الأرجل عطفاً على الرؤوس فخفضوها لذلك.

                                ثم روى الطبري عدة روايات منها: عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان. وعن عكرمة قال: ليس على الرجلين غسل إنما أنزل فيهما المسح.

                                وعن جابر عن أبي جعفر: امسح رأسك وقدميك.

                                وعن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح، ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلاً، ويلغي ما كان مسحاً. وعن قتادة قوله في تفسير الآية (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ...) قال: افترض الله غسلتين ومسحتين.

                                قلنا: هذه جملة من الآثار الصحيحة تفرق بين الغسل والمسح وتثبت صراحة أن الواجب في الأرجل هو المسح لا غير، والغريب ـ بعد هذا كله ـ أن هناك من يقول بأن الغسل مشتمل على المسح، أو إن المقصود بالمسح هو الغسل الخفيف!!

                                وأخرج الحافظ بن حجر في ترجمة تميم بن زيد في القسم الأول من الإصابة: قال ابن حبان: تميم بن زيد المازني له صحبة وحديثه عند ولده وروى البخاري في تاريخه واحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عمر والبغويني والطبراني والبارودي وغيرهم كلهم من طريق ابي الأسود عن عباد بن تميم المازني عن أبيه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ ويمسح على رجليه.

                                وعن قتادة عن عكرمة الحسن قالا في الآية المذكورة: نمسح الرجلين.


                                نظرة في أخبار الغسل

                                والآن نظرة عابرة على بعض الأخبار التي استنبط منها الجمهور وجوب غسل الأرجل، وهي تنقسم إلى قسمين:

                                أولاً: منها ما هو غير دال صراحة على وجوب الغسل مثل الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: تخلفنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) في سفر سافرناه، فأدركنا وقد حضرت صلاة العصر فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى: ويل للأعقاب من النار.

                                وهذه الكلمة الأخيرة (ويل للأعقاب من النار) قد وردت في حديث كل من أبي هريرة وعائشة.

                                وهذا لو صح فإنه يقتضي المسح لأنهم كانوا يعرفون كيفية الوضوء سلفاً، ومن ثم جعلوا يمسحون على أرجلهم، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم ينكره عليهم بل أقرهم عليه، إنما أنكر عليهم قذارة أعقابهم واختلاطها بالنجاسات ولا عجب من ذلك فإن فيهم أعراباً حفاة جهلة، كثيراً ما يتبولون على أعقابهم ولا يلقون بالا لذلك لا سيما في السفر، فتوعدهم بالنار لئلا يدخلوا في الصلاة بتلك الأعقاب المتنجسة.

                                ثانياً: ومنها ما هو دال على الغسل ـ كما في الصحيحين ـ عن حمران بن أبان قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثاً فغسلهما ثم تمضمض واستشق ثم غسل وجهه ثلاثاً... إلى أن قال: ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى ثلاثاً مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) توضأ نحو وضوئي هذا. ومثله حديث زيد بن عاصم الأنصاري الوارد في الصحيحين إلى غير ذلك من الأخبار التي وردت في هذا المعنى وفيها نظر من وجوه. أولاً: إنها جاءت مخالفة للكتاب المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولإجماع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الموافق للكتاب في وجوب المسح.

                                ثالثاً: إنها قد عورضت بما ذكرناه من أخبار صحيحة متعددة دلت على وجوب المسح، وحسبك أن ابن عباس حبر الأمة ووعاء الكتاب والسنة كان يحتج بالمسح فيقول: افترض الله غسلتين ومسحتين، ألا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين.

                                وكان يقول: الوضوء غسلتان ومسحتان.

                                ولما بلغه أن الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية تزعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) توضأ عندها فغسل رجليه أتاها يسألها عن ذلك، وحين حدثته عن ذلك قال متعجباً: إن الناس أبوا إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.

                                رابعاً: إنها لو كانت حقاً لفاقت حد التواتر، ولم يكن ثمة معارض لها لأن الحاجة إلى معرفة طهارة الأرجل في الوضوء حاجة عامة لرجال الأمة ونسائها أحرارها ومماليكها، وهي حاجة ضرورية فلو كان الواجب غير المسح المنصوص عليه في الآية لعلمه المكلفون في عهد النبوة وبعده، ولكان مسلماً بينهم ولتواترت أخباره عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كل عصر ومصر فلا يبقى مجال لإنكاره ولا للشك فيه. ولما لم يكن الأمر كذلك فقد كانت تلك الأخبار موضع نظر، وحيث أنها تعارضت مع أخبار أخرى توجب المسح، فلا مناص من الرجوع إلى الكتاب الكريم فهو الفيصل في الأمر وقد علمت أنه يوجب المسح.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 03:07 AM
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 03:04 AM
                                ردود 0
                                5 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X