إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

اجوبة سماحة السيد على العنف واللاعنف والارهاب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اجوبة سماحة السيد على العنف واللاعنف والارهاب


    والحمد لله ربِّ العالمين، وخالق الكون والبشر وما في السماء والأرضين، الاله الواحد الأحد، ربّ آدم ونوح وإبراهيم ويعقوب وإسماعيل وموسى وعيسى، وسائر الأنبياء والمرسلين، ونصلّي ونسلّم على خاتم الأنبياء نبيّ الرَّحمة والإنسانية، رسول السَّلام محمَّد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)إلى خاتم الوصيين، الحجّة المنتظر أرواحنا فداه.
    وبعد:
    فإنّ ما يجري في العالم اليوم، خصوصاً ما شهدناه في 11 ستمبر في نيورك وما جرى في إسبانيا وغيرها ـ وخصوصاً في العراق ـ يستدعي الوقوف عليه، بل نرى من الواجب الوقوف في وجهه.
    والسّبب يعود إلى هذه الأعمال الإرهابية، من قتل الأبرياء والاعتداء على بني البشر، وقطع الرّؤوس وخطف الناس وتعذيبهم، وللاسف كلّ هذا يجري اليوم تحت راية الإسلام المزَّيفة، وباسم الإسلام المجازي، والإسلام ليس بريئاً من كلّ هذا فحسب ، بل يقف ضدّ هؤلاء وكلّ عمل يكون على هذه الشاكلة ويشجبها ويرفضها.
    فالإسلام دينُ الإنسانية والرَّحمة والسلم والسّلام.
    والإسلام أتى بالمحبَّة والعدل .
    والإسلام رفض الإرهاب والإرهابين.
    والإسلام يقول لكلّ من تلبَّس به، ونطق باسمه: عليكم برفض كلّ أنواع الإرهاب والظلم والعنف الّذي يجري في العالم من دون مبرّر وحاجة، وكذلك على علماء الأُمّة وقادتها وأصحاب الفكر فيها أن يتصدّوا لهؤلاء المنعزلين التكفيريين شُذّاذ الآفاق والأفكار هذا من جهة ومن جهة أُخرى، تتكاثف الجهود لشرح موقف الإسلام الحقيقي تجاه الإرهاب والظلم، والقتل والفساد والإفساد.
    فهذه مسؤولية الأُمّة جمعاء.
    فعلينا جميعاً إظهار مفاهيم الإسلام وأخلاقه، من السّلام والمحبَّة، والوفاء والأمانة، والصدق والعدل والتعايش المشترك على قاعدة: الناس صنفان: إمّا أخ لك في الدّين أو نظير لك في الخلق.
    وعلى ضوء ما ذكرناه قامت «المؤسسة العالمية للحضارة الإسلامية» بجهود جبَّارة ـ تُشكر عليها ـ حيث عملت على إرسال الأسئلة الّتي تدور حول هذه المواضيع (العنف، واللاّعنف، الإرهاب الخ...) إلى أغلب مراجعنا وعلمائِنا ومفكري الأُمّة، وثمّ بعد الإجابة عليها قامت بترجمتها وطباعتها ونشرها في العالم. ليكون في ذلك توضيح وموقف الإسلام الحقيقي من كلّ هذه الأُمور.
    ولحسن ظنِّهم بنا فقد أُرسل إلينا من قبل المؤسَّسة العالميَّةِ للحضارة الإسلامية عدد من الإسئلة الّتي تدور حول العنف واللاعنف ونظرتنا لهما.
    فعملاً بقاعدة التعاون القرآنية: (َ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى)( ) من جهة، ولكراهية ردّ السائل واستحباب إجابته من جهة أُخرى، بل لوجوب إعطاء النظرة والرُّؤية، والموقف الإسلامي الصحيح، تجاه ما يجري على الساحة الإسلامية اليوم .
    فكُلُّ هذه الأُمور أوجبت علينا الردَّ والإجابة على جميع أسئلة الأُخوة الافاضل الكرام، في المؤسَّسة العالمية للحضارة الإسلامية .
    فبادرنا إلى الإجابة على الأسئلة، مع شغل البال وقلَّة البضاعة وضيق المجال.
    فجمعنا الإجابات بكُتيِّب أسميناه «العنف واللأعنف بين السائل والمجيب» فأسأل الله ربّ الخلائق أجمعين، أن نكون قد بيّنا النظر والرؤية والموقف الإسلامي الحقيقي والصحيح تجاه هذه الأُمور، والاستفادة المرجوّة.
    وأخيراً لا يسعنا إلاّ أن نشكر وندعو الله للأخوة الأفاضل القيِّميين على هذا المشروع حفظهم الله جميعاً، ووفَّقهم لِكُلّ خير. ونترحّم على رائد مبدأ اللاّعنف الإمام الشيرازي (رحمه الله)، وندعو الله بدوام الصحّة والعافية والتوفيق للإمام السيّد صادق الشيرازي ـ دام ظلّه ـ الّذي استمر على نهج أخيه الإمام الشيرازي (رحمه الله)فهذا الفرعُ من ذاك الأصل شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
    والحمد لله ربِّ العالمين

    محمد علي الحسيني
    لبنان 009611541330
    009613961846
    س 1: ما هو تصوركم لكلٍّ من المفاهيم التالية:
    العنف، اللاعنف، الإرهاب؟
    ج 1: بسمه تعالى.
    طالما كان السؤال حول المفاهيم، فعلينا أن نجيب عليه بعدَّة أساليب وطرق، لأنَّ المفهوم يختلف من شخص لآخر، أو من جهة لأُخرى، لكنّنا في هذه المفاهيم بالذات نعتقد أنّ المفهوم منها واحد وإن تعدّدت التعابير فيها.
    أ. العنف لغة: قال إبن منظور في لسان العرب: العنف هو: (الخُرق بالأمر وقلَّة الرِّفق به، وهو ضدُّ الرفق)( ).
    وقال أبو هلال العسكري: إنّ العنف هو: (التّشديد في التوصُّل إلى المطلوب)( ).
    العنف اصطلاحاً: بالحقيقة هناك عدَّةُ تعابير لمصطلح العُنف، أنقل لكم أهمُّها:
    يُعرَّف العنف بأنّه السُّلوك المشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه، وهو عادة سلوك بيعد عن التحضُّر والتمدُّن.
    تستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثماراً صريحاً بدائياً، كالضرب والتقتيل للأفراد، والتكسير والتدمير للممتلكات، واستخدام القوة لإكراه الخصم وقهره .( )
    وهناك تعريف آخر هو: أنَّ العُنف سِمَة ظاهرة، أو عمل عنيف بالمعاني، وهو الاستعمال غير المشروع ـ أو على الأقل ـ غير القانوني للقُوَّة .( )
    أمّا تعريفنا لمفهوم العنف: «إنّ العنفَ هو كلّ سلوك فعلي أو قولي، يتضمّن استعداداً للقوّة، أو تهديداً
    باستخدامها لإلحاق الأذى والضّرر بالذات أو بالآخرين، وإتلاف الممتلكات لتحقيق أهداف معيّنة، وهناك أشكال من العنف، منها العنف الفردي بحيث يصدر عن فرد واحد، ومنها العنف الجماعي الّذي يصدر عن جماعة، وعنف الاُسرة، والعنف السياسي، والعُنف الاقتصادي، والعنف الثّقافي، والعنف الاجتماعي».
    هذا ما نفهمه من العنف ( ) وعلى أيّة حال عباراتنا شتّى والمقصود واحد، وهو العنف بمعنى الشدّة في الأمر.
    ب. وأما بالنسبة لتعريفنا لمفهوم اللاّعنف «فهو يقابل العنف، فإذا كان العنف بمعنى الشدّة، فهذا يعني أنّ اللاّعنف يأتي بمعنى الرّفق واللين والرَّخاء في كلّ سلوك فعلي وقولي، بعيداً عن أيِّ عنف، وهو بلا إشكال من صفات الأنبياء والرُّسل والأئمة الهداة، بل كلُّ إنسان يتَّصف حقّاً بالإنسانية».
    هذا ما نفهمه من اللاّعنف، وأهم التعاريف لمفهوم اللاّعنف هو تعريف الإمام العظيم الشيرازي (رحمه الله) حيث قال: (اللاّعنف هو أن يعالجَ الإنسان الأشياء سواء كان بناءً أو هدماً بكلِّ لين ورفق، حتّى لا يتأذى أحد من العلاج).( )
    ويُعرف اللاّعنف أيضاً: (بأنّه سياسة يقف فيها الشعب ضدّ المستعمر موقف عدم تعاون، وبطريقة سلبية، ولا يلجأ بحال إلى العنف).( )
    والتعريف الأخير هو: (شكلٌ من أشكال التحرُّك السياسي، يتميّز بغياب كلّ تحرك عنيف).( )
    ج. الإرهاب لغةً: في الحقيقة، لم يرد لفظ الإرهاب في المعاجم اللُّغوية، إنَّما ذُكر حسب ولعَّله لأوّل مرَّة ضمن مصطلحات اللُّغة العربية، في مختار الصحاح عام 1962 م، على العموم قال في تاج العروس:
    (الارهاب ـ بالكسر ـ الإزعاج والإضافة)( ). وقال ابن منظور: الإرهاب مشتق من (رهب، بالكسرِ يَرهَبُ رهبةً وُرهباً، بالضم، ورَهَباً بالتَّحريك، أي خاف).( )
    الإرهاب اصطلاحاً: يُعرّف معجم المصطلحات الفقهيه والقانونية الإرهاب بأنّه: (عمل تهديدي تخريبي يقصد منه زرع الخوف والذُّعر في نفوس الأهالي، وخلق الاضطراب، وزرع الفوضى بهدف الوصول إلى غايات مُعيَّنة)( ).
    وتعريف آخر للإرهاب: (الإرهاب عنف سياسي من الأفراد أو الأقلية، يتّخذ صُوراً متعدِّدة كالاغتيال ووضع المتفجِّرات، وذلك يهدف استغلال إقليم معيَّن، أو قلب نظام سياسيِّ، أو مقاومة مظاهر معينة في سياسة الدولة، والإرهابي هو من يستخدم الإرهاب أو يشارك في أعماله)( ).
    تعريفنا للإرهاب: «الإرهاب مفهوم متحرِّك ومُتطوّر ومختلف باختلاف الزَّمان والمكان، لكن يمكن لنا أن نعرِّفهُ بأنّه أُسلوب وشكل من أشكال العنف، يمارس لتحقيق هدف معين يختلف من طرف إرهابي لآخر، وقد تتغيَّر الأهدافُ بتغيُّر الظروفِ .
    والإرهاب يُوصف بأنَّهُ محاوَلةٌ لنشر الذُّعر والخوف والفزع لأغراض وأهداف معينة، وبأساليب معروفة وغير معروفة، بل لم تكن تخطر ببال أحد، وللعمل الإرهابي أشكال منها:
    إرهابُ الدَّولة كالنظام الدكتاتوري، ومنها الإرهاب الفردي والجماعي، ومنها إرهاب آيديولوجي عبر فرض وتحقيق إيديولوجية مُعيَّنة، ومنها إرهاب سياسيٌّ وفكري وثقافي واقتصادي وجنسيٌّ الخ...».
    فهذه أجوبتنا عن السؤال الأوّل، والحمد لله ربِّ العالمين .

    س 2: هل تفهم من العنف معنى سلبياً أم أيجابياً؟
    وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللاّعنف ؟
    ج 2: بسمه تعالى:
    في الحقيقة أنّ المسألة من وجهة نظرنا خاضعة للهدف المقصود، فالعنف كالسكّين ذو حدَّين، تارة يستعمل للأهداف المشروعة والأُمور المحتاجة إلى العنف، فعلى سبيل المثال إذا كان تعرّض أحد منّا لألم الضرس، وأصبح الوجع والألم لا يطاق فعندئذ ينبغي التوجُّه إلى الطبيب لقلع الضرس، وعمليّة قلع الضرس وإن كانت تخضع لعنف الدكتور، بيد أنَّ هذا العنف راجح ومطلوب وهو حسن في هذه الحالة، ولا يمكن لنا أن نقول: إنّ استعمال العنف سلبيُّ هنا، وكذلك الحال إذا نظر إلى الظرف العصيب أيام حكم الظالم المفسد صدّام، فإنّ حاله كحال الضرس في الفم، يجب قلعه، ولا وسيلة لدينا بل يكون آخر علاج هو العنف لإراحة البلاد والعباد من فساد هذا الطّاغي، فعندها نستعمل معه العنف لأنَّهُ الخيار الأخير والوحيد معه، فيكون استعمالُ العُنف في هذه الحالة حسن وممدوح وايجابي، لأنَّ الهدف منه العدل والديمقراطية والحرية واللاّعنف، فهذا ما نفهمه من العنف من الناحية الإيجابية.
    وتارة يستعمل العنف بطريقة غير مشروعة، كالذي يستعمل في الذبح والقتل والإفساد بالبلاد والعباد، ولتحقيق المقاصد الشرّيرة والأهداف الخبيثة، فكما أسلفنا، فإن العنف كالسكّين تارة يستعمل بشكل إيجابي مثلاً لتقطيع الخضار واللّحم، وتارة يستعمل بشكل سلبي للطعن والجرح والقتل الخ.... هذا خلاصة رأينا باختصار، وهي أنّ هناك عُنفاً مشروعاً ايجاباً، وعنفاً غير مشروع سلبياً وهو الأصل .
    وفي هذا السياق يصف الدكتور ابراهيم الحيدري العنف المشروع بأنّه :
    (عنف محدَّد وموّجه نحو هدف أخلاقي هو تحرير الوطن من الاحتلال والاستغلال، والتخلّص من الظلم والقمع، أو الدفاع عن النفس، وهو عنف مفيد وردّ فعل على أعمال عنف وإرهاب تقوم بها منظّمة سياسية، أو دولة ضدَّ دولة معتدية أُخرى.
    والعنفُ بالرغم من ضرره للإنسان لكنَّه نافع أيضاً، فهو الأساس في العمل المُثمر والتغيير والتحرُّر. ويمكن القولُ أنَّ العُنفَ على طول مسيرة التاريخ كان ضرورياً لمواجهة الشرّ...).( )
    وأمّا بالنسبة إلى اللاّعنف فهو يَختلفُ عن العنف من ناحية السَّلبية والايجابية، فهو إيجابي محض، ولأنَّنا نرى مسلك اللاّعنف هو الأصل وهو مسلك السّماء والأنبياء والرَّسول والأئمة والصالحين، ومسلك العقلاء والأخيار من الناس، فإنَّ اللاّعنف ينطوي تحت المعاملة الحسنة، والقول اللّين، والتعاطي بالرحمة والرفق، حتّى ولو كان الآخر عنيفاً، فندفعه بالتي هي أحسن، فطالما نملك الحقَّ والحُجَّة والبرهان فنقرب البعيد بها، ونجعل العدوَّ صديقاً حميماً، فنسلك معه مسلك اللاّعنف .
    وطريق السّلم هو أساس للنجاح وللوصول إلى أهدافنا. والتاريخ يشهد لكلّ منّا، وإذا استعرضنا الوقائع التاريخية لوجدنا أنَّ الطريق الصحيح والناجح هو طريق اللاّعنف، أنقل ما تأثر به القسّ مادتن لوثر كينع كثيراً بدعوات الزعيم الهندي «المهاتماغاندي» رائد مبدأ اللاّعنف، بأفكاره ونظرياته وأساليبه العملية في تطبيق هذا المبدأ في الواقع، ونجاحه في الوصول إلى الأهداف الّتي تبناها خلال نضاله السياسي والاجتماعي، فقد اعتمد غاندي على مبدأ اللاّعنف الّذي يستند إلى احترام عميق للقانون، ويدعو الناس إليه بقوله :
    إنّ على الذين يستخدمونه ان يفعلوا ذلك بطريقة غير عنيفة دائماً.( )
    لقد رسَّخ «المهاتماغاندي» مبادئ اللاَّعنف، والّتي يطلق عليها أحياناً مبدأ المسالمة، ويقول بهذا الصَّدد: إنَّ عقيدتي بشأن اللاّعنف لم تعتمد على سلطان شخصي، بل نشأت من دراستي لكلِّ أديان العالم.( )
    وأمّا القول السديد لرائد مبدأ اللاّعنف الامام المعظّم الشيرازي (رحمه الله)(إن منطق الرُّسل والأنبياء، هو منطق السلم واللاّعنف، والاحتجاج العقلاني من أجل انقاذ البشرية) (اللاّعنف إحدى مقومات الدعوة الّتي ندعو إليها) (إنَّ التفاف الناس حول من يأتي في موقفه ويلتزم بسياسة اللاّعنف، فإنَّ الناس تنصره على الجاهل)( )ويقول كذلك (إنّ السلام ـ وهو يعني اللاّعنف ـ يصل بصاحبه إلى النتيجة الأحسن، والمسالمون يبقون سالمين مهما كان لهم من الأعداء )( ).
    فخلاصة كلامنا: أنَّنا لا نفهم، من اللاّعنف معنى سلبياً أبداً بل بالعكس، اللاّعنف مبدأ إيجابي أصيل متأصّل، وهو طريق وأُسلوب الأنبياء والأئمَّة والعظماء والحكماء والعُقلاء عبر التاريخ .
    والحمد لله ربِّ العالمين

  • #2
    س 3: ما هي العلاقة بين كلّ من العنف والشرع؟ وهل يؤيّد الشرع العنف ؟
    ج 3: بسمه تعالى:
    نقول: إذا فهمنا جيِّداً معنى الشرع الإسلامي على أنّه يمثِّل دين الله، ودعوة الأنبياء والرّسل والأئمة، ومبدأ السلام والسماحة والسلم واللاعنف، والّتي هي أحسن .
    وفهمنا كذلك معنى العنف. نستنتج بالمقارنة العقلية والشرعية أنَّ العلاقة القائمة بين الشرع الإسلامي والعنف علاقة التّضاد، وهذا لا إشكال فيه، بل هو مفروغ عنه.
    فالإسلام مشتق من الرحمة والسلام، وهو يدعو إلى السلام وهو الأصل فيه، ويبدأ بالتحيَّة بالسلام .
    العنف مشتق من الشدّة ـ وهي الأصل فيه ـ ويدعو إليها فأيُّ علاقة بينهما؟
    فالإسلامُ جاء بتعاليم السَّماء ونشر دعوته السَّماوية على مبدأ السلام، والّتي هي أحسن؟ ونبذ العنف ورفضه فالعنف مرفوض في شرعنا ولا علاقة أصلية معه، بل نحن نرفضه وننبذه، ونرى المشكلة فيه، بل من أسباب تأخُّر المسلمين وللأسف هو العنف.
    ونحن نفرِّق بين الإسلام كشرع ودين، وبين بعض المتلبّسين بثوب الإسلام وهو منهم بُراء.
    هذه نظرة أولية، وإذا أردنا سرد الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والروايات والسيرة التأريخية لنبيّ الرحمة والإنسانية محمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم)وآله(عليهم السلام)لوجدنا الكثير منها تتحدّث عن العفو والرحمة، واللِّين والرأفة والسلم، والّتي هي أحسن، وعلى رفض العنف ونبذه حتّى مع الحيوانات فكيف بالانسان ؟
    وهذه آراء المسلمين كذلك واضحة على عدم وجود علاقة بين الشرع والعنف، وأنّ الشرع لا يؤيِّدُ العنف .
    (المسلمون على رأس المقاومين للعنفِ. فما صرّحت به آيات القرآن الكريم من دعوة إلى السّلام والتسامح والعفو والمجادلة الحسنة، ونبذ التعصُّب والتعسف والتعنّت; لخير دليل على مناداة الإسلام باللاعنف).( )
    وقول آخر: (الإسلام لاعنف ولا إرهاب ولا دكتاتورية، ولا استبداد، ولاحب في إراقة الدماء، وإنّما هو عدل وشورى وتبادل للرأي، وحبّ الخير، ونشر لأولوية الأمن، ودعوة إلى السَّلام في رفق ولين وإخاء، كما تجلَّى ذلك في قول الله سبحانه وتعالى: (وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)( ). إذن الإسلام يرفض العصبية، ولا يرضى أن تكون مسلكاً من مسالك الناس، ويرفض العنف، ولا يُقرُّه، وينحو باللاّئمة على كلّ متعصِّب أو متطرّف، كما أنّه لا يرضى بالعنف، ويكرهه، ويحذّر أتباعه من أن يتخذوه وسيلة لتوصلهم إلى غاية مهما كانت النتائج، كما أنّه ينهى عن الإرهاب، ولا يقرُّه، إنّه دين السماحة .( )
    وخير ما قاله الإمام المعظم الشيرازي (رحمه الله): (الإسلام يدعو إلى السّلام، ويعتبر السلم هو الأصل، والحرب هي الاضطرار)( ) .
    فمحصّل الكلام أنّ الإسلام لا علاقة أصيلة له بالعنف، بل بينهما علاقة التضاد، والإسلام رفض كلّ أشكال العنف وأساليبه واللّجوء إليه. وقد دعا إلى اللاّعنف والسلم كبديل لحلّ ما يواجه الإنسان من مشاكل ومصاعب، وحتّى على سبيل الدعوة، فكان الأُسلوب المتَّبع اللاعنف، بل بالتي هي أحسن، كما قال تعالى:
    (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)( ).
    الحمد لله ربِّ العالمين

    س 4: كيف يُفهم الخطاب الديني وعلى ماذا يحرّض... هل يحرضُ على العنفِ أم اللاّعنف ؟
    ج 4: بسمه تعالى:
    الخطاب الديني له معنيان: فالمعنى الأوّل هو ما يصدر عن مراجع الأُمة وعلمائها، بحيث يصبح كلام وموقف هؤلاء ـ ظاهراً ـ يمثل الدين على أساس ما يمثّلوه، وما وصلوا له ظاهراً يحسب على الدين، ولا إشكال في أنَّ هذا المعنى من الخطاب الديني، وخصوصاً على صعيد التطبيق، كان له الأثر السلبي على الأُمّة من خلال فكر وخطاب البعض المتصف ـ وللاسف ـ بالدين، والدين برىء منه ومن أشكاله، ولا نريد هاهنا أن ندخل في التفصيل أكثر، فإنّ اللبيبَ من الإشارة يفهم، وفي مقابل هؤلاء كان ومازال لدينا مراجع وعلماء لديهم الخطاب الديني القويم، أمثال الإمام المعظم الشيرازي (رحمه الله)، الّذي كان يتَّصف بخطاب ديني سليم متريث ومنفتح، ويدعو لمبادئ الإسلام الحقيقية، وينشر دعوته الإسلامية بالتي هي أحسن وبلا عنف. فالإمام الشيرازي (رحمه الله) كان له دور ريادي في هذا المضمار، وكان المحرّض الأوّل والفعّال لأسلوب السلم واللاعنف ، ونبذ العنف الغالي والنفسي، وتحمّل الصعوبات لأجل ترسيخ هذا المبدأ، أنقل بعض الكلمات من خطابه (رحمه الله) المشجّع والمحرّض على اللاعنف:
    (فـ (اللاعنف) سمة الأنبياء والأئمَّة(عليهم السلام)، والعقلاء الذين يقدّمون الأهم على المهمّ في شتّى حيثيات حياتهم.
    وفي التاريخ: إنّ من أبرز صفات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)إنّه كان لا عنفاً إلى أبعد حدّ، وقد دعا القرآن الكريم المسلمين قاطبة أن يدخلوا تحت ظلّ هذا القانون، فقال عزّ من قال:
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)( ).
    ولا يخفى أنَّ السلم أقوى وأكثر دلالة من اللاعنف.
    وبالتأكيد، فإن كلّ من يلتزم بقانون السلم واللاعنف، لا مندوحة له إلاّ وينتصر في الحياة، وإن استلزمت الظروف أن يحفظ نفسه ومبادئه عبر التكتّم والتخفّي أحياناً ( ) .
    ياله من خطاب ديني يمثل نظرة الإسلام، فمن هنا نعرف أن المعنى الأوّل من الخطاب الديني يفهم من هكذا علماء ومراجع وأئمّة، يمثّلون نظرة الدين الإسلامي الحقيقية، ويحرِّضون على اللاّعنف إلى أبعد حدّ.
    أمّا المعنى الثاني للخطاب الديني، وهو الحكم الشرعي المتمثّل بالقرآن الكريم وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وروايات الأئمَّة(عليهم السلام)فأمكن القول أنَّ هذا المعنى من الخطاب الديني هو الأصل، والأساس، والنبع الّذي يستقي منه العلماء الأعلام. ولفهم ومعرفة على ماذا يُحرّض الخطاب الديني سوف نسردُ لكم الآيات والروايات والسيرة الّتي نفهم منها ما نريد فهمه في المسألة.
    نأتي إلى المصدر الأوّل للتشريع الإسلامي، وهو القُرآن الكريم، فقد أكَّد على وجوب تجنُّب العنف بمختلف أشكاله وصوره، وحرَّض في نفس الوقت على السلم والعفو والصفح وعلى اللاّعنف، من خلال الآيات الكريمة:
    1. آيات السلم:
    قال تعالى: (وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )( ).
    وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)( ) .
    2. آيات العفو والصفح:
    قال تعالى: (وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَ لاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )( ) .
    وقوله تعالى: (فَبَِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )( ).
    وقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)( ).
    3. آيات ترك عنف الممارسة:
    قال تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ)( ).
    وقوله تعالى: (وَ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَ ادْعُوهُ خَوْفًا وَ طَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الُْمحْسِنِينَ)( ).
    4. آيات ترك عنف اللسان:
    قال تعالى: (وَ لاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)( ).
    وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَ لاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَ لاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الإِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)( ).
    5. آيات ترك عنف الاجبار على الدين:
    قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَ اللهُ سَمِيعٌ عَلِيمُ)( ).
    قوله تعالى: (وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )( ).
    وكذلك القرآن الكريم حرض المؤمنين على اللاعنف في دعوتهم وحوارهم مع الآخرين بقوله تعالى: (وَ لاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ)( ).
    وقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)( ).
    إلى غير ذلك من الخطاب الديني المتمثل هنا في القرآن الكريم، وآياته المحكمة المحرّضة والداعية إلى اللاّعنف والسلم العفو والصفح والّتي هي أحسن.( )
    ومن المفيد جّداً نقل بعض كلمات الإمام الشيرازي (رحمه الله) في المسألة: «إنّ الإسلام الّذي جاء به رسول الإنسانية (صلى الله عليه وآله وسلم)وقدّمه ذلك التقدّم الملحوظ حمل بين طيّاته عدّة قوانين مهمّة عملت على نشره في شتَّى أرجاء العالم الأكبر.
    فمن أشهر هذه القوانين المهمّة الّتي كان لها دور طائل في تقدّم المسلمين ونجاحهم في مختلف الميادين هو قانون: اللّين واللاّعنف الّذي أكَّدت عليه الآيات المباركة، فضلاً عن الأحاديث الشَّريفة الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام).
    ففي القرآن هناك أكثر من آية، تدعو إلى اللين والسلم ونبذ العنف والبطش).( )
    فالنتيجة أنّ القرآنَّ الكريم ـ وهو الركن الأوّل في الخطاب الديني ـ ينفي العنف وبحث ويحرّض على اللاّعنف .
    وأمّا الأحاديث النبوية والسيرة المحمّدية، فيشهد لها البعيد قبل القريب، والعدُّو قبل الصديق، على أنَّ نبيَّنا الأكرم محمَّداً (صلى الله عليه وآله وسلم)نبي الأخلاق والمكارم، والسلم والسلام، والمحبَّة والرفق، والرَّحمة، هو القدوة لنا والموحي والمحرض دائماً على اللاّعنف.
    فإذا سردنا الأحاديث النبوية والسيرة العظيمة لوجدنا أن نبيَّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، كسائر أنبياء الله، بل هو أشدُّ حالاً منهم بدعوته إلى اللاّعنف بين البشر وغيرهم، ننقل لكم بعض هذه الأحاديث وشيئاً من سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم):
    في حثِّه على العفو: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «العفو لا يزيد الناس إلاّ عزّاً، فاعفوا يُعزَّكم الله» ( ).
    وكذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أخبرك ـ لعتبة ـ بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمَّن ظلمك».( )
    في حثِّه على الرفق: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «الرفق رأس الحكمة».( )
    وكذلك قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنَّ الله رفيق يُحِبُّ الرِّفق ويُعين عليهِ »( ).
    في حثِّه على الحلم: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «بعثتُ للحلمِ مركزاً»( ).
    وكذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أُخبركم بأشبهكم بي خُلقاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أحسنكم خلقاً، وأعظمكم حلماً،وأبركم بقرابته».( )
    حثُّه على كظم الغيظ: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من كظم غيظاً ملأ الله جوفه إيماناً»( ).
    وكذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ثلاثة يرزقون مرافقة الأنبياء... ورجل كظم غيظه عن أخيه ابتغاء وجه الله»( ).
    حثُّه على اللين: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً، قالوا: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الهيّن الليّن القريب الليّن، السهل».( )
    وكذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «المؤمن هيّن ليّن سمح، له خُلق حسن».( )
    هذه بعض الأحاديث الّتي وردت عن نبيِّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)حول الحثّ على اللاّعنف، وَأمّا سيرته العطرة فهي تُصدِّق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل هي شاهدةٌ على أخلاقه وحثه على نبذ العنف والعمل على مبدأ التسامح والصفح والعفو والرحمة، وخير شاهد ودليل على ذلك، حيث كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)في ذروة النصر وهو داخل مكّة وكلّ الذين ظلموهُ وآذوه، واعتدَوا عليه، وحاربوه، تحت رحمته وقدرته، وله حقُّ الاقتصاص منهم، ومع هذا أبت الرحمة المحمّدية والعفو والصفح والرحمة، ومبدأ اللاعنف حتّى على مثل هؤلاء .
    عندها هتف بهم بندائه الخالد (صلى الله عليه وآله وسلم) إذهبوا فأنتم الطُّلقاء.
    يقول بهذا الصدد إمامنا الشيرازي (رحمه الله): «أحد الأدلة على أنّ الإسلام يتّبع أُسلوب اللاعنف هي منهجية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسيرته في تعامله حتى مع مناوئيه، حيث قدم (صلى الله عليه وآله وسلم)للبشرية جمعاء خير شاهد على أنّ الإسلام يدعو إلى اللاعنف ونبذ البطش والعنف»( ) .
    فالنتيجة أنَّ قول: وفعل النبيِّ الأعظم محمِّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، خير دليل على أنّه يشجب العنف، ويدعو ويحرِّض على اللاّعنف. وهذا الركنُ الثاني من الخطاب الديني الّذي يحرِّض على اللاعنف ويرفض العنف .
    وأمَّا الركن الثالث والّذي يفهم منه الخطاب الديني، هو أهل البيت(عليهم السلام)الذين أخذوا من قدوتهم، بل سلكوا طريق جدِّهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعملوا بأُسلوبه ومشوا على نهجه في نبذا العنف واللُّجوء إلى اللاعنف، فهم(عليهم السلام)الامتداد الحقيقي لنهج وخطّ ومدرسة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم الذين طابق فعلهم قولهم في تطبيق السلام والعمل على مبدأ اللاعنف، بل سعَوا جاهدين لحل مشاكل الأُمّة من دون الركون إلى العنف .
    وقالوا (اللهم اجعلنا من الذين إذا ظُلموا لم يظلموا)، فأهل البيت(عليهم السلام)إذا واصلوا مبدأ اللاعنف، ويشهد على ذلك الكم الهائل من الروايات فضلاً عن سيرتهم المتواترة، والّتي يوافق بها عملهم قولهم، ونحن ننقل لكم باقة من هذه الروايات، وشيئاً من السيرة العطرة الدالة على نهجهم وحثِّهم، وتحريضهم على السلم والليّن والصفح والعفو والرحمة واللاّعنف، ونبذهم للعنف وأشكاله وأساليبه:
    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «رأس الجهل الخرق ـ أي العنف ـ ليكن شيمتك الرفق... المؤمن سهل الخليقة ليّن العريكة... نفسه أصلب من الصلد... لا جشع ولا هلع ولا عنف. وصولُ في غير عنف».( )
    وقال (عليه السلام): «استصلاح الأعداء بحسن المقال وجميل الأفعال، أهون من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض القتال»( ).
    وعن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)قال: «حقُّ من سأل أن تعفو عنه، وإذا علمت أنَّ العفو عنه يضرُّ، انتصرت»( ).
    وأمَّا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)فإنّه قال: «إنّا أهل بيت مُرَّوتنا العفو عمَّن ظلمنا»( ) .
    فهذه جملة من الروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام)، كلُّها تنصب تحت هذا العنوان، وتحرِّض على السلم والعفو ومبدأ اللاّعنف، وسيرتهم كذلك، لكن لا نرى الحاجة لنقلها هنا، بل نكتفي بما قاله الإمام الشيرازي(رحمه الله)عن اللاّعنف عند أهل البيت(عليهم السلام).
    (من الدروس المفيدة الّتي قدّمها أهل البيت(عليهم السلام)للبشرية قاطبة هي مواقفهم العملية الداعية إلى اللاّعنف والسلم، والليّن والعفو، والتغاضي عن الإساءة وعدم ردّها بمثلها .
    فالتاريخ الإسلامي كان ومازال يحتفظ ويفتخر بمواقف آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، الّتي يستفاد منها مدى اعتنائهم بمسألة اللاّعنف)( ).
    فهذا ا لركن الثالث من الخطاب الديني، يؤكّد ويحرِّض ويحث على مبدأ اللاعنف.
    فالنتيجة هي أنَّنا نفهم الخطاب الديني من القرآن الكريم، والنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل بيته المعصومين(عليهم السلام)، بالأضافة إلى مراجع وعلماء الأُمّة الواعين والموثوقين، وهذا الخطاب الديني يحثُّ ويؤكِّد على مبدأ السلام واللاعنف، وبنفس الوقت يرفض العنف وممارسته وأساليبه .
    فهذه هي النظرة الإسلامية الحقّة والمُحقَّة.
    والحمد لله ربِّ العالمين

    تعليق


    • #3
      س 5: هل يعتبر العنف قاعدة وأصلاً؟ أم أنّه استثناء للضرورة وكذلك اللاعنف؟
      ج 5: بسمه تعالى:
      من المسلّم به حتّى عند من يستخدم العنف ويمارسه، أنّه يقول: أنا ألجأ إلى العنف لأنّي مضطّر له في أغلب الأحيان، فالعنف كسلوك نادراً ما يكون عند العقلاء وأتباع الديانات، لذا نقول: أنَّ العنف ليس بقاعدة ولا أصل إنَّما هو استثناء واضطرار في أغلب الأحيان. وبالنسبة لنا نحن كمسلمين أتباع الشريعة الإسلامية السمحاء، نقول أيضاً وبلا إشكال: أنّ الأصل في الإسلام هو السَّلام والرَّحمة والرفق واللاَّعنف، فالإسلام اسمه وفعله مشتق من السلم واللاّعنف، وإذا رجعتم إلى أجوبتنا السابقة ترون أنَّ الإسلامَ بقرآنهِ، وقول وفعل سيرة نبيِّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)والأئمة(عليهم السلام)، والمراجع العظام، له منهج ومبدأ واحد وهو السلام واللاعنف، والتاريخ الإسلامي حافل بشواهد مشرِّفة دالة على تأصل السلم في منهجية الإسلام . إذ لم يحدثنا التاريخ أنَّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام)، ابتدأ أحد منهم بالحرب، إلاّ ما كان دفاعاً وردعاً للعنف لأنَّ العنف هو اضطرار واستثناء، وحتَّى على صعيد الدعوة الإسلامية فإن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم)انطلق بدعوته في مكَّة مدة ثلاث عشرة سنة على قاعدة اللاَّعنف واللين والصفح والعفو والرحمة، مع أنّه عذب وضرب وتحمل جميع المصائب والاعتداءات حتى قال: «ما أُوذي نبيٌّ مثلما أُوذيت» ومع هذا لم يصدر منه أو من المسلمين أيُّ حركة أو شكل من أشكال العنف، وبعد هجرته المعلومة إلى المدينة كان اللاَّعنف هو الأصل، أمَّا المعارك الّتي وقعت فيما بعد، فقد كانت دفاعاً واستثناء عن القاعدة، بل ضرورة فهذه هي نظرتنا للمسألة. ونؤكّد عليها بكلام الإمام الشيرازي (رحمه الله): (الإسلام يدعو إلى السلام ويعتبر السلم هو الأصل، والحرب هو الاضطرار، وأنَّ الجهاد والحرب حكم ثانوي واضطراري، وأنَّ السلم هو الحكم الأوّلي)( ).
      والحمد لله ربِّ العالمين

      س 6: ما هي علاقة الجهاد بالعنف؟ وهل الجهاد هو العنف والعنف هو الجهاد؟
      ج 6: بسمه تعالى:
      فمن الأسئلة السابقة بيّنا ووضحنا أنَّ العنف تارة يكون سلبياً بمعنى أنّ له أسبابه الخبيثة وأساليبه العنيفة الإجرامية الوحشية الهجومية، والأطماع والاعتداء على بني البشر، وأُخرى يكون العنف ايجابياً بمعنى أنَّهُ عنف مشروع للدفاع والحماية والأهداف الحميدة، وأساليبه وممارسته إنسانية، وان كان يتَّصف بالعنف للاضطرار، فإذا اتّضح لكم هذا، نقول: إنَّ الجهاد، وهو بذل الجهد والمجهود له مصاديق متنوّعة، منها جهاد الإنسان نفسه بحيث تكون نفسا مؤمنة مطمئنة صالحة مطيعة تحبُّ السلام، واللاعنف وترفض المعصية والحرب والعنف. فالانسان يرّوض نفسه ويجاهدها حتى تصل إلى نفس مطمئنة، فهذا نوع من الجهاد، وكذلك نوع آخر وهو جهاد الرجل أمام عياله يعمل ويكسب ويكدّ على عياله، فإنّ
      الحديث: «الكادُّ على عياله كالمتشحِّط بدمه في سبيل الله» وهذا نوع آخر من أنواع الجهاد، ويوجد جهاد في الكلمة المحقّة والحقّة في وجه سلطان جائر، وجهاد بالأموال، وإنّما المقصود هنا الجهاد المسلَّح خاصة، فالجهاد المسلح في الإسلام إنَّما فرض وشرِّع من أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين، والجهاد في الإسلام وجد استثناء واضطراراً بعدما صبر المسلمون على الأذى والاعتداء سنوات ، وبعد كلّ هذه السنوات، هل يقف المسلمون مكتوفي الأيدي حتّى يدخل العدو ويغزوهم في عقر دارهم؟ كلاّ فالفطرة الإنسانية والعقل البشري والشرع يأبى لنا ولكلّ إنسان هذا.
      والأمر لا يحتاج إلى تحليل كثير، فالفطرة تقرِّر والعقل يأمر والشرع يؤيّد، بل يأمر الإنسان أن يردّ ويدفع الضَّرر عنه، ولدفع الضرر والظلم وحفظ الإسلام شرع الجهاد بقوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ )( ).
      فالجهاد في الإسلام هو دفاعي، وإن كان فيه عنف، بيد أنَّ هذا العنف مشروع بالفطرة والعقل والشرع .
      وكذلك نقول: انّ العنف المشروع في الجهاد مقيَّد ومحصور، وله شروط، لأنَّ الجهاد ضرورة، والضرورة تقدَّر بقدرها.
      فالإسلام لم يشرع الجهاد للتمتّع بمنظر الذبح القتل والحرق والدِّماء، وإنَّما كان تشريع الجهاد ضرورة، ولأهداف حميدة محمودة، لا لغرض التجاوز على الغير أو الاعتداء عليه، ولا العدوان على معتقداته، ولا إلغاء ما يملك من التراث، ومع هذا تأتي مرتبة الجهاد متقدِّمة بعدما تأخَّر عنها الوساطات بالصلح والسلام وعدم الاعتداء والمعاهدات، كما تمَّ ذلك في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)في معاهدته مع اليهود وغيرهم، وصلح الحديبية وغيره، وهذا هو الأصل، أي العمل على الإصلاح، والسلام واللاّعنف، وبعد فشل كلّ هذا واستمرار الاعتداء والظلم والغدر والعنف يصبح الجهاد اضطرارياً كدفاع عن النفس والإسلام والمُسلمين، وبين البشر لردِّ الظالم، ويبقى باب السلم مفتوحاً ومشروعاً للرجوع إليه، فهو الأصل عندنا.
      فبهذا المقدار يمكننا أن نفسِّر حقيقة الجهاد، وسبب تشريعه، أمَّا بخصوص الجهاد والعنف فطالما قلنا: أن الجهاد وجود اضطراري دفاعي فمن البديهي أنَّ دفاع أيِّ مخلوق عن كيانه ومنافعه حقٌّ راسخ ومسلَّم.
      وهذا الحق كذلك مشروع في جميع الأديان والشرائع، بل الأُمّم المتحدة في يومنا هذا تقرِّر أن من حقِّ الشعوب في المقاومة المسلحة فرادى وجماعات، دفاعاً عن حقوقها المسلوبة، وعملاً على استرداد سيطرتها على ثرواتها وأقاليمها.
      وللإمام الشيرازي (رحمه الله) كلام مهم يدفع فيه شبهة الحرب عند الأئمة(عليهم السلام): (ولقائل أن يقول هنا: ماذا تقولون في حربي أمير المؤمنين (عليه السلام)والإمام الحسين (عليهما السلام)؟
      فالجواب: إنَّهما (عليهما السلام)حاربا دفاعاً وبقدر ضئيل، وقد حاربا بعد أن فشلت كلّ المحاولات، وسدّت جميع الأبواب من أجل حلّ المشاكل سلميّاً.
      وهكذا الأمر بالنسبة إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث فرضوا عليه الحرب وقتلوه مظلوماً فبهذا البيان نختم الجواب.
      والحمد لله ربِّ العالمين

      س 7: في رأيكم هل يؤدّي مفهوم اللاعنف إلى معنى الاستسلام ؟
      ج 7: بسمه تعالى
      عرفنا أنَّ منهجية ومبدأ الإسلام هو السلم واللاعنف، وهذا ما أكَّده لنا الخطاب الديني من خلال آيات القرآن الكريم، وأقوال وأفعال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وآله المعصومين(عليهم السلام)، فإذا عرفنا هذا، نفهم أنَّ أُسلوب الحوار مع الآخر والتعامل باللّين والتعاطي مع الآخرين باللّين هي أحسن، وكلُّ هذا يدخل تحت مفهوم اللاّعنف، نستطيع من خلاله أن نصل إلى قلوب الناس وعقولهم من خلال هذا المبدأ ومفهم اللاّعنف هو بالحقيقة قدرة وقوة ورحمة في نفس الوقت، وسلاح قوي وفعّال لجلب الآخر أو على الأقل لإقناعه واستيعابه والعيش معه بأمن، فكما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنَّكم لن تستطيعوا ان تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم» فالأخلاق أقوى من المال. فهذا هو منطق اللاعنف، فهو قدرة وانتصار لا استسلام، بل لعلَّك تخوض حرباً بالعنف ولا تنتصر بل نتراجع ونستسلم، بيد أنَّ من يكون مبدأ اللاعنف من الصعب أن ينهزم والتاريخ يشهد على ذلِكَ، وأغلب الذين كانوا يعملون بأسلوب اللّين واللاّعنف كان النصر حليفهم في النهاية، وقول الله تعالى لنبيِّه محمِّد (صلى الله عليه وآله وسلم)خير شاهد:
      (فَبَِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)( ).
      وقال الإمام علي (عليه السلام): «الاستصلاح للأعداء بحُسن المقال وجميل الأفعال، أهون من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض القتال»( ).
      ويمكن القول أيضاً أنَّ الفتح والنصر باللاّعنف شاهد على أن لهذا المبدأ قدرة إقناع وقوة برهان، ويبقى صاحبه سالماً والنصر حليفه، لا محال فهذا هو الانتصار وليس الاستسلام، ويؤكِّد على ذلك الإمام الشيرازي (رحمه الله) :
      (إنَّ السلام يصل بصاحبه إلى النتيجة الأحسن، والمسالمون يبقون سالمين مهما كان لهم من الأعداء).( )
      والحمد لله ربِّ العالمين

      تعليق


      • #4
        س 8: هل هناك آثار نفسية وتربوية واجتماعية يمكن أن يخلفها العنف من خلال التراكمات السلوكية المتلاحقة؟
        ج 8: بسمه تعالى:
        ممّا لا شكّ فيه، بل هو مفروغ عنه، ومتيَّقن منه، أنَّ للعنف آثاراً سيئة وخبيثة على كلّ المستويات، لأنّ العنف سيّىءٌ، والعنف لا يعلم إلاّ العنف، فالإنسان العنيف سواء على نفسه أو غيره، فإنَّ هذه العنف له آثار على المجتمع والعائلة خصوصاً على مستوى التربية فالأبُ مثلاً إذا كان عنيفاً، ويمارس العنف على الأُمّ، فلهذه الممارسة ردّةُ فعل من الأُمّ على الأولاد، لأنَّ العنف يسري من الفرد إلى المجتمع وبالعكس. فإذا قلناء: الأُم مدرسة، ولكن تختلف بالمواد الّتي تعطيها فقد تكون الأُم عنفوانية تضرب أولادها وتقسو عليهم بالكلام، وتعاملهم أشدَّ معاملة، فهذا كله له آثار ليس على الأولاد فحسب، بل على المجتمع، لأنَّ هذه العائلة تنتمي إلى المجتمع، بل يختلف الأمر لو كان الأب أو الأُم ينتمون إلى مدرسة اللاعنف، يعاملون أولادهم باللّين والرحمة كما هو حال المؤمنين .
        رحماء في ما بينهم، على العموم فإنَّ تراكم السلوك العنيف عند الأب والأُم والاولاد على مستوى العائلة، وكذلك الحال في الشارع والمدرسة والخ....
        سوف يؤدّي هذا التراكم العنيف إلى إيجاد مجتمع عنيف، ويسود فيه العنف، ويكون قانون الغاب هو الأوفر حظّاً، ويتحوّل الإنسان إلى حيوان مفترس لا يعرف الرحمة ولا الرأفة، يأكل الكبير الصغير، ويغلب القويُّ الضعيف، وكل هذا نتيجة انعدام الحوار وهيمنة التعصب والتشدّد، وممارسة العنف، ولذا نقول: إنَّ الخير لا يولِّد إلاّ الخير والشرَّ لا يُولِّد إلاّ الشرّ، وكما تزرع تحصد فإذا زرعت عنفاً فسوف تحصد وتقتل بالعنف، وإذا زرعنا اللاّعنف والسلم والسلام والمحبّة والرحمة فسوف نحصد الإنسانية الحقيقة المتمثّلة بكلّ هذا. فمن هنا أتوجّه بالأساس للأُم «المدرسة» الّتي تخرّج الأجيال، لتكون دروسك وتعاليمك كلُّها قائمة على أساس مبدأ السلام والسلم والأمان واللاّعنف والمحبَّة والرحمة، ارضعي أولادك مع الحليب العفو والصفح عن الآخرين، واللاّعنف، حتّى يختلط ذلك بدمهم ولحمهم، ازرعي في عقول وقلوب أولادك أنَّ الإنسان أخ الإنسان، وكلّنا أولاد آدم وحواء، فهذه السلوكيات المتراكمة من المحبَّة والسلم والعفو واللاعنف سوف يكون أثرها ايجابياً على المجتمع والعالم بأسرهِ .
        والحمد لله ربِّ العالمين

        س 9: ما هي الصلة بين القمع... الديكتاتورية... الكبت السياسي، والعنف ؟
        ج 9: بسمه تعالى
        إنَّ هذه المفاهيم والأنظمة والسياسات كالقمع والديكتاتورية والكبت السياسي كلُّها تنطوي تحت عنوان الإرهاب، والإرهاب فرع متلازم وملازم للعنف، وهذا واضح وجليٌّ، فعندما نقول: قمع، يعني منع وشدّة وعنف، وكذلك عندما نحكم بالنظام الديكتاتوري أي بالاستبداد والظلم والتسلُّط على الآخرين بالعنف والكبت السياسي وبعدم حرية الرأي والتعبير، بل كمّ الأفواه وإقفال العقول وإرهاب الآراء والفكر، وكلّ هذا قائمة على أساس علاقة تلازم مع العنف والعقل، يحكم على أنَّ القمع والديكتاتورية وكبت الحياة وغيرها بينها وبين العقل علاقة سببيّة يستحيل أن تنفكَّ عن بعضها البعض .
        والحمد لله ربِّ العالمين

        س 10: هل هناك صلة ربط بين العنف والديمقراطية؟
        العنف شدّة وقسوة وإرهاب، وكبت وقمع وديكتاتورية، بينما الديمقراطية رخاء وحرية وراحة ورفاهية، وعدل وتساو واتفاق فكما أنَّ النظام السياسي الديكتاتوري ضد ونقيض النظام الديمقراطي، كذلك الصِّلة بين العنف والديمقراطية، فالعقل يحكم على العلاقة بين العنف والديمقراطية على أنّها علاقة التنافر والتضاد، يستحيل أن يجتمعا معاً، فالخير المتمثّل بالديمقراطية محال أن يجتمع مع الشرِّ المتمثل بالعنف .
        فهذا يعني أنَّ العلاقة بينهما علاقة تنافر وتضاد.
        والحمد لله ربِّ العالمين

        س 11: هل يمكن أن نطلقَ على بعض حالات استخدام القوة التاريخية والمعاصرة بأنها عنيفة أم إنها دفاع مشروع؟ وكيف يمكن وضع إطار واضح لها تحدد الحق المشروع منها؟
        س 11: بسمه تعالى:
        لقد وضحنا في الإجابات السابقة أنَّ هناك عنفاً غير مشروع، بل هو مذموم ومرفوض، وهناك عنف مشروع دفاعي استثنائي محدود ومحصور، بل هو مطلوب بالفطرة ويحكم العقل، وتأييد الشرع، وكذلك قلنا: إنّ العنف المشروع في الدفاع مشرَّع من قبل الأُمم المتحدة فلا حاجة للتكرار.
        وأعطينا شواهد تاريخية على الدفاع المشروع، والآن نعطي شاهدين على الدفاع المشروع من العصر الحالي.
        الشاهد الأوّل: عندما دخل وأحتلّ الجيش البعثي الصدّامي الكويت الحبيبة، وقتل ما قتل، وسلب ما سلب، ونهب ما نهب، وهتك ما هتك، واستعمل مع الشعب
        العزيز المسلم الكويتي أبشع أساليب العنف. فعند ذلك، الفطرة الإنسانية والعقل الحكيم والشرع الكريم والأُمم المتحدة، بل العالم يؤيِّد، بل يأمر بلزوم الدفاع عن البلاد والعباد باستخدام القوَّة بشرط كونها محصورة ومحدودة، ومشروطة. ولاستخدام القوة أيضاً شروط حتّى في مثل هذه الحالة ; لأنَّ المبدأ والأصل عندنا اللاعنف، واستخدام العنف وإن كان دفاعياً ومشروعاً، إلاّ أنَّه مقيَّد بعِدَّة شروط لا داعي لذكرها هنا.
        وشاهد آخر عندما هاجم جنود التحالف العراق، واستخدموا القوة كان هذا العمل كذلك لردع الظلم الصدّامي، ولإيقاف المجازر الجماعية، ولإخماد نار الشيطان الّذي أهلك الحرث والنسلَ، فكان عند ذلك العمل العسكري المستخدم فيه القوة من أجل هذه الأهداف المشروعة، وللدفاع ولحفظ البلاد والعباد. أمَّا حدود وشروط استخدام هذا الحقِّ فالفطرةُ والوجدان والعقل والشرع، وحتى الأُمم المتحدة حددت هذه الشروط نذكر منها الدفاع عن البلاد والعباد وردّ المعتدي الخ .
        والحمد لله ربِّ العالمين

        تعليق


        • #5
          س 12: هل يمكن أن يعتمد العنف كوسيلة أساسية كلّ المشكلات الّتي تواجه الإنسان والمجتمعات؟
          س 12: بسمه تعالى:
          قلنا في السابق، ونقول الآن: إنّ القاعدة الأساسية في الحياة، ولحلّ كل المشاكل والصعاب عند الأنبياء والأئمة(عليهم السلام)، والصالحين والعقلاء، هي اللاَّعنف، فالوسيلة الأوليّة والأساسية هي اللاّعنف مع الآخر، بل الحوار معه بالتي هي أحسن، وهذا ما أكّده القرآن الكريم: (ادْفَعْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ)( ).
          وحتى شدّد على أن يكون اُسلوب الدعوة: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)( ).
          فالقرآن الكريم فضلاً عن أحاديث المعصومين(عليهم السلام)وسيرتهم كلها تنصب بخانة واحدة، وهي العمل بأسلوب السلم واللاّعنف، على أنَّ هذا هو الحلّ الصحيح والسليم لكلّ المشاكل والصعاب.
          ويؤكل لنا ذلك الإمام الشيرازي (رحمه الله) :
          (إنَّ الجانحين إلى السلام بقوا أعلاماً في بلادهم، وفي غير بلادهم)( ).
          بل يؤكِّد الإمام الشيرازي (رحمه الله)، كما القرآن والسنّة على سلوك هذا الطريق، طريق اللاّعنف، بقوله: (اللاعنف هو أن يعالج الإنسان الأشياء سواء كان بناءً أو هدّاماً بكلِّ لين ورفق، حتَّى لايتأذَّى أحد من العلاج)( ).
          ولحل مشكلة فلسطين، فالحلُّ الأنسب هو اللاَّعنف، فيقول الإمام الشيرازي (رحمه الله):
          (إنَّ التظاهرات الحالية لو تحوَّلت إلى مظاهرات سلمية، لكانت أقرب إلى النجاح، لأنَّ الاستناد إلى قوة الروح أمض وأنفع)( ).
          فالنتيجة هي أنَّ العنف يزيد في المشاكل، ولا يحلُّها، بل العنف هو مشكلة بحدِّ ذاته، فكيف يكون هو الحلُّ؟ ففاقد الشيء لا يعطيه، فأختم الجواب بكلام عظيم للإمام العظيم الشيرازي (رحمه الله) :
          (إنَّ السلام يصل بصاحبه إلى النتيجة الأحسن، والمسالمون يبقون سالمين مهما كان لهم من الأعداء).( )
          والحمد لله ربِّ العالمين

          س 13: هل يمكن لمنهجية اللاعنف أن تكون بديلاً فعلاً للكثير من الأزمات المعاصرة مثل: الانشقافات، النزاعات، الصدامات المسلحة، التفك... باعتبار أن اللاعنف طريق نحو الحوار الموضوعي... أم لا؟
          ج 13: بسمه تعالى:
          بلا إشكال أنَّ منهجية اللاّعنف في الأعم الأغلب هي الحلّ والبديل الفعّال للكثير من الأزمات، فالنزاعات والصراعات والصدامات وجدت نتيجة لأسباب متعدّدة، كالعصبية وغيرها، فحل كلُّ هذه الأُمور لا يكون بالعنف أبداً، بل بفتح باب الحوار والنقاش، وتقريب القلوب، والجلوس على طاولة واحدة.
          ولدينا شاهد تاريخ بهذا، فعندما اعتدت قريش على المسلمين ورفضت لغة الحوار والتفاوض معهم، واستمر الصراع دائراً بين قريش والمسلمين، لم يصل أحد إلى نتيجة; لأنَّ قريشاً كانت تتّخذ من العنف منهجاً وأُسلوباً .
          بيد أنَّها بعد مدَّة من الصراع الدامي بين قريش والمسلمين، قبلت قريش المجيء إلى الحوار، وكانت نتيجة الحوار صلح الحديبية المشهور، وكلّ هذا كان بسبب سياسة ومنهجية المسلمين وهي اللاّعنف، والسلم والسلام والدفاع المشروع، كان استثناءً لردع قريش ودعوتها للحوار. فلُغة الحوار ومنهجية اللاّعنف هي الأصل الفعّال، ليس لكلّ المشاكل والصراعات فحسب، بل لإعطاء الحريات والأمن والأمان لكلّ أهل الأرض .
          والحمد لله ربِّ العالمين

          س 14: مشروع النهضة الإسلامية وحركة التغيير هل يمكن أن يتحقق من خلال منهجية العنف أو منهجية اللاعنف؟ أو أن هناك طريق آخر ؟
          ج 14: بسمه تعالى
          في الحقيقة، إنَّ النَّهضة الإسلامية، أو الدعوة الإسلامية، بل الإسلام كلُّه لم يقم إلاّ بمنهجية اللاّعنف والدعوة الإسلامية كانت ولا تزال تنهج منهج الحرية وعدم الإكراه، قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)( ) ولا إجبار ولا عنف في الإسلام وحركته ودعوته، قديماً وحديثاً، بل النهضة الإسلامية تكوناً كما أرادها الله في قوله (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالتي هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(2).
          وقد أثبت التاريخ أنّ أغلب القبائل العريبة دخلت الإسلام في زمن السلم .
          وما انضمام الاوس والخزرج للإسلام بدون حرب إلاّ دليل على منهجية الإسلام السلميّة، وأسلوب الدعوة باللاّعنف، فإذا كُنّا مسلمين، ونعرف الشريعة، ونعمل على وفق القرآن الكريم والسنّة الشريفة، فإنّ حركتنا في الدعوة والنهضة الإسلامية ينبغي أن تكون موافقةً للقرآن والسنّة وهذا يعني منهجية اللاعنف، وببركة هذه المنهجية، سوف نوفَّق ويأتي إلينا الناس، بل سوف يتقبلَّنا العالم ولا يرفُضُنا أو يخاف منّا، هذا إذا إتَّبعنا منهجية اللاعنف. أمّا إذا كان الأمر بالعكس أي إذا كانت النهضة قائمة على أساس منهجية العنف، فعلى الإسلام السَّلام، فإنَّ أوّل من سوف ينفضُّ من حولنا المسلمون كما قال
          تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)( ).
          والحمد لله ربِّ العالمين

          س 15: ما هي السبل الّتي يمكن من خلالها نشر ثقافة اللاعنف؟
          إذا يعتقد البعض بأن اللاعنف مفهوم مثالي يصعب تطبيقه ؟
          ج 15: بسمه تعالى
          لنشر ثقافة اللاعنف سبل كثيرة متعدّدة ومتنوّعة، لكنَّ أهمَّ تلك الأساليب هي تربية اللاعنف، وهذه التربية تبدأ من مدرسة الأُم، ومن البيت والشارع ووسائل الإعلام، والتوجيهات، والحملة الإعلامية والدينية كذلك، للدعوة إلى اللاعنف.
          فلعلَّنا نجد بعض الصعوبة في البداية، وبعض الناس قد لا يتحمَّلون ذلك نتيجة لطبعهم العنيف، وعادتهم وتربيتهم، لكن عليهم أن يجاهدوا أنفسهم ويطهِّروا قلوبهم، ويتخلّوا عن التربية والعادات والممارسات العنفية السابقة من جهة، وينظروا ويتفكَّروا بإيجابيات ثقافية ومنهجية اللاّعنف من جانب آخر.
          تبقى نقطة مهمة وحسّاسة ومفيدة لنشر ثقافة اللاّعنف هي أن يتصدّى لهذه المسألة مراجع وعلماء ومفكرى الأُمة بشكل جماعيّ موحّد لتأخذ المسألة مكانها، وليعمل كلّ منّا بوظيفته الشرعية الداعية إلى مبدأ اللاّعنف، وهذا أضعف الإيمان.
          والحمدُ لله ربِّ العالمين

          س 16: الحركات الإسلامية ـ العنفي واللاعنفي ـ كلّ بدعم منهجه بالإسلام، فأيهما يمكن أن يوصل للغايات والمقاصد خاصة؟ إذا علمنا بأن المنهجين يمكن أن يكونا متناقضين ؟
          ج 16: بسمه تعالى
          إنّ هذه الحركات إذا كانت تأخذ الإسلام ديناً، والقرآن الكريم والسنّة النبوية مصدراً شرعياً، وسيرة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)عبرةً وأُسوةً، إذا اجتمع كلّ هذا قولاً وفعلاً فيمكننا القول بأنَّ هذه الحركات إسلامية، وبعدها بلا شكّ ولا ريب أنّه سوف يكون منهجها قائماً على أساس الشريعة الإسلامية، منهج السلم واللاعنف الأصل والأساس وسوف تصل بأهدافها إلى العقول والقلوب والضمائر، كما وصل نبيُّ الرحمة والإنسانية (صلى الله عليه وآله وسلم). وأمَّا بعض الحركات المتلبسة باسم الإسلام والإسلام والمسلمون بريئون منها، وتأخذ الجهاد والعنف شعاراً ومنهجاً، فهي لن تصل إلى شيء سوى إلى الكُره والحقد والهاوية، وإلى مرحلة سوف تنبذها الأُمَّة، وتنفضُّ من حولها، وإنَّ هذا لقريب وزاهق، لأنَّهُ باطل بلا إشكال.
          والحمد لله ربِّ العالمين

          س 17: ما هو تأثير أحداث سبتمبر الّتي وقعت في أمريكا على الوجود الإسلامي في الغرب؟ وهل لهذا الحدث العنيف دور في ترويج سمعة سنية للإسلام في الغرب ؟
          ج 17: بسمه تعالى
          بداية نحن نأسف على ما حصل في نيورك في 11 سبتمبر، ونصلي لراحة الارواح الّتي ذهبت ظلماً، وبنفس الوقت نرى بأنّه ما جرى هو طامَّة كبرى وجريمة منظمَّة، وعمل إرهابيّ مُشين، ونحن باسم الإسلام والمسلمين، بل باسم بنيّ البشر أجمعين، نستنكر هذا العمل الجبان والفاسد والمفسد في البلاد والعباد.
          وكذلك نحن نقول: إنَّ من ارتكب هذا العمل لا يكفي أن نقول بأنّه لا ينتمي إلى الدين الإسلامي فحسب، بل لا ينتمي إلى أي شريعة أو دين أو مذهب قط.
          فلا يوجد أحد يشرع قتل المدنيين العُزَّل. ويشرع الاعتداء على البشر.
          وهذا العمل الإرهابي وإن كان لُصق بالإسلام، وكان له بعض التأثير السلبيّ، ليس على المسلمين في الغرب فحسب، بل على العالم الإسلامي، إلاّ أنَّ الإسلام والمسلمين بريئون من هكذا عمل، ومن كلّ عمل على شاكلته، ونحن جميعاً مراجع وعلماء ومفكرين وعامّة المسلمين نرفض كلَّ هذه الأعمال الإرهابية، بل نقف في وجهها، وننبذها وننبذ منفّذيها، وبحمد لله تعالى، وبفضل وعي المسلمين من جهة، والرأي العام الغربي من جهة أُخرى، استطعنا أن نهدِّىء الأجواء ونلطّف الخواطر، ونستعيد ثقة الغرب بنا، بعدما أراد هؤلاء المنحرفون شُذّاذ الآفاق تشويه صورة الإسلام والمسلمين ولكن للأسف مازال هذا الأمر مستمر في العراق، حيث القتل والذبح والخطف بالمسلمين وغيرهم، بواسطة هؤلاء الضّالين المضلّين.
          الذين سعوا في الأرض فساداً، وعملوا على تشويه سمعة الإسلام وتحويل مصطلح الجهاد المقدَّس إلى إرهاب وإفساد وإراقة دماء المظلومين، وهتك أعراض المسلمين، فضلاً عن غيرهم، وهذه حقيقة هي حقيقة المفسدين باسم الدين.
          والحمد لله ربِّ العالمين

          تعليق


          • #6
            كلمة من القلب إلى كلّ القلوب والعقول في هذه الأمة:
            بسمه تعالى
            وبعد:
            فإنّنا سمعنا قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «كن في الفتنة كابن اللَّبون لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب».
            وهذا صحيح، لكنَّ هذا الكلام في الفتنة المشكوك في طرفيها، أيّهما حق وأيّهما باطل.
            أمّا ما يجري اليوم ـ وللاسف ـ باسم الإسلام وشعار الجهاد، والأسماء الخالية من مضامينها، لباطِلٌ معيَّن وواضِحٌ وجليٌّ، لا يمكننا السُّكوت عليه أو الركون له أبداً. فالإسلام لا يرضى بالاعتداء والقتل.
            فالاسلام لا يقبل بالظلم والفساد والإفساد.
            فالإسلام لا يسكت على الباطل والترويج له.
            فالاسلام لا يترك الفتنة ويصمت عنها.
            فالإسلام يأمرُ لحل هذا، ولا يأمر بالعنف ولا يقبله ولا يفعله ولا يشرِّعهُ أبداً.
            إذاً فما حال هؤلاء الذين عاثوا في الأرض فساداً فاهلكوا الحرث والنسل، وارتكبوا المجازر من ذبح وخطف وتفجير ظلماً وعدواناً، وكل هذا يجري باسم الجهاد والإسلام!!!
            والمصيبة والطامَّة الكبرى هو انعكاس أعمال هؤلاء الإرهابيين على الإسلام والمسلمين... ولهذه الانعكسات حديث يطول مع مرارة وحرقة في القلب، مع مراجعنا وعلمائنا ومفكرينا وشبابنا وإخواننا وأخواتنا وأبائنا وأمهاتنا .
            أيَّها المسلمون، أيها الغيارى، المطلوب منّا اليوم موقف واحد تجاه ما يجري من إرهاب باسم الإسلام .
            المطلوب كلمة حقٍّ تقال بوجه هؤلاء الضالين المضلّين، الخارجين عن ربقة المسلمين .
            ينبغي لنا أن نتحمَّل كاملَ المسؤولية في هذا الظرف، ويعمل كلٌّ منّا بما يملك، ويستطيع، بالحديث بالفتوى بالكتابة، بكلّ ما نعتقد أنّه مؤثّر.
            وعلينا كذلك خصوصاً من يعيش في الغرب، أو من له صلة، معه أو على اتصال به، أن يوضّح لهم رأي الإسلام الصحيح بهكذا أعمال، وبهؤلاء المنحرفين المجرمين، وعلينا أن نبيِّن مبدأ الإسلام في اللاعنف، وأخلاق الإسلام ومفاهيم الإسلام والإنسانية... علينا أن نكتب ونتحدّث عن كلّ هذا، وبنفس الوقت ننبذ هذه الأعمال الوحشية الإجرامية وأن نعلن أنّ مرتكبها لا دين لهم، ولاهم أتباع شريعة... وهذا أضعف الإيمان.
            أخيراً لا يسعني إلاّ أن أشكر وأدعو للمؤسسة العالمية للحضارة الإسلامية على اهتمامها وجهوها المأجورة، وسعيها المشكور، على ما تقوم به. وهذه المسؤولية العظيمة الّتي تؤدّيها في الغرب، وكذلك نترحَّم على الإمام العظيم السيِّد الشيرازي (رحمه الله)، على كلّ ما بذله تجاه الإسلام والمسلمين، وخصوصاً على مبدأ اللاّعنف، وهو مأجور قطعاً على ذلك، مع أنّه أوذى بسببه وإلى الله المشتكى.
            وندعو بدوام الصحَّة والعافية لسيدنا الإمام، ومرجعنا الهُمام السيِّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظلُّه .
            فهذا ما وفقنا الله لقوله، والحمد لله ربِّ العالمين
            قم المقدسة
            بجوار سيدتنا فاطمة المعصومة (عليها السلام)
            محمد علي الحسيني
            الثلاثاء 8 ربيع الثاني 1426 هـ
            17 / 5 / 2005 م
            www.banihashem.org

            تلفون لبنان:
            009613961846
            009611541330

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X