ملف مقتل السفير المصري أيضا: هل لإسرائيل دورا في الجريمة.. وهل ستعيدنا إلى حرب المخابرات القذرة؟
بقلم: سمير عبيد *
فمثلما نعرف ليست من مصلحة بعض الدول العربية والإقليمية وخصوصا التي فرشت أجندتها في العراق أن يكون هناك دورا لمصر في العراق، فكذلك ليس من مصلحة إسرائيل أن يكون هناك دورا مصريا كبيرا و سفيرا لمصر في العراق، وخصوصا عندما يكون مطلعا على الخارطة السياسية في إسرائيل كالسفير المرحوم ( إيهاب الشريف) الذي يعرف تحركات معظم المسئولين الإسرائيليين، ويعرف كثير من رجال السياسة والمخابرات في إسرائيل من خلال الوجوه والأسماء و منهم حتما في العراق الآن، ناهيك إنه يمتلك في ذاكرته صورا لأماكن مهمة زارها أثناء عمله في إسرائيل كقائم بالإعمال هناك، وحسب ما ذكرته صحيفة (أيديعوت أحرانوت) والتي نشرت قلق بعض المسئولين في جهاز الأمن ( الشاباك) حول احتمالية أن يكون الشريف أفشى بأمور خطيرة عن إسرائيل أثناء التحقيق معه من قبل خاطفيه قبل مقتله والذي لازال غير مؤكد (مادام لم تكن هناك جثة) وربما هو نوعا من التمويه لإبعاد التهمة عن إسرائيل.
فإذا كانت إسرائيل وراء خطف ومقتل السفير المصري ومن خلال بعض أجهزتها المنتشرة في العراق، خصوصا وإن هذا البلد أصبح ملكا صرفا للأجهزة السرية التابعة لإسرائيل تقريبا، ومنذ سقوط النظام العراقي ولحد الآن، فالقضية إذن معقدة ولا تعلم بتفاصيلها غير الخلايا السرية في العراق، وبعض أصدقاء إسرائيل في التركيبة السياسية العراقية والذين يكرهون الدعم العربي للشعب العراقي، وكذلك لا يريدون للعرب دورا في العراق وخصوصا مصر، لذا فالخلايا التي تتحرك بأوامر الموساد الإسرائيلي في العراق، والشخصيات السياسية التي تمتلك علاقات مع إسرائيل تحوم حولها الشبهة، وحتما المخابرات المصرية تعرف أو ستعرف قريبا خيوط الجريمة، ولكنها حتما لن تتفوه بكلمة لخطورة الموقف على النظام المصري الذي يعيش أشد أزماته السياسية.
علما والدولة المصرية تتابع عن كثب ومنذ سقوط النظام العراقي مسألة التغلغل الإسرائيلي في العراق، والذي ليس خافيا على أجهزة ودوائر الدولة المصرية، لهذا تم اختيار السفير ( الشريف) كونه يمتلك خبرة كبيرة بنشاطات الأجهزة الإسرائيلية من خلال عمله هناك في الدولة العبرية (إسرائيل)، فلقد قال الدكتور ( مصطفى الفقي) رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشعب المصري في 4/10/2004 ما يلي ( إن إسرائيل انتهزت فرصة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق العام الماضي، لنشر عدد كبير من عملائها في المناطق الكردية شمالي البلاد بهدف التجسس على كل من إيران وسوريا)، ولم يكتف السيد ــ الفقي ــ بذلك بل قال في حديث للتلفزيون المصري ( إن إسرائيل موجودة وبقوة في شمال العراق وتمارس نشاطات تجسسية على الدول المجاورة) ونحن نزيد على السيد الفقي ونقول إن إسرائيل موجودة في كل قصبات العراق، بل و في بعض الصالونات السياسية والدينية، وما مشروع مطار النجف ( ذي الكفل) إلا بأوامر وأموال إسرائيلية، ولأبعاد إستراتيجية متلازمة مع المشروع الصهيوني في العراق.
ونضيف كذلك شهادة موثقة عن الوجود الإسرائيلي في العراق، وهذا ما صرحت به العميد ( جانيت كاربنسكي) التي تولت قيادة اللواء 800 من الشرطة العسكرية الأميركية، وكانت مسئولة عن 17 سجنا في العراق أنها التقت محققا ( إسرائيليا) وأنه قام باستجواب بعض المساجين داخل أبو غريب، وأيد ذلك الصحفي الأميركي ( سيمور هيرش) في حديث أدلى به إلى ( بي بي سي) حيث قال ( إن أحد أهم الأهداف الإسرائيلية في العراق كان النفاذ إلى قلب السجون العراقية واستجواب ضباط الاستخبارات العراقيين السابقين الذين تخصصوا في الشؤون الإسرائيلية) لأن هؤلاء الضباط تعتبرهم إسرائيل خطرا عليها مثلما السفير الشريف خطرا على مصالحها في العراق..
كما إن وزير الدفاع الأميركي ( رامسفيلد) وهو اليهودي المتطرف في الإدارة الأميركية والمناصر بشدة لمشروع هيمنة إسرائيل في العراق و على المنطقة كلها قد أنشأ وكالة استخبارات سرية تقوم بعمليات سرية في الخارج، و تحت إشرافه الشخصي وهذا ما كشفته عناصر في وحدة مخابرات أميركية إلى صحيفة ( واشنطن بوست) في 23/1/2005 ولقد أطلق على هذه الوكالة اسم ( وحدة الدعم الإستراتيجي) وتنشط منذ سنتين في العراق وأفغانستان، وأكدت الصحيفة استنادا إلى وثائق ومقابلات مع عناصر هذه الوحدة الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم، ولقد ذكرت الصحيفة أن تلك الوكالة كتبت مذكرة إلى رامسفيلد تركز بها البدء في العمل ضد أهداف محتملة أيضا في ( الصومال واليمن واندونيسيا والفلبين وجورجيا أيضا) ومن مهمات هذه الوحدة السرية أيضا جمع المعلومات حول الجانب ( الإنساني) للاستخبارات مثل الاستجواب وتجنيد الجواسيس الأجانب، ولأجل هذا عرقل (رامسفيلد) مشروع الكونغرس الأميركي الذي ينوي إصلاح أجهزة الاستخبارات وتوحيدها، وتقول الصحيفة ومن خلال الوثائق يرجح أن يكون بين عناصر تلك الوكالة شخصيات سيئة الذكر.
فكل هذا يعطي إشارة إن العراق أصبح ميدانا إستخباريا لإسرائيل، وأصبح أرض مباحة وكميدان رمي لإسرائيل، وكذلك كحقل تجارب إلى الأفكار والمشاريع والخطط وحتى الأسلحة الإسرائيلية، حيث الحصانة التي تتمتع بها القوات الأميركية ومن معها لتصل حتى إلى المستخدمين والمنظفين ( والبنشرجية) كفيلة بحماية الخلايا الإسرائيلية، وجميع الخلايا السرية التابعة لرامسفيلد وغير رامسفيلد، وبهذا لن تسمح ولن تتحمل الخلايا السرية التابعة لإسرائيل بقدوم شخصية مصرية على دراية كافية بالمشاريع الإسرائيلية وعمل الخلايا التابعة للأجهزة الإسرائيلية.
خصوصا وأن اختيار (الشريف) جاء بعناية شديدة لعلاقاته القوية مع جهاز المخابرات المصري، ومع الخلية السياسية الحاكمة الأولى في مصر، لذا فوجوده وتغلغله ونسج علاقاته بين أوساط الطبقات السياسية العراقية، وبين أفراد وشرائح المجتمع العراقي سيكون خطرا على الخلايا السرية في العراق وفي مقدمتها الخلايا الإسرائيلية، لهذا ربما جاء قرار تصفيته قبل أن تستفحل علاقاته وتكون متينة خصوصا بين العروبيين والقوميين ورجال القبائل ورجال الدين الرافضين للاحتلال في العراق.
لهذا لن نستبعد أن يكون مقتل السفير المصري بداية حرب مخابرات شرسة وقذرة، ستعيدنا إلى فترة الستينات و السبعينات من القرن المنصرم، وخصوصا بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، ولهذا قد تكون الأراضي العراقية هي الميدان أو الحلبة لتلك الحرب التي يبدو بدأت منذ مقتل المرحوم أيهاب الشريف.
ولكن ما ذنب العراق والعراقيين؟.
كاتب ومحلل سياسي عراقي
12.7.2005
samiroff@hotmail.com
بقلم: سمير عبيد *
فمثلما نعرف ليست من مصلحة بعض الدول العربية والإقليمية وخصوصا التي فرشت أجندتها في العراق أن يكون هناك دورا لمصر في العراق، فكذلك ليس من مصلحة إسرائيل أن يكون هناك دورا مصريا كبيرا و سفيرا لمصر في العراق، وخصوصا عندما يكون مطلعا على الخارطة السياسية في إسرائيل كالسفير المرحوم ( إيهاب الشريف) الذي يعرف تحركات معظم المسئولين الإسرائيليين، ويعرف كثير من رجال السياسة والمخابرات في إسرائيل من خلال الوجوه والأسماء و منهم حتما في العراق الآن، ناهيك إنه يمتلك في ذاكرته صورا لأماكن مهمة زارها أثناء عمله في إسرائيل كقائم بالإعمال هناك، وحسب ما ذكرته صحيفة (أيديعوت أحرانوت) والتي نشرت قلق بعض المسئولين في جهاز الأمن ( الشاباك) حول احتمالية أن يكون الشريف أفشى بأمور خطيرة عن إسرائيل أثناء التحقيق معه من قبل خاطفيه قبل مقتله والذي لازال غير مؤكد (مادام لم تكن هناك جثة) وربما هو نوعا من التمويه لإبعاد التهمة عن إسرائيل.
فإذا كانت إسرائيل وراء خطف ومقتل السفير المصري ومن خلال بعض أجهزتها المنتشرة في العراق، خصوصا وإن هذا البلد أصبح ملكا صرفا للأجهزة السرية التابعة لإسرائيل تقريبا، ومنذ سقوط النظام العراقي ولحد الآن، فالقضية إذن معقدة ولا تعلم بتفاصيلها غير الخلايا السرية في العراق، وبعض أصدقاء إسرائيل في التركيبة السياسية العراقية والذين يكرهون الدعم العربي للشعب العراقي، وكذلك لا يريدون للعرب دورا في العراق وخصوصا مصر، لذا فالخلايا التي تتحرك بأوامر الموساد الإسرائيلي في العراق، والشخصيات السياسية التي تمتلك علاقات مع إسرائيل تحوم حولها الشبهة، وحتما المخابرات المصرية تعرف أو ستعرف قريبا خيوط الجريمة، ولكنها حتما لن تتفوه بكلمة لخطورة الموقف على النظام المصري الذي يعيش أشد أزماته السياسية.
علما والدولة المصرية تتابع عن كثب ومنذ سقوط النظام العراقي مسألة التغلغل الإسرائيلي في العراق، والذي ليس خافيا على أجهزة ودوائر الدولة المصرية، لهذا تم اختيار السفير ( الشريف) كونه يمتلك خبرة كبيرة بنشاطات الأجهزة الإسرائيلية من خلال عمله هناك في الدولة العبرية (إسرائيل)، فلقد قال الدكتور ( مصطفى الفقي) رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشعب المصري في 4/10/2004 ما يلي ( إن إسرائيل انتهزت فرصة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق العام الماضي، لنشر عدد كبير من عملائها في المناطق الكردية شمالي البلاد بهدف التجسس على كل من إيران وسوريا)، ولم يكتف السيد ــ الفقي ــ بذلك بل قال في حديث للتلفزيون المصري ( إن إسرائيل موجودة وبقوة في شمال العراق وتمارس نشاطات تجسسية على الدول المجاورة) ونحن نزيد على السيد الفقي ونقول إن إسرائيل موجودة في كل قصبات العراق، بل و في بعض الصالونات السياسية والدينية، وما مشروع مطار النجف ( ذي الكفل) إلا بأوامر وأموال إسرائيلية، ولأبعاد إستراتيجية متلازمة مع المشروع الصهيوني في العراق.
ونضيف كذلك شهادة موثقة عن الوجود الإسرائيلي في العراق، وهذا ما صرحت به العميد ( جانيت كاربنسكي) التي تولت قيادة اللواء 800 من الشرطة العسكرية الأميركية، وكانت مسئولة عن 17 سجنا في العراق أنها التقت محققا ( إسرائيليا) وأنه قام باستجواب بعض المساجين داخل أبو غريب، وأيد ذلك الصحفي الأميركي ( سيمور هيرش) في حديث أدلى به إلى ( بي بي سي) حيث قال ( إن أحد أهم الأهداف الإسرائيلية في العراق كان النفاذ إلى قلب السجون العراقية واستجواب ضباط الاستخبارات العراقيين السابقين الذين تخصصوا في الشؤون الإسرائيلية) لأن هؤلاء الضباط تعتبرهم إسرائيل خطرا عليها مثلما السفير الشريف خطرا على مصالحها في العراق..
كما إن وزير الدفاع الأميركي ( رامسفيلد) وهو اليهودي المتطرف في الإدارة الأميركية والمناصر بشدة لمشروع هيمنة إسرائيل في العراق و على المنطقة كلها قد أنشأ وكالة استخبارات سرية تقوم بعمليات سرية في الخارج، و تحت إشرافه الشخصي وهذا ما كشفته عناصر في وحدة مخابرات أميركية إلى صحيفة ( واشنطن بوست) في 23/1/2005 ولقد أطلق على هذه الوكالة اسم ( وحدة الدعم الإستراتيجي) وتنشط منذ سنتين في العراق وأفغانستان، وأكدت الصحيفة استنادا إلى وثائق ومقابلات مع عناصر هذه الوحدة الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم، ولقد ذكرت الصحيفة أن تلك الوكالة كتبت مذكرة إلى رامسفيلد تركز بها البدء في العمل ضد أهداف محتملة أيضا في ( الصومال واليمن واندونيسيا والفلبين وجورجيا أيضا) ومن مهمات هذه الوحدة السرية أيضا جمع المعلومات حول الجانب ( الإنساني) للاستخبارات مثل الاستجواب وتجنيد الجواسيس الأجانب، ولأجل هذا عرقل (رامسفيلد) مشروع الكونغرس الأميركي الذي ينوي إصلاح أجهزة الاستخبارات وتوحيدها، وتقول الصحيفة ومن خلال الوثائق يرجح أن يكون بين عناصر تلك الوكالة شخصيات سيئة الذكر.
فكل هذا يعطي إشارة إن العراق أصبح ميدانا إستخباريا لإسرائيل، وأصبح أرض مباحة وكميدان رمي لإسرائيل، وكذلك كحقل تجارب إلى الأفكار والمشاريع والخطط وحتى الأسلحة الإسرائيلية، حيث الحصانة التي تتمتع بها القوات الأميركية ومن معها لتصل حتى إلى المستخدمين والمنظفين ( والبنشرجية) كفيلة بحماية الخلايا الإسرائيلية، وجميع الخلايا السرية التابعة لرامسفيلد وغير رامسفيلد، وبهذا لن تسمح ولن تتحمل الخلايا السرية التابعة لإسرائيل بقدوم شخصية مصرية على دراية كافية بالمشاريع الإسرائيلية وعمل الخلايا التابعة للأجهزة الإسرائيلية.
خصوصا وأن اختيار (الشريف) جاء بعناية شديدة لعلاقاته القوية مع جهاز المخابرات المصري، ومع الخلية السياسية الحاكمة الأولى في مصر، لذا فوجوده وتغلغله ونسج علاقاته بين أوساط الطبقات السياسية العراقية، وبين أفراد وشرائح المجتمع العراقي سيكون خطرا على الخلايا السرية في العراق وفي مقدمتها الخلايا الإسرائيلية، لهذا ربما جاء قرار تصفيته قبل أن تستفحل علاقاته وتكون متينة خصوصا بين العروبيين والقوميين ورجال القبائل ورجال الدين الرافضين للاحتلال في العراق.
لهذا لن نستبعد أن يكون مقتل السفير المصري بداية حرب مخابرات شرسة وقذرة، ستعيدنا إلى فترة الستينات و السبعينات من القرن المنصرم، وخصوصا بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، ولهذا قد تكون الأراضي العراقية هي الميدان أو الحلبة لتلك الحرب التي يبدو بدأت منذ مقتل المرحوم أيهاب الشريف.
ولكن ما ذنب العراق والعراقيين؟.
كاتب ومحلل سياسي عراقي
12.7.2005
samiroff@hotmail.com
تعليق