إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أنفلونزا التغيير: الفكر النازي في مشروع الإصلاح الشيعي للأستاذ حيدر حب الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    باسمه تعالى
    أعتذر من الأخوة الكرام عن الانقطاع وأشكر لهم اهتمامهم بالموضوع, كما أعدهم بمتابعة نشر فصول الأنفلونزا تباعا

    تعليق


    • #17
      2 ـ أين الأطروحة الفقهية؟
      إن الكاتب بادر إلى طرح ورقة عمل لمشروع تغييري داخل المذهب الشيعي يهدف إلى (التغيير المجتمعي) و(إضافة أجزاء ناقصة) و(تغيير نمطية العقل الشيعي) و(إدخاله في سياق جديد) و(إعادة إنتاج الفكر من جديد) و ..
      وهذه العناوين مع ضبابية وإجمال مضمون بعضها, وخطورة مضمون بعضها الآخر, أرسلها الكاتب إرسال المسلمات من دون أن يُكلِّف نفسه عناء تقديم أطروحة فقهيَّة ـ وهو يدعي أنه من أهل ذلك ـ تبيِّن من خلال الأدلة القاطعة والبراهين الواضحة مشروعية مثل هكذا عمل في ظل غيبة المؤتمن الحقيقي على الدين والراعي الأصلي والأساسي له, وهو الإمام الحجة #.
      فهل المطلوب من الشيعة في زمن الغيبة الكبرى وانقطاعهم عن الاتصال المباشر وغير المباشر بإمامهم # هو الثبات على ما بأيديهم من الدين الذي توارثوه عن أئمَّتهم ^ عبر علماء المذهب العدول الأثبات جيلاً بعد جيل؟
      أم أن المطلوب منهم هو التنكر لما هو موجود بين أيديهم من الدين المُتَسالَم عن أئمتهم ^ والمُحرَز كونه موضع رضا وقبول منهم, ونبذه خلف الظهور, ومن ثم الانجرار خلف دعاوى التغيير والتجديد والحداثة؟
      الوظيفة في آخر الزمان هي الثبات وعدم التغيير
      إن المراجع للروايات المتواترة الواردة في بيان وظيفة الشيعة في زمان الغيبة يجدها تؤكد بشكل واضح وصريح على أن المطلوب منهم هو الثبات على ما بأيديهم من الدين ونبذ كل تغيير ودعوى إلى التحول من القديم إلى الجديد, حتى ولو كانت في دقائق الأمور وجزئياتها, ما لم يثبت صاحب هذه الدعوى بنحو قاطع وبيِّن لا يقبل الشك والارتياب صحَّتها ومشروعيتها.
      فهذا الشيخ الجليل محمد بن إبراهيم بن أبي زينب النعماني + ذكر في غيبته جملة من هذه الروايات( ), وإليكَها:
      1 ـ بإسناده عن علي بن الحارث بن المغيرة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله ×: >يكون فترة لا يعرف المسلمون فيها إمامهم؟ فقال: يُقال ذلك, قلت: فكيف نصنع؟ قال: إذا كان ذلك فتمسكوا بالأمر الأول حتى يَبينَ لكم الآخر<.
      2 ـ وبه عن محمد بن منصور الصيقل عن أبيه منصور، قال: قال أبو عبد الله ×: >إذا أصبحت وأمسيت يوماً لا ترى فيه إماماً من آل محمد, فأحبب من كنت تحب، وابغض من كنت تبغض، ووالِ من كنت توالي، وانتظر الفرج صباحاً ومساءً<.
      3 ـ وبإسناده عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله × فقال: >كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى، ولا علماً يرى، فلا ينجو من تلك الحيرة إلا من دعا بدعاء الغريق,
      فقال أبي: هذا والله البلاء، فكيف نصنع ـ جعلت فداك ـ حينئذ؟ قال: إذا كان ذلك ـ ولن تدركه ـ فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر<( ).
      4 ـ وبه وعن محمد بن عيسى والحسن بن ظريف ، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله ×، قال: >قلت له: إنا نروي بأن صاحب هذا الأمر يُفقَد زمانا فكيف نصنع عند ذلك؟ قال: تمسكوا بالأمر الأول الذي أنتم عليه حتى يبين لكم<.
      5 ـ وعن محمد بن همام، بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله × أنه قال: >يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة, قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟
      فقال: كونوا على ما أنتم عليه حتى يُطلعَ الله لكم نجمكم<( ).
      وقد علَّق النعماني & على هذه الروايات قائلاً: >هذه الروايات التي قد جاءت متواترة .. وهي مشتملة على أمر الأئمة ^ للشيعة بأن يكونوا فيها على ما كانوا عليه لا يزالون ولا ينتقلون، بل يثبتون ولا يتحوَّلون ..<.
      وإليك جملة أخرى من هذه الروايات:
      6 ـ في النهج الشريف عن أمير المؤمنين × قوله: >إن عوازم الأمور أفضلُها, وإن محدثاتِها شرارُها<( ), فالمراد من عوازم الأمور: ما تقادم من الأمور، من قولهم: عجوز عَوْزَم أي مسِنَّة, على ما ذكره أكثر أهل اللغة( ), ويؤيد إرادة ذلك منها هنا مقابلتها بالمحدَثات.
      ولا يخفى ما فيه من الحث على التمسُّك بما تقادم من أمور الدين وتوورث عن السلف الصالح من علمائه, وعدم الانجرار خلف الدعاوى الجديدة والحادثة.
      7 ـ ما في كمال الدين للشيخ الصدوق + بإسناده عن أبي عبد الله ×: >يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم, فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال: يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم<( ).
      8 ـ ما فيه أيضاً بإسناده عن أبي عبد الله × أنه قال: >كيف أنتم إذا بقيتم دهراً من عمركم لا تعرفون إمامكم؟ قيل له: فإذا كان ذلك فكيف نصنع؟ قال: تمسكوا بالأمر الأول حتى يستبين لكم<( ).
      9 ـ وما في كمال الدين والكافي والغيبتين( ) بطرق متعددة عن يمان التمار عنه ×: >إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد .. ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق الله عبد، وليتمسَّك بدينه<.
      10 ـ ما في الكافي والعلل وكمال الدين( ) عن موسى بن جعفر ‘ قال: >إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه ..<.
      11 ـ ما في كمال الدين عن الحارث بن المغيرة قال: سألت أبا عبد الله ×: هل يكون الناس في حال لا يعرفون الإمام؟ فقال: قد كان يقال ذلك، قلت: فكيف يصنعون؟ قال: يتعلقون بالأمر الأول حتى يستبين لهم الآخر<( ).
      12 ـ ما فيه أيضاً عن يونس بن عبد الرحمن قال: دخلت على موسى بن جعفر ‘ فقلت له: >يا ابن رسول الله! أنت القائم بالحق؟ فقال: أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يُطهِّر الأرض من أعداء الله عز وجل ويملَؤها عدلا كما ملئت جورا وظلما هو الخامس من ولدي, له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون, ثم قال: طوبى لشيعتنا، المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة، ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم، ثم طوبى لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة<( ).
      ولنكتفِ بهذه الجملة من الروايات تيمُّناً بعدد الأئمة الإثني عشر ^.
      فهذه الروايات الشريفة تمدح ما تقادم من أمور الدين, وما تُسولِم منها عن السلف الصالح من العلماء الأبرار والأصحاب الأجلَّة, وتأمر بالتمسك به والثبات عليه, وعدم العدول عنه واستبداله بغيره ما لم يُثبت الجائي بهذا الأمر الآخر الجديد بنحو بيِّن لا شك فيه أنه مأخوذ من معين علمهم, وموضع رضا وقبول منهم ^.
      لا ينجو إلا من دعا بدعاء الغريق
      تقدَّم في الرواية الثالثة قول الإمام الصادق × لعبد الله بن سنان أنه لا ينجو في آخر الزمان إلا من دعا بدعاء الغريق, فما هو سرُّ كون النجاة في هذا الدعاء يا ترى؟
      روى الصدوق + في كمال الدين عن عبد الله بن سنان أيضاً قال: قال أبو عبد الله ×: >ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَم يُرى، ولا إمام هدى, ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك, فقلت: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك, قال: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار, ولكن قل كما أقول لك: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك<( ).
      ولعمري إن الإمام × بيَّن في هذا الحديث الشريف أن السِّر في دعاء الغريق أن فيه طلب الثبات على الدين, ومن هنا انحصر سبيل النجاة في زمن الغيبة به, مما يوضح أن فتن ذلك الزمان أكثرها يقوم على دعاوى التغيير والتجديد والحداثة, ومن هنا كانت غبراء مظلمة كما سيأتي في الحديث اللاحق, حيث إنها تريد إزالة المؤمن عن دينه ومعتقده بطريقة مبطَّنة وباسم الإصلاح والتجديد و.. , مما قد يخدع المؤمن ويجعله بنجرُّ وراءها, ما لم تتداركه العناية الإلهية وتُثَبِّت قلبه على الدين.
      كما بيَّن × للراوي من خلال نهيه عن إضافة عبارة (والأبصار) على الدعاء ـ وإن كانت في حدِّ نفسها من الحق ـ أن التغيير المنهي عنه والذي يُنافي الثبات على الدين يشمل حتى مثل فعله هذا الذي لا يخلو من كونه نحو اقتراح على الإمام وتقدُّم بين يديه, والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}( ), فلا يكفي كون المطلب في نفسه حقاً حتى يجوز القول به ما لم يكن صادراً عنهم ومأخوذاً منهم ^.
      الثبات على الدين في آخر الزمان أشق التكاليف
      بيَّنت الروايات الشريفة أن أشقَّ التكاليف الملقاة على عاتق المؤمن في آخر الزمان وأصعبها هو الثبات على ما بيده من الدين في ظل رياح التغيير التي تعصف بالمجتمع, فعن رسول الله ’ أنه قال ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: >اللهم لَقِّني إخواني ـ مرتين ـ فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله ’؟! فقال: لا إنكم أصحابي, وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم يرَوني, لقد عرَّفَنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يُخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم, لَأَحدُهم أشدُّ بقيَّةً على دينه من خَرطِ القتاد في الليلة الظلماء, أو كالقابض على جمر الغضا, أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة<( ).
      الأصل في دعاوى التغيير هو الفساد
      لم يقتصر الأمر في الروايات على الحث على الثبات على ما بأيدينا من أمور الدين, والتمسُّك بما تقادم منها, بل إن الحديث المشهور عن النبي ’: >إياكم ومحدثات الأمور, فإن شر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار<( ),
      يظهر منه كمال التحذير من قِبَلِه ’ من محدثات الأمور التي تنضوي غالباً تحت شعارات التغيير والإصلاح والتجديد, وأن الوظيفة الظاهرية تجاه أي أمر محدث وجديد ولم يؤثر عن السلف الصالح من علمائنا الأبرار وأصحاب الأئمة ^ أن نتوجَّس منه شراً, ونعامله معاملة البدعة, حتى يثبت صاحبه ومن جاء به أنه من الحق الصراح الذي لا مرية فيه ولا ريب يعتريه.
      فليس الحكم بكون (شرار الأمور محدثاتها), ثم الحكم بأن (كل محدثة بدعة), مع ما هو معلوم من عدم الملازمة بين المحدثة والشر والبدعة واقعاً, إلا لتأسيس أصل عام في كلِّ أمر حادث باسم الدين بأن يُبنى ابتداءً وظاهراًً على كونه شراً وبدعة ويُتعامل معه على هذا الأساس حتى يُثبت من جاء به عدم كونه كذلك.
      هل الثبات على القديم ورفض الجديد المحدَث من التقليد المذموم؟
      قد يتوهم البعض أن البقاء على القديم المُتسالَم جيلاً بعد جيل ـ عوازم الأمور على حد تعبير أمير المؤمنين × ـ والبناء على رفض كل جديد ما لم تثبت صحَّته بدليل قاطع هو من التقليد المذموم في القرآن الكريم, فقد قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}( ), وقال عزَّ من قائل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}( ), فذمَّهم على تقليدهم الآباء والأجداد ورفضهم العدول عما توارثوه منهم وتسالموه عنهم.
      ولكن المتأمل في هذه الآيات يجد أن القرآن الكريم لم يذم أصل فكرة ومبدأ التقليد, وإنما ذم الذين يقلِّدون من لا أهلية له للتقليد ويأخذون دينهم عن الآباء والأجداد الضالين الذين لا يفقهون ولا يعقلون, حيث إنه بعدما حكى عن الأمم السالفة الضالة اتِّباعهم لما كان عليه الآباء والأجداد عقَّب قائلاً
      في الآية الأولى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ},
      وفي الآية الثانية: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ},
      فلو كانت المشكلة في أصل أخذهم عقائدهم من طريق التوارث عن الآباء والأجداد لما ناسب التعقيب بمثل ذلك, بل كان المناسب الاعتراض على أصل أخذهم الدين من طريق الآباء والأجداد.
      وأما إذا كان المقلَّد معصوماً وكان الآباء والأجداد المأخوذ عنهم هم المعصومين, ومن اتَّصل بهم من الأصحاب الفقهاء الأجلة الثقات, والعلماء الأبرار أهل التقوى والعلم والتحقيق والتدقيق, فإن هذا لا يكون مذموماً, بل هو من التقليد الممدوح والمأمور به والموصل إلى الحق والذي يكون تركه مذموماً.
      قال تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}( ), إذ كان يكفيهم أن يقولوا: (نعبد الله), ولكنهم أرادوا أن يُبيِّنوا أن هذا الدين الذي اخترتَه أنت, واختاره آباؤك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ^, والذي يقوم على عبادة الله الواحد الأحد, هو الدين الحقيق بالإتِّباع.
      وفي خبر محمد بن عبيدة قال: >قال لي أبو الحسن ×: يا محمد أنتم أشد تقليداً أم المرجئة؟ قال: قلت: قلدنا وقلَّدوا .. فقال أبو الحسن ×: إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه، وإنكم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه، فهم أشد منكم تقليدا<( ),
      فبيَّن × أن مشكلة المرجئة وغيرهم من الفرق الضالة والمنحرفة ليست في أنهم مقلِّدة, بل في أنهم نصبوا رجلاً لم تثبت عندهم عصمته, ولا كونه مصدَّقاً على الغيب, فقلَّدوه, وأما الشيعة فمشكلتهم على العكس حيث إنهم على الرغم من اعتقادهم في أئمتهم أنهم منصوبون من قبل الله تعالى, وأنهم مفترضوا الطاعة, فإنهم يُقصِّرون أحياناً في تقليدهم.
      وفي خبر البزنطي قال: قلت للرضا ×: >جعلت فداك، إن بعض أصحابنا يقولون: نسمع الأثر يُحكى عنك وعن آبائك ^ فنقيس عليه ونعمل به, فقال: سبحان الله، لا والله ما هذا من دين جعفر ×، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا، قد خرجوا من طاعتنا وصاروا في موضعنا، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفراً وأبا جعفر‘؟!<( ),
      حيث بيَّن × أن قوام التشيع والموالاة لأهل البيت ^ إنما هو في التقليد لهم ^ كما كان الحال عند أصحاب جعفر وأبي جعفر ‘, وأما من يأبى التقليد لهم ^, ويريد أن يستقل برأيه في قبالِهم, فقد جعل نفسه بذلك مكانهم, وخرج عن طاعتهم وولايتهم.
      وقد تقدم قول أبي الحسن موسى ×: >.. الله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد .. لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتَّبعوه<,
      وهو واضح وصريح في لزوم التمسك بما كان عليه الآباء والأجداد من الدين, طالما أنه قد ثبت لنا بالقطع واليقين صدق هؤلاء الآباء وعصمتهم. هذا على مستوى تقليد الشيعة لأئمتهم ^.
      وأما على مستوى تقليد عوام الشيعة لعلمائهم, فقد أوضح إمامنا الصادق × الفرق بين التقليد المذموم المنهي عنه والتقليد الممدوح المأمور به عندما سأله رجل قائلاً: إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟! وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم؟! فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم!
      فقال ×: >بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة:
      أ
      ما من حيث أنهم استووا، فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم, وأما من حيث أنهم افترقوا فلا.
      قال: بين لي ذلك يا بن رسول الله ’!
      فقال ×: إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام وبالرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات, وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم, وعرفوهم بأنهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يُصدَّق على الله، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم الله لما قلدوا من قد عرفوا، ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره، ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله ’, إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم.
      وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا، وبالترَفُّق بالبر والإحسان على من تعصبوا له، وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا, فمن قلد من عوامنا من مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم.
      فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلِّدوه ..<( ).
      وعليه, فالبقاء على الدين المأخوذ عنهم ^, والمتسالَم عن أصحابهم الأجلة الثقات, والعلماء الأبرار الأثباب جيلاً بعد جيل, ونبذ كل أمر جديد محدث, لم يُؤثر عنهم ^, ولا نجده فيما بين أيدينا من الدين الذي نقله إلينا علماؤنا الأجلاء والأصحاب الثقات, مما أقرَّه القرآن الكريم وأمرت به الروايات الشريفة, وليس من التقليد الباطل والمذموم.
      عود على بدء
      وعلى أي حال فإن الروايات الشريفة ـ والتي قدَّمنا نبذة منها ـ تأمر بالثبات على ما بأيدينا من الدين في زمن الغيبة, وتنهى عن اتِّباع كل أمر جديد محدَث, وتُبيِّن أنه ما لم يقترن بالحجج الواضحة والأدلة البيِّنة على كونه منتهياً إليهم ^ ومأخوذاً من معين علمهم فهو بدعة في الدين, ولن يجلب سوى الشر والوبال على أهله, مما يجعل مهمة الكاتب في مشروعه التغييري صعبة, ويفرض عليه أن يقدِّم أطروحته الفقهية المتكاملة التي تعالج هذه الروايات بطريقة علمية, وتبيِّن مشروعية العمل التغييري الذي يريد القيام به على ضوء العقل الفطري البديهي والقرآن الكريم والسنة المعصومية الشريفة, قبل أن يبادر إلى طرح ورقة للعمل بمشروع لم يثبت أصل جوازه بعد, ولعلَّه يكون بدعة في الدين, ويجلب الشر والوبال على أهله.
      تجديد أم تبديد؟
      لا يخفى أن (التجديد) (والإصلاح) كلاهما يستبطن في داخله الحفاظ على أُسِّ ما يُراد تجديدُه وإصلاحُه وما به قوامه, فكما أنه لا يُقال لمن يقوم بهدم البيت وتقويض أسسه ثم إعادة بنائه من جديد أنه أصلحه أو جدَّده ورمَّمه, فكذلك لا يكون تقويض دعائم أي مذهب والسعي لنقدها ونقضها تجديداً وإصلاحاً له, بل يكون هدماً لهذا المذهب وإلغاء له في الواقع, سواء سماه مرتكبه تجديداً وإصلاحاً أو أي شيء آخر.
      وما قدَّمناه من المطالبة بالأطروحة الفقهية لمشروع الكاتب مبني ـ طبعاً ـ على كون التغيير الذي يُنادى به لا يرتبط بروح المذهب وجوهره, ولا يمس أصول المذهب وأسسه, وبالتالي مما يمكن أن يكون تجديداً وإصلاحاً ويُحتمل في حقِّه أن يكون موضع رضا وقبول منهم ^, ولو لرجوعه بحسب جذوره وقواعده العامة إلى ما تُسولِم عنهم ^.
      وأما إذا لم يكن كذلك, فلا نظننا بحاجة إلى كل هذا التطويل في إثبات بطلانه ووجوب محاربته, إذ أنه لا يكون حينها تجديداً وإصلاحاً, بل إفساداً وتدميراً للدين والمذهب تحت غطاء الإصلاح والحداثة والتجديد.
      وحيث إن كاتب هذه الورقة أوضح بعض ملامح مشروعه التغييري في مقالته (لماذا نصوص معاصرة) قائلاً: (نحاول في هذه المقدِّمة تحديد تصورنا عن مشروعنا وأسسه الفكرية والثقافية لكي تتجلى الصورة وتتضح), وأفصح هناك عن كثير مما أجمله هنا في ورقة عمله, فنحن نجد لزاماً علينا أن نتعرض بإيجاز لبعض ما أورده في تلك المقالة, وسنحاول قدر الإمكان التقيد بعبائر الكاتب, كما أننا سنسلط الضوء على بعض الأمور التي نرى فيها مشكلة, وليس غرضنا فعلاً إيراد كل ما قال.

      تعليق


      • #18
        بسمه تعالى


        احسنت اخي العاملي واجدت ونامل في الاستمرار

        وقد استشكل احدهم على تعمد رفع الموضوع بالرغم من كونه استخدم هذه الطريقة كثيرا في نفس هذا المنتدى المبارك


        وعلى كل حال فانني اظن ان مواقف المرا وملاحمه الفكرية هي من ضمن ما يضمنه المثقفون لكل احد وما هذا الرد مني


        وتعمد الرفع الا كموقف لي كامل الحق بفعله دون حق الاعتراض من احد على ادعاء المثقفثن والمفكرين فهل اكون


        من المتجاوزين لقوانين المثقفين او لقوانين المنتدى ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
        هذا غريب منكم اخوتي


        وارجو منكم التمعن قبل الحكم

        والسلام

        تعليق


        • #19
          للرفع
          ولكم اجمل التحايا

          تعليق


          • #20
            للرفع
            ولكم اجمل التحايا

            تعليق


            • #21
              بسمه تعالى

              لله درك يا ابا علي العاملي تفيدنا بشي وتغيب عنا اشياء

              اين انت ايها العزيز ام نضب نبع عطاءك ؟؟؟؟

              تعليق


              • #22
                بسمه تعالى

                للافادة واعطاء فرصة المطالعة

                نساهم في الرفع

                تعليق


                • #23
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله
                  واللعن على اعدائهم
                  ابا علي ..... اكمل بحثك رجاء خدمة للحقيقة .

                  وليتسنى لنا النظر فيه والحكم العادل عليه.

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                  يعمل...
                  X