التغييريّون بين الهدم والبناء
دعوة إلى الإصلاح والاعتدال
بقلم: الشيخ محمّد محسن حيدر
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمة:
في ظروف وتحديّات صعبة تمرّ بها أمّتنا الإسلاميّة بشكل عامّ، وحوزتنا العلميّة بما تُمثّل صمّام أمان لكثير من هذه القضايا بشكل خاصّ، تصادفنا مجموعة من الأفكار من بعض المثقفين، كان يُرجى لها أن تؤدّي إلى تنوّع إيجابيّ يؤدّي في نهاية المطاف ـ رغم شيء من الاختلاف ـ إلى التكامل والرقي، ويدفع حركتنا الثقافيّة إلى الأمام، ويزيد من مساحة الخدمة الملقاة على عاتق الحوزة، حين كنّا نأمل ـ بل أكثَر من أمل ـ بأن يسدّ هذا التنوّع عدداً من مواطن الخلل والنقص التي نعاني منها.
فقد كنّا نستحضر، في بعض هؤلاء المثقّفين، تجارب الشهيد الصدر والشهيد مطهري والشيخ مغنية وآخرين، كنماذج بارزة لخطوات جبارة قادت الحركة الشيعيّة بقوّة نحو الأمام، حيث قدّموا للمجتمع خدمات جليلة، سواء على مستوى الفكر والتنظير أم على مستوى البيان والتقديم، وكان أن وُفّقوا، كُلٌّ بما آتاه الله من سعته لخدمة هذه الأمة، من دون أن يعني ذلك قبولاً مطلقاً لأفكارهم.
هذا ما كان يتراءى لنا من خلال حركة بعض الأخوة من داخل مجتمعنا العلميّ والدينيّ، ولكن إذا بالأمل ينقلب توجّساً ـ مع كامل حسن الظن بهم ـ، ثم انتابتنا أنواع مختلفة من المخاوف والهواجس بدأت تقوى وتشتد، فنقلتنا إلى حيرة تائهة بين أمنيات لم تعد سوى أحلام، وبين سير عمليّ خطير ومخيف.
هكذا ينقلب المشهد وتنقلب الصورة، فمن كان قريباً بالأمس تراه يبتعد عنك مسافات يوماً بعد يوم، وترى نفسك في مواجهةٍ مع من كنت تأمل فيه أن يرأب الصدع ويسدّ بعض الثغرات، لتجد نفسك مدفوعاً من حيث تريد أو لا تريد لتسدّ ثغرات فتحوها في جسمك الدينيّ، وترانا منشغلين بأنفسنا بدل التعاضد والتكاتف في سبيل تقديم خدمة لهذه الحوزة، وبالتالي لهذه الأمّة.
وفي الواقع إن بوادر التمزّق والانشقاق كانت موجودة منذ فترة، ولم تكن مفاجئة، لكنّ المفاجئ هو أنّها نمت وطفت بسرعة مذهلة، مثلها مثل العواصف المختلفة التي تمر بمنطقتنا، والتي يُصرّ أصحابها على العصف خوفاً من أن يسبقها أو يقضي عليها عامل الزمن.
وكان لمجلة (نصوص معاصرة) وعلى لسان رئيس تحريرها دور خاص في تسريع الأحداث، فلم تخل تلك الافتتاحيات من توزيع ظنون واتهامات، وقدح أو تعريض، طالت كثيراً من الشرائح، سواء في مجتمعنا العلمي أم السياسي، وإذا كانت هذه الاتّهامات غريبة فما يزيدها غرابة هو صدورها عمّن يدعي الحياد، لا سيّما إذا كانت الاتّهامات من غير أيّ إثباتات.
من هنا فقد أثارت هذه الافتتاحيّات موجات من السخط والغضب والخوف و...و...، مع أنّ المشكلة ليست مع شخص أو مع مجلة، وإنّما ساهمت هذه الافتتاحيّات في أن تطفوَ إلى السطح، وتبرز هوّة واسعة بين بعض مثقفينا وبين بقية المجتمع، مثقّفين وأفراداً.
كان الانفعال طبيعيّاً، وكان الشرخ والانشقاق الكبير، وكانت الانقسامات في وسطنا العلمي حادّة وأساسيّة جداً، فهي متعدّدة المناحي؛ تبدأ من الانشقاق الفكريّ، وهو بالتالي ليس أحاديّ الجانب، بل يبدأ بالمناهج ويشمل المبادئ والأهداف والنتائج، وتستمر في جوانب متعددة نفسية وعاطفية وأسلوبية وحتى اصطلاحيّة.
فكان هناك مبرّرات وأسباب موضوعيّة لكلّ المخاوف والهواجس، وللانفعال النفسيّ والعاطفيّ في مجابهة هذا التحرّك، ولم يكن الهجوم مجحفاً، بغضّ النظر عن بعض مفرداته.
على أنّ بعض الساخطين يشعرون بالخوف من دون أن يلمسوا سببه الحقيقي، كما أنّ بعض المدافعين يدافعون بكل وجدانهم من دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء المطالعة، ليخرج الهجوم والدفاع عن السياق العلمي إلى الشعور الوجدانيّ والنفسيّ، وهذا ما نحاول الخروج عنه.
ورغم اعتقادي بأنّ الصدع من الحدّة بمكان، بحيث لا ينجع تهوين أمره أو تسكينه، ورغم شعوري بأنّ الفاصلة بعيدة ليس من الهيّن تلافيها أو تخفيفها، إلا أنّني احتفظت ببارقتي أمل: أولاهما أنّي لا أجد شخصيّاً في نفسي أيّ اتّهام في نوايا أحد، وثانيهما ما نتوخّاه من مصارحة وشفافية عند الطرف الآخر، كما يؤكّدون، وإن كنت أعلنها بصراحة أنها خُدشت بقوّة في أكثر من موقع، مما أخافنا من أن تكون مجرد ورقة يستفاد منها عند الحاجة، لكنّنا سنحاول المحافظة على ما تبقى من بريقها، عساه ينفعنا في ساعة الشدة!
من هنا انطلقنا إلى محاولة رأب الصدع، ونؤكّد أنّ المشكلة وإن كانت مع عدد من المقالات والأفكار والمثقّفين، إلا أنّ الواقع الخارجيّ فرض علينا إيقاعه، فاستمدّينا بعض ما نريد توضيحه في هذه الورقة من بعض افتتاحيّات نصوص معاصرة ومقالات رئيس تحريرها، من غير أن يكون الهدف حصر الكلام في شخص معيّن أو مقال معيّن، ويعذرني في هذا الحصر أن ليس الهدف توسيع رقعة الأسماء.
وقبل أن أتعرض إلى الورقة التي أقدّمها إلى إخواني الأعزّاء أرغب في عرض خلاصةٍ للمحاولات التي سبقتها، والمشاكل التي أعاقت وصولها إلى نتائج إيجابيّة.
المحاولة الأولى: المراسلة:
أرسلت لرئيس تحرير المجلة رسالة، عساها تقدم خطوة تتبعها خطوات، أو تكسر حاجزاً ويتم بعده كسر آخر، فبثثته فيها بعض مخاوفي عساه يرفع بعضها وننتقل بعدها إلى أمور أكثر حساسية ودقة، فانطلقت في الكتابة من منطلق بيان شيء من الهواجس والمخاوف التي شعر بها كلّ من طالع افتتاحيات نصوص معاصرة، واختصاراً للمسافة فإنّي حدّدتها تماماً، من غير أن أغفل الاحتمالات التي يمكن أن تكون قد أدّت إلى الوقوع في الخطأ، هادفاً في كلّ ذلك إلى أن يكون كلّ شيء واضحاً ومحدّداً، وأملت في الرسالة أن نسمع إذا ما كان هناك وجهة نظر أخرى.
إلا أنّ المفاجأة كانت في رسالته الجوابيّة، حيث تجاوز كلّ الهواجس ـ المحدّدة ـ، وانتقل إلى عرض ما يُسمّيه استراتجيّته ورؤيته للأوضاع العامّة المتأزّمة في الحوزة العلميّة، رغم أنه أبدى إعجابه في تحديدي للموضوع بعيداً عن التشتّت في التفاصيل!
حينها، فضلاً عن أنّي وجدت جهدي يضيع هباءً منثوراً، فإنّي نظرت في هذه الاستراتيجيّة، فما وجدتها سوى تصوّرات عامّة خالية من أيّ دليل أو إثبات ينفع، وبالتالي هي تسمح لأيّ شخص أن يدّعي استراتيجيّة بل استراتيجيّات.
وليس هذا هو المطلوب عندما نبذل وقتاً في المراسلة، بل المطلوب أن يكون هناك شيء من الإثبات حتى تقترب وجهات النظر، ولا أقول: حتى تتطابق، فأنا لا أريد أن أكون مثالياً.
وبعبارة ثانية: أنا أمتلك خوفاً من المشروع، فإذا كان خلاصة الجواب أن هذه وجهة نظري؛ لاستراتيجيّةٍ ما، فإنّ هذا لا يبدد الخوف، وإذا لم يكن هناك وسائل للإثبات فما الداعي لبذل الجهد والتعب، فإن كل شخص عندما يبدي تصوراته أو استراتيجيته فإنه يدعي ضمناً أن هذا ما يراه مناسباً.
لقد كان الهدف من تبادل الأفكار بيانها وتوضيحها لا أن يشير كلّ طرفٍ إلى أن هذه أفكاري، فإذ ذاك لا يكون جدوى في التراسل؛ إذ لا مجال، والحال هذه، لاقتراب وجهات النظر.
وخلاصة القول إنّ الرسالة الجوابيّة لم تكن لتقدّم شيئاً، وكأنّ السؤال يريد شيئاً والجواب يريد آخر، وكان الحديث على موجتين مختلفتين.
دعوة إلى الإصلاح والاعتدال
بقلم: الشيخ محمّد محسن حيدر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
المقدّمة:
في ظروف وتحديّات صعبة تمرّ بها أمّتنا الإسلاميّة بشكل عامّ، وحوزتنا العلميّة بما تُمثّل صمّام أمان لكثير من هذه القضايا بشكل خاصّ، تصادفنا مجموعة من الأفكار من بعض المثقفين، كان يُرجى لها أن تؤدّي إلى تنوّع إيجابيّ يؤدّي في نهاية المطاف ـ رغم شيء من الاختلاف ـ إلى التكامل والرقي، ويدفع حركتنا الثقافيّة إلى الأمام، ويزيد من مساحة الخدمة الملقاة على عاتق الحوزة، حين كنّا نأمل ـ بل أكثَر من أمل ـ بأن يسدّ هذا التنوّع عدداً من مواطن الخلل والنقص التي نعاني منها.
فقد كنّا نستحضر، في بعض هؤلاء المثقّفين، تجارب الشهيد الصدر والشهيد مطهري والشيخ مغنية وآخرين، كنماذج بارزة لخطوات جبارة قادت الحركة الشيعيّة بقوّة نحو الأمام، حيث قدّموا للمجتمع خدمات جليلة، سواء على مستوى الفكر والتنظير أم على مستوى البيان والتقديم، وكان أن وُفّقوا، كُلٌّ بما آتاه الله من سعته لخدمة هذه الأمة، من دون أن يعني ذلك قبولاً مطلقاً لأفكارهم.
هذا ما كان يتراءى لنا من خلال حركة بعض الأخوة من داخل مجتمعنا العلميّ والدينيّ، ولكن إذا بالأمل ينقلب توجّساً ـ مع كامل حسن الظن بهم ـ، ثم انتابتنا أنواع مختلفة من المخاوف والهواجس بدأت تقوى وتشتد، فنقلتنا إلى حيرة تائهة بين أمنيات لم تعد سوى أحلام، وبين سير عمليّ خطير ومخيف.
هكذا ينقلب المشهد وتنقلب الصورة، فمن كان قريباً بالأمس تراه يبتعد عنك مسافات يوماً بعد يوم، وترى نفسك في مواجهةٍ مع من كنت تأمل فيه أن يرأب الصدع ويسدّ بعض الثغرات، لتجد نفسك مدفوعاً من حيث تريد أو لا تريد لتسدّ ثغرات فتحوها في جسمك الدينيّ، وترانا منشغلين بأنفسنا بدل التعاضد والتكاتف في سبيل تقديم خدمة لهذه الحوزة، وبالتالي لهذه الأمّة.
وفي الواقع إن بوادر التمزّق والانشقاق كانت موجودة منذ فترة، ولم تكن مفاجئة، لكنّ المفاجئ هو أنّها نمت وطفت بسرعة مذهلة، مثلها مثل العواصف المختلفة التي تمر بمنطقتنا، والتي يُصرّ أصحابها على العصف خوفاً من أن يسبقها أو يقضي عليها عامل الزمن.
وكان لمجلة (نصوص معاصرة) وعلى لسان رئيس تحريرها دور خاص في تسريع الأحداث، فلم تخل تلك الافتتاحيات من توزيع ظنون واتهامات، وقدح أو تعريض، طالت كثيراً من الشرائح، سواء في مجتمعنا العلمي أم السياسي، وإذا كانت هذه الاتّهامات غريبة فما يزيدها غرابة هو صدورها عمّن يدعي الحياد، لا سيّما إذا كانت الاتّهامات من غير أيّ إثباتات.
من هنا فقد أثارت هذه الافتتاحيّات موجات من السخط والغضب والخوف و...و...، مع أنّ المشكلة ليست مع شخص أو مع مجلة، وإنّما ساهمت هذه الافتتاحيّات في أن تطفوَ إلى السطح، وتبرز هوّة واسعة بين بعض مثقفينا وبين بقية المجتمع، مثقّفين وأفراداً.
كان الانفعال طبيعيّاً، وكان الشرخ والانشقاق الكبير، وكانت الانقسامات في وسطنا العلمي حادّة وأساسيّة جداً، فهي متعدّدة المناحي؛ تبدأ من الانشقاق الفكريّ، وهو بالتالي ليس أحاديّ الجانب، بل يبدأ بالمناهج ويشمل المبادئ والأهداف والنتائج، وتستمر في جوانب متعددة نفسية وعاطفية وأسلوبية وحتى اصطلاحيّة.
فكان هناك مبرّرات وأسباب موضوعيّة لكلّ المخاوف والهواجس، وللانفعال النفسيّ والعاطفيّ في مجابهة هذا التحرّك، ولم يكن الهجوم مجحفاً، بغضّ النظر عن بعض مفرداته.
على أنّ بعض الساخطين يشعرون بالخوف من دون أن يلمسوا سببه الحقيقي، كما أنّ بعض المدافعين يدافعون بكل وجدانهم من دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء المطالعة، ليخرج الهجوم والدفاع عن السياق العلمي إلى الشعور الوجدانيّ والنفسيّ، وهذا ما نحاول الخروج عنه.
ورغم اعتقادي بأنّ الصدع من الحدّة بمكان، بحيث لا ينجع تهوين أمره أو تسكينه، ورغم شعوري بأنّ الفاصلة بعيدة ليس من الهيّن تلافيها أو تخفيفها، إلا أنّني احتفظت ببارقتي أمل: أولاهما أنّي لا أجد شخصيّاً في نفسي أيّ اتّهام في نوايا أحد، وثانيهما ما نتوخّاه من مصارحة وشفافية عند الطرف الآخر، كما يؤكّدون، وإن كنت أعلنها بصراحة أنها خُدشت بقوّة في أكثر من موقع، مما أخافنا من أن تكون مجرد ورقة يستفاد منها عند الحاجة، لكنّنا سنحاول المحافظة على ما تبقى من بريقها، عساه ينفعنا في ساعة الشدة!
من هنا انطلقنا إلى محاولة رأب الصدع، ونؤكّد أنّ المشكلة وإن كانت مع عدد من المقالات والأفكار والمثقّفين، إلا أنّ الواقع الخارجيّ فرض علينا إيقاعه، فاستمدّينا بعض ما نريد توضيحه في هذه الورقة من بعض افتتاحيّات نصوص معاصرة ومقالات رئيس تحريرها، من غير أن يكون الهدف حصر الكلام في شخص معيّن أو مقال معيّن، ويعذرني في هذا الحصر أن ليس الهدف توسيع رقعة الأسماء.
وقبل أن أتعرض إلى الورقة التي أقدّمها إلى إخواني الأعزّاء أرغب في عرض خلاصةٍ للمحاولات التي سبقتها، والمشاكل التي أعاقت وصولها إلى نتائج إيجابيّة.
المحاولة الأولى: المراسلة:
أرسلت لرئيس تحرير المجلة رسالة، عساها تقدم خطوة تتبعها خطوات، أو تكسر حاجزاً ويتم بعده كسر آخر، فبثثته فيها بعض مخاوفي عساه يرفع بعضها وننتقل بعدها إلى أمور أكثر حساسية ودقة، فانطلقت في الكتابة من منطلق بيان شيء من الهواجس والمخاوف التي شعر بها كلّ من طالع افتتاحيات نصوص معاصرة، واختصاراً للمسافة فإنّي حدّدتها تماماً، من غير أن أغفل الاحتمالات التي يمكن أن تكون قد أدّت إلى الوقوع في الخطأ، هادفاً في كلّ ذلك إلى أن يكون كلّ شيء واضحاً ومحدّداً، وأملت في الرسالة أن نسمع إذا ما كان هناك وجهة نظر أخرى.
إلا أنّ المفاجأة كانت في رسالته الجوابيّة، حيث تجاوز كلّ الهواجس ـ المحدّدة ـ، وانتقل إلى عرض ما يُسمّيه استراتجيّته ورؤيته للأوضاع العامّة المتأزّمة في الحوزة العلميّة، رغم أنه أبدى إعجابه في تحديدي للموضوع بعيداً عن التشتّت في التفاصيل!
حينها، فضلاً عن أنّي وجدت جهدي يضيع هباءً منثوراً، فإنّي نظرت في هذه الاستراتيجيّة، فما وجدتها سوى تصوّرات عامّة خالية من أيّ دليل أو إثبات ينفع، وبالتالي هي تسمح لأيّ شخص أن يدّعي استراتيجيّة بل استراتيجيّات.
وليس هذا هو المطلوب عندما نبذل وقتاً في المراسلة، بل المطلوب أن يكون هناك شيء من الإثبات حتى تقترب وجهات النظر، ولا أقول: حتى تتطابق، فأنا لا أريد أن أكون مثالياً.
وبعبارة ثانية: أنا أمتلك خوفاً من المشروع، فإذا كان خلاصة الجواب أن هذه وجهة نظري؛ لاستراتيجيّةٍ ما، فإنّ هذا لا يبدد الخوف، وإذا لم يكن هناك وسائل للإثبات فما الداعي لبذل الجهد والتعب، فإن كل شخص عندما يبدي تصوراته أو استراتيجيته فإنه يدعي ضمناً أن هذا ما يراه مناسباً.
لقد كان الهدف من تبادل الأفكار بيانها وتوضيحها لا أن يشير كلّ طرفٍ إلى أن هذه أفكاري، فإذ ذاك لا يكون جدوى في التراسل؛ إذ لا مجال، والحال هذه، لاقتراب وجهات النظر.
وخلاصة القول إنّ الرسالة الجوابيّة لم تكن لتقدّم شيئاً، وكأنّ السؤال يريد شيئاً والجواب يريد آخر، وكان الحديث على موجتين مختلفتين.
تعليق