حديث غدير خم
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا: ثنا فطّر، عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة.
ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول: يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام كثير من الناس.
قال أبو نعيم: - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: ((أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟)).
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: ((من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)).
قال: فخرجت كأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم.
فقلت له: إني سمعت علياً يقول: كذا وكذا.
قال: فما تنكر؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ذلك له.
ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك.
وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن علياً انتشد الناس:
من سمع رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)).
فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم.
وقال أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس:
أنشد بالله من سمع رسول الله، يقول: يوم غدير خم : ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) لما قام فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل.
فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). (ج/ص: 7/384)
ثم رواه عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن عمر الوكيعي، عن زيد بن الحباب، عن الوليد بن عقبة بن نيار، عن سماك بن عبيد بن الوليد العبسي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره.
قال: فقام اثنا عشر رجلاً.
فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حين أخذ بيدك، يقول: ((اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
وهكذا رواه أبو داود الطهوي - واسمه عيسى بن مسلم - عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، وعبد الأعلى بن عامر التغلبي كلاهما، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره بنحوه.
قال الدار قطني: غريب تفرد به عنهما أبو داود الطهوي.
وقال الطبراني: ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن كيسان المديني سنة تسعين ومائتين.
حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ما قال فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو هريرة، وأبو سعيد، وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)).
وقال عبد الرزاق: أنا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث منادياً ينادي.
فلما اجتمعنا قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم ؟))
قلنا: بلى يا رسول الله !.
قال: ((ألست أولى بكم من أمهاتكم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((ألست أولى بكم من آبائكم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله !.
قال: ((ألست ألست ألست ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)).
فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن.
وكذا رواه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، وأبي هارون العبدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء به.
وهكذا رواه موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق، عن البراء به.
وفي نفس المصدر
وروى غير واحد أيضاً، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي قال: دعاني رسول الله فقال: ((إن فيك من عيسى ابن مريم مثلاً أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبوه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس هو له)).
قال علي: ألا وإنه يهلك في اثنان محب مطري مفرط يقرطني بما ليس فيّ.
ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إليّ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله حق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم.
عمر يهنأ عليا ببشارة النبي له
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان: ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد وأبي هارون، عن عدي بن ثابت، عن البراء قال: كنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجة الوداع، فلما أتينا على غدير خم كشح لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تحت شجرتين، ونودي في النَّاس: الصلاة جامعة، ودعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم علياً، وأخذ بيده فأقامه عن يمينه فقال: ((ألست أولى بكل امرء من نفسه؟))
قالوا: بلى !
قال: ((فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال له: غدير خم - فبين فيها فضل علي ابن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلَّم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جوراً وتضييقاً وبخلاً.
والصواب: كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك، ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ، وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبين فيها أشياء وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من النَّاس منه، ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك، ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين، والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه. (ج/ص:5/228)
وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة، ونحن نورد عيون ما روى في ذلك مع إعلامنا أنه لاحظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم، ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه، فنقول وبالله المستعان:
قال محمد بن إسحاق - في سياق حجة الوداع -: حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمكة تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل قال: ويلك ما هذا؟
قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في النَّاس.
قال: ويلك إنزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال: فانتزع الحلل من النَّاس فردها في البز.
قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد قال: اشتكى النَّاس علياً، فقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فينا خطيباً فسمعته يقول: ((أيها النَّاس لا تشكو علياً، فوالله إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله من أن يشكى)).
ورواه الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق به وقال: ((إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله)).
وقال الإمام أحمد: حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذكرت علياً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال: ((يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟))
قلت: بلى يا رسول الله !
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وكذا رواه النسائي عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك ابن أبي غنية بإسناده نحوه، وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات.
وقد روى النسائي في سننه عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: ((كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتَّى يردا علي الحوض)).
ثم قال: ((الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن)) ثم أخذ بيد علي فقال: ((من كنت مولاه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
فقلت لزيد: سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه، وسمعه بأذنيه، تفرد به النسائي من هذا الوجه. (ج/ص:5/229)
قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح.
وقال ابن ماجه: حدثنا علي بن محمد، أنَّا أبو الحسين، أنبأنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجة الوداع التي حج فنزل في الطريق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي فقال: ((ألست بأولى المؤمنين من أنفسهم؟))
قالوا: بلى.
قال: ((ألست بأولى بكل مؤمن من نفسه؟))
قالوا: بلى.
قال: ((فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا: ثنا فطّر، عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة.
ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول: يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام كثير من الناس.
قال أبو نعيم: - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: ((أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟)).
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: ((من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)).
قال: فخرجت كأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم.
فقلت له: إني سمعت علياً يقول: كذا وكذا.
قال: فما تنكر؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ذلك له.
ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك.
وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن علياً انتشد الناس:
من سمع رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)).
فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم.
وقال أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس:
أنشد بالله من سمع رسول الله، يقول: يوم غدير خم : ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) لما قام فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل.
فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). (ج/ص: 7/384)
ثم رواه عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن عمر الوكيعي، عن زيد بن الحباب، عن الوليد بن عقبة بن نيار، عن سماك بن عبيد بن الوليد العبسي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره.
قال: فقام اثنا عشر رجلاً.
فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حين أخذ بيدك، يقول: ((اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
وهكذا رواه أبو داود الطهوي - واسمه عيسى بن مسلم - عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، وعبد الأعلى بن عامر التغلبي كلاهما، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره بنحوه.
قال الدار قطني: غريب تفرد به عنهما أبو داود الطهوي.
وقال الطبراني: ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن كيسان المديني سنة تسعين ومائتين.
حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ما قال فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو هريرة، وأبو سعيد، وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)).
وقال عبد الرزاق: أنا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث منادياً ينادي.
فلما اجتمعنا قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم ؟))
قلنا: بلى يا رسول الله !.
قال: ((ألست أولى بكم من أمهاتكم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((ألست أولى بكم من آبائكم ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله !.
قال: ((ألست ألست ألست ؟)).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)).
فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن.
وكذا رواه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، وأبي هارون العبدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء به.
وهكذا رواه موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق، عن البراء به.
وقد روي هذا الحديث عن سعد، وطلحة بن عبيد الله، وجابر بن عبد الله وله طرق عنه، وأبي سعيد الخدري، وحبشي بن جنادة، وجرير بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبي هريرة
وفي نفس المصدر
وروى غير واحد أيضاً، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي قال: دعاني رسول الله فقال: ((إن فيك من عيسى ابن مريم مثلاً أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبوه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس هو له)).
قال علي: ألا وإنه يهلك في اثنان محب مطري مفرط يقرطني بما ليس فيّ.
ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إليّ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله حق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم.
لفظ عبد الله بن أحمد
عمر يهنأ عليا ببشارة النبي له
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان: ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد وأبي هارون، عن عدي بن ثابت، عن البراء قال: كنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجة الوداع، فلما أتينا على غدير خم كشح لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تحت شجرتين، ونودي في النَّاس: الصلاة جامعة، ودعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم علياً، وأخذ بيده فأقامه عن يمينه فقال: ((ألست أولى بكل امرء من نفسه؟))
قالوا: بلى !
قال: ((فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل خطبته صلَّى الله عليه وسلَّم بين مكة والمدينة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل خطبته صلَّى الله عليه وسلَّم بين مكة والمدينة
في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال له: غدير خم - فبين فيها فضل علي ابن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلَّم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جوراً وتضييقاً وبخلاً.
والصواب: كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك، ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ، وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبين فيها أشياء وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من النَّاس منه، ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك، ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين، والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه. (ج/ص:5/228)
وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة، ونحن نورد عيون ما روى في ذلك مع إعلامنا أنه لاحظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم، ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه، فنقول وبالله المستعان:
قال محمد بن إسحاق - في سياق حجة الوداع -: حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمكة تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل قال: ويلك ما هذا؟
قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في النَّاس.
قال: ويلك إنزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال: فانتزع الحلل من النَّاس فردها في البز.
قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد قال: اشتكى النَّاس علياً، فقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فينا خطيباً فسمعته يقول: ((أيها النَّاس لا تشكو علياً، فوالله إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله من أن يشكى)).
ورواه الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق به وقال: ((إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله)).
وقال الإمام أحمد: حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذكرت علياً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال: ((يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟))
قلت: بلى يا رسول الله !
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وكذا رواه النسائي عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك ابن أبي غنية بإسناده نحوه، وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات.
وقد روى النسائي في سننه عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: ((كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتَّى يردا علي الحوض)).
ثم قال: ((الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن)) ثم أخذ بيد علي فقال: ((من كنت مولاه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
فقلت لزيد: سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه، وسمعه بأذنيه، تفرد به النسائي من هذا الوجه. (ج/ص:5/229)
قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح.
وقال ابن ماجه: حدثنا علي بن محمد، أنَّا أبو الحسين، أنبأنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجة الوداع التي حج فنزل في الطريق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي فقال: ((ألست بأولى المؤمنين من أنفسهم؟))
قالوا: بلى.
قال: ((ألست بأولى بكل مؤمن من نفسه؟))
قالوا: بلى.
قال: ((فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي، عن البراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
نخلص من ذلك اخواني الى أن خطبة الرسول بالناس في غدير خم كانت لرفع بعض أوهام البعض ممن ظنوا ان عليا ضيق عليهم ولبيان فضيلة علي بن ابي طالب -والولاية هنا ولاية النصرة والتاييد لعلي ومراعاة حقوق أهل البيت الكرام وليس فيه نص صريح على ولاية علي بعد الرسول وانه لما اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة واختاروا ابا بكر وبعد أن فرغوا من دفن النبي هنأ عليّ عليه السلام أبا بكر بالخلافة وبايعه بعد تأخر وهذا ما ذكره صاحب الكتاب في موضع ثان والله الموفق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
نخلص من ذلك اخواني الى أن خطبة الرسول بالناس في غدير خم كانت لرفع بعض أوهام البعض ممن ظنوا ان عليا ضيق عليهم ولبيان فضيلة علي بن ابي طالب -والولاية هنا ولاية النصرة والتاييد لعلي ومراعاة حقوق أهل البيت الكرام وليس فيه نص صريح على ولاية علي بعد الرسول وانه لما اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة واختاروا ابا بكر وبعد أن فرغوا من دفن النبي هنأ عليّ عليه السلام أبا بكر بالخلافة وبايعه بعد تأخر وهذا ما ذكره صاحب الكتاب في موضع ثان والله الموفق
تعليق