اتساع المعارضة للحرب في صعدة
10/03/2007 م - 18
37
يوماً عن يوم تتأكد معارضة الرأي العام الوطني لاستمرار الحرب الداخلية الدائرة في صعدة هذه الأيام.
وترى بعض الأوساط الرسمية -في أحاديث جانبية غير مأذون بنشرها ونسبتها إلى مصادرها- أن من غير المصلحة استمرار هذه الحرب، لا بمعايير المصلحة الوطنية، ولا بمعايير مصلحة السلطة القائمة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن استمرار حرب صعدة سيؤدي إلى آثار وخيمة على مستويات عدة، من بينها تهتك النسيج الوطني واستنزاف الموارد الشحيحة لليمن، ونشوء أعباء جديدة جراء تنامي تجارة الحروب بما يترتب عليها من مصالح خطيرة سيكون السبيل الى توسيعها هو نفسه سبيل تفجير حروب داخلية جديدة ومدها إلى غير ما منطقة من مناطق البلاد، ولا يقل عن ذلك خطورة انهيار سمعة اليمن بشكل كامل كبلد غير مهيأ وغير صالح لجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية على حد سواء، كما أن اليمن لن تكون بمأمن من الآثار السلبية لتوتر علاقاتها ببعض الأطراف الإقليمية، وببعض التيارات المذهبية المنتشرة في غير ما مكان من المنطقة العربية والإسلامية.
وتلاحظ هذه الأوساط أن استمرار حرب صعدة له آثار سلبية مدمرة على تطور العملية السياسية القائمة في البلد بما ستقود إليه من انتكاسة الممارسات الديمقراطية والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وتحويل البلد الى ساحة تدور فيها الحروب ضد ذوي الاعتقادات والاجتهادات المذهبية المغايرة، الأمر الذي سيفقد اليمن الميزة التاريخية التي ورثتها من مئات السنين لتعايش ذوي العقائد والاجتهادات المذهبية المختلفة، وسيادة أجواء التسامح فيما بينهم..
ومجمل القول، أن هذه الأوساط ترى في حرب صعدة، حرباً عبثية خاطئة، ينبغي إيقافها بدون تلكؤ، ومعالجة جروحها بجدية، ومنع تكرار نشوب الحروب الداخلية، سواءً في صعدة، أو في غيرها من المناطق اليمنية، وتوطيد السلم الأهلي ليغدو صرحاً ثابتاً يصلح كقاعدة لإنجاز المهام التي تحتاجها اليمن في تحقيق التنمية ومحاربة الفقر والبطالة، وتوفير الخدمات والاحتياجات العصرية للارتقاء بمستوى حياة ومعيشة المواطن اليمني..
والواقع، لو أن المؤسسات الدستورية في هذا البلد هي التي تصنع القرار، لوجدت آراء هذه الأوساط الرسمية صدى لها داخل المؤسسات ولكان قرارها حاسماً في إيقاف الحرب في صعدة بدون مواربة، لكن واقع الحال يبين ان صناع القرار لايستسيغون سماع هذا النوع من الآراء، ولايتيحون الفرصة لأصحابها للمجاهرة بها بوضوح، وفي غضون بضعة أسابيع تنمر الإرهاب الفكري في وسائل الإعلام الرسمية، وفي الخطاب السياسي الرسمي بهدف تغييب صوت العقل، وتحويل الآلة الإعلامية والإدارة الحكومية، بل وحتى منابر الخطابة في الكثير من المساجد الى معمل ضخم لإنتاج النفاق، وترويج المزاعم المختلقة، وتحول المثقفون والإعلاميون المرتبطون بدوائر السلطة إلى دعاة حرب، وبؤر ناشطة لتأجيج مشاعر الكراهية، ولشحذ الأحقاد وتمجيد نزوات العنف..
ولئن أصرت دوائر القرار على منع أصحاب العقول من استخدام عقولهم، وتفرد المنافقون بأسماع الناس، فإن موجة عاتية من حمى الكراهية ستجتاح البلاد طولاً وعرضاً، مفسحة المجال لتحويل آلام المعيشة، ومعاناة الغبن، وضحايا الممارسات الخاطئة الى ردود أفعال غير عقلانية تتطاير في كل الاتجاهات، وتحرق في طريقها الأخضر واليابس، وبدلاً من أن تزدهر نوازع البناء والخير في أفئدة الناس، ستملأها الأحقاد، والرغبة في ممارسة الأعمال الانتقامية لأتفه الأسباب، وسيتخلى المقهورون عن الثقة بقدرة الحياة على جبر معاناتهم، وستكون المحصلة العامة فورة عارمة من تخبط العضلات، التي لا هادي لها، ولاقيم عقلانية وأخلاقية تحكمها، وسيسقط الجميع تحت افتئات الجميع..
ولا ريب أن هذه النهاية ستكون مأساوية، لابد أن يهتم الخيرون والعقلاء بالعمل من أجل ان لا تصل اليمن إليها.
وبطبيعة الحال يحتاج العمل بالاتجاه الصحيح الى تكثيف المطالبات والمناشدات الموجهة نحو السلطة من اجل إيقاف الحرب في صعدة، خاصة أنها حرب غير مبررة ولا أحد مضطر لخوضها، لا السلطة ولا المواجهين لها في صعدة، وإيقافها عمل سهل بالنظر إلى إن المجموعة الحوثية التي يقودها عبدالملك الحوثي ليس لديها مطالب تعجيزية يصعب التعامل معها، ففي تصريح له في الآونة الأخيرة نقلته عدد من الوسائل الإعلامية، ومن المواقع الإلكترونية، أكد موافقته على الشروط التي وضعها رئيس الجمهورية، وكان المطلب الوحيد الذي طرحه عبدالملك الحوثي، هو أن تصدر التعليمات إلى القوات العسكرية بالسماح للمجموعات المتواجدة في جبال صعدة بالنزول الى بيوتهم، وحفظ حياتهم وكرامتهم عند تسليمهم لأسلحتهم وفقاً لشروط الرئيس، وتنفيذ قرار العفو العام الذي سبق أن أعلن بحقهم.
إذاً دعوهم ينزلون الى بيوتهم، ويسلمون اسلحتهم، والتزموا بتطبيق القانون بشأن ضمان حقوقهم المدنية والسياسية، وإذا ما تحقق ذلك فإن كافة مظاهر التمرد في صعدة ستنتهي فعلياً، وسيكون الملاحقون الآن في صعدة شأنهم شأن كافة المواطنين اليمنيين.
والمؤسف هنا أن السلطات الحاكمة تجاهلت كلية هذا التصريح الإيجابي، بل ذهبت في ردها عليه، أن نشرت صحيفة «الثورة» اليومية الحكومية، تهديداً للصحفيين الذين يتعاملون مع التصريحات الصادرة عن المجموعة الحوثية، وأنذرتهم بأنه سيتم التعامل معهم كإرهابيين أو كمتواطئين مع الإرهاب، وتأكيداً لهذا التوجه شنت صحيفة «الثورة» اليومية الحكومية هجوماً عنيفاً على قناة العربية الفضائية في افتتاحية عددها يوم الأحد الماضي، لأنها سمحت لشقيق عبدالملك الحوثي، يحيى الحوثي المتواجد خارج البلاد حالياً بطرح هذه المطالب، وامتد الهجوم ليشمل المملكة العربية السعودية، جارة اليمن الكبرى، على اعتقاد أنها الممول لهذه القناة.
لاشك أن هذا النوع من التصرفات يتم خارج العقل والمنطق، ويذهب إلى درجة محاولة تعطيل وظيفة الصحفيين، ودور الوسائل الإعلامية خارج اليمن، والتي تقع خارج دائرة نفوذ السلطات اليمنية، والأكثر من ذلك أن هذه السلطات مستعدة لأن تغامر بعلاقات اليمن الاقليمية ومع جيرانها أيضاً، لكي تفرض حالة من الصمت على حربها في صعدة، الأمر الذي يثير الشكوك حول طبيعة أهدافها هناك..
ينبغي أن تعلم السلطات اليمنية ان العصر الذي نعيشه، هو عصر ثورة الإعلام والمعلومات، وأنه يستحيل تجهيل العالم بشأن مايدور في صعدة، ولابد أن يكون هذا التجهيل سبباً إضافياً لاهتمام الصحفيين ووسائل الإعلام المتنوعة بما يجري في صعدة، وتناول المآرب الحقيقية المراد تحقيقها من خلالها.
*** ***
المصدر: صحيفة الثوري (جريدة الحزب الاشتراكي اليمني).
http://www.aleshteraki.net/news.php?...ew&newsID=1883
10/03/2007 م - 18

يوماً عن يوم تتأكد معارضة الرأي العام الوطني لاستمرار الحرب الداخلية الدائرة في صعدة هذه الأيام.
وترى بعض الأوساط الرسمية -في أحاديث جانبية غير مأذون بنشرها ونسبتها إلى مصادرها- أن من غير المصلحة استمرار هذه الحرب، لا بمعايير المصلحة الوطنية، ولا بمعايير مصلحة السلطة القائمة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن استمرار حرب صعدة سيؤدي إلى آثار وخيمة على مستويات عدة، من بينها تهتك النسيج الوطني واستنزاف الموارد الشحيحة لليمن، ونشوء أعباء جديدة جراء تنامي تجارة الحروب بما يترتب عليها من مصالح خطيرة سيكون السبيل الى توسيعها هو نفسه سبيل تفجير حروب داخلية جديدة ومدها إلى غير ما منطقة من مناطق البلاد، ولا يقل عن ذلك خطورة انهيار سمعة اليمن بشكل كامل كبلد غير مهيأ وغير صالح لجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية على حد سواء، كما أن اليمن لن تكون بمأمن من الآثار السلبية لتوتر علاقاتها ببعض الأطراف الإقليمية، وببعض التيارات المذهبية المنتشرة في غير ما مكان من المنطقة العربية والإسلامية.
وتلاحظ هذه الأوساط أن استمرار حرب صعدة له آثار سلبية مدمرة على تطور العملية السياسية القائمة في البلد بما ستقود إليه من انتكاسة الممارسات الديمقراطية والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وتحويل البلد الى ساحة تدور فيها الحروب ضد ذوي الاعتقادات والاجتهادات المذهبية المغايرة، الأمر الذي سيفقد اليمن الميزة التاريخية التي ورثتها من مئات السنين لتعايش ذوي العقائد والاجتهادات المذهبية المختلفة، وسيادة أجواء التسامح فيما بينهم..
ومجمل القول، أن هذه الأوساط ترى في حرب صعدة، حرباً عبثية خاطئة، ينبغي إيقافها بدون تلكؤ، ومعالجة جروحها بجدية، ومنع تكرار نشوب الحروب الداخلية، سواءً في صعدة، أو في غيرها من المناطق اليمنية، وتوطيد السلم الأهلي ليغدو صرحاً ثابتاً يصلح كقاعدة لإنجاز المهام التي تحتاجها اليمن في تحقيق التنمية ومحاربة الفقر والبطالة، وتوفير الخدمات والاحتياجات العصرية للارتقاء بمستوى حياة ومعيشة المواطن اليمني..
والواقع، لو أن المؤسسات الدستورية في هذا البلد هي التي تصنع القرار، لوجدت آراء هذه الأوساط الرسمية صدى لها داخل المؤسسات ولكان قرارها حاسماً في إيقاف الحرب في صعدة بدون مواربة، لكن واقع الحال يبين ان صناع القرار لايستسيغون سماع هذا النوع من الآراء، ولايتيحون الفرصة لأصحابها للمجاهرة بها بوضوح، وفي غضون بضعة أسابيع تنمر الإرهاب الفكري في وسائل الإعلام الرسمية، وفي الخطاب السياسي الرسمي بهدف تغييب صوت العقل، وتحويل الآلة الإعلامية والإدارة الحكومية، بل وحتى منابر الخطابة في الكثير من المساجد الى معمل ضخم لإنتاج النفاق، وترويج المزاعم المختلقة، وتحول المثقفون والإعلاميون المرتبطون بدوائر السلطة إلى دعاة حرب، وبؤر ناشطة لتأجيج مشاعر الكراهية، ولشحذ الأحقاد وتمجيد نزوات العنف..
ولئن أصرت دوائر القرار على منع أصحاب العقول من استخدام عقولهم، وتفرد المنافقون بأسماع الناس، فإن موجة عاتية من حمى الكراهية ستجتاح البلاد طولاً وعرضاً، مفسحة المجال لتحويل آلام المعيشة، ومعاناة الغبن، وضحايا الممارسات الخاطئة الى ردود أفعال غير عقلانية تتطاير في كل الاتجاهات، وتحرق في طريقها الأخضر واليابس، وبدلاً من أن تزدهر نوازع البناء والخير في أفئدة الناس، ستملأها الأحقاد، والرغبة في ممارسة الأعمال الانتقامية لأتفه الأسباب، وسيتخلى المقهورون عن الثقة بقدرة الحياة على جبر معاناتهم، وستكون المحصلة العامة فورة عارمة من تخبط العضلات، التي لا هادي لها، ولاقيم عقلانية وأخلاقية تحكمها، وسيسقط الجميع تحت افتئات الجميع..
ولا ريب أن هذه النهاية ستكون مأساوية، لابد أن يهتم الخيرون والعقلاء بالعمل من أجل ان لا تصل اليمن إليها.
وبطبيعة الحال يحتاج العمل بالاتجاه الصحيح الى تكثيف المطالبات والمناشدات الموجهة نحو السلطة من اجل إيقاف الحرب في صعدة، خاصة أنها حرب غير مبررة ولا أحد مضطر لخوضها، لا السلطة ولا المواجهين لها في صعدة، وإيقافها عمل سهل بالنظر إلى إن المجموعة الحوثية التي يقودها عبدالملك الحوثي ليس لديها مطالب تعجيزية يصعب التعامل معها، ففي تصريح له في الآونة الأخيرة نقلته عدد من الوسائل الإعلامية، ومن المواقع الإلكترونية، أكد موافقته على الشروط التي وضعها رئيس الجمهورية، وكان المطلب الوحيد الذي طرحه عبدالملك الحوثي، هو أن تصدر التعليمات إلى القوات العسكرية بالسماح للمجموعات المتواجدة في جبال صعدة بالنزول الى بيوتهم، وحفظ حياتهم وكرامتهم عند تسليمهم لأسلحتهم وفقاً لشروط الرئيس، وتنفيذ قرار العفو العام الذي سبق أن أعلن بحقهم.
إذاً دعوهم ينزلون الى بيوتهم، ويسلمون اسلحتهم، والتزموا بتطبيق القانون بشأن ضمان حقوقهم المدنية والسياسية، وإذا ما تحقق ذلك فإن كافة مظاهر التمرد في صعدة ستنتهي فعلياً، وسيكون الملاحقون الآن في صعدة شأنهم شأن كافة المواطنين اليمنيين.
والمؤسف هنا أن السلطات الحاكمة تجاهلت كلية هذا التصريح الإيجابي، بل ذهبت في ردها عليه، أن نشرت صحيفة «الثورة» اليومية الحكومية، تهديداً للصحفيين الذين يتعاملون مع التصريحات الصادرة عن المجموعة الحوثية، وأنذرتهم بأنه سيتم التعامل معهم كإرهابيين أو كمتواطئين مع الإرهاب، وتأكيداً لهذا التوجه شنت صحيفة «الثورة» اليومية الحكومية هجوماً عنيفاً على قناة العربية الفضائية في افتتاحية عددها يوم الأحد الماضي، لأنها سمحت لشقيق عبدالملك الحوثي، يحيى الحوثي المتواجد خارج البلاد حالياً بطرح هذه المطالب، وامتد الهجوم ليشمل المملكة العربية السعودية، جارة اليمن الكبرى، على اعتقاد أنها الممول لهذه القناة.
لاشك أن هذا النوع من التصرفات يتم خارج العقل والمنطق، ويذهب إلى درجة محاولة تعطيل وظيفة الصحفيين، ودور الوسائل الإعلامية خارج اليمن، والتي تقع خارج دائرة نفوذ السلطات اليمنية، والأكثر من ذلك أن هذه السلطات مستعدة لأن تغامر بعلاقات اليمن الاقليمية ومع جيرانها أيضاً، لكي تفرض حالة من الصمت على حربها في صعدة، الأمر الذي يثير الشكوك حول طبيعة أهدافها هناك..
ينبغي أن تعلم السلطات اليمنية ان العصر الذي نعيشه، هو عصر ثورة الإعلام والمعلومات، وأنه يستحيل تجهيل العالم بشأن مايدور في صعدة، ولابد أن يكون هذا التجهيل سبباً إضافياً لاهتمام الصحفيين ووسائل الإعلام المتنوعة بما يجري في صعدة، وتناول المآرب الحقيقية المراد تحقيقها من خلالها.
*** ***
المصدر: صحيفة الثوري (جريدة الحزب الاشتراكي اليمني).
http://www.aleshteraki.net/news.php?...ew&newsID=1883
تعليق