بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله انتجبه لولايته واختصه برسالته وأكرمه بالنبوة أمينا على غيبه ورحمة للعالمين.
وبعد:
سألني أحد المؤمنين العاملين أطال الله عمره وأبقاه، وجعله ذخرا وذخيرة للإسلام والمسلمين، أن أكتب له وجيزة مختصرة عن صاحب العصر والزمان، وأن أذكر فيها مولده وحاله وحال سفراءه وغيبته عجل الله تعالى فرجه، وأن لا أكثر فيها من الأخبار، فتخرج عن دائرة الإختصار، وأن أضمن فيها ما قيل فيه من أهم الشبهات، مراعيا في ذلك عدم الإطالة والإكثار.
فأجبته إلى ذلك متكلا على الله سبحانه وتعالى، وجمعت هذه الأخبار، في هذه الوجيزة المختصرة، ولم أقصد فيها كثرة الأخبار، بل لم أذكر فيها إلا ما صح متنه على مبنانا الذي نذهب إليه.
وحذفت منه الأسانيد، لخروجها عن هدفنا المنشود.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناتنا إنه هو السميع المجيب.
مقدمة بسيطة في الإمامة:
لا ريب ولا خلاف بين أصحاب العقول على وجوب وجود الخليفة في كل عصر وكل زمان، خليفة يدير شؤون الرعية ويدير أحوالهم ولولا ذلك لعم الخراب في الديار!!!
ومن نظر بعين سليمة إلى كل المجتمعات التي تخلو من قائد كفؤ يديرها، يجد ذلك واضحا، أنه متى ما صلح القائد صلح الرعية، ومتى ما فسد القائد، كانت أحوال الرعية في هلاك وفساد، وكما قيل في الأمثال: جيش من الضباع يقوده أسد، خير من جيش من الأسود يقوده ضبع!!!!
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهمية الخليفة، فكما يقول الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((أما بعد فإن الله تبارك وتعلى يقول في محكم كتابه: ((وإذا قال ريك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة)) فبدأ عز وجل بالخليفة قبل الخليقة، فدل ذلك على أن الحكمة في الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة، فلذلك ابتدأ به لأنه سبحانه حكيم، والحكيم من يبدأ بالأهم دون الأعم)) (إكمال الدين وإتمام النعمة ص 34).
وإلى هذا أشارت العديد من الروايات عن أهل بيت العصمة عليهم أفضل الصلاة والسلام:
فقد أخرج الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((عن أبي الحسن الأول (الإمام الكاظم) عليه السلام: ما ترك الله عز وجل الأرض بغير إمام قط منذ قبض آدم يهتدي به إلى الله عز وجل وهو الحجة على العباد من تركه ضل ومن لزمه نجا حقا على الله عز وجل)) (المصدر السابق 252).
وأيضا: ((قال أبو عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام: الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق)). (المصدر السابق، وأخرجه الكليني قدس الله نفسه الطاهرة أيضا في الكافي).
وأيضا، ما أخرجه الكليني قدس الله نفسه الطاهرة: عن الإمام الكاظم عليه السلام: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف)) (الكافي الشريف).
والأخبار في هذا الباب كثيرة، أخرجها مصنفونا رضوان الله تعالى عليهم، وأفردوا لها الأبواب في كتبهم!!!
وقد أجمعنا مع أخواننا أهل السنة على هذا الأمر، بل أنهم شددوا على طاعة ولاة الأمر في كتبهم!!!
ففي صحيح مسلم (كتاب الإمارة): عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " .
وأيضا: عن أبي ذر (رضوان الله تعالى عليه)، قال إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف .
وهذه الأحاديث وغيرها الكثير في كتب القوم، تدل بلا خلاف على أهمية طاعة الأمير، أو الخليفة كما يسموه!!!!
وهذا يدل على اتفاقنا وإياهم على وجوب وجود الخليفة، وإنما اختلفنا على أن التنصيب يكون من الله سبحانه وتعالى (كما هو الحق) وهم يدعون أن التنصيب بالإختيار والشورى!!!
يقول الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((وقول الله عز وجل (وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة) ((جاعل)) منون صفة الله التي وصف بها نفسه وميزانه قوله تعالى (إني خالق بشرا من طين) فنونه ووصف به نفسه، فمن ادعى أنه يختار الإمام وجب أن يخلق بشرا من طين، فلما بطل هذا المعنى بطل المعنى الآخر، إذ هما في حيز واحد)) (إكمال الدين ص 39).
أقول: كلامه قدس الله نفسه الطاهرة واضح أنه متى ما أضيف التنوين دل على الحصر، واستشهد لذلك بالخلق، فكما أن كلمة خالق عندما جاءت منونة فدلت على أن حصر الخلق لله سبحانه وتعالى، كذلك عبارة (جاعل خليفة) جاءت منونة، فدلت على أن جعل الخليفة محصور بالله سبحانه وتعالى.
ويدل على ذلك ما أخرجه الصدوق الأول (علي بن بابويه قدس الله نفسه الطاهرة) في كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة قال: سأل اسماعيل بن عمار أبا الحسن الأول عليه السلام، فقال له: فرض الله على الإمام أن يوصي – قبل أن يخرج من الدنيا – ويعهد؟ فقال: نعم. فقال: فريضة من الله؟ قال: نعم.
وأيضا: ما أخرجه الصفار قدس الله نفسه الطاهرة في بصائر الدرجات: عن أبي عبد الله عليه السلام: ((لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا ما هو إلا إلى الله ينزل واحدا بعد واحد)).
وهذه الروايات وغيرها الكثير من الروايات، تدل على أن التنصيب هو من الله عز وجل!!!
والقوم لم يجمعوا على كون الخلافة شورى أو تنصيب، بل اختلفوا اختلافا كبيرا، فبعضهم ذهب إلى أن الخلافة بالنص الخفي، وغيرها من الأمور، وقد قدمنا في ما سبق ما ذكره شيخنا الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة في الرد عليهم فلا نحتاج للإطالة!!!!
ثم أننا أجمعنا وإياهم على كون الخلفاء إثني عشر خليفة، فروينا ورووا هذه الأحاديث في كتبهم.
أخرج الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة، عن سلمان الفارسي رضوان الله تعالى عليه، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم.
وعن عبد الله بن عباس رضوان الله تعالى عليه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون.
وأيضا: ((سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله (ص): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي من العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (ص) حوضه)).
وأخرج الكليني قدس الله نفسه الطاهرة: عن أبي جعفر عليه السلام (الباقر): إن الله أرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجن والإنس وجعل من بعده إثنا عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والأوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر.
وأيضا: ((قال أبو جعفر عليه السلام: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم)).
فهذه الروايات وغيرها الكثير دلت على الإثني عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وأما كتب القوم، ففي صحيح مسلم كتاب الإمارة:
عن جابر بن سمرة، قال دخلت مع ابي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول " ان هذا الامر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثناعشر خليفة " . قال ثم تكلم بكلام خفي على - قال - فقلت لابي ما قال قال " كلهم من قريش".
عن جابر بن سمرة، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لا يزال امر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا " . ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت على فسالت ابي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " كلهم من قريش ".
أقول: فهذه رواياتنا وروايات القوم تشهد على الإثني عشر، وإن كان القوم لم يذكروا هؤلاء الإثني عشر، وتخبطوا فيهم تخبطا عشوائيا، حتى أن بعضهم عد يزيد بن معاوية قاتل سيد شباب أهل الجنة عليه أفضل الصلاة والسلام من هؤلاء الإثني عشر، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
غير أنه وردت في كتبنا أسمائهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.
فما أخرجه الكليني والصدوق قدس الله أنفسهما الطاهرة في قصة الخضر عليه السلام، مع أمير المؤمنين وابنه أبي محمد عليهما السلام، ... إلى أن قال: فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والقائم بحجته، وأشار إلى أمير المؤمنين ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته، وأشار إلى الحسن عليه السلام وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه، والقائم بحجته، بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن، لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج الحسن بن علي عليهما االسلام فقال ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال: هو الخضر عليه السلام.
وأيضا: ما أخرجه الفضل بن شاذان قدس الله نفسه الطاهرة: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام: ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم جعفر بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم موسى بن جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحجة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية ويغيب مدة طويلة ثم يظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
فهذه الأخبار، وغيرها الكثير مما تدل على الأئمة الإثني عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام.
-----> يتبع.
اللهم صل على محمد وآل محمد
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله انتجبه لولايته واختصه برسالته وأكرمه بالنبوة أمينا على غيبه ورحمة للعالمين.
وبعد:
سألني أحد المؤمنين العاملين أطال الله عمره وأبقاه، وجعله ذخرا وذخيرة للإسلام والمسلمين، أن أكتب له وجيزة مختصرة عن صاحب العصر والزمان، وأن أذكر فيها مولده وحاله وحال سفراءه وغيبته عجل الله تعالى فرجه، وأن لا أكثر فيها من الأخبار، فتخرج عن دائرة الإختصار، وأن أضمن فيها ما قيل فيه من أهم الشبهات، مراعيا في ذلك عدم الإطالة والإكثار.
فأجبته إلى ذلك متكلا على الله سبحانه وتعالى، وجمعت هذه الأخبار، في هذه الوجيزة المختصرة، ولم أقصد فيها كثرة الأخبار، بل لم أذكر فيها إلا ما صح متنه على مبنانا الذي نذهب إليه.
وحذفت منه الأسانيد، لخروجها عن هدفنا المنشود.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناتنا إنه هو السميع المجيب.
مقدمة بسيطة في الإمامة:
لا ريب ولا خلاف بين أصحاب العقول على وجوب وجود الخليفة في كل عصر وكل زمان، خليفة يدير شؤون الرعية ويدير أحوالهم ولولا ذلك لعم الخراب في الديار!!!
ومن نظر بعين سليمة إلى كل المجتمعات التي تخلو من قائد كفؤ يديرها، يجد ذلك واضحا، أنه متى ما صلح القائد صلح الرعية، ومتى ما فسد القائد، كانت أحوال الرعية في هلاك وفساد، وكما قيل في الأمثال: جيش من الضباع يقوده أسد، خير من جيش من الأسود يقوده ضبع!!!!
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهمية الخليفة، فكما يقول الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((أما بعد فإن الله تبارك وتعلى يقول في محكم كتابه: ((وإذا قال ريك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة)) فبدأ عز وجل بالخليفة قبل الخليقة، فدل ذلك على أن الحكمة في الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة، فلذلك ابتدأ به لأنه سبحانه حكيم، والحكيم من يبدأ بالأهم دون الأعم)) (إكمال الدين وإتمام النعمة ص 34).
وإلى هذا أشارت العديد من الروايات عن أهل بيت العصمة عليهم أفضل الصلاة والسلام:
فقد أخرج الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((عن أبي الحسن الأول (الإمام الكاظم) عليه السلام: ما ترك الله عز وجل الأرض بغير إمام قط منذ قبض آدم يهتدي به إلى الله عز وجل وهو الحجة على العباد من تركه ضل ومن لزمه نجا حقا على الله عز وجل)) (المصدر السابق 252).
وأيضا: ((قال أبو عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام: الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق)). (المصدر السابق، وأخرجه الكليني قدس الله نفسه الطاهرة أيضا في الكافي).
وأيضا، ما أخرجه الكليني قدس الله نفسه الطاهرة: عن الإمام الكاظم عليه السلام: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف)) (الكافي الشريف).
والأخبار في هذا الباب كثيرة، أخرجها مصنفونا رضوان الله تعالى عليهم، وأفردوا لها الأبواب في كتبهم!!!
وقد أجمعنا مع أخواننا أهل السنة على هذا الأمر، بل أنهم شددوا على طاعة ولاة الأمر في كتبهم!!!
ففي صحيح مسلم (كتاب الإمارة): عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " .
وأيضا: عن أبي ذر (رضوان الله تعالى عليه)، قال إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف .
وهذه الأحاديث وغيرها الكثير في كتب القوم، تدل بلا خلاف على أهمية طاعة الأمير، أو الخليفة كما يسموه!!!!
وهذا يدل على اتفاقنا وإياهم على وجوب وجود الخليفة، وإنما اختلفنا على أن التنصيب يكون من الله سبحانه وتعالى (كما هو الحق) وهم يدعون أن التنصيب بالإختيار والشورى!!!
يقول الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة: ((وقول الله عز وجل (وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة) ((جاعل)) منون صفة الله التي وصف بها نفسه وميزانه قوله تعالى (إني خالق بشرا من طين) فنونه ووصف به نفسه، فمن ادعى أنه يختار الإمام وجب أن يخلق بشرا من طين، فلما بطل هذا المعنى بطل المعنى الآخر، إذ هما في حيز واحد)) (إكمال الدين ص 39).
أقول: كلامه قدس الله نفسه الطاهرة واضح أنه متى ما أضيف التنوين دل على الحصر، واستشهد لذلك بالخلق، فكما أن كلمة خالق عندما جاءت منونة فدلت على أن حصر الخلق لله سبحانه وتعالى، كذلك عبارة (جاعل خليفة) جاءت منونة، فدلت على أن جعل الخليفة محصور بالله سبحانه وتعالى.
ويدل على ذلك ما أخرجه الصدوق الأول (علي بن بابويه قدس الله نفسه الطاهرة) في كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة قال: سأل اسماعيل بن عمار أبا الحسن الأول عليه السلام، فقال له: فرض الله على الإمام أن يوصي – قبل أن يخرج من الدنيا – ويعهد؟ فقال: نعم. فقال: فريضة من الله؟ قال: نعم.
وأيضا: ما أخرجه الصفار قدس الله نفسه الطاهرة في بصائر الدرجات: عن أبي عبد الله عليه السلام: ((لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا ما هو إلا إلى الله ينزل واحدا بعد واحد)).
وهذه الروايات وغيرها الكثير من الروايات، تدل على أن التنصيب هو من الله عز وجل!!!
والقوم لم يجمعوا على كون الخلافة شورى أو تنصيب، بل اختلفوا اختلافا كبيرا، فبعضهم ذهب إلى أن الخلافة بالنص الخفي، وغيرها من الأمور، وقد قدمنا في ما سبق ما ذكره شيخنا الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة في الرد عليهم فلا نحتاج للإطالة!!!!
ثم أننا أجمعنا وإياهم على كون الخلفاء إثني عشر خليفة، فروينا ورووا هذه الأحاديث في كتبهم.
أخرج الصدوق قدس الله نفسه الطاهرة، عن سلمان الفارسي رضوان الله تعالى عليه، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم.
وعن عبد الله بن عباس رضوان الله تعالى عليه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون.
وأيضا: ((سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله (ص): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي من العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (ص) حوضه)).
وأخرج الكليني قدس الله نفسه الطاهرة: عن أبي جعفر عليه السلام (الباقر): إن الله أرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجن والإنس وجعل من بعده إثنا عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والأوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر.
وأيضا: ((قال أبو جعفر عليه السلام: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم)).
فهذه الروايات وغيرها الكثير دلت على الإثني عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وأما كتب القوم، ففي صحيح مسلم كتاب الإمارة:
عن جابر بن سمرة، قال دخلت مع ابي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول " ان هذا الامر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثناعشر خليفة " . قال ثم تكلم بكلام خفي على - قال - فقلت لابي ما قال قال " كلهم من قريش".
عن جابر بن سمرة، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لا يزال امر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا " . ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت على فسالت ابي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " كلهم من قريش ".
أقول: فهذه رواياتنا وروايات القوم تشهد على الإثني عشر، وإن كان القوم لم يذكروا هؤلاء الإثني عشر، وتخبطوا فيهم تخبطا عشوائيا، حتى أن بعضهم عد يزيد بن معاوية قاتل سيد شباب أهل الجنة عليه أفضل الصلاة والسلام من هؤلاء الإثني عشر، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
غير أنه وردت في كتبنا أسمائهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.
فما أخرجه الكليني والصدوق قدس الله أنفسهما الطاهرة في قصة الخضر عليه السلام، مع أمير المؤمنين وابنه أبي محمد عليهما السلام، ... إلى أن قال: فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والقائم بحجته، وأشار إلى أمير المؤمنين ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته، وأشار إلى الحسن عليه السلام وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه، والقائم بحجته، بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن، لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج الحسن بن علي عليهما االسلام فقال ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال: هو الخضر عليه السلام.
وأيضا: ما أخرجه الفضل بن شاذان قدس الله نفسه الطاهرة: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام: ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم جعفر بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم موسى بن جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم علي بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحجة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية ويغيب مدة طويلة ثم يظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
فهذه الأخبار، وغيرها الكثير مما تدل على الأئمة الإثني عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام.
-----> يتبع.
تعليق