{76}
بأن الله أكمل دينه بالإمامة ولذلك كانت الإمامة عند الشيعة أصلاً من أصول الدين.
وبإمامة علي بن ابي طالب أتم الله نعمته على المسلمين لئلا يبقوا هملاً تتجاذبهم الأهواء وتمزقهم الفتن فيتفرقوا كالغنم بدون راع -
ورضي لهم الإسلام ديناً، لأنه إختار لهم أئمة أذهب عنهم الرجس وطهرهم وأتاهم الحكمة وأورثهم علم الكتاب ليكونوا أوصياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيجب على المسلمين أن يرضوا بحكم الله واختياره، ويسلموا تسليماً، لأن مفهوم الإسلام العام هو التسليم لله قال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)(1).
ومن خلال كل ذلك يفهم بأن يوم الغدير إتخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد إذ بعد تنصيب الإمام علي وبعد أن نزل عليه قوله (اليوم أكملت لكم دينكم...) الآية: قال الحمد لله على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الرب برسالتي وولاية علي بن ابي طالب من بعدي(2) ثم عقد له موكباً للتهنئة وجلس صلى الله عليه وآله وسلم في خيمة وأجلس علياً بجانبه وأمر المسلمين بما فيهم زوجاته أمهات المؤمنين أن يدخلوا عليه أفواجا ويهنئوه بالمقام ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ما أمروا به وكان من جملة المهنئين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب بهذه المناسبة أبوبكر وعمر.
فقد جاءا إليه يقولان له: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت
______________________________
(1) سورة القصص آية 68 - 69 - 70.
(2) الحاكم الحسكاني عن أبي سعيد الخدري في تفسيره للآية.
والحافظ أبو نعيم الإصبهاني في كتابه «ما نزل من القرآن في علي».
وبإمامة علي بن ابي طالب أتم الله نعمته على المسلمين لئلا يبقوا هملاً تتجاذبهم الأهواء وتمزقهم الفتن فيتفرقوا كالغنم بدون راع -
ورضي لهم الإسلام ديناً، لأنه إختار لهم أئمة أذهب عنهم الرجس وطهرهم وأتاهم الحكمة وأورثهم علم الكتاب ليكونوا أوصياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيجب على المسلمين أن يرضوا بحكم الله واختياره، ويسلموا تسليماً، لأن مفهوم الإسلام العام هو التسليم لله قال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)(1).
ومن خلال كل ذلك يفهم بأن يوم الغدير إتخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد إذ بعد تنصيب الإمام علي وبعد أن نزل عليه قوله (اليوم أكملت لكم دينكم...) الآية: قال الحمد لله على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الرب برسالتي وولاية علي بن ابي طالب من بعدي(2) ثم عقد له موكباً للتهنئة وجلس صلى الله عليه وآله وسلم في خيمة وأجلس علياً بجانبه وأمر المسلمين بما فيهم زوجاته أمهات المؤمنين أن يدخلوا عليه أفواجا ويهنئوه بالمقام ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ما أمروا به وكان من جملة المهنئين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب بهذه المناسبة أبوبكر وعمر.
فقد جاءا إليه يقولان له: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت
______________________________
(1) سورة القصص آية 68 - 69 - 70.
(2) الحاكم الحسكاني عن أبي سعيد الخدري في تفسيره للآية.
والحافظ أبو نعيم الإصبهاني في كتابه «ما نزل من القرآن في علي».
{77}
مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة(1)
ولما عرف حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فرح النبي واستبشاره في ذلك اليوم قال: أتاذن لي يا رسول الله أن أقول في هذا المقام أبياتاً تسمعهن، فقال: قل على بركة الله، لا تزال يا حسان، مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.
فأنشد يقول:
ولما عرف حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فرح النبي واستبشاره في ذلك اليوم قال: أتاذن لي يا رسول الله أن أقول في هذا المقام أبياتاً تسمعهن، فقال: قل على بركة الله، لا تزال يا حسان، مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.
فأنشد يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخم فاسمع بالرسول مناديا
إلى آخر الأبيات التي ذكرها المؤرخون(2).
ولكن ورغم كل ذلك فإن قريشاً إختارت لنفسها وأبت أن تكون في بني هاشم النبوة والخلافة فيجحفون على قومهم بجحاً بجحا، كما صرّح بذلك عمر بن الخطاب لعبد الله بن عباس في محاورة دارت بينهما(3).
فلم يكن في وسع أحد أن يحتفل بذلك العيد بعد ذكراه الأولى التي إحتفل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كانوا قد تناسوا نص الخلافة وتلاشى من أذهانهم ولم يمض عليه من
______________________________
(1) روى هذه القصة كل من الإمام ابي حامد الغزالي في كتابه سر العالمين ص 6 كما رواها الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 ص 281.
والطبري في تفسيره ج 3 ص 428 والبيهقي، والثعلبي، والدارقطني والفخر الرازي وابن كثير وغيرهم.
(2) الحافظ أبونعيم الإصبهاني في كتابه ما نزل من القرآن في علي.
-الخوارزمي المالكي الإصبهاني في كتاب المناقب ص 80 - الكنجي الشافعي في كفاية الطالب
- جلال الدين السيوطي في كتابه - الإزدهار فيما عقده الشعراء من الأشعار.
(3) الطبري في تاريخه ج 5 ص 31.
تاريخ ابن الاثير ج 3 ص 31 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 18.
ولكن ورغم كل ذلك فإن قريشاً إختارت لنفسها وأبت أن تكون في بني هاشم النبوة والخلافة فيجحفون على قومهم بجحاً بجحا، كما صرّح بذلك عمر بن الخطاب لعبد الله بن عباس في محاورة دارت بينهما(3).
فلم يكن في وسع أحد أن يحتفل بذلك العيد بعد ذكراه الأولى التي إحتفل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كانوا قد تناسوا نص الخلافة وتلاشى من أذهانهم ولم يمض عليه من
______________________________
(1) روى هذه القصة كل من الإمام ابي حامد الغزالي في كتابه سر العالمين ص 6 كما رواها الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 ص 281.
والطبري في تفسيره ج 3 ص 428 والبيهقي، والثعلبي، والدارقطني والفخر الرازي وابن كثير وغيرهم.
(2) الحافظ أبونعيم الإصبهاني في كتابه ما نزل من القرآن في علي.
-الخوارزمي المالكي الإصبهاني في كتاب المناقب ص 80 - الكنجي الشافعي في كفاية الطالب
- جلال الدين السيوطي في كتابه - الإزدهار فيما عقده الشعراء من الأشعار.
(3) الطبري في تاريخه ج 5 ص 31.
تاريخ ابن الاثير ج 3 ص 31 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 18.
{78}
الوقت غير شهرين ومع ذلك لم يتكلم به أحد، فكيف بذكرى الغدير التي مضى عليها عام كامل، على أن هذا العيد مربوط بذلك النص على الخلافة فإذا انعدم النص وزال السبب لم يبق لذلك العيد أثر يذكر.
ومضت على ذلك السنون حتى رجع الحق إلى أهله بعد ربع قرن، فأحياها الإمام علي من جديد بعدما كادت تقبر وذلك في الرحبة عندما ناشد أصحاب محمد ممن حضر عيد الغدير أن يقوموا فيشهدوا أمام الناس ببيعة الخلافة فقام ثلاثون صحابياً منهم ستة عشر بدرياً وشهدوا(1) والذي كتم الشهادة وادعى النسيان، كأنس بن مالك الذي أصابته دعوة علي بن أبي طالب فلم يقم من مقامه ذلك إلا ابرص فكان يبكي ويقول أصابتني دعوة العبد الصالح لأني كتمت شهادته(2) وبذلك أقام أبو الحسن الحجة على هذه الأمة ومنذ ذلك العهد وحتى يوم الناس هذا وإلى قيام الساعة يحتفل الشيعة بذكرى يوم الغدير وهو عندهم العيد الأكبر، كيف لا وهو اليوم الذي أكمل الله لنا فيه الدين وأتم فيه علينا النعمة ورضي بالإسلام لنا دينا، وهو يوم عظيم الشأن عند الله ورسوله والمؤمنين، ذكر بعض علماء أهل السنة عن أبي هريرة أنه قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه... إلى آخر الخطبة، فأنزل الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) قال أبو هريرة وهو يوم غدير خم من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً(3).
______________________________
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 370 وكذلك ج 1 ص 119. النسائي في الخصائص ص 19 - كنز العمال ج 6 ص 397 - ابن كثير في تاريخه ج 5 ص 211.
- إبن الأثير في أسد الغابة ج 4 ص 28 وابن حجر العسقلاني في الإصابة ج 2 ص 408 - السيوطي في جمع الجوامع.
(2) مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 106 - ابن كثير في تاريخه ج 5 ص 211.
ابن الاثير في أسد الغابة ج 3 ص 321 - حلية الأولياء ج 5 ص 26.
أحمد بن حنبل ج 1 ص 119.
(3) إبن كثير في كتاب البداية والنهاية ج 5 ص 214.
ومضت على ذلك السنون حتى رجع الحق إلى أهله بعد ربع قرن، فأحياها الإمام علي من جديد بعدما كادت تقبر وذلك في الرحبة عندما ناشد أصحاب محمد ممن حضر عيد الغدير أن يقوموا فيشهدوا أمام الناس ببيعة الخلافة فقام ثلاثون صحابياً منهم ستة عشر بدرياً وشهدوا(1) والذي كتم الشهادة وادعى النسيان، كأنس بن مالك الذي أصابته دعوة علي بن أبي طالب فلم يقم من مقامه ذلك إلا ابرص فكان يبكي ويقول أصابتني دعوة العبد الصالح لأني كتمت شهادته(2) وبذلك أقام أبو الحسن الحجة على هذه الأمة ومنذ ذلك العهد وحتى يوم الناس هذا وإلى قيام الساعة يحتفل الشيعة بذكرى يوم الغدير وهو عندهم العيد الأكبر، كيف لا وهو اليوم الذي أكمل الله لنا فيه الدين وأتم فيه علينا النعمة ورضي بالإسلام لنا دينا، وهو يوم عظيم الشأن عند الله ورسوله والمؤمنين، ذكر بعض علماء أهل السنة عن أبي هريرة أنه قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه... إلى آخر الخطبة، فأنزل الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) قال أبو هريرة وهو يوم غدير خم من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً(3).
______________________________
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 370 وكذلك ج 1 ص 119. النسائي في الخصائص ص 19 - كنز العمال ج 6 ص 397 - ابن كثير في تاريخه ج 5 ص 211.
- إبن الأثير في أسد الغابة ج 4 ص 28 وابن حجر العسقلاني في الإصابة ج 2 ص 408 - السيوطي في جمع الجوامع.
(2) مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 106 - ابن كثير في تاريخه ج 5 ص 211.
ابن الاثير في أسد الغابة ج 3 ص 321 - حلية الأولياء ج 5 ص 26.
أحمد بن حنبل ج 1 ص 119.
(3) إبن كثير في كتاب البداية والنهاية ج 5 ص 214.
{79}
أما رويات الشيعة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في فضائل ذلك اليوم فحدث ولا حرج، والحمد لله على هدايته أن جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والمحتفلين بعيد الغدير.
وخلاصة البحث أن حديث الغدير «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من وال، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار» هو حديث أو بالأحرى هي حادثة تاريخية عظيمة أجمعت الأمة الإسلامية على نقلها، فقد مر علينا ذكر ثلثمائة وستين من علماء أهل السنة والجماعة وأكثر من ذلك من علماء الشيعة.
ومن أراد البحث والمزيد فعليه بكتاب الغدير للعلامة الاميني.
وبعد الذي عرضناه لا يستغرب أن تنقسم الأمة الإسلامية إلى سنة وشيعة، تمسكت الأولى بمبدأ الشورى في سقيفة بني ساعدة، وتأولت النصوص الصريحة وخالفت بذلك ما أجمع عليه الرواة من حديث الغدير، وغيره من النصوص.
وتمسكت الثانية بتلك النصوص فلم ترض عنها بدلا وبايعت الأئمة الإثني عشر من أهل البيت ولم تبغ عنهم حولاً والحق أنني عندما أبحث في مذهب أهل السنة والجماعة خصوصاً في أمر الخلافة، أجد المسائل مبنية على الظن والإجتهاد، لأن قاعدة الإنتخاب ليس فيها دليل قطعي على أن الشخص الذي نختاره اليوم هو أفضل من غيره لأننا لا نعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولأننا في الحقيقة مركّبون من عواطف وعصبيات وأنانية كامنة في نفوسنا وستلعب هذه المركبات دورها إذا ما أوكل إلينا إختيار شخص من بين أشخاص.
وليست هذه الأطروحة خيالاً أو أمر مبالغاً فيه، فالمتتبع لهذه الفكرة فكرة إختيار الخليفة سيجد أن هذا المبدأ الذي يطبّل له لم ينجح ولا يمكن له أن ينجح أبداً.
فهذا أبوبكر زعيم الشورى بالرغم من وصوله إلى الخلافة (بالإختيار
وخلاصة البحث أن حديث الغدير «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من وال، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار» هو حديث أو بالأحرى هي حادثة تاريخية عظيمة أجمعت الأمة الإسلامية على نقلها، فقد مر علينا ذكر ثلثمائة وستين من علماء أهل السنة والجماعة وأكثر من ذلك من علماء الشيعة.
ومن أراد البحث والمزيد فعليه بكتاب الغدير للعلامة الاميني.
وبعد الذي عرضناه لا يستغرب أن تنقسم الأمة الإسلامية إلى سنة وشيعة، تمسكت الأولى بمبدأ الشورى في سقيفة بني ساعدة، وتأولت النصوص الصريحة وخالفت بذلك ما أجمع عليه الرواة من حديث الغدير، وغيره من النصوص.
وتمسكت الثانية بتلك النصوص فلم ترض عنها بدلا وبايعت الأئمة الإثني عشر من أهل البيت ولم تبغ عنهم حولاً والحق أنني عندما أبحث في مذهب أهل السنة والجماعة خصوصاً في أمر الخلافة، أجد المسائل مبنية على الظن والإجتهاد، لأن قاعدة الإنتخاب ليس فيها دليل قطعي على أن الشخص الذي نختاره اليوم هو أفضل من غيره لأننا لا نعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولأننا في الحقيقة مركّبون من عواطف وعصبيات وأنانية كامنة في نفوسنا وستلعب هذه المركبات دورها إذا ما أوكل إلينا إختيار شخص من بين أشخاص.
وليست هذه الأطروحة خيالاً أو أمر مبالغاً فيه، فالمتتبع لهذه الفكرة فكرة إختيار الخليفة سيجد أن هذا المبدأ الذي يطبّل له لم ينجح ولا يمكن له أن ينجح أبداً.
فهذا أبوبكر زعيم الشورى بالرغم من وصوله إلى الخلافة (بالإختيار
{80}
والشورى)، نراه عندما شارف على الوفاة أسرع إلى تعيين عمر بن الخطاب خليفة له! دون إستعمال طريقة الشورى. وهذا عمر بن الخطاب الذي ساهم في تأسيس خلافة أبي بكر نراه - بعد وفاة أبي بكر يعلن على الملأ بأن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها(1).
ثم بعد ذلك نرى أن عمراً عندما طعن وأيقن بدنو أجله عيّن ستة أشخاص ليختاروا بدورهم واحداً منهم ليكون خليفة، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء النفر على قلّتهم سيختلفون رغم الصحبة والسبق للإسلام والورع والتقوى فستثور فيهم العواطف البشرية التي لا ينجو منها إلا المعصوم، ولذلك نراه- لحسم الخلاف - رجح كفة عبد الرحمن بن عوف فقال: إذا إختلفتم فكونوا في الشق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف ونرى بعد ذلك بأنهم إختاروا الإمام علياً ليكون خليفة ولكنهم إشترطوا عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر وقبل علي كتاب الله وسنة رسوله ورفض سنة الشيخين(2) وقبل عثمان هذه الشروط فبايعوه بالخلافة. وقال علي في ذلك: «فياللهوللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذا أسفّوا وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن..»(3).
وإذا كان هؤلاء وهم نخبة المسلمين وهم خاصة الخاصة تعلب بهم العواطف فيكون فيهم الحقد وتكون فيهم العصبية بين هن وهن (يقول محمد عبده في شرحه لهذه الفقرة: يشير الإمام علي إلى أغراض أخرى يكره ذكرها) فعلى الدنيا بعد ذلك السلام.
______________________________
(1) صحيح البخاري ج 8 ص 26 باب رجم الحبلى من الزنا.
(2) تاريخ الطبري وابن الأثير بعد موت عمر بن الخطاب واستخلاف عثمان.
(3) شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1 ص 88.
ثم بعد ذلك نرى أن عمراً عندما طعن وأيقن بدنو أجله عيّن ستة أشخاص ليختاروا بدورهم واحداً منهم ليكون خليفة، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء النفر على قلّتهم سيختلفون رغم الصحبة والسبق للإسلام والورع والتقوى فستثور فيهم العواطف البشرية التي لا ينجو منها إلا المعصوم، ولذلك نراه- لحسم الخلاف - رجح كفة عبد الرحمن بن عوف فقال: إذا إختلفتم فكونوا في الشق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف ونرى بعد ذلك بأنهم إختاروا الإمام علياً ليكون خليفة ولكنهم إشترطوا عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر وقبل علي كتاب الله وسنة رسوله ورفض سنة الشيخين(2) وقبل عثمان هذه الشروط فبايعوه بالخلافة. وقال علي في ذلك: «فياللهوللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذا أسفّوا وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن..»(3).
وإذا كان هؤلاء وهم نخبة المسلمين وهم خاصة الخاصة تعلب بهم العواطف فيكون فيهم الحقد وتكون فيهم العصبية بين هن وهن (يقول محمد عبده في شرحه لهذه الفقرة: يشير الإمام علي إلى أغراض أخرى يكره ذكرها) فعلى الدنيا بعد ذلك السلام.
______________________________
(1) صحيح البخاري ج 8 ص 26 باب رجم الحبلى من الزنا.
(2) تاريخ الطبري وابن الأثير بعد موت عمر بن الخطاب واستخلاف عثمان.
(3) شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1 ص 88.
تعليق