تتمة
الفصل الثالث
[ في إختيار روح أبي بكر ]
ومن سخيف هذيانهم وطريف بهتانهم، حديث: (إنّ الله إختار روح أبي بكر لمّا خلق الارواح).
ولعمري، بطلان هذا الكذب الصراح، الذي هو من أنكر النباح وأشنع الصياح، لابين من فلق الصباح، وقد صرّحت ببطلانه نقّادهم الحذاق، واعترفت بكونه مختلقاً أئمتهم المشهورون في الافاق، كابن الجوزي، والخطيب، والذّهبي، والفيروز آبادي، والشيخ عليّ بن محمّد بن العراق، والشيخ عبد الحق الدّهلوي على ما حكاه الرشيد في الايضاح، والشيخ (رحمه الله)، وصاحب تلخيص الموضوعات، ومحمّد بن الشوكاني(1).
____________
(1) انظر الموضوعات لابن الجوزي: 1 / 230، تاريخ بغداد للخطيب: 14 / 35، ميزان الاعتدال: 7 / 59 (9156)، سفر السعادة للفيروز آبادي: 281، تنزيه الشريعة لابن العراق: 1 / 342، اشعه اللمعات لعبد الحق الدهلوي: 4 / 628، تلخيص الموضوعات للذهبي: 93 ـ 209، الفوائد المجموعة للشوكاني: 331، وسوف تأتي أقوالهم مفصلاً تباعاً.
ولمّا كان ذلك في غاية السخافة والشناعة، إحتشم عن روايته وتحديثه أكثر علماء تلك الجماعة، ولكن تواقح بعضهم وتظاهر بالعصبيّة الشنيعة، فأورده في بعض تصانيفه الحريّة بالوقيعة، منهم أبو الحسن الجرجاني في تاريخ جرجان، والزوزني في كتاب شجرة العقل(1
(1) ذكر ذلك الذهبى في الميزان: 6 / 77 (7269)، وانظر اللالئ المصنوعة للسيوطي 1: 266.
والعجب! كيف يميل بهم الهوى حتى يجنحون الى أمثال تلك المفتريات السخيفة، التي لا يصدّقها الاّ أصحاب العقول الخفيفة، فإنّه مع كونه مشتملاً على طريف الترهات والخرافات، نصّ على خلافة أبي بكر، وكذب ذلك ثابت بدلائل قطعيّة وبراهين سنيّة، وإعتراف محقّقيهم ونحاريرهم، ولا يشك في بطلانه ذو عقل.
ومن هناك بالغ في إبطاله وردّه وطعنه، إمامهم الناقد وقدوتهم الحائز للمحامد، الناقب عن غوامض الاخبار، الباطن لاسرار الاثار، المطّلع على كنه المعائب والعلل، العارف بالقوادح والدواخل ـ أعني ابن الجوزي ـ فإنّه أورده في الموضوعات ونقل عن الخطيب أنّه لا يثبت، وقدحه وجرحه بطريقيه، ثم ذكر طريق آخر، وقال: إنّ فيه من التخليط في المتن والاسناد ما ينبئ أنّه فعل مختلط لا يدري ما يقول، وهذه عبارة ابن الجوزي في كتاب الموضوعات:
«الحديث الثالث: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن المذهب من أصل كتابه العتيق، قال: حدثني أبو القاسم هارون بن أحمد العلاف المعروف بالقطان إملا، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل الادمي، قال: حدثنا أحمد بن منصور الزيادي، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن عائشة، قالت: (كانت ليلتي من) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا ضمّني وإيّاه الفراش، قلت: يا رسول الله ألست أكرم أزواجك عليك؟ قال: بلى يا عائشة، قلت: فحدّثني عن أبي بفضيلة، قال: حدّثني جبرئيل أنّ الله تعالى لمّا خلق الارواح، اختار روح أبي بكر الصدّيق من بين الارواح، وجعل ترابها من الجنّة، وماءها من الحيوان، وجعل له قصراً في الجنّة من درّة بيضاء مقاصيرها( من الذهب والفضة البيضاء، وإنّ الله تعالى آلا على نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيئة، وإنّي ضمنت كما ضمن الله على نفسه أنْ() لا يكون ضجيعاً في قبري()، ولا أنيساً في وحدتي، وخليفة على أمّتي من بعدي إلاّ أبو بكر()، يا عائشة بايع على ذلك جبرئيل وميكائيل، وعقدت خلافته براية بيضاء، وعقد لواؤه تحت العرش، قال الله تعالى للملائكة رضيتم بما رضيت لعبدي، فكفى بأبيك فخراً أن بايع له جبرئيل وميكائيل وملائكة السماء وطائفة من الشياطين يسكنون البحر، فمن لم يقبل هذا فليس منّي ولست منه، قالت عائشة: فقبّلت أنفه وما بين عينيه، فقال: حسبك يا عائشة، فمن لست بأمّه فوالله ما أنا بنبيّه، فمن أراد أن يتبرّأ من الله فليتبرأ منك يا عائشة).
الفصل الثالث
[ في إختيار روح أبي بكر ]
ومن سخيف هذيانهم وطريف بهتانهم، حديث: (إنّ الله إختار روح أبي بكر لمّا خلق الارواح).
ولعمري، بطلان هذا الكذب الصراح، الذي هو من أنكر النباح وأشنع الصياح، لابين من فلق الصباح، وقد صرّحت ببطلانه نقّادهم الحذاق، واعترفت بكونه مختلقاً أئمتهم المشهورون في الافاق، كابن الجوزي، والخطيب، والذّهبي، والفيروز آبادي، والشيخ عليّ بن محمّد بن العراق، والشيخ عبد الحق الدّهلوي على ما حكاه الرشيد في الايضاح، والشيخ (رحمه الله)، وصاحب تلخيص الموضوعات، ومحمّد بن الشوكاني(1).
____________
(1) انظر الموضوعات لابن الجوزي: 1 / 230، تاريخ بغداد للخطيب: 14 / 35، ميزان الاعتدال: 7 / 59 (9156)، سفر السعادة للفيروز آبادي: 281، تنزيه الشريعة لابن العراق: 1 / 342، اشعه اللمعات لعبد الحق الدهلوي: 4 / 628، تلخيص الموضوعات للذهبي: 93 ـ 209، الفوائد المجموعة للشوكاني: 331، وسوف تأتي أقوالهم مفصلاً تباعاً.
ولمّا كان ذلك في غاية السخافة والشناعة، إحتشم عن روايته وتحديثه أكثر علماء تلك الجماعة، ولكن تواقح بعضهم وتظاهر بالعصبيّة الشنيعة، فأورده في بعض تصانيفه الحريّة بالوقيعة، منهم أبو الحسن الجرجاني في تاريخ جرجان، والزوزني في كتاب شجرة العقل(1
(1) ذكر ذلك الذهبى في الميزان: 6 / 77 (7269)، وانظر اللالئ المصنوعة للسيوطي 1: 266.
والعجب! كيف يميل بهم الهوى حتى يجنحون الى أمثال تلك المفتريات السخيفة، التي لا يصدّقها الاّ أصحاب العقول الخفيفة، فإنّه مع كونه مشتملاً على طريف الترهات والخرافات، نصّ على خلافة أبي بكر، وكذب ذلك ثابت بدلائل قطعيّة وبراهين سنيّة، وإعتراف محقّقيهم ونحاريرهم، ولا يشك في بطلانه ذو عقل.
ومن هناك بالغ في إبطاله وردّه وطعنه، إمامهم الناقد وقدوتهم الحائز للمحامد، الناقب عن غوامض الاخبار، الباطن لاسرار الاثار، المطّلع على كنه المعائب والعلل، العارف بالقوادح والدواخل ـ أعني ابن الجوزي ـ فإنّه أورده في الموضوعات ونقل عن الخطيب أنّه لا يثبت، وقدحه وجرحه بطريقيه، ثم ذكر طريق آخر، وقال: إنّ فيه من التخليط في المتن والاسناد ما ينبئ أنّه فعل مختلط لا يدري ما يقول، وهذه عبارة ابن الجوزي في كتاب الموضوعات:
«الحديث الثالث: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن المذهب من أصل كتابه العتيق، قال: حدثني أبو القاسم هارون بن أحمد العلاف المعروف بالقطان إملا، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل الادمي، قال: حدثنا أحمد بن منصور الزيادي، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن عائشة، قالت: (كانت ليلتي من) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا ضمّني وإيّاه الفراش، قلت: يا رسول الله ألست أكرم أزواجك عليك؟ قال: بلى يا عائشة، قلت: فحدّثني عن أبي بفضيلة، قال: حدّثني جبرئيل أنّ الله تعالى لمّا خلق الارواح، اختار روح أبي بكر الصدّيق من بين الارواح، وجعل ترابها من الجنّة، وماءها من الحيوان، وجعل له قصراً في الجنّة من درّة بيضاء مقاصيرها( من الذهب والفضة البيضاء، وإنّ الله تعالى آلا على نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيئة، وإنّي ضمنت كما ضمن الله على نفسه أنْ() لا يكون ضجيعاً في قبري()، ولا أنيساً في وحدتي، وخليفة على أمّتي من بعدي إلاّ أبو بكر()، يا عائشة بايع على ذلك جبرئيل وميكائيل، وعقدت خلافته براية بيضاء، وعقد لواؤه تحت العرش، قال الله تعالى للملائكة رضيتم بما رضيت لعبدي، فكفى بأبيك فخراً أن بايع له جبرئيل وميكائيل وملائكة السماء وطائفة من الشياطين يسكنون البحر، فمن لم يقبل هذا فليس منّي ولست منه، قالت عائشة: فقبّلت أنفه وما بين عينيه، فقال: حسبك يا عائشة، فمن لست بأمّه فوالله ما أنا بنبيّه، فمن أراد أن يتبرّأ من الله فليتبرأ منك يا عائشة).
تعليق