رداً على نصر الله الشيعة خائفون من بطشه و لتكن الحرب المفتوحة في الجولان وايران
بقلم آية الله العلامة المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي
إستحمار الشعوب
أجهُرُ بالحقّ ولا أبالي بتهديدكم لي بالقتل
قبل البدء بالحديث لا بدّ من تقديم مقدِّمات وتنبيهات، ليكون القارئ على بيّنة من أمره.
*التنبيه الأوّل: لا يُشكَل علينا مجدَّداً كما أُشكِلَ سابقاً أننا دخلنا في سلك السياسيين لمجرّد استنكارٍ منّا بمقالةٍ نُشِرَتْ في مجلّة كريمة، فالإستنكار لا يعني بالضرورة أنّنا صرنا من الساسة المزيفين الذين يحكمون الساحة اللبنانية بدون حق، فقد خرّبوا البلاد وأسروا العباد، وأهلكوا الحرث والنسل؛ بآرائهم المتناقضة وأفعالهم المتضاربة، ومشاربهم المختلفة، أمّا السياسة الحقّة وهي مأخوذة لغةً من ساس يسوس سياسةً، بمعنى الرعاية والدراية، فنحن قادتها بما حبانا الله عزّ ذكره من نعمٍ علمية تعلمناها من مدرسة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام…. وهل ثمة دينٌ يرعى العباد ويحفظ شؤون البلاد أفضل من الإسلام الذي هو دين السلام والحياة الأبدية والسّعادة الروحية والنفسية؟ وهل ثمة أحد أفضل من العلماء الربانيين يحفظون معالم الدِّين وشريعة سيد المرسلين ؟ وقد ورد عن الإمام (عليه السَّلام) أنه قال: ((مجاري الأمور بيد العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه))، وقال أيضاً: ((وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجّة الله))، و((العلماء ورثة الأنبياء))؟ أم أنّ المتحزِّبين لا يريدون أنْ يتدخّل المخلصون من العلماء لرعاية وحفظ معالم الدِّين ومصالح المسلمين لتبقى الساحة خالية للسلطويين من رجال الدِّين الذين ذكّرونا بحكّام بني أميّة وبني العبّاس؛ حيث كانوا يتظاهرون بالدِّين ويتمسّحون بالجهاد والورع ، ومن يجرؤ عليهم بكلمة كان مصيره القتل أو التهجير أو التخويف بالإعتداء على الأهل والعيال ؟! وكأنّهم لم يقرأوا قول الإمام الصادق عليه السلام قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم :[من نظر إلى مؤمن نظرةً ليخيفه بها أخافه الله عزّ وجلّ يوم لا ظل إلاّ ظله ] وقول الإمام أيضاً :[ من روّع مؤمناً بسلطانٍ ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار ومن روّع مؤمناً بسلطانٍ ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار ] لقد روعتم الآمنين بتهديداتكم ووعيدكم ،وسلطتم علينا من لا يرحم ولا أنتم رحمتمونا ولا أرحتمونا فبتم كشوك الصحارى تخدش الأرجل ولا تبالي بالعواصف الهوجاء ،فسكوت العلماء عن أخطائكم أدى إلى إسترسالكم وتعنتكم وتصلبكم ، وصدق أرسطو حين قال: ((إذا سَكَتَ العلماءُ تَكَلَّمَ الجهلاءُ))؛ فسكوت العلماء المخلِصين أدّى إلى أنْ يتسلّط أنصاف العلماء على الطائفة الشيعية في لبنان ...
وكما أُشكِلَ علينا سابقاً بأنه كيف تنشر مقالتك السابقة في مجلة الشراع المأجورة والعميلة؟ قلنا لهم: إنّ كلامكم افتراء وظنٌّ محرَّمٌ، وإنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، وهل كلّ مجلّةٍ لا توافقكم الرأي تُعتَبَر عميلةً، أولستم أنتم عملاء لمَن أوحى إليكم بهذا الكلام ؟ أوليست الجهات التي تنتمون إليها مأجورة لبلدانٍ باتت معروفة لدى عامة العباد؟ أيحقّ لساستكم وقادتكم أنْ يدْعوا القنوات الفضائية التي يعتقدون بعمالتها للغرب لتنشر لهم مقابلة صحفية أو محاورة علنية ما لا يحقّ لغيرهم؟...وهل باؤكم يجر وباء غيركم لا تجر ..؟؟!! وإنني أرى أنّ هجومهم على مجلّة الشراع ونعتهم لها بالعمالة لأنها كشفتْ وتكشف زيف المدَّعِين للإسلام وللوطنية باسم الدين والوطنية، وصَدَق ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام): ((إنما الحقّ ما ترك لي صاحباً)).
*التنبيه الثاني: قالوا عندما نشرت مقالتي الأولى أنّكَ بمقالتكَ تصبّ في خانة 14 آذار، وقد أعنتَهم على 8 آذار التي رأسها الحزب وحركة أمل وهما منظمتان شيعيتان، ولا يجوز أنْ تعين الآخرين عليهما لأنهما شيعيتان!!!
والجواب: ليس في الإسلام واسطة للباطل، فلا يهمّني كونهما شيعيتين ما دامتا ترتكبان الأخطاء بإسم الطائفة الشيعية، وهذا جرمٌ أشدّ مما لو ارتكبه شخصٌ لا علاقة له بالطائفة، كما أنّ الحقّ لا يميّز بين طائفة وأخرى، ولا يجوز الوقوف بجنب بعض الشيعة الذين يتعمدون الأخطاء بإسم الطائفة لتحصيل مكاسب سياسية وزيادة مغانم وحصص، فالحقّ حقٌّ ولو صدر من وثني، والباطل باطلٌ ولو صدر من تقيّ، ومقالة ذاك السياسي: ((أنا وأخي على إبن عمّي، وأنا وإبن عمّي على الغريب)) هي مقالة الجاهليين الذين لم يتذوقوا حلاوة المعرفة، ولم يهتدوا إلى ركن وثيق.
وأمّا أنها تصبّ في خانة 14آذار فليس شأني لأنني أردتُ نصرة الحق ولا زلت أريد ذلك، فلو أنّ آخرين انتفعوا من هذا الحقّ فهو خيرٌ ونورٌ، حتى ولو كانوا من عبدة إبليس الملعون، فالقرآن الكريم ينتفع منه المؤمن والمخالف والكافر، فهل يا تُرى أنزله الله لينتفع منه المؤمنون فقط، أم أنّه كتاب هداية للعالمين ؟؟ مضافاً إلى أنّ ثمّة آيات موجَّهة إلى عامّة الناس بمن فيهم الكافر والملحد، فاستفادة الكافر من هذه الآيات لا تمنع من كونه كتاب هداية لعامّة الناس، وهكذا مقالتي فليستفد منها مَن أراد ما دامت تصبّ في خانة الحقّ وإصلاح البلاد وإنعام السّلام على العباد.
*التنبيه الثالث: على القارئ الكريم أنْ يفتح قلبه وعقله للحقّ والحقيقة، ولا يجمد على تقاليد عرفه ومجتمعه وبيئته؛ لأنّ الطالب للحقيقة يصل إليها لا محالة، شرط الإخلاص في الطلب من الله تعالى والإلحاح عليه بالدعاء والتوسل بالأرواح المقدسة عليهم السلام لنيل مبتغاه ...
فليس الحقّ يدور مدار هذا السيد أو ذاك أو القائد الفلاني والزعيم العلاّني، فإنّ تأطير الحقّ بعِظَمِ الزعامة إخراج له عن مساره الصحيح وخلاف الضرورة في شرائع المرسَلين.
*التنبيه الرّابع: على القارئ أنْ يعلَم أنّ الحقّ لا يُعْرَف بالرِّجال وإنما يُعْرَفُ الرِّجال بالحقّ، كما قال الإمام (عليه السَّلام): "إعرِف الحقَّ تعرف أهله"، ولا يمكنكَ أنْ تعرف الحقَّ إذا لم تسأل وتبحث عن الحقّ ]فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[، أمّا إذا منعَكَ أولياء نعمتكَ السياسيين أو الدينيين المتسلِّطين من أنْ تعرف معالم دينك من غير جهتهم فتكون قد حبَسْتَ نفسكَ في سجن عصبيتكَ وحميّتكَ الحزبية، وهو أمرٌ ستُحَاسَب عليه ]يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ[ [عبس:34ــ37].
*التنبيه الخامس: سوف نطال غداً يوم القيامة كلَّ سابٍّ وشاتمٍ ولاعنٍ ومهدِّدٍ لي بالقتل لأنني إنتقدتُ زعامتهم وسلطتهم، واعلموا أنّ سبّكم ولعنكم لي حرامٌ ستعَذَّبون عليه؛ لأنني ما أردتً إلاّ الإصلاح في هذه الأمّة المنكوسة، وجرمي أنني قلتُ الحقَّ وانتقدتُ الباطلَ، كما كان الإمام الحسين (عليه السَّلام) جرمه أنّه قال الحق فكان مصيره القتل؛ لأنه وقف في وجه الباطل، وقد قال (عليه السَّلام): ((ما خرجتُ أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمتي جدّي، أريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...))، وإنْ أبيتم إلاّ سبّي ولعني فإنهما لي زكاةٌ، ولكم يوم القيامة عذابٌ وعقاب، ويوم يقوم الأشهاد، ولي أسوة بأمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) الذي سبَّهٌ بنو أميّة ثمانين عاماً على رؤوس المنابر قبل الآذان والجمعات بسبب تجاهره بالحقّ، فلا تكونوا كبني أميّة همّهم السبُّ واللعن والقتل لكلّ مَن ناواهم أو خطّأ أفعالهم.
*التنبيه السّادس: على القارئ أنْ يخاف الله تعالى في كلّ كلمةٍ يتفوّه بها لا ترضي ربّه؛ لأنّ عدم الخوف يجرّ بالمرء إلى التمادي في غيّه وضلاله، لذا على المرء أنْ يتحلّى بالصبر والورع، وليخشَ ربّه في كلّ كلمة أو فعلٍ يصدران منه بعد قر اءة مقالتي هذه؛ لأنّه مسؤول عن كلّ ذلك ]وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً[ [الكهف:49].
وإذا كنت أخي القارىء لا تخاف المعاد فأين شهامتك العربية كما قال إمامنا الحسين عليه السلام لجيش عمر بن سعد يوم كربلاء ...
*التنبيه السّابع: إنّ كلّ ما كتبتُه لم يكن منافسةً مِنّا في سلطان، ولا التماس شيءٍ من فضول الحطام، ولكن ــ والله يشهد ــ لنردّ المعالم من هذا الدِّين، ونظهر كلمةَ الحق والهدى بين العباد، وهي أمانةٌ في أعناقنا؛ لنبلِّغَها لكافّة الناس، ولنلقي الحجّة على المتحزِّبين،ليحيى من حيى عن بينّة ويهلك من هلك عن بينّة .
***
عَودٌ على بدء: ماهيّة مقالتي تتناول الإشكالات على كلام أخينا الأمين العام للحزب، لعلّه يستفيد منها في المستقبل القريب، وإنْ كنتُ أميل إلى أنّه لن يصغي إلى كلامي أصلاً، فغايتنا إبلاغ الحجّة وتقويم ما إعوجّ، ]فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ[ .... أقول والله عزّ اسمه عوني : إنّ أبشع وصفٍ يمكن أنْ نلصقه بشعبٍ أو أُمّةٍ هو وصف الإستحمار على وزن "استفعال"، وهو مبالغة في الحماريّة والإستغباء لكونه ــ أي الغباء ــ من اللوازم الذاتية للحمار، وما يجري اليوم ليس إستغباءً واستحماراً فحسب، بل هو ارتكاس وانتكاس للعقل البشري إلى أسفل درك من الخِسّة والوضاعة... ولقد وصلت الأمور عند الأكثرية الشيعية في لبنان وبعض مناطق العالَم إلى حدّ الدّناءة والسفاهة جرّاء انجرارها وراء تيارات حزبيّة، لا سيّما تلك التي تموّلها القومية الإيرانية لأجل مصالحها وليس لأجل الدين، بغية تأسيس القاعدة الصلبة التي من خلالها تقف تلك القومية على أرجل أعوانها لتحقيق مكاسبها السياسية ومشاريعها الأصوليّة والوصولية والشمولية .... وفي طليعة هذه التيارات حزب الله اللبناني الذي ما فتئ يلهج بذِكْرِ إيران ويسبّح بحمدها ويدعو أتباعه ومَن يلوذ بماله وسلطانه من فلول الأحزاب الأخرى إلى أنْ يكونوا الأداة الطيِّعة للأمين العام للحزب، الذي يتلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم من أجل حطام زائف، والناس على طبيعتها لا تصفِّق إلاّ لِمَن رخّص لها الآخرة، ورغَّبَها بالدنيا، ولولا الوعود بالعطاء لَمَا رأينا أحداً يلوذ برَكْبِهِ ويتمسّح بسَرْجِهِ ويفدِّي نفسَه لنعلَيْهِ، من هنا قال زعيم الحزب: ((مَن يريد جاهاً نعطيه الجاه، ومَن يريد المال نعطيه مالاً))... نعم، كلٌّ بحسب الطَّلَب؛ لأنّ كلّ شيءٍ متوفر لدى الحزب: المال والجاه والعزّ والحياة والموت ووو...
إنّ خطاب زعيم الحزب ( وتاليه نائبه الشيخ قاسم ) في كلّ مرّة يكون خطاباً تحريضيّاً ولا مرة سمعناه يخطب بروية ورزانة وهدوء ونحن نأسف لرجل دِينٍ لا يعرف الهدوء في الخطابة مع أنّه يعلم أنّ ذلك مطلوب شرعاً وعقلاً وتأمر به قواعد الخطابة الناجحة ،كما نأسف له أنْ يستثير عواطف الناس لأجل مصالح حزبه وتثبيت قواعده وجماهيره من كل الأصناف والبضائع ... هذه الجموع التي سكر عليها قادة الحزب وكأنها المدخل إلى الجَنَّة ويتشدقون ويتباهون بأنّهم الأكثرية الشعبية، مع أنّ القرآن الكريم ذمّ الأكثريّة ونعتها بالفسق والجهل وعدم الشكر،كقوله تعالى :[ منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ] [ يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ] [ ولكنّ أكثرهم يجهلون ] [ ولا تجد أكثرهم شاكرين ] [ وما وجدنا لأكثرهم من عهد ] [ بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ] [وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ وهم مشركون ] [ وأكثرهم الكافرون ] والآيات بالعشرات تذم الأكثرية فكيف يتمسك بالأكثرية زعيم الحزب وهي أمام ناظريه في القرآن العظيم ؟؟!! يظهر أنّ السياسة لم تدع له مجالاً لقراءة القرآن ...و أريد أنْ أسأل زعيم الحزب: هل أنّ الذين أمطروا السّماء بالرّصاص وملؤوا النفوس رعباً، وذهب ضحية ذلك جرحى وقتيل في إحدى إطلالاتك التلفزيونية وقلدك في ذلك نبيه بري وأنصاره مع أنّهم لم يكونوا هكذا من قبل ، هل هؤلاء هم أشرف الناس وأطهر الناس؟ وهل أنّ الذين يرقصون على نغمات الموسيقى ــ التي حللتموها لهم ــ يلوِّحون بالأعلام، تأخذهم نشوة النصر والفرح والطرب هم أشرف من العبّاد الزهّاد الأتقياء؟! وهل التقوى والجهاد في سبيل الله يأمران بإرعاب الناس والإضرار بهم لأجل خطابكَ يا سماحة الأمين العام؟!!! وكيف تسمح لأتباعكَ ولغير أتباعكَ ممّن يقبِّلون نعلَيْكَ ويفدونها بأنفسهم أنْ يضرّوا الناسَ ،وقد روي عن الرسول الأكرم قوله :[ لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ] ؟!!! وإذا كانت المحبّة تغلبهم فأي إطاعة لكَ حينئذٍ، والمحبّ لِمَن أحبَّ مطيع؟!!! فإذا لم يطيعوك في نهيك لهم عن إطلاق الرصاص فهذا دليل على أنهم لم يحبُّوك بل يتمسّحون بدعوى المحبّة؛ ليبرِّروا شرورهم ونزواتهم، وأنتَ قد ساعدتهم على ذلك؛ لأن مَن لم يكن قادراً على ضبط رقعة جغرافية صغيرة من لبنان ــ عنيتُ الضاحية الجنوبية ــ كيف يمكن أن يكون داعية إلى الحق على مساحة كلّ الوطن ؟ لا سيما وأنّ المطلقين للرصاص هم أتباعك ومحبوك ولا أحد يقدر على مخالفتك لأنّك تمسك بمفاصل الحياة في الضاحية الضحية لحزبك وأزلامك الذين لا يتورعون عن قتل كلّ من ناواك أو جرح خاطرك الشريف فصارت الغيرة عليك أهم وأعظم من الغيرة على الله تعالى وحججه الطاهرين ،فلو أنّ أحداً سبّك إستباحوا دمه في حين يسب الله عزّ ذكره وانبياءه وأولياءه المعصومين ولا واحد منهم يتحرك ليزيل منكراً أو يغار على ربّ العزة ... ونحن نسأل : كيف أمكنك ضبط حدود بكاملها مع العدوّ الصهيوني في الجنوب، حيث لم يجرؤ أحد على إطلاق رصاصة على جندي إسرائيلي وراء السياج،ولم تتمكن من ضبط أطرك وعبيدك كلما تطل على قناة فضائية ؟؟! اللهمّ إلاّ إذا كان ثمّة شيء لا نعرفه، ووراء الأكمة ما وراءها.
أؤكّد القول بأنّ الإستحمار يكون بأنْ يَقْبَلَ المرءُ كلَّ ما يُطرَح عليه دون تمييز ولا تمحيص، وعكسه النباهة وتعني الفطنة والحذاقة والإنتباه، وما نراه اليوم عند أكثر الناس هو غلبة الإستحمار عليهم والغفلة عن الحق والحقيقة والدار الآخرة... لا نباهة لهذه الجموع التي جَعَلتْ غيرها يفكّر عنها، ووضعَتْ عقلَها في كفّ مَن يقودها، وكأنّ الله تعالى لم يكرِمْها بحرية الإختيار... إنّ هذه الجموع التي تصفِّق لكلّ مَن وعدها بمنصب أو وظيفة أو راتب شهري أو مساعَدَة ماليّة لا خير فيها ولا تملك شيئاً من النباهة والشهامة وهي لا تستقيم حتى تعلوها يدٌ قويّة من عالَم الغيب، تحمل سوطاً قاسٍ يظلّلها فيهزّها من سباتها العميق الذي ما زال يدور بها ولم تشعر بما مضى من الزمان وما فات من العمر وكم بقي لها منه،ولم تبالِ بما سيؤول إليه أمرها في حفرتها الجاهزة في مقبرتها... لقد ضيّع هؤلاء الناس النِّعَم والقيم والكمالات لانشغالهم بالسفاسف والقذارات السياسية التي لطَّخَتْ نفوسَهم وأرواحهم وأفكارهم، فباتوا سكارى الحياة، وسكارى قادة الأحزاب الذين يمنّونهم بالوعود الزائفة واللذائذ النتنة... الأمّة التي تعيش لتأكل وتأكل لتعيش فقط ولا شغل لها سوى الدوران نحو الطعام وتأمين المسكن والوظيفة دون أنْ تنظر إلى القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة هي أمّة مستهلِكة، لا تنتج إلاّ الكسالى والفسقة الذين لا يعرفون أيّ معنى للفضيلة والقيم، والشاهد على ذلك ما نراه في الضاحية عند كلّ خطاب لزعيم حزبها أو رئيس حركتها لا تسمع سوى صوت الرّصاص، فلا يصغون لخطاب زعيمهم بمقدار ما تحرّكهم عواطفهم التي لا تبتني على دين أو عقل أو مبدأ خُلُقي... إنهم آليّون مسَيَّرون نحو بنادقهم ورشّاشاتهم بمرأى من حكومتنا الموقَّرة الحاضرة الغائبة... الحاضرة بلباس شرطتها وعسكرها، والغائبة ببسط أمنها... وا ويلاه... وا أسفاه من هكذا حكومات ومن هكذا شعب...!!! فالمستضعف من لا تدعمه الأحزاب ولا تنصره شرطة او قوة ،هذا هو حال المواطن في لبنان ،محروم من الأمن والأمان والكرامة حتى ممن يدّعي أنّه راعٍ لأمة الإسلام .. إنّ من يحكم لبنان هو عصابات عسكرية لا غير، المنتقد لهم في خانة العملاء، فالحقّ عندهم بمقدار ما يكون مدعوماً بموافقة زعيمها وقائدها، ولا شيء أكثر من ذلك!!! هذه الجموع تحمل غروراً عظيماً في عقولها، وزهواً في نفوسها يمنعها من التفكير والعقلانية، لقد ظَنَّتْ أنها ستكتسح العالَم الغربي بقبضاتها الحديدية المهترئة وبمدفعها الصغير وصاروخها الرجراج الذي صنعه لها بسطاء من ذاك العالم الذي يريدون إفناءه عن الخريطة العالمية.
يا للغرور... يا لسخافة العقول... أيها اللاهثون وراء المصالح الشخصية والنزوات الآنية: إتعظوا بموتاكم، وفكِّروا بمصائركم يوم تُسأَلون، وعلى الحساب تُعرَضُون، وإنْ كنتم لم تتعظوا بعد حرب تموز، حيث أقمتم الحفلات الموسيقية على العمارات المدمَّرة وتحتها جثث مهترئة لمن كانوا من أشرف الناس عندكم... فبدلاً من أنْ تقيموا لهم مجلس عزاء يذهب ثوابُه لأرواحهم وتبكون عليهم لكونهم أحبّائكم ،لكنّكم فرحتم للنصر الإلهي ،ألم ينتصر رسول الإسلام بمعارك متعددة ؟ فلمَ لم يفرح كما تفرحون ، ولمَ لم يستمع للموسيقى كما تسمرون على انغامها أيها الغافلون ؟؟!!لقد بكى رسول الله على إبنه إبراهيم وربائبه أمّ كلثوم ورقيّة وعمّه أسد الله حمزة بن عبد المطلب وعثمان بن مظعون (صلوات الله عليهم)؛ أقمتم الحفلات الموسيقيّة احتفاءً بالنصر تقليداً لغير المسلمين والملتزمين ممّن يعبِّر عن فرحه بالموسيقى والرقص، كيف ذلك وأنتم أمّة حزب الله !! ومَن ينتسب إلى الله يُفرَض عليه أنْ يلهج لسانه بذكر الله تعالى… وتلهج يده بالصّلاة وجبينه بالسجود وركبتاه بالرّكوع وأذنه بسماع مجالس العزاء وآيات القرآن والكلمة الطيِّبة، لا أنْ يستعيض عن كلّ ذلكّ بالموسيقى والغناء والرقص على أنغامها والتلويح بأعلامها، ما هكذا تكون أمّة حزب الله التي تكلّم عنها القرآن!! أمّة حزب الله هم الأتقياء من شيعة أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) والذين وصفهم بقوله (عليه السَّلام): ((ذبل الشفاه من الذِّكر، رمش العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين))، هؤلاء هم أمّة حزب الله، لا الذين يسكرون على نغمات الموسيقى وحفلات الغناء التي هي من أعظم المحرَّمات عند الله تعالى، ولا الذين يسبّون ويشتمون ويتوعدون بالويل والثبور لكلّ ناقدٍ ومصلح،ولا الذين يقطعون أرزاق الناس بنصب الخيام في وسط بيروت ويحرقون الدواليب والسيارات ويعتدون على الممتلكات العامة والخاصة ولا الذين يتصارخون ويتهارشون على الطرقات والمنابر لشق الصفوف وإثارة الفتنة والضغينة والعصبية والحمية لاجل مآربهم السياسية بغطاء ديني ووطني دفاعاً عن المقاومة ...كفى إستغلالاً للمقاومة ولمن قضى في سبيلها ..!!إنّه إستغلالٌ لأهل الجنوب الذين عانوا الأمَرين من المنظمات الفلسطينية سابقاً كما يعانون منكم يا حماة إيران اليوم ...
نحن عندما ننتقد بعض الزعماء فإنّ ذلك ليس من باب التشفي أو الغيرة أو الحسد؛ لأننا من قومٍ لا يغارون ولا يحسدون ولله الحمد، ولا نرى شيئاً من آثار النعمة على مَن ننتقد حتى نغبطه فضلاً عن أن نحسده عليها، وإنما ننتقد تقويماً للأخطاء وترشيداً للأذهان وحجةً على العباد، وعلى هؤلاء أنْ يشكرونا لا أنْ يلعنونا ويشتمونا عبر فساقهم؛ لأنّ المرء لا يرى صورته الحقيقية نصب عينيه حتى ولو وقف عشر مرات يومياً أمام المرآة، لأنّ المعرفة نفسية وليست صورية، ومَن عَرَّفَكَ نفسَكَ فقد استخرَجَكَ من ظلمتكَ؛ قال الإمام عليّ (عليه السَّلام): ((صديقكَ مَن حَذَّرَكَ، وعدوّكَ مَن أغراكَ))، فمَن بصَّرَكَ بنفسكَ وأراكَ عيوبَكَ استخرجكَ من ذاتكَ ليلفتَ انتباهَكَ إلى قَدْرِكَ وقيمتكَ وواقعكَ، إنّ قيمة كلّ امرئ ما يحسنه؛ وفي الحديث: ((المؤمن مرآة أخيه المؤمن))، وعن الإمام الصّادق (عليه السَّلام) أنّه قال: ((عليكم بالنصح لله في خلقه، فلم تلقاه بعمل أفضل منه))، وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ((لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه)).
وثمة إشكالات كثيرة على زعيم الحزب لكني أذكر منها إثنتين :
الأولى : الإنتقام لعماد مغنية ....
الثانية : الحرب المفتوحة ...
أما الإنتقام فلا يكون بالخطابات الرنانة ولا بالتصاريح الهدامة التي لا تبقي ولا تذر بل تحرق الأخضر واليابس ،فلا طاقة للشيعة ولا لبقية المواطنين من الآثار المترتبة على خطاباتك النارية التي ستقضي على الشيعة برمتهم إذا بقوا صامتين خائفين من سطوتك وبطشك وقوتك ، وهل يجوز لأجل فردٍ إيقاع الشيعة في الضرر والهلاك أم أن المسألة أعظم من موت مغنية أردتم أن يكون مغنية الواجهة لها ؟ فقد ذهب إلى ربه إن صح ما تدّعون أنّه قُتل وأنتم ستُذهِبون بالشيعة والوطن إلى المقابر من أجل تحرير القدس حسبما تزعمون ،وهل يُضحى بالكل من أجل الجزء يا سماحة الامين على شباب الحزب ؟؟ وهل تستحق غزة كل هذا الحشد والضجيج والصراخ من حنجرة السيد حسن والشيخ نعيم ولا يستحقه مقام الإمامين العسكريين عليهما السلام حينما هدم مقامهما في سامراء وانتهكت أعراض شيعتهما في العراق على أيدي عصابات الحقد والتكفير ؟؟! ألا يستحق شيعة العراق وكذلك المقامات والبقيع الحزين في الحجاز تظاهرةً وصرخةً وإستنكاراً منكم ومن الجمهورية الإيرانية يا قادة حزب الله في لبنان ؟؟! أم أن الأمر لا يعنيكم لأنّكم وجِدتم لأجل نصرة الجهاد الإسلامي و حماس ومؤسسها أبو يزيد أحمد ياسين الذي كان يوزّع الكراسات التكفيرية ضد الشيعة !!! لا عجب أن يصدر ذلك منكم بعد أن كنتم منهم وما زلتم مذ كانت الأحزاب والمنظمات الفلسطينية في أوج عظمتها وعزّها ،فهذا الشبل من ذاك الأسد المتوحش ،ومن أشبه أباه فما ظُلم ،وكلّ إناءٍ بما فيه ينضح !!!
وأما الحرب المفتوحة : فلمَ لا تكون في الجولان أو في إيران يا سماحة الأمين العام ؟؟!!! وهل كُتب على لبنان أن يكون دائماً ساحةً مفتوحةً للحروب والمآسي والكوارث والكروب ؟ وهل كتب على الشيعة والجنوبيين أن يحملوا وزر فاتورة حروب الآخرين في وطنهم الذي لا ملجأ لهم غيره !!؟
وقبل أن تنطلق بحربٍ مفتوحة داخلية وخارجية ، عليك أن تنظر إلى مصالح الشيعة في لبنان وخارجه فهل تتكفل بأرزاقهم إذا هجّروا من بلاد الغربة يا سماحة الامين والمؤتمن ؟؟! نعم لقد نسيتُ أنّك تنثر المال نثراً على رؤوس الملبين لك كما يلبون لله تعالى في الحج [ لبيك يا نصر الله ] مع أنّ التلبية لا تكون إلاّ لله وللمعصوم عليه السلام..نعم نسيتُ مرّة ً أخرى أنّكم معشر ولاية الفقيه تستبيحون كلّ ما للمعصوم فتجعلونه لكم ،فمقاماته عليه السلام وألقابه صارت جزءاً من كيانكم ،فلقب الإمام وولي أمر المسلمين وشمس الضحى وقائد الغر المحجلين والميامين....لم تعد خاصة بأئمتنا عليهم السلام بمقدار ما هي ألقاب واجبة لقادتكم ،حتى صار السذج من أتباعكم يعتقد أنّ الأئمة أكثر من المنصوص عليهم في الأخبار بل الأمر أدهى وأمرّ حيث بات أكثر جهالكم يعتقدون أنّ السيد نصرالله هو الإمام المهدي عجل الله تعالى له الفرج والمخرج ...وا إسلاماه وا محمداه وا علياه وا فاطمتاه وا حسناه وا حسيناه ..؟؟!!!!
ليت شعري الى متى سيبقى هذا الإستخفاف بعقول أكثر شيعة اليوم حيث تسيّرهم أحزابٌ وتنظيمات يسارية تتلطى بشعارات الإسلام وتتمسح بأثوابه !! وإذا بقي الجهل مسيطراً على العقول فلن تقوم للوطن قائمة ولن ينعم الشيعةُ على وجه الخصوص بالطمأنينة والإستقرار لأنّ من وضع مصيره بقرار زعماء الحرب من ساسة الشيعة الذين أُتخموا هم وأولادهم ونساؤهم وأزلامهم بوفور المال والجاه والسلطان حتى صار الواحد منهم كقارون إستهوته النعمة فطغى وتجبر على كلّ من لم يكن من حزبه أو لم يلتحق بركبه ويتمسح بسرجه ...
لقد هزُلت حتى بدا من هزالها كُلاها وحتى سامها كلُّ مفلس
وفي الختام : أنصح شيعة الأحزاب الذين يصفقون لكلّ منعمٍ عليهم بالدينار والدرهم أن يرجعوا إلى ضمائرهم وإلى رشدهم وليتذكروا الآخرة وعذابها ،وليستعملوا عقولهم ويكونوا من أهل المنطق والدراية ولا يكونوا كالنطيحة والمتردية من البقر والماعز حيث يضعون عقولهم في قبضاتهم وعصيهم ورشاشاتهم ليظلموا من خالفهم في رأي أو فعلٍ ،فإنّ ذلك من الظلم الذي يدخل صاحبه إلى النار إلاّ إذا تاب وأدى الحقوق إلى أصحابها ،سأل شيخ الإمامَ الباقر عليه السلام فقال له ( إنّي لم أزل والياً منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا فهل لي من توبة ؟ قال : فسكت ثمّ أعدت عليه فقال :لا حتى تؤدي إلى كلّ ذي حقٍ حقه ) . وا ويلاه من أمة تظلم اليوم أبناء وطنها وجلدتها وهي معتقدة ٌ أنّ هذا من الدين ،وقد جهلوا أنّ هذا من الشرك الذي نهى الله تعالى عنه ،قال الإمام الباقر عليه السلام : [أدنى الشرك من قال للنواة أنّها حصاة وللحصاة أنّها نواة ثمّ دان به ] وعن الإمام الرضا عليه السلام قال :[ أدنى الشرك ان يبتدع الرجل رأياً فيحب عليه ويبغض ] .
أليس واقع شيعة الأحزاب اليوم هو ما قاله الإمامان الصادق والرضا عليهما السلام ؟؟ نعم إنّهم ولايتيون يعبدون زعيم حزبهم ويفدون أنفسهم لنعليه ،ولا غرابة في ذلك فإنّ الطيور على أشكالها تقع وكل إناء بما فيه ينضح !!
ولا أتمنى من أكثر هؤلاء الشكر والثناء بل إنّي على يقين أنّ سيلاً من الشتائم واللعن والتهديد بالقتل سينهال عليّ مرةً أخرى ولكني أحتسب ذلك ذخراً لي عند الله عزّ ذكره ،ولي برسول الله والإمام علي وسيدة النساء عليهم السلام أُسوة حسنة ،وإن سببتموني فإنّه لي زكاة وسيرتد عليكم يوم القيامة عذاباً وإن أبحتم دمي فإني أرجو الفوز عنده على أيدي أرذل خلقه وأفوز عند من لا يترك مظلوماً إفترسه ظالم وإن نالني أذىً منكم فسوف يثأر لي من لا أجد ناصراً عليه إلاّ الله تعالى ..أقول هذا لأنّ تهديدكم المكرر قد وصلني ولن أخافكم لعلمي بأنّ الله بيده مقادير الأمور ولا تضيع عنده الحقوق ،وما كلامي سوى حجة عليكم حتى لا تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين ..
وأنصح قادة الحزب ومن يلوذ بركبهم من الشيعة أن يتقوا الله تعالى في الدماء والبلاد ،ويخافوا المصير الذي سيلاقونه يوم القيامة إذا استمروا في سياساتهم وتعنتهم لأجل مصالح دنيوية ،وهل يجوز أن تضحوا بالشيعة من أجل ذلك يا أمناء على الدماء والفروج .... ؟ وما حماس بعض الجنوبيين والبقاعيين لكم إلاّ طمعاً بأموالكم،ولا عجب في ذلك بعد أن أعمى عيونهم وبصائرهم حب الدينار والدرهم وهي سنّةٌ لم تخلُ منها أمّةٌ على طول خط الزمن ،فها هم أئمتنا عليهم السلام قد عانوا الأمَرين من أمثال هكذا شيعة لأنّهم عليهم السلام لم ينثروا المال على أتباعهم ولم يرخّصوا لهم المحرمات ، فشيعة اليوم إلاّ من رحم ربي وقليل ما هم صاروا عبيداً لمن خافوه أو رجوه ..وصدق عليهم ما قاله أمير المؤمنين علي عليه السلام واصفاً هؤلاء بقوله :[ يرجو الله في الكبير ويرجو العباد في الصغير فيعطي العبد ما لا يعطي الرب ! …وكذلك إن هو خاف عبداً من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربّه فجعل خوفه من العباد نقداً وخوفه من الله ضماراً ووعداً وكذلك من عظمت الدنيا في عينه وكبر موقعها من قلبه آثرها على الله تعالى فانقطع إليها وصار عبداً لها ] نعم سيدي صاروا عبيداً للسيد حسن ولنعيم قاسم لما يملكان من أموالٍ ومناصب ..فالمحروم من حُرم من عطائهما !!!فالخزي على هكذا شيعة همهم بطونهم وقبلتهم نساؤهم ودينهم دينارهم ..!!إنّ أمثال هؤلاء هم من قتل الإمام الحسين في كربلاء ، وهم من كان السبب في غيبة الإمام المهدي روحي لتراب نعليه الفداء ،وهؤلاء أشدّ خطراً على الإسلام من جيش يزيد بن معاوية كما أشارت إلى ذلك بعض الأخبار الشريفة ..
وأوجه ندائي إلى العلماء والمثقفين.. وعلى وجه الخصوص من لا يتوافق مع الأحزاب : فأقول لهم أنّكم مسؤولون غداً عن سكوتكم بحجة التقية والمداراة وعدم الإنجرار في الفتنة ألا في الفتنة سقطتم لأنّكم رأيتم المنكر ولم تنكروه إغتراراً وأماني كأماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزى به ..إنّها الدنيا التي سعيتم إليها .. إنّها دار ممركم فلا تجعلوها دار مقركم ...إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينقصان عمراً ولا يقللان رزقاً حسبما جاء ذلك عن الإمام علي عليه السلام فما بالكم تنامون عن وظائفكم فأنتم مسؤولون عن الضعفاء وعلى الأقل عن نصرة الحق والمظلوم ولو كان سندياً أو بوذياً ..وأرجو أن لا ينطبق عليكم ما ورد عن الرسول الأعظم حيث قال :[ كيف بكم إذا صار المنكر معروفاً والمعروف منكراً ..قيل له أيكون ذلك يا رسول الله !قال بلى كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ..!] نعم صار من يأمر بالمعروف بنظر أكثركم خارجاً عن جادة الصواب ومفرّقاً لجماعة المسلمين ..ألا تخافون ايها العلماء من سطوة الجبار بوقوفكم بوجه من نذر نفسه لله الواحد القهار وكان همه بسط السلام على الأخيار..!!!ما هكذا الظن بكم ولا المعروف من عندكم .. لا تكونوا كالعوام نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا ...
كلكم تعلمون أنّ الله تعالى ذكره عذّب قومَ النبي شعيب ومقدارهم مئة ألفٍ ،ستون ألفاً من الأخيار وأربعين ألفاً من الأشرار ولمّا سأل ربّه عن سبب ذلك ،كان جواب الله له أنّ الستين ألفاً شملهم العذاب أيضاً لأنّهم داهنوا أهل المعاصي ..اللهم إلا إذا كنتم جاهلين بالجهل المركب فركبتم مقدمات خسيسة لرغبتكم بالحياة الدنيا لكنّها لن تدوم لكم وسوف تنزلون إلى حفركم وهناك الطامة الكبرى يوم لا تغني عنكم كثرتكم ولا من كنتم تسكتون عن منكراته طمعاً بالحطام وخسيس عيش ٍيكون حسرةً عليكم يوم العرض الأكبر ..وصدق ما جاء عن المظلوم سيد الشهداء عليه السلام حينما قال :[ الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون ] ..ودعوى أنّ سكوتكم للتقية أو المداراة مردودة عليكم لأنّ التقية والمداراة إنّما يسوغان شرعاً وعقلاً ما دام لم يسفك الدم ، فإذا سُفك فلا تقية كما ورد عن أئمتنا عليهم السلام ،والعجب منكم كيف تعملون بالتقية في مورد ليس من مصاديقها في حين أنّ السيد الخميني شرّع لأتباعه في لبنان عدم التقية بقوله لهم : لا تقية بعد اليوم .
فهم مخلصون لصاحبهم وأنتم غير أوفياء لصاحب نعمتكم وولي أمركم الإمام المهدي عليه السلام فحاموا عن دينه يا من تتنعمون بأمواله وتحيون ببركة وجوده الأقدس ،فما هو جوابكم عندما يسألكم عن تقصيركم في إبلاغ الحجة وسلوك المحجة ..!!!!!
كما أنني أوّجه نداءً للسلطة بأنّ عليها أن تخفف الأعباء عن المواطنين الذين أُثقلوا بالضرائب الباهظة وعدم بسط الأمن في مناطق لبنانية تحكمها أحزاب ومنظمات لا ترحم إلا أتباعها ،فإنّ الدولة إذا لم تفعل ذلك فإنّها تساهم بسيطرة الأحزاب لتدب الفوضى في البلاد ..فالسلطة قد ساهمت في إستبداد الحزب بعامة الشيعة حيث كرّست فئةً خاصة من الشيعة للإمساك بالقرار الشيعي ولم تسمح لغيره بمشاركة سياسية وإجتماعية من خلال مؤسسات الدولة ..فصرنا نحن المستضعفون من كل الطوائف فريسة الدولة والأحزاب السياسية التي لا يهمها إلاّ الوصول إلى سدة الحكم وتوزيع الحصص فيما بينها ..
وأما ندائي للحزب فهو أن يفكر بمصلحة الشيعة اللبنانيين خصوصاً والوطن عموماً ،فإذا أُفلتم من الحساب في دنياكم فلن تفلتوا منه في أُخراكم ..فاعملوا ما شئتم فإنّكم ستحاسبون عن كل صغيرة وكبيرة..فأنتم لستم مفوضين عن الشيعة ولا نرضى أن تكونوا كذلك ...وإذا كان أهل الجنوب راضين بكل قراراتكم فلِمَ لا نستفتيهم من جديد فيما إذا كانوا راضين بتدمير بيوتهم وتشريدهم مرةً أُخرى من أجل الحسم الآلهي كما وعد السيد نصر الله؟؟ فحرب تموز كان وعداً إلهياً فكان الذي كان فكيف الحال إذا بدأ الحسم الإلهي ..؟؟!! اللهم استر على الوطن من هذا الحسم الموعود .. وإنّي أُحذّر الجنوبيين من مغبة سكوتهم عمّا يجري بإسمهم ولأجل فلسطين وإيران ،وإذا بقوا على هذه الحال فلن يبقى لهم جنوب ولن ترجع للفلسطينيين بلادهم ..فستصبحون كالفلسطينيين مشردين في شرق الارض وغربها ..وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين ...
بقلم آية الله العلامة المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي
إستحمار الشعوب
أجهُرُ بالحقّ ولا أبالي بتهديدكم لي بالقتل
قبل البدء بالحديث لا بدّ من تقديم مقدِّمات وتنبيهات، ليكون القارئ على بيّنة من أمره.
*التنبيه الأوّل: لا يُشكَل علينا مجدَّداً كما أُشكِلَ سابقاً أننا دخلنا في سلك السياسيين لمجرّد استنكارٍ منّا بمقالةٍ نُشِرَتْ في مجلّة كريمة، فالإستنكار لا يعني بالضرورة أنّنا صرنا من الساسة المزيفين الذين يحكمون الساحة اللبنانية بدون حق، فقد خرّبوا البلاد وأسروا العباد، وأهلكوا الحرث والنسل؛ بآرائهم المتناقضة وأفعالهم المتضاربة، ومشاربهم المختلفة، أمّا السياسة الحقّة وهي مأخوذة لغةً من ساس يسوس سياسةً، بمعنى الرعاية والدراية، فنحن قادتها بما حبانا الله عزّ ذكره من نعمٍ علمية تعلمناها من مدرسة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام…. وهل ثمة دينٌ يرعى العباد ويحفظ شؤون البلاد أفضل من الإسلام الذي هو دين السلام والحياة الأبدية والسّعادة الروحية والنفسية؟ وهل ثمة أحد أفضل من العلماء الربانيين يحفظون معالم الدِّين وشريعة سيد المرسلين ؟ وقد ورد عن الإمام (عليه السَّلام) أنه قال: ((مجاري الأمور بيد العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه))، وقال أيضاً: ((وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجّة الله))، و((العلماء ورثة الأنبياء))؟ أم أنّ المتحزِّبين لا يريدون أنْ يتدخّل المخلصون من العلماء لرعاية وحفظ معالم الدِّين ومصالح المسلمين لتبقى الساحة خالية للسلطويين من رجال الدِّين الذين ذكّرونا بحكّام بني أميّة وبني العبّاس؛ حيث كانوا يتظاهرون بالدِّين ويتمسّحون بالجهاد والورع ، ومن يجرؤ عليهم بكلمة كان مصيره القتل أو التهجير أو التخويف بالإعتداء على الأهل والعيال ؟! وكأنّهم لم يقرأوا قول الإمام الصادق عليه السلام قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم :[من نظر إلى مؤمن نظرةً ليخيفه بها أخافه الله عزّ وجلّ يوم لا ظل إلاّ ظله ] وقول الإمام أيضاً :[ من روّع مؤمناً بسلطانٍ ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار ومن روّع مؤمناً بسلطانٍ ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار ] لقد روعتم الآمنين بتهديداتكم ووعيدكم ،وسلطتم علينا من لا يرحم ولا أنتم رحمتمونا ولا أرحتمونا فبتم كشوك الصحارى تخدش الأرجل ولا تبالي بالعواصف الهوجاء ،فسكوت العلماء عن أخطائكم أدى إلى إسترسالكم وتعنتكم وتصلبكم ، وصدق أرسطو حين قال: ((إذا سَكَتَ العلماءُ تَكَلَّمَ الجهلاءُ))؛ فسكوت العلماء المخلِصين أدّى إلى أنْ يتسلّط أنصاف العلماء على الطائفة الشيعية في لبنان ...
وكما أُشكِلَ علينا سابقاً بأنه كيف تنشر مقالتك السابقة في مجلة الشراع المأجورة والعميلة؟ قلنا لهم: إنّ كلامكم افتراء وظنٌّ محرَّمٌ، وإنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، وهل كلّ مجلّةٍ لا توافقكم الرأي تُعتَبَر عميلةً، أولستم أنتم عملاء لمَن أوحى إليكم بهذا الكلام ؟ أوليست الجهات التي تنتمون إليها مأجورة لبلدانٍ باتت معروفة لدى عامة العباد؟ أيحقّ لساستكم وقادتكم أنْ يدْعوا القنوات الفضائية التي يعتقدون بعمالتها للغرب لتنشر لهم مقابلة صحفية أو محاورة علنية ما لا يحقّ لغيرهم؟...وهل باؤكم يجر وباء غيركم لا تجر ..؟؟!! وإنني أرى أنّ هجومهم على مجلّة الشراع ونعتهم لها بالعمالة لأنها كشفتْ وتكشف زيف المدَّعِين للإسلام وللوطنية باسم الدين والوطنية، وصَدَق ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام): ((إنما الحقّ ما ترك لي صاحباً)).
*التنبيه الثاني: قالوا عندما نشرت مقالتي الأولى أنّكَ بمقالتكَ تصبّ في خانة 14 آذار، وقد أعنتَهم على 8 آذار التي رأسها الحزب وحركة أمل وهما منظمتان شيعيتان، ولا يجوز أنْ تعين الآخرين عليهما لأنهما شيعيتان!!!
والجواب: ليس في الإسلام واسطة للباطل، فلا يهمّني كونهما شيعيتين ما دامتا ترتكبان الأخطاء بإسم الطائفة الشيعية، وهذا جرمٌ أشدّ مما لو ارتكبه شخصٌ لا علاقة له بالطائفة، كما أنّ الحقّ لا يميّز بين طائفة وأخرى، ولا يجوز الوقوف بجنب بعض الشيعة الذين يتعمدون الأخطاء بإسم الطائفة لتحصيل مكاسب سياسية وزيادة مغانم وحصص، فالحقّ حقٌّ ولو صدر من وثني، والباطل باطلٌ ولو صدر من تقيّ، ومقالة ذاك السياسي: ((أنا وأخي على إبن عمّي، وأنا وإبن عمّي على الغريب)) هي مقالة الجاهليين الذين لم يتذوقوا حلاوة المعرفة، ولم يهتدوا إلى ركن وثيق.
وأمّا أنها تصبّ في خانة 14آذار فليس شأني لأنني أردتُ نصرة الحق ولا زلت أريد ذلك، فلو أنّ آخرين انتفعوا من هذا الحقّ فهو خيرٌ ونورٌ، حتى ولو كانوا من عبدة إبليس الملعون، فالقرآن الكريم ينتفع منه المؤمن والمخالف والكافر، فهل يا تُرى أنزله الله لينتفع منه المؤمنون فقط، أم أنّه كتاب هداية للعالمين ؟؟ مضافاً إلى أنّ ثمّة آيات موجَّهة إلى عامّة الناس بمن فيهم الكافر والملحد، فاستفادة الكافر من هذه الآيات لا تمنع من كونه كتاب هداية لعامّة الناس، وهكذا مقالتي فليستفد منها مَن أراد ما دامت تصبّ في خانة الحقّ وإصلاح البلاد وإنعام السّلام على العباد.
*التنبيه الثالث: على القارئ الكريم أنْ يفتح قلبه وعقله للحقّ والحقيقة، ولا يجمد على تقاليد عرفه ومجتمعه وبيئته؛ لأنّ الطالب للحقيقة يصل إليها لا محالة، شرط الإخلاص في الطلب من الله تعالى والإلحاح عليه بالدعاء والتوسل بالأرواح المقدسة عليهم السلام لنيل مبتغاه ...
فليس الحقّ يدور مدار هذا السيد أو ذاك أو القائد الفلاني والزعيم العلاّني، فإنّ تأطير الحقّ بعِظَمِ الزعامة إخراج له عن مساره الصحيح وخلاف الضرورة في شرائع المرسَلين.
*التنبيه الرّابع: على القارئ أنْ يعلَم أنّ الحقّ لا يُعْرَف بالرِّجال وإنما يُعْرَفُ الرِّجال بالحقّ، كما قال الإمام (عليه السَّلام): "إعرِف الحقَّ تعرف أهله"، ولا يمكنكَ أنْ تعرف الحقَّ إذا لم تسأل وتبحث عن الحقّ ]فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[، أمّا إذا منعَكَ أولياء نعمتكَ السياسيين أو الدينيين المتسلِّطين من أنْ تعرف معالم دينك من غير جهتهم فتكون قد حبَسْتَ نفسكَ في سجن عصبيتكَ وحميّتكَ الحزبية، وهو أمرٌ ستُحَاسَب عليه ]يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ[ [عبس:34ــ37].
*التنبيه الخامس: سوف نطال غداً يوم القيامة كلَّ سابٍّ وشاتمٍ ولاعنٍ ومهدِّدٍ لي بالقتل لأنني إنتقدتُ زعامتهم وسلطتهم، واعلموا أنّ سبّكم ولعنكم لي حرامٌ ستعَذَّبون عليه؛ لأنني ما أردتً إلاّ الإصلاح في هذه الأمّة المنكوسة، وجرمي أنني قلتُ الحقَّ وانتقدتُ الباطلَ، كما كان الإمام الحسين (عليه السَّلام) جرمه أنّه قال الحق فكان مصيره القتل؛ لأنه وقف في وجه الباطل، وقد قال (عليه السَّلام): ((ما خرجتُ أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمتي جدّي، أريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...))، وإنْ أبيتم إلاّ سبّي ولعني فإنهما لي زكاةٌ، ولكم يوم القيامة عذابٌ وعقاب، ويوم يقوم الأشهاد، ولي أسوة بأمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) الذي سبَّهٌ بنو أميّة ثمانين عاماً على رؤوس المنابر قبل الآذان والجمعات بسبب تجاهره بالحقّ، فلا تكونوا كبني أميّة همّهم السبُّ واللعن والقتل لكلّ مَن ناواهم أو خطّأ أفعالهم.
*التنبيه السّادس: على القارئ أنْ يخاف الله تعالى في كلّ كلمةٍ يتفوّه بها لا ترضي ربّه؛ لأنّ عدم الخوف يجرّ بالمرء إلى التمادي في غيّه وضلاله، لذا على المرء أنْ يتحلّى بالصبر والورع، وليخشَ ربّه في كلّ كلمة أو فعلٍ يصدران منه بعد قر اءة مقالتي هذه؛ لأنّه مسؤول عن كلّ ذلك ]وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً[ [الكهف:49].
وإذا كنت أخي القارىء لا تخاف المعاد فأين شهامتك العربية كما قال إمامنا الحسين عليه السلام لجيش عمر بن سعد يوم كربلاء ...
*التنبيه السّابع: إنّ كلّ ما كتبتُه لم يكن منافسةً مِنّا في سلطان، ولا التماس شيءٍ من فضول الحطام، ولكن ــ والله يشهد ــ لنردّ المعالم من هذا الدِّين، ونظهر كلمةَ الحق والهدى بين العباد، وهي أمانةٌ في أعناقنا؛ لنبلِّغَها لكافّة الناس، ولنلقي الحجّة على المتحزِّبين،ليحيى من حيى عن بينّة ويهلك من هلك عن بينّة .
***
عَودٌ على بدء: ماهيّة مقالتي تتناول الإشكالات على كلام أخينا الأمين العام للحزب، لعلّه يستفيد منها في المستقبل القريب، وإنْ كنتُ أميل إلى أنّه لن يصغي إلى كلامي أصلاً، فغايتنا إبلاغ الحجّة وتقويم ما إعوجّ، ]فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ[ .... أقول والله عزّ اسمه عوني : إنّ أبشع وصفٍ يمكن أنْ نلصقه بشعبٍ أو أُمّةٍ هو وصف الإستحمار على وزن "استفعال"، وهو مبالغة في الحماريّة والإستغباء لكونه ــ أي الغباء ــ من اللوازم الذاتية للحمار، وما يجري اليوم ليس إستغباءً واستحماراً فحسب، بل هو ارتكاس وانتكاس للعقل البشري إلى أسفل درك من الخِسّة والوضاعة... ولقد وصلت الأمور عند الأكثرية الشيعية في لبنان وبعض مناطق العالَم إلى حدّ الدّناءة والسفاهة جرّاء انجرارها وراء تيارات حزبيّة، لا سيّما تلك التي تموّلها القومية الإيرانية لأجل مصالحها وليس لأجل الدين، بغية تأسيس القاعدة الصلبة التي من خلالها تقف تلك القومية على أرجل أعوانها لتحقيق مكاسبها السياسية ومشاريعها الأصوليّة والوصولية والشمولية .... وفي طليعة هذه التيارات حزب الله اللبناني الذي ما فتئ يلهج بذِكْرِ إيران ويسبّح بحمدها ويدعو أتباعه ومَن يلوذ بماله وسلطانه من فلول الأحزاب الأخرى إلى أنْ يكونوا الأداة الطيِّعة للأمين العام للحزب، الذي يتلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم من أجل حطام زائف، والناس على طبيعتها لا تصفِّق إلاّ لِمَن رخّص لها الآخرة، ورغَّبَها بالدنيا، ولولا الوعود بالعطاء لَمَا رأينا أحداً يلوذ برَكْبِهِ ويتمسّح بسَرْجِهِ ويفدِّي نفسَه لنعلَيْهِ، من هنا قال زعيم الحزب: ((مَن يريد جاهاً نعطيه الجاه، ومَن يريد المال نعطيه مالاً))... نعم، كلٌّ بحسب الطَّلَب؛ لأنّ كلّ شيءٍ متوفر لدى الحزب: المال والجاه والعزّ والحياة والموت ووو...
إنّ خطاب زعيم الحزب ( وتاليه نائبه الشيخ قاسم ) في كلّ مرّة يكون خطاباً تحريضيّاً ولا مرة سمعناه يخطب بروية ورزانة وهدوء ونحن نأسف لرجل دِينٍ لا يعرف الهدوء في الخطابة مع أنّه يعلم أنّ ذلك مطلوب شرعاً وعقلاً وتأمر به قواعد الخطابة الناجحة ،كما نأسف له أنْ يستثير عواطف الناس لأجل مصالح حزبه وتثبيت قواعده وجماهيره من كل الأصناف والبضائع ... هذه الجموع التي سكر عليها قادة الحزب وكأنها المدخل إلى الجَنَّة ويتشدقون ويتباهون بأنّهم الأكثرية الشعبية، مع أنّ القرآن الكريم ذمّ الأكثريّة ونعتها بالفسق والجهل وعدم الشكر،كقوله تعالى :[ منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ] [ يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ] [ ولكنّ أكثرهم يجهلون ] [ ولا تجد أكثرهم شاكرين ] [ وما وجدنا لأكثرهم من عهد ] [ بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ] [وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ وهم مشركون ] [ وأكثرهم الكافرون ] والآيات بالعشرات تذم الأكثرية فكيف يتمسك بالأكثرية زعيم الحزب وهي أمام ناظريه في القرآن العظيم ؟؟!! يظهر أنّ السياسة لم تدع له مجالاً لقراءة القرآن ...و أريد أنْ أسأل زعيم الحزب: هل أنّ الذين أمطروا السّماء بالرّصاص وملؤوا النفوس رعباً، وذهب ضحية ذلك جرحى وقتيل في إحدى إطلالاتك التلفزيونية وقلدك في ذلك نبيه بري وأنصاره مع أنّهم لم يكونوا هكذا من قبل ، هل هؤلاء هم أشرف الناس وأطهر الناس؟ وهل أنّ الذين يرقصون على نغمات الموسيقى ــ التي حللتموها لهم ــ يلوِّحون بالأعلام، تأخذهم نشوة النصر والفرح والطرب هم أشرف من العبّاد الزهّاد الأتقياء؟! وهل التقوى والجهاد في سبيل الله يأمران بإرعاب الناس والإضرار بهم لأجل خطابكَ يا سماحة الأمين العام؟!!! وكيف تسمح لأتباعكَ ولغير أتباعكَ ممّن يقبِّلون نعلَيْكَ ويفدونها بأنفسهم أنْ يضرّوا الناسَ ،وقد روي عن الرسول الأكرم قوله :[ لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ] ؟!!! وإذا كانت المحبّة تغلبهم فأي إطاعة لكَ حينئذٍ، والمحبّ لِمَن أحبَّ مطيع؟!!! فإذا لم يطيعوك في نهيك لهم عن إطلاق الرصاص فهذا دليل على أنهم لم يحبُّوك بل يتمسّحون بدعوى المحبّة؛ ليبرِّروا شرورهم ونزواتهم، وأنتَ قد ساعدتهم على ذلك؛ لأن مَن لم يكن قادراً على ضبط رقعة جغرافية صغيرة من لبنان ــ عنيتُ الضاحية الجنوبية ــ كيف يمكن أن يكون داعية إلى الحق على مساحة كلّ الوطن ؟ لا سيما وأنّ المطلقين للرصاص هم أتباعك ومحبوك ولا أحد يقدر على مخالفتك لأنّك تمسك بمفاصل الحياة في الضاحية الضحية لحزبك وأزلامك الذين لا يتورعون عن قتل كلّ من ناواك أو جرح خاطرك الشريف فصارت الغيرة عليك أهم وأعظم من الغيرة على الله تعالى وحججه الطاهرين ،فلو أنّ أحداً سبّك إستباحوا دمه في حين يسب الله عزّ ذكره وانبياءه وأولياءه المعصومين ولا واحد منهم يتحرك ليزيل منكراً أو يغار على ربّ العزة ... ونحن نسأل : كيف أمكنك ضبط حدود بكاملها مع العدوّ الصهيوني في الجنوب، حيث لم يجرؤ أحد على إطلاق رصاصة على جندي إسرائيلي وراء السياج،ولم تتمكن من ضبط أطرك وعبيدك كلما تطل على قناة فضائية ؟؟! اللهمّ إلاّ إذا كان ثمّة شيء لا نعرفه، ووراء الأكمة ما وراءها.
أؤكّد القول بأنّ الإستحمار يكون بأنْ يَقْبَلَ المرءُ كلَّ ما يُطرَح عليه دون تمييز ولا تمحيص، وعكسه النباهة وتعني الفطنة والحذاقة والإنتباه، وما نراه اليوم عند أكثر الناس هو غلبة الإستحمار عليهم والغفلة عن الحق والحقيقة والدار الآخرة... لا نباهة لهذه الجموع التي جَعَلتْ غيرها يفكّر عنها، ووضعَتْ عقلَها في كفّ مَن يقودها، وكأنّ الله تعالى لم يكرِمْها بحرية الإختيار... إنّ هذه الجموع التي تصفِّق لكلّ مَن وعدها بمنصب أو وظيفة أو راتب شهري أو مساعَدَة ماليّة لا خير فيها ولا تملك شيئاً من النباهة والشهامة وهي لا تستقيم حتى تعلوها يدٌ قويّة من عالَم الغيب، تحمل سوطاً قاسٍ يظلّلها فيهزّها من سباتها العميق الذي ما زال يدور بها ولم تشعر بما مضى من الزمان وما فات من العمر وكم بقي لها منه،ولم تبالِ بما سيؤول إليه أمرها في حفرتها الجاهزة في مقبرتها... لقد ضيّع هؤلاء الناس النِّعَم والقيم والكمالات لانشغالهم بالسفاسف والقذارات السياسية التي لطَّخَتْ نفوسَهم وأرواحهم وأفكارهم، فباتوا سكارى الحياة، وسكارى قادة الأحزاب الذين يمنّونهم بالوعود الزائفة واللذائذ النتنة... الأمّة التي تعيش لتأكل وتأكل لتعيش فقط ولا شغل لها سوى الدوران نحو الطعام وتأمين المسكن والوظيفة دون أنْ تنظر إلى القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة هي أمّة مستهلِكة، لا تنتج إلاّ الكسالى والفسقة الذين لا يعرفون أيّ معنى للفضيلة والقيم، والشاهد على ذلك ما نراه في الضاحية عند كلّ خطاب لزعيم حزبها أو رئيس حركتها لا تسمع سوى صوت الرّصاص، فلا يصغون لخطاب زعيمهم بمقدار ما تحرّكهم عواطفهم التي لا تبتني على دين أو عقل أو مبدأ خُلُقي... إنهم آليّون مسَيَّرون نحو بنادقهم ورشّاشاتهم بمرأى من حكومتنا الموقَّرة الحاضرة الغائبة... الحاضرة بلباس شرطتها وعسكرها، والغائبة ببسط أمنها... وا ويلاه... وا أسفاه من هكذا حكومات ومن هكذا شعب...!!! فالمستضعف من لا تدعمه الأحزاب ولا تنصره شرطة او قوة ،هذا هو حال المواطن في لبنان ،محروم من الأمن والأمان والكرامة حتى ممن يدّعي أنّه راعٍ لأمة الإسلام .. إنّ من يحكم لبنان هو عصابات عسكرية لا غير، المنتقد لهم في خانة العملاء، فالحقّ عندهم بمقدار ما يكون مدعوماً بموافقة زعيمها وقائدها، ولا شيء أكثر من ذلك!!! هذه الجموع تحمل غروراً عظيماً في عقولها، وزهواً في نفوسها يمنعها من التفكير والعقلانية، لقد ظَنَّتْ أنها ستكتسح العالَم الغربي بقبضاتها الحديدية المهترئة وبمدفعها الصغير وصاروخها الرجراج الذي صنعه لها بسطاء من ذاك العالم الذي يريدون إفناءه عن الخريطة العالمية.
يا للغرور... يا لسخافة العقول... أيها اللاهثون وراء المصالح الشخصية والنزوات الآنية: إتعظوا بموتاكم، وفكِّروا بمصائركم يوم تُسأَلون، وعلى الحساب تُعرَضُون، وإنْ كنتم لم تتعظوا بعد حرب تموز، حيث أقمتم الحفلات الموسيقية على العمارات المدمَّرة وتحتها جثث مهترئة لمن كانوا من أشرف الناس عندكم... فبدلاً من أنْ تقيموا لهم مجلس عزاء يذهب ثوابُه لأرواحهم وتبكون عليهم لكونهم أحبّائكم ،لكنّكم فرحتم للنصر الإلهي ،ألم ينتصر رسول الإسلام بمعارك متعددة ؟ فلمَ لم يفرح كما تفرحون ، ولمَ لم يستمع للموسيقى كما تسمرون على انغامها أيها الغافلون ؟؟!!لقد بكى رسول الله على إبنه إبراهيم وربائبه أمّ كلثوم ورقيّة وعمّه أسد الله حمزة بن عبد المطلب وعثمان بن مظعون (صلوات الله عليهم)؛ أقمتم الحفلات الموسيقيّة احتفاءً بالنصر تقليداً لغير المسلمين والملتزمين ممّن يعبِّر عن فرحه بالموسيقى والرقص، كيف ذلك وأنتم أمّة حزب الله !! ومَن ينتسب إلى الله يُفرَض عليه أنْ يلهج لسانه بذكر الله تعالى… وتلهج يده بالصّلاة وجبينه بالسجود وركبتاه بالرّكوع وأذنه بسماع مجالس العزاء وآيات القرآن والكلمة الطيِّبة، لا أنْ يستعيض عن كلّ ذلكّ بالموسيقى والغناء والرقص على أنغامها والتلويح بأعلامها، ما هكذا تكون أمّة حزب الله التي تكلّم عنها القرآن!! أمّة حزب الله هم الأتقياء من شيعة أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) والذين وصفهم بقوله (عليه السَّلام): ((ذبل الشفاه من الذِّكر، رمش العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين))، هؤلاء هم أمّة حزب الله، لا الذين يسكرون على نغمات الموسيقى وحفلات الغناء التي هي من أعظم المحرَّمات عند الله تعالى، ولا الذين يسبّون ويشتمون ويتوعدون بالويل والثبور لكلّ ناقدٍ ومصلح،ولا الذين يقطعون أرزاق الناس بنصب الخيام في وسط بيروت ويحرقون الدواليب والسيارات ويعتدون على الممتلكات العامة والخاصة ولا الذين يتصارخون ويتهارشون على الطرقات والمنابر لشق الصفوف وإثارة الفتنة والضغينة والعصبية والحمية لاجل مآربهم السياسية بغطاء ديني ووطني دفاعاً عن المقاومة ...كفى إستغلالاً للمقاومة ولمن قضى في سبيلها ..!!إنّه إستغلالٌ لأهل الجنوب الذين عانوا الأمَرين من المنظمات الفلسطينية سابقاً كما يعانون منكم يا حماة إيران اليوم ...
نحن عندما ننتقد بعض الزعماء فإنّ ذلك ليس من باب التشفي أو الغيرة أو الحسد؛ لأننا من قومٍ لا يغارون ولا يحسدون ولله الحمد، ولا نرى شيئاً من آثار النعمة على مَن ننتقد حتى نغبطه فضلاً عن أن نحسده عليها، وإنما ننتقد تقويماً للأخطاء وترشيداً للأذهان وحجةً على العباد، وعلى هؤلاء أنْ يشكرونا لا أنْ يلعنونا ويشتمونا عبر فساقهم؛ لأنّ المرء لا يرى صورته الحقيقية نصب عينيه حتى ولو وقف عشر مرات يومياً أمام المرآة، لأنّ المعرفة نفسية وليست صورية، ومَن عَرَّفَكَ نفسَكَ فقد استخرَجَكَ من ظلمتكَ؛ قال الإمام عليّ (عليه السَّلام): ((صديقكَ مَن حَذَّرَكَ، وعدوّكَ مَن أغراكَ))، فمَن بصَّرَكَ بنفسكَ وأراكَ عيوبَكَ استخرجكَ من ذاتكَ ليلفتَ انتباهَكَ إلى قَدْرِكَ وقيمتكَ وواقعكَ، إنّ قيمة كلّ امرئ ما يحسنه؛ وفي الحديث: ((المؤمن مرآة أخيه المؤمن))، وعن الإمام الصّادق (عليه السَّلام) أنّه قال: ((عليكم بالنصح لله في خلقه، فلم تلقاه بعمل أفضل منه))، وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ((لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه)).
وثمة إشكالات كثيرة على زعيم الحزب لكني أذكر منها إثنتين :
الأولى : الإنتقام لعماد مغنية ....
الثانية : الحرب المفتوحة ...
أما الإنتقام فلا يكون بالخطابات الرنانة ولا بالتصاريح الهدامة التي لا تبقي ولا تذر بل تحرق الأخضر واليابس ،فلا طاقة للشيعة ولا لبقية المواطنين من الآثار المترتبة على خطاباتك النارية التي ستقضي على الشيعة برمتهم إذا بقوا صامتين خائفين من سطوتك وبطشك وقوتك ، وهل يجوز لأجل فردٍ إيقاع الشيعة في الضرر والهلاك أم أن المسألة أعظم من موت مغنية أردتم أن يكون مغنية الواجهة لها ؟ فقد ذهب إلى ربه إن صح ما تدّعون أنّه قُتل وأنتم ستُذهِبون بالشيعة والوطن إلى المقابر من أجل تحرير القدس حسبما تزعمون ،وهل يُضحى بالكل من أجل الجزء يا سماحة الامين على شباب الحزب ؟؟ وهل تستحق غزة كل هذا الحشد والضجيج والصراخ من حنجرة السيد حسن والشيخ نعيم ولا يستحقه مقام الإمامين العسكريين عليهما السلام حينما هدم مقامهما في سامراء وانتهكت أعراض شيعتهما في العراق على أيدي عصابات الحقد والتكفير ؟؟! ألا يستحق شيعة العراق وكذلك المقامات والبقيع الحزين في الحجاز تظاهرةً وصرخةً وإستنكاراً منكم ومن الجمهورية الإيرانية يا قادة حزب الله في لبنان ؟؟! أم أن الأمر لا يعنيكم لأنّكم وجِدتم لأجل نصرة الجهاد الإسلامي و حماس ومؤسسها أبو يزيد أحمد ياسين الذي كان يوزّع الكراسات التكفيرية ضد الشيعة !!! لا عجب أن يصدر ذلك منكم بعد أن كنتم منهم وما زلتم مذ كانت الأحزاب والمنظمات الفلسطينية في أوج عظمتها وعزّها ،فهذا الشبل من ذاك الأسد المتوحش ،ومن أشبه أباه فما ظُلم ،وكلّ إناءٍ بما فيه ينضح !!!
وأما الحرب المفتوحة : فلمَ لا تكون في الجولان أو في إيران يا سماحة الأمين العام ؟؟!!! وهل كُتب على لبنان أن يكون دائماً ساحةً مفتوحةً للحروب والمآسي والكوارث والكروب ؟ وهل كتب على الشيعة والجنوبيين أن يحملوا وزر فاتورة حروب الآخرين في وطنهم الذي لا ملجأ لهم غيره !!؟
وقبل أن تنطلق بحربٍ مفتوحة داخلية وخارجية ، عليك أن تنظر إلى مصالح الشيعة في لبنان وخارجه فهل تتكفل بأرزاقهم إذا هجّروا من بلاد الغربة يا سماحة الامين والمؤتمن ؟؟! نعم لقد نسيتُ أنّك تنثر المال نثراً على رؤوس الملبين لك كما يلبون لله تعالى في الحج [ لبيك يا نصر الله ] مع أنّ التلبية لا تكون إلاّ لله وللمعصوم عليه السلام..نعم نسيتُ مرّة ً أخرى أنّكم معشر ولاية الفقيه تستبيحون كلّ ما للمعصوم فتجعلونه لكم ،فمقاماته عليه السلام وألقابه صارت جزءاً من كيانكم ،فلقب الإمام وولي أمر المسلمين وشمس الضحى وقائد الغر المحجلين والميامين....لم تعد خاصة بأئمتنا عليهم السلام بمقدار ما هي ألقاب واجبة لقادتكم ،حتى صار السذج من أتباعكم يعتقد أنّ الأئمة أكثر من المنصوص عليهم في الأخبار بل الأمر أدهى وأمرّ حيث بات أكثر جهالكم يعتقدون أنّ السيد نصرالله هو الإمام المهدي عجل الله تعالى له الفرج والمخرج ...وا إسلاماه وا محمداه وا علياه وا فاطمتاه وا حسناه وا حسيناه ..؟؟!!!!
ليت شعري الى متى سيبقى هذا الإستخفاف بعقول أكثر شيعة اليوم حيث تسيّرهم أحزابٌ وتنظيمات يسارية تتلطى بشعارات الإسلام وتتمسح بأثوابه !! وإذا بقي الجهل مسيطراً على العقول فلن تقوم للوطن قائمة ولن ينعم الشيعةُ على وجه الخصوص بالطمأنينة والإستقرار لأنّ من وضع مصيره بقرار زعماء الحرب من ساسة الشيعة الذين أُتخموا هم وأولادهم ونساؤهم وأزلامهم بوفور المال والجاه والسلطان حتى صار الواحد منهم كقارون إستهوته النعمة فطغى وتجبر على كلّ من لم يكن من حزبه أو لم يلتحق بركبه ويتمسح بسرجه ...
لقد هزُلت حتى بدا من هزالها كُلاها وحتى سامها كلُّ مفلس
وفي الختام : أنصح شيعة الأحزاب الذين يصفقون لكلّ منعمٍ عليهم بالدينار والدرهم أن يرجعوا إلى ضمائرهم وإلى رشدهم وليتذكروا الآخرة وعذابها ،وليستعملوا عقولهم ويكونوا من أهل المنطق والدراية ولا يكونوا كالنطيحة والمتردية من البقر والماعز حيث يضعون عقولهم في قبضاتهم وعصيهم ورشاشاتهم ليظلموا من خالفهم في رأي أو فعلٍ ،فإنّ ذلك من الظلم الذي يدخل صاحبه إلى النار إلاّ إذا تاب وأدى الحقوق إلى أصحابها ،سأل شيخ الإمامَ الباقر عليه السلام فقال له ( إنّي لم أزل والياً منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا فهل لي من توبة ؟ قال : فسكت ثمّ أعدت عليه فقال :لا حتى تؤدي إلى كلّ ذي حقٍ حقه ) . وا ويلاه من أمة تظلم اليوم أبناء وطنها وجلدتها وهي معتقدة ٌ أنّ هذا من الدين ،وقد جهلوا أنّ هذا من الشرك الذي نهى الله تعالى عنه ،قال الإمام الباقر عليه السلام : [أدنى الشرك من قال للنواة أنّها حصاة وللحصاة أنّها نواة ثمّ دان به ] وعن الإمام الرضا عليه السلام قال :[ أدنى الشرك ان يبتدع الرجل رأياً فيحب عليه ويبغض ] .
أليس واقع شيعة الأحزاب اليوم هو ما قاله الإمامان الصادق والرضا عليهما السلام ؟؟ نعم إنّهم ولايتيون يعبدون زعيم حزبهم ويفدون أنفسهم لنعليه ،ولا غرابة في ذلك فإنّ الطيور على أشكالها تقع وكل إناء بما فيه ينضح !!
ولا أتمنى من أكثر هؤلاء الشكر والثناء بل إنّي على يقين أنّ سيلاً من الشتائم واللعن والتهديد بالقتل سينهال عليّ مرةً أخرى ولكني أحتسب ذلك ذخراً لي عند الله عزّ ذكره ،ولي برسول الله والإمام علي وسيدة النساء عليهم السلام أُسوة حسنة ،وإن سببتموني فإنّه لي زكاة وسيرتد عليكم يوم القيامة عذاباً وإن أبحتم دمي فإني أرجو الفوز عنده على أيدي أرذل خلقه وأفوز عند من لا يترك مظلوماً إفترسه ظالم وإن نالني أذىً منكم فسوف يثأر لي من لا أجد ناصراً عليه إلاّ الله تعالى ..أقول هذا لأنّ تهديدكم المكرر قد وصلني ولن أخافكم لعلمي بأنّ الله بيده مقادير الأمور ولا تضيع عنده الحقوق ،وما كلامي سوى حجة عليكم حتى لا تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين ..
وأنصح قادة الحزب ومن يلوذ بركبهم من الشيعة أن يتقوا الله تعالى في الدماء والبلاد ،ويخافوا المصير الذي سيلاقونه يوم القيامة إذا استمروا في سياساتهم وتعنتهم لأجل مصالح دنيوية ،وهل يجوز أن تضحوا بالشيعة من أجل ذلك يا أمناء على الدماء والفروج .... ؟ وما حماس بعض الجنوبيين والبقاعيين لكم إلاّ طمعاً بأموالكم،ولا عجب في ذلك بعد أن أعمى عيونهم وبصائرهم حب الدينار والدرهم وهي سنّةٌ لم تخلُ منها أمّةٌ على طول خط الزمن ،فها هم أئمتنا عليهم السلام قد عانوا الأمَرين من أمثال هكذا شيعة لأنّهم عليهم السلام لم ينثروا المال على أتباعهم ولم يرخّصوا لهم المحرمات ، فشيعة اليوم إلاّ من رحم ربي وقليل ما هم صاروا عبيداً لمن خافوه أو رجوه ..وصدق عليهم ما قاله أمير المؤمنين علي عليه السلام واصفاً هؤلاء بقوله :[ يرجو الله في الكبير ويرجو العباد في الصغير فيعطي العبد ما لا يعطي الرب ! …وكذلك إن هو خاف عبداً من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربّه فجعل خوفه من العباد نقداً وخوفه من الله ضماراً ووعداً وكذلك من عظمت الدنيا في عينه وكبر موقعها من قلبه آثرها على الله تعالى فانقطع إليها وصار عبداً لها ] نعم سيدي صاروا عبيداً للسيد حسن ولنعيم قاسم لما يملكان من أموالٍ ومناصب ..فالمحروم من حُرم من عطائهما !!!فالخزي على هكذا شيعة همهم بطونهم وقبلتهم نساؤهم ودينهم دينارهم ..!!إنّ أمثال هؤلاء هم من قتل الإمام الحسين في كربلاء ، وهم من كان السبب في غيبة الإمام المهدي روحي لتراب نعليه الفداء ،وهؤلاء أشدّ خطراً على الإسلام من جيش يزيد بن معاوية كما أشارت إلى ذلك بعض الأخبار الشريفة ..
وأوجه ندائي إلى العلماء والمثقفين.. وعلى وجه الخصوص من لا يتوافق مع الأحزاب : فأقول لهم أنّكم مسؤولون غداً عن سكوتكم بحجة التقية والمداراة وعدم الإنجرار في الفتنة ألا في الفتنة سقطتم لأنّكم رأيتم المنكر ولم تنكروه إغتراراً وأماني كأماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزى به ..إنّها الدنيا التي سعيتم إليها .. إنّها دار ممركم فلا تجعلوها دار مقركم ...إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينقصان عمراً ولا يقللان رزقاً حسبما جاء ذلك عن الإمام علي عليه السلام فما بالكم تنامون عن وظائفكم فأنتم مسؤولون عن الضعفاء وعلى الأقل عن نصرة الحق والمظلوم ولو كان سندياً أو بوذياً ..وأرجو أن لا ينطبق عليكم ما ورد عن الرسول الأعظم حيث قال :[ كيف بكم إذا صار المنكر معروفاً والمعروف منكراً ..قيل له أيكون ذلك يا رسول الله !قال بلى كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ..!] نعم صار من يأمر بالمعروف بنظر أكثركم خارجاً عن جادة الصواب ومفرّقاً لجماعة المسلمين ..ألا تخافون ايها العلماء من سطوة الجبار بوقوفكم بوجه من نذر نفسه لله الواحد القهار وكان همه بسط السلام على الأخيار..!!!ما هكذا الظن بكم ولا المعروف من عندكم .. لا تكونوا كالعوام نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا ...
كلكم تعلمون أنّ الله تعالى ذكره عذّب قومَ النبي شعيب ومقدارهم مئة ألفٍ ،ستون ألفاً من الأخيار وأربعين ألفاً من الأشرار ولمّا سأل ربّه عن سبب ذلك ،كان جواب الله له أنّ الستين ألفاً شملهم العذاب أيضاً لأنّهم داهنوا أهل المعاصي ..اللهم إلا إذا كنتم جاهلين بالجهل المركب فركبتم مقدمات خسيسة لرغبتكم بالحياة الدنيا لكنّها لن تدوم لكم وسوف تنزلون إلى حفركم وهناك الطامة الكبرى يوم لا تغني عنكم كثرتكم ولا من كنتم تسكتون عن منكراته طمعاً بالحطام وخسيس عيش ٍيكون حسرةً عليكم يوم العرض الأكبر ..وصدق ما جاء عن المظلوم سيد الشهداء عليه السلام حينما قال :[ الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون ] ..ودعوى أنّ سكوتكم للتقية أو المداراة مردودة عليكم لأنّ التقية والمداراة إنّما يسوغان شرعاً وعقلاً ما دام لم يسفك الدم ، فإذا سُفك فلا تقية كما ورد عن أئمتنا عليهم السلام ،والعجب منكم كيف تعملون بالتقية في مورد ليس من مصاديقها في حين أنّ السيد الخميني شرّع لأتباعه في لبنان عدم التقية بقوله لهم : لا تقية بعد اليوم .
فهم مخلصون لصاحبهم وأنتم غير أوفياء لصاحب نعمتكم وولي أمركم الإمام المهدي عليه السلام فحاموا عن دينه يا من تتنعمون بأمواله وتحيون ببركة وجوده الأقدس ،فما هو جوابكم عندما يسألكم عن تقصيركم في إبلاغ الحجة وسلوك المحجة ..!!!!!
كما أنني أوّجه نداءً للسلطة بأنّ عليها أن تخفف الأعباء عن المواطنين الذين أُثقلوا بالضرائب الباهظة وعدم بسط الأمن في مناطق لبنانية تحكمها أحزاب ومنظمات لا ترحم إلا أتباعها ،فإنّ الدولة إذا لم تفعل ذلك فإنّها تساهم بسيطرة الأحزاب لتدب الفوضى في البلاد ..فالسلطة قد ساهمت في إستبداد الحزب بعامة الشيعة حيث كرّست فئةً خاصة من الشيعة للإمساك بالقرار الشيعي ولم تسمح لغيره بمشاركة سياسية وإجتماعية من خلال مؤسسات الدولة ..فصرنا نحن المستضعفون من كل الطوائف فريسة الدولة والأحزاب السياسية التي لا يهمها إلاّ الوصول إلى سدة الحكم وتوزيع الحصص فيما بينها ..
وأما ندائي للحزب فهو أن يفكر بمصلحة الشيعة اللبنانيين خصوصاً والوطن عموماً ،فإذا أُفلتم من الحساب في دنياكم فلن تفلتوا منه في أُخراكم ..فاعملوا ما شئتم فإنّكم ستحاسبون عن كل صغيرة وكبيرة..فأنتم لستم مفوضين عن الشيعة ولا نرضى أن تكونوا كذلك ...وإذا كان أهل الجنوب راضين بكل قراراتكم فلِمَ لا نستفتيهم من جديد فيما إذا كانوا راضين بتدمير بيوتهم وتشريدهم مرةً أُخرى من أجل الحسم الآلهي كما وعد السيد نصر الله؟؟ فحرب تموز كان وعداً إلهياً فكان الذي كان فكيف الحال إذا بدأ الحسم الإلهي ..؟؟!! اللهم استر على الوطن من هذا الحسم الموعود .. وإنّي أُحذّر الجنوبيين من مغبة سكوتهم عمّا يجري بإسمهم ولأجل فلسطين وإيران ،وإذا بقوا على هذه الحال فلن يبقى لهم جنوب ولن ترجع للفلسطينيين بلادهم ..فستصبحون كالفلسطينيين مشردين في شرق الارض وغربها ..وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين ...
تعليق