الرد على الشبهة الجديدة
الرد على شبهة توسل عثمان بن حنيف الاعمى بالنبي عليه السلام
الرواية الاولى :
الى حديث الاعمى الذي رواه الترمذي والنسائي : فإن الاعمى قد طلب من النبي عليه السلام ان يدعوا له بان يرد الله عليه بصره فقال : إن شئت صبرت وانشئت دعوت فقال: بل ادعه فأمره ان يتوضا ويصلي ركعتين ويقول: اللهم اني اسلك بنبيك نبي الرحمه يامحمد يارسول الله إني اتوجه بك الى ربي في حاجتي هذه ليقضيها اللهم فشفعه في )
فهذا توسل بدعاء النبي عليه السلام وشفاعته ودعا له النبي عليه السلام ولهذا قال وشفعه في : فسال الله ان يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه.
وفي رواية اخرى رواها البيهقي ذكر في اخرها اللهم فشفعه في وشفعني فيه ، قال : فقام وابصر.
الرواية الثانية :
التي فيها الصحابي عثمان بن حنيف والتي رواها الطبراني في المعجم الصغير وفيها :
ان رجلا جاء كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فلقي عثمان بنحنيف فشكا اليه ذلك فقال له عثمان بنحنيف : أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم اني اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة يامحمد اني اتوجه بك الى ربك عزوجل فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له )
الرد وبالله التوفيق :
قول الاعمى في دعاءه اللهم اني اسالك واتوسل بنبيك محمد انما المراد به اتوسل اليك بدعاء نبيك اي على حذف المضاف وهذا امر معروف في اللغة كقوله تعالى ( واسال القرية التي كنا فيها والعير التي كنا فيها ) اي اهل القرية واصحاب العير ونحن والمخالفون لنا متفقون على ذلك اي على تقدير مضاف محذوف وهو مثل ما راينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس فاما ان يكون تقدير : اني اتوجه إليك بـ ( جاه) نبيك ويا محمد اني توجهت ب (ذات) ك او (مكانت) ك الى ربي كما يزعم المخالف واما ان يكون تقدير اني اتوجه اليك بـ دعاء نبيك ويامحمد اني توجهت بـ (دعاء) ك الى ربي كما هو قولنا ولابد من ترجيح احد التقديرين من دليل يدل عليه فاما تقدير المخالف ( بجاهه) فليس له عليه دليل لا من الحديث ولا من غيره اذ ليس في سياق الكلام ولا سياقه عندهم شي من القران او من السنة او من فعل الصحابة يدل على التوسل بجاه النبي فبقي تقديرهم غير مرجح فقط من الاعتبار اما تقديرنا فيقوم عليه ادلة كثيرة ومنها الاية التي ذكرت قبل قليل.
اما بالنسبة لهذه العبارة التي وردت في الرواية :
((اللهم فشفعه في وشفعني فيه))
فاقول على هذه العبارة ينبني عليها عدة امور :
اولا :انه لوحمل حديث الضرير على ظاهره وهو التوسل بالذات لكان معطلا لقوله فيما بعد ( اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) وهذا لايجوز كما لايخفى فوجب التوفيق بين هذه الجملة والتي قبلها وليس ذلك الا على ماحملناه ان التوسل كان بالدعاء فثبت المراد وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات والحمدلله.
ثانيا: ان في الدعاء الذي علمه الرسول عليه السلام للأعمى ان يقول: (اللهم فشفعه في ) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته او جاهه او حقه اذ ان المعنى : اللهم اقبل شفاعته في ، اي اقبل دعاءه في ان ترد علي بصري والشفاعة لغة الدعاء وهو المراد بالشفاعة الثابته له عليه السلام ولغيره من الانبياء والصاحين يوم القيامه وهذا يتبين ان الشفاعة اخص من الدعاء اذ لاتكون الا اذا كان هناك اثنان احدهما يطلبان امر فيكون احدهما شفيعا للأخر بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره قال في لسان العرب : ( الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسالها لغيره والشافع الطالب لغيره يتشفع به الى المطلوب يقال تشفعت بفلان الى فلان فشفعني فيه )
فثبت بهذا الوجه ايضا ان توسل الاعمى انما كان بدعاء النبي عليه اللسم لابذاته .
ثالثا: ان مما علم النبي الاعمى ان يقول ( وشفعني فيه ) اي اقبل شفاعتي اي دعائي في ان تقبل شفاعته اي دعاءه في ان ترد علي بصري هذا الذي لايمكن ان يفهم من هذه الجملة سواه .
رابعا: نجد ان الاعمى انما طلب من الرسول صلى الله عليه واله وسلم ان يدعوا له لا ان يعلمه دعاء فاذا كان قوله عليه السلام له: وان شئت دعوت ) جوابا على طلبه تعين الدعاء له ولابد وهذا المعنى هو الذي يتفق مع اخر الحديث وهو
( اللهم فشفعه في وشفعني فيه )
خامسا: لو كان قصد الاعمى التوسل بذات النبي او بجاهه او بحقه لما كان ثمة حاجة به الى ان ياتي النبي عليه السلام ويطلب منه الدعاء له بل كان يقعد في بيته ويدعو ربه بان يقول مثلا: اللهم اني اسالك بجاه نبيك ومنزلته عندك ان تشفيني وتجعلني بصيرا) ولكنه لم يفعل ؟ لماذا ؟ لانه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم ويعرف انه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة يذكر فيها اسم المتوسل به بل لابد ان يشتمل على المجيء الى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب واسنة وطلب الدعاء له .
سادسا: ان النبي وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الافضل له وهو قوله: أن شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك ) وهذا الامر الثاني هو كما اشار اليه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى انه قال : اذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ــ اي عينيه ــ فصبر عوضته منهما الجنة )
سابعا: اصرار الاعمى على الدعاء وهو قوله ( فادع) فهذا يقتضي ان الرسول دعا له لانه عليه السلام خير من وفى بما وعد وقد وعده بالدعاء له ان شاء وقد ثبت المراد .
ثامنا: في هذه العبارة( اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) نجد ان شفاعة الرسول صلى الله عليه واله وسلم في الاعمى مفهومه ولكن شفاعة الاعمى في الرسول عليه السلام كيف تكون ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!
اما القول: ان الخصوصية لاتثبت الا بدليل
فاقول وبالله التوفيق: باب الخصوصيات لاتدخل فيه القياسات فإنه وضح ان توسل الاعمى كان بذاته لله فعليه ان يقف عنده ولا يزيد عليه .
اما القول : ان اجابة الدعاء ليست من شروط صحة الدعاء،
فأقول وبالله التوفيق : ليتأمل في كلامي فانا قلت : وقد عمي بعض الصحابه بعد النبي عليه السلام منهم ابن عباس وجابر وكان ابن عباس راغبا في الشفاء فلو كان التوسل بذات النبي مشروعا لتوسل بذاته عليه السلام ولشفي وهو اولى بان يجاب .............
فتامل ايها المخالف هداك الله تعالى فقد ذكرت اولا التوسل بذات النبي ان كنا صحيحا اي فعل التوسل وهو قبل الإجابة فلم يكن تركيزي عليها بقدر ما كان تركيزي عن عدم فعل الصحابه الذين اصابهم العمى بانهم فعلوا ما فعله الاعمى مع الرسول ، وانا لم اقصد الاجابة للدعاء لانه معلوم ان الاجابة بيد الله تعالى اولا واخرا وانا لم اقل ان اجابة الدعاء من شروط صحة الدعاء فتأمل .
اما القول : الترك بمفرده لايدل على التحريمأو الكراهية، وانما يفيد أن المتروك جائز تركه فقط أما التحريم أوالكراهية، فهذا يحتاج لدليل اخر يفيد الحظر
فاقول وبالله التوفيق ك كيف ذلك وان الاصل في العباداتالحظر إلا ان يأتي دليل يجيز ذلك وهذا الذي فهمه صحابة رسول الله بما فيهمعمر وعلي فلم يتوسلوا بذات النبي بعد موته .
اما القول : لو كان الترك يدل على التحريم فانالصحابة قد تركوا التوسل المتفق على جلالته وفضله وهو التوسل باسماء اللهوصفاته وهم مضطرون غاية الاضطرار لحال الشدة والقحط.
فاقول وبالله التوفيق : البترك باسماء الله تعالى واسمائه هو الجواب ولكنلو ان انسان قال يارب اني اتوسل اليك ان ترحمني ،هل يكون ترك امر واجباوفعل محرما لعدم توسله باسماء الله وصفاته ؟؟ بالطبع لا ثم ان توسلالمؤمنين بالعباس اي بدعاء العباس فان العباس من الطبيعي بان يدعوا باسماءالله وتعالى وصفاته وعلى هذا ليس هناك تعارض إذ كان يدعوا وهم يؤمنون . وانت كما قلت ايها المخالف (وهم مضطرون غاية الاضطرار لحال الشدة والقحط ) فبالله عليك من تكون هذه حاله فكيف يعدل عن التوسل بذات النبي الى التوسلبرجل اقل درجه من النبي ؟؟؟ ان هذا لايدل الا على امر واحد فهمه جميعالصحابة وهو جواز التوسل بدعاء الحي وترك التوسل بالميت حتى ولو كان النبيعليه السلام .
اما القول : اما قولك : ان قول عمر وانا نتوسل اليك بعم نبينا لايخرج عن كونه توسل بالنبي صلى الله عليه وآله ....
فاقول وبالله التوفيق : اذا كانت النتيجة واحدة سواء بالنبي او العباس اذن فلماذا يتوسلون بالعباس اما كان يكفيهم ان يتوسلوابالرسول مباشرة دون جعل واسطة وهو العباس ؟؟؟؟؟
ثم اما ماقله العباس في دعائه :
((وقد توجه القوم بي اليك لمكاني من نبيك)).
فاقول وبالله التوفيق : مكانة العباس عند النبي مكانة عظيمة حيث ان العمبمنزلة الوالد ثم ان موت الرسول وهو راض عن عمه بالتالي فيه رضى اللهتعالى فلذلك استسقى عمر بالعباس لهذه المكانة وهذا لا شيء فيه .
والان اخواني بعد انتهيان في نقد الرواية الاولى ، اقوم الان بنقد الرواية الثانية
الرواية الثانية : التي فيها الصحابي عثمان بنحنيفوالتي رواها الطبراني في المعجم الصغير وفيها :
ان رجلا جاء كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فلقي عثمان بنحنيففشكا اليه ذلك فقال له عثمان بنحنيف : أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم اني اسالكواتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة يامحمد اني اتوجه بك الى ربك عزوجلفيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له )
فاقول وبالله التوفيق :
رواية ابن أبي خيثمة للحديث من طريق حماد بن سلمة والقصة المروية عن عثمان بن حنيف ، فاليكم رد سماحة العلامة شيخ الاسلام وامير المؤمنين في الحديث وبخاري هذا العصر سماحة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رجمه الله تعالى رحمة واسعة في كتاب الوسيلة (82) حيث قال : ( فان حماد بن سلمة وان كان من رجال مسلم فهو وبلا شك دون شعبة في الحفظ ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين في كتب القوم فالاول اورده الذهبي في ( الميزان) وهو انما يورد فيه من تكلم فيه ووصفه بانه ( ثقة له اوهام) بينما لم يورد فيه شعبة مطلقا ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل في ترجمة الحافظ لهما فقال في ( التقريب) ( حماد بن سلمة ثقة عابد اثبت الناس في ثابت وتغير حفظه باخره) ثم قال ( شعبة بن الحجاج ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول : امير المؤمنين في الحديث وهو اول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا) .
قلت ــ والكلام للعلامة الألباني ــ اذا تبين لك هذا عرفت ان مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث وزيادته عليه تلك الزيادة غير مقبولة لانها منافية لمن هو اوثق منه بل هي شاذة كما يشير اليه كلام الحافظ ابن حجر في ( نخبة الفكر) حين قال: ولعل حمادا روى هذا الحديث حين تغير حفظه فوقع في الخطأ وكأن الامام احمد اشار الى شذوذ هذه الزيادة فانه اخرج الحديث من طريق مؤمل وهو ابن اسماعيل عن حماد ــ عقب رواية شعبة المتقدمه ــ الا انه لم يسق لفظ الحديث بل احال به على لفظ حديث شعبة فقال : ( ذكر الحديث ) ويحتمل ان الزيادة لم تقع في رواية مؤمل عن حماد لذلك لمن يشر اليها الامام احمد كما هي عادة الحفاظ اذا احالوا في رواية على اخرى بينوا ما في الرواية المحالة من الزيادة على الاولى .
وخلاصة القول : ان الزيادة لاتصح لشذوذها ولو صحت لمتكن دليلا على جواز التوسل بذاته عليه السلام لاحتمال ان يكون معنى قوله : (فافعل ذلك) يعني من اتيانه عليه السلام في حال حياته وطلب الدعاء منه انيتوسل به والتوضوء والصلاة والدعاء الذي علمه رسول ان يدعو به والله اعلم .
اما الزيادة الثانية التي وردت في معجم الطبراني فاليك كذلك كلام العلامة الألباني عليها في كتاب الوسيلة حيث قال رحمه الله تعالى : في صفحة (84) : هذه القصة تفرد بها شبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة في رواية ابن وهب عنه لكن تابعه عنه اسماعيل واحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا اما اسماعيل فلا اعرفه ولم اجد من ذكره ولقد اغفلوه حتى لم يذكروه في الرواة عن ابيه بخلاف اخيه احمد فانه صدوق واما ابوه شبيب فملخص كلامهم فيه : انه ثقة في حفظه ضعف ، الا في رواية ابنه احمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجة فقال الذهبي في الميزان : صدوق يغرب ذكره ابن عدي في (كامله) فقال: ( له نسخة عن يونس بن يزيد مستقيمة ، حدث عنه ابن وهب بمناكير قال ابن المدني : كان يختلف في تجارة الى مصر وكتابه صحيح قد كتبته عن ابن احمد قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم اذا حدث من حفظه وارجوا انه لايتعمد
فاذا حدث عنه ابنه احمد باحاديث يونس فكأنه يونس آخر ، يعني يجود)) انتهى كلامه .
فهذا الكلام يفيد ان شبيبا هذا لابأس بحديثه بشرطين اثنين :
الاول: ان يكون من رواية ابنه احمد عنه والثاني ان يكون من رواية شبيب عن يونس والسبب في ذلك انه اكن عنده كتب يونس بن يزيد كما قال ابن ابي حاتم في (الجرح والتعديل ) عن ابيه (2/1/359) فهو اذا حدث من كتبه هذه اجاد واذا حدث من حفظه وهم كما قال ابن عدي ، وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من (التقريب) : ( لابأس بحديثه من روايةابنه احمد عنه لامن رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه اوهم انه لابأس بحديثه من رواية احمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده ان الحافظ نفسه اشار لهذا القيد فإنه اورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري 133 ثم دفع الطعن عنه ــ بعد ان ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه ــ بقوله : قلت : اخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس احاديث ولم يخرج عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا). فقد اشار رحمه الله بهذا الكلام الى ان الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه احمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته آنفا وعليه يجب ان يحمل كلامه في ( التقريب) توفيقا بين كلاميه ورفعا للتعارض بينهما .
إذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها ثم ظهر لي ـــ والكلام مازال للعلامة الألباني ــ فيها علة اخرى ـ وهو الامر الثانيـ وهي الاختلاف على احمد فيها ، فقد اخرج الحديث ابن السني في ( عمل اليوم والليلة 202) والحاكم (1/526) من ثلاثة طرق عن احمد بن شبيب بدون القصة ، وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم به ، اخرجه الحاكم ، وعون هذا وان كان ضعيفا فروايته اولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد عن ابي جعفر الخطمي .
وخلاصة القول ان القصة ضعيفة منكرة لأمور ثلاثة :
1- ضعف حفظ المتفرد بها.2- الأختلاف عليه فيها.
3- مخالفته للثقات الذين لم يذكروها فى الحديث.
اما من قال ان الطبراني قد صحح هذا الحديث في معجمه الكبير والصغير فالرد على ذلك هو :
اولا : ان الطبراني لم يصحح الحديث في ( الكبير ) بل في ( الصغير) فقط ، وانا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة لا بالواسطة كما يفعل اولئك لقصر باعهم في هذا العلم الشريف .
ثانيا : ان الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة بدليل قوله وقد سبق ( وقد روى الحيث شعبة … والحديث صحيح ) فهذا نص على انه اراد حديث شعبة ، وشعبة لم يرو هذه القصة فلم يصححها إذن الطبراني ، فلا حجة لهم في كلامه .
ثالثا: ان عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصه لم يُعَلِّم ــ بضم الياء وتشديد اللام ــ ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه فانه اسقط منه جملة ( اللهم فشفعه في، وشفعني فيه ) لأنه يفهم بسليقته العربيه ان هذا القول يستلزم ان يكون النبي عليه السلام داعيا لذلك الرجل كما كان داعيا للأعمى ، ولما كان هذا منفيا بالنسبة للرجل ، لميذكر هذه الجملة؟ قال شيخ الاسلام في القاعد الجليلة صفحة (104) : ومعلوم ان الواحد بعد موته عليه السلام إذا قال : اللهم فشعه في وشفعني فيه ــ مع ان النبي لم يدع له ــ كان هذا كلاما باطلا مع ان عثمان بن حنيف لم يأمره ان يسأل النبي عليه السلام شيئا ولا ان يقول : فشفعه في ولم يأمره بالدعاء المأثور على وجهه وانما امره ببعضه وليس هناك من النبي عليه السلام شفاعة , ولا ما يظن انه شفاعة ، فلو قال بعد موته : (فشفعه في ) لكان كلاما لامعنى له ولهذا لم يأمر به عثمان ، والدعاء المأثور عن النبي عليه السلام لم يأمر به والذي امر به ليس مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام ومثل هذا لايثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في حسن العبادات او الاباحات او الايجابات او التحريمات إذ لم يوافقه غيره من الصحابة عليه , وكان ما يثبت عن النبي عليه السلام يخالفه ولايوافقه ، لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الامه ، فيجب رده الى الله والى رسوله .
وهناك امثلة اخرى شاهدة على ذلك مما تفرد بعض الصحابة ولم يتبع عليه مثل إدخال عمر الماء في عينيه في الوضوه ونحو ذلك .
ثم إذا ثبت عن عثمان بن حنيف او غيره انه جعل من المشروع المستحب ان يتوسل بالنبي عليه السلام بعد موته من غير ان يكون النبي عليه السلام داعيا له ولا شافعا فيه فقد علمنا ان عمر واكابر الصحابة ومنهم علي بن ابي طالب لم يروا هذا مشروعا بعد مماته كما كان يشرع في حياته بل كانوا في الاستسقاء في حياته عليه السلام يتوسلون فلما مات لم يتوسلوا به ، فلو كان توسلهم بالنبي عليه السلام بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا: كيف نتوسل بالعباس ويزيد بن الاسود ونجوهما ونعدل عن التوسل بالنبي عليه السلام الذي هو افضل الخلائق وهو افضل الوسائل واعظمها عند الله تعالى ؟؟؟ فلما لم يقل ذلك احد منهم وقد علم انهم في حياته انما توسلوا بدعائه وشفاعته وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره علم ان المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لابذاته)
هذا ، وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الادلة على نكارتها وضعفها وهي ان الخلفية الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه كان لاينظر في حاجة ذلك الرجل ولايلتفت اليه !!! فكيف يتفق هذا مع ماصح عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ان الملائكة تستحي من عثمان ؟؟ ومع ماعرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس وبره بهم ولينه معهم ؟؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه لانه ظلم يتنافى مع شمائله رضي الله عنه وارضاه .
الرد على شبهة توسل عثمان بن حنيف الاعمى بالنبي عليه السلام
الرواية الاولى :
الى حديث الاعمى الذي رواه الترمذي والنسائي : فإن الاعمى قد طلب من النبي عليه السلام ان يدعوا له بان يرد الله عليه بصره فقال : إن شئت صبرت وانشئت دعوت فقال: بل ادعه فأمره ان يتوضا ويصلي ركعتين ويقول: اللهم اني اسلك بنبيك نبي الرحمه يامحمد يارسول الله إني اتوجه بك الى ربي في حاجتي هذه ليقضيها اللهم فشفعه في )
فهذا توسل بدعاء النبي عليه السلام وشفاعته ودعا له النبي عليه السلام ولهذا قال وشفعه في : فسال الله ان يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه.
وفي رواية اخرى رواها البيهقي ذكر في اخرها اللهم فشفعه في وشفعني فيه ، قال : فقام وابصر.
الرواية الثانية :
التي فيها الصحابي عثمان بن حنيف والتي رواها الطبراني في المعجم الصغير وفيها :
ان رجلا جاء كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فلقي عثمان بنحنيف فشكا اليه ذلك فقال له عثمان بنحنيف : أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم اني اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة يامحمد اني اتوجه بك الى ربك عزوجل فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له )
الرد وبالله التوفيق :
قول الاعمى في دعاءه اللهم اني اسالك واتوسل بنبيك محمد انما المراد به اتوسل اليك بدعاء نبيك اي على حذف المضاف وهذا امر معروف في اللغة كقوله تعالى ( واسال القرية التي كنا فيها والعير التي كنا فيها ) اي اهل القرية واصحاب العير ونحن والمخالفون لنا متفقون على ذلك اي على تقدير مضاف محذوف وهو مثل ما راينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس فاما ان يكون تقدير : اني اتوجه إليك بـ ( جاه) نبيك ويا محمد اني توجهت ب (ذات) ك او (مكانت) ك الى ربي كما يزعم المخالف واما ان يكون تقدير اني اتوجه اليك بـ دعاء نبيك ويامحمد اني توجهت بـ (دعاء) ك الى ربي كما هو قولنا ولابد من ترجيح احد التقديرين من دليل يدل عليه فاما تقدير المخالف ( بجاهه) فليس له عليه دليل لا من الحديث ولا من غيره اذ ليس في سياق الكلام ولا سياقه عندهم شي من القران او من السنة او من فعل الصحابة يدل على التوسل بجاه النبي فبقي تقديرهم غير مرجح فقط من الاعتبار اما تقديرنا فيقوم عليه ادلة كثيرة ومنها الاية التي ذكرت قبل قليل.
اما بالنسبة لهذه العبارة التي وردت في الرواية :
((اللهم فشفعه في وشفعني فيه))
فاقول على هذه العبارة ينبني عليها عدة امور :
اولا :انه لوحمل حديث الضرير على ظاهره وهو التوسل بالذات لكان معطلا لقوله فيما بعد ( اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) وهذا لايجوز كما لايخفى فوجب التوفيق بين هذه الجملة والتي قبلها وليس ذلك الا على ماحملناه ان التوسل كان بالدعاء فثبت المراد وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات والحمدلله.
ثانيا: ان في الدعاء الذي علمه الرسول عليه السلام للأعمى ان يقول: (اللهم فشفعه في ) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته او جاهه او حقه اذ ان المعنى : اللهم اقبل شفاعته في ، اي اقبل دعاءه في ان ترد علي بصري والشفاعة لغة الدعاء وهو المراد بالشفاعة الثابته له عليه السلام ولغيره من الانبياء والصاحين يوم القيامه وهذا يتبين ان الشفاعة اخص من الدعاء اذ لاتكون الا اذا كان هناك اثنان احدهما يطلبان امر فيكون احدهما شفيعا للأخر بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره قال في لسان العرب : ( الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسالها لغيره والشافع الطالب لغيره يتشفع به الى المطلوب يقال تشفعت بفلان الى فلان فشفعني فيه )
فثبت بهذا الوجه ايضا ان توسل الاعمى انما كان بدعاء النبي عليه اللسم لابذاته .
ثالثا: ان مما علم النبي الاعمى ان يقول ( وشفعني فيه ) اي اقبل شفاعتي اي دعائي في ان تقبل شفاعته اي دعاءه في ان ترد علي بصري هذا الذي لايمكن ان يفهم من هذه الجملة سواه .
رابعا: نجد ان الاعمى انما طلب من الرسول صلى الله عليه واله وسلم ان يدعوا له لا ان يعلمه دعاء فاذا كان قوله عليه السلام له: وان شئت دعوت ) جوابا على طلبه تعين الدعاء له ولابد وهذا المعنى هو الذي يتفق مع اخر الحديث وهو
( اللهم فشفعه في وشفعني فيه )
خامسا: لو كان قصد الاعمى التوسل بذات النبي او بجاهه او بحقه لما كان ثمة حاجة به الى ان ياتي النبي عليه السلام ويطلب منه الدعاء له بل كان يقعد في بيته ويدعو ربه بان يقول مثلا: اللهم اني اسالك بجاه نبيك ومنزلته عندك ان تشفيني وتجعلني بصيرا) ولكنه لم يفعل ؟ لماذا ؟ لانه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم ويعرف انه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة يذكر فيها اسم المتوسل به بل لابد ان يشتمل على المجيء الى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب واسنة وطلب الدعاء له .
سادسا: ان النبي وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الافضل له وهو قوله: أن شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك ) وهذا الامر الثاني هو كما اشار اليه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى انه قال : اذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ــ اي عينيه ــ فصبر عوضته منهما الجنة )
سابعا: اصرار الاعمى على الدعاء وهو قوله ( فادع) فهذا يقتضي ان الرسول دعا له لانه عليه السلام خير من وفى بما وعد وقد وعده بالدعاء له ان شاء وقد ثبت المراد .
ثامنا: في هذه العبارة( اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) نجد ان شفاعة الرسول صلى الله عليه واله وسلم في الاعمى مفهومه ولكن شفاعة الاعمى في الرسول عليه السلام كيف تكون ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!
اما القول: ان الخصوصية لاتثبت الا بدليل
فاقول وبالله التوفيق: باب الخصوصيات لاتدخل فيه القياسات فإنه وضح ان توسل الاعمى كان بذاته لله فعليه ان يقف عنده ولا يزيد عليه .
اما القول : ان اجابة الدعاء ليست من شروط صحة الدعاء،
فأقول وبالله التوفيق : ليتأمل في كلامي فانا قلت : وقد عمي بعض الصحابه بعد النبي عليه السلام منهم ابن عباس وجابر وكان ابن عباس راغبا في الشفاء فلو كان التوسل بذات النبي مشروعا لتوسل بذاته عليه السلام ولشفي وهو اولى بان يجاب .............
فتامل ايها المخالف هداك الله تعالى فقد ذكرت اولا التوسل بذات النبي ان كنا صحيحا اي فعل التوسل وهو قبل الإجابة فلم يكن تركيزي عليها بقدر ما كان تركيزي عن عدم فعل الصحابه الذين اصابهم العمى بانهم فعلوا ما فعله الاعمى مع الرسول ، وانا لم اقصد الاجابة للدعاء لانه معلوم ان الاجابة بيد الله تعالى اولا واخرا وانا لم اقل ان اجابة الدعاء من شروط صحة الدعاء فتأمل .
اما القول : الترك بمفرده لايدل على التحريمأو الكراهية، وانما يفيد أن المتروك جائز تركه فقط أما التحريم أوالكراهية، فهذا يحتاج لدليل اخر يفيد الحظر
فاقول وبالله التوفيق ك كيف ذلك وان الاصل في العباداتالحظر إلا ان يأتي دليل يجيز ذلك وهذا الذي فهمه صحابة رسول الله بما فيهمعمر وعلي فلم يتوسلوا بذات النبي بعد موته .
اما القول : لو كان الترك يدل على التحريم فانالصحابة قد تركوا التوسل المتفق على جلالته وفضله وهو التوسل باسماء اللهوصفاته وهم مضطرون غاية الاضطرار لحال الشدة والقحط.
فاقول وبالله التوفيق : البترك باسماء الله تعالى واسمائه هو الجواب ولكنلو ان انسان قال يارب اني اتوسل اليك ان ترحمني ،هل يكون ترك امر واجباوفعل محرما لعدم توسله باسماء الله وصفاته ؟؟ بالطبع لا ثم ان توسلالمؤمنين بالعباس اي بدعاء العباس فان العباس من الطبيعي بان يدعوا باسماءالله وتعالى وصفاته وعلى هذا ليس هناك تعارض إذ كان يدعوا وهم يؤمنون . وانت كما قلت ايها المخالف (وهم مضطرون غاية الاضطرار لحال الشدة والقحط ) فبالله عليك من تكون هذه حاله فكيف يعدل عن التوسل بذات النبي الى التوسلبرجل اقل درجه من النبي ؟؟؟ ان هذا لايدل الا على امر واحد فهمه جميعالصحابة وهو جواز التوسل بدعاء الحي وترك التوسل بالميت حتى ولو كان النبيعليه السلام .
اما القول : اما قولك : ان قول عمر وانا نتوسل اليك بعم نبينا لايخرج عن كونه توسل بالنبي صلى الله عليه وآله ....
فاقول وبالله التوفيق : اذا كانت النتيجة واحدة سواء بالنبي او العباس اذن فلماذا يتوسلون بالعباس اما كان يكفيهم ان يتوسلوابالرسول مباشرة دون جعل واسطة وهو العباس ؟؟؟؟؟
ثم اما ماقله العباس في دعائه :
((وقد توجه القوم بي اليك لمكاني من نبيك)).
فاقول وبالله التوفيق : مكانة العباس عند النبي مكانة عظيمة حيث ان العمبمنزلة الوالد ثم ان موت الرسول وهو راض عن عمه بالتالي فيه رضى اللهتعالى فلذلك استسقى عمر بالعباس لهذه المكانة وهذا لا شيء فيه .
والان اخواني بعد انتهيان في نقد الرواية الاولى ، اقوم الان بنقد الرواية الثانية
الرواية الثانية : التي فيها الصحابي عثمان بنحنيفوالتي رواها الطبراني في المعجم الصغير وفيها :
ان رجلا جاء كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فلقي عثمان بنحنيففشكا اليه ذلك فقال له عثمان بنحنيف : أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم اني اسالكواتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة يامحمد اني اتوجه بك الى ربك عزوجلفيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له )
فاقول وبالله التوفيق :
رواية ابن أبي خيثمة للحديث من طريق حماد بن سلمة والقصة المروية عن عثمان بن حنيف ، فاليكم رد سماحة العلامة شيخ الاسلام وامير المؤمنين في الحديث وبخاري هذا العصر سماحة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رجمه الله تعالى رحمة واسعة في كتاب الوسيلة (82) حيث قال : ( فان حماد بن سلمة وان كان من رجال مسلم فهو وبلا شك دون شعبة في الحفظ ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين في كتب القوم فالاول اورده الذهبي في ( الميزان) وهو انما يورد فيه من تكلم فيه ووصفه بانه ( ثقة له اوهام) بينما لم يورد فيه شعبة مطلقا ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل في ترجمة الحافظ لهما فقال في ( التقريب) ( حماد بن سلمة ثقة عابد اثبت الناس في ثابت وتغير حفظه باخره) ثم قال ( شعبة بن الحجاج ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول : امير المؤمنين في الحديث وهو اول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا) .
قلت ــ والكلام للعلامة الألباني ــ اذا تبين لك هذا عرفت ان مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث وزيادته عليه تلك الزيادة غير مقبولة لانها منافية لمن هو اوثق منه بل هي شاذة كما يشير اليه كلام الحافظ ابن حجر في ( نخبة الفكر) حين قال: ولعل حمادا روى هذا الحديث حين تغير حفظه فوقع في الخطأ وكأن الامام احمد اشار الى شذوذ هذه الزيادة فانه اخرج الحديث من طريق مؤمل وهو ابن اسماعيل عن حماد ــ عقب رواية شعبة المتقدمه ــ الا انه لم يسق لفظ الحديث بل احال به على لفظ حديث شعبة فقال : ( ذكر الحديث ) ويحتمل ان الزيادة لم تقع في رواية مؤمل عن حماد لذلك لمن يشر اليها الامام احمد كما هي عادة الحفاظ اذا احالوا في رواية على اخرى بينوا ما في الرواية المحالة من الزيادة على الاولى .
وخلاصة القول : ان الزيادة لاتصح لشذوذها ولو صحت لمتكن دليلا على جواز التوسل بذاته عليه السلام لاحتمال ان يكون معنى قوله : (فافعل ذلك) يعني من اتيانه عليه السلام في حال حياته وطلب الدعاء منه انيتوسل به والتوضوء والصلاة والدعاء الذي علمه رسول ان يدعو به والله اعلم .
اما الزيادة الثانية التي وردت في معجم الطبراني فاليك كذلك كلام العلامة الألباني عليها في كتاب الوسيلة حيث قال رحمه الله تعالى : في صفحة (84) : هذه القصة تفرد بها شبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة في رواية ابن وهب عنه لكن تابعه عنه اسماعيل واحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا اما اسماعيل فلا اعرفه ولم اجد من ذكره ولقد اغفلوه حتى لم يذكروه في الرواة عن ابيه بخلاف اخيه احمد فانه صدوق واما ابوه شبيب فملخص كلامهم فيه : انه ثقة في حفظه ضعف ، الا في رواية ابنه احمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجة فقال الذهبي في الميزان : صدوق يغرب ذكره ابن عدي في (كامله) فقال: ( له نسخة عن يونس بن يزيد مستقيمة ، حدث عنه ابن وهب بمناكير قال ابن المدني : كان يختلف في تجارة الى مصر وكتابه صحيح قد كتبته عن ابن احمد قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم اذا حدث من حفظه وارجوا انه لايتعمد
فاذا حدث عنه ابنه احمد باحاديث يونس فكأنه يونس آخر ، يعني يجود)) انتهى كلامه .
فهذا الكلام يفيد ان شبيبا هذا لابأس بحديثه بشرطين اثنين :
الاول: ان يكون من رواية ابنه احمد عنه والثاني ان يكون من رواية شبيب عن يونس والسبب في ذلك انه اكن عنده كتب يونس بن يزيد كما قال ابن ابي حاتم في (الجرح والتعديل ) عن ابيه (2/1/359) فهو اذا حدث من كتبه هذه اجاد واذا حدث من حفظه وهم كما قال ابن عدي ، وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من (التقريب) : ( لابأس بحديثه من روايةابنه احمد عنه لامن رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه اوهم انه لابأس بحديثه من رواية احمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده ان الحافظ نفسه اشار لهذا القيد فإنه اورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري 133 ثم دفع الطعن عنه ــ بعد ان ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه ــ بقوله : قلت : اخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس احاديث ولم يخرج عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا). فقد اشار رحمه الله بهذا الكلام الى ان الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه احمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته آنفا وعليه يجب ان يحمل كلامه في ( التقريب) توفيقا بين كلاميه ورفعا للتعارض بينهما .
إذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها ثم ظهر لي ـــ والكلام مازال للعلامة الألباني ــ فيها علة اخرى ـ وهو الامر الثانيـ وهي الاختلاف على احمد فيها ، فقد اخرج الحديث ابن السني في ( عمل اليوم والليلة 202) والحاكم (1/526) من ثلاثة طرق عن احمد بن شبيب بدون القصة ، وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم به ، اخرجه الحاكم ، وعون هذا وان كان ضعيفا فروايته اولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد عن ابي جعفر الخطمي .
وخلاصة القول ان القصة ضعيفة منكرة لأمور ثلاثة :
1- ضعف حفظ المتفرد بها.2- الأختلاف عليه فيها.
3- مخالفته للثقات الذين لم يذكروها فى الحديث.
وأمر واحد من هذه الامور كاف لإسقاط هذه القصة ، فكيف بها مجتمعة ؟؟؟!!!!!!!
اما من قال ان الطبراني قد صحح هذا الحديث في معجمه الكبير والصغير فالرد على ذلك هو :
اولا : ان الطبراني لم يصحح الحديث في ( الكبير ) بل في ( الصغير) فقط ، وانا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة لا بالواسطة كما يفعل اولئك لقصر باعهم في هذا العلم الشريف .
ثانيا : ان الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة بدليل قوله وقد سبق ( وقد روى الحيث شعبة … والحديث صحيح ) فهذا نص على انه اراد حديث شعبة ، وشعبة لم يرو هذه القصة فلم يصححها إذن الطبراني ، فلا حجة لهم في كلامه .
ثالثا: ان عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصه لم يُعَلِّم ــ بضم الياء وتشديد اللام ــ ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه فانه اسقط منه جملة ( اللهم فشفعه في، وشفعني فيه ) لأنه يفهم بسليقته العربيه ان هذا القول يستلزم ان يكون النبي عليه السلام داعيا لذلك الرجل كما كان داعيا للأعمى ، ولما كان هذا منفيا بالنسبة للرجل ، لميذكر هذه الجملة؟ قال شيخ الاسلام في القاعد الجليلة صفحة (104) : ومعلوم ان الواحد بعد موته عليه السلام إذا قال : اللهم فشعه في وشفعني فيه ــ مع ان النبي لم يدع له ــ كان هذا كلاما باطلا مع ان عثمان بن حنيف لم يأمره ان يسأل النبي عليه السلام شيئا ولا ان يقول : فشفعه في ولم يأمره بالدعاء المأثور على وجهه وانما امره ببعضه وليس هناك من النبي عليه السلام شفاعة , ولا ما يظن انه شفاعة ، فلو قال بعد موته : (فشفعه في ) لكان كلاما لامعنى له ولهذا لم يأمر به عثمان ، والدعاء المأثور عن النبي عليه السلام لم يأمر به والذي امر به ليس مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام ومثل هذا لايثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في حسن العبادات او الاباحات او الايجابات او التحريمات إذ لم يوافقه غيره من الصحابة عليه , وكان ما يثبت عن النبي عليه السلام يخالفه ولايوافقه ، لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الامه ، فيجب رده الى الله والى رسوله .
وهناك امثلة اخرى شاهدة على ذلك مما تفرد بعض الصحابة ولم يتبع عليه مثل إدخال عمر الماء في عينيه في الوضوه ونحو ذلك .
ثم إذا ثبت عن عثمان بن حنيف او غيره انه جعل من المشروع المستحب ان يتوسل بالنبي عليه السلام بعد موته من غير ان يكون النبي عليه السلام داعيا له ولا شافعا فيه فقد علمنا ان عمر واكابر الصحابة ومنهم علي بن ابي طالب لم يروا هذا مشروعا بعد مماته كما كان يشرع في حياته بل كانوا في الاستسقاء في حياته عليه السلام يتوسلون فلما مات لم يتوسلوا به ، فلو كان توسلهم بالنبي عليه السلام بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا: كيف نتوسل بالعباس ويزيد بن الاسود ونجوهما ونعدل عن التوسل بالنبي عليه السلام الذي هو افضل الخلائق وهو افضل الوسائل واعظمها عند الله تعالى ؟؟؟ فلما لم يقل ذلك احد منهم وقد علم انهم في حياته انما توسلوا بدعائه وشفاعته وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره علم ان المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لابذاته)
هذا ، وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الادلة على نكارتها وضعفها وهي ان الخلفية الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه كان لاينظر في حاجة ذلك الرجل ولايلتفت اليه !!! فكيف يتفق هذا مع ماصح عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ان الملائكة تستحي من عثمان ؟؟ ومع ماعرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس وبره بهم ولينه معهم ؟؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه لانه ظلم يتنافى مع شمائله رضي الله عنه وارضاه .
تعليق