الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الفارس
السلام عليكم

بعد أن أعطينا المجال للسنة حتى يظهروا ما فهموه من الحديث، وكتب من يريد الكتابة منهم، نقول والله المستعان :

كلام القوم كان حول عدة أمور :

الأول : أن استخلاف النبي للإمام عليه السلام كان مخصوصاً في غزوة تبوك
ونقول : هذا غلط في النظر، لأنكم إن رويتم خبراً تخصصون به الحديث المطلق الى معنى تريدونه، روينا بازائه خبراً نخصص به الخبر المجمع عليه إلى المعنى الذي نريده دون ما تذهبون إليه، ولا يكون لكم في ذلك حجة ولا لنا، لأن الخبرين مخصوصان، ويبقى الخبر على عمومه، ويبقى الخبر الذي أجمعنا على نقله (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) بحالة نتكلم في معناه على ما تحتمله اللغة والمشهور من التفاهم، وهو ما سنتعرض إليه.

الثاني : أن هارون لم يكن خليفة لموسى بعد حياته حيث مات قبله، فكيف يكون علي خليفة له في حياته ؟
والجواب عليه : إذا ثبتت هذه المنزلة لعلي عليه السلام بنص الحديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) وصادف أن مات هارون قبل موسى ولم يخلفه، فلا يضير هذا علياً إن ثبت له المقام، فإن كان في شرط هارون الوصي أن يخلف موسى (ع) على قومه ومثل ذلك لعلي عليه السلام، فبقي علي على قومه وجب أن يخلف النبي (ص) كما وجب أن يخلفه هارون لو بقي حياً..

وأخيراً أقول : لقد أجمعت الأمة على نقل هذا الحديث عن النبي (ص)، وفيه دليل على أن هذه المنزلة لعلي عليه السلام بعد النبي (ص)، حيث يفهم منه معنيين : أحدهما إيجاب فضيلة ومنزلة لعلي عليه السلام، والآخر نفي لأن يكون نبياً بعده

وإن نفيه لكون علي نبياً بعده دليل على أنه لو لم ينف ذلك لجاز لمتوهم أن يتوهم أنه نبي بعده، حيث كان هارون نبياً، فلما كان نفي النبوة لا بد منه، وجب أن يكون نفيها عن علي عليها السلام في الوقت الذي جعل الفضيلة والمنزلة له فيه، لأنه من أجل الفضيلة والمنزلة احتاج أن ينفي كونه نبياً، فلما كان نفي النبوة إنما هو لعلة الفضيلة والمنزلة التي توجب النبوة، وجب أن يكون نفي النبوة عن علي عليه السلام في الوقت الذي جعل الفضيلة له فيه مما جعل له من منزلة هارون، أي أن النبوة داخلة في هذه المنزلة ومن ثم استثناها النبي صلى الله عليه وآله في نفس الخبر، وفي هذا دلالة على هذه المنزلة التي تحوي الإستخلاف.

والحمد لله رب العالمين