.. السلام عليكم ..
حينما تحدَّثتُ سابقًا ، قلت : إنَّ هناك خصوصيَّة ؛ في عمليَّة اختيار الشَّريك ، ومسألة تكوين العلاقة الزَّوجيَّة ، لاعتبارات أو متطلَّبات ذاتيَّة ، وأُخرى موضوعيَّة ، وغالبًا ما يُضحَّى بتكوين العلاقة الزَّوجيَّة ، حتَّى وإن توافرت فيها ؛ كل المتطلَّبات الذَّاتيَّة ، الَّتي تتعلَّق بطرَفَيْ العلاقة تحديدًا ، على مستوى الذَّات ؛ في رغباتها ، أو تطلُّعاتها ، وذلك لأنَّ إمكانيَّة تحقيق المتطلَّبات الموضوعيَّة ؛ مستقبلًا ، والَّتي تضمن استقرار العلاقة ، تكاد تكون معدومة ، أو أنَّ طرَفَيْ العلاقة ؛ غير قادرين على تحقيقها ، فيما أنَّ هناك حالات ؛ تتكوَّن فيها العلاقة ، وتكون ناجحةً في بداياتها ، إلَّا أنَّها تُقارِب الفشل ، وتنحدر باتِّجاه الاضطراب والتَّفكُّك ، حينما تسودها الخلافات ، وتتحكَّم بمصيرها ، ونادرًا ما يتم التَّعامل ؛ مع تلك الخلافات ، بعقلانيَّة المنطق ، ومنطقيَّة العقل ، ..
والمعنى في ذلك ؛ إذا افترضنا أنَّ هناكَ رجلًا ما ، سواءًا كانَ مسلمًا شيعيَّاً أو سنيَّاً ، وهناكَ امرأةً ما ، سواءًا كانت مسلمةً شيعيَّةً أو سنيَّةً ، أو كانت كتابيَّة ، وقرَّرا ـ أي الرَّجل والمرأة ـ ؛ أن يرتبطا في علاقة اجتماعيَّة خاصَّة ومشروعة ، فمن المفترض ؛ ـ عقلًا ومنطقًا ـ ، أنَّ كلَّاً منهما ؛ يدرك حجم الاختلاف في القضايا الدِّينيَّة ، بطبيعة الاختلاف الطَّائفي ، أو المذهبي ، سواءًا من ناحية تشريعيَّة ، أو اعتقاديَّة ، وحتَّى من ناحية سلوكيَّة ؛ في ممارسة العبادات ، بالتَّالي فإنَّ تقدير مستوى العلاقة ؛ من حيث النَّجاح أو الفشل ، وإمكانيَّة استمرارها مستقبلًا ؛ في ظل المتغيِّرات الموضوعيَّة المتوقَّعة ، يعتمد بالدَّرجة الأولى ، على قناعة الطَّرفين ؛ بالعلاقة نفسها مع مرور الزَّمن ، وضرورة تأمين الرَّاحة والاستقرار ؛ لنتاج هذه العلاقة ـ أعني الأطفال ـ ، فإذا توافرت هذه القناعة ؛ عند الطَّرفين ، في هذَيْن الأمرَيْن ، أعني ؛ القناعة بالعلاقة نفسها ، وبضرورة استقرارها ، فإنَّ من السَّهل احتواء أي خلاف ، أو أيَّة مشكلة ، والتَّعامل بمرونة ؛ تفاديًا للآثار السَّلبيَّة ، أو تقليلًا منها ، ..
المشاركة الأصلية بواسطة صندوق العمل
أعتقد أنَّ رفض الاقتران ؛ بالمسيحيَّة ، حتَّى مع وجود الميل العاطفي ؛ باتِّجاهها ، والتَّقارب الفكري ، والثَّقافي ، لا يتعلَّق ـ أعني الرَّفض ـ بكونها مسيحيَّة بالدَّرجة الأولى ، إنَّما لأنَّ الرَّجل ؛ يرى بأنَّ مسؤوليَّاته ، تقتضي ابتعاده عن أطفاله ، بالتَّالي هو لا يمتلك وقتًا كافيًا ، ليكونَ ذا تأثير ؛ من ناحية دينيَّة على أطفاله ، لذا تنتج حالة الرَّفض ، أو لأنَّ الرَّجل ؛ لا يمتلك رصيدًا معرفيَّاً كافيًا ، بالتَّالي يُجنِّب نفسه ؛ الدُّخول في متاهات الخلافات الدِّينيَّة ، كما يُجنِّب العائلة ؛ مستقبلًا ، حالات التَّشتُّت والضَّياع ، وذلك من خلال الاستغناء ؛ عن هذه العلاقة من أصلها ، بسبب اختلاف الدِّيانات ، لذا قلتُ سابقًا : "وغالبًا ما يُضحَّى بتكوين العلاقة الزَّوجيَّة ، حتَّى وإن توافرت فيها ؛ كل المتطلَّبات الذَّاتيَّة ، الَّتي تتعلَّق بطرَفَيْ العلاقة تحديدًا ، على مستوى الذَّات ؛ في رغباتها ، أو تطلُّعاتها ، وذلك لأنَّ إمكانيَّة تحقيق المتطلَّبات الموضوعيَّة ؛ مستقبلًا ، والَّتي تضمن استقرار العلاقة ، تكاد تكون معدومة ، أو أنَّ طرَفَيْ العلاقة ؛ غير قادرين على تحقيقها" ، ..
لكنَّني أعتقد ؛ أنَّ أيَّ مسلم ، إذا ما قرَّرَ الارتباط ؛ بامرأة مسيحيَّة ، فإنَّه ـ أي المسلم ـ وإن تجاوَز مسألة اختلاف الدِّيانات ، ورجَّحَ مسألة التَّقارب الفكري ، والثَّقافي ، أو الارتياح النَّفسي ، والانسجام الرُّوحي والعاطفي ، إلَّا أنَّ هناكَ قيودًا ، أو ضوابطَ أخلاقيَّة ، يحرص على توافرها ؛ في شريكة حياته ، لتكونَ هذه العلاقة ؛ قائمةً على أساس سوي ، قابلةً للاستمرار باستقرار ، صالحةً لتنشِئة نتاجها أخلاقيَّاً .. طبعًا ؛ أستثني تلك العلاقات الزَّوجيَّة ، القائمة على أساس منافع دنيويَّة ، فلا تحكمها أيَّة ضوابط أو قيود ، بقدر ما تحكمها المصلحة بذاتها ، ..
إنَّما بشكل عام ، أستطيع أن أقول : إنَّ المرأة ؛ بطبيعتها ، تبحث عن استقرارها العاطفي ، وارتياحها النَّفسي ، هيَ تبحث عن الرَّجل ، الَّذي يملَأُ حياتها ؛ حبَّاً واهتمامًا ، حتَّى لا ترى فرقًا ؛ في انتقالها من بيت أهلها ، إلى بيت زوجها ، وحينما تجد ذلك الرَّجل ، الَّذي يرى في ذاتها ؛ ذاته ، وفي مصيرها ؛ مصيره ، وفي كُلِّها ؛ كُلَّه ، فإنَّها ستبحث عن الجانب التَّربوي ، الَّذي كوَّنَ رجلًا ؛ بهذه الصِّفات ، كما أنَّ لأهل الزَّوج ؛ دورًا كبيرًا ، في التَّأثير الإيجابي ، إذ فيما يُروى ؛ أنَّ رسول الله يقول : "إِنَّمَا بُعِثْتُ ؛ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاق" ، وعن إمامنا الصَّادق ؛ أنَّه كانَ يقول : "وَهَلِ الدِّيْنُ إِلَّا الْحُبّْ" ، بالتَّالي فإنَّ الزَّوجة ؛ فيما لو كانت غير مسلمة ، إذا عاشت في هذه الأجواء ، فإنَّها وإن لم تعتنق الإسلام ، إلَّا أنَّها ستشعر بفضل الإسلام عليها ، فلن تكونَ عائقًا ؛ في تربية الأطفال بطريقة إسلاميَّة ، إذ على أقل تقدير ؛ سيكونُ هدفها أن يدومَ هذا الاستقرار ، ويبقى هذا الحب ؛ في مستقبلها مع أطفالها ، وكذا أيضًا ؛ بالنِّسبة للمسلمة الغير شيعيَّة ، لكنَّما المشكلة الحقيقيَّة ؛ أنَّنا لا نعيشُ الإسلامَ بهذا المستوى ، ولا التَّشيُّع ، حتَّى وإن اقتنعنا ؛ أنَّ الله تعالى ، يريدنا أن نكونَ كذلك ، إذ نُبرِّر إخفاقنا ؛ بالقول : إنَّ هذه الحالة ؛ هي حالة نموذجيَّة مثاليَّة ، لا يتقنها إلا المعصوم ! ، ..
لكنَّني أيضًا ، أُريد أن أؤَكِّد ؛ على حالة خاصَّة ، تتعلَّق بالجانب الغيبي ، في ما يرتبط بقضاء الله وقدره ، إذ أنَّنا قد نجتهد ، ونبذل كل طاقاتنا ؛ لنحقِّقَ أمرًا ما ، لكنَّنا لا نوفَّق في ذلك ، ربَّما لأنَّ الله أرادَ لنا ؛ أن نتعلَّمَ درسًا جديدًا في الحياة ، أو أرادنا أن نكونَ في موضع ابتلاء ، ليرَى ؛ أنصبر ؟! ، أم نكفر ؟! ، بالتَّالي ؛ قد يمتحننا الله فيمن نختار في علاقاتنا ، أو في أبنائنا ، أو في أنفسنا ، إذ أنَّ التَّخطيط المستقبلي ؛ مهما كانَ دقيقًا ، مهما كانَ مُتقنًا ، مهما كانَ احترازيَّاً ، إلَّا أنَّه لا يصمد أمامَ مشيئة الله ، ولا يُغيِّرُ القَدَر ، "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوْا أَنْ يَقُوْلُوْا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُوْنَ" ، ..
المشاركة الأصلية بواسطة صندوق العمل
في الحالة القياسيَّة ؛ حينما نريد أن ندرس التَّأثير السَّلبي ، أو الإيجابي ، لعاملٍ ما ، على علاقةٍ ما ، فإنَّنا لابُدَّ أن نفترض ؛ ثبات العوامل الأخرى ، بالتَّالي نتصوَّر هذه العلاقة ، في إطار هذا العامل ، لنستطيع أن نحدِّد ؛ مواطنَ التَّأثير السَّلبي ، والتَّأثير الإيجابي ، ومواطن التَّأثير النِّسبي ؛ الَّذي يحتمل السَّلب والإيجاب ، بنسب متفاوتة ، ..
وعمومًا ؛ بإمكاني أن أتخيَّل الأسوأ ، إذ أنَّ تكوين العلاقة الزَّوجيَّة ؛ دونما رعاية لتأثير الاختلاف المذهبي عليها ، من الممكن أن يُنتِجَ أطفالًا ؛ لا علاقة لهم لا بالتَّشيُّع ، ولا بالتَّسنُّن ، فإذا ما حصلت مشكلةٌ ما ، بين الأب والطِّفل ، وكان الأب سُنيَّاً ، والاختلافات المذهبيَّة معلنة ، وكأنَّما هذا الطِّفل ؛ يعيش في مساحة شاسعة ، تتردَّد ما بين جدرانها ؛ أصداءُ الخلافات الشِّيعيَّة ـ السنيَّة ، فإنَّ من الممكن ؛ أن يلعنَ الثَّلاثةَ معًا ، انتقامًا من أبيه ، وأيضًا إذا اختلف مع أمِّه ، فإنَّه قد يرميها بما يسيء لها ، أو قد يتجاوز على رموز مذهبها ، بالتَّالي تصبح الخلافات المذهبيَّة ؛ ما بين الأب والأم ، سلاحًا بيد الطِّفل ، وعلى أيَّة حال ؛ إذا فُتِحَ المجال للتَّخيُّلات ، فإنَّك تستطيع أن تتخيَّلَ الأسوأ ، والأفضل ، الأجمل ، والأقبح ، ..
إنَّما لا أستطيع ؛ أن أُطلِق على هذه العلاقة ، بأنَّها علاقة زوجيَّة .. قد تكون مشروع بحث ، يهدف إلى دراسة المجتمع الشِّيعي ، في طقوسه وممارساته ، من خلال العيِّنَة ؛ والَّتي هي الزَّوجة .. يعني هذا أقرب وصف ، يتناسب والأحداث المذكورة ، ..
تعليق