السيد مومن
إذا كانت كلمت كفر تعني الكفر الأكبر الخارج من الملة
فإذن عندك جميع الصحابة الذين حاربوا الإمام علي عليه السلام كفارا والشاهد حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
" لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض "
وقال صلى الله عليه وآله وسلم
" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "
فأن معنى الكفر لا يعني بأنه كافر الخارج من الملة بالمعنى الذي تريد أن تصوره للناس فأنت بغضك للحق والشيعة يصور لك شيء والحقيقة شيء أخر وهو بأن معنى الكافر في روايات أهل البيت عليهم السلام تأول إلى الكفر بالحق وهي الولاية وليس بالشهادتين ، وقد بينا ذلك في المشاركة رقم ( 3 )
كتاب : الإمام علي عليه السلام - أحمد الرحماني الهمداني - ص 493 :
قال : 1 - قال المحقق الأكبر العلامه المظفر ، : " لا يخفى أن أصل الشئ أساسه وما يبتني عليه ، فاصول الدين هي التي يبتني عليها الدين ، وبالضرورة أن الشهادتين كذلك إذ لا يكون الشخص مسلما إلا بهما ، وكذلك الاعتراف بالامام للكتاب و السنة . أما الكتاب ، فقوله تعالى : أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ( 1 ) .
فأن الاستفهام فيه ليس على حقيقته لاستلزامه الجهل ، فلابد أن يراد به الأنكار أو التوبيخ ، وكل منهما لا يكون إلا على أمر محقق بالضرورة ، فيكون انقلابهم بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم محققا ، ولذا قال : ( انقلبتم ) بصيغة الماضي تنبيها على تحققه .
ومن المعلوم أن الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يعدلوا عن الشهادتين فيتعين أن يراد به أمر آخر ، وما هو إلا إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه السلام إذ لم يصدر منهم ما يكون وجها لانقلابهم عموما غيره بالاجماع ، فإذا كان إنكار إمامته عليه السلام انقلابا عن الدين كانت الامامة أصلا من اصوله .
ولا ينافيه أن الآية نزلت يوم احد حيث أراد بعض المسلمين الارتداد ، فإن سببية نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم كما يقتضيه الترديد في الآية بين الموت والقتل ، فإن ما وقع يوم احد إنما هو لزعم القتل ، وقد فهم ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فيما رواه ابن عباس قال : " كان علي عليه السلام يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : إن الله تعالى يقول : أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ والله لاننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ( 2) ، والله لئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ، والله إني لأخوه ، ووليه ، وابن عمه ، و وارث علمه ، فمن أحق به مني (3 ) ؟ "
وأما السنة : فنحن لا نذكر منها إلا أخبار القوم - كعادتنا - لتكون حجة عليهم ، فمنها ، ما هو كالآية الشريفة في الدلالة على ارتداد الامة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم كروايات الحوض ، ولنذكر منها ما هو صريح بارتداد الامة إلا النادر ثم ذكر رواية البخاري المذكور في ص 358 ، - ثم قال : " فهذه الرواية قد دلت على ارتداد الصحابة إلا القليل الذي هو في القلة كالنعم المهملة المتروكة سدى ، وقد عرفت أن الصحابة لم ترتكبوا ما يمكن أن يكون سببا للارتداد غير إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، فلابد أن تكون الامامة أصلا من اصول الدين . ومنها : الأخبار المستفيضة الدالة على أن من مات بلا إمام مات ميتة جاهلية ، و نحو ذلك ، فتكون أصلا للدين البتة ، كرواية مسلم في باب - الأمر بلزوم الجماعة من كتاب الامارة عن عمر قال : " وسمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " .
ومنها : الأخبار الكثيرة التي ناطت الايمان بحب آل محمد صلى الله عليه واله وسلم والكفر ببغضهم ، فإنها كناية عن الاعتراف بإمامتهم وإنكارها للملازمة عادة بين حبهم الحقيقي والاعتراف بفضلهم ، وبغضهم وإنكاره ، ولا يراد الحب والبغض بأنفسهما إذ لادخل لهما بماهية الايمان والكفر ، فلابد أن يكونا كناية عن ذلك ، فلابد أن تكون الامامة أصلا . . . " ويشهد لكون الامامة من اصول الدين أن منزلة الامام كالنبي في حفظ الشرع ووجوب اتباعة والحاجة إليه ورئاسته العامة بلا فرق ، وقد وافقنا على أنها أصل من اصول الدين جماعة من مخالفينا كالقاضي البيضاوي في مبحث الأخبار ، و جمع من شارحي كلامه كما حكاه عنهم السيد السعيد رحمه الله ( 4 ) .
وقال - أيضا : " لا يخفى أن رئاسة الامام رئاسة دينية وزعامة إلهية ونيابة عن الرسول في أداء وظائفه ، فلا تكون الغاية منها مجرد حفظ الحوزة وتحصيل الأمن في الرعية وإلا لجاز أن يكون الامام كافرا أو منافقا أو أفسق الفاسقين إذا حصلت به هذه الغاية ، بل لابد أن تكون الغاية منها تحصيل ما به سعادة الدارين كالغاية من رسالة الرسول ، وهي لا تتم إلا أن يكون الأمام كالنبي معصوما . . . ( 5 ) .
وقال - أيضا : " الأمامة من اصول الدين كما هو الحق ( 6 ) " .
الهامش : ( 1 ) آل عمران ، 3 : 146 .- ( 2 ) صدور الكلام باعتبار الجماعة لا خصوص شخصه عليه السلام حيث لم يكن ضالا قط .- ( 3 ) الحاكم : المستدرك ، ج 3 : ص 126 / باب معرفة الصحابة .- ( 4 ) المظفر : دلائل الصدق ، ج2 : ص 11 و 29 .- ( 5 ) المظفر : دلائل الصدق ، ج2 : ص 29 .- ( 6 ) المصدر ، ص 296 .
تعليق