وقال تعالى: (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
وقال تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون).
وقال تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون).
انّ الآيتين في مجال ذكر فضيلة الهجرة والنصرة واتباعهم , ولا اشكال فيه من حيث المبد , ولكن لاتدلاّن على تأييد جميع المهاجرين والانصار حتّى ولو انحرفوا عن الخطّ السليم , وغاية ما يمكن أن يدّعى انّ فيهما اطلاق , وقد ثبت في محلّه انّ الاطلاق محمول على المقيّد ان ثبت التقييد , أي إن لم يرد قيد فالاطلاق محكم وإلاّ فل , وفي المقام قد ثبت بالادلّة الواضحة انحراف جماعة عن الخط النبوي الذي رسمه لهم صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله) ؛
مضافاً الى انّ في الاية الاولى توجد قرينة صارفة عن الاطلاق وهي " من " التي تدلّ على التبعيض لانّ الأصل فيها ان تكون تبعيضيّة لابيانيّة - كما قرّر في محلّه - , وعليه فانّ رضى الله كان لعدد منهم لالجميعهم , و ممّا يدلّ على هذا الوجه , الآية التي تلت الآية الاولى في سورة التوبة " ممّن حولكم من الاعراب و من أهل المدينة مردوا على النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرّتين ثم يردّون الى عذابٍ عظيم " ] التوبة:101 [ أليس أهل المدينة من الانصار ؟ فكيف نجمع بين الآيتين غيرما ذكرناه ؟
وأيضاً على سبيل المثال يقول أصحاب السير بأنّ اُمّ حبيبة - زوجة الرسول(صلى الله عليه وآله )- هاجرت مع زوجها الاوّل و الذي كان مسلماً آنذاك الى الحبشة - في هجرة المسلمين اليها - و هناك ارتدّ زوجها و صار ما صار الى أن رجعت هي مع المسلمين الى المدينة . و هنا أفهل يحقّ لنا أن ندخل هذا المرتدّ تحت شمول الآية استناداً الى صدق الهجرة عليه ؟!!! .
وبالجملة فانّ الآيتين لا تدلاّن نصّاً أو مضموناً على ما تدعونه بعضكم , بل انّهما تدّلان على اقتضاء الهجرة والنصرة للفضيلة ان لم يكن هناك مانع , والحال نحن نعلم بطروّ المانع في بعضهم وهو تخلّفهم عن اطاعة الرسول(صلى الله عليه وآله ).
تعليق